بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين

في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -

❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____




صحيفة الإمام جعفر الصادق

عليه السلام

يا طيب : هذه صحيفة خليفة رسول الله السادس بعد آبائه الطاهرين صلاة الله عليهم أجمعين ، ناشر دين الله وهادي الأمة الإسلامية ، أستاذ علمائها الناطق بالحقائق الإيمانية ، مبطل بدع الزنادقة والأموية مقارع أهل التضليل والفساد والباطل وأهوائهم الدنية ، عُرفَ شيعة الله ورسوله وجده باسمه الجعفرية ، الصادق الطاهر والكافل المنجي بأمر الله وحكمته العلية .

فهو حجة الله سبحانه وتعالى على خلقه سيدنا ومولانا سبط نبيا إمامنا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم صلاة الله وسلامه وملائكته وجميع خلقه الطيبين .

إمامنا السادس : والمعصوم الثامن سيد من سادة التكوين بالحق وهم أهل بيت النبوة ومهبط الوحي والتنزيل ، أعبد وأتقى وأورع وأنبل وأشرف وأكرم وأفضل العباد بعد آبائه الكرام الطيبين الطاهرين المصطفين الأخيار وبعده أبنائه المعصومين عليهم الصلاة والسلام ، فهم قمة أهل الفضائل والمناقب ، ركن من أركان تعليم الإيمان بالله تعالى و التوجه لعبوديته بحق وبصراط مستقيم ، ومعلم معارف أخلاق وآدب الدين الإسلامي علما وعملا واقعا صادقا ، فإنه من الهداة المهديين وأهل النعيم المنعم عليهم بهدى رب العالمين ، وهو من الثقلين ومعلمي التنزيل والتأويل وترجمانه ، ومن أعتصم بهم هدي للحق من الدين ونجى وفاز برضى الله سبحانه وتعالى حيث تمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها وكان في الولاية العظمى ، ومن تخلف عنهم خسر وهوى وتردى في الآخرة فضلا عن الدنيا ، حيث فسدة عقيدته وضل في معارفه وعبوديته ، وذلك لظلمة أفكار مخالفي آل النبي وأهل البيت النبوي صلى الله عليهم وسلم.

روابط صحيفة الإمام جعفر الصادق عليه السلام
www.alanbare.com/6/
الصحيفة كتاب الكتروني
www.alanbare.com/6/6.pdf

تأليف
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل الأنباري
موسوعة صحف الطيبين

صحيفة الإمام جعفر الصادق عليه السلام
من هنا
تَنْزِيلُ الصَّحِيفَةُ وَقِرَاءتُها

كتاب الكتروني بي دي اف pdf

جيد للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب

صحيفة الإمام جعفر الصادق عليه السلام

صحيفة الإمام جعفر الصادق عليه السلام

معنى الصادق

صحيفة الإمام جعفر الصادق عليه السلام
رحم الله الشيخ الأنباري إذ قال :

سلام الله وصلاته على إمام مذهبنا جعفر الصادق

و بتوليه وآله اهتدينا للدين الحق الصحيح الصادق

أوصانا بالتقى والصلاة بوقتها وعند فجرها الصادق

و لذا فازوا برضا الله ونجوا أتباعه الشيعة الجعفرية





سلام الله وصلاته على إمام مذهبنا جعفر الصادق

 

إمامنا الصادق وأئمة المذاهب :

الصَّادِق  : اسم لقب للإمام أبو عبد الله جعفر عليه السلام ، وصادق صار اسم لكثير من المؤمنين ، تيمنا به وإظهار لحبه والولاء له ولآله عليهم السلام ، و جمع صادق صادقون و صُدُق ، والمؤنث صادقة و الجمع صادقات وصوادقُ .

الصَّادِق : اسم من أسماء الله الحسنى ، ومعناه الذي تُطابق أفعالُه أقوالَه ، الصَّادق الأمين : كلا منهما لقب أو لقب مركب لنبين الأكرم محمّد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ، و الصَّادِق : مفرد كما عرفت هو لقب لحفيد رسول الله وخليفته بعد آبائه حجة الله وولي أمره في عباده الإمام السادس والمعصوم الثامن أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين سيد الشهداء أخ الحسن المجتبى ابن علي المرتضى بن أبي طالب زوج فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى خاتم النبيين صلى الله عليهم وسلم أجمعين .

وفي زمانه : تكون أول مذهبين المالكي والحنفي بأمر المنصور العباسي ليحرف الناس عن أهل البيت ، ثم في زمن أبنه هارون تكون مذهبي الحنبلي والشافعي وحصرها أبنه الناصب العداء لأهل البيت المسمى بالمتوكل بهذه الأربعة ، وعاقبو من يأخذ أحكامه من غيرهم ، لكي يبعدوا الناس عن أهل البيت عليهم السلام ولا يعرفو بأنهم أئمة الهدى وخلفاء رسول الله بالحق ، ولكي يستتب لهم الحكم وينفردوا بالسلطة بالوراثة كبني أمية الذين كانوا قبلهم يعينون الفقهاء ، وكلا يفتي برأيه وفكره وقياسه ولا يحبون أن يُتبع أحد بعينه ، وكانوا أيضا يمنعون الناس من التعلم من أهل البيت عليهم السلام  .

وبقي المؤمنون : المخلصون ممن تبع آل محمد عليهم السلام وثبت على ولائهم فسموا شيعة أمير المؤمنين وسيد المرسلين بالجعفرية ، لأن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أحيا دين جده وأستفاد من زمان انتقال السلطة من بني أمية إلى بني العباس والصراع بينهم ، فتفرغ لتعليم هدى الله الخالص بأوسع ما يمكن وأعد كثير من الفقهاء وانتشروا في البلاد التي توالي أهل البيت عليهم السلام .

 وبقي الناس : الذين مع الحكام تبعوا أحد الفقهاء وصاروا أربع مذاهب بعد أن كانوا في زمن بني أمية أكثر من سبعين مذهبا ، ولكن مع ذلك في كل مذهب يوجد فقهاء في كل زمان يختلفون في الفتوى بينهم .

إلى أن جاء الاستعمار : الغربي المشرك في أول القرن السابق ، ولكي يفرق المسلمين ويبعدهم عن حقائق الدين ، فأحيا فتاوي ابن تيمية وجعلها مذهب على يد محمد بن عبد الوهاب ، فصار مذهب الوهابية ، وأنتج القاعدة وداعش وآل سلول يدعموهم والصهاينة والكفار والمشركين من الدول الاستعمارية كأمريكا وأروبا وإسرائيل ، وذلك لأنهم أبعد المذاهب عن الهدى الحق وعدم الحرمة للنبي والصحابة والمؤمنين ، ويكفرون كل من يخالفهم ، فخلقوا فتن بين المسلمين وشرعوا جواز القتل للمؤمنين ولكل من يخالف فكرهم وما يمليه عليهم الصهاينة والمشركين عن بعد ، وقد كتبنا قصيدة في هذا المعنى ، وذكرنا محاضرات في غرفة الحق على البالتوك الموقع الاجتماعي الأول في أول شروع الحاسب قبل الجوال بسنوات ، وشرحنا معنى تكوين المذاهب بتفصيل مناسب ، واختصرناه في القصيدة التي ستجدها في أخر هذه الصحيفة إن شاء الله تعالى  .


النور الأول
اسم الإمام الصادق ونسبه وإمامته
عليه السلام

 

أولاً : اسم الأمام ونسبه :

اسمه الكريم : جعفر .

نسبه الشريف : هو الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب عليهم السلام ، وهو أشرف وأنبل نسب في الوجود ، وهو في زمانه : سيد ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله من ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام ، وأمام المسلمين وخليفة الله على خلقه وحجته المبين لتعاليمه وسيد البشر وعظيم أهل البيت في زمانه .

 

اسم أمه : العالمة الجليلة الفاضلة :

أم فروة بنت القاسم بن محمد.

قال الحافظ عبد العزيز : أمه عليها السلام أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.

وعن إسحاق بن جرير قال : قال  أبو عبد الله عليه السلام :

وكانت أمي : ممن آمنت  واتقت وأحسنت ، والله يحب المحسنين .

الإرشاد للشيخ المفيد ص 289. الكافي ج3ص472.  تأريخ اليعقوبي ج2ص81 .

 

ثانياً : كنية الإمام وألقابه :

كنى الإمام عليه السلام :

ذكر في المناقب :

ويكنى : أبا عبد الله ، وأبا إسماعيل ، والخاص  أبو موسى.

المناقب ج 3 ص 400 .

ويا طيب : كل ما يأتي في كتب الرواة قال أبو عبد الله يقصد به الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، وهو أشهرها بل غيره من الكنى يندر ذكره ، أو مع قرينة فيراد به سيد الشهداء أبا عبد الله الحسين عليه السلام  .

 

ألقاب الإمام عليه السلام :

ذكر في المناقب :

وألقابه : الصادق ، والفاضل ، والطاهر ، والقائم ، والكافل ، والمنجي  .

وإليه تنسب الشيعة الجعفرية .

المناقب ج 3 ص 400، بحار الأنوار ج43ص9ب2ح5.

يا طيب : وأشهر ألقابه الصادق ويذكر بغيره نادرا .

وذكر في بحار الأنوار :

وله ألقاب أشهرها : الصادق ، ومنها  الصابر ، والفاضل  والطاهر .

بحار الأنوار ج43ص10ب2ح6 عن كشف الغمة ج2ص370 .

و عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال :

 قال رسول الله صلى الله عليه وآله : 

إذا ولد : ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب .

 فسموه : الصادق ، فانه سيكون في ولده سمي له ، يدعي الإمامة بغير حقها ، ويسمى كذابا  .

علل الشرائع ص 234بحار الأنوار ج43ص8ب2ح2.

 

وفي معاني الأخبار :

سمي الصادق : صادقا ، ليتميز من المدعي للإمامة بغير حقه ، وهو جعفر إمام الفطحية الثانية ، ( بن علي الهادي أخو الإمام الحسن العسكري عليه السلام ) .

 معاني الأخبار ص 65 ، بحار الأنوار ج43ص9ب2ح3.

روي عن أبي خالد أنه قال :

قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام : من الإمام بعدك ؟

قال : محمد ابني يبقر العلم بقرا ، ومن بعد محمد جعفر ، اسمه عند أهل  السماء الصادق .

 قلت : كيف صار اسمه الصادق ؟ وكلكم الصادقون ؟

فقال :  حدثني أبي ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال :

 إذا ولد ابني جعفر : بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه الصادق ، فإن الخامس من ولده  الذي اسمه جعفر يدعى الإمامة اجتراء على الله ، وكذبا عليه ، فهو عند الله جعفر  الكذاب ، المفتري على الله .

ثم بكى علي بن الحسين عليهما السلام فقال : كأني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله ، والمغيب في حفظ  الله ، فكان كم ذكر.

الخرائج والجرائح ص 195، بحار الأنوار ج43ص9ب2ح4.

 

وقال المنصور للصادق عليه السلام :

قد استدعاك أبو مسلم : لإظهار تربة علي عليه السلام فتوقفت تُعلِم أم لا ؟

فقال :  إن في كتاب علي أنه يظهر في أيام عبد الله بن جعفر  الهاشمي ، ففرح المنصور بذلك ، ثم إنه عليه السلام أظهر التربة ، فأخبر المنصور بذلك  وهو في الرصافة ، فقال : هذا هو الصادق فليزر المؤمن بعد هذا إن شاء الله ، فلقبه بالصادق عليه السلام . 

ويقال : إنما سمي صادقا ، لأنه ما جرب عليه قط زلل ولا تحريف .

المناقب ج 3 ص 393،394. بحار الأنوار ج43ص33ب4ح29.

يا طيب : توجد أحاديث كثيرة ، بأن أسماء الأئمة وألقابهم بأمر الله جاءت في لوح محفوظ ، وإنه جاء عن النبي الأكرم وعن آله صلى لله عليهم وسلم ، في كثير من الأحاديث أسمائهم وألقابهم وذكرناها في عدة مرات في الأبوذية عن الأئمة فمن أحب فليراجع ، كما وسيأتي في بعض الأحاديث الآتية أن النبي الأكرم سماه بالصادق صلى الله عليهم وسلم ، وهذا أصح الأقوال بتسميته بالصادق عليه السلام .

 

ثالثاً : ولادة الإمام جعفر الصادق عليه السلام :

ولد الإمام الصادق عليه السلام : في اليوم الذي ولد فيه رسول الله في 17 ربيع الأول سنة 83 للهجرة المباركة بالمدينة المنورة أي في يوم الاثنين ، 13 لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول  أي يصادف يوم مولد جده سيد المرسلين المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم في عام الفيل، ، وقالوا : ولد الإمام سنة ست وثمانين.

إرشاد المفيد ج2ص179، المناقب ج4ص279، بحار الأنوار ج43ص4 ب 1ح12.

وكان السلف الصالح : ولا يزال محبي آل محمد صلى الله عليه وأله يعظمون هذا اليوم ، وذُكر يستحب فيه الصوم والصدقة ، وزيارة المشاهد المشرفة وفعل الخيرات وإدخال السرور على قلوب المؤمنين .

ويا طيب : إن الاحتفال بأيام الله وإظهار السرور والفرح والتوسعة على العيال والمؤمنين بأفراح آل محمد عليهم السلام كمواليد الأئمة ولأعياد وأيام نزول الآيات في شأنهم الكريم ، وإقامة مجالس الحزن والعزاء في أيام شهادة آل محمد عليهم السلام ، وهو لتعريف ذكرهم وشأنهم وشرفهم وما خصهم الله من المعارف ونشر هداهم الحق الصادق ، وهو من باب طلب العلم وتكريم المؤمنين والفرح بما يرضي الله تعالى والحزن على ما نال أحبائه من الضيم والظلم ممن أعتدى عليهم وحرف الناس عن هدى الله عندهم ، ، وهو مستحب مؤكد وفق آداب الدين إن لم نقل واجب .

 

 

رابعاً : نقوش خواتمه عليه السلام :

يا طيب : إن التختم باليمين من علامة المؤمنين وهو مستحب مؤكد وحث عليه أهل البيت عليهم السلام وفق آداب شرع الله تعالى ، وكان للأئمة عليهم السلام خواتم ، وكان يستحب أن ينقش عليها كلمات طيبة حكيمة فيها هدى و معارف قيمة ، وتكون مناسبة لحالهم في زمان وفترة من عمرهم الشريف ، فلذا تعدد خواتمهم ونقوشه ، ولمعرفة هذا نتدبر الأحاديث التالية :

عن الحسين بن خالد ، عن الرضا عليه السلام قال : كان نقش خاتم جعفر بن محمد عليه السلام

  الله وليي وعصمتي من خلقه  .

 أمالي الصدوق ص 458،بحار الأنوار ج43ص8ب2ح1.

 

في الفصول المهمة  قال : نقش خاتمه :

ما شاء الله لا  قوة إلا بالله ، أستغفر الله.

الفصول المهمة ص 209، بحار الأنوار ج43ص10ب2ح6.

وعن إسماعيل بن موسى قال : كان خاتم جدي جعفر بن محمد عليهما السلام فضة كله  وعليه : يا ثقتي قني شر جميع خلقك  وإنه بلغ في الميراث خمسين دينارا زائدا أبي على عبد الله بن جعفر فاشتراه أبي .

مكارم الأخلاق ص 103. بحار الأنوار ج43ص10ب2ح8.

وعن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

في خاتمي مكتوب : الله خالق  كل شيء.

الكافي ج 6 ص 473 ، بحار الأنوار ج43ص10ب2ح9.

 

وعن إبراهيم بن عبد الحميد قال : مربي معتب ومعه خاتم فقلت له : أي شيء ؟ فقال : خاتم أبي عبد الله عليه السلام فأخذت لأقرأ ما فيه فإذا فيه :

اللهم أنت ثقتي فقني شر خلقك  .

الكافي ج 6 ص 473،بحار الأنوار ج43ص11ب2ح10.

وعن البزنطي قال : كنت عند الرضا عليه السلام فأخرج إلينا خاتم أبي عبد الله عليه السلام فإذا عليه :

أنت ثقتي فاعصمني من الناس.

الكافي ج 6 ص 473  . بحار الأنوار ج43ص11ب2ح11.

وعن محمد بن عيسى ، عن صفوان قال :

 أخرج إلينا خاتم أبي عبد الله عليه السلام  وكان نقشه :

أنت ثقتي فاعصمني من خلقك  .

 مكارم الأخلاق ص 102. 

في كتاب مكارم الأخلاق  من كتاب اللباس عن أبي الحسن عليه السلام قال : قوموا خاتم أبي عبد الله  عليه السلام فأخذه أبي بسبعة .

قال : قلت : سبعة دراهم ؟  قال : سبعة دنانير .

 مكارم الأخلاق ص 95.


 

خامساً : أوصاف الإمام الصادق عليه السلام :

ذكر في المناقب :

 كان الصادق عليه السلام  : ربع القامة ، أزهر الوجه ، حالك الشعر ، جعد ، أشم الأنف ، أنزل رقيق البشرة ، دقيق المسربة ، على خده خال أسود ، وعلى  جسده خيلان حمرة  … المناقب ج 3 ص 400.

بيان : رجل ربع : بين الطول والقصر ، والحالك الشديد السواد ، والشمم ارتفاع قصبة الأنف وحسنها ، واستواء أعلاها ، وانتصاب الأرنبة ، أو ورود الأرنبة وحسن استواء القصبة وارتفاعها ، أو أن يطول الأنف ويدق وتسيل روثته  ، والمسربة بفتح الميم وضم الراء ، الشعر وسط الصدر إلى البطن . 

بحار الأنوار ج43ص9ب2ح5.


 

سادساً : إمامته والنص عليه :

يا طيب : الكلام في الإمامة يبحث في الأصل الرابع للدين ، وترى بحوث قيمة في الجزء الرابع من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام ، وصحيفة الثقلين ، وفي صحية سادة الوجود وصحيفة الإمام علي عليه السلام ، وكتب أخرى كتبها الشيعة مثل المراجعات ، وعبقات الأنوار ، وكتاب الغدير ، وإحقاق الحق ، وغيرها ، وهن نختصر البحث :

وكانت إمامة : الإمام الصادق 34  أربعا وثلاثين سنة .

الإرشاد للشيخ المفيد ص 289 . 

 

النص عليه صلوات الله عليه :

عن أبي نضرة قال : 

لما احتضر : أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام عند الوفاة ، دعا بابنه الصادق عليه السلام ليعهد إليه عهدا .

فقال له أخوه زيد بن علي عليه السلام : لو امتثلت في تمثال الحسن  والحسين عليهما السلام رجوت أن لا تكون أتيت منكرا .

فقال له :  يا أبا الحسين إن الأمانات ليست بالمثال ، ولا العهود بالرسوم ، وإنما هي أمور سابقة عن حجج الله عز وجل  .

عيون أخيار الرضا عليه السلام ج 1 ص 40 بحار الأنوار ج43ص12ب3ح1.

 

وعن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله  جعفر بن محمد عليه السلام قال :

 لما حضرت أبي الوفاة قال : يا جعفر أوصيك بأصحابي خيرا .

 قال : جعلت فداك ، والله لأدعنهم ، و الرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل أحدا.

قال المجلسي : لأدعنهم أي لا تركتهم ، والواو في والرجل للحال ، فلا يسأل  أحدا أي من المخالفين ، أو الأعم شيئا من العلم ، أو الأعم منه ومن المال ، والحاصل : أني لا أرفع يدي عن تربيتهم حتى يصيروا علماء أغنياء لا يحتاجون إلى السؤال ، أو  أخرج من بينهم وقد صاروا كذلك .

الإرشاد ص 289، الكافي ج 1 ص 306  بحار الأنوار ج43ص12ب3ح2،3.

 

وعن أبي الصباح الكناني قال :

 نظر أبو جعفر إلى ابنه أبي عبد الله فقال : ترى هذا ؟

هذا من الذين قال الله تعالى : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ  وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) } القصص .

 الإرشاد ص 289 بحار الأنوار ج43ص12ب3ح4،5، إعلام الورى ص 267 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 306 .  

 

وعن جابر بن يزيد الجعفي قال :

سئل أبو جعفر عليه السلام : عن القائم بعده ، فضرب بيده على أبي عبد الله عليه السلام وقال :

هذا والله : ولدي قائم آل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

 

وروى علي بن الحكم عن طاهر صاحب أبي جعفر عليه السلام قال :

كنت عنده فأقبل جعفر عليه السلام ،  فقال أبو جعفر :

 هذا : خير البرية .

الإرشاد ص 289، الكافي ج1ص307 بحار الأنوار ج43ص13ب3ح6 ،7،8 .

 

و عن عبد الأعلى مولى آل سام ، عن أبي عبد الله عليه السلام  قال :

إن أبي استودعني : ما هناك ، فلما حضرته الوفاة ، قال : ادع لي شهودا فدعوت أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر.

 فقال : اكتب : هذا ما أوصى به يعقوب  بنيه { يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) } البقرة .

 وأوصى : محمد بن علي إلى جعفر بن محمد .

وأمره : أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه يوم الجمعة ، وأن يعممه بعمامته ، وأن يربع قبره ، ويرفعه أربع أصابع ، وأن يحل عنه أطماره  عند دفنه .

 ثم قال للشهود : انصرفوا رحمكم الله .

 فقلت له : يا أبت ما كان في هذا بأن يشهد عليه !

فقال : يا بني كرهت أن تغلب، وأن يقال: لم يوص إليه ، وأردت أن تكون لك الحجة .

 الكافي ج1ص244ح8 . الإرشاد للمفيد ج2ص ، المناقب لابن شهر آشوب ج4ص 279 ، إعلام الورى ص 268 .

قال المجلسي بيان : أي ما كان محفوظا عنده من الكتب والسلاح ، وآثار الأنبياء . فيهم نافع أي منهم بتغليب قريش على مواليهم ، أو معهم ، وأن يحل عنه أطماره ، الأطمار جمع طمر بالكسر ، وهو الثوب الخلق ، والكساء البالي ، من غير صوف ،  فالمراد به حل عقد الأكفان ، وقيل : أمره بأن لا يدفنه في ثيابه المخيطة ، ما كان في هذا : ما نافية أي لم  تكن لك حاجة في هذا بأن تشهد أي إلى أن تشهد ، أو استفهامية بمعنى أي فائدة  كانت في هذا ؟ أن تغلب على بناء المجهول أي في الإمامة ، فإن الوصية من علاماتها أو فيما أوصى إليه مما يخالف العامة ، كتربيع القبر أو الأعم . 

بحار الأنوار ج43ص14ب3ح9 ، 10 .

ويا طيب : لعله أراد أن يفهم أخوته والشيعة والمسلمين بأنه هو وصيه والإمام بعده حتى يرجع له من يحب هدى الله الحق ، وسؤال الإمام تأكيد لبيان الحجة وجواب لمن يحب أن يستفهم ما معنى الوصية له .

 

وعن أبي جعفر عليه السلام : أنه سئل عن القائم ؟

فضرب بيده على أبي عبد الله ، ثم قال :

هذا والله قائم آل محمد  . 

قال عنبسة بن مصعب :

فلما قبض أبو جعفر عليه السلام : دخلت على ابنه أبي عبد الله  فأخبرته بذلك.

فقال : صدق جابر على أبي .

ثم قال عليه السلام : ترون أن ليس كل  إمام هو القائم بعد الإمام الذي قبله ؟

الإرشاد ص 267 ، الكافي ج 1 ص 307  بحار الأنوار ج43ص15ب3ح11.

وعن علي بن  هاشم بن البريد ، عن محمد بن مسلم قال :

كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام : إذ دخل جعفر ابنه ، وعلى رأسه ذؤابة ، وفي يده عصا يلعب بها ، فأخذه الباقر عليه السلام وضمه إليه ضما ، ثم قال :

بأبي أنت وأمي : لا تلهو ولا تلعب .

ثم قال لي : يا محمد هذا إمامك بعدي ، فاقتد به ، واقتبس من علمه .

 والله إنه لهو الصادق : الذي وصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وآله ، إن شيعته منصورون في الدنيا والآخرة ، وأعداؤه ملعونون على لسان كل نبي ، فضحك جعفر عليه السلام واحمر وجهه .

فالتفت إلي أبو جعفر وقال لي : سله .

 قلت له : يا ابن رسول الله من أين الضحك ؟

قال : يا محمد العقل من القلب ، والحزن من الكبد ، والنفس من الرية ، والضحك من الطحال ، فقمت  وقبلت رأسه .

 كفاية الأثر ص 321. بحار الأنوار ج43ص15ب3ح12.

وعن همام بن نافع قال : قال أبو جعفر عليه السلام لأصحابه يوما :  إذا افتقدتموني : فاقتدوا بهذا ، فهو الإمام والخليفة بعدي ، وأشار إلى أبي عبد الله عليه السلام .

 كفاية الأثر ص 321، بحار الأنوار ج43ص15ب3ح13.

  يا طيب : نكتفي بهذا المقدار من أحاديث النص على إمامته من أبيه عليه السلام ، وتوجد أحاديث كثير في النصوص على الأئمة عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وتعريفهم بالاسم واللقب ، كما نص الله في كتابه على وجود الأئمة في كثير من الآيات المبينة لولايته وما أمر من مودة القربى وأهل البيت والراسخون في العلم والإمامة وأنهم يهدون بأمره ، وإن لهم ينزل الروح بأكل أمر لهم في ليلة القدر ، وكما يدل عليها العقل والنقل المستفيض المتواتر ، فإن أحببت المزيد فراجع ما ذكرنا من الكتب.


 

النور الثاني
سيرة وسلوك الإمام الصادق ومحاسن أخلاقه

 

يا طيب : الأحاديث في مستحبات الحياة وسيرة الإنسان فيها مع نفسه ومجتمعه وأحوال زمانه كثيرة ، وبالخصوص ما روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، وبعضها خاصة به وبعضها يستحسن أو يجب أن يقتدى به ، وأحواله بمثل أقواله وتقريره يستنبط منها أحكام شرعية على أنه ما تصرف به مباح جائز أو مستحب أو واجب ، أو رفضه فكان مكروه أو محرم ، أو خاص به كما سيأتي مثلا فيما قال السيد مثلي ، ولا يجمعها مختصر ، ولكن هنا نذكر بعض الأحاديث عنه عليه السلام .

 

شرب الإمام للماء:

عن  عمرو بن أبي المقدام قال :

رأيت : أبا عبد الله عليه السلام قد أتي بقدح من ماء فيه ضبة من فضة ، فرأيته ينزعها بأسنانه .

الكافي ج 6 ص 267 التهذيب ج9ص91 . بحار الأنوار ج43ص39ب4ح43.

بيان : ضبة الفضة : القطعة منها تلصق بالشيء ، ومنه ومن أحاديث أخرى نستفيد حكما شرعيا بأنه يحرم استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب والوضوء والغسل وتطهير النجاسات وغيرها من سائر الاستعمالات حتى وضعها على الرفوف للتزيين. 

و عن داود الرقي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام :

إذا استسقى الماء : فلما شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه .

 ثم قال لي : يا داود ، لعن الله قاتل الحسين عليه السلام .

 فما من عبد : شرب الماء فذكر الحسين عليه السلام ،  و لعن قاتله .

إلا كتب الله له : مائة ألف حسنة ، و حط عنه مائة ألف سيئة ، و رفع له مائة ألف درجة ، و كأنما أعتق مائة ألف نسمة و حشره الله‏ .

كامل الزيارات ص106ب34ح1 .

فيستفاد : من تصرفه عليه السلام استحباب ذكر الإمام الحسين والسلام عليه ولعن عدوه عند شرب الماء ، وكما سيأتي يستحب التسمية وبعد الشرح الحمد لله ، وبثلاث مرات شرب ، كما سيأتي .

 

وعن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول‏ :

 إن الرجل : يشرب الشربة من الماء فيدخله الله عز و جل به الجنة .

قلت  :و كيف ذاك يا ابن رسول الله ؟

قال : إن الرجل يشرب الماء فيقطعه ثم ينحي الإناء و هو يشتهيه فيحمد الله عز و جل ، ثم يعود فيه و يشرب ثم ينحيه و هو يشتهيه فيحمد الله عز و جل ، ثم يعود فيشرب ، فيوجب الله عز و جل له بذلك الجنة.

 

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله  :

إذا شرب الماء قال : الحمد لله الذي سقانا عذبا زلالا ، و لم يسقنا ملحا أجاجا ، و لم يؤاخذنا بذنوبنا .

و عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: إذا شرب أحدكم الماء فقال:

 بسم الله : ثم شرب ، ثم قطعه فقال : الحمد لله .

 ثم شرب فقال : بسم الله ، ثم قطعه فقال : الحمد لله .

 ثم شرب فقال :  بسم الله ، ثم قطعه فقال : الحمد لله .

 سبح : ذلك الماء له ما دام في بطنه إلى أن يخرج.

الكافي ج6ص384ح1  ، 2 ، 3.


 

أكل الإمام عليه السلام :

عن عبد الأعلى قال :

 أكلت مع أبي عبد الله عليه السلام.

 فقال : يا جارية ائتينا بطعامنا المعروف ، فأتي بقصعة فيه خل وزيت ، فأكلنا .

 الكافي ج 6 ص 328 ، بحار الأنوار ج43ص41ب4ح51.

 

وعن عبد الله بن سليمان قال :

 سألت أبا جعفر عليه السلام : عن الجبن ؟ فقال : لقد سألتني عن طعام يعجبني .

 ثم أعطى الغلام درهما فقال : يا غلام ابتع لنا جبنا ، ودع بالغداء فتغدينا معه ، وأتي بالجبن فأكل وأكلنا .

 الكافي ج 6 ص 339 . بحار الأنوار ج43ص42ب4ح53.

  

لباس الأمام عليه السلام :

عن حفص بن محمد مؤذن علي بن يقطين قال :  رأيت أبا عبد الله  : في الروضة ، وعليه جبة خز سفر جلية .

قرب الإسناد ص 11 بحار الأنوار ج43ص17ب4ح3،4.الكافي ج 6 ص 452.

 

وعن  محمد بن الحسين بن كثير الخزاز ، عن أبيه قال :

رأيت أبا عبد الله عليه السلام : وعليه قميص غليظ خشن تحت ثيابه ، وفوقه جبة صوف ، وفوقها قميص غليظ فمسستها.

 فقلت : جعلت فداك إن الناس يكرهون لباس الصوف .

فقال : كلا كان أبي محمد بن علي عليهما السلام يلبسها ، وكان علي بن الحسين صلوات الله عليه يلبسها ، وكانوا عليهم السلام يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصلاة ونحن نفعل ذلك.

 الكافي ج 6 ص 450 ، بحار الأنوار ج43ص42ب4ح55.

 

وعن الحسين بن المختار قال :

قال أبو عبد  الله عليه السلام : اعمل لي قلانس بيضاء  ول تكسرها ، فإن السيد مثلي لا يلبس المكسر .

الكافي ج 6 ص 462. بحار الأنوار ج43ص44ب4ح62.

 

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : دخل عليه بعض أصحابه فرأى عليه قميصا فيه قب قد رقعه ، فجعل ينظر إليه .

 فقال له  أبو عبد الله عليه السلام : مالك تنظر ؟

 فقال : قب يلقى في قميصك ؟ !

 قال : فقال : اضرب يدك إلى هذا الكتاب فاقرأ ما فيه ، وكان بين يديه كتاب أو قريب منه ، فنظر الرجل فيه فإذا فيه :

 لا إيمان : لمن لا حياء له ، ولا مال لمن لا تقدير له ، ولا جديد  لمن لا خَلق له.

الكافي ج 6 ص 460 .

بيان : القب : ما يدخل في حبيب القميص من الرقاع .

بحار الأنوار ج43ص44ب4ح63.

 

وعن حماد ابن عثمان قال :

حضرت أبا عبد الله عليه السلام :

 وقال له رجل : أصلحك الله ذكرت أن علي  ابن أبي طالب عليه السلام كان يلبس الخشن ، يلبس القميص بأربعة دراهم ، وما أشبه ذلك ، ونرى عليك اللباس والجديد ؟ !

فقال له : إن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر ، ولو لبس مثل ذلك اليوم شهر به ، فخير لباس كل زمان لباس أهله .

غير أن قائمنا أهل البيت عليه السلام : إذا قام لبس ثياب علي عليه السلام ، وسار بسيرة أمير المؤمنين علي عليه السلام .

 الكافي ج 6 ص 444 ، بحار الأنوار ج43ص54ب4ح92.

 

جلوس للإمام عليه السلام :

عن حماد ابن عثمان قال :

 جلس أبو عبد  الله عليه السلام: متوركا رجله اليمنى على فخذه اليسرى .

 فقال له رجل : جعلت فداك هذه جلسة مكروهة ؟ !

فقال : لا إنما هو شيء قالته اليهود ، لما أن فرغ الله عز وجل من خلق السماوات والأرض ، واستوى على العرش جلس هذه الجلسة ليستريح .

 فأنزل الله عز وجل :

{ اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ  (255) } البقرة .

وبقي : أبو عبد  الله عليه السلام ، متوركا كما هو .

 الكافي ج 2 ص 661  بحار الأنوار ج43ص47ب4ح72 .

 

 

استحمام الإمام عليه السلام :

عن عبد الله بن مسكان قال :

 كنا جماعة من  أصحابنا : دخلنا الحمام فلما خرجنا لقينا أبو عبد  الله عليه السلام فقال لنا : من أين أقبلتم ؟ 

فقلنا له : من الحمام .

فقال : أنقى الله غسلكم .

 فقلنا له : جعلنا فداك .

وإنا جئنا  معه : حتى دخل الحمام ، فجلسنا له حتى خرج .

 فقلنا له : أنقى الله غسلك !

 فقال :  طهركم الله .

الكافي ج 6 ص 500 ، بحار الأنوار ج43ص46ب4ح67.

 

وعن أبي بصير قال :

دخل أبو عبد الله عليه السلام: الحمام .

 فقال له صاحب الحمام : أخليه لك ؟

 فقال : لا حاجة لي في ذلك ، المؤمن أخف من ذلك .

الكافي ج 6 ص 503 . بحار الأنوار ج43ص47ب4ح69.

 

مشط للإمام عليه السلام :

عن عبد الحميد بن سعيد قال :

سألت أبا إبراهيم عليه السلام : عن عظام الفيل يحل بيعه أو  شراؤه ، الذي يجعل منه الأمشاط ؟

 فقال : لا بأس ، قد كان لأبي منه مشط أو أمشاط .

الكافي ج 5 ص 226 وأخرجه الشيخ في التهذيب ج 7 ص 133 ، بحار الأنوار ج43ص57ب4ح104.

 

خضاب للإمام عليه السلام :

عن معاوية بن عمار قال :

رأيت : أبا عبد الله عليه السلام يختضب بالحناء خضابا قانيا.

 الكافي ج 6 ص 481، بحار الأنوار ج43ص46ب4ح65.

 

 

حفه للشوارب عليه السلام :

عن عبد الله بن عثمان : أنه رأى أبا عبد الله عليه السلام أحفى شاربه ، حتى ألصقه بالعسيب .

الكافي ج 6 ص 487 . بيان : العسيب منبت الشعر . بحار الأنوارج43ص47ب4ح68 .

يا طيب : قد لا يعني دائما هذا حاله .

 

 

مسواك الإمام عليه السلام :

عن إسحاق ابن عمار قال : حدثني مسلم مولى لأبي عبد الله عليه السلام قال : ترك أبو عبد الله عليه السلام  السواك قبل أن يقبض بسنتين ، وذلك أن أسنانه ضعفت .

علل الشرائع ص 295 ،بحار الأنوار ج43ص17ب4ح6.

 

مباشرة الإمام لأموره وبطلب الرزق:

عن يعقوب السراج ، قال :

كنا نمشي مع أبي عبد الله عليه السلام : وهو يريد أن يعزي ذا قرابة له  بمولود له ، فانقطع شسع نعل أبي عبد الله عليه السلام فتناول نعله من رجله ، ثم مشى حافيا ، فنظر إليه ابن أبي يعفور ، فخلع نعل نفسه من رجله ، وخلع الشسع منها وناولها أبا عبد الله عليه السلام ـ

 فأعرض عنه :  كهيئة المغضب ، ثم أبى أن يقبله .

وقال : لا  إن صاحب المصيبة أولى بالصبر عليها ، فمشى حافي حتى دخل على الرجل الذي أتاه ليعزيه .

 الكافي ج 6 ص 464 ، بحار الأنوار ج43ص45ب4ح64

 

وعن عبد الأعلى مولى آل سام قال :

استقبلت أبا عبد الله عليه السلام : في بعض طرق المدينة في يوم صائف شديد الحر ،  فقلت : جعلت فداك ، حالك عند الله عز وجل وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأنت تجهد نفسك في مثل هذا اليوم ؟!

 فقال : يا عبد الاعلى خرجت في طلب الرزق لأستغني عن مثلك .

الكافي ج 5 ص 74 . بحار الأنوار ج43ص55ب4ح96.

 

وعن حفص بن أبي عايشة قال :

بعث أبو عبد  الله عليه السلام : غلاما له في حاجة ، فأبط .

فخرج  أبو عبد  الله عليه السلام : على أثره لما أبطأ ، فوجده نائما ، فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه ، فلما أتتنبه قال له أبو عبد  الله عليه السلام :

 يا فلان : والله ما ذلك لك . تنام الليل والنهار ؟  لك الليل ، ولنا منك النهار.

الكافي ج 8 ص 87 ، المناقب ج 3 ص 395 ، بحار الأنوار ج43ص56ب4ح97، 98.

 

وعن إسماعيل ابن جابر قال :

 أتيت أبا عبد الله عليه السلام : وإذا هو في حائط له ، بيده مسحاة ، وهو يفتح  بها الماء ، وعليه قميص شبه الكرابيس ، كأنه مخيط عليه من ضيقه .

الكافي ج 5 ص 76 ، بحار الأنوار ج43ص56ب4ح99. الكرباس ثوب من القطن الأبيض .

 

وعن محمد بن عذافر ، عن أبيه قال :

أعطى أبو عبد  الله عليه السلام : أبي ألفا وسبعمائة دينار .

فقال له : اتجر لي بها .

 ثم قال : أما إنه ليس لي رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوب فيه  ، ولكني أحببت أن يراني  الله عز وجل متعرضا لفوائده .

قال : فربحت له فيه مائة دينار .

 ثم لقيته فقلت له : قد ربحت لك فيها مائة دينار .

قال : ففرح أبو عبد  الله عليه السلام بذلك فرحا شديدا ، ثم قال لي : أثبتها في رأس مالي ، قال : فمات أبي والمال عنده .

 فأرسل إلي أبو عبد الله عليه السلام  وكتب : عافانا الله وإياك ، إن لي عند أبي محمد ألفا وثمان مائة دينار ، أعطيته يتجر بها فادفعها إلى عمر بن يزيد .

قال : فنظرت في كتاب أبي فإذا فيه : لأبي موسى عندي ألف وسبعمائة دينار ، واتجر له فيها مائة دينار ، عبد الله بن سنان ، وعمر بن يزيد يعرفانه .

الكافي ج 5 ص 76 . بحار الأنوار ج43ص56ب4ح100.

 

وعن أبي عمرو الشيباني قال :

رأيت أبا عبد الله عليه السلام : وبيده مسحاة وعليه إزار غليظ يعمل في حائط له ، والعرق يتصاب  عن ظهره .

فقلت : جعلت فداك اعطني أكفك .

فقال لي : إني احب أن يتأذى  الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة .

الكافي ج 5 ص 77،76 ، بحار الأنوار ج43ص57ب4ح101.

 

وعن داود بن سرحان قال :

رأيت أبا عبد الله عليه السلام : يكيل تمرا بيده .

فقلت : جعلت فداك لو أمرت بعض ولدك أو بعض مواليك فيكفيك .

الكافي ج 5 ص 87 بزيادة فيه ، بحار الأنوار ج43ص57ب4ح103.

 

وعن مرازم بن حكيم قال :

 أمر أبو عبد الله عليه السلام : بكتاب في حاجة فكتب ، ثم عرض عليه ولم يكن فيه استثناء .

فقال : كيف رجوتم أن يتم هذا وليس فيه استثناء ؟ انظروا كل موضع لا يكون  فيه استثناء فاستثنوا فيه .

الكافي ج 2 ص 673 . بحار الأنوار ج43ص48ب4ح73.

 

وعن الكاهلي عن أبي الحسن عليه السلام قال :

كان أبي : يبعث أمي وأم فروة تقضيان حقوق أهل  المدينة .

 الكافي ج 3 ص 217 ذيل حديث . بحار الأنوار ج43ص49ب4ح77.

يا طيب : الحديث عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ، أي الإمام جعفر الصادق عليه السلام كان يبعث زوجته وأمه أم فروة جدة الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ، يقضون حقوق نساء أهل المدينة وصلتهم بالخير .

 

وعن حنان عن شعيب قال :

تكارينا : لأبي عبد الله عليه السلام قوما يعملون في بستان له وكان أجلهم إلى العصر ، فلما فرغوا قال لمعتب : أعطهم أجورهم قبل أن يجف عرقهم .

 الكافي ج 5 ص 289 ، بحار الأنوار ج43ص57ب4ح105.

 

وعن معمر بن خلاد قال :

سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : إن رجلا أتى جعفرا صلوات الله عليه شبيها  بالمستنصح له ، فقال له : يا أبا عبد الله كيف صرت اتخذت الأموال قطعا متفرقة ، ولو  كانت في موضع واحد كان أيسر لمؤنتها وأعظم لمنفعته .

 فقال أبو عبد  الله عليه السلام :  اتخذتها متفرقة ، فإن أصاب هذا المال شيء سلم هذا ، والصرة تجمع هذا كله .

الكافي ج 5 ص 91 ، بحار الأنوار ج43ص58ب4ح109.

 

وعن عمر بن يزيد قال : أتى رجل : أبا عبد الله عليه السلام يقتضيه وأنا عنده . فقال له : ليس عندنا اليوم شيء ، ولكنه يأتينا خطر ووسمة فيباع ، ونعطيك إن شاء الله .

 فقال له الرجل : عدني .

فقال : كيف أعدك ، وأنا لما لا أرجو ، أرجى مني لما أرجو .

الكافي ج 5 ص 96،  بحار الأنوار ج43ص58ب4ح110. الخطر : بالكسر ، نبات يختضب به .  الوسمة : بكسر السين وهى أفصح من التسكين نبت يخضب بورقه ويقال هو العظلم . ويا طيب : لأن الأمر بيد الله فالرجاء منه لا مني لكي أعدك ، فهو استصغار للنفس وعدم الاعتماد على الدنيا وما فيها ، ولذا قال في أول كلامه إن شاء الله ، فلذا لم يعده بالصلة على نحو التحقق القطعي ، ولكن إن وصله الله وصل عبده.

 

وعن أبي جعفر الفزاري قال :

دعا أبو عبد  الله عليه السلام مولى له يقال له : مصادف ، فأعطاه  ألف دينار وقال له : تجهز حتى تخرج إلى مصر ، فإن عيالي قد كثرو .

قال :  فتجهز بمتاع ، وخرج مع التجار إلى مصر ، فلما دنو من مصر استقبلهم قافلة خارجة من مصر ، فسألوهم عن المتاع الذي معهم ما حاله في المدينة ، وكان متاع العامة ، فأخبروهم أنه ليس بمصر منه شيء ، فتحالفوا وتعاقدو على أن لا ينقصوا متاعهم من ربح دينار دينارا ، فلما قبضوا أموالهم انصرفوا إلى المدينة .

فدخل مصادف : على أبي عبد الله عليه السلام ، ومعه كيسان في كل واحد ألف دينار ، فقال : جعلت فداك هذا رأس المال ، وهذا الآخر ربح .

فقال : إن هذا الربح كثير ، ولكن ما صنعتم في المتاع ؟ 

فحدثه : كيف صنعوا ، وكيف تحالفوا .

 فقال : سبحان الله تحلفون على قوم مسلمين  ألا تبيعوهم إل بربح الدينار دينارا ؟ ! ثم أخذ أحد الكيسين فقال : هذا رأس مالي ولا حاجة لنا في هذا الربح .

 ثم قال : يا مصادف مجالدة السيوف ، أهون من طلب الحلال .

الكافي ج 5 ص 161، بحار الأنوار ج43ص59ب4ح111.

 

وعن معتب قال : قال لي أبو عبد  الله عليه السلام ، وقد تزيد السعر بالمدينة :  كم عندنا من طعام ؟

قال : قلت : عندنا ما يكفينا أشهر كثيرة . قال : أخرجه وبعه .

قال : قلت له : وليس بالمدينة طعام ! !

قال : بعه ، فلما بعته .

 قال : اشتر مع الناس يوما بيوم.

 وقال : يا معتب اجعل قوت عيالي نصفا شعيرا ونصفا حنطة ، فإن الله يعلم أني واجد أن أطعمهم الحنطة على وجهها ، ولكني أحب أن يراني الله قد أحسنت تقدير المعيشة.

الكافي ج 5 ص 166، بحار الأنوار ج43ص59ب4ح112. ومتعب : خادم الإمام المقرب والمقيم بأموره ومساعده في شؤونه .

 

وعن  محمد بن مرازم ، عن أبيه أو عمه قال : شهدت أبا عبد الله عليه السلام : وهو يحاسب وكيلا له .

والوكيل : يكثر أن يقول، والله ما خنت.

 فقال له أبو عبد  الله عليه السلام : يا هذا خيانتك وتضييعك علي مالي سواء ، إلا أن الخيانة شرها عليك .

الكافي ج 5 ص 304 ، بحار الأنوار ج43ص60ب4ح113.

 

و عن الإمام جعفر الصادق أبي عبد الله عليه السلام قال :

كان بيني وبين رجل : قسمة أرض ، وكان الرجل صاحب نجوم ، وكان يتوخى ساعة السعود فيخرج فيها وأخرج أنا في ساعة النحوس ، فاقتسمنا فخرج لي خير القسمين ، فضرب الرجل بيده اليمنى  على اليسرى ، ثم قال : ما رأيت كاليوم قط ! قلت : ويك ألا أخبرك ذاك ؟

قال : إني صاحب نجوم أخرجتك في ساعة النحوس ، فخرجت أنا في ساعة السعود ، ثم  قسمنا ، فخرج لك خير القسمين .

فقلت : ألا أحدثك بحديث حدثني به أبي عليه السلام قال :

 قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من سره أن يدفع الله عنه نحس يومه ، فليفتتح يومه بصدقة  يذهب الله بها عنه نحس يومه ، ومن أحب أن يذهب الله عنه نحس ليلته فليفتتح ليلته بصدقة ، يدفع الله عنه نحس ليلته .

 فقلت : إني افتتحت خروجي بصدقة ، فهذا  خير لك من علم النجوم .

 الكافي ج 4 ص 6 . بحار الأنوار ج43ص52ب4ح84.

 

صبر الإمام الصادق عليه السلام :

عن موسى بن جعفر عليهم السلام قال : نُعي إلى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام ابنه إسماعيل ابن جعفر ، وهو أكبر أولاده ، وهو يريد أن يأكل وقد اجتمع ندماؤه ، فتبسم ثم دعا بطعامه ، وقعد مع ندمائه ، وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام ، ويحث ندماءه ، ويضع بين أيديهم ، ويعجبون منه أن لا يروا للحزن أثرا .

 فلما فرغ قالوا : 

يا ابن رسول الله : لقد رأينا عجبا أصبت بمثل هذا الابن ، وأنت كما نرى ؟!

 قال : ومالي لا أكون كما ترون ، وقد جاءني خبر أصدق الصادقين الصادقين أني ميت وإياكم ، إنا قوما عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم ، ولم ينكروا من تخطفه الموت منهم ، وسلموا لأمر خالقهم عز وجل .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص2، بحار الأنوار ج43ص18ب4ح7.

 

وفي دعوت الراوندي : كان للصادق عليه السلام ابن ، فبينا هو يمشي بين يديه  إذ غص فمات ، فبكى وقال : لئن أخذت لقد أبقيت ، ولئن ابتليت لقد عافيت ثم حمُل إلى النساء ، فلما رأينه صرخن ، فأقسم عليهن أن لا يصرخن ، فلم أخرجه للدفن قال : سبحان من يقتل أولادنا ولا نزداد له إلا حبا.

 فلما دفنه قال :

  يا بني : وسع الله في ضريحك ، وجمع بينك وبين نبيك .

وقال عليه السلام : إنا قوم نسأل الله ما نحب فيمن نحب  فيعطين ، فإذا أحب ما نكره فيمن نحب  رضينا .

بحار الأنوار ج43ص18ب4ح8.

 

وعن قتيبة الأعشى قال :

أتيت أبا عبد الله عليه السلام : أعود ابنا له ، فوجدته على الباب ، فإذا هو مهتم حزين ، فقلت: جعلت فداك كيف الصبي؟

 فقال : والله إنه لما به ، ثم دخل فمكث ساعة ، ثم خرج إلين وقد أسفر وجهه ، وذهب التغير والحزن . قال : فطمعت أن يكون قد صلح الصبي ، فقلت : كيف الصبي جعلت فداك ؟

 فقال : لقد مضى لسبيله .

 فقلت : جعلت فداك لقد كنت وهو حي مهتما حزينا ، وقد رأيت حالك الساعة ، وقد مات، غير تلك الحال  فكيف هذا ؟

فقال : إنا أهل بيت إنما نجزع قبل المصيبة ، فإذا وقع أمر الله رضينا بقضائه ، وسلمنا لأمره .

 الكافي ج 3 ص 225 . بحار الأنوار ج43ص49ب4ح76.

 

وعن الحسين بن المختار عن العلا بن كامل قال :  كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه السلام : فصرخت الصارخة من الدار ، فقام أبو عبد الله عليه السلام ثم جلس ، فاسترجع ، وعاد في حديثه ، حتى فرغ  منه .

ثم قال : إنا لنحب أن نعافى في أنفسنا وأولادنا وأموالنا ، فإذا وقع القضاء  فليس لنا أن نحب مالم يحب الله لنا .

 الكافي ج 3 ص 226 ، بحار الأنوار ج43ص49ب4ح78.

يا طيب : هذا بعض من حياة الإمام الصادق في سيرته العملية وأحوال تصرفه مع العباد أو سلوكه وتصرفه في نفسه وخاصته ، والآن ننظر بعض الأحاديث في معارف علمه وتعاليمه ، وهي شملت سننه وآدابه وأخلاقه.


 

معارف الإمام الصادق :

يا طيب : بعد أن عرفنا شيء من سيرة الإمام وسلوكه في نفسه ومع أصحابه وأحواله المعيشية ، نذكر الآن بعض المعارف الكريمة في علم الإمام وحلمه وبعض آدابه الكريمة .

علم الإمام عليه السلام  :

يا طيب : علم الإمام بتعليم رباني وتأييد بروح القدس ، ولهم ليلة القدر وهم الراسخون بالعلم ، وبحوث علم الإمامة كثيرة ، وليس هنا بحث كيفيته وسعتها ، كما أنه قد أعترف له كل من عاصره ومن بعده ممن كتب عنه ، بأنه كان عليه السلام أعلم أهل زمان ، بل أعلم الخلق بعد آباءه عليهم السلام ، وهذه بعض الأحاديث في علمه عليه السلام ، وسيأتي بحث آخر ، فلنتدبرها .

روي أن أبا جعفر عليه السلام :  كان في الحج ومعه ابنه جعفر عليه السلام ، فأتاه رجل  فسلم عليه وجلس بين يديه ، ثم قال : إني أريد أن أسألك ؟

 قال : سل ابني جعفرا: 

قال : فتحول الرجل فجلس إليه ثم قال : أسألك ؟

قال : سل عما بدا لك .

قال : أسألك عن رجل أذنب ذنبا عظيما.

 قال : أفطر يوما في شهر رمضان متعمدا ؟ قال : أعظم من  ذلك .

قال : زنى في شهر رمضان ؟ قال : أعظم من ذلك .

 قال: قتل النفس ؟ قال : أعظم من ذلك.

قال : إن كان من شيعة علي عليه السلام مشى إلى بيت الله الحرام ، وحلف أن لا يعود ، وإن لم يكن من شيعته فلا بأس .

 فقال له الرجل : رحمكم الله يا ولد فاطمة ثلاثا هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم إن الرجل ذهب فالتفت أبو جعفر عليه السلام فقال: عرفت الرجل؟ قال: لا.

 قال: ذلك الخضر، إنما  أردت أن أعرفكه. 

بيان : قوله عليه السلام : لا بأس لعل المراد به أنه ليس كفارة ولا تنفعه ، لاشتراط قبولها بالإيمان ، وما فيه من الكفر أعظم من كل إثم .

بحار الأنوار ج43ص21ب4ح20 عن الخراج والجرايح .

 

وروي أن أبا عمارة المعروف بالطيان قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام ،  رأيت في النوم كأن معي قناة ، قال : كان فيها زج ؟ قلت: لا. قال: لو رأيت فيها زجا  لولد لك غلام ، لكنه يولد جارية ، ثم مكث ساعة .

 ثم قال : كم في القناة من  كعب ؟

قلت : اثنا عشر كعبا ، قال : تلد الجارية اثنتي عشر بنتا .

