هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين  في  أصول الدين وسيرة المعصومين / صحيفة الإمام الحسين عليه السلام /
 الجزء
الرابع /  ظهور نور الإمام الحسين في الأرض بولادته وأدلة إمامته

الباب الأول
إشراق نور إمامي الهدى الحسن و الحسين عليهم السلام
في الأرض بولادتهما وصباهما والمكرمات التي حفتهما

المجلس الثاني
الإمام الحسين مع جده رسول الله وأمه وأبيه وأخيه
في مراحل حياته الأولى

في هذا المجلس: نذكر مشارق أنوار الفضائل والمناقب والأحوال الكريمة التي عاشها الإمام الحسين في طفولته وصباه مع جده الأكرم رسول الله وأبيه أمير المؤمنين وأمه سيدة النساء ، و أخيه الأكبر الإمام الحسن لكون حياتهم صلى الله عليهم وسلم مشتركة .

الذكر الثاني

أحوال الإمام الحسين مع آله الكرام في أول مراحل حياته

يا طيب : إن الكرامات والتكريم من الله وملائكته ورسوله لأهل البيت كثيرة ، وهي تكون إما خاصة بواحد منهم أو تجمعهم ، وبعضها يبين مجدهم وعظيم نورهم وفضل الله عليهم ، وبعضها كرامات تعرف شأنهم الكبير لما صبروا في جنب الله ورضائهم بما قسم الله لهم من الاختبار والامتحان في الدنيا ، وذلك ليعرف طاعتهم لله على كل حال وأنه لا تغير الأحوال إخلاصهم لله  ، وهنا نشير لبعض ما كرم الله به نبينه وآله وبالخصوص الإمام الحسين ويأتي في أبواب أخرى مناقب أخرى ، فهنا نفصل بعض شأن الإمام مع آله، وبالخصوص مع نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد عرفت : بعض تحية الله لهم وسلامه عليهم حين مولدهم وتهنئة الملائكة لهم ، وإنها كانت تخص يوم الولادة وحتى اليوم السابع ، وهنا نذكر بعض أحوال الإمام الحسن والحسين في صباهم لأنهما في عائلة واحده وفي زمن واحد متقارب ، وكيف كان يتصرف معهم رسول الله وآله وأبنته فاطمة لأنها أمهم ، وأبيهم الإمام علي نفس رسول الله ، وما خصهم الله به من الكرامات المجتمعة لهم ، وبها نعرف بعض أحوال الإمام الحسين بنفسه أو مع آله ، وهي مع قلتها ، ولكن تعرفنا شأنه الكريم ورعاية الله ورسوله له ، ومقدار ما يظهران من أهمية فضله وعلو منزلته عندهم ، ورعايتهم له ، ونرى كثير من حالات إظهار الحب والحنان له حتى ينموا في أعلى أجواء المودة والكرامة من الله وملائكة ورسوله وآل رسول الله ، ومن كلها نستفيد أدب إسلامي وخلق رباني يظهره رسول الله وآله وتعرفنا أهمية رعاية الأطفال وآداب التربية لهم ، بل نستفيد من هذه القصص النبوية مع آله أحكاما إسلامية وشرائع دينية كريمة ، كما أنه بعض الحالات خاصة بهم ولا تنطبق إلا عليهم لكونها تحف ربانية لم يخص بها كل الخلق ، ولكن الباقي هي لهم ولنا ويجب أو يستحب مراعاتها ، فتدبر :

 

الإشراق الأول :

 صبر النبي وفدائه لابنه إبراهيم للحسين عليه السلام :

يا طيب : كل الأنبياء يُختبرون ويظهرون كثير من الصبر وأعلاه في جنب الله ورضائهم بقضائه ، وبتمامها يكرمون بالمقام الأعلى ، وهذا ما تراه في قصص نبي الله إبراهيم في ترك أبنه إسماعيل في وادي غير ذي زرع أو الأمر بذبحه وفدائه ، أو قصص يوسف ، أو قصص يحيى وعيسى وغيرها ، وهذه قصة مع النبي الأكرم في آله وأولاده فتدبر صبره وتضحيته وفدائه ورضاءه بقضاء الله وقدره :

في المناقب عن تفسير النقاش بإسناده ، عن سفيان الثوري ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال :  كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم : وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم ، وعلى فخذه الأيمن الحسين بن علي ، وهو تارة يقبل هذا ، وتارة يقبل هذا ، إذ هبط جبرائيل بوحي من رب العالمين . 

فلما سري عنه قال : أتاني جبرائيل من ربي ، فقال : يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول : لست أجمعها لك فأفد أحدهما بصاحبه ، فنظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى إبراهيم فبكى ، ونظر إلى الحسين فبكى .

وقال : إن إبراهيم أُمّه أَمة ، ومتى مات لم يحزن عليه غيري، وأم الحسين فاطمة ، وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي ، ومتى مات حزنت ابنتي وحزن ابن عمي وحزنت أنا عليه ، وأنا أوثر حزني على حزنهما . يا جبرائيل : يقبض إبراهيم فديته للحسين .

 قال : فقبض بعد ثلاث ، فكان النبي إذا رأى الحسين مقبل ، قبله وضمه إلى صدره ورشف ثناياه ، وقال : فديت من فديته بابني إبراهيم[85] .

وفي مثير الأحزان : بسنده عن عبد الرحمن بن الجوزي عن رجاله عن عائشة قالت : دخل الحسين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم و هو غلام يدرج .

فقال : أي عائشة أ لا أعجبك ، لقد دخل علي آنفا ملك ما دخل علي قط .

 فقال : إن ابنك هذا مقتول ، و إن شئت أريتك من تربته التي يقتل بها ، فتناول ترابا أحمر فأخذته أم سلمة فخزنته في قارورة ، فأخرجته يوم قتل و هو دم . و روي مثل هذا عن زينب بنت جحش‏[86].

يا طيب : سيأتي باب مستقل في تفصيل ما أُخبر به النبي من شهادة الإمام الحسين عليه السلام ، وبعض البيان لحكمة الله في بلائه لأهل البيت وأولي العزم والأنبياء وآلهم ، وهذا الباب يختص ببعض مكارمهم وشرفهم عنده .

 

 

الإشراق الثاني :

 النبي الأكرم يعوذ الحسن والحسين عليهم السلام :

طلب الخير والكمال من الله وحده : والتعوذ بالله من كل شر ، هو من أهم الأمور التي تحفظ الإنسان وترعاه وتجعله في عين الله وكرامته ، وفيه معنى التوكل على الله في ما يسير به الإنسان في حياته وسيرته وسلوكه ، ولذا نرى إن رسول الله أهتم اهتماما كثيرا في تعويذ الإمام الحسن والحسين بالله تعالى والطلب منه أن يقيهم كل شر ، ولذا كان يعوذهم ويستعيذ بالله بما علمه الله في سورتين كريمتين وهما قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، وهما أخر سورتين في القرآن المجيد ، أو بكلمات فيهما معنى السورتين وتختصر معناهم ، وقد جاء في هذا المعنى كثير من الروايات ، وهي تفصل كثرة مما كان يعوذهما النبي الأكرم وتعبر عن اهتمامه بهذا الأمر .

 ولذا على كل إنسان مؤمن : أن يتمعن معناهم ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وكل ذي شر ، سواء بنفس المعوذتين أو بالكلمات التي كان كثير ما يقولها رسول الله في تعويذ الإمام الحسن والحسين ، وسواء لنفسه أو لأهله وأطفاله وماله وكل شيء يهمه أمره ، وهذا بعض ما ذكر فتدبر :

جاء في أكثر التفاسير : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعوذهما بالمعوذتين ولهذا سمي المعوذتين .

وزاد أبو سعيد الخدري في الرواية : ثم يقول صلى الله عليه وآله وسلم : هكذا كان إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق ، كان يتفل عليهما .

 ومن كثرة عوذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال ابن مسعود وغيره :

 إنهما عوذتان للحسنين وليستا من القرآن الكريم [87].

وعن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :

أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعوذ حسنا وحسينا .

فيقول : أعيذكما بكلمات الله التامات ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة . وكان إبراهيم  يعوذ بها إسماعيل وإسحاق [88].

وذكر في المناقب : و من شفقته ما رواه صاحب الحلية بالإسناد عن منصور بن المعتمر عن أبي إبراهيم عن علقمة عن عبد الله و عن ابن عمر قال كل واحد منا :

كنا جلوسا عند رسول الله إذ مر به الحسن و الحسين و هما صبيان ، قال :

مات ابني ، أعوذهما بما عوذ به إبراهيم ابنيه إسماعيل و إسحاق ، فقال :

أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل عين لامة ، و من كل شيطان و هامة [89].

 

وذكر في روايات كثيرة : أن تعويذتان كانت على الحسن والحسين من زغب جبرائيل عليه السلام كما في الخصال بالإسناد عن ابن عمر قال :  كان على الحسن والحسين عليهم السلام تعويذان حشوهما من زغب جناح جبرائيل عليه السلام [90].

أربعين المؤذن و إبانة العكبري و خصائص النطنزي قال ابن عمر : كان للحسن و الحسين تعويذان حشوهما من زغب جناح جبرائيل ، و في رواية فيهما من‏ جناح جبرائيل ، و عن أم عثمان أم ولد لعلي عليه السلام قالت : كان لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وسادة لا يجلس عليها إلا جبرائيل ، فإذا قام عنها طويت ، فكان إذا قام انتقض من زغبه ، فتلقطه فاطمة فتجعله في تمائم الحسن و الحسين .

وقال الجماني شعرا :

يا ابن من بيته من الدين و الإسلام            بين المقــام و المنبـرين‏

لك خير البيتين من مسجدي جدك           و المنشأيـن و المسكنـين‏

و المساعي من لدن جـدك إسماعيل          حتى أدرجـت في الريطتين‏

حين نيطت بك التمائم ذات الريش           مـن جبرائيل في المنكبين[91]

وفي رواية : في كتاب كشف الغمة بلفظ آخر مقارب لما مر إلا أن المتلقط للريش الصغير الزغب رسول الله دون فاطمة والرواية هي : عن كتاب معالم العترة الطاهرة للجنابذي ، عن أم عثمان أم ولد  علي بن أبي طالب عليه السلام قالت :

كان لآل رسول الله صلى الله عليه وآله قطيفة يجلس عليها جبرائيل ، ولا يجلس عليها غيره ، وإذا عرج طويت ، وكان إذا عرج انتفض ، فيسقط من زغب ريشه ، فيقوم فيتبعه فيجعله في تمائم الحسن والحسين عليهم السلام [92].

يا طيب : إن جبرائيل ليس بطائر ولا حتى جسم مادي ، وهو من أهل أعلى مراتب الملكوت ، بل من سكان الجبروت وله أعلى مقام عند العرش ، وروايات الزغب والريش ليس عن أهل البيت بل من العامة وكتبهم ونقلت في كتب الشيعة ، وعلى تقدير صحتها لأنه يؤيدها روايات تأتي ، فإن جبرائيل لعله كان يكرم أهل البيت بتحف قد تحسب من ريشه وتنزل من أجنحته ، كما تنزل كثير من الأمور الملكوتية للأرض بأمر الله ، كالحجر الأسود وتابوت موسى وكطعام مريم ومائدة المسيح وموائد أهل البيت ، بل ثياب للحسن والحسين عليهم السلام كما سيأتي .

 

 

 

الإشراق الثالث :

نبي الرحمة يظهر حبه بتقبيله للحسن والحسين :

يا طيب : من أحلى الآداب الإسلامية وأجمل التعاليم الدينية هي رعاية الأطفال وإظهار اللطف بهم والرحمة والرعاية لهم ، وهذا ما ستراه في كل قبسات النور الآتية ، فترى النبي يعلم المسلمين آداب المعاشرة مع الأطفال وكيفية رعايتهم بما يظهر من حبه للحسن والحسين عليهم السلام ، فتدبر :

عن عروة بن الزبير : أن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم قبل الحسين عليه السلام ، و ضمه إليه ، و جعل يشمه ، و عنده رجل من الأنصار .

 فقال الأنصاري : إن لي ابنا قد بلغ ما قبلته قط .

 فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أ رأيت إن كان الله تبارك و تعالى نزع الرحمة من قلبك فما ذنبي [93].

وعن أحمد بن حنبل في المسند عن أبي هريرة : كان رسول الله يقبل الحسن و الحسين ، فقال عيينة ، و في رواية غيره الأقرع بن حابس : إن لي عشرة ما قبلت واحدا منهم قط .

 فقال صلى الله عليه وآله وسلم : من لا يرحم لا يرحم .

و في رواية حفص الفراء : فغضب رسول الله حتى التمع لونه ، و قال للرجل :

إن كان قد نزع الرحمة من قلبك فما أصنع بك .

من لم يرحم صغيرنا ، و يعزز كبيرنا ، فليس من[94].

يا طيب : كلمات كريمة في الآداب الإسلامية ومعارف الدين الربانية ، وهذه من أعلى الحكم في الخلق الإسلامي والموجبة لتبادل الاحترام، وعطف الأب على الابن ، وجعلها من حقوق الإسلام بل الإيمان ، وبيان للرحمة في القلب ، وقد ذكرنا كثير من الحقوق ومعارفها في صحيفة الطيبين فراجع جزئها الأول ، وكان في هذا الحديث بيان علمي وعمل لنا بفضل تصرف النبي الأكرم مع الحسين صلى الله عليهم وسلم .

 

 

الإشراق الرابع :

 بكاء الحسين يؤذي النبي  وجبرائيل يلاطفه :

أبو السعادات في فضائل العشرة قال يزيد بن أبي زياد :

خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بيت عائشة ، فمر على بيت فاطمة ، فسمع الحسين يبكي ؟

 فقال : أ لم تعلمي أن بكاءه يؤذيني [95].

قال و جاء الحديث : أن جبرائيل نزل يوما فوجد الزهراء نائمة .

 و الحسين قلقا على عادة الأطفال مع أمهاتهم ، فقعد جبرائيل يلهيه عن البكاء حتى استيقظت ، فأعلمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك [96].

يا طيب : تأييد النبي بالملائكة جاء بكثرة في كتاب الله وهذا منها وتكريما له ولآله ، وإنه لأنصار النبي وآله يستغفر ملائكة العرش ويسألون لهم الرحمة من الله ويؤيدوهم بأمر الله ، وبالخصوص كما عرفت لأئمة المؤمنين والأنبياء السابقين كما في نداء الملائكة لمريم وزكريا ونزولهم بالمائدة لها ولأبنها ولإبراهيم وآله من قبل كما عرفت في ولادتهم ، وأما المنحرف عن أهل الهدى وبالخصوص نبينا وآله ويكون من المعاند لهم ويتبع قتلتهم و المنحرفين عنهم ، ولم يرعى ولم يعرف حق النبي وشأنه ، يكون مع الذين آذوا النبي وناصر لمبغضيه ، وذلك لنصره لمن روعوا آله ، والذي عرفت أنه كان يؤذيه بكاء الحسين ، فكيف بمن حاربوه وآله وقتلوهم وانحرفوا عنهم وعلموا غير دينه الذي ظهر به آله الطيبين الطاهرين ، ولمثل هذا قال الله تعالى :

{ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ الله لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) } التوبة .

{ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (58) } الأحزاب .

ولذا نلعن أعداء آل محمد في زيارة عاشوراء وغيرها من الزيارات والمواقف .

 

 

 

الإشراق الخامس :

 تحقيق في ملاطفة النبي للحسنين وتعريف شأنهم:

مزرد قال سمعت أبا هريرة يقول : سمع أذناي هاتان ، و بصر عيناي هاتان ، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، و هو آخذ بيده جميعا بكتفي الحسن و الحسين ، و قدماهما على قدم رسول الله ، و يقول : ترق عين بقة .

قال : فرقي الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله .

ثم قال له : افتح فاك ، ثم قبله .

 ثم قال : اللهم أحبه فإني أحبه .

وفي كتاب ابن البيع و ابن مهدي و الزمخشري قال :

حزقة  حزقة ترق عين بقة ، اللهم إني أحبه فأحبه و أحب من يحبه .

الحزقة : القصير الصغير الخطى ، و عين بقة أصغر الأعين . و قال : أراد بالبقة فاطمة ، فقال للحسين : يا قرة عين بقة ترق ، و كانت فاطمة عليه السلام ترقص ابنها حسنا عليه السلام و تقول :

  أشبه أباك يا حسـن          و اخلع عن الحق الرسن‏

 و اعبـد إلها ذا منن           و لا تـوال ذا الإحــن‏

و قالت للحسين عليه السلام :

أنت شبيه بأبي            لست شبيها بعلي‏

 و في مسند الموصلي أنه كان يقول أبو بكر للحسن عليه السلام و أباه حاضر :

أنت شبيه بالنبي            لست شبيها بعلي‏

و علي يتبسم . و كانت أم سلمة تربي الحسن و تقول :

بأبي يـا ابن علي         أنت بالخيـر ملـي‏

كن كأسنان خلي         كن ككبش الخـولي‏

و كانت أم فضل امرأة العباس تربي الحسين و تقول :

يا ابن رسول الله        يا ابن كثير الجاه‏

فرد بــلا أشباه      أعـاذه إلـهـي‏

من أمم الدواهي

وقال المجلسي رحمه الله في بحار الأنوار بعد نقل الخبر بيانا :  

الحزقة : القصير الصغير الخطأ ، وعين بقة : أصغر الأعين ، وقال : أراد بالبقة فاطمة ، فقال للحسين : يا قرة عين بقة ترق . إيضاح : قال الجزري : فيه أنه عليه الصلاة والسلام كان يرقص الحسن أو الحسين ، ويقول : حزقة حزقة ترق عين بقة ، فترقى الغلام حتى وضع قدميه على صدره .

الحزقة: الضعيف المقارب الخطو من ضعفه، وقيل : القصير العظيم البطن فذكرها له على سبيل المداعبة والتأنيس له ، وترق بمعنى اصعد ، وعين بقة كناية عن صغر العين ، وحزقة : مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره أنت حزقة ، وحزقة الثاني كذلك ، أو أنه خبر مكرر ، ومن لم ينون حزقة فحذف حرف النداء وهي في الشذوذ كقولهم أطرق كرا، لان حرف النداء إنما يحذف من العلم المضموم أو المضاف، انتهى. 

والحزقة : بضم الحاء المهملة والزاء المعجمة ، وفتح القاف المشددة ، والظاهر أن عين بقة كناية عن صغر الجثة لأصغر العين ، ويمكن أن يكون مراده ذلك بأن يكون مراده بالعين النفس ، أو أن وجه التشبيه بعين البقة صغر عينها .

ولكن الزمخشري صرح في الفائق بذلك حيث قال :

وعين بقة منادى ذهب إلى صغر عينيه تشبيها لهما بعين البعوضة ، انتهى . 

قولها عليهم السلام : " واخلع عن الحق الرسن " الحق : بفتح الحاء فيكون كناية عن إظهار الأسرار ، أو بضمها بأن يكون جمع حُقة بالضم أو بالكسر ، وهو ما كان من الإبل ابن ثلاث سنين ، فيكون كناية عن السخاء والجود ، أو عن التصرف في الأمور والاشتغال بالأعمال ، فان تسريح الإبل تدبير لها ، وموجب للاشتغال بغيرها ، و أسنان الحلي : تضاريسه ، والتشبيه في الاستواء والحُسن [97].

وكذا رواه عن الطبراني عن أبي هريرة وقال إسناده جيد[98] .

مسند حصين بن عوف الخثعمي : وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيت فاطمة فسلم ، فخرج إليه الحسن أو الحسين .

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارق بأبيك عين بقه وأخذ بأصبعيه ، فرقى على عاتقه ، ثم خرج الآخر الحسن أو الحسين مرتفعة إحدى عينيه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : مرحبا بك ! ارق بأبيك أنت عين البقة وأخذ بأصبعيه ، فاستوى على عاتقه الآخر .

وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأفقيتهما ، حتى وضع أفواهما على فيه ، ثم قال :

 اللهم ! إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهم [99].

يا طيب : الخبر هذا مروي عن أبي هريرة وأخذ عنه أصحبنا كصاحب الصراط المستقيم والمناقب وعنهم في بحار الأنوار ، وإن ملاعبة النبي وممازحته للحسن والحسين شيء لا ينكر وسترى كثيرا من مثلها ، وقد كان يرعاهم بما يفرحهم ، وكان كثير الاهتمام في بيان فضل أهل البيت فردا فردا أو كلهم ، وهذا تجده جليا في بيان فضائل أمير المؤمنين في صحيفة ، وهنا بيان لمناقب الإمام الحسين عليه السلام .

ويا طيب : لما قرأت الحديث وتفسيرهم له ، استخدموا في بيان شرحه بما لا يناسب شأن نبي الرحمة وسيد شباب أهل الجنة ، وهكذا نقله عنهم في البحار ، ولذا صار في الكلمات المستخدمة في الممازحة ترقه عين بقه ، في النفس منها شيء لا تقبله ، وكلمة المراقصة والمقصود به الملاطفة للحسين وإظهار الحب لا الرقص ، كما مزاحه حق لا يقول باطل صلى الله عليه وآله وسلم ، وتفسيرهم شبيه بكلمات أبو هريرة على ظاهرها حين يسخر في بعض أحاديثه بالناس في أحاديثه الموضوعة لا كما في هذا الحديث الذي يؤيده معاصرون له وكثير من الأحاديث المشيرة لهذا المعنى ، وتفسيرهم ليس كما أراد نبينا الأكرم ، ولذا تراهم كانوا يذكرون الخبر في مزاح النبي الأكرم كما في شرح ابن أبي الحديد[100] حتى في بحار الأنوار وغيره .

