بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين

الجزء السابع

أنوار نهضة الإمام الحسين عليه السلام

سفينة نجاة

الإمام الحسين عليه السلام

مسير نهضة وثورة الإمام الحسين  على الطغاة
حتى ليلة العاشر من المحرم في كربلاء

المجلس الثاني

ذكر  خروج الإمام الحسين عليه السلام من مكة المكرمة
 حتى ليلة العاشر من المحرم في كر بلاء

 

الذكر الأول

الإمام الحسين في طريق الصراط المستقيم للإصلاح

مسير الإمام من مكة المكرمة إلى كربلاء المقدسة

تذكرة :

 سبيل الإمام الحسين هو الصراط المستقيم في سورة الحمد :

يا طيب : إن الإمام في سبيله وسلوكه وسيره وعمله يفوق عمل أبو الأنبياء إبراهيم ، وهو يقدم على تضحية ابنه إسماعيل عليهم السلام ، والله سبحان فداه بذبح عظيم .

والإمام الحسين عليه السلام : يسير بأهله وأبنائه وأخوته وأولادهم فيقدمهم للتضحية والفداء في سبيل تبيين مدى انحراف الأمة وتقاعسها عن نصرة الحق ، وهم في مدينتي الوحي ، فيبايع فيهما للفجور والفسوق ، ويخذل الهدي والإيمان ، ولا ينصر الحق وأهله أحدا من الصحابة والتابعين وكبار المسلمين وأبناءهم ، والذين على يدهم نشر الإسلام ، وبهم قويت شوكته ، فتراهم لا يقدمون شيء من علمهم  ولو كلمات حق عند حاكم ظالم فاسق فضلا عن التضحية بدمائهم من أجل دينهم ، ولا يسقوا الهدى الذي علمهم به رسول الله حتى يستمر يعطي للحياة لإنسانية نعيمها ، ولم ينصروا إمام الهدى  ليستمر صلاح الأمة في عزه محطم للكفر والنفاق والضلال وأهله .

وهذا الحسين عليه السلام : هو الصراط المستقيم والذي أنعم الله عليه بالمودة والطهارة والنعيم المقيم ، لم يبقى إلا هو وآله عليهم السلام طالبون للحق عاملون به ، فيسير بصراط مستقيم ويقدم كل كيانه وثقله ليُري المسلمين على طول التأريخ وفي كل مكان وزمان سبيل الهدى والإيمان ، وبكل ما يمكن من علمه وعمله وسيرته وسلوكه .

فهذا غرس النبوة : وسبط الرسالة وأمام الهدى وحقيقة الإيمان يسير بأهل وثقله حتى الشهادة والأسر ليحفظ الإسلام وتعاليمه ، وهو بأبي وأمي يعلم أن طريق الشهادة بقي هو السبيل الوحيد لإصلاح ما فسد من تعاليم الدين ، فأوجب روحي له الفداء أن يكتبه هداه بدمه وبدم أعزائه ليستبين لكل البشرية بلمعان صفائه وأشعة نوره ، ولكي يبحث المؤمن والمسلم عن تعاليم الله فيعرفها بحق أين أصبحت ومن أين يجب أن تؤخذ ، وبالخصوص بعد ما يعرف ما حل بالإسلام حين يطالع تأريخ ثورته وإقدامه وتضحيته .

وإن هذه الأرقام التي عرفتها : والتي رافقت هجرة الإمام الحسين عليه السلام في مسيره وهجرته المباركة رافضا للظلم والطغيان والفسق والفجور ، وطالبا لتعليم الهدى ومجاهدا ليقيم الإصلاح في أمة جده .

 بأن يكون رفضه البيعة : لطاغية زمانه يزيد في 27 سبعة وعشرين من رجب والمصادف يوم المبعث وبعثة النبي في المقام الأعلى حين الإسراء والمعراج .

 وخروجه وهجرته من المدينة : ليصل مكة المكرمة في يوم ولادته في 3 شعبان ، ومعجزة قطع الطريق بقافلة أهله في 5 خمسة أيام وهو خامس أصحاب الكساء والمباهلة والتطهير والمودة .

 وأن بقاءه في مكة المكرمة : 124 يوما بعدد يوافق بالتدبر بعثة 124000 مائة وأربعة عشرين ألف نبي مرسل ، فيرينا بأن الحسين عليه السلام يحافظ على دينهم وهداهم بعد أن ختمت النبوة بجده المصطفى ، فيعرف خالص الهدى من باطل ضلال أعدائه  كلما يقام ذكره الطيب وتعرف سيرته الطاهرة .

 بل أن بعثت جده المصطفى : النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل 13 ثلاثة عشر سنة إلى ستة أشهر ، إلى يوم شهادة الإمام الحسين عليه السلام في 60 ستين للهجرة ، وهو مدة تأريخ الإسلام إلى يوم شهادته مع آله ، فيساوي 72 سنة وأشهر ، ليكون بعدد الشهداء معه مع شهادة طفله الصغير عبد الله الرضيع .

فكأنها أرقام ترينا تأريخ الدين : وأعداد تلخص سيرة الهدى ومسيره ، وبالخصوص من بعثت سيد المرسلين ، وما نشر من تعاليمه وهداه ، وتقول لنا بأنه إن أنحرف الناس عنه وتفرقوا مذاهب وفرق ، فالفرقة الناجية هي مع الحسين عليه السلام وما حكاه في تأريخ نهضته المباركة ، وإن الباطل والضلال وأهله المغضوب عليهم هم من خالف الحسين ولم يرضى به قدوة وأسوة ، ولم يسير على نهجه وهداه ، فنرى في مسيره وأيامه وتأريخه وقطعة للطريق من مكة المكرمة إلى كربلاء في 24 يوما كما يأتي ، لنرى تأريخ الهدى والدين وبقاءه خالدا بصراط مستقيم وبهدى قويم في تأريخ الحسين عليه السلام وما سار به في حياته المباركة .

ولنعرف تأريخ هدى الله بتأريخ الأنبياء مختصرا ، نذكر :

إن نبي الله إبراهيم عليه السلام : يقدم ابنه ليطيع أوامر الله وينجح في الاختبار وإتمام الكلمات ويستحق الإمامة بعد النبوة والخلة ، وحفيده الإمام الحسين عليه السلام يسير ويقدم ويضحي بنفسه وأهله حتى طفله الرضيع ، فجعله الله سيد شباب أهل الجنة وإمام الهدى وولي أمر الله بعد جده وأبيه وأخيه عليهم السلام ، بل الأئمة من ذريته مثله .

بل هذا مسير الإصلاح والهدى والصراط المستقيم : هو مسير أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام ، وهجرته من كوثي العراق إلى فلسطين ومصر ، وإلى مكة المكرمة بذريته نبي الله إسماعيل وأمه هاجر عليهم السلام ، وتجوله في البلاد من أجل نشر دين الله وتعليم العباد هدى الله ، فقد لخصه الحسين عليه السلام في مسيره إلى كربلاء ، بل أتمه وأبقاه حيا إلى أخر الدهر بما أقدم عليه من التضحية والفداء .

بل رحيل الإمام الحسين وهجرته : يحكي غرض الخلقة ويقيم الحجة على الخلق ، بنزول آدم أبو البشر عليه السلام وما أراد الله من ذريته من العبودية له وشكر نعمه ، وبدين خالصة عرفه للأنبياء على طول الزمان ، فإن الحسين عليه السلام يحكيه بمسيره ويعرفه بحاله ومقاله ويعلمه بسيرته وسلوكه ، ويرينا الحق وأهله عنده وعند آله آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، وأن الضلال عند من يخالفهم على طول التأريخ ومهما كان وأين ما حل .

بل مسير الحسين عليه السلام : إلى كربلاء ، هو مسير نبي الله نوح عليه السلام في سفينته ، لينجي المؤمنين من الغرق في ظلمات الضلال لأئمة الظلم والفجور والشرك والعصيان والكفر والطغيان ، وإن كان مسير نوح عليه السلام في زمن معين لنفر بهم تكاثرت الذرية في البلاد ، فإن هدى الحسين سفينة تنجي العباد على طول الزمان لكل من يركب حقائق دينه ويسير به في طريق العبودية لله ، فيكون على صراط مستقيم لكل هدى ونعيم  ، أليس هو مصباح الهدى وسفينة النجاة كما قال رسول الله في حديثه المبارك معه .

وهذا مسير موسى : وسبيله يفر من فرعون إلى مدين ، بل وعودته إلى مصر حين يسير بأهله ليعلم العباد الدين ، بل هو نفس هجرته بدينه بمن آمن به  من طغاة مصر ومن الظلم والطغيان وفسقهم ، وهذا الحسين عليه السلام بعد أن لم يبقى من يسير به إلا نفسه وآله والطيبين ، يقدم بهم على فراعنة زمانه ليعلم كل المسلمين ما حل بالإسلام وأهله من الضلال والإضلال ، ولينتبهوا ويعودوا لصراطه المستقيم وما عنده من دين الله القويم .

وهذا المسيح عليه السلام : يؤخذ عنوة من حاكم زمانه فيرفعه الله للسماء ، ويتخذه قومه سنبلا للخلاص والتضحية والإيثار في سبيل الحق ، وهذا الحسين عليه السلام يسير بنفسه وأهله ويضحي بهم ويجعلهم كبش فداء للمسلمين ولكل الأحرار والمؤمنين ، ليقتدوا بهم في معرفة الهدى والإيمان ولرفض الظلم وعدم الخضوع للطغيان.

وهذا هو مسير وهجرة النبي الأعظم : من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ، يفر بدينه من ظلم الطغاة ليعلم هدى الله لمن تبعه من المؤمنين في المدينة ثم ينتشر دينه المبارك في كل بقاع الأرض ، وإن الحسين هو روح دينه وحقيقة هداه وصراطه المستقيم ، بل هو واقع النعيم الذي فيه رضا الله تعالى وعبوديته وثوابه ، فإنه أصل الدين والهدى وحقيقته روحا وقالبا وجسما ونفسا وبدنا .

 فهو الحسين : من رسول الله تولدا وهدى ودين ، والنبي من الحسين بقاء وحقيقة لحق معارف هداه ، ولحفظ تعاليمه الخالصة من أي شك وشبه وضلال وباطل ، فهو الدين الحق والهدى الصادق باقيا على طول التأريخ ، حيا بذكره وما يروى عن سيرته ونهضته وسلوكه وثورته ومعارفه وتعاليمه وأقواله وأفعاله ، فلا يختلط بأهل الباطل المظلين ولا بتعاليم وعاظ السلاطين والحكام الجائرين .

فهذا مسير الحسين عليه السلام : وهجرته من المدينة ثم إلى مكة المكرمة ثم إلى كربلاء ، هو الصراط المستقيم لجميع الأنبياء والمرسلين على طول التأريخ باقيا ذكره بحقيقته ومتجددا في معارفه بواقعه ، ويسير في التأريخ حقيقة وروحا ، حيا واقعا صادقا ، وعند كل المخلصين لحب عبودية الله والمحبين لحقائق الدين عند الطيبين الطاهرين والأبرار الصادقين والمؤمنين المتقين من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، ومن تبعهم من المخلصين وسار على خطاهم واقتدى بهم ، وتعلم منهم وعبد الله سبحانه بهده الذي خصه خالصا بهم ، بهدى صراط مستقيم للمنعم عليهم ، من غير ضلال المغضوب عليهم .

 فهذا الحسين عليه السلام : يعلم أنه لم تبقى إلا روحه الطاهرة ، المطهرة تطهيرا بنص كلام الله لكي تكون قدوة لتحرير أرواح المؤمنين من العبودية للظالمين وضلالهم ، ولتطهر أرواحهم ، وليعلموا أن تعاليم الله لم يبقى لله مرضيها ومقبولها من أحد إلا ما سقوه هو وأله وأتباعه وأنصاره على طول التاريخ ومر السنين وفي جميع بقاع الأرض أين ما وجدوا ، وذلك حين يصرون بمجالس ذكره على تعلم هداه ، ويضحون على تطبيق دينه ،  ويجتهدون بكل وسعهم على العمل بسيرته وسلوكه .

