بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العلمين وصلى الله على نبينا الأكرم وآله الطيبين الطاهرين
النور الخامس

الحسن الحسين يبلغا العباد أنهما سيدا أهل الدنيا والآخرة

 

الإشراق الثاني :

تبليغ سيادة الإمام الحسين عليه السلام من آله ومنه ومن أصحابه :

يا طيب : كان الله سبحانه كثير ما يُفرح رسول الله ويسره بتعريف مقامه ومقام آله الكرام السامي عنده ، وما مكنهم وأعد لهم من الشأن العالي في الدنيا والآخرة .

 وكان من أهمه : تعريفه فضائلهم ومناقبهم ، وهو ما قد عرفت مما كان يبشره سبحانه بخصوص مقام السيادة ، وبكل ملاكها ومما لها من المناط العالي في الولاية والإمامة ، ويوفقهم للظهور بحقائق السيادة وبكل وجودهم ، فضلا عن تعلميهم معارف الكتاب والحكمة والقوة على الإخلاص له ، والتجلي بحقائق دينه بكل استطاعة ممكنة لبشر .

 وكان رسول الله : سيد الأنبياء والمرسلين ، يبشر آله بما يبشره الله سبحانه ، بل يعرف كل المسلمين ما كرمهم الله به ، وما أعد لهم من الشرف وما خصهم به من المناقب والفضائل ، وبالخصوص ما قد عرفنا من تبشير الله سبحانه وملائكته لرسوله ، بأنه سيد المرسلين ، وأخيه علي سيد الوصيين ، وأن فاطمة بنته سيدة نساء العلمين ، وأن الإمام الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، بل الأحاديث تحكي عن سيادة الأئمة المعصومين من ذرية الإمام الحسين عليه السلام ، فيعرف المسلمين قادة الدين.

ويا طيب قد عرفنا : أحاديث خاصة بخصوص سيادة الإمام الحسن والحسين عليه السلام ، وهي مفردة في حقهم ، وفي هذا النور في الإشراق السابق عرفنا خصوص سيادة الإمام الحسن عليه السلام  .

وفي هذا الإشراق : نتعرف على خصوص الأحاديث الخاصة بالإمام الحسين عليه السلام ، أو ما يعرفه هو بخصوص سيادته وسيادة أخيه معه، فنتعرف على غرر أحاديث تعرف السبطين وريحانة رسول الله والدين كله بالسيادة ، وما تنطوي عليه من تعريفهم بالإمامة والولاية والخلافة له بعد أبيهما ، وبما لها من ملاك التجلي بالعلم والتقى.

 

 

 


 

الإشعاع الأول :

سيد المرسلين يبشر الإمام الحسين بأنه سيد شباب أهل الجنة :

عن نصر بن مزاحم قال : حدثنا عبد الله بن إبراهيم قال حدثني أبي عن أبيه عن علي بن الحسين عليه السلام:

 عن الحسين بن علي عليه السلام قال :

 كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

يقول فيما بشرني به :

يا حسين :

 أنت السيد

 ابن السيد

 أبو السادة

تسعة من ولدك أئمة أمناء ، التاسع قائمهم .

أنت الإمام ، ابن الإمام ، أبو الأئمة تسعة من صلبك أئمة أبرار .

و التاسع : مهديهم :

يملأ الأرض : قسطا وعدلا ، يقوم في آخر الزمان ، كما قمت في أوله[101] .

 

يا طيب : هذا حديث نبي الرحمة يبشر به الحسين بالخصوص ، ويعرفها مقامه العالي ، ويعرف النبي الأكرم الحسين بأن آله الكرام بالسيادة المطلقة كلهم سواء في الدنيا أو في الآخرة ، ولم يخصص بأنه سيد في الجنة فقط، وإن كان سيد الجنة هو سيد الدنيا.

وفي الصراط المستقيم أسند إلى الحسين عليه السلام :

كان فيما بشرني النبي صلى الله عليه وآله وسلم به أن قال :

أنت سيد

ابن سيد .

أخو سيد .

أبو السادة

 تسعة من ولدك : أئمة أبرار

و التاسع قائمهم [102].

