هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين  في  أصول الدين وسيرة المعصومين / صحيفة الإمام الحسين عليه السلام /
 الجزء
الرابع /  ظهور نور الإمام الحسين في الأرض بولادته وأدلة إمامته

الباب الثاني
النص والاستدلال على إمامة الحسن والحسين عليهم السلام
ومناقبهما وفضائلهم وما يوجب حبهما والاقتداء بهم

مصباح هدى
نص واستدلال على إمامة الحسن والحسين عليهم السلام

النور الثالث
حديث : إن الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة

ذكر الصدوق في عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام قال : حدثنا أبو الحسن علي بن ثابت الدواليبي رضي الله عنه بمدينة السلام سنة اثنتين و خمسين و ثلاثمائة ، قال حدثنا محمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي ، قال حدثنا علي بن عاصم ، عن محمد بن علي بن موسى ، عن أبيه علي بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال :

دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و عنده أبي بن كعب ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

مرحبا بك يا أبا عبد الله ، يا زين السماوات والأرضين .

قال له أُبي : و كيف يكون يا رسول الله زين السماوات و الأرضين أحد غيرك ؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم : يا أبي ، و الذي بعثني بالحق نبيا .

إن الحسين بن علي : في السماء أكبر منه في الأرض .

و إنه لمكتوب عن يمين عرش الله عز و جل :

مصبـــاح هــــدى و سفينــة نجـــاة

و إمام : خير و يمن ، و عز و فخر ، و علم و ذخر .

و إن الله عز و جل : ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية ، و لقد لقن دعوات ما يدعو بهن مخلوق إلا حشره الله عز و جل معه ، و كان شفيعه في آخرته ، و فرج الله عنه كربه ، و قضى بها دينه ، و يسر أمره ، و أوضح سبيله ، و قواه على عدوه ، و لم يهتك ستره .

فقال له أبي بن كعب : و ما هذه الدعوات يا رسول الله ؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم : تقول إذا فرغت من صلاتك ، وأنت قاعد :

اللهم : إني أسألك بكلماتك ، و معاقد عرشك ، و سكان سماواتك ، و أنبيائك و رسلك ، أن تستجيب لي ، فقد رهقني من أمري عسرا ، فأسألك أن تصلي على محمد و آل محمد ، و أن تجعل لي من أمري يسرا .

فإن الله عز و جل : يسهل أمرك ، و يشرح صدرك ، و يلقنك شهادة أن لا إله إلا الله عند خروج نفسك .

قال له أبي : يا رسول الله فما هذه النطفة التي في صلب حبيبي الحسين ؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم : مثل هذه النطفة كمثل القمر ، و هي نطفة تبيين و بيان ، يكون من اتبعه رشيدا ، و من ضل عنه هويا .

قال : فما اسمه و ما دعاؤه ؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم : اسمه علي ، و دعاؤه : يا دائم يا ديموم ، يا حي يا قيوم ، يا كاشف الغم ، و يا فارج الهم ، و يا باعث الرسل ، و يا صادق الوعد .

من دعا بهذا الدعاء : حشره الله عز و جل مع علي بن الحسين ، و كان قائده إلى الجنة .

 فقال له أبي : يا رسول الله فهل له من خلف و وصي ؟

قال : نعم له مواريث السماوات و الأرض .

قال : ما معنى مواريث السماوات و الأرض يا رسول الله ؟

قال : القضاء بالحق ، و الحكم بالديانة ، و تأويل الأحكام ، و بيان ما يكون .

قال : فما اسمه ؟

قال : اسمه محمد ، و إن الملائكة لتستأنس به في السماوات ، و يقول في دعائه :

اللهم : إن كان لي عندك رضوان و ود ، فاغفر لي و لمن تبعني من إخواني و شيعتي ، و طيب ما في صلبي .

فركب الله عز و جل : في صلبه ، نطفة طيبة مباركة زكية ، و أخبرني جبرائيل عليه السلام : أن الله عز و جل طيب هذه النطفة .