تدبر كلام الإمام الحسين عليه السلام : وهو يسير بأهل وما يذكر من كلمات تبين أهدافه ومبادئه وسبب أقدامه ، فتراها هي كما قال نبي الله إبراهيم لأبنه إسماعيل عليهما السلام شاء الله تعالى ذلك وأمرني به الله ، فيقدمه للذبح ويفديه الله تعالى بذبح عظيم من آله وهو سبطه الحسين عليه السلام ، فيري بجوده كله صلاح لكل مخلص.

 وتقديم رأس يحيى عليه السلام : لبغي من بغايا بني إسرائيل ، وقتل اليهود لأنبيائهم ، لم يكن بأشد فسادا من عمل طغاة الأمة التي تدعي الإسلام ، والذي يجبر حاكمها الضال الفاجر الإمام الحسين على التضحية بنفسه وأعزته ، وهكذا قتل الظالمين شيعتهم الذين على سبيلهم على طول التأريخ  .

وذلك لأنه تعالى : لكي ينشر دينه يستخدم كل سبيل ينبه به الإنسان ويوجهه إليه ، وبأمر يعتد به عظيم على قدر أهمية الأحوال والظروف ، فبعد أن مهدوا لحكم بني أمية وضلالهم ونفاقهم بكل سبيل ، ولم يبقى إلا إقدام الإمام الحسين عليه السلام والتضحية بنفسه وأهله فينهض فيقدمهم قرابين لدين الله ، وأمره رسول الله حين وداعه له ليسير من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ثم كربلاء المقدسة , حتى يتم أمرا عظيم وفداء كريم للدين .

ولهذا أعد الله سبحانه : الإمام الحسين لإصلاح ما فسد من أمور المسلمين ، وذلك لأن الله يعلم بما تصير إليه الأمور بعد رسوله ، وليتنبه المسلمون ويتفكر المؤمنون وليقتدي به الأحرار ، فيستعلموا عن سبب تسلط الفاسقين وأهل الضلال على الهدى والإيمان في زمان الحسين ، وقبله بحربهم لأخيه وأبيه ، ويقرؤوا ويسمعوا ما حل بالإسلام حين يقدم الحكام الطغاة على قتل التطهير والتقديس والحب والمودة لمن أمر لله تعالى بمودتهم ومتابعتهم ، وليسألوا لم أنحرف المسلمون و ضلوا وتغافلوا عن مبادئهم وتعاليم دينهم ونصروا الفسق والفجور ، وأعانوا على العدوان وظلم بني أمية وجورهم .

فعند ذلك : يتوجه المؤمنون للبحث عن الحق ، ليسلكوا سبيله على طول التاريخ ، ويستفسروا عن الإيمان وأهله أين كان وعند مَن مِن الصحابة والتابعين ، وطبعاً لن يوجد عند أحد ألا عند الحسين وأتباعه وذريته على طول التاريخ ، كما كان بيد أبيه وجده رسول الله صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين قبله .

والله سبحانه وتعالى : أمرنا أن نطلب منه في كل يوم في الصلاة وبعشرة مرات في عشر ركع نقرأ فيها الحمد ، وبعد أن نمجده ونقدسه ونقر له بالرحمة والربوبية ، ونحمده ونستعين به ، فيؤدبنا أن نطلب منه طلبا وحدا ، وهو : أهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين .

ألا يوجد مسلم فضلا عن مؤمن : فيسأل نفسه في كل يوم عشر مرات ، في كل مرة يقرأها ، لماذا هذا الإصرار من رب العالمين ، في ضرورة طلب السير والسلوك على صراط مستقيم ، ولماذا أدبنا أن نسأله بهذه الشدة في الطلب ، وفي كل أيام حياتنا .

يا طيب : الله يقرن وجود المنعم عليهم ، بقرب ضالين مغضوب عليهم .

فلابد : أن نستعلم حال الدين وتأريخه ، ونعرف أحوال المسلمين ، فنميز الطيب من الخبيث ، والطاهرين من المشركين والضالين ، حتى لا نكون مع المغضوب عليهم ، بل مع المنعم عليهم بنعمة دين الله وطهارته ، والذين جعلهم صادقين مصطفين أخيار واجب حبهم وودهم والسير في سبيلهم وصراطهم المستقيم .

ولول تدبرت بحق  : لمعرفة المنعم عليهم ، لما وجدت غير الحسين وآله وصراطهم المستقيم ، وهو صراط جميع الأنبياء والمرسلين من قبل ، وعليك حتما واجبا الاقتداء به والسير على منهجه الكريم وتعلم دينه وهداه القويم ، وهو دين الله وما به يعبد بحق دون غيره ممن عانده وخالفه ، فضلا عمن حاربه ومن رضي بفعلهم على طول التأريخ .

 ولكي لا أطيل عليك : أضع بين يدك أهم ما وصل بين أيدينا من الروايات في مسير الحسين عليه السلام من مكة إلى كربلاء ، وستأتيك عبر أخرى وعضات كبيرة من ثورة الإمام الحسين عليه السلام فيما يأتي ، فتدبر فيها لعل الله يرضانا أنصارا لدينه عند حب الكون مع الحسين وآله ، وعندما نلعن الظلم والظلال الذي تلبس به أعدائه وأتباعهم على طول التاريخ . فهذا بين يديك : الصراط المستقيم العملي والعلمي والفكري والفعلي والقولي والإيماني ، تراه خير وصلاح وهدى ونعيم في سلوك الإمام الحسين عليه السلام ، وفي صراطه المستقيم في مسيره ، وإصراره على السير في طريق الحق وعزمه حتى الشهادة على مقاومة ورفض الظلم والعدوان ، وتعليم الهدى والإيمان .

 

 


 

 

الإشراق الأول :

أهم الوقائع في أيام بقاء الإمام الحسين في مكة حتى خروجه لكربلاء :

يا طيب : مر إن الإمام الحسين عليه السلام قد خرج من المدينة ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة 60 للهجرة، ودخل مكة المكرمة لثلاثة أيام مضين من شهر شعبان ، وفيها بقي أيام شهر شعبان ، وشهر رمضان ، وشهر شوال ، وشهر ذي القعدة [1].

وأما خروجه من مكة عليه السلام : فكان يوم ثمان ذي الحجة ، فيكون مدة بقائه في مكة المكرمة حتى خروجه منها ، حدود 94 يوما على أكثر تقدير ، وقد ينقص يوما أو يومين لكون الشهر العربي تسعة وعشرون أو ثلاثون يوما .

ويا طيب : قد عرفت أهم الوقائع التي جرت في مكة المكرمة في الذكر السابق ، وهنا نذكر ما بقي منها ، والتي تعرف وقائع آخر أيامه في مكة المكرمة ويوم خروجه ، وما جرى من الأحداث في تلك الأيام التي تعز على المؤمن أن يسمع بها ، ويرى أن سيد الأنبياء والمرسلين لا ينصر في آله ، ودينه لا يعمل به ، وبايعت البلاد كلها لمن غصب منصب الخلافة وإمامة المسلمين ، ويسمى أمير المؤمنين وليس له من الأيمان شيء ، وخلفية المسلمين ولا يرى حرمة لمسلم ، ولا يعمل بهدى من دين الإسلام ، وهذا سبط الرسول الأكرم وحليف التقى والعلم والإيمان لا يعملوا بهداه ولا يطاع ، ولا يرضى به ولي لأمر الله في المسلمين ، ولا يقبل منه قول ولا عمل ولا يتبع لا في سيرة ولا في سلوك .

فهذا سيد شباب أهل الجنة : يسير بصراط مستقيم بكل من يحب الإيمان لتعريف الحق وأهله ، ويريهم الحق والهدى على طول الزمان وفي كل مكان وأين ما كنوا ، فمن يحب الله ورسوله فهذا هو الحسين بهداه وما عرفه وآله من دين الله القويم ، وهذا هو العروة الوثقى لمن يحب الله ويخشاه ، فإنه يعرفه الإمام الحسين بمسيره وسبيله وما علمه وعمله ، وبكل سيرة وسلوك تجلى بهما على طول طريقه إلى كربلاء ، فلنتدبره يا طيب :

 

 


 

 

الإشعاع الأول

مدة بقاء الإمام في مكة حتى خروجه ومن اجتمع إليه :

يا طيب في تعريف مدة بقاء الإمام : في مكة المكرمة ويوم خروجه منها ، وخلاصة ما حصل في هذه الأيام : قال المفيد رحمه الله في الإرشاد :

كان خروج مسلم بن عقيل رحمه الله : بالكوفة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة سنة ستين ، وقتل رحمه الله يوم الأربعاء لتسع خلون منه يوم عرفة .

 وكان توجه الإمام الحسين عليه السلام : من مكة إلى العراق في يوم خروج مسلم بالكوفة وهو يوم التروية ، بعد مقامه بمكة بقية شعبان ، و شهر رمضان ،  وشوالاً ، وذا القعدة ، وثمان ليال خلون من ذي الحجة سنة ستين .

وكان قد اجتمع  إلى الحسين عليه السلام : مدة مقامه بمكة نفر من أهل الحجاز ، ونفر من أهل البصرة أنضافوا إلى أهل بيته ومواليه[2] .

وإن الإمام الحسين يعرف حال لكوفيين ويخبرهم عن مصيره :

في اللهوف : عن أبو محمد سفيان بن وكيع ، عن أبيه وكيع ، عن الأعمش قال : قال أبو محمد الواقدي ، و زرارة بن خلج :

لقينا الحسين بن علي عليه السلام:  قبل أن يخرج إلى العراق ، فأخبرناه ضعف الناس بالكوفة ، و أن قلوبهم معه و سيوفهم عليه . فأومأ بيده نحو السماء : ففتحت أبواب السماء ، و نزلت الملائكة عددا لا يحصيهم إلا الله عز و جل .

فقال عليه السلام : لولا تقارب الأشياء ، و هبوط الأجل ، لقاتلتهم بهؤلاء .

ولكن أعلم يقينا: أن هناك مصرعي ومصرع أصحابي، لا ينجو منهم إلا ولدي علي[3].

 

 

 


 

 

الإشعاع الثاني :

 الإمام الحسين يخرج يوم  التروية مهاجرا إلى الله :

يا طيب : إن الإمام الحسين عليه السلام لما عرف أن قد أمر طاغية زمانه أشخاص وأعدهم لأن يقتلوه في أيام الحج ، ولو كان متعلق بأستار الكعبة ، وإنه لم يكن هذا الطاغية يقر قراره إلا أن يريق دم سيد الشهداء حتى ولو في بيت الله الحرام ويهتك حرمته  ، فأختار الإمام عليه السلام ما أختار له الله تعالى من قبل ، فجعل حجه عمرة وخرج من مكة المكرمة يوم التروية .

ويوم التروية : هو اليوم الثامن من ذي الحجة ، لأن الحجاج في هذا اليوم يحملون الماء ليوم غد لكونه في عرفه ومنى وما بعدها في أيام الحج لم يكن ماء هناك ، فيشربون ليرووا بما يحملون من مكة ويستخدموه فيما يحتاجونه لباقي حوائجهم فيها ، لأنه لا يوجد في عرفة ومنى آبار ماء ، وإنما يحملوه من مكة المكرمة ، ثم يسيرون .

والإمام الحسين عليه السلام : يوم التروية لم يتمكن أن يسير لعرفة ومنى ولا أن يأتي بالحج وأعماله الباقية ، مع ما تعرف من علاقته بالحجة ، وبالخصوص حين تقرأ معرفته العظيمة بتعاليم الله وشكره على كل شيء من أسباب الخلقة ونعيمها عليه في دعاء عرفة الكريم والذي عرفته ، أو في خطبته التي دعا فهيا المؤمنين من الأنصار والمهاجرين لنصرة الدين وتعريف الحق وأهله كما عرفت في الجزء السابق .

ولكن الإمام الحسين عليه السلام : في هذه السنة سنة ستين للهجرة لم يستطيع أن يصل عرفه ولا أن يأتي بباقي أعمال الحج ، ولكنه عليه السلام لما وصل لكربلاء استشهد عطشان لم يروى من الماء ، فكأن هذا اليوم يوم التروية وعدم الرواء في عرفة والهجرة منها لما حل فيها من استفحال أمر الظلم والطغيان ، يعرفنا شدة عمل الطغاة في زمانه ، ومدى ما وصل له الظلم على الأتقياء وأهل دين الله ، وتسلط العدوان والفسق والفجور والجور ، حتى يخرج أصل الدين ومعدنه مهاجرا في هذه الأيام الكريمة من مكة المكرمة التي يقصدها كل المسلمون المستطيعون في أيام الحج ملبين نداء الله .