 قال محمد بن يحيى :  فحدثت بهذا الحديث العباس بن الوليد فقال : أنا من واحدة منهن ، ولي أحد  عشر خالة ، وأبو عمارة جدي . 

بحار الأنوار ج43ص22ب4ح21 عن الخرايج والجرئح . بيان : القناة الرمح ، والزج بالضم الحديدة في أسفله ، والكعب ما بين  الأنبوبين من القصب. 

 

وعن جرير بن مرازم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام ، إني اريد العمرة فأوصني . فقال : اتق الله ولا تعجل ، فقلت : أو صني ! فلم يزدني على هذا .

فخرجت من عنده : من المدينة فلقيني رجل شامي يريد مكة فصحبني ، وكان معي سفرة فأخرجتها ، وأخرج  سفرته وجعلنا نأكل ، فذكر أهل البصرة فشتمهم ، ثم ذكر أهل الكوفة فشتمهم  ثم ذكر الصادق عليه السلام فوقع فيه .

 فأردت : أن أرفع يدي فاهشم أنفه ، واحدث نفسي  بقتله أحيان ، فجعلت أتذكر قوله : اتق الله ولا تعجل ، وأنا أسمع شتمه ، فلم أعد م أمرني  .

 كشف الغمة ج 2 ص 416 ، بحار الأنوار ج43ص33ب4ح30.

 

من كتاب دلائل الحميري ، عن عبد الأعلى ، وعبيدة بن بشر  قالا :

قال أبو عبد  الله عليه السلام ابتداء منه : والله إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض  وما في الجنة وما في النار، وما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة.

 ثم سكت  ثم قال : أعلمه عن كتاب الله ، أنظر إليه هكذا .

 ثم بسط كفه وقال : إن الله يقول :  فيه تبيان كل شيء .

هذا اقتباس : من قوله تعالى : ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء  ، سورة النحل الآية : 89 ـ  كشف الغمة ج 2 ص 430 ، بحار الأنوار ج43ص35ب4ح33 .

يا طيب : علم الإمام إلهام وتحديث ويكفي أن لهم ليلة القدر وينزل لهم فيها كل أمر يحتاجوه في أمور أنفسهم والعباد ، ولا يفوتهم معرفة شيء من هدى العباد وصلاحهم ، وإن أكثر أحاديث الإمامية منتشرة عن الإمام الصادق عليه السلام في كل أبوب العلم وأصول الدين وفروعه ، وهذا مختصر وسيأتي فصل في مواعظه وحكمة واعتراف الكل بعلم وأعلمته ، وأحاديث كثيرة مما عرفت أعلاه وما يأتي عنه  وكلها تعبر عن علمه ومعارفه ، فتابع .

 

حلم الإمام الصادق عليه السلام :

يا طيب : مر بعض الكلام في قصص حلمه ، مثل معاملته لمملوكه الذي بعثه فنام ، بل كثير من أحوال مباشرة أموره فيها بيان لصبره وحلمه وقد وضعت في السيرة والسلوك والحلم رفيق العلم فوضع في معارفه الكريمة وتعاليمه، وهذا بعض آخر عن حلم الإمام.

عن كتاب الروضة : إنه دخل سفيان الثوري على الصادق عليه السلام ، فرآه متغير اللون ، فسأله عن ذلك ؟

فقال : كنت نهيت أن يصعدوا فوق البيت ، فدخلت فإذا جارية من جواري ممن تربي بعض ولدي قد صعدت في سلم والصبي معها ، فلما بصرت بي ارتعدت وتحيرت وسقط الصبي إلى الأرض فمات .

 فما تغير لوني : لموت الصبي وإنما تغير لوني لما أدخلت عليه من الرعب .

 وكان عليه السلام قال لها : أنت حرة  لوجه الله لا بأس عليك مرتين . 

المناقب ج 2 ص 397 . بحار الأنوار ج43ص24ب4ح26.

 

 وعن الصيقل قال :

كنت : عند أبي عبد الله عليه السلام جالسا ، فبعث غلاما له عجميا في حاجة إلى رجل ، فانطلق ثم رجع ، فجعل أبو عبد  الله عليه السلام يستفهمه الجواب ، وجعل الغلام لا يفهمه مرارا .

قال : فلما رأيته لا يتعبر لسانه ولا يفهمه ظننت أنه عليه السلام سيغضب عليه ، قال : وأحد عليه السلام النظر إليه  ثم قال : أما والله لئن كنت عبي اللسان فما أنت بعيي القلب .

 ثم قال : إن الحياء  والعفاف والعي عي اللسان لا عي القلب من الإيمان ، والفحش والبذاء السلاطة  من النفاق . 

بحار الأنوار ج43ص61ب4ح117.

 

القرآن عند الإمام عليه السلام :

يا طيب : أحاديث الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام في فضل القرآن وأهمية وضرورة تلاوته وثواب تعلمه وتعليمه وحفظه كثيرة جدا ، ونختار منها الأحاديث الآتية :

عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله عليه السلام :

إن الله : بعث محمدا نبيا فلا نبي  بعده ، أنزل عليه الكتاب فختم به الكتب فلا كتاب بعده ، أحل فيه حلاله ، وحرم  فيه حرامه ، فحلاله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة ، فيه  نبأ ما قبلكم ، وخبر م بعدكم ، وفصل ما بينكم .

 ثم أومأ بيده إلى صدره وقال :  نحن نعلمه .

 كشف الغمة ج 2 ص 430 ، بحار الأنوار ج43ص35ب4ح33.

 

وعن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام بمنى عن خمسمائة حرف من الكلام، فأقبلت أقول : يقولون كذا وكذا.

 قال : فيقول  لي : قل كذا .

فقلت : هذا الحلال والحرام والقرآن ، أعلم أنك صاحبه ، وأعلم الناس به ، فهذا الكلام من أين ؟

 فقال : يحتج الله على خلقه بحجة ، لا يكون عنده كلما يحتاجون إليه ؟ !.

 رجال الكشي ص 176  بحار الأنوار ج43ص35ب4ح34.

 

روي: أن مولانا الصادق عليه السلام كان يتلو القرآن في صلاته ، فغشي عليه ، فلما أفاق : سئل ما لذي أوجب ما انتهت حاله إليه ؟

فقال ما معناه : ما زلت اكرر آيات القرآن حتى بلغت إلي حال كأنني سمعتها مشافهة ممن أنزلها .

بحار الأنوار ج43ص58ب4ح108. فلاح السائل 107 .

 

وعن حسين بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

قلت له :  في كم أقرأ القرآن ؟

 فقال : اقرأه أخماسا ، اقرأه أسباعا .

أما إن عندي : مصحف ، مجزئ  أربعة عشر جزءا .

 الكافي ج 2 ص 617 . بحار الأنوار ج43ص47ب4ح70.

 

طب الإمام عليه السلام :

يا طيب : قد ألف كتابا كاملا في طب الإمام الصادق عليه السلام ، ورابطه موجود في المكتبة الشيعية مكتبة الإمام الصادق عليه السلام فراجعه ، وهن نختار بعض ما أعددناه في سالف الأيام .

عن الحسن بن علي بن النعمان  عن بعض أصحابنا قال :

شكوت : إلى أبي عبد الله عليه السلام الوجع.

 فقال : إذا أويت إلى فراشك فكل سكرتين .

قال : ففعلت ذلك فبرأت ، فخبرت بعض المتطببين وكان أفره أهل بلادنا .

فقال : من أين عرف أبو عبد  الله عليه السلام هذا ؟

قال : هذا من مخزون علمنا ، أما إنه صاحب كتب ، فينبغي أن يكون أصابه في بعض كتبه .

 الكافي ج 6 ص 333 ، والفاره الحاذق بالشيء . بحار الأنوار ج43ص41ب4ح52.

 

و عن هشام بن الحكم ، عن زرارة قال :

 رأيت : داية أبي الحسن موسى عليه السلام  تلقمه الأرز وتضربه عليه ، فغمني ما رأيته ، فلما دخلت على أبي عبد الله عليه السلام قال لي : أحسبك غمك الذي رأيت من داية أبي الحسن موسى عليه السلام ؟

 فقلت له : نعم جعلت فداك.

 فقال لي : نعم الطعام الأرز ، يوسع الأمعاء ، ويقطع البواسير ، وإنا لنغبط أهل العراق بأكلهم الأرز والبسر ، فانهما يوسعان الأمعاء ويقطعان  البواسير.

 الكافي ج 6 ص 341 ، بحار الأنوار ج43ص42ب4ح54.

 

عن سعدان بن مسلم ، عن  بعض أصحابنا قال :

لما قدم : أبو عبد  الله عليه السلام الحيرة ، ركب دابته ومضى إلى  الخورنق ، ونزل فاستظل بظل دابته ، ومعه غلام له أسود ، وثم رجل من أهل الكوفة قد اشترى نخلا .

فقال للغلام : من هذا ؟

قال له : هذا جعفر بن محمد عليهما السلام ، فجاء بطبق ضخم فوضعه بين يديه عليه السلام ، فقال للرجل : ما هذا ؟ قال : هذا البرني . فقال : فيه شفاء .

ونظر إلى السابري فقال: ما هذا ؟ فقال: السابري. فقال: هذا عندنا البيض.

 وقال للمشان : ما هذا ؟ فقال الرجل : المشان ، فقال : هذا عندنا  أم جرذان .

 ونظر إلى الصرفان فقال : ما هذا ؟ فقال الرجل : الصرفان .

فقال : هو عندنا العجوة ، وفيه شفاء .

 الكافي ج 6 ص 347  ،بحار الأنوار ج44ص44ب4ح60.

 

وعن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابه رواه عن  رجل من العامة قال :

كنت أجالس أبا عبد الله عليه السلام : فلا والله ما رأيت مجلس أنبل  من مجالسه.

قال : فقال لي ذات يوم : من أين تخرج العطسة ؟

فقلت : من الأنف . فقال لي : أصبت الخطاء .

 فقلت : جعلت فداك ، من أين تخرج ؟

فقال : من جميع  البدن ، كما أن النطفة تخرج من جميع البدن، ومخرجها من الأحليل.

ثم قال :  أما رأيت الانسان إذا عطس نفض أعضاؤه ، وصاحب العطسة يأمن الموت سبعة  أيام .

 الكافي ج 2 ص 657 . بحار الأنوار ج43ص47ب4ح71

 

وعن عبد الرحمان بن كثير قال :

كنت عند أبي عبد الله عليه السلام : فدخل عليه مهزم .

فقال لي أبو عبد  الله عليه السلام :  أدع لنا الجارية : تجيئن بدهن وكحل .

 فدعوت بها : فجاءت بقارورة بنفسج ، وكان يوما شديد البرد ، فصب مهزم في راحته منها ، ثم قال : جعلت فداك هذا بنفسج  وهذا البرد الشديد ؟ !

فقال : وما باله يا مهزم ؟! فقال : إن متطببينا بالكوفة  يزعمون أن البنفسج بارد.

 فقال : هو بارد في الصيف ، لين حار في الشتاء .

الكافي ج 6 ص 521 ، بحار الأنوار ج43ص48ب4ح74.

 

وعن ابن أذينة قال :

شكا رجل : إلى أبي عبد الله عليه السلام  ، شقاقا في يديه ورجليه .

فقال له : خذ قطنة فاجعل فيها بانا وضعها على سرتك .

 فقال  إسحاق بن عمار: جعلت فداك، أن يجعل البان في قطنة ويجعله في سرته ؟

فقال : أما أنت يا إسحاق فصب البان في سرتك فانها كبيرة .

قال ابن أذينة : لقيت الرجل  بعد ذلك ، فأخبرني أنه فعله مرة واحدة ، فذهب عنه .

 الكافي ج 6 ص 523 . بحار الأنوار ج43ص48ب4ح75 .

يا طيب : المعارف عن الإمام الصادق في فوائد الفواكه والخضار والحبوب والمشروبات الصحية المحللة كثيرة ، ونكتفي بهذا المقدار ، ومن أحب الطب عن أهل البيت والإمام الصادق عليهم السلام ، فليراجع طب الأئمة أو طب الإمام الصادق عليه السلام .

 

شعر الإمام الصادق عليه السلام :

يا طيب : مر بعض الشعر عن الإمام في المواضيع السابقة وهذه أبيات من تمثل وشعر الإمام جعفر الصادق عليه السلام  :

في عروس النرماشيري : أن سائلا سأله حاجة ، فأسعفها ، فجعل السائل يشكره .

فقال عليه السلام : 

إذا ما طلبت خصال الندى ــ ــ وقد عضك الدهر من جهده

فــلا تطـــلبن إلــى كالــــح ــ ــ أصـــــاب اليسارة من كده

ولكـــن عليك بأهـــل العلى ــ ــ ومن ورث المجد عن جده

فـــــذاك إذا جئتـــــه طالبا ــ ــ تحــب اليســــارة من جـدِه

بحار الأنوار ج43ص23ب4ح26.

وروي عن الصادق عليه السلام : 

تعصي الإله وأنت تظهر حبه ــ ــ هذا لعمرك في الفعال بديع

لو كان حبك صـــادقا لأطعته ــ ــ إن المحب لمن يحب مطيع

وله عليه السلام : 

علم المحجة واضح لمريده ــ ــ وأرى القلوب عن المحجة في عمى

ولقد عجبت لهـالك ونجاته ــ ــ موجــــودة ولقـــد عجبــت لمن نجا

 

وفي تفسير الثعلبي روى الأصمعي له عليه السلام : 

أثامن بالنفس النفيســــــة ربها ــ ــ فليس لها في الخـــلق كلهم ثمن

بها يشترى الجنات إن أنا بعتها ــ ــ بشيء ســـواها إن ذلكم غبن

إذا ذهبت نفسي بدنيا أصبتها ــ ــ فقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثمن

المناقب ج 2 ص 397 . بحار الأنوار ج43ص24ب4ح26.بيان: أثامن من المثامنة بمعنى المبايعة ، و الأزمة بالفتح الشدّة قوله اعمل على مهل أي للدني و الجعفر النهر الصغير و الكبير الواسع ضد ، و الغدق محركة الماء الكثير و الميرة ما يمتار من الطعام.

 

ويروى له عليه السلام في الأصل :

كنـــا نجـــومـــا يستضـــاء بنـــا ــ ــ  وللبريــــة نحـن اليوم برهان

نحن البحور التي فيها لغائصكــم ــ ــ در ثمين وياقـــوت ومرجــــان

مساكن القدس والفردوس نملكهــا ــ ــ ونحن للقدس والفردوس خزان

من شـــــذ عنا فبرهوت مســـاكنه ــ ــ ومـــن أتانـــا فجنــات وولدان

 

وروى سفيان الثوري له عليه السلام : 

لا اليســـر يطـــرؤنا يوما فيبطرنا ــ ــ ولا لأزمة دهر نظهر الجزعا

إن سرنا الدهر لم نبهج لصحبته ــ ــ أو سائنا الدهر لم نظهر له الهلعا

مثل النجــــــوم على مضمار أولنا ــ ــ إذا تـغـيــــب نجــم آخر طـلعا

 

ويروى له عليه السلام : 

اعمل على مهل فانــــــك ميت ــ ــ واختر لنفسك أيها الإنسانا

فكأن ما قد كان لم يك إذ مضى ــ ــ وكأن ما هو كائن قد كانا

المناقب ج 3 ص 396 بحار الأنوار ج43ص25ب4ح26.

 

وأنشأ الصادق عليه السلام يقول : 

وفينا يقينا يعـــــد الوفـــــاء ــ ــ وفينا تفرخ أفراخــــــــــه

رأيت الوفاء يزين الرجال ــ ــ  كما زين العذق شمراخه

المناقب ج 3 ص 393 ، بحار الأنوار ج43ص32ب4ح29.

 

يا طيب : مر بعض الشعر عنه ، وسيأتي موضوعا في ثناء الشعراء عليه ، فتابع ترى اهتمامه بالشعر الحق المبين للهدى الصادق وتكريمه له ولأهله .

 

عبادة الإمام الصادق وورعه:

يا طيب : علم الدين الحق والهدى الصادق وتطبيقه ، أفضله وأعلى وأجله وأكرمه هو ما ظهر عن أهل البيت كمعارف أو في سيرتهم وسلوكهم ، وإنهم هم المخلصون لله في العبودية حتى اصطفاهم وأختارهم وأيدهم وطهرهم وجعلهم مجلى لأعلى تجلي نوره في كل صفاتهم وأحوالهم ، وأفضلها إظهار عبوديته وتعليمها ، والخوف منه والورع عن محارمه وما يبعد عنه ، ولذا هنا نذكر أولا شيء من عبادته ، ثم نذكر شيء من ورعه فتدبر :

 

عبادة الإمام الصادق :

يا طيب : كتب كتابا كاملا في أدعية الإمام الصادق عليه السلام ، وسمي بالأدعية الصادقية ، كما يوجب كتب بعنوان فقه الإمام الصادق ، وتجد رابطه في المكتبة الشيعية ، أو أبحث عنه في الأنترنيت تجده إن شاء الله ، وهنا نذكر مختصر أعددناه سابقا من أدعيته ، وللمزيد راجع الكتاب المذكور :

عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

مربي أبي محمد الباقر : وأنا بالطواف ، وأنا حدث ، وقد اجتهدت في العبادة ، فرآني وأنا أتصاب عرقا ؟

فقال لي : يا جعفر يا بني إن الله إذا أحب عبدا أدخله الجنة ، ورضي منه باليسير .

الكافي ج 2 ص 86 ، بحار الأنوار ج43ص55ب4ح95.

 

وعن حفص بن البخترى وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

اجتهدت : في العبادة ،  وأنا شاب .

 فقال لي أبي : يا بني دون ما أراك تصنع ، فان الله عز وجل إذا أحب عبدا رضي منه باليسير .

الكافي ج 2 ص 87 . بحار الأنوار ج43ص55ب4ح95.

 

وعن معاوية بن وهب قال : كنت مع أبي عبد الله عليه السلام بالمدينة وهو راكب حماره ، فنزل وقد كنا صرنا إلى السوق أو قريبا من السوق .

قال : فنزل وسجد وأطال السجود وأنا أنتظره ، ثم رفع رأسه . 

قال : قلت : جعلت فداك رأيتك نزلت فسجدت ؟ !

قال : إني ذكرت نعمة الله عليَّ ، قال : قلت : قرب السوق ، والناس يجيئون ويذهبون ؟ ! قال : إنه لم يرني أحد .

بصائر الدرجات ج 10 باب 15 ص 145  بحار الأنوار ج43ص21ب4ح19. 

 

وعن ابن رئاب قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وهو ساجد :

 اللهم اغفر لي ولأصحاب أبي ، فإني  أعلم أن فيهم من ينقصني .

 قرب الإسناد ص 101بحار الأنوار ج43ص17ب4ح5.

 

وعن حفص بن غياث قال : رأيت أبا عبد الله عليه السلام يتخلل بساتين الكوفة ، فانتهى إلى نخلة ، فتوضأ عندها ، ثم ركع وسجد .

 فأحصيت في سجوده : خمسمائة تسبيحة ، ثم استند إلى النخلة فدعا بدعوات .

ثم قال : يا حفص إنها  والله النخلة التي قال الله جل ذكره لمريم عليها السلام { وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)} مريم.

الكافي ج 8 ص 143. بحار الأنوار ج43ص37ب4ح38.

 

و عن أبان بن تغلب قال :

 دخلت : على أبي عبد الله عليه السلام وهو يصلي ، فعددت له في الركوع والسجود ستين  تسبيحة .

 الكافي ج 1 ص 329 ، بحار الأنوار ج43ص50ب4ح80.

 

وعن حمزة بن حمران ، والحسن بن زياد قالا :

دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام : وعنده قوم ، فصلى بهم العصر ، وقد كنا صلينا، فعدد ناله في ركوعه سبحان ربي العظيم ، أربعا أو ثلاث وثلاثين مرة.

وقال أحمدهما في حديثه : ( وبحمده ) في الركوع  والسجود سواء .

الكافي ج 1 ص 329 . بحار الأنوار ج43ص50ب4ح81

 

وعن أحمد بن رزق ، عن يحيى بن العلا قال :

كان أبو عبد  الله عليه السلام : مريضا مدفنا ، فأمر فاخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ، فكان فيه ، حتى أصبح ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان .

 أمالي ابن الشيخ الطوسي ص 66 . بحار الأنوار ج43ص53ب4ح84

 

وعن الحسن بن راشد قال :

 كان أبو عبد  الله عليه السلام : إذا صام تطيب بالطيب .

 ويقول : الطيب تحفة الصائم .

 الكافي ج 4 ص 113  بحار الأنوار ج43ص54ب4ح89.

 

وعن ابن تغلب قال :

كنت : مع أبي عبد الله عليه السلام مزاملة فيما بين مكة والمدينة .

 فلما انتهى إلى الحرم : نزل واغتسل ، وأخذ نعليه بيديه ، ثم دخل الحرم حافيا.

 الكافي ج 4 ص 398 . بحار الأنوار ج43ص54ب4ح91.

 

يا طيب : أغلب معارف أهل البيت عليهم السلام برواية الإمام الصادق عن آبائه وصلت لنا ، وبالخصوص الأدعية العامة وتعقيبات الصلاة وأحكامه ، ومعارف الإخلاص وآداب التوجه لله ، وفي جميع الأحكام الشرعية العلمية والعملية ، وذكرها لا يسعه هذا المختصر ، إن أحببت راجع الكتب الفقهية كجواهر الكلام أو رياض الأحكام أو وسائل الشيعة أو بحار الأنوار من الكتب الواسعة ، تجد أن أغلب أو كثير من الأحكام العلمية والعملية العبادية والمعاملاتية صدرت عن معارفه وله يرجع شرحها وبيانها ، ويا طيب بعد العبادة ننظر في ورعة وجده واجتهاده في طاعة الله تعالى والإبتعاد عن ما حرمه ونهى عنه ولم يرضه ، ومنع النفس عن مشتهيات الدني والغور في لذاتها وإن كانت مباحة محللة  .

 

ورع الإمام الصادق عن محارم الله :

يا طيب : إن أزهد الناس وأحكمهم وأورعهم وأتقاهم ، هم أهل البيت عليهم السلام ، ومعارف الهدى والتقى والروع منهم نتعلم معارفها وأحكامه ، وهذه بعض حالت الإمام في بيان ورعه عليه السلام وتقاه وخوفه من الله تعالى :

عن هارون  ابن الجهم قال :

 كنا مع أبي عبد الله بالحيرة : حين قدم على أبي جعفر المنصور ، فختن  بعض القواد ابنا له ، وصنع طعاما ودعا الناس ، وكان أبو عبد  الله عليه السلام فيمن دعا .

 فبينما هو : على المائدة يأكل ومعه عدة في المائدة ، فاستسقى رجل منهم ماء ، فأتي  بقدح فيه شراب لهم ، فلما أن صار القدح في يد الرجل .

قام أبو عبد  الله عليه السلام : عن المائدة ، فسئل عن قيامه .

 فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ملعون من جلس على مائدة  يشرب عليها الخمر .

وفي رواية أخرى : ملعون ملعون ، من جلس طائعا على مائدة يشرب عليها الخمر.

 الكافي ج 6 ص 268 . بحار الأنوار ج43ص39ب4ح44.

 

وعن مالك  ابن عطية ، عن بعض أصحاب أبي عبد الله عليه السلام قال :

خرج إلينا أبو عبد الله عليه السلام و هو مغضب ، فقال : إني خرجت آنفا في حاجة فتعرض لي بعض سودان المدينة .

فهتف بي: لبيك يا جعفر بن محمد لبيك.

 فرجعت : عودي على بدئي إلى منزلي خائفا ذعرا  مما قال .

حتى سجدت : في مسجدي لربي ، وعفرت له وجهي ، وذلت له نفسي ، وبرئت إليه مما هتف بي ، ولو أن عيسى بن مريم عدا ما قال الله فيه ، إذا لصم صما  لا يسمع بعده أبدا ، وعمي عمى لا يبصر بعده أبدا ، وخرس خرسا لا يتكلم بعده أبدا ، ثم قال : لعن الله أبا الخطاب وقتله بالحديد.

الكافي ج 8 ص 225 .  

بيان : قال الجوهري : رجع عودا على بدء ، وعوده على بدئه : أي لم ينقطع  ذهابه ، حتى وصله برجوعه .  أقول : لعله كان من أصحاب أبي الخطاب ، ويعتقد الربوبية فيه عليه السلام فناداه  بما ينادي الله تعالى به في الحج ، فاضطرب عليه السلام لعظيم ما نسب إليه وسجد مبرئا نفسه عند الله من ذلك ، ولعن أبا الخطاب لأنه كان مخترع هذا المذهب الفاسد . 

بحار الأنوار ج43ص43ب4ح57.

وعن ابن أبي يعفور قال :

سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وهو رافع يده إلى السماء :  رب لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا ، لا أقل من ذلك  ولا أكثر .

 قال : فما كان  بأسرع من أن تحدر الدموع من جوانب لحيته .

 ثم أقبل علي فقال : يا ابن أبي يعفور إن يونس بن متى وكله الله عز وجل إلى نفسه أقل من طرفة عين ، فأحدث ذلك الذنب ، قلت : فبلغ به كفرا ، أصلحك الله ؟

قال : لا ، ولكن الموت على تلك الحال  هلاك .

الكافي ج 2 ص 581 .  بحار الأنوار ج43ص46ب4ح66.

عن علي بن عبد العزيز قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول‏ :

و الله : إني لأحب ريحكم ، و أرواحكم ، و رؤيتكم ، و زيارتكم ، و إني لعلى دين الله و دين ملائكته .

فَأَعِينُوا عَلَى ذَلِكَ : بِوَرَعٍ‏ .

و أنا في المدينة : بمنزلة الشعرة أتقلقل، حتى أرى الرجل منكم، فأستريح إليه.

المحاسن ج1ص163ب31ح113 . وقال توضيح : الأرواح الروح بالضم، أو بالفتح و هو الرحمة ونسيم الريح ، و انى لعلى دين اللّه : أي أنتم أيضا كذلك و ملحقون بنا. فأعينونا : على شفاعتكم بالورع‏ عن المعاصي. بمنزلة الشعيرة : أي في قلة الاشباه و الموافقين في المسلك و المذهب ؛ و في بعض النسخ الشعرة أي كشعرة بيضاء مثلا في ثور أسود و هو أظهر . ويا طيب : هذه كانت بعض حالات الإمام في ورعه ، ولنتدبر حالات أخرى في آدابه ومعارفه ، وتوجد أحاديث كثيرة عنه في الورع وضرورة الكف عن المحرمات ، إن شاء الله نذكر قسما منها .


 

كرم وجود الإمام على الناس وأصحابه وآله :

يا طيب : إن كرم الإمام شمل الناس علما وأدبا فضلا عن المال والمتاع والنفقة عليهم ، وأغلب أحاديث رسول الله صلى الله عليه عن آبائه عنه وعن أبناءه بروايته وتعليمه لهم ، فضلا عما مَنَ وتفضل عليهم الله بليلة القدر ، وكرمه علما ومبادرته في تعليم أصحابه ونشره لمعارف هدى الله هو أفضل الكرم وأجود الجود ، وقد عرفنا شيئا منه وسيأتي ، ولننظر الآن في جوده وكرمه على أهل زمانه في المعاملة وأسباب العيش ورفاه الحال والرزق بفضل الله عليه ورعايتهم وحمايتهم ، وقد مر في وصية أبيه الإمام الباقر له في أصحابه ، فقال عليه السلام كما عرفت أنه لا يجعلهم يحتاجون لأحد غيره ، وليك بعض من أحواله في الكرم :

 

كرم الإمام على عامة الناس :

عن عبد الملك قال :

كنا : عند أبي عبد الله عليه السلام بمنى ، وبين أيدينا عنب نأكله ، فجاء  سائل فسأله فأمر بعنقود فأعطاه .

فقال السائل : لا حاجة لي في هذا إن كان درهم .

قال : يسع الله عليك ، فذهب .

ثم رجع فقال : ردوا العنقود ، فقال : يسع الله لك  ولم يعطه شيئا .

ثم جاء سائل آخر ، فأخذ أبو عبد  الله عليه السلام ثلاث حبات عنب  فناولها إياه ، فأخذها السائل من يده .

ثم قال : الحمد لله رب العالمين الذي رزقني .

فقال أبو عبد  الله عليه السلام : مكانك فحثا ملء كفيه عنب فناولها إياه ، فأخذها السائل  من يده ، ثم قال : الحمد لله رب العالمين الذي رزقني .

 فقال أبو عبد  الله عليه السلام: مكانك يا غلام ! أي شيء معك من الدراهم ؟

فإذا معه : نحو من عشرين درهما فيما حزرناه ـ (حزر الشيء حزر قدره بالحدس  أو نحوها }، فناولها إياه فأخذها . 

ثم قال : الحمد لله ، هذا منك وحدك لا شريك لك .

 فقال أبو عبد الله عليه السلام : مكانك فخلع قميصا كان عليه .

فقال : البس هذا ، فلبسه .

 فقال : الحمد لله الذي كساني وسترني يا أبا عبد الله ، أو قال : جزاك الله خيرا ، لم يدع لأبي عبد الله عليه السلام إلا بذا ، ثم انصرف ، فذهب .

قال : فظننا أنه لو لم يدع له ، لم يزل يعطيه لأنه كلما كان يعطيه حمد الله أعطاه .

 الكافي ج 4 ص 49 ، بحار الأنوار ج43ص43ب4ح56.

 

وعن معلى بن خنيس قال :

خرج أبو عبد الله عليه السلام : في ليلة قد رشت السماء ، وهو يريد ظلة بني ساعدة ، فاتبعته،  فإذا هو قد سقط منه شيء .

فقال : بسم الله اللهم رده علينا .

قال : فأتيته فسلمت عليه، فقال: معلى؟

قلت : نعم جعلت فداك .

فقال لي : التمس بيدك فما وجدت من شيء فادفعه إلي .

 قال : فإذا أنا بخبز منتشر ، فجعلت أدفع إليه ما وجدت، فإذ أنا بجراب من خبز.

 فقلت : جعلت فداك أحمله عليَّ عنك.

 فقال : لا أنا أولى به منك ، ولكن امض معي . قال : فأتينا ظلة بني ساعدة ، فإذا نحن بقوم نيام ، فجعل يدس الرغيف والرغيفين تحت ثوب كل واحد منهم حتى أتى على آخرهم .

ثم انصرفنا فقلت : جعلت فداك يعرف هؤلاء الحق ؟

 فقال : لو عرفوا لواسيناهم  بالدقة ، والدقة هي الملح .

ثواب الأعمال ص 129 . بزيادة فيه ، الكافي ج 4 ص 8 بزيادة فيه  بحار الأنوار ج43ص20ب4ح17،18.  بيان : رشت أي أمطرت ، والدس الإخفاء ، والدقة بالكسر الملح المدقوق و تمام الخبر في باب الصدقة .

 

وعن ابن بكير ، عن بعض أصحابه قال :

كان أبو عبد الله : ربما أطعمنا الفراني والأخبصة ، ثم يطعم الخبز والزيت .

 فقيل له :  لو دبرت أمرك حتى يعتدل ؟

فقال : إنما تدبيرنا من الله إذا وسع علينا وسعنا وإذا قتر قترنا .

المحاسن ص 400  ، الكافي ج 6 ص 279 ، بحار الأنوار ج43ص22ب4ح23.

بيان : قال الفيروز آبادي : الفرني خبز غليظ مستدير ، أو خبزة مصعنبة  مضمومة الجوانب إلى الوسط ، تشوى ثم تروى سمنا ولبنا وسكرا ، والخبيص طعام  معمول من التمر والسمن.

 

وعن يونس بن يعقوب ، عن عبد الأعلى قال :

 أكلت مع أبي عبد الله عليه السلام : فدعا وأتي بدجاجة محشوة وبخبيص .

فقال أبو عبد الله عليه السلام :  هذه أهديت لفاطمة .

ثم قال : يا جارية ائتينا بطعامنا المعروف ، فجاءت بثريد خل وزيت.

المحاسن ص 400 بحار الأنوار ج43ص23ب4ح24 .

 

و عن يونس بن يعقوب قال : أرسل إلينا أبو عبد الله عليه السلام بقباع من رطب ضخم مكوم ، وبقي شيء فحمض .

فقلت : رحمك الله ما كنا نصنع  بهذا ؟

 قال : كل وأطعم.

المحاسن ص 401  بحار الأنوار ج43ص23ب4ح25.

بيان : القباع كغرات مكيال ضخم .

 

و ذكر صاحب كتاب الحلية :

الإمام الناطق : ذو الزمان السابق أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق ـ وذكر فيها بالإسناد ، عن أبي الهياج بن بسطام  قال :

كان جعفر بن محمد : يطعم حتى لا يبقى لعياله شيء.

حلية الأولياء ج 3 ص 192، ج 3 ص 194 . وأخرجه القرماني في تاريخه ص 128 ، بحار الأنوار ج43ص23ب4ح26،كشف الغمة ج 2 ص 372. بحار الأنوار ج43ص33ب4ح30.

 

وفي كتاب الفنون :

نام رجل من الحاج : في المدينة فتوهم أن هميانه سرق ، فخرج فرأى جعفر الصادق عليه السلام مصليا ولم يعرفه، فنعلق به وقال له: أنت أخذت همياني .

قال : ما كان فيه ؟ قال : ألف دينار .

قال : فحمله إلى داره ووزن له ألف دينار وعاد إلى منزله ، ووجد هميانه ، فعاد إلى جعفر عليه السلام معتذرا بالمال، فأبى قبوله.

وقال : شيء خرج من يدي لا يعود إلي .

قال : فسأل الرجل عنه ؟

فقيل : هذا جعفر الصادق عليه السلام.

 قال : لا جرم هذا فعال مثله .

 

وعن هشام بن سالم  قال :

كان أبو عبد  الله عليه السلام : إذا أعتم وذهب من الليل شطره ، أخذ جرابا فيه خبز ولحم والدراهم فحمله على عنقه ، ثم ذهب إلى أهل الحاجة من أهل المدينة ، فقسمه فيهم ولا يعرفونه ، فلما مضى أبو عبد  الله عليه السلام فقدو ذلك ، فعلموا أنه كان  أبو عبد  الله صلوات الله عليه .

الكافي ج 4 ص 8.  بحار الأنوار ج43ص38 ب4ح40. بيان : أعتم أي دخل في عتمة الليل وهي ظلمته . 

 

وعن علي بن وهبان ، عن  عمه هارون بن عيسى قال : قال أبو عبد  الله عليه السلام لمحمد ابنه: كم فضل معك من  تلك النفقة؟

قال : أربعون دينارا .

قال : اخرج وتصدق بها ، قال : إنه لم يبق معي غيره .

قال : تصدق بها ، فان الله عز وجل يخلفها ، أما علمت أن لكل شيء مفتاحا ، ومفتاح الرزق الصدقة ، فتصدق بها .

 ففعل : فما لبث أبو عبد  الله عليه السلام إلا عشرة ، حتى جاءه من موضع أربعة آلاف دينار .

 فقال : يا بني أعطينا لله أربعين  دينارا ، فأعطانا الله أربعة آلاف دينار .

 الكافي ج 4 ص 9  ، بحار الأنوار ج43ص38ب4ح41.

 

وعن  بندار بن عاصم رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

ما توسل : إلي أحد بوسيلة ، و لا تذرع بذريعة ، أقرب له إلى ما يريده مني ، من رجل : سلف إليه مني يد أتبعتها أختها وأحسنت ربها .

فإني رأيت : منع الأواخر ، يقطع لسان شكر الأوائل ، ولا  سخت  نفسي برد بكر الحوائج ، وقد قال الشاعر : 

وإذا بليت ببــذل وجهك سائلا ــ ــ فابذلـــــه للمتكرم المفضال

إن الجواد إذا حباك بموعد ــ ــ أعطاكــــــــه سلسا بغير مطال

وإذا السؤال مع النوال قرنته ــ ــ رجح السؤال وخف كل نوال

الكافي ج 4 ص 24. بيان :  وأحسنت ربها أي تربيتها بعدم المنع بعد ذلك العطاء ، فان منع  النعم للأواخر يقطع لسان شكرا لمنعم عليه على النعم الأوائل ، ولما ذكر أنه يحب  إتباع النعمة بالنعمة ، بين أنه لا يرد بكر الحوائج أيضا أي الحاجة الأولى التي لم يسأل السائل قبلها ، والسلس ككتف السهل اللين المنقاد .

بحار الأنوار ج43ص39ب4ح42.

يا طيب : المعنى أنه لا يمنع الأول كرمه لكي لا يمتنع الثاني من إتيانه إن عرف منعه للأول ، فالعطاء الأول يربي الحسنة ويجلب الثاني ، وقال محقق الكافي في الطبعة الحديث في الهامش : اليد: النعمة و الإحسان تصطنعه و المنّة و الصنيعة ، و إنّما سمّيت يداً لأنّها إنّما تكون بالإعطاء و الإعطاء إنالة باليد.

و في الوافي: إضافة المنع و الشكر إلى الأواخر و الأوائل إضافة إلى المفعول، و المعنى أنّ أحسن الوسائل إلى‏ السؤال تقدّم العهد بالسؤال؛ فإنّ المسؤول ثانياً لا يردّ السائل الأوّل ؛ لئلّا يقطع شكره على الأوّل ، ولا سخت نفسي  أي ما رضيت ، والبِكْر الابتداء و أوّل الشيء  ـ وحباك أي أعطاك ؛ وسَلِس أي منقاد ، و المَطَل التسويف بالعدة و الدين ، النَوال العطاء.

 

وعن علي بن الريان : عن أبيه ، عن يونس أو غيره عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : جعلت فداك بلغني أنك كنت تفعل في غلة عين زياد شيئا ، وأنا احب أن أسمعه منك ، قال

فقال لي : نعم كنت آمر إذا أدركت الثمرة ، أن يثلم في حيطانه الثلم ، ليدخل الناس ويأكلوا ، وكنت آمر في كل يوم أو يوضع عشر بنيات ، يقعد على كل بنية عشرة ، كلما أكل عشرة جاء عشرة أخرى ، يلقى لكل نفس منهم مد من رطب .

وكنت آمر : لجيران الضيعة كلهم الشيخ ، والعجوز ، والصبي ، والمريض ، والمرأة ، ومن لا يقدر أن يجئ فيأكل منها ، لكل إنسان منهم مد ، فإذ كان الجذاد وفيت القوام ، والوكلاء ، والرجال أجرتهم ، وأحمل الباقي إلى المدينة ، ففرقت في أهل البيوتات ، والمستحقين ، الراحلتين والثلاثة والأقل والأكثر على قدر استحقاقهم .

 وحصل لي : بعد ذلك ، أربعمائة دينار ، وكان غلتها أربعة آلاف دينار .

 الكافي  ج 3 ص 569 .   

بيان : في بعض النسخ بنيات بالباء الموحدة ، ثم النون ، ثم الياء المثناة التحتانية على بناء التصغير .  بحار الأنوار ج43ص51ب4ح83

 

وعن الذهلي ، رفعه أن أبي عبد الله عليه السلام قال :

 المعروف : ابتداء .

 وأما من أعطيته  : بعد المسألة ، فإنما كافيته بما بذل لك من وجهه ، يبيت ليلته أرقا متململا ، يمثل بين  الرجاء واليأس ، لا يدري أين يتوجه لحاجته ، ثم يعزم بالقصد لها فيأتيك ، وقلبه يرجف ، وفرائصه ترعد ، قد ترى دمه في وجهه ، لا يدري أيرجع بكآبة أم بفرح .

 الكافي ج 4 ص 23 . بحار الأنوار ج43ص53ب4ح85 .

 

وعن يونس ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السلام :

أنه كان : يتصدق بالسكر .

فقيل له : أتتصدق بالسكر ؟

 فقال : نعم ، إنه ليس شيء أحب إلي  منه ، فأنا احب أن أتصدق بأحب الأشياء إلي .

الكافي ج 4 ص 61 . بحار الأنوار ج43ص53ب4ح86.

 

وروى البرسي في مشارق الأنوار:

 أن فقيرا : سأل الصادق عليه السلام ، فقال لعبده : ما عندك ؟ قال : أربعمائة درهم ، قال : أعطه إياها ، فأعطاه ، فأخذه وولى  شاكرا .

فقال لعبده : أرجعه، فقال : يا سيدي سألت فأعطيت فماذ بعد العطاء؟

فقال له : رسول الله صلى الله عليه وآله : خير الصدقة ما أبقت غنى ، وإنا لم نغنك ، فخذ هذا الخاتم فقد أعطيت فيه عشرة آلاف درهم ، فإذا احتجت فبعه بهذه القيمة .

مشارق الأنوار ص 113 ، بحار الأنوار ج43ص60ب4ح116.

 

 

تفقد الإمام الصادق لأصحابه وتكريمهم :

يا طيب : عرفت وصية الإمام محمد الباقر عليه السلام بأصحابه ، وما أجابه الإمام الصادق عليه السلام بأنه لا يدع أحد منهم يحتاج غيره ، أي سواء علما أو مالا ، وهذا ما تجده في هذه الصحيفة .

عن محمد بن زيد الشحام قال: رآني  أبو عبد  الله عليه السلام وأنا اصلي.

فأرسل إلي ودعاني فقال لي : من أين أنت ؟

 قلت : من مواليك ، قال : فأي موالي ؟ قلت : من الكوفة .

 فقال : من تعرف من الكوفة ؟ قلت : بشير النبال ، وشجرة .

قال : وكيف صنيعتهما إليك ؟ قلت : وما أحسن صنيعتهم إلي.

 قال : خير المسلمين من وصل وأعان ونفع ، ما بت ليلة قط والله وفي مالي حق يسألنيه ، ثم قال : أي شيء معكم من النفقة ؟

قلت : عندي مائتا درهم ، قال : أرنيها فأتيته بها ، فزادني فيها ثلاثين درهما ودينارين ثم قال : تعش عندي فجئت فتعشيت عنده .

قال : فلما كان من القابلة لم أذهب إليه ، فأرسل إلي فدعاني من غده .

فقال : مالك لم تأتني البارحة  قد شفقت علي ؟

 قلت : لم يجئني رسولك .

 فقال : أنا رسول نفسي إليك ، ما دمت مقيما في هذه البلدة ، أي شيء تشتهي من الطعام ؟

قلت : اللبن ، فاشترى من أجلي شاتا لبونا .

قال : فقلت له : علمني دعاء ؟

 قال : اكتب : 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ :

 يَا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ : وَ آمَنُ سَخَطَهُ عِنْدَ كُلِّ عَثْرَةٍ ، يَا مَنْ يُعْطِي الْكَثِيرَ بِالْقَلِيلِ ، وَ يَا مَنْ أَعْطَى مَنْ سَأَلَهُ تَحَنُّناً مِنْهُ وَ رَحْمَةً ، يَا مَنْ أَعْطَى مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَ لَمْ يَعْرِفْهُ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَ أَعْطِنِي بِمَسْأَلَتِكَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ جَمِيعَ خَيْرِ الْآخِرَةِ ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوصٍ مَا أَعْطَيْتَ ، وَ زِدْنِي مِنْ سَعَةِ فَضْلِكَ يَا كَرِيمُ .

ثم رفع يديه فقال :

يَا ذَا الْمَنِّ وَ الطَّوْلِ : يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ ، يَا ذَا النَّعْمَاءِ وَ الْجُودِ ، ارْحَمْ شَيْبَتِي مِنَ النَّارِ .

ثم وضع يديه : على لحيته ، و لم يرفعهما إلا و قد امتلأ ظهر كفيه دموعا . رجال الكشي ص 235.. بحار الأنوار ج43ص35ب4ح35.

 

وعن مفضل بن قيس بن رمانة قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فشكوت إليه بعض حالي وسألته الدعاء ؟

فقال : يا جارية هاتي  الكيس الذي وصلنا به أبو جعفر .

 فجاءت بكيس فقال : هذا كيس فيه أربعمائة  دينار ، فاستعن به .

قال : قلت : والله جعلت فداك ، ما أردت هذا ، ولكن أردت الدعاء لي .

فقال لي: ولأدع الدعاء، ولكن لا تخبر الناس بكل ما أنت فيه فتهون عليهم.

رجال الكشي ص 121 بحار الأنوار ج43ص34ب4ح31،32.

 

وعن سليمان بن خالد ، عن عامل كان لمحمد بن راشد قال : 

حضرت عشاء : جعفر بن محمد عليهما السلام في الصيف، فأُتي بخوان عليه خبز ، وأُتي بقصعة فيها  ثريد ولحم يفور ، فوضع يده فيها ، فوجدها حارة .

 ثم رفعها وهو يقول : نستجير  بالله من النار ، نعوذ بالله من النار ، نحن لا نقوى على هذا فكيف النار ؟ !

 وجعل : يكرر هذا الكلام حتى أمكنت القصعة ، فوضع يده فيه ، ووضعنا أيدينا حتى  أمكنتنا ، فأكل وأكلنا معه ، ثم إن الخوان رفع .

فقال : يا غلام ائتنا بشيء فأتي بتمر في طبق ، فمددت يدي فإذ هو تمر .

فقلت : أصلحك الله هذا زمان الأعناب و  والفاكهة !

 قال : إنه تمر ، ثم قال : ارفع هذا وائتمنا بشيء فأتي بتمر في طبق  فمددت يدي فقلت : هذا تمر ، فقال : إنه طيب . 

الكافي ج 8 ص 164، بحار الأنوار ج43ص37ب4ح39.

 

وعن عبد الرحمن بن الحجاج قال :

 أكلنا مع أبي عبد الله عليه السلام : فأتينا بقصعة من أرز فجعلنا نعذر ـ

 فقال : ما صنعتم شيئا ، إن أشدكم حبا لنا ، أحسنكم أكل عندنا .

قال عبد الرحمن : فرفعت كشحة المائدة ، فأكلت .

فقال : نعم الآن ، ثم أنشأ يحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله ، أهدي له قصعة أرز من ناحية الأنصار ، فدعا سلمان  والمقداد وأبا ذر رحمهم الله ، فجعلوا يعذرون في الأكل .

فقال : ما صنعتم شيئا ، أشدكم حبا لنا ، أحسنكم أكلا عندنا ، فجعلوا يأكلون أكلا جيدا .

ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: رحمهم الله ورضي الله عنهم وصلى عليهم .

 الكافي ج 6 ص 278 . بحار الأنوار ج43ص40ب4ح45. بيان : عذر في الأمر تعذيرا ، اذا قصر ولم يجتهد  ـ ولعل المراد بكشحة المائدة جانبها أو المراد أكل ما يليه من الطعام .  والكشح : ما بين الخاصرة إلى الصلع الخلف . 

 

 

عن عبد الله بن سليمان الصيرفي قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام .

فقدم إلينا : طعاما فيه شواء وأشياء بعده ، ثم جاء بقصعة من أرز فأكلت معه . فقال : كل . قلت : قد أكلت .

قال : كل ، فانه يعتبر حب الرجل لأخيه بانبساطه في  طعامه ، ثم حاز لي حوزا بأصبعه من القصعة .

 فقال لي : لتأكلن ذا بعد ما أكلت  ، فأكلته .

 الكافي ج 6 ص 279 . بحار الأنوار ج46ص40ب4ح46.

 

وعن أبي الربيع قال : دعا أبو عبد  الله عليه السلام بطعام ، فأتي بهريسة .

فقال لنا : ادنوا وكلوا قال : فأقبل القوم يقصرون.

 فقال عليه السلام : كلوا ، فإنما تستبين مودة الرجل لأخيه في أكله .

 قال : فأقبلنا نغص أنفسنا كما يغص الإبل .

 الكافي ج 6 ص 279 ، بحار الأنوار ج43ص40ب4ح47.

 

وعن أبي حمزة قال :

كنا : عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة ، فدعا بطعام م لنا عهد بمثله لذاذة وطيبا ، واوتينا بتمر ننظر فيه إلى وجوهنا ، من صفائه وحسنه .

فقال رجل : لتسألن عن هذا النعيم ، الذي نعمتم به عند ابن رسول الله صلى الله عليه وآله.

 فقال أبو عبد  الله عليه السلام : الله أكرم وأجل من أن يطعمكم طعاما فيسوغكموه ثم يسألكم عنه ، ولكن يسألكم عما أنعم عليكم بمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله .

 الكافي ج 6 ص 283، بحار الأنوار ج43ص41ب4ح48.

 

وعن ابن أبي يعفور قال :

 رأيت : عند أبي عبد الله عليه السلام ضيفا ، فقام يوما في  بعض الحوائج ، فنهاه عن ذلك وقام بنفسه إلى تلك الحاجة .

وقال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن أن يستخدم الضيف .

 الكافي ج 6 ص 328 . بحار الأنوار ج43ص41ب4ح49.

 

وعن عجلان قال : تعشيت مع أبي عبد الله عليه السلام بعد عتمة ، وكان يتعشى بعد عتمة ، فأُتي بخل وزيت ولحم بارد ، فجعل ينتف اللحم فيطعمنيه ، ويأكل هو الخل والزيت ويدع اللحم .

فقال : إن هذا طعامنا وطعام الأنبياء .

الكافي ج 6 ص 328 . بحار الأنوار ج43ص41ب4ح50.

 

وعن أبي حنيفة سائق الحاج قال :

مر بنا المفضل : وأنا وختني نتشاجر في ميراث ، فوقف علين ساعة  .

ثم قال لنا : تعالوا إلى المنزل فأتيناه ، فأصلح بيننا بأربعة مائة درهم ، فدفعها إلينا من عنده ، حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه.

 قال : أما إنها ليست من مالي ، ولكن أبو عبد  الله عليه السلام أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شيء أن اصلح بينهما ، وأفتديهما من ماله ، فهذا من مال أبي عبد الله عليه السلام .

الكافي ج 2 ص 209 . بحار الأنوار ج43ص57ب4ح106.

 

و عن إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب قال :

كنت : عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده المعلى بن خنيس ، إذ دخل عليه رجل من أهل  خراسان ، فقال :

 يا ابن رسول الله : أنا من مواليكم أهل البيت ، وبيني وبينكم شقة بعيدة ، وقد قل ذات يدي ، ولا أقدر أن أتوجه إلى أهلي إلا أن تعينني .

قال : فنظر أبو عبد  الله عليه السلام يمينا وشمالا .

وقال : ألا تسمعون ما يقول أخوكم ؟ إنما المعروف ابتداء فأم ما أعطيت بعد ما سأل ، فإنما هو مكافاة لما بذل لك من ماء وجهه.

ثم قال : فيبيت ليلته متأرقا متململا بين اليأس والرجاء ل يدري أين يتوجه بحاجته ، فيعزم على القصد إليك ، فأتاك وقلبه يجب ، وفرائصه ترتعد ، وقد نزل دمه في وجهه ، وبعد هذا فلا يدري أينصرف من عندك بكآبة الرد ، أم بسرور النجح فأن أعطيته رأى أنك قد وصلته .

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : والذي فلق الحبة وبر النسمة وبعثني بالحق نبيا ، لما يتجشم من مسألته إياك ، أعظم مما ناله من معروفك .

قال : فجمعوا للخراساني خمسة آلاف درهم ، ودفعوها إليه . 

، بحار الأنوار ج43ص61ب4ح117 ، الوجيب : اضطراب القلب وشدة خفقانه ، وفي الضحاح : وجب القلب وجيبا  اضطرب .

 

وعن  هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

 لوددت : أني وأصحابي في فلاة من الأرض حتى نموت، أو يأتي الله بالفرج .

 أمالي ابن الشيخ الطوسي ص 58 ، بحار الأنوار ج43ص60ب4ح115.

 

قال الثوري لجعفر بن محمد عليه السلام: يا ابن رسول الله اعتزلت الناس؟

فقال : يا سفيان ، فسد الزمان ، وتغير الاخوان ، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد . 

ثم قال : 

ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب ــ ــ  والناس بين مخاتل وموارب

يفشـــون بينهم المــودة والصــفا ــ ــ وقلوبهـــم محشــوة بعقـارب

وقال الواقدي : جعفر من الطبقة الخامسة من التابعين .

بحار الأنوار ج43ص60ب4ح116.

 

تفقد الإمام الصادق عليه السلام لأهل بيته :

عن أبي جعفر الخثعمي قال :

أعطاني : أبو عبد  الله عليه السلام خمسين دينارا في صرة .

فقال : ادفعها إلى رجل  من بني هاشم ولا تعلمه أني أعطيتك شيئا .

قال : فأتيته ، فقال : من أين هذا جزاه الله خيرا فم يزال كل حين يبعث بها ، فيكون مما نعيش فيه إلى قابل ، ولكن لا يصلني  جعفر بدرهم في كثرة ماله .

 أمالي ابن الشيخ الطوسي ص 66 بحار الأنوار ج43ص54ب4ح88 .

 

الفضل بن أبي قرة قال :

كان أبو عبد  الله عليه السلام : يبسط رداءه وفيه صرر الدنانير .

فيقول للرسول : اذهب بها إلى فلان وفلان ، من أهل بيته .

وقل لهم : هذه بعث بها إليكم من العراق.

قال : فيذهب بها الرسول إليهم .

 فيقول ما قال  ، فيقولون : أما أنت فجزاك الله خيرا بصلتك قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأما جعفر فحكم  الله بيننا وبينه .