و سماها عنده جعفر : و جعله هاديا مهديا راضيا مرضيا ، يدعو ربه فيقول في دعائه : يا دان غير متوان ، يا أرحم الراحمين ، اجعل لشيعتي من النار وقاء ، و لهم عندك رضى ، و اغفر ذنوبهم ، و يسر أمورهم ، و اقض ديونهم ، و استر عوراتهم ، و هب لهم الكبائر التي بينك و بينهم ، يا من لا يخاف الضيم ، و لا تأخذه سنة و لا نوم ، اجعل لي من كل غم فرجا .

من دعا بهذا الدعاء : حشره الله تعالى أبيض الوجه مع جعفر بن محمد إلى الجنة .

يا أبي : إن الله تبارك و تعالى ، ركب على هذه النطفة ، نطفة زكية مباركة طيبة ، أنزل عليها الرحمة و سماها عنده موسى .

قال له أبي : يا رسول الله كأنهم يتواصفون و يتناسلون و يتوارثون ، و يصف بعضهم بعضا ؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم : وصفهم لي جبرائيل عن رب العالمين جل جلاله.

قال : فهل لموسى من دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه ؟

قال : نعم ، يقول في دعائه : يا خالق الخلق ، و يا باسط الرزق ، و فالق الحب و النوى ، و بارئ النسم ، و محيي الموتى ، و مميت الأحياء ، و دائم الثبات ، و مخرج النبات ، افعل بي ما أنت أهله . من دعا بهذا الدعاء : قضى الله تعالى حوائجه ، و حشره يوم القيامة مع موسى بن جعفر .

و إن الله عز و جل : ركب في صلبه ، نطفة مباركة زكية رضية مرضية ، و سماها عنده عليا : يكون لله تعالى في خلقه رضيا ، في علمه و حكمه ، و يجعله حجة لشيعته ، يحتجون به يوم القيامة ، و له دعاء يدعو به :

 اللهم أعطني الهدى ، و ثبتني عليه ، و احشرني عليه ، آمنا آمن من لا خوف عليه ، و لا حزن و لا جزع ، إنك أهل التقوى ، و أهل المغفرة .

و إن الله عز و جل : ركب في‏ صلبه ، نطفة مباركة طيبة زكية رضية مرضية ، و سماها محمد بن علي : فهو شفيع شيعته ، و وارث علم جده ، له علامة بينة ، و حجة ظاهرة ، إذا ولد يقول : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ،  و يقول في دعائه :

يا من لا شبيه له و لا مثال ، أنت الله الذي لا إله إلا أنت ، و لا خالق إلا أنت ، تفني المخلوقين و تبقى أنت ، حلمت عمن عصاك ، و في المغفرة رضاك .

من دعا بهذا الدعاء : كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة .

و إن الله تعالى : ركب في صلبه ، نطفة لا باغية و لا طاغيه ، بارة مباركة طيبة طاهرة ، سماها عنده علي بن محمد : فألبسها السكينة و الوقار ، و أودعها العلوم ، و كل سر مكتوم ، من لقيه و في صدره شي‏ء ، أنبأه به ، و حذره من عدوه .

و يقول في دعائه : يا نور يا برهان ، يا منير يا مبين ، يا رب اكفني شر الشرور ، و آفات الدهور ، و أسألك النجاة يوم ينفخ في الصور .

من دعا بهذا الدعاء : كان علي بن محمد شفيعه و قائده إلى الجنة .

و إن الله تبارك و تعالى : ركب في صلبه نطفة ، و سماها عنده الحسن : فجعله نورا في بلاده ، و خليفة في أرضه ، و عزا لأمة جده ، و هاديا لشيعته ، و شفيعا لهم عند ربه ، و نقمة على من خالفه ، و حجة لمن والاه ، و برهانا لمن اتخذه إماما ، يقول في دعائه : يا عزيز العز في عزه ، ما أعز عزيز العز في عزه ، يا عزيز أعزني بعزك ، و أيدني بنصرك ، و أبعد عني همزات الشياطين ، و ادفع عني بدفعك ، و امنع عني بمنعك ، و اجعلني من خيار خلقك ، يا واحد يا أحد ، يا فرد يا صمد .