ولكن الإمام الحسين عليه السلام : في هذه السنة سنة ستون للهجرة حتى يوم العاشر من سنة أحدى وستين ، لبى نداء الله سبحانه بأعلى صوت سمعه البشر ، وبما فيه صلاح العباد من المؤمنين وطالبي الحق من المنصفين وكل الطيبين ، فأقدم بنهضته لإقامة دين الله وتعريفه لكل من يسمع بقصته ، ويرى حقيقة أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وطلب الإصلاح في أمة جده وشيعة أبيه ، فيتبعوه ويتعلمون دين الله منه، فلنتدبر :

ويا طيب : قال الشيخ المفيد رحمه الله في الإرشاد :

ولما أراد الحسين التوجه إلى العراق ، طاف بالبيت ، وسعى بين الصفا والمروة ، وأحل من إحرامه وجعلها عمرة .

 لأنه عليه السلام:لم يتمكن من تمام الحج مخافة أن يقبض عليه بمكة ، فينفذ إلى يزيد بن معاوية، فخرج عليه السلام مبادر بأهله وولده ومن انضم إليه من شيعته.

 ولم يكن خبر مسلم بلغه بخروجه يوم خروجه على ما ذكرناه [4].

وفي الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

إن الحسين بن علي عليهما السلام : خرج قبل التروية بيوم ، إلى العراق .

وقد كان دخل معتمرا [5].

وفي الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

إن المتمتع مرتبط بالحج ، والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء .

 وقد اعتمر الحسين عليه السلام : في ذي الحجة ، ثم راح يوم التروية إلى العراق ، والناس يروحون إلى منى ، ولا بأس بالعمرة في ذي الحجة لمن لا يريد الحج[6].

 

 

 


 

الإشعاع الثالث :

 الإمام يخاطب الحجيج يوم خروجه ويدعوهم لنصره:

 قال السيد رحمه الله :

 توجه الحسين عليه السلام : من مكة لثمانية مضين من ذي الحجة سنة ستين  قبل أن يعلم بقتل مسلم ، لأنه عليه السلام خرج من مكة في اليوم الذي قتل فيه مسلم رضوان الله عليه .

وروي أنه صلوات الله عليه لما عزم على الخروج إلى العراق ، قام خطيبا فقال :

الحمد لله ، وما شاء الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وصلى الله على رسوله وسلم :

خط الموت : على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة .

وما أولهني إلى أسلافي  اشتياق يعقوب إلى يوسف .

وخير لي : مصرع أنا لاقيه .

كأني : بأوصالي يتقطعها  عسلان الفلوات ، بين النواويس وكربلا ، فيملئن مني أكراشاً جوفا وأجربة سغبا .

 لا محيص عن يوم : خط بالقلم .

رضى الله : رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ، ويوفينا أجور الصابرين .

 لن تشذ : عن رسول الله لحمته .

 وهي : مجموعة له في حظيرة القدس ، تقر بهم عينه ، وتنجز لهم وعده .

من كان : فينا باذلاً مهجته ، موطنا على لقاء الله نفسه .

 فليرحل معنا . فإني راحل مصبحا إن شاء [7].

وروى هذه الخطبة في كشف الغمة عن كمال الدين ابن طلحة[8] .

يا طيب : الرحيل إلى الإمام الحسين عليه السلام ومعه ، في كل مكان وفي أي مكان ممكن ، وهو أن نتعلم معارفه ونسير على هداه ، وإقامة مجالس ذكره وتعريف سيرته وسلوكه للعباد ، لكي يعرف الحق وأهله ، ولذا يقول القراء أول ما يبدؤون الكلام:

يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما .

وأما قول الإمام الحسين عليه السلام : لن تشذ عن رسول الله لحمته ، وهي مجموعة له في حضيرة القدس .... :

فإن الله تعالى قال : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ

أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ  عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ

كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) } الطور.

ومن يكن مع الحسين عليه السلام : يكون مع جده وأبيه وأمه وأخيه ، مع الصادقين المنعم عليهم حقا بفضل الله سبحانه وتعالى ، وجعلنا الله معهم ، أمين .

 


 

 

 

الإشراق الثاني :

الإمام الحسين يصر على صراط الشهادة ويعرفه لمن يلقاه حين خروجه :

الإشعاع الأول :

 الإمام يلاقي ابن الحنفية ويخبره أن مسيره بأمر الله :

قال السيد أبن طاووس : عن أبي عبد الله عليه السلام  :

جاء  محمد ابن الحنفية إلى الحسين عليه السلام : في الليلة التي أراد الحسين الخروج في صبيحتها عن مكة ، فقال له :

يا أخي : إن أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك ، وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى ، فإن رأيت أن تقيم فإنك أعز من بالحرم  وأمنعه .

فقال : يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية بالحرم ، فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت .

فقال له ابن الحنفية : فإن خفت ذلك فصر إلى اليمن أو بعض نواحي البر ، فإنك أمنع الناس به ، ولا يقدر عليك أحد . فقال : انظر فيما قلت . 

فلما كان السحر : ارتحل الحسين عليه السلام ، فبلغ ذلك ابن الحنفية فأتاه فأخذ بزمام ناقته - وقد ركبها - فقال : يا أخي ألم تعدني النظر فيما سألتك ؟ قال : بلى .

قال : فما حداك على الخروج عاجلا ؟

قال : أتاني رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ما فارقتك .

 فقال : يا حسين اخرج ، فإن الله قد شاء أن يراك قتيلاً .

فقال محمد ابن الحنفية : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال ؟

قال : فقال لي صلى الله عليه وآله :

 إن الله قد شاء أن يراهن سبايا ، فسلم عليه ومضى[9] .

 

 


 

الإشعاع الثاني :

 الإمام يُخبر ثلاثة اسمهم عبد الله بأن مسيره بأمر جده :

قال السيد ابن طاووس :

وجاءه : عبد الله بن العباس ، وعبد الله بن الزبير ، فأشارا عليه بالإمساك .

فقال  لهما عليه السلام : إن رسول الله قد أمرني بأمر وأنا ماض فيه .

 قال : فخرج ابن العباس وهو يقول : واحسيناه .

ثم جاء عبد الله بن عمر :

 فأشار عليه بصلح أهل الضلال ، وحذره من القتل والقتال .

 فقال عليه السلام : يا أبا عبد الرحمان .

 أما علمت : أن من هوان الدنيا على الله تعالى ، أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل .

أما تعلم : أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا ، ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئا ، فلم يعجل الله عليهم ، بل أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز ذي انتقام .

أتق الله : يا أبا عبد الرحمن ، ولا تدع نصرتي [10].

وعن عباس بن عبد الله عن عبد الله بن عباس قال :

أتيت الحسين: و هو يخرج إلى العراق. فقلت له : يا ابن رسول الله لا تخرج .

فقال : يا ابن عباس .

 أ ما علمت إن منعتني من هناك ، فإن مصارع أصحابي هناك .

قلت له : فأنى لك ذلك ؟ قال : بسر سره لي ، و علم أعطيته [11] .

 الإمام يحفظ حرمة الحرم في محاورة مع بن الزبير:

في كامل الزيارات ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قل : قال عبد الله بن الزبير للحسين ابن علي عليهما السلام : لو جئت إلى مكة فكنت بالحرم ؟ فقال الحسين بن علي عليهما السلام : لا نستحلها ، ولا تستحل بن .

ولان اقتل على تل أعفر أحب إلي من أن اقتل بها [12].

وفي كامل الزيارات : عن أبي سعيد عقيصا قال : سمعت الحسين بن علي عليهما السلام وخلا به عبد الله بن الزبير فناجاه طويلاً .

 قال : ثم أقبل الحسين عليه السلام بوجهه إليهم ، وقال عليه السلام :

إن هذا يقول لي : كن حماما من حمام الحرم .

ولأن أقتل : وبيني وبين الحرم باع ، أحب إلي من أن اقتل وبيني وبينه شبر .

ولأن أقتل بالطف : أحب إلي من أن اقتل بالحرم [13].

 

في كامل الزيارات عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :

إن الحسين عليه السلام : خرج من مكة قبل التروية بيوم ، فشيعه عبد الله بن الزبير فقال : يا با عبد الله قد  حضر الحج وتدعه وتأتي العراق ؟

 فقال : يا ابن الزبير :

لأن ادفن بشاطئ الفرات أحب إلي من أن ادفن بفناء الكعبة [14].

الظاهر هذه المحاورات مع بن الزبير كانت في عدة مرات ، فهي في المدينة ومكة وعند الخروج ، والإمام يعرفه أن حرمة الحرم وبيت الله يجب أن تحفظ ، ولكن ابن الزبير لما حاصره يزيد التجئ إلى الحرم حتى صار سببا لحرقه وهدم قسم كبير منه .

 وأعرف يا طيب : الفرق الكبير بين من يعلم حرمة الله وما يجب عليه ، وبين من لا تهمه إلا نفسه وما يريد من ملك الدنيا ، فمن قبل ابن الزبير حارب أمير المؤمنين أبو الحسين والحسين في حرب الجمل ، ثم في قيامه الآخر هتك حرمة الحرم حين حاصره جيش يزيد ، والإمام الحسين يخرج لما أمره الله ورسوله . وأما أن بن الحنفية كان في المدينة ولما طال المقام للحسين في مكة لحقه وبقي عينا له فيها ، وهكذا غيره من أجازه الإمام الحسين من آله وخواصه ، وأنتقل بما هم معدون للشهادة بإذن الله سبحانه .

 

 


 

 

الإشعاع الثالث :

 الإمام يلاقي الفرزدق ويعرفه حال الكوفيين :

ثم قال المفيد رحمه الله في الإرشاد : وروي عن الفرزدق أنه قال :

حججت بأمي في سنة ستين : فبينما أنا أسوق بعيرها حتى دخلت الحرم ، إذ لقيت الحسين عليه السلام خارجا من مكة ، معه أسيافه وتراسه .

 فقلت : لمن هذا القطار ؟

 فقيل : للحسين بن علي عليهما السلام ، فأتيته وسلمت عليه .

وقلت له : أعطاك الله سؤلك ، وأملك فيما تحب ، بأبي أنت وأمي  يا ابن رسول الله ما أعجلك عن الحج ؟

 قال : لو لم أعجل لأُخُذت ، ثم قال لي : من أنت ؟

قلت : رجل من العرب ، ولا والله ما فتشني عن أكثر من ذلك .

 ثم قال لي : أخبرني عن الناس خلفك ؟

فقلت : الخبير سألت ، قلوب الناس معك وأسيافهم عليك ، والقضاء ينزل من السماء ، والله يفعل ما يشاء .

قال : صدقت ، لله الأمر من قبل ومن بعد ، وكل يوم [ ربنا ] هو في شأن ، إن نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه ، وهو المستعان على أداء الشكر ، وإن حال القضاء دون الرجاء ، فلم يبعد من كان الحق نيته ، والتقوى سيرته .

فقلت له : أجل بلغك الله ما تحب وكفاك ما تحذر ، وسألته عن أشياء من نذور ومناسك فأخبرني بها ، وحرك راحلته .

 وقال : السلام عليك ، ثم افترقنا [15]

 وقال في تأريخ حلب : بإسناده قال : حدثني لبطة بن الفرزدق عن أبيه قال:

حججت : فلما كنت بذات عرق ، لقيني الحسين بن علي يريد الكوفة ، فقصدته فسلمت عليه ، فقال لي : ما خلفت لنا وراءك بالبصرة ؟

 فقلت : قلوب القوم معك وسيوفهم مع بني أمية .

 فقال : ما أشك في أنك صادق :

 الناس عبيد الدنيا ، والدين لغو على ألسنتهم.

 يحوطونه ما درت به معائشهم.

 فإذا استنبطوا ( محصوا ) قلّ الديّانون .

 وقال : فلما كان يوم النفر ، مررت بسرادق ، فإذا بفنائه صبيان سود فطس ، قال: فأخذت بقفا صبي منهم ، فقلت : لمن أنت ؟ قال: لعبد الله بن عمرو .