 

وعن حماد بن عيسى عن أبيه عن الصادق عليه السلام قال:

 قال سلمان الفارس رحمة الله عليه :

رأيت الحسين بن علي عليه السلام : في حجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و هو يقبل عينيه ، و يلثم شفتيه ، و يقول :

أنت سيد :

بن سيد ، أبو سادة .

أنت حجة ، بن حجة ، أبو حجج .

أنت الإمام بن الإمام .

أبو الأئمة التسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم [103].

 

وعن عمر بن أذينة، قال حدثني أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ، قال :

دخلت على النبي صلى الله عليه و آله :

فإذا الحسين بن علي عليه السلام : على فخذه ، و تفرس في وجهه ، و قبل بين عينيه ، و قال :

أنت : سيد ابن سيد.

أنت : إمام ابن إمام أخو إمام ، أبو أئمة .

أنت : حجة الله ابن حجة الله.

 وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم [104].

 

يا طيب : إن كان هذا الحديث يعرف الإمام الحسين عليه السلام سيد بن سيد أبو سادة ، والمعرف لهم سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو لا ينطق عن الهوى ولا يعرف ما ليس بحق أبدا ، بل بأمر الله تعالى عرفنا خير خلقه وأكرمهم عند الله وبكل مقام يعرف رئيس القوم وسيدهم الواجب الطاعة عليهم ، وله حق أن يتبعوه ويطيعوه بكل ما يعلم ويدبر ، لا أن يحاربوه ويقتلوه لكن الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم .

 

وفي حديث بكاء النبي : عند رؤية كل فرد من آل بيته لتذكره ما يكون من الظلم عليهم بعده وهو حديث طويل :

عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :

إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ....

و أما الحسين : فإنه مني و هو ابني و ولدي .

و خير الخلق : بعد أخيه .

و هو إمام : المسلمين ، و مولى المؤمنين ، و خليفة رب العلمين ، و غياث المستغيثين ، و كهف المستجيرين ، و حجة الله على خلقه أجمعين .

و هو سيد شباب أهل الجنة .

و باب نجاة الأمة .

أمره أمري ، و طاعته طاعتي.

 من تبعه فإنه مني ، و من عصاه فليس مني .

و إني لما رايته : تذكرت ما يصنع به بعدي .

كأني به : و قد استجار بحرمي و قربي فلا يجار ، فأضمه في منامه إلى صدري ، و آمره بالرحلة عن دار هجرتي ، و أبشره بالشهادة فيرتحل عنها إلى أرض مقتله ، و موضع مصرعه أرض كرب و بلاء ، و قتل و فناء .

تنصره عصابة من المسلمين .

أولئك من سادة شهداء أمتي يوم القيامة .

كأني أنظر إليه : و قد رمي بسهم ، فخر عن فرسه صريعا ، ثم يذبح كما يذبح الكبش مظلوما .

 ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : و بكى من حوله ، و ارتفعت أصواتهم بالضجيج . ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم و هو يقول :

اللهم : إني أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي بعدي ، ثم دخل منزله [105].

 

وعن ابن أبي يعفر عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

 بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في منزل فاطمة و الحسين في حجره ، إذ بكى و خر ساجدا ، ثم قال :

يا فاطمة : يا بنت محمد ، إن العلي الأعلى تراءى لي في بيتك هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة و أهيأ هيئة .

 فقال لي : يا محمد أ تحب الحسين ؟

قلت : يا رب ، قرة عيني ، و ريحانتي ، و ثمرة فؤادي ، و جلدة ما بين عيني .

فقال لي : يا محمد و وضع يده على رأس الحسين ، بورك من مولود .

عليه : بركاتي ،  و صلواتي ، و رحمتي ، و رضواني .

و نقمتي : و لعنتي ، و سخطي ، و عذابي ، و خزيي ، و نكالي على من قتله ، و ناصبه ، و ناواه ، و نازعه .

أما إنه سيد الشهداء :

من الأولين و الآخرين في الدنيا و الآخرة .

و سيد شباب أهل الجنة

 من الخلق أجمعين

و أبوه أفضل منه و خير .

فأقرئه السلام و بشره : بأنه راية الهدى ، و منار أوليائي .

 و حفيظي ، و شهيدي على خلقي ، و خازن علمي .

 و حجتي : على أهل السماوات و أهل الأرضين ، و الثقلين الجن و الإنس[106] .