من دعا بهذا الدعاء : حشره الله عز و جل معه ، و نجاه من النار و لو وجبت عليه .

و إن الله تبارك و تعالى : ركب في صلب الحسن نطفة مباركة زكية طيبة طاهرة مطهرة ، يرضى بها كل مؤمن ممن ، قد أخذ الله تعالى ميثاقه في الولاية ، و يكفر بها كل جاحد ، فهو إمــام : تقي نقي ، سار مرضي ، هادي مهدي ، يحكم بالعدل ، و يأمر به ، يصدق الله تعالى ، و يصدقه الله تعالى في قوله .

يخرج : من تهامة حين تظهر الدلائل و العلامات ، و له كنوز لا ذهب و لا فضة ، إلا خيول مطهمة ، و رجال مسومة ، يجمع الله تعالى له من أقاصي البلاد ، على عدة أهل بدر ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا ، معه صحيفة مختومة ، فيها عدد أصحابه : بأسمائهم وأنسابهم، وبلدانهم وطبائعهم، وحلاهم وكناهم، كدادون مجدون في طاعته.

فقال له أبي : و ما دلائله و علاماته يا رسول الله ؟

قال له صلى الله عليه وآله وسلم علم : إذا حان وقت خروجه ، انتشر ذلك العلم من نفسه ، و أنطقه الله تعالى ، فناداه العلم : اخرج يا ولي الله ، فاقتل أعداء الله ، و هما رايتان و علامتان ، و له سيف مغمد ، فإذا حان وقت خروجه ، اختلع ذلك السيف من غمده ، و أنطقه الله عز و جل ، فناداه السيف : اخرج يا ولي الله ، فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء الله ، فيخرج و يقتل أعداء الله حيث ثقفهم ، و يقيم حدود الله ، و يحكم بحكم الله .

يخرج جبرائيل عليه السلام : عن يمينه ، و ميكائيل عن يساره ، و سوف تذكرون ما أقول لكم و لو بعد حين ، و أفوض أمري إلى الله تعالى عز و جل .

يا أبي : طوبى لمن لقيه ، و طوبى لمن أحبه ، و طوبى لمن قال به ، ينجيهم الله به من الهلكة ، و بالإقرار بالله و برسوله ، و بجميع الأئمة ، يفتح الله لهم الجنة ، مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه و لا يتغير أبدا ، و مثلهم في السماء كمثل القمر المنير ، الذي لا يطفى نوره أبدا .

قال أبي : يا رسول الله كيف بيان حال هؤلاء الأئمة عن الله عز و جل ؟

قالصلى الله عليه وآله وسلم : إن الله عز و جل أنزل عليَّ :

 اثنتي عشرة صحيفة ، اسم كل إمام على خاتمه و صفته في صحيفته [14].

وفي الكافي : بإسناده عن معاذ بن كثير ، عن أبي عبدا لله  عليه السلام قال :

إن الوصية : نزلت من السماء على محمد كتابا .

 لم ينزل على محمد صلى الله عليه وآله كتاب مختوم إلا الوصية .

 فقال جبرائيل عليه السلام : يا محمد هذه وصيتك في أمتك عند أهل بيتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أي أهل بيتي يا جبرائيل ؟

قال : نجيب الله منهم وذريته ، ليرثك علم النبوة كما ورثه إبراهيم عليه السلام وميراثه لعلي عليه السلام و ذريتك من صلبه ، قال : وكان عليها خواتيم .

 قال : ففتح علي عليه السلام الخاتم الأول ومضى لما فيها .

 ثم فتح الحسن عليه السلام الخاتم الثاني ومضى لما أمر به فيها .

فلما توفي الحسن ومضى .

فتح الحسين عليه السلام الخاتم الثالث فوجد فيها : أن قاتل فاقتل وتقتل واخرج بأقوام للشهادة ، لا شهادة لهم إلا معك ، قال : ففعل عليه السلام .