 قال : فقلت : فأين هو ؟ قال : في السرادق .

 قال: فدخلت فسلمت فقلت: م قولك في الحسين بن علي عليهما السلام؟

قال: لا يحيك فيه سلاحهم، قال: فخرجت، قال: فبينا أنا على ماء بين الكوفة ومكة إذا إنسان يوضع على بعيره، قال: فقلت: من أين؟ قال: من الكوفة.

قال: قلت: ما فعل حسين بن علي ؟  قال :  قتل .

 قال: فرفعت يدي ، فقلت : اللهم افعل بعبد الله بن عمرو أن كان يسخر بي.

قال سفيان بن عيينة في غير هذه الرواية : ذهب الفرزدق إلى غير المعني ، أو قال: الوجه ، إنما هو لا يحيك في السلاح لا يضره القتل مع ما قد سبق له[16].

 

 


 

 

الإشعاع الرابع :

الإمام يصر على الخروج من مكة لطلب الإصلاح ويدفع شرطة حاكمها :

قال الشيخ المفيد في الإرشاد :

وكان الحسين بن علي عليه السلام : لما خرج من مكة اعترضه يحيى بن سعيد بن العاص ، ومعه جماعة أرسلهم إليه عمرو بن سعيد .

فقالوا له : انصرف أين تذهب ؟ فأبى عليهم : ومضى . وتدافع الفريقان : واضطربوا بالسياط ، فامتنع : الحسين عليه السلام  ، وأصحابه منهم امتناعا قوي [17].

وقال ابن نما : حدث عقبة بن سمعان قال : خرج الحسين عليه السلام من مكة ، فاعترضته رسل عمرو بن سعيد بن العاص ، عليهم يحيى بن سعيد ليردوه .

 فأبى عليهم : وتضاربوا بالسياط ، ومضى عليه السلام على وجهه ، فبادروه وقالوا : يا حسين ألا تتقي الله تخرج من الجماعة وتفرق بين هذه الأمة ؟

فقال عليه السلام :

 لي عملي ، ولكم عملكم ، أنتم بريئون مما أعمل ، وأنا برئ مما تعملون [18]

 

 


 

 

الإشعاع الخامس:

عبد الله بن جعفر يطلب للإمام الأمان ويلحقه بابنيه :

قال الشيخ المفيد في الإرشاد : وألحقه عبد الله بن جعفر بابنيه عون ومحمد ، وكتب على أيديهما كتابا يقول فيه :

 أما بعد : فإني أسألك بالله لما انصرفت حين تنظر في كتابي هذا ، فإني مشفق عليك من هذا التوجه الذي توجهت له ، أن يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك ، إن هلكت اليوم طفئ نور الأرض ، فأنك علم المهتدين ، ورجاء المؤمنين ، ولا تعجل بالسير ، فإني في أثر كتابي ، والسلام . 

وصار عبد الله إلى عمرو بن سعيد ( والي مكة المكرمة ) : وسأله أن يكتب إلى الحسين عليه السلام أماناً ، ويمنيه ليرجع عن وجهه .

وكتب إليه عمرو بن سعيد : كتابا يمنيه فيه الصلة ، ويؤمنه على نفسه .

وأنفذه مع يحيى بن سعيد ، فلحقه يحيى وعبد الله بن جعفر بعد نفوذ ابنيه ، ودفعا إليه الكتاب وجهدا به في الرجوع .

فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام، وأمرني بما أنا ماض له.

فقالوا له : ما تلك الرؤيا ؟

فقال : ما حدثت أحدا بها ولا أنا محدث بها أحدا حتى ألق ربي عز وجل .

فلما يئس منه عبد الله بن جعفر : أمر ابنيه عونا ومحمدا بلزومه ، والمسير معه ، والجهاد دونه ، ورجع مع يحيى  ابن سعيد إلى مكة . 

وتوجه الحسين عليه السلام : إلى العراق مغذا ، لا يلوي إلى شيء ، حتى نزل ذات عرق [19].


 


 

 

الإشراق الثالث :

أهم المنازل والمراحل بين مكة المكرمة والكوفة :

يا طيب : قبل أن نذكر مسير الإمام الحسين عليه السلام في طريق الصراط المستقيم لتحرير العباد من الخضوع للظالمين على طول التأريخ ، وتعريفهم ما به الصلاح من دينه وهداه ، نتعرف على مراحل الطريق بين مكة المكرمة والكوفة ثم كربلاء ، وقد كتبت كتب كثيرة في تعريف هذا الطريق الذي سلكه الناس من قبل الإسلام ، لكونه قريب من الحيرة وملوكها ، وهو نفسه بين الكوفة ومكة المكرمة والمدينة المنورة تقريبا .

وإن كل من كتب في تعريف درب الكوفة  : كتب مراحل الطريق ومنازله من الكوفة إلى مكة المكرمة ، ثم عرف فيما بعد هذا الطريق بدرب زبيدة زوجة هارون العباسي ، لأنها اعتنت بها وحفرت فيه الآبار وبنت المنال لتسهيل أمر الحاج ، والآن هجر الطريق وبقيت أطلاله .

ويا طيب : إن الطريق نصفه أو أكثره طريق وعر جبلي حتى يصل ما يقارب الحدود العراقية الآن،  فيتحول إلى طريق صحراوي وشبيه بالصحراوي .

وتقدر المسافة : بين الكوفة أو قل كربلاء حتى مكة المكرمة بحدود 1400 كيلومتر ، وذكرت أقوال في تعريف الطريق نذكر منها :

قال المقدسي في البدء والتأريخ :الطريق من العراق إلى مكة حرسها الله :

يقال من الكوفة إلى مكة: مائتان وثلاثة وخمسون فرسخا ، والفرسخ ثلاثة أميال[20].

وقد عرفت : أن الميل يساوي على أصح التقادير : 1820 متر ، فيكون على هذا القول المسافة : 253× 3 = 759 ميلا × 1820 مترا = 1381380 مترا ، أي يساوي 1380 كيلومترا و 380 مترا ، وهو أقرب الأقوال للواقع فعلا .

ولمعرفة المراحل : نذكر أهم الأقوال التي تعرف هذا الطريق ، وتقدر :

ب 27 سبعة وعشرون : مرحلة في المتوسط ، وإن الإمام الحسين عليه السلام قد قطعها في 24 أربعة عشرون يوما : من يوم 8 ذي الحجة أي شهر 12 سنة 60 للهجرة ، إلى يوم  2 من شهر محرم الشهر الأول من سنة 61 للهجرة ، مهاجرا إلى الله ، فوقع أجره على الله تعالى ، وقد قال سبحانه :

{ لاَّ يَسْتَوِي  الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ

وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ

 فَضَّلَ اللّهُ  الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى  الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمً (95) دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (96)

 إِنَّ  الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ

قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ  اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا (97)

 إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ  وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ  اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99)  وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً

وَمَن يَخْرُجْ مِن  بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ

فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (100) } النساء .

ونعم بالله العلي العظيم : قد جعل أجر الحسين عليه السلام ، الشفاء في تربته ، واستجابة الدعاء تحت قبته ، والإمامة إلى يوم القيامة في ذريته ، وما يهبه الله للمؤمنين المتبعين سنته جنة عرضها السماوات والأرض أعدة للمتقين من أتباعه ، ويحشرهم معه في الدنيا والآخرة ، ويهبهم كل خير وبركة وراحة وريحان في هذه الدنيا التي تنغصها لأحسن المرفهين أشد المتاعب في الفكر والهم والغم ومنغصاتها من المزاحمات الكثيرة من طلب الدنيا ، وأتباع الحسين مطمئنين برضا الله وبما يصيبهم في أشد المتاعب التي لا يساويه شيء عندهم ، لأنهم يعرفون أنهم على طريق الحسين وصراطه المستقيم لكل نعيم .

 

 


 

الإشعاع الأول :

الطريق حسب ما ذكر في المسالك والممالك  بالأميال والكيلومترات:

يا طيب : عرفت أن الفرسخ يساوي 3 ثلاثة أميال ، والميل يساوي 1820 ألف وثمانمائة وعشرون مترا ، أي 1 كيلو متر و820 ثمانمائة وعشرون مترا ، ونذكر المسافة بين الكوفة ومكة المكرمة ، وبين مكة المكرمة والكوفة ، وبين المنازل فيما بينها ، والتي تتخذ كمتعشى يبات فيها ويرحل عنها في السحر أو قبل أو بعد الصلاة مباشرة .

وإنه يا طيب : كان في السابق مثل الآن توضع علامات على كل ميل ، ويعتبر الميل على مد البصر ، ومحسوب بدقة وبالخصوص طريق الكوفة وهو مفضلا على غيره ، وأنه على أساس أسلامي عرفه الإمام الصادق عليه السلام ، وعليه بني الحكام والمهتمون بالطرق على حساب أميال الطرق والدرب بين المدن والبلاد ، وألفت كتب كثير في تعريف الطريق بين مكة المكرمة والكوفة وغيرها من المدن ، ونحن نحتار ما ذكره في كتاب المسالك والممالك لابن خرداذبه[21]، فقال :

من الكوفة : ( يا طيب : عندما حسبناه على تقديره يكون :

من مكة المكرمة إلى الكوفة :1328600+38220=1366820 مترا.

أي ألف وثلاثمائة وستة ستون كيلوا مترا ، وثمانمائة وعشرون مترا ) .

1ـ إلى القادسية : خمسة عشر ميلاً .

ثم إلى العذيب : طرف البادية ستة أميال .

 قال الشاعر : ياصاح لا نوماً ولا قـرارا  حتى ترى لي بالعُذَيب نارا .

يا طيب:  المسافة من الكوفة للعذيب : 15+6=21×1820=38220 مترا .
أي ثمانية وثلاثون كيلومتر ومائتان وعشرون متر .

والمسافة إلى القادسية :1284920+43680=1328600مترا.

 

2ـ ثم إلى المُغيثة : وفيها ماء السماء أربعة وعشرون ميلاً .

والمتعشّى : وادي السباع : على خمسة عشر ميلاً .

 قال جرير : إنّ الرّزيّة مَن تضمَّن قـبـرَهُ  وادي السّباع لكُلِّ جنبٍ مَصرَعُ  .

يا طيب : من العذيب إلى المغيثة : 24×1820=43680 مترا ، وإن وادي السباع يكون متعشى قبلها .

ومن الكوفة إلى المغيثة : 38220 +43680=81900 مترا .

والمسافة من مكة على المغيثة :1226680+58240=1284920مترا .

 

3ـ ثم إلى القرعاء : فيها آبار ، اثنان وثلاثون ميلاً .

والمتعشّى : مسجد سعد : على أربعة عشر ميلاً .

يا طيب : من المغيثة إلى القرعاء : 32×1820= 58240 مترا .

والمسافة من الكوفة إلى القرعاء : 81900+ 58240= 140140 مترا.

والمسافة من مكة إلى القرعاء :1183000+43680=1226680مترا .

 

4ـ ثم إلى واقصة : فيها برك وآبار ، أربعة وعشرون ميلاً .

والمتعشّى : بالطرف ، على أربعة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من القرعاء إلى واقصة : 24×1830=43680 مترا.

 والمسافة من الكوفة إلى واقصة : 140140 +43680=183820مترا .

والمسافة من مكة إلى واقصة :1130220+52780=1183000مترا .

 

5ـ ثم إلى العقَبة : فيها آبار ، تسعة وعشرون ميلاً .

والمتعَشّى : القُبيبات ، على أربعة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من واقصة إلى العقبة : 29×1820=52780 مترا .

والمسافة من الكوفة إلى العقبة : 183820+52780=236600 مترا .

والمسافة من مكة إلى العقبة :1086540+43680=1130220مترا .

 

6ـ ثم إلى القاع : وفيه بئر ، أربعة وعشرون ميلاً .

والمتعشّى : بالجلحاء ، على ثلاثة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من العقبة إلى القاع : 24×1820=43680 مترا .

ومن الكوفة إلى القاع : 236600 +43680=280280 مترا .

والمسافة من مكة إلى القاع :1042860+43680=1086540مترا .

 

7ـ ثم إلى زُبالة : وهي كثيرة الماء ، أربعة وعشرون ميلاً .