ولذا دعاني البحث هذا للتحقق : من كلمات الحديث وشرحه ، بما ذكر في اللغة لمفردات كلماته ، أو نص الحديث ، وكذا قصد النبي الذي لا يهجر وإنما كلامه وحيا يوحى ، فرأيت حقا إن نبينا كريم وكلامه عظيم كخلقه و حتى في ملاطفته للإمام الحسين ، وإن كلمات النبي متينة بليغه ، ويريد بها بيان الحق ، وفيها معنى أكثر من دعوة الحسن والحسين للصعود على بدنه ، وروي الخبر في بنص أخر بدل :

بدل حزقه ، حبقه ، وإنهم ذكروا فقط بعده قوله صلى الله عليه وآله وسلم:

ثم قال له : افتح فاك ، ثم قبله .  ثم قال : اللهم أحبه فإني أحبه .

ثم فسروه بتفسيره المضحك ليناسب ما وضعوه من باب المزاح التي لا تعلم صحة أحاديثه والتي قد ينتقص منها من شأن نبينا الأكرم في كثيرا منها ، ولكن لتعرف الحق : تدبر تمام الخبر هذا ، ثم معناه في اللغة ، وما قصده النبي الكريم بما يناسب شأنه الكريم لتعرف عظمة كلامه ، وبيانه لجلالة شأن الإمام الحسين وعلو مقامه وما عرفة من الإمام الكامنة فيه .

وإن الخبر مروي : في مصدر أقدم وهو كفاية الأثر وغيره ، ونقله أيضا في البحار عنه ونصه هو ما قال : حدثنا محمد بن عبد الله الشيباني ، و القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا البغدادي ، و الحسن بن محمد بن سعيد و الحسين بن علي بن الحسن الرازي ، جميعا قالوا : حدثنا أبو علي محمد بن همام بن سهيل الكاتب ، قال حدثني محمد بن جمهور العمي عن أبيه محمد بن جمهور ، قال حدثني عثمان بن عمر ، قال حدثني شعبة عن سعيد بن إبراهيم ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة قال :

كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم : و أبو بكر و عمر ، و الفضل بن العباس ، و زيد بن حارثة ، و عبد الله بن مسعود :

إذ دخل الحسين بن علي : فأخذه النبي و قبله ، ثم قال :

حبقـــه حبقـــه تـرق عيـن بقــه .

و وضـع فمـه على فمـــه ، ثم قال :

اللهـم إنـي أحبـه فأحبـه و أحـب من يحبــه .

يا حسين : أنت الإمام ، ابن الإمام ، أبو الأئمة التسعة، من ولدك أئمة أبرار .

فقال له عبد الله بن مسعود : ما هؤلاء الأئمة الذين ذكرتهم يا رسول الله في صلب الحسين .

فأطرق مليا ثم رفع رأسه ، و قال : يا عبد الله سألت عظيما ، و لكني أخبرك ، أن ابني هذا و وضع يده على كتف الحسين .

يخرج من صلبه : ولد مبارك ، سمي جده علي ،  يسمى العابد، و نور الزهاد .

و يخرج من صلب علي : ولد اسمه اسمي ، و أشبه الناس بي ، يبقر العلم بقرا ، و ينطق بالحق ، و يأمر بالصواب .

و يخرج الله من صلبه : كلمة الحق ، و لسان الصدق .

فقال له ابن مسعود : فما اسمه يا نبي الله ، قال فقال له : جعفر ، صادق في قوله و فعاله ، الطاعن عليه كالطاعن علي ، و الراد عليه كالراد علي .

ثم دخل حسان بن ثابت : و أنشد في رسول الله  شعرا ، و انقطع الحديث .

فلما كان من الغد : صلى بنا رسول الله ، ثم دخل بيت عائشة ، و دخلنا معه ، أنا و علي بن أبي طالب ، و عبد الله بن العباس ، و كان من دأبه ،  إذا لم يسأل ابتدأ ، فقلت له : بأمي أنت و أبي يا رسول الله ، أ لا تخبرني بباقي الخلفاء من صلب الحسين عليه السلام ؟ قال : نعم يا أبا هريرة .

و يخرج الله من صلبه : مولود طاهر أسمر رابعه ، سمي موسى بن عمران . ثم قال له ابن عباس : ثم من يا رسول الله ؟ قال :

يخرج من صلب موسى : علي ابنه يدعى بالرضا ، موضع العلم و معدن الحلم ، ثم قال : بأبي المقتول في أرض الغربة .

و يخرج من صلب علي : ابنه محمد ، المحمود ، أطهر الناس خلقا ، و أحسنهم خلقا .

و يخرج من صلب محمد : ابنه علي ، طاهر الجيب ، صادق اللهجة .

و يخرج من صلب علي : الحسن ، الميمون ، التقي ، الطاهر ، الناطق عن الله ، و أبو حجة الله .

و يخرج من صلب الحسن : قائمنا أهل البيت ، يملأها قسطا و عدلا ، كما ملئت جورا و ظلما ، له غيبة موسى ، و حكم داود ، و بهاء عيسى ، ثم تلا :

{ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)} آل عمران .

فقال له علي بن أبي طالب : بأبي أنت و أمي يا رسول الله ، من هؤلاء الذين ذكرتهم ؟

قال: يا علي أسامي الأوصياء من بعدك، و العترة الطاهرة ، و الذرية المباركة .

ثم قال : والذي نفس محمد بيده ، لو أن رجلا عبد الله ألف عام
، ثم ألف عام ، ما بين الركن و المقام ،
ثم أتى جاحد بولايتهم ، لأكبه الله في النار كائنا ما كان [101].

 

يا طيب : الرواية عظيمة وهي تُعرف الشأن الكريم للإمام الحسين وتعرفنا أسماء الأئمة الأطهار من صلبه الشريف ، وهم أئمة الحق والمعصومين من ذرية النبي وعلي صلى الله عليهم وسلم ، وهذا الحديث وحده يكفي حتى لو بفقراته الأولى لمعرفة عظمة الحسين عند الله تعالى وعند النبي وأنه من يحبه يحبه رسول الله ويحبه الله ، ويكون معهم لأن من أحب شيئا حشر معه ، وكان عليهم حب الحسين والكون على منهجه وإن المحب لمن أحب مطيعا ، فكان عليهم إطاعته والسير في ركابه لا قتله ومحاربته وآله من قبل ، وحبه كما أمر الله في آية المودة ، وهو دعوة نبي الله إبراهيم لمن أسلم له وللحق من دين الله ، وحين قال تعالى يحكي عنه : فأجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم . وقال سبحانه : قل لا أسألكم أجرا إلا المودة في القربى ، وقال رسول الله : اللهم إني أحبه فأحبه و أحب من يحبه .

هذا فضلا عن بيان الأئمة في آل نبي الله في قوله كما سترى :

حبقـــه حبقـــه تـرق عيـن بقــه .

أو على الروايات الأولى :

 حـزقة  حـزقة تـرق عـيـن بـقــه .

يا طيب : عرفت إن ما بعد هذه العبارات كان حديثا كريما في الإمامة ، وعظيما في بيان مقام الحسين وآله ، وهم ذريته وأولياء المؤمنين و أئمة الحق المعصومين ، وكذا كان معنى كريما في هذه العبارات أعلاه نفسها بغض النظر عن باقي الحديث كله .

وإنها كلمات : ظهرها الملطفة وإظهار المحبة له ليرقى على صدره ، و يدعوه لأن يصعد إلى فمه حتى يقبله ، ولو تم تفسيرها بحق لا كما عرفت من تفسيرهم ، أي تفسيرها حسب ما أراد رسول الله ، أو لا أقل حسب ما جاء في معاني اللغة لهذه الكلمات لا يفسروها خمصا الحق وكتمان الدين وأسسه كما عرفت .

 فإليك يا طيب : معانيه ، ثم تدبر ما أراد رسول الله منها من المعنى الجميل البليغ ، وبأسلوبه الرقيق الشيق حين ينادي بها الحسين عليه السلام :

 

أولا : حبقة :

ذكر في كتاب لسان العرب :

عن الأَزهري : الحبـقُ : دَواءٌ من أَدْوِيةِ الصَّيادِلة ، و الحبقُ الفُوذَنْج .

و قال أَبو حنيفة : الحبـقُ : نبات طيب الريح ، مُرَبَّعُ السوق ، و ورقه نحو ورق الخِلافِ ، منه سُهْلِيّ ، و منه جَبَلي ، و ليس بمَرْعًى . وعن ابن خالويه : الحبقُ: الباذَرُوجُ ، و جمعه حِباقٌ ؛ و أَنشد :

 فأَتَوْنا بدَرْمَقٍ و حِباقٍ   و شِواء مُرَعْبَلٍ و صِنابِ .

فإذا يا طيب : الحبق : دواء طيب الريح ، وتابع معنى باقي الكلمات .

 

ثانيا : حزقة :

حزق : حزَقه حَزْقاً : عَصَبه و ضغَطه .

و الحَزْقُ : شــدة جَذْبِ الرِّباط و الوَتر ِ.

 حَزقه يَحْزِقُه حَزْقاً و حزَقه بالحبل يَحْزِقه حَزْقاً : شدّه .

و حَزق القوسَ يَحزِقُها حَزْقاً : شدّ وترها، و كلُّ رِبـاط حِزاقٌ .

و في الحديث : أنّ عليّ ، رضي الله عنه ، خطب أصحابه في أمرِ المارِقينَ و حضَّهم على قتالهم فلما قتلوهم جاؤوا فقالوا: أبْشِر يا أمير المؤمنين فقد استأْصَلْناهم .

 فقال عليّ : حَزقُ عيرٍ قد بَقِيت منهم بَقِيّة .

قال المفضل : في قوله حزقُ عيرٍ هذا مثل تقوله العرب للرجل المُخْبِر بخَبَر غير تامّ و لا مُحصِّلٍ، حَزْقُ عيْرٍ أي حُصاصُ حِمار أي ليس الأَمر كما زعمتم .

الأَصمعي: الحَزِيقُ الجماعة من الناس ؛ قال لبيد : و رَقاق عَصِب ظِلْمانُه ،  كحَزِيقِ الحبشِيِّينَ الزُّجلْ .

الجوهري : الحِـزْقُ : و الحِزْقةُ الجماعة من الناس و الطير و غيرها .

و الحِزْقُ و الحَزِيقةُ : الجماعة من كل شي‏ء [102].

يا طيب : حزقة : بمعنى شد الشيء والحزم فيه وقوة رباطه ، أشد نفسك وأعزم لترقى وتصعد ، أو معناه : إن الأمر أعظم مما يقال فيك ، وأحزم مما يتصور من البساطة في شأنك الضعيف وأنت صغير بل لك شأنا كريما وأنت عين البقية عين بقه ، وتكرار حزقة : ليتم معنيين ، لأول : شد نفسك وأحزم لترقى حتى منصبك المعد لك . والثاني : إما تأكيد أو إنه فيك تنطوي جماعة الهدى والدين ، سواء من قبل وأنت بقيتهم ، أو ما يأتي من صلبك بعد كما يفسرها الحديث .

ويفسر على كلام الإمام علي عليه السلام : كما عرفت في ضرب المثل بما يناسب شأن الإمام الحسين عليه السلام وكلام النبي العظيم الكريم فيه ، هو :

ليس الأمر كما تزعمون فالحسين : هو عينة البقية وسيد الناس ، وإن الأئمة من ذريته ، وهو الباقي من جماعة : آية التطهير والمباهلة والكوثر والقربى و أما بنعمة ربك فحدث ، فهو أخرهم في البقاء وعينهم وسيد البشر بعدهم ، وسيد الناس كما هو سيد شباب أهل الجنة ، إي لابد أن يرقى حتى يصل لمقام عظيم في الحب الواجب له والتعلم من حديثه ، فهو الذي يكون خليفة رسول الله من بعده ، فيصعد لمقام الإمامة والولاية كما كان لآبائه .

فالقول : حزقه حزقه ترقى عين بقه ، وتقبيله بعده ، هو أن أمرك أشد وأحزم مما يتصور ، كما يجب أن تشد الآن وتحزم لكي تصل لفمي لأقبلك وأقول فيك قولا يعرف به أنك البقية من آلك ، وأن يجب أن يُقبل كلامك ونهجك والذي تبذل به روحك الطيبة الذي يحبه الله ورسوله ، والذي فيه معاني التبليغ لدينه ، وهو الدواء لكل طالب حق ودين قيم ، لا كما يحسب الأمر في شأنك وأنت صغير ، وهذا معنى التقبيل له وبعد الكلام : عين بقه ، أي العين الباقية ، إي إنك السيد الكريم الباقي ، و عين بقه وفيه البقاء ، فيستمر الدين في الأئمة من ذريته ، ويؤيده الحديث كما عرفت ، وكذلك معنى باقي الكلمات وهي معروفه المعنى عظيمة المنحى في البيان للمتدبر ، وهو :

 

ثالثا : ترق :

قال في لسان العرب :

رق : رَقَأَتِ الدَّمْعَةُ تَرْقَأُ رقْأً و رُقُوءًا: جَفَّتْ و انْقَطَعَتْ .

وَ رَقَأَ الدمُ و العِرْقُ يَرْقَأُ رَقْأً و رُقُوءًا : ارتفَع ،  و العِرْقُ سَكَنَ و انْقَطَع.

و منه رَقَأْتُ الدَّرَجَةَ ، و من هذا سُمِّيت المِرْقاة .

التهذيب يقال : رَقَأْتُ و رَقِيتُ ، و ترك الهمز أَكثر .وَ رَقَأَ في الدرجَةِ رَقْأً : صَعِدَ ، عن كراع ، نادر .  و المعروف : رَقِيَ [103].

ترق : معناه واضح أصعد وأرتفع ، ولذا رفع رسول الله حتى وصل لفمه وقبله وقال صلى الله عليه وآله : اللهـم إنـي أحبـه فأحبـه و أحـب من يحبــه .

وفي معنى في ترقى حكمة أخرى: أي إنك إمام شهيد مقتول مظلوم لم تُحب كما أمر الله ورسوله ولم تتبع ، وتقتل قتلا فضيعا بأيدي ناس لم يؤمنوا ولم يرعوا كلامي ولا وعوه ولم يتقنوا محل الهدى فيك ، وإنك تكون البقية في الهدى وإن الأئمة منك .

ففي قتلك: وبعده لم ترقأ الدمعة في مصيبتك ولما يرتكب من القتل الفظيع لك ، فترقى : لأمر الإمامة الذي يهتدي به من يهتدي ، وإن قتلت ولا رقأ الدمع فيك ، من مواليك في الدنيا لحبك وحب الله فيك ، وفي الآخرة لأعدائك حين يروا العذاب .

 

رابعا : عين :

وجاء في معنى العين معاني كثير منها ما قال في كتاب العين للخليل :

عين : العين الناظرة لكل ذي بصر .

و عين الماء ، و عين الركبة .

و العين : من السحاب ما أقبل عن يمين القبلة ، و ذلك الصقع يسمى العين .

و هؤلاء أعيان قومهم، أي أشراف قومهم .

و يقال لكل إخوة لأب و أم، و لهم إخوة لأمهات شتى: هؤلاء أعيان إخوتهم.

و الماء المعين : الظاهر الذي تراه العيون.

و أولاد الرجل من الحرائر: بنو أعيان ، و يقال: هم أعيان [104].

وقال في لسان العرب :

و لعَيْنُ عند العرب : حقيقة الشيء.

يقال : جاء بالأَمر من عَيْنٍ صافِيةٍ أَي من فَصِّه و حقيقته .

و جاء بالحق بعَيْنه أَي خالصاً واضح .

و عَيْنُ كل شي‏ء : خياره .

و عَيْنُ المتاع و المال و عِينَتُه: خِيارُه، و قد اعْتانَهُ .

و في المثل: إِن الجوادَ عَيْنُه فِرارُه .

و يقال: إِن فلاناً لكريمٌ عَيْنُ الكرم .

و لا أَطلُبُ أَثراً بعد عَيْنٍ أَي بعد مُعاينة ، معناه أَي لا أَترك الشيء و أَنا أُعاينه و أَطلب أَثره بعد أَن يغيب عني ، و أَصله أَن رجلًا رأَى قاتلَ أَخيه ، فلما أَراد قتله قال أَفْتَدي بمائة ناقة ، فقال : لست أَطلب أَثراً بعدَ عَيْنٍ ، و قتله .

قال: الأَعيانُ ولد الرجل من امرأَة واحدة ، مأْخوذ من عَيْنِ الشيء و هو النفيس منه ، قال الجوهري : و هذه الأُخوَّة تسمى المُعايَنة [105].

يا طيب : القسم الثاني كان عين بقه ، إي العين الباقية ، وبأي معنى أخذته من معنى العين ترى الإمام الحسين من النبي الأكرم هو : نفس وجوده وأصله الكريم ونفسه الباقية وخير قومه وأشرف الناس وسيد البشر بعد رسول الله وأبيه وأخيه الحسين ، فهو السيد الكريم الباقي الواجب الطاعة ولا يقبل دين غير تعليمه وما يعرفه من معارف الحق بعده ، وإن من يقتله لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا لأنه قتل الحق والهدى وعناد الله ورسوله وكتم دينه ، وجعل المنحرفون يعلمون الدين ، والمخالفون لله ورسوله وما يفتون  أتبع ، ومكنهم أن يدعو إماما المسلمين وهم ظلمة بل كفرة.

فالحسين عليه السلام : وهو عين رسول الله باقية في المسلمين يهديهم الحق إن تبعوه ، وصراط الله المستقيم المنعم عليه بكرامة دين الله ، ويكون معه يحف برسول الله وفي رضا الله إن تعبدوا لله بما يفهمهم الحسين من دين الله القيم وهداه الحق ، وبه يُعصموا عن الاختلاف والانحراف وما يُعلم أهل القياس والرأي .

 

خامسا : بقه :

ذكر في لسان العرب :

بقي : في أَسماء الله الحسنى الباقي : هو الذي لا ينتهي تقدير وجوده في الاستقبال إلى آخر ينتهي إليه ، و يعبر عنه بأَنه أَبديّ الوجود .

و البَقاء : ضدّ الفَناء ، بَقِيَ الشيءُ يَبْقَى بَقاءً و بَقَى بَقْياً ، الأَخيرةُ لغة بلحرث بن كعب ، و أَبقاه و بَقَّاه و تَبَقَّاه و اسْتَبْقاه ، و الاسم البَقْيَا و البُقْيَا .

و بقي الرجلُ زماناً طويلًا أَي عاش و أَبقاه الله .

عن الليث تقول العرب : نَشَدْتُك الله و البُقْيَ ؛ هو الإِبقاء مثل الرَّعْوى و الرُّعْيا من الإِرْعاء على الشيء ، و هو الإِبْقاء عليه .

و العرب تقول للعدوّ إذا غَلَبَ : البَقِيَّةَ أَي أَبْقُوا علينا و لا تستأْصلونا ؛ و منه قول الأَعشى : قالوا البَقِيَّة و الخَطِّيُّ يأْخُذُهم .

و في حديث النجاشي و الهجرة : و كان أَبْقَى الرجلين فينا أَي أَكثر إبقاء على قومه ، و يروى بالتاء من التُّقى .

و البِقيَّة أَيضاً : ما بقي من الشيء .

و قوله تعالى بَقِيَّةُ الله خير لكم  .

قال الزجاج : معناه الحالُ التي تبقى لكم من الخير خير لكم ، و قيل : طاعة الله خير لكم .

  و قال الفراء : يا قوم ما أُبقي لكم من الحلال خير لكم ، قال : و يقال : مراقبة الله خير لكم .

الليث : و الباقي حاصل الخَراج و نحوه ، و لغة طي‏ء بَقَى يَبْقى ، و كذلك لغتهم في كل ياء انكسر ما قبلها ، يجعلونها أَلفاً نحو بَقَى و رَضَى و فَنَى .

و قوله عز و جل: و الباقياتُ الصالحاتُ خير عند ربك ثواب؛ قيل: الباقيات الصالحات الصلوات الخمس، و قيل هي الأَعمال الصالحة كلها، و قيل: هي سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أَكبر.

قال: و الباقيات الصالحات، و الله أَعلم، كل عمل صالح يَبْقَى ثوابه .

و في الحديث: تَبَقَّهْ و توَقَّهْ ؛ هو أَمر من البقاء و الوِقاء، و الهاء فيهما للسكت، أَي اسْتَبْق النفسَ و لا تُعَرِّضْها للهَلاك و تحرّز من الآفات.

و قوله تعالى : فلولا كان من القرون من قبلكم أُولو بَقِيَّة ينهون عن الفساد؛ معناه أُولو تمييز، و يجوز أُولوا بقية أُولو طاعة ؛ قال ابن سيده : فسر بأَنه الإِبقاء و فسر بأَنه الفَهْم ، و معنى البَقِيَّة : إذا قلت فلان بَقِيَّة فمعناه فيه فَضْل فيما يُمْدَحُ به ، و جمع البَقِيَّة بقايا .

وقال القتيبي : أُولو بَقِيَّة من دِينِ قوم لهم بَقِيَّة إذا كانت بهم مُسْكَة وفيهم خير.

و بَقِيَّةُ : اسم .

و في حديث معاذ : بَقَيْنا رسولَ الله و قد تأَخر لصلاة العَتَمة، و في نسخة: بَقَيْنا رسولَ الله في شهر رمضان حتى خَشينا فوتَ الفَلاح أَي انتظرناه .

و بَقَّيْتُه ، بالتشديد ، و أَبقيَته و تَبَقَّيْتُه كله بمعنى .

و قال الأَحمر في بَقَيْن : انتظرنا و تبصرنا ؛ يقال منه : بَقَيْتُ الرجلَ أَبْقِيه أَي انتظرته و رَقَبْتُه ؛ و أَنشد الأَحمر : فهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائداتِها ، جُنْحُ النَّواصِي نَحْوَ أَلْوِياتِها ، كالطَّير تَبقي مُتَداوِماتِها يعني تنظر إليها .

و في حديث ابن عباس رضي الله عنهما و صلاة الليل : فبَقَيْتُ كيف يصلي النبي، صلى الله عليه و آله و سلم، و في رواية : كراهة أَن يَرَى أَني كنت أَبْقِيه أَي أَنْظُره و أَرْصُده .  اللحياني : بَقَيْتُه و بَقَوْتُه نظرت إليه، و في المحكم: بَقَاه بعينه بَقَاوَةً نظر إليه؛ عن اللحياني . و بَقَوْتُ الشيءَ: انتظرته ، لغة في بَقَيْتُ ، و الياء أَعلى .