قال : فيخر أبو عبد  الله عليه السلام ساجدا .

ويقول : اللهم أذل رقبتي لولد أبي .

تنبيه الخواطر ص 490 ، بحار الأنوار ج43ص60ب4ح114.

 

عناية الإمام بالرقيق :

وعن معتب : عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال :

أذهب : فأعط عن عيالنا الفطرة وأعط عن الرقيق ، وأجمعهم ، ولا تدع منهم أحدا ، فإنك إن تركت منهم إنسانا تخوفت  عليه الفوت .

قلت : وما الفوت ؟ قال : الموت .

 الكافي ج 4 ص 174 بحار الأنوار ج43ص54ب4ح90.

 

و عن ابن سنان  : عن غلام أعتقه أبو عبد  الله عليه السلام :

هذا ما أعتق : جعفر بن محمد ، أعتق غلامه السندي فلانا ، على أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن البعث  حق ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وعلى أنه يوالي أولياء الله ، ويتبرأ من أعداء الله ، ويحل حلال الله ، ويحرم حرام الله ، ويؤمن برسل الله ، ويقر بما جاء من عند الله ، أعتقه لوجه الله لا يريد به منه جزاءً ولا شكورا ، وليس لأحد عليه  سبيل إلا بخير ، شهد فلان.

 الكافي ج 6 ص 181 ، بحار الأنوار ج44ص43ب4ح58.

 

وعن إبراهيم بن أبي البلاد قال :

 قرأت : عتق أبي عبد الله عليه السلام فإذا هو شرحه :

 هذا ما  أعتق : جعفر بن محمد ، أعتق فلانا غلامه لوجه الله ، لا يريد منه جزاء ولا شكورا  على أن يقيم الصلاة ويؤدي الزكاة ، ويحج البيت ، ويصوم شهر رمضان ، ويتوالى  أولياء الله ويتبرأ من أعداء الله ، شهد فلان بن فلان وفلان وفلان ثلاثة .

 الكافي ج 6 ص 181 ، بحار الأنوار ج44ص43ب4ح59.

 

الإمام يقض دين بعض أصحابه :

عن الوليد بن صبيح قال : جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام يدعي على المعلى بن خنيس دينا عليه ، قال : فقال : ذهب  بحقي .  فقال عليه السلام : ذهب بحقك الذي قتله .

 ثم قال عليه السلام للوليد : قم إلى الرجل فاقضه من حقه فإني أريد أن أبرد عليه جلده ، وإن كان باردا .

علل الشرائع ص 528 ، بحار الأنوار ج43ص337ب11ح14. والمعلى بن خنيس : معلى وعالي الشأن عند الإمام الصادق عليه السلام ووكلائه وأهم أصحابه له 80 رواية عن الإمام ، أستشهد سنة 131 للهجرة قتله والي المدينة في حكومة بني العباس .


إقرار العام والخاص بفضله الإمام الصادق :

يا طيب : إن علم اليقين الحق والعبودية الصادقة واقعا لله تعالى ومعارفها ، من الدين الحنيف والهدى ذو الصراط المستقيم ، لا يتم إلا بمعرفة أئمة الهدى الحق المنعم عليهم بالتطهير والاصطفاء والتصديق ، والشيعة الجعفرية بحمد الله تحققوا معرفة إيمانهم بكل الأدلة القطعية والبراهين الحقيقية بما ل يعتريه الشك أبدا ، فأمنوا بالله مخلصين له الدين ، وأقاموا شرائع هداه بما أحب ، وذلك بما فضلهم وتفضل عليهم بمعرفة أئمة الحق وولاة أمر هداه من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، وما نذكره من المعارف عنهم نقر لهم بها بالإمامة الحقيقية أي علما وعملا وتصديقا واقتداء ومتابعة ، وليس مثل من يصلى على النبي ولا يصل ول يصلي على آله ويتبع أعدائهم ومن خالفهم بل ومن حاربهم وأفتى بما يعاندهم به حتى الصلاة على النبي لا يحب أن يذكرهم معه ، سفها وحمقا ممن أيقن بالهدى وضرورة التعبد لله بالدين القويم ولكن يجحد أئمة الحق والطيبين الطاهرين لهداه الحق  من آل محمد وهم أصحاب الصراط المستقيم المنعم عليهم بهدى الله حقا وصدقا وقعا حتما .

 ويا طيب : نذكر هنا بعض الأحاديث التي تعرف الإمام جعفر الصادق عليه السلام وشأنه الحق الكبير وتبين علو قدره الصادق الكريم ، وهو ثامن آل محمد وسادس الأئمة الأخيار ، ثم حب شيعته الجعفرية له ، ثم ذكر بعض ما قاله العامة في فضله وشأنه وشرفه الكريم فتدبر .

 

الإمام يعرفنا شأنهم وعلمهم :

يا طيب : مر بعض الكلام في إمامة الإمام جعفر الصادق عليه السلام وتعريف شأنه الكريم و مع آله عليهم السلام ، وشيء من معارفه وعلمه ، وهذ بيان لفضلهم بصورة عامه ولعلو مقامهم وما خصهم الله به من العبودية والعلم وتعليمه ،  بما في ذلك معارف هداهم وما يجب على الناس من حقهم وحقهم عليهم ، لنتمسك بهم بكل يقين ونتحقق بالتعلم منهم مصدقين ومقتدين :

عن عمرو ابن أبي المقدام قال :

رأيت أبا عبد الله عليه السلام يوم عرفة بالموقف :

وهو ينادي بأعلى صوته :

أيها الناس : إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان الإمام .

ثم كان : علي بن أبي طالب عليه السلام  ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم هه .

 فينادي : ثلاث مرات لمن بين يديه ، وعن يمينه ، وعن يساره ، ومن خلفه ، اثني عشر صوتا .

وقال  عمرو : فلما أتيت منى سألت أصحاب العربية عن تفسير هه .

فقالوا : هه ، لغة بني فلان  أنا فاسألوني.

قال : ثم سألت غيرهم أيضا من أهل العربية ، فقالوا : مثل ذلك .

الكافي ج 4 ص 466 ، بحار الأنوار ج43ص58ب4ح107.

 

قال الإمام الصادق عليه السلام :

إِنَّ عِنْدِي: سيف رسول الله .

إن عندي : لراية رسول الله  المغلبة .

إن عندي : لخاتم سليمان بن داود .

إن عندي : الطست الذي كان موسى  يقرب بها القربان .

إن عندي : الاسم الذي كان رسول الله ، إذا وضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشابة .

إن عندي : لمثل الذي  جاءت به الملائكة ، ومثل السلاح فين كمثل التابوت في بني إسرائيل ، يعني أنه كان دلالة على الامامة . 

 

وفي رواية الأعمش قال عليه السلام : ألواح موسى عندنا ، وعص موسى عندنا ونحن ورثة النبيين . 

وقال عليه السلام : علمنا غابر ، ومزبور ، ونكت في القلوب ، ونقر في الأسماع  وإن عندنا الجفر الأحمر ، والجفر الأبيض ، ومصحف فاطمة ، وإن عندنا الجامعة فيها جميع ما يحتاج الناس إليه . 

المناقب ج 3 ص 396 بحار الأنوار ج43ص25ب4ح26.

 

وعن عبد الغفار الحازمي وأبو الصباح الكناني قال عليه السلام :

 إني أتكلم : على سبعين  وجها ، لي من كلها المخرج . 

سئل عن محمد بن عبد الله بن الحسن ، فقال عليه السلام : ما من نبي ولا وصي ولا  ملك ، إلا وهو في كتاب عندي .

يعني : مصحف فاطمة ، والله ما لمحمد بن عبد الله فيه اسم .

بحار الأنوار ، المناقب ج 3 ص 374  ، ج43ص32ب4ح29.

 

وقال بن شبيب النهدي : سمعت جعفر بن محمد  عليه السلام يقول :

احفظوا فينا : ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين ، قال : { .. كَانَ أَبُوهُمَا  صَالِحًا .. (82) } الكهف .

كشف الغمة ج 2 ص 379. بحار الأنوار ج43ص33ب4ح30.

 

وعن صالح بن الأسود قال : سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول :

سلوني : قبل أن  تفقدوني فانه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي .

كشف الغمة ج 2 ص 380  . بحار الأنوار ج43ص33ب4ح30. 

 

ومن كتاب الدلائل : للحميري عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى :

{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا

تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ

أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ  تُوعَدُونَ (30) } فصلت .

 قال أبو عبد  الله عليه السلام : أما والله لربما وسدنا لهم الوسائد في منازلنا. 

 

وعن الحسين بن العلاء القلانسي : قال أبو عبد  الله عليه السلام :

يا حسين : وضرب بيده  إلى مساور في البيت .

فقال : مساور طالما والله اتكأت عليها الملائكة ، وربما التقطن من زغبها . 

 

وعن عبد الله بن النجاشي قال : كنت في حلقة عبد الله بن الحسن فقال : 

يا ابن النجاشي : اتقوا الله ، ما عندنا إلا ما عند الناس .

قال : فدخلت على أبي عبد الله  عليه السلام ، فأخبرته بقوله .

فقال : والله إن فينا من ينكت في قلبه ، وينقر في إذنه  وتصافحه الملائكة .

فقلت : اليوم ؟ أو كان قبل اليوم ؟

فقال عليه السلام : اليوم ، والله يا ابن النجاشي.

كشف الغمة ج 2 ص 416  بحار الأنوار ج43ص33ب4ح30. 

 

وفي محاسن البرقي : قال الصادق عليه السلام لضريس الكناني :

لم سماك أبوك ضريسا ؟ 

قال : كما سماك أبوك جعفرا.

 قال : إنما سماك أبوك ضريسا بجهل ، لان لا بليس ابنا يقول له ضريس .

وإن أبي : سماني جعفرا بعلم ، على أنه اسم نهر في الجنة .

أما سمعت قول ذي الرمة : 

أبكي الوليد أبا الوليد ــ ــ أخا الوليد فتى العشيرة

قد كان غيثا في السنين ــ ــ وجعفرا غدقا وميرة

المناقب ج 3 ص 397،بحار الأنوار ج43ص26ب4ح26.

 

وعن زيد الشحام قال :

قال لي أبو عبد الله عليه السلام : ونحن في الطريق في ليلة الجمعة ، أقرأ فإنها ليلة الجمعة قرآنا ، فقرأت : { إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ (41) إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (42) } الدخان.

فقال أبو عبد  الله عليه السلام : نحن والله الذي يرحم الله ، ونحن والله الذي استثنى الله، ولكنا نغني عنهم .

الكافي ج 1 ص 423 ، بحار الأنوار ج43ص55ب4ح93.


 

إقرار الخاصة بفضل الإمام وعلمه :

يا طيب : عرفت في المواضيع السابقة إطاعة ومراجعة وتعلم أصحابه منه ، وأنهم يقرون له بالإمامة والولاية ، وقد أشتهر في بين الشيعية من الطلبة ومحصلي العلم بأن معارف دروسهم أغلبها قال الباقر قال الصادق عليهم السلام ، طبع عن آباءهم عن جدهم رسول الله عن الله سبحانه وتعالى ، لأنه في زمانهما كانت فرجة وفسحة من حكومة الأمويين لانشغال الحكام بينهم في إزالة الأخ أخوه وتوريثه أبنه ، بل حصل القتل بينهم ، كما كانت أطراف المملكة عصية عليهم ، فتفرغ الأئمة للتعليم وزال الخوف من الشيعة وغيرهم من تحصيل العلم الحق من أهل البيت عليهم السلام ، وهنا بعض الأحاديث الصريحة في هذا المعنى .

عن عمرو بن خالد قال :

 قال زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليهم السلام :

 في كل زمان : رجل منا أهل البيت ، يحتج الله به على خلقه .

وحجة زماننا : ابن أخي جعفر بن محمد، لا يضل من تبعه، ول يهتدي من خالفه.

 أمالي الصدوق ص 243  ، بحار الأنوار ج43ص19ب4ح12.

وزيد رحمه الله : هو بن علي زين العابدين عليه السلام، فهو عم الإمام ويقر له بالإمامة عليه .

 

وعن سورة بن كليب قال : قال لي  زيد بن علي عليه السلام : يا سورة كيف علمتم أن صاحبكم على ما تذكرون ؟

قال : فقلت :  على الخبير سقطت . قال : فقال : هات .

 فقلت له : كنا نأتي أخاك محمد بن علي عليهما السلام نسأله فيقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وقال الله عز وجل في كتابه ، حتى مضى أخوك  فأتيناكم آل محمد وأنت فيمن أتينا ، فتخبرونا ببعض ، ولا تخبرونا بكل الذي نسألكم عنه .

حتى أتينا : ابن أخيك جعفرا .

فقال لنا كما قال أبوه : قال رسول الله  صلى الله عليه وآله وقال تعالى .

 فتبسم رحمه الله وقال : أما والله إن قلت هذا ، فإن كتب علي صلوات الله عليه عنده .

رجال الكشي ص239المناقب ج 3 ص 374، بحار الأنوار ج43ص36ب4ح36.  

 

وعن المنقري قال :

 كان علي بن غراب : إذا حدثنا عن جعفر بن محمد عليه السلام قال : 

حدثني : الصادق عن الله ، جعفر بن محمد عليهما السلام . 

أمالي الصدوق ص243 علل الشرائعص234بحار الأنوار ج43ص18ب4ح10،11.

 

عن المنقري : عن حفص بن غياث أنه كان إذا حدثنا عن جعفر بن محمد عليه السلام  قال :

حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد عليه السلام . 

أمالي الصدوق ص 243 ، بحار الأنوار ج43ص18ب4ح9.

وعن سفيان بن سعيد قال :

 سمعت : أبا عبدا لله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام .

  وكان والله : صادقا ، كما سمي .

  معاني الأخبار ص 385 ، بحار الأنوار ج43ص19ب4ح14.

وعن عبد الله بن أبي يعفور قال‏ : قلت لأبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام :

و الله : لو فلقت رمانة بنصفين‏.

 فقلت : هذا حرام‏ ، و هذا حلال.

 لشهدت : أن الذي قلت : حلال ، حلال .

و أن الذي قلت : حرام ، حرام .

 فقال عليه السلام: رحمك الله رحمك الله.

رجال الكشي ص249ح462 .

يا طيب : ما عرفت هو ذكر لخواص شيعته رحمهم الله ، ومنهم عم الإمام وإقرارهم لإمامته ، وهذا ذكر آتي لبعض من عرف فضله وشأنه الكريم وتبع غيره أو تبع فكره وقياسه :


 

إقرار العامة بفضله وعلمه :

عن محمد بن زياد الأزدي قال : سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة يقول :

 كنت : أدخل إلى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام ، فيقدم لي مخدة ، ويعرف لي قدرا ، ويقول : يا مالك إني احبك ، فكنت أسر بذلك وأحمد الله عليه .

 قال : وكان عليه السلام رجلا لا يخلو من إحدى ثلاث خصال : إما صائما ، وإما قائما ، وإما ذاكرا ، وكان من عظماء العباد ، وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عز وجل ، وكان كثير الحديث ، طيب المجالسة ، كثير الفوائد .

 فإذا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أخضر مرة ، وأصفر أخرى حتى ينكره من كان يعرفه ، ولقد حججت معه سنة فلما أستوت به راحلته عند الإحرام ، كان كلما هم بالتلبية أنقطع الصوت في حلقه ، وكاد أن يخر من راحلته.

فقلت : قل يا ابن رسول الله ، ولابد لك من أن تقول .

فقال : يا ابن أبي عامر كيف  أجسر أن أقول : لبيك اللهم لبيك ، وأخشى أن يقول عز وجل لي : لا لبيك ولا سعديك .

الخصال ص 79 باب الثلاثة ،علل الشرائع ص 234 ، أمالي الصدوق ص 169 . وقد روى القاضي عياض كلمة مالك هذه بتغيير يسير في  كتابه المدارك ص 212 وحكاه عنه أبو زهرة في كتابه مالك ص 28 والخولي في كتابه  مالك ص 94 ، المناقب ج 3 ص 395 ذيل الحديث وص 396 صدر الحديث ، بحار الأنوار ج43ص16ب4ح1،2.

 

وعن النوفلي قال : سمعت مالك بن أنس الفقيه يقول :

والله : ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد عليه السلام ، زهد ، وفضلا ، وعبادة ، و ورعا ، وكنت أقصده فيكرمني ، ويقبل علي .

فقلت له يوما : يا ابن رسول الله ما ثواب من صام يوما من رجب إيمانا واحتسابا ؟

فقال : وكان والله إذا قال صدق .

حدثني أبي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

من صام : من رجب يوما إيمانا واحتسابا،  غفر له .

 فقلت له : يا ابن رسول الله فما ثواب من صام يوما من شعبان ؟

 فقال : حدثني أبي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

من  صام : يوما من شعبان ، إيمانا واحتسابا ، غفر له .

أمالي الصدوق ص 542 بحار الأنوار ج43ص20ب4ح16.

 

وعن البرقي ، عن عبد العظيم الحسني ، عن أبي جعفر محمد بن علي الرض ، عن أبيه ، أن جده عليهم السلام قال :

دخل عمرو بن عبيد البصري : على أبي عبد الله عليه السلام ، فلما سلم وجلس عنده تلا هذه الآية .

 قوله : { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ .. (32) }النجم .

ثم سأل عن الكبائر : فأجابه عليه السلام ، فخرج عمرو بن عبيد وله صراخ من بكائه ، وهو يقول :

 هلك والله : من قال برأيه ، و  نازعكم في الفضل والعلم.

 عيون أخبار الرضا ج 1 ص 285 وفيه الحديث مفصلا مع ذكر المسائل والأجوبة بحار الأنوار ج43ص19ب4ح13.

 


 

ما قالوا في حق الإمام وفي فضله :

ويقال : الأمام الصادق ، والعلم الناطق ، بالمكرمات سابق ، وباب السيئات راتق ، وباب الحسنات فاتق ، لم يكن عيابا ولا سبابا ، ولا صخابا ، ولا طماعا ولا خداعا ، ولا نماما ولا ذماما ، ولا أكولا ، ولا عجولا ، ولا ملول ، ولا مكثارا ، ولا ثرثارا ، ولا مهذارا ، ولا طعانا ، ولا لعانا ، ولا همازا، ولا لمازا ، ولا كنازا.

 المناقب ج 3 ص 396 بحار الأنوار ج43ص25ب4ح26.

 

وقال مالك بن أنس :

 ما رأت عين : ولا سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر ، أفضل من جعفر الصادق ،  فضلا وعلما وعبادة وورعا .

المناقب ج 3 ص 372 ، وأخرج ابن حجر كلمة أنس بن مالك بتفاوت يسير في  كتابه تهذيب التهذيب ج 2 ص 104 . بحار الأنوار ج43ص28ب4ح28.

 

وعن عبد العزيز بن الأخضر ، عن عمرو بن أبي المقدام قال :

كنت : إذا نظرت  إلى جعفر بن محمد عليه السلام علمت أنه من سلالة النبيين .

كشف الغمة ج 2 ص 379. بحار الأنوار ج43ص33ب4ح30.

وعن ابن شبرمة قال :

 ما ذكرت حديثا : سمعته عن جعفر بن محمد إلا كاد أن يتصدع قلبي .

قال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وقال ابن شرمة : واقسم بالله ما كذب أبوه على جده ، ولا جده على رسول الله صلى الله عليه وآله قال : 

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من عمل بالمقائيس فقد هلك وأهلك ، و من أفتى وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ ، والمحكم من المتشابه، فقد هلك وأهلك.

 الكافي ج 1 ص 43، بحار الأنوار ج43ص49ب4ح79.

 

وقال اليعقوبي : وفاة ابي عبدالله جعفر بن محمد وآدابه ، وتوفي أ بوعبدالله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ،  بالمدينة سنة 148 ، وله ست وستون سنة ، وكان أفضل الناس وأعملهم بدين الله ، وكان من أهل العلم الذين سمعوا منه ، إذا رووا عنه قالوا : أخبرنا العالم .

 تاريخ اليعقوبي ج2ص 381. وذكر أحاديث عنه سنذكرها في محلها .

 

وذكر اليعقوبي قال اسماعيل بن علي بن عبدالله بن عباس : دخلت على أبي جعفر المنصور يوما ، وقد اخضلت لحيته بالدموع .

فقال لي : ما علمت ما نزل بأهلك ؟

 فقلت : وما ذلك ، يا أمير المؤمنين ؟

قال : فإن سيدهم وعالمهم وبقية الاخيار منهم توفي .

 فقلت : ومن هو ، يا أمير المؤمنين ؟

 قال : جعفر بن محمد .

فقلت : أعظم الله أجر أمير المؤمنين ، وأطال لنا بقاءه .

 فقال لي : إن جعفرا كان ممن قال الله فيه : { ثُمَّ  أَوْرَثْنَ الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ  ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) } فاطر .

 وكان ممن : أصطفى الله ، وكان من السابقين بالخيرات .

 تاريخ اليعقوبي ج2ص 382.

يا طيب : كل من كتب في علم الرجال من الخاصة والعامة ومن المتقدمين والمتأخرين ، أثنا على الإمام ومدحه حتى ممن نصب له فضلا عن غيرهم ، ونكتفي بهذ ، ونذكر .

 

ما مدح به الإمام من الشعر :

ودخل الأشجع السلمي : على الصادق عليه السلام فوجده عليلا ، فجلس وسأل عن علة مزاجه ؟

 فقال له الصادق عليه السلام : تعد عن العلة واذكر ما جئت له ـ فقال : 

ألبسك الله منه عافية ــ ــ في نومك المعتري وفي أرقك

تخرج من جسمك السقام كما ــ ــ اخرج ذل الفعال من عنقك

فقال : يا غلام إيش معك ؟ قال : أربع مائة . قال : أعطها للأشجع .

 المناقب ج 3 ص 394 .. بحار الأنوار ج43ص23ب4ح26.

 

في شوف العروس : عن الدامغاني أنه استقبله عبد الله بن المبارك فقال : 

أنت يا جعفر فوق ــ ــ المدح والمدح عناء

إنما الأشراف أرــ ــ ض ولهم أنـت سماء

جـــاز حد المدح ــ ــ من قد ولدته الأنبياء

ــــ ــ ــــ

الله أظهر دينه ــ ــ وأغــــــــره بمحمد

والله أكرم بالخلافة ــ ــ جعفر بن محمد

المناقب ج 3 ص 397،بحار الأنوار ج43ص26ب4ح26.

 

أسماء الرواة عن الإمام الصادق:

يروي وينقل : عن الصادق عليه السلام من العلوم ما لا ينقل عن أحد سواه ، وقد جمع  أصحاب الحديث أسماء الرواة من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات ، وكانوا أربعة آلاف رجل . 

بيان ذلك : أن ابن عقدة صنف كتاب الرجل لأبي عبد الله عليه السلام عدّدهم فيه ، وكان حفص بن غياث إذا حدث عنه قال : حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد ، وكان علي بن غراب يقول: حدثني الصادق جعفر بن محمد. 

وفي حلية أبي نعيم: إن جعفر الصادق عليه السلام حدث عنه من الأئمة والأعلام:

 مالك ابن أنس ، وشعبة بن الحجاج ، وسفيان الثوري ، وابن جريج ، وعبد الله بن عمرو وروح بن القاسم ، وسفيان بن عيينة ، وسليمان بن بلال ، وإسماعيل بن جعفر ، وحاتم  ابن إسماعيل ، وعبد العزيز بن المختار ، ووهيب بن خالد ، وإبراهيم بن طهمان في آخرين قال: وأخرج عنه مسلم في صحيحه محتجا بحديثه.

 حلية الأولياء ج 3 ص 199 ، بحار الأنوار ج43ص27ب4ح28.

 

وقال غيره : روى عنه مالك ، والشافعي ، والحسن بن صالح ، وأبو أيوب  السختياني ، وعمر بن دينار ، وأحمد بن حنبل .

المناقب ج 3 ص 372 ، وأخرج ابن حجر كلمة أنس بن مالك بتفاوت يسير في  كتابه تهذيب التهذيب ج 2 ص 104 . بحار الأنوار ج43ص28ب4ح28.

 

وسأل سيف الدولة عبدا لحميد المالكي قاضي الكوفة عن مالك ، فوصفه وقال :  كان جره بنده جعفر الصادق أي الربيب ، وكان مالك كثيرا ما يدعي سماعه وربما  قال : حدثني الثقة يعنيه عليه السلام . 

 

وجاء : أبو حنيفة إليه ليسمع منه ، وخرج أبو عبد الله يتوك على عصا .

فقال له  أبو حنيفة : يا ابن رسول الله ما بلغت من السن م تحتاج معه إلى العصا .

قال : هو كذلك ، ولكنها عصا رسول الله أردت التبرك بها . فوثب أبو حنيفة إليه وقال له : اقبلها يا ابن رسول الله ؟

فحسر أبو عبد الله بن ذراعه وقال له : والله لقد علمت أن هذ بشر  رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأن هذا من شعره فما قبلته وتقبل عصا ! . 

 

وعن أبو عبد الله المحدث في رامش أفزاي :

أن أبا حنيفة : من تلامذته، وأن أمه كانت في حبالة الصادق عليه السلام .

قال : وكان محمد بن الحسن أيضا من تلامذته ، ولأجل ذلك كانت بنو العباس لم تحترمهما .

قال : وكان أبو يزيد البسطامي طيفور السقاء خدمه وسقاه ثلاث عشرة سنة .

المناقب ج 3 ص 372. بحار الأنوار ج43ص28ب4ح28.  يا طيب : بنوا العباس لم تحترمهما ليس لكونهم أولاد إماء فهم الحكام أيضا أولاد إيماء ، ولكن لكونهم تلاميذ الإمام ويخافون أن على شأنهم يعلموهم حبه وضرورة الولاء له ولآله عليهم الصلاة والسلام .

 

وقال أبو جعفر الطوسي : كان إبراهيم بن أدهم، ومالك بن دينار من غلمانه.

ودخل إليه سفيان الثوري يوما : فسمع منه كلاما أعجبه .

فقال: هذا والله يا ابن رسول الله الجوهر .

فقال له : بل هذا خير من الجوهر ، وهل الجوهر إلا حجر .

قال المجلسي بيان : اعلم أن ما ذكره علماؤنا من أن بعض المخالفين كانوا من تلامذة الأئمة عليهم السلام وخدمهم وأتباعهم ، ليس غرضهم مدح هؤلاء المخالفين أو إثبات كونهم  من المؤمنين ، بل الغرض أن المخالفين أيضا يعترفون بفضل الأئمة عليهم السلام وينسبون أئمتهم وأنفسهم إليهم لإظهار فضلهم وعلمهم ، وإلا فهؤلاء المبتدعين أشهر في الكفر والعناد من إبليس وفرعون ذي الأوتاد .

المناقب ج 3 ص 373 ، بحار الأنوار ج43ص29ب4ح28.

 

ونقل صاحب بحار الأنوار عن المناقب : أنه ذكر في الترغيب والترهيب عن أبي القاسم الأصفهاني ، أنه دخل عليه سفيان الثوري فقال عليه السلام :

أنت رجل مطلوب ، وللسلطان علينا عيون ، فاخرج  عنا غير مطرود ، القصة .

 

ودخل عليه الحسن بن صالح بن حي فقال له : يا ابن رسول الله ما تقول  في قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ .. (59) } النساء ، مَن أولو الأمر الذين أمر الله بطاعتهم ؟

قال : العلماء.

 فلما خرجوا قال الحسن : ما صنعنا  شيئا ألا سألناه من هؤلاء العلماء ، فرجعوا إليه فسألوه .

 فقال : الأئمة منا  أهل البيت . 

 

وقال نوح بن دراج لابن أبي ليلى : أكنت تاركا قولا قلته ، أو قضاء قضيته  لقول أحد ؟ قال : لا إلا رجل واحد .

 قلت : من هو ؟ قال : جعفر بن محمد . 

 

وفي الحلية : قال عمرو بن أبي المقدام :

 كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه  من سلالة النبيين .

 ولا تخلو : كتب أحاديث وحكمة وزهد وموعظة من كلامه .

 يقولون قال : جعفر  ابن محمد الصادق عليه السلام : ذكره النقاش ، والثعلبي ، والقشيري ، والقزويني ، في تفاسيرهم .

 

وذُكر : في الحلية والإبانة ، وأسباب النزول ، والترغيب والترهيب ، وشرف المصطفى ، وفضائل الصحابة ، وفي تاريخ الطبري والبلاذري ، والخطيب ، ومسند أبي حنيفه ، واللالكاني ، وقوت القلوب ، ومعرفة علوم الحديث لابن البيع.

 

وقد روت الأمة بأسرها عنه دعاء أم داود .

حلية الأولياء ج 3 من ص 192 ـ206 .وأخرج قول عمرو بن أبى المقدام ابن حجر في كتابه تهذيب التهذيب ج 2 ص 104 ، بحار الأنوار ج43ص29ب4ح29.

 

وذكر محقق البحار أنه : لقد نقل المؤلف ـ صاحب البحار ـ رحمه الله عن الحافظ ابن شهر آشوب أسماء عدة قليلة من الكتب التي ورد فيها ذكر الإمام الصادق عليه السلام ، واقتصاره عليها لا يعنى انه لم يرد للأمام ذكر  في غيره ، بل من النادر أن نجد كتابا من كتب التفسير أو الحديث ، أو الأخلاق ، أو الآداب  أو التاريخ ، أو التراجم ، أو الفلسفة الإسلامية ، بل وحتى بعض كتب الطب والرياضيات  إلا ونجده مزينا بذكر الإمام الصادق عليه السلام .

 ورأيت من الخير : أن أثبت قائمة بأسماء  بعض الكتب التي ورد فيها ذكره عليه السلام إما بالرواية عنه ، أو الاستشهاد بقوله ، أو الحكاية  عن رأيه ، أو الترجمة له ، وجلها من غير كتب الشيعة ، وهذا مما يحضرني عاجلا ولا يسعني  في المقام الاستقراء التام ، فانه مما يطول به المقام . 

ـ1ـ تاريخ ابن الأثير الجزرى ، ـ2ـ تاريخ ابن كثير الشامي ـ3ـ تاريخ اليعقوبي ، ـ 4ـ تاريخ ابن عساكر ، ـ5ـ تاريخ ابن الوردي ، ـ 6 ـ تاريخ ابن خلكان  ، ـ7ـ تاريخ القرماني ، ـ 8 ـ مروج الذهب ، ـ9ـ تهذيب التهذيب لابن حجر ، ـ10 تذكرة الحفاظ للذهبي  ، ـ11ـ تقريب التهذيب لابن حجر ، ـ 12ـ لسان الميزان لابن حجر  ، ـ13 ـ ميزان الاعتدال للذهبي ، ـ 14ـ تهذيب الأسماء واللغات للنووي ، ـ15 الجمع بين رجال الصحيحين للمقدسي  ، ـ16ـ صفة الصفوة لابن الجوزي  ، ـ17 ـ مناقب أبى حنيفة للموفق بن أحمد ، ـ 18 ـ مناقب أبي حنيفة للكردري ، ـ19ـ مناقب أبى حنيفة للبزاز ، ـ20 ـ جامع أسانيد أبي حنيفة  ، ـ21ـ الحيوان للجاحظ ،ـ22ـ رسائل للجاحظ   ، ـ23ـ البيان والتبين للجاحظ ، ـ24ـ مقدمة ابن خلدون ، ـ25ـ الفصل لابن حزم ، ـ26ـ الملل والنحل للشهرستاني  ، ـ27ـ النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى ، ـ 28ـ مناهج التوسل للبسطامي ، ـ29ـ الصواعق المحرقة لابن حجر ، ـ30 ـ المواهب اللدنية للزرقاني ،ـ31ـ مرآة الجنان لليافعي ، ـ32ـ خلاصة تهذيب الكمال للخزرجي  ، ـ33ـ الطبقات الكبرى للشعراني ، ـ34ـ التوسل والوسيلة لابن تيمية  ، ـ35 ـ عيون الأدب والسياسة لابن هذيل ، ـ63ـ المدارك للقاضي عياض  ، ـ37 ـ تذكرة ابن حمدون ، ـ38ـ الآثار لابي يوسف ، ـ39ـ الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني ، ـ40ـ الإصابة لابن حجر ، ـ41 الفهرست لابن النديم ، ـ 42ـ الكواكب الدرية للمناوي ، ـ43 شرح الشفاء للخفاجي ، ـ 44ـ نور الأبصار للشبلنجي ، ـ45ـ عيون الأخبار لابن قتيبة ، ـ46 ـ أمالي القالي ، ـ47 ـ نيل الأوطار للشوكاني ،  ـ48 ـ إتحاف الأشراف للشبراوي ، ـ49ـ جوهرة الكلام للقراغزلي ، ـ50 ـ تاريخ العرب لمير علي النهدي ، ـ51 ـ مشارق الانوار للحمزاوي ، ـ52ـ التشريع الإسلامي للخضري ، ـ53 ـ صحاح الأخبار للرفاعي ، ـ 54ـ دائرة المعارف لفريد وجدي  ، ـ 55ـ تاريخ العلويين لمحمد أمين غالب ، ـ 56 ـ مختصر التحفة الإثنى عشرية للالوسي ، ـ57ـ كتاب مالك بن انس للخولي ،  ـ58 ـ كتاب مالك بن أنس لمحمد أبو زهرة  ، ـ59ـ رشفة الصادي للحضرمي ، ـ60 ـ روضة الأحباب لببكلي زاده ، ـ61 روض الزهر للبرزنجي ، ـ 62 ـ زاد الأحباب للفاروقي ، ـ63ـ سير النبي والاول والأصحاب لإبراهيم ، ـ64 ـ الشرف المؤبد للنبهاني الحلبي ، ـ65 ـ الصراط السوي للشيخاني ، ـ66ـ الصفوة للمناوي ، ـ 67ـ  الطراز الأوفى لأحمد بن زين العابدين  ، ـ68ـ طراز الذهب للخوارزمي المتخلص بغالب ، ـ 69ـ العذب الزلال لعمر الحلبي ، ـ70 ـ عقد الجواهر للعيدروسي ، ـ71ـ عقد اللآل للعيدروسي ، ـ72 ـ عقود اللآل للتونسي ، ـ 73ـ الفتح المبين للدهلوي ، ـ74ـ الفرائد الجوهوية لميرغني المحجوب ، ـ 75ـ مشارق الأنوار للاجهوري  ، ـ76ـ مصباح النجى لمحمد شاه عالم ، ـ 77 معراج الوصول للزرندي ، ـ78 مفتاح النجا للبدخشي ، ـ 79ـ نزل الأبرار للبدخشي، ـ80 ـ وسيلة المال للحضمري ، ـ81ـ ينابيع المودة للقندوزي .

وغيرها من مئات الكتب التي لا يسعني حصرها .

 أما الكتب التي خصت الإمام الصادق  بالبحث فهي : 

ـ1 ـ الإمام الصادق : لرمضان لاوند .

ـ2ـ طب الإمام الصادق للشيخ محمد الخليلي . 

ـ3 ـ الإمام الصادق لمحمد أبو زهرة . 

ـ 4ـ حياة الإمام الصادق للمرحوم الشيخ محمد حسين المظفر . 

ـ 5 ـ الإمام الصادق ملهم علم الكيمياء : لمحمد يحيى الهاشمي . 

ـ 6 ـ حياة الصادق للشيخ موسى السبيني . 

ـ 7 ـ جعفر بن محمد : لعبد العزيز سيد الأهل .

ـ 8 ـ واجمعها كتاب الإمام الصادق والمذاهب الأربعة للشيخ أسد حيدر .

_ 9 _ بحار الأنوار الجزء 43 للعلامة المجلسي . بحار الأنوار ج43ص29ب4ح29.

ـ 10 ـ صحيفة الإمام الصادق عليه السلام للشيخ حسن حردان الأنباري. وهو هذا الكتاب الماثل بين يديك . كما هناك كثير من المؤسسات التي أُسست بأس الإمام الصادق ومنها من يجمع جميع أحاديث الإمام الصادق وأقواله وهي موسوعة كبيرة معد قسم منها للطبع .


 

الإمام الصادق مع أصحابه

يا طيب : مر بحث سابق عن تفقد الإمام الصادق عليه السلام لأصحابه وقضاء حوائجهم وهذه أحاديث أخرى فيها قصص أخرى في حياته ومداراته لأصحابه الكرام رضي الله عنهم كما نذكر قسم آخر ممن عاصره من اللئام لعنهم الله في آخر البحث :

 

أصحاب الإمام المحمودون

يا طيب : هذه نذكر أفضل أصحاب الإمام وشأنهم معه فتدبر بهم ، واسأل الله أن يجعلنا معهم :

الإمام يحدث أصحابه بما يطيقون :

عن ذريح المحاربي قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام : إن الله أمرني في كتابه بأمر فاحب أن أعلمه.

 قال : وما ذاك ؟

قلت : قول الله عز وجل { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُو نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)} الحج .

قال عليه السلام : ليقضوا تفثهم لقاء الإمام ، وليوفوا نذورهم تلك المناسك .

 قال عبد الله بن سنان : فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت : جعلني الله فداك قول الله عز وجل : { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُو نُذُورَهُمْ (29)} الحج .

 قال : أخذ الشارب وقص الأظفار وما أشبه ذلك .

 قال : قلت : جعلت فداك فان ذريحا المحاربي حدثني عنك أنك قلت له : { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} لقاء الإمام  { وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ } تلك المناسك .

فقال عليه السالم : صدق ذريح وصدقت إن للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح .

معاني الأخبار ص 340 ، بحار الأنوار ج43ص338ب11ح16.

إسماعيل الجعفي من أهل المودة:

عن محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمان الجعفي قال : دخلت أنا وعمي الحصين بن عبد الرحمان على أبي عبد الله صلى الله عليه فأدناه ، وقال : من هذ معك ؟

 قال : ابن أخي إسماعيل .

فقال : رحم الله إسماعيل وتجاوز عنه سيئ عمله كيف خلفتموه ؟

 قال : بخير أبقى الله لنا مودتكم .

فقال : يا حصين لا تستصغروا مودتنا فإنها من الباقيات الصالحات .

قال : يا ابن رسول الله ما استصغرتها ولكن أحمد الله عليه . 

الاختصاص ص 85 ، بحار الأنوار ج43ص340ب11ح22.

المفضل مفضل عند الإمام :

عن هشام بن أحمر قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ، وأن اريد أن  أسأله عن المفضل بن عمر ، وهو في ضيعة له في يوم شديد الحر والعرق يسيل على صدره .

فابتدأني فقال : نعم والله الذي لا إله إلا هو الرجل المفضل بن عمر ، نعم  والله الذي لا إله إلا هو الرجل المفضل بن عمر الجعفي ، حتى أحصيت بضعا و  ثلاثين مرة ، يقولها ويكررها ، وقال : إنما هو والد بعد والد .

 غيبة الشيخ الطوسى ص 223 . بحار الأنوار ج43ص340ب11ح24.

وروي عن هشام بن أحمر قال : حملت إلى أبي إبراهيم الإمام الكاظم عليه السلام إلى المدينة أموالا .

فقال عليه السلام : ردها فادفعها إلى المفضل بن عمر .

 فرددتها : إلى جعفي فحططتها على باب المفضل . 

غيبة الشيخ الطوسى ص 224 ، بحار الأنوار ج43ص342ب11ح29.

 

وروي عن موسى بن بكر قال : كنت في خدمة أبي الحسن الكاظم عليه السلام ، فلم أكن أرى شيئا يصل إليه إلا من ناحية المفضل ، لربما رأيت الرجل يجئ بالشيء فلا يقبله منه ، ويقول : أوصله إلى المفضل.

غيبة الشيخ الطوسي ص 224، بحار الأنوار ج43ص342ب11ح30.

وعن يحيى بن حبيب الزيات قال : أخبرني من كان عند أبي الحسن الرض عليه السلام فلما نهض القوم .

قال لهم أبو الحسن الرضا عليه السلام : القوا  أبا جعفر فسلمو عليه وأحدثوا به عهدا ، فلما نهض القوم التفت إلي وقال : يرحم الله  المفضل إنه كان ليقنع بدون ذلك.

الإرشاد ص 342 ، بحار الأنوار ج43ص345ب11ح 37.

 

الشيعة مع الأئمة في الجنة :

روي عن زيد الشحام أنه قال له أبو عبد الله عليه السلام : كم أتى عليك من  سنة ؟ قال : قلت : كذا وكذا .

قال : جدد عبادة ربك وأحدث توبة .

فبكيت ، فقال : ما يبكيك ؟

فقلت : نعيت إلي نفسي.

 قال : أبشر فإنك من شيعتنا ومعنا في الجنة  إلينا الصراط والميزان وحساب شيعتنا ، والله إنا أرحم بكم منكم بأنفسكم وإني أنذر إليك وإلى رفيقك الحارث بن المغيرة النضري في درجتك في الجنة .

الخرائج والجرائح ص 264 ، بحار الأنوار ج43ص343ب11ح33.

 

 

الإمام يشفع لأصحابه :

عن ابن أبي عمير قال : وجه زرارة ابنه عبيدا إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن وعبد الله فمات قبل أن يرجع إليه ابنه .

 قال محمد بن أبي عمير : حدثني محمد بن حكيم قال : قلت لابي الحسن الاول فذكرت له زرارة وتوجيه ابنه عبيدا إلى المدينة.

فقال أبو الحسن : إني لأرجو أن يكون زرارة  ممن قال الله " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله )) سورة النساء ، الاية : 100 .

والحديث في تفسير العياشي ج 1 ص 270 واخرجه ، الطبرسي في المجمع ج 3 ص 100 . بحار الأنوار ج43ص339  ب11ح21.

 

عن إبراهيم بن  محمد الهمداني رضي الله عنه قال :  قلت للرضا عليه السلام : يا ابن رسول الله أخبرني عن زرارة  هل كان يعرف حق أبيك عليه السلام ؟

فقال عليه السلام : نعم .

 فقلت له : فلم بعث ابنه عبيدا ليتعرف  الخبر : إلى من أوصى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام ؟

فقال عليه السلام : إن زرارة كان يعرف أمر أبي عليه السلام ونصر أبيه عليه ، وإنما بعث ابنه ليعرف من أبي عليه السلام هل يجوز أن يرفع التقية في إظهار أمره ونص أبيه عليه ، وإنه لما أبطا عنه ابنه طولب بإظهار قوله في أبي عليه السلام ، فلم يحب أن يقدم على ذلك دون أمره فرفع المصحف وقال : اللهم  إن إمامي من أثبت هذا المصحف إمامته من ولد جعفر بن محمد عليهما السلام .

كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص 165 ، بحار الأنوار ج43ص338ب11ح18.

وعن درست : عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال :  ذكر بين يديه زرارة بن أعين .

فقال عليه السلام : والله إني سأستوهبه من ربي يوم القيامة فيهبه لي  ، ويحك إن زرارة بن أعين أبغض عدونا في الله ، وكحب ولينا في الله .

كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص 166 ، بحار الأنوار ج43ص339ب11ح20.

 

الإمام يدعوا لأصحابه :

عن موسى بن طلحة  عن بعض الكوفيين رفعه قال : كنت بمنى إذ أقبل عمران بن عبد الله القمي ، ومعه  مضارب للرجال والنساء ، وفيها كنف ، وضربها في مضرب أبي عبد الله عليه السلام إذ  أقبل أبو عبد الله عليه السلام ومعه نساؤه ، فقال : مما هذا ؟

فقلت : جعلت فداك هذه مضارب ضربها لك عمران بن عبد الله القمي : فنزل بها .
ثم قال : يا غلام ! عمران بن  عبد الله .

قال : فأقبل فقال : جعلت فداك هذه المضارب التي أمرتني أن أعملها لك .

فقال : بكم ارتفعت ؟ فقال له : جعلت فداك إن الكرابيس من صنعتي ، وعملتها  لك ، فأنا احب جعلت فداك أن تقبلها مني هدية ، وقد رددت المال الذي أعطيتنيه .

قال : فقبض أبو عبد الله عليه السلام على يده ثم قال : أسأل الله تعالى أن يصلي على محمد وآل محمد وأن يظلك يوم لا ظل إلا ظله .

الاختصاص ص 68 ، ورجال الكشي ص 213.  بيان : الكنف بالضم جمع الكنيف .  بحار الأنوار ج43ص335ب11ح4.

 

القمي من النجباء :

عن  حماد الناب قال : كنا عند : أبي عبد الله عليه السلام بمنى ، ونحن جماعة إذ دخل عليه عمران بن عبد الله القمي فسأله ، وبره ، وبشه .

فلما أن قام : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : من هذا الذي بررته هذا البر ؟

فقال : هذا من أهل البيت النجباء ، ما أراد بهم جبار من الجبابرة إلا قصمه الله .

الاختصاص ص 69 وأخرجه الكشي في رجاله ص 214 ، بحار الأنوار ج43ص335ب11ح6. بيان بشه : أي أبتش به بأن سر وفرح به واقبل عليه بطلاقة وجه . 

 

وعن أبان ابن عثمان ، قال : دخل عمران بن عبد الله فقربه أبو عبد الله عليه السلام فقال : كيف أنت ؟  وكيف ولدك ؟ وكيف أهلك ؟ وكيف بنو عمك ؟ وكيف أهل بيتك ؟ ثم حدثه مليا .

 فلما خرج قيل لأبي عبد الله عليه السلام : من هذا ؟

 قال : نجيب قوم نجباء ، ما نصب  لهم جبار إلا قصمه الله. 

الاختصاص ص 69  ، بحار الأنوار ج43ص336ب11ح7.

 

أصحاب من أهل الجنة :

عن هشام بن سالم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن يونس بن ظبيان .

فقال : رحمه الله وبنى له بيتا في الجنة ، كان والله مأمونا على الحديث . 

السرائر في المستطرفات من جامع البيزنطي ،  بحار الأنوار ج43ص346ب11ح 40.

وعن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال :

إذ سرك : أن تنظر إلى خيار في الدنيا ، خيار في الآخرة ، فانظر إلى  هذا الشيخ يعني عيسى بن أبي منصور .

 قرب الإسناد ص 12 ، بحار الأنوار ج43ص334ب11ح3.

 

منا أهل البيت :

عن حماد أو داود  قال أبو الحسن : جاءت امرأة أبي عبيدة إلى أبي عبد الله عليه السلام بعد موته ,

قالت : إنما  أبكى أنه مات وهو غريب.

 فقال عليه السلام : ليس هو بغريب إن أبا عبيدة منا أهل البيت .

 السرائر في المستطرفات من كتاب ابن بن تغلب ، بحار الأنوار ج43ص345ب11ح 38.

 

أصحاب آمنين يوم القيامة :

عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من مات بين الحرمين بعثه الله في الآمنين يوم القيامة ، أما إن عبد الرحمن بن حجاج وأبا عبيدة منهم .

المحاسن للبرقي ج 1 ص 70 ، بحار الأنوار ج43ص341ب11ح26.

 

أصحاب أحباء للإمام :

عن الفضل بن عبد الملك ، عن أبي  عبد الله عليه السلام إنه قال :

أربعة أحب الناس إلي أحياءً وأمواتا :

 بريد العجلي ، و زرارة بن أعين ، ومحمد بن مسلم ، والأحول أحب الناس أحياءً وأمواتاً .

كمال الدين ج 1 ص 166 ، بحار الأنوار ج43ص340ب11ح23.

 

أصحاب يقرون بالإمامة :

يا طيب : ممن روى صريح النص بالإمامة من أبي عبد الله الصادق عليه السلام على  ابنه أبي الحسن موسى عليه السلام ثم من شيوخ أصحاب أبي عبد الله عليه السلام وخاصته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين رحمة الله عليهم أجمعين ، المفضل بن عمر الجعفي ، ومعاذ ابن كثير وعبد الرحمن بن الحجاج ، والفيض بن المختار ، ويعقوب السراج ، و سليمان بن خالد ، وصفوان الجمال وغيرهم ممن يطول بذكرهم الكتاب . 

الإرشاد ص 307 ، بحار الأنوار ج43ص343ب11ح33.

أصحاب محمودون للإمام :

عن زرارة قال : قال أبو جعفر عليه السلام : وذكرنا حمران  ابن أعين .

فقال : لا يرتد والله أبدا ، ثم أطرق هنيهة ثم قال : أجل لا يرتد والله أبدا .

غيبة الشيخ الطوسي ص 223 ، بحار الأنوار ج43ص342ب11ح28.

 

ومنهم نصر بن قابوس اللخمي : فروي أنه كان وكيلا لأبي عبد الله عليه السلام عشرين سنة ولم يعلم أنه وكيل وكان خيرا فاضلا ، وكان عبد الرحمن بن الحجاج وكيلا لأبي عبد الله عليه السلام ومات في عصر الرضا عليه السلام على ولايته .

غيبة الشيخ الطوسي ص 224. 

أقول : وعد الشيخ في هذا الكتاب من المحمودين حمران بن أعين والمفضل  ابن عمر ، وذكر ما أوردنا من الأخبار .

بحار الأنوار ج43ص342ب11ح32.

 

أحسن القصص أصحاب الإمام

يا طيب : هذه قصص كريمة في عبر وموعظة لأصحاب الإمام الصادق عليه السلام معه ، وتهدينا لما يجب أن نؤمن به من تعاليم الأئمة والطمأنينة بها  :

 

صفوان يعرض إيمانه :

عن صفوان الجمال قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام :  أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .

 ثم قلت له : أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله كان حجة الله على خلقه ، ثم كان أمير المؤمنين صلى الله عليه وكان حجة الله على خلقه .  فقال : رحمك الله.

 ثم كان : الحسن بن علي صلى الله عليه ، وكان حجة الله على خلقه .  فقال : رحمك الله .

ثم كان : الحسين بن علي صلى الله عليه وكان حجة الله على خلقه . فقال : رحمك الله .

ثم كان : علي بن الحسين عليه السلام وكان حجة الله على  خلقه ، وكان محمد بن علي وكان حجة الله على خلقه ، وأنت حجة الله عليه خلقه .فقال :  رحمك الله.

 قرب الإسناد ص 42 ، بحار الأنوار ج43ص336ب11ح10.

 

 

إمامنا الصادق يعلمنا العبودية لله :

عن خالد بن نجيح الجواز قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وعنده خلق ، فقنعت  رأسي وجلست في ناحية ، وقلت في نفسي : ويحكم ما أغفلكم ؟ ! عند من تكلمون ، عند رب العالمين ؟

قال : فناداني ويحك يا خالد ، إني والله عبد مخلوق ، لي رب أعبده  إن لم أعبده والله عذبني بالنار .

 فقلت : لا والله لا أقول فيك أبدا إلا قولك في نفسك .

بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 65 ، بحار الأنوار ج43ص341ب11ح25.

 

الإمام يبشر أصحابه :

عن بدر بن الوليد الخثعمي قال :

دخل يحيى بن سابور على أبي عبد الله عليه السلام ليودعه .

فقال أبو عبد الله عليه السلام : أما والله إنكم لعلى الحق ، وإن من خالفكم لعلى غير الحق ، والله ما أشك أنكم في الجنة ، فإني لأرجو أن يقر الله أعينكم إلى قريب .

المحاسن ج 1 ص 146 ، بحار الأنوار ج43ص342ب11ح28.

 

أدب الدخول على الإمام :

ابن سعد  عن الأزدي قال : خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد الله ، فلحقنا أبو بصير خارجا من زقاق من أزقة المدينة ، وهو جنب ونحن لا علم لنا ، حتى دخلنا على أبي عبد الله فسلمنا عليه .

فرفع رأسه إلى أبي بصير فقال له : يا أبا بصير أما  تعلم أنه لا ينبغي للجنب أن يدخل بيوت الأنبياء ، فرجع أبو بصير ودخلنا .

قرب الإسناد ص 30 ، بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 65 ، بحار الأنوار ج43ص336ب11ح8 ،9.

 

المنحرفون عن الإمام

يا طيب : هنا سنتعرف على من لقى الإمام الصادق عليه السلام ولكنه غرته الدنيا وباع حظه بالأرذل الأدنى وشرى آخرته بالثمن الأوكس وتغطرس وتردى في هواه وأسخط الله ونبيه وإمامه فكان من اهل الشقاق والنفاق وحملة الأوزار المستوجبين النار ، وهنا نبي كيف جاهدهم الإمام الصادق عليه السلام صابرا محتسبا ولم تأخذه فيهم لومة لائم :

عن ابن أبي عمير ، عن  بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قيل له : إن أبا الخطاب يذكر عنك أنك .

الإمام يلعن أبا الخطاب :

قلت له : إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت فقال : لعن الله أب الخطاب والله ما قلت له  هكذا .

معاني الأخبار 388 بزيادة في آخره ، بحار الأنوار ج43ص338ب11ح17.

وعن إسحاق بن يعقوب قال : ورد التوقيع على يد محمد بن عثمان العمري : وأما أبو الخطاب محمد بن أبي زينبة الأجدع ملعون ، وأصحابه ملعونون ، فلا تجالس أهل مقالتهم ، فاني منهم برئ ، وآبائي منهم برءاء.

الخبر الاحتجاج ص 263 - 264 ، بحار الأنوار ج43ص334ب11ح2.