والمتعشّى : بالجُريْسي ، على أربعة عشر ميلاً .

يا طيب : من القاع إلى زبالة : 24×1820=43680مترا .

ومن الكوفة إلى زبالة :280280+436800=323960 مترا .

والمسافة من مكة إلى زبالة :1004640+38220=1042860مترا .

 

8ـ ثم إلى الشّقوف (الشقوق) : فيها برك وآبار ، أحد وعشرون ميلاً .

والمتعشّى : التنانير ، على أربعة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من زبالة إلى الشقوف : 21×1820=38220 مترا .

والمسافة بين الكوفة والشقوق: 323960+38220=362180 مترا .

والمسافة من مكة إلى الشقوق :951860+52780=1004640مترا .

 

9ـ ثم إلى البِطان : وهي قبر الِعبادي فيه برك ، تسعة وعشرون ميلاً .

والمتعشّى : بردين ، على أربعة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من الشقوق إلى البطان : 29×1820=52780 مترا .

 والمسافة من الكوفة إلى البطان = 362180+52780=414960مترا .

والمسافة من مكة إلى البطان : 899080+52780=951860مترا .

 

10ـ ثم إلى الثعلبية : وهي ثلث الطريق ، فيها برك ، تسعة وعشرون ميلاً .

والمتعشّى : بالمهلبية ، على أربعة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من بطان إلى الثعلبية :29×1820=52780 مترا .

ومن الكوفة إلى الثعلبية : 414960+52780=467740 مترا .

والمسافة من مكة إلى الثعلبية : 840840+58240=899080 مترا .

 

11ـ ثم إلى الخُزَيمية : فيها برك وسوانٍ ، اثنان وثلاثون ميلاً .

والمتعشّى : الغُميس ، على أربعة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من الثعلبية إلى الخزيمية : 32×1820= 58240 مترا.

 والمسافة من الكوفة إلى الخزيمية : 467740+58240=525980 مترا .

والمسافة من مكة إلى الخزيمية :797160+43680=840840 مترا .

 

12ـ ثم إلى الأجفُر : فيه برك وآبار ، أربعة وعشرون ميلاً .

والمتعشّى : بطن الأغرّ ، على خمسة عشر ميلا .

يا طيب : المسافة من الخزيمية إلى الأجفر :24×1820=43680 مترا .

 ومن الكوفة إلى الأجفر : 525980+43680=569660 مترا .

والمسافة من مكة إلى الأجفر : 731640+65520=797160مترا .

 

13ـ ثم إلى فَيد : وهي نصف الطريق ، فيها عين تجري ، وبفَيد : منبر ، وأسواق ، وبرك وعيون جارية ، ستة وثلاثون ميلاً .

والمتعشّى : القرائن على عشرين ميلاً .

يا طيب : المسافة من الأجفر إلى فيد : 36×1820=65520 مترا .

 ومن الكوفة إلى فيد : 569660+65520= 635180مترا .

والمسافة من مكة إلى فيد :675220+56420=731640مترا .

 

14ـ ثم إلى توز : فيها برك وآبار ، أحد وثلاثون ميلاً .

والمتعشّى : بالقرنتين ، على سبعة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من فيد إلى توز :31×1820=56420 مترا .

 والمسافة من الكوفة إلى توز : 635180+56420=691600 مترا .

والمسافة من مكة إلى توز :638820+36400=675220مترا .

وهذه المسافة تقريبا نصف الطريق .

 

15ـ ثم إلى سميراء : فيها برك وآبار ، عشرون ميلاً .

والمتعشّى : بالفحيمة ، على ثلاثة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من توز إلى سميراء : 20×1820=36400 مترا .

 والمسافة من الكوفة إلى سميراء : 691600+36400=728000 مترا .

والمسافة من مكة إلى سميراء :578760+60060=638820مترا .

 

16ـ ثم إلى الحاجر (الحاجز): فيها برك وآبار ، ثلاثة وثلاثون ميلاً .

المتعشّى : العباسية ، على خمسة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من سميراء إلى الحاجز : 33×1820=60060 مترا .

والمسافة من الكوفة إلى الحاجر : 728000+60060=788060 مترا .

والمسافة من مكة إلى الحاجر :516880+61880=578760مترا .

 

17ـ ثم إلى معدن القرشي : والعامة تسميه : معدن النقرة ، فيها آبار ، أربعة وثلاثون ميلاً .

والمتعشّى : قَرَوْرَى ، على سبعة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من الحاجر إلى معدن النقرة : 34×1820=61880 مترا .

 والمسافة من الكوفة معدن النقرة : 788060+61880=849940مترا .

والمسافة من مكة إلى معدن النقرة :456820+60060=516880مترا .

منها : من معدن النقرة :

 

18ـ إلى مُغيثة الماوان : فيها برك وآبار وماء نزر ، ثلاثة وثلاثون ميلاً .

والمتعشّى : السّمط : على ستة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من معدن النقرة إلى مغيثة الماوان : 33×1820=60060 مترا ,

 والمسافة من الكوفة إلى مغيثة الماوان : 849940+60060=910000مترا .

والمسافة من مكة إلى مغيثة الماوان :413140+43680=456820مترا .

 

19ـ ثم إلى الرّبذة : فيها برك وآبار أربعة وعشرون ميلاً .

والمتعشّى : أريمة : على أربعة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من مغيثة الماوان إلى الربذة : 24× 1820= 43680مترا .

والمسافة من الكوفة إلى الربذة : 910000+43680=953680 مترا .

والمسافة من مكة إلى الربذة :369460+43680=413140مترا .

 

20ـ ثم إلى معدن بني سليم : فيها برك ماء أقل ما يوجد فيها الماء ، أربعة وعشرون ميلاً، قال الشاعر:  هذا أحقُّ منزلٍ بالـتَّـرْكِ    الذئب يعوي والغراب يبكي .

والمتعشّى : شرورى : على اثني عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من الربذة إلى معدن بني سليم : 24×1820=43680 مترا .

والمسافة بين الكوفة ومعدن بني سليم :953680+43680=997360مترا .

والمسافة من مكة إلى معدن بني سليم :322140+47320=369460مترا.

 

21ـ ثم إلى السليلة : ستة وعشرون ميلاً .

والمتعشّى : بالكُنابَين : على ثلاثة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من معدن بني سليم إلى السليلة : 26×1820=47320 مترا .

 والمسافة من الكوفة إلى السليلة : 997360+47320=1044680 مترا .

والمسافة من مكة إلى السليلة :283920+38220=322140مترا .

 

22ـ ثم إلى العُمَق : فيها بركة وآبار أحد وعشرون ميلاً .

والمتعشّى : السنجة : على اثني عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من السليلة إلى العمق : 21×1820=38220 مترا .

والمسافة من الكوفة إلى العمق : 1044680+38220=1082900مترا.

والمسافة من مكة إلى العمق : 225680+58240 =283920مترا .

 

23ـ ثم إلى الأفيْعِيَة : فيها بركة وآبار اثنان وثلاثون ميلاً .

والمتعشّى : الكراع : على خمسة عشر ميلاُ .

يا طيب : المسافة من العمق إلى الأفيعية : 32×1820=58240 مترا .

ومن الكوفة إلى الأفيعية : 1082900+58240=1141140 مترا .

والمسافة من مكة المكرمة إلى الأفيعية : 163800+61880=225680 مترا.

 

24ـ ثم إلى المِسلَح: فيها برك وآبار وهي ميقات أهل العراق أربعة وثلاثون ميلاً.

والمتعشّى : الكبرانة : على أربعة عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من الأفيعية إلى المسلح : 34×1820=61880 مترا .

والمسافة من الكوفة إلى المسلح : 1141140+61880=1203020 مترا .

والمسافة من مكة المكرمة إلى المسلح : 131040+32760=163800 مترا .

 

25ـ ثم إلى الغمرة : فيها برك وآبار ثمانية عشر ميلاً .

والمتعشّى : القصر : على ثمانية أميال .

يا طيب : المسافة من المسلح إلى الغمرة :18×1820=32760 مترا .

والمسافة من الكوفة إلى الغمرة : 1203020+32760=1235780مترا .

والمسافة من مكة المكرمة إلى الغمرة : 83720+47320=131040 مترا .

 

26ـ ثم إلى ذات عِرق : فيها بئر كثيرة الماء ستة وعشرون ميلاً .

 والمتعشّى : اوطاس : على اثني عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من الغمرة إلى ذات عرق : 26×1820=47320 مترا.

والمسافة من الكوفة إلى ذات عرق:1235780+47320=1283100مترا .

والمسافة من مكة المكرمة إلى ذات عرق : 43680+40040=83720 مترا .

 

27ـ ثم إلى بستان بني عامر : كثيرة الماء اثنان وعشرون ميلاً .

والمتعشّى : غمر ذي كندة على أحد عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من بستان بني عامر إلى الذات عرق :22×1820 =40040 مترا .

 والمسافة من الكوفة إلى بستان بني عامر : 1283100+40040=1323140مترا .

ومن مكة المكرمة إلى بستان عامر : 43680 مترا .

 

28ـ ثم إلى مكة : أربعة وعشرون ميلاً.

والمتعشّى : مشاش :  على أحد عشر ميلاً .

يا طيب : المسافة من مكة المكرمة إلى بستان عامر: 24×1820=43680 مترا .

والمسافة من الكوفة إلى مكة المكرمة : 1323140+43680 =1366820مترا.

يا طيب : المسافة من الكوفة إلى مكة المكرمة ، ومن مكة المكرمة إلى الكوفة تساوي  751 ميلا وتساوي  =1366820 مترا ، أي ألف وثلاثمائة وستة وستين كيلومترا و ثمانمائة وعشرون مترا .

ويا طيب : عرفت أن الإمام الحسين عليه السلام قطع المسافة كلها من مكة للمدينة في 24أربعة وعشرون يوما من 8 ذي الحجة سنة 60 ، إلى يوم 2/1/61 ، وإذا أضفنا مائة كيلومتر لمسيره حتى كربلاء فتكون المسافة : 1466820 مترا ، فيكون مسيرة في اليوم بـ 61117.5 مترا أي ما يقارب واحد وستون كيلومترا ومائة وسبعة عشر مترا، وهي مسافة تفوق المتوسط 44 كيلومترا والمعدل بنسبة تقارب سبعة عشر كيلومتر يوميا .

وذكرا في المسالك أيضا المسافة من بغداد إلى مكة مائتان وخمسة وسبعون فرسخاً وثلثا فرسخ تكون أميالاً ثمانمائة وسبعة وعشرين ميلاً .

وعلى ما عرفت : أن الميل يساوي 1 كيلومتر و820 متر ، تكون المسافة من بغداد إلى مكة على تقديره : 827 × 1820 متر = 1505140 ، أي 1505 ألف وخمسمائة وخمس كيلومترات و 140 متر  ، وهو يقارب القول الأول ، لأنه كان ذلك من الكوفة إلى مكة المكرمة ، وهذا من بغداد لها ، ويمكن أن تقول أنه يقارب الطريق من مكة المكرمة إلى كربلاء المقدسة  ، والطريق كان في زمانه غير وعر نسبيا بالنسبة لزمان الإمام الحسين عليه السلام ، وقد عبد في زمان زبيدة كما سيأتي ذكره في الإشعاع الأتي ، فلنتعرف على الطريق أكثر ، وبالخصوص حين يأتي ذكره في ميسر الإمام الحسين عليه السلام في طريق الإصلاح وهجرته إلى الله تعالى ، فنعرف بعض خصائص المنازل والمراحل والطريق الذي سلكها الإمام لإحياء معالم الدين وبيان صراطه المستقيم.

 

 


 

الإشعاع الثاني :

منازل ومراحل درب زبيدة :

يا طيب : بعد حدود سبعون سنة من شهادة الإمام عبد الطريق حسب إمكانات ذلك الزمان بتوسط زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور وزوجة هارون الرشيد الخليفة العباسي ، فعمرته وبنت به البرك والآبار والمنازل ، فأحيته وسهلته للحجاج حتى عرف الطريق باسمها على زمن طويل إلى أن هجر سلوكه في هذا الزمان .