و قالوا : ابْقُهْ بَقْوَتَك مالَك و بَقَاوَتَك مالَك أَي أحفظه حفْظَك مالَك[106] .

يا طيب : بأي معنى أخذت بقه من المعاني أعلاه ترى فيه جميل مقام الإمام الحسين بعد آله أصحاب الكساء المطهرون ، فهو الباقي بعد آله والمنتظر الفهم الصالح الذي يجب أن يطاع ، ويجب أن يحفظ لا أن يقتل .

وبهذا يفهمنا رسول الله : إن عين البقه والبقية ، وسيدهم في زمانه ، وهو البقية الصالحة من الذرية الطاهرة ، وهو المنتظر لله في شأنه أمرا يطلب صلاح الناس لو كان فيه بقية تفهم حكمة الله في بيان الحق ، وبكل أسلوب حقا يمكن أن يُعرف الناس أهل الحق واقعا ليقتدى بهم فيصلحوا ويحفظوا دينهم ، ومن يعاندهم هم من أهل الضلال .

فالحسين عليه السلام : هو بقية الله في زمان كما جاء في معنى حديث الثقلين ، إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، وهو خليفة رسول الله الثقيل في معناه كقوله تعالى سنلقي عليك قولا ثقيلا ، أي نفيسا غاليا ، وبقائه به الصلاح والخير والبركة ، وعين وحقيقة الكرم والدين الباقي المتجسد في قوله الذي قبل فاه رسول الله كما في الحديث ، وهو بقيته التي تتكلم عن بيان دين الله وتبليغه بكل وجوده بعد نبي الله وآله ، ولذا يجب أن يطاع ، وهو الذي لا يسكت عن الحق فإن عين باقية .

 وإذا فسر : أبقه بقى بق والهاء للسكت كما عرفت في بعض المعاني لا بقه يعني بعوضه وصغيره وضعيفه ، بل هو الحزقة والحبقة ، أي الحزم والشدة وروح رسول الله الطيبة وفيه وبه دواء الدين من أعدائه المنحرفون ، وهو به يرقى في معارف هدى رب العالمين وتستنشق ويعبد بإخلاص كإخلاص الحسين عليه السلام ، لا كما فسروه .

وبهذا يا طيب : في الحديث بفقراته الأول فضلا عما في تمام الحديث من الشرح والتفصيل له ، معاني كريمة في كل كلمة من كلامات دعوة الحسين للصعود على صدر رسول الله وتقبليه ، وأنه بحق إمام الحق الباقي الحازم الشديد في دين الله ، وعرفه لنا رسول الله في أكرم بيان وأعظم أسلوب وأبلغ كلمات وأفصح عبارة .

والحديث هو عين الحديث الذي عرفته عن رسول الله والذي سيأتي بيانه :

... والذي بعثني بالحق نبيا : إن  الحسين بن علي

في السماء أكبر منه في الأرض .

وأنه لمكتوب عن يمين عرش الله :

مصباح هدى وسفينة نجاة

وإمام : غير وهن ، وعز وفخر ، وبحر علم وذخر .

وإن الله عزّ وجلّ ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية ...

وتدبر : باقي معاين كل كلمة وأجمع بينها في المعاني ، وطبق فيما بينها ، وترى عجبا من البيان في تركيبها والتدبر بها ، فترى كلاما معجزا في البيان ، وتراه حقا إنه ما ينطق عن الهوى وإنه وحيا يوحى ، وإنه يمزح ولا يقول إلا حقا بل بيان دين عظيم حتى في ملاطفته للإمام الحسين عليه السلام وعلى سبيل المُداعَبة و التأْنيس له .

 

 

 

 

 

 

الإشراق السادس :

النبي الأكرم يلاطف الحسن والحسين ويحملهما ماشيا:

يا طيب : إن ملاطفة النبي للإمام الحسين لم تقتصر على ما عرفت ، فإنه كان بيت النبي الأكرم والإمام علي مفتوح للمسجد ، وكان خروجهم ودخولهم منه ، ولذا كان كثرة الملاقاة بين النبي وآله وبالخصوص الحسن والحسين الذين كان ساحة بيتهم مسجد رسول الله وبه ممرهم ، بل أنسهم هو التنقل بين بيتهم وبيت رسول الله وهو المرور بالمسجد ، وليس لهم مكان أخر ، فلذا تربوا ورعوا في بيت الله ، بل بيتهم هو مقر نور الله كما عرفت في آيات النور في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، ولهذا كان يلاحظ المسلمون كثير من الحالات والأحول لتصرف النبي الكريم مع الحسن والحسين بالإضافة لما ينقل عن تصرفه معهم في بيته من قبل زوجات النبي أو من قبل أمه وأبيه ، وقد عرفت ملاطفة النبي للإمام الحسين وحبه له وما يبين من مقامه السامي فيما مر ، وهذه أحوال أخرى لا تقصر في المعنى عما عرفت ، وبكلها فيها تربية كريمة وآداب إسلامية وأحكام ربانية عرفنها بتصرف النبي معه .

عن ابن مسعود قال : حمل رسول الله الحسن و الحسين على ظهره ، الحسن على أضلاعه اليمنى ، و الحسين على أضلاعه اليسرى ، ثم مـشــى .

و قال : نعم المطي مطيكما ، و نعم الراكبان أنتما ، و أبوكما خير منكم[107].

وقال الحميري شعرا :

من ذا الذي حمـل النبي برأفة           ابنيه حتى جاوز الغمضاء

من قال نعم الراكبان همـا ولم           يكن الذي قد كان منه خفاء

و له رحمه الله :

أتى حسنا و الحسين الرسول            و قد خرجا ضحوة يلعبان‏

فضمـهمـا ثـم فـداهمـا            و كـانا لديه بذاك المكان‏

ومـرر تحتهمـا منـكبـاه             فنعـم المطية و الراكبان‏

وليـدان أمـهـمــا بـرة            حَصـان مطهرة للحصان‏

وشيخهمـا ابن أبـي طالـب           فنعـم الوليدان و الوالدان‏

و كلهــم طـيـب طاهـر            كريم الشمائل طلق البيان‏

وقال المفجع شعرا :

أ فهل تعرفون غير علي            و ابنه استرحل النبي المطي[108]

الإمام علي في فتح مكة لرمي الأصنام والحسن والحسين كما في هذا الإشراق وغيره .

وفي كامل الزيارات بسنده عن يعلى العامري : أنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وآله عليه وآله وسلم إلى‏ طعام دعي إليه ، فإذا هو بحسين عليه السلام يلعب مع الصبيان ، فاستقبله النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمام القوم ، ثم بسط يديه فطفر الصبي هاهنا مرة و هاهنا مرة ، و جعل رسول الله يضاحكه حتى أخذه ، فجعل إحدى يديه تحت ذقنه و الأخرى تحت قفائه ،

و وضع فاه على فيه و قبله .

ثم قال : حسين مني و أنا من حسين .

 أحب الله من أحب حسينا  .  

حسين سبط من الأسباط [109].

   وعن ابن ماجة في السنن ، و الزمخشري في الفائق : رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم : الحسين يلعب مع الصبيان في السكة ، فاستقبل النبي أمام القوم ، فبسط إحدى يديه ، فطفق الصبي يفر مرة من هاهنا و مرة من هاهنا و رسول الله يضاحكه ، ثم أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه ، و الأخرى على فأس رأسه ، و أقنعه فقبله ،

 و قال : أنا من حسين و حسين مني ، أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الأسباط [110].

 

 

 

الإشراق السابع :

 النبي الأكرم يلاطف الحسن والحسين في مجالسه :

ومن أنس النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم معهم وتفريحه لهما : ما رواه ابن بطة في الإبانة من أربعة طرق، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير ، عن جابر قال :

 دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

 والحسن والحسين عليهم السلام على ظهره ، وهو يجثو لهما ، ويقول :

 نعــــم الجمل جملكما ، ونعم  العـــدلان أنتم  [111]

وعن ابن نجيح : كان الحسن و الحسين يركبان ظهر النبي، ويقولان : حل حل.

و يقول : نعم الجمل جملكم[112]     .

السمعاني في الفضائل : عن أسلم مولى عمر عن عمر بن الخطاب قال :

رأيت الحسن و الحسين على عاتقي رسول الله ، فقلت : نعم الفرس لكم ، فقال رسول الله : و نعم الفارسان هما .

 وعن ابن حماد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : برك للحسن و الحسين فحملهما ، و خالف بين أيديهما و أرجلهما , و قال : الجمل جملكم    [113].

عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ أقبل الحسين عليه السلام فجعل ينزو على ظهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى بطنه ، فقال : دعوه [114]

وعن عبد العزيز بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

أنه كان جالسا فأقبل الحسن و الحسين ، فلما رآهما النبي قام لهما ، و استبطأ بلوغهما إليه فاستقبلهما ، و حملهما على كتفيه ، و قال :

نعم المطي مطيكما ، و نعم الراكبان أنتما ، و أبوكما خير منكم  [115] .

يا طيب : هذه الأحاديث كثر رواتها وأسلوبها ، وهي تبين حب النبي وشدة اهتمامه في بيان فضل الحسن الحسين ، وفي كل مقام كان يعرفنا شأن من شؤونهم ويقول كلمة فيه تعرف المؤمنين قصدا كريما لعظيم أمر  الحسن والحسين وما لهم من الجاه عند الله ورسوله ، كما تعرفنا رعايته وعنايته بهما وفي تطييب خاطرهما وتفريحهما بما يأنسان به بمباشرة الكون معهم ، وهذا من أعظم الآداب الإسلامية ، فإنه لا تكفي الكلمة الطيبة بماهية بل تحتاج للمس والتلاطف معهما بما يكون حمل ونقل وتواضع وتضاحك معهم ، وبه يكون قرب القريب أب وجد ماسا كريما رحيما فاضلا ، فإن هذا الأدب الإسلامي من نبي كريم مع ولده أسوة وقدوة لكل الآباء ومن هو بمنزلتهم ، وبه يشعر الطفل بالحنان والحب ، وينموا في وجوده فيكون صالحا بار كريما شهما جوادا صابرا فاضلا ، فإن مثل هذه الآداب وراعيتها لكثرة اهتمام النبي بها هو لتعليمها فضلا عن شعور بواجبه أمام سبطيه ، وهي من أخلاق الإسلام فضلا عن كون نبينا ذو خلقا عظيما ورحمة للعالمين ، وهذا الحق على كل المسلمين في طول التأريخ ، سواء ملاطفتهم لأبنائهم أو حبهم للحسن والحسين عليهم السلام ، وحب الكون معهم في منهجهم والتعلم منهم آداب الدين وتعاليمه التي علمها لهم رسول الله صلى الله عليه وآله ، لا أن يقتلوا ويقتل أطفال الحسين ويتبع ظلمهم دين فيعادى أنصار الحسين في كل حين ويقتلوا ويرفضوا حبا لأئمة الكفر والظلمة الذين خذلوا الحسين وآله وأطفاله وذرية رسول الله وآله في يوم كربلاء وغيرها ، فإنه لا دين لأعداء آل محمد مهما تسموا به من أسماء أمير المؤمنين أو خليفة المسلمين أو غيرها من ألقاب وضعها لهم الذين يطلبون الدنيا وزخارفها بل ملق للحكام لينالوا به جاها مؤقتا .

 

 

 

الإشراق الثامن :

 النبي ينزل من المنبر ويستقبل الحسن والحسين :

و روي عن الترمذي و النسائي في صحاحهم كل منهم بسنده يرفعه إلى بريدة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله  يخطب .

 فجاء الحسن و الحسين عليهما السلام و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران .

 فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المنبر ، فحملهما و وضعهما بين يديه .

 ثم قال : صدق الله ، إنما أموالكم و أولادكم فتنة ، فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان و يعثران ، فلم أصبر حتى قطعت حديثي و رفعتهما .

 و رواه الجنابذي بألفاظ قريبة من هذا و أخصر [116].

وذكر في المناقب : عن الخركوشي في اللوامع و في شرف النبي أيضا ، و السمعاني في الفضائل ، و الترمذي في الجامع ، و الثعلبي في الكشف ، و الواحدي في الوسيط ، و أحمد بن حنبل في الفضائل ، و روى الخلق عن عبد الله بن بريدة قال : سمعت أبي يقول : كان رسول الله : يخطب على المنبر ، فجاء الحسن و الحسين ، و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران ، فنزل رسول الله من المنبر فحملهما و وضعهما بين يديه ، ثم قال إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ إلى آخر الحديث أعلاه .

و في خبر : أولادنا أكبادنا يمشون على الأرض[117].

و في المناقب : من فرط محبته لهما ، ما روى يحيى بن أبي كثير و سفيان بن عيينة بإسنادهما : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكاء الحسن و الحسين و هو على المنبر فقام فزعا ، ثم قال : أيها الناس ما الولد إلا فتنة لقد قمت إليهما و ما معي عقلي و في رواية و ما أعقل [118].

وعن ابن عمر إن النبي : بينما هو يخطب على المنبر ، إذ خرج الحسين فوطئ في ثوبه ، فسقط و بكى ، فنزل النبي عن المنبر فضمه إليه ، و قال : قاتل الله الشيطان إن الولد لفتنة ، و الذي نفسي بيده ما دريت أني نزلت عن منبري[119] .

يا طيب : لا غروا أن تأخذ النبي الأكرم رأفة ورحمة بالحسن والحسين وهما يمشيان إلى النبي الأكرم لكي يرفعهما ويضعهما بين يديه ، ولكن الغرض الأكبر هو لكي يبين معارف كريمة في شأنهم الكريم وعزتهم عنده ، وأنهما في رواية يعثران وفي أخرى يبكيان ، وفي كل منهما يعرفنا إذا كان أذيتهما بأي صورة حتى لو عثرة فضلا عن بكاء صغير يحب أن يصل لجده وتمنعه زحمة الناس حوله ، أنه يجب عليه أن ينزل لهما ويحملهما لكلي يسكتا أو يخلصا من العثرة ، فكيف لو كان الناس تحاربهم فما ترى رسول الله يعمل ألا يقوم ويحمل السيف في جانبهم ويحارب من يحاربهم .

وحينها : بهذا الموقف كان أعظم بيان لمعارف الدين وقادة المسلمين ، وأنه لا يجوز أن يترك الحسن والحسين من غير ناصر ولا معين في المواقف الصعبة حين يحاربهم الناس ، وإن عدوهم وما يزاحمهم مهما كان فهو على خلاف الدين وما يرضي رب العالمين ، وإنه أبسط الأمور تصيب الحسن والحسين ، إذا كانت تفزع نبي الرحمة ، فكون الناس يعادوهم وينصروا أئمة غيرهم ، لم يكن نصرهم إلا لأئمة كفر وضلال ، وذلك لأنه ليس بعد الحق إلا الضلال .

ويا طيب : إن الروايات مروية عن العامة في صحاحهم بكلمات لطيفة ، ولكن في رواية أخرى فيها شيء من البيان للحقد والحسد على الحسن والحسين بل على رسول الله ، وهي شبيه بكلامهم إن النبي يهجر حين وفاته ، فإنه لما ذكروا الحديثين وعرفوا عظيم ما يعرف هذا الموقف من شأن الإمام الحسن والحسين وعلو مقامهم ، قالوا النبي يقول : وما أعقل أو أن الحسن والحسين فتنة للنبي ولم ينج منها ، إلا أن يفسروا كلامهم أن أولادكم وأبناءكم المعاندين للحسن والحسين فتنه لا هما لأنهما لم يقل هما فتنه ، ويفسر : أنه لم يعقل ، بأنه ليس فقد عقله ، بل يريد الفزع الشديد الذي اوجب عليه الاهتمام بأمر الحسن والحسين وإنه كان عليه أن ينزل لهما من منبره ، وأنهما ولو في أبسط الأذى ولو عثر أو بكاء صبي ، يجب أن يرعى حرمتهما ويرأف بهم ، وبذلك يجب أن يتأدب الناس بأدبه ويقتدوا به ويسيروا على حبه لهما بعده ، وكما عرفت في الأحاديث السابقة .

والروايات : في هذى الإشراق عن الجماعة ونقلت في كتب الشيعة ، وهي حجة عليهم ، ومعناها مسلم لكل مسلم يرى فعل رسول الله هو عين العقل والوحي ، ولا ينطق عن الهوى ولا يهجر ولا يقول إلا حقا ، وهذا شأن الله أعطاه له في كثير من الآيات حتى قال : لو تقول علينا بعض الأقاويل لقطعنا منه الوتين ، وما صاحبكم بمجنون ، وإنك لعلى خلق عظيم ، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ، والبشير النذير والسراج المنير ، وهذه رحمة عظيمة من النبي بأعظم خلق الله بعده ، وبها حكمة تعريف شأن سيد الناس وسيد شباب أهل الجنة وإمام المسلمين وخليفته وولي أمر المؤمنين ، وبهذا يعرفنا شأنهم الكريم وعلو مقامهم عنده والذي يجب أن يراعى ولا أن يُهجر أبدا ، وأسأل الله أن يجعلنا على منهجهم معتنقين لدينهم مخلصين له بهداه ، فإنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

 

 

 

 

الإشراق التاسع :

النبي الأكرم يلطف بالحسن والحسين وهو في الصلاة :

ومن أحاديث الليث بن سعد قال :

أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي يوما في فئة و الحسين صغير بالقرب منه .

 و كان النبي إذا سجد : جاء الحسين فركب ظهره ، ثم حرك رجليه ، و قال : حل حل .

و إذا أراد رسول الله : أن يرفع رأسه ، أخذه فوضعه إلى جانبه ، فإذا سجد عاد على ظهره ، و قال : حل حل ، فلم يزل يفعل ذلك حتى فرغ النبي من صلاته .

فقال يهودي : يا محمد ، إنكم لتفعلون بالصبيان شيئا ما نفعله نحن ؟!

فقال النبي : أما لو كنتم تؤمنون بالله و برسوله ، لرحمتم الصبيان .

قال : فإني أؤمن بالله و برسوله ، فأسلم لما رأى كرمه من عظم قدره  [120]  .

أبو يعلى الموصلي في المسند عن أبي بكر بن أبي شيبة بإسناده عن ابن مسعود و السمعاني في فضائل الصحابة عن أبي صالح عن أبي هريرة :

أنه كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي ، فإذا سجد وثب الحسن و الحسين على ظهره ، فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما .

 فلما قضي الصلاة وضعهما في حجره , و قال :

 من أحـبـنـي ، فليحــب هذيـن .

و في رواية الحلية : ذروهما بأبي و أمي ، من أحبني فليحب هذين [121].

وعن أبان عن سليم بن قيس : عن أبي سعيد الخدري رحمه الله وغيره قال :

و كان الحسين عليه السلام : يجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، و هو ساجد فيتخطى الصفوف حتى يأتي النبي ، فيركب ظهره فيقوم رسول الله ، و قد وضع يده على ظهر الحسين ، و يده الأخرى على ركبته ، حتى يفرغ من صلاته .

و كان الحسن عليه السلام : يأتيه و هو على المنبر يخطب فيصعد إليه .
 فيركب على عاتق النبي و يدلي رجليه على صدر النبي حتى يرى بريق خلخاله ، و رسول الله يخطب ، فيمسكه كذلك ، حتى يفرغ من خطبته [122].

يا طيب : هذه روايات كريمة ، وفيهما من المعارف ما عرف من لطف النبي بالحسن والحسين وحبه لهما وبيان لشأنهما العظيم عند وعند الله .

 وكان في إحدى الروايات : سبب لإسلام يهودي .

وفي الرواية الثانية : بيان لعظيم حبه لهم والأمر بحبهم منطوقا وبالمفهوم يحرم عدائهم أو حب أعدائهم ، فضلا عن النصر لمذهب يخالف هداهم .

كما أنه فيهما أدب إسلامي : كثير ما نشاهده في البيوت التي فيها طفل ، وبالخصوص حين الصلاة أو الكلام مع الضيوف وغيرها من حالات تدخل الأطفال في الأعمال الأخرى ، وبها خلق إسلامي وأدب نبوي يهدي لدين رباني ، وبه يعلمنا كيف يجب أن يراعوا ويحترموا ، لا أن يؤذوا أو يبعدوا بعنف ، بل برفق ومدارات كما كان رسول الله سواء في الصلاة أو في غيرها عند الكلام ، فإنه كان يضع يده على ظهر الحسين لكي لا يسقط حين يقوم للصلاة ، أو حتى في كلامه أمام حشد من المسلمين ، وهذا عطف بتربية الله له وآدابه الإسلامية يتجلى بها رسول الله وعرفنا بها بتصرفه وبسيرته وسلوكه مع الإمامين في طفولتهما ، وبها يجب أن يتصرف المسلمون ويتأدبوا بآداب الله ، ولا أحد أخلص لله في الصلاة من رسول الله ، وهذا تصرفه أدب ديني وخلق إسلامي من رب العالمين وأرحم الراحمين والذي بعث نبينا رحمة للعالمين وقال له إنك لعلى خلق عظيم ، وبهذا يجب أن يتصرف الآباء مع أبنائهم في المجالس والصلاة وغيرها من أحوال تواجدهم معهم بحال لطف ورحمة وعطف وتكريم .

 

 

 

الإشراق العاشر :

 استحباب التكبير سبع مع أول تكبير للحسين :

عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في الصلاة وإلى جانبه الحسين بن علي ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلم يحر الحسين التكبير .

ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكبر ، ويعالج الحسين التكبير ، ولم يحر ، حتى أكلم سبع تكبيرات ، فأحار  الحسين التكبير في السابعة .

فقال أبو عبد الله عليه السلام : فصارت سنة [123].