 

يا طيب : إن الله سبحانه لا يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة ، وهذا مسلم في المذهب الحق ومن أركان معارف التوحيد ، وأنه ترى رحمته وإشراق نور أسماءه الحسنى في كرامات عالية وعظيمة يخص بها خلقه ، وبما يظهرون من سيادتهم بالتجلي بالعلم والتقى ، نعرف نورهم المميز الظاهر بكل عظمة فيهم ، فنعرف كرامة الله سبحانه عليهم فنقتدي بهم .

وهذه الفقرات : إن العلي الأعلى تراءى لي في بيتك هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة و أهيأ هيئة ، هي مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم :

 ألقي في روعي : وهو من الوحي المباشر من غير واسطة ملك .

وكما في المعراج : حيث زخ به في قاب قوسين أو أدنا .

فكان الخطاب : بما يلقى في روحه مباشر وبصوت يحبه .

وإنه صلى الله عليه وآله : في وقت الحديث تراء له بما عرف من نور عظمته المتجدد بكل قوة وكبرياء عليه ، فحس بنور قوي في وجوده لم يكن فيه منه حينها بهذه المرتبة ، وإن من آثاره أنه خر ساجدا شاكر لما نال من الكرامة ، وأنه خوطب أو ألقي في علمه وفهمه ما ذكر من الحديث لفاطمة الزهراء عليه السلام ، وهو تكريم في تكريم ، وبشارة نور حصلت له مباشرة من ساحة العظمة والكبرياء والمجد والكرامة .

ووضع يده على الحسين عليه السلام : أيضا بيان لتكريم الحسين عليه السلام وتجلي نور الله فيه ، وهبته مراتب عالية في السيادة والقيادة والولاية والإمامة ، حتى كان رضى وطاعة الله متجلي برضاه وإنه ملعون من يعاديه ، وما عرفت من نص الحديث .

فالحديث هذا : أسلوبه التجلي للنبي بأعلى عظمة ، وتنوير وجوده حتى يعبر عنه تراءى لي ووضع يده ، ولم يوجد مثله إلا في أحاديث المعراج ، ولكن عرفت إن الوجود كله ملكوته وجبروته وأعلى مراتبه والدنيا والآخرة جنة ونار بالنسبة له سبحانه في القرب سواء ، لا يبعد عنه شيء بخروج ولا يقرب له شيء بمماسة ، ولكن الأشياء تتفاوت في قوة تقبلها لنور عظمته وعدمه ، فيكون أشدها في تحمل النور هو سيد تلك المرتبة في الوجود ، وبحسب ما نال من الكرامة ينال السيادة على غيره .

وعلى كل حال : الحديث له مشابه في أحاديث المعراج ، ويجب أن نعرف أنه تجلي نور العظمة في روح النبي والحسين صلى الله عليهم وسلم ، ووصول بركات نور الله الذي لا يحاط به علما ولا يرى أبدا بمثلها من التكريم لغيرهم إلا لآلهم ، وهو يعطي معنى إنزال أعلى نور وأشد رحمة الله سبحانه وبركاته وكراماته لهم ، ولا يجوز حمله على الرؤيا مباشرة ولا على اليد بالتجسيم فإنه كفر ، بل تجلي نور وصلاة ووصل بما يهبهم من سبحانه من الكرامات والسيادة لأهل الدنيا والآخرة ومن الأولين والآخرين بما لا يكون لغيرهم .

 


 

 

الإشعاع الثاني :

سيد الوصيين يبلغ المسلمين سيادة أبنه الإمام الحسين :

يا طيب : مر في النور السابق بيان عن تعريف الإمام علي عليه السلام لإمامة وسيادة الإمام الحسن ثم الإمام الحسين عليه السلام ، وهو يبلغ سيادتهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وذكرنا أول الحديث ، وهنا نذكر الحديث تاما لما فيه من بيان ملاك السيادة لهم بأعلى بيان وصيغة تعرف شأنهم الكريم :

عن محمد بن داود عن محمد بن الجارود العبدي عن الأصبغ بن نباتة قال :

خرج علينا : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ذات يوم .