وعن عيسى شلقان ، عن  موسى بن جعفر عليه السلام قال :  إن أبا الخطاب ممن أعير الإيمان ثم سلبه الله الخبر. 

قرب الإسناد ص 193 وفيه تمام الخبر  ، بحار الأنوار ج43ص336ب11ح11.

 

الإمام ينصح قاضي :

سعيد بن أبي الخصيب قال : دخلت أنا وابن أبي ليلى المدينة فبينا نحن في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله إذ دخل جعفر بن محمد عليه السلام ، فقمنا إليه فسألني عن نفسي وأهلي ، ثم قال : من هذا معك ؟ فقلت : ابن أبي ليلى قاضي المسلمين .

 فقال :  نعم ، ثم قال له : تأخذ مالهذا فتعطيه هذا ؟ وتفرق بين المرء وزوجه ، لا تخاف في هذا أحدا ؟ قال : نعم .

قال : بأي شيء تقضي ؟

قال : بما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أبي بكر وعمر .

 قال : فبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أقضاكم علي ؟ قال : نعم .
 قال : فكيف تقضي بغير قضاء علي عليه السلام وقد بلغك هذا ! ؟

 قال : فأصفر وجه ابن أبي ليلى .

 ثم قال : التمس زميلا لنفسك ، والله لا أكلمك من  رأسي كلمة أبدا .

الاحتجاج ص 193 ، بحار الأنوار ج43ص334ب11ح1.

الإمام يفهم شأنه لمعاند :

عن سالم بن أبي حفصة قال :

لما هلك أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام ، قلت  لأصحابي : انتظروني حتى أدخل على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام فاعزيه به فدخلت عليه فعزيته ثم قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب والله من كان يقول : 

قال رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلا يسأل عن من بينه وبين رسول الله ، لا والله لا يرى مثله أبدا .

قال : فسكت أبو عبد الله عليه السلام ساعة ، ثم قال : قال الله تعالى :

إن من عبادي  من يتصدق بشق تمرة فأربيها له كما يربي أحدكم فلوه حتى أجعلها له مثل جبل أُحد .

فخرجت إلى أصحابي فقلت : ما رأيت أعجب من هذا ، كنا نستعظم قول  أبي جعفر عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله بلا واسطة ,

 فقال لي أبو عبد الله عليه السلام : 

قال الله تعالى  بلا واسطة . 

أمالي الطوسي ص 87 ، بحار الأنوار ج43ص337ب11ح12. المفيد ص 190، بحار الأنوار ج43ص27ب4ح27.


 

شعراء أصحاب للإمام الصادق

يا طيب : سنذكر هنا شعراء من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ، وقد عاصروه ونصروه وأيدوه وكانت لهم معه قصص كريمة يستحق كتابتها وقراءتها ونشره وإيصالها للمؤمنين وكل طيب يحب الحق وأهله والدين وهداه ، فتمتع بالتدبر بها حفظك الله ورعاك وثبتك على الهدى الحق للنبي وآله صلى الله عليهم وسلم :

 

الأشجع السلمي :

مر شعر عنه : أثنا على الإمام فيه ، وهذا حديث آخر عن علي بن محمد العسكري عن آبائه ، عن موسى جعفر عليه السلام قال :

كنت عند سيدنا الصادق عليه السلام : إذ دخل  عليه أشجع السلمي يمدحه ، فوجده عليلا فجلس وأمسك .

 فقال له سيدنا الصادق عليه السلام : عد عن العلة ، واذكر ما جئت له .

فقال له : 

ألبســـــــك الله منه عافيــــة ــ ــ في نومك المعتري وفي أرقك

يخرج من جسمك السقام كما ــ ــ أخرج ذل السؤال من عنقك

فقال : يا غلام إيش معك ؟ قال : أربعمائة درهم ، قال : أعطه للأشجع .

قال : فأخذها وشكر وولى، فقال : ردوه.

فقال : يا سيدي سألت فأعطيت ، وأغنيت  فلم رددتني ؟ قال : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال :

خير العطاء : ما أبقى نعمة باقية ، وإن الذى أعطيتك لا يبقي لك نعمة باقية ، وهذا خاتمي ، فان أعطيت به عشرة آلاف درهم ، وإلا فعد إلي وقت كذا وكذا ، أوفك إياها .

 قال :  يا سيدي قد أغنيتني ، وأنا كثير الأسفار ، وأحصل في المواضع المفزعة ، فتعلمني  ما آمن به على نفسي .

قال عليه السلام : فإذا خفت أمرا فاترك يمينك على أم رأسك ، واقرأ  برفيع صوتك : {  أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)} آل  عمران.

قال أشجع : فحصلت في واد تعبث فيه الجن ، فسمعت قائلا يقول : خذوه، فقرأتها . فقال قائل : كيف نأخذه ، وقد احتجز بآية طيبة .

أمالي الشيخ الطوسي ص 176 ، دعوات الراوندي مرسلا مثله .  وذكر محقق البحار : الأشجع السلمى : هو ابن عمرو ، أبو الوليد او أبو عمرو من ولد الشريد بن  مطرود السلمى ، كان شاعرا مفلقا مكثرا سائر الشعر معدودا في فحول الشعراء في طبقة أبى نواس وأبى العتاهية وبشار وأمثالهم مدح الخلفاء وولاة العهود والوزراء والأمراء  وغيرهم وأخذ جوائزهم وحظى عندهم ، ودخل على الإمام الصادق عليه السلام فمدحه كما في  الاصل وأجازه الإمام عليه السلام وقد رثى الإمام الرضا عليه السلام بقصيدة عصماء ذكرها أبو الفرج الأصبهاني في مقاتله ص 568 أولها : 

يا صاحب العيس يحدى في أزمتها ــ ــ اسمع وأسمع غدا يا صاحب العيس

اقرا السلام على قبر بطــــوس ولا ــ ــ  تقرا السلام ولا النعمى على طوس

إلى آخر ما ذكره من أبياتها وهى 22 بيتا ، قال أبو الفرج هكذا انشدنيه على ابن الحسين بن علي بن حمزة عن عمه محمد بن علي بن حمزة العلوى ، وذكر إنه لما شاعت غير أشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد . وقال أيضا : هذه القصيدة ذكر محمد ابن علي بن حمزة إنها في علي بن موسى الرضا عليه السلام . 

وقد أورد الصولي : في كتاب الأوراق أبياتا من هذه القصيدة في رثاء الرضا عليه السلام ولما شاعت غير  الأشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد . 

وتجد في الأغاني ج 17 - ص 30 إلى 51 مفصل أخباره وأشعاره ، كما تجد له ذكرا  في الأغاني ج 4 ص 185 وج 6 ص 73 وج 21 ص 84 وفي تاريخ بغداد ج 7 ص 45 

وتاريخ ابن عساكر ج 3 ص 59 - 63 وذكره ابن شهر آشوب في معالم العلماء ص 142 في  شعراء أهل البيت المتكلفين وذلك انه عدهم أربع طبقات : المجاهرون والمتصدون والمتقون  والمتكلفون . فعد من المتكلفين الأشجع السلمي .  وقد ترجمه سيد الأعيان في كتابه ج 12 ص 346 إلى ص 399 . 

بحار الأنوار ج43ص310ب10ح1.

 

 

الشاعر السيد الحميري رحمه الله :

 روي أن الإمام الباقر عليه السلام :  دعا للكميت لما أراد أعداء آل محمد  أخذه وإهلاكه ، وكان متواريا ، فخرج في ظلمة الليل هاربا ، وقد أقعدو على كل  طريق جماعة ، ليأخذوه إذا ما خرج في خفية ، فلما وصل الكميت إلى الفضاء  وأراد أن يسلك طريقا ، فجاء أسد منعه من أن يسري منها ، فسلك جانبا آخر فمنعه  منه أيضا ، وكأنه أشار إلى الكميت أن يسلك خلفه ، ومضى الأسد في جانب الكميت  إلى أن أمن وتخلص من الأعداء .

 وكذلك كان : حال السيد الحميري دعا له الصادق  عليه السلام لما هرب عن أبويه ، وقد حرشا السلطان عليه لنصبهما ، فدله سبع على  طريق ونجا منهما. 

الخرائج والجرائح ص 264، بحار الأنوار ج43ص319ب10ح10.

ويا طيب : عن تشيع السيد الحميري رحمه الله ، فقد جاء عن محمد بن النعمان قال :

دخلت على السيد بن محمد : وهو لما به قد اسود وجهه وزرق عيناه ، وعطش كبده ، وهو يومئذ يقول بمحمد ابن الحنفية ، وهو من حشمه وكان ممن يشرب المسكر ، فجئت ، وكان قد قدم أبو عبد الله عليه السلام الكوفة ، لأنه  كان أنصرف من عند أبي جعفر المنصور .

 فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت : جعلت فداك إني فارقت السيد بن محمد الحميري لما به قد اسود وجهه ، وازرقت عيناه ، و  عطش كبده ، وسلب الكلام ، فانه كان يشرب المسكر .

 فقال أبو عبد الله عليه السلام :  أسرجوا حماري ، فأسرج له ، وركب ومضى ، ومضيت معه ، حتى دخلنا على السيد ، وإن جماعة محدقون به ، فقعد أبو عبد الله عليه السلام عند رأسه وقال :

 يا سيد : ففتح عينه ينظر إلى أبي عبد الله عليه السلام ، ولا يمكنه الكلام وقد أسود ، فجعل يبكى وعينه إلى أبي عبد الله عليه السلام ول يمكنه الكلام ، وإنا لنتبين منه أنه يريد الكلام  ولا يمكنه . 

فرأينا : أبا عبد الله عليه السلام حرك شفتيه .

 فنطق السيد فقال : جعلني الله فداك  أبأوليائك يفعل هذا ؟ !

 فقال أبو عبد الله عليه السلام : يا سيد قل بالحق يكشف الله ما بك  ويرحمك ، ويدخلك جنته التي وعد أولياءه . 

فقال في ذلك :

 تجعفرت بسم الله والله أكبر .

 فلم يبرح : أبو عبد الله عليه السلام ، حتى  قعد السيد على استه . 

وروي : أن أبا عبد الله عليه السلام لقي السيد بن محمد الحميري قال : سمتك أمك  سيدا ، ووفقت في ذلك ، وأنت سيد الشعراء ، ثم أنشد السيد في ذلك : 

ولقد عجبت لقائل لي مرة ــ ــ علامة فهم من الفقهاء

سماك قومك سيدا صدقوا به ــ ــ أنت الموفق سيد الشعراء

ما أنت حين تخص آل محمد ــ ــ  بالمدح منك وشاعر بسواء

مدح الملوك ذوي الغنى لعطائهم ــ ــ  والمدح منك لهم بغير عطاء

فأبشر فإنك فائز في حبهم ــ ــ لو قد وردت عليهم بجزاء

ما يعدل الدنيا جميعا كلها ــ ــ من حوض أحمد شربة من ماء

بحار الأنوار ج43ص327ب10ح23.

 

وعن حيان السراج قال : سمعت السيد ابن محمد الحميري يقال : 

كنت أقول : بالغلو ، وأعتقد غيبة محمد بن علي بن الحنفية رضي الله عنه ، قد ضللت  في ذلك زمانا ، فمن الله علي بالصادق جعفر بن محمد عليهما السلام ، وأنقذني به من النار  وهداني إلى سواء الصراط .

 فسألته : بعد ما صح عندي بالدلائل التي شاهدتها منه  أنه حجة الله علي وعلى جميع أهل زمانه ، وأنه الإمام الذي فرض الله طاعته  وأوجب الاقتداء به . 

فقلت له : يا ابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك عليهم السلام في الغيبة وصحة  كونها فأخبرني بمن يقع ؟

فقال عليه السلام : ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .

وآخرهم  القائم بالحق : بقية الله في الأرض ، وصاحب الزمان ، والله لو بقي في غيبته ما بقي  نوح في قومه ، لم يخرج من الدنيا حتى يظهر ، فيمل الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .

قال السيد : فلما سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمد عليهم السلام تبت إلى الله تعالى ذكره على يديه ، وقلت قصيدة أولها : 

فلما رأيت الناس في الدين قد غووا ــ ــ تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا

تجعفــــرت باســـــم الله والله أكبر ــ ــ أيقنــــت أن الله يعفـــو ويغفــــــر

ودنــــــت بديـــــن غير ما كنت دينا ــ ــ به ونهاني واحد الناس جعفــــر

فقلــــت فهبني قد تهــــودت برهــة ــ ــ وإلا فدينــــي ديــن من يتنصـــر

وإنــي إلى الرحمــان من ذاك تائب ــ ــ وإنــــي قد أســـــلمت والله أكبر

فلســـت بغال ما حيــــيت وراجــع ــ ــ إلى ما عليه كنت اخفي واظهــر

ولا قائـــلا حـــي برضـوى محمــد ــ ــ وإن عـاب جهـال مقالي فأكثروا

ولكنـــــه ممـــــن مضى لسبــــيله ــ ــ على أفضل الحالات يقفى ويخبر

مع الطيبين الطاهرين الاولى لهم ــ ــ من المصطفى فرع زكي وعنصر

إلى آخر القصيدة ، وقلت بعد ذلك : 

أيا راكبا نحو المدينــة حســـــرة ــ ــ عـذافـرة يطــوى بها كل سبسب

إذا ما هـــداك الله عاينت جعفـرا ــ ــ فقــل لولي الله وابــن المهـــذب

ألا يا أمين الله وابن أمينه ــ ــ أتوب إلى الرحمان ثم تأوبي

إليك من الامر الذي كنت مبطنا ــ ــ احارب فيه جاهدا كل معرب

وما كان قولي في ابن خولة مطنبا ــ ــ ومعاندة مني لنسل المطيب

ولكن روينا عن وصي محمد ــ ــ وما كان فيما قال بالمتكذب

بأن ولي الله يفقد لا يرى ــ ــ سنين كفعل الخائف المترقب

فتقسم أموال الفقيد كأنما ــ ــ تغيبه بين الصفيح المنصب

فيمكث حينا ثم ينبع نبعة ــ ــ كنبعة جدي من الافق كوكب

يسير بنصر الله من بيت ربه ــ ــ على سؤدد منه وأمر مسببب

يسير إلى أعدائه بلوائه ــ ــ فيقتلهم قتلا كجران مغضب

فلما روي أن ابن خولة غائب ــ ــ صرفنا إليه قولنا لم نكذب

وقلنا هو المهدي والعالم الذي ــ ــ يعيش به من عدله كل مجدب

فإذ قلت:لا، فالحق قولك والذي ــ ــ أمرت فحتم غير ما متعصب

واشهد ربي أن قولك حجة ــ ــ على الناس طرا من مطيع ومذنب

بأن ولي الامر والعالم الذي ــ ــ تطلع نفسي نحوه بتطرب

له غيبة لابد من أن يغيبها ــ ــ فصلى عليه الله من متغيب

فيمكث حينا ثم يظهر حينه ــ ــ فيملا عدلا كل شرق ومغرب

بذاك أدين الله سرا وجهرة ــ ــ ولست وإن عوتبت فيه بمعتب

وكان حيان السراج الرواي لهذا الحديث من الكيسانية  . 

كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص 112 - 115 وذكر المرزبانى في أخبار السيد  ص 40 طبع النجف الاشرف بيتا من قصيدته الرائية وهو قوله ( تجعفرت باسم الله والله  أكبر - الخ ) إما ابن المعتز فقد ذكره في طبقاته ص 7 وزاد عليه قوله : 

ويثبت مهما شاء ربى بأمره * ومحو ويقضى في الأمور ويقدر

 

وقصيدته الرائية مشهورة : أخرجها أو بعضها كل من أبي جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 343  والقاضي نور الله في مجالسه ج 2 ص 506 وصاحب الروضات ص 29 والطبرسس في اعلام الورى  ص 279 وابن شهر آشوب في المناقب ج 3 371 والشيخ المفيد في الفصول المختارة  ص 94 طبع النجف الطبعة الأولى . 

وأشار إلى القصيدة الكشي في رجاله ص 186 وابن حجر في لسان الميزان ج 1 ص 436  ، والمسعودي في مروج الذهب ج 2 ص 102 طبع مصر سنة 1346 وأبو الفرج في الأغاني ج 7 ص 231 ، وغيرهم . 

 

أما قصيدته البائية : فقد ذكرها المرزباني في أخبار السيد ص 43 وذكر بعضها الأربلي  في كشف الغمة ج 3 ص 450 والطبرسي في إعلام الورى ص 279 وابن شهر آشوب في  المناقب ج 3 ص 371 وأبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 343 وأخرجها عن بعضهم السيد الأمين في الأعيان ج 12 ص 157 والشيخ الأميني في الغدير ج 2 ص 246، بحار الأنوار ج43ص317ب10ح8.

 

 

يقول السيد الحميري :

 وقد رجع : عن قوله بمذهب الكيسانية  لما بلغه إنكار أبي عبد الله عليه السلام مقاله ، ودعاؤه إلى القول بنظام الإمامة ، ثم ذكر الأبيات مع اختصار. 

بيان : العذافرة العظيمة الشديدة من الإبل ، و السبب المفازة أو الأرض  المستوية البعيدة ، وقال الفيروز آبادي : الصفيح السماء ، ووجه كل شيء  عريض ، وهنا يحتمل الوجهين ، وعلى الثاني يكون المراد الحجر الذي يفرش على  القبر واللبن التي تنضد على اللحد ، ويقال : جرن جرونا تعود الأمر ومرن ، وما  في قوله : غير ما متعصب  زائدة ، وقوله : طراً أي جميعا . القاموس ج 1 ص 234.

الإرشاد ص 303 ، بحار الأنوار ج43ص319ب10ح9.

 

وعن داود الرقي قال : بلغ السيد الحميري أنه ذكر عند الصادق عليه السلام . فقال : السيد كافر .

فأتاه وقال : يا سيدي أنا كافر مع شدة حبي لكم ومعاداتي  الناس فيكم ؟

 قال عليه السلام : وما ينفعك ذاك وأنت كافر بحجة الدهر والزمان ، ثم أخذ  بيده وأدخله بيتا فإذا في البيت قبر فصلى ركعتين ، ثم ضرب بيده على القبر ، فصار  القبر قطعا ، فخرج شخص من قبره ينفض التراب عن رأسه ولحيته .

 فقال له  الصادق عليه السلام : من أنت ؟ قال : أنا محمد بن علي المسمى بابن الحنفية .

 فقال : فمن أنا ؟ قال : جعفر بن محمد حجة الدهر والزمان : فخرج السيد يقول : تجعفرت باسم الله فيمن تجعفرا. 

المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 370 ، بحار الأنوار ج43ص320ب10ح11.

 

السيد يمدح الإمام علي وآله عليهم السلام :

عن  جبلة بن محمد بن جبلة ، عن أبيه قال : أجتمع عندنا السيد ابن محمد الحميري و  جعفر بن عفان الطائي .
فقال له السيد : ويلك تقول في آل محمد عليهم السلام :

ما بال بيتكم تخرب سقفه ـ ـ وثيابكم من أرذل الأثواب

فقال جعفر : ما أنكرت من ذلك ؟

فقال له السيد : إذا لم تحسن المدح فاسكت ، أتوصف آل محمد صلى الله عليه وآله بمثل هذا ، ولكني أعذرك هذا طبعك وعلمك ومنتهاك ، وقد  قلت أمحو عنهم عار مدحك :

  اقســــم بــــالله وآلائــه ــ ــ والمرء عما قـــال مســـئول

إن علـــي بن أبي طــالب ــ ــ على التقــى والبر مجبول

وإنه كان الإمــــام الــذي ــ ــ لـــه على الأمـــة تفضيـــل

يقول بالحـــق ويعني بـــه ــ ــ ولا تلهيـــه الأبــاطيــــــل

كان إذا الحرب مرتها القنا ــ ــ وأحجمـــــت عنها البهاليل

يمشي إلى القرن وفي كفه ــ ــ أبيض ماضي الحد مصقول

مشي العفرنى بيــن أشـــباله ــ ــ أبــــرزه للقنــص الغيـل

ذاك الذي ســـلم في ليلـــــــة ــ ــ عليـــه ميكال وجبريـــــل

ميكال في ألف وجبريـل في ــ ــ ألـــــف ويتلوهـــم سرافيل

ليلــــة بــدر مــددا انـــزلــوا ــ ــ كــــأنهم طيــر أبابيــــــل

فســــلموا لما أتــــوا حذوه ــ ــ وذاك إعظـــام وتبجـــيـــل

كذا يقال فيه يا جعفر ، وشعرك يقال مثله لأهل الخصاصة والضعف ، فقبل جعفر رأسه وقال : أنت والله الرأس يا أبا هاشم ونحن الأذناب .

 أمالي الشيخ الطوسى ص 124.

وذكر أن أول القصيد يبدأ بالأبيات الأتية :

أم في الحشى منك حوى باطن ــ ــ ليس تدوايه الأباطيل

علقت يا مغرور خداعة ــ ــ بالوعد منها لك تخييل

ريا رداح النوم خصمانة ــ ــ كأنها ادماء عطبول

يشفيك منها حين تخلوبها * ضم إلى النحر وتقبيل

وذوق ريق طيب طعمه ــ ــ كأنه بالمسك معلول

في نسوة مثل المها خرد ــ ــ تضيق عنهن الخلاخيل

يقول فيها الأبيات المعروفة من القصيدة:

أقســــم بــــالله وآلائــه ــ ــ والمرء عما قـــال مســـئول

إن علـــي بن أبي طــالب ــ ــ على التقــى والبر مجبول

فقال العتبي : أحسن والله ما شاء ، هذا والله الشعر الذى يهجم على القلب بلا حجاب اه .

وروى حديث أبى الفرج السيد الآمين في الأعيان ج 12 ص 146 كما روى الشيخ الأميني حديث الأمالي في الغدير ج 2 ص 268 وذكر أبيات المدح فقط كما في الاصل الأربلي في كشف الغمة ج 1 ص 523 .

وأخرج الحديث الشيخ أبو جعفر الطبري في  بشارة المصطفى ص 64 بسنده عن الشيخ أبى علي بن الشيخ الطوسي عن أبيه شيخ الطائفة إلى آخر إسناده كما في أماليه وعنه صاحب الروضات فيها ص 29 .

وذكر أبو الفرج الأصفهاني  في أغانيه ج 7 ص 247 طبعة دار الكتب بمصر عن إسحاق بن محمد قال :

 سمعت العتبى  يقول : ليس في عصرنا هذا أحسن مذهبا في شعره ولا أنقى ألفاظا من السيد ، ثم قال لبعض من حضر : أنشدنا قصيدته اللامية التيى أنشدتناها اليوم فأنشده قوله : 

هل عند من أحببت تنويل ــ ــ  أم لا فان اللوم تضليل

إيضاح : قال الفيروز آبادي  البهلول : كسر سور الضحاك ، والسيد الجامع لكل خير ، وأسد عفرنى شديد والاشبال جمع الشبل وهو ولد الاسد ، وقال : القنص محركة ابنا معد بن عدنان وإبل أو بقرغيل بضمتين كثيرة أو سمان . القاموس ج 3 ص 339 . في القاموس : قناصة وقنص محركة ابنا معد بن عدنان . 

بحار الأنوار ج43ص314ب10ح6.

 

 

السيد يمدح الإمام أبا عبد الله الصادق عليه السلام :

في المناقب أنشد فيه : 

امدح أبا عبد الإله * فتى البرية في احتماله

سبط النبي محمد * حبل تفرع من حباله

تغشى العيون الناظرات * إذا سمون إلى جلاله

عذب الموارد بحره * يروي الخلائق من سجاله

بحر أطل على البحور * يمدهن ندى بلاله

سقت العباد يمينه * وسقى البلاد ندى شماله

يحكى السحاب يمينه * والودق يخرج من خلاله

الأرض ميراث له * والناس طرا في عياله

يا حجة الله الجليل * وعينه وزعيم آله

وابن الوصي المصطفى * وشبيه أحمد في كماله

أنت ابن بنت محمد * حذوا خلفت على مثاله

فضياء نورك نوره * وظلال روحك من ظلاله

فيك الخلاص من الردى * وبك الهداية من ضلاله

اثني ولست ببالغ * عشر الفريدة من خصاله

المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 371 وأخرجها السيد الامين ج 12 ص 260

والشيخ الاميني في الغدير ج2 ص251 .

بحار الأنوار ج43ص321ب10ح14.

 

الرياش ينشد السيد :

عن المرزباني ، قال : وجدت بخط محمد بن القاسم بن مهرويه  قال : حدثني الحمدوني الشاعر قال : سمعت الرياشي ينشد للسيد ابن محمد الحميري : 

إن امرؤاً خصمه أبو حسن ــ ــ لعازب الرأي داحض الحجج

لا يقبل الله منه معــــذرة ــ ــ ولا يلقنــــــه حجـــة الفــــــــلج

  أمالي الشيخ ص 144 وذكر البيتين الأربلي في كشف الغمة ج 1 ص 528 

والقاضي نور الله في مجالسه ج 2 ص 513 والامين في اعيان الشيعة ج 12 ص 237 وغيرهم ، بحار الأنوار ج43ص316ب10ح7.

 

أخر شعر قاله السيد الحميري :

عن محمد بن  رشيد قال : آخر شعر قاله السيد ابن محمد رحمه الله قبل وفاته بساعة وذلك أنه أغمي عليه واسود لونه ، ثم أفاق وقد ابيض وجهه وهو يقول :

احب الذي من مات من أهل وده ــ ــ تلقاه بالبشرى لدى الموت يضحـك

ومن مات يهوى غيره من عدوه ــ ــ فليـــس لـه إلا إلى النـــار مســــلك

أبا حسن تفديك نفسي وأسرتي ــ ــ ومالي وما أصبحت في الأرض أملك

أبا حسن إني بفضـــــلك عـــارف ــ ــ وإني بحبـــل من هــواك لممســك

وأنت وصي المصطفى وابن عمه ــ ــ وإنـــا نعـــادي مبغضيك وننـــزك

مواليك ناج مؤمن بين الهــــدى ــ ــ وقاليـــك معروف الضلالة مشـــرك

ولاح لحانــي في علي وحزبــــه ــ ــ فقــــلت لحاك الله إنــــك أعفــــــك

ومعنى أعفك أحمق. 

أمالي الشيخ الطوسي ص 31.

 وأخرج الحديث والشعر : الشيخ الجليل أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 92 طبع النجف ( الطبعة الأولى ) بزيادة في الأبيات وهي عنده ثلاثة عشر بيتا ، وأخرجها أيضا الكشي في رجاله ص 185 والأبيات عنده سبعة  كما في الأصل بتقديم وتأخير وصاحب الروضات في كتابه ص 30 ونحوه السيد الآمين في الأعيان ج 12 ص 207 والأميني في الغدير ج 2 ص 274 لكن القاضي نور الله في مجالسه ج 2 ص 514 ذكر الأبيات بنحو مما في الأصل في الترتيب . وبيتان منها في مناقب ابن شهر آشوب  ج 3 ص 24 .

بيان : قال الجوهري لحيت الرجل لحاء ولحيا إذا المته ، وقولهم : لحاه الله أي قبحه ولعنه . الصحاح ج 6 ص 2481 طبع دار الكتاب العربي .

بحار الأنوار ج43ص311ب10ح3.

 

حالات السيد الحميري حين موته :

عن  علي بن الحسين بن أبي حرب ، عن أبيه قال :

دخلت على السيد ابن محمد الحميري  : عائدا في علته التي مات فيها ، فوجدته يساق به ، ووجدت عنده جماعة من جيرانه  وكانوا عثمانية ، وكان السيد جميل الوجه ، رجب الجبهة ، عريض ما بين السالفتين ، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد ، ثم لم تزل تزيد وتنمى حتى  طبقت وجهه - يعني اسودادا - فأغتم لذلك من حضره من الشيعة ، وظهر من الناصبة  سرور وشماتة ، فلم يلبث بذلك الا قليل حتى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة  بيضاء ، فلم تزيد أيضا وتنمى حتى أسفر وجهه وأشرق ، وافتر السيد ضاحكا  وأنشأ يقول : 

كذب الزاعمـــون أن عليا ــ ــ لن ينجي محبه من هنات

قد وربي دخلت جنة عدن ــ ــ وعفا لي الا له عن سيئاتي

فابشروا اليوم أولياء علي ــ ــ وتولوا علي حتى الممات

ثم من بعده تـــولوا بنيــه ــ ــ واحدا بعد واحد بالصفات

ثم أتبع قوله هذا : أشهد أن لا إله إلا الله حقا حقا ، أشهد أن محمدا رسول الله حقا حقا ، أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا حقا ، أشهد أن ل إله إلا الله ثم أغمض عينه بنفسه فكأنما كانت روحه ذبالة طفئت ، أو حصاة سقطت ، فانتشر هذا القول في الناس ، فشهد جنازته والله الموافق والمفارق.

  أمالي ابن الشيخ الطوسي ص 43 وأخرج الحديث والشعر الاربلى في كشف الغمة  ج 1 ص 549 والروضاتى في روضات الجنات ص 30 وابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص  23 والقاضي نور الله في مجالسه ج 2 ص 515 وسيد الاعيان في كتابه ج 12 ص 206 والشيخ  الأميني في الغدير ج 2 ص 274 . السالفتين : صفحتا العنق عند معلق القرط .  

 

وذكر الأبيات : الحافظ المرزباني في أخبار السيد الحميري ص 47 طبع النجف الأشراف، قال حدثنا بعض أصحابنا عن محمد بن زيد النحوي عن بعض الأشياخ أنه رأى السيد ابن محمد في النوم ، فقال له ما فعل الله بك ؟

 فقال : غفر لي ثم  انشأ يقول : وذكر الشعر .

وعن محمد بن رشيد الهروي قال:

 حدثني السيد وسماه وذكر أنه  خير .

قال سألته : عن الخبر الذي يروى أن السيد أسود وجهه عند موته فقال : الشعر: الذي يروى له في ذلك ، حدثني أبو الحسن بن أيوب المروزي ، قال : روي أن السيد ابن محمد الشاعر أسود وجهه عند الموت،  فقال : هكذ يفعل بأوليائكم  يا أمير المؤمنين ! ؟ قال : فأبيض وجهه كأنه القمر ليلة البدر ، فأنشأ يقول : 

" احب الذي من مات من أهل وده " إلى آخر الابيات.

الظاهر : سقوط واسطة في السند ممن يضاف إلى السيد كغلام السيد أو صاحب السيد أو  ابن السيد ممن له المام بحال السيد وكان حاضرا عند موته ، وهو محذوف اما لنسيان الكشي  لاسمه أو أن الهروي نسيه واكتفى بوصف كونه خيرا .   رجال الكشي ص 185 وقد تقدمت الابيات مع ذكر مصادرها قريبا فراجع .

بحار الأنوار ج43ص312ب10ح4،5.

 

 

عثمان بن عمر الكواء في خبر أن السيد قال له :

 أخرج إلى باب  الدار تصادف غلاما نوبيا على بغلة شهباء معه حنوط وكفن يدفعها إليك .

 قال :  فخرجت فإذا بالغلام الموصوف .

 فلما رآني قال : يا عثمان إن سيدي جعفر بن  محمد يقول لك : ما آن أن ترجع عن كفرك وضلالك ، فان الله عز وجل اطلع  عليك فرآك للسيد خادم فانتجبك فخذ في جهازه.

المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 370 ، بحار الأنوار ج43ص320ب10ح12.

 

الأغاني قال عباد بن صهيب :

كنت عند جعفر بن محمد فأتاه نعي  السيد ، فدعا له وترحم عليه ، فقال له رجل : يا ابن رسول الله وهو يشرب الخمر  ويؤمن بالرجعة ؟ !

فقال عليه السلام : حدثني أبي عن جدي أن محبي آل محمد لا  يموتون إلا تائبين ، وقد تاب ، ورفع مصلى كان تحته فأخرج كتابا من السيد  يعرفه أنه قد تاب ويسأله الدعاء . 

وفي أخبار السيد : أنه ناظر معه مؤمن الطاق في ابن الحنفية فغلبه عليه فقال : 

تركت ابن خولة لاعن قلى * وإني لكالكلف الوامق

وإني له حافظ في المغيب * أدين بما دان في الصادق

هو الحبر حبر بني هاشم * ونور من الملك الرازق

به ينعش الله جمع العباد * ويجري البلاغة في الناطق

أتاني برهانه معلنا * فدنت ولم أك كالمائق

كمن صد بعد بيان الهدى * إلى حبتر وأبي حامق

فقال الطاقي : أحسنت الآن أتبت رشدك ، وبلغت أشدك ، وتبوأت من الخير موضعا ، ومن الجنة مقعدا  . المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 370  وأخرجه عنه في الغدير ج 2 ص 250 . 

بيان : يقال كلفت بهذا الامر أي أولعت به ، والوامق المحب ، والموق  حمق في غباوة يقال أحمق وامق ، والحبتر وأبو حامق كناية عن عمر وأبي بكر أو كلاهما عن الأول، وقد مر أن حبتر كثيرا ما يعبر به عن أبي بكر . 

بحار الأنوار ج43ص320ب10ح13.

 

قصيدة السيد رحمه الله المعروفة :

عن فضيل الرسان قال :

 دخلت على أبي عبد الله عليه السلام بعد ما قتل زيد بن  علي فأُدخلت بيتا جوف بيت فقال لي : يا فضيل قتل عمي زيد ؟ قلت : جعلت فداك  .

قال : رحمه الله أما إنه كان مؤمنا ، وكان عارفا ، وكان عالم ، وكان صدوقا  ، أما إنه لو ظفر لوفى أما إنه لو ملك لعرف كيف يضعها .

 قلت : يا سيدي ألا أنشدك  شعرا ؟

 قال : أمهل ، ثم أمر بستور فسدلت ، وبأبواب ففتحت.

 ثم قال : أنشد  فأنشدته : 

لام عمرو باللوى مربع * طامسة أعلامه بلقع

لما وقفت العيس في رسمه * والعين من عرفانه تدمع

ذكرت من قد كنت أهوى به * فبث والقلب شجى موجع

عجبت من قوم أتوا أحمدا * بخطة ليس لها مدفع

قالوا له لوشئت أخبرتنا * إلى من الغاية  المفزع

إذا توليت وفارقتنا * ومنهم في الملك من يطمع

فقال : لو أخبرتكم مفزعا * ما ذا عسيتم فيه أن تصنعوا ؟

صنيع أهل العجل إذ فارقوا * هارون فالترك له أو دع

فالناس يوم البعث راياتهم * خمس فمنها هالك أربع

قائدها العجل وفرعونها * وسامري الأمة المفظع

ومجدع من دينه مارق * أجدع عبد لكع أو كع

وراية قائدها وجهه * كأنه الشمس إذا تطلع

قال : سمعت نحيبا من وراء الستر ، وقال : من قال هذ الشعر ؟ قلت :  السيد بن محمد الحميري .

فقال : رحمه الله ، فقلت : إني رأيته يشرب النبيذ .فقال : رحمه الله ، قلت : إني رأيته يشرب النبيذ الرستاق ، قال : تعني الخمر ؟ قلت : نعم  ، قال : رحمه الله ، وما ذلك على الله أن يغفر لمحب علي عليه السلام . 

رجال الكشى ص 184.

توضيح : أم عمرو يعبر به عن مطلق الحبيبة ، واللوى كإلى م التوى من الرمل أو مسترقه ، والمربع منزل القوم في الربيع ، والطموس الدروس والأنمحاء  والبلقع الارض القفر الذي لا شيء بها ، والعيس مفعول لقوله وقفت وهو بالكسر  الابل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة ، والشجو الهم والحزن ، قوله : فالترك  له أودع أي إن كنتم تصنعون مثل صنيعهم فالترك لهذا السؤال أودع لكم ، من  الدعة بمعنى الراحة والخفض . 

وقوله وسامري الأمة : إشارة إلى عثمان أو إلى عمر ، إما بأن يكون عطف  تفسير لقوله فرعونها ، أو بأن يكون فرعونها إشارة إلى عثمان وعلى الأول يكون  المجدع عبارة عن عثمان ، والأجدع إلى معاوية ، لكن الأظهر أن تمام البيت وصف لمعاوية . 

وقال الفيروزآبادي : الجدع قطع الأنف أو الأذن أو اليد أو الشفة ، فهو  أجدع ، والاجدع الشيطان ، وحمار مجدع كمعظم مقطوع الأذنين ، وجادع  مجادعة وجداعا شاتم كتجادع ، وقال : اللكع كصرد اللئيم والعبد  والأحمق ، وقال :  وكع ككرم لؤم ، وصلب واشتد ، وفلان وكيع لكيع ووكوع لكوع لئيم . 

القاموس ج 3 ص 11 باقتباس ، 82 ، 97 ، بحار الأنوار ج43ص325ب10ح22.

 

وعن سهل بن ذبيان  قال :

 دخلت : على الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام في بعض الأيام ، قبل أن يدخل عليه أحد من الناس .

فقال لي : مرحبا بك يا ابن ذبيان ، الساعة أراد رسولنا أن  يأتيك لتحضر عندنا ، فقلت : لماذا يا ابن رسول الله ؟ فقال : لمنام رأيته البارحة ، و  قد أزعجني وأرقني ، فقلت : خيرا يكون إن شاء الله تعالى .

فقال : يا ابن ذبيان رأيت كأني قد نصب لي سلم فيه مائة مرقاة ، فصعدت إلى أعلاه ، فقلت : يا مولاي  أهنيك بطول العمر ، وربما تعيش مائة سنة لكل مرقاة سنة ، فقال لي عليه السلام : ما شاء الله كان . 

ثم قال : يا ابن ذبيان ، فلما صعدت إلى أعلى السلم رأيت كأني دخلت  في قبة خضراء يرى ظاهرها من باطنها ، ورأيت جدي رسول الله صلى الله عليه  وآله وسلم جالسا فيها ، وإلى يمينه وشماله غلامان حسنان ، يشرق النور من وجوههم ، ورأيت امرأة بهية الخلقة ، رأيت بين يديه شخصا بهي الخلقة جالسا  عنده ورأيت رجلا واقفا بين يديه وهو يقرأ هذه القصيدة :

" لام عمرو باللوى  مربع "

فلما رآني النبي صلى الله عليه وآله قال لي : مربحا بك وي ولدي يا علي بن موسى الرضا سلم على أبيك علي ، فسلمت عليه ، ثم قال لي : سلم على أمك فاطمة الزهراء  فسلمت عليها ، فقال لي : وسلم على أبويك الحسن والحسين فسلمت عليهما .

 ثم قال لي : وسلم على شاعرنا وما دحنا في دار الدنيا السيد إسماعيل الحميري ، فسلمت  عليه ، وجلست فالتفت ابني إلى السيد إسماعيل ، فقال له : عد إلى ما كناية فيه من  إنشاد القصيدة ، فأنشد يقول

لام عمرو باللوى مربع ــ ــ طامسة أعلامه بلقع

فبكى النبي صلى الله عليه وآله فلما بلغ إلى قوله : " ووجهه كالشمس إذ تطلع " بكى النبي صلى الله عليه وآله وفاطمة عليها السلام معه ومن معه ، ولما بلغ إلى قوله : 

قالوا له لو شئت أعلمتنا * إلى من الغاية والمفزع

ورفع النبي صلى الله عليه وآله يديه وقال : إلهي أنت الشاهد علي وعليهم أني أعلمتهم  أن الغاية والمفزع علي بن أبي طالب ، وأشار بيده إليه ، وهو جالس بين يديه صلوات الله عليه. 

قال علي بن موسى الرضا عليه السلام : فلما فرغ السيد إسماعيل الحميري من  إنشاد القصيدة التفت النبي صلى الله عليه وآله إلي وقال لي : يا علي بن موسى أحفظ هذه القصيدة ، ومر شيعتنا بحفظها ، وأعلمهم أن من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له  الجنة على الله تعالى ,

 قال الرضا عليه السلام : ولم يزل يكررها علي حتى حفظتها  منه ، والقصيدة هذه :

لأم عمــرو باللوى مربـــع === طـــامســــة أعلامه بلقع

تروح عـنه الطير وحشـية === والأسـد من خيفته تفزع

برسم دار ما بها مؤنـــس === إلا ظلال في الثـرى وقع

رقش يخـات الموت من نفثها === والسم في أنيابها منقع

 

لما وقفن العيس من رسمها === والعين من عرفانه تدمع

ذكرت من قد كنت ألهو به === فبت والقلب شــجٍ موجع

كأن بالنـــــــار لما شفني === من حــب أروى كبد تلذع

عجبت من قوم أتواأحمــداً === بخطبــة ليس لها موضع

 

قالـــوا له لو شئت أعلمتنا === إلى من الغاية والمفــزع

إذا تــوفيت وفـــــــارقتنا === وفيهم في الملك من يطمـع

فقال لو أعلمتكم مفزعاً === كنتم عسيتم فيه أن تصنعــوا

صنيع أهل العجل إذ فارقوا === هارون فالترك له أودع

 

وفي الذي قال بيــان لمـــن === كان إذا يعقـــل أو يسمع

ثــم أتتـه بعـد ذا عـزمـة === مـن ربـه ليـس لها مـدفــع

أبلغ وإلا لم تـــكن مبلغـــاً === والله مـــنهم عاصم يمنــع

فعنـــدها قــام النبــي الذي === كــان بما يأمــره يصدع

 

يخطب مأموراً وفي كــفـه === كف علي ظاهـر يلمـــع

رافعها أكرم بــكف الــذي === يرفع والكف الذي ترفــع

يقول والأملاك من حوله === والله فيهـــم شــاهد يسمع

من كنت مولاه فهذا له === مولاً فلم يرضوا ولم يقنعــوا

 

فاتهموه وجنت منـهم === على خلاف الصادق الأضـلـع

وظــل قــوم غــاضهم فعلـه === كـأنمـا آنـافهــم تجـــدع

حتى إذا وارووه في قبره === وانصرفوا عن دفنه ضيعوا

ماقال بالأمس وأوصى به === واشــتـروا الضر بما ينفع

 

وقطعوا أرحامه بعــــــده === فسوف يجزون بما قطعــوا

وأزمعوا غدراً بمولاهــم === تبــاً لما كــان به أزمعـــوا

لاهم عليه يردوا حوضه === غــداً ولاهو فـيهم يشفـــع

ينصب فيهم علم للهدى === والحوض من ماء له مترع

 

يفيـض من رحمته كوثـر === أبيض كـالفضـة أوأنـصع

حصاه ياقـوت ومرجانــة === ولــؤلؤ لـم تجنــه إصبــع

بطحاءه مسـك وحافاتـــه=== يهتز منها مونــق مربــــع

أخضر ما دون الورى ناضر=== وفاقع أصفر أو أنصع

 

فيه أباريق وقدحــانــــه === يذب فيها الـرجـل الأصلع

يذب عنها ابن أبي طــالب === ذبـاً كجربا إبـل شـــرع

والعطر والريحان أنواعه=== ذاكٍ وقـد هبت به زعزع

ريح من الجنــة مأمــورة === ذاهـبة ليس لهــا مـرجــع

 

إذا دنوا منه لكي يشربوا === قال لهم تباً لكم فارجــعوا

دونكم فالتمسوا منهــــلاً === يرويكم أو مطمع يشـــــبع

فالفوز للشارب من حوضه=== والويل والذل لمن يمنع

والناس يوم الحشر راياتهم === خمس فمنها هالك أربع

 

فراية العجل وفرعونهــا === وسامـري الأمة المشنـــع

ورايـــة يقدمهــــا أذلــــم === عبد لـــئيم لبكع أكــــوع

ورايـــــة يقدمها حبتــر === للـــزور والبهتان قدأبدعوا

وراية يقدمها نعثــــــــل === لا برد الله له مضجـــــــع

 

أربعة في سقر أودعـــوا === ليس لــهم من قعرها مطلع

وراية يقدمها حيـــــــدر === ووجهـــه كالشمس إذ تطلع

غداً يلاقي المصطفى حيدر === وراية الحمـد له ترفـــع

مولاً له الجنـــة مأمــورة === والنـار من إجلالـه تفـــزع

 

إمام صدق وله شيعة === يرووا من الحوض ولم يمنعوا

بذاك جاء الوحي من ربنا === ياشيعة الحق فلا تجزعوا

الحميري مادحكم لم يــزل === ولو يقـطع إصبع إصبــع

 

( وحسن الأنباري ينشر مدحه === بالأنترنيت وعالمه الأوسع

ويوصلــه لكل قلب سـليم === يفرح بمعناه حين يسمـــع

وبعدها صلوا على المصطفى === وصنوه حيدرة البطين الأصلع

بطين بالعلم أصلع من الشرك === فلمعناه أفهم وبه تمتع )

رجال الكشي ص 135 وروى الحديث عنه أبو علي في منتهى المقال ص 58 و  المامقاني في رجاله ج 1 ص 143 واشار اليه الخونساري في الروضات ص 31 وأخرج  الابيات الامين في اعيان الشيعة ج 12 ص 213 . 

نقل القاضي نور الله في مجالسه ج 2 ص 508 عن رجال الكشي حديث سهل بن  ذبيان وقصة المنام ولم نقف عليه في المطبوع منه ، كما أن أبا على في رجاله ص 59 والمامقاني  في رجاله ج 1 ص 143 نقلا عن العيون لشيخنا الصدوق قصة المنام ، وذكر شيخنا الأميني  في الغدير ج 2 ص 223 خلو نسخ العيون الخطوطة والمطبوعة من ذلك . ونقل عن جماعة  ذكروا المنام في مؤلفاتهم فراجع . 

و قد شرح هذه القصيدة جملة من الاعلام في القرون الأربعة المتأخرة ، وقفنا على  ذكرهم في الذريعة ج 14 ص 9 - 11 لشيخنا الرازى دام ظله والغدير ج 2 ص 224 لشيخنا الأميني سلمه الله فمن شاء المزيد فليراجع .

بحار الأنوار ج43ص327ب10ح23.

 


 

جعفر بن عفان الطائي :

هو أبو عبد الله الطائي : المكفوف كان من شعراء الكوفة ، وله اشعار كثيرة في معان 

مختلفة وقد ذكره الكشي في رجاله ص 187 باسم جعفر بن عثمان الطائي ، وقد ذكر السيد  الآمين في أعيان الشيعة ج 16 ص 58 أنه ورد في نسخة من الخلاصة للعالمة الحلي عنده  مخطوطة مقابلة على نسخة  ولد المصنف نقله عن الكشي جعفر بن عفان لا عثمان . أقول :

ذكره الكشي : وروى عن زيد الشحام دخول جعفر المذكور على الإمام الصادق عليه السلام فقربه وأدناه واستنشده شعره في رثاء الحسين عليه السلام وبكائه لما أنشده وقال عليه السلام :

يا جعفر : والله  لقد شهدت ملائكة الله المقربون هاهنا يسمعون قولك في الحسين عليه السلام ولقد بكوا كما بكينا أو أكثر ، ولقد أوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعتك الجنة بأسرها وغفر لك .

 فقال : يا جعفر ألا أزيدك ؟

قال : نعم يا سيدي .

قال : ما من أحد قال في الحسين شعرا فبكى وأبكى  به إلا أوجب الله له الجنة وغفر له .

 وذكر سيد الأعيان من شعره في أهل البيت عليهم السلام  في كتابه .

 ومما ذكره رده على مروان بن أبى حفصة قوله : 

أنى يكون وليس ذاك بكائن ــ ــ لنبي البنات وراثة الأعمام

ونقل : ذلك عن الأغاني وقد ذكره أبو الفرج في الأغاني ج 9 ص 45 بسنده عن محمد  ابن يحيى بن أبي مرة التغلبى قال مررت بجعفر بن عفان الطائي يوما وهو على باب منزله  فسلمت عليه فقال له : مرحبا يا أخا تغلب أجلس فجلست.

 فقال لي : أما تعجب من ابن  أبى حفصة لعنه الله حيث يقول : 

أنى يكون وليس ذاك بكائن ــ ــ لنبي البنات وراثة الأعمام

فقلت : بلى والله إني لا تعجب منه وأكثر اللعن له ، فهل قلت في ذلك شيئا ؟

فقال : نعم قلت : 

لم لا يكون وان ذاك لكائن ــ ــ لبنى البنــــات وراثة الأعمام

للبنت نصف كامل من ماله ــ ــ والعــــــم متروك بغير سهام

ما للطليق وللتراث وإنما ــ ــ صلى الطليق مخافة الصمصام

توفي جعفر بن عفان الشاعر المذكور في حدود سنة 150 . 

بحار الأنوار ج43ص314ب10ح6.


 

 

الكميت الأسدي رحمه الله :

طاهر : بن عيسى ، عن جعفر بن أحمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن  محمد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب قال : أنشد الكميت أبا عبد الله شعره : 

أخلص الله في هواي فما ــ ــ أغرق نزعا وما تطيش سهامي

فقال أبو عبد الله عليه السلام : لا تقل هكذا ولكن قل :

قد أغرق نزعا وما تطيش سهامي.

رجال الكشي ص 135 ،  الكافي ج 8 ص 215 ، بحار الأنوار ج43ص321ب10ح15.

 

وروى المسعودي في مروج الذهب ج 2 ص 195 انه أنشدها أيضا عبد الله بن الحسن  ابن علي وقد أجازه بضيعة أعطى فيها أربعة آلاف دينار ، وكتب له بها وأشهد على ذلك فأبى أخيرا قبلوها ورد الكتاب .

 وقد تقدم أيضا : في أحوال الإمام الباقر عليه السلام ما يتعلق بالمقام فراجع ج 46 ص 338. 

والبيت : من قصيدته الميمة من الهاشميات وهي أولى قصائده الهاشميات المطبوعة تبلغ 103 أبيات حسب مطبوعة ليدن باعتناء جوزيف هو رويتز الألماني  سنة 1904 من ص 1 إلى ص 26 مشروحة بشرح أبى رياش أحمد بن إبراهيم القيسي ، وكذا  في مطبوعة مصر بشرح محمد شاكر الخياط النابلسي الأزهري وهى من ص 4 إلى ص 15 ، وقد  روى ان الكميت أنشد قصيدته هذه جملة من أئمة أهل البيت عليه السلام وساداتهم .

 فقد روى البغدادي : في خزانة الأدب ج 1 ص 69 أنه أنشدها الإمام السجاد عليه السلام فلما أتى على آخرها دعا له الإمام  السجاد بالمغفرة ووصله بأربعمائة ألف درهم ودفع اليه بعض أثوابه التي يلي جسده ودعا له  بالسعادة والشهادة والمثوبة حتى قال الكميت ما زلت أعرف بركة دعائه.

 وروى أبو الفرج  في الأغاني ج 15 ص 123 انه أنشدها الامام الباقر عليه السلام وقال الإمام عليه السلام اللهم اغفر للكميت كررها مرتين.

 وفي الكشي ص 136 انه دعا له بالتأييد بروح القدس مادام يقول فيهم ، و نحوه في مروج الذهب ج 2 ص 195 واعلام الورى ص 265 . 

وروى الكشي في رجاله ص 135 أنه أنشدها الامام الصادق عليه السلام .

بحار الأنوار ج43ص321ب10ح16.

 

وعن داود بن النعمان قال : أدخلت الكميت فأنشده  وذكر نحوه ثم قال في آخره : إن الله عز وجل يحب معالي الأمور ، ويكره  سفسافها .

 فقال الكميت : يا سيدي أسألك عن مسألة ، وكان متكئا فأستوى جالسا  وكسر في صدره وسادة ، ثم قال : سل .

فقال : أسألك عن الرجلين ؟

 فقال : يا كميت  ابن زيد ما أهريق في الإسلام محجمة من دم ولا اكتسب مال من غير حله ، ولا نكح  فرج حرام إلا وذلك في أعناقهما إلى يوم القيامة ، حتى يقوم قائمنا ، ونحن معاشر  بني هاشم نأمر كبارنا وصغارنا بسبهما والبراءة منهما.

 رجال الكشى ص 135 

بيان : قال الجوهري السفساف الرديء من كل شيء ، والأمر الحقير ، وفي الحديث إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها . الصحاح ج 4 ص 1375 طبع دار الكتاب العربي .

بحار الأنوار ج43ص323ب10ح17.

 

وعن درست بن أبي منصور قال : كنت عند أبي  الحسن موسى عليه السلام وعنده الكميت بن زيد فقال للكميت : أنت الذي تقول :

فالآن صرت إلى أمية والأمور إلى مصائر 

قال : قد قلت ذلك ، فوالله ما رجعت عن إيماني ، وإني لكم لموال ، و  لعدوكم لقال ، ولكني قلته على التقية ، قال : أما لان قلت ذلك إن التقية  تجوز في شرب الخمر. 

رجال الكشي ص 136 .

 والبيت من قصيدة قالها في بنى أمية وأولها :  قف بالديار وقوف زائر . . . 

وفي رواية الكشي نظر من امتناع حضور الكيمت على أبى الحسن موسى عليه السلام  لأن الكميت مات سنة 126 وذلك قبل ان يولد موسى بن جعفر عليه السلام بسنتين أو أكثر ثم ان أبا الفرج الأصبهاني روى في الأغاني ج 15 ص 121 بسنده .

عن عبد الله بن الجارود ابن أبى سبرة قال : دخلت الكميت بن زيد الأسدي على أبى جعفر محمد بن علي عليهما السلام  فقال له يا كميت أنت القائل : 

فالان صرت إلى أمية والأمور إلى مصائر ؟ 

قال : نعم قد قلت ، ولا والله ما أردت به إلا الدنيا ، ولقد عرفت فضلكم ، قال أما أن  قلت ذلك . إن التقية لتحل .