يا طيب : مر كلام في الإشعاع الثاني من الإشراق التاسع في المجلس السابق في بيان زيادة ركعات الصلاة والحكمة في مقارنتها لولادة الإمام الحسين فراجع ، وإنه رسول الله وإن كان تشريع دينه مقضي من الله وفي زمن المعراج وقبله ، لكنه يشرعه حين يحصل أمرا مناسبا له ، كما في قضاء الله في القبلة أو غيرها من الأحكام .

كما أنه كثرة الحوادث : بين النبي الأكرم والحسن والحسين في مسجد النبي ، هو لكون باب بيت الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين كان مفتوح للمسجد كباب رسول الله ، وأنه قد سدت جميع الأبواب التي كانت شارعة للمسجد إلا باب النبي وعلي صلى الله عليهم وسلم ، ولذا كان يكثر ترددهما على النبي حتى في الصلاة ، وأنه يراهم عندما يخرجان من بيتهما حين يخطب على المنبر ، أو كان جالسا مع أصحابه في المسجد ، ولذا كثرة القصص التي عرفتها أعلاه ، ومن عدة رواة وفي كثير من المواقف الكريمة في تصرفه معهم .

وبهذه المواقف : للنبي الأكرم مع آله عرف المؤمنون المخلصون شأن الإمام الحسن والحسين ورووا كثير من الروايات في فضلهم وحبهم ، وأما ما يأتي فهي روايات تعرفنا حب النبي لآله ورعايته لهم في غير المسجد ، سواء في بيتهم أو خارجه ، فتدبر .

 

 

 

الإشراق الحادي عشر :

 النبي الأكرم يتفقد الحسن والحسين :

يا طيب : هذه عدة أنواع من أنس النبي الأكرم مع الحسين وآله صلى الله عليهم وسلم ، وتفقده لهم ورعايته وعنايته بهم وبيانه لفضلهم .

عن أسماء بنت عميس عن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم :

 أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتاها يوما ، فقال : أين ابناي يعني حسنا و حسينا ؟

 قالت : قلت أصبحنا و ليس في بيتنا شي‏ء يذوقه ذائق .

فقال علي : اذهب بهما فإني أتخوف أن يبكيا عليك ، و ليس عندك شي‏ء ، فذهبا بهما إلى فلان اليهودي ، فتوجه إليه رسول الله فوجدهما يلعبان في مشربة بين أيديهما فضل من تمر .

 فقال : يا علي أ لا تقلب ابني ، قبل أن يشتد الحر عليهما .

قال فقال علي : أصبحنا و ليس في بيتنا شي‏ء ، فلو جلست يا رسول الله حتى أجمع لفاطمة تمرات ، فجلس رسول الله ، و علي ينزع لليهودي كل دلو بتمرة ، حتى اجتمع له شي‏ء من تمر ، فجعله في حجرته ، ثم أقبل فحمل رسول الله  أحدهما ، و حمل علي الآخر حتى أقبلهما [124].

وعن ابن حازم عن أبي هريرة قال : رأيت النبي يمص لعاب الحسن و الحسين كما يمص الرجل التمرة[125] .

يا طيب : تفقد رسول الله للحسن والحسين وحبه لهما ورعايته في بيتهم إن لم يحضروا عنده في بيته أو مسجده ، هو لما يرى فيهم من الاستمرار لوجوده وعظيم شأنهم الكريم عنده، ثم أنه يذهب لهما حتى لو كانوا في مكان آخر ليرى أخبارهم وليتعرف على حالهم أشد في بيان علو منزلتهم ومقامهم السامي في قلبه الرحيم ، وفي القصة بيان لرحمة الإمام علي أيضا كما كان رسول الله وفيها بيان لأنس النبي بهما حتى بقى معهم يقيهم الحر وعلي ينزح الماء لتمر فاطمة وقوتا لها .

 

 

 

الإشراق الثاني عشر :

 البارقة تضيء طريق الحسن والحسين :

بالأسانيد الثلاثة: عن الرضا عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال :

 إن الحسن  والحسين عليهم السلام كانا يلعبان عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى مضى عامة الليل .

ثم قال لهم : انصرفا إلى أمكما ، فبرقت برقة ، فما زالت تضئ لهما حتى دخلا على فاطمة عليها السلام  ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ينظر إلى البرقة .

 فقال : الحمد لله الذي أكرمنا أهل البيت  [126] .

 

وفي المناقب : عن أحمد بن حنبل في المسند ، و ابن بطة في الإبانة ، و النطنزي في الخصائص ، و الخركوشي في شرف النبي و اللفظ له كما عرفته أعلاه ، و روى جماعة عن أبي صالح عن أبي هريرة ، و عن صفوان بن يحيى و عن محمد بن علي بن الحسين و عن علي بن موسى الرضا ، و عن أمير المؤمنين ، وذكر ما ذكرنا أعلاه .

 و قد رواه السمعاني ، و أبو السعادات في فضائليهما عن أبي جحيفة ، إلا أنهما تفردا في حق الحسين عليه السلام ، وذكر شعرا عن الحميري :

من ذا مشى مع لمع برق ساطع            إذ راح من عند النبي عشاء[127]

 

 

 

 

الإشراق الثالث عشر :

 الحسن والحسين في رعاية الله ويشفعا لملك :

و روي عن سلمان الفارسي قال : أهدي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قطف من العنب في غير أوانه ، فقال لي : يا سلمان ائتني بولدي الحسن و الحسين ليأكلا معي من هذا العنب ، قال سلمان الفارسي : فذهبت أطرق عليهما منزل أمهما فلم أرهما ، فأتيت منزل أختها أم كلثوم فلم أرهما ، فجئت فخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك ، فاضطرب و وثب قائما ، و هو يقول : وا ولداه وا قرة عيناه ، من يرشدني عليهما فله على الله الجنة .

فنزل جبرائيل من السماء ، و قال : يا محمد علام هذا الانزعاج ، فقال : على ولدي الحسن و الحسين فإني خائف عليهما من كيد اليهود ، فقال جبرائيل : يا محمد بل خف عليهما من كيد المنافقين ، فإن كيدهم أشد من كيد اليهود .

و اعلم يا محمد : إن ابنيك الحسن و الحسين نائمان في حديقة أبي الدحداح ، فصار النبي صلى الله عليه وآله وسلم من وقته و ساعته إلى الحديقة ، و أنا معه حتى دخلنا الحديقة ، و إذا هما نائمان ، و قد اعتنق أحدهما الآخر .

و ثعبان : في فيه طاقة ريحان يروح بها وجهيهما ، فلما رأى الثعبان النبي ألقى ما كان في فيه ، فقال : السلام عليك يا رسول الله ، لست أنا ثعبانا ، و لكني ملك من ملائكة الله الكروبيين ، غفلت عن ذكر ربي طرفة عين ، فغضب علي ربي و مسخني ثعبانا كما ترى ، و طردني من السماء إلى الأرض ، و إني منذ سنين كثيرة أقصد كريما على الله ، فأسأله أن يشفع لي عند ربي ، عسى أن يرحمني و يعيدني ملكا كما كنت أولا ، إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ .

قال : فجثا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقبلهما حتى استيقظا ، فجلسا على ركبتي النبي ، فقال لهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم : انظرا يا ولدي هذا ملك من ملائكة الله الكروبيين ، قد غفل عن ذكر ربه طرفة عين ، فجعله الله هكذا ، و أنا مستشفع بكما إلى الله تعالى ، فاشفعا له ، فوثب الحسن و الحسين عليهم السلام ، فأسبغا الوضوء و صليا ركعتين ، و قال : اللهم بحق جدنا الجليل الحبيب محمد المصطفى ، و بأبينا علي المرتضى ، و بأمنا فاطمة الزهراء ، إلا ما رددته إلى حالته الأولى .

قال : فما استتم دعاءهما ، فإذا بجبرائيل قد نزل من السماء في رهط من الملائكة ، و بشر ذلك الملك برضى الله عنه ، و برده إلى سيرته الأولى ، ثم ارتفعوا به إلى السماء و هم يسبحون الله تعالى .

 ثم رجع جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و هو متبسم ، و قال : يا رسول الله إن ذلك الملك يفتخر على ملائكة السبع السماوات ، و يقول لهم :

 من مثلي و أنا في شفاعة السيدين السبطين الحسن و الحسين [128].

 

يا طيب : ومر كلام في المجلس السابق في شفاعة فطرس وصلصائيل ودردائيل ، فراجع إمكان وقوع القصة وما تبين من حكمة بيان عظمة الإمام الحسين عليه السلام ، وإن كان هذا موجود في بعض الكتب القديمة ولم يعرفنا سنده ، ولكن هذا حديث مثله وإن خالفه بكونه من الجن ومذكور سنده في كتبنا القديمة والحديثان لهما مشابه في المعنى والحكمة المستفادة ، وقد روي ما يشبهها كما عرفت وترى بسند جيد ، و أم كلثوم أخت فاطمة عليها السلام .

 

ففي البحار عن أمالي الصدوق : عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام  قال :  مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم المرضة التي عوفي منها ، فعادته فاطمة سيدة النساء ، ومعها الحسن والحسين عليهما السلام ، قد أخذت الحسن بيدها اليمنى ، وأخذت الحسين بيدها اليسرى ، وهما يمشيان وفاطمة بينهم ، حتى دخلوا منزل عائشة .

 فقعد الحسن عليه السلام على جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأيمن ، والحسين عليه السلام على جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأيسر . 

فأقبلا : يغمزان ما يليهما من بدن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فما أفاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم من نومه .

فقالت فاطمة للحسن والحسين : حبيبي إن جدكما قد غفا ، فانصرفا ساعتكما هذه ودعاه حتى يفيق وترجعان إليه .

فقال : لسنا ببارحين في وقتنا هذا ، فاضطجع الحسن على عضد النبي الأيمن ، والحسين على عضده الأيسر فغفيا ، وانتبها قبل أن ينتبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد كانت فاطمة عليه السلام لما نام انصرفت إلى منزلها .

فقالا :  لعائشة ما فعلت أمنا ؟ قالت : لما نمتما رجعت إلى منزلها . 

فخرج : في ليلة ظلماء مدلهمة ذات رعد وبرق ، وقد أرخت السماء عزاليها ، فسطع لهما نور ، فلم يزالا يمشيان في ذلك النور ، والحسن قابض بيده اليمنى على يد الحسين اليسرى وهما يتماشيان ويتحدثان ، حتى أتيا حديقة بني النجار ، فلما بلغا الحديقة حارا فبقيا لا يعلمان أين يأخذان .

فقال الحسن للحسين : إنا قد حرنا وبقينا على حالتنا هذه ، وما ندري أين نسلك ؟ فلا عليك أن ننام في وقتنا هذا حتى نصبح .

 فقال له الحسين عليه السلام : دونك يا أخي فافعل ما ترى . فاضطجعا جميعا واعتنق كل واحد منهما صاحبه وناما . 

وانتبه النبي : صلى الله عليه وآله وسلم عن نومته التي نامها ، فطلبهما في منزل فاطمة فلم يكونا فيه وافتقدهما ، فقام صلى الله عليه وآله وسلم قائما على رجليه ، وهو يقول : إلهي وسيدي ومولاي هذان شبلي خرجا من المخمصة والمجاعة ، اللهم أنت وكيلي عليهما ، فسطع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم نور ، فلم يزل يمضي في ذلك النور حتى أتى حديقة بني النجار .

فإذا هما نائمان : قد اعتنق كل واحد منهما صاحبه ، وقد تقشعت السماء فوقهما كطبق ، فهي تمطر كأشد مطر ما رآه الناس قط ، وقد منع الله عز وجل المطر منهما في البقعة التي هما فيها نائمان لا يمطر عليهما قطرة ، وقد اكتنفتهما حية لها شعرات كآجام القصب ، وجناحان : جناح قد غطت به الحسن ، وجناح قد غطت به الحسين

فلما أن بصر بهما النبي : صلى الله عليه وآله وسلم تنحنح ، فانسابت الحية ، وهي تقول : اللهم إني أشهدك واشهد ملائكتك ، أن هذين شبلا نبيك قد حفظتهما عليه ودفعتهما إليه سالمين صحيحين .

فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أيتها الحية مم أنت ؟

قالت : أنا رسول الجن إليك ،  قال : وأي الجن ؟ قالت : جن نصيبين نفر من بني مليح نسينا آية من كتاب الله عز وجل ، فبثوني إليك لتعلمنا ما نسينا من كتاب الله ، فلما بلغت هذا الموضع سمعت مناديا ينادي : أيتها الحية هذان شبلا رسول الله فاحفظيهما من العاهات والآفات ، ومن طوارق الليل والنهار ، فقد حفظتهما وسلمتهما إليك سالمين صحيحين ، وأخذت الحية الآية وانصرفت .

فأخذ النبي : صلى الله عليه وآله وسلم الحسن فوضعه على عاتقه الأيمن ، ووضع الحسين على عاتقه الأيسر .

وخرج علي : عليه السلام فلحق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

فقال له بعض أصحابه : بأبي أنت وأمي ادفع إلي أحد شبليك اخفف عنك .

 فقال : امض فقد سمع الله كلامك وعرف مقامك .

 وتلقاه آخر فقال : بأبي أنت وأمي ادفع إلي أحد شبليك اخفف عنك .

فقال : امض فقد سمع الله كلامك ، وعرف مقامك . 

فتلقاه علي عليه السلام فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ادفع إلي أحد شبلي وشبليك حتى اخفف عنك .

 فالتفت النبي : صلى الله عليه وآله وسلم إلى الحسن ، فقال : يا حسن هل تمضي إلى كتف أبيك ؟

 فقال له : والله يا جداه إن كتفك لأحب إلي من كتف أبي .

 ثم التفت : إلى الحسين عليه السلام ، فقال : يا حسين هل تمضي إلى كتف أبيك ؟

فقال له : والله ياجداه إني لأقول لك كما قال أخي الحسن ، إن كتفك لأحب إلي من كتف أبي .

 

 فأقبل بهما : إلى منزل فاطمة عليها السلام ، وقد ادخرت لهما تميرات ، فوضعتها بين أيديهما ، فأكلا وشبعا وفرحا . 

فقال لهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قوما الآن فاصطرعا ، فقاما ليصطرعا ، وقد خرجت فاطمة في بعض حاجتها ، فدخلت فسمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول : إيه يا حسن شد على الحسين فاصرعه .

 فقالت له : يا أبه واعجباه أتشجع هذا على هذا ؟ تشجع  الكبير على الصغير ؟

 فقال له : يا بنية أما ترضين أن أقول أن : يا حسن شد على الحسين فاصرعه .

وهذا حبيبي جبرائيل يقول : يا حسين شد على الحسين فاصرعه[129]

يا طيب : هذه حالة كريمة تتم معاني القصة وحب النبي لهما ورعاية الله لهما ، وإنه الإنسان محاط بعناية الله حتى أجله ، فكيف بمن سيكون إماما للمؤمنين حقا ، وقصص الجن المؤمنين وغيرهم كثيرة وتوجد سورة في القرآن باسم الجن ، وإن أولها عرفت شواهده وما في معناه ، وتابع قسمها الثاني في الإشراق الآتي .

 

 

الإشراق الرابع عشر :

 الحسن والحسين يصطرعان عند النبي :

يا طيب : وإما خبر المصارعة الذي عرفت قصته في آخر الخبر أعلاه ، فقد روي مع تلك القصة ومنفردا ، وهذه بعض ألفاظه الأخرى ، وبسند رواة آخرين ، وقد تختلف بعض ألفاظه حسب تعبير الراوي ، فتدبر به :

في قرب الإسناد : عن ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام  قال : بينما الحسن والحسين يصطرعان عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : هي يا حسن .

فقالت فاطمة عليها السلام : يا رسول الله تعين الكبير على الصغير ؟

 فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

جبرائيل يقول : هي يا حسين .

وأنا أقول : هي يا حسن[130]

 

وفي بحار الأنوار : عن الأمالي للشيخ الطوسي عن جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال :

اصْطَرَعَ : الحسن وَ الحسين ، فَقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم : إِيهاً حَسَنُ ، فَقالتْ فَاطِمَةُ عليه السلام : يَا رَسُولَ الله ، تَقُول : إِيهاً حَسَنُ وَ هُوَ أَكْبَرُ الْغُلَامَيْنِ ، فَقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم أَقُولُ : إِيهاً حَسَنُ .

وَ يَقُولُ جبرائيل : إِيهاً حُسَيْنُ [131].

وفي عبارة ثالثة : عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال : اصطرع الحسن و الحسين  بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إيها حسن خذ حسينا .

فقالت فاطمة عليها السلام : يا رسول الله أ تستنهض الكبير على الصغير .

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا جبرائيل عليه السلام يقول :

للحسين إيها يا حسينا خذ الحسن .

 

وقال الحميري رحمه الله شعرا :

بينـا النبي و ابنـاه و البـرة        و الـروح ثالث في قـرار

إذ دعا شبر شبيرا فقـام الطهر        للطاهـرات و الأطهــار

لصراع فقال أحـمد إيـه يـا         حسـن شد شدة المغــوار

قالـت البـرة البتــولة لمـا        سمعـت قـوله بإنـكــار

أ تجري الكبير و الناس طـرا        يقصدون الصغار دون الكبار

قال إن كنت فاعلا إن من يكنف       هــذا عـن الـورى متوار

   إن جبريل قائل مثــل قـولي        لفتى المجد و الندى و الوقار[132]

 

وفي عبارة رابعة : في تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام :

... قال ثم : تناول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : الحسن بيمينه و الحسين بشماله، فوضع هذا على كاهله الأيمن، و هذا على كاهله الأيسر، ثم وضعهما على الأرض، فمشى بعضهما إلى بعض يتجاذبان، ثم اصطرع .

 فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول للحسن  : إيها يا أبا محمد فيقوي الحسن ، و يكاد يغلب الحسين.

ثم يقوي الحسين عليه السلام فيقاومه .

فقالت فاطمة عليها السلام : يا رسول الله أ تشجع الكبير على الصغير ؟

فقال لها رسول الله : يا فاطمة أما إن جبرائيل و ميكائيل كما قلت للحسن إيها يا أبا محمد ، قالا للحسين : إيها يا أبا عبد الله ، فلذلك تقاوما و تساويا .

أما إن الحسن و الحسين : حين كان يقول رسول الله للحسن إيها أبا محمد ، و يقول جبرئيل إيها أبا عبد الله ، لو رام كل واحد منهما حمل الأرض بما عليها من جبالها و بحارها و تلالها ، و سائر ما على ظهرها ، لكان أخف عليهما من شعرة على أبدانهما ، و إنما تقاوما لأن كل واحد منهما نظير الآخر .

 هذان : قرتا عيني ، هذان ثمرتا فؤادي ، هذان سندا ظهري ، هذان سيدا شباب أهل الجنة من الأولين و الآخرين ، و أبوهما خير منهما ، و جدهما رسول الله خيرهم أجمعين .

 فلما قال : ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،  قالت اليهود و النواصب : إلى الآن كنا نبغض جبرائيل وحده ، و الآن قد صرنا نبغض ميكائيل أيضا لادعائهما لمحمد و علي إياهما و لولديه .

فقال الله عز وجل : { مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ الله عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ (98)} البقرة [133].

وللقصة بداية تجده إن شاء الله في صحيفة الإمام علي عليه السلام ، وهي تبين فضيلة حبه وحب أصحابه وآله وعناد اليهود للحق .

ويا طيب : قدرة الله التي خلقت السماوات والأرض سارية في الوجود ويهب منها ما يشاء لمن يشاء كيف يشاء ، وقد منح منها قدرات عظيمة لجبرائيل في تسخير الرياح والجبال وقلب الأرض على الأمم العاصية ، أو جعل البحر يبس لموسى بضربة عصى أو تفجير العيون له أو حمل الجبل كالظل فوق قومه ، أو قلع باب خيبر للإمام علي إسقاطه لهبل وغيره وهو مسمر فوق الكعبة بمساير حديد كبيره مع كون حجمه كبير جدا ورميه من فوق الكعبة للأرض ، وغيرها من المعجزات العظيمة المذكورة في قصص الأنبياء ، وأن جبرائيل قلب مدائن لوط وغيرها .

وليس بعزيز على الله ولا ممتنع : إن يجعل الله تعالى للحسن والحسين قوة عظمية في هذا الموقف أو غيره ، وإن إمكان وقوع القدرة ليس بمستحيل ، إما أنه قول ولم يحصل شيء يدل عليه ، ولكن لعله كان موقف لهما في هذا التصارع ليعرفنا أنهما يؤيدان بالمعجزة إذا شاء الله ، وإن عدم نصرهما الآني في الحروب ، هو لحكمة بيان الحق بمظلوميتهما وبيان انحراف الناس عن الحق ، وإن العاقل وكل منصف يجب أن يتبع الحق ويبحث عن الدين الصادق ، والله لم يكره أحد على دينه ، ولا يريد أن يتبع دينه من أجل الدنيا فقط ، بل يريد أن يبين الحق بالسبيل الذي يعرفه المنصف بأقل تدبر ، وعلى طول التأريخ لا لموقف آني وأيام مع معجزة وبانتهائها ينتهي أثرها ، لأنه إن كان خذل الناس للحسنين فكان خذلانهم لدينهم وتعاليمهم وعدم أهتمامه بها أشد عند الله تعالى ، وليس الدين أمرا يؤيد به سلطان حكم ظاهري لحاكم فقط ، بل تعاليم يجب أن يؤمن بها وتحب وتطبق عن ود واقعي ومخلصين بها لله الدين بحق ، سواء طلبها أو تعلمها أو العمل بها .

 

 

 

الإشراق الخامس عشر :

لباس من الجنة للحسن والحسين :

قال الإمام الرضا عليه السلام : عري الحسن و الحسين صلوات الله عليهما وأدركهما العيد ، فقالا لامهم : قد زينوا صبيان المدينة إلا نحن ، فمالك لا تزينينا ؟

فقالت : إن ثيابكما عند الخياط فإذا أتاني زينتكما ، فلما كانت ليلة العيد أعادا القول على أمهما فبكت ورحمتهما ، فقالت لهما ما قالت في الأولى فردا عليها . 

