هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين  في  أصول الدين وسيرة المعصومين / صحيفة الإمام الحسين عليه السلام /
 الجزء
الرابع /  ظهور نور الإمام الحسين في الأرض بولادته وأدلة إمامته / الباب الأول

سفينة نجاة
نور أئمة الهدى الحسن و الحسين عليهم السلام
في الولادة والطفولة والصبا والأحداث الشريفة التي حفتهم

المجلس الأول
ذكر لأنوار تحف ولادة الإمام الحسين عليه السلام فتعرفنا كرامته

 الذكر الثاني

روايات تنورنا تفصيل المراسم والكرامات الحاصلة في يوم ولادة الحسين

 

يا طيب : عرفنا في الذكر السابق روايات جامعة عرفتنا أهم تفاصيل ولادة الإمام الحسن والإمام الحسين عليهم السلام ، وعرفنا مجمل الكرامات التي حفتهم في التسمية أو في الآداب الإسلامية والمراسم الشرعية التي عرفناها بمناسبة ولادتهم المباركة ، حتى صارت من سنن الدين وآدابه ، بل تعرفنا رعاية الله ورسوله لأولياء المؤمنين وعباده الأخيار المصطفين ، وتعريفهم بالفضل والكرامة والشرف في هذا اليوم المبارك لهم ، وهو في يوم ظهوره نور وجودهم بالتولد على وجه الأرض .

وأما في هذا الذكر : فسوف نذكر الروايات التي تخص بالتفصيل كل كرامة خصت بهم يوم الولادة حتى يوم السابع ، فإن هذه الصحيفة مختصة ببيان وتفصيل أكثر الكرامات التي حصلت للإمام الحسين في حياته ، وفي هذا الباب بمصباح هداه وسفينة نجاته نبين هذه الفترة من حياة الإمام الحسين الشريفة ، وما نستلهم منه من العبر والدروس والآداب الإسلامية لتعاليم كانت ببركة وجوده وبسيرته ، ولذا سيكون بعد هذا الذكر مجلسا آخرا يُعرفنا رعاية الله ورسوله لهم في صباهم .

فنعرف شيئا من شأنهم الكريم : والذي كرمهم الله به ورسوله حتى يعرفهم المؤمنون بالإمامة والولاية والفضل ، فيقروا لهم بالمعرفة ولله تعالى بالطاعة والفضل على عباده المخلصين في إظهار دينه وإطاعته وحبه والفداء له بكل شيء كرمهم به ، فقد أشترى الله منهم أنفسهم فباعوها طاعة وإخلاصا قد كرمهم الله به ورضيه لعلمه به من قبل أن يخلقهم في الأرض ، ولهذا أختارهم وعرفهم بالولاية والمجد في كل شيء ينتسب لهم ويُري نوره العظيم فيهم ليقتدى بهم ويتحلى كل طيب ومنصف بما يمكن من آدابهم وفضائلهم ودينهم ، وهذه روايات تفصل ما جمعته أنوار الأحاديث علاه .

 

الإشراق الأول :

معنى تسمية الإمام الحسن والحسين عليهم السلام :

يا طيب : قد عرفت إنه لما كان ذكر ولادة الإمام الحسن والحسين عليهم السلام وتسميتهما واحدة وحالت ولادتهما متشابه ، نذكر هنا أحاديث تشرح أحوال تسميتهما وكون أن اسميهما الكريمين مختارين من قبل الله تعالى ، وفي هذا الباب روايات كثيرة نذكر ما حصلنا عليه منها بالإضافة لما عرفت ، وأما فضل أسمهما وما يتبادر منه للذهن المؤمن فقد ذكر في الباب الثالث من الجزء الأول معارف كريمة فيه فراجع ، وكذا في الذكر السابق ، وأما الروايات في تسمية الله ورسوله لهما وعنايتهما بهما ليكونا قدوة وأسوة حتى في اسمهما ، وليتأدب المؤمنون في رعاية اختيار الأسماء الحسنة لأبنائهم فبالإضافة لما عرفت نذكر أشعة نقتبس من نورها كرامات الله لأوليائه  ورعايته لهم لنقتبس من نورهم بما يمكن أن يجعلنا معهم في الهدى والدين والنعيم أبدا :

 

الإشعاع الأول : نور اسم الحسن والحسين هو شبر وشبير :

يا طيب : عرفنا أن التسمية من الله مقبل الخلق والإذن بالنداء حين الولادة ، والعناية بالاسم هي أدب ديني جاءت فيه روايات كثيرة ترينا ضرورة الاعتناء بها وتحسينه ، وأنه يجب أن يكون بما سمي به النبي الكريم وآله أو الأنبياء السابقين والأصحاب الموالين وألقابهم الكريمة ، وذلك لنكون دائما في تذكر شيم الكرامة ومعارف الدين من خلال التذكر والنداء لهذه الأسماء الفاضلة ، والتي تحلى بها المخلصون في طاعة الله تعالى وتولي أولياءه أو نفس أسماء أئمة الدين ، ومن الروايات التي تحث على حسن التسمية ما جاء :

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِي الحسن عليه السلام قال :

أَوَّلُ مَا يَبَرُّ الرَّجُلُ وَلَدَهُ أَنْ يُسَمِّيَهُ بِاسْمٍ حَسَنٍ فَلْيُحْسِنْ أَحَدُكُمُ اسْمَ وَلَدِهِ .

وعن أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قال : قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم : اسْتَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ ، فَإِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قُمْ يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ إِلَى نُورِكَ ، وَ قُمْ يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ لَا نُورَ لَكَ .

وإذا عرفنا وصية رسول الله لأمته ، فهو أولى بالعمل بها وبأحسن صورة ممكنة ، لأنه قد أختاره الله له ، وجعل سيد الرسل وولي دينه ، وهو الذي علمه دينه وآدابه ، وأول التعاليم هي التربية على معرفتهم واختيار أسمائه وأسماء آله صلى الله عليهم وسلم من قبل ، ليقتدى بهم وليتحلى المؤمنون بمثل أسمائهم وليخلصوا من التنابز بالألقاب ، وقد جاء :

عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام قال : كان رسول الله ص ذات يوم جالسا و عنده علي و فاطمة و الحسن و الحسين ، فقال : و الذي بعثني بالحق بشيرا ما على وجه الأرض خلق أحب إلى الله عز و جل و لا أكرم عليه منا ، إن الله تبارك و تعالى :

  شق لي : اسما من أسمائه ، فهو محمود و أنا محمد .

و شق لك : يا علي اسما من أسمائه فهو العلي الأعلى ، و أنت علي .

و شق لك : يا حسن اسما من أسمائه فهو المحسن ، و أنت حسن .

و شق لك : يا حسين اسما من أسمائه فهو ذو الحسن ، و أنت حسين .

 و شق لك : يا فاطمة اسما من أسمائه فهو الفاطر ، و أنت فاطمة .

ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم إني أشهدك أني سلم لمن سالمهم ، و حرب لمن حاربهم ، و محب لمن أحبهم ، و مبغض لمن أبغضهم ، و عدو لمن عاداهم ، و ولي لمن والاهم ، لأنهم مني و أنا منهم[28].

اللهم أشهد إن أحب : نبينا محمد وآله علي وفاطمة الحسن والحسين والأئمة من ذريتهم ، ومؤمن بسرهم وجهرهم ، أخذا ديني منهم ، مواليا لهم ، ومصدقا بفضلك عليهم وعلينا حين ودهم ، فاجعلني معهم بكل شيء من هداك ونعيمك ، إنك أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

وإذا عرفنا تسمية أهل البيت كلهم : واشتقاقها من الأسماء الحسنى وتجلي نورها فيهم حقا كما عرفت في صحيفة شرح الأسماء الحسنى ، وستأتي أحاديث في إمامتهم تعرفنا أسماء كل أئمة الحق قبل تنزل نورهم في الأرض ، فلنذكر الآن تفاصيل التسمية الخاصة للحسن والحسين عليهم السلام بالإضافة لما عرفت ، لنتيقن لفضلهم وعناية الله ورسوله بهم فنقتدي بهم بكل حب ونودهم بكل صفاء ولا نخلط بهم غيرهم :

في المناقب : عن ابن بطة في الإبانة من أربع طرق منها أبو الخليل عن سلمان قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 سمى هارون ابنيه شبرا وشبيرا .

وإني سميت ابني الحسن والحسين

وفي مسند أحمد وتاريخ البلاذري وكتب الشيعة أنه قال :

إنما سميتهم بأسماء  أولاد هارون شبرا وشبيرا [ ومشبرا ] .

وفي فردوس الديلمي عن سلمان قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

سمى هارون ابنيه شبرا وشبيرا .

وإنني سميت ابني الحسن والحسين بما سمى هارون ابنيه . 

عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة قال : قدم راهب على قعود له فقال : دلوني على منزل فاطمة عليه السلام قال : فدلوه عليها فقال لها : يا بنت رسول الله أخرجي إلي ابنيك فأخرجت إليه الحسن والحسين فجعل يقبلهما ويبكي ويقول اسمهم :

 في التوراة : شـبـيـر ، وشـبـر .

وفي الإنجيل : طـاب ، وطـيـب .

ثم سأل عن صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما ذكروه قال :

 أشهد أن لا إله إلا الله .

وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [29]

وفي علل الشرائع : بالإسناد ، عن سالم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :   إني سميت ابني هذين باسم ابني هارون شبرا وشبير [30].

علل الشرائع : بالإسناد ،  عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جده قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

يا فاطمة : اسم الحسن والحسين في ابني هارون شبر وشبير لكرامتهما على الله عز وجل [31].

ويا طيب : إن الإشارة لشبر وشبير ، هو الإشارة لكرامة الذرية الطاهرة والأئمة في كل سلسلة الوجود ، وتعريف إن كرامة الله لأوليائه مستمرة وعنايته بأئمة العباد لهداه دائمة ، وإلا اسم الحسن والحسين أحلى في اللغة العربية من معنى شبر وشبير ، وأعذب باللفظ منهما وإن كان بمعنى واحد يدل على الحسن ، وكثرة الروايات تعرف كثرة البحث وعلو شأنه ، وبيان لأهمية هذه العناية من الله ورسوله حتى نعرف أئمة الحق ونقتدي بهم ونحب ذكرهم ونتذكرهم في كل حين بل نجعل أسمائنا مثلهم .

 

الإشعاع الثاني : اسم الحسن والحسين هدية من الله لنبي :

يا طيب : عرفت أن اسم الحسن والحسين هما من الأسماء التي جاء بهم جبرائيل عليه السلام عن الله تعالى ، وإنهما اسمان كرم الله بهما نبيه وشرف بهما أئمة الدين ليعرف عباد الله المؤمنون ولاة أمره ، وبأفضل المعرفة لشأنهم الكريم وحتى في اسمهما ، ولذا كانا اسمان قد ذخرا لهما ، ولم يسمي احد بهذين الاسمين قبلهما ، ولذا جاء :

في المناقب : عمران بن سلمان وعمرو بن ثابت قالا :

 الحسن والحسين : اسمان من أسامي أهل الجنة ، ولم يكونا في الدنيا . 

وعن جابر قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

 سمي الحسن حسنا لأن بإحسان الله قامت السماوات والأرضون .

 وأشتق الحسين من الحسن ، وعلي والحسن اسمان من أسماء الله تعالى والحسين تصغير الحسن .

وحكا أبو الحسين النسابة :

كأن الله عز وجل حجب هذين الاسمين عن الخلق  : يعني حسنا وحسينا ليسمي بهما ابنا فاطمة عليه السلام ، فإنه لا يعرف أن أحدا من العرب تسمى بهما في قديم الأيام إلى عصرهما ، لا من ولد نزار ولا اليمن مع سعة أفخاذهما وكثرة ما فيهما من الأسامي .

 وإنما يعرف فيهما حسْن بسكون السين ، وحَسِين بفتح الحاء وكسر السين على مثال حَبِيب . ـ والحسين بضم الحاء لم يعرف من قبل ـ .

فأم حَسَن : بفتح الحاء والسين فلا نعرفه إلا اسم جبل معروف قال الشاعر :    لام الأرض وبل ما أجنت     بحيث أضر بالحسن السبيل[32]

وفي كشف الغمة عن كتاب الفردوس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :

أمرت أن اسمي ابني هذين حسنا وحسينا [33]

وفي معاني الأخبار وعلل الشرائع : بالإسناد عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهم السلام قال

أهدى جبرائيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اسم الحسن بن علي وخرقة حرير من ثياب الجنة ، واشتق اسم الحسين من اسم الحسن [34].

  في شرح الأخبار قال الصادق عليه السلام : لما ولد الحسن بن علي : أهدى جبرائيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اسمه في سرقة من حرير من ثياب الجنة فيها حسن ، واشتق منها اسم الحسين ، فلما ولدت فاطمة الحسن أتت به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسماه حسنا .

فلما ولدت الحسين أتته به فقال : هذا أحسن من ذاك فسماه الحسين[35].

معاني الأخبار وعلل الشرائع بالإسناد عن عكرمة قال :

 لما ولدت فاطمة الحسن جاءت به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسماه حسنا فلما ولدت الحسين جاءت به إليه فقالت : يا رسول الله هذا أحسن من هذا فسماه حسين[36] .

يا طيب : إن الأسماء من الله تؤكده كثير من الروايات والمعرفة بأسمائهم قبل أن يخلقوا ، لكن تحقق التسمية في الأرض بعد الإذن من الله تعالى ، وإن نبينا كان يعرف كثير من الأحكام ولكن كان تنفيذها حين حصول مناسبة لها ، وأما كون فاطمة عليه السلام هي التي جاءت به للنبي وهي في النفاس فلم يثبت ، ولكن هذه الروايات كانت تختصر البحث فسمت بلازم المعنى بكونه في محضر منها ، وأما الفضل في الأسماء فكلا له حسنه وإنها مشتقة من أسماء الله تعالى كما هو معروف ، بل حتى المؤمن مشتق من اسم الله المؤمن تكريما لأوليائه راجع شرح الأسماء الحسنى من موسوعة صحف الطيبين .

 

الإشراق الثاني :

أم أيمن ترى بعض الرسول في حضنها فتبشر بالحسين :

جاء في أمالي الصدوق : بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قال : أقبل جيران أم أيمن إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا : يا رسول الله إن أم أيمن لم تنم البارحة من البكاء ، لم تزل تبكى حتى أصبحت .

قال : فبعث رسول الله إلى أم أيمن فجاءته ، فقال لها :

 يا أم : لا أبكى الله عينك ، إن جيرانك أتوني وأخبروني أنك لم تزل الليل تبكين أجمع ، فلا أبكى الله عينك ما الذي أبكاك ؟

قالت : يا رسول الله رأيت رؤيا عظيمة شديدة ، فلم أزل أبكي الليل أجمع ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فقصيها على رسول الله فإن الله ورسوله أعلم . فقالت : تعظم عليَّ أن أتكلم بها .

فقال له : إن الرؤيا ليست على ما ترى فقصيها على رسول الله .

قالت : رأيت في ليلتي هذه كأن بعض أعضائك ملقى في بيتي .

فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : نامت عينك يا أم أيمن ! تلد فاطمة الحسين فتربينه وتلبينه (أي تسقينه اللبن ) فيكون بعض أعضائي في بيتك . 

فلما ولدت فاطمة الحسين عليه السلام : فكان يوم السابع أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحلق رأسه وتصدق بوزن شعره فضة ، وعق عنه ، ثم هيأته أم أيمن ولفته في برد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم أقبلت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : مرحبا بالحامل و المحمول يا أم أيمن هذا تأويل رؤياك . في المناقب : الصادق عليه السلام وابن عباس مثله ، أخرجه القيرواني في التعبير ، وصاحب فضائل الصحابة[37] .

إن علم رسول الله بالأسماء قبل الولادة مسلّم ، لأنه قد رأى في معراجه أسمائهم كلهم في كثير من مواطن الملكوت و قبل الهجرة بل من قبل الخلق ، بل كان يعرف أسمائهم كل الأنبياء والملائكة من قبل خلق الأرض وبعده ، بل آدم توسل بهم في توبته ، وسيأتي بيان يذكر معرفة نبي الرحمة بكل أسماء أئمة الحق من قبل تولدهم وكما سترى في حديث اللوح وعين البقية ، ولكن التسمية يوم المولود وكانوا ينتظرون الإذن في الإطلاق على المولود والتهنئة من الله سبحانه وتعالى الذي يرعاهم بالرعاية الخاصة في كل شؤون أحوالهم ، وبالخصوص بما يعرفهم للعباد بأعلى ذكر وأحلى اسم .

 

الإشراق الثالث :

 ولد الإمام الحسين عليه السلام طاهر نضيف يهلل الله :

عن صفية بنت عبد المطلب قالت :

 لما سقط الحسين  من بطن أمه ، وكنت وليتها عليه السلام .

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يا عمة هلمني إلي ابني .

فقلت : يا رسول الله إنا لم ننظفه بعد .

 فقال : يا عمة أنت تنظفينه ؟ إن الله تبارك وتعالى قد نظفه وطهره [38].

وروي العلائي في كتابه الحديث أعلاه . 

وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

قام إليه وأخذه ، فكان يسبح ويهلل ويمجد صلوات الله عليه .

وفي عيون المعجزات للمرتضى :

روي أن فاطمة ولدت الحسن والحسين من فخذها الأيسر .

 وروي أن مريم ولدت المسيح من فخذها الأيمن .

وحديث هذه الحكاية في كتاب الأنوار وفي كتب كثيرة  [39].

ذكر الطهارة : للأئمة عليهم السلام مروي في ولادتهم عليهم السلام ، وهكذا التهليل والتكبير لهم ، وإن كلا منهم حين ولادته يذكر الله ويسبحه ، وهذا متواتر ولا عجب فيه ، و فقد كان للمسيح وليحيى وغيرهم كرامات مثلها ، وإن شأن نبينا وآله لعالي وفي كرامات الله ونعمه لهم الفضل الأكمل ، وأما الولادة من الفخذ وإن كانت بروايات كثيرة فإن صح فلا عجب وعلمها عند الله والأخبار مرسلة .

 

    الإشراق الرابع :

 رضاع الإمام الحسين من لسان نبينا و أبهامه :

عن صفيه بنت عبد المطلب قالت : لما سقط الحسين عليه السلام من بطن أمه فدفعته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

 فوضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لسانه في فيه ، وأقبل الحسين على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمصه .

 قالت : فما كنت أحسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغذوه إلا لبنا أو عسلاً .  قالت : فبال الحسين عليه فقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين عينيه ، ثم دفعه إلي وهو يبكي ويقول :  لعن الله قوما هم قاتلوك يا بني ، يقولها : ثلاثا  .