بحار الأنوار ج43ص323ب10ح18.

 

وعن عقبة بن بشير الأسدي ، عن كميت  ابن زيد الأسدي قال :

 دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقال : والله يا كميت لو أن  عندن مالا لأعطيناك منه ، ولكن لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لحسان :

 لا يزال معك روح القدس ما ذببت عنا. 

رجال الكشي ص 136 . 

بحار الأنوار ج43ص324ب10ح19.

وعن عبيد بن  زرارة ، عن أبيه قال :

 دخل الكميت بن زيد على أبي جعفر عليه السلام وأنا عنده فأنشده : 

" من لقلب متيم مستهام "

 فلما فرغ منها ، قال للكميت : لا تزال مؤيدا بروح القدس ما دمت تقول فينا .

رجال الكشي ص 136 ، بحار الأنوار ج43ص324ب10ح20.

 

وعن أبي  المسيح عبد الله بن مروان الجواني قال : كان عندنا رجل من عباد الله الصالحين ، وكان راوية لشعر الكميت - يعني الهاشميات - وكان سمع ذلك منه ، وكان عالما  بها ، فتركه خمسا وعشرين سنة لا يستحل روايته وإنشاده ، ثم عاد .

فيه فقيل له :  ألم تكن زهدت فيها وتركتها ؟ !

فقال : نعم ولكني رأيت رؤيا دعتني إلى العود فيه .

 فقيل له : وما رأيت ؟

قال : رأيت كأن القيامة قد قامت ، وكأنما أنا في المحشر  فدفعت إلي مجلة .

 قال أبو محمد : فقلت لأبي المسيح وما المجلة ؟ قال : الصحيفة .

 قال : نشرتها فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم أسماء من يدخل الجنة من محبي  علي بن أبي طالب عليه السلام قال : فنظرت في السطر الأول ، فإذا أسماء قوم لم  أعرفهم ، ونظرت في السطر الثاني فإذا هو كذلك ، ونظرت في السطر الثالث والرابع  فاذا فيه " والكميت بن زيد الاسدي " قال : فذلك دعاني إلى العود فيه. 

رجال الكشي ص 136 ، بحار الأنوار ج43ص323ب10ح21.

 

الشاعر أبو هريرة الابار :

عن عيسى بن داب قال : لما حمل أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام على سريره واخرج إلى البقيع ليدفن ، قال 

أبو هريرة الآبار :

أقـــــول وقد راحوا به يحملونه ــ ــ على كاهــل من حـــامليه وعاتق

أتدرون ماذا تحلمون إلى الثرى ــ ــ ثبيرا ثوى من رأس علياء شاهق

غداة حثا الحاثون فوق ضريحه ــ ــ تـرابـا وأولى كـان فوق المفارق

أيا صادق بن الصـــادقين أليــة ــ ــ بآبائك الأطهــار حلـفـت صـادق

لحقاً بكم ذو العرش أقسم في الورى ــ ــ فقال تعالى الله رب المشارق

نجوم هي اثنا عشــــرة كن ســبقا ــ ــ إلى الله في عــلـم من الله سابق

هو أبو هريرة الابار : من شعراء أهل البيت المتقين ذكره ابن شهر آشوب في المعالم ص 140 طبع ايران وذكره المرحوم السماوي والسيد الامين في الطليعة واعيان  الشيعة ج 7 ص 260 وصفه السماوي بالعجلي أيضا وقال : كان راوية شاعرا ناسك لقي الباقر والصادق عليهما السلام وكان يسكن البصرة ، والذى يظهر من صاحب المعالم تعدد الآبار  والعجلي ، وقد أورد ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 341 في مدح الباقر عليه السلام لابى هريرة قوله : 

أبا جعفر أنت الإمام احبه ــ ــ وأرضى الذي يرضى به وأتابع

أتانا رجال يحملون عليكم ــ ــ أحاديث قد ضاقت بهن الأضلع

وفي المناقب أيضا ج 3 ص 356 قرأت في بعض التواريخ لما أتى كتاب أبي مسلم الخراساني إلى الصادق عليه السلام بالليل قرأه ثم وضعه على المصباح فحرقه فقال الرسول - وظن ان حرقه له تغطية وستر أو صيانة للأمر - هل من جواب قال : الجواب ما قد رأيت ، فقال ابو هريرة الابار صاحب الصادق عليه السلام :   

ولما دعا الداعون مولاي لم يكن * ليثنى اليهم عزمه بصواب

ولما دعوه بالكتاب أجابهم * بحرق الكتاب دون رد جواب

وما كان مولائي كمشري ضلالة * ولا ملبسا منها الردى بصواب

ولكنه لله في الأرض حجة * دليل إلى خير وحسن مآب

واذا صح : أتحاد الابار مع العجلى كما ذكره العلامة السماوي رحمه الله فهو من شعراء أهل البيت المجاهرين . وقد ذكره ابن شهر آشوب في معالم العلماء ص 136 فيهم .

وقال :  قال أبو بصير قال ابو عبد الله عليه السلام من ينشدن شعر ابى هريرة ؟ قلت : جعلت فداك انه كان  يشرب .

فقال : رحمه الله وما ذنب يغفره الله لولا بغض علي اه . 

وورد في الخلاصة ابو هريرة البزاز قال العقيقي : ترحم عليه أبو عبد الله عليه السلام وقيل له  انه كان يشرب النبيذ .

فقال : أيعز على الله أن يغفر لمحب على شرب النبيذ والخمر اه  ، فيحتمل أن يكون هو العجلي وإذا تم فيكون الجميع واحدا . 

الإلية : القسم وجمعها ألايا . 

مقتضب الأثر ص 54 وأخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 398 وعنهم السيد الامين في الاعيان ج 7 ص 261 ، بحار الأنوار ج43ص329ب10ح24.

 

 

شهادة الإمام الصادق عليه السلام :

يا طيب : ما ذكر إلا اليسير من حياة الإمام الصادق عليه السلام ، وإن معارفه وأحاديثه لا يسعها هذا المختصر إلا القيل المناسب لبحوثه ، وبها كنفي ونختم بتعريف شهادة الإمام الصادق عليه السلام والأحوال حينها وبعدها  :

 

أحواله ووصياه عند شهادته :

مضى عليه السلام إلى الرفيق الأعلى : في  شوال من سنة ثمان وأربعين ومائة ، وله خمس وستون سنة ، ودفن بالبقيع مع أبيه وجده وعمه الحسن عليهم .

الإرشاد للشيخ المفيد ص 289 . 

وقبض : في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة .

وقيل يوم الاثنين النصف من رجب .

 روضة الواعظين ص 253 والمناقب ج 3 ص 399 .

 

وذكر في منتهى الآمال :

 توفي عليه السلام : بالسم الذي أطعمه المنصور ، وكان عمره الشريف حين استشهاده خمساً وستين سنة ، ولم يعين في الكتب المعتبرة اليوم الذي توفي فيه من شهر شوال ، نعم قال المتتبع الماهر توفي اليوم 25 الخامس والعشرون من ذلك الشهر .

مشكاة الأنوار ص 41 من باب الرضا الفصل السابع ، منتهى الآمال ج2ص244 ف7 .

 

وعن يونس بن يعقوب ، عن أبي الحسن الأول قال : سمعته يقول :

 أنا كفنت أبي : في ثوبين شطويين كان يحرم  فيهما ، وفي قميص من قمصه ، وفي عمامة كانت لعلي بن الحسين عليه السلام وفي برد اشتريته بأربعين دينارا .

الكافي ج 1 ص 475. بيان : شطا اسم قرية بناحية مصر تنسب إليها الثياب الشطوية .

 

 وعن أبي بصير قال :

 دخلت على أم حميد : اعزيها بأبي عبد الله عليه السلام ، فبكت وبكيت لبكائها.

ثم قالت : يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله عليه السلام عند الموت لرأيت عجبا فتح عينيه ثم قال :

أجمعوا لي : كل من بيني وبينه قرابة .

قالت : فلم نترك أحدا إلا جمعناه .

قالت : فنظر إليهم ثم قال :

إن شفاعتنا : لا تنال مستخفا بالصلاة .

ثواب الأعمال ص 205 ،المحاسن للبرقي ج 1 ص 80 ، بحار الأنوار ج43ص2 ب 1ح5.  

 

وعن أبي بصير قال : قال أبو الحسن الأول عليه السلام: إنه لما حضر أبي الوفاة قال لي:

 يا بني : إنه لا ينال شفاعتنا ، من  استخف بالصلاة .

 الكافي ج 3 ص 270،، بحار الأنوار ج43ص8 ب 1ح23. 

 

و سالمة مولاة أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قالت : كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام حين حضرته  الوفاة وأغمي عليه.

 فلما أفاق قال :

أعطوا : الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو الأفطس سبعين دينار ، وأعط فلانا كذا ، وفلانا كذا .

فقلت : أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة ، يريد أن يقتلك ؟

قال : تريدين أن لا أكون من الذين قال  الله عز وجل : { وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ  وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ (21) } الرعد .

نعم يا سالمة : إن الله خلق الله الجنة فطيبها وطيب ريحه ، وإن ريحها يوجد من مسيرة ألفي عام ، ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم .

 غيبة الشيخ الطوسي ص 128 ، ، بحار الأنوار ج43ص3 ب 1ح7 .

 

وعن عثمان بن عيسى ، عن عدة من أصحابنا  قال :

 لما قبض أبو جعفر عليه السلام : أمر أبو عبد الله عليه السلام بالسراج في البيت الذي كان يسكنه ، حتى قبض أبو عبد الله عليه السلام .

 ثم أمر أبو الحسن الكاظم عليه السلام : بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله عليه السلام حتى خرج به إلى العراق ، ثم لا أدري ما كان .

الكافي ج 3 ص 251 وأخرج الصدوق في الفقيه ج 1 ص 97 والطوسي  في التهذيب ج 1 ص 289 . 

 

روى أبو أيوب الخوزي قال :

 بعث إلي أبو جعفر المنصور : في جوف الليل ، فدخلت عليه وهو جالس على كرسي ، وبين يديه شمعة وفي يده كتاب .

فلما سلمت عليه : رمى الكتاب إلي وهو يبكي .

وقال : هذا كتاب محمد بن سليمان ، يخبرنا أن جعفر بن محمد قد مات ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ثلاثا وأين مثل جعفر ؟ 

ثم قال لي : اكتب فكتبت صدر الكتاب .

 ثم قال : اكتب إن كان أوصى إلى رجل بعينه ، فقدمه واضرب عنقه .

قال فرجع الجواب إليه : إنه قد أوصى إلى خمسة  أحدهم أبو جعفر المنصور ، ومحمد بن سليمان ، وعبد الله وموسى ابني جعفر ، وحميدة .

فقال المنصور : ليس إلى قتل هؤلاء سبيل.

غيبة الشيخ الطوسى ص 129 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 310 ، ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 434 بتفاوت يسير ، إعلام الورى ص 290 ، بحار الأنوار ج43ص3 ب 1ح8 .

داود بن كثير الرقي قال : أتى أعرابي إلى أبي حمزة الثمالي فسأله خبرا .

فقال : توفي جعفر الصادق عليه السلام .

 فشهق : شهقة وأغمي عليه ، فلما أفاق قال : هل أوصى إلى أحد ؟

قال : نعم أوصى إلى ابنه عبد الله ، وموسى ، وأبي جعفر المنصور .

 فضحك أبو حمزة وقال : الحمد لله الذي هدانا إلى الهدى ، وبين لنا عن الكبير ودلنا على الصغير ، وأخفى عن أمر عظيم .

فسئل عن قوله فقال : بين عيوب الكبير ، ودل على الصغير لإضافته إياه ، وكتم الوصية للمنصور لأنه لو سأل المنصور عن الوصي ، لقيل : أنت  .

المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 434  . بحار الأنوار ج43ص4 ب 1ح11.


خلاصة ومختصر في حياة الأمام

ولد عليه السلام : في المدينة المنور 13 لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة 83 ثلاث وثمانين من الهجرة ، وهو يصادف يوم 17 ربيع الأول وفي مثل هذا اليوم في عام الفيل ولد جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

 ومضى عليه السلام : في النصف من رجب ، ويقال : في 25 شوال سنة ثمان وأربعين ومائة .

 وله عليه السلام : 65 خمس وستون سنة.

 أقام فيها : مع جده وأبيه 12  اثنتي  عشرة سنة .

 ومع أبيه بعد جده : 19 تسع عشرة سنة .

وتولى الإمامة عليه السلام : وعمره 31 سنة .

 وبعد أبيه عليه السلام : أيام إمامته عليه السلام 34 أربع وثلاثين سنة .

 وكان في أيام إمامته عليه السلام : بقية ملك هشام بن عبد الملك ، وملك الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، وملك يزيد بن الوليد بن عبد الملك الملقب بالناقص ، وملك إبراهيم بن الوليد ، وملك مروان بن محمد الحمار .

 ثم صارت المسودة : من أهل خراسان مع أبي مسلم سنة 132 اثنتين وثلاثين ومائة ، فملك أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الملقب بالسفاح ، 4 أربع سنين وثمانية أشهر ، ثم ملك أخوه أبو جعفر عبد الله الملقب بالمنصور ، 21 إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا ، وتوفي الصادق عليه السلام بعد 10 عشر سنين من ملكه .

 أي في 25شوال سنة 148 : عن عمر يناهز 65 الخامسة والستين سنه ،  قضها الإمام وحجة الله على خلقه في تربية أكبر جمع من العلماء ونشر معارف الله .

  ودفن بالبقيع : مع أبيه وجده وعمه الحسن عليهم السلام .

 إعلام الورى ص 266، بحار الأنوار ج43ص8 ب 1ح17.

في أدعية شهر رمضان : وضاعف العذاب على من شرك في دمه وهو المنصور.

 الإقبال ص 345 .

ويا طيب : كانت على مراقد أئمة البقيع الحسن بن علي المجتبى وعلي بن الحسين السجاد ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق عليهم السلام ، قباب مجد تحكي حب المؤمنين لصروح الكرامة والهدى ومعلمي معارف الدين وحدوده ، والمخلصين لله العبودية والإيمان حتى اليقين ، وأهل الصراط المستقيم المنعم عليهم بهدى الله .

فكان يسلم : عليهم المؤمنون ويخصوهم بالتحية والإكرام و يزوروهم فيقرون لهم بفضلهم وإنهم أئمة الهدى ، ولكن لما جاء الاستعمار الحديث بالوهابية وحكامها ، فهدموا المراقد المقدسة لكي ينساهم العباد ، وحتى يعرفوا لهم أئمة دين ومذهب بعيد عن الإسلام وآدابه والدين ومعارف ممن يفتي بفكره ويعلم قياسه ، حتى يحرفوا الناس عن الإسلام الحق والدين الصادق ، ولكن هيهات ، وإن هدمت المراقد فهي مقدسة وتزار من القرب والبعد ، ويعرف عداء النواصب لأهل البيت وأن مخالف آل محمد حاقد عليهم وعلى دينهم ودين الله وهداه ، ويعرفون أن من هدم صروح الصحابة والتابعين ، عابدين للمشركين والصهاينة الذين جاءوا بهم للحكم ، وهم اختاروا لهم أئمة لم يرضهم علماء الإسلام في حياتهم ، وأنهم خالفوا كل المذهب الإسلامية .

 

ما رثي به الإمام الصادق :

أقـــــول وقد راحوا به يحملونه
على كاهــل من حـــامليه وعاتق
أتدرون ماذا تحلمون إلى الثرى
 ثبيرا ثوى من رأس علياء شاهق
غداة حثا الحاثون فوق ضريحه
تـرابـا وأولى كـان فوق المفارق
أيا صادق بن الصـــادقين أليــة
بآبائك الأطهــار حلـفـت صـادق
لحقاً بكم ذو العرش أقسم في الورى
فقال تعالى الله رب المشارق
نجوم هي اثنا عشــــرة كن ســبقا
إلى الله في عــلـم من الله سابق
للشاعر أبو هريرة الابار الإلية : القسم وجمعها ألايا . مقتضب الأثر ص54.


زيارة الإمام والصلاة عليه :

حديث الصلاة : على المعصومين واحدا واحدا عن الإمام العسكري :

الصلاة : على جعفر بن محمد عليه السلام :

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، الصَّادِقِ .

خَازِنِ : الْعِلْمِ ، الدَّاعِي إِلَيْكَ بِالْحَقِّ ، النُّورِ الْمُبِينِ .

اللَّهُمَّ : وَ كَمَا جَعَلْتَهُ ، مَعْدِنَ كَلَامِكَ وَ وَحْيِكَ ، وَ خَازِنَ عِلْمِكَ .

وَ لِسَانَ : تَوْحِيدِكَ ، وَ وَلِيَّ أَمْرِكَ ، وَ مُسْتَحْفِظَ دِينِكَ .

فَصَلِّ عَلَيْهِ : أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ، مِنْ أَصْفِيَائِكَ وَحُجَجِكَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ[1].

 

 

 

السلام والصلاة على الصادق :

يا طيب وهذه زيارة خاصة بالإمام أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليه السلام :

 

السلام : على الصادق ابن الصادقين ، حجة الله وابن حجته على العالمين ، الصادق جعفر بن محمد ، خليفة من مضى ، وأبى سادة الأوصياء ، وكني سبط نبي الهدى، السلام عليك يا مولاي ، يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته.

 

اللهم : صل على الإمام المهدي ، والراعي المؤدي ، وصي الأوصياء ، وإمام الأتقياء علم الدين ، الناطق بالحق اليقين ، وغياث المسلمين ، وأبى اليتامى والمساكين ،  جعفر بن محمد ، الإمام العالم ، والقاضي الحاكم ، العارف المرتضى ، والداعي إلى الهدى ، من أطاعه اهتدى ، ومن صد عنه غوى .

 

اللهم : فصل عليه كما عمل برضاك ، ونصح لأوليائك ، ورأف بالمؤمنين ، وغلظ على الكافرين والمنافقين ، وعبدك حتى أتاه اليقين ، شرع في أوليائك السنن ، وأظهر فيهم العلم وأعلن ، وعطل البدع ، وأحيى الدين ونفع .

 

اللهم : فصل عليه واجزه عنا أفضل الجزاء ، بما أحيى من سنتك ، وأقام من دينك ، وسارع إلى رضاك ، وعمل بتقواك ، وأخرجنا من الظلمات إلى النور ، خير جزاء المجزيين ، وأبلغه أفضل درجات العلى ، في مقام آبائه الأعلى ، وضاعف له الرضا ،  وحيه منا بالتحية والسلام ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته .

 

زيارة قبور الأئمة بالبقيع‏:

 الحسن بن علي بن أبي طالب : و علي بن الحسين ، و محمد بن علي الباقر ، و جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام :

فإذا أتيت : قبور الأئمة بالبقيع ، فاجعلها بين يديك ، ثم قل :

السَّلَامُ عَلَيْكُمْ : يَا أَئِمَّةَ الْهُدَى ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ التَّقْوَى ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا حُجَجَ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْقَوَّامُونَ فِي الْبَرِيَّةِ بِالْقِسْطِ ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الصَّفْوَةِ ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ النَّجْوَى.

 أَشْهَدُ أَنَّكُمْ : قَدْ بَلَّغْتُمْ وَ نَصَحْتُمْ ، وَ صَبَرْتُمْ فِي‏ ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ كُذِّبْتُمْ ، وَ أُسِي‏ءَ إِلَيْكُمْ ، فَغَفَرْتُمْ .

وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمُ : الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ ، وَ أَنَّ طَاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةٌ ، وَ أَنَّ قَوْلَكُمُ الصِّدْقُ ، وَ أَنَّكُمْ دَعَوْتُمْ فَلَمْ تُجَابُوا ، وَ أَمَرْتُمْ فَلَمْ تُطَاعُوا ، وَ أَنَّكُمْ دَعَائِمُ الدِّينِ ، وَ أَرْكَانُ الْأَرْضِ .

لَمْ تَزَالُوا بِعَيْنِ اللَّهِ : يَنْسَخُكُمْ فِي أَصْلَابِ الْمُطَهَّرِينَ ، وَ يَنْقُلُكُمْ فِي أَرْحَامِ الْمُطَهَّرَاتِ ، لَمْ تُدَنِّسْكُمُ الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ ، وَ لَمْ تَشْرَكْ فِيكُمْ فِتَنُ الْأَهْوَاءِ ، طِبْتُمْ وَ طَابَتْ مَنْبِتُكُمْ .

أَنْتُمُ الَّذِينَ : مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنَا دَيَّانُ الدِّينِ ، فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ، وَ جَعَلَ صَلَوَاتِنَا عَلَيْكُمْ رَحْمَةً لَنَا ، وَ كَفَّارَةً لِذُنُوبِنَ ، إِذَا اخْتَارَكُمْ لَنَا ، وَ طَيَّبَ خَلْقَنَا بِمَا مَنَّ عَلَيْنَا مِنْ وَلَايَتِكُمْ ، وَ كُنَّا عِنْدَهُ بِفَضْلِكُمْ مُعْتَرِفِينَ ، وَ بِتَصْدِيقِنَ إِيَّاكُمْ مُقِرِّينَ .

وَ هَذَا مَقَامُ : مَنْ أَسْرَفَ وَ أَخْطَأَ ، وَ اسْتَكَانَ وَ أَقَرَّ بِمَا جَنَى ، وَ رَجَا بِمَقَامِهِ الْخَلَاصَ ، وَ أَنْ يَسْتَنْقِذَهُ بِكُمْ مُسْتَنْقِذُ الْهَلْكَى مِنَ النَّارِ ، فَكُونُوا لِي شُفَعَاءَ ، فَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكُمْ إِذْ رَغِبَ عَنْكُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا ، وَ اتَّخَذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً ، وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها .

يَا مَنْ هُوَ : قَائِمٌ لَا يَسْهُو ، وَ دَائِمٌ لَا يَلْهُو ، وَ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ ، لَكَ الْمَنُّ بِمَا وَفَّقْتَنِي ، وَ عَرَّفْتَنِي بِمَا ائْتَمَنْتَنِي عَلَيْهِ ، إِذْ صَدَّ عَنْهُ عِبَادُكَ ، وَ جَهِلُوا مَعْرِفَتَهُمْ ، وَ اسْتَخَفُّوا بِحَقِّهِمْ ، وَ مَالُوا إِلَى سِوَاهُمْ ، فَكَانَتِ الْمِنَّةُ مِنْكَ عَلَيَّ ، مَعَ أَقْوَامٍ خَصَصْتَهُمْ بِمَا خَصَصْتَنِي بِهِ ، فَلَكَ الْحَمْدُ إِذْ كُنْتُ عِنْدَكَ فِي مَقَامِي مَكْتُوبا، ً فَلَا تَحْرِمْنِي مَ رَجَوْتُ ، وَ لَا تُخَيِّبْنِي فِيمَا دَعَوْتُ ، وَ ادْعُ لِنَفْسِكَ بِمَا أَحْبَبْتَ .

ثم صل ثمان ركعات : في المسجد الذي هناك و تقرأ فيها ما أحببت و تسلم في كل ركعتين و يقال إنه مكان صلت فيه فاطمة عليها السلام .

من لا يحضره الفقيه ج‏2ص576 .

 

 


النور الثالث
حكم ومواعظ وأقوال الإمام الصادق عليه السلام

 

يا طيب : روي عن الإمام الصادق في قصار الحكم ، وبليغ المعاني ، وجميل المواعظ ، وحسن الحديث ، وجوامع الكلم ، وأفضل العبر ، وفي قصار الألفاظ ، وكثرة المعاني‏ ، الكثير من الأحاديث الشريفة والعالية السند المنيفة ، ونختار منها ، ما قال ابن شعبة الحسن بن علي الحراني : في كتاب تحف القول عن آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال و روي عن الإمام أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليه السلام في قصار هذه المعاني‏ قال :

تحف العقول  ص358 _ 382  .

حكم الإمام برواية الحراني في التحف :

قال الإمام الصادق عليه السلام : مَنْ أَنْصَفَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ ، رُضِيَ بِهِ حَكَماً لِغَيْرِهِ .

وقال عليه السلام : إِذَا كَانَ الزَّمَانُ زَمَانَ جَوْرٍ وَ أَهْلُهُ أَهْلَ غَدَرٍ ، فَالطُّمَأْنِينَةُ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ عَجْزٌ  .

وقال عليه السلام : إِذَا أُضِيفَ الْبَلَاءُ إِلَى الْبَلَاءِ ، كَانَ مِنَ الْبَلَاءِ عَافِيَةٌ .

وقال عليه السلام : إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ صِحَّةَ مَا عِنْدَ أَخِيكَ فَأَغْضِبْهُ ، فَإِنْ ثَبَتَ لَكَ عَلَى الْمَوَدَّةِ فَهُوَ أَخُوكَ وَ إِلَّا فَلَا .

وقال عليه السلام : لَا تَعْتَدَّ بِمَوَدَّةِ أَحَدٍ ، حَتَّى تُغْضِبَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

وقال عليه السلام : لَا تَثِقَنَّ بِأَخِيكَ كُلَّ الثِّقَةِ ، فَإِنَّ صَرْعَةَ الِاسْتِرْسَالِ لَا تُسْتَقَالُ‏  .

 

وقال عليه السلام : الْإِسْلَامُ دَرَجَةٌ ، وَ الْإِيمَانُ عَلَى الْإِسْلَامِ دَرَجَةٌ ، وَ الْيَقِينُ عَلَى الْإِيمَانِ دَرَجَةٌ ، وَ مَا أُوتِيَ النَّاسُ أَقَلَّ مِنَ الْيَقِينِ .

وقال عليه السلام : إِزَالَةُ الْجِبَالِ ، أَهْوَنُ مِنْ إِزَالَةِ قَلْبٍ عَنْ مَوْضِعِهِ .

وقال عليه السلام : الْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ ، وَ الْيَقِينُ خَطَرَاتٌ .

وقال عليه السلام : الرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا تُورِثُ الْغَمَّ وَ الْحَزَنَ‏ ، وَ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا رَاحَةُ الْقَلْبِ وَ الْبَدَنِ .

وقال عليه السلام : مِنَ الْعَيْشِ دَارٌ يُكْرَى وَ خُبْزٌ يُشْرَى .

وقال عليه السلام : لِرَجُلَيْنِ تَخَاصَمَا بِحَضْرَتِهِ ، أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَظْفَرْ بِخَيْرٍ مَنْ ظَفِرَ بِالظُّلْمِ ، وَ مَنْ يَفْعَلِ السُّوءَ بِالنَّاسِ فَلَا يُنْكِرِ السُّوءَ إِذَا فُعِلَ بِهِ .

وقال عليه السلام : التَّوَاصُلُ بَيْنَ الْإِخْوَانِ فِي الْحَضَرِ التَّزَاوُرُ وَ التَّوَاصُلُ ، فِي السَّفَرِ الْمُكَاتَبَةُ  .

وقال عليه السلام : لَا يَصْلُحُ الْمُؤْمِنُ ، إِلَّا عَلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ : التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ ، وَ حُسْنِ التَّقْدِيرِ فِي الْمَعِيشَةِ ، وَ الصَّبْرِ عَلَى النَّائِبَةِ .

وقال عليه السلام : الْمُؤْمِنُ لَا يَغْلِبُهُ فَرْجُهُ ، وَ لَا يَفْضَحُهُ بَطْنُهُ .

وقال عليه السلام : صُحْبَةُ عِشْرِينَ سَنَةً قَرَابَةٌ  .

وقال عليه السلام : لَا تَصْلُحُ الصَّنِيعَةُ إِلَّا عِنْدَ ذِي حَسَبٍ أَوْ دِينٍ ، وَ مَا أَقَلَّ مَنْ يَشْكُرُ الْمَعْرُوفَ .

وقال عليه السلام : إِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ يُنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ، مُؤْمِنٌ فَيَتَّعِظُ ، أَوْ جَاهِلٌ فَيَتَعَلَّمُ ، فَأَمَّ صَاحِبُ سَوْطٍ وَ سَيْفٍ فَلَا  .

وقال عليه السلام : إِنَّمَا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ، مَنْ كَانَتْ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ : عَالِمٌ بِمَا يَأْمُرُ عَالِمٌ بِمَا يَنْهَى ، عَادِلٌ فِيمَا يَأْمُرُ  عَادِلٌ فِيمَا يَنْهَى ، رَفِيقٌ بِمَا يَأْمُرُ رَفِيقٌ بِمَا يَنْهَى .

وقال عليه السلام : مَنْ تَعَرَّضَ لِسُلْطَانٍ‏ جَائِرٍ ، فَأَصَابَتْهُ مِنْهُ بَلِيَّةٌ لَمْ يُؤْجَرْ عَلَيْهَا ، وَ لَمْ يُرْزَقِ الصَّبْرَ عَلَيْهَا .

وقال عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ أَنْعَمَ عَلَى قَوْمٍ بِالْمَوَاهِبِ  فَلَمْ يَشْكُرُوهُ  فَصَارَتْ عَلَيْهِمْ وَبَالًا ، وَ ابْتَلَى قَوْماً بِالْمَصَائِبِ  فَصَبَرُوا  فَكَانَتْ عَلَيْهِمْ نِعْمَةً .

وقال عليه السلام : صَلَاحُ حَالِ التَّعَايُشِ ، وَ التَّعَاشُرِ مِلْ‏ءُ مِكْيَالٍ‏ ، ثُلُثَاهُ فِطْنَةٌ ، وَ ثُلُثُهُ تَغَافُلٌ .

وقال عليه السلام : مَا أَقْبَحَ الِانْتِقَامَ  بِأَهْلِ الْأَقْدَارِ .

وَ قِيلَ لَهُ : مَا الْمُرُوَّةُ ؟ فَقَالَ عليه السلام : لَا يَرَاكَ اللَّهُ حَيْثُ نَهَاكَ ، وَ لَا يَفْقِدُكَ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكَ .

وقال عليه السلام : اشْكُرْ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْكَ ، وَ أَنْعِمْ عَلَى مَنْ شَكَرَكَ ، فَإِنَّهُ لَا إِزَالَةَ لِلنِّعَمِ إِذَا شُكِرَتْ ، وَ لَا إِقَامَةَ لَهَا إِذَا كُفِرَتْ ، وَ الشُّكْرُ زِيَادَةٌ فِي النِّعَمِ ، وَ أَمَانٌ مِنَ الْفَقْرِ .

وقال عليه السلام : فَوْتُ الْحَاجَةِ خَيْرٌ مِنْ طَلَبِهَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا ، وَ أَشَدُّ مِنَ الْمُصِيبَةِ سُوءُ الْخُلُقِ مِنْهَ .

وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ : أَنْ يُعَلِّمَهُ مَا يَنَالُ بِهِ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ لَا يُطَوِّلَ عَلَيْهِ‏ ، فَقَالَ : لَا تَكْذِبْ .

وَ قِيلَ لَهُ : مَا الْبَلَاغَةُ ؟ فَقَالَ عليه السلام : مَنْ عَرَفَ شَيْئاً قَلَّ كَلَامُهُ فِيهِ ، وَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَلِيغَ لِأَنَّهُ يَبْلُغُ حَاجَتَهُ بِأَهْوَنِ سَعْيِهِ .

وقال عليه السلام : الدَّيْنُ : غَمٌّ بِاللَّيْلِ ، وَ ذُلٌّ بِالنَّهَارِ .

وقال عليه السلام : إِذَا صَلَحَ أَمْرُ دُنْيَاكَ ، فَاتَّهِمْ دِينَكَ .

وقال عليه السلام : بَرُّوا آبَاءَكُمْ يَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ ، وَ عِفُّوا عَنْ نِسَاءِ النَّاسِ تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ .

وقال عليه السلام : مَنِ ائْتَمَنَ خَائِناً عَلَى أَمَانَةٍ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى اللَّهِ ضَمَانٌ‏  .

وقال عليه السلام : لِحُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ ، يَا حُمْرَانُ : أنْظُرْ مَنْ هُوَ دُونَكَ فِي الْمَقْدُرَةِ ، وَ لَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْنَعُ لَكَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ ، وَ أَحْرَى أَنْ تَسْتَوْجِبَ الزِّيَادَةَ مِنْهُ عَزَّ وَ جَلَّ .

وَ اعْلَمْ : أَنَّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ الْقَلِيلَ عَلَى الْيَقِينِ ، أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ .

وَ اعْلَمْ : أَنَّهُ لَا وَرَعَ : أَنْفَعُ مِنْ تَجَنُّبِ مَحَارِمِ اللَّهِ ، وَ الْكَفِّ عَنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَ اغْتِيَابِهِمْ ، وَ لَا عَيْشَ أَهْنَأُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ ، وَ لَا مَالَ أَنْفَعُ مِنَ الْقَنَاعَةِ بِالْيَسِيرِ الْمُجْزِئِ ، وَ لَا جَهْلَ أَضَرُّ مِنَ الْعُجْبِ .

وقال عليه السلام : الْحَيَاءُ عَلَى وَجْهَيْنِ ، فَمِنْهُ ضَعْفٌ ، وَ مِنْهُ قُوَّةٌ ، وَإِسْلَامٌ وَ إِيمَانٌ .

وقال عليه السلام : تَرْكُ الْحُقُوقِ مَذَلَّةٌ ، وَ إِنَّ الرَّجُلَ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَتَعَرَّضَ فِيهَا لِلْكَذِبِ .

وقال عليه السلام : إِذَا سَلَّمَ الرَّجُلُ مِنَ الْجَمَاعَةِ أَجْزَأَ عَنْهُمْ ، وَ إِذَا رَدَّ وَاحِدٌ مِنَ الْقَوْمِ أَجْزَأَ عَنْهُمْ‏  .

وقال عليه السلام : السَّلَامُ تَطَوُّعٌ ، وَ الرَّدُّ فَرِيضَةٌ .

وقال عليه السلام : مَنْ بَدَأَ بِكَلَامٍ قَبْلَ سَلَامٍ ، فَلَا تُجِيبُوهُ‏ .

وقال عليه السلام : إِنَّ تَمَامَ التَّحِيَّةِ لِلْمُقِيمِ‏ الْمُصَافَحَةُ ، وَ تَمَامَ التَّسْلِيمِ عَلَى الْمُسَافِرِ الْمُعَانَقَةُ .

وقال عليه السلام : تَصَافَحُوا فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِالسَّخِيمَةِ (  الضغينة و الحقد في النفس ).

وقال عليه السلام : اتَّقِ اللَّهَ بَعْضَ التُّقَى وَ إِنْ قَلَّ ، وَ دَعْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ سِتْراً وَ إِنْ رَقَّ .

وقال عليه السلام : مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ إِذَا غَضِبَ وَ إِذَا رَغِبَ وَ إِذَا رَهِبَ وَ إِذَا اشْتَهَى ، حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ .

وقال عليه السلام : الْعَافِيَةُ نِعْمَةٌ خَفِيفَةٌ ، إِذَ وُجِدَتْ نُسِيَتْ ، وَإِذَا عُدِمَتِ ذُكِرَتْ .

وقال عليه السلام : لِلَّهِ فِي السَّرَّاءِ نِعْمَةُ التَّفَضُّلِ، وَ فِي الضَّرَّاءِ نِعْمَةُ التَّطَهُّرِ .

وقال عليه السلام : كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ لِلَّهِ عَلَى عَبْدِهِ فِي غَيْرِ أَمَلِهِ ، وَ كَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ أَمَلًا الْخِيَارُ فِي غَيْرِهِ ، وَ كَمْ مِنْ سَاعٍ إِلَى حَتْفِهِ وَ هُوَ مُبْطِئٌ عَنْ حَظِّهِ .

وقال عليه السلام : قَدْ عَجَزَ مَنْ لَمْ يُعِدَّ لِكُلِّ بَلَاءٍ صَبْراً ، وَ لِكُلِّ نِعْمَةٍ شُكْراً ، وَ لِكُلِّ عُسْرٍ يُسْراً ، اصْبِرْ نَفْسَكَ عِنْدَ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَ رَزِيَّةٍ فِي وَلَدٍ أَوْ فِي مَالٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا يَقْبِضُ عَارِيَّتَهُ وَ هِبَتَهُ ، لِيَبْلُوَ شُكْرَكَ وَ صَبْرَكَ .

وقال عليه السلام : مَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا وَ لَهُ حَدٌّ . قِيلَ : فَمَا حَدُّ الْيَقِينِ ؟ قَالَ : أَنْ لَا تَخَافَ شَيْئاً .

وقال عليه السلام : يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَمَانُ خِصَالٍ : وَقُورٌ عِنْدَ الْهَزَاهِزِ ، صَبُورٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ ، شَكُورٌ عِنْدَ الرَّخَاءِ ، قَانِعٌ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ ، لَا يَظْلِمُ الْأَعْدَاءَ ، وَ لَا يَتَحَمَّلُ الْأَصْدِقَاءَ ،بَدَنُهُ مِنْهُ فِي تَعَبٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ .

وقال عليه السلام : إِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ ، وَ الْحِلْمَ وَزِيرُهُ ، وَ الصَّبْرَ أَمِيرُ جُنُودِهِ ، وَ الرِّفْقَ أَخُوهُ ، وَ اللِّينَ وَالِدُهُ .

وَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا يَجْعَلَ رِزْقِي عَلَى أَيْدِي الْعِبَادِ .

فَقَالَ عليه السلام :‏ أَبَى اللَّهُ عَلَيْكَ ذَلِكَ ، إِلَّ أَنْ يَجْعَلَ أَرْزَاقَ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ ، وَ لَكِنِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ رِزْقَكَ عَلَى أَيْدِي خِيَارِ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ مِنَ السَّعَادَةِ ، وَ لَا يَجْعَلَهُ عَلَى أَيْدِي شِرَارِ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ مِنَ الشَّقَاوَةِ .

وقال عليه السلام : الْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ ، كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ‏  فَلَا تَزِيدُهُ سُرْعَةُ السَّيْرِ إِلَّا بُعْداً .

وقال عليه السلام : فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ : { اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ‏ } .

 قَالَ : يُطَاعُ فَلَا يُعْصَى ، وَ يُذْكَرُ فَلَا يُنْسَى ، وَ يُشْكَرُ فَلَا يُكْفَرُ .

وقال عليه السلام : مَنْ عَرَفَ اللَّهَ خَافَ اللَّهَ ، وَ مَنْ خَافَ اللَّهَ سَخَتْ نَفْسُهُ عَنِ الدُّنْيَا .

وقال عليه السلام : الْخَائِفُ : مَنْ لَمْ تَدَعْ لَهُ الرَّهْبَةُ لِسَاناً يَنْطِقُ بِهِ .

وَ قِيلَ لَهُ عليه السلام : قَوْمٌ يَعْمَلُونَ بِالْمَعَاصِي ، وَ يَقُولُونَ نَرْجُو ، فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمُ الْمَوْتُ .

فَقَالَ عليه السلام : هَؤُلَاءِ قَوْمٌ يَتَرَجَّحُونَ فِي الْأَمَانِيِّ ، كَذَبُوا لَيْسَ يَرْجُونَ‏ ، إِنَّ مَنْ رَجَا شَيْئاً طَلَبَهُ ، وَ مَنْ خَافَ مِنْ شَيْءٍ هَرَبَ مِنْهُ .

وقال عليه السلام : إِنَّا لَنُحِبُّ مَنْ كَانَ ، عَاقِلً عَالِماً فَهِماً فَقِيهاً ، حَلِيماً مُدَارِياً صَبُوراً صَدُوقاً وَفِيّاً .

إِنَّ اللَّهَ خَصَّ : الْأَنْبِيَاءَ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، فَمَنْ كَانَتْ فِيهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ ، وَ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَلْيَتَضَرَّعْ إِلَى اللَّهِ وَ لْيَسْأَلْهُ إِيَّاهَا، قِيلَ لَهُ : وَمَا هِيَ؟

قَالَ عليه السلام : الْوَرَعُ ، وَ الْقَنَاعَةُ ، وَ الصَّبْرُ ، وَ الشُّكْرُ ، وَ الْحِلْمُ ، وَ الْحَيَاءُ ، وَ السَّخَاءُ ، وَ الشَّجَاعَةُ ، وَ الْغَيْرَةُ ، وَ صِدْقُ الْحَدِيثِ ، وَ الْبِرُّ ، وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ ، وَ الْيَقِينُ ، وَ حُسْنُ الْخُلُقِ ، وَ الْمُرُوَّةُ .

وقال عليه السلام : مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الْإِيمَانِ : أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ ، وَ تُبْغِضَ فِي اللَّهِ ، وَ تُعْطِيَ فِي اللَّهِ ، وَ تَمْنَعَ فِي اللَّهِ .

وقال عليه السلام : لَا يَتْبَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَّا ثَلَاثُ خِصَالٍ : صَدَقَةٌ أَجْرَاهَا اللَّهُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ فَهِيَ تَجْرِي لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَ سُنَّةُ هُدًى يُعْمَلُ بِهَا ، وَ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ .

وقال عليه السلام : إِنَّ الْكَذِبَةَ لَتَنْقُضُ الْوُضُوءَ إِذَا تَوَضَّأَ الرَّجُلُ لِلصَّلَاةِ ، وَ تُفْطِرُ الصِّيَامَ .

فَقِيلَ لَهُ : إِنَّا نَكْذِبُ ؟

فَقَالَ عليه السلام : لَيْسَ هُوَ بِاللَّغْوِ ، وَ لَكِنَّهُ الْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ .

 ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَ لَا مِنَ الشَّرَابِ وَحْدَهُ .

إِنَّ مَرْيَمَ عليها السلام قَالَتْ : { إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً } أَيْ صَمْتاً .

فَاحْفَظُوا : أَلْسِنَتَكُمْ ـ وَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ ، وَ لَا تَحَاسَدُوا ، وَ لَا تَنَازَعُوا ، فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ .

وقال عليه السلام : مَنْ أَعْلَمَ اللَّهَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ، اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُهُ‏ .

وقال عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّ الذَّنْبَ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْعُجْبِ ، وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا ابْتَلَى اللَّهُ مُؤْمِناً بِذَنْبٍ أَبَداً .

وقال عليه السلام : مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ ، عَذَّبَ نَفْسَهُ .

وقال عليه السلام : الْمَعْرُوفُ كَاسْمِهِ ، وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَفْضَلَ مِنَ الْمَعْرُوفِ إِلَّا ثَوَابُهُ ، وَ الْمَعْرُوفُ هَدِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ إِلَى عَبْدِهِ ، وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَصْنَعَ الْمَعْرُوفَ إِلَى النَّاسِ يَصْنَعُهُ ، وَ لَا كُلُّ مَنْ رَغِبَ فِيهِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَ لَا كُلُّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يُؤْذَنُ لَهُ فِيهِ ، فَإِذَا مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ جَمَعَ لَهُ الرَّغْبَةَ فِي الْمَعْرُوفِ وَ الْقُدْرَةَ وَ الْإِذْنَ ، فَهُنَاكَ تَمَّتِ السَّعَادَةُ وَ الْكَرَامَةُ لِلطَّالِبِ وَ الْمَطْلُوبِ إِلَيْهِ .

وقال عليه السلام : لَمْ يُسْتَزَدْ فِي مَحْبُوبٍ بِمِثْلِ الشُّكْرِ ، وَ لَمْ يُسْتَنْقَصْ مِنْ مَكْرُوهٍ بِمِثْلِ الصَّبْرِ .

وقال عليه السلام : لَيْسَ لِإِبْلِيسَ جُنْدٌ ، أَشَدَّ مِنَ النِّسَاءِ وَ الْغَضَبِ .

وقال عليه السلام : الدُّنْيَا : سِجْنُ الْمُؤْمِنِ ، وَ الصَّبْرُ حِصْنُهُ ، وَ الْجَنَّةُ مَأْوَاهُ . وَ الدُّنْيَا : جَنَّةُ الْكَافِرِ ، وَ الْقَبْرُ سِجْنُهُ ، وَ النَّارُ مَأْوَاهُ .

وقال عليه السلام : وَ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ يَقِيناً لَ شَكَّ فِيهِ ، أَشْبَهَ بِشَكٍّ لَا يَقِينَ فِيهِ ، مِنَ الْمَوْتِ .

وقال عليه السلام : إِذَا رَأَيْتُمُ الْعَبْدَ يَتَفَقَّدُ الذُّنُوبَ مِنَ النَّاسِ نَاسِياً لِذَنْبِهِ ، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ مُكِرَ بِهِ .

وقال عليه السلام : الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ الْمُحْتَسِبِ ، وَ الْمُعَافَى الشَّاكِرُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْمُبْتَلَى الصَّابِرِ .

وقال عليه السلام : لَا يَنْبَغِي لِمَنْ لَمْ يَكُنْ عَالِماً أَنْ يُعَدَّ سَعِيداً ، وَ لَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ وَدُوداً أَنْ يُعَدَّ حَمِيداً ، وَ لَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ صَبُوراً أَنْ يُعَدَّ كَامِلًا ، وَ لَا لِمَنْ لَ يَتَّقِي مَلَامَةَ الْعُلَمَاءِ وَ ذَمَّهُمْ أَنْ يُرْجَى لَهُ خَيْرُ الدُّنْيَ وَ الْآخِرَةِ ، وَ يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ صَدُوقاً لِيُؤْمَنَ عَلَى حَدِيثِهِ ، وَ شَكُوراً لِيَسْتَوْجِبَ الزِّيَادَةَ .

وقال عليه السلام : لَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْتَمِنَ الْخَائِنَ وَ قَدْ جَرَّبْتَهُ ، وَ لَيْسَ لَكَ أَنْ تَتَّهِمَ مَنِ ائْتَمَنْتَ .

وَ قِيلَ لَهُ : مَنْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ ؟ فَقَالَ عليه السلام : أَكْثَرُهُمْ ذِكْراً لِلَّهِ ، وَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ .

قُلْتُ : فَمَنْ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ عليه السلام : مَنْ يَتَّهِمُ اللَّهَ .

قُلْتُ : أَحَدٌ يَتَّهِمُ اللَّهَ ؟ قَالَ عليه السلام : نَعَمْ مَنِ اسْتَخَارَ اللَّهَ فَجَاءَتْهُ الْخِيَرَةُ بِمَا يَكْرَهُ ، فَيَسْخَطُ ، فَذَلِكَ يَتَّهِمُ اللَّهَ .

قُلْتُ : وَ مَنْ قَالَ يَشْكُو اللَّهَ ؟ قُلْتُ : وَ أَحَدٌ يَشْكُوهُ ؟ قَالَ عليه السلام : نَعَمْ مَنْ إِذَا ابْتُلِيَ شَكَا بِأَكْثَرَ مِمَّا أَصَابَهُ . قُلْتُ : وَ مَنْ ؟ قَالَ عليه السلام : إِذَا أُعْطِيَ لَمْ يَشْكُرْ وَ إِذَا ابْتُلِيَ لَمْ يَصْبِرْ .

قُلْتُ : فَمَنْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ ؟ قَالَ عليه السلام : مَنْ إِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ ، وَ إِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ .

وقال عليه السلام : لَيْسَ لِمَلُولٍ‏ صَدِيقٌ ، وَ لَا لِحَسُودٍ غِنًى ، وَ كَثْرَةُ النَّظَرِ فِي الْحِكْمَةِ تَلْقَحُ الْعَقْلَ .

وقال عليه السلام : كَفَى بِخَشْيَةِ اللَّهِ عِلْماً ، وَ كَفَى بِالاغْتِرَارِ بِهِ جَهْلًا .

وقال عليه السلام : أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْعِلْمُ بِاللَّهِ وَ التَّوَاضُعُ لَهُ .

وقال عليه السلام : عَالِمٌ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ ، وَأَلْفِ زَاهِدٍ ، وأَلْفِ مُجْتَهِدٍ.

وقال عليه السلام : إِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ زَكَاةٌ ، وَ زَكَاةُ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمَهُ أَهْلَهُ .

وقال عليه السلام : الْقُضَاةُ أَرْبَعَةٌ ثَلَاثَةٌ فِي النَّارِ وَ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ ، رَجُلٌ قَضَى بِجَوْرٍ وَ هُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ ، وَ رَجُلٌ قَضَى بِجَوْرٍ وَ هُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ ، وَ رَجُلٌ قَضَى بِحَقٍّ وَ هُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ ، وَ رَجُلٌ قَضَى بِحَقٍّ وَ هُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ .

وَ سُئِلَ : عَنْ صِفَةِ الْعَدْلِ مِنَ الرَّجُلِ ؟ فَقَالَ عليه السلام : إِذَا غَضَّ طَرْفَهُ عَنِ الْمَحَارِمِ ، وَ لِسَانَهُ عَنِ الْمآثِمِ ، وَ كَفَّهُ عَنِ الْمَظَالِمِ .

وقال عليه السلام : كُلُّ مَا حَجَبَ اللَّهُ عَنِ الْعِبَادِ ، فَمَوْضُوعٌ عَنْهُمْ حَتَّى يُعَرِّفَهُمُوهُ .

وقال عليه السلام : لِدَاوُدَ الرَّقِّيِ‏ ، تُدْخِلُ يَدَكَ فِي فَمِ التِّنِّينِ‏ إِلَى الْمِرْفَقِ ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ طَلَبِ الْحَوَائِجِ إِلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَ كَانَ‏ .

وقال عليه السلام : قَضَاءُ الْحَوَائِجِ إِلَى اللَّهِ ، وَ أَسْبَابُهَا بَعْدَ اللَّهِ الْعِبَادُ ، تَجْرِي عَلَى أَيْدِيهِمْ ، فَمَ قَضَى اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ بِالشُّكْرِ ، وَ مَا زَوَى عَنْكُمْ‏ مِنْهَا فَاقْبَلُوهُ عَنِ اللَّهِ بِالرِّضَا وَ التَّسْلِيمِ وَ الصَّبْرِ ، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَيْراً لَكُمْ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ بِمَ يُصْلِحُكُمْ وَ أَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ .

وقال عليه السلام : مَسْأَلَةُ ابْنِ آدَمَ لِابْنِ آدَمَ فِتْنَةٌ ، إِنْ أَعْطَاهُ حَمِدَ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ ، وَ إِنْ رَدَّهُ ذَمَّ مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ .

وقال عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ كُلَّ خَيْرٍ فِي التَّزْجِيَةِ .

وقال عليه السلام: إِيَّاكَ وَ مُخَالَطَةَ السَّفِلَةِ ، فَإِنَّ مُخَالَطَةَ السَّفِلَةِ لَا تُؤَدِّي إِلَى خَيْرٍ .

وقال عليه السلام : الرَّجُلُ يَجْزَعُ مِنَ الذُّلِّ الصَّغِيرِ ، فَيُدْخِلُهُ ذَلِكَ فِي الذُّلِّ الْكَبِيرِ .

وقال عليه السلام : أَنْفَعُ الْأَشْيَاءِ لِلْمَرْءِ سَبْقُهُ النَّاسَ إِلَى عَيْبِ نَفْسِهِ ، وَ أَشَدُّ شَيْ‏ءٍ مَئُونَةً إِخْفَاءُ الْفَاقَةِ ، وَ أَقَلُّ الْأَشْيَاءِ غَنَاءً النَّصِيحَةُ لِمَنْ لَا يَقْبَلُهَا وَ مُجَاوَرَةُ الْحَرِيصِ ، وَ أَرْوَحُ الرَّوْحِ الْيَأْسُ مِنَ النَّاسِ لَا تَكُنْ ضَجِراً وَ لَا غَلِقاً ، وَ ذَلِّلْ نَفْسَكَ بِاحْتِمَالِ مَنْ خَالَفَكَ مِمَّنْ هُوَ فَوْقَكَ ، وَ مَنْ لَهُ الْفَضْلُ عَلَيْكَ ، فَإِنَّمَا أَقْرَرْتَ لَهُ بِفَضْلِهِ‏  لِئَلَّا تُخَالِفَهُ ، وَ مَنْ لَا يَعْرِفْ لِأَحَدٍ الْفَضْلَ فَهُوَ الْمُعْجَبُ بِرَأْيِهِ ، وَ اعْلَمْ : أَنَّهُ لَا عِزَّ لِمَنْ لَا يَتَذَلَّلُ لِلَّهِ ، وَ لَا رِفْعَةَ لِمَنْ لَا يَتَوَاضَعُ لِلَّهِ .

وقال عليه السلام : إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ لُبْسَ الْخَاتَمِ‏ .

وقال عليه السلام : أَحَبُّ إِخْوَانِي إِلَيَّ مَنْ أَهْدَى إِلَيَّ عُيُوبِي .