فنذكر بعض الأقوال في تعريفه : لنعرف منازل الطريق حين تذكر في مسير الإمام الحسين وما عانى في هذا الطريق من تلقي الأخبار فيه من انحراف الناس عن مسلم رضي الله عنه حتى شهادته ، وكيف أخذ الطريق عليه ومنع من المسير إلى الكوفة حتى وصل إلى كربلاء محل شهادته عليه السلام ، حتى قدسها وجعلها تقدس كل من يقدسها ويرضها ، وذلك لما سكبت من المبادئ والقيم عليها فكانت وما زالت دين يتعبد لله فيه ، وأما في تعريف الطريق فهو حسب ما ذكر في مقالات كتبت على الانترنيت وبالخصوص في الموسوعة الحرة موسوعة ويكيبيديا وغيرها من المواقع : درب زبيدة :

فحدده أحدهم وقال : طريق الحاج العراقي : بدأ العمل في «درب زبيدة» فى النصف الأول من القرن الثاني الهجري 134هـ. وظل الدرب شريانا يتدفق عبره الحجاج طيلة ثلاثة عشر قرنا. وكانت البداية من الكوفة والنهاية عند مكة المكرمة بطول 1300 كيلو متر ، وقال آخر : وجدت أن الطريق طويل جداً – يساوي 1400 كم تقريباً .

وقال بدر الخريف في الرياض :

ويبلغ طول الطريق بشكل عام : حوالي 1500 كيلومتر، ويمتد من العراق مروراً بشمال السعودية ووسطها إلى أن يصل إلى الأماكن المقدسة في المدينة المنورة ثم مكة المكرمة ، وتتوزع على طول الطريق الآبار وخزانات المياه بمسافات لا تزيد على 40 كيلومترا، كما توج الطريق بنظام رائع من قنوات المياه لسقيا الحجاج وسالكي الطريق.

وذكر في موسوعة ويكيبيديا :

فمنذ بداية الدولة العباسية ، أمر الخليفة أبو العباس السفاح بإقامة الأميال ( أحجار المسافة ) والأعلام على طول الطريق من الكوفة إلى مكة ، وذلك في عام 134هـ / 751 م, ومن بعده أمر الخليفة أبو جعفر المنصور بإقامة الحصون وخزانات المياه في نقاط عدة على طول الطريق .على حين أمر الخليفة المهدي ببناء القصور في طريق مكة ، كما أمر الخليفة هارون الرشيد ببناء خزانات المياه وحفر الآبار و إنشاء الحصون على طول الطريق ، فضلاً عن تزويده بالمرافق والمنافع العامة لخدمة الحجاج والمسافرين وراحتهم .وقد عين الخلفاء ولاة يشرفون على الطريق ويتعهدونه بالصيانة والإعمار أولاً بأول [22].

ويبلغ عدد المحطات الرئيسة في هذا الطريق 27 سبعاً وعشرين محطة .

ومتوسط مابين كل محطة ومحطة نحو 50 كم .

 ومثلها محطات ثانوية : تسمى كل منها ( متعشى ) ، وهي استراحة تقام بين كل محطتين رئيستين . ويمكن رصد المحطات الرئيسة والمنازل الواقعة على طول الطريق على النحو التالي :  الكوفة ، القادسية ، العذيب ، وادي السباع ، المغيثة ، مسجد سعد ، القرعاء ، الطرف ، واقصة ، القبيات ، العقبة .(يا طيب : هذه داخل العراق الآن )

الحلجاء( بركة الضفيري اسمها اليوم وهي أول محطة بالحدود السعودية) ، القاع ، الجريسي ، زبالة ، التنانير ، الشقوق ، ردان ، البطان, المحمية ، الثعلبة(اول مراحل الطريق داخل حدود منطقة حائل وتعرف اليوم باسم بدع خضراء ويا طيب يكون هنا مقدار المسافة هنا ثلث الطريق ) ، الغميس ، الخزيمة ، بطن الأغر ، الأجفر(وهو اليوم بلدة عامرة) ، القرائن ، فيد(بلدة عامرة إلى اليوم ويا طيب تكون المسافة هنا نصف الطريق بين الكوفة ومكة المكرمة ) ، القرنتين ، توز ، الفحيمة ، سميراء(بلدة عامر إلى اليوم) ، العباسية ، الحاجر(تعرف بالبعائث اليوم) ، قرورى (أخر مرحله في حدود منطقة حائل ويعرف اليوم بأسم سناف اللحم ) ، معدن النقرة (يا طيب : عنده تفترق الطريق؛ فمن أراد مكة نزل "المغيثة"، ومن أراد "المدينة" أخذ نحو العسيلة فهبطها ) ، السمط ، مغيثة الماوان ، أريمة ، الربذة ، الروثة ، السليلة ، اضبة ، شرورى ، العمق ، معدن بني سليم ، عقبة الكراع ، الكرانة ، أفاعية ، الكبوانة ، المسلح ، القصر ، الغمرة ، أوطاس ، ذات عرق ، غمر ، بستان بني عامر ، مشاش ،مكة المكرمة ( الراشد 1993 : 296 - 301 ), هذا ما يتعلق بالمسار الرئيس للطريق الذي يتجة إلى مكة .

وهناك مسارات فرعية أخرى : منها طريق معدن النقرة-المدينة, ويبلغ طولة ( 265 ) كيلاً ، وأهم محطاتة :معدن النقرة ، العسيلة ، المحدث ، بطن نخل ، الحصيلك ، المكحولين ، السقرة ، الطرق ، الركابية ، المدينة ، هذا ويلتقي طريق البصرة مع طريق الكوفة في معدن النقرة.

ويا طيب : توجد كثير من القرى والآبار على الطريق لم تذكر لأنه قلما ينزلها المسافرون ، إما لقلة الخدمات فيها أو لتقاربها مما عرفت من المنازل  .

 

 


 

 

 

الإشعاع الثالث :

الطريق على ما قاله في البلدان :

يا طيب : لكي نتعرف على المنازل المقدرة بسبعة وعشرين منزل ، والمقدرة لمسير كل يوم فتكون سبعة وعشرون مرحلة نذكر ما ذكره اليعقوبي في كتاب البلدان ، قال :

من أراد أن يخرج من الكوفة : إلى الحجاز خرج على سمت القبلة في منازل عامرة، ومناهل قائمة، فيها قصور لخلفاء بني هاشم، 1- فأول المنازل القادسية، 2- ثم المغيثة، 3- ثم القرعاء، 4- ثم واقصة، 5- ثم العقبة، 6- ثم القاع، 7- ثم زبالة، 8- ثم الشقوق، 9- ثم بطان: وهي قبر العبادي، وهذه الأربعة الأماكن ديار بني أسد؛ 10- والثعلبية: وهي مدينة عليها سور ، 11- وزرود؛ والأجفر منازل طيء؛ 12-  ثم مدينة فيد: وهي المدينة التي ينزلها عمال طريق مكة، وأهلها طيء، وهي في سفح جبلهم المعروف بسلمى؛ 13- وتوز وهي منازل طيء أيضاً؛ 14- وسميراء، 15- والحاجر وأهلهما قيس وأكثرهم بنو عبس؛ 16- والنقرة ومعدن النقرة : وأهلها أخلاط من قيس وغيرهم؛ ومنها يعطف من أراد مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم على بطن نخلة.

 ومن قصد مكة فإلى : 17- مغيثة الماوان : وهي ديار بني محارب، 18- ثم الربذة، 19- ثم السليلة، 20- ثم العمق، 21- ثم معدن بني سليم، 22- ثم أفيعية، 23- ثم المسلح، 24- ثم غمرة ومنها يهل بالحج،25-  ثم ذات عرق، 26- ثم بستان ابن عامر ، 27ثم مكة.

مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم

ومن قصد مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من المنزل الذي يقال له معدن النقرة : إلى بطن نخل ، ثم العسيلة ، ثم طرفة ، ثم المدينة[23] .

ويا طيب : على هذا القول نذكر المنازل بترتيبها من مكة المكرمة إلى الكوفة :

مكة المكرمة : منها للتنعيم ثم مشاش ثم :

1 بستان ابن عامر

2 ثم ذات عرق

3 ثم غمرة

4 ثم المسلح

5 ثم أفيعية

6 ثم معدن بني سليم

7 ثم العمق

8 ثم السليله

9 ثم الربذه

10 ثم مغيثه الماوان

11 ثم معدن النقرة - وتسمى النقرة أيضا - .

12 ثم سميراء - وتسمى الحاجر أيضا - .

13 ثم توز

14 ثم فيد

15 ثم زرود - وتسمى الاجفر أيضا -

16 ثم الثعلبية

17 ثم بطان

18 ثم الشقوق

19 زبالة

20 ثم القاع

22 ثم العقبة : - هنا تبدأ أرض العراق الآن -

23 ثم الواقصة

24 ثم الفرعاء

25 ثم مغيثة

26 ثم القادسية

27 ثم الكوفة

يا طيب : عرفت أن هذه أهم الأماكن التي كان ينزلها المرتحلون والمسافرون ، وبينها كثير من القرى والآبار والواحات ولأماكن ، ولكن لم يعتن بذكرها لقلة النزول بها ، وقد سلك هذا الدرب من قبل من زمن بعيد قبل الإسلام ولكنه عند نشوء الدولة الإسلامية صار له شأن وتمت رعايته ووضع له منازل يستريح بها المسافرون ، ومكان لمبيتهم ولماء يحفظ ليسقيهم ويسقي دوابهم ، ويشبه بالفنادق الآن وخدماتها .

ويا طيب : قد سلك هذا الطريق من قبل الإمام علي والحسن والحسين عند مسيرهم للكوفة ، أو عند رجوع الحسن والحسين عليهم السلم بعد رجوعهم منها ، ولكن لسلوك الحسين عليه السلام لهذا الطريق صار له شأن آخر لما حدث فيه من وقائع وما ذكر الإمام الحسين عليه السلام من كلمات بقيت خالدة على مر التأريخ تعرف شأنه الكريم وشأن ثورته ومسيره ، وتعرفنا كيف أنقلب الناس ، وإصرار الإمام الحسين عليه السلام على سلوك هذا السبيل الصعب مع قلة الناصر ليسقي كل حر ومؤمن معنى الحياة الرافضة للظلم والفجور ، والمحبة للخير والصلاح ، ولأن يقتدي به عليه السلام .

ويا طيب : إن الإمام الحسين من ذي حسم عدل عن الطريق إلى كربلاء ولم يصل للقادسية ولا سلك طريق الكوفة ، وإنما سلك إلى كربلاء ، ولمعرفة مختصر آخر ، ولكن فيه بعض التفصيل قبل الدخول في البحث لمعرفة ما ذكر من مسيرة الحسين عليه السلام ، نذكر ما ذكره صاحب كتاب الحسين في طريق الشهادة ونعلق عليه بتعريف الأماكن من كتب أخرى مع بعض البيان .

 

 


 

 

الإشعاع الرابع :

مختصر تعريف مسير الإمام الحسين على طريق الشهادة :

ويا طيب : إن الإمام عليه السلام في بعض هذه المنازل لم ينزل وفي بعضها بقي يوما كاملا ، وفي بعضها عجل المسير ، ولا يوجد تفصيل كامل قديم يبحث في المنازل إلا ما مجمع من الكتب القديمة ، ولتسهيل المعرفة نذكر ما أحصيناه من كتاب كلمات الإمام الحسين عليه السلام لسماحة الشيخ الشريفي ، ونبين معه بعض الأمور الأخرى تخص المسير ومن كتب أخرى ، لنعرف الطريق المستقيم والصراط القويم لمسير الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء ، وبصورة مختصرة تعرفنا عدد المنازل التي ذكرت في تأريخه.

1 ـ المنزل الأول : التنعيم : وهو موضع على فرسخين من مكة ، وهو بين مكة وسرف ، عن يمينه جبل اسمه نعيم ، وعن شماله آخر اسمه ناعم ، والوادي نعيمان وبه مسجد ، معجم البلدان - 2 : 49 ، وقد لقي فيها عير من اليمن .