و يده في يد : ابنه الحسن ، و هو يقول :

خرج علينا : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  ، ذات يوم :

 و يدي : في يده هكذا ، و هو يقول : خير الخلق بعدي :

و سيدهم : أخي هذا ، و هو إمام كل مسلم ، و مولى كل مؤمن بعد وفاتي .

ألا و إني أقول : خير الخلق بعدي ، و سيدهم ، ابني هذا ، وهو إمام كل مؤمن ، و مولى كل مؤمن بعد وفاتي ، ألا و إنه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول الله .

و خير الخلق و سيدهم 

بعد الحسن ابني أخوه الحسين .

المظلوم بعد أخيه : المقتول في أرض كربلاء .

أما إنه و أصحابه : من سادة الشهداء يوم القيامة .

و من بعد الحسين : تسعة من صلبه خلفاء الله في أرضه .

و حججه على عباده ، و أمناؤه على وحيه .

و أئمة المسلمين ، و قادة المؤمنين .

و سادة المتقين

تاسعهم القائم : الذي يمل الله عز و جل به الأرض نورا بعد ظلمتها .

 و عدلا : بعد جورها ، و علما بعد جهلها .

و الذي بعث : أخي محمدا بالنبوة ، و اختصني بالإمامة ، لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح الأمين جبرائيل .

و لقد سئل رسول الله : و أنا عنده ، عن الأئمة بعده ؟

فقال للسائل : و السماء ذات البروج ، إن عددهم بعدد البروج ، و رب الليالي و الأيام و الشهور ، إن عددهم كعدد الشهور .

فقال السائل : فمن هم يا رسول الله .

فوضع رسول اللهيده على رأسي ، فقال : أولهم هذا ، و آخرهم المهدي .

من والاهم : فقد والاني ، و من عاداهم فقد عاداني .

و من أحبهم : فقد أحبني ، و من أبغضهم فقد أبغضني .

و من أنكرهم : فقد أنكرني ، و من عرفهم فقد عرفني .

بهم : يحفظ الله عز و جل دينه ، و بهم يعمر بلاده .

و بهم : يرزق عباده ، و بهم نزل القطر من السماء ، و بهم يخرج بركات الأرض .

هؤلاء : أصفيائي ، و خلفائي ، و أئمة المسلمين ، و موالي المؤمنين [107] .

يا طيب : حفظ الدين لا يقل في الأهمية  من تنزيله ، وإلا لو كان فقط ينزل ويترك لأي إنسان يؤول ويفتي ويعلم وفق ما يراه فكره واستحسانه وقياسه ، لحرف كل شيء فيه ولضاع الدين وفقدت أهمية الوحي ، ولكن اختيار الله لسيد وولي لهم يعلمه ويؤيده ويعرف للعباد بعد نبي الرحمة فيحفظ به دينه هو أهم شيء ، ولذا كثرت الأحاديث وهذا واحد منها، فيه بيان لكل ما يتطلبه من العلم  والقوة والطاعة على التجلي بالعلم والتقى.

 


 

 

الإشعاع الثالث :

الإمام الحسين يبلغ العباد أنه سيد شباب أهل الجنة في الحج في منى :

يا طيب : عرفنا في الجزء السابق إنه لابد من إمام واحد في كل زمان يكون هو سيد الناس والمسلمين والمؤمنين ، وله حق الطاعة ، وإنه وإن كان في مرتبته من يكون بعده إمام ، فإنه لابد أن يكون ساكت ويأتمر بأمر الإمام الذي قبله ، وإن رتبت سيد المرسلين أعلى الرتب ثم سيد الوصيين ثم السبط الأكبر الحسن المجتبى كان هو الإمام في زمانه ، وكان هو الولي والسيد الواجب الطاعة حتى على الإمام الحسين عليه السلام ، وإن الإمام الحسين كان يد أخيه اليمنى وكان المدافع عن كل مبادئه ، وكان معه في كل حله وترحاله ، وكما كان سيد الأوصياء لسيد المرسلين ، وهما مع سيد الوصيين .

وإن الإمام الحسين عليه السلام : لما وصلت له الإمامة وتحولت له السيادة بعد أخيه الأكبر ، أخذ في بيان مقامهم السامي وما لهم من حق الخلافة والولاية ، وإن كان له مواقف أيضا مع أعدائهم وكان يبين دين الله ومعارفه بكل سيرته وسلوكه ، ولكن بعد الإمام الحسن عليه السلام كان هو الإمام والسيد المطلق ، وله دور القيادة المفردة والسيادة التامة ، والتي لا يدانيها أحد ، ولا غيره في الأرض يجب أن يطاع مثله .