وقال عليه السلام : لَا تَكُونُ الصَّدَاقَةُ إِلَّا بِحُدُودِهَ ، فَمَنْ كَانَتْ فِيهِ هَذِهِ الْحُدُودُ أَوْ شَيْ‏ءٌ مِنْهُ وَ إِلَّا فَلَ تَنْسُبْهُ إِلَى شَيْ‏ءٍ مِنَ الصَّدَاقَةِ ، فَأَوَّلُهَا أَنْ تَكُونَ سَرِيرَتُهُ وَ عَلَانِيَتُهُ لَكَ وَاحِدَةً ، وَ الثَّانِيَةُ أَنْ يَرَى زَيْنَكَ زَيْنَهُ وَ شَيْنَكَ شَيْنَهُ ، وَ الثَّالِثَةُ أَنْ لَا تُغَيِّرَهُ عَلَيْكَ وِلَايَةٌ وَ لَا مَالٌ ، وَ الرَّابِعَةُ لَا يَمْنَعُكَ شَيْئاً تَنَالُهُ مَقْدُرَتُهُ‏ ، وَ الْخَامِسَةُ وَ هِيَ تَجْمَعُ هَذِهِ الْخِصَالَ أَنْ لَا يُسْلِمَكَ عِنْدَ النَّكَبَاتِ .

وقال عليه السلام : مُجَامَلَةُ النَّاسِ ثُلُثُ الْعَقْلِ‏ .

وقال عليه السلام : ضِحْكُ الْمُؤْمِنِ تَبَسُّمٌ .

وقال عليه السلام : مَا أُبَالِي إِلَى مَنِ ائْتَمَنْتُ خَائِناً أَوْ مُضَيِّعاً ( أي الخائن والمضيع سواء ).

وقال عليه السلام : لِلْمُفَضَّلِ‏ أُوصِيكَ بِسِتِّ خِصَالٍ تُبْلِغُهُنَّ شِيعَتِي ، قُلْتُ وَ مَا هُنَّ يَا سَيِّدِي ؟

قَالَ عليه السلام : أَدَاءُ الْأَمَانَةِ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَ أَنْ تَرْضَى لِأَخِيكَ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ ، وَ اعْلَمْ أَنَّ لِلْأُمُورِ أَوَاخِرَ فَاحْذَرِ الْعَوَاقِبَ ، وَ أَنَّ لِلْأُمُورِ بَغَتَاتٍ‏ فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ ، وَ إِيَّاكَ وَ مُرْتَقَى جَبَلٍ سَهْلٍ إِذَا كَانَ الْمُنْحَدَرُ وَعْراً ، وَ لَا تَعِدَنَّ أَخَاكَ وَعْداً لَيْسَ فِي يَدِكَ وَفَاؤُهُ .

وقال عليه السلام : ثَلَاثٌ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِنَّ رُخْصَةً ، بِرُّ الْوَالِدَيْنِ بَرَّيْنِ كَانَ أَوْ فَاجِرَيْنِ ، وَ وَفَاءٌ بِالْعَهْدِ لِلْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ ، وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ إِلَى الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ .

وقال عليه السلام : إِنِّي لَأَرْحَمُ ثَلَاثَةً وَ حَقٌّ لَهُمْ أَنْ يُرْحَمُوا ، عَزِيزٌ أَصَابَتْهُ مَذَلَّةٌ بَعْدَ الْعِزِّ ، وَ غَنِيٌّ أَصَابَتْهُ حَاجَةٌ بَعْدَ الْغِنَى ، وَ عَالِمٌ يَسْتَخِفُّ بِهِ أَهْلُهُ وَ الْجَهَلَةُ .

وقال عليه السلام : مَنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْيَ ، تَعَلَّقَ مِنْ ضَرَرِهَا بِثَلَاثِ خِصَالٍ : هَمٍّ لَا يَفْنَى ، وَ أَمَلٍ لَا يُدْرَكُ ، وَ رَجَاءٍ لَا يُنَالُ .

وقال عليه السلام : الْمُؤْمِنُ لَا يُخْلَقُ عَلَى الْكَذِبِ  وَ لَا عَلَى الْخِيَانَةِ ، وَ خَصْلَتَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ‏ فِي الْمُنَافِقِ سَمْتٌ حَسَنٌ‏ وَ فِقْهٌ فِي سُنَّةٍ .

وقال عليه السلام : النَّاسُ سَوَاءٌ كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ وَ الْمَرْءُ كَثِيرٌ بِأَخِيهِ‏  ، وَ لَا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ مَنْ لَمْ يَرَ لَكَ مِثْلَ الَّذِي يَرَى لِنَفْسِهِ .

وقال عليه السلام : مِنْ زَيْنِ الْإِيمَانِ الْفِقْهُ ، وَ مِنْ زَيْنِ الْفِقْهِ الْحِلْم ُ، وَ مِنْ زَيْنِ الْحِلْمِ الرِّفْقُ ، وَ مِنْ زَيْنِ الرِّفْقِ اللِّينُ ، وَ مِنْ زَيْنِ اللِّينِ السُّهُولَةُ .

وقال عليه السلام : مَنْ غَضِبَ عَلَيْكَ مِنْ إِخْوَانِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَقُلْ فِيكَ مَكْرُوهاً ، فَأَعِدَّهُ لِنَفْسِكَ .

وقال عليه السلام : يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْ‏ءٌ ، أَعَزَّ مِنْ أَخٍ أَنِيسٍ ، وَ كَسْبِ دِرْهَمٍ حَلَالٍ .

وقال عليه السلام : مَنْ وَقَفَ نَفْسَهُ مَوْقِفَ التُّهَمَةِ فَلَا يَلُومَنَّ مَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ ، وَ مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَتِ الْخِيَرَةُ فِي يَدِهِ‏ ، وَ كُلُّ حَدِيثٍ جَاوَزَ اثْنَيْنِ فَاشٍ‏ ، وَ ضَعْ أَمْرَ أَخِيكَ عَلَى أَحْسَنِهِ ، وَ لَا تَطْلُبَنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءاً وَ أَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مَحْمِلًا ، وَ عَلَيْكَ بِإِخْوَانِ الصِّدْقِ فَإِنَّهُمْ عُدَّةٌ عِنْدَ الرَّخَاءِ ، وَ جُنَّةٌ عِنْدَ الْبَلَاءِ ، وَ شَاوِرْ فِي حَدِيثِكَ الَّذِينَ يَخَافُونَ اللَّه ، وَ أَحْبِبِ الْإِخْوَانَ عَلَى قَدْرِ التَّقْوَى ، وَ اتَّقِ شِرَارَ النِّسَاءِ وَ كُنْ مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ، وَ إِنْ أَمَرْنَكُمْ بِالْمَعْرُوفِ فَخَالِفُوهُنَّ حَتَّى لَا يَطْمَعْنَ مِنْكُمْ فِي الْمُنْكَرِ .

وقال عليه السلام : الْمُنَافِقُ إِذَا حَدَّثَ عَنِ اللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ كَذَبَ ، وَ إِذَا وَعَدَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أَخْلَفَ ، وَ إِذَا مَلَكَ خَانَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فِي مَالِهِ ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ : { فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى‏ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ‏ (78) } التوبة ، وَ قَوْلُهُ‏ : { وَ إِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏ (72)} الأنفار .

وقال عليه السلام : كَفَى بِالْمَرْءِ خِزْياً أَنْ يَلْبَسَ ثَوْباً يُشَهِّرُهُ‏ ، أَوْ يَرْكَبَ دَابَّةً مَشْهُورَةً ، قُلْتُ وَ مَا الدَّابَّةُ الْمَشْهُورَةُ ؟ قَالَ عليه السلام : الْبَلْقَاءُ ( بيضاء سوداء ) .

وقال عليه السلام : لَا يَبْلُغُ أَحَدُكُمْ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ ، حَتَّى يُحِبَّ أَبْعَدَ الْخَلْقِ مِنْهُ فِي اللَّهِ ، وَ يُبْغِضَ أَقْرَبَ الْخَلْقِ مِنْهُ فِي اللَّهِ .

وقال عليه السلام : مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً فَعَرَفَهَا بِقَلْبِهِ وَ عَلِمَ أَنَّ الْمُنْعِمَ عَلَيْهِ اللَّهُ فَقَدْ أَدَّى شُكْرَهَا وَ إِنْ لَمْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ ، وَ مَنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُعَاقِبَ عَلَى الذُّنُوبِ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَغْفَرَ وَ إِنْ لَمْ يُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ ، { لِّلَّهِ ما فِي  السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ  مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) }البقرة .

وقال عليه السلام: خَصْلَتَيْنِ مُهْلِكَتَيْنِ ، تُفْتِي النَّاسَ بِرَأْيِكَ ، أَوْ تَدِينُ بِمَا لَا تَعْلَمُ‏ .

وقال عليه السلام : لِأَبِي بَصِيرٍ ، يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَا تُفَتِّشِ النَّاسَ عَنْ أَدْيَانِهِمْ ، فَتَبْقَى بِلَا صَدِيقٍ .

وقال عليه السلام : الصَّفْحُ الْجَمِيلُ أَنْ لَا تُعَاقِبَ عَلَى الذَّنْبِ ، وَ الصَّبْرُ الْجَمِيلُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَكْوَى .

وقال عليه السلام : أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُؤْمِناً وَ إِنْ كَانَ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ ذُنُوبٌ ، الصِّدْقُ ، وَ الْحَيَاءُ ، وَ حُسْنُ الْخُلُقِ ، وَ الشُّكْرُ .

وقال عليه السلام : لَا تَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى تَكُونَ خَائِفاً رَاجِياً ، وَ لَا تَكُونُ خَائِفاً رَاجِياً حَتَّى تَكُونَ عَامِلً لِمَا تَخَافُ وَ تَرْجُو .

وقال عليه السلام : لَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّحَلِّي‏ وَ لَا بِالتَّمَنِّي ، وَ لَكِنَّ الْإِيمَانَ مَا خَلَصَ فِي الْقُلُوبِ  وَ صَدَّقَتْهُ الْأَعْمَالُ .

وقال عليه السلام : إِذَا زَادَ الرَّجُلُ عَلَى الثَّلَاثِينَ فَهُوَ كَهْلٌ ، وَ إِذَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ شَيْخٌ .

وقال عليه السلام : النَّاسُ فِي التَّوْحِيدِ ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : مُثْبِتٍ وَ نَافٍ وَ مُشَبِّهٍ ، فَالنَّافِي مُبْطِلٌ ، وَ الْمُثْبِتُ مُؤْمِنٌ ، وَ الْمُشَبِّهُ مُشْرِكٌ .

وقال عليه السلام : الْإِيمَانُ : إِقْرَارٌ وَ عَمَلٌ وَ نِيَّةٌ ، وَ الْإِسْلَامُ إِقْرَارٌ وَعَمَلٌ‏.

وقال عليه السلام : لَا تُذْهِبِ الْحِشْمَةَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ أَخِيكَ وَ أَبْقِ مِنْهَا ، فَإِنَّ ذَهَابَ الْحِشْمَةِ ذَهَابُ الْحَيَاءِ ، وَ بَقَاءَ الْحِشْمَةِ بَقَاءُ الْمَوَدَّةِ .

وقال عليه السلام : مَنِ احْتَشَمَ أَخَاهُ حَرُمَتْ وُصْلَتُهُ ، وَمَنِ اغْتَمَّهُ سَقَطَتْ حُرْمَتُهُ.

وَ قِيلَ لَهُ : خَلَوْتَ بِالْعَقِيقِ‏ ، وَ تُعْجِبُكَ الْوَحْدَةُ ؟ فَقَالَ عليه السلام : لَوْ ذُقْتَ حَلَاوَةَ الْوَحْدَةِ ، لَاسْتَوْحَشْتَ مِنْ نَفْسِكَ ، ثُمَّ قَالَ عليه السلام : أَقَلُّ مَا يَجِدُ الْعَبْدُ فِي الْوَحْدَةِ أَمْنُ مُدَارَاةِ النَّاسِ‏ .

وقال عليه السلام : مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ بَاباً مِنَ الدُّنْيَا ، إِلَّا فَتَحَ عَلَيْهِ مِنَ الْحِرْصِ مِثْلَيْهِ‏ .

وقال عليه السلام : الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا غَرِيبٌ لَ يَجْزَعُ مِنْ ذُلِّهَا ، وَ لَا يَتَنَافَسُ أَهْلَهَا فِي عِزِّهَا .

وَ قِيلَ لَهُ:  أَيْنَ طَرِيقُ الرَّاحَةِ ؟ فَقَالَ عليه السلام : فِي خِلَافِ الْهَوَى .

قِيلَ : فَمَتَى يَجِدُ عَبْدٌ الرَّاحَةَ ؟ فَقَالَ عليه السلام : عِنْدَ أَوَّلِ يَوْمٍ يَصِيرُ فِي الْجَنَّةِ .

وقال عليه السلام : لَا يَجْمَعُ اللَّهُ لِمُنَافِقٍ وَ لَ فَاسِقٍ ، حُسْنَ السَّمْتِ ، وَ الْفِقْهَ ، وَ حُسْنَ الْخُلُقِ ، أَبَداً .

وقال عليه السلام : طَعْمُ الْمَاءِ الْحَيَاةُ ، وَ طَعْمُ الْخُبْزِ الْقُوَّةُ ، وَ ضَعْفُ الْبَدَنِ وَ قُوَّتُهُ مِنْ شَحْمِ‏ الْكُلْيَتَيْنِ‏ ، وَمَوْضِعُ الْعَقْلِ الدِّمَاغُ ، وَالْقَسْوَةُ وَ الرِّقَّةُ فِي الْقَلْبِ.

وقال عليه السلام : الْحَسَدُ حَسَدَانِ ، حَسَدُ فِتْنَةٍ ، وَ حَسَدُ غَفَلَةٍ .

فَأَمَّا حَسَدُ الْغَفْلَةِ : فَكَمَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ حِينَ قَالَ اللَّهُ : { إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ‏ (28) }البقرة ، أَيِ اجْعَلْ ذَلِكَ الْخَلِيفَةَ مِنَّا ، وَ لَمْ يَقُولُوا حَسَداً لِآدَمَ مِنْ جِهَةِ الْفِتْنَةِ وَ الرَّدِّ وَ الْجُحُودِ .

وَ الْحَسَدُ الثَّانِي : الَّذِي يَصِيرُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ وَ الشِّرْكِ ، فَهُوَ حَسَدُ إِبْلِيسَ فِي رَدِّهِ عَلَى اللَّهِ وَ إِبَائِهِ عَنِ السُّجُودِ لِآدَمَ عليه السلام .

وقال عليه السلام : النَّاسُ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ، رَجُلٍ : يَزْعُمُ أَنَّ الْأَمْرَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ فَقَدْ وَهَّنَ اللَّهَ فِي سُلْطَانِهِ فَهُوَ هَالِكٌ ، وَ رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَجْبَرَ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي وَ كَلَّفَهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ فَقَدْ ظَلَمَ اللَّهَ فِي حُكْمِهِ فَهُوَ هَالِكٌ ، وَ رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ كَلَّفَ الْعِبَادَ مَا يُطِيقُونَهُ وَ لَمْ يُكَلِّفْهُمْ مَ لَا يُطِيقُونَهُ فَإِذَا أَحْسَنَ حَمِدَ اللَّهَ وَ إِذَا أَسَاءَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ فَهَذَا مُسْلِمٌ بَالِغٌ .

وقال عليه السلام: الْمَشْيُ الْمُسْتَعْجِلُ ، يَذْهَبُ بِبَهَاءِ الْمُؤْمِنِ وَ يُطْفِئُ نُورَهُ.

وقال عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْغَنِيَّ الظَّلُومَ .

وقال عليه السلام : الْغَضَبُ مَمْحَقَةٌ لِقَلْبِ الْحَكِيمِ ، وَ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ غَضَبَهُ لَمْ يَمْلِكْ عَقْلَهُ .

وَ قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ‏ : قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: أَ تَدْرِي مَنِ الشَّحِيحُ . قُلْتُ : هُوَ الْبَخِيلُ ؟

فَقَالَ عليه السلام : الشُّحُّ أَشَدُّ مِنَ الْبُخْلِ ، إِنَّ الْبَخِيلَ يَبْخَلُ بِمَا فِي يَدِهِ ، وَ الشَّحِيحُ يَشُحُّ عَلَى مَ فِي أَيْدِي النَّاسِ وَ عَلَى مَا فِي يَدِهِ ، حَتَّى لَا يَرَى فِي أَيْدِي النَّاسِ شَيْئاً إِلَّا تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ بِالْحِلِّ وَ الْحَرَامِ ، لَا يَشْبَعُ وَ لَا يَنْتَفِعُ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ .

وقال عليه السلام: إِنَّ الْبَخِيلَ مَنْ كَسَبَ مَالًا مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ ، وَ أَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ .

وقال عليه السلام : لِبَعْضِ شِيعَتِهِ مَا بَالُ أَخِيكَ يَشْكُوكَ ؟ فَقَالَ : يَشْكُونِي أَنِ اسْتَقْصَيْتُ عَلَيْهِ حَقِّي .

فَجَلَسَ عليه السلام : مُغْضَباً ، ثُمَّ قَالَ : كَأَنَّكَ إِذَا اسْتَقْصَيْتَ عَلَيْهِ حَقَّكَ لَمْ تُسِئْ ، أَ رَأَيْتَكَ مَ حَكَى اللَّهُ عَنْ قَوْمٍ‏ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ‏ ، أَ خَافُوا أَنْ يَجُورَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، لَا وَ لَكِنْ خَافُوا الِاسْتِقْصَاءَ ، فَسَمَّاهُ اللَّهُ‏ سُوءَ الْحِسابِ‏ ، فَمَنِ اسْتَقْصَى فَقَدْ أَسَاءَ .

وقال عليه السلام : كَثْرَةُ السُّحْتِ يَمْحَقُ الرِّزْقَ‏ (كسب ما لا يحل ) .

وقال عليه السلام : سُوءُ الْخُلُقِ نَكِدٌ ( شدة وعسر ) .

وقال عليه السلام : إِنَّ الْإِيمَانَ فَوْقَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ ، وَ التَّقْوَى فَوْقَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ ، وَ بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ‏ ، فَقَدْ يَكُونُ الْمُؤْمِنُ فِي لِسَانِهِ بَعْضُ الشَّيْ‏ءِ الَّذِي لَمْ يَعِدِ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ ، وَ قَالَ اللَّهُ‏ : { إِنْ تَجْتَنِبُو كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً (35) } النساء ، وَ يَكُونُ الْآخَرُ وَ هُوَ الْفَهِمُ لِسَاناً  وَ هُوَ أَشَدُّ لِقَاءً لِلذُّنُوبِ ، وَ كِلَاهُمَا مُؤْمِنٌ ، وَ الْيَقِينُ فَوْقَ التَّقْوَى بِدَرَجَةٍ وَ لَمْ يُقْسَمْ‏ ،بَيْنَ النَّاسِ شَيْ‏ءٌ أَشَدُّ مِنَ الْيَقِينِ ، إِنَّ بَعْضَ‏ النَّاسِ أَشَدُّ يَقِيناً مِنْ بَعْضٍ وَ هُمْ مُؤْمِنُونَ ، وَ بَعْضَهُمْ أَصْبَرُ مِنْ بَعْضٍ عَلَى الْمُصِيبَةِ وَ عَلَى الْفَقْرِ وَ عَلَى الْمَرَضِ وَ عَلَى الْخَوْفِ وَ ذَلِكَ مِنَ الْيَقِينِ .

وقال عليه السلام : إِنَّ الْغِنَى وَ الْعِزَّ يَجُولَانِ ، فَإِذَا ظَفِرَا بِمَوْضِعِ التَّوَكُّلِ أَوْطَنَاهُ‏.

وقال عليه السلام : حُسْنُ الْخُلُقِ مِنَ الدِّينِ ، وَ هُوَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ .

وقال عليه السلام : الْخُلُقُ خُلُقَانِ : أَحَدُهُمَا نِيَّةٌ ، وَ الْآخَرُ سَجِيَّةٌ .

قِيلَ : فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ ؟ قَالَ عليه السلام : النِّيَّةُ ، لِأَنَّ صَاحِبَ السَّجِيَّةِ مَجْبُولٌ عَلَى أَمْرٍ لَا يَسْتَطِيعُ غَيْرَهُ ، وَ صَاحِبَ النِّيَّةِ يَتَصَبَّرُ عَلَى الطَّاعَةِ تَصَبُّراً فَهَذَ أَفْضَلُ .

وقال عليه السلام : إِنَّ سُرْعَةَ ائْتِلَافِ قُلُوبِ الْأَبْرَارِ إِذَا الْتَقَوْا وَ إِنْ لَمْ يُظْهِرُوا التَّوَدُّدَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ، كَسُرْعَةِ اخْتِلَاطِ مَاءِ السَّمَاءِ بِمَاءِ الْأَنْهَارِ ، وَ إِنَّ بُعْدَ ائْتِلَافِ قُلُوبِ الْفُجَّارِ إِذَا الْتَقَوْا وَ إِنْ أَظْهَرُوا التَّوَدُّدَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ، كَبُعْدِ الْبَهَائِمِ مِنَ التَّعَاطُفِ وَ إِنْ طَالَ اعْتِلَافُهَا عَلَى مِذْوَدٍ وَاحِدٍ .

وقال عليه السلام : السَّخِيُّ الْكَرِيمُ الَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ .

وقال عليه السلام : يَا أَهْلَ الْإِيمَانِ وَ مَحَلَّ الْكِتْمَانِ ، تَفَكَّرُوا وَ تَذَكَّرُوا عِنْدَ غَفَلَةِ السَّاهِينَ .

قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : عَنِ الْحَسَبِ ؟ فَقَالَ عليه السلام : الْمَالُ .

قُلْتُ : فَالْكَرَمُ ؟ قَالَ عليه السلام : التَّقْوَى .

قُلْتُ : فَالسُّؤْدُدُ ؟ قَالَ : السَّخَاءُ .

وَيْحَكَ : أَ مَا رَأَيْتَ حَاتِمَ طَيٍ‏ كَيْفَ سَادَ قَوْمَهُ ، وَ مَا كَانَ بِأَجْوَدِهِمْ مَوْضِعاً .

وقال عليه السلام : الْمُرُوَّةُ مُرُوَّتَانِ : مُرُوَّةُ الْحَضَرِ وَ مُرُوَّةُ السَّفَرِ ، فَأَمَّا مُرُوَّةُ الْحَضَرِ : فَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ ، وَ حُضُورُ الْمَسَاجِدِ ، وَ صُحْبَةُ أَهْلِ الْخَيْرِ ، وَ النَّظَرُ فِي التَّفَقُّهِ ، وَ أَمَّا مُرُوَّةُ السَّفَرِ : فَبَذْلُ الزَّادِ ، وَ الْمِزَاحُ فِي غَيْرِ مَا يُسْخِطُ اللَّهَ ، وَ قِلَّةُ الْخِلَافِ عَلَى مَنْ صَحِبَكَ ، وَ تَرْكُ الرِّوَايَةِ عَلَيْهِمْ إِذَا أَنْتَ فَارَقْتَهُمْ .

وقال عليه السلام : اعْلَمْ أَنَّ ضَارِبَ عَلِيٍّ عليه السلام بِالسَّيْفِ وَ قَاتِلَهُ ، لَوِ ائْتَمَنَنِي وَ اسْتَنْصَحَنِي وَ اسْتَشَارَنِي ثُمَّ قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْهُ لَأَدَّيْتُ إِلَيْهِ الْأَمَانَةَ .

وَقَالَ سُفْيَانُ‏ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، يَجُوزُ أَنْ يُزَكِّيَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ؟

قَالَ : نَعَمْ إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ ، أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ يُوسُفَ‏ { اجْعَلْنِي عَلى‏ خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ‏ (55) } يوسف. وَ قَوْلَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ‏ : { أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ‏ (66) } الأعراف .

وقال عليه السلام : أَوْحَى اللَّهُ إِلَى دَاوُدَ عليه السلام ، يَا دَاوُدُ تُرِيدُ وَ أُرِيدُ ، فَإِنِ اكْتَفَيْتَ بِمَا أُرِيدُ مِمَّا تُرِيدُ كَفَيْتُكَ مَا تُرِيدُ ، وَ إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا مَا تُرِيدُ أَتْعَبْتُكَ فِيمَ تُرِيدُ وَ كَانَ مَا أُرِيدُ .

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ‏ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنِ الْفِئَتَيْنِ يَلْتَقِيَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ ، أَبِيعُهُمَ السِّلَاحَ . فَقَالَ عليه السلام : بِعْهُمَا مَا يَكُنُّهُمَا الدِّرْعَ وَ الْخَفْتَانَ‏ وَ الْبَيْضَةَ وَ نَحْوَ ذَلِكَ .

وقال عليه السلام : أَرْبَعٌ لَا تُجْزِي فِي أَرْبَعٍ : الْخِيَانَةُ ، وَ الْغُلُولُ ، وَ السَّرِقَةُ ، وَ الرِّبَا ، لَا تُجْزِي فِي حَجٍّ ، وَ لَا عُمْرَةٍ ، وَ لَا جِهَادٍ ، وَ لَا صَدَقَةٍ .

وقال عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَ يُبْغِضُ ، وَ لَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا أَهْلَ صَفْوَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ .

وقال عليه السلام : مَنْ دَعَا النَّاسَ إِلَى نَفْسِهِ وَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَهُوَ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ .

قِيلَ لَهُ : مَا كَانَ فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ ؟

 فَقَالَ عليه السلام : كَانَ فِيهَا الْأَعَاجِيبُ ، وَ كَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا فِيهَا ، أَنْ قَالَ لِابْنِهِ : خَفِ اللَّهَ خِيفَةً لَوْ جِئْتَهُ بِبِرِّ الثَّقَلَيْنِ لَعَذَّبَكَ ، وَ ارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَوْ جِئْتَهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ لَرَحِمَكَ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ فِي قَلْبِهِ نُورَانِ : نُورُ خِيفَةٍ وَ نُورُ رَجَاءٍ ، لَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا ، وَ لَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا .

قَالَ أَبُو بَصِيرٍ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنِ الْإِيمَانِ ؟ فَقَالَ عليه السلام : الْإِيمَانُ بِاللَّهِ أَنْ لَا يُعْصَى ، قُلْتُ : فَمَا الْإِسْلَامُ ؟ فَقَالَ عليه السلام : مَنْ نَسَكَ نُسُكَنَا ، وَ ذَبَحَ ذَبِيحَتَنَا .

وقال عليه السلام : لَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ بِكَلِمَةِ هُدًى فَيُؤْخَذُ بِهَا  إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ أَخَذَ بِهَا ، وَ لَ يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةِ ضَلَالَةٍ فَيُؤْخَذُ بِهَا  إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ أَخَذَ بِهَا .

وَ قِيلَ لَهُ : إِنَّ النَّصَارَى يَقُولُونَ : إِنَّ لَيْلَةَ الْمِيلَادِ فِي أَرْبَعَةٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ كَانُونَ ، فَقَالَ عليه السلام : كَذَبُوا ، بَلْ فِي النِّصْفِ مِنْ حَزِيرَانَ ، وَ يَسْتَوِي اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ فِي النِّصْفِ مِنْ آذَارَ .

وقال عليه السلام : كَانَ إِسْمَاعِيلُ أَكْبَرَ مِنْ إِسْحَاقَ بِخَمْسِ سِنِينَ ، وَ كَانَ الذَّبِيحُ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام ، أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام : { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ‏ (98)} إِنَّمَا سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَرْزُقَهُ غُلَاماً مِنَ الصَّالِحِينَ ، فَقَالَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ‏ : { فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ‏ (99)} يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ ، ثُمَّ قَالَ‏ : { وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ‏ (112)} الصافات ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ إِسْحَاقَ أَكْبَرُ مِنْ إِسْمَاعِيلَ، فَقَدْ كَذَّبَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ.

وقال عليه السلام : أَرْبَعَةٌ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام ،  الْبِرُّ ، وَ السَّخَاءُ ، وَالصَّبْرُ عَلَى النَّائِبَةِ ، وَالْقِيَامُ بِحَقِّ الْمُؤْمِنِ .

وقال عليه السلام : لَا تَعُدَّنَّ مُصِيبَةً أُعْطِيتَ عَلَيْهَ الصَّبْرَ وَ اسْتَوْجَبْتَ عَلَيْهَا مِنَ اللَّهِ ثَوَاباً بِمُصِيبَةٍ ، إِنَّمَ الْمُصِيبَةُ أَنْ يُحْرَمَ صَاحِبُهَا أَجْرَهَا وَ ثَوَابَهَا إِذَا لَمْ يَصْبِرْ عِنْدَ نُزُولِهَا .

وقال عليه السلام : إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً مِنْ خَلْقِهِ فِي أَرْضِهِ يُفْزَعُ إِلَيْهِمْ فِي حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ، أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ، آمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَلَا وَ إِنَّ أَحَبَّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى اللَّهِ مَنْ أَعَانَ الْمُؤْمِنَ الْفَقِيرَ مِنَ الْفَقْرِ فِي دُنْيَاهُ وَ مَعَاشِهِ ، وَ مَنْ أَعَانَ وَ نَفَعَ وَ دَفَعَ الْمَكْرُوهَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ .

 

وقال عليه السلام : إِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ وَالْبِرَّ لَيُهَوِّنَانِ الْحِسَابَ وَ يَعْصِمَانِ مِنَ الذُّنُوبِ ، فَصِلُوا إِخْوَانَكُمْ ، وَ بَرُّو إِخْوَانَكُمْ ، وَلَوْ بِحُسْنِ السَّلَامِ وَ رَدِّ الْجَوَابِ .

 

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُ‏ : دَخَلْتُ عَلَى الصَّادِقِ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ أَحْفَظُهَا مِنْ بَعْدِكَ ؟ قَالَ عليه السلام : وَ تَحْفَظُ يَا سُفْيَانُ ؟ قُلْتُ : أَجَلْ يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ‏ .

 قَالَ عليه السلام : يَا سُفْيَانُ لَا مُرُوَّةَ لِكَذُوبٍ ، وَ لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ ، وَ لَا إِخَاءَ لِمُلُوكٍ ، وَ لَا خُلَّةَ لِمُخْتَالٍ ، وَ لَا سُؤْدُدَ لِسَيِّئِ الْخُلُقِ‏، ثُمَّ أَمْسَكَ .

 فَقُلْتُ : يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِي ؟ فَقَالَ عليه السلام : يَا سُفْيَانُ ثِقْ بِاللَّهِ تَكُنْ عَارِفاً ، وَ ارْضَ بِمَا قَسَمَهُ لَكَ تَكُنْ غَنِيّاً ، صَاحِبْ بِمِثْلِ مَا يُصَاحِبُونَكَ بِهِ تَزْدَدْ إِيمَاناً ، وَ لَا تُصَاحِبِ الْفَاجِرَ فَيُعَلِّمَكَ مِنْ فُجُورِهِ ، وَ شَاوِرْ فِي أَمْرِكَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ . ثُمَّ أَمْسَكَ .

  فَقُلْتُ : يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِي ؟ فَقَالَ عليه السلام : يَا سُفْيَانُ مَنْ أَرَادَ عِزّاً بِلَا سُلْطَانٍ ، وَ كَثْرَةً بِلَا إِخْوَانٍ ، وَ هَيْبَةً بِلَا مَالٍ ، فَلْيَنْتَقِلْ مِنْ ذُلِّ مَعَاصِي اللَّهِ إِلَى عِزِّ طَاعَتِهِ‏ ،  ثُمَّ أَمْسَكَ .

 فَقُلْتُ : يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ زِدْنِي ؟ فَقَالَ عليه السلام : يَا سُفْيَانُ أَدَّبَنِي أَبِي بِثَلَاثٍ وَ نَهَانِي عَنْ ثَلَاثٍ‏ ، فَأَمَّا اللَّوَاتِي أَدَّبَنِي بِهِنَّ ، فَإِنَّهُ قَالَ لِي : يَا بُنَيَّ مَنْ يَصْحَبْ صَاحِبَ السَّوْءِ لَا يَسْلَمْ ، وَ مَنْ لَا يُقَيِّدْ أَلْفَاظَهُ يَنْدَمْ ، وَ مَنْ يَدْخُلْ مَدَاخِلَ السَّوْءِ يُتَّهَمْ ، قُلْتُ : يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَمَا الثَّلَاثُ اللَّوَاتِي نَهَاكَ عَنْهُنَّ ؟ قَالَ عليه السلام : نَهَانِي أَنْ أُصَاحِبَ حَاسِدَ نِعْمَةٍ ، وَ شَامِتاً بِمُصِيبَةٍ ، أَوْ حَامِلَ نَمِيمَةٍ .

وقال عليه السلام : سِتَّةٌ لَا تَكُونُ فِي مُؤْمِنٍ ، الْعُسْرُ ، وَ النَّكَدُ ، وَ الْحَسَدُ ، وَ اللَّجَاجَةُ ، وَ الْكَذِبُ ، وَ الْبَغْيُ .

وقال عليه السلام : الْمُؤْمِنُ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ ذَنْبٍ قَدْ مَضَى لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ اللَّهُ فِيهِ ، وَ عُمُرٍ قَدْ بَقِيَ لَ يَدْرِي مَا يَكْتَسِبُ فِيهِ مِنَ الْمَهَالِكِ ، فَهُوَ لَا يُصْبِحُ إِلَّ خَائِفاً وَ لَا يُمْسِي إِلَّا خَائِفاً ، وَ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْخَوْفُ .

وقال عليه السلام : مَنْ رَضِيَ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ ، قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ الْيَسِيرَ مِنَ الْعَمَلِ ، وَ مَنْ رَضِيَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ زَكَتْ مَكْسَبَتُهُ وَ خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْعَجْزِ .

 

وَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُ‏ : دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ،  فَقُلْتُ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ؟

 فَقَالَ عليه السلام : وَ اللَّهِ إِنِّي لَمَحْزُونٌ ، وَ إِنِّي لَمُشْتَغِلُ الْقَلْبِ . فَقُلْتُ لَهُ : وَ مَا أَحْزَنَكَ ؟ وَ مَا أَشْغَلَ قَلْبَكَ ؟

 فَقَالَ عليه السلام لِي: يَا ثَوْرِيُّ ، إِنَّهُ مَنْ دَاخَلَ قَلْبَهُ صَافِي خَالِصِ دِينِ اللَّهِ شَغَلَهُ عَمَّا سِوَاهُ ، يَا ثَوْرِيُّ مَا الدُّنْيَا وَ مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ ، هَلِ الدُّنْيَا إِلَّا أَكْلٌ أَكَلْتَهُ أَوْ ثَوْبٌ لَبِسْتَهُ ، أَوْ مَرْكَبٌ رَكِبْتَهُ ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَطْمَئِنُّوا فِي الدُّنْيَا ، وَ لَمْ يَأْمَنُوا قُدُومَ الْآخِرَةِ ، دَارُ الدُّنْيَا دَارُ زَوَالٍ ، وَ دَارُ الْآخِرَةِ دَارُ قَرَارٍ ، أَهْلُ الدُّنْيَ أَهْلُ غَفْلَةٍ ، إِنَّ أَهْلَ التَّقْوَى أَخَفُّ أَهْلِ الدُّنْيَا مَئُونَةً وَ أَكْثَرُهُمْ مَعُونَةً ، إِنْ نَسِيتَ ذَكَّرُوكَ ، وَ إِنْ ذَكَّرُوكَ أَعْلَمُوكَ ، فَأَنْزِلِ الدُّنْيَا كَمَنْزِلٍ نَزَلْتَهُ فَارْتَحَلْتَ عَنْهُ ، أَوْ كَمَالٍ أَصَبْتَهُ فِي مَنَامِكَ فَاسْتَيْقَظْتَ ، وَ لَيْسَ فِي يَدِكَ شَيْ‏ءٌ مِنْهُ ، فَكَمْ مِنْ حَرِيصٍ عَلَى أَمْرٍ قَدْ شَقِيَ بِهِ حِينَ أَتَاهُ ، وَ كَمْ مِنْ تَارِكٍ لِأَمْرٍ قَدْ سَعِدَ بِهِ حِينَ أَتَاهُ‏  .

وَ قِيلَ لَهُ : مَا الدَّلِيلُ عَلَى الْوَاحِدِ ؟

فَقَالَ عليه السلام : مَا بِالْخَلْقِ مِنَ الْحَاجَةِ.

وقال عليه السلام : لَنْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ، حَتَّى تَعُدُّو الْبَلَاءَ نِعْمَةً وَ الرَّخَاءَ مُصِيبَةً .

وقال عليه السلام : الْمَالُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ ، وَ اثْنَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَنْزٌ ، وَ لَمْ يَجْتَمِعْ عِشْرُونَ أَلْفاً مِنْ حَلَالٍ ، وَ صَاحِبُ الثَّلَاثِينَ أَلْفاً هَالِكٌ ، وَ لَيْسَ مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ يَمْلِكُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ .

وقال عليه السلام : مِنْ صِحَّةِ يَقِينِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ ، أَنْ لَا يُرْضِيَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ ، وَ لَا يَحْمَدَهُمْ‏ عَلَى مَ رَزَقَ اللَّهُ ، وَ لَا يَلُومَهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ ، فَإِنَّ رِزْقَهُ‏ لَا يَسُوقُهُ حِرْصُ حَرِيصٍ وَ لَا يَرُدُّهُ كُرْهُ كَارِهٍ ، وَ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا يَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ ، لَأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ .

 

وقال عليه السلام : مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ لَا يَعْدُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ ، وَ لَا شَحْنُهُ أُذُنَهُ‏ ، وَ لَا يَمْتَدِحُ بِنَا مُعْلِناً ، وَ لَا يُوَاصِلُ لَنَا مُبْغِضاً ، وَ لَا يُخَاصِمُ لَنَا وَلِيّاً ، وَ لَا يُجَالِسُ لَنَا عَائِباً .

قَالَ لَهُ مِهْزَمٌ‏ : فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَؤُلَاءِ الْمُتَشَيِّعَةِ ؟

 قَالَ عليه السلام : فِيهِمُ التَّمْحِيصُ‏ ، وَ فِيهِمُ التَّمْيِيزُ ، وَ فِيهِمُ التَّنْزِيلُ ، تَأْتِي عَلَيْهِمْ سِنُونَ تُفْنِيهِمْ ، وَ طَاعُونٌ يَقْتُلُهُمْ ، وَ اخْتِلَافٌ يُبَدِّدُهُمْ ، شِيعَتُنَا : مَنْ لَا يَهِرُّ هَرِيرَ الْكَلْبِ‏ ، وَ لَا يَطْمَعُ طَمَعَ الْغُرَابِ ، وَ لَا يَسْأَلُ وَ إِنْ مَاتَ جُوعاً .

قُلْتُ : فَأَيْنَ أَطْلُبُ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ عليه السلام : اطْلُبْهُمْ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ ، أُولَئِكَ الْخَفِيضُ عَيْشُهُمْ‏ ، الْمُنْتَقِلَةُ دَارُهُمْ ، الَّذِينَ إِنْ شَهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا ، وَ إِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا ، وَ إِنْ مَرِضُوا لَمْ يُعَادُوا ، وَ إِنْ خَطَبُو لَمْ يُزَوَّجُوا ، وَ إِنْ رَأَوْا مُنْكَراً أَنْكَرُوا ، وَ إِنْ خَاطَبَهُمْ جَاهِلٌ سَلَّمُوا ، وَ إِنْ لَجَأَ إِلَيْهِمْ ذُو الْحَاجَةِ مِنْهُمْ رَحِمُو ، وَ عِنْدَ الْمَوْتِ هُمْ لَا يَحْزَنُونَ لَمْ تَخْتَلِفْ قُلُوبُهُمْ وَ إِنْ رَأَيْتَهُمْ اخْتَلَفَتْ بِهِمُ الْبُلْدَانُ .

 

وقال عليه السلام : مَنْ أَرَادَ أَنْ يُطَوِّلَ اللَّهَ عُمُرَهُ فَلْيُقِمْ أَمْرَهُ ، وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحُطَّ وِزْرَهُ فَلْيُرْخِ سِتْرَهُ‏ ، وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُرْفَعَ ذِكْرُهُ فَلْيُخْمِلْ أَمْرَهُ‏ .

وقال عليه السلام : ثَلَاثُ خِصَالٍ هُنَّ أَشَدُّ مَا عَمِلَ بِهِ الْعَبْدُ ، إِنْصَافُ الْمُؤْمِنِ مِنْ نَفْسِهِ ، وَ مُوَاسَاةُ الْمَرْءِ لِأَخِيهِ ، وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ .

 قِيلَ لَهُ : فَمَا مَعْنَى ذِكْرِ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ؟ قَالَ عليه السلام : يَذْكُرُ اللَّهَ عِنْدَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ يَهُمُّ بِهَا فَيَحُولُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْمَعْصِيَةِ .

وقال عليه السلام : الْهَمْزُ زِيَادَةٌ فِي الْقُرْآنِ‏ ( نبر الهمزه وإظهارها بقوة ) .

وقال عليه السلام : إِيَّاكُمْ‏ وَ الْمِزَاحَ ، فَإِنَّهُ يَجُرُّ السَّخِيمَةَ ، وَ يُورِثُ الضَّغِينَةَ ، وَ هُوَ السَّبُّ الْأَصْغَرُ .

وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ رَاشِدٍ  قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : إِذَا نَزَلَتْ بِكَ نَازِلَةٌ فَلَا تَشْكُهَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ ، وَ لَكِنِ اذْكُرْهَا لِبَعْضِ إِخْوَانِكَ ، فَإِنَّكَ لَنْ تُعْدَمَ خَصْلَةً مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ ، إِمَّا كِفَايَةً ، وَ إِمَّ مَعُونَةً بِجَاهٍ ، أَوْ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً ، أَوْ مَشُورَةً بِرَأْيٍ .

وقال عليه السلام : لَا تَكُونَنَّ دَوَّاراً فِي الْأَسْوَاقِ ، وَ لَا تَكُنْ شَرَّاءَ دَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِكَ ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمَرْءِ ذِي الْحَسَبِ وَ الدِّينِ أَنْ يَلِيَ دَقَائِقَ الْأَشْيَاءِ بِنَفْسِهِ ، إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ شِرَاءِ الْعَقَارِ وَ الرَّقِيقِ وَ الْإِبِلِ .

وقال عليه السلام : لَا تَكَلَّمْ بِمَا لَا يَعْنِيكَ ، وَ دَعْ كَثِيراً مِنَ الْكَلَامِ فِيمَا يَعْنِيكَ حَتَّى تَجِدَ لَهُ مَوْضِعاً ، فَرُبَّ مُتَكَلِّمٍ تَكَلَّمَ بِالْحَقِّ بِمَا يَعْنِيهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَتَعِبَ ، وَ لَا تُمَارِيَنَّ سَفِيهاً وَ لَا حَلِيماً : فَإِنَّ الْحَلِيمَ يَغْلِبُكَ ، وَ السَّفِيهَ يُرْدِيكَ ، وَ اذْكُرْ أَخَاكَ إِذَا تَغَيَّبَ بِأَحْسَنِ مَا تُحِبُّ أَنْ يَذْكُرَكَ بِهِ إِذَا تَغَيَّبْتَ عَنْهُ ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْعَمَلُ،  وَ اعْمَلْ عَمَلَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَجْزِيٌّ بِالْإِحْسَانِ مَأْخُوذٌ بِالْإِجْرَامِ .

 

وَ قَالَ لَهُ يُونُسُ‏ : لَوِلَائِي لَكُمْ وَ مَا عَرَّفَنِيَ اللَّهُ مِنْ حَقِّكُمْ ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا . قَالَ يُونُسُ : فَتَبَيَّنْتُ الْغَضَبَ فِيهِ .

 ثُمَّ قَالَ عليه السلام : يَا يُونُسُ قِسْتَنَا بِغَيْرِ قِيَاسٍ ، مَا الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا ، هَلْ هِيَ إِلَّا سَدُّ فَوْرَةٍ أَوْ سَتْرُ عَوْرَةٍ ، وَ أَنْتَ لَكَ بِمَحَبَّتِنَا الْحَيَاةُ الدَّائِمَةُ .

وقال عليه السلام : يَا شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ ، وَ لَمْ يُحْسِنْ صُحْبَةَ مَنْ صَحِبَهُ وَ مُرَافَقَةَ مَنْ رَافَقَهُ وَ مُصَالَحَةَ مَنْ صَالَحَهُ ، وَ مُخَالَفَةَ مَنْ خَالَفَهُ ، يَا شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ اتَّقُوا اللَّهَ مَ اسْتَطَعْتُمْ‏ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ .

 

وَ قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى‏:  كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ بِالْمَدِينَةِ ، فَذَكَرُوا الْجُودَ فَأَكْثَرُوا ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهَا : يُكَنَّى أَبَ دُلَيْنٍ ، إِنَّ جَعْفَراً وَ إِنَّهُ لَوْ لَا أَنَّهُ ضَمَّ يَدَهُ ، فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : تُجَالِسُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ عليه السلام : فَمَا حُدِّثْتَ بَلِّغْنِي ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ ، فَقَالَ عليه السلام : وَيْحَ أَبَ دُلَيْنٍ ، إِنَّمَا مَثَلُهُ مَثَلُ الرِّيشَةِ تَمُرُّ بِهَا الرِّيحُ فَتُطَيِّرُهَ ، ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ ، وَ أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ عَنْ ظَهْرِ غِنًى‏ ، وَ ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، وَ الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ السُّفْلَى ، وَ لَا يَلُومُ اللَّهُ عَلَى الْكَفَافِ ، أَ تَظُنُّونَ أَنَّ اللَّهَ بِخَيْلٌ ، وَ تَرَوْنَ أَنَّ شَيْئاً أَجْوَدُ مِنَ اللَّهِ ، إِنَّ الْجَوَادَ السَّيِّدَ مَنْ وَضَعَ حَقَّ اللَّهِ مَوْضِعَهُ ، وَ لَيْسَ الْجَوَادُ مَنْ يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ ، وَ يَضَعُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ ، أَمَّا وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَ لَمْ أَتَنَاوَلْ مَا لَا يَحِلُّ بِي ، وَ مَا وَرَدَ عَلَيَّ حَقُّ اللَّهِ إِلَّا أَمْضَيْتُهُ ، وَ مَا بِتُّ لَيْلَةً قَطُّ وَ لِلَّهِ فِي مَالِي حَقٌّ لَمْ أُؤَدِّهِ .

 

وقال عليه السلام : لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ‏ ، وَ لَ وِصَالَ فِي صِيَامٍ ، وَ لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ ، وَ لَا صَمْتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ ، وَ لَا تَعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ، وَ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ ، وَ لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ ، وَ لَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ ، وَ لَا يَمِينَ لِوَلَدٍ مَعَ وَالِدِهِ‏ ، وَ لَا لِلْمَمْلُوكِ مَعَ مَوْلَاهُ ، وَ لَا لِلْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا ، وَ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ ، وَ لَ يَمِينَ فِي قَطِيعَةٍ .

وقال عليه السلام : لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ وَ إِنْ سَاعَدَتْهُ الْأُمُورُ بِمُسْتَخْلِصٍ غَضَارَةَ عَيْشٍ‏ إِلَّا مِنْ خِلَالٍ مَكْرُوهٍ ، وَ مَنِ انْتَظَرَ بِمُعَاجَلَةِ الْفُرْصَةِ مُؤَاجَلَةَ الِاسْتِقْصَاءِ سَلَبْتُهُ الْأَيَّامُ فُرْصَتَهُ ، لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْأَيَّامِ السَّلْبَ وَ سَبِيلَ الزَّمَنِ الْفَوْتُ .

وقال عليه السلام : الْمَعْرُوفُ زَكَاةُ النِّعَمِ ، وَ الشَّفَاعَةُ زَكَاةُ الْجَاهِ ، وَ الْعِلَلُ زَكَاةُ الْأَبْدَانِ ، وَ الْعَفْوُ زَكَاةُ الظَّفَرِ ، وَ مَا أَدَّيْتَ زَكَاتَهُ فَهُوَ مَأْمُونُ السَّلَبِ .

وَ كَانَ عليه السلام يَقُولُ : عِنْدَ الْمُصِيبَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مُصِيبَتِي فِي دِينِي ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَوْ شَاءَ أَنْ تَكُونَ مُصِيبَتِي أَعْظَمَ مِمَّا كَانَ كَانَتْ ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي شَاءَ أَنْ يَكُونَ وَ كَانَ .

وقال عليه السلام : يَقُولُ اللَّهُ مَنِ اسْتَنْقَذَ حَيْرَاناً مِنْ حَيْرَتِهِ ، سَمَّيْتُهُ حَمِيداً وَ أَسْكَنْتُهُ جَنَّتِي‏ .

وقال عليه السلام : إِذَا أَقْبَلَتْ دُنْيَا قَوْمٍ كُسُو مَحَاسِنَ غَيْرِهِمْ ، وَ إِذَا أَدْبَرَتْ سُلِبُوا مَحَاسِنَ أَنْفُسِهِمْ‏ .

وقال عليه السلام : الْبَنَاتُ حَسَنَاتٌ ، وَ الْبَنُونَ نِعَمٌ ، فَالْحَسَنَاتُ تُثَابُ عَلَيْهِنَّ ، وَ النِّعْمَةُ تُسْأَلُ عَنْهَ .

 

يا طيب : الحكم والمواعظ أعلاه من كتاب تحف العقول  ص358 _ 382  . وهي ما يقارب الثلاثمائة حكمة وموعظة ، يمكن أخذها ، ووضع قسم من موعظة تامة الجملة ، أو موعظة كاملة متكونة من سطر أو سطرين ، ووضعه على صورة طبيعية مناسبة ، ومن ثم جعلها لوحة في الفوتوشوب وبرامج التصوير الكثيرة .

وتكون بهذا يا طيب : شارك الإمام جعفر الصادق عليه السلام نشر معارفه وهدى الله الحق الصادق ، وتنال أجرا عظيما إن شاء الله .

 

حكم الإمام برواية اليعقوبي :

يا طيب : نذكر هنا حكم عن الإمام الصادق عليه السلام ، لم نذكره أعلاه ، وقد رواها اليعقوبي في تأريخه وهو من أقدم ما كتب في التأريخ عند المسلمين ، قال :

قال سفيان : سمعت جعفرا يقول : الوقوف عند كل شبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، وترك حديث لم نروه أفضل من روايتك حديثا لم تحصه .

وقال عليه السلام : إن على كل حق حقيقة وعلى كلى صواب نور ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالفه فدعوه .

وقال جعفر عليه السلام : ثلاثة يجب لهم الرحمة : غني افتقر ، وعزيز قوم ذل ، وعالم تلاعب به الجهال .

وقال عليه السلام :

 من أخرجه الله : من ذل المعاصي إلى عز التقوى ، أغناه الله بغير مال ، وأعزه الله بغير عشيرة ,

 ومن خاف الله : أخاف الله منه كل شيء ، ومن لم يخف الله أخاف الله من كل شيء ,

 ومن رضي من الله : باليسير من الرزق ، رضي منه باليسير من العمل .

 ومن لم يستح : من طلب الحلال ، خفت مؤونته ونعم أهله .

ومن زهد : في الدنيا ، أثبت الله الحكمة في قلبه ، فأطلق لسانه من أمور الدنيا دائها ودوائها ، وأخرجه منها سالما .

وقال اليعقوبي : روي أن جعفر الصادق عليه السلام قال : لم نزلت على رسول الله : { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ  جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) } ا الحجر .

 قال عليه السلام : ومن لم يتعز بعزاء رسول الله ، تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ، ومن أتبع طرفه ما في أيدي الناس ، طال همه ولم يضعف غيظه .

 ومن لم ير : لله عليه نعمة إلا في كل مأكل ومشرب ، فقد قصر عمره ، ودنا عذابه .

وقال عليه السلام : ما أنعم الله على عبد نعمة بقلبه ، وشكرها بلسانه ، إلا ما أعطى خير مما أخذ .

وقال عليه السلام : إن مما ناجى الله عز وجل به موسى :

 يا موسى : لا تنسني على حال ، ولا تفرح بكثرة المال ، فإن نسياني يميت القلب ، وعند كثرة المال تكثر الذنوب .

 يا موسى : كل زمان يأتي بالشدة بعد الشدة ، وبالرخاء بعد الرخاء ، والملك بعد الملك ، وملكي قائم لا يزول ، ولا يخفى علي شيء في الأرض ول في السماء ، وكيف يخفى علي ما كان ابتداؤه مني ؟ وكيف لا تكون همتك فيما عندي ، وأنت ترجع لا محالة إلي؟

وقال عليه السلام : خلتان من لزمهما دخل الجنة ، فقيل : وما هما ؟

قال : احتمال ما تكره ، إذا أحبه الله ، وترك ما تحب ، إذ كرهه الله .

فقيل له : من يطيق ذلك ؟

فقال : من هرب من النار إلى الجنة .

وقال عليه السلام : فعل المعروف يمنع ميتة السوء ، والصدقة تطفئ غضب الرب ، وصلة الرحم تزيد في العمر وتنفي الفقر ، وقول لا حول ولا قوة إل بالله كنز من كنوز الجنة .

وقال عليه السلام : ما توسل إلي أحد بوسيلة ولا تذرع بذريعة هي أحب إلي ولا أقرب مني من يد أسلفته إياها أتبع بها أختها لأحسن ريها وحفظها ، إذا كان منع الاواخر يقطع لسان شكر الاوائل ، وما سمحت نفسي برد بكر من الحوائج .