2 ـ المنزل الثاني : الصفاح  بكسر الصاد : موضع بين حنين وأنصاب الحرم ، على مسيرة الداخل إلى مكة من مشاش - معجم البلدان 3 : 412 . وفيه لاقى الفرزدق . قال أبو مخنف ، عن ابى جناب عن عدى بن حرملة ، عن عبد الله بن سليم والمذرى قالا : اقبلنا حتى انتهينا الى الصفاح فلقينا الفرزدق بن غالب الشاعر فواقف حسينا ، فقال له : أعطاك الله سؤلك واملك فيما تحب ، فقال له الحسين عليه السلام : بين لنا نبأ الناس خلفك  . الخ . الكامل في التاريخ 2 : 547 , وسيأتي التفصيل .

3 ـ المنزل الثالث : العقيق :  واد عليه أموال أهل المدينة وهو على ثلاثة أميال أو ميلين وقيل ستة وقيل سبعة ، وهو الذي جاء فيه انه مهل أهل العراق من ذات عرق . معجم البلدان 4 : 139 . وهو واسع فيه مر اسم : ذات عرق ، والمسلخ والغمرة .

4 ـ المنزل الرابع : ذات عرق : مهل أهل العراق ، وهو الحدبين نجد وتهامة . وقيل : عرق جبل بطريق مكة ،. معجم البلدان 4 : 107 . لقي فيه بشر بن غالب . وقيل الفرزدق بن بشر بن غالب ، والأصح اللقاء في الصفاح بتصريح والشواهد الحافة.

5 ـ المنزل الخامس : غمر : غمرة وهو منهل من مناهل طريق مكه ومنزل من منازلها ، وهو فصل بين تهامة ونجد ،وكان به يوم من أيامهم، معجم البلدان 4 : 212 .

6 ـ المنزل السادس : مسلح بضم الميم وسكون السين قرية بين جبلين ومن غمرة إلى مسلح ثمانية عشر ميلا، وقيل: سبعة عشر ميلا الحسين في طريق إلى الشهادة:35.

7 ـ  المنزل السابع : افيعية : وهى منهل لسليم ، من أعمال المدينة في الطريق النجدي إلى مكة من الكوفة ، معجم البلدان 1 : 233 .

8 ـ المنزل الثامن : معدن بنى سليم : وهو منسوب إلى فران بن بلى بن عمرو بن الخفاف بن قضاعة ، ومن المعدن الى سليلية سته وعشرون ميلا وكان معدن ذهب يستخرج في قديم الدهر ، الحسين في طريقة الى الشهادة : 37

9 ـ المنزل التاسع :  عمق ، بوزن زفر : موضع على الطريق ، وهذا المنهل هو واقع في بلاد غطفان ، وموضعه بين النقرة ومعدن بني سليم ، وهو بلاد عبد الله بن عطفان ، ومن العمق إلى المعدن اثنان وعشرون ميلا . الحسين في طريقه إلى الشهادة .

10 ـ المنزل العاشر : سليلية : ماء لبني برثن من بنى أسد ، ومن السليلية إلى العمق ثمانية عشر ميلا . الحسين في طريقه إلى الشهادة .

11 ـ المنزل الحادي عشر : مغيثة الماوان : المغيثة : منزل في طريق مكه ، وقيل بينها وبين معدن بنى سليم ثلاثة وثلاثون ميلا . الحسين في طريقه إلى الشهادة .

12 ـ  المنزل الثاني عشر : النقرة :أو معدن النقرة : منزل بطريق مكه يجيء المصعد ( الذاهب ) إلى مكة من الحاجز إليه ، ومن النقرة إلى مغيثة سبعة وعشرون ميلا معجم الحسين في طريقه إلى الشهادة .

13 ـ المنزل الثالث عشر :  الحاجز : واد بعالية نجد ، ومن الحاجز إلى النقرة سبعة وعشرون ميلا ونصف . يه :  بطن الرمة :  بطن الرمة : منزل لأهل البصرة ، إذا أرادوا المدينة ، بها يجتمع أهل البصرة والكوفة . الإخبار الطول 246 ، . ومنه يا طيب بعث قيس بن مسهر إلى الكوفة .

14 ـ المنزل الرابع عشر :  ماء من مياه العرب : لقي عليه بن مطيع العدوي ، وفيه يقال أرسل عبد الله يقطر أخاه من الرضاعة إلى الكوفة .

15 ـ  المنزل الخامس عشر : توز : منزل في طريق الحاج قبل فيد للقاصد إلى العراق نصف الطريق ، وهو جبل مشهور لبنى أسد ، وبينه وبين سميراء عشرون ميلا : وقيل بينهما خمسة عشر ميلا ونصف . الحسين في طريقه إلى الشهادة 54 .

16 ـ المنزل السادس عشر : فيد : فيد : بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة ، بينه وبين توز أربعة وعشرون ميلا ، وقيل : أحد وثلاثون ميلا . الحسين في طريقه إلى الشهادة 55 .

17 ـ المنزل السابع عشر : الأجفر :  بين فيد والخزيمية ، بينه وبين فيد ستة وثلاثون ميلا . الحسين في طريقه الى الشهادة 60 .

18 ـ المنزل الثامن عشر : الخزيمية :  خزيميه : منزل من منازل الحاج بعد الثعلبيه من الكوفة وبين الخزيمية والثعلبية اثنان وثلاثون ميلا . معجم البلدان 2 : 370 . وفيه رؤية زينب عليها السلام .

19 ـ المنزل التاسع عشر : زرود : المحطة المشهورة في طريق حاج بغداد بين الثعلبية والخزيمية من الكوفة الحسين في طريقه إلى كربلاء 66 . فيه لقاء  لزهير بن القين . و عن عبد الله بن سليم والمذري بن المشعل الأسديين .

20 ـ المنزل عشرون :  الثعلبية : من منازل طريق مكة من الكوفة ، وبين الثعلبية والخزيمية ثلاث وعشرون ميلا ، وهي منسوبة إلى ثعلبة ابن دودان بن أسد . معجم البلدان 2 : 78 . وقالوا : نزل من منازل طريق الكوفة إلى مكة ، بعد الشقوق وقبل الخزيمية ، وهي ثلثا الطريق ، منسوبة بثعلبة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء ، لأنه لحق بهذا الموضع فأقام به لما تفرقت . فيه الحسين يعلم بخبر مسلم ، ورؤيته ليسيرون والمنايا تسير بهم . ولقاء أبو هرة . وبحير من أهل الثعلبية . وحديث مستقى العلم .

21 ـ المنزل الواحد والعشرون : بطان ، منزل بطريق الكوفة بعد الشقوق من جمعة مكة ، ومن الثعلبية إلى بطان تسعة وعشرون ميلا. الحسين في طريق الشهادة 80.

22 ـ المنزل الثاني والعشرون :  الشقوق : منزل بطريق مكة من الكوفة ، وهو لبني سلامة من بني أسد ، وبين الشقوق وبطان اثنان وعشرون ميلا ونصف الحسين في طريقه إلى الشهادة 83 .

23 ـ المنزل الثالث والعشرون :  زباله : منزل معروف بطريق مكة من الكوفة ، ومن زباله إلى الشقوق احد وعشرون ميلا . الحسين في طريقه إلى الشهادة 84 . خبر مقتل أخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطر . وفيه خير الناس بين البقاء معه وبين الانصراف .

24 ـ المنزل الرابع والعشرون :  القاع : منزل بطريق مكة بعد العقبة لمن يتوجه إلى مكة ومن القاع إلى زبالة ثمانية عشر ميلا ونصف الحسين في طريقه إلى الشهادة88.

25 ـ المنزل الخامس والعشرون : العقبة : منزل في طريق مكة بعد واقصة وقبل القاع لمن يريد مكة ، معجم البلدان 4 : 134 . فلقيه شيخ من بني عكرمة يقال له : عمرو بن لوذان  . ويقال عقبة البطن ، وخبر للحسين بأنه مقتول .

26 ـ المنزل السادس والعشرون : واقصة  منزل بطريق مكة بعد القرعاء نحو مكة وقبل العقبة لبنى شهاب من طي ويقال لها : واقصة الحزون ، وهي دون زبالة بمرحلتين : معجم البلدان 5 : 353 .

27 ـ المنزل السابع والعشرون :القرعاء : منزل في طريق مكة من الكوفة ، وبين القرعاء وواقصة ثمانية فراسخ . الحسين في طريقه الى الشهادة 93 . ولم ينزلها الإمام .

28 ـ المنزل الثامن والعشرون : المغيثة : هذه غير مغيثة الماوان التى مر ذكرها بين السليلية والنقرة ، والمغيثة منزل في طريق مكة بعد العذيب نحو مكة بينها وبين القادسية أربعة وعشرون ميلا . معجم البلدان 5 : 162 .

29 ـ المنزل التاسع والعشرون : شراف : قيل ، ماء بين واقصة والقرعاء على ثمانية أميال من الإحساء التي لبنى وهب . معجم البلدان 3 : 331 . رأي بها جيش الحر عن بعد .

30 ـ المنزل الثلاثون : ذوحسم : موضع في طريق مكة من الكوفة بينه وبين عذيب الهجانات ثلاث وثلاثون ميلا  . وقعة الطف : 168 . وفيه كانت الملاقاة بالحر والصلاة بهم وخطبته عليه السلام فيهم .

31 ـ المنزل الواحد والثلاثون : البيضة : موضع بين العذيب وواقصة في أرض الحزن من ديار بنى يربوع ، معجم البلدان 1 : 532 . على غير الجادة للكوفة . وفيه أيضا خطب الحسين عليه السلام أصحابه .

32 ـ المنزل الثاني والثلاثون : عذيب الهجانات : هو ماء بين القادسية والمغيثة ، بينه وبين القادسية أربعة أميال والى المغيثة اثنان وثلاثون ميلا ، معجم البلدان 4 : 92 . وفيه التحق أربع نفر من الكوفة بالحسين عليه السلام .

33 ـ المنزل الثالث والثلاثون : أقساس مالك : أقسَاس: قرية بالكوفة أو كورة يقال لها أقساس مالك منسوبة إلى مالك بن عبد هند بن نجم معجم البلدان ج1ص160. يا طيب : الحر يخبر يزيد بأنه يساير الحسين عليه السلام .

 34 ـ المنزل الرابع والثلاثون : الرهيمة : الرهيمه : بلفظ التصغير وهو ضيعة قرب الكوفه ، قال السكوني : هي عين بعد خفية إذا أردت الشام من الكوفة . معجم البلدان 3 : 109 .

35 ـ المنزل الخامس والثلاثون : قصر مقاتل : هو قرب القطقطانة وسلام ثم القريات ، وهو منسوب الى مقاتل بن حسان . معجم البلدان 4 : 364 .  وكان فيه ملاقاته بعبيد الله بن الحر الجعفي . عن عمر وبن قيس المشرقي ، وقال لهم الحسين عليه السلام لا تسمعى واعيتنا .

36 ـ المنزل السادس والثلاثون : القطقطانة : موضع قرب الكوفة من جهة البرية بالطف به كان سجن النعمان بن المنذر ، معجم البدان 4 : 374 .  لم ينزله . وفيه استأذن للانصراف راشد بن مزيد  .

37 ـ المنزل السابع والثلاثون : نينوى : وهى قرية يونس متى بالموصل ناحية بسواد الكوفه يقال لها نينوى ، ومنها كربلاء ، معجم البلدان 5 : 335 . وصول كتاب للحر من ابن زياد ليضيق على الإمام . وصلى بهم الصبح وسار .

38 ـ المنزل الثامن والثلاثون :  كربلاء : منطقة لا ماء فيها ولا قرية ، نزل وذلك اليوم يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم سنة إحدى وستين  , وقربها : نينوى والغاضرية ، شفية . لم يسمح لهم بالنزول فيها . خطب بهم الحسين عليه السلام :

ثم قال : ( أهذه كربلاء ) ؟ قالوا : نعم يا بن رسول الله .

 فقال : ( هذا موضع كرب وبلاء ، ههنا مناخ ركابنا ، ومحط رحالنا ، ومقتل رجالنا ، ومسفك دمائن ) .

 

 

 


 

 

الإشعاع الخامس :

يوم خروج الإمام من مكة ودخوله كربلاء  :

يا طيب : عرفنا إن الإمام الحسين عليه السلام خرج من مكة المكرمة في يوم التروية 8 / 12 / 60 هـ ، وقد أتفق الكل إن لم نقل أغلب من ذكر يوم خروج الإمام الحسين من مكة المكرمة بالنسبة لأيام الشهر في 8 / 12 / 60 للهجرة  .