فلم : أخذ الظلام ، قرع الباب قارع .   فقالت فاطمة : من هذا ؟

 قال : يا بنت رسول الله أنا الخياط جئت بالثياب ، ففتحت ألباب ، فإذا رجل ومعه من لباس العيد .

قالت فاطمة : والله لم أر رجلا أهيب سيمة منه ، فناولها منديلا مشدودا ، ثم انصرف . 

فدخلت فاطمة عليها السلام : ففتحت المنديل فإذا فيه :

قميصان ، ودراعتان ، وسراولان ، ورداءان ، وعمامتان ، وخفان أسودان معقبان بحمرة ، فأيقظتهما وألبستهما .

 فدخل : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهما مزينان ، فحملهما وقبلهما ، ثم قال : رأيت الخياط ؟

 قالت : نعم ، يا رسول الله ، والذي أنفذته من الثياب ، قال : يا بنية ما هو خياط إنما هو رضوان خازن الجنة .

قالت فاطمة : فمن أخبرك يا رسول الله ؟

 قال : ما عرج حتى جاءني وأخبرني بذلك[134].

يا طيب : الرواية تشعر بأن فاطمة الزهراء عندها خبر من رسول الله بأنه سيأتيها خياط بثياب ولكنها لم تعلم أنهما من الجنة وإن الآتي بهما سيكون ملك ، ولذا حين سألها الحسن والحسين عن الثياب قالت سيأتي بهما الخياط ، وفعلا لما جاء بهما أحست بغرابته وكرامته في هيئته ، ولكنها لم تعرف به بأنه خياط الجنان والموكل بزينتها وخازنها رضوان عليه السلام ، ولذا لما جاء رسول الله تشكرت منه على ما أنفذ من الثياب وذكرت أنه خياط مع معرفتها بكون له هيبة تفوق شأن الخياط العادي من بين الإنسان ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرها بأنه رضوان خازن الجنان .

ولذا قد يشكل البعض على أنه كيف تخبر فاطمة بما ليس حق ، ومن غير علم وصدق ، وهو أنه ليس لديها ثياب لولديها فضلا عن كونها عند الخياط .

فإنه يقال : الإشكال مشكل ، وما يدري المستشكل أن فاطمة عليه السلام ليس لها خبر من أبيها بأنه سيأتيها أحد بثياب وهو خياط ، لكنه لم تعرف ولم يخبرها رسول الله في حينها ، بأن الخياطة تمت بيد رضوان خازن الجنان عليه السلام .

وهذا خبر يؤيده بأنه قد ذكر في البحار :  عن أم سلمة أنها  قالت :

 رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلبس ولده الحسين عليه السلام حلة ليست من ثياب الدنيا .

فقلت له : يا رسول الله ما هذه الحلة ؟

فقال : هذه هدية أهداها إلي ربي للحسين عليه السلام ، وإن لحمتها من زغب جناح جبرائيل ، وها أنا البسه إياها وأزينه بها . فإن اليوم يوم الزينة وإني أحبه [135].

يا طيب : الحسن والحسين معممان وعليهما جبة وتحتها ثوب على قميص وسروال ، ومنظر يسر المؤمنين فضلا عن الله ورسوله ، وبهذا معرفة حكم إسلامية وضرورة تزيين الأولاد في الأعياد سواء مواليد الأئمة أو أعياد المسلمين كالغدير والعيدين الفطر والأضحى بل يوم الجمعة ومواليد نفس الطفلان ، وما أحلى لو كان لباس الأولاد مثل لباس الحسن والحسين أو قريبا منه وكلا حسب طاقة يفرح أولاده .

 

 

الإشراق السادس عشر :

استسقاء النبي للحسن والحسين عليهم السلام :

يا طيب : مسألة عطش أهل البيت وسقيهم لمِا كان من جفاف بعض السنين في المدينة حتى كان يستسقي نبي الرحمة وينزل الغيث ، والروايات الآتية بعضها في بيت النبي ، وبعضها في سفر ، وبعضها عامة في المدينة وفي مسجدها ، فتدبر بها ودقق اهتمام النبي بسبطيه ، وما سيعاني الإمام الحسن ممن يسقيه السم ، ومن يقتل الحسين عطشان ، وأختار دينك من أئمة الحق ، وأهجر قتلتهم ومن رضي بظلم أئمة الحق ، فإنه لا يعرف دين الله ظالم ولا معاند لما يحب الله ورسوله فتدبر .

 

الإشعاع الأول :

 استسقاء النبي للحسن والحسين وإعطائهم لسانه :

في بحار الأنوار عن المناقب : عن تفسير الثعلبي قال الربيع بن خيثم لبعض من شهد قتل الحسين عليه السلام :

جئتم بها معلقيها ، يعني الرءوس .

ثم قال : و الله لقد قتلتم صفوة ، لو أدركهم رسول الله لقبل أفواههم ، و أجلسهم في حجره ، ثم قرأ :

{ قُلِ اللهمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ الله مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) } الزمر .

 و قال : من إيثارهما على نفسه صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه عطش المسلمون عطشا شديدا ، فجاءت فاطمة بالحسن و الحسين إلى النبي ، فقالت :

 يا رسول الله إنهما صغيران لا يحتملان العطش .

 فدعا الحسن فأعطاه لسانه فمصه حتى ارتوى .

 ثم دعا الحسين فأعطاه لسانه فمصه حتى ارتوى .

أنظر عناية رسول الله وكيف يسقيهم : ولكن من يدعي الإسلام أفتى بقتل الحسين عطشان بل سترى كل صحبه قتلوا عطشا حتى طفله الصغير ، وقايس فعل رسول الله بفعل من يدعي الإسلام ولم يدخل الإيمان في قلبه ، ثم كيف يحق أن يقلد الإنسان دينه لجماعة من النواصب يعلموه معارف الله وهم يقتلون سبط رسول الله وسيد شباب أهل الجنة ، وكيف يحق له أن يتبع من يفتي على سفرت ظالم معاند لحق بكل وجوده ، ويؤيد حكمهم وكل ما يثبت سلطانهم ، وهم رواة أحاديث ملأت من كلامهم صحاح القوم ، مع أنه لم ينقلوا عن الحسن والحسين شيئا يذكر مع عمرهم الطويل في المدينة والكوفة ، وهم بين ظهراني أهل الحديث ، بل منهم يجب أن يؤخذ ويتعلم هدى الله ، وما كانا سيدا شباب أهل الجنة وحب رسول الله لهما حقا إلا وكانا حقا أهلا للعلم ولتعليم هدى الله بكل وجودهم وسيرتهم وبكل إخلاص وعلى الحقيقة لما يحب ويرضى سبحانه وتعالى ، وهو الذي أيدهم بآية التطهير والمودة والمباهلة والتصديق والولاية ...

 فهل ترى من يهجر الحسن والحسين : ويتبع أعدائهم ومن هجرهم وقاتلهم ورضي بفعلهم ، نصيبا من دين جدهم أو في جنة أعدت للمتقين وسيدهم الحسين وأخيه وجده وأمه وأبيه ، ولمعرفة هذا المعنى تابع هذا البحث وإن طال بعض الشيء مع سيدا شباب أهل الجنة وسبطي رسول الله والله يحب من يحبهم ، وكما عرفت من الأحاديث أعلاه وما سيأتي في الباب الآتي من آثار حب أهل البيت وبالخصوص الحسن والحسين عليهم السلام .

 

 

  

الإشعاع الثاني :

 النبي يقوم بنفسه ليسقي الحسن والحسين :

عن أبان عن سليم قال : حدثني علي بن أبي طالب عليه السلام و سلمان و أبو ذر و المقداد رضى الله عنهم ، و حدث أبو الجحاف داود بن أبي عوف العوفي ، يروي عن أبي سعيد الخدري رحمه الله قال :

دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : على ابنته فاطمة عليه السلام ، و هي توقد تحت قدر لها تطبخ طعاما لأهلها ، و علي عليه السلام في ناحية البيت نائم ، و الحسن و الحسين عليهم السلام نائمان إلى جنبه ، فقعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع ابنته يحدثها ، و هي توقد تحت قدرها ليس لها خادم .

إذ استيقظ الحسن عليه السلام : فأقبل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : يا أبة اسقني ، فأخذه رسول الله ، ثم قام إلى لقحة كانت فاحتلبها بيده ، ثم جاء بالعلبة و على اللبن رغوة ليناوله الحسن عليه السلام .

فاستيقظ الحسين عليه السلام فقال : يا أبة اسقني .

 فقال النبي : يا بني أخوك و هو أكبر منك ، و قد استسقاني قبلك .

فقال الحسين عليه السلام : اسقني قبله ، فجعل رسول الله يرقبه و يلين له ، و يطلب إليه أن يدع أخاه يشرب قبله ، و الحسين يأبى .

فقالت فاطمة عليها السلام : يا أبة كأن الحسن أحب إليك من الحسين ؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم : ما هو بأحبهما إلي ، و إنهما عندي لسواء ، غير أن الحسن استسقاني أول مرة .

وإني و إياك و إياهما و هذا الراقد في الجنة ، لفي منزل واحد ، و درجة واحدة .

قال : و علي عليه السلام نائم لا يدري بشي‏ء من ذلك[136] .

 

 وعن أبو صالح المؤذن : في الأربعين ، و ابن بطة في الإبانة : عن علي ، و عن الخدري ، و روى أحمد بن حنبل في مسند العشرة و فضائل الصحابة عن عبد الرحمن بن الأزرق عن علي عليه السلام ، و قد روى جماعة عن أم سلمة و عن ميمونة .

و اللفظ له عن علي عليه السلام قال :

رأينا رسول الله قد أدخل رجله في اللحاف أو في الشعار ، فاستسقى الحسن فوثب النبي إلى منيحة لنا فمص من ضرعها فجعله في قدح ، ثم وضعه في يد الحسن ، فجعل الحسين يثب عليه و رسول الله يمنعه .

فقالت فاطمة : كأنه أحبهما إليك يا رسول الله .

قال صلى الله عليه وآله وسلم : ما هو بأحبهما إلي ، و لكنه استسقى أول مرة .

و إني و إياك و هذين و هذا المنجدل يوم القيامة في مكان واحد .[137]

جعلنا الله معكم وعلى منهجكم في الدنيا والآخرة ، يا ربنا أنك الأعز الأجل الأكرم ، عرفنا حقهم وثبتنا على هداهم لنطيعك به ، ونعبدك مخلصين لك الدين بما تحب وترضى ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

ويا طيب : في هذا الحديث أدب إسلامي فيه حرمة للطالب أولا وتقديمه على غيره ، ويرفع الواسطة حتى لو كان عزيزا أخر ، وهو سنة متبعة الآن في أغلب حالات توزيع الماء وغيره عند المؤمنين ، ثم عدم عطاءه للحسين لا لعدم اهتمامه به بل كان يحبهم حبا شديدا ، وعرفت أنه كان رضاع الحسين من النبي في بعض الروايات وكان يمضغ التمر ويضعه في فمه ، بل كان يعطيه لسانه يمصه كما في الحديث الأول ، وستأتي رواية كريمة تعرفنا شدة استسقاء النبي بفمه للحسين ، وإعطائه لسانه ليشرب منه كما عرفت في أول روايات تغذيه من فمه وتربيته على ريقه بأمر الله .

وإن الروايتان كأنها تنقل حادث واحد : لكن فيها أنه عليه السلام منجدل وكأنه ليس بنائم ، ولذا روى القصة وهو عليه السلام أعرف بحاله ، كما أن الرواية متفقه على أن الحسن طلب من رسول الله فبادر وحلب له ، ثم أن قد تكون روايتان ، و لكثرة من نقلها نسلم وقوعها ، كما أنه باقي المعنى متفق في القصة الحسنة لآل البيت ، وتعرفنا بأنه مكانهم كلهم واحد في الجنة ، وهذا أعلى مقام لأهل كرامة الله ، وجعلنا الله معهم دنيا وآخرة ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

وقبل أن ذكر رواية : تعرفنا شدة حب نبينا الأكرم ورعايته لرفع عطش الإمام الحسين وتعرفنا أهمية الماء والاستسقاء لهما ، وهي كريمة في معارفها ويؤيدها أدب الدين وذكرها الأصحاب قبل المخالفين ، فهذه روايات تعرفنا شدة حبه للإمام الحسن أيضا وتعرفنا مسائل فقهية وغيبية كالاستسقاء لهما ، وكان يعبر بها رسول الله في تصرفه مع الحسن والحسين سواء في تقبليهم أو في سقيهم الماء ، أهمية شرفهم وما سيصيبهم من المنحرفين عن دينه الكريم ، وبكل حركة يظهر من حبهم ، فتدبر :

 

الإشعاع الثالث : النبي يمص لسان الحسن ومعاوية يسقيه السم :

ففي مسند أحمد : عن عبد الرحمن ابن عوف الجرشى عن معاوية قال :

 رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لسانه ، أو قال : شفته يعنى الحسن ابن علي صلوات الله عليه .

وانه لن يعـــذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله [138].

وفي رواية أخرى : لن يعي ، أي عن الكلام ولن يكل عن فصاحة البيان ، وليته حين حاربه أن يعرف حرمته ولا يسلبه حقه ، بل لا يتجاوز بدفع السم لجعدة أبنت الأشعث زوجة الحسن ويغريها بالمال لتسمه كما جاء :

فقد روي في الإحتجاج : أن معاوية دفع السم إلى امرأة الحسن بن علي جعدة بنت الأشعث ، فقال لها : اسقيه ، فإذا مات هو زوجتك ابني يزيد .

 فلما سقته السم و مات عليه السلام ،  جاءت الملعونة إلى معاوية الملعون ، فقالت : زوجني يزيد .

فقال : اذهبي فإن امرأة لم تصلح للحسن بن علي لا تصلح لابني يزيد[139] .

وفي الإرشاد قال : ما رواه عيسى بن مهران قال حدثنا عبيد الله بن الصباح قال حدثنا جرير عن مغيرة قال :  أرسل معاوية إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس أني مزوجك يزيد ابني على أن تسمي الحسن ، و بعث إليها مائة ألف درهم .

ففعلت ، و سمت الحسن عليه السلام فسوغها المال ، و لم يزوجها من يزيد .

فخلف عليها رجل من آل طلحة ، فأولدها ، فكان إذا وقع بينهم و بين بطون قريش كلام ، عيروهم ، و قالوا : يا بني مسمة الأزواج [140].

وهذا معاوية وأعوانه من يعرف قرب الحسن من النبي وعنايته به : وكنه أباه حارب النبي في الجاهلية في كل حروبه في قريش وكان إمام الكفر ، وهو حارب أمير المؤمنين والحسن ، وأبنه يزيد حارب الحسين ، والله يختبر عباده ليرى من يتبع سلطان الدنيا ومن يصبر مع سلطان الدين والدنيا ، فيعيش مطمئن بما قسم الله له ويبتع الهدى الذي يظهر به أئمة الحق ، وإن المال يغري حتى زوجة الرجل مثل جعدة بنت الأشعث وغيرها ، فتكون من أعدائه ، وإن كان من قبل أبها باع نفسه للخوارج ثم أخاها باع نفسه لأبن زياد وقتل مسلم وشارك في قتل الحسين بعد أن تمرسوا بالخباثة واللؤم وبيع النفس بثمنا بخس ، وهذا معاوية له حكم وما يروي ، وأنظر حديثا آخرا لتابع له ، وكان يفتي على سلطانه وقد ملئت كتب القوم من أحاديثه :

عن أبى هريرة أنه لقي الحسن بن على في بعض طرق المدينة فقال له :

اكشف لي عن بطنك فداك أبى ، حتى أقبل حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله . قال : فكشف عن بطنــه فقبـــل ســرتــــه .

 خرجه أبو حاتم . ثم قال لو كانت من العورة ما كشفتها [141] .

وهذا حكما شرعيا وتؤيده روايات كثيرة في هذا المعنى .

ولعله كان تقبيل النبي لسرت الإمام الحسن عليه السلام : لما سيصيبه من السم على يد الظلمة وأعوانهم ، فيعرفهم ما سيصيبه منهم مع ما يرون من حبه له وما يعبر عن راعيته له وما يبين من شرفه ومناقبه التي رووها أنفسهم ، وفي صحيفته عليه السلام تمام الكلام في شهادته ، وأبو هريرة له كثير من الكلمات تخص الحسنين وتبين وإمامتهم وولاتيهم ، ولكنه أغراه معاوية ، وعند موته يشهد لهم بالحق وما لهم من المكارم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنظر ما روى في حق الإمامين الكريمين :

وقال أبو هريرة : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله .

يمص لعاب الحسن والحسين ، كما يمص الرجل التمرة [142].

وعن إسحاق بن أبي حبيبة : مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة : أن مروان بن الحكم أتى أبا هريرة في مرضه الذي مات فيه ، فقال مروان لأبي هريرة : ما وجدت عليك في شيء منذ اصطحبنا إلا في حبك الحسن والحسين .

قال : فتحفز أبو هريرة فجلس فقال : أشهد لخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا ببعض الطريق .

سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت الحسن والحسين وهما يبكيان ، وهما مع أمهما فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم السير حتى أتاهما ، فسمعته يقول :

ما شأن ابني ؟   فقالت : العطش .

قال : فأخلف ( كذا ) رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شنة يتوضأ بها فيها ماء ، وكان الماء يومئذ إعزازا ، والناس يريدون الماء .

 فنادى : هل أحد منكم معه ماء ؟  فلم يبق أحد : إلا أخلف يده إلى كلاله يبتغي الماء في شنه ، فلم يجد أحد منهم قطرة .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ناوليني أحدهما فناولته إياه من تحت الخدر ، فرأيت بياض ذراعيهما حين ناولته ، فأخذه فضمه إلى صدره وهو يصغو ما يسكت ، فأدلع له لسانه فجعل يمصه حتى هدأ وسكن ، فلم أسمع له بكاء والآخر يبكي كما هو ما يسكت .

فقال : ناوليني الآخر فناولته إياه ، ففعل به كذلك ، فسكت فلم أسمع لهما صوتا ، ثم قال : سيروا . فصدعنا يمينا وشمالا عن الضعائن حتي لقيناه على قارعة الطريق ، فأنا لا أحب هذين ؟ وقد رأيت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم [143]؟ ! .

إنا لله وإنا إليه راجعون : بالله عليك من يعرف حرمت الحسن وحب النبي له ، وأن الله ورسوله يحبه ويحب من يحبه ، وأنه سيد شباب أهل الجنة كيف لا يسير على ركابه ويتبع محارب له ويفتي له ما يحب ، فإن أبو هريرة كان من أركان معاوية وناصريه الذين كان يكثر الحديث في فضل عثمان وباقي الصحابة ، ولكنه كان يفلت له كلام يذكر به الحق ، أو يتملق به للإمام الحسن والحسين حين يراهم ، وإنه مع علمه بالحق لكن الدنيا عنده حلوه وتبع معاوية ومروان وغيرهم لما كانوا يولوه من أحكام ، فقد ولي المدينة في زمنهم حتى توفي فيها ، والحسن يسقيهم الماء أنظر قصة عثمان ومحاصرته وكيف جاءه بالماء ، وهم بني أمية يسقوه السم بعد سلب ولايته وما أعده الله له من خلافة جده ، فتابع البحث لترى الطرفين في حال واحد هو الماء .

 

 

 

الإشعاع الرابع :

 النبي يسقي الحسين لسانه وماء عذبا :

يا طيب : إن الأحاديث في حياة الإمامين الحسن والحسين عليهم السلام مشتركة ، وإن حالات الاستسقاء تعمهم ، فبالإضافة لما عرفت نذكر أحاديث أخرى في رعاية النبي للحسن والحسين ، وكيف كان يسقيهم الماء ، أو لسانه لرووا ، وهذا نعنونه باسم الإمام الحسين بعد أن عرفنا أحاديث مشابهة له في الأشعة السابقة :

في البحار والعوالم : مما في معنى الحديث السابق وبتعبير أخر عن بعض مؤلفات أصحابنا : مرسلا عن بعض الصحابة ، قال :

 رأيت النبي صلى الله عليه وآله يمص لعاب الحسين عليه السلام كما يمص الرجل السكرة ، وهو يقول :

حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينا ، وأبغض الله من أبغض حسينا ، حسين سبط من الأسباط ، لعن الله قاتله [144].

 

وعن أبي هريرة إذ قال :

كان النبي صلى الله عليه وسلم يدلع لسان الحسين .

فيرى الصبي حمرة لسانه فيهش إليه .

فقال عيينة بن بدر : ألا أراه يصنع هذا بهذا ، فوالله إنه ليكون لي الولد قد خرج وجهه وما قبلته قط .

فقال صلى الله عليه وسلم : من لا يرحم لا يرحم[145].

ذكر تقبيله ثغر الحسين عن أنس بن مالك قال :

 لما قتل الحسين بن على جئ برأسه إلى ابن زياد فجعل ينكث بقضيب على ثناياه . وقال : إن كان لحسن الثغر .

فقلت في نفسي لاسوءنك : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه [146].

 

وذكر بن عساكر في ترجمة الحسن عليه السلام موضوعا بعنوان :

 إرواء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسن والحسين لما عطشا بإدلاع لسانه لهما ومصهما إياه .

وعن عبد الله بن محمد الصنعاني عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل الحسين عليه السلام جذبه إليه ، ثم يقول ل أمير المؤمنين عليه السلام أمسكه ، ثم يقع عليه فيقبله و يبكي .

يقول : يا أبة لم تبكي ؟  فيقول : يا بني أقبل موضع السيوف منك .

قال : يا أبة و أقتل ؟ قال : إي و الله و أبوك و أخوك و أنت .

قال : يا أبة فمصارعنا شتى ، قل : نعم يا بني ؟ قال : فمن يزورنا من أمتك ؟

 قال : لا يزورني و يزور أباك و أخاك و أنت إلا الصديقون من أمتي [147].

يا طيب : لو طلب الحسين ماء أولا من جده رسول الله لسقاه أولا ، ولكن الحسن طالب ، ولو كان في كربلاء لسعى له بكل وجوده يطلب له الماء ، وبالخصوص لطفله الرضيع عبد الله الذي قتلوه ظامئ والحسين يطلب له الماء ، ولكنهم ذبحوه من الوريد إلى الوريد بسهم غادر والحسين يقول لهم خذه اسقوه إن كنت تخافون أن أشرب من ماء تعطوه له .

ويا طيب : من يتابع وينصر أعداء الحسين وأشياعهم أتراه يروى من الحوض أو يكون مؤمنا يحب الله ورسوله ، فإنه ينصر ظلمه ويوالي أئمة دين قتلة كفرة لم يرعوا حرمه لا لله ولا رسوله ولا لآداب الدين ، وهذه حياة الإمام الحسين في آله قصص وعبر وسنن وآداب ، فالمنحرف عنه لا دين له مهما أدعى ، ولتعرف الطرفين تدبر القصص الآتية .

 

 

 

الإشعاع الخامس :

 قصص للنبي وآله يسقون بني أمية وهم يقتلوهم عطشا :

 قال ابن خلكان : قال الشيخ نصر الله بن مجلي ، مشارف الصناعة بالمخزن ، وكان من ثقات أهل السنة ، رأيت في المنام علي بن أبي طالب ، فقلت له :

يا أمير المؤمنين تفتحون مكة فتقولون من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ثم يتم على ولدك الحسين عليه السلام يوم الطف مأتم ؟

فقال : أما سمعت أبيات ابن الصيفي في هذا ؟ فقلت : لا . فقال : اسمعها منه ، ثم استيقظت فبادرت إلى دار حيص بيص ، فخرج إلي فذكرت له الرؤيا فشهق وأجهش بالبكاء ، وحلف بالله إن كانت خرجت من فمي أو خطي إلى احد ، وإن كنت نظمتها إلا في ليلتي هذه . ثم أنشدني :

   ملكنـا فكان العفو منا سجية     فلمـا ملكتـم سـال بالدم أبطـح

   وحللتم قتل الأسارى وطالمـا   غـدونا على الأسرى نمن ونصفح

فحـسبكم هذا التفاوت بيننـا   وكـل إنـاء بالذي فيـه ينضـح[148]

وذكر الأميني في الغدير عن البلاذري والطبري : فحاصر الناس عثمان ومنعوه الماء فأشرف على الناس فقال : أفيكم علي ؟

فقالو : لا . قال : أفيكم سعد ؟ فقالوا : لا . فسكت ، ثم قال : ألا أحد يبلغ عليا فيسقينا ماء ؟

 فبلغ ذلك علي : فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء ، فما كادت تصل إليه وجرح بسببها عدة من موالي بني هاشم وبني أمية حتى وصلت[149] .

وقال نصر بن مزاحم مؤلف كتاب صفين : فلما انصرف أبو الأعور عن الحرب راجعا سبق إلى الماء ، فغلب عليه في الموضع المعروف بقناصرين إلى جانب صفين ، و ساق الأشتر يتبعه فوجده غالبا على الماء ، و كان في أربعة آلاف من مستبصري أهل العراق فصدموا أبا الأعور و أزالوه عن الماء [150].

والحسين عليه السلام : سقى الحر في أول لقاء له معه ، ولم يمنعه الماء .

 ولكنهم حين حاصروا الحسين في كربلاء منعوه الماء وقتلوه وآل بيته وأصحابه عطشا ، وقارن بين فعل النبي وعلي معهم وأنظر ما فعلوا بالحسين وآله حين ملكوا.

ذكر في مقاتل الطالبيين : وكان عبد الله بن الحسين : يوم قتل صغيرا جاءته نشابة وهو في حجر أبيه فذبحته وبسنده قال : حدثنا من شهد الحسين ، قال : كان معه ابنه الصغير ، فجاء سهم فوقع في نحره ، قال : فجعل الحسين يأخذ الدم من نحره ولبته فيرمى به إلى السماء فما يرجع منه شيء ، ويقول : اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح[151] .

جمع الروايات في لواعج الأشجان فقال :

فتقدم الحسين إلى باب الخيمة وقال لزينب : ناوليني ولدي الصغير حتى أودعه فأتي بابنه عبد الله ، فأخذ وأجلسه في حجره وأومأ إليه ليقبله ، فرماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم ، فوقع في نحره فذبحه ، فقال : لزينب خذيه ثم تلقى الدم بكفيه فلما امتلأتا رمى بالدم نحو السماء ثم قال هون علي ما نزل به انه بعين الله .

وفي رواية انه قال : اللهم  لا يكن أهون عليك من فصيل " قال " الباقر عليه السلام فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض ، وفي رواية انه صبه في الأرض .

ثم قال : يا رب إن كنت حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير منه وانتقم لنا من هؤلاء القوم الظالمين ثم حمله حتى وضعه مع قتلى أهل بيته " وفي رواية " انه حفر له بجفن سيفه ورمله بدمه .

وعطش الحسين عليه السلام : حتى اشتد عليه العطش ، فدنا ليشرب من الماء فرماه الحصين بن نمير بسهم ، فوقع في فمه الشريف ، فجعل يتلقى الدم من فمه ويرمي به إلى السماء [152]. وكأنه يقول عليه السلام في شعر ينسب له :

شيعتي ما إن شربتم  ماء عذب فأذكروني

أو سمعتم بغريـب أو شهـدي فأندبـوني

فأنا السـبط الذي  من غير جـرم قتلوني

وبجرد الخيـل بعـد القتل عمدا سحقوني

ليتكم في يـوم عاشـواء جميعا تنظروني

كيف استسـقي لطفلي فأبوا أن يرحموني

وسقـوه سهم بغـي عوض الماء المعيني

يا لـرزئي ومصابي هـد أركان الحجوني

ويلهم قد جرحـوا قلـب رسـول الثقليني

فالعنوهم ما استطعتم شيعتي في كل حيني[153]

وصدق أمير المؤمنين علي عليه السلام : حين سئل عن بني هاشم و بني أمية ؟ فقال : نحن أمجد و أنجد و أجود ، و هم أغدر و أمكر و أنكر . وراجع تمام البحث في الباب الآتي : قبس مواصفات رسول الله للحسن والحسين ، لتعرف تمام الحقيقة وتبكي للحق المظلوم بكل وجودك ، فتنصره علما وعملا ودينا وهدى وتقدي به مخلصا لله الدين ، وحتى تلقى أهل كرامة الله والسؤدد والجود والشجاعة والمجد في كل مراتب الوجود ، وجعلنا الله معهم ومنهم في كل حال فإنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

 

الإشراق السابع عشر :

 موائد تنزل ببركة الحسن والحسين :

يا طيب : قصة البركة في موائد حضرها النبي كثيرة في تأريخ الإسلام ، وقد بارك الله لنبي الرحمة في طعامه الذي كان يدعو الناس إليه .

 سواء القصص العامة : لإطعامه لكل المسلمين في ذلك الزمان بطعام يسير يكفي أنفار ، والتي منها يوم الدار في آية وأنذر عشيرتك الأقربين وكيف كان يطعم بني هاشم ليبلغهم رسالة ربه ويختار وصيه من بينهم ، أو كما في يوم الخندق حين دعا جابر النبي على صاع شعير فدعا النبي كل المسلمين وكانوا يأكلون عشرة عشرة وقدر عددهم بسبعمائة رجل ، أو كما في زواج فاطمة الزهراء من الإمام علي وإطعامه لكل أهل المدينة بطعام قدر بأنه يكفي لنفر قليل جدا ، وقد ذكرت قصص إطعامه وموائده المباركة في معجزاته أو في مناسباتها الخاصة فراجع صحيفة النبوة وصحيفة فاطمة [154] .

 ونذكر هنا قصص الموائد الخاصة المباركة : والتي حضرها النبي مع عدة معينة أو في بيت فاطمة مع الحسن والحسين وأبيهم ، والتي ذكروا جملة منها ، وهي لا تقل في بيان كرامة أهل البيت من قصص موائد المسيح ومريم عليهم السلام ، فنتدبر منها ما يأتي والتي كان أساس بركتها ونزولها الحسن والحسين عليهم السلام :

 

إشعاع المائدة الأولى :

 مائدة مباركة لآل البيت ويأكل منها غيرهم :

وروى : ركن الأئمة عبد الحميد بسنده عن عائشة قالت :  كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جائعا لا يقدر على ما يأكل .

 فقال لي : هاتي رداي ، فقلت : أين تريد ؟ قال : إلى فاطمة ابنتي فأنظر إلى الحسن والحسين ، فيذهب بعض ما بي من الجوع . فخرج حتى دخل على فاطمة عليه السلام . فقال : يا فاطمة أين ابناي ؟

 فقالت : يا رسول الله خرجا من الجوع وهما يبكيان ، فخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في طلبهما ، فرأى أبا الدارداء .

 فقال : يا عويمر هل رأيت ابني ؟

قال : نعم يا رسول الله هما نائمان في ظل حائط بني جدعان ، فانطلق النبي فضمهما وهما يبكيان وهو يمسح الدموع عنهما .

فقال له أبوا لدرداء : دعني أحملهما .

فقال : يا أبا الدرداء دعني أمسح الدموع عنهما ، فو الذي بعثني بالحق نبيا لو قطر قطرة في الأرض لبقيت المجاعة في أمتي إلى يوم القيامة ، ثم حملهما وهما يبكيان ، وهو يبكي . 

فجاء جبرائيل فقال : السلام عليك يا محمد رب العزة جل جلاله يقرئك السلام ويقول : ما هذا الجزع ؟

 فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يا جبرائيل ما أبكي جزعا بل أبكي من ذل الدنيا ، فقال جبرائيل : إن الله تعالى يقول : أيسرك أن أحول لك أحدا ذهبا ، ولا ينقص لك مما عندي شيء ؟ قال : لا ، قال : لم ؟

قال : لان الله تعالى لم يحب الدنيا ولو أحبها لما جعل للكافر أكملها .

 فقال جبرائيل عليه السلام : يا محمد ادع  بالجفنة المنكوسة التي في ناحية البيت ، قال : فدعا بها فلما حملت فإذا فيها ثريد ولحم كثير .

فقال : كل يا محمد وأطعم ابنيك وأهل بيتك ، قال : فأكلوا فشبعوا .

قال : ثم أرسل بها إلي ، فأكلوا وشبعوا وهو على حالها ، قال : ما رأيت  جفنة أعظم بركة منها ، فرفعت عنهم ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : والذي بعثني بالحق لو سكت لتداولها فقراء أمتي إلى يوم القيامة[155].

الكشف و البيان عن الثعلبي بالإسناد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام قال : مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فأتاه جبرائيل بطبق فيه رمان و عنب ، فأكل النبي منه فسبح ، ثم دخل عليه الحسن و الحسين فتناولا منه فسبح الرمان و العنب ، ثم دخل علي فتناول منه فسبح أيض ، ثم دخل رجل من أصحابه فأكل فلم يسبح ، فقال جبرائيل : إنما يأكل هذا نبي أو وصي أو ولد نبي[156] .

 

 

إشعاع المائدة الثانية :

فواكه من الجنة لأهل البيت خاصة :

ذكر في البحار : وقال أقول : وجدت في بعض مؤلفات أصحابنا أنه روي مرسلا عن جماعة من الصحابة قالوا :

 دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم دار فاطمة عليه السلام فقال : يا فاطمة إن أباك اليوم ضيفك ، فقالت عليه السلام : يا أبت إن الحسن والحسين يطالباني بشيء من الزاد ، فلم  أجدلهما شيئا يقتاتان به .

 ثم إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : دخل وجلس مع علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام ، وفاطمة متحيرة ما تدري كيف تصنع ، ثم إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نظر إلى  السماء ساعة .

وإذا بجبرائيل عليه السلام قد نزل وقال : يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام  ويخصك بالتحية والإكرام ، ويقول لك : قل لعلي وفاطمة والحسن والحسين :  أي شيء يشتهون من فواكه الجنة ؟ 

فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي ! ويا فاطمة ! ويا حسن ! ويا حسين ! إن رب العزة علم أنكم جياع فأي شيء تشتهون من فواكه الجنة ؟ فأمسكوا عن الكلام ولم يردوا جوابا حياء من النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

 فقال الحسين عليه السلام : عن إذنك يا أباه يا أمير المؤمنين ، وعن إذنك يا أماه يا سيدة نساء العالمين ، وعن إذنك يا أخاه  الحسن الزكي أختار لكم شيئا من فواكه الجنة .

فقالوا جميعا : قل يا حسين ما شئت فقد رضينا بما تختاره لنا .

فقال : يا رسول الله قل لجبرائيل إنا نشتهي رطبا جنيا .

فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قد علم الله ذلك .

ثم قال : يا فاطمة قومي وادخلي البيت و احضري إلينا ما فيه ، فدخلت فرأت فيه طبقا من البلور ، مغطى بمنديل من السندس الأخضر ، وفيه رطب جني في غير أوانه ، فقال النبي : يا فاطمة أنى لك هذا ؟  قالت : هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، كما قالت : مريم بنت عمران . 

فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم : وتناوله وقدمه بين أيديهم ثم قال :

بسم الله الرحمن الرحيم : ثم أخذ رطبة واحدة فوضعها في فم الحسين عليه السلام فقال : هنيئا مريئا لك يا حسين .

ثم أخذ رطبة : فوضعها في فم الحسن ، وقال : هنيئا مريئا يا حسن .

 ثم أخذ رطبة ثالثة فوضعها في فم فاطمة الزهراء عليه السلام ، وقال لها : هنيئا مريئا لك يا فاطمة الزهراء .     ثم أخذ رطبة رابعة فوضعها في فم علي عليه السلام ، وقال : هنيئا مريئا لك  يا علي .  ثم ناول عليا رطبة أخرى والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، يقول له : هنيئا مريئا لك يا علي .

  ثم وثب النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قائم ، ثم جلس ، ثم أكلوا جميعا عن ذلك الرطب ، فلما اكتفوا وشبعوا ، ارتفعت المائدة إلى السماء بإذن الله تعالى .

فقالت فاطمة : يا أبه ! لقد رأيت اليوم منك عجبا .

فقال : يا فاطمة أما الرطبة الأولى التي وضعتها في فم الحسين ، وقلت له : هنيئا يا حسين ، فإني سمعت ميكائيل وإسرافيل يقولان : هنيئا لك يا حسين ، فقلت أيضا موافقا لهما في القول .

 ثم أخذت الثانية فوضعتها في فم الحسن ، فسمعت جبرائيل وميكائيل يقولان : 

هنيئا لك يا حسن ، فقلت : أنا موافقا لهما في القول .

 ثم أخذت الثالثة فوضعتها في فمك يا فاطمة فسمعت الحور العين مسرورين مشرفين علينا من الجنان وهن يقلن : هنيئا لك يا فاطمة ، فقلت موافقا لهن بالقول . 

ولما أخذت الرابعة فوضعتها في فم علي : سمعت النداء من قبل الحق سبحانه وتعالى يقول : هنيئا مريئا لك يا علي ، فقلت موافقا لقول الله عز وجل ، ثم ناولت عليا  رطبة أخرى ثم أخرى وأنا أسمع صوت الحق سبحانه وتعالى ، يقول : هنيئا مريئا  لك يا علي .

ثم قمت إجلالا لرب العزة جل جلاله ، فسمعته يقول : يا محمد وعزتي وجلالي ،  لو  ناولت عليا من هذه الساعة إلى يوم القيامة رطبة ، لقلت له : هنئيا مريئا بغير انقطاع [157]. قول الله إيحاء من غير واسطة ملك وإلقاء في روعه راجع النبوة .

 

 

 

إشعاع المائدة الثالث :

 فواكه من الجنة لأهل البيت وتبقى معهم :

عن الحسن البصري و أم سلمة : أن الحسن و الحسين دخلا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، و بين يديه جبرائيل ، فجعلا يدوران حوله يشبهانه بدحية الكلبي ، فجعل جبرائيل يومي بيده كالمتناول شيئا ، فإذا في يده تفاحة و سفرجلة و رمانة ، فناولهما و تهلل وجهاهما ، و سعيا إلى جدهما فأخذ منهما فشمهما .

 ثم قال : صيرا إلى أمكما بما معكما ، و ابدءا بأبيكما ، فصارا كما أمرهما ، فلم يأكلوا حتى صار النبي إليهم ، فأكلوا جميعا فلم يزل كلما أكل منه عاد إلى ما كان حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

 قال الحسين عليه السلام : فلم يلحقه التغيير و النقصان أيام فاطمة بنت رسول الله حتى توفيت ، فلما توفيت فقدنا الرمان و بقي التفاح و السفرجل أيام أبي .

فلما استشهد أمير المؤمنين : فقد السفرجل و بقي التفاح على هيئته عند الحسن حتى مات في سمه .

و بقيت التفاحة : إلى الوقت الذي حوصرت عن الماء ، فكنت أشمها إذا عطشت فيسكن لهب عطشي ، فلما اشتد علي العطش عضضتها و أيقنت بالفناء .

 قال علي بن الحسين  : سمعته يقول ذلك قبل مقتله بساعة ، فلما قضى نحبه ، وجد ريحها في مصرعه ، فالتمست و لم ير لها أثر ، فبقي ريحها بعد الحسين ، و لقد زرت قبره فوجدت ريحها تفوح من قبره ، فمن أراد ذلك من شيعتنا الزائرين للقبر ، فيلتمس ذلك في أوقات السحر ، فإنه يجده إذا كان مخلصا [158].

 

إشعاع المائدة الرابعة :

جام بلور يحيي أهل البيت عليهم السلام :

 أمالي أبي الفتح الحفار و ابن عباس و أبو رافع : كنا جلوسا مع النبي إذ هبط عليه جبرائيل ، و معه جام من البلور الأحمر مملوءا مسكا و عنبرا ، فقال له : السلام عليك ، الله يقرأ عليك السلام و يحييك بهذه التحية ، و يأمرك أن تحيي بها عليا و ولديه ، فلما صارت في كف النبي : هللت ثلاثا ، وكبرت ثلاثا ، ثم قالت بلسان ذرب: بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ، فاشتمها النبي.

ثم حيا بها علي : فلما صارت في كف علي قالت : { بسم الله الرحمن الرحيم ،  إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } ، فاشتمها علي .

و حيا بها الحسن : فلما صارت في كف الحسن قالت : بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ، فاشتمها الحسن .

و حيا بها الحسين : فلما صارت في كف الحسين قالت :{ بسم الله الرحمن الرحيم : قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى } الشورى23.

ثم ردت إلى النبي ، فقالت : { بسم الله الرحمن الرحيم الله نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ}النور35، فلم أدر على السماء صعدت أم في الأرض نزلت بقدرة الله تعالى [159].

 

 

 

إشعاع المائدة الخامسة :

 سفرجلة من طعام الجنة للحسن والحسين :

عن سلمان قال : أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسلمت عليه ، ثم دخلت على فاطمة عليه السلام ، فقالت : يا عبد الله هذان الحسن والحسين جائعان يبكيان ، فخذ بأيديهما فاخرج بهما إلى جدهما ، فأخذت بأيديهما وحملتهما  حتى أتيت بهما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم

فقال : مالكما يا حسناي ؟ قال : نشتهي طعاما يا رسول الله .

فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم اللهم : أطعمهما - ثلاثا - قال : فنظرت فإذا سفرجلة في يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شبيهة بقلة من قلال هجر أشد بياضا من الثلج ، وأحلى من العسل وألين من الزبد ، ففركها صلى الله عليه وآله وسلم بإبهامه فصيرها نصفين ، ثم دفع إلى الحسن نصفها وإلى الحسين نصفها ، فجعلت أنظر إلى النصفين في أيديهما وأنا أشتهيها . 

قال : يا سلمان هذا طعام من الجنة لا يأكله أحد حتى ينجو من الحساب[160] .

يا طيب : عرفت الموائد المباركة بعضها خاص بأهل البيت لأنه من الجنة ، وبعضها عام يأكل منه الجميع والظاهر أنه أرضي وإن سبح لأنه كل شيء يسبح بحمد ربه وقد سبحة الحصاة في يد نبينا الأكرم ، والله يكرم برحمته من يشاء .

 

 

 

الإشراق الثامن عشر :

 الحسن والحسين يتسابقان في الخط  :

يا طيب : قد اشتهرت بعض الأحاديث ورويت على المنابر فضلا عن نضدها في كثير من الكتب ، وإن هذه الأحاديث بعضها مرسلة من غير ما يعرف راويها ، ويجب أن نذرها في بقعة الإمكان حتى يذود عنها محكم البرهان ، وننبه على بعض ما فيها من إمكان وقوعها ، وإنها يمكن أن رويت بسند واختصرت في الكتاب كما نفعل في كتب موسوعة صحف الطيبين بحذف السند اعتمادا على وجوده في المصدر الذي أخذنا منه وفي غيره ممن تقدم عليه أو عاصره ، وذلك لكون الرواة لا يعرف عنهم القارئ شيء ولا تنفع إذا كان محتواها لا يناسب ما نبحثه ، كما ستعرف في الإشراق الآتي من كون حديث منسوب لشخصية إسلامية كريمة ولكنه لا في محتواه ولا في سنده يناسب الإمام الحسين ولا شأنه ولا يناسب رسول الله ولا فعله ، ولذا نبهنا له .

ويا طيب : هذا حديث مشهور لكنه لا سند له وإما نصه فممكن جد ، وإن شأن الإمام الحسن والإمام الحسين لكريم ، وبالخصوص حين يحفهم النبي الأكرم والإمام علي وفاطمة الزهراء ، فيكونوا مجمع الملائكة وتحت رعاية الله ولا إشكال فيه ، ولذا ننقله وتدبر به :

روي في المراسيل : أن الحسن والحسين كانا يكتبان .

فقال الحسن للحسين :

خطي أحسن من خطك ، وقال الحسين : لا بل خطي أحسن من خطك .

 فقالا لفاطمة : احكمي بيننا .

 فكرهت فاطمة أن تؤذي أحدهما ، فقالت لهم : سلا أباكما فسألاه. 

فكره أن يؤذي أحدهما فقال : سلا جدكما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : لا أحكم بينكما حتى أسأل جبرائيل .

فلما جاء جبرائيل قال : لا أحكم بينهما ولكن إسرافيل يحكم بينهما .

 فقال إسرافيل : لا أحكم بينهما ولكن أسأل الله أن يحكم بينهما .

 فسأل الله تعالى ذلك فقال تعالى : لا أحكم بينهما ، ولكن أمهما فاطمة تحكم بينهما .   فقالت فاطمة : أحكم بينهما يا رب ، وكانت لها قلادة ، فقالت لهما : أنا أنثر بينكما جواهر هذه القلادة فمن أخذ منهما أكثر فخطه أحسن ، فنثرتها .

 وكان جبرائيل : وقتئذ عند قائمة العرش ، فأمره الله تعالى أن يهبط إلى الأرض وينصف الجواهر بينهما ، كيلا يتأذى أحدهما ، ففعل ذلك جبرائيل إكراما لهما وتعظيما [161].

يا طيب تظهر : مثل هذه الحوادث بكثرة وفي كل عائلة تقريبا مادام لهم طفلا يربونه فضلا عن أطفال متفاوتة أعمارهم ، وإما ما فيها من الأمر المعجز فإن الله حاضر لا يغيب عنه شيء ، وطلب رسول الله غير مردود ، ونزول جبرائيل على النبي في زمانه كثير جدا لعله في اليوم الواحد كان يتعدد ، وكل شيء ممكن ، وهو لبيان كرامتهم وفضلهم ، وإن كان مقام الإمام الحسن مساوي للإمام الحسين ، حتى وإن كان الإمام الحسن على يمين رسول الله في يوم القيامة عند العرش وفي المقام المحمود وفي الجنة وإن الإمام الحسين على يسار رسول الله .

ولكن في هذه الواقعة : وهم بعد في سن الطفولة لم يحب الله ورسوله أن يأخذ الحسين في خاطره وإن كان يعرف أن أخيه أكبر منه ، ثم أنه قد يكون حقيقة متساوين في الخط ، وجريان القصة لبيان فضلهم حتى لو كانت حكاية لم تسند والعهدة على الراوي في كتابه الأول ، ونحن على الممكن فيها بعد نقلها والله العالم بحقيقة الأمر ، وإن اعتقادي كما عرفت هو أن مقام نبينا وآله في الدنيا والآخرة أعلى من كل مقام الأنبياء والمرسلين ، وإن الملائكة فضلا عن كون خدامهم هم خدام لشيعتهم ويدعون لهم في أعلى مقامهم فضلا عن خدمتهم لأهل البيت عليهم السلام .

 

 

 

 

الإشراق التاسع عشر :

 النبي يعلمنا أنه لا يجوز أذية الحسين :

عن قرب الإسناد ومعاني الأخبار : عن الحسن : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتي بالحسين بن علي عليهما السلام فوضع في حجره فبال عليه ، فاُخذ ، فقال : لا تزرموا ابني ، ثم دعى بماء فصب عليه [162].

وعَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ طَاوُسٍ فِي كِتَابِ الْمَلْهُوفِ عَلَى قَتْلَى الطُّفُوفِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ زَوْجَةِ الْعَبَّاسِ : أَنَّهَا جَاءَتْ بِالحسين عليه السلام إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَقَرَصَتْهُ فَبَكَى ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم :

مَهْلًا يَا أُمَّ الْفَضْلِ ، فَهَذَا ثَوْبِي يُغْسَلُ ، وَ قَدْ أَوْجَعْتِ ابْنِي[163] .

ولكنهم : لم يرعوا له حرمته فخذلوه وسلموه للحكام الطغاة وأعوانهم حتى قتلوه وآله معه وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، وذلك بعد ما أبعد الحكام بعد رسول الله الحسن والحسين وأبيهم الذي قام الإسلام بسيفه ومعارف التوحيد عرفت ببيانه ، بل منهم يجب أن يؤخذ شرع الله ودينه ، ولكنهم حسبوهم خوارج عن الدين وحاربوهم في كثير من الحروب بعد رسول الله فضلا عن إقصائهم عن بيان دين الله ، سواء بعد وفاته مباشرة أو في حروبهم في الجمل وصفين والنهروان وحربهم للحسن وتسليم الحكم لمعاوية أو قتلهم الحسين وآله وأخذ آله سبايا لأبن زياد ويزيد لعنهم الله .

وأما الحديث الأول : فهو مروي عن عدة رواة وكتب كالثاني، إلا أنه عبارته تختلف وفيهما حكمة كريمة ببيان جميل ، وهو بأنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله فيه لا تزرموا ابني ، أو قد أوجعتي أبني ، وهذا عين ما جاء في آية المباهلة :

{ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ

أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) } آل عمران .

وأجمع المفسرون والمؤرخون : إن النبي جاء بالحسن والحسين لقوله تعالى أبناءنا ، وبفاطمة لنسائنا ، وبعلي لأنفسنا ، وهذا هو معنى كوثر رسول الله بمن عير بانقطاع النسل كما في سورة الكوثر ولهم آية التطهير من الرجس والشك .

كما أنه في هذه الواقعة : مع الإمام الحسين تعلمنا حكما شرعيا كثير الوقوع ولأغلب الناس ، وبالخصوص لمن له أطفال أو يقربون منه ، وبقد استنبطوا منه بأنه :

يكفي الصب في تطهير المتنجس ببول الصبي ما دام رضيعا لم يتغذ ويتجاوز عمره الحولين على الاحوط ، ولا يحتاج إلى العصر أو ما بحكمه ، والاحوط استحبابا اعتبار التعدد ، ولا يبعد الحاق الصبية بالصبي في الحكم المذكور[164] .

ولكنه يا طيب : أضيفت له كلمات أخرى رويت في كتب القوم واستنبطوا منه أحكام خالفوا بها كما ذكروا عن :

عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كنا جلوسا عند رسول الله إذ أقبل الحسين ، فجعل ينزو على ظهر النبي و على بطنه ، فبال ، فقال : دعوه .

سنن أبي داود : أن الحسين بال في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

 فقال لبانة : أعطني إزارك حتى أغسله .

قال : إنما يغسل من بول الأنثى و ينضح من بول الذكر .

ففرقوا : بين بول الأنثى فيغسل والذكر فينضح ، ولا دليل لهم للتفرقة ، كما عرفت في الحديث الأول والثاني المروي في كتبنا .

كما أضافوا من مخترعاتهم : ليضحكوا الناس من تصرف رسول الله ومن الحسين عليه السلام بروايات موضوعة كقولهم في الحسن والحسين :

قال المغيرة بن عبد الله : مر الحسين ، فقال له أبو ظبيان : ما له قبحه الله أن كان رسول الله ليفرج بين رجليه و يقبل زبيبه  .

والمغيرة : هو من المنحرفين عن أهل البيت وكلمة قبحه الله تقال له ولأبي ظبيان ، لا للحسين وإن كان يريدون الاستهزاء ، فالله هو المستهزئ بهم وأن أمدهم في طغيانهم يعمهون فترة ، وإن كان ظاهر الأحاديث في أن الإمام الحسين حين كان طفل يحمل قبل أن يمشي أو يزحف .

 

كما ذكروا : حديثا أخرا لا يناسب شأن الإمام وعندما كبر وأصبح يلعب مع الأطفال تشم منه رائحة الحيلة والمكر ، وإن يحسبوه شطاره وذكاء ، ولكنه ليس من الإنصاف ، وإن كان فيه بيان لمقام رسول الله وأنه يجب أن يحترم ، لكنه خلاف العدل ، ثم إن اللعب لم يكن من شأن الإمام الحسين ، مع أن أبو رافع ممن أسلم بمكة وهاجر للمدينة ، و كان من خواص الإمام علي وصاحب بيت المال له ، وهو في ما يقارب سنه لا سن الإمام الحسين عليه السلام كما في :

أمالي الحاكم : قال أبو رافع : كنت ألاعب الحسين عليه السلام و هو صبي بالمداحي ، فإذا أصابت مدحاتي مدحاته ، قلت : احملني ؟ فيقول : أ تركب ظهرا حمله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأتركه .

فإذا : أصابت مدحاته مدحاتي ، قلت : لا أحملك كما لم تحملني ، فيقول : أ ما ترضى أن تحمل بدنا حمله رسول الله فأحمله  [165].

 

وهذا خبرا أخر مردود في سنده وفي متنه :

ففي سنده أبو سمينه وقد عد في كتب رجال الشيعة من أهل الوضع والكذب ، أما متنه فلا تجد إمام يدعو على الناس بالدياثة ، لأنه معصية ، وأئمة الحق يدعون الناس إلى الطاعة والخلاص من الذنوب ، وبعد وإما إمكان وجود الجدار ووجود المخالف والحاقد ممكن ، بل كان موجودا وما كان أكثر المنافقين ، ولكن لكون السند فيه مخالف والمتن فيه ما لا يصدر من إمام ، فرواية مردودة ونذكرها لتنبيه لها :

في الخرايج والجرايح بسنده :  عن الحسين بن الحسن ، عن أبي سمينة محمد بن علي ، عن جعفر  ابن محمد ، عن الحسن بن راشد ، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم الجعفري ، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال :

 خرج الحسن والحسين حتى أتيا نخل العجوة للخلاء فهويا إلى مكان وولى كل واحد منهما بظهره إلى صاحبه ، فرمى الله بينهما بجدار يستر أحدهما عن صاحبه ، فلما قضيا حاجتهما ذهب الجدار وارتفع عن موضعه ، وصار في الموضع عين ماء وجنتان فتوضئا وقضيا ما أرادا . 

ثم انطلقا حتى صارا في بعض الطريق عرض لهما رجل فظ غليظ فقال لهما : ما خفتما عدوكما ؟ من أين جئتما ؟

فقال : إنهما جاءا من الخلاء ، فهم بهما ، فسمعوا صوتا يقول : يا شيطان أتريد أن تناوي ابنيّ محمد ، وقد علمت بالأمس ما فعلت وناويت أمهما ، وأحدثت في دين الله ، وسلكت  عن الطريق ، وأغلظ له الحسين أيضا فهوى بيده ليضرب به وجه الحسين ، فأيبسها الله من منكبه ، فأهوى باليسرى ففعل الله به مثل ذلك ، فقال : أسألكما بحق أبيكما وجدكما لما دعوتما الله أن يطلقني ، فقال الحسين : اللهم أطلقه واجعل له في هذا عبرة ، واجعل ذلك عليه حجة ، فأطلق الله يده . 

فانطلق قدأمهم : حتى أتيا عليا وأقبل عليه بالخصومة ، فقال : أين دسستهما وكان هذا بعد يوم السقيفة بقليل .

 فقال علي عليه السلام : ما خرجا إلا للخلاء ، وجذب رجل منهم عليا حتى شق رداءه ، فقال الحسين للرجل : لا أخرجك الله من الدنيا حتى تبتلي بالدياثة في أهلك وولدك ، وقد كان الرجل قاد ابنته إلى رجل من العراق .

فلما خرجا إلى منزلهما قال الحسين للحسن : سمعت جدي يقول : إنما مثلكما مثل يونس إذا أخرجه الله من بطن الحوت، وألقاه بظهر الأرض، وأنبت عليه شجرة من يقطين ، وأخرج له عينا من تحتها ، فكان يأكل من اليقطين ، ويشرب من ماء العين .

 وسمعت جدي يقول : أما العين فلكم ، وأما اليقطين فأنتم عنه أغنياء .

وقد قال الله في يونس : أرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين . ولسنا نحتاج إلى اليقطين ، ولكن علم الله حاجتنا إلى العين فخرجها لنا ، وسنرسل إلى أكثر من ذلك فيكفرون ويمتعون إلى حين .

فقال الحسن : قد سمعت هذا [166].

يا طيب : الخبر في كرامة الحسن والحسين ممكن ، لكنه فيه دعاء لا يناسب إماما ، وليس أسلوبه بالمتين ، ثم أنه مفرد لم يرويه غير أبي سمينة ، وهو وضاع كاذب .

 

 

 

الإشراق العشرون :

غزال للحسين عليه السلام :

يا طيب : هذا خبر أخر مرسل لا سند له ويندر وقوعه ، ولم يحكى عن الكتب المعتبرة عند الشيعة ولا حتى عند السنة ، ولكن نقله في كتاب بحار الأنوار في آخر الأخبار المرسلة فنذكره ، كما أن في الخبر أمرا قد يتأذى به الإنسان وخصوصا من محبي الحيوان ، وبالخصوص ممن لم يعرف شأن الإمام الحسين والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إلا أن يقال : أن ولد الغزالة عند الحسن والحسين أجمل وأحلى في الرعاية ، وهم تحت نظر رسول الله وأمهم وأبيهم ، فهم يرعوه كأمه ولا يؤذوه ، ولعلهم بعد ذلك أطلقوه ليرعى مع أمه ، أو أنها كانت تأتيهم فترضعه مثلا .

فضلا : من أن كون الحيوان بصورة عامة كماله حين يكون في خدمة الإنسان ، فكيف بكونه عند اشرف وأكرم خلق الله ، فهو في أعلى كمال له وفي أجمل غاية حصل عليها ، وإن طيور الجنة تتسابق لساكنيها وتطلب منهم أن يأكلوها وهكذا فواكهها ، والله يلهمها حب المؤمن والأنس بالكون جزءا من بدنه ، والله العالم بحقيقة الأمر ، والعهدة على من ذكره أولا ، والخبر مرسل لا سند له وأما الرواية ، فقد :

وروي في بعض الأخبار : أن أعرابيا أتى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال له : يا رسول الله لقد صدت خشفة غزالة وأتيت بها إليك هدية لولديك الحسن والحسين ، فقبلها  النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعا له بالخير،  فإذا الحسن عليه السلام واقف عند جده ، فرغب إليها فأعطاه إياها .

فما مضى ساعة إلا والحسين عليه السلام : قد أقبل فرأى الخشفة عند أخيه يلعب بها ، فقال : يا أخي من أين لك هذه الخشفة ؟ فقال الحسن عليه السلام : أعطانيها جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

فسار الحسين عليه السلام مسرعا إلى جده فقال : يا جداه أعطيت أخي خشفة يلعب بها  ولم تعطني مثلها ، وجعل يكرر القول على جده ، وهو ساكت لكنه يسلي خاطره ويلاطفه بشيء من الكلام حتى أفضى من أمر الحسين إلى أن هم يبكي . 

فبينما هو كذلك : إذ نحن بصياح قد ارتفع عند باب المسجد ، فنظرنا فإذا ظبية ومعها خشفها ، ومن خلفها ذئبة تسوقها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وتضربها بأحد أطرافها حتى أتت بها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

ثم نطقت الغزالة بلسان فصيح وقالت : يا رسول الله  قد كانت لي خشفتان إحداهما صادها الصياد وأتى بها إليك ، وبقيت لي هذه الأخرى ، وأنا بها مسرورة ، وإني كنت الآن ارضعها ، فسمعت قائلا يقول : أسرعي أسرعي يا غزالة بخشفك إلى النبي محمد وأوصليه سريعا ، لان الحسين واقف بين يدي جده  ، وقد هم أن يبكي ، والملائكة بأجمعهم قد رفعوا رؤوسهم من صوامع العبادة ، ولو بكى الحسين عليه السلام لبكت الملائكة المقربون لبكائه .

وسمعت أيضا قائلا يقول : أسرعي يا غزالة قبل جريان الدموع على خد  الحسين عليه السلام ، فإن لم تفعلي سلطت عليك هذه الذئبة تأكلك مع خشفك فأتيت  بخشفي إليك يا رسول الله وقطعت مسافة بعيدة ، ولكن طويت لي الأرض حتى أتيتك سريعة ، وأنا أحمد الله ربي على أن جئتك قبل جريان دموع الحسين على  خده . 

فارتفع : التهليل والتكبير من الأصحاب ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم للغزالة بالخير والبركة ، وأخذ الحسين عليه السلام الخشفة وأتى بها إلى أمه الزهراء عليه السلام فسرت بذلك سرورا عظيما [167].

يا طيب : معرفة لغات الحيوانات للنبي وأئمة الحق مسلمة ،وإن أصحاب الحديث في المسائل الفقهية وفي كتب الدراية والحديث التي تعتني بالسند وصحته وسقمه ، إذا كان الحديث مرسلا لم تعتني به ولا حتى يجوز الإفتاء وفقه ما لم يؤيده إجماع أو اشتهار ، وفي السنن مرة توجد أعمال عامة تشير إلى استحباب عمله فيذكروه ، اعتمادا على قاعدة أصولية بعنوان من بلغ ، أي من بلغه ثواب على عمل فعمله فله أجر ذلك العمل ، مثل صلاة أو صوم يوم معين طبعا ما لم يعارضه غيره ، وأما في السيرة فأيضا يعملون بالأخبار مادامت تناسب شأن أهل البيت أو يمكن وقوعها فتذكر ، وأما المخالفة لشأنهم فيجب التنبيه لها عند ذكرها ، أو لم تذكر لأنها تشوش أفكار المؤمنين ، ولذا لم نذكر بعض الأحاديث ، كما وتوجد بعض الأحاديث لم ننقلها كحديث ولادة الإمام الحسين لعشرة أشهر ، وقد عرفت أن ولد لستة أشهر وإن عشر أيام أقل الطهر لا عشرة أشهر [168].

 من لم يكن له اطمئنان بحدث : لكون غير مسند ، أو لأنه نصه لا يناسب شأن النبي وآله ، الأفضل لا ينقل للمؤمنين ، وأن ينقل الحديث المسند المناسب للحال والذي يحتاجه المجتمع والمعتبر الذي به عبرة وحكمة ويبين حكما ، وبه يتم بيان حكمة النقل والفائدة المرجوة منه ، وأما المرسل والحكاية الغير مسنده وغيرها تهجر ، وتبقى في الكتب لمن يقرأها فقط لا لكي يرويها ، أو يرويها في حفل خاص للمناقشة والبحث مع الأقران لا لعامة الناس ، ثم يبين إرسالها وكونها ممكنة الوقوع أم لا ، أو أن شأن أهل البيت عليهم السلام مناسب لها أو أعلى منها ، بل قد لا تناسبهم وأنها موضوعة ، ويذكر ما يحف بها من الملابسات إن وجدت و ما قد لا يفيد ، وعلى أي حال إن قرأنها فتبقى معرفة عامة ولم تنقل ما لم يشار لإرسالها أو لسبب نقلها ، و أسأل الله الصواب لنا ولكم وأسألكم الدعاء والزيارة .

 

 

 

 

 

 

الإشراق الحادي والعشرون :

 شفاعة للحسن والحسين عند جدهما رسول الله :

عن إسماعيل بن بريد بإسناد عن محمد بن علي عليهم السلام أنه قال

أذنب رجل : ذنبا في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فتغيب حتى وجد الحسن والحسين عليهم السلام في طريق خال ، فأخذهما فاحتملهما على عاتقيه وأتى بهما النبي صلى الله عليه وآله ، فقال :  يا رسول الله إني مستجير بالله وبهم .

 فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى رد يده إلى فمه .

ثم قال للرجل : اذهب فأنت طليق .

 وقال للحسن والحسين : قد شفعتكما فيه أي فتيان ، فأنزل الله تعالى :

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ الله وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ الله تَوَّابًا رَّحِيمً}  [169].

وشفاعتهم اليوم وفي كل حين ممكنة ويوم القيامة لمواليهم أوسع  .

 

 

الإشراق الثاني والعشرون :

 الحسن والحسين يعلمان الوضوء :

عيون المحاسن عن الروياني :  أن الحسن والحسين : مرا على شيخ يتوضأ ولا يحسن ، فأخذا في التنازع يقول كل واحد منهما : أنت لا تحسن الوضوء .

فقالا : أيها الشيخ كن حكما بيننا ، يتوضأ كل واحد منا ، فتوضئا .

ثم قالا : آينا يحسن ( الوضوء ) ؟ 

قال : كلاكما تحسنان الوضوء ، ولكن هذا الشيخ الجاهل ، هو الذي لم يكن يحسن ، وقد تعلم الآن منكما ، وتاب على يديكما ، ببركتكما وشفقتكما على أمة جدكما [170].  وهذه تعاليم الأحكام كلها تعلم بسيرة جدهم وأبيهم وهم عليهم السلام.

وإذا عرفنا حياتهما في صباهم وتعليمهم قبل إمامتهم ، فلندخل باب إمامتهم ، وأسأل الله لي ولكم أن يجعلنا من أوليائهم المحبين وشيعتهم الحقيقيين حتى يوم الدين.



[85] بحار الأنوار ج39ص261ب12ح2 .

[86] مثير الأحزان ص17 .

[87] بحار الأنوار ج39ص263ب12ح8 . المناقب ج3ص383 . فصل في محبة النبي للحسن والحسين .

[88] بحار الأنوار ج39ص263ب12ح8 . المناقب ج3ص383 . فصل في محبة النبي للحسن والحسين .

[89] المناقب ج3ص383 . وعنه في بحار الأنوار ج39ص277ب12ح48 .

[90] بحار الأنوار ج39ص263ب12ح8 . المناقب ج3ص383 . فصل في محبة النبي للحسن والحسين .

[91] المناقب ج3 ص392. عنه في  بحار الأنوار ج39ص291ب12ح53 .

[92] بحار الأنوار ج39ص266ب12ح23 .

[93] كشف‏ الغمة ج2 ص61.

[94] المناقب ج3ص384 . فصل في محبة النبي للحسن والحسين .  وعنه في بحار الأنوار ج39ص277ب12ح48 .

[95] المناقب ج4ص71 فصل في محبة النبي إياه .كشف ‏الغمة ج2ص60 . بحار الأنوار ج43 ص295ب12 .

[96] المناقب ج4ص74 . عنه في بحار الأنوار ج39ص297ب12ح59 .