قالت : فقلت : فداك أمي ومن يقتله ؟

قال : بقية الفئة الباغية من بني أمية لعنهم الله [40].

المناقب عن غرر أبي الفضل بن خيرانة بإسناده : أنه اعتلت فاطمة : لما ولدت الحسين عليه السلام ، وجف لبنها .

فطلب : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرضع ، فلم يجد ، فكان يأتيه فيلقمه إبهامه فيمصها فيجعل الله له في إبهام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رزقا يغذوه .

 ويقال : بل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدخل لسانه في فيه ، فيغره كما يغر الطير فرخه ، فجعل الله له في ذلك رزقا ففعل ذلك أربعين يوما وليلة فنبت لحمه من لحم رسول الله صلى الله عليه وآله[41].

في الخرايج روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأتي مراضع فاطمة فيتفل في أفواههم ويقول لفاطمة : لا ترضعيهم [42].

ولا عجب : إن يجعل الله للحسين رزقا من إبهام رسول الله ، فإنه رحمة للعالمين وأولى بالمؤمنين من أنفسهم بهم ، وهو مبارك أين ما حل ، وإنه بوضوئه كانت تنبت أشجار ، ولوجوده تحن الكائنات وجذع منبره معروف ببكائه له حين تركه لمنبر أخر بني له حتى كأنه كان قد وهبه حياة بفضل الله ، والحجر كان يسلم عليه ، فكيف لا يكون في إبهامه قوت للحسين ونور يسري في وجوده إن مصه أو بلع لعابه ، وإنه صلى الله عليه وآله وسلم كان لعابه يضعه في بئر ناشف فينبع به الماء ، وكان دوائه لكل من قصده في مرض هو لعابه فيشفى من يأخذه إلى الأبد ، وفي هذا المعنى ذكرت معجزات كثيرة لكثير من الحالات راجع صحيفة النبوة ، كما أن كثرة الروايات في شأن الإمام الحسين عليه السلام ، دليل على رعاية الله ورسوله له ليعرفنا كرامته ، وأنه من رسول الله في رزقه ونبات لحمه بفضل الله تعالى عليه ، وإنه يكرمه بما وهبه الله من الكمال في كل شيء ينتسب له كما سترى كثرة الأحاديث في هذا المعنى ، وسيأتي ما كان يمص من التمر ويمضغه ويعطيه له وغيرها من مسائل العناية في البحوث الآتية فتدبر .

 

 

 

الإشراق الخامس :  

ولد الحسين لستة أشهر وحملته أمه كرها لقتله و الإمامة في ذريته:

في الكافي بالإسناد عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

 كان بين الحسن والحسين عليهم السلام طهر ، وكان بينهما في الميلاد ستة أشهر وعشرا [43] .

وفي الكافي بالإسناد عن أبي عبد الله قال :

 إذا سقط لستة أشهر فهو تام ، وذلك إن الحسين بن علي عليهم السلام ولد وهو ابن ستة أشهر [44] .

وفي عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام : بالأسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن الحسن بن علي عليهم السلام ، وذكر أنه لم يكن بينهم ـ الحسن والحسين ـ إلا الحمل [45]

وفي أمالي الطوسي : بالإسناد عن أبي عبد الله عليه السلام قال :  

حمل الحسين بن علي ستة أشهر وارضع سنتين ، وهو قول الله عز وجل :

{ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرً (15) } الاحقاف [46].

المناقب عن كتاب الأنوار : إن الله تعالى هنأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحمل الحسين وولادته ، وعزاه بقتله فعرفت فاطمة ، فكرهت [ ذلك ] فنزلت { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرً (15)} الاحقاف . فحمل النساء تسعة أشهر . ولم يولد مولود لستة أشهر عاش غير عيسى والحسين عليهم السلام [47].

ومر الكلام في يوم مولده في مصباح الهدى وفي الذكر الأول فراجع الأقوال ، وإن تمام الآية هو :

{ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا

حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قال رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ

وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) } الأحقاف .

 يا طيب : سيأتي تفصيل البيان للآية في الجزء الآتي ، وبشرح أخر يبين معنى كريما لها ، فإنها تعرفنا إنسان له عناية وحمل ستة أشهر وحين يبلغ الأربعين تكون له مهام أخرى ، وأنه فردا له صلاح في ذريه وهو من المسلمين ، ولا تكون إلا الإمامة في ذريته وهو الإمام الحسين كما ستعرف في الباب الآتي وما بعده وتابع الروايات الآتية.

 

ويا طيب : عرفت إن كرامة الله للإنسان بأن سخر له ما في السماوات والأرض فكانت نعم الله عليه لا تحصى ، وكانت أفضل نعم الله على عباده هي نعمة الهداية ، ولا تتم نعمة الهداية للإنسان إلا بمعرفة الإمام الحق والهادي بإذن الله وأمره ، والذي اجتباه الله وعرفه لعباده بكل سبيل ممكن ، وإنه كان أفضل سبيل لتعريفه هي الكرامات التي تظهر في ولادة المكرمين بهدى الله كما عرفت .

وقد مر الكلام : في ولادة الأنبياء والمعجزات الإلهية الحاصلة في يوم ولادتهم ، وذكرنا شأن الإمام الحسين عليه السلام باعتباره أحد أفراد السلسلة الطاهرة المختصة بفضل الله ، والمكرم الذي عرفه الله بالفضل في كل الآيات التي خصت آله الكرام من التطهير والتصديق والمباهلة والضحى والكوثر وغيرها .

وإن للإمام الحسين عليه السلام : آيات خاصة لا تنطبق إلا عليه ، ويدل عليها سنة تأريخ الوجود ، بل تأريخ وجوده وما خص به من العناية ، وتعرفنا ولايته وإمامته في يوم ولادته ومكارم النور الحافة به والتي تعرفنا شرفه ومجده .

وإن ما ذكرنا : من مشارق النور في تسميته، وفي طهارته ونظافته ، وفي رضاعه من فم النبي وإبهامه ، وفيما ذكرنا من ولادته لستة أشهر ، كلها يجمعها شأن واحد يعرفنا فضله وكرامته من الله سبحانه ، وإنه تعالى حفه بفضائل وخصائص يريد أن يعرفه بها للناس بالولاية والإمامة في زمانه وبعد جده وأبيه وأخيه .

 كما وإنه عليه السلام : تمخضت فيه ظروف قدم بها كل شيء من أجل بيان مسار الدين بحيث لا يبقى مجال لأحد يكثر به القيل والقال في معرفة انحراف الأمة وتسلط الجائرين عليها يقودونها في الضلال ، ولذا كانت الأحداث التي تخصه كريمه ، وتعرفه بالحق ليتوجه له من يطلب هدى الله مخلصا .

وإن من يهجر ويحارب ويقاتل أئمة الحق : فإنه كان من قبل قد ضل عن الله وهجر دينه ، وإنه أعتاد أن يأخذ ويطبق فكره دينا له ، ويطيع أئمة الضلال لكي يحصل على لقمة حرام لعيشه ، وكان الدين مكسب له يتجر به مع الحكام ، وليس يهمه أتباع أولياء أمر الله وهداته بإذنه ، ولا يعتني بمعارف خالصة يطاع بها الله تعالى .

ولذا كانت : بالإضافة لخصائص ولادة الإمام الحسين والأحداث الحافة حينها ، كانت علامات تعرف ضلال من يقتله ويحاربه ، بل من ينصر أعداءه بالفكر ويدافع عنهم ويبرر قتلهم له ، فيكون راضي بالظلم وبالضلال وبالانحراف عن الدين ويكون كسلفه محارب لأئمة الدين حقا بفكره وعمله .

وبهذا كانت الخصائص في ولادة الإمام الحسين عليه السلام : تظهر معالمها في الأحاديث الكثيرة التي رويت لتعرف شأنه الكريم في يوم ولادته ومجده وشرفه وفضله حينه وبعده بل قبله ، وكانت فيها مجالس ذكر تعرفنا أمور لا ينكرها مؤمن ، لأنه تتطابق مع هدى الدين في كتاب الله وكلامه المجيد ، وفي سنة التأريخ في الوجود ، وفي نفس العلامات الكريمة في ولادة الإمام والأحداث التي تحفها ، حتى تواترت الأحاديث في ذكرها وكثرت حتى عند المخالفين له ، وينقلوها عن غير دراية ، فضلا عن الموافقين وأتباعه والمتتبعين لآثاره والمحبين لمنهجه الشريف والمقتدين به بكل ما يمكن أن يُطبق من سيرته وهداه وكل ما عرف من دين الله .

وإذا عرفنا : الأحداث الحافة بولادته لنعرف شأنه وإمامته ، فهذه أحاديث جامعة لها، تعرفنا إمامته وولايته له ولذريته فتشرح آية كريمة ، فتدبر بها يا طيب ، وتيقن عناية الله ورعايته لدينه بأولياء أمره وأئمة الحق من ذرية نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، بل وبنا إذ عرفنا هداة ديننا بأفضل السبل وأكرمها .

في المناقب عن برة ابنة أمية الخزاعي قالت :

لما حملت فاطمة عليها السلام بالحسن ، خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض وجوهه ، فقال له :

 إنك ستلدين غلامها قد هنأني به جبرائيل ، فلا ترضعيه حتى أصير إليك .

قالت : فدخلت على فاطمة حين ولدت الحسن عليه السلام وله ثلاث ما أرضعته ، فقلت له : أعطينيه حتى ارضعه .

 فقالت : كلا ، ثم أدركتها رقة الأمهات فأرضعته .

فلما جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها : ما ذا صنعت ؟

 قالت : أدركتني عليه رقة الأمهات فأرضعته .

فقال : أبى الله عز وجل إلا ما أراد . 

فلما حملت بالحسين عليه السلام قال له : يا فاطمة إنك ستلدين غلامها قد هنأني به جبرائيل فلا ترضعيه حتى أجئ إليك ولو أقمت شهرا .

قالت : أفعل ذلك ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض وجوهه ، فولدت فاطمة الحسين عليه السلام فما أرضعته حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

 فقال لها : ماذا صنعت ؟

 قالت : ما أرضعته ، فأخذه فجعل لسانه في فمه فجعل الحسين يمص حتى قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إيها حسين إيها حسين .

ثم قال : أبى الله إلا ما يريد ، هي فيك وفي ولدك ، يعني الإمامــة [48].

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال :  إن جبرائيل عليه السلام : نزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال له :

يا محمد إن الله يبشرك بمولود يولد من فاطمة ، تقتله أمتك من بعدك .

 فقال : يا جبرائيل وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة ، تقتله أمتي من بعدي ، فعرج  ثم هبط عليه السلام فقال له مثل ذلك .

 فقال : يا جبرائيل وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي . فعرج جبرائيل عليه السلام إلى السماء ثم هبط فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويبشرك بأنه جاعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية .

 فقال : قد رضيت ثم أرسل إلى فاطمة أن الله يبشرني بمولود يولد لك ، تقتله أمتي من بعدي . 

فأرسلت إليه : لا حاجة لي في مولود ( مني) ، تقتله أمتك من بعدك .

 فأرسل إليها : أن الله قد جعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية .

فأرسلت إليه : إن قد رضيت ، ف { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قال رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) } الأحقاف.

 فلولا أنه قال : أصلح لي في ذريتي لكانت ذريته كلهم أئمة .

ولم يرضع الحسين من فاطمة عليها السلام : ولا من أنثى ، كان يؤتى به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيها اليومين والثلاث ، فنبت لحم الحسين عليه السلام من لحم رسول الله ودمه .

ولم يولد لستة أشهر : إلا عيسى ابن مريم عليه السلام والحسين بن علي عليهم السلام

وفي رواية أخرى : عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :

 أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يؤتى به الحسين فيلقمه لسانه فيمصه ، فيجزئ به ولم يرتضع من أنثى [49].

وفي تفسير علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا } قال : ( الحسن ) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله : ( بوالديه ) إنما عنى الحسن والحسين عليهم السلام . ثم عطف على الحسين فقال :

{ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ (15) } الاحقاف .

وذلك أن الله أخبر رسول الله صل الله عليه وآله وبشره بالحسين قبل حمله ، وأن الإمامة تكون في ولده إلى يوم القيامة ، ثم أخبره بما يصيبه من القتل والمصيبة في نفسه وولده .

 ثم عوضه : بأن جعل الإمامة في عقبه ، وأعلمه أنه يقتل ثم يرده إلى الدنيا و ينصره حتى يقتل أعداءه ويملكه الأرض وهو قوله :

{ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) } القصص

وقوله : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) } الأنبياء  .

 فبشر الله نبيه : صلى الله عليه وآله وسلم أن أهل بيتك يملكون الأرض ويرجعون إليها ويقتلون أعداءهم . 

فأخبر رسول الله : صلى الله عليه وآله وسلم ، فاطمة عليه السلام بخبر الحسين عليه السلام وقتله ، فحملته كرها . 

ثم قال أبو عبد الله عليه السلام :

 فهل رأيتم أحدا يبشره بولد ذكر فيحمله كرها ؟

 أي إنها : اغتمت وكرهت لما أخبرت بقتله، ووضعته كرها لما علمت من ذلك.

 و كان بين الحسن والحسين صلوات الله عليهما : طهر واحد .

وكان الحسين عليه السلام : في بطن أمه ستة أشهر ، وفصاله أربعة وعشرون شهرا ، وهو قول الله عز وجل : { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرً } .

وذكر المجلسي بيانا فقال : إنما عبر عن الإمامين عليهم السلام بالوالدين لأن الإمام كالوالد للرعية في الشفقة عليهم ووجوب طاعتهم له ، وكون حياتهم بالعلم والإيمان بسببه ، فقوله :" إحسان " نصب على العلة أي وصينا كل إنسان بإكرام الإمامين للرسول ولانتسابهما إليه ، ولا يبعد أن يكون مصحفا ويكون في الأصل " قال الإنسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ويكون في قراءتهم " بولديه " بدون الألف .

وقوله عليه السلام : " وكان بين الحسن والحسين طهر واحد " أي مقدار أقل طهر واحد وهي عشرة أيام كما سيجيء برواية الكليني : وكان بينهما في الميلاد ستة أشهر وعشرا [50].

وفي علل الشرائع : عن عبد الرحمان بن كثير الهاشمي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام :

جعلت فداك من أين جاء لولد الحسين الفضل على ولد الحسن وهما يجريان في شرع واحد ؟

فقال : لا أراكم تأخذون به ، إن جبرائيل عليه السلام نزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وما ولد الحسين بعد ، فقال له:

 يولد لك غلام تقتله أمتك من بعدك.

فقال : يا جبرائيل لا حاجة لي فيه فخاطبه ثلاثا ، ثم دعا عليا عليه السلام فقال له : إن جبرائيل يخبرني عن الله عز وجل أنه يولد لك ، غلام تقتله أمتك من بعدك ، فقال : لا حاجة لي فيه يا رسول الله فخاطب عليا عليه السلام ثلاث ، ثم قال : إنه يكون فيه وفي ولده الإمامة والوراثة والخزانة .

فأرسل إلى فاطمة عليها السلام : أن الله يبشرك بغلام تقتله أمتي من بعدي ، فقالت فاطمة : ليس لي حاجة فيه يا أبه ! فخطابها ثلاث .

 ثم أرسل إليها : لابد أن يكون فيه الإمامة والوراثة والخزانة .

 فقالت له : رضيت عن الله عز وجل . 

فعلقت وحملت بالحسين عليه السلام : فحملت ستة أشهر ، ثم وضعته ولم يعش مولود قط لستة أشهر غير الحسين بن علي وعيسى بن مريم عليهم السلام فكفلته أم سلمة .

وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يأتيه في كل يوم فيضع لسانه في فم الحسين فيمصه حتى يروى ، فأنبت الله عز وجل لحمه من لحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يرضع من فاطمة عليه السلام ولا من غيرها لبنا قط . 

فلما أنزل الله تبارك وتعالى فيه : { حَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قال رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي } الأحقاف 15.

فلو قال : أصلح لي ذريتي كانوا كلهم أئمة ولكن خص هكذا . 

وذكر في البحار بيانا فقال :

قوله عليه السلام : لا أراكم تأخذون به أي لا تعتقدون المساواة أيضاً ، بل تفضلون ولد الحسن أو أنكم لا تأخذون بقولي إن بينت لكم العلة في ذلك والأخير أظهر[51].

يا طيب : هذه الآية الكريمة من غرر الآيات في الإمامة ، وبيان عجيب يعرف استمرارها في الحسين عليه السلام وذريته ، ولم يدعيها أحد فيه ولا في ذريته غيرهم ، ولن ولا تنطبق إلا على الإمام الحسين وآله ، لأن الحمل الطبيعي غالبا تسعة أشهر ،  وعامين للرضاعة كما قال الله تعالى :

 { و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } البقرة 233.

 و قال : { و فصاله في عامين } لقمان14.

فيكون الحمل والرضاع ثلاثة وثلاثون شهرا لا ثلاثون ، ولذا تكون هذه الرواية تشير لعناية خاصة بمولود كريم خاص نزلت في شأنه ، و يكون في ستة أشهر حمله وعامين للرضاعة فيكون ثلاثون شهرا .

ثم حمله كرها ووضعه كرها : في حين الأم تفرح بالحمل لا تكره الحمل ، إلا أن يكون هناك أشارة تريد أن تعرف أمرا لمولود كريم ولمولد خاص يصيبه مكروه يصعب على الأم تحمله ، وبالخصوص حين يكون القتل له من أمة يجب أن تنصره وتقتدي به في تحصيل معارف توحيد الله وهده ، لأن جده رسول الله معلم الهدى لهم وهو بعد أبيه وأخيه إمامهم، وبهذا تُعرف الآية حكاية عنه وعن أمه وآله أمر عظيما ينحرف عنه الناس ، وتختلف الأمة كما اختلفت الأمم السابقة أحزاب ، ومذاهب تختلف عن الإمام الحق ، وهذا يصعب تحمله من أي مسلم يحب دينه ، فكيف بفاطمة الزهراء وهي بضعه النبي صلى الله عليهم وسلم ، وهي التي ترتقب من المسلمين كل تكريم سواء لها أو لذريتها ، لا قتل ذريتها وهي بعد في أول ظهور الدين الإسلامي الحنيف .