ولذا الإمام الحسين عليه السلام : حين ممارسة أعلى منصب إلهي في الأرض أخذ يعرف سيادته وسيادة آله بما يسعه من البيان ، وما يراه من مصلحة فيها رضى الله ، فيشرح ما يجب عليه من تعريف الولاية والإمامة التي روحها السيادة ، والمنطوي فيها كل معاني الرئاسة الدينية والخلافة لنبي الرحمة وأبيه وأخيه ، فأخذ الإمام الحسين عليه السلام بدوره يعرفها كما أمره الله وحدد له مما يجب العمل به كما عرفنا في الجزء السابق.

ومن أهم الأمور : التي كانت ملقاة على عاتقه من تعريف معالم دين الله هو تعريف حقهم بخلافة رسول الله ، وأن لهم حق الطاعة بأمر الله ورسوله ، وبيان ضلال من حاربهم وغصب حقهم ، ومن أعظم المواقف له في زمان إمامته هو موقفه في منى :

في كتاب سليم بن قيس في حديث طويل حيث جمع الأنصار في منى ... :

قال الإمام الحسين عليه السلام : الإمام أتعلمون : أنه كانت لأمير المؤمنين له من رسول الله صلى الله عليه وآله كل يوم خلوة وكل ليلة دخلة.

 إذا سأله : أعطاه ، وإذا سكت أبداه ؟ قالوا : اللهم نعم .

 قال عليه السلام : أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله فضله على جعفر وحمزة ، حين قال لفاطمة عليها السلام :

 زوجتك : خير أهل بيتي ، أقدمهم سلما وأعظمهم حلما وأكثرهم علما ؟

قالو : اللهم نعم .  قال : أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال :

أنا سيد ولد آدم .

وأخي علي سيد العرب .

وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة .

و أبناي الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة  .

قالوا : اللهم نعم .  قال : أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمره بغسله وأخبره أن جبرائيل يعينه عليه ؟ قالوا : اللهم نعم .

 قال : أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في آخر خطبة خطبها :

أيها الناس: إني تركت فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي ، فتمسكوا بهما لن تضلو ؟ قالوا : اللهم نعم . فلم يدع شيئا أنزله الله في علي بن أبي طالب خاصة وفي أهل بيته من القرآن ولا على لسان نبيه إلا ناشدهم فيه ، فيقول الصحابة :  اللهم نعم ، قد سمعنا  [108].

يا طيب : الحديث طويل ، يأتي ذكره في  كلمات الإمام الحسين واحتجاجه ومناشداته الجزء السادس .

فنعرف : بعض ما جاء عن دوره في تبليغ دين الله سبحانه .

 


 

 

الإشعاع الرابع :

أ و لم يبلغكم ما قال رسول الله لي و لأخي هذان سيدا شباب أهل الجنة:

يا طيب : للإمام الحسين عليه السلام مواقف كثيرة في تعريف فضله ومقامه السامي وشرفهم ومناقبهم ، ولكن نذكر من الأحاديث ما فيه تعريف سيادتهم ، وتبليغها للمؤمنين ، وقد عرف الجمع العام سيادته وقام بتبليغها للمؤمنين في الحج في الإشعاع السابق ، وأمرهم بتبليغ ما تعلموا منه لأهلهم وصالح المؤمنين ، كما سيأتي الحديث .

ولكن يا طيب : أعظم موقف للتبليغ هو يوم كربلاء حين عرفهم شأنه العظيم ، وسيادته وولايته ومقامه وشأنه العظيم في الدين ، و في خطبة كريمة له منها :

قال الإمام الحسين في يوم كربلاء : يا أهل العراق و جلهم يسمعون ، فقال :

 أيها الناس : اسمعوا قولي و لا تعجلوا حتى أعظكم بما يحق لكم علي ، و حتى أعذر إليكم ، فإن أعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد ، و إن لم تعطوني النصف من أنفسكم ، فاجمعوا رأيكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ، ثم اقضوا إلي و لا تنظرون ، إن وليي الله الذي نزل الكتاب ، و هو يتولى الصالحين .