وقال عليه السلام : أوحى الله إلى موسى بن عمران : ادخل يدك في فم التنين إلى المرفق ، فهو خير لك من مسألة من لم يكن للمسألة بمكان .

وقال عليه السلام : لا تخالطن من الناس خمسة :

الأحمق : فإنه يريد أن ينفعك  فيضرك .

 والكذاب : فإن كلامه كالسراب يقرب منك البعيد ويباعد منك القريب .

والفاسق : فإنه يبيعك بأكله أو شربه .

 والبخيل : فإنه يخذلك أحوج ما تكون إليه .

والجبان : فإنه يسلمك ويتسلم الدية .

وقال عليه السلام : المؤمنون يألفون ويؤلفون ويغشى رحلهم .

ـ383ـ

وقال عليه السلام : من غضب عليك ثلاث مرات ، فلم يقل فيك سوء ، فاتخذه لك خلا ، ومن أراد أن تصفو له مودة أخيه ، فلا يمارينه ولا يماز جنه ول يعده ميعادا فيخلفه .

تاريخ اليعقوبي ج2ص 381.

 

وكان لجعفر بن محمد : من الولد اسماعيل ، وعبدالله ، ومحمد ، وموسى ، وعلي ، والعباس .

تاريخ اليعقوبي ج2ص 382.

 

 

و بتوليه وآله اهتدينا للدين الحق الصحيح الصادق

 

معنى الدين الصادق :

الصادق : صفة للدين ثالثة بعد الحق والصحيح ، وهي تختص بمذهب جعفر الصادق عليه وعلى آله الصلاة والسلام ، لأنه دين الله الذي خص تعليمه بآبائه بعد جده رسول الله ، وهم الذين قال الله تعالى في حقهم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ  اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} التوبة ، كم ستعرف ، وصَدَقَ فِي قَوْلِهِ  قَالَ الْحَقِيقَةَ عكس كذب ، صدَق في الوَعد والوَعيد  أنفذهما ، و صَدَقَ فلانًا النصيحةَ والإخاءَ  خْلَصَهُمَا له ، و النِّيَّة الصَّادقة   توجد العزيمة المخلصة  ، وصدَق  الله العلي العظيم خاتمة تقال بعد تلاوة القرآن .

صَادِقٌ : فاعل من صَدَقَ ، رَجُلٌ  صَادِقٌ  فِي عَمَلِهِ  مُخْلِصٌ ، صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ  قَوْلُهُ مُطَابِقٌ لِلْحَقِيقَةِ . وَجَدْتُهُ صاَدِقاً فِي فِعْلِهِ  سَلِيمَ الطَّوِيَّةِ . تَحِيَّةٌ صَادِقَةٌ صَافِيَةٌ مُخْلِصَةٌ لاَ شَوَائِبَ بِهَا . وصادق فلانًا بادله الصَّداقةَ والمودَّةَ ، اتَّخذه صديقًا ، صاحبه ورافقه وماشاه وجعله جليسه ومحادثه .

صدَقَ : صدَقَ في يصدُق صِدْقًا فهو صادِق والمفعول مَصْدوقٌ للمتعدِّي ، صدَق الشَّخصُ في الأمر أخبر بالواقع كما هو ، عكس كذب ، وفي قوله تعالى عن سليمان للهدهد : { قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27)  } النمل ، و صدَقَت النُّبوءةُ : تحقّقت وثبتت ، صدَقَ فلانًا الحَديثَ صدَقه في الحَديث ، أنبأه بالصِّدق  صدقه القولَ ، صَدَقَ فلانًا النَّصيحةَ  أخلصه له ، صدقَه المحبّة ، صدَق فلانًا الوَعَد  صدَق في وعده حقَّقه أَوْفى به ونفّذه .

 

الصادق : من طابق قوله الواقع حقا ، وإن الله تعالى خالق كل شيء بالحق وإنه صادق فيما أوجبه على نفسه في كل شيء ، سواء في هدايته الخلق وإيصاله لأحسن غايته ، أو في ابتلائه لخلقه واختبارهم ليظهر الصادق في طاعته وعبوديته ،  أو أنه تعالى صادق في وعده وعديه وجزاءه ثوابا أو عقابا .

وقد قال سبحانه وتعالى :

{ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ

وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا (87)} ، وقال عز وجل : { وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا

وَعْدَ اللّهِ حَقًّا

 وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً (122) } النساء .

فالله تعالى هو الصادق : في كل شيء في حديثه القرآن الكريم وهو أحسن الحديث ، وفي قوله ووعده ووعيده ، ويجزي الصادقين بأحسن الجزاء ، والله تعالى طلب منا أن يكون قولنا وفعلنا صدق ، ولا يتم إلا أن نكون مع الصادقين ومن صدقهم الله تعالى ، ولذا قال تعالى :

{ وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن  لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا(80)

 وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) } الإسراء .

ومن يكون صادق : يجزى أحسن الجزاء كما قال الله تعالى : { قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا  رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) } المائدة .

كما أن الكاذب : والمكذب لدين الله الحق باغي وظالم ، وله أسوء الجزاء وقد قال الله تعالى :

{ ذَلِكَ  جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ (146)

فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147) } الأنعام .

ويا طيب : لا يكفي أن يدعي الإنسان الإسلام والإيمان والتقى وغيرها من آداب الدين ، بل لابد أن يطبقها على الحقيقية ووفق الهدى الصادق من الصادقين ، ولذا يختبر الله تعالى ، ليظهر حقيقة صدق الصادق في قوله وفعله وثبوته على الهدى ، ولا ينقلب على الدين وتعاليمه وعلى من أنعم الله عليهم بهداه للصراط المستقيم ، ولذا قال الله تعالى :

{ الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّ وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ

فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا

وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) } العنكبوت .

ومن أجمل البيان للصادقين : والثابتين على الهدى من غيرهم ، وأحلى مصداق له ، هو قول الله تعالى :

وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ

وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانً وَتَسْلِيمًا (22) 

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا

مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ

 فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُو تَبْدِيلًا (23)

لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ

وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا  رَّحِيمًا (24) }  الأحزاب .

وإن سيد الصادقين : والثابتين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، هو أخيه ووصيه أمير المؤمنين الحق والصديق الأكبر واقعا علي بن أبي طالب عليه السلام ، فعلى يده كفى الله المؤمنين القتال في غزوة الخندق والتي تسمى الأحزاب أيضا ، وقد قال رسول الله حين بارز عمرو بن ود ، برز الإيمان كله للكفر كله ، وضربت علي يوم الخندق تساوي عبادة الثقلين وإن شاء الله سنبينها في أبوذية الخندق ، وقال عليه السلام في بيان شأن نزول الآيات السابقة :

عن جابر الجعفي : عن الإمام الباقر أبي جعفر قال : عن أمير المؤمنين عليه السلام في خبر طويل يذكر ما أمتحن الله تعالى رسوله ووصيه ، ويبين فيه صبرهم وثباتهم ، وبعد ما بين حالة مع الحكام الأول والثاني يبينه مع الثالث ، فقال عليه السلام :

ما منعني منها : إلا الذي منعني من أختيها قبلها ، و رأيت الإبقاء على من بقي من الطائفة أبهج لي و آنس لقلبي من فنائها ، و علمت أني إن حملتها على دعوة الموت ركبته ، فأما نفسي فقد علم من حضر ممن ترى و من غاب من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من ذي العطش الصدى .

وَ لَقَدْ كُنْتُ : عَاهَدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولَهُ .

  أَنَا : وَ عَمِّي‏ حَمْزَةُ ، وَ أَخِي جَعْفَرٌ ، وَ ابْنُ عَمِّي عُبَيْدَةُ ، عَلَى أَمْرٍ وَفَيْنَا بِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ .

فَتَقَدَّمَنِي أَصْحَابِي : و تخلفت بعدهم ، لما أراد الله عز و جل .

فأنزل الله فينا : {

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ

 فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ

وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا  (23) } الأحزاب .

حَمْزَةُ : وَ جَعْفَرٌ ، وَ عُبَيْدَةُ ، وَ أَنَا وَ اللَّهِ الْمُنْتَظِرُ .. وَ مَا بَدَّلْتُ تَبْدِيلًا .. .

الخصال ج2ص364ص58 .  

وقراء الآيات أعلاه : تعرف أنه تصدق على أمير المؤمنين وآله الطيبين الطاهرين بأعلى مصداق حق ، ولا يقبل الخلاف ممن خالفه وآله ، إلا ن يكون من الكاذبين المبعدين والمنافقين المتمرسين .

 ولذا أمرنا الله أن نكون مع الصادقين فقال سبحانه :

 { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ  اللّهَ

وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119) } التوبة .

والصادقين : هم نبي الرحمة وآله الطيبين صلى الله عليهم وسلم ، وقد طهرهم كما طهر كتابه ، وجعلهم أهل الذكر والراسخون بعلمه ، وأئمة الحق والهدى والمنعم عليهم بصراطه المستقيم ، وولاة أمره في كثير من آيات الولاية والإمامة ، وإن من خالفهم ليس على شيء ، كما سترى هذا في الأحاديث الآتية .

وتكفي آية المباهلة : لتعرف أن الله لعن من كذبهم ، كما عرف في سورة الفاتحة بأن من خالفهم ضال مغضوب عليهم ، وأما تصديقهم في آية المباهلة فقد قال سبحانه :

{  فَمَنْ  حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ

أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَ وأَنفُسَكُمْ

ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)

إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ

وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ  اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63) } آل عمران .

فالدين الحق الصادق الصحيح : هو عند أهل البيت عليهم السلام ، لأن ملعون من يكذبهم ويخالفهم ، كما عرفت في آية المباهلة أعلاه ، لأنه النبي جاء بالحسن والحسين كأبناء ، وفاطمة الزهراء عليها السلام بدل النساء ، وأمير المؤمنين عليه السلام كنفسه ، وخليفته ووصيه ، وصدقهم الله ، ولو لم يعلم بصدقهم لما جاء بهم للمباهلة وفيها يلعن الكاذب وهو غيرهم ، فهم عليهم الصلاة والسلام مصدقون بتصديق الله تعالى وبتصديق الصادق الأمين رسول الله صلى الله عليه وآله علما وعملا وعبودية وإخلاصا ، وليذهب شرقا أو غربا من يخالفهم فليس على شيء من الهدى الحق كما سترى ، عن الإمام الصادق عليه السلام .

 

معنى صدق الدين :

دين : اسم ، الجمع أَدْيُنٌ و ديونٌ وأَديان ، الدِّينُ الدِّيانة ، الدِّينُ اسمٌ لجميع ما يُعبد به الله ويطاع ، و الأَدْيانُ السَّماوِيَّةُ اليَهودِيَّةُ والْمَسيحِيَّةُ والإِسْلامُ . و دَيَّنَ : فعل ، دَيَّنَ القَوْمَ جَعَلَهُمْ يَتَدَيَّنونَ بِدينِهِ ، دَيَّنَه صَدَّقه ، رَجُلٌ  دَيِّنٌ : مُتَمَسِّكٌ بِالدِّينِ ، رَجُل الدِّين : عالم الدِّين ، المتخصِّص في الدِّراسات الدِّينيّة ، دَانَ  الرَّجُلُ : خَضَعَ وتذَلَّل لتعاليم دينه ، دان بالإسلام : اتَّخذه دينًا ، وتعبَّد به ، اعتنقه .

ومنه الديانة : اسمٌ لجميع ما يتعبَّد به لله ، شريعة ومِلَّة ، ما أحسن الدِّين والدنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجلِ ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ ، والمَدِينُ العبد ، و المَدِينةُ الأمة ، والمدينة المنورة التي دانت بالإسلام وتنورت بهدى الله وصدق أهلها رسول الله ، فآمن أهلها بالله تعالى وأقاموا عبوديته .

والدين : عادَةٌ وشَأْنٌ ، ليس هذا من ديني ولا دَيْدَني ، الرَّجُلُ عَلَى دِين خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ، وأكمل نصف دينه تزوج فليتقي الله بالقسم الآخر .

الدَّيْنُ : القرض ، دَيَّنَهُ مَبْلَغاً كَبيراً مِنَ المالِ : أَقْرَضَهُ إِيَّاهُ ، الدَّيْن كلُّ ما ليس حاضرًا ، والدَّيْنُ واحد الدُّيُونِ ، وقد دَانَهُ أقرضه فهو مَدِينٌ و مَدْيُونٌ و دَانَ هو أي استقرض فهو دَائِنٌ أي عليه دين  قال الله تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ... (282) } البقرة،  وعْدُ الحرِّ  دين  عليه ينبغي أن يوفّي به . دَانَ  صَاحِبَهُ : أَحْسَنَ إِلَيْهِ .

يا طيب : الدين عند الله الإسلام ، ولكن أختلف المتدينون به اختلافا كبيرا ، وصاروا إما أديان كثيرة ، أو مذاهب في دين واحد ، ولا يصدق منهم إلا واحد ، لأن دين الله الواحد القهار واحد ، ولابد أن يكون قد أودع تعاليمه عند من صدقهم ، وجعلهم منعم عليهم بهداه ، ويهدون لصراط مستقيم ، ومن خالفهم فليس على شيء ، ومن تبع الصادقين فهو على الحق والدين الصادق .

فالدِّين الحنيف : هو الدين المستقيم الذي لا عِوجَ فيه وهو الإسلام الحق والصادق الواقعي واحد دون من يختلف فيه . وقد قال الله سبحانه :

 { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ

وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ  الْكِتَابَ

إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ

وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) } آل عمران ، فمن يخالف الصادقين فهو باغي سواء في دين آخر أو مذهب آخر .

 وقال الله تعالى : {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ  الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ  عَلِيمٌ (256)} البقرة .{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ  دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) } آل عمران.

فالكفر بالطاغوت : هو كفر على من طغى على الله تعالى ، وطغى على طاعة من جعل الله أمر دينه عندهم ، وأدعى أنه هو أحق منهم وهو خاسر ومن يتبعه خاسر ، ومن كفر به ناجي ، وطبعا بشرط أن يستمسك بالعروة الوثقى ، وهم من جعلهم راسخون بعلم الكتاب وهداه ، وصدقهم وجعلهم صادقين، وجعلهم منعم عليهم بالصراط المستقيم ، ويا طيب إن الله هو :

الدَّيَّانُ : وهذه صفة له تعالى ، يدين الناس بما أمرهم وعلمهم من أمر الدين ، ويجازيهم بما وعدهم وسمى نفسه مالك يوم الدين ، فحسب اعتقادهم ودينهم والعلم به يدانون ويحاسبون ويجازون ، فإن كان ذو دين صادق وكانوا مع الصادقين وأهل الرشد المنعم عليهم بهداه أصدقهم وعده ، وإن كان من الطغاة وأهل الغي والبغي المختلفون عن الصادقين أصدقهم وعيده ، لآن :

 الدِّينُ : أيضا الجزاء والمكافأة ، يقال دان يدينه دِيناً أي جازاه ، ويقال كما تُدِينُ تُدَانُ أي كما تُجازي تُجازى بفعلك وبحسب ما عملت ، أيْ كَمَا تَفْعَلُ يُفْعَلُ بِكَ ، وقوله تعالى : {أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) } أي لمجزيون محاسبون.

و يومُ الدِّين : يوم الجزاء والحساب في الآخرة و يوم القيامة :

{ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) }المعارج .

{ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) }المطففين .

يا طيب : عندنا دين واحد وهو الإسلام ، ولكن أختلف فيه الباغين ، وحسابهم يوم الدين سواء كان مصدق بيوم الدين أو مكذب له وعيد الله ، فالمصدق له وعد الله بشرط أن لا يكون باغي وطاغي مختلف ومتخلف عن العروة والوثقى ، ومن جعلهم الله صادقين ومنعم عليهم بصراط الهدى المستقيم ، فلا ينفعه تصديقه ، وهو في الحقيقة ضال كما قال الله تعالى :

 

{ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)

الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3)

مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ  وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)

اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ

 غَيرِ المَغضُوبِ  عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7) } الفاتحة .

يا طيب : إن الله سبحانه وتعالى أدبنا في سورة الفاتحة بذكر تمجيده والثناء عليه ومدحه وحمده بأجمل أسماءه الحسنى اسم الله والرحمن الرحيم ورب العالمين ونكرر الرحمن الرحيم وأنه تعالى مالك يوم الدين ، وإنا مقرون بالعجز والاستضعاف ، ولا نجاة إلا بهدايته وتعريفنا المنعم عليهم بهداه وإنهم أصحاب الصراط المستقيم ، وليس بضالين ولا مغضوب عليهم .

يا طيب : فهل يعقل أنه لم يعرف المنعم عليهم بهدى الصراط المستقيم حتى نتبعهم ، لكي لا نضل ويغضب علينا حين نتبع المختلفين عنهم والطاغين عليهم ، وهذا مستحيل أن يكون من الرب العلي العظيم والرحمن الرحيم .

وإنه يا طيب : بأقل تدبر في كتاب الله وسنة رسوله ، نعرف أن آل محمد وأهل بيت النبوة صلى الله عليهم وسلم ، وأولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد رسول الله ثم الحسن والحسين وأبناءهم علي بن الحسين محمد بن علي وجعفر بن محمد الصادق وأحفاده المعصومين ، هم أئمة الحق و هم المنعم عليهم بهدى الصراط المستقيم وعندهم دين الله الحق الصادق ، ولذا قال في يوم الغدير :

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ

وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ  دِينًا (3) } المائدة .

وهذه الآية : آية كمال الدين وتمام النعمة ورضى الرب بدين الإسلام لنا ، نزلة في يوم الغدير ، وقصته مشهور وألف العلامة الأميني كتاب الغدير فبين نزولها في شأنه بأحسن تفصيل وأتمه ، وبالبراهين الحقة والأدلة الصادقة .

وفي خطبة النبي صلى الله عليه وآله : في يوم الغدير بتنصيب الإمام علي عليه السلام إمام للمسلمين وولي أمر الله فيهم وأنه خليفته ووصية ، نص حديث الثقلين ، وإنهم آله مع القرآن الكريم ، أفضل ما خلفه فينا ، فمن تمسك بهم فهو تبع الصادقين وسار على صراط مستقيم ، وأتبع المذهب الحق لجعفر الصادق ، ودينه حق صحيح صادق .

ويا طيب : ولو تدبر في سورة الفاتحة وعرفت أن الله أدبنا بعد حمده ، أن نسأله هدى الصراط المستقيم عند المنعم عليهم والغير مغضوب عليهم ول ضالين ، أنه بعدها مباشرة عرفهم بسورة البقرة في الحروف المقطعة بل النورانية المفصَلة باللفظ والمفصِلة لبيان الصادقين ، والحروف في كل القرآن 78 حرفا في 29 سورة ، ولو حذفت المكرر يبقى 14 حرفا ، تكون أفضل وأعلى معنى وأصدق حقيقة وبيان لواقع الإمامة والولاية الصادقة ، لأنه تكون جملتين مناسبتين لما بعد سورة الفاتحة وتبين المنعم عليهم بهدى الصراط المستقيم ، والجملتين هما :

نصٌّ حكيمٌ لَهُ سرٌّ قاطعٌ

صراطُ عليِّ حَقٌ نُمْسُكُـه ُ

وكل ما ذكر : من الجمل غيرهما لا تناسب بيان المنعم عليهم بهدى الصراط المستقيم الحق الصحيح الصادق ، ومن تركهم كان من مصداق آخر الفاتحة بدون غير ولا .

 

 

تصديق الله لأهل البيت وملعون مكذبهم :

يا طيب : عرفت حقائق كريمة عن معنى الدين الصادق وصدق التدين ، وإنه يتحقق بمعرفة وطاعة من جعلهم الله راسخون بعلم الهدى وأنعم عليهم بالصراط المستقيم ، وبهم كان كمال الدين وتمام النعمة ورضا الرب ، وكان ببيان القرآن بالقرآن ، وهذا نفسه تجده بنصوص حديث عن أهل البيت عليهم السلام :

عن علي بن محمد الهادي عليه اسلام :  قال الله تعالى : { فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ‏ } .

و لو قال : تعالوا نبتهل فنجعل‏ لعنة الله عليكم ، لم يكونو يجيبون للمباهلة ، و قد عرف أن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم مؤدي عنه رسالته و ما هو من الكاذبين ، وَ كَذَلِكَ عَرَفَ النَّبِيُّ  أَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَ يَقُولُ ، وَ لَكِنْ أَحَبَّ أَنْ يُنْصِفَ مِنْ نَفْسِهِ.

علل الشرائع ج1ص129ب107ح1 .

 وعن عامر بن سعد قال‏ : قال معاوية لأبي : ما يمنعك أن تسب أبا تراب ؟

قال : لثلاث رويتهن‏ عن النبي صلى الله عليه وآله :  لما نزلت آية المباهلة  { تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ‏ } ، أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : بيد علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام ، قال : هؤلاء أهلي‏ .

تفسير العياشي ج1ص176ح59.

 

 

الإمام علي هو الصديق الأكبر :

يا طيب : عقد ابن شهر آشوب  فصل في أن علي بن أبي طالب عليه السلام هو الصديق‏ و الفاروق‏ و الصدق و الصادق ، فذكر فيه أحاديث شريف تبين هذا المعنى فنذكره هنا ، وكذا ذكر في البحار وغيره هذا المعنى، فتدبر الأحاديث:

في قوله تعالى : { وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا  وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) } الحديد .

 عن قتادة : عن الحسن ، عن ابن عباس‏ في قوله تعالى‏ : { وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ‏ } .

قال : صِدِّيقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، هُوَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ ، وَ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ .

ثم قال‏ : { وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏ } .

قال ابن عباس : و هم علي و حمزة و جعفر ، فهم صديقون ، و هم شهداء الرسل على أممهم ، قد بلغوا الرسالة ، ثم قال‏ { لَهُمْ أَجْرُهُمْ‏ عِنْدَ رَبِّهِمْ } على التصديق بالنبوة { وَ نُورُهُمْ‏ } على الصراط.

 

وفي قوله تعالى : { وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ  النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) }النساء.

عن مالك بن أنس عن سمي عن أبي صالح عن ابن عباس‏ في قوله‏: { وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ‏ } يَعْنِي مُحَمَّداً .

{ وَ الصِّدِّيقِينَ‏ } يَعْنِي عَلِيّاً ، وَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ صَدَّقَهُ‏ .

{ وَ الشُّهَداءِ } يَعْنِي عَلِيّاً وَ جَعْفَراً وَ حَمْزَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ عليهم السلام.

 النبيون : كلهم صديقون  و ليس كل صديق نبيا ، و الصديقون كلهم صالحون  و ليس كل صالح صديقا ، و لا كل صديق شهيد  .

و قد كان‏ أمير المؤمنين : صِدِّيقاً شَهِيداً صَالِحاً ، فاستحق ما في الآيتين من وصف سوى النبوة .

و كان أبو ذر : يحدث شيئا فكذبوه .

فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما أظلت الخضراء و ل أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر و لا أبر ( طبعا لتصديقه النبي وأهل بيته ) ، فدخل وقتئذ علي عليه السلام ، فقال صلى الله عليه وآله :  ألا إن هذا الرجل المقبل :

 فَإِنَّهُ : الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ ، وَ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ.

 

وفي قول الله تعالى : { وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) } يس .

عن ابن بطة في الإبانة : و أحمد في الفضائل عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه ، و شيرويه في الفردوس عن داود بن بلال ، قال النبي صلى الله عليه وآله :

‏ الصِّدِّيقُونَ ثَلَاثَةٌ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، و حبيب النجار ، و مؤمن آل فرعون ، يعني حزقيل ، و في رواية : و علي بن أبي طالب و هو أفضلهم.

 

و ذكر أمير المؤمنين مرارا : أَنَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ ، وَ الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ.

 

وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله :‏ أَنَّ عَلِيّاً صِدِّيقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَ فَارُوقُهَا وَ مُحَدِّثُهَا ، وَ إِنَّهُ هَارُونُهَ وَ يُوشَعُهَا وَ آصَفُهَا وَ شَمْعُونُهَا ، إِنَّهُ بَابُ حِطَّتِهَا وَ سَفِينَةُ نَجَاتِهَا ، إِنَّهُ طَالُوتُهَا وَ ذُو قَرْنَيْهَا.

 

وعن كعب الأحبار : أنه سأل عبد الله بن سلام قبل أن يسلم ، يا محمد ما اسم علي فيكم ؟

قال عندنا : الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ .

فقال عبد الله : أشهد أن لا إله إلا الله ، و أشهد أن محمد رسول الله ، إنا لنجد في التوراة محمد نبي الرحمة ، و علي مقيم الحجة .

ورحم الله السيد الحميري إذ قال :

شهيدي الله يا صديق‏ __ هذي الأمة الأكبر

بأني لك صافي الود __ في فضلك لا أستر

 و له‏ رحمه الله :

صديقنا الأكبر فاروقنا __ فاروق بين الحق و الباطل‏

و له‏ رحمه الله :

ففاروق بين الهدى و الضلال __ و صديق أمتنا الأكبر

وللقمي رحمه الله :

علي هو الصديق علامة الورى‏ __ و فاروقها بين الحطيم و زمزم

ورحم الله من قال :

إذا كذبت أسماء قوم عليهم __ فاسمك صديق له شاهد عدل

 ورحم الله من أنشد :

أول من صدق به‏ __ و هو مجلي كربه‏

 

وعن أبي سخيلة : سألت أبا ذر ، فقلت : إني قد رأيت اختلاط ، فما ذا تأمرني ؟

قال رحمه الله : عليك بهذه الخصلتين : كتاب الله ، و الشيخ علي بن أبي طالب عليهم السلام .

 فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : هذا أول من آمن بي ، و أول من يصافحني يوم القيامة ، وَ هُوَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ ، وَ هُوَ الْفَارُوقُ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ .

 

وعن أبي ليلى الغفاري قال : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

‏ ستكون : من بعدي فتنة ، فإذا كان كذلك فالزموا علي بن أبي طالب ، فَإِنَّهُ الْفَارُوقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ‏ ، استخرجه شيرويه في الفردوس‏.

 

و سمي فاروقا : لأنه يفرق بين الجنة و النار ، و قيل : لأن ذكره يعرف بين محبه و مبغضه.

ورحم الله ابن حماد إذ قال :

و هو المفرق بين أهل الكفر __ و الإيمان فادع الصادق الفاروقا

 

ورحم الله الحميري‏ إذ قال :

و يا فاروق بين الحق‏ __ و الباطل في المصدر

ورحم الله شاعر قال :

فقال من الفاروق إن كنت عالما __ فقلت الذي قد كان للدين مظهر

علي أبو السبطين علامة الورى‏ __ و ما زال للأحكام يبدي و ينشر

 

وفي قوله تعالى : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ (32)

 وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) } الزمر .

وأما ما عن أهل البيت عليهم السلام فقال رحمه الله :

علماء أهل البيت : عن الباقر و الصادق و الكاظم و الرضا و زيد بن علي عليهم السلام‏ في قوله تعالى : {‏ وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ‏ } قَالُوا : هُوَ عَلِيٌّ عليه السلام .

و روت العامة : عن إبراهيم الحكم عن أبيه عن السدي عن ابن عباس و روى عبيدة بن حميد عن منصور عن مجاهد و روى النطنزي في الخصائص عن ليث عن مجاهد و روى الضحاك أنه قال ابن عباس‏ فرسول الله‏ { جاءَ بِالصِّدْقِ‏ } وَ عَلِيٌ‏ { صَدَّقَ بِهِ‏ } أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ‏ { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ‏ } قَالَ : { الصِّدْقُ } وَلَايَةُ أَهْلِ الْبَيْتِ.

وعن الرضا عليه السلام قال : النَّبِيُ‏ ، { وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ‏ } الصِّدْقُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

وعن الصادق و الرضا عليهم السلام قالا : إِنَّهُ مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ.

 

 

وفي قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ  اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119) }التوبة .

الكلبي و أبو صالح عن ابن عباس‏ : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ‏ } ، أَيْ كُونُوا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ‏ .

ذكره : الثعلبي في تفسيره عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام ، و عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، و ذكره إبراهيم الثقفي عن ابن عباس و السدي و جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام ‏.

وفي تفسير : أبي يوسف يعقوب بن سفيان ، حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ‏ } أمر الله الصحابة أن يخافوا الله ، ثم قال‏ : { وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ‏ } يَعْنِي مَعَ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ .

وفي شرف النبي : عن الخركوشي ، و الكشف عن الثعلبي ، قال : روى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي ع‏ليه السلام في هذه الآية قال : مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ.

و قال أمير المؤمنين عليه السلام :‏ فَنَحْنُ الصَّادِقُونَ عِتْرَتُهُ ، و أنا أخوه في الدنيا و الآخرة.

 

وفي قوله تعالى : { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُو مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا  رَّحِيمًا (24) } الأحزاب .

في التفسير:  المراد بالصادقين ، هم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله‏ : { رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ‏ } . فعن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق عن علي عليه السلام قال: فينا نزلت‏ : { رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ‏ فَأَنَا وَ اللَّهِ الْمُنْتَظِرُ وَ مَا بَدَّلْتُ تَبْدِيلًا } .

وقال أبو الورد عن أبي جعفر عليه السلام : {‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا } قال : عَلِيٌّ وَ حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ ، { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ‏ } قال : عهده و هو حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ ، { وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ } قال‏ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ .

و قال المتكلمون : و من الدلالة على إمامة علي ع قوله‏ { ي أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ‏ } ، فوجدنا عليا بهذه الصفة .

 لقوله‏ : { وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ‏ يَعْنِي الْحَرْبَ‏ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ‏ } .

فوقع الإجماع : بأن عليا أولى بالإمامة من غيره ، لأنه لم يفر من زحف قط كما فر غيره في غير مواضع‏ .

يا طيب : بعد أن عرفنا أن الصديق الأكبر هو علي بن أبي طالب ، لأنه أول من صدق به برسول الله صدقا حقا واقعا صحيحا سالما من كل فتنة ونفاق ، وإن غيره ممن سمي بالصديق زورا وبهتانا وكذبا أنقلب على الرسول وآذى عترته بعده وغصب خلافتهم فكذبه واضح بين عيانا علنا ، وإنما تبع النبي على طمع لما كان يسمع من أهل الكتاب بأن نبي آخر الزمان ينتشر دينه ويملك وتدين له العرب والعجم ، فطمعو بالسلطة فأسلموا طمعا لا صدقا وتصديقا بكل ما أمر ، وقد أمرهم سيد المرسلين في عدة مواقع بوجوب الإطاعة لعلي عليه السلام ، وقد بايعاه وبايع المسلمون علي بن أبي طالب في يوم الغدير ، ونكثوا البيعة وغصبوا الخلافة ، فبان أنهم كذبوا في إظهار الإيمان ، والصديق حقا علي .

ويا طيب : من آمن بأن الإمام علي عليه السلام هو الصديق فل يسعه إلا الإيمان بأن الحسن والحسين والأئمة المعصومين من ذرية الحسين عليهم السلام ، إنهم هم الصديقون ، لأنه لا يمكن أن يبقى الدين بلا حجة وولي لله صديق يعرف حقائق هدى الله ويرجع له العباد حين الاختلاف .

 

 

أهل البيت هم الصادقون ومستقى علم الله :

يا طيب : بعد أن عرفنا أن الصديق الأكبر هو علي بن أبي طالب عليه السلام ، فلابد أن نصدق أيضا أن آله عليهم السلام صديقون ومذهبهم مذهب صادق صديق حق صحيح سالم من كل فكر وقياس ، بل راسخون بعلم الكتاب كل ما يقولوا من تفسير وتأويل وشرح وبيان بتعليم الله ورسوله ، ويضاف لما عرفت الأحاديث الآتي الشارح لكلام الله والمفسرة لمعارفه :

وفي حديث المناشدة : وهو حديث طويل قال أمير المؤمنين عليه السلام : .....  أنشدكم الله : أ تعلمون أن الله أنزل‏ : { يا أَيُّهَ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ‏ الصَّادِقِينَ‏ } .

فقال سلمان : يا رسول الله عامة هذا أم خاصة ؟

قال صلى الله عليه وآله : أما المأمورون فعامة المؤمنين أمرو بذلك ، وَ أَمَّا الصَّادِقُونَ فَخَاصَّةٌ لِأَخِي عَلِيٍّ  ، وَ أَوْصِيَائِي مِنْ بَعْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . قالوا : اللهم نعم  ..... .

كتاب سليم بن قيس الهلالي ج2ص647ح11 .

 

وعن بريد العجلي قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى‏ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ  اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119) } التوبة .

 قال عليه السلام : إِيَّانَا عَنَى .

وعن أحمد بن محمد قال : سألت الرضا عليه السلام عن قول الله تعالى‏ : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ‏ } ؟

قال عليه السلام : الصادقون الأئمة ، الصديقون بطاعتهم .

بصائر الدرجات ج1ص31ب14ح1 ح2.

 

ويا طيب : قال بن شهر آشوب رحمه الله إنها تدل على العصمة .

قوله‏ : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ‏ الصَّادِقِينَ‏ } .

أمرنا سبحانه أمرا مطلقا : بالكون مع‏ الصادقين‏ من غير تخصيص ، و ذلك يقتضي عصمتهم ، لقبح الأمر على هذا الوجه باتباع من لا يؤمن منه القبيح ، و من حيث يؤدي ذلك الأمر بالقبيح ، و إذا ثبت ذلك في الإمامة ثبت تخصصها بأمير المؤمنين و أولاده المعصومين بالإجماع ، لأن أحدا من الأمة لم يقل ذلك فيها إل خصها بهم ، و لأنه لم تثبت هذه الصفات لغيرهم و لا ادعيت لسواهم.

المناقب ج1ص247 .

 

ويا طيب : بعد أن عرفنا أن آل البيت عليهم السلام هم الصادقون والصديقون ، ومن صدقهم كان معهم صادق ، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة ، نذكر أحاديث أخرى تعرفنا أن الحق والصدق والدين الصحيح السالم لا يكون إلا عندهم بطور آخر من الكلام من أحاديث عليهم السلام ، تبين بالوجدان والتأريخ والبرهان أنهم هم الصادقون عليهم السلام .

 

وعن الحكم بن عتيبة قال : لقي رجل الحسين بن علي عليه السلام بالثعلبية و هو يريد كربلاء ، فدخل عليه فسلم عليه .

فقال له الحسين عليه السلام : من أي البلدان أنت ؟

فقال : من أهل الكوفة ؟

قال عليه السلام : يا أهل الكوفة ، أما و الله لو لقيتك بالمدينة ، لأريتك أثر جبرئيل من دارنا ، و نزوله على جدي بالوحي .

يا أخا أهل الكوفة : مستقى العلم من عندنا ، أ فعلموا و جهلن ، هذا ما لا يكون .

بصائر الدرجات ج1ص11ب7ح1 .

 وعن أبي جعفر الأحول قال : قال أبو عبد الله عليه السلام‏ ما تقول قريش في الخمس ؟ قال : قلت : تزعم أنه لها ؟

قال عليه السلام : ما أنصفونا و الله ، لو كان مباهلة ليباهلن بنا ، و لئن كان مبارزة ليبارزن بنا ، ثم نكون و هم على سواء  .

 

وعنه الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام قال‏ : قلت له شيئا مم أنكر به الناس .

 فقال : قل لهم ، إن قريشا قالوا : نحن أولو القربى الذين هم لهم الغنيمة.

 فقل لهم‏ : كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يدع للبراز يوم بدر غير أهل بيته ، و عند المباهلة جاء بعلي و الحسن و الحسين و فاطمة عليهم السلام أ فيكون لهم المر ، و لهم الحلو .

تفسير العياشي ج1ص176ح56 ، 57 .

 

وعن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال‏ :

قال : أنتم و الله من آل محمد .

قال : فقلت : جعلت فداك من أنفسهم ؟

 قال : من أنفسهم و الله ، قالها ثلاثا.

 ثم نظر إلي فقال لي : يا عمر ، إن الله يقول : { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ  الْمُؤْمِنِينَ (68) } آل عمران .

وعن علي بن النعمان عن أبي عبد الله عليه السلام‏ في قوله : { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } .

 قال : هم الأئمة و أتباعهم‏ .

تفسير العياشي ج1ص177ح60 ، ح61.

 

عن ابن هراسة الشيباني عن شيخ من أهل الكوفة قال : رأيت علي بن الحسين عليه السلام بمنى . فقال : ممن‏ الرجل ؟ فقلت : رجل من أهل العراق .

فقال لي : يا أخا أهل العراق ، أما لو كنت عندنا بالمدينة لأريناك مواطن جبرئيل من دورنا ، أستقانا الناس العلم ، فتراهم علموا و جهلنا .

بصائر الدرجات ج1ص11ب7ح2 .

 

عن يحيى بن عبد الله أبي الحسن صاحب الديلم قال : سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول‏ : و عنده ناس من أهل الكوفة ، عجبا للناس ، إنهم أخذو علمهم كله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فعملوا به و اهتدوا ، و يرو أنا أهل بيته و ذريته لم نأخذ علمه .

و نحن : أهل بيته و ذريته ، في منازلنا نزل الوحي ، و من عندن خرج العلم إليهم ، أ فيرون أنهم علموا و اهتدوا ، و جهلنا نحن و ضللنا ، إن هذ لمحال .

بصائر الدرجات ج1ص11ب7ح3 .

 

وعن زرارة قال : كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام ، فقال رجل من أهل الكوفة ، يسأله عن قول أمير المؤمنين : سلوني عما شئتم ، و لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به ؟

فقال : إنه ليس أحد عنده علم إلا خرج من عند أمير المؤمنين عليه السلام ، فليذهب الناس حيث شاءوا ، فو الله ليأتيهم الأمر من هاهنا ، و أشار بيده إلى المدينة.

بصائر الدرجات ج1ص11ب7ح1 .

 

و عن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام :‏ في قول الله عز و جل‏ { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) } القصص.

 يعني : من يتخذ دينه رأيه بغير هدى أئمة من أئمة الهدى .

بصائر الدرجات ج1ص11ب7ح1 .

 

وعن طلحة بن زيد عن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام قال : قرأت في كتاب أبي ، الأئمة في كتاب الله إمامان، إمام هدى و إمام ضلال‏:

 فأما أئمة الهدى : فيقدمون أمر الله قبل أمرهم و حكم الله قبل حكمهم .

و أما أئمة الضلال : فإنهم يقدمون أمرهم قبل أمر الله حكمهم قبل حكم الله اتباعا لأهوائهم و خلافا لما في الكتاب .

و عن طلحة بن زيد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عن أبيه الباقر عليه السلام قال : قال : الأئمة في كتاب الله إمامان ، قال الله تبارك و تعالى‏ : { وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا (73) } الأنبياء ، لا بأمر الناس ، يقدمون أمر الله قبل أمرهم ، و حكم الله قبل حكمهم .

و قال‏ : { وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ (41) } القصص ، يقدمون أمرهم قبل أمر الله و حكمهم قبل حكم الله و يأخذون بأهوائهم خلافا لما في كتاب الله.

بصائر الدرجات ج1ص32ب15ح1 ، ح2.

يا طيب : بالإضافة لما عرفت من الآيات ، فإن التدبر بكتاب الله تعالى وكلامه المجيد و الروايات التي تؤكد أن هدى ودين أهل البيت هو الصدق والحق والدين الصحيح الكامل التام ، كثيرة جدا ، ولا يسع منها شيء هذا المختصر ، وقد جمعها في بحار الأنوار في عدة أجزاء ، وكذا جمعها من مصادر العامة في إحقاق الحق والغدير والمراجعات والمستدرك عليه والعبقات وكتب غيرها كثيرة ، وفي أغلب ما ذكرنا من الأبوذية المشروحة في موسوعة صحب الطيبين تجد بيان مناسب في معرفة أن الهدى الحق الصادق هو هدى نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، بل في صحيفة الثقلين وصحف سادة الوجود بل في صحف شرح أسماء الله الحسنى ، وكثير من صحف الأئمة كصحيفة ذكر علي عبادة أو صحيفة الإمام الحسين عليه السلام وغيرها.

وما ذكرنا : فهو مختصرا في بيان بعض الأحاديث الشارحة والمفسرة لبعض الآيات المبينة بأن حقائق هدى الله عند آل محمد عليهم السلام ، وأنهم هم الصادقون دون غيرهم ممن خالفهم ولم يتبعهم ، فضلا عمن عاداهم وقتلهم وغصب وحقوقهم وولايتهم ظاهرا ، أو تسمى بأسمائهم وألقابهم ظلما وعدونا كأمير المؤمنين أو الصديق أو الفاروق أو غيرها ظلما وعدوانا بغير حق .

ويا طيب : من عرف هذا الحق للصادقين المعصومين من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، عرف أن النجاة والفوز والفلاح لمن تبعهم وشايعهم وصدقهم ، وكان بحق مع الإمام المظهر لهدى الله تعالى الإمام السادس جعفر الصادق عليه السلام ، وإن من خالفه من المذاهب كمن خالف أمير المؤمنين ورسول الله صلى الله عليه وآله ، وإنه ليس على شيء هو ومن تبعه ، والسلام والسلامة والأمن والإيمان لمن تبع الهدى الحق الصادق عند جعفر الصادق عليه السلام وسمي بحق جعفري ومن شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام .

 

 

أوصانا بالتقى والصلاة بوقتها وعند فجره الصادق
و لذا فازوا برضا الله ونجوا أتباعه الشيعة الجعفرية

معنى الفجر الصادق :

الصادق : صفة ونعت للفجر ، من صدَقَ في ظهوره ، الفجر الصادق : هو عند بداية شعاع الشمس بالظهور معترضا في الأفق أي عرضا ، والفجر الكاذب : هو بداية شعاع الشمس بالظهور ، لكن بشكل طولي ، وهو قبل الصادق بحوالي عشر دقائق إلى خمس عشرة دقيقة ، والفجر الصادق هو بداية وقت صلاة الصبح . و الفَجر الصَّادق : حين يبدأ ظهوره تبدأ صلاة الفجر صلاة الصبح ، والإمام الصادق له كثير من التوصيات في ضرورة الصلاة في أول وقتها ، حتى قال في آخر كلمات حياته ليس من شيعتن من استخف بصلاته ، وتفاصيله في الشرح الآتي .

 

وقت الفجر وعلاماته :

 عن الإمام أبي جعفر الثاني الجواد محمد بن علي عليه السلام قال :

الفجر يرحمك الله : هو الخيط الأبيض المعترض ، ليس هو الأبيض صعداء .

فلا تصل : في سفر و لا حضر حتى تتبينه .

فإن الله تبارك و تعالى :  لم يجعل خلقه في شبهة من هذا .

فقال‏ : { كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ‏ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (185) } البقرة .

 فالخيط الأبيض : هو المعترض ، الذي يحرم به الأكل و الشرب في الصوم ، و كذلك هو الذي توجب به الصلاة .

 

 وفي الهامش ذكر :

الفجر الصادق : بتحقق ضياء النور الأبيض المعترض ، هو الذي يأخذ طولا و عرضا و ينبسط في عرض الافق كنصف دائرة ، و يسمى بالصبح الصادق ، لأنه صدقك عن الصبح و بينه لك ، و يسمى أيضا الفجر الثاني لأنه بعد الأبيض.

و صعداء : كـ كبراء-: الذي يظهر أولا عند قرب الصبح مستدق مستطيلا صاعدا كالعمود ، و يسمى لذاك بالفجر الأول لسبقه ، و الكاذب لكون الأفق مظلما بعد ، و لو كان صادقا لكان المنير ممّا يلي الشمس دون ما يبعد منه ، و يشبه بذنب السرحان لدقته و استطالته .

الكافي ج3ص282ح1 باب وقت الفجر .

 

وعن أبي الحسن العسكري عليه السلام قال :

إذا انتصف الليل : ظهر بياض في وسط السماء شبه عمود من حديد ، تضي‏ء له الدنيا ، فيكون ساعة ثم يذهب و يظلم .

فإذا بقي ثلث الليل : ظهر بياض من قبل المشرق ، فأضاءت له الدنيا ، فيكون ساعة  ثم يذهب و هو وقت صلاة الليل ، ثم يظلم قبل الفجر .

ثم يطلع الفجر الصادق ‏: من قبل المشرق .

قال : و من أراد أن يصلي صلاة الليل في نصف الليل ، فذلك له .

 

وعن أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام قال :

 الصبح : هو الذي إذا رأيته معترضا ، كأنه بياض سورى‏ .

الكافي ج3ص282ح6و3باب وقت الفجر . وسورى نهر ومنطقة أي رأيته واضح حقيقي ويزيد لا ينقص كالفجر الكاذب .

 

وعن زرارة عن الإمام أبي جعفر عليه السلام  : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : يصلى ركعتى الصبح  - و هي صلاة الغداة والفجر-:

إذَا اعْتَرَضَ الْفَجْرُ فَأَضَاءَ حَسَناً .

و أما الفجر : الذي يشبه ذنب السرحان فذاك الفجر الكاذب .

و الفجر الصادق‏ : هو المعترض كالقباطي‏  .

التهذيب ج 1 ص 143 . من لا يحضره الفقيه ج‏1ص501ح1437 . القباطي: ثياب بيض رقاق يجلب من مصر . والسّرحان بكسر السّين: الذّئب و الأسد ?

وفي فقه الإمام الرضا عليه السلام :

 أول وقت الفجر : اعتراض الفجر في أفق المشرق ، و هو بياض كبياض النهار ، و آخر وقت الفجر أن تبدو الحمرة في أفق المغرب ، و قد رخص للعليل و المسافر و المضطر إلى قبل طلوع الشمس‏ .

بحار الأنوار ج80ص72ب9ح2 .

 

وصية الإمام بصلاة الفجر بأول وقت :

يا طيب : إن وصية الإمام بالاستحباب المؤكد لكل الصلاة في أول وقتها ذكره عنه وعن آله الكرام ، بأحاديث كثيرة سواء صلاة الفجر أو غيرها ، ونذكر ما يختص بصلاة الفجر لأنها جاءت في شطر الأبوذية ، وإلا سيأتي حديث أعم يشمل استحباب الصلاة في أول وقتها ، وبلفظ لا ينال شفاعتنا مستخف بصلاته :

عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله الإمام جعفر الصادق عليه السلام : أخبرني بأفضل المواقيت في صلاة الفجر ؟

فقال عليه السلام : مع طلوع الفجر ، إن الله عز و جل يقول‏ : { وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (78) } الإسراء .

 يَعْنِي صَلَاةَ الْفَجْرِ : تشهده ملائكة الليل و ملائكة النهار ، فإذا صلى العبد الصبح مع طلوع الفجر ، أثبتت له مرتين أثبتها ملائكة الليل و ملائكة النهار .

وقال عليه السلام : وقت الفجر حين يبدو حتى يضيء .

قال عليه السلام : وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء .

 و لا ينبغي : تأخير ذلك عمدا ، لكنه وقت لمن شغل أو نسي أو نام .

الكافي ج3ص282ح2،ح4،ح5 باب وقت الفجر .

 

وعن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله جعفر الصادق عليه السلام ، فقلت : متى يحرم الطعام على الصائم و تحل الصلاة صلاة الفجر ؟

فقال لي : إذا اعترض الفجر ، و كان كالقبطية البيضاء ، فثم يحرم الطعام و تحل الصلاة صلاة الفجر .

قلت : فلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس .

فقال : هيهات أين تذهب ، تلك صلاة الصبيان‏ .

وفي رواية أخرى عن راوي آخر قال : فقلت : أ لست في وقت من تلك الساعة إلى أن تطلع الشمس .

قال : لا إنما نعدها صلاة الصبيان‏ .

ثم قال : إنه لم يكن يحمد الرجل أن يصلي في المسجد ، ثم يرجع فينبه أهله و صبيانه.

 تهذيب الأحكام ج4ص185ب43ح3 .، وج1ص276ب150ح13 .

ويا طيب : صلاة الصبيان تتأخر عن الفجر إلى ظهور الحمرة أو قريب شعاع الشمس ، وهي ليس فيها فضيلة ، ومن يوقظهم في هذا الوقت غير محمود ، وإنم يستحب الإيقاظ عند أول الفجر أو يأخذهم معه للمسجد ، ولذا من يؤخر الصلاة كأنه صلى صلاة الصبيان وليس فيها كمال إلا سقوط الواجب .

 

وعن زريق الخلقاني عن أبي عبد الله الإمام جعفر الصادق عليه السلام :

‏ أنه كان يصلي الغداة : بغلس عند طلوع الفجر الصادق ، أول ما يبدو قبل أن يستعرض ، و كان يقول‏ :

و قرآن الفجر : إن قرآن الفجر كان مشهودا ، إن ملائكة الليل تصعد و ملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر .

 فأنا أحب : أن تشهد ملائكة الليل و ملائكة النهار صلاتي .

و كان يصلي المغرب : عند سقوط القرص قبل أن تظهر النجوم‏ .

 

بحار الأنوار ج80ص72ب9ح2 . وقال بيان نختصره : قبل‏ أن‏ يستعرض‏ أي قبل أن يعترض و ينتشر كثيرا ، للتقييد بالصادق قبله .

 ثم اعلم : أنه لا خلاف في أن أول وقت فريضة الفجر الصبح الصادق ، و هو البياض المنتشر في الأفق عرضا ، لا الكاذب الشبيه بذنب السرحان ، و نقل المحقق و العلامة عليه إجماع أهل العلم .

و المشهور بين الأصحاب : أن آخره طلوع الشمس ، وقالوا : آخره للمختار طلوع الحمرة المشرقية ، و للمضطر طلوع الشمس .

و أما نافلة الفجر : فالمشهور أن وقتها بعد طلوع الفجر الأول ، و لمن يصلي صلاة الليل أن يأتي بها بعد الفراغ منها بل هو أفضل ، و قال الصدوق كلما قرب من الفجر كان أفضل و في المعتبر أن تأخيرها حتى تطلع الفجر الأول أفضل ، و المشهور أن آخر وقتها طلوع الحمرة المشرقية .

 

 

 

وصية الصادق بالصلاة بأول وقتها :

يا طيب : هذه بعض الأحاديث في الاستحباب المؤكد للصلاة في أول وقتها:

عن أبي بصير عن أبي الحسن الإمام موسى الكاظم عليه السلام قال :

 إنه لما احتضر : أبي جعفر الصادق عليه السلام ، قال لي :

يَا بُنَيَّ : إِنَّهُ لَا يَنَالُ‏ شَفَاعَتَنَا مَنِ اسْتَخَفَّ بِالصَّلَاةِ ، و لا يرد علينا الحوض من أدمن هذه الأشربة .

فقلت : يا أبه ، و أي الأشربة ؟ فقال عليه السلام : كل مسكر .

الكافي ج6ص401ح7 .

 

وعن أبي بصير قال: دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد الله الصادق عليه السلام ، فبكت : و بكيت لبكائها .

ثم قالت : يا أبا محمد ، لو رأيت أبا عبد الله عليه السلام عند الموت ، لرأيت عجبا .

 فتح عينيه ثم قال : اجمعوا إلي كل من بيني و بينه قرابة .

قالت : فلم نترك أحدا إلا جمعناه .

قالت : فنظر إليهم .

ثُمَّ قَالَ : إِنَّ شَفَاعَتَنَا لَا تَنَالُ مُسْتَخِفّاً بِالصَّلَاةِ.

الأمالي للصدوق ص484م73 ح10 .

 

وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام ‏: ان العبد :

اذا صلى الصلوة : لوقتها ، و حافظ عليها ، ارتفعت بيضاء نقيه ، تقول : حفظتنى حفظك الله .

 و اذا لم يصلها : لوقتها ، و لم يحافظ عليها ، رجعت سوداء مظلمه ، تقول : ضيعتني‏ ضيعك الله .

الأصول الستة عشر ص110.

 

وعن هشام الجواليقي عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

‏ من صلى الفريضة : لغير وقتها ، رفعت له سوداء مظلمة .

تقول له : ضيعك الله كما ضيعتني‏.

 و أول ما يسأل العبد : إذا وقف بين يدي الله عز و جل ، عن صلواته فإن زكت صلاته زكا سائر عمله ، و إن لم تزك صلاته لم يزك عمله .

المحاسن ج1ص81ب3ح10 .

 

عن الساباطي عن أبي عبد الله الإمام جعفر الصادق عليه السلام  قال :

من صلى الصلوات : المفروضات في أول وقتها ، فأقام حدودها ، رفعها الملك إلى السماء بيضاء نقية ، و هي تهتف به حفظك الله كما حفظتني ، و استودعك الله كما استودعتني ملكا كريما .

و من صلاها : بعد وقتها من غير علة ، فلم يقم حدودها ، رفعه الملك سوداء مظلمة ، و هي تهتف به ضيعتني‏ ضيعك الله كما ضيعتني‏ ، و لا رعاك الله كما لم ترعني .

ثم قال الصادق عليه السلام : إن أول ما يسأل عنه العبد إذ وقف بين يدي الله جل جلاله الصلوات المفروضات ، و عن الزكاة المفروضة ، و عن الصيام المفروض ، و عن الحج المفروض .

و عن ولايتنا أهل البيت : فإن أقر بولايتنا ثم مات عليها ، قبلت منه صلاته و صومه و زكاته و حجه ، و إن لم يقر بولايتنا بين يدي الله جل جلاله لم يقبل الله عز و جل منه شيئا من أعماله .