ويا طيب : إن الشيخ المفيد رحمه الله ذكر أنه خروج الإمام الحسين عليه السلام من مكة المكرمة يوم الثلاثاء كما ذكر يوم وصوله إلى كربلاء ، ولم أرى غيره في كتب التأريخ والسيرة والمقاتل من عيّن وحدد مصادفة يوم الخروج من مكة بالنسبة لأيام الأسبوع ، ولكن الآن هنا قوانين لحساب تحويل التأريخ الهجري إلى الميلادي والميلادي إلى الهجري ، ولكنه الظاهر ليست بالدقيقة أو بعضها ولم أعرف أصحها ، فوجدت خمسة برامج كلا عين بهذه الصورة :

8 / 12 / 60 هـ يساوي =  9 / 9 / 680 م  = الأحد ، ويؤيده برنامج نور .

 8 / 12 / 60 هـ يساوي = 8 / 9 / 680م = السبت ، والآخر :

8 / 12 / 60 هـ يساوي = 10 / 9 / 680 م = الجمعة .

وأما يوم الوصول إلى كربلاء : فكما سيأتي عن الشيخ المفيد في الإرشاد أنه نزل كربلاء في يوم الخميس ، وفي مثير الأحزان أنه نزل كربلاء إما يوم الأربعاء أو يوم الخميس ، ولكن عندما استخرجنا اليوم بالسنة الميلادية كان كالآتي :

2/1/61 هجري = 4/10/680 ميلادي = الاثنين .

2/1/61 هجري = 1/10/680 ميلادي = الاثنين .

2/1/61 هجري = 2 / 10 / 680 ميلادي = الثلاثاء يؤيده برنامج نور.

وأما يوم استشهاد : الإمام الحسين في العاشر من محرم 61 فيكون حسب الروايات ففي الكافي استشهد عليه السلام يوم الاثنين ، وقال في الإرشاد يوم الجمعة أو السبت ، وفي التحرير للعلامة الحلي يوم الاثنين أو الجمعة ، أو السبت ، وأما حسب البرامج الموجود في الانترنيت يكون يوم :

10 / 1 / 61 هجري = 10 / 10 / 680 ميلادي =  الأربعاء ، يؤيده برنامج نور.

10 / 1 / 61 هجري =  9 / 10 / 680  ميلادي = الثلاثاء .

10 / 1 / 61 هجري =  12/10/680 ميلادي = الثلاثاء .

يا طيب : إن الأشهر القمرية تعتمد على الرؤية ، وقد يتقدم الشهر أو يتأخر حسب ما يراه المؤمنون ، وتقديره على الحساب المبرمج مشكل جدا ، والمعتمد هو الروايات ، وبالخصوص ما عن الشيخ المفيد رحمه الله أو الكافي .

ويا طيب : رأيت بحث يحدد الأيام في الأسبوع التي سار فيها الإمام الحسين عليه السلام ، في موقع مركز الإشعاع الإسلامي سماحة الشيخ صالح الكلباسي والظاهر أن البحث مأخوذ من معجم الأمكنة له ، و البحث في الجزء الخامس من السيرة الحسينية من دائرة المعارف الحسينية ، ويحدد فيه الأيام في الأسبوع لكل منزل ومسير ، أي يوم المسير من مكة المكرمة سحر الثلاثاء 8 / 12 / 60 ، يوم الوصول لكربلاء : الطَّف : وصلها يوم الخميس 2 / 1 / 61 ، و استُشهد بها يوم الجمعة 10 / 1 / 61  ، وذكر إن المسافة بين مكة المكرمة وكربلاء بحدود 1403 كيلومتراً وهي مقاربة لما حدد.

كما وحدد : أيام و أماكن النزول ويومها ومقدار المسافة بين كل منزلين سواء مر به ولم ينزله أو نزله وبات فيه ، وقد عرفت ما قدره الأقدمون من المسافة ، وهو يقارب ما حدده من المسافة ، ولكنة في بعضها يوجد مسافة واسعة لم توافق ما حددنا من مقدار المسير في كل يوم ، أما أنه تحديد المسير ونزول الأماكن وأيامها في الأسبوع فلعله يوافق ما ذكره الشيخ المفيد رحمه الله في بعضها ، ولم نتابعه في تحديد المسافة والأيام لما عرفت من سعة المسافة في بعضها ولاختلاف الأيام في البرامج والأقوال الأخرى ، وإن كان المعتمد ما ذكره الشيخ المفيد رحمه في الإرشاد ، ومن أحب الاطلاع على البحث عنده فليراجع موقعه المبارك .

ويا طيب : سوف نقوم ببحث موسع في تحديد منازل المسير للإمام الحسين عليه على موقع كوكل أرث أو أم اس ان وغيرها مع شرح أحوال الأماكن والمنازل والمرحل إن وفقنا الله ، وذلك لنتابع مسير الإمام عليه السلام بشكل حيوي ومؤثر أكثر ، ونذكر ما حدث له من الوقائع والأحوال وما لاقى من الناس في طريقه الشريف ، ولنتابع البحث مفصل من حيث الملاقاة وحسب ما روي ، فلنتابع البحث الآتي حتى كربلاء فتفضل .

 

 



[1] راجع الإرشاد ج2ص35 ، بحار الأنوار ج40ب37ص332ح2.

[2] الإرشاد ج2ص67 ، بحار الأنوار ج40ب37ص363ح2.

[3] كتاب الملهوف ص 53 - 61 ،دلائل‏ الإمامة ص74 . بحار الأنوار ج40ب37ص364ح2. قال المجلسي رحمه الله قوله عليه السلام : لولا تقارب الأشياء : أي قرب الآجال ، أو إناطة الأشياء بالأسباب بحسب المصالح ، وفي بعض النسخ لولا تفاوت الأشياء ، أي في الفضل والثواب .

[4] الإرشاد ج2ص67 ، بحار الأنوار ج40ب37ص363ح2 .مثير الأحزان ج2ص26.

[5] الكافي ج 4 ص 535 تحت الرقم 3 . بحار الأنوار ج41ب37ص85ح14.

[6] بحار الأنوار ج41ب37ص85ح15 ، الكافي ج 4 ص 535 تحت الرقم 4 .

[7] كتاب الملهوف ص 52 و 53 . 

[8]كشف الغمة ج 2 ص 204 . بحار الأنوار ج40ب37ص366ح2 . و قال المجلسي رحمه الله : قال الفيروز آبادي : عسل الذئب أو الفرس يعسل عسلانا اضطراب في عدوه وهز رأسه ، والعسل الناقة السريعة ، وأبو عسلة بالكسر الذئب انتهى , أي يتقطعها الذئاب الكثيرة العدو السريعة أو الأعم منه ومن سائر السباع ، والكرش من الحيوانات كالمعدة من الإنسان ، والأجربة : جمع الجراب ، وهو الهميان أطلق على بطونها على الاستعارة ، ـ والسغب : الجوع ـ ، ولعل المعنى : أني أصير بحيث يزعم الناس أني أصير كذلك بقرينة . قوله عليه السلام : وهي مجموعة له في حظيرة القدس ، فيكون استعارة تمثيلية ، أو يقال : نسب إلى  نفسه المقدسة ما يعرض لأصحابه ، أو يقال : إنها تصيرا ابتداء إلى أجوافها ، لشدة الابتلاء ، ثم تنتزع منها وتجتمع في حظيرة القدس ، ويقال : انكمش أي أسرع . بحار الأنوارج41ب75ص4ح2.

 

[9] كتاب الملهوف ص 53 - 56 . بحار الأنوار ج40ب37ص364ح2.

[10] كتاب الملهوف ص 26 و 27 . بحار الأنوار ج40ب37ص364ح2 .

[11] دلائل‏ الإمامة ص74 .

[12] راجع كامل الزيارات الباب 23 بحار الأنوار ج41ب37ص85ح17. بيان: الأعفر : الرمل الأحمر، وتل أعفر: موضع من بلاد ديار ربيعة ، وهو اليوم تابع لمحافظة نينوى الموصل شمال العراق.

[13] بحار الأنوار ج41ب37ص85ح16 ، راجع كامل الزيارات الباب 23 وهكذا ما بعده  .

[14] راجع كامل الزيارات الباب 23  بحار الأنوار ج41ب37ص86ح18.

[15] الإرشاد ج 2 ص 67 ، بحار الأنوار ج40ب37ص365ح2. ج41ب74ص4ح2. قال المجلسي قوله: فلم يبعد أي من الخير والنجاح والفلاح ، وقد شاع قولهم : بعدا له وأبعده الله . وفي مثير الأحزان ج2ص27 ذكر الطبري و غيره أن عبيد الله بن سليم و المدري قالا أقبلنا حتى أتينا إلى الصفاح فلقينا الفرزدق الشاعر بن غالب و هو حاج في سنة ستين وذكر الحديث ، وفي معجم البلدان ج3ص96 . والصفاح موضع بين حُنين وأنصاب الحرم على يسرة الداخل إلى مكة من مُشاش يبعد عنها 28 كيلومترا ،وهناك لقي الفرزدق الحسين بن علي رضي الله عنه لما عزم على قصد العراق قال: لقيتُ الحسين بأرض الصفاح ... عليه اليلامِقُ والدرقُ .

ويا طيب : توجد روايات كثيرة عن لقاء الفرزدق للإمام وفيها يذكر عبارات متعددة ، ولعله في كل مرة يذكر قسم من محاورته مع الإمام الحسين ، وحسب المستمع والسائل ، وسيأتي قسم أخر .

[16] بغية الطلب في تاريخ حلب ج3ص28 . مختصر تاريخ دمشق ج1ص3651 .

[17] الإرشاد ج 2 ص 68 ، بحار الأنوار ج40ب37ص365ح2.

[18] بحار الأنوار ج40ب37ص368ح2. مثير الأحزان ص39 .

[19] الإرشاد ج 2 ص 68 ، بحار الأنوار ج40ب37ص366ح2. وج41ب74ص4ح2.

قال المجلسي رحمه الله : والإغذاذ في السير الإسراع ، وقال  الجزري : في حديث أبي قتادة فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد ، أي لا يلتفت ولا يعطف عليه ، وألوى برأسه ولواه إذا أماله من جانب إلى جانب انتهى ، والوله : الحيرة ، وذهاب العقل حزنا ، والمراد هنا شدة الشوق  .

وأما ذات عرق : هي قرية بها آبار قريبة المستقى يابسة عابسة على منزلين .  التقاسيم في معرفة الأقاليم ج1ص27 , ويا طيب : هي قرية تبعد عن مكة المكرمة حدود :83.720 مترا . أي ستة وأربعون ميلا ، وعلى بعد مرحلتين من مكة ، لأنه قبلها بستان عامر ، وذات عرق محل إحرام أهل العراق ومنها يهلون ، وهي في وادي العقيق : وهو ميقات أهل العراق ونجد، وكلّ من مرّ عليه من غيرهم، وهذا الميقات له أجزاءٌ ثلاثة: (المسلخ) وهو اسم لأوّله من جهة العراق ، و(الغمرة) وهو اسم لوسطه، و(ذات عرق) وهم اسم لآخره على جهة مكة المكرمة ، ويجوز الإحرام من أيّ مكان فيه، وإن كان الأحوط أن يحرم المكلّف قبل أن يصل ذات عرق، فيما إذا لم تمنعه عن ذلك تقيّة أو مرض.. ووادي العقيقي هو الفاصل بين تهامة ونجد ، والآن الطريق هجر إلى ذات عرق ، وذات عرق: بكسر العين وسكون الراء بعدها قاف سمي بذلك لأن فيه عرقاً وهو الجبل الصغير .  ويسمى الآن الضريبة ، قال ياقوت : الضريبة وادي حجازي يدفع سيله في ذات عرق ، والضريبة واحدة الضراب وهى الجبال الصغار وهذا الميقات.

[20] البدء والتاريخ ج1ص213 للمطهر بن طاهر المقدسي ، المتوفى : نحو 355هـ .

[21] المسالك والممالك ابن خرداذبه ج1ص30 .

[22]  الطبري رقم 1979 ج8ص134 - 142.

[23] البلدان ج1ص33 .

 

 

 

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

http://www.msn313.com