ثم حمد الله : و أثنى عليه ، و ذكر الله بما هو أهله ، و صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و على ملائكة الله و أنبيائه.

 فلم يُسمع : متكلم قط قبله و لا بعده أبلغ في منطق منه ، ثم قال :

أما بعد : فانسبوني فانظروا من أنا .

 ثم ارجعو : إلى أنفسكم وعاتبوها ، فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي.

 أ لست : ابن بنت نبيكم ، و ابن وصيه ، و ابن عمه ، و أول المؤمنين المصدق لرسول الله بما جاء به من عند ربه.

 أ و ليس : حمزة سيد الشهداء عمي .

 أ و ليس : جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمي .

أ و لم يبلغكم ما قال رسول الله لي و لأخي :

 هذان سيدا شباب أهل الجنة .

فإن صدقتموني : بما أقول ، و هو الحق ، و الله ما تعمدت كذبا منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله ، و إن كذبتموني فإن فيكم من لو سألتموه عن ذلك أخبركم .

سلوا : جابر بن عبد الله الأنصاري ، و أبا سعيد الخدري ، و سهل بن سعد الساعدي ، و زيد بن أرقم ، و أنس بن مالك ، يخبروكم :

أنهم سمعوا : هذه المقالة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  لي و لأخي.

أ ما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي . ...

ثم قال لهم الحسين عليه السلام : فإن كنتم في شك من هذا .

أ فتشكون : أني ابن بنت نبيكم ، فو الله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري فيكم و لا في غيركم ، ويحكم أ تطلبوني بقتيل منكم قتلته ، أو مال لكم استهلكته ، أو بقصاص من جراحة .

فأخذوا لا يكلمونه : فنادى يا شبث بن ربعي ، يا حجار بن أبجر ، يا قيس بن الأشعث ، يا يزيد بن الحارث ، أ لم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار ، و اخضر الجناب ، و إنما تقدم على جند لك مجند .

فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، و لكن انزل على حكم بني عمك ، فإنهم لن يروك إلا ما تحب . فقال لهم الحسين عليه السلام :

 لا و الله :  لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، و لا أقر لكم إقرار العبيد .

ثم نادى يا عباد الله : { إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ و أعوذ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ } .

 ثم إنه أناخ راحلته  : و أمر عقبة بن سمعان بعقلها ، و أقبلوا يزحفون نحوه [109].

 


 

[101] كفاية الأثر ص176 .

[102] الصراط المستقيم ج2ص130ف4.

[103] الاختصاص ص207. والخصال ج2ص475ح38 . وفي الصراط المستقيم ج2ص119ف3 عن أخطب خوارزم مثلهم.

[104] كتاب‏ سليم ‏بن‏ قيس ص940ح77. مئة منقبة ص124م58 . وفي كشف ‏الغمة ج2ص 508ب25. مقتل الخوارزمي ج1ص212 ح7 .

[105] الأمالي ‏للصدوق ص112م24ح2 . بشارة المصطفى ص199 . الفضائل ص9 . إرشاد القلوب ج2ص295 . بحار الأنوار ج28ص37ب2ح1 .

[106] كامل ‏الزيارات ص70ب22ح6 .

[107] كمال ‏الدين ج1ص259ب24ح5.بحار الأنوار ج36 ص253ب41ح69 . إعلام‏ الورى ص399ف2. قصص‏ الأنبياء ص366ف16ح 439 .  تاريخ بغداد ج2ص185ح 598 عن الشعبي عن زيد بن يثيع .

[108] كتاب ‏سليم ‏بن ‏قيس ص790ح26 ، بحار الأنوار ج33ص182ب17ح456 ، الاحتجاج ج1ص148 ، التحصين ‏لابن ‏طاوس ص634ب25.

[109] الإرشاد ج2ص 97 . إعلام ‏الورى ج240ف4 . بحار الأنوار ج45ص7بقية الباب 37 . ينابيع المودة لذوي القربى ج3ص57. الكامل في التاريخ ج2ص170 ويأتي الحديث في الجزء الثامن كاملا.

 

 

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

http://www.msn313.com