ثم ليس كل مولود يولد : يطلب الإصلاح والتوبة له وفي ذريته ويدعوا لوالديه إلا أن يكون له عناية من الله وقد عرف إيمانه الله سبحانه وتعالى ، وبهذا يُعرفه للناس ، و يتوجه له الباحثون عن الحقيقة في ولاية الدين وأئمة الحق ، لأنه بحق يعرفون أنه له رعاية من الله سبحانه وتعالى وله من الله توفيق به يكون الإصلاح له وفي الذرية من صلبه ، وإنهم لهم شأن كريم يحكيه الله في كتابه ويعرفه للناس وليس ذرية كباقي ذرية المسلمين بصورة عامة ، وليس هذا إلا في الإمام الحسين والإمامة في صلبه وإن ذريته طيبة عليهم السلام ، ولم يدعي هذا لا في المسلمين ولا في غيرهم بأنه لهم هذا المنصب الكريم ، وبهذا التشريف في هذه الآية ولا بغيرها من التطهير والكوثر أو المباهلة أو الضحى أو غيرهن .

كما أنه يا طيب : العناية في كون الحمل ستة أشهر ، وكون رسول الله قد بشر بمولود له يُقتل ، حكته عدة روايات سيأتي بحثها تؤكد هذا المعنى فضلا عما عرفت من الكثرة في الروايات السابقة الموجبة بوحدها تواتر المعنى واللفظ .

 كما إن رعاية رسول الله : للحسين حين مولده وجعل الرضاع بتشريفه بوضع إبهامه في فيه أو لسانه أو ريقه بصورة متكررة حتى حكته عدة روايات ، يعرف إن الإمامة في الذرية تحتاج لعناية خاصة وإشارة كريمة تعرفنا فضل الذرية كما تحكيه الآية الشريفة ، فتتعاضد الروايات والآية ، وتؤيد ما عرفت أنوار مصباح الهدى من سنة الله في كونه يهتم برعاية الذرية الطاهرة من ولاة أمره ، ويعتني بتعريف شأنهم بكل صورة ممكنة ، وإن هذه الآية نزولها في الإمام الحسين وذريته وأحواله التي شرفه الله بها ، تعرفنا صبره ليستحق الإمامة عن جداره وثباته حتى يختم له بالشهادة في سبيل الله وبأعلى إخلاص ممكن بتوفيق الله ورعايته ، وحتى يكون قدوة في الثبات وأسوة في الطاعة لله ، وبأعلى حقائق الصبر وفي كل حال لكل البشر وإلى يوم القيامة .

 وهذه سنة الدين ومعارف الإسلام : تحكيها آيات ورايات نزلت في شأن الإمام الحسين عليه السلام ، ولكنها تعرفنا معارف كريمة في رعاية عموم الأولاد من قبل الولادة وبعدها ، وما يجب من الرضاع كحد أقصى والولادة كحد أدنى ، ويمكن تطبقها على مواليد الناس بصورة عامة ، كوجوب احترام الأب والأم بالخصوص ، ثم الدعاء لهم ويشكر الوالدين على التربية الصالحة وما سعوا له ليعنون ابنهم لتعلم آداب الدين واحترام معارف هدى الله وتطبيقها حتى كان صالحا ويطوي الدنيا بسلام وأمن وإيمان وراحة وطاعة لأجمل هدى .

 أو بمعارف هذه الآيات : يحل القضاء وما يحصل من التنازع بالرضاع وواجباته أو الحمل إذا اختلف الزوجين سواء للفصل أو للصبر على المصائب كما صبرت فاطمة وآله مع علمهم بما سيصيبهم من المكروه والأذى في سبيل الله في هذه الحياة الدنيا ، وبمثل هذه المعارف تكون لنا قدوة وأسوة بإمام الحسين عليه السلام من يوم ولادته بل قبلها ، لأنه شأن النزول لهذه الآيات خاصة به وهو السباق في تحمل نتائجها ورضاه بقضاء الله وقدره هو وآله ، وحتى لو وجدت روايات تعرف قصص أخرى فلا يعني إنها ليست مختصة بالإمام الحسين ، ولا أنها لم تعرف الإمامة في ذريته ، فإن شأن النزول له خصوصياته ، وتطبيق القانون بصورة عامة له خصوصياته ، ولم نعرف غيره له صلاح الذرية بأئمة حق ، أو أنه يدعو لوالديه وغيرها من خصوصيات هذه الآية الكريمة وتطبيقها عليه في زمن النبي الكريم وبعده غير الإمام الحسين عليه السلام ، حيث بمنطوقها تحكي أن أمرا واقعا ويسير في المسلمين أمر لمولود سيود يكون له شأنا عظيما في الصلاح ومعرفة بما فضل الله عليه وعلى والديه وجده بل يطبق كل معارف الله بأعلى صبر وثبات .

والآية السابقة تفسرها آيات كثيرة قد عرفتها ، ومنها ما جاء في شأن نزول الآية الآتية وتفسيرها : فعن سعيد بن جبير في قوله تعالى :

{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا
 قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)
} الفرقان .
 قال : نزلت هذه الآية و الله خاصة في أمير المؤمنين عليه السلام ، وقال : كان أكثر دعائه يقول : ربنا هب لنا من أزواجنا يعني فاطمة ، و ذرياتنا يعني الحسن و الحسين قرة أعين .

و قال أمير المؤمنين : و الله ما سألت ربي ولدا نضير الوجه ، و لا سألت ولدا حسن القامة ، و لكن سألت ربي ولدا مطيعين لله خائفين وجلين منه ، حتى إذا نظرت إليه و هو مطيع لله قرت به عيني .

 قال : اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً .

 قال : نقتدي بمن قبلنا من المتقين ، فيقتدي المتقون بنا من بعدنا .

و قال الله : أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا .

 يعني علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين و فاطمة .

 وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقام[52] .

 

فإنه هذه الآية الكريمة : التي شرحها الحديث أعلاه في حين تعرف قانونا عاما إسلاميا في الرضاع وأقل الحمل ، فإنها تبين وتعرف رعاية خاصة لمولود كان في زمن النبي لا بعده ، وإنه له صلاح وفي ذريته خصوصية كريمة وإنه من الشاكرين وحقا معتنى به ، بل إماما للمتقين حق ، وهم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه كما عرفنا في الحديث السابق حقيقة الإمامة ومن يستحقها بحق ، فهي وأمثالها من الآيات التي تعرف ولاة أمر الله وأئمة الحق ، وتبين رعاية الله للأمة وأهمية الإمام فيها ، وتعرف شأن الإمامة وكرامة الإمام على المؤمنين المتقين ، بل هو دليلهم ومعلمهم لما يُتقى الله به ، وتعرفنا عناية الله ورسوله بتربية أئمة الحق وتوصيل مكارم تعرف شأنهم الكريم وشرفهم ومجدهم ، وإنهم ذرية بعضها من بعض .

كما أنه يا طيب : لم يوجد من له مثل هذه الخصوصيات في المسلمين غيرهم تدبر أحوالهم كلهم في أول الإسلام وبعده ، بل لم يدعيها أحد لا لنفسه ولا لولده إلا أهل البيت نبينا والإمام علي والحسن والحسين وذريتهم المعصومين ، ولم يوجد أحد غيرهم يدعي الإمامة المطلقة والمعرفة التامة بدين الله كله ، فالآيات السابقة تُعرّف حقائق كريمة في التفضيل للإمام الحسين بجعل الإمامة في ذريته ولو على نحو الإشارة ، ولكنه تؤيدها الروايات التي عرفتها والبحوث السابقة وسنة التأريخ الإسلامي سواء للإمام الحسين بنفسه أو في ذريته أو في الأنبياء السابقين بل لجده وأبيه .

كما أنه يا طيب : قد يشكل بأمر المراجعة بين جبرائيل والنبي في رفض مولود تقتله الأمة ، فيقولون : إن الله أمره مقضي ولا يراجع أحد ، ثم كيف يرفض النبي أمر الله تعالى حين يبشره بمولود حتى ولو تقتله الأمة ؟

فإنه يقال : أولا لم نعلم بأنه أمرا مقضيا بل كان تخييرا واختبارا ، والرواية تشعر بأمر عظيم يحل بالإسلام فضلا عن المولود القتيل مع كرامته ، فإن لم تقتله أمة الرسول إلا أن تكون هجرت دين الله ورفضت ولاية أئمة الحق ، وحقا للنبي أن يرفض لو خير أن لا يحصل له هذا الأمر فتقتل أمته ذريته الطاهرة مخالفة له ولدينه وما يدعوا له من الصلاح والتقى والهدى ، فتصر على عناده والضلال عنه وهو إمامهم وولي أمرهم بعده حتى يقتلوه وآله معه .

 

ثم كثير ما خير الله النبي صلى الله عليه وآله : وإنه لم يكن في يوم مجبورا على فعل معين في كل حياته ، بل إطاعته بكل ما يراه مصلح للدين بتوفيق الله تعالى فكان أكرم مخلوق في الوجود بكل مراتبه .

 وفي رواية إنه قد قال أمير المؤمنين عليه السلام : قَدْ أَخْبَرَنِي حَبِيبِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 أَنَّ جبرائيل عليه السلام نَزَلَ إِلَيْهِ وَ مَعَهُ مَفَاتِيحُ كُنُوزِ الْأَرْضِ ، وَ قال : يَا مُحَمَّدُ السَّلَامُ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ ، وَ يَقُولُ لَكَ :

إِنْ شِئْتَ صَيَّرْتَ مَعَكَ جِبَالَ تِهَامَةَ ذَهَباً وَ فِضَّةً ، وَخُذْ هَذِهِ مَفَاتِيحَ كُنُوزِ الْأَرْضِ ، وَلَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ حَظِّكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

قال : يَا جَبْراَئِيلُ وَ مَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ ؟ قال : الْمَوْتُ .

فَقال : إِذاً لَا حَاجَةَ لِي فِي الدُّنْيَا دَعْنِي أَجُوعُ يَوْماً وَ أَشْبَعُ يَوْماً ، فَالْيَوْمَ الَّذِي أَجُوعُ فِيهِ أَتَضَرَّعُ إِلَى رَبِّي وَ أَسْأَلُهُ ، وَ الْيَوْمَ الَّذِي أَشْبَعُ فِيهِ أَشْكُرُ رَبِّي وَ أَحْمَدُهُ . فَقال لَهُ جَبْرَائِيلُ : وُفِّقْتَ لِكُلِّ خَيْرٍ يَا مُحَمَّدُ[53] .

وهذه الروايات في الإمام الحسين عليه السلام والبشارة فيه : بينه في التخيير ، ولكن لما عرف أن في ذريته الإمامة وأنه أمرا مقضيا ، قبل وإن كره الاختلاف في الأمة وكره أن يُقتل سبطه ، وهكذا كان أمر الإمام علي عليه السلام وفاطمة الزهراء ، بل وشأن كل مؤمن يقبل الإمامة ويكره الاختلاف عن الحق وبالخصوص حين يصل لمرحلة قتل أئمة الحق ، وهي لم تكره حمله بل قتله ولما يحل به ، كما أنه الرواية تبين لما عرفهم الله التفصيل قبلوا الأمر لأنه في صلاح الدين مع ما فيه من المصائب لهم ، وهكذا تذكر الرواية رضاهم برضا الله تعالى وحبهم قضائه وقدره ، وبهذا كرمهم الله تعالى بآية تتلى لآخر الدهر تجعل كل مسلم يسأل عن سبب نزولها ، وعن الصالح المختص بها وعن ذريته الطيبة الصالحة ، وأنه يجب لما يعرفهم أن يقتدي بهم وبكل ما في الآية وما لصاحبها النازلة في شأنه من الكرامة ، فيحبه ويحب ذريته وتعليمهم .

ويا طيب : سيأتي بحثا في الباب الآتي يفصل معنى الإمامة في ذرية الإمام الحسين ويشرح أحاديث كريمة كثيرة في هذا المعنى ، وفي عدة مواضع ، وكذا في الجزء الآتي في شرح الحديث الشريف الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، فيفصل البحث في معنى إن أئمة الحق من ذرية الإمام الحسين بعده ، وأنهم سادة أهل الجنة والمتقين أجمعين صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، فتابع البحث هناك ، وإليك حديثا شريفا في هذا المعنى الكريم يعرفنا أسماء أئمة الحق ، وقد كرم الله به عباده كلهم في يوم ولادة الحسين ، وبصحيفة كريمة نزلت مع التبريك والتهنئة من الله وملائكته للنبي وآله في مولد الإمام الحسين عليه السلام ، فأنظر الإشراق الآتي .

 

 

 

 

الإشراق السادس :

تكريم النبي وآله بلوح الإمامة في يوم ولادة الحسين :

يا طيب : إن موضوع الآيات المؤولة في الحسين عليه السلام كما في الإشراق السابقة ، أو بحث الإمامة والبراهين الخاصة بها يأتي بعض بحثها في باب الآتي ، بل محل تفصيلها كتاب الإمامة والصحف المختصة ببيان عظمة الإمام والإمامة في الأصل الرابع للدين ، ولكن لما كان هذا الباب مختص بتعريف الكرامات والمناقب التي حفت بمولد الإمام الحسين عليه السلام ، والتي تعرفنا شأنه الكريم وفضائله ، ذكرنا البحث السابق وهذا البحث ، وأسأل الله أن يشرق في قلوبنا اليقين بفضل الإمام الحسين عليه السلام ، ومجده الشريف العالي بفضل الله وعنايته ورعايته له ، بل ولنا لنتيقن منهجه الكريم فنتخذه أسوة وقدوة بكل وجودنا وفي علمنا وعملنا ، ونخلص لله الدين بكل ما علمه أئمة الحق من آله وذريته الكرام أئمة الحق وولاة أمر الله تعالى ، والذين طهرهم وصدقهم واجتباهم وأختارهم كما أختار وأجتبى وكرم من قبل أئمة الحق والأنبياء وأوصيائهم في الأمم السابقة .

والله تعالى : رعانا بكتاب طاهر حسن يُعرفه لنا ورثته والراسخون بعلمه بحق ، والذين كانوا أمجاد طاهرين وحسن وصالح كل علمهم وعملهم وسيرتهم وسلوكهم ، والله إن كرم بني إسرائيل بالتابوت أو بالسلاح أو بألواح تعرفهم بالحق ومحله عند أئمة الهدى عندهم لا كلهم .

فالله تعالى : في الإسلام عرفنا كرامات ومناقب لنبينا وآله الكرام وبكثرة لا يمكن لأحد أن يتجاوز عنها ، أو يسلم لها دون أن يعرف بها شأن الإمامة وأهمية وجود الإمام  في الدين الإسلامي القيم ، وبالخصوص إذا أيد هذه المعارف الله في كتابه وفي سنة التأريخ والهدى في الأمم السابقة ، وظهر به أئمة الحق شارحين ومعرفين له ، وهذا موضوعا آخرا يعرفنا الإمامة في ذرية الإمام الحسين عليه السلام

كما إنه من الأحاديث المختصة بالأيام الحافة بيوم ولادته ، وإلا الأحاديث المعرفة للأئمة في ذرية الحسين بعده كثيرة جدا ، وقد عرفت قسما كبيرا منها في الأجزاء السابقة ، فضلا عما عرفت في أول البحث من استمرار الإمامة في دين الله إلى يوم القيامة ، وإنه كل إنسان يدعى بإمامه يوم القيامة .

ولكن يا طيب : هذا حديث شريف يعرفنا كرامة الله لنبينا وآله صلى الله عليه وآله ، فيعرفنا شأن الإمام الحسين والأئمة والإمامة في ذريته إلى يوم القيامة ، وقد حكاه موالي محب مخلص لأهل البيت عليهم السلام ، ونقله عنه إمام من أئمة الحق من ذرية الحسين عليهم السلام ، فتدبره وهو متمم للبحث السابق ، بل معرف وشارح للحديث : إن الأئمة من قريش بعد النبي اثني عشر والذي لم ينطبق إلا على آل البيت.

 

فقد ذكر الكليني في الكافي : عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنِ الحسن بْنِ ظَرِيفٍ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قال : قال أَبِي لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الْأَنْصَارِيِّ :

إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً ، فَمَتَى يَخِفُّ عَلَيْكَ أَنْ أَخْلُوَ بِكَ فَأَسْأَلَكَ عَنْهَا .

فَقال لَهُ جَابِرٌ : أَيَّ الْأَوْقَاتِ أَحْبَبْتَهُ ، فَخَلَا بِهِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ .

 فَقال لَهُ : يَا جَابِرُ أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّوْحِ الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي يَدِ أُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وَ مَا أَخْبَرَتْكَ بِهِ أُمِّي أَنَّهُ فِي ذَلِكَ اللَّوْحِ مَكْتُوبٌ .

فَقال جَابِرٌ : أَشْهَدُ بِالله أَنِّي دَخَلْتُ عَلَى أُمِّكَ فَاطِمَةَ عليه السلام فِي حَيَاةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فَهَنَّيْتُهَا بِوِلَادَةِ الحسين ، وَ رَأَيْتُ فِي يَدَيْهَا لَوْحاً أَخْضَرَ ظَنَنْتُ أَنَّهُ مِنْ زُمُرُّدٍ ، وَ رَأَيْتُ فِيهِ كِتَاباً أَبْيَضَ شِبْهَ لَوْنِ الشَّمْسِ .

فَقُلْتُ لَهَا : بِأَبِي وَ أُمِّي يَا بِنْتَ رَسُولِ الله مَا هَذَا اللَّوْحُ ؟

فَقالتْ : هَذَا لَوْحٌ أَهْدَاهُ الله إِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وسلم ، فِيهِ اسْمُ أَبِي ، وَ اسْمُ بَعْلِي ، وَ اسْمُ ابْنَيَّ ، وَ اسْمُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِي ، وَ أَعْطَانِيهِ أَبِي لِيُبَشِّرَنِي بِذَلِكَ .

قال جَابِرٌ : فَأَعْطَتْنِيهِ أُمُّكَ فَاطِمَةُ عليه السلام فَقَرَأْتُهُ وَ اسْتَنْسَخْتُهُ .

فَقال لَهُ أَبِي : فَهَلْ لَكَ يَا جَابِرُ أَنْ تَعْرِضَهُ عَلَيَّ ؟

قال : نَعَمْ ، فَمَشَى مَعَهُ أَبِي إِلَى مَنْزِلِ جَابِرٍ ، فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً مِنْ رَقٍّ .

فَقال : يَا جَابِرُ انْظُرْ فِي كِتَابِكَ لِأَقْرَأَ أَنَا عَلَيْكَ ، فَنَظَرَ جَابِرٌ فِي نُسْخَةٍ ، فَقَرَأَهُ أَبِي ، فَمَا خَالَفَ حَرْفٌ حَرْفاً .