الأمالي للصدوق ص256م44ح10

يا طيب : الأحاديث في استحباب الصلاة في أول وقتها عن الأئمة كثيرة ، وما ذكرنا كان عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، وبها نكتفي وتابع م يأتي تجد بعض الأحاديث في الموضوع وأهمية صلاة الفجر ومطلق الصلاة  .


 

بعض أعمال الفجر :

يا طيب : الأدعية عند النوم والنهوض لصلاة الصبح أو لصلاة الليل مذكورة في كتب الأدعية ، وذكرنا قسم منها في صحيفة الطيبين بدل الأبرار المقربين ، من موسوعة صحف الطيبين ، وهنا نذكر قسما منها .

الدعاء إذا طلع الفجر :

عن الساباطي عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام قال : تقول إذا طلع الفجر :

 الْحَمْدُ لِلَّهِ : فَالِقِ الْإِصْبَاحِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْمَسَاءِ وَ الصَّبَاحِ .

اللَّهُمَّ : صَبِّحْ آلَ مُحَمَّدٍ بِبَرَكَةٍ وَ عَافِيَةٍ وَ سُرُورٍ وَ قُرَّةِ عَيْنٍ .

اللَّهُمَّ : إِنَّكَ تُنْزِلُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ مَ تَشَاءُ ، فَأَنْزِلْ عَلَيَّ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِي مِنْ بَرَكَةِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ رِزْقاً حَلَالًا طَيِّباً وَاسِعاً ، تُغْنِينِي بِهِ عَنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ.

من لا يحضره الفقيه ج1ص502ح1438.

ويا طيب : توجد أدعية كثيرة في تعقيب الصلاة بصورة عامة وآدابه ، و قبل وبعد صلاة الصبح بالخصوص ، ويستحب مؤكدا تلاوة القرآن الكريم في الفجر وله فضل كثير ، فراجع كتب الأدعية أو صحيفة الطيبين تجد ما يسرك إن شاء الله .

 

كراهية النوم بعد صلاة الفجر :

عن الإمام جعفر الصادق أو عن أبيه عليهما السلام قال الراوي : سألته عن النوم بعد الغداة ؟

فقال : إن الرزق يبسط تلك الساعة ، فأنا أكره أن ينام الرجل تلك الساعة.

و روى جابر عن الإمام أبي جعفر عليه السلام قال : إن إبليس إنما يبث جنود الليل من حين تغيب الشمس إلى مغيب الشفق ، و يبث جنود النهار من حين يطلع الفجر إلى مطلع الشمس .

و ذكر أن نبي الله  كان يقول : أكثروا ذكر الله عز و جل في هاتين الساعتين ، و تعوذوا بالله عز و جل من شر إبليس و جنوده ، و عوذوا صغاركم في هاتين الساعتين ، فإنهما ساعتا غفلة.

و قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام :

 نومة الغداة : مشومة ، تطرد الرزق ، و تصفر اللون و تقبحه و تغيره ، و هو نوم كل مشئوم ، إن الله تبارك و تعالى يقسم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فإياكم و تلك النومة.

وعن الإمام أبو جعفر عليه السلام :‏ النوم أول النهار خرق ، و القائلة نعمة ، و النوم بعد العصر حمق ، و النوم بين العشاءين يحرم الرزق .

و النوم على أربعة أوجه‏ : نوم الأنبياء على أقفيتهم لمناجاة الوحي ، و نوم المؤمنين على أيمانهم ، و نوم الكفار على يسارهم ، و نوم الشياطين على وجوههم .

 

وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : نوم الغداة شؤم يحرم الرزق و يصفر اللون ، و كان المن و السلوى ينزل على بني إسرائيل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فمن نام تلك الساعة لم ينزل نصيبه ، فكان إذا انتبه فلا يرى نصيبه ، احتاج إلى السؤال و الطلب‏

وقال الإمام الرضا عليه السلام : في قول الله عز و جل :{ فالمقسمات أمرا } ، قال : الملائكة تقسم أرزاق بني آدم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فمن ينام فيما بينهما ينام عن رزقه.

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من جلس في مصلاه من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ، ستره الله من النار.

 

من لا يحضره الفقيه ج1ص502ح1439_1450.

 

 

معنى الجعفري ووصية جعفر الصادق له :

يا طيب : إن الأحاديث عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، ووصاياه في التقوى والصلاة ومعارف الهدى وآدابه كثيرة نذكر قسم منها وعرفت أعلاه قسما كريما ، وفي التكملة حديث مفصل ، وأسأل الله أن يصدقنا بأن نكون شيعة جعفرية ويحشرنا وإياكم في الدنيا بمعارفهم ونصر هداهم علما وعملا ، وبالآخرة معهم في أعلى عليين إن تعالى أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

ويا طيب : قد كتبت ونشرت أحاديث كثيرة في معنى الشيعة والرافضة في المواقع الاجتماعية ، ولعله أطلعت عيها وعرفتها ، ولكن بقي لقب ثالث كريم للشيعة الرافضة ، وهو أنهم جعفرية ، وواحدهم جعفري ، وهم كما عرفت على مذهب الإمام السادس جعفر الصادق عليه السلام ، وفي المحاضرات الإسلامية يوجد بيان مفصل لمعرفة تكوين المذاهب ، وأنها في زمانه تكونت فنسب الشيعة له لأنه هو الناشر لمعارف المذهب بعد أن كانت معارفهم في زمن آبائه تسر للخواص بسبب ضغط الحكام عليهم ، وفي زمانه انتقلت الحكومة من بني أمية إلى بني العباس ، فكان له مندوحة وفرصة في نشر معارف أهل البيت عليهم السلام ، وإذا عرفت هذا نذكر بعض الأحاديث في هذا المعنى ثم نذكر وصاياه لهم .

 

عن حنان بن سدير قال: قال أبو الصباح الكناني لأبي عبد الله الإمام جعفر الصادق : ما نلقى من الناس فيك ؟

فقال أبو عبد الله عليه السلام : و ما الذي تلقى من الناس في ؟

فقال : لا يزال يكون بيننا و بين الرجل الكلام ، فيقول : جَعْفَرِيٌ‏ خَبِيثٌ .

فقال عليه السلام : يعيركم الناس بي ؟ فقال له أبو الصباح : نعم .

قال فقال : ما أقل و الله من يتبع جَعْفَراً مِنْكُمْ ، إنم أصحابي من اشتد ورعه ، و عمل لخالقه ، ورجا ثوابه، فهؤلاء أصحابي .

الكافي ج2ص77ح6 . رجال الكشي ص 255ح474 .

 

وعن أبي أسامة زيد الشحام قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام :‏

 اقرأ : على من ترى أنه يطيعني منهم ، و يأخذ بقولي ، السلام .

و أوصيكم‏ : بتقوى الله عز و جل .

و الورع في دينكم : و الاجتهاد لله ، و صدق الحديث ، و أداء الأمانة ، و طول السجود ، و حسن الجوار ، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

 أدوا الأمانة : إلى من ائتمنكم عليها برا أو فاجرا ، فإن رسول الله كان يأمر بأداء الخيط و المخيط ، صلوا عشائركم ، و اشهدوا جنائزهم ، و عودوا مرضاهم ، و أدوا حقوقهم .

فإن الرجل منكم : إذا ورع في دينه ، و صدق الحديث ، و أدى الأمانة ، و حسن خلقه مع الناس .

قيل : هذا جعفري .

فيسرني : ذلك ، و يدخل علي منه السرور .

و قيل : هذا أدب جعفر .

و إذا كان : على غير ذلك ، دخل علي بلاؤه و عاره ، و قيل : هذا أدب جعفر .

فو الله لحدثني أبي عليه السلام : أن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي عليه السلام ، فيكون زينها ، آداهم للأمانة ، و أقضاهم للحقوق ، و أصدقهم للحديث ، إليه وصاياهم و ودائعهم .

تسأل : العشيرة عنه ؟

فتقول : من مثل فلان  إنه لآدانا للأمانة ، و أصدقنا للحديث .

الكافي ج2ص636ح5 .

ويا طيب : في الحديث إبلاغ سلام على الشيعة الجعفرية ممن يطيعه ويعمل بوصاياه ، وأقول عني وعنكم :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه وتحياته وبركاته ونعيمه وكل كمال التكوين وأعلى مقام عليين ، وعلى آلك الطيبين الطاهرين المصطفين الأخيار الأبرار .

 و صلى الله عليكم وسلم وملائكته ورسله وجميع المؤمنين بأفضل التحية والبركة والسلام والصلاة والترحم والتحنن كما صلى وسلم وبارك وترحم وتحنن على إبراهيم وآله إبراهيم إنه حميد مجيد .

وأشهد الله : وملائكة والمؤمنين إنكم أئمتي بالحق وأولياء أمر الله الصادقين المصدقين ، وقادتي لكل نعيم الهدى والدين والسعادة في الدني والآخرة ، وأسأله أن يحشرنا معكم في الدنيا والآخرة :

والسلام : على الصادق ابن الصادقين ، حجة الله وابن حجته على العالمين ، الصادق جعفر بن محمد ، خليفة من مضى ، وأبى سادة الأوصياء ، وكني سبط نبي الهدى، السلام عليك يا مولاي ، يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته. .

 

وعن زرعة عن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام قال : قلت له : أي الأعمال هو أفضل بعد المعرفة ؟

قال عليه السلام : ما من شيء بعد المعرفة يعدل هذه الصلاة .

 و لا بعد : المعرفة و الصلاة شيء يعدل الزكاة ، و لا بعد ذلك شيء يعدل الصوم، و لا بعد ذلك شيء يعدل الحج .

و فاتحة ذلك كله : معرفتنا ، و خاتمته معرفتنا .

و لا شيء بعد ذلك : كــبر الإخوان و المواساة ببذل الدينار و الدرهم ، فإنهما حجران ممسوخان ، بهما امتحن الله خلقه بعد الذي عددت لك ، و ما رأيت شيئا أسرع غنى و لا أنفى للفقر من إدمان حج هذا البيت .

 و صلاة فريضة : تعدل عند الله ألف حجة و ألف عمرة مبرورات متقبلات ، و الحجة عنده خير من بيت مملوء ذهبا ، لا بل خير من ملء الدنيا ذهب و فضة تنفقه في سبيل الله عز و جل .

و الذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم : بالحق بشيرا و نذيرا ، لقضاء حاجة امرئ مسلم و تنفيس كربته، أفضل من حجة و طواف و حجة و طواف- حتى عقد عشرا- ثم خلا يده .

و قال : اتقوا الله ، و لا تملوا من الخير، و لا تكسلوا، فإن الله عز و جل و رسوله صلى الله عليه و آله لغنيان عنكم و عن أعمالكم،  و أنتم الفقراء إلى الله‏ عز و جل ، و إنما أراد الله (عز و جل) بلطفه سببا يدخلكم به الجنة.

الأمالي للطوسي ص694ب39 ح1478- 21 .

 

 

يا طيب : الأحاديث بمعنى الشيعة والرافضة والجعفرية كثيرة ، وهم فضلا عن أنهم أتباع نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، فهم يعني الصديقين المصدقين للصادقين والمتعبدين لله بهدى الصادقين مخلصين له الدين ، وقد كتبنا صفات الشيعة وفضلهم وخصائصهم وصفاتهم في صحيفة الطيبين من موسوعة صحف الطيبين فراجع تجد ما يسرك إن شاء الله ، وجعلنا الله معهم شيعة رافضة جعفرية ، فإنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .


 

 

تكميل
وصية الإمام الصادق للشيعة الجعفرية:

يا طيب : هذا حديث شريف شامل يعرفنا وصية كريمة وتعاليم فاضلة وهدى عظيم من رب العالمين يؤدبنا به سيدنا ومولانا الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، وهو أدب للشيعة الرافضة الجعفرية حفظهم الله ورعاهم ، ولو طبقه المصدقون له لحفظو من أعداء الدين ولتوفقوا لإطاعة رب العالمين ، وهو برواية الوافي في هامش الحديث في الكافي:

عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله الإمام جعفر الصادق عليه السلام  :  أنه كتب بهذه الرسالة إلى أصحابه وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها ، فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم ، فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها .

و قال: وحدثني الحسن بن محمد، عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي ، عن القاسم بن الربيع الصحاف ، عن إسماعيل بن مخلد السراج، عن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام قال :

 خرجت هذه الرسالة من أبي عبد الله عليه السلام إلى أصحابه :

بسم اللَّه الرحمن الرحيم :

أمّا بعد : فاسألوا اللَّه ربّكم العافية ، و عليكم بالدعة و الوقار و السكينة ، و عليكم بالحياء و التنزّه عمّا تنزّه عنه الصالحون قبلكم ، و عليكم بمجاملة أهل الباطل ، تحمّلوا الضيم منهم ، و إيّاكم و مماظّتهم ( شدة المنازعة ) .

دينوا : فيما بينكم و بينهم إذا أنتم جالستموهم وخالصتموهم و نازعتموهم الكلام ؛ فإنّه لابدّ لكم من مجالستهم و مخالطتهم و منازعتهم الكلام .

 بالتقيّة : التي أمركم اللَّه أن تأخذوا بها فيما بينكم و بينهم ، فإذا ابتليتم بذلك منهم فإنّهم سيؤذونكم و تعرفون في وجوههم المنكر ، و لو لا أنّ اللَّه تعالى يدفعهم عنكم لسلّطوا بكم ، و ما في صدورهم من العداوة و البغضاء أكثر ممّا يبدون لكم ، مجالسكم و مجالسهم واحدة ، و أرواحكم و أرواحهم مختلفة لا تأتلف ، لا تحبّونهم أبداً و لا يحبّونكم.

 غير أنّ اللَّه تعالى : أكرمكم بالحقّ و بصّركموه ، و لم يجعلهم من أهله ، فتجاملونهم و تصبرون عليهم ، و هم لا مجاملة لهم و لا صبر لهم على شيء من اموركم ، تدفعون أنتم السيّئة بالتي هي أحسن فيما بينكم و بينهم ، تلتمسون بذلك وجه ربّكم بطاعته ، و هم لا خير عندهم .

لا يحلّ لكم : أن تظهروهم على أصول دين اللَّه ؛ فإنّه إن سمعوا منكم فيه شيئاً عادوكم عليه ، و رفعوه عليكم ، و جاهدوا على هلاكهم ، و استقبلوكم بما تكرهون ، و لم يكن لكم النصف منهم في دول الفجّار .

فاعرفوا منزلتكم : فيما بينكم و بين أهل الباطل ؛ فإنّه ل ينبغي لأهل الحقّ أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل ؛ لأنّ اللَّه لم يجعل أهل الحقّ عنده بمنزلة أهل الباطل ، ألم تعرفوا وجه قول اللَّه تعالى في كتابه إذ يقول : { أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) } ص.

  أكرموا أنفسكم : عن أهل الباطل ، فلا تجعلوا اللَّه تعالى و له المثل الأعلى  و إمامكم و دينكم الذي تدينون به ، عرضةً لأهل الباطل ، فتغضبو اللَّه عليكم ، فتهلكوا .

 فمهلًا مهلًا : يا أهل الصلاح ، لا تتركوا أمر اللَّه و أمر من أمركم بطاعته ، فيغيّر اللَّه ما بكم من نعمة ، أحبّوا في اللَّه من وصف صفتكم ، و أبغضوا في اللَّه من خالفكم ، و ابذلوا مودّتكم و نصيحتكم لمن وصف صفتكم ، و لا تبذلوها لمن رغب عن صفتكم و عاداكم عليها و بغاكم الغوائل ، هذا أدبنا أدب اللَّه ، فخذوا به ، و تفهّموه و أعقلوه ، و لا تنبذوه وراء ظهوركم ، ما وافق هداكم أخذتم به ، و ما وافق هواكم اطّرحتموه و لم تأخذوا به.

و ايّاكم : و التجبّر على اللَّه ، و اعلموا أنّ عبداً لم يبتل بالتجبّر على اللَّه إلّا  تجبّر على دين اللَّه ، فاستقيموا للَّه ، و ل ترتدّوا على أعقابكم ، فتنقلبوا خاسرين ، أجارنا اللَّه و إيّاكم من التجبّر على اللَّه ، و لا قوّة لنا و لا لكم إلّا  باللَّه .

و قال عليه السلام : إنّ العبد : إذا كان خلقه اللَّه في الأصل- أصل الخلقة- مؤمناً ، لم يمت حتّى يكرّه اللَّه إليه الشرّ ، و يباعده منه ، و من كرّه اللَّه إليه الشرّ و باعده منه ، عافاه اللَّه من الكبر أن يدخله و الجبريّة ، فلانت عريكته ، و حسن خلقه ، و طلق وجهه ، و صار عليه وقار الإسلام و سكينته و تخشّعه ، و ورع عن محارم اللَّه ، و اجتنب مساخطه ، و رزقه اللَّه مودّة الناس و مجاملتهم و ترك مقاطعة الناس و الخصومات ، و لم يكن منها و لا من أهلها في شيء

و إنّ العبد : إذا كان اللَّه خلقه في الأصل- أصل الخلق- كافراً ، لم يمت حتّى يحبّب إليه الشرّ ، و يقرّبه منه ، فإذا حبّب إليه الشرّ و قرّبه منه ، ابتلي بالكبر و الجبريّة ، فقسا قلبه ، و ساء خلقه ، و غلظ وجهه ، و ظهر فحشه ، و قلّ حياؤه ، و كشف اللَّه ستره ، و ركب المحارم فلم ينزع عنها ، و ركب معاصي اللَّه ، و أبغض طاعته و أهلها ، فبعد ما بين حال المؤمن و حال الكافر ، سلوا اللَّه العافية ، و اطلبوها إليه ، و لا حول و لا قوّة إلّا باللَّه.

صبّروا النفس : على البلاء في الدنيا ؛ فإنّ تتابع البلاء فيها و الشدّة في طاعة اللَّه و ولايته و ولاية من أمر بولايته ، خيرٌ عاقبةً عند اللَّه في الآخرة من ملك الدنيا،  و إن طال تتابع نعيمها و زهرتها و غضارة عيشه في معصية اللَّه ، و ولاية من نهى اللَّه عن ولايته و طاعته .

فإنّ اللَّه : أمر بولاية الأئمّة الذين سمّاهم في كتابه في قوله : { وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا (73)} الأنبياء ، و هم الذين أمر اللَّه بولايتهم و طاعتهم .

 و الذين نهى اللَّه : عن ولايتهم و طاعتهم و هم أئمّة الضلال الذين قضى اللَّه أن يكون لهم دول في الدنيا على أولياء اللَّه الأئمّة من آل محمّد صلى الله عليه و آله ، يعملون في دولتهم بمعصية اللَّه و معصية رسوله صلى الله عليه و آله؛ ليحقّ عليهم كلمة العذاب ، و ليتمّ أمر اللَّه فيهم الذي خلقهم له في الأصل- أصل الخلق- من الكفر الذي سبق في علم اللَّه أن يخلقهم له في الأصل ، و من الذين سمّاهم اللَّه في كتابه في قوله‏ { وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ (41)} القصص .

فتدبّروا هذا : و أعقلوه ، و لا تجهلوه ؛ فإنّ من جهل هذ و أشباهه ممّا افترض اللَّه عليه في كتابه ممّا أمر به و نهى عنه ، ترك دين اللَّه ، و ركب معاصيه ، فاستوجب سخط اللَّه ، فأكبّه اللَّه على وجهه في النار.

و قال عليه السلام : أيّتها العصابة المرحومة المفلحة ، إنّ اللَّه تعالى أتمّ لكم ما آتاكم من الخير ، و اعلموا أنّه ليس من علم اللَّه و لا من أمره ، أن يأخذ أحد من خلق اللَّه في دينه بهوى و لا رأي و لا مقاييس ، قد أنزل اللَّه القرآن ، و جعل فيه تبيان كلّ شيء ، و جعل للقرآن و تعلّم القرآن أهلً ، لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم اللَّه علمه أن يأخذوا فيه بهوى و لا رأي و لا مقاييس ، أغناهم اللَّه عن ذلك بما آتاهم من علمه ، و خصّهم به ، و وضعه عندهم كرامة من اللَّه تعالى أكرمهم بها .

و هم أهل الذكر : الذين أمر اللَّه هذه الامّة بسؤالهم ، و هم الذين من سألهم - و قد سبق في علم اللَّه أن يصدّقهم و يتّبع أثرهم - أرشدوه و أعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى اللَّه بإذنه و إلى جميع سبل الحقّ .

و هم الذين : لا يرغب عنهم و عن مسألتهم و عن علمهم الذي أكرمهم اللَّه به و جعله عندهم ، إلّا من سبق عليه في علم اللَّه الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلّة ، فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر ، و الذين آتاهم اللَّه تعالى علم القرآن و وضعه عندهم و أمر بسؤالهم .

فأولئك الذين : يأخذون بأهوائهم و آرائهم و مقاييسهم حتّى دخلهم الشيطان ؛ لأنّهم جعلوا أهل الايمان في علم القرآن عند اللَّه كافرين ، و جعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند اللَّه مؤمنين ، و حتّى جعلوا ما أحلّ اللَّه في كثير من الأمر حراماً ، و جعلوا ما حرّم اللَّه في كثير من الأمر حلالًا .

فذلك : أصل ثمرة أهوائهم ، و قد عهد إليهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قبل موته ، فقالوا : نحن بعدما قبض اللَّه رسوله يسعن أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعد قبض اللَّه تعالى رسوله ، و بعد عهده الذي عهده إلينا و أمرنا به مخالفة للَّه ‏تعالى و لرسوله صلى الله عليه و آله ، فم أحد أجرأ على اللَّه و لا أبين ضلالة ممّن أخذ بذلك ، و زعم أنّ ذلك يسعه .

و اللَّه : إنّ للَّه ‏على خلقه أن يطيعوه و يتّبعوا أمره في حياة محمّد صلى الله عليه و آله و بعد موته ، هل يستطيع اولئك أعداء اللَّه أن يزعموا أنّ أحداً ممّن أسلم مع محمّد صلى الله عليه و آله أخذ بقوله و رأيه و مقاييسه ؟

فإن قال : نعم ، فقد كذب على اللَّه ، و ضلّ ضلالًا بعيداً .

و إن قال : لا ، لم يكن لأحد أن يأخذ برأيه و هواه و مقاييسه ، فقد أقرّ بالحجّة على نفسه ، و هو ممّن يزعم أنّ اللَّه يطاع و يتّبع أمره بعد قبض اللَّه رسوله صلى الله عليه و آله .

و قد قال اللَّه تعالى و قوله الحقّ : { وَ ما مُحَمَّدٌ إلّ  رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى‏ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) } آل عمران ، و ذلك ليعلمو أنّ اللَّه تعالى يطاع و يتّبع أمره في حياة محمّد صلى الله عليه و آله و بعد قبض اللَّه محمّداً صلى الله عليه و آله .

و كما لم يكن : لأحد من الناس مع محمّد صلى الله عليه و آله أن يأخذ بهواه و لا رأيه و لا مقاييسه ، خلافاً لأمر محمّد صلى الله عليه و آله ، فكذلك لم يكن لأحد من الناس من بعد محمّد صلى الله عليه و آله أن يأخذ بهواه و لا رأيه و لا مقاييسه .

و قال عليه السلام : دعوا رفع أيديكم في الصلاة إلّا مرّة واحدة حين تفتتح الصلاة ؛ فإنّ الناس قد شهروكم بذلك ، و اللَّه المستعان ، و ل حول و لا قوّة إلّا باللَّه .

و قال عليه السلام : أكثروا من أن تدعوا اللَّ ه؛ فإنّ اللَّه يحبّ من عباده المؤمنين أن يدعوه ، و قد وعد عباده المؤمنين بالاستجابة ، و اللَّه مصيّر دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملًا يزيدهم به في الجنّة ، فأكثروا ذكر اللَّه ما استطعتم في كلّ ساعة من ساعات الليل و النهار ؛ فإنّ اللَّه تعالى أمر بكثرة الذكر له ، و اللَّه ذاكر لمن ذكره من المؤمنين .

و اعلموا : أنّ اللَّه لمن يذكره أحد من عباده المؤمنين إلّ ذكره بخير ، فأعطوا اللَّه من أنفسكم الاجتهاد في طاعته ؛ فإنّ اللَّه لا يدرك شيء من الخير عنده إلّا بطاعته و اجتناب محارمه التي حرّم اللَّه تعالى في ظاهر القرآن و باطنه ؛ فإنّ اللَّه تعالى قال في كتابه وقوله الحقّ { وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ (120)} الأنعام .

 و اعلموا : أنّ ما أمر اللَّه أن تجتنبوه فقد حرّمه اللَّه ، و اتّبعوا آثار رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سنّته ، فخذوا بها ، و ل تتّبعوا أهواءكم و آراءكم فتضلّوا ؛ فإنّ أضلّ الناس عند اللَّه من اتّبع هواه و رأيه بغير هدى من اللَّه .

و أحسنوا : إلى أنفسكم ما استطعتم ، فإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ، و إن أسأتم فلها .

و جاملوا الناس : و لا تحملوهم على رقابكم ، تجمعوا مع ذلك طاعة ربّكم ، و إيّاكم ، و سبّ أعداء اللَّه حيث يسمعونكم ، فيسبّوا اللَّه عدواً بغير علم ، و قد ينبغي لكم أن تعلموا حدّ سبّهم للَّه‏ كيف هو ، إنّه من سبّ أولياء اللَّه فقد انتهك سبّ اللَّه ، و من أظلم عند اللَّه ممّن استسبّ للَّه‏ ولأوليائه ، فمهلًا مهلًا ، فاتّبعوا أمر اللَّه ، و لا قوّة إلّا باللَّه .

و قال عليه السلام :  أيّتها العصابة الحافظ اللَّه لهم أمرهم ، عليكم بآثار رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سنّته ، و آثار الأئمّة الهداة من أهل بيت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من بعده و سنّتهم ؛ فإنّه من أخذ بذلك فقد اهتدى ، ومن ترك ذلك ورغب عنه ضلّ ؛ لأنّهم هم الذين أمر اللَّه بطاعتهم و ولايتهم .

 و قد قال : أبونا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ، المداومة على العمل في اتّباع الآثار و السّنن و إن قلّ أرضى للَّه ‏وأنفع عنده في العاقبة ، من الاجتهاد في البدع و اتّباع الأهواء ، ألا إنّ اتّباع الأهواء و اتّباع البدع بغير هدى من اللَّه ضلال ، و كلّ ضلال بدعة ، و كلّ بدعة في النار ، و لن ينال شيء من الخير عند اللَّه إلّا بطاعته و الصبر و الرضا ؛ لأنّ الصبر و الرضا من طاعة اللَّه .

و اعلموا : أنّه لن يؤمن عبد من عبيده ، حتّى يرضى عن اللَّه فيما صنع اللَّه إليه ، و صنع به على ما أحبَّ و كره ، و لن يصنع اللَّه بمن صبر و رضي عن اللَّه إلّا ما هو أهله ، و هو خير له ممّا أحبّ و كره .

و عليكم : بالمحافظة على الصلوات و الصلاة الوسطى ، و قومو للَّه ‏قانتين كما أمر اللَّه به المؤمنين في كتابه من قبلكم و إيّاكم .

و عليكم : بحبّ المساكين المسلمين ؛ فإنّه من حقّرهم و تكبّر عليهم فقد زلّ عن دين اللَّه ، و اللَّه له حاقر و ماقت ، و قد قال أبونا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله : أمرني ربّي بحبّ المساكين المسلمين منهم .

و اعلموا : أنّه من حقّر أحداً من المسلمين ، ألقى اللَّه عليه المقت منه و المحقرة حتّى يمقته الناس ، و اللَّه له أشدّ مقتاً ، فاتّقو اللَّه في إخوانكم المسلمين المساكين منهم ؛ فإنّ لهم عليكم حقّاً أن تحبّوهم ؛ فإنّ اللَّه أمر نبيّه صلى الله عليه و آله بحبّهم ، فمن لم يحبّ من أمر اللَّه بحبّه ، فقد عصى اللَّه و رسوله ، و من عصى اللَّه و رسوله و مات على ذلك ، مات و هو من الغاوين .

و ايّاكم : و العظمة و الكبر ، فإنّ الكبر رداء اللَّه تعالى ، فمن نازع اللَّه رداءه قصمه اللَّه ، و أذلّه يوم القيامة.

و إيّاكم : أن يبغي بعضكم على بعض ؛ فإنّها ليست من خصال الصالحين ؛ فإنّه من بغى صيّر اللَّه بغيه على نفسه ، و صارت نصرة اللَّه لمن بُغي عليه ، و من نصره اللَّه غلب و أصاب الظفر من اللَّه .

و إيّاكم : أن يحسد بعضكم بعضاً ؛ فإنّ الكفر أصله الحسد .

و إيّاكم : أن تعينوا على مسلم مظلوم ، فيدعو اللَّه عليكم ، فيستجاب له فيكم ؛ فإنّ أبانا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يقول : إنّ دعوة المسلم المظلوم مستجابة ، و ليعن بعضكم بعضاً ؛ فإنّ أبانا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يقول : إنّ معونة المسلم خير و أعظم أجراً من صيام شهر و اعتكافه في المسجد الحرام .

و إيّاكم : و إعسار أحد من إخوانكم المؤمنين أن تعسروه بالشيء يكون لكم قبله و هو معسر ؛ فإنّ أبانا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يقول : ليس لمسلم أن يعسر مسلماً ، و من أنظر معسراً أظلّه اللَّه يوم القيامة بظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه .

و إيّاكم : أيّتها العصابة المرحومة المفضّلة على من سواها ، و حبس حقوق اللَّه قِبلكم يوماً بعد يوم ، وساعة بعد ساعة ؛ فإنّه من عجّل حقوق اللَّه قِبله كان اللَّه أقدر على التعجيل له إلى مضاعفة الخير في العاجل و الآجل ، و إنّه من أخّر حقوق اللَّه قبله ، كان اللَّه أقدر على تأخير رزقه ، و من حبس اللَّه رزقه ، لم يقدر أن يرزق نفسه ، فأدّوا إلى اللَّه حقّ ما رزقكم ، يطيب لكم بقيّته ، و ينجز لكم ما وعدكم من مضاعفته لكم الأضعاف الكثيرة التي لا يعلم بعدده و لا بكنه فضلها إلّا اللَّه ربّ العالمين .

 

و قال عليه السلام : اتّقوا اللَّه أيّتها العصابة ، و إن استطعتم أن لا يكون منكم محرج للإمام ، و إنّ محرج الإمام هو الذي يسعى بأهل الصلاح من أتباع الإمام المسلّمين لفضله ، الصابرين على أداء حقّه ، العارفين بحرمته .

و اعلموا : أنّ من نزل بذلك المنزل عند الإمام ، فهو محرج للإمام ، فإذا فعل ذلك عند الإمام ، أحرج الإمام إلى أن يلعن أهل الصلاح من أتباعه ، المسلّمين لفضله ، الصابرين على أداء حقّه ، العارفين بحرمته ، فإذا لعنهم لإحراج أعداء اللَّه الإمام ، صارت لعنته رحمة من اللَّه عليهم ، و صارت اللعنة من اللَّه و من الملائكة و رسوله على أولئك .

و اعلموا : أيّتها العصابة ، أنّ السنّة من اللَّه قد جرت في الصالحين قبل .

 

و قال عليه السلام : من سرّه أن يلقى اللَّه و هو مؤمن حقّاً حقّاً ، فيتولّ اللَّه و رسوله و الذين آمنوا ، و ليبرأ إلى اللَّه من عدوّهم ، و ليسلّم لما انتهى من فضلهم ؛ لأنّ فضلهم لا يبلغه ملك مقرّب ، و لا نبيّ مرسل ، و لا من دون ذلك ، ألم تسمعوا ما ذكر اللَّه من فضل أتباع الأئمّة الهداة و هم المؤمنون ، قال الله تعالى : { فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (69) } النساء ، فهذا وجه من وجوه فضل أتباع الأئمّة ، فكيف بهم و فضلهم ؟!

و من سرّه : أن يتمّ اللَّه له إيمانه حتّى يكون مؤمناً حقّاً حقّاً ، فليف للَّه ‏بشروطه التي اشترطها على المؤمنين ؛ فإنّه قد اشترط مع ولايته و ولاية رسوله و ولاية أئمّة المؤمنين عليهم السلام :

إقام الصلاة : و إيتاء الزكاة ، و إقراض اللَّه قرضاً حسناً ، و اجتناب الفواحش ما ظهر منها و ما بطن ، فلم يبق شيء ممّا فسّر ممّا حرّم اللَّه إلّا وقد دخل في جملة قوله ، فمن دان اللَّه فيما بينه و بين اللَّه مخلصاً للَّه ، و لم يرخّص لنفسه في ترك شيء من هذا ، فهو عند اللَّه في حزبه الغالبين ، و هو من المؤمنين حقّاً.

و إيّاكم : و الإصرار على شيء ممّا حرّم اللَّه في ظهر القرآن و بطنه ، و قد قال اللَّه : { وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (135) } آل عمران .

(إلى هاهنا رواية القاسم بن الربيع)

يعني : المؤمنين قبلكم إذا نسوا شيئاً ممّا اشترط اللَّه في كتابه ، عرفوا أنّهم قد عصوا اللَّه في تركهم ذلك الشيء ، فاستغفروا ، و لم يعودو إلى تركه ، فذلك معنى قول اللَّه تعالى: { وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُو وَ هُمْ يَعْلَمُونَ } .

و اعملوا : أنّه إنّما أمر و نهى؛ ليطاع فيما أمر به ، و لينتهي عمّا نهى عنه ، فمن اتّبع أمره فقد أطاعه و قد أدرك كلّ شيء من الخير عنده ، و من لم ينته عمّا نهى اللَّه عنه فقد عصاه ، فإن مات على معصيته أكبّه اللَّه على وجهه في النار.

و اعلموا : أنّه ليس بين اللَّه و بين أحد من خلقه ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل و لا من دون ذلك من خلقه كلّهم إلّا طاعتهم له ، فجدّوا في طاعة اللَّه إن سرّكم أن تكونوا مؤمنين حقّاً حقّاً ، و لا قوّة إلّا باللَّه .

 

و قال عليه السلام : عليكم بطاعة ربّكم ما استطعتم ؛ فإنّ اللَّه ربّكم .

و اعلموا : أنّ الإسلام هو التسليم ، و التسليم هو الإسلام ، فمن سلّم فقد أسلم ، و من لم يسلّم فلا إسلام له ، و من سرّه أن يبلغ إلى نفسه في الإحسان ، فليطع اللَّه ؛ فإنّه من أطاع اللَّه ، فقد أبلغ إلى نفسه في الإحسان .

و إيّاكم : و معاصي اللَّه أن تركبوها ؛ فإنّه من انتهك معاصي اللَّه فركبها ، فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه ، و ليس بين الإحسان و الإساءة منزلة ، فلأهل الإحسان عند ربّهم الجنّة ، و لأهل الإساءة عند ربّهم النار ، فاعملو بطاعة اللَّه ، و اجتنبوا معاصيه .

و اعلموا : أنّه ليس يغني عنكم من اللَّه أحد من خلقه شيئاً ، لا ملك مقرّب ، و لا نبيّ مرسل ، و لا من دون ذلك ، فمن سرّه أن تنفعه شفاعة الشافعين عند اللَّه ، فليطلب إلى اللَّه أن يرضى عنه.

و اعلموا : أنّ أحداً من خلق اللَّه لم يصب رضاء اللَّه إلّ بطاعته ، و طاعة رسوله ، و طاعة ولاة أمره من آل محمّد صلّى اللَّه عليهم ، و معصيتهم من معصية اللَّه ، و لم ينكر لهم فضلًا عظم و لا صغر.

و اعلموا : أنّ المنكرين هم المكذّبون ، و أنّ المكذّبين هم المنافقون ، و أنّ اللَّه تعالى قال للمنافقين و قوله الحقّ : { إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) } النساء .

و لا يفرقنّ ( لا يخاف ) : ـ أحد منكم ألزم اللَّه قلبه طاعته و خشيته ـ من أحد من الناس أخرجه اللَّه من صفة الحقّ ، و لم يجعله من أهله ؛ فإنّ من لم يجعله اللَّه من أهل صفة الحقّ ، فأولئك هم شياطين الإنس و الجنّ ؛ فإنّ لشياطين الإنس حيلًا و مكراً و خدائع و وسوسة بعضهم إلى بعض ، يريدون إن استطاعوا أن يردّوا أهل الحقّ عمّا أكرمهم اللَّه به من النظر في دين اللَّه ، الذي لم يجعل اللَّه شياطين الإنس من أهله ، إرادة أن يستوي أعداء اللَّه و أهل الحقّ ، في الشكّ و الإنكار و التكذيب ، فيكونون سواءً ، كما وصف اللَّه في كتابه من قوله سبحانه : { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً ( 89)} النساء .

ثمّ نهى اللَّه : أهل النصر بالحقّ ، أن يتّخذوا من أعداء اللَّه وليّاً و لا نصيراً ، فلا يهولنّكم ، و لا يردّنّكم عن النصر بالحقّ الذي خصّكم اللَّه به ، من حيلة شياطين الإنس و مكرهم و حيلهم و وساوس بعضهم إلى بعض ؛ فإنّ أعداء اللَّه إن استطاعوا صدّوكم عن الحقّ ، فيعصمكم اللَّه من ذلك ، فاتّقو اللَّه ، و كفّوا ألسنتكم إلّا من خير .

و إيّاكم : أن تذلقوا ألسنتكم بقول الزور و البهتان و الإثم و العدوان ؛ فإنّكم إن كففتم ألسنتكم عمّا يكره اللَّه ممّا نهاكم عنه ، كان خيراً لكم عند ربّكم من أن تذلقوا ألسنتكم به ؛ فإنّ ذلق اللسان فيما يكره اللَّه و فيم ينهى عنه لدناءة للعبد عند اللَّه ، و مقت من اللَّه ، و صمم و عمى و بكم ، يورثه اللَّه إيّاه يوم القيامة ، فيصيروا كما قال اللَّه : { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ( 18) } البقرة ، يعني لا ينطقون‏ { وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36) } المرسلات .

و إيّاكم : و ما نهاكم اللَّه عنه أن تركبوه ، و عليكم بالصمت إلّا فيما ينفعكم اللَّه به في أمر آخرتكم ، و يؤجركم عليه .

و أكثروا : من التهليل و التقديس و التسبيح ، و الثناء على اللَّه ، و التضرّع إليه ، و الرغبة فيما عنده من الخير الذي لا يقدر قدره ، و لا يبلغ كنهه أحد ، فاشْغَلوا ألسنتكم بذلك عمّا نهى اللَّه عنه من أقاويل الباطل التي تُعقب أهلها خلوداً في النار ، لمن مات عليها و لم يتب إلى اللَّه منها ، و لم ينزع عنها .

و عليكم بالدعاء : فإنّ المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربّهم بأفضل من الدعاء و الرغبة إليه ، و التضرّع إلى اللَّه ، و المسألة له ، فارغبوا فيما رغّبكم اللَّه فيه ، و أجيبوا اللَّه إلى ما دعاكم إليه لتفلحوا و تنجوا من عذاب اللَّه.

و إيّاكم : أن تشره أنفسكم إلى شيء ممّا حرّم اللَّه عليكم؛ فإنّه من انتهك ما حرّم اللَّه عليه هاهنا في الدنيا ، حال اللَّه بينه و بين الجنّة و نعيمها و لذّتها و كرامتها القائمة الدائمة لأهل الجنّة أبد الآبدين.

و اعلموا : أنّه بئس الحظّ الخطر ، لمن خاطر بترك طاعة اللَّه و ركوب معصيته ، فاختار أن ينتهك محارم اللَّه في لذّات دنيا منقطعة زائلة عن أهله ، على خلود نعيم في الجنّة و لذّاتها و كرامة أهلها ، ويل لأولئك ما أخيب حظّهم ، و أخسر كرّتهم ، و أسوأ حالهم عند ربّهم يوم القيامة ، استجيروا اللَّه أن يجريكم في أمثالهم أبداً ، و أن يبتليكم بما ابتلاهم به ، و لا قوّة لنا و لكم إلّا به .

فاتّقوا اللَّه : أيّتها العصابة الناجية ، إن أتمّ اللَّه لكم ما أعطاكم ، فإنّه لا يتمّ الأمر حتّى يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم ، و حتّى تُبتلوا في أنفسكم و أموالكم ، و حتّى تسمعوا من أعداء اللَّه أذىً كثيراً ، فتصبروا و تعركوا بجنوبكم ( وتحملوا ) ، و حتّى يستذلّوكم و يبغضوكم ، و حتّى يحمّلوا عليكم الضيم ، فتحتملوه منهم ، تلتمسون بذلك وجه اللَّه و الدار الآخرة ، و حتّى تكظموا الغيظ الشديد في الأذى في اللَّه يجترمونه إليكم ، و حتّى يكذّبوكم بالحقّ ، و يعادوكم فيه ، و يبغضوكم عليه ، فتصبروا على ذلك منهم .

و مصداق ذلك : كلّه في كتاب اللَّه الذي أنزله جبرئيل على نبيّكم صلى الله عليه و آله ، سمعتم قول اللَّه تعالى لنبيّكم صلى الله عليه و آله :

 { فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ ل تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ (35) } الأحقاف.

  ثمّ قال : { وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ (4) } فاطر .

 { فَصَبَرُوا عَلى‏ ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا (34) } الأنعام .

فقد كُذّب نبيّ اللَّه : و الرسل من قبله ، و اوذوا مع التكذيب بالحقّ ، فإن سرّكم أن تكونوا مع نبيّ اللَّه صلى الله عليه و آله و الرسل من قبله ، فتدبّروا ما قصّ اللَّه عليكم في كتابه ممّا ابتلى به أنبياءه و أتباعهم المؤمنين ، ثمّ سلوا اللَّه أن يعطيكم الصبر على البلاء في السرّاء و الضرّاء و الشدّة و الرخاء مثل الذي أعطاهم .

و إيّاكم : و مماظّة ( مجادلة ) أهل الباطل ، و عليكم بهدي الصالحين و وقارهم و سكينتهم و حلمهم و تخشّعهم و ورعهم عن محارم اللَّه و صدقهم و وفائهم و اجتهادهم للَّه ‏في العمل بطاعته ؛ فإنّكم إن لم تفعلوا ذلك لم تنزلو عند ربّكم منزلة الصالحين قبلكم .

و اعلموا : أنّ اللَّه تعالى إذا أراد بعبد خيراً شرح صدره للإسلام ، فإذا أعطاه ذلك نطق لسانه بالحقّ ، و عقد قلبه عليه ، فعمل به ، فإذ جمع اللَّه له ذلك تمّ إسلامه ، و كان عند اللَّه إن مات على ذلك الحال من المسلمين حقّاً ، و إذا لم يرد اللَّه بعبد خيراً و كله إلى نفسه ، و كان صدره ضيّقاً حرجاً ، فإن جرى على لسانه حقّ لم يعقد قلبه عليه ، و إذا لم يعقد قلبه عليه لم يعطه اللَّه العمل به ، فإذا اجتمع ذلك عليه حتّى يموت و هو على تلك الحال ، كان عند اللَّه من المنافقين ، و صار ما جرى على لسانه من الحقّ الذي لم يعطه اللَّه أن يعقد قلبه عليه و لم يعطه العمل به حجّة عليه .

 فاتّقوا اللَّه : و سلوه أن يشرح صدوركم للإسلام ، و أن يجعل ألسنتكم تنطق بالحقّ حتّى يتوفّاكم و أنتم على ذلك ، و أن يجعل منقلبكم منقلب الصالحين قبلكم ، و لا قوّة إلّا باللَّه ، و الحمد للَّه ‏ربّ العالمين .

و من سرّه : أن يعلم أنّ اللَّه يحبّه ، فليعمل بطاعة اللَّه و ليتّبعنا ، ألم يسمع قول اللَّه تعالى لنبيّه صلى الله عليه و آله: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (31 ) } آل عمران .

 و اللَّه : لا يطيع اللَّه عبد أبداً ، إلّا أدخل اللَّه عليه في طاعته اتّباعنا ، و لا و اللَّه لا يتّبعنا عبد أبداً إلّا أحبّه اللَّه ، و لا و اللَّه لا يدع اتّباعنا أحد أبداً إلّا  أبغضنا ، و لا و اللَّه لا يبغضن أحد أبداً إلّا عصى اللَّه ، و من مات عاصياً للَّه أخزاه اللَّه ، و أكبّه على وجهه في النار ، و الحمد للَّه‏ ربّ العالمين .

روضة الكافي ج‏15ص48ح1 هامش الطبعة الحديثة نقله عن الوافي في هامش الحديث المروي فيه لأنها مصححة ورجحه المجلسي رحمه الله ومحقق الكافي والفيض راويه.

 

 

ويا طيب : ذكر في الهامش شرحا لبعض فقرات وعبارات والفاظ الحديث ، فاخترنا قسما منه وهو :

أمرهم بمدارستها : أي بقراءتها و تعليمها و تعلّمها، و النظر فيها بالتفكّر و التدبّر، أو بالبصر، أو بهما ، و تعاهدها، أي إتيانها مرّة بعد اخرى و تجديد العهد بها

الدعة: الخفض و السكون و الراحة، أي ترك الحركات و الأفعال التي توجب الضرر في دولة الباطل

و الوقار بالفتح :رزانة النفس باللَّه و سكونها إليه و فراغه عن غيره، و السكينة : سكون الجوارح ، و هي تابعة للوقار ؛ لأنّ من شغل قلبه باللَّه اشتغلت جوارحه بما طلب منها و فرغ عن كلّ ما يليق بها، و هذا أحسن من القول بترادفها

الضيم:  الظلم لمّا كان هنا مظنّة أن يقولوا: كيف نجاملهم؟ أجاب على سبيل الاستئناف بقوله: تحمّلوا الضيم، أي الظلم منهم ، المماظّة : شدّة المنازعة و المخاصمة مع طول اللزوم.

بالتقيّة : متعلّقة ب دينوا ، و ما بينهما معترض ، ودينو في ما بينكم و بينهم في الامور المختلفة ؛ لأنّهما محلّ التقيّة ، و الدين بالكسر: العادة و العبادة و المواظبة، أي عوّدوا أنفسكم بالتقيّة، أو اعبدوا اللَّه، أو أطيعوا بها، أو واظبوا عليها، فقوله فيما بعد: بالتقيّة، متعلّق ب «دينوا».

في شرح المازندراني : فإذا ابتليتم بذلك منهم، الظاهر أنّ جزاء الشرط محذوف، أي فاعملوا بالتقيّة و لا تتركوها، بدليل ما قبله و ما بعده،  و أنّ قوله : فإنّهم سيؤذونكم و تعرفون في وجوههم المنكر من القول و الشتم و الغلظة و نحوها، دليل على الجزاء المحذوف، و قائم مقامه، و أمثال ذلك كثيرة في كلام الفصحاء و البلغاء، و يحتمل أيضاً أن يكون جزاء الشرط .

أن تزلقوا : تزلوا ، و ذلاقة اللسان: زرابته و حدّته و طلاقته. والمرداة المردية الردية خباثة نازلة عن الخلق السليم وترديه في المهلكة والدركة السافلة في العذاب .

المَقْتُ: أشدّ البغض عن أمر قبيح. و الصمم محرّكة: انسداد الاذن و ثقل السمع. و العمى: ذهاب البصر كلّه. و البكم محرّكة: الخرس، أو مع عيّ و بله ، أو أن يولد لا ينطق. ميراث راجع إلى ذلق اللسان،

و إيّاكم : و ما نهاكم عنه أن تركبوه، أي تقترفوه ، و النُّجْح و النجاح: الظفر بالحوائج .انتهك أي بالغ في خرق محارم اللَّه و إتيانها. الخَطَر: الحظّ و النصيب، و القدر و المنزلة، و السبق الذي يتراهن عليه، و لا يقال إلّافي الشيء الذي له قدر ومزيّة، و هو أيضاً الإشراف على الهلاك، و الخطور بالبال ، و المخاطرة: المراهنة ، خاب الرجل خيبة : إذا لم ينل ما يطلب .

الكرّة: الرجوع، و المراد الرجوع إلى اللَّه تعالى للحساب، أو الرجوع إلى الأبدان في الحشر، و خسران الكرّة مستلزم لخسرانهم أيضاً . استعيذو من أن يكون إجارته تعالى إيّاكم على مثال إجارته لهم؛ فإنّه لا يجيرهم عن عذابه في الآخرة و إنّما أجارهم في الدنيا .

العِصابة بالكسر: ما بين العشرة إلى الأربعين ، و إنّما سمّاهم بها لشرافتهم و تعصّبهم في الدين مع قلّتهم .

العَرْك: الدلك، و يقال: يعرك الأذى بجنبه، أي يحتمله، كأنّه كناية عن التذلّل للأعداء و تحمّل الأذى من ‏جهتهم .

الأجترام: الجناية ، في قوله: الذي سبق في علم اللَّه، إيماء إلى أنّ علمه تعالى بصدور الكفر منهم اختيار اًسبب لخلقهم له ؛ لوجوب المطابقة بين العلم و المعلوم ، تحت الأظلّة ، هي عالم الأرواح الصرفة ، أو عالم الذرّ ، و هو عالم المثال . و إطلاق الظلّ ‏على الروح و المثال مجاز تشبيهاً بالظلّ في عدم الكثافة و تقريباً لهما إلى الفهم ، و في الوافي: تحت الأظلّة، أي أظلّة العرش يوم الميثاق، و لعلّه اشير به إلى عالم القدر.

حتّى دخلهم الشيطان : أي استولى عليهم و دخل مجاري صدرهم و استولى على قلبهم ، قد عهد إليهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قبل موته، أي أوصاهم بولاية وصيّه و رعايتها و حفظها في مواضع عديدة، منها يوم الغدير . وم اجتمع عليه رأي الناس؛ يعني به إجماعهم على خلافة الأول مع وجود الإمام الحق المنصوب من الله تعالى ورسوله هل يستطيع أولئك أعداء اللَّه، الذين أخذوا بعد النبيّ صلى الله عليه و آله برأيهم و نصبوا إماماً خلافاً لأمره.

قوله عليه السلام: دعوا رفع أيديكم، اعلم أنّ رفع اليدين في تكبير الافتتاح لا خلاف ‏في أنّه مطلوب للشارع بين العامّة و الخاصّة ، و المشهور بين الأصحاب الاستحباب ، و ذهب السيّد من علمائنا إلى الوجوب ، و أمّا الرفع في سائر التكبيرات فالمشهور بين الفريقين أيضاً استحبابه . و قال الثوري و أبو حنيفة و إبراهيم النخعي : لا يرفع يديه إلّا عند الافتتاح . و ذهب السيّد إلى الوجوب في جميع التكبيرات ، و لمّا كان في زمانه عليه السلام عدم استحباب الرفع أشهر بين العامّة فلذا منع الشيعة عن ذلك؛ لئلًا يشتهروا بذلك فيعرفوهم به .

قد شهروكم أي أظهروكم في شُنْعة، أي قبح من الشهرة.

فمهلًا مهلًا : أي لتسكنوا سكوناً و أخّروا تأخيراً و اتركو هذه الامور إلى ظهور دولة الحقّ ، في شرح المازندراني: فيه ترغيب في ترك الآراء المخترعة و الأهواء المبتدعة معلّلًا بأنّ اتّباعهما ضلالة و أنّ الضلالة توجب الدخول في النار؛ لأنّ التمسّك يقود إلى حمل أثقال الخطايا ...

 قال المازري: البدعة: ما احدثت و لم يسبق لها مثال، و حديث: كلّ بدعة في النار، من العامّ المخصوص؛ لأنّ من البدع واجب، كترتيب الأدلّة على طريقة المتكلّمين للردّ على الملاحدة، و منها مندوب، كبناء المدارس و الزوايا ، و منها مباح ، كالبسط في أنواع الأطعمة و الأشربة . أقول: هذا إن فسّرت البدعة بما ذكر، و أمّا إن فسّرت بما خالف الشرع، أو بما نهى عنه الشارع فلا تصدق على الامور المذكورة .

 الغاوون: الضالّون الخائبون المنهمكون في الباطل؛ من الغيّ بمعنى الضلال و الخيبة و الانهماك في الباطل. و إيّاكم و العظمة و الكبر، العطف للتفسير، أو العظمة عبارة عن اعتبار كمال ذاته‏ووجوده و صفاته، و الكبر هذا مع اعتبار فضله على الغير .

أنّ السنّة من اللَّه : قد جرت؛ يعني أنّ هذه السنّة قد جرت فيهم قبل ذلك في من سلف من الامم بأن يسعى بهم إلى الإمام فيلعنوا، فإذا لعنو صارت اللعنة عليهم رحمة ، أن تركبوها، أي تتبعوها .

المراد بالفضل العظيم : مالا يصل إليه الفهم و يستبعده العقل و لا يعرف حقيقته، و بالصغير ما هو خلاف ذلك.  لا يفرقّن، من الفرق بمعنى الخوف، أي لا تخافوهم؛ فإنّهم كالشياطين و إنّ كيد الشيطان كان ضعