هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين  في  أصول الدين وسيرة المعصومين / صحيفة الإمام الحسين عليه السلام /
 الجزء
الرابع /  ظهور نور الإمام الحسين في الأرض بولادته وأدلة إمامته / الباب الأول

سفينة نجاة
نور أئمة الهدى الحسن و الحسين عليهم السلام
في الولادة والطفولة والصبا والأحداث الشريفة التي حفتهم

في سفينة النجاة هذه : مجالس ذكر للإمام الحسين عليه السلام تعرفنا كرامات ووقائع شريفة تحف بولادته وطفولته وصباه بما يخصه بنفسه ، أو مع آله وبالخصوص أخاه الأكبر ، فتعرفنا عناية الله ورسوله بهم ، وتعرفنا شيئا من شأنهم الكريم ورعاية الله ورسوله لهم ، فنعرفهم بأجمل المناقب والفضائل والخصال الحميدة ، ونتيقن شرفهم لنسير على منهجه الحق في كل ما عرفوا وأظهروا من توحيد الله ودينه وسبيله الحق .

المجلس الأول

ذكر لأنوار تحف ولادة الإمام الحسين عليه السلام فتعرفنا كرامته

 

يا طيب : إن نور أهل البيت واحد ، وأنه حياتهم مشتركة ، ولذا كانت الآيات والسور النازلة في شأنهم شاملة لهم وتعمهم كلهم ، كما عرفت في آيات النور والبيوت المرفوعة والتطهير والمباهلة وسورة الكوثر والإنسان وغيرهن ، وذلك لكونهم عائلة واحدة وإن الكتاب والحكمة وولاية ملك أمر الله لهم ، وهم أئمة الحق ويصدق تصديق الله وبركاته عليهم بمعنى واحد ، ولذا كانت أكثر كرامات الإمام الحسين عليه السلام مشتركة مع آله بصورة عامه ، ومع أخيه الأكبر الإمام الحسن المجتبى خاصة ولذا نعنون بعض العناوين باسميهما الكريمين .

كما أن في بيان هذه الأذكار : للأمور الواقعة في ولادة الحسن والحسين عليهم السلام في صباهما كما سيأتي ليس فقط ذكر للفضائل يرجى بها الثواب فحسب وأن كان فيه الكفاية ، ولكن المهم هو الإقتداء بهذه السيرة الطيبة لجدهما وأبويهما معهما ، سواء في التسمية والولادة ورسومها ، أو في التربية والمعاملة مع الأطفال وما ترشد له من الأخلاق الفاضلة والآداب الإسلامية الكريمة ، وذلك لأن قراءة فضائل النبي محمد وآله صلى الله عليهم وسلم وسيرتهم وسننهم فيها من التعاليم الدينية التي توصل لسعادة الدنيا والآخرة ، وتفرح القلب وتقر العين برجاء فضل الله وثوابه لأحبابه ولمن يطيعهم في الدنيا والآخرة .

كما إن : مَن يستبعد شيء من فضائل محمد وآله صلى الله عليهم، أو يريد معرفة المزيد فليرجع للأجزاء السابقة أو يتابع البحث معنا ، فسيجد ما تقر به عينه ويريه الحق واقعا جليا ، إن شاء الله تعالى ، وهو ولي الهدى والتوفيق وحده لا شريك له .

 

الذكر الأول

ولادة الإمام الحسين والأحوال الحافة به والمعرفة لشأنه الكريم

وفيه مشارق نور تشع علينا معارف نقتبس نورها إن شاء الله :

الإشراق الأول :

روايات جامعة تعرفنا أحوال ولادة الإمام الحسين وتسميته :

يا طيب : هذه روايات جامعة تفصل شيء من معارف نور الإمام الحسين عليه السلام في الملكوت بصورة مجملة بعد أن عرفنا تفصيل وجودهم في العوالم العالية في الأجزاء السابقة ، أو ما عرفت من الحديث الجامع عن معاذ بن جبل عن رسول الله في مصباح الهدى ، وهنا نشير لمختصر يجمعها ويقربنا من يوم ولادة الإمام الحسين عليه السلام ، ثم نفصل الكلام في معارف نوره في الأرض بذكر يوم ولادته عليه السلام وتسميته وتحكي عن أهم الأحداث الكريمة التي تحف به في هذا اليوم المبارك ، وسيأتي في الإشراق الآتي تحليلا مختصرا لأهم المكرمات والتعاليم التي نستلهمها من هذا اليوم والأحوال الشريفة فيه ، ثم يأتي ذكرا آخرا نفصل به ذكر كل حادثة بعدة روايات ، ونسأل الله التوفيق :

 

الإشعاع الأول : نور الإمام الحسين في الملكوت :

يا طيب : عرفت إن أو نور خلق هو نور نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم شق بمرتبة أدنى نور الإمام علي وبعده فاطمة والحسن والحسين وأنوار ذريتهم المعصومين عليهم السلام ، فكان نور أهل البيت عليهم السلام أول نور مخلوق في الجود في عالم النور الأول ، أي نور المراتب العالية للسرادقات والحجب العليا من النور عند سدرة المنتهى وقاب قوسين أو أدنى ، ثم تنزل لمراتب الجبروت الأول فأشرق بنور العرش والملائكة ونور مراتب التكوين العالي ، ثم تنزله في نور خلق عالم الملكوت وملائكته والكرسي وما دونه في عالم الغيب ، ثم تنزل نور الله مشرقا بما تنزل من خزائن أسبابه العالية في تكون أنوار عالم الشهادة فخلق الكون الواسع المشهود كله بما في ذلك الأرض ومجرتها وما فيها بكل جزء منها ، وقد مرت معارفه في الأجزاء السابقة وبالخصوص في شرح آيات النور في الجزء الأول ، وفي صحيفة فاطمة الزهراء مختصرا بمراتب عشرة ، وكان تفصيلا كريما أخرا في شرح الأسماء الحسنى وبالخصوص الجزء الثالث في شرح اسم الله العظيم واللطيف والشافي .

وقد عرفت : ملخصا بحديث مر في النور الثاني في المصباح أعلاه ، وهنا نتكلم عن نور الإمام الحسين في عالم الأرض ، في يوم ولادته وما بعده فتدبر .

ويا طيب : إن تنزل نور الله في مشكاة وزجاجة نور النبي وآله في الأرض وما قبله وتحقق وجوده وما أشرق من نوره ، لا يعني أنه أصبح مستقلا عن مدد نور الله ، وقد عرفت أن كل شيء في الوجود يحتاج لمدد نور الله في كل آن ولا مستقل في الوجود بدون مدد الله المحيط بكل تكوينه ، وهو الذي يُقدره على ما يشاء وإن للنور مراتب ، سواء مراتب مادية في العالم الأرض ، أو مراتب ملكوتية للروح التي تحفه وتحركه ، وعلى كل الأحوال يحتاج لمدده من نور الله سواء بواسطة أو بدونها وفي كل آن من بقائه فضلا عن وجوده .

وقد ذكرنا في صحيفة فاطمة الزهراء عليه السلام : كيف تنزل نورها وتحقق وجوده في الأرض ، سواء النور الأعلى أو قبل الولادة وما يحتاجه بدنها المادي من تكوين خصائصه في الأرض حتى تتحقق روحها في بدن قد رعي من مواد علم أعلى تنزلت لهذا العالم ، ولذا كانت هناك أحاديث تعرفنا شيء من نورها ومواد بدنها وكيف تحققت واجتمعت نورا مجردا وفي مادة ، والحديث الجامع في المصباح الذي مرّ كان يختصر ويجمع نورها مع نور الإمام الحسين بل وأبيها وزوجها وأجدادهم كما عرفت ، وهذا حديث يجمع فاطمة الزهراء والحسن والحسين في تكوني نطفتهما ، وما كرم الله به نبيه لكي يتنزل ذلك النور في بدن قد أعدت مواده الأولية من مراتب عالية لكي يتحقق به نور الروح العالية .

حكا عروة البارقي فقال :

 حججت في بعض السنين فدخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فوجدت رسول الله جالسا و حوله غلامان يافعان ، و هو يقبل هذا مرة ، و هذا أخرى ، فإذا رآه الناس يفعل ذلك أمسكوا عن كلامه حتى يقضي وطره منهما ، و ما يعرفون لأي سبب حبه إياهما ، فجئته و هو يفعل ذلك بهما .

فقلت : يا رسول الله هذان ابناك  ؟

فقال : إنهما ابنا ابنتي ، و ابنا أخي ، و ابن عمي ، و أحب الرجال إليَّ ، و مَن هو سمعي و بصري ، و من نفسه نفسي  و نفسي نفسه ، و من أحزن لحزنه  و يحزن لحزني ، فقلت له : قد عجبت يا رسول الله من فعلك بهما و حبك لهما !

فقال لي : أحدثك أيها الرجل ، إني لما عرج بي إلى السماء ، و دخلت الجنة ، انتهيت إلى شجرة في رياض الجنة ، فعجبت من طيب رائحتها .

 فقال لي جبرائيل : يا محمد لا تعجب من هذه الشجرة ، فثمرها أطيب من ريحها ، فجعل جبرائيل يتحفني من ثمرها و يطعمني من فاكهته ، و أنا لا أمل منها ، ثم مررنا بشجرة أخرى ، فقال لي جبرائيل : يا محمد كل من هذه الشجرة ، فإنها تشبه الشجرة التي أكلت منها الثمر ، فهي أطيب طعما ، و أذكى رائحة .

 قال : فجعل جبرائيل يتحفني بثمرها و يشمني من رائحتها ، و أنا لا أمل منها .

 فقلت : يا أخي جبرائيل ما رأيت في الأشجار أطيب و لا أحسن من هاتين الشجرتين ؟

فقال لي : يا محمد ، أ تدري ما اسم هاتين الشجرتين ؟

فقلت : لا أدري . فقال ، إحداهما الحسن ، و الأخرى الحسين .

فإذا هبطت : يا محمد إلى الأرض من فورك ، فأتِ زوجتك خديجة ، و واقعها من وقتك و ساعتك ، فإنه يخرج منك طيب رائحة الثمر الذي أكلته من هاتين الشجرتين ، فتلد لك فاطمة الزهراء ، ثم زوجها أخاك عليا ، فتلد له ابنين ، فسم أحدهما الحسن ، والآخر الحسين .

 قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ففعلت ما أمرني أخي جبرائيل ، فكان الأمر ما كان ، فنزل إلي جبرائيل بعد ما ولد الحسن و الحسين .

فقلت له : يا جبرائيل ما أشوقني إلى تينك الشجرتين ؟

فقال لي : يا محمد إذا اشتقت إلى الأكل من ثمرة تينك الشجرتين ، فشم الحسن و الحسين .

قال : فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كلما اشتاق إلى الشجرتين ، يشم الحسن و الحسين ، و يلثمهما .

 و هو يقول : صدق أخي جبرائيل ،  ثم يقبل الحسن و الحسين ، و يقول : يا أصحابي ، إني أود أني أقاسمهما حياتي لحبي لهما ، فهما ريحانتاي من الدنيا .

فتعجب الرجل : من وصف النبي للحسن و الحسين .

 فكيف لو شاهد النبي من سفك دماءهم ، و قتل رجالهم ، و ذبح أطفالهم ، و نهب أموالهم ، و سبي حريمهم .

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) } البقرة .

{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227) }الشعراء .[24].

يا طيب : هذا الحديث يذكر مختصر لمراحل وجود الحسين في السماء والأرض ، والأحاديث الآتية في كل الأجزاء تفصل حياته ومناقبه ومكارمه وخصائصه في الأرض ، وتشير لما كرمه الله من العناية بنوره الشديد الذي يشرق بالإخلاص له حقا، فتدبر.

 

الإشعاع الثاني : ظهور نور الإمام الحسين في الأرض بولادته :

في معاني الأخبار وعلل الشرائع : بسنده عن جابر قال :

لما حملت فاطمة بالحسن : فولدت ، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم أن يلفوه في خرقة بيضاء فلفوه في صفراء ، وقالت فاطمة : يا علي سمه ، فقال : ما كنت لأسبق باسمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فجاء النبي ، فأخذه وقبله وأدخل لسانه في فيه فجعل الحسن عليه السلام يمصه .

ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ألم أتقدم إليكم أن لا تلفوه في خرقة صفراء، فدعا صلى الله عليه وآله وسلم بخرقة بيضا فلفه فيها ورمى بالصفراء.

 وأذن في أذنه اليمنى ، وأقام  في اليسرى .

ثم قال لعلي عليه السلام : ما سميته ؟ قال : ما كنت لأسبقك باسمه .

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما كنت لأسبق ربي باسمه .

 قال : فأوحى الله عز ذكره إلى جبرائيل عليه السلام أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط إليه فأقرئه السلام وهنئه مني ومنك ، وقل له :

 إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون .

فهبط جبرائيل : على النبي وهنأه من الله عزّ وجلّ ومنه ، ثم قال له :

إن الله عز وجل يأمرك أن تسميه باسم ابن هارون .

قل : وما كان اسمه ؟  قال : شبر . قال : لساني عربي .

قال : سمه الحسن . فسماه : الحسن

فلما ولد الحسين عليه السلام : جاء إليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ففعل به كما فعل بالحسن عليه السلام .

 وهبط جبرائيل : على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك : إن عليا عليه السلام منك بمنزلة هارون من موسى ، فسمه باسم ابن هارون . قال : وما كان اسمه ؟ قال : شبير ، قال : لساني عربي .

قال : فسمه الحسين ، فسماه : الحسين [25].

وفي عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام : بالأسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن الحسين عليهم السلام عن أسماء بنت عميس قالت :

 قبلت جدتك فاطمة عليه السلام بالحسن والحسين عليهم السلام  .

فلما ولد الحسن عليه السلام : جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : يا أسماء هاتي ابني ، فدفعته إليه في خرقة صفراء ، فرمى بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال : يا أسماء ألم أعهد إليكم أن لا تلفوا المولود في خرقة صفراء ، فلففته في خرقة بيضاء ودفعته إليه .

فأذن في إذنه اليمنى وأقام في اليسرى .ثم قال لعلي عليه السلام : بأي شيء سميت ابني ؟ قال : ما كنت أسبقك باسمه يا رسول الله ، قد كنت أحب أن اسميه حربا ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ولا  أسبق أنا باسمه ربي . 

ثم هبط جبرائيل عليه السلام فقال : يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول : علي منك بمنزلة هارون من موسى ولا نبي بعدك سم ابنك هذا باسم ابن هارون .

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : وما اسم ابن هارون ؟

قال : شبر ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لساني عربي .

قال جبرائيل عليه السلام : سمه الحسن . قالت أسماء : فسماه الحسن ، فلما كان يوم سابعة عق النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه بكبشين أملحين ، وأعطى القابلة فخذا ودينارا ، وحلق رأسه .  وتصدق بوزن الشعر ورقا ، وطلى رأسه بالخلوق . ثم قال : يا أسماء الدم فعل الجاهلية .

قالت أسماء : فلما كان بعد حول ولد الحسين عليه السلام وجاءني النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا أسماء هلمي ابني ، فدفعته إليه في خرقة بيضاء فأذن في إذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، ووضعه في حجره فبكى ، فقالت أسماء : قلت : فداك أبي وأمي مم بكاؤك ؟ قال : على ابني هذا .

قلت : إنه ولد الساعة يا رسول الله ؟!  فقال صلى الله عليه وآله وسلم : تقتله الفئة الباغية من بعدي لا أنالهم الله شفاعتي . 

ثم قال : يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا فإنها قريبة عهد بولادته .

ثم قال لعلي عليه السلام : أي شيء سميت ابني ؟

قال : ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله ، وقد كنت أحب أن اسميه حربا .

 فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ولا أسبق باسمه ربي عز وجل . 

ثم هبط جبرائيل عليه السلام فقال : يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام ، ويقول لك : على منك كهارون من موسى ، سم ابنك هذا باسم ابن هارون . قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : وما اسم ابن هارون ؟ قال : شبير . قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لساني عربي .

قال جبرائيل : سمه الحسين فسماه الحسين . فلما كان يوم سابعة :

عق عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكبشين أملحين .

وأعطى القابلة فخذا ودينارا . ثم حلق رأسه ، وتصدق بوزن الشعر ورقا . وطلى رأسه بالخلوق ، فقال : يا أسماء الدم فعل الجاهلية . 

وروي في صحيفة الإمام الرضا : عن الرضا عن آبائه عليهم السلام مثله .

وفي المناقب : عن الواعظ في شرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم والسمعاني في فضائل الصحابة وجماعة من أصحابنا في كتبهم عن هانئ بن هانئ عن أمير المؤمنين عليه السلام وعن علي بن الحسين  عليهم السلام وعن أسماء بنت عميس وذكر نحوه. 

بيان : يقال : قَبل المرأة - كعلم - قبالة ، كانت قابلة : وهى المرأة التي تأخذ الولد عند الولادة . الملحة : بياض يخالطه سواد . والخلوق : طيب معروف مركب يتخذ  من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة [26].

محمد بن علي ، عن أبيه عليهم السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أمرت أن اسمي ابني هذين حسنا وحسين[27]

وفي المناقب _ عن مسنـد أحـمــد _ بالإسناد عن هانئ بن هانئ ، عن علي عليه السلام وفي رواية أخرى عن أبي غسان بإسناده عن علي عليه السلام قال :

 لما ولد الحسين : جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : أروني ابني ما سميتموه ، قلت : سميته حربا ، قال : بل هو حسن . 

ـ مسندي أحمد وأبي يعلى ـ قال : لما ولد الحسن سماه حمزة فلما ولد الحسين سماه جعفرا . قال علي : فدعاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : إني أمرت أن أغير اسم هذين . فقلت : الله ورسوله أعلم فسماهما حسنا وحسينا وقد روينا نحو هذا عن ابن أبي عقيل . 

يا طيب : هذه الروايات كانت جامعة ـ إلى أنه ما ستعرف من الروايتين الأخيرتين في المسند الذي يرويه المخالفون ، وإن أقروا بالتسمية من الله بأمر رسول الله ، ولكن حسب رأيهم أدخلوا فيها أمرا سنشير إليه في الشرح الآتي فتابع البحث ـ وعلى كل الأحوال الروايات تشمل أهم الوقائع الكريمة الحاصلة حين ولادة الإمام الحسين عليه السلام حتى تسميته ، بل تستمر لليوم السابع ليوم العقيقة ، وسيأتي تفصيل كل حادث بأحاديث تخصه ، وأما ما نستلهم من ذكر هذه الأحاديث فشرحها في الإشعاع الآتي فتدبر ، وأسأل الله أن يعرفنا فضله وشأنه الكريم المنزل على أحب خلقه بما يحب ويرضى وهو ولي التوفيق .

 

الإشراق الثاني :

معاني لاسم الحسين ورعاية الله ورسوله له في يوم ولادته :

يا طيب : بعد إن عرفنا إن الله تعالى له عناية بخلقه كلهم ، وبالخصوص أئمة الهدى ومبلغي دينه ومصححي مسير التأريخ في صراطه المستقيم ، فكان يشيد بذكرهم ويعرفهم لأممهم ويرينا اهتمامه بهم من قبل ولادتهم أو في يومها وبعدها ، وذلك ليعرف فضلهم كما عرفت ، فيؤمن بهم من وفقه الله وطلب الحق وشاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا ، فيطلب الله بدينه من عند من أختارهم الله وخصهم بهداه .

ولذا نعرف في الأخبار أعلاه أشعة نور نقتبس منها معارف هدى :

 

الإشعاع الأول : سند الأخبار عن أهل البيت عليهم السلام :

يا طيب : إن هذه الأخبار عن أهل البيت عليهم السلام ونقلت في كتب الموالين الأولين ، إلا ما عرفت من الروايتين الأخيرتين الذي يأتي بيان الإشكال فيهما وإن أقرا بالحق ، وفي أخبار أخرى معتبرة تأتي إن بدل أسماء أنها أم أيمن أتت به للنبي ، وفي أخبار كانت صفية بنت عبد المطلب القابلة ، أو أم سلمة حاضرة ، وعلى كل أحوال إنه لابد حين الولادة من يُولد وقابلة ونساء تحف الحامل من آلها ، وبالخصوص بنت النبي الأكرم  فاطمة الزهراء صلى الله عليها وسلم ، والظاهر حضور عدة نساء مجتمعات وبعضهن قدمته للنبي ، ثم كان الخبر الثاني يفصل إن يوم الولادة الذي حمل الحسن والحسين للنبي إحدى النساء ممن كن قرب فاطمة عليها السلام ، ولذا قد يكون اللف بالخرق الصفراء منها دون أمر فاطمة عليها السلام .

وبهذا نعرف : إن النبي كان يوصي بضرورة رعاية خلفاءه وأئمة المؤمنين بعده ، وكان يراعي حتى أمر الخرقة التي يلف بها على أن تكون بيضاء لا صفراء ، فضلا عن باقي شؤونهم المهمة ، وسيأتي بيان توصيته بالرضاع وغيره .

 

الإشعاع الثاني : فضل الأذان والإقامة في إذن الحسن والحسين :

يا طيب : من الآداب الكريمة والتي لها آثار عظيمة ، أن يؤذن بالتكبير وتلاوة الشهادة في أذن المولود ، ويحث على الولاية والصلاة وطلب الفلاح والعمل الصالح في أول عمره حين يؤذن في أذنه اليمنى الأذان ، وفي أذنه اليسرى تقام الإقامة ، وهذه السنن التي عرفناها من رسول الله كانت أولها في أذن الحسن والحسين ، وبهذا عرفنا أمرا مهم نربي به الأولاد على حب الله ورسوله وآله ودينه الذي يعلموه .

وهذا أول العلم لحديث : أطلب العلم من المهد إلى الحد ، ولذا كان الأذان والإقامة واستحبابهما وهما من أول العلم ، بل أنه تلاوة القرآن للحامل وعند الطفل ليتعلم مستحب استحبابا مؤكدا ، وقد أشار لمثل هذا التعلم العلم الحديث بل يحث عليه ويُعرف أهميته ، بل إن تعليم القرآن من المستحبات الإسلامية الكريمة للأطفال ، وإن الطفل المتعلم للقرآن يكون ذكي ويطوي مراحل الدراسة بدرجات عالية ، ويكون فطن وموفق في كل عمره ومتزن ووقور ومؤدب بأعلى الآداب والأخلاق الفاضلة، وبهذا الأذان وما بعده من الإقامة يكون أول التعليم ، وهذه رعاية الله ورسوله لأولاد الأنبياء نتعلم منها بركات الهدى وما به التوفيق والرضا منه تعالى .

 

الإشعاع الثالث : الكرامة من الله ورسوله في التسمية :

يا طيب : إنه كانت التسمية من أم وأب الحسن والحسين ، كانت تنتظر من رسول الله بل من الله تعالى ، وهي مسلمة لمن يعرف أدب فاطمة وعلي واحترامهم للنبي الكريم وأنهم لا يعقدون ولا يحلون أمرا إلا بإذنه وبعد مشورته ، وبالخصوص في مثل هذه المناسبة العظيمة التي يحل بها نور حفيده وخليفته في الوجود ، وهذا الرعاية منهم ومن رسول الله وانتظار التسمية والتهنئة من الله تعالى ، تعرفنا رعاية الله لهم وبيانه لفضلهم وشدة ما كانوا يراعون من كرامة الله وحسن ظنهم به ليدبر أمرهم وتوكلهم عليه ليكرمهم ، وبالخصوص بعد ما عرفت من إن الإمامة بأمر الله في ذرية بعضها من بعض كما مر البيان في مصباح الباب وما كرمهم به ، كما وإنه كانت للنبي كثير من الحالات التي يسكت فيها حتى يرى أمر الله وما يأمره ويعلمه فيه ، أو ينزل إذنه في التصريح بأمر قد خصه به من مكارمه وتشريعه وسننه ، وبالخصوص الأمور التي تخص شأن الولاية والإمامة التي هي أس الدين الركين وعماده القويم الذي يجمع الناس على الحق ، وإن الاسم لولي المؤمنين يكون مؤثرا في شخصيته وفي حب ذكره والتقرب منه وهو أحد الأمور الجاذبة لهداه والمقربة من عبوديته سبحانه ولذا كانت التسمية منه والاهتمام ممن أختارهم واصطفاهم به .

 ولا يشكل كما يقال عن الوهابية :

 إن الله وملائكته ليس عندهم عمل إلا تسمية الحسين ؟

فإنه يقال : إن الله تعالى : الذي رعى هداة خلقه من الأنبياء السابقين كما عرفت في مصباح الهدى لهذا الباب ، لرعاية الحسين أولى لأنه بذكره يُعرف مسير الدين الحق عنده وعند آله إلى يوم القيامة لا لمرحلة معينة قصيرة ، وبمنهجه يعبد الله تعالى أبدا واقعا ، وبما عرف هو وآله من الهدى يوحد سبحانه بحق بما يحب ويرضى .

وإن الله تعالى : لا يشغله شأن عن شأن وهذه سنته في العباد بأن يكرم من فضلهم ويعرف شأنهم بأحسن وجه يقرب العباد منهم ليأخذوا دينهم منهم ، وإنه تعالى لم ينسى نملة في ليلة ظلماء على صخرة في وسط صحراء ، فكيف ينسى الإنسان المفضل ويغفل عن رعايته ؟! و أ ليس الإنسان مفضل على الخلق ، وإن أفضله وجودا هم النبي وآله فكيف لا يسميهم بما يحب من الأسماء ؟! بل كانت لهم أحلى الأسماء وأجملها من أول التأريخ إلى أخره ، والآن يسمى ملايين الناس بهذا الاسم حبا له أو لأنه بنفسه جميل حتى ممن لم يكن بعضهم يُحسب على شيعته حقا ، بل يحسب على مذهب آخر من المذاهب الأربعة ، ولكن لحسن أسماء أهل البيت يسمى بأسمائهم .

ثم إن الملائكة : بل ملائكة العرش ومن حوله تذكر آيات أنهم يستغفرون ويرعون الذين آمنوا ويصلون عليهم ، فيكف بسيدا شباب أهل الجنة وحبيب رب العالمين ورسوله ، كيف لا يرعوهم ولا يوصلون كلام الله وعنايته بهم .

ولكن المنحرف : عن منهج الحسين لم يعرف رعاية الله لخلقه ، ولا يعتقد بأن الله له اهتماما بعباده بدين متقن يُعرفه أئمة الحق وأفضل أهل الوجود ، وإنه لا يُعرف دين الله من ينحرف عن الطيبين الطاهرين ويقاتلهم ، فلا يقال له يعرف هدى الله ، ولا يحق لأحد أن يعتقد إن الله هجر عباده بعد خلقهم وجعلهم يختارون أئمة دينهم ولو بترشيح منهم ، وبقياسهم يفتون حتى لو بدون علم لمجرد أن لهم لباقة في الكلام ولو كانوا بكل صوره يدعمون أئمة الضلال والكفر حتى غروهم وتبعوهم ، ولذا صاروا يعتنون بهم وبشأنهم ويكبرون أمورهم وينتقصون أئمة الحق لكي لا يهجر ويترك أئمتهم وتنتقص مصالحهم ، ولذا لم يعيروا اهتماما للحسين ولآله صلى الله عليهم ، بل ويحاولون أن يستبعدون رعاية الله لهم، وهذا هو الذي جعلهم يهجرون دين الله تعالى.

وأي أهمية في الأرض : أهم من رعاية وتحسين اسم هداة العباد ، على أنه مأمور به في آداب الإسلام ، ورسول الله هو المبلغ لدين الله ، فكيف لا يختار أفضل الأسماء لأبنه ويعرفه للناس بأمر الله بأحسن الأسماء ؟!! وقد عرفت معنى كريم في هذا المعنى لخصائص اسم الإمام الحسين عليه السلام في الجزء الأول فراجع .

ثم في رواياتنا إن : الإمام علي عليه السلام لم يسمي ولم يحب أن يسبق رسول الله في تسمية الإمام الحسن أو الحسين ، ولا رسول الله يحب أن يسبق الله في تسميتهما ، وهذا موافق للأدب الديني الذي جاء به رسول الله ، وبخصوص إن من يعرف مقام الإمام الحسين من آية حملته أمه كرها ووضعته كرها لمن يقتله ورعاية الله له وحكمته فيه ، أو عرف مقامه من مجالس التسلية بين النبي وبين جبرائيل الذي كان يواسيه بالإمام الحسين قبل ولادته حين يؤذى ، فيصبره بما سيصيب الحسين وآله ، ويُذكره بحسن الصبر وإن قومه لم يؤمنوا بالله فيؤذوه في نفسه وفي آله لا كرها له فقط ، وإن أذيتهم في الله تعالى ومن أجله كما ذكر الله في كتابه ، وسيأتي ذكر مجالس خاصة بين النبي وجبرائيل في باب آخر يعرفنا ما سيصيب الحسين من أتباع أئمة الضلال فأنتظر .

وأعلم إن الروايات : التي عرفتها أعلاه في التسمية بحرب في كتب ومسند من لم يقبل منهج الحسين وآله بصورة مطلقه ولم يروي عنه وروى عن النواصب والخوارج الذين حاربوا أب الحسين بل والحسين وأخيه ، ذكروا أنه سمى الإمام علي الحسين بأسماء اختلفوا فيها مرة حرب جد معاوية!! أو جعفر أو حمزة ، وكأنه القوم لما عرفوا كرامة الله للنبي في آله خافوا أن يسلموا لها فاخترعوا أحاديث يشككون به المؤمنين ، وذلك ليخففوا وطأة عظمة كرامة الله للنبي واهتمامه بدينه وبالخصوص بولاة أمره ، فاخترعوا ما يسهل أمر مخالفتهم حتى في اسمهم الكريم الذي لم يسمى به أحد قبلهم بفضل الله عليهم كما في اسم أبيهم علي أو محمد صلى الله عليهم وسلم ، وبهذا نعرف كرامات لأهل البيت لا يتحملها من حسدهم وعاندهم ، ولكن يؤيدها الله في سننه والتأريخ في مسيرة ، والله لا يكره أحد على دينه وقد تبين الرشد من الغي .

 

الإشعاع الرابع : البشارة بالمنزلة لأبي الحسنين ولهما :

رابع : البشارة بالاسم للإمام تبعتها بشارة بالمقام لهم ولأبيهم بكونه من النبي أخ وبمنزلة هارون من موسى وزير ووصي لأنه لا نبوة بعد نبينا ، وإنما المقام خلافة ووصاية وإمامة وولاية لدين الله وعلى المؤمنين ، سواء للإمام علي أو لأولاده وهم أولاد رسول الله ونسله الباقي بعده ولا نسل له غيره ، كما وفحوى هذا الحديث هي في آية المباهلة وفي سورة الكوثر وآيات ذرية بعضها من بعض ، وبيان لسنة الله في توريث الكتاب والحكمة لأفضل خلقه ، واختياره واجتبائه لمن يعلم أنهم يخلصون له الدين عبودية وتعليم وعمل ، فيظهرون به عابدين لله ومعلمين لعباد الله ، كما إن الحديث ذُكر في مواقف أخرى ، وكلها قد تكون بعد هذا اليوم كما في تخليف الإمام علي على المدينة في غزوة تبوك وفي غيرها من المواقف ، والتي شرف بها النبي الإمام علي ليدل على مقامه الكريم بعده ، وذُكر لحديث المنزلة روايات عديدة جمعها في كتاب إحقاق الحق  والغدير  والعبقات وغيرهم .

 

الإشعاع الخامس : آداب إسلامية كريمة حفت ولادة الحسن والحسين :

يا طيب : عرفنا من الأحاديث أعلاه حين ولادة الحسن والحسين عليهم السلام أمورا متعلقة بآداب إسلامية ومكارم أخلاق ربانية ، وقد صارت من السنن الشرعية المحببة لكل المسلمين ، والتي تُظهر الفرح والسرور بالمولود للمؤمنين ، وتظهر الرعاية الواجبة من العائلة له ، وإن عملهم يرافق الإكرام وإظهار الفضل بإقامة مراسم خاصة تستمر حتى اليوم السابع ويمكن ذكر منها :

في اليوم السابع : يجمع الأهل والمهنئين في دعوة يكرمون به ، وبها يتعرفون على المولود الجديد فيدعون له بالبركة ويفرحون لفرح أهله ، فتقام له ولهم وليمة تكون هي ذبيحة العقيقة التي تكون فداء للمولود وبها يكرم الضيوف .

ويا حبذ : لو تقوم في هذا المجلس بما يتقدمه من ذكر الله وتلاوة مختصرة لكتابه ، ثم ذكر فضل أهل البيت بحضور مداح أو تلاوة من كتاب فيه فضائلهم ، والتذكير بشرفهم وبنعمة الهداية التي خصهم وخصنا الله بها ، وإظهار مولاتهم وحب الاقتداء بهم وإنشاد أشعار تعرف شأنهم الكريم ، ثم يذكر بعض واجبات وحقوق الأب والأم والولد والأخوان فيه ، ليكون مجلس وعظ وإرشاد يعرف به معالم الدين ، وقد ذكرنا قسم من الحقوق للمؤمنين في صحيفة الطيبين من موسوعة صحف الطيبين فراجع .

 ثم في حين حضور المولد : يُعلن لهم عن اسمه ، ويجب أن يحسن أسمه بما يذكر بأسماء وألقاب أهل البيت عليهم السلام أو الأنبياء السابقين أو الأصحاب المحبين للنبي وآله الثابتين حقا ، لأنه تحسين الاسم من الواجبات الإسلامية على الأب والأم وكل من يكون من ذوي الشأن ، وأتذكر إن لما حب أن يسمي أبي رحمه الله أحد أخواتي وإن كل من العمات والعم والجد والأم حب أن يسمي باسم أخر ، لتكريمهم كتب كل اسم بورقة صغيرة ووضع كل واحده في داخل كتاب الله بحيث لا يبين الاسم وإن ظهر قسم من الورقة وكتب كل الأسماء التي اتفقوا على حسنها حقا، وبعد أن رفضوا بعض الأسماء الغير مناسبة ، ثم جاء بالمصحف إلى أمي رحمها الله وسحبت اسمها ، وإنه تنازل عن حقه في التسمية وأرضى الجميع بل كان أشبه بكونه استخار الله بالتسمية ، وهذا أسلوب حسن لمن يعاني مشكلة في انتخاب الاسم أو تحصل عدة اقتراحات من أقرباء يصعب رد كلامهم وكسر خاطرهم وبالخصوص الجد والجدة ومن هم في منزلتهم أو أقل في الرتبة إذا كانت أسمائهم حسنة ، وإن كان في الغالب الاسم للمولود الأول منتخب سلفا ومتفق عليه ولكن لمن يكثر أولاده .