فَقال جَابِرٌ : فَأَشْهَدُ بِالله أَنِّي هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي اللَّوْحِ مَكْتُوباً :

 بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ :

هَذَا كِتَابٌ مِنَ الله الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ : لِمُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَ نُورِهِ وَ سَفِيرِهِ وَ حِجَابِهِ وَ دَلِيلِهِ ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

 عَظِّمْ يَا مُحَمَّدُ أَسْمَائِي ، وَ اشْكُرْ نَعْمَائِي ، وَ لَا تَجْحَدْ آلَائِي .

 إِنِّي أَنَا الله لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ، قَاصِمُ الْجَبَّارِينَ ، وَمُدِيلُ الْمَظْلُومِينَ ، وَدَيَّانُ الدِّينِ .

إِنِّي أَنَا الله لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا : فَمَنْ رَجَا غَيْرَ فَضْلِي ، أَوْ خَافَ غَيْرَ عَدْلِي ؛ عَذَّبْتُهُ عَذَاباً لَا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ ، فَإِيَّايَ فَاعْبُدْ ، وَ عَلَيَّ فَتَوَكَّلْ .

إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ نَبِيّاً فَأُكْمِلَتْ أَيَّامُهُ وَ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ ، إِلَّا جَعَلْتُ لَهُ وَصِيّاً.

 وَ إِنِّي : فَضَّلْتُكَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ .

 وَ فَضَّلْتُ وَصِيَّكَ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ .

وَ أَكْرَمْتُكَ : بِشِبْلَيْكَ وَ سِبْطَيْكَ ، حَسَنٍ وَ حُسَيْنٍ .

فَجَعَلْتُ حَسَناً : مَعْدِنَ عِلْمِي بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ أَبِيهِ .

وَ جَعَلْتُ حُسَيْن :

خَازِنَ وَحْيِي ، وَ أَكْرَمْتُهُ بِالشَّهَادَةِ ، وَ خَتَمْتُ لَهُ بِالسَّعَادَةِ ، فَهُوَ أَفْضَلُ مَنِ اسْتُشْهِدَ ، وَ أَرْفَعُ الشُّهَدَاءِ دَرَجَةً ، جَعَلْتُ كَلِمَتِيَ التَّامَّةَ مَعَهُ ، وَ حُجَّتِيَ الْبَالِغَةَ عِنْدَهُ . بِعِتْرَتِهِ أُثِيبُ وَ أُعَاقِبُ :

 أَوَّلُهُمْ : عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ وَ زَيْنُ أَوْلِيَائِيَ الْمَاضِينَ .

وَ ابْنُهُ شِبْهُ جَدِّهِ الْمَحْمُودِ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ عِلْمِي وَ الْمَعْدِنُ لِحِكْمَتِي .

 سَيَهْلِكُ الْمُرْتَابُونَ فِي جَعْفَرٍ الرَّادُّ عَلَيْهِ كَالرَّادِّ عَلَيَّ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي ، لَأُكْرِمَنَّ مَثْوَى جَعْفَرٍ وَ لَأَسُرَّنَّهُ فِي أَشْيَاعِهِ وَ أَنْصَارِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ .

أُتِيحَتْ بَعْدَهُ مُوسَى فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ حِنْدِسٌ لِأَنَّ خَيْطَ فَرْضِي لَا يَنْقَطِعُ وَ حُجَّتِي لَا تَخْفَى ، وَ أَنَّ أَوْلِيَائِي يُسْقَوْنَ بِالْكَأْسِ الْأَوْفَى ، مَنْ جَحَدَ وَاحِداً مِنْهُمْ فَقَدْ جَحَدَ نِعْمَتِي ، وَ مَنْ غَيَّرَ آيَةً مِنْ كِتَابِي فَقَدِ افْتَرَى عَلَيَّ ، وَيْلٌ لِلْمُفْتَرِينَ الْجَاحِدِينَ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ مُوسَى عَبْدِي وَ حَبِيبِي .

وَ خِيَرَتِي فِي عَلِيٍّ : وَلِيِّي وَ نَاصِرِي ، وَ مَنْ أَضَعُ عَلَيْهِ أَعْبَاءَ النُّبُوَّةِ ، وَ أَمْتَحِنُهُ بِالِاضْطِلَاعِ بِهَا ، يَقْتُلُهُ عِفْرِيتٌ مُسْتَكْبِرٌ ، يُدْفَنُ فِي الْمَدِينَةِ الَّتِي بَنَاهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ إِلَى جَنْبِ شَرِّ خَلْقِي ، حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَسُرَّنَّهُ :

بِمُحَمَّدٍ ابْنِهِ : وَ خَلِيفَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ، وَ وَارِثِ عِلْمِهِ ، فَهُوَ مَعْدِنُ عِلْمِي ، وَ مَوْضِعُ سِرِّي ، وَ حُجَّتِي عَلَى خَلْقِي ، لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ بِهِ إِلَّا جَعَلْتُ الْجَنَّةَ مَثْوَاهُ ، وَ شَفَّعْتُهُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ كُلُّهُمْ قَدِ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ .

 وَ أَخْتِمُ بِالسَّعَادَةِ لِابْنِهِ عَلِيٍّ : وَلِيِّي وَ نَاصِرِي ، وَ الشَّاهِدِ فِي خَلْقِي ، وَ أَمِينِي عَلَى وَحْيِي .

 أُخْرِجُ مِنْهُ : الدَّاعِيَ إِلَى سَبِيلِي : وَ الْخَازِنَ لِعِلْمِيَ الحسن .

وَأُكْمِلُ ذَلِكَ : بِابْنِهِ م‏ح‏م‏د رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ، عَلَيْهِ : كَمَالُ مُوسَى ، وَبَهَاءُ عِيسَى ، وَصَبْرُ أَيُّوبَ ، فَيُذَلُّ أَوْلِيَائِي فِي زَمَانِهِ ، وَ تُتَهَادَى رُءُوسُهُمْ كَمَا تُتَهَادَى رُءُوسُ التُّرْكِ وَ الدَّيْلَمِ ، فَيُقْتَلُونَ وَ يُحْرَقُونَ ، وَ يَكُونُونَ خَائِفِينَ مَرْعُوبِينَ وَجِلِينَ ، تُصْبَغُ الْأَرْضُ بِدِمَائِهِمْ ، وَ يَفْشُو الْوَيْلُ وَ الرَّنَّةُ فِي نِسَائِهِمْ ، أُولَئِكَ أَوْلِيَائِي حَقّاً ، ِبهِمْ أَدْفَعُ كُلَّ فِتْنَةٍ عَمْيَاءَ حِنْدِسٍ ، وَ بِهِمْ أَكْشِفُ الزَّلَازِلَ ، وَ أَدْفَعُ الْآصَارَ وَ الْأَغْلَالَ ، أولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ ، وَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ .

قال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمٍ : قال أَبُو بَصِيرٍ : لَوْ لَمْ تَسْمَعْ فِي دَهْرِكَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ لَكَفَاكَ ، فَصُنْهُ إِلَّا عَنْ أَهْلِهِ [54].

يا طيب : هذا الحديث الشريف من غرر الأحاديث في الإمامة في معناه وفي بيانه لأحوال الأئمة ، وهو نفس معنى الحديث الذي عرفته وسيأتي تمامه والذي منه ما قال رسول الله : ( والذي بعثني بالحق نبيا :

إن ذكر الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض ، فأنه لمكتوب عن يمين عرش الله : مصباح هدى وسفينة نجاة ، وإمام غير وهن وعز وفخر وبحر علم وذخر .

وإن الله عز وجل ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية .... ) [55].

 ويؤيده : كثير من الآيات المختصة بالإمامة والولاية لأمر الله في عباده ، وتشرحه كثير من الآيات المعرفة للأئمة عليهم السلام بكونهم من ذرية الإمام الحسين والتي عرفت الكثير منها ، ويأتي في باب لاحق قبسا لها ، وإن الناس بدون إمام يتبعون كل ناعق ولم يكونوا على دين واحد ، ويتصدى كل جبار فيختار نفسه إماما للناس ويعرف فكره دين وشرحه هدى و كما أختلف المسلمون بكثير من الأحكام، وليس الحق في الأئمة وشأنهم الكريم إلا واحد وهو للنبي وآله أب وأخ الحسين وذريته صلى الله عليهم وسلم ، وكما يأتي تمام البحث في إمامته وآله وذريته في الباب الآتي والجزء الآتي أيضا ، والحديث كأحاديث الجفر والجامعة وصحيفة فاطمة وغيرها مما شرفهم الله به كولاة لأمره ، سواء كتبت في زمان رسول الله أو شرحوها وتوارثوها .

 

الإشراق السابع :

في يوم ولادة الإمام الحسين غفر الله لفطرس ودردائيل وصلصائيل :

يا طيب : جاءت روايات كثيرة في غفران الله لفطرس ووردة أيضاً في ودردائيل وصلصائل وغيرهم  ، وأنهم كانوا ملائكة كان مغضوب عليهم غضب ما ومؤقت وحتى حين ، والظاهر بهبوط المنزلة والشأن لهم لأيام وإن كانوا بعد في محل العبودية ، وفي يوم ولادة الحسين عليه السلام كرامة له غفر الله لهم ، بعد أن شرفهم بزيارته والتوسل بحقه عند الله ، وبهذا عرف الله سبحانه وتعالى كرامته في السماء لأهلها كما عرف شأنه الكريم في الأرض كما عرفت وستعرف في يوم ولادته المباركة .

وإن الملائكة : وإن كان لهم مقام كريم وإنهم لا يعصون الله ما يؤمرون .

 لكنه بعضهم : لهم شأنهم ومحسوب عليهم ، وإن لم يكن منهم ، وكما كان إبليس لعنه الله محسوب عليهم وحشر معهم لما كان له من المقام في العبادة والإخلاص فيها ، ثم عصى لما أُمر بالسجود لأدم لأنه كان من الجن ، فإنه حين ولد آدم وأمر بالسجود له أخذه الحسد ووسوست له نفسه وتكبر فعصى وطغى وتجبر ، فحرم مقامه أبدا لأنه لم يتب ولم يرجع لله مع ما عرف بنفسه من عصيانه وحرمانه وطرده ولعنه ونزوله من مقام الكرامة ، ولما بقي مصر على عدم العود للعبودية لله لعنه الله .

كما إنه : هناك ملائكة حكا الله عنهم بنوع من العقوبة أو فقل بنزولهم عن مقامهم لبعض التقصير الذي لا يعد ذنبا وعصيانا كبيرا ، بل تأخر وتباطأ لا يناسب شأنهم فحرموا مقامهم وصار شأنهم بالنزول في الأرض كما في الملكين ببابل هاروت وماروت ، ومع ما عندهم من العلم ، كما في قوله تعالى :

{ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ }البقرة102 .

 وقد حُكي في قصصهم : أمورا قد تكون بعيده في شأن الملائكة ولا يناسب تزكيتهم , ولكن نزولهم في الأرض لمرتبة أقل من شأنهم مسلم كما حكته الآية ، وإنه اختبار لهم بل عبرة للملائكة كلهم ، وللناس فتنه ، ويجب أن يعتبر بهم ويتعظ ويتعلم الحق منهم لا الباطل وتحريف الحق وقلبه ضلال ، وإن قصصهم تشبه ما حكي في قصص فطرس والملائكة الذين نجو حين ركبوا سفينة الإمام الحسين عليه السلام ، وتوجهوا به لله تعالى فشفعه الله بهم وقبل توبتهم ، وإن العقوبة ونزول الشأن كان معلق ليوم كريم يعرف به شأن إمام الحق لأهل السماء والأرض وبه يتوب الله عليهم .

ولكي نعرف كرامة الإمام : ونجاة الملائكة بتوسلهم بحق الحسين وقبول شفاعته من قبل الله تعالى ، نذكر هذه الأشعة:

 

الإشعاع الأول : غفر الله لفطرس في يوم ولادة الإمام الحسين :

في أمالي الصدوق بالإسناد عن إبراهيم بن شعيب قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

 إن الحسين بن علي : لما ولد أمر الله عز وجل جبرائيل أن يهبط في ألف من الملائكة ، فيهنئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الله عز وجل ومن جبرائيل .  

قال : فهبط جبرائيل ، فمر على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له : فطرس كان من الحملة بعثه الله عز وجل في شيء فأبطأ عليه ، فكسر جناحه وألقاه في تلك الجزيرة ، فعبد الله تبارك وتعالى فيها سبعمائة عام حتى ولد الحسين بن علي عليهم السلام  .

فقال الملك لجبرائيل : يا جبرائيل أين تريد ؟  قال : إن الله عز وجل أنعم على محمد بنعمة فبعثت أهنئه من الله ومني .

 فقال : يا جبرائيل احملني معك لعل محمدا صلى الله عليه وآله وسلم يدعو لي .

 قال : فحمله . 

قال : فلما دخل جبرائيل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم هنأه من الله عز وجل ، ومنه وأخبره بحال فطرس .

 فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قل له : تمسح بهذا المولود ، وعد إلى مكانك .

 قال : فتمسح فطرس بالحسين بن علي عليهم السلام وارتفع .

 فقال : يا رسول الله أما إن أمتك ستقتله ، وله علي مكافأة ألا يزوره زائر إلا أبلغته عنه ، ولا يسلم عليه مسلم إلا أبلغته سلامه ، ولا يصلي عليه مصل إلا أبلغته صلاته ، ثم ارتفع .

قال في بحار الأنوار : ورواه في كامل الزيارات عن إبراهيم بن شعيب مثله .

وقال : قد مضى بتغيير ما في باب أخذ ميثاقهم من الملائكة.

وروى في المناقب : عن ابن عباس والصادق عليه السلام مثله ثم قال :

وقد ذكر الطوسي في المصباح رواية عن القاسم بن أبي العلاء الهمداني حديث فطرس الملك في الدعاء [56]

وفي المسألة الباهرة في تفضيل الزهراء الطاهرة : عن أبي محمد الحسن بن طاهر القائني الهاشمي : أن الله تعالى كان خيره بين عذابه في الدنيا أوفي الآخرة ، فاختار عذاب الدنيا فكان معلقا بأشفار عينيه في جزيرة في البحر لا يمر به حيوان وتحته دخان منتن غير منقطع . 

فلما أحس الملائكة نازلين : سأل من مر به منهم عما أوجب لهم ذلك فقال : ولد للحاشر النبي الأمي أحمد من بنته وصيه ، ولد ، يكون منه أئمة الهدى إلى يوم القيامة ، فسأل من أخبره أنه يهنئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتلك عنه ، ويعلمه بحاله .

فلما علم : النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك  ، سأل الله تعالى أن يعتقه للحسين ففعل سبحانه .

فحضر فطرس وهنأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعرج إلى موضعه .

وهو يقول : من مثلي وأنا عتاقة الحسين ابن علي وفاطمة وجده أحمد الحاشر[57].

 

وفي السرائر عن جامع البزنطي عن غير واحد من أصحابنا أن أبا عبد الله عليه السلام قال :

إن فطرس : ملك كان يطوف بالعرش ، فتلكأ في شيء من أمر الله فقص جناحه ورمى به على جزيرة من جزائر البحر ، فلما ولد الحسين عليه السلام هبط جبرائيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهنئه بولادة الحسين عليه السلام ، فمر به فعاذ بجبرائيل فقال : قد بعثت إلى محمد أهنئه بمولود ولد له فان شئت حملتك إليه .

فقال : قد شئت فحمله فوضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبصبص بإصبعه إليه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : امسح جناحك بحسين ، فمسح جناحه بحسين فعرج[58]

وفي رجال الكشي عن محمد بن سنان قال : شكوت إلى الرضا عليه السلام وجع العين .فأخذ قرطاسا : فكتب إلى أبي جعفر عليه السلام ، و هو أقل من نيتي . فدفع الكتاب إلى الخادم ، وأمرني أن أذهب معه ، و قال : اكتم .

فأتيناه و خادم قد حمله ، قال : ففتح الخادم الكتاب بين يدي أبي جعفر( محمد الجواد ) عليه السلام، فجعل أبو جعفر عليه السلام ينظر في الكتاب و يرفع رأسه إلى السماء ، و يقول : ناج ، ففعل ذلك مرارا ، فذهب كل وجع في عيني ، و أبصرت بصرا لا يبصره أحد .

 قال : فقلت لأبي جعفر عليه السلام : جعلك الله شيخا على هذه الأمة كما جعل عيسى ابن مريم شيخا على بني إسرائيل .

قال  ثم قلت له : يا شبيه صاحب فطرس . قال : و انصرفت و قد أمرني الرضا عليه السلام أن أكتم ، فما زلت صحيح البصر حتى أذعت ما كان من أبي جعفر عليه السلام في أمر عيني ، فعاودني الوجع .

 قال قلت لمحمد بن سنان : ما عنيت بقولك يا شبيه صاحب فطرس ؟

فقال : إن الله تعالى غضب على ملك من الملائكة يدعى فطرس ، فدق جناحه و رمي في جزيرة من جزاير البحر ، فلما ولد الحسين عليه السلام بعث الله عز و جل جبرائيل إلى محمد صلى الله عليه وآله ليهنئه بولادة الحسين عليه السلام ، و كان جبرائيل صديقا لفطرس ، فمر به و هو في الجزيرة مطروح ، فخبره بولادة الحسين عليه السلام و ما أمر الله به .

 فقال له : هل لك أن أحملك على جناح من أجنحتي و أمضي بك إلى محمد صلى الله عليه وآله ليشفع لك .

قال فقال فطرس : نعم ، فحمله على جناح من أجنحته حتى أتى به محمدا صلى الله عليه وآله ، فبلغه تهنية ربه تعالى ثم حدثه بقصة فطرس .

 فقال محمد صلى الله وآله وسلم لفطرس : امسح جناحك على مهد الحسين و تمسح به ، ففعل ذلك فطرس ، فجبر الله جناحه و رده إلى منزله مع الملائكة [59].

 

 

 

 

  الإشعاع الثاني : غفر الله لدردائيل في يوم ولادة الإمام الحسين :

في كمال الدين بسنده عن مجاهد قال : قال ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

إن الله تبارك وتعالى ملكا يقال له : دردائيل كان له ستة عشر ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح هواء ، والهواء كما بين السماء والأرض . 

فجعل يوما يقول في نفسه : أفوق ربنا جل جلاله شيء ؟

فعلم الله تبارك وتعالى : ما قال ، فزاده أجنحة مثلها فصار له اثنان وثلاثون ألف جناح ، ثم أوحى الله عز وجل  إليه أن : طر ، فطار مقدار خمسمائة عام ، فلم ينل رأسه قائمة من قوائم العرش . 