 فلما مضى : دفعها إلى علي بن الحسين عليهم السلام قبل ذلك ، ففتح الخاتم الرابع فوجد فيها أن اصمت وأطرق لما حجب العلم .

فلما توفي : ومضى دفعها إلى محمد بن علي عليهم السلام ففتح الخاتم الخامس ، فوجد فيها : أن فسر كتاب الله تعالى ، وصدق أباك ، وورث ابنك ، واصطنع الأمة  ، وقم بحق الله عز وجل ، وقل الحق في الخوف والأمن ولا تخش إلا الله ، ففعل ، ثم دفعها إلى الذي يليه .

 قال : قلت له : جعلت فداك فأنت هو ؟

قال : فقال : ما بي إلا أن تذهب يا معاذ فتروي علي ، قال : فقلت : أسأل الله الذي رزقك من آبائك هذه المنزلة ، أن يرزقك من عقبك مثلها قبل الممات .

 قال : قد فعل الله ذلك يا معاذ ، قال : فقلت : فمن هو جعلت فداك ؟
 قال : هذا الراقد - وأشار بيده إلى العبد الصالح ( موس بن جعفر ) - وهو راقد [15].

وعن حريز قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك ما أقل بقاء كم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة الناس إليكم ؟ !

فقال : إن لكل واحد منا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدته ، فإذا انقضى ما فيها مما أمر به عرف أن أجله قد حضر فأتاه النبي صلى الله عليه وآله ينعى إليه نفسه وأخبره بما له عند الله . وإن الحسين عليه السلام : قرأ صحيفته التي أعطيها ، وفسر له ما يأتي بنعي وبقي فيها أشياء لم تقض ، فخرج للقتال .

وكانت تلك الأمور التي بقيت : أن الملائكة سألت الله في نصرته فأذن لها ومكثت تستعد للقتال وتتأهب لذلك حتى قتل فنزلت وقد انقطعت مدته وقتل عليه السلام ، فقالت الملائكة : يا رب أذنت لنا في الانحدار وأذنت لنا في نصرته ، فانحدرنا وقد قبضته ، فأوحى الله إليهم : أن الزموا قبره حتى تروه وقد خرج فانصروه وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته فإنكم قد خصصتم بنصرته وبالبكاء عليه ، فبكت الملائكة تعزيا وحزنا على ما فاتهم من نصرته ، فإذا خرج يكونون أنصاره[16] .

وسيأتي يا طيب : بيان خدمة الملائكة لزوار الإمام الحسين ، والدعاء و الاستغفار لهم ، أو البكاء عليه في باب بعد شهادته عليه السلام . وبعد أن عرفنا : مختصرا عن الإمامة والوصاية للإمام الحسن والحسين عليهم السلام في هذا المصباح ، وما مر في الباب السابق من حديث اللوح وحديث عين البقية وغيرها ، نذكر في سفينة النجاة الآتية مناقبهم وفضائلهم عليهم السلام ، وفيها معارف كريمة في شأنهم الكريم عند الله ورسوله والمؤمنين ، وفيها بيان لإمامتهم وولايتهم وجوب الإقتداء بهم عن حب وود وطاعة لكل علموا وعملوه، حتى يأتي الجزء الآتي فيتمم البحث فتابع مشكورا.

 


[14] عيون ‏أخبار الإمام الرضا عليه السلام ج1ص59ب6ح29. كمال ‏الدين ج1ص264ب24ح11. وعنه في قصص‏ الأنبياء للراوندي ص361ف14ح437 . وإعلام‏ الورى ص400ف2. و الصراط المستقيم ج2ص154ف5 . و بحار الأنوار : ج36ص204ب40ح8 . و ج91ص184ب35ح1.

[15] الكافي ج1ص208 باب إن الأئمة عليهم السلام لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلا بعهد من الله ح1 .

[16] الكافي ج1ص283ح5 .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام كرمنا بنوره رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة الإمام الحسين عليه السلام لنتنور بما خصه رب الإسلام