ثم يا طيب : في مجلس الضيوف بعد أن يعلن عن الاسم ، يعطى المولود للضيوف والمهنئون لرؤيته ، فيقومون بدورهم بالدعاء للمولود ولأبيه ويسألون له النصر والتوفيق من الله ، وأن يجعله من جند الإمام الحجة وفي خدمة الدين ، وأن يثبته الله على الولاية لآل محمد صلى الله عليهم وسلم .

كما إنه تقدم الهدايا : من الضيوف الواردين في هذا الزمان ، وإن كان من باب تهادوا تحابوا ، يجب أن يكون نافع له ويكون رأس مال للطفل ويسأل الله أن ينميه وينفعه به ، و كل منهم حسب طاقته يقدم هديته .

 ثم تقام باقي السنن : من حلق شعره ووزنه بالذهب والفضة ويتصدق عنه ليدفع عنه العين والبلاء إن شاء الله ، فيتصدق به على فقراء المؤمنين ، كما وتكرم القابلة ( الحبوبة ) بفخذ من الذبيحة التي يعق بها عنه ويعطى لها دينار أو ما يساوي أجرها في هذا الزمان وأن يقدم لها قبل المراسم أو حينها .

ثم يقدم الطعام من العقيقة : بعد أن يكون قد تم تلاوة الدعاء المذكور في كتب الأدعية حين ذبح العقيقة ، وأن لا يأكل منها الأب والأم لأنه مكروه .

وقد ذكر في كتاب مفاتيح الجنان : في الباقيات الصالحات في الأمر الخامس والعشرون : ما روي أنه يقال عند ذبح العقيقة وذكر آداب كثيرة أخرى يمكن أن تراجعها فيه أو في كتب الرسائل العملية لمراجع التقليد ، وجاءت آداب أخرى كثيرة في التسمية والعقيقة والحلق والتصدق بوزن الشعر ذهبا أو فضه ، وذُكرت آدابا تستحب بل قد يجب على المؤمن مراعاتها  .

وبهذا عرفنا يا طيب : كرامة ميلاد أهل البيت وبالخصوص الحسن والحسين عليهم السلام ، وكيف نتعلم بما عمل رسول الله معهم من التسمية والآداب الإسلامية ، وما عرفنا من الأحكام الشرعية والآداب الربانية التي يؤدبنا بها ، وبها ينمي المحبة بين المولود ووالديه وأهله والأقرباء والمحبين من المؤمنين الصالحين ، ويتصدق بها بفضل الله من ولد له بما يستطيع على فقراء المؤمنين ، وتقدم له هدايا كلا حسب طاقته لتنفعه أو يصرفها في هذه المناسب لمن قُدر عليه رزقه .

وسيأتي تفصيل الأحاديث في العقيقة والحلق بأحاديث خاصة فأجمع هذا البحث مع ما يأتي في الإشراق الثامن من الذكر الآتي .

ويا طيب : وإما مجلس ذكر الإمام الحسين الذي عقده له رسول الله وبكى عليه ويعرف حقه وإمامته له ولآله هو يوم ولادته بل وقبله وسنذكر له بابا خاص ، وبه وبأمثاله يُعرفنا ضلال أعدائه وكل مناوئ له في الدين ، بل عرفت أنه لم يطلي رأسه بالدم حين ذبح العقيقة كما يفعلون في الجاهلية ، بل طيب المولد بالطيب ( الخلوق ) وهذه آداب كريمة ، ومعارفها تنموا ، وتطبق من المؤمنين عن حب فتكون لهم قبس نور مستمر ذكره إلى يوم القيامة ، وبهذا وبما عرفنا من المكرمات له يُعرف فضل الإمام وفضله علينا حتى حين ولادته وما يرينا من الآداب المحبب لنا والجالبة للألفة والمودة ، والتي نتنعم بنورها وآثارها حتى يوم القيامة والجنة حين تحسن أسمائنا كأسمائهم ، وندعى بها ونراعي حرمة صاحبها وما له من الوقار حين النداء  به ، وبهذا وأمثاله نكون مع أئمة الحق وعلى منهجهم حتى في أسماءهم وما يذكر بهم إن شاء الله ، وفي كل مراحل الإيمان والوجود حتى الجنة ونعيم الرب ورضاه الأكبر .


[24] بحار الأنوار ج43ص314ب12ح73 .

[25] علل الشرائع ج1ص131 ، معاني الأخبار ص 57  وعن أمالي الصدوق أيضا  وباختلاف يسير في اللفظ في بحار الأنوار ج39ب11ص238 ـ 240 ح3  . وذكر بيانا : فقال قال الفيروز آبادي : شبر كبقم وشبير كقمير ،  و مشبر كمحدث أبناء هارون عليه السلام ، قيل وبأسمائهم سمي النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحسن والحسين والمحسن .

[26] بحار الأنوار ج39ب11ص238ح4  .

[27] بحار الأنوار ج39ب11ص251ح28 .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام كرمنا بنوره رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة الإمام الحسين عليه السلام لنتنور بما خصه رب الإسلام