فلما علم الله عز وجل أتعابه : أوحى إليه أيها الملك عد إلى مكانك ، فأنا عظيم فوق كل عظيم ، وليس فوقي شيء ، ولا أوصف بمكان ، فسلبه الله أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة . 

فلما ولد الحسين بن علي صلوات الله عليهما :

 وكان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة .

 أوحى الله إلى ملك خازن النيران : أن اخمد النيران على أهلها ، لكرامة مولود ولد لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم .

 وأوحى إلى رضوان خازن الجنان : أن زخرف الجنان وطيبها ، لكرامة مولد ولد لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم في دار الدنيا .

وأوحى إلى حور العين : تزينَ وتزاورن ، لكرامة مولود ولد لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم في دار الدنيا . 

وأوحى الله إلى الملائكة : أن قوموا صفوفا بالتسبيح والتحميد والتمجيد والتكبير ، لكرامة مولود ولد لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم في دار الدنيا .

 وأوحى الله عز وجل  إلى جبرائيل عليه السلام : أن اهبط إلى نبيي محمد في ألف قبيل ، في القبيل ألف ألف ملك على خيول بلق مسرجة ملجمة ، عليها قباب الدر والياقوت ، معهم ملائكة يقال لهم : الروحانيون بأيديهم حراب من نور أن هنئوا محمدا بمولوده . 

وأخبره يا جبرائيل أني قد سميته الحسين وعزه وقل له : يا محمد يقتله شرار أمتك على شرار الدواب ، فويل للقاتل ، وويل للسائق ، وويل للقائد .

 قاتل الحسين : أنا منه برئ وهو مني برئ ، لأنه لا يأتي أحد يوم القيامة إلا وقاتل الحسين أعظم جرما منه .

قاتل الحسين : يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون أن مع الله إلها آخر ، والنار أشوق إلى قاتل الحسين ممن أطاع الله إلى الجنة . 

قال : فبينا جبرائيل يهبط من السماء إلى الأرض إذ مر بدردائيل ، فقال له  دردائيل : يا جبرائيل ما هذه الليلة في السماء هل قامت القيامة على أهل الدنيا ؟

قال : لا ، و لكن ولد لمحمد مولود في دار الدنيا ، وقد بعثتي الله عز وجل إليه لأهنئه بمولوده .

فقال الملك له : يا جبرائيل بالذي خلقك وخلقني إن هبطت إلى محمد فأقرئه مني السلام ، وقل له : بحق هذا المولود عليك إلا ما سألت الله ربك أن يرضى عني ويرد علي أجنحتي ومقامي من صفوف الملائكة .

فهبط جبرائيل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم : وهنأه كما أمره الله عز وجل وعزاه  .فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : تقتله أمتي ؟ قال : نعم ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما هؤلاء بأمتي ، أنا برئ منهم والله برئ منهم .

 قال جبرائيل : وأنا برئ منهم يا محمد

فدخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فاطمة وهنأها .

وعزاها ، فبكت فاطمة عليه السلام ، وقالت :  يا ليتني لم ألده قاتل الحسين في النار . وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أنا أشهد بذلك يا فاطمة ، ولكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام تكون منه الأئمة الهادية بعده . 

ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : الأئمة بعدي :

 الهادي : علي . المهتدي : الحسن . الناصر : الحسين . المنصور : علي بن الحسين . الشافع : محمد بن علي . النفاع : جعفر بن محمد . الأمين : موسى بن جعفر . الرضا : علي بن موسى . الفعال : محمد بن علي . المؤتمن : علي بن  محمد . العلام : الحسن بن علي . ومن يصلي : خلفه عيسى بن مريم .

 فسكنت فاطمة من البكاء . 

ثم أخبر جبرائيل : النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقضية الملك وما أصيب به .

 قال ابن عباس : فأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحسين ، وهو ملفوف في خرق من صوف ، فأشار به إلى السماء  ثم قال : اللهم بحق هذا المولود عليك ، لا بل بحقك عليه ، وعلى جده محمد وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، إن كان للحسين بن علي ابن فاطمة عندك قدر ، فارض عن دردائيل ، ورد عليه أجنحته ، ومقامه من صفوف الملائكة . 

فاستجاب الله دعاءه : وغفر للملك ، والملك لا يعرف في الجنة إلا بأن يقال : هذا مولى الحسين بن علي ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . 

قال المجلسي بيان : لعل هذا على تقدير صحة الخبر كان بمحض خطور البال ، من غير اعتقاد بكون الباري تعالى ذا مكان أو المراد بقوله : فوق ربنا شيء فوق عرش ربنا إما مكانا أو رتبة ، فيكون ذلك منه تقصيرا في معرفة عظمته وجلاله ، فيكون على هذا ذكر نفي المكان لرفع ما ربما يتوهم متوهم والله يعلم[60].

 

 

 

 

  الإشعاع الثالث : غفر الله صلصائيل في يوم ولادة الإمام الحسين :

قال المجلسي رحمه الله أقول : في حديث المفضل بطوله ـ في كتابه بحار الأنوار ـ الذي يأتي بإسناده في كتاب الغَيبة عن الصادق عليه السلام أنه قال :

كان ملك بين المؤمنين يقال له : صلصائيل ،  بعثه الله في  بعث فأبطأ فسلبه ريشه ودق جناحيه وأسكنه في جزيرة من جزائر البحر إلى ليلة ولد الحسين عليه السلام ، فنزلت الملائكة واستأذنت الله في تهنئة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وتهنئة أمير المؤمنين عليه السلام وفاطمة عليه السلام ، فأذن الله لهم ، فنزلوا أفواجا من العرش ومن  السماء ، فمروا بصلصائيل وهو ملقى بالجزيرة . 

فلما نظروا إليه وقفوا ، فقال لهم: يا ملائكة ربي إلى أين تريدون ؟ وفيم هبطتم؟

 فقالت له الملائكة : يا صلصائيل قد ولد في هذه الليلة أكرم مولود ولد في الدنيا بعد جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأبيه علي ، وأمه فاطمة ، وأخيه الحسن ، وقد استأذنا الله في تهنئة حبيبه محمد صلى الله عليه وآله وسلم لولده فأذن لنا.

 فقال صلصائيل : يا ملائكة الله إني أسألكم بالله ربنا وربكم وبحبيبه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وبهذا المولود أن تحملوني معكم إلى حبيب الله وتسألونه وأسأله ، أن يسأل الله بحق هذا المولود الذي وهبه الله له أن يغفر لي خطيئتي ، ويجبر كسر جناحي ، ويردني إلى مقامي مع الملائكة المقربين . 

فحملوه : و جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فهنئوه بابنه الحسين عليه السلام ، وقصوا عليه قصة الملك ، وسألوه مسألة الله والإقسام عليه بحق الحسين عليه السلام : أن يغفر له خطيئته ، ويجبر كسر جناحه ، ويرده إلى مقامه مع الملائكة المقربين . 

فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فدخل على فاطمة عليه السلام فقال له : ناوليني ابني الحسين ، فأخرجته إليه مقموطا يناغي جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فخرج به إلى الملائكة ، فحمله على بطن كفه ، فهللوا وكبروا وحمدوا الله تعالى وأثنوا عليه . 

فتوجه به إلى القبلة نحو السماء ، فقال : اللهم إني أسألك بحق ابني الحسين أن تغفر لصلصائيل خطيئته ، وتجبر كسر جناحه ، وترده إلى مقامه مع الملائكة المقربين .

 فتقبل الله تعالى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما أقسم به عليه ، وغفر لصلصائيل خطيئته وجبر كسر جناحه ، ورده إلى مقامه مع الملائكة المقربين [61].

 

الإشعاع الرابع : غفران الله للملائكة كرامة للحسين من آداب الدين :

يا طيب : إن المجيء للنبي لكي يستغفر للمؤمنين بما يراه من الدعاء ، أو يوكل الأمر للإمام الحسين فقد حكاه الله في كتابه المجيد وكلامه العزيز ، فقد قال سبحانه وتعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ الله

وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا الله

وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا الله تَوَّابًا رَحِيمً (64)

فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (65) } النساء .

{ .. وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ (62) لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضً .. (63) }النور .

فإنه في الآيات الكريمة : يكفي استغفار الله لهم حين يستغفروه ، ولكنه منح الرسول مقاما وشرفا وكرامة في الآيات ، وبه يعرفنا به فضله ومجده وشأنه الكريم العظيم عند الله ، فإنه طلب منهم أن يأتوه لكي يستغفر لهم ، وهذا عام لكل من ظلم نفسه يستحب له أن يأتي للنبي ويزوره ويستغفر الله ويطلب من الرسول أن يستغفر له ويطلب منه أن يطلب من الله العفو والمغفرة له ، وليس هذا إلا شفاعة وكرامة تعرفنا أن النبي عزيز عند الله ومستجاب الدعوة وإن الله كرمه وكرم العباد به حين يتوجهون به إلى الله ويسألون الله تعالى بحقه قضاء حوائجهم أو غفران ذنوبهم .

بل الله سبحانه وتعالى في آية أخرى : فصل الأمر وجعل آل النبي معه في الدعاء المستجاب بالخصوص ، مع أنه الله كان يمكنه أن يهلك المعاندين بدون مباهلة ، ولكنه أراد أن يعرف المسلمين شأن نبينا الكريم وآله معه ، ليعرفنا محل كرامته لهم ، ولكي نعتني بأمرهم فنطيعهم ، ونعرف أن كل معاند لهم كاذب معاند ضال بعيد عن كرامة الله كما في آية المباهلة .

بل آية المباهلة : تعرفنا أن النبي إن دعا الله وآمن آله بما فيهم الإمام الحسين عليه السلام وهو أصغر من حضرة هذا الجمع ، يستجيب الله لهم ، ويهلك الكفار ، بل جعل هلاكهم معلق على دعائهم ، وكان من الممكن أن يهلكهم من غير مباهلة ، ولكن لله حكمة وشؤون في خلقه ، ويعرفهم محل كرامته وهداه ودينه القيم عند ولاة أمرة الصادقين المصدقين الأطهار لنتوجه بهم إليه ، ونقر لهم بالطاعة والولاية والإمامة فندعو الله بحقهم أو نسألهم أن يدعون لنا .

فإن نبينا محمد حين جاء : بالحسن والحسين وفاطمة وعلي عليهم السلام ، قال إذا دعوت أمنوا ، وهذا بيان لكرامتهم عند الله وشأنهم العظيم ، وهذا ما حكته آية المباهلة فتدبر بقوله سبحانه وتعالى : { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ

فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ

 ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) } آل عمران .

وهذا الشأن والمقام للنبي وآله عرفه الملائكة : ولذا طلبوا من النبي أن يدعوا لهم ، وبالخصوص في يوم الكرامة من الله بيوم تشريف وتهنئة من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا من بيان عناية الله ورعايته لأئمة الحق بل لخلقه بتعريفهم فضل ولاة أمره وأئمة الهدى في دينه الحق ليحبوهم ويقتدوا بهم ويسيروا على نهجهم .

ثم يا طيب : أن الملائكة بكونهم لا يعصون الله فيما يأمرهم ، مسلم ، ولكن لله أن يختبرهم لرفع منزلتهم وشأنهم ، وإنهم معدون لخدمة المؤمنين وتعريف فضلهم ، أو أن لهم مثل حالت هاروت وماروت ، فإن ملائكة العرش وحملته أفضل حال لهم هو بعد تسبيح الله سبحانه والإيمان به هو أن يستغفروا لمن في الأرض إذا تابوا وأمنوا كما قال الله تعالى :

{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ

وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيم } غافر7 .

ولا يعني توجه الملائكة : بالاستغفار لمؤمنين أو الملائكة في آية أخرى يستغفرون لمن في الأرض ، أنهم في حالة غير حال التوجه لله ، بل عملهم هو إطاعة أمر الله سبحانه وهم لا يعصون الله فيما يأمرهم ومن جملته الاستغفار الذي هو التطهير لمن عنده نقص ورفع حاجته ومنحه الكمال بالتوبة عليه وإصلاحه بما فيه حسن حاله .

ولكن مع كل هذا : لم يخرجوا عن بلاء الله واختباره أو حب تعريفه عظمته وأصحاب المقام لهم ، وإنهم لهم أعمال خاصة يجب عليهم إتيانها ، بل حتى فكرهم يجب أن لا يخطر به ما ينافي عظمة الله كما في قصة دردائيل مع مقامه العظيم وما خطر في ذهنه هل فوق الله شيء ، أره الله عظمته في كل الملكوت ، ثم عرفه أنه يوجد عباد الله في الأرض أكرم منه ، وهذا وإن كان ظاهره بصورة عقوبة ، ولكن باطنه رحمة له حيث كان عتيق الإمام الحسين عليه السلام وعرف بفضله في السماء وصار خادم لأكرم خلق الله يوصل سلامهم له ، وكان أعلى من مقام الاستغفار بما هو .

وبهذا نعرف : إن حالات هؤلاء الملائكة عليهم السلام ، مثل حالات هاروت وماروت وإنهم فتنة وبلاء للناس واختبار من الله لهم ولغيرهم ، وتعريف شأنهم لكي لا يخطر لأحد منهم أمر يخالف التفكر بشأن عظمة الله تعالى بنفسه أو ما يكرم به أوليائه وما يحب أن يرينا من كرامتهم لديه وفضله عليهم وما يجب من الطاعة لهم .

وبهذا عرفهم وعرف من في السماء والأرض :  كرامة وفضل أولياء دين الله ، وولاة أمره في عباده وهداتهم لعبوديته بكل إخلاص له ، وعرفهم شأنهم الجميل لديه وفضلهم الحسن عنده .

ويا طيب : إن ظاهر الأمر عقوبة ولكن باطنه رحمة لرفع المقام ، وهذا ما تشعر به الروايات في أحوال وصفهم ، وإنه بعد في محل العبودية والمقام والإيمان ، وإن الملائكة تأنس بهم وتمر بهم ، إلا رواية مفردة تحكي عذاب فطرس بأشفار عينه ، وهي تخالف الروايات كلها بمجموعها فأما أن تطرح أو نذرها في عالم الإمكان لكون مثلا كان له خطأ كبيرا وإن كانت بقيت له التوبة ممكنة ، وإن لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرين ، وقد كتبنا بحثا واسعا في التوبة في اسم الله التواب فراجع .

وأما الباقي الروايات : تعرف مع عقوبتهم بقي لهم شأن الإيمان والعبودية في محل مخصوص من الأرض ، ولذا تأنس بهم الملائكة ويعرفون أخبار السماء كما كان أمر الملكين هاروت وماروت يعلمون الناس ، ولذا يمكن أن يتوقف في رواية التعذيب لفطرس عليه السلام كما جاء في المسائل الباهرة لمنافاتها لشأن الملائكة ، أو لأنها مفردة لم تؤيد بشيء من الروايات ، ويقبل منها ما يقبل من الباقي بأنهم نزل شأنهم مؤقت ولفترة معينة كفتنة واختبار لهم ولغيرهم من الملائكة وللناس لكي لا يتصوروا ما يخالف عظمة الله وشأنه ، وليستغفروا مما يرن على قلوبهم في بعض الأحيان والتي يوسوس بها الفكر الباطل المخالف لعظمة الرب .

وهذا الاختبار للملائكة : والحساب بنزول الشأن المؤقت في ظاهره دون باطنه ، يمكن ملاحظته عند الأنبياء بتسليط أعداء الله عليهم وقتلهم ، بل قتل الحسين ، وقد يتصور أنه عذاب ظاهرا له ، ولكن في باطنه اختبار له ولنا ولكل عباد الله لمعرفة الحق بمعرفة أهله وبكل حال لهم ، وإن في حين مصيبتهم هم في رعاية الله وعنايته وتعريف شأن المخلصين له بكل حال .

وبهذا يمكن معرفة حال فطرس ودردائيل وصلصائيل : ومقامهم بعد النزول ، فإنه بفضل النبي ودعاءه وتوسله بحق الحسين بل بحق الله على الحسين ، رفع شأنهم وجعل بعضهم ممن يبلغ سلام محبين الحسين له ، أو ينادى بخادم الحسين وعتيقه في السماوات العلى ، في حين الملائكة بصورة عامة تستغفر للمؤمنين التائبين كما عرفت ، وهم يبلغون سلام المحبين لأفضل خلق الله المكرمين المنتجبين الذين يحبهم الله ويحب الله كل من يطيعهم ويخلص له بدينهم .

ثم إن تشريف الملائكة : بعدد ألف أو آلاف مع جبرائيل لأن يهنئون النبي بمولد الحسين لعدد كريم ، ولكن أعلم إن المؤمن حين الموت إذا سار على منهج الحسين يحف به آلاف من الملائكة والحسين وآله يراهم عيانا ويلحق بهم في المقام المحمود الأسمى ، وإن عدد الألف في تكريمه وخدمته وحفه بالتحف والهدايا لقليل في شأنه فكيف بالحسين وآله صلى الله عليهم وسلم .

ولكن بشرط : يجب أن تعرف عظمة الإمام وشأنه الكريم عند الله وإن إطاعته من إطاعة الله ، وإن حبه من حب الله ، وتوليه هو تولي الله تعالى ، ولمعرفة هذه المعاني راجع ما ذكرنا في الأجزاء السابقة ، أو راجع شرح الأسماء الحسنى لتعرف أن عظيم تجليها هو لتكريم ولاة أمر الله في عباده وإنه يحف بهم بأعلى مقام من يطيعهم ويخلص لله بدينهم الحق من دون خلط لفكر ودين أعدائهم بهم ، فإن الله ورسوله وكل آله والمؤمنين بريئون من أعداء الحسين وآله ، ولا كرامة لأعدائه ومحبيهم بل ملعون من يعاند الحسين ويعبد الله بغير دين الحسين وآله .

وهذه الكرامة : عرفها الملائكة وكل عباد الله ، وهو أن الله إذا اصطفى عبدا كرمه وجعله ولي أمره في عباده وأرضه وسماءه ، لأنه لا يباشر الخلق وشأنه عظيم ليس كمثله شيء ، ولكن يختار ويصطفي ويكرمهم بالفضل العظيم ويعرفهم بكل مجد وكرامة في السماء والأرض لعباده حتى يُعبد بدين يعلموه بما يحب ويرضى من غير خلاف ، وهنئنا لموالي الحسين وأحبائه ، ولكل من يسير على منهجه ودينه القيم حقا فيخلص به العبودية لله وحده لا شريك له . كما وإن الروايات بمجموعها وبكثرتها تحكي عن كرامة للإمام الحسين في يوم مولده الشريف ، وتحكي عن عناية الله به ورعايته له وتعريف شأنه في السماء والأرض ، وهذا هو الفضل العظيم ، وستأتي قصص أخرى فيها يغفر الله لغيرهم بخصوصياتها في الذكر الآتي الإشراق الثالث عشر .

 

 الإشراق الثامن :

 تعاليم وآداب كريمة تشرع مع مولد الإمام الحسين :

يا طيب : عرفت أحوالا كريمة وحوادث شريفة عرفتنا كرامة وفضل الإمام الحسين عليه السلام في يوم ولادة ، وشأنه الجليل عند الله ورسوله وملائكته وعند المؤمنين الذي جاءوا يهنون ويباركون هذا المولود المبارك ، والذي أعده الله ورعاه لأن يكون مصباح هدى يسير بالمؤمنين الذي يقتدون بمنهجه الشريف على صراط مستقيم لدين الله القويم ، والذي خصه عند المنعم عليهم من آله الكرام ، فكان سفينة نجاة ودليل على هدى الله الحق عند ولاة أمر الله تعالى و المصطفين الأخيار من آله بأحسن برهان وأتقن بيان إلى يوم القيامة .

وفي هذا الإشراق : نذكر أنوار هدى شعت في يوم مولد الإمام الحسين ، وصارت سنن دين وآداب إسلامية يجب أو يستحب مراعاتها والتحلي بها على كل مؤمن يحب دين الله ويشتاق لأن يطبق هداه ، بعد أن عرفنا كثير من الكرامات التي حفت بمولد الإمام الحسين سواء بالخصوص له أو لآله أو لذريته عليهم السلام ، بل لشيعته ومحبيه ولمن يبحث عن الحق ويطلب معرفة أئمة الدين الطيبين الطاهرين .

 

الإشعاع الأول :

 بشارة وتهنئة من الله وملائكته  للنبي وآله بولادة الحسين:

يا طيب : من اللطف الإلهي الذي حف بمولد الإمام الحسين عليه السلام ، هي البشارة بولادته قبل مولده والتهنئة من الله يومها وبعدها ، والتي تعرفنا رعاية الله له وبأعلى عناية كريمة ، وبهذا قد حلّى الله الإمام الحسين بفضائل جليلة ليعرف مقامة عند الله ومنزلته وشأنه الكريم من أول وجوده .

وقد عرفنا آية : حمله كرها وشكره لله وجعل الذرية الصالحة له ، فخص بالإمامة في نفسه وذريته وآله ، وخص آله بلوح الكرامة والإمامة وسند الولاية ، وعرفنا رفع مقام ملائكة قد فُتنوا بخفض المنزلة ظاهرا حتى تكرموا بشفاعته ويرجعوا لمقامهم الكريم ، وكلها أحداث كريمة كانت تعرفنا تهنئة الله لنبيه ورعايته للمولد المبارك الذي حل نوره في الوجود ، فجاءت آلاف الملائكة لنبي الرحمة مهنئة بالمولد بعد أن كانت له البشرى بجعل الإمامة في ذريته .

ومسألة البشرى : من الله لأوليائه في ولادة ذريتهم ، أمرا حكاه الله تعالى لنبيه إبراهيم في إسماعيل وإسحاق كما عرفت وجعل الذرية في آله ورعايته لهم حتى جاء دور يوسف ثم موسى ، ومريم وعيسى ، وزكريا ويحيى ، وكلها كانت بها بشارات من الله بالمولود الجديد لآله بالخصوص في أحوال أبني إبراهيم وعيسى ويحيى ، وقد عرفنا إن الله كان يبشر بولادتهم ويختبرهم بما يُعرف علو مقامهم وصبرهم في جنب الله وطاعته حتى كانوا يستحقون مقام الإمامة بأعلى جدارة ، حتى جاء في حقهم : وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ، أو بفعلهم الخيرات وإقامة الصلاة كما عرفت في أنوار مصباح الهدى .

وهذه البشارة والتهنئة : التي عرفت أهميتها قد حصلت للنبي في ويوم مولده بل للإمام علي ولفاطمة الزهراء وللحسن وبأعلى تجليل وتكريم ، وهذا ما ستعرفه لو تراجع أحوال ولادتهم الكريمة في صحفهم من موسوعة صحف الطيبين ، وإن البشارة والتهنئة كانت بأعلى حفاوة يوم ولادة الإمام الحسين خامس أصحاب الكساء وأهل البيت المطهرون المصدقون ، وقد جاءت روايات كثيرة تعرف شأنه وصبره ، ومقامه الثابت الجليل في نشر دين الله وفي محل الكرامة عنده ، ولهذا كانت رعاية الله له وخُص بما عرفت من المكرمات .

فقد عرفت : إن تسميته كانت من الله وببشارة وتهنئة منه ، وبإرسال جبرائيل ومع ملائكة قد أعدوا لتهنئة رسول الله ، بل تزينت وتحلت الجنان وحور العين في يوم ولادته ، وهذه هي المكرمات المعدة لهم في يوم القيامة ، وهي نُزلهم الكريم في محل سكنهم الدائم ، وهذا مُسلّم عند كل من يعرف إن الإمام الحسين عليه السلام هو وأخيه سيدا شباب أهل الجنة ، وأكرم من يحل القيامة والجنة بأعلى من نزلها بعد أبيه وأمه وأخيه ، فله أعلى مقام فيها ، وحق للجنة وللحور وللملائكة فيها وكل شجرها وما فيها أن يتطيب ويتعطر ويتزين لمولده ، وقد كتبنا بحثا جميلا في أخر شرح الأسماء الحسنى العظيم و اللطيف و الشافي ، يعرف شأن المؤمن عند الموت والقيامة والجنة وما له من الكرامة وحب الملائكة له وما يكرم به من تحف رب العالمين فراجع .

وإذا عرفت : إن الملائكة يستغفرون للذين آمنوا ومعدون لتهيئة الكرامات لهم ، وشأنهم استقبال المؤمنين وحفهم بتحف رب العالمين يوم القيامة ، لحق أن يكون من أفضل أحوالهم هو يوم ولادة الإمام الحسين عليه السلام ، وقد عرفت إنه كان أعلى الملائكة مقاما وهم حملة العرش كان من أفضل عملهم أن يستغفروا لهم ، بل خدامهم وهم أصحاب البشارة لتعريف الكرامة من رب العالمين لهم ، فلا يستبعد نزولهم يوم ميلاد الإمام الحسين بأمر الله وإذنه لتهنئة السراج المنير والرحمة التامة للعالمين وحبيب ربنا الحي القيم العلي العظيم ، وأن يتحفه بكل كل كرام يوم مولد من يكون استمرارا لدينه ووجوده ، وفي ذرية تستمر الإمامة والولاية إلى يوم القيامة .

ولذا عرفت : أن جبرائيل عليه السلام لما نزل بأمر الله في تعريف أسم الحسين عليه السلام ، نزل ومعه آلاف الملائكة يهنئون النبي الكريم بولادة الإمام والتي كان منها روايات مرت في الإشراق الأول من الذكر الثاني وكان فيها : فأوحى الله عز ذكره إلى جبرائيل عليه السلام أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط إليه فأقرئه السلام وهنئه مني ومنك ، وقل له : إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون . وقد عرفت تفصيل الروايات في الذكر الثاني والتي كان منها :

وعن علل الشرائع : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يا فاطمة : اسم الحسن والحسين في ابني هارون شبر وشبير لكرامتهما على الله عز وجل  . أو أنهم اسمين خصهما الله للحسن والحسين ولم يسمي بهما أحد قبلهما . وكما عرفت : البشارة من أم أيمن ورضاعه من النبي وآية الحمل ولوح الإمامة .

وإن جبرائيل عليه السلام : لما نزل باسم الإمام الحسين نزل ومعه ألف أو آلاف من الملائكة و كانوا قد أعدوا لتعريف مقام الإمام الحسين والرجوع لمقامهم بفضل بركة وكرامة يوم مولده والتي كان منها في رواية فطرس :

 إن الحسين بن علي : لما ولد أمر الله عز وجل جبرائيل أن يهبط في ألف من الملائكة ، فيهنئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الله عز وجل ومن جبرائيل . .... والتفصيل كان في ولادة دردائيل عليه السلام كما عرفت في أحوال النار والجنة والحور العين والملائكة والتي كان منها :

وأوحى الله إلى الملائكة : أن قوموا صفوفا بالتسبيح والتحميد والتمجيد والتكبير ، لكرامة مولود ولد لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم في دار الدنيا .

 وأوحى الله عز وجل  إلى جبرائيل عليه السلام : أن اهبط إلى نبيي محمد في ألف قبيل ، في القبيل ألف ألف ملك على خيول بلق مسرجة ملجمة ، عليها قباب الدر والياقوت ، معهم ملائكة يقال لهم : الروحانيون بأيديهم حراب من نور أن هنئوا محمدا بمولوده .

وبعد إن عرفنا : بشارة الله والملائكة بالمولود المبارك الجديد بل بشارة النبي لفاطمة وتهنئتهم لها بالمولود الجديد ، فهذه رواية أخرى تعرفنا بشارة نبينا الكريم إذ ذكر في بحار الأنوار : بُشِّرَتْ مَرْيَمُ بِوَلَدِهَا : إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ ، وَ بُشِّرَتْ فَاطِمَةُ بِالحسن وَ الحسين .

وفِي الْحَدِيثِ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم : بَشَّرَهَا عِنْدَ وِلَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا ، بِأَنْ يَقُولَ لَهَا :

 لِيَهْنِئْكِ : أَنْ وَلَدْتِ إِمَاماً يَسُودُ أَهْلَ الْجَنَّةِ ، وَ أَكْمَلَ الله تعالى ذَلِكِ فِي عَقِبِهَا ، قَوْلُهُ : وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ يَعْنِي عَلِيّاً عليه السلام [62].

وفي الكافي بالإسناد عن الحسين بن خالد قال :

سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن التهنئة بالولد متى ؟

فقال : أما إنه لما ولد الحسن بن علي هبط جبرائيل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتهنئة في اليوم السابع ، وأمره أن يسميه ، ويكنيه ، ويحلق رأسه ، ويعق عنه ، ويثقب أذنه ، وكذلك كان حين ولد الحسين عليه السلام أتاه في اليوم السابع فأمره بمثل ذلك .

قال : وكان لهما ذؤابتان في القرن الأيسر ، وكان الثقب في الأذن اليمنى في شحمة الأذن ، وفي اليسرى في أعلى الأذن، فالقرط في اليمنى ، والشنف في اليسرى .

وقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

 ترك لهما ذؤابتين في وسط الرأس وهو أصح من القرن [63].

يا طيب : إن ظاهر الروايات أن نزول جبرائيل كان متعدد ليعرف مقام الإمام الحسين لنبي الرحمة ولمن سينقل لهم البشارة ، فكانت من قبل الولادة وحينها وبعدها ، ولذا ستأتي روايات حين بشر النبي بولادة الإمام الحسين سجد شكر الله وركع ركعات كانت من واجبات الدين ، وإنه لا ينطق عن الهوى بل بوحي يوحى ، وبهذا قد نعرف أن النزول بالتهنئة في يوم مولد الإمام الحسين كان متعدد نجا به عدة ملائكة كلا حسب شأنه ، وبما عرفوا من الحفاوة التي عمت الوجود في ذلك اليوم .   فإن فطرس : كان من يحوم حول حملة العرش ومن الحافين حوله وإن لم يكن من الحملة فكان أول من عرف ، وأما دردائيل فهو بمنزلة راحيل خطيب الملائكة في الروايات وكأنه كان في المقام الثاني حين نزل نزول الملائكة المجلل لتهنئة النبي فعرف بأمر المولود ، وهكذا كان بعدهم صلصائيل ، وإن التهنئة كانت فيها حفل عام ملكوتي عند الملائكة حسب رتبهم في الوجود الأعلى وفي الجنان وفي الأرض حتى اليوم السابع كما عرفت وبكل مرتبة بما يناسبها وبكل قبيل حسب شأنه ، وعند النبي وآله في يوم مولده حتى السابع حين حلق شعره وتصدق به وعق عنه العقيقة كما عرفت ويأتي .

ولذا قد يكون يوم اللوح : ونزول أسماء الأئمة من ذرية الإمام الحسين عليه السلام قبل اليوم السابع ، لأن مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وجابر كانوا يحسبون على الخاصة الحافين حول أهل البيت والقائمون بكثير من الواجبات لهم والعناية والرعاية بهم لحبهم وإخلاصهم لهم ، وبهذا خص جابر بمعارف اللوح لينقل هذه المكرمة ويعرفها للموالين ، وشُرف بمعرفة أسماء الأئمة لأن عمره يطول ويمكن أن يتكلم في زمن وهن دولة الطغاة ولهوهم بالملك ، فينشر معارف عظيمة عن الولاية والإمامة ، وإن لم يكن حديثه الوحيد بل لعله حديثه حديث من ألف حديث تعرف الإمامة والولاية لأهل البيت وأسماء الأئمة ، وقد عرفت كثير منها في الأجزاء السابقة وسيأتي قسم منها في الباب الآتي والجزء الآتي أيضا .

 وبهذا نعرف : إن التهنئة بالمولود أدب كريم وسنة حسنة كانت متداولة في السماء والأرض ، وباركها الله ورسوله في الدين الحنيف ، وعمل بها أهل البيت والأصحاب ، وقد عرفت بحثا مختصرا فيها في الذكر الأول ، وسيأتي بيانا آخرا يعرفنا بعض الأحاديث عنها .

وإن الرواية التي تخص : كون التهنئة في اليوم السابع قد تكون لفرد لم يكون قريب من المولود بقرابة الدرجة الأولى ولا الثانية مثلا وليس من أصدقاء أهل البيت الذين تتبادل معهم الزيارات غالبا ، وإلا لابد أن يكون في يوم الولادة من يحف بالمولود ويرعاه ويرعى أمه من الخاصة والأصدقاء المخلصين وعائلاتهم ، وإن كان في هذا الزمان تتم الولادة في المستشفيات ولكن لهذا اليوم حفل مختصر حتى يوم العقيقة كما يلتزم بهذا كثير من العائلات المؤمنة والمحبة لسنن الدين . وبهذا نعرف : إن بعض الروايات تحكي عن يوم الولادة،  وبعضها تحكي عن اليوم السابع وما بينهما ، وقد ومر ويأتي كلام عن المراسم الدينية والآداب الكريمة فيه .

 

 

الإشعاع الثاني :

 النبي يُزيد ركعات شكراً لله  حين ولادة الإمام الحسن و الحسين :

يا طيب : إن أحكام الدين الإسلامي نزلت بالتدريج من بعثة النبي الكريم حتى أواخر أيامه في الأرض ، وكانت تنزل الأحكام الشرعية أو آداب الدين الأخلاقية وسننه حين حصول بعض المناسبات ، ولو تتبعت تشريع الأحكام لعرفت أنه كان أغلبها يرافق أحداث معينه ، ومنها مثلا في تشريع السجود لله تعالى باتجاه لكعبة بمناسبة حب النبي لها ، وكما جاء بقوله تعالى لنبينا الكريم :

{ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} البقرة.

فإن نبينا الكريم : كان يصلي لبيت المقدس ولكن لما عرف الله حبه للتوجه لبيته العتيق ، حوله لقبلة يرضاها وكرمه بالسجود له حين التوجه نحوها .

وهكذا لو تابعت : أحول الأذان والصلاة وعددها في الروايات لوجدتها سنت في المعراج لحالات كانت تحصل لنبي الرحمة ، فيقرها الله دين ويرضاه له .

وإن الصدوق رحمه الله : قد أعد كتابا كريما سماه علل الشرائع ، أي الأسباب التي كانت لهذه الشريعة والمنسك ، والعلة لهذا الحكم الإلهي وما هو كان سببه ، ومن أحب المزيد فليرجع لهذا الكتاب الشريف ، وهنا نذكر شرائع وآداب حصلت في يوم مولد الإمام الحسين عليه السلام وقد ذكرت مجملة .

ففي الكافي : عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَامِرِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قال :

 لَمَّا عُرِجَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم ، نَزَلَ بِالصَّلَاةِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ ، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ .

 فَلَمَّا وُلِدَ الحسن وَ الحسين :

زَادَ رَسُولُ الله سَبْعَ رَكَعَاتٍ شُكْراً لِلَّهِ ، فَأَجَازَ الله لَهُ ذَلِكَ .

 وَ تَرَكَ الْفَجْرَ لَمْ يَزِدْ فِيهَا لِضِيقِ وَقْتِهَا لِأَنَّهُ تَحْضُرُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ ، فَلَمَّا أَمَرَهُ الله بِالتَّقْصِيرِ فِي السَّفَرِ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِهِ سِتَّ رَكَعَاتٍ ، وَ تَرَكَ الْمَغْرِبَ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا شَيْئاً ، وَ إِنَّمَا يَجِبُ السَّهْوُ فِيمَا زَادَ رَسُولُ الله ، فَمَنْ شَكَّ فِي أَصْلِ الْفَرْضِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ اسْتَقْبَلَ صَلَاتَهُ [64].

يا طيب : إن الروايات تفسر بعضها بعضا حين جمعها ، فإنه حسب السائل وشأنه وولاءه ومقدار تقبله والزمان وظروف السؤال وحسب ما يحتاج يُفصل له ، فإنه الرواية أعلاه ، ذكرت زمان زيادة ركعات سبعة للظهر والعصر وللمغرب والعشاء ، وكواجبات مفروضة على المسلمين ، والظاهر من الرواية أنه كانت الصلاة ركعتان ركعتان كلها حتى المغرب ، ولكن أضيفت ركعة للمغرب حين ولادة فاطمة الزهراء عليه السلام ، وركعتان أضيف للعشاء حين ولادة الإمام الحسن عليه السلام ، وأما ركعات الظهر والعصر ركعتان ركعتان أضيفت لما ولد الإمام الحسين عليه السلام ، فصارت الصلاة سبعة عشر ركعة واجبة ، والله العالم ، ولم تفصل الروايات هذا ، ولكن هذا ما تشير له رواية أخرى يمكن أن يعرف منها هذا المعنى ، ويعرف منها زيادة أخرى للنوافل المغرب تشمل فاطمة الزهراء والحسن والحسين ، فتفصل بعض ما لم تذكره الرواية أعلاه وهي :

عن الصدوق رحمه الله في علل الشرائع قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه قال حدثني أبو محمد العلوي الدينوري بإسناده رفع الحديث إلى الصادق عليه السلام قال :

 قلت له لم صارت المغرب ثلاث ركعات ، و أربعا بعدها ليس فيها تقصير في حضر و لا سفر ؟

فقال : إن الله عز و جل أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله ، لكل صلاة ركعتين في الحضر ، فأضاف إليها رسول الله لكل صلاة ركعتين في الحضر ، و قصر فيها في السفر ، إلا المغرب و الغداة . فلما صلى المغرب : بلغه مولد فاطمة عليه السلام ، فأضاف إليها ركعة شكرا لله عز و جل .

فلما أن ولد الحسن عليه السلام أضاف إليها ركعتين شكرا لله عز وجل .

فلما أن ولد الحسين عليه السلام أضاف إليها ركعتين شكرا لله عز و جل ، فقال : للذكر مثل حظ الأنثيين فتركها على حالها في الحضر و السفر [65].

و من كثرة فضلهما و محبة النبي إياهما أنه جعل نوافل المغرب و هي أربع ركعات كل ركعتين منهما عند ولادة كل واحد منهما[66] .

والظاهر : إن المغرب كانت زيادتها للركعة الواجبة لها فصارت ثلاث ركعات في مكة سنة خمسة للبعثة حين ولادة فاطمة الزهراء عليه السلام ، وأما نوافل المغرب فهي أضيفت ركعتان ركعتان مع ولادة الإمام الحسن والحسين ، بالإضافة لما عرفت كون إضافة العشاء ركعتان مع ولادة الإمام الحسن ، والظهر والعصر مع ولادة الإمام الحسين عليه السلام ، والله العالم .

إلا أنه من المسلّم : كانت الزيادة لحدوث مناسبة كريمة وشكرا لله أقره الله تعالى ورضاه دين به يخلص له المؤمنون ويتوجهون به إليه ، وإن الصلاة شأنها عظيم فيناسب أن يكون تشرعيها في يوم عظيم يحل فيه أئمة الهدى في الوجود ومعلمي الصلاة والزكاة وكل تعاليم الدين بعد جدهم رسول الله ، وبه يعرف شأن الإمام ، وكما عرفت في الجزء الأول في شرح آيات النور والبيوت المرفوعة وغيرها ، وسيأتي بيان آخر لأهمية الصلاة في بحث تكبير الله تعالى من الإمام الحسين فسنه مستحبا سبعة .

 

الإشعاع الثالث : آداب الأذان و العقيقة والحلق عن الحسن والحسين :

يا طيب : مر بعض الذكر لهذا الموضوع في ضمن الإشراق الثاني من الذكر الأول ، وعرفنا إن من الآداب التي كانت تحف ولادة الإمام الحسين هو الأذان في الأُذن اليمنى والإقامة في اليسرى للمولود حين ولادته ، وإنه له آثار كريمة ,كذا تكلمنا عن حفل العقيقة والصدقة بوزن الشعر ذهبا أو فضه أو ما فضل الله به أهل المولود ليعتقوا أبنهم من آفات الدهر ويدفعوا عنه بلاء الزمان ونحوسة الأيام ، وعرفنا جملة آداب أخرى من تطييب المولود وتطهيره وتنظيفه .

وهنا نذكر بعض التفصيل : للأخبار المجملة هناك ، وما ذكر من أمور تخص تحنيك المولود بماء الفرات وتربة الإمام الحسين ، وهي آداب تذكرنا ذلك المولود المبارك ومنهجه الكريم ، ونسأل الله تعالى أن يجعل الوليد حين تحنيكه بتربة الإمام الحسين وبالخصوص مع ماء الفرات ، على منهجه ، ومن أنصاره في نشر الهدى وإقامة مراسم عزاءه أو الاحتفال بمولده بما يساعد ترويج الدين وإقامته مخلصا لرب العالمين ، ومن أراد المزيد عليه مراجعة الرسائل العملية لمرجع تقليده ، ونذكر ورايات هنا لم تذكر هناك لتعم الفائدة ونفصل بعض الشيء ما أُجمل في أول البحث .

فبالإسناد عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام قال :

إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَذنَّ في أُذنِ الحسين بالصلاة يوم ولد[67].

وقد عرفت في أول الذكر في حديث طويل وفي ولادتهما عليهم السلام أنه لما جيء بالحسن للنبي ذكر : وأذن في أذنه اليمنى ، وأقام  في اليسرى[68] .

وعن ابن بطة في الإبانة و أبو نعيم بن دكين بإسنادهما عن أبي رافع قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 أذن في أذن الحسن لما ولد ، و أذن كذلك في أذن الحسين لما ولد [69].

وقد عرفت : في أحاديث الذكر الأول أنه كذلك فعل رسول الله بالإمام الحسين صلى الله عليهم وسلم ، وإنه ذكرت آداب أخرى بالإضافة للأذان والإقامة يفعل بها للمولود ، وهي من الآداب التي أقيمة للحسن والحسين عليهم السلام ، أو مرتبطة بالإمام الحسين عليه السلام لما خص من يومه العظيم ، ومنها ما روى في الكافي :عَنْ الإمام أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قال :

 يُحَنَّكُ الْمَوْلُودُ بِمَاءِ الْفُرَاتِ وَ يُقَامُ فِي أُذُنِهِ .

وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى : حَنِّكُوا أَوْلَادَكُمْ : بِمَاءِ الْفُرَاتِ ، وَ بِتُرْبَةِ قَبْرِ الحسين عليه السلام ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِمَاءِ السَّمَاءِ .

و قال أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : حَنِّكُوا أَوْلَادَكُمْ بِالتَّمْرِ هَكَذَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بِالحسن وَ الحسين عليه السلام .

وعَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قال قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم : مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَلْيُؤَذِّنْ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى بِأَذَانِ الصَّلَاةِ ، وَ لْيُقِمْ فِي الْيُسْرَى ، فَإِنَّهَا عِصْمَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .

وذكر الطريحي في مجمع البحرين : و اتفقوا على تحنيك المولود عند ولادته بتمر . فإن تعذر فبما في معناه من الحلو ، فيمضغ حتى يصير مائعا فيوضع في فيه ليصل شي‏ء إلى جوفه .

و يستحب كون المحنك من الصالحين ، و أن يدعو للمولود بالبركة .

و يستحب : تحنيكه بالتربة الحسينية و الماء ، كان يدخل ذلك إلى حنكه ، و هو أعلى داخل الفم .

 و في الحديث : ما أظن أحدا يحنك بماء الفرات إلا أحبنا أهل البيت [70].

 

وأما ما يتعلق بآداب العقيقة والحلق والصدقة والتسمية : فبالإضافة لما عرفت في البحث في الإشراق الثاني من الذكر الأول من آثاره هذه الآداب الإسلامية الكريمة من حفل الإطعام من العقيقة والصدقة وحفل التسمية وغيره ، نذكر بعض الأحاديث التي تفصل ما ذكرنا بعض الشيء :

فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قال قال أَبُو عَبْدِ الله عليه السلام : عَقَّتْ فَاطِمَةُ عَنِ ابْنَيْهَا ، وَ حَلَقَتْ رُءُوسَهُمَا فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ ، وَ تَصَدَّقَتْ بِوَزْنِ الشَّعْرِ وَرِق ، وَ قال : كَانَ نَاسٌ يُلَطِّخُونَ رَأْسَ الصَّبِيِّ فِي دَمِ الْعَقِيقَةِ ، وَ كَانَ أَبِي يَقُولُ : ذَلِكَ شِرْكٌ [71] .

وعَنْ عَاصِمٍ الْكُوزِيِّ قال سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله عليه السلام يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم :

عَقَّ عَنِ الحسن عليه السلام بِكَبْشٍ ،  وَ عَنِ الحسين عليه السلام بِكَبْشٍ ، وَ أَعْطَى الْقَابِلَةَ شَيْئاً ، وَ حَلَقَ رُءُوسَهُمَا يَوْمَ سَابِعِهِمَا ، وَ وَزَنَ شَعْرَهُمَا فَتَصَدَّقَ بِوَزْنِهِ فِضَّةً .

قال : فَقُلْتُ لَهُ : يُؤْخَذُ الدَّمُ فَيُلَطَّخُ بِهِ رَأْسُ الصَّبِيِّ ؟

فَقال : ذَاكَ شِرْكٌ . فَقُلْتُ : سُبْحَانَ الله شِرْكٌ ؟! فَقال : لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَاكَ شِرْكاً فَإِنَّهُ كَانَ يُعْمَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَ نُهِيَ عَنْهُ فِي الْإِسْلَامِ [72].

عيون أخبار الرضا عليه السلام بالأسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال :

إن فاطمة عليه السلام عقت عن الحسن والحسين عليهم السلام ، وأعطت القابلة رجل شاة ودينار [73].

وفي الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

الغلام رهن بسابعه بكبش ، يسمى فيه ، ويعق عنه.

وقال : إن فاطمة عليها السلام حلقت ابنيها، وتصدقت بوزن شعرهما فضة [74].

  وبالإسناد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : عق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الحسن عليه السلام بيده وقال :

 بسم الله عقيقة عن الحسن ، وقال : اللهم عظمها بعظمه ، ولحمها بلحمه ، ودمها بدمه ، وشعرها بشعره ، اللهم اجعلها وقاء لمحمد وآله [75].

وعن ابن غسان بإسناده : أن النبي عق الحسن و الحسين شاة شاة .

 و قال : كلوا و أطعموا ، و ابعثوا إلى القابلة برجل ، يعني الربع المؤخر من الشاة ، رواه ابن بطة في الإبانة [76].

وبالإسناد عن يحيى بن أبي العلا ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

 سمى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسنا و حسينا عليهم السلام يوم سابعهم وشق من اسم الحسن الحسين وعق عنهما شاة شاة ، وبعثوا برجل شاة إلى القابلة ، ونظروا ما غيره فأكلوا منه ، وأهدوا إلى الجيران .

وحلقت فاطمة عليها السلام رؤوسهما ، وتصدقت بوزن شعرهما فضة [77].

وعَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قال :

 الْمَوْلُودُ إِذَا وُلِدَ : عُقَّ عَنْهُ ، وَ حُلِقَ رَأْسُهُ ، وَ تُصُدِّقَ بِوَزْنِ شَعْرِهِ وَرِقاً ، وَ أُهْدِيَ إِلَى الْقَابِلَةِ الرِّجْلُ وَ الْوَرِكُ ، وَ يُدْعَى نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَأْكُلُونَ وَ يَدْعُونَ لِلْغُلَامِ ، وَ يُسَمَّى يَوْمَ السَّابِعِ [78].

وقال الطبرس في مكارم الأخلاق : قال عليه السلام : سبع خصال في الصبي ، إذا ولد من السنة :

أولاهن : يسمى ، والثانية : يحلق رأسه .

 والثالثة يتصدق بوزن شعره ورقا أو ذهبا إن قدر عليه ، و الرابعة : يعق عنه .

و الخامسة : يلطخ رأسه بالزعفران ، و السادسة : يطهر بالختان .

 و السابعة : يطعم الجيران من عقيقته [79].

يا طيب : هذه آداب كريمة تسمر لأيام وتشعر بفرح الأهل والأقرباء والأصدقاء بمولد يحل في المسلمين ، فتقام له مراسم تعرفنا كرامته عليهم وفضله عندهم وحبهم له ، ويعقد له ما يوصله لمعارف الإيمان ، فيستن بسنن الإمام الحسين وآله من أول عمره ليستمر عليها إلى أخر عمره إن شاء الله ، فيحسن أسمه ويسمى في الغالب محمدا في أول يوم حتى السابع ، ثم يسمى بالاسم المختار ، ثم يعق ويتصدق عنه بوزن شعره أن قُدر ، ويختن ليتطهر ، ويطعم الجيران والقابلة والأصدقاء إن أمكن بحفل لتتم به التهنئة بصورة عامة لكل المحبين ، فتقرأ بمجلسه بعض آداب الدين ويذكر فضل أئمته.

 

 

الإشراق التاسع :

زيارة الإمام الحسين عليه السلام يوم ولادته ثلاثة شعبان :

   يا طيب : من سنن الدين وآداب تعاليمه الكريمة هو تذكر ميلاد أئمة الحق ، وإقامة حفل مناسب لشأنهم نذكر به فضائلهم ومكارمهم وآداب الدين من تعاليمهم ، والتي عرفوها لنا بكل وجودهم قولا وعلما وعملا وسيرة وسلوكا ، فنقتدي بهم حين معرفتها ونسير على نهجهم حين العلم بها ، وإن العلم في الإسلام له مقام سامي وآداب كريمة ذكرنا جملة من فضلها في الباب الأخير من الجزء الأول ، وإن أفضل المناسبات لتعلمها وتعلم معارف هدى الله وسننه وكرامة أولياءه ونتعرف على أئمة الحق المصطفون المختارون ، هو حين حلول الأيام المنتسبة لهم ، والتي تخص إما أيام ولادتهم أو أيام شهادتهم .

فنقيم مجلسا كريما : يناسب ذلك اليوم المنسوب للإمام ونعتبر أنفسنا في عصره فنهنئه وآله بالولادة أو نعزيه بالشهادة ، ونقيم حفل يذكرنا به وبآداب الهدى الذي علمها أو ظهر بها عملا ، ونذكر مناقبه وفضائله ، وعناية الله بدينه بتعريفنا لأئمة الحق والهدى لنسير على صراط مستقيم لهداه الحق ، والذي جعله عند المنعم عليه بولاية أمره وهداه ، فنقيم دينه بعد معرفته بمنهجه الحق ، وبما يحب ويرضى مخلصين له الدين إن شاء الله .

ويا طيب : قد يقال أن إقامة الحفل للمولود من سنن الغرب أو من آداب المسيحيين ، ولكن لو تراجع التأريخ الإسلامي وما ذكر من الآداب التي يجب أو يستحب أن تراعى في مواليد الأئمة عليهم السلام ، لعرفت حتى اليقين إن مراسم الحفل والابتهاج بما يناسب آداب الدين وحرمة الإيمان وكرامته ، هو من سنن الدين الإسلامي ومن معالم شرائعه الكريمة .

والآن يا أخي في الإيمان : بعدما عرفنا حفل أهل الملكوت والأرض ، وتهنئة رب العالمين لسيد المرسلين بإرسال قبيل من ملائكة السماء جبرائيل ومن كان في منزلته أو يقرب من شأنه بأعلى تجليل من مباركة وتهنئة الله العزيز الجليل ، وتزين الحور العين والجنة في هذا اليوم المباركة بأمره عز وجل ، حان لنا ونحن كمؤمنين أن نقتدي بهذه السنن والآداب ونقيم من الحفل ما يناسب شأن الإمام أبا عبد الله الحسين عليه السلام ، فتهدى التهاني وما يُعرف كرامة هذا اليوم بكل حفاوة وتكريم ، ونقيمه على سنن الدين وآدابه لا على سنن أهل الغرب ومن يخالفنا بالدين ، بل بما جاءت به التعاليم فنذكر مناقبه وفضائله وما كرمه الله به وخصه به من البشرى والتهنئة والمقام في الدنيا والآخرة ، ونذكر تعاليمه التي عرفها عن جده نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم عن الله تعالى .

ثم نزوره بزيارة مناسبة : مما ذكرت في كتب الدعاء والزيارة وبالخصوص من الزيارة المطلقة المعروفة ، والمذكورة بالزيارة السابعة في مفاتيح الجنان ، أو زيارة أول رجب والنصف من شعبان بمعانيها الكريمة ، أو بأحد الزيارات لأخرى ، ثم نذكر ما ذكر من الدعاء الخاص بهذا اليوم الكريم ثلاثة شعبان من كل سنة كذكرى نحتفل بها ، ومناسبة نعتز بها نعرف عناية الله بنا وبدينه وبأئمة الحق الذين عرفنا بهم بكل مجد وفضل وكرامة ، ونشكره على نعمة الهداية وله الفضل والمنة على ما عرفنا من معالم ديننا وآداب هداه ، فنخلص له الدين بما يحب ويرضى وندعو في هذا اليوم بما ذكر :

في بحار الأنوار : يوم مولد الإمام الحسين عليه السلام وهو ثالث شعبان على المشهور ، و روي خامسه و قد مر القول فيه ، و أما كيفيته فلم نر فيه لفظا مخصوصا فليزره عليه السلام ببعض الزيارات المطلقة ، و ليدع بعد الصلاة بهذا الدعاء الذي يظهر من لفظه ، أن تلاوته عند قبره عليه السلام أنسب و أولى . قال الشَّيْخُ : فِي الْمِصْبَاحِ ، وَ السَّيِّدُ بْنُ طَاوُسٍ فِي الْإِقْبَالِ ، خَرَجَ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ الْعَلَاءِ الْهَمَدَانِيِّ وَكِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام :

 أَنَّ مَوْلَانَا الحسين عليه السلام : وُلِدَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ ، فَصُمْهُ وَ ادْعُ فِيهِ بِهَذَا الدُّعَاءِ :

اللهمَّ : إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ الْمَوْلُودِ فِي هَذَا الْيَوْمِ ، الْمَوْعُودِ بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ اسْتِهْلَالِهِ وَ وِلَادَتِهِ ، بَكَتْهُ السَّمَاءُ وَ مَنْ فِيهَا ، وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ عَلَيْهَا ، وَ لَمَّا يَطَأْ لَابَتَيْهَا .

قَتِيلِ الْعَبْرَةِ : وَ سَيِّدِ الْأُسْرَةِ ، الْمَمْدُودِ بِالنُّصْرَةِ يَوْمَ الْكَرَّةِ .

الْمُعَوَّضِ مِنْ قَتْلِهِ : أَنَّ الأئمة مِنْ نَسْلِهِ ، وَ الشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ ، وَ الْفَوْزَ مَعَهُ فِي أَوْبَتِهِ ، وَ الْأَوْصِيَاءَ مِنْ عِتْرَتِهِ بَعْدَ قَائِمِهِمْ وَ غَيْبَتِهِ ، حَتَّى يُدْرِكُوا الْأَوْتَارَ ، وَ يَثْأَرُوا الثَّأْرَ ، وَ يُرْضُوا الْجَبَّارَ ، وَ يَكُونُوا خَيْرَ أَنْصَارٍ ، صلى الله عَلَيْهِمْ مَعَ اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ .

اللهمَّ : فَبِحَقِّهِمْ إِلَيْكَ أَتَوَسَّلُ ، وَ أَسْأَلُ سُؤَالَ مُقْتَرِفٍ وَ مُعْتَرِفٍ ، مُسِيءٍ إِلَى نَفْسِهِ مِمَّا فَرَّطَ فِي يَوْمِهِ وَأَمْسِهِ ، يَسْأَلُكَ الْعِصْمَةَ إِلَى مَحَلِّ رَمْسِهِ .

اللهمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عِتْرَتِهِ ، وَ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ ، وَ بَوِّئْنَا مَعَهُ دَارَ الْكَرَامَةِ ، وَ مَحَلَّ الْإِقَامَةِ .