[97] المناقب ج3ص388.  بحار الأنوار ج39ص286ب12ح51 .  الصراط المستقيم  ص140ج2 .

[98] بحار الأنوار ص317ج61ب12.

[99]  كنز العمال - المتقي الهندي ج 13ص666 ح 37697. مرتفعة عينه : تركيز النظر لرسول الله وإدامته .

[100] شرح ‏نهج ‏البلاغة ج6ص332 .

[101] كفاية الأثر ص81 .

[102] لسان‏ العرب ج10ص46.

[103] لسان‏ العرب ج : 1  ص :  88  .

[104] كتاب ‏العين ج : 2  ص :  254 

[105] لسان ‏العرب ج13ص301 .

[106] لسان‏ العرب ج14ص79 .

[107] المناقب ج3ص388 . بحار الأنوار ج39ص284ب12ح50 .

[108] المناقب ج3ص388.

[109] كامل‏ الزيارات  ص 52 ب14 ح12. بحار الأنوار ج39ص271ب12ح36 . كشف ‏الغمة ج 2 ص61الثاني عشر في مصرعه و مقتله .

[110] المناقب ج4ص71. بيان : قال الجزري فيه : فجعل إحدى يديه في فاس رأسه : هو طرف مؤخره  المشرف على القنا . استقبل : أي تقدم ، وأقنعه : أي رفعه . 

[111]بحار الأنوار ج39ص284ب12ح50 .

[112] المناقب ج2ص387  . بحار الأنوار ج39ص296ب12ح57 . وقال الجوهري : حلحلت بالناقة ، إذا قلت لها حل - بالتسكين - وهو زجر للناقة . ويا طيب عندنا تحلحل يعني تحرك وظاهرا حل أمر منه وحل حل مكرره .

[113] المناقب ص387ج2 . بحار الأنوار ص285ج43ب12 . بيان : لعل المعنى أنهما استقبلا أو استدبرا عند الركوب ، فحاذى يمين كل منهما شمال الآخر ، أو أنه جعل أيدي كل منهما أو أرجلهما من جانب.

[114] بحار الأنوار ج 39ص296 ب 12 ح56 .

[115] المناقب ج3ص388.بحار الأنوار ج39ص284ب12ح50 ، 51 عن أبي يوسف الخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسنده عنه .

[116] كشف‏ الغمة  ص522ج1 .

[117] المناقب ج3ص385 ـ386 . فصل في محبة النبي للحسن والحسين . وعنه في بحار الأنوار ج39ص 284ب12ح50. وقد ذكره أبو طالب الحارثي في قوت القلوب إلا أنه تفرد بالحسن بن علي عليه السلام .

[118] المناقب ج3ص385 . فصل في محبة النبي للحسن والحسين . وعنه في بحار الأنوار ج39ص283ب12ح49 .

[119] المناقب ج4ص70 فصل في محبة النبي إياه .

[120] المناقب ج4ص71 . بحار الأنوار ج39ص296ب12ح57 .

[121] المناقب ج3ص384 . فصل في محبة النبي للحسن والحسين . الأنوار ج39ص284ب12ح50 .

[122] كتاب ‏سليم‏ بن‏ قيس  ص732 ح21 .

[123] المناقب ج4ص74 فصل في محبة النبي إياه . تهذيب ‏الأحكام ج8ص67ب2ح11 .

[124]  كشف ‏الغمة ج2 ص60 .

[125] المناقب ج3ص385 . فصل في محبة النبي للحسن والحسين . وعنه في بحار الأنوار ج39ص283ب12ح49 .

[126] عيون ‏أخبار الرضا عليه السلام ج2ص39ب31ح121. صحيفة الرضا عليه السلام ص 71 ح 138 .الجعفريات  183 كتاب التفسير .

[127] وقال في المناقب ج3 ص390. وعنه في فصل في معجزاتهما عليهم السلام . بحار الأنوار ج39ص288ب12ح52 .

[128] بحار الأنوار ج43ص313ب12ح73 ، وقال رأيت في بعض كتب أصحابنا القديمة ولم يسنده .

[129] الأمالي ‏للصدوق ص443 م68ح8 . روضة الواعظين ج1ص 158 . بحار الأنوار ج39ص266ب12ح24 . كما روي مثل هذا الحديث بإسناد أخر . بيان : غفا غفوا وغفوا : نام أو نعس كأغفى وادلهم الظلام : كثف ، وقال  الجزري : العزالى جمع العزلاء وهو فم المزادة الأسفل فشبه اتساع المطر واندفاقه بالذي يخرج من فم المزادة انتهى ، والشبل بالكسر ولد الأسد إذا أدرك الصيد ويقال قشعت الريح السحاب أي كشفته ، فانقشع وتقشع ، وانسابت الحية : جرت .

[130] بحار الأنوار ج39ص262ب12ح7 . بيان : قال الفيروز آبادي : هيك : أسرع فيما أنت فيه ، هي : اسم فعل للأمر ، ضبطه في القاموس ط مصر بالفتح وفي أقرب الموارد بالكسر ، قال الجوهري : تقول للرجل إذا استزدته من حديث أو عمل إيه بكسر الهاء ، قال ابن السكيت : فإن وصلت نونت فقلت إيه حدثنا ثم قال : فإذا أسكته وكففته قلت : إيها عنا وإذا أردت التبعيد قلت : أيها بالفتح .  أقول : يظهر من الخبر أن إيها بالنصب أيضا يكون للاستزادة . قرب ‏الإسناد ج1 ص 48 . ورواه الصدوق بسند آخر في حديث طويل في الأمالي ‏للصدوق ص446 م68ح8 .

[131] الأمالي ‏للطوسي ص 513م18ح1123-30 . المصدر عن سي دي النور بحار الأنوار ج43ص265ب 12ح21 . البحار المنشور على موقع الكوثر في بحار الأنوار ج39ص265ب12ح21 .

[132] الإرشاد ج 2 ص128باب طرف من فضائل الحسين عليه السلام . إعلام‏ الورى ص217 ف3 . والمناقب ج3 ص392. فصل في معجزاتهما عليهم السلام . بحار الأنوار ج39ص288ب12ح52 . وفي المناقب ج3ص393 . وكشف ‏الغمةج2 ص7 قالا : أورده السمعاني في فضائله عن أبو ذر و الصادق وأبو هريرة و ابن عباس و الحارث الهمداني .

[133] تفسير الإمام ‏العسكري ص458ح 299 .

[134] المناقب ج3 ص391. فصل في معجزاتهما عليهم السلام . بحار الأنوار ج39ص288ب12ح52 . عن أبو عبد الله المفيد النيسابوري في أماليه . أهيب سيمة : جلالة شخصيته وعلامة لأوصاف كريمة ومهابة وفضل .
و الدراعة : ضرب من الثياب ، و هو جبة مشقوقة المقدم . و الرِداء - بالكسر -: ما يستر أعالي البدن فقط ،  والثوب الذي يجعل على العاتقين و بين الكتفين فوق الثياب . والخف ما يستر ظهر القدمين .

[135] بحار الأنوار ج39ص271ب12ح38 .

[136] كتاب ‏سليم‏ بن‏ قيس  ص732 ح21 . 

[137] المناقب ج3ص384 . فصل في محبة النبي للحسن والحسين . وعنه في بحار الأنوار ج39ص283ب12ح49 ، 50 . بيان : المنيحة : بفتح الميم والحاء وكسر النون منحة اللبن كالناقة أو الشاة  تعطيها غيرك يحتلبها ثم يردها عليك ، وقال الجزري : فيه أنا خاتم النبيين في أم الكتاب وإن آدم لمنجدل في طينته أي ملقى على الجدالة وهي الأرض ومنه حديث ابن صياد : وهو منجدل في الشمس انتهى ولعله عليه السلام كان متكئا أو نائما .

[138] مسند احمد بن حنبل ج 4ص 93 . وعنه في ذخائر العقبى ص 125 .

[139] الاحتجاج ج2ص292 .

[140] الإرشاد ج2 ص16 .

[141] وعن ذخائر العقبى ص 125 .

[142] شرح إحقاق الحق ج10ص533. ميزان الاعتدال ج1ص97ط القاهرة. ترجمة الإمام الحسن لابن عساكر ص 179 ح180 .رواه في الحديث  2358 في أواسط مسند أبي هريرة من كتاب المسند ج 2 ص 447 ط 1 .

[143] ترجمة الإمام الحسن ابن عساكر  ص 104 ح176 . من ترجمة الإمام الحسن من المعجم الكبير : ج 3 ص 43 ط 1 ، ومجمع الزوائد : ج 9 ص 180 ، وقال : : رواه الطبراني ورجاله ثقات . ورواه أيضا المزي في ترجمة الإمام الحسن من تهذيب الكمال : ج 2 ص 270 .

[144] بحار الأنوار ج45ص313 .العوالم ، الإمام الحسين ص 598 ح6 .

[145] وعن ذخائر العقبى ص 125 وذكر : خرجه أبو حاتم . هكذا قيدناه من أصلنا المسموع للحسين فيهش ولعله للحسن فيبهش بالباء الموحدة وكذلك خرجه أبو عبيد القاسم بن سلام ، ولفظه : فإذا رأى الصبى حمرة لسانه يهش إليه ، ( شرح ) : دلع لسانه : أخرجه ودلع لسان الرجل خرج يتعدى ولا يتعدى ، ويهش إليه أي يخف إليه ويرتاح والهشاشة الخفة والارتياح المعروف ، وهذا على التقييد بالياء المعجمة باثنتين من تحت وأما على ما رواه أبو عبيد الله بالباء الموحدة فقال في تفسيره يقال للإنسان إذا رأى شيئا فأعجبه واشتهاه فتناوله وأسرع إليه فرح به فقد بهش إليه .

[146] وعن ذخائر العقبى ص 125 خرجه ابن الضحاك .

[147] كامل ‏الزيارات ص70ب22ح4 .

[148] الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي ج 1ص 338 . شرح إحقاق الحق ج 27 ص 488 . الغدير ج 1 ص 255 . وإنما قيل له حيص بيص : لأنه رأى الناس يوما في حركة مزعجة وأمر شديد فقال ما للناس في حيص بيص فبقي عليه هذا اللقب . ومعنى هاتين الكلمتين الشدة والاختلاط وكانت وفاته 6 شعبان سنة 574 ببغداد ودفن بمقابر قريش . وذكر رواة التأريخ قصة فتح مكة ومنهم في مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب ج1ص 178.

لما قدم النبي لفتح مكة قال العباس : هو والله هلاك قريش إن دخلها عنوة ، فركب بغلة النبي صلى الله عليه وآله البيضاء ليطلب الخطابة أو صاحب لين يأمره أن يأتي قريشا فيركبون إليه ويستأمنون إليه ، إذ سمع أبا سفيان يقول لبديل وحكيم : ما هذه النيران ؟ قال : هذه خزاعة ، قال : خزاعة أقل من هذه فلعل هذه تميم أو ربيعة ، فعرف العباس صوت أبي سفيان وناداه وعرفه الحال ، قال : فما الحيلة ؟ قال : تركب في عجز هذه البغلة فأستأمن لك رسول الله ففعل فكان يجتاز على نار بعد نار فانتهى إلى عمر فسبقهما إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال : هذا أبو سفيان قد أمكنك الله منه بغير عهد فدعني أضرب عنقه ، فقال العباس : يا رسول الله أبو سفيان وقد أجرته .

قال : ادخله فدخل فقام بين يديه فقال : ويحك يا أبا سفيان أما آن لك أن تشهد إن لا إله إلا الله واني رسول الله فتلجلج لسانه وعلي يقصده بسيفه والنبي محدق بعلي ، فقال العباس : يضرب والله عنقك الساعة أو تشهد الشهادتين ، فأسلم اضطرارا ، فقال له النبي : عند من تكون الليلة ؟ قال : عند أبي الفضل فسلمه إليه .

فلما أصبح سمع بلالا يؤذن قال : ما هذا المنادي ؟ ورأى النبي صلى الله عليه وآله وهو يتوضأ وأيدي المسلمين تحت شعره يستشفون بالقطرات ، فقال : تالله إن رأيت كاليوم كسرى وقيصر ، فلما صلى النبي قال : يا رسول الله إني أحب إن تأذن لي إن اذهب إلى قومي فأنذرهم وأدعوهم إلى الحق ، فأذن له .

فقال العباس : إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فلو خصصته بمعروف ، فقال صلى الله عليه وآله : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ثم قال : ومن أغلق بابه فهو آمن ، فلما ذهب أبو سفيان قال النبي للعباس : أدركه واحبسه في مضايق الوادي حتى تمر به جنود الله ، فرأى خالد بن الوليد في المقدمة ، والزبير في جهينة ، وأشجع وأبا عبيدة في أسلم ومزينة ، والنبي صلى الله عليه وآله في الأنصار ، وسعد ابن عبادة في يده راية النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا أبا حنظلة :   اليوم يوم الملحمه * اليوم تسبى الحرمة  يا معشر الأوس والخزرج ثاركم يوم الجبل .

فأتى العباس إلى النبي صلى الله عليه وآله واخبره بمقالة سعد ، فقال صلى الله عليه وآله : ليس بما قال سعد شيء .

ثم قال لعلي : أدرك سعدا فخذ الراية منه وادخلها إدخالا رفيقا ، فقال سعد : لولاك لما أخذت مني .

 وقال أبو سفيان : يا أبا الفضل إن ابن أخيك قد كنف ملكا عظيما .

فقال العباس : ويحك هذه نبوة ، واقبل أبو سفيان من أسفل الوادي يركض فاستقبلته قريش وقالوا : ما ورآك وما هذا الغبار ؟ قال : محمد في خلق ، ثم صاح : يا آل غالب البيوت البيوت من دخل داري فهو آمن ، فعرفت هند فأخذت تطردهم ، ثم قالت : اقتلوا الشيخ الخبيث قبح من وافد قوم وطليعة قوم ، قال : ويلك إني رأيت ذات القرون ورأيت فارس أبناء الكرام ورأيت ملوك كندة وفتيان حمير يسلمون آخر النهار ويلك اسكتي فقد والله جاء الحق وذهبت البلية .

[149] الغدير  ج 9 ص 179 ـ181 . أحاديث أم المؤمنين عائشة للسيد مرتضى العسكري ج1ص170 . الطبري 5 / 113 . أنساب الأشراف 5 / 69 68.

[150] بحار الأنوار ج32ص434ب11 . و روى نصر عن عبد الله بن عوف قال : لما قدمنا على معاوية و أهل الشام بصفين وجدناهم قد نزلوا منزلا اختاروه مستويا بساطا واحدا ، و أخذوا الشريعة فهي أيديهم ، و قد صف أبو الأعور عليها الخيل و الرجالة و قدم المرامية و معهم أصحاب الرماح و الدرق و على رءوسهم البيض ، و قد أجمعوا أن يمنعونا الماء ففزعنا إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأخبرناه بذلك .

فدعا صعصعة بن صوحان فقال : ائت معاوية فقل له إنا سرنا إليك مسيرنا هذا ، و أنا أكره قتالكم قبل الإعذار إليكم ، و إنك قدمت خيلك فقاتلتنا قبل أن نقاتلك ، و بدأتنا بالحرب و نحن من رأينا الكف حتى ندعوك و نحتج عليك ، و هذه أخرى قد فعلتموها قد حلتم بين الناس و بين الماء ، فخل بينهم و بينه حتى ننظر فيما بيننا و بينكم ، و فيما قدمنا له و قدمتم له ، و إن كان أحب إليك أن ندع ما جئنا له و ندع الناس يقتتلون على الماء حتى يكون الغالب هو الشارب فعلنا .

 فلما مضى صعصعة برسالته إلى معاوية قال معاوية لأصحابه : ما ترون . فقال الوليد بن عقبة : امنعهم الماء كما منعوه ابن عفان حصروه أربعين يوما يمنعونه برد الماء و لين الطعام اقتلهم عطشا قتلهم الله . و قال عمرو بن العاص خل بين القوم و بين الماء فإنهم لن يعطشوا و أنت ريان و لكن لغير الماء فانظر فيما بينك و بينهم فأعاد الوليد مقالته . و قال عبد الله بن سعيد بن أبي سرح و كان أخا عثمان من الرضاعة امنعهم الماء إلى الليل فإنهم إن لم يقدروا عليه رجعوا ، و كان رجوعهم هزيمتهم ، امنعهم الماء ، منعهم الله يوم القيامة .

فقال صعصعة : إنما يمنع الماء يوم القيامة الفجرة الكفرة شربة الخمر ، ضربك و ضرب هذا الفاسق يعني الوليد ، فتواثبوا إليه يشتمونه و يتهددونه . فقال معاوية كفوا عن الرجل فإنما هو رسول .

 قال عبد الله بن عوف : إن صعصعة لما رجع إلينا حدثنا بما قال معاوية ، و ما كان منه و ما رده علينا .

و قال : لما أردت الانصراف من عنده قلت ما ترد علي قال سيأتيكم رأيي .

قال : فو الله ما راعنا إلا تسوية الرجال و الصفوف و الخيل ، فأرسل إلى أبي الأعور امنعهم الماء ، فازدلفنا و الله إليهم فارتمينا و أطعنا بالرماح و اضطر بنا بالسيوف، فطال ذلك بيننا و بينهم حتى صار الماء في أيدينا، فقلنا : لا و الله لا نسقيهم ، فأرسل علي عليه السلام، أن خذوا من الماء حاجتكم و ارجعوا معسكركم و خلوا بينهم و بين الماء ، فإن الله قد نصركم عليهم ببغيهم و ظلمهم . وأنظر شرح ‏نهج ‏البلاغة ج3ص324.وقعة صفين ص 156.

[151] مقاتل الطالبيين- أبو الفرج الأصفهاني  ص 59 .

[152] لواعج الأشجان السيد محسن الأمين  ص 181 .

[153]الشعر يكتب على أماكن السبيل لتوزيع الماء وحفظه أكثر الناس ، وروي لي من كتاب باسم سوك نامه آل محمد  صلى الله عليهم وسلم ولم أعرف قائلة وينسب للإمام عليه السلام وحقيقة يعبر عن عظيم المأساة ويحكي المصاب بأعلى بيان وأشد حزن ، ويعرف خسة أعداء آل محمد وكل من تبعهم إلى يوم القيامة .

[154] الطرائف ج1ص20 ح13 ، عما رواه الثعلبي في تفسيره من حديث الدار ونزول آية أنذر عشيرتك الأقربين . تفسيرا لقمي ج2 ص178 . قصة إطعام النبي في يوم الخندق أطعم كل المسلمين بصاع شعير ، مستدرك ‏الوسائل ج32ص199ب14ح5  -16502 قصة الإطعام في زواج فاطمة الزهراء عليه السلام .

[155] بحار الأنوار ج43 ص312 ب12ح73 .والجفنة : هي القصعة كبيرة ماعون كبير أو ما يسمى بلم في هذه الأيام .

[156] المناقب ج : 3 ص : 391 . بحار الأنوار ج43ص289ح52.

[157] بحار الأنوار ج43 ص308ح72 .

[158] المناقب ج3 ص392.روضة الواعظين ج1 ص159. بحار الإنوارج39ص288ب12ح52 .

[159] المناقب ج3ص392. بحار الإنوارج39ص288ب12ح52 . وذرابة اللسان حدته وطلاقته .

[160] بحار الأنوار ج43 ص308ح72 .

[161] بحار الأنوار  ج43 ص309ب 12ح72  عن بعض كتب المناقب القديمة .

[162]بحار الأنوار ج39ص265ب12ح22 . معاني ‏الأخبار ص211ح1 . قال الأصمعي الازرام : القطع ، يقال للرجل إذا قطع بوله أزرمت بولك وأزرمه غيره إذا قطعه ، وزرم البول نفسه إذا انقطع . ورواه في المناقب ج4ص70 عن أبو عبيد في غريب الحديث .

[163] وسائل ‏الشيعة ج 3 ص 406ح3991 .

[164]المنهاج ص 153 مسألة 463.

[165] المناقب ج4ص71. بحار الأنوار ج39ص297ب12ح58 . بيان : قال الجزري : دحى أي رمى وألقى ، ومنه حديث أبي رافع : كنت ألاعب  الحسن والحسين عليهم السلام بالمداحي ، هي أحجار أمثال القرصة كانوا يحفرون حفيرة ويدحون فيها بتلك الأحجار فإن وقع الحجر فقد غلب صاحبها وإن لم يقع غلب .

إبراهيم أبو رافع : عده النجاشي من السلف الصالح ، و قال : أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان للعباس بن عبد المطلب رحمه الله فوهبه للنبي ، فلما بشر النبي بإسلام العباس أعتقه . ويقال إن اسم أبي رافع إبراهيم ، و أسلم رافع قديما بمكة ، و هاجر إلى المدينة ، و شهد مع النبي مشاهده . و لزم أمير المؤمنين عليه السلام من بعده ، و كان من خيار الشيعة ، و شهد معه حروبه ، و كان صاحب بيت ماله بالكوفة ، و ابناه عبد الله و علي كاتبا أمير المؤمنين . معجم‏ رجال‏ الحديث ج1ص176 رقم 52 ، ومر الإشعاع الثالث من آداب الأذان و العقيقة والحلق أنه رأى رسول الله يؤذن في أذن الحسين عليه السلام .

[166] بحار الإنوارج39ص273ب12ح40 . الخرائج‏ والجرائح ج 2 ص845.

بيان : ناواه : عاداه ، والدس : الإخفاء ، والدسيس : من تدسه ليأتيك بالإخبار أي أين أرسلتهما خفية ليأتياك بالخبر .

[167] بحار الأنوار ج43 ص312 ب12ح73 .

[168] بحار الأنوار ج 43ص272ح39.

[169]الآية النساء 63.  المناقب ج3ص400. البحار جزء 43 .الحديث 2 باب 13 .

[170] المناقب ج3ص400.

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام كرمنا بنوره رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة الإمام الحسين عليه السلام لنتنور بما خصه رب الإسلام