اللهمَّ : وَ كَمَا أَكْرَمْتَنَا بِمَعْرِفَتِهِ ، فَأَكْرِمْنَا بِزُلْفَتِهِ ، وَ ارْزُقْنَا مُرَافَقَتَهُ وَ سَابِقَتَهُ‏ ، وَ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يُسَلِّمُ لِأَمْرِهِ ، وَ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ ، وَ عَلَى جَمِيعِ أَوْصِيَائِهِ وَ أَهْلِ أَصْفِيَائِهِ ، الْمَمْدُودِينَ مِنْكَ بِالْعَدَدِ الِاثْنَيْ عَشَرَ ، النُّجُومِ الزُّهَرِ وَ الْحُجَجِ عَلَى جَمِيعِ الْبَشَرِ .

اللهمَّ : وَ هَبْ لَنَا فِي هَذَا الْيَوْمِ خَيْرَ مَوْهِبَةٍ ، وَ أَنْجِحْ لَنَا فِيهِ كُلَّ طَلِبَةٍ ، كَمَا وَهَبْتَ الحسين لِمُحَمَّدٍ جَدِّهِ ، وَ عَاذَ فُطْرُسُ بِمَهْدِهِ ، فَنَحْنُ عَائِذُونَ بِقَبْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ ، نَشْهَدُ تُرْبَتَهُ ، وَ نَنْتَظِرُ أَوْبَتَهُ ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ .

 

ثُمَّ تَدْعُو بَعْدَ ذَلِكَ : بِدُعَاءِ الحسين عليه السلام وَ هُوَ آخِرُ دُعَائِهِ يَوْمَ كُوثِرَ :

اللهمَّ : مُتَعَالِيَ الْمَكَانِ ، عَظِيمَ الْجَبَرُوتِ ، شَدِيدَ الْمِحَالِ ، غَنِيّاً عَنِ الْخَلَائِقِ ، عَرِيضَ الْكِبْرِيَاءِ ، قَادِرٌ عَلَى مَا تَشَاءُ ، قَرِيبُ الرَّحْمَةِ ، صَادِقُ الْوَعْدِ ، سَابِقُ النِّعْمَةِ ، حَسَنُ الْبَلَاءِ ، قَرِيبٌ إِذَا دُعِيتَ ، مُحِيطٌ بِمَا خَلَقْتَ ، قَابِلُ التَّوْبَةِ لِمَنْ تَابَ إِلَيْكَ ، قَادِرٌ عَلَى مَا أَرَدْتَ ، وَ مُدْرِكٌ مَا طَلَبْتَ ، وَ شَكُورٌ إِذَا شُكِرْتَ ، وَ ذَكُورٌ إِذَا ذُكِرْتَ .

أَدْعُوكَ : مُحْتَاجاً ، وَ أَرْغَبُ إِلَيْكَ فَقِيراً ، وَ أَفْزَعُ إِلَيْكَ خَائِفاً ، وَ أَبْكِي إِلَيْكَ مَكْرُوباً ، وَ أَسْتَعِينُ بِكَ ضَعِيفاً ، وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ كَافِياً ، احْكُمْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ ، فَإِنَّهُمْ غَرُّونَا وَ خَدَعُونَا ، وَ غَدَرُوا بِنَا وَ قَتَلُونَا ، وَ نَحْنُ عِتْرَةُ نَبِيِّكَ ، وَ وُلْدُ حَبِيبِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله ، الَّذِي اصْطَفَيْتَهُ بِالرِّسَالَةِ ، وَ ائْتَمَنْتَهُ عَلَى وَحْيِكَ ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا فَرَجاً وَ مَخْرَجاً ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

 

أمين يا رب العالمين : ونسألك الدعاء والزيارة يا طيب .

وهذا يا أخي : شرح وتعليق لصاحب بحار الأنوار ، ونذكر بعده روايات من كتب نقل منها صاحب البحار ، لتعرف عباراتهم واختيارهم لولادة الإمام الحسين عليه السلام في يوم الثالث من شعبان المجمع عليه عند كل شيعته الآن .

وقال ابْنُ عَيَّاشٍ : سَمِعْتُ الحسين بْنَ عَلِيِّ بْنِ سُفْيَانَ الْبَزَوْفَرِيَّ يَقُولُ ، سَمِعْتُ أَنَّ أَبَا عَبْدِ الله عليه السلام يَدْعُو بِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ ، وَ قال : هُوَ مِنْ أَدْعِيَةِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ شَعْبَانَ وَ هُوَ مَوْلِدُ الحسين عليه السلام .

 وذكر صاحب بحار الأنوار توضيحا فقال : قوله عليه السلام : و لما يطأ لابتيه ، قال في النهاية : اللابة الحرة ، و هي الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها ، و المدينة ما بين حرتين عظيمتين ، انتهى . فالضمير إما راجع إلى المدينة لظهورها بالقرائن ، و إن لم يسبق ذكرها ، أو إلى الأرض ، و المراد أيضا اللابتان المخصوصتان و على التقادير المراد قبل مشيه على الأرض .

و الأسرة : عشيرة الرجل و أهل بيته .

 قوله عليه السلام : و الأوصياء ، أي أوبة الأوصياء ، إما بجرة على مذهب الكوفيين ، أو نصبه بالعطف على المحل ، أو يكون الواو بمعنى مع .

قوله عليه السلام : و يثأروا الثأر : أي يطلبوا الدم ، و هو مهموز ، و قد يقلب في الثأر تخفيفا ، و هذه الفقرات تدل على رجعة جميع الأئمة في الكرة .

قوله : يوم كُوثر : على بناء المجهول أي صار مغلوبا بكثرة العدو .

ثم الظاهر : أن الدعاء الأخير إنما يتلوه الداعي إلى قوله احكم بيننا و بين قومنا ثم يذكر بعد ذلك حاجته [80].

وأما عبارات الراوي الأول لهذا الدعاء هو ما جاء :

في مصباح المتهجد للشيخ الطوسي قال : خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمد عليه  أن مولانا الحسين ع ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان فصمه و ادع فيه بهذا الدعاء [81] فذكر الدعاء أعلاه ....

وأما ذكر الناقل الثاني عنه هو : إقبال الأعمال للسيد بن طاووس : فصل فيما نذكره من عمل اليوم الثالث من شعبان و ولادة الحسين فيه ، ثم قال : اعلم أننا كنا ذكرنا في كتاب التعريف للمولد الشريف ما رويناه من اختلاف في وقت ولادة الحسين عليه أفضل الصلوات ، و اجتهدنا في تسمية الكتب التي رويناه ذلك فيها والروايات وإنما نتبع الآن ما وجدناه من تعيين الولادة بيوم الثالث من شعبان و العمل فيه بحسب الإمكان روينا ذلك بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي فقال :

عند ذكر شعبان اليوم الثالث منه فيه ولد الحسين بن علي عليهم السلام خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمد عليه السلام أن مولانا الحسين عليه السلام ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان .

 فصم وادع فيه بهذا الدعاء [82] ، فذكر الدعاء أعلاه .

وأما الناقل الثالث فهو الكفعمي في المصباح : وأما الأدعية فيه فاعلم أن في اليوم الثالث من شعبان ولد الحسين عليه السلام فصمه وادع بهذا الدعاء  فذكر الدعاء [83]...

وهذه يا طيب : كانت أهم مصادر الحديث المتقدمة ، وكلها تعرفنا دعاءا كريما في هذا اليوم المبارك ، كما إنها تؤكد ما اخترنا من كون ميلاد الإمام الحسين عليه السلام هو اليوم الثالث من شعبان .

وقد عرفت يا أخي : إنه تحف بميلاد الإمام الحسين مناسبات كريمة ، من يوم مولد أبيه في الثلاث عشر من رجب وقد أعتاد المؤمنون أن يأخذوا حفلا كريما له في كربلاء عند مرقد الإمام الحسين وبكل حفاوة ، وتقدم الجوائز لأحسن كتاب وبرنامج يعرف أمير المؤمنين ومنهجه الحق .

كما أنه يوم مولد الإمام الحسين عليه السلام : يقام عند أبيه في النجف الأشرف ويقام حفلا عنده يُعرف به شأن الإمام الحسين عليه السلام ، وأيضا تقدم الجوائز والهدايا للمؤمنين ولمن يُعرف منهج الإمام الحسين ، وإن كان تقطع هذه المراسم أيام الطغاة ولكن سرعان ما تعاد حين زواله دولة ظلمهم .

وأما المناسبات القريبة من ميلاد الإمام الحسين هو ما اليوم السابع والعشرون : من رجب ، والذي فيه تحل ذكرى مبعث جده ويقام ما يناسب شأنه ، ثم يأتي ميلاد الإمام الحسين ثلاثة شعبان ليرنا بسيرته علما وعملا إن الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء ، بل يعرفنا قول نبينا الكريم : حسين مني وأنا من حسين ، وهكذا يؤخذ بعده حفل نتذكر به أخ الحسين الوفي أبا الفضل العباس في يوم مولده في الرابع من شعبان ، ثم حفل تذكر لمقام وفضل ومناقب علي بن الحسين السجاد وزين العابدين عليه السلام في اليوم الخامس من شعبان ، كما أنه تتأكد زيارة الإمام الحسين في اليوم الخامس عشر من شعبان يوم ولد فيه الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه ، وإذا عرفنا هذا نذكر الآن أحوال الإمام الحسين عليه السلام في عائلته ومع جده في صباه .

 وأسأل الله : أن يوفقنا وإياكم لبيانه  والتعلم منه هدى الدين بما يحب ويرضى ، ويجعلنا وإياكم مع الإمام الحسين أنصارا له نعرف منهجه الكريم الذي سلك به إلى الله ، بكل معارفه التي تجلى بها بعلمه وعمله وسيرته وسلوكه ، ويلهمنا ما يرينا دينه الحق الذي ضحى الإمام الحسين كل وجوده وآله من أجله ، ولكي تبقى كلمة الحق عالية ومعارف الله خالصة ، و تُعرف من محلها الحق وسبيلها الصادق ، والذي خصه الله تعالى بالمنعم عليهم من آل الحسين الكرام صلى الله عليهم وسلم ، ورحم الله من قرأه وعرفه للمؤمنين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .


[28]معاني‏ الأخبار ص55 ح 3 .

[29]  بحار الأنوار ج39ب11ص252ح29 . بيان : قال الجوهري : القعود من الإبل هو البكر حين يركب أي يمكن ظهره من الركوب وأدنى ذلك أن يأتي عليه سنتان إلى أن يثني فإذا أثنى سمي جملا . المناقب ج3ص397 .بحار الأنوار ج39ص291ب12ح54 .

[30] بحار الأنوار ج39ب11ص241ح9 .

[31] بحار الأنوار ج39ب11ص241ح10.

[32] في المناقب ج 3 ص 398 ، بحار الأنوار ج39ب11ص252ح30 . المناقب ج3ص397 .بحار الأنوار ج39ص291ب12ح54 .

[33] كشف الغمة : ج 2 ص 95 ، بحار الأنوار ج39ب11ص254ح32 . وفي المناقب ج3ص397 . عنه في بحار الأنوار ج39ص291ب12ح54 .

[34] بحار الأنوار ج39ب11ص241ح11 .

[35] بحار الأنوار ج39ب11ص251ح28 . قوله " سرقة " أي أحسن الحرير .  بيان : قال الجوهري : السرق شقق الحرير قال أبو عبيد إلا أنها البيض منها والواحدة منها سرقة قال : وأصلها بالفارسية " سره " أي جيد . وكذا جاء عن المناقب ج3ص397 . وعنه في بحار الأنوار ج39ص291ب12ح54 .

[36] بحار الأنوار ج39ب11ص242ح12 .

[37] بحار الأنوار ج39ب11ص242ح15 ، أم أيمن مولاة رسول لله واسمها بركه . المناقب ج4ص70 فصل في محبة النبي إياه .

[38] بحار الأنوار ج39ب11ص243ح16 .

[39] بحار الأنوار ج39ب11ص256ح34 .

[40] بحار الأنوار ج39ب11ص243ح17 .

[41] بيان : قال الجوهري : غر الطائر فرخه يغره غرا أي زقه .  لمناقب ج 4 ص 50  ، بحار الأنوار ج39ب11ص253ح31 .

[42] بحار الأنوار ج39ب11ص250ح25 .

[43] بحار الأنوار ج39ب11ص258ح46 .

[44] بحار الأنوار ج39ب11ص258ح44 .

[45]ومثله في صحيفة الإمام الرضا علية السلام عنه، بحار الأنوار ج39ب11ص240ح5 .

[46] بحار الأنوار ج39ب11ص258ح45

[47] المناقب ج 4 ص 50  ، بحار الأنوار ج39ب11ص253ح31 .

[48] بحار الأنوار ج39ب11ص254ح32

[49] أصول الكافي الجزء الأول صفحة 387 الحديث4 كتاب الحجة باب116 مولد الحسين عليه السلام .

[50] بحار الأنوار ج39ب11ص246ح21 .

[51] علل الشرائع ج 1 ص 196 بحار الأنوار ج39ب11ص245ح20 .

[52] المناقب ج3ص380فصل في الاستدلال على إمامتها .

[53] بحار الأنوار ج42 ص275ب127 . وأنظر مسند الرضا عليه السلام  ص 62 ح 15 .

[54] الكافي ج1ص527 ح3 . ذكر الشيخ المفيد في الاختصاص ص210  حدثنا محمد بن معقل قال حدثنا أبي عن عبد الله بن جعفر الحميري عند قبر الحسين عليه السلام في الحائر سنة ثمان و تسعين و مائتين وذكر الحديث . وذكر الحديث الصدوق في عيون‏ أخبار الإمام الرضا عليه السلام ج1ص41ب6 ح2 ، وفي كمال‏ الدين ج1ص308ب28ح1 . وكذلك بن شهر أشوب المناقب ج1ص296. والديلمي في إرشاد القلوب ج2 ص290. وفي الغيبة للطوسي ص 143 . والغيبة للنعماني ص624ح5 . والاحتجاج للطبرسي ج1ص67 .

[55] كمال الدين : 154 - 157 .

[56] بحار الأنوار ج39ب11ص243ح18 . المناقب ج4 ص74 .

[57] بحار الأنوار ج39ب11ص244ح19 . بيان : العتاقة بالفتح الحرية ويقال : فلان مولى عتاقة ، فالمصدر بمعنى المفعول ولعله سقط لفظ المولى من النساخ المناقب ج4ص74 .. ويأتي تعليق على الرواية هذه وغيرها في آخر الإشراق وهي تحكي تعذيب لم يحكه غيرها من الروايات.

[58] بيان : تلكأ عن الأمر تلكؤا تباطأ عنه وتوقف . بحار الأنوار ج39ب11ص250ح27 مستطرفات‏ السرائر  ص580  . كامل‏ الزيارات ص66ب20ح1.

[59] رجال ‏الكشي ص582 رقم1092 .

[60] كمال ‏الدين ج1ص282ب24ح36.، بحار الأنوار ج39ب11ص248ح24 .

[61] . بحار الأنوار ج39ب11ص258ح47 .

[62] بحار الأنوار ج 43 ص 48 .

[63] بحار الأنوار ج39ب11ص257ح40 . الكافي ج6ص33ح6.تهذيب‏ا لأحكام ج7ص444ب40ح40 .  بيان : القرط بالضم : الذي يعلق في شحمة الأذن ، والشنف بالفتح ما يعلق في أعلى الإذن . وهذا كان جاري في سيرة أهل ذلك الزمان ويعتبر من زينة الأولاد والاهتمام بهم ، والذؤابة ضفيرة شعر ، والظاهر بعدما خرج الشعر بعد الحلق لا حين الحلق في اليوم السابع ، كما وأن الضفيرة أعلى الرأس على جانبي مؤخرته تمسى قرن أي على القرن وأما كونه ضفيرتان في جانب واحد فلم يصححه رواة الحديث أنفسهم كما عرفت في الحديث نفسه .

 وأعلم : أن في الإسلام كانت آداب كثيرة مختصة في ترتيب الشعر والاعتناء بتمشيطه وصفه ، ولمعرفة المزيد راجع صحيفة النبوة في البحث الرابع من الباب السادس لتتعرف على بعض آداب نبينا الكريم في تزينه وتجمله تسريحه لشعره ودهنه ونظره في المرآة والماء وغيرها ، وهكذا تجد لطائف منه في صحيفة الإمام الرضا عليه السلام .

[64] الكافي ج3ص487 باب النوادر ح2. وسائل‏ الشيعة ج4ص50ب13ح4486 . بحار الأنوار ج39ب11ص258ح41 .

[65] علل‏ الشرائع ج2ص324ب15ح1 . وفي من‏ لا يحضره‏ الفقيه ج1ص454ح1317. تهذيب ‏الأحكام ج2ص113ب8ح192 . وسائل ‏الشيعة ج4ص88ب24ح4583 .

[66] المناقب ج3ص395 .

[67] صحيفة الإمام الرضا عليه السلام ص89ح13.عيون‏ أخبار الرضا ج 2 ص43 ب31ح147.وسائل‏ الشيعة ج21ص409ب36ح27429.

[68] علل الشرائع ج1ص131 ، معاني الأخبار ص 57  ، بحار الأنوار ج39ب11ص240ح8 .

[69]  المناقب ج3ص384 فصل في محبة النبي للحسن والحسين . وعنه في بحار الأنوار ج39ص277ب12ح48 .

[70] مجمع‏ البحرين ج5ص263 .

[71] الكافي ج6 ص33ح2 .

[72] الكافي ج6 ص33ح3 .

[73] بحار الأنوار ج39ب11ص240ح7 . عن صحيفة الإمام الرضا علية السلام .

[74] بحار الأنوار ج39ب11ص256ح35 . الكافي ج6 ص26ح4 .

[75] بحار الأنوار ج39ب11ص256ح36 .

[76] المناقب ج3ص384 . فصل في محبة النبي للحسن والحسين . وعنه في .. وعنه في بحار الأنوار ج39ص277ب12ح48 .

[77] بحار الأنوار ج39ب11ص257ح39 . الكافي ج6 ص33ح5 .

[78] الكافي ج6 ص28ح5 .

[79] مكارم ‏الأخلاق 228 ف7 . وسائل ‏الشيعة ج 21 ص412ح27439.

[80] بحار الأنوار ج98ص347ب28.

[81] مصباح ‏المتهجد ص826 .

[82]إقبال‏ الأعمال ص 690.

[83] المصباح‏ للكفعمي ص543 ف44 .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام كرمنا بنوره رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة الإمام الحسين عليه السلام لنتنور بما خصه رب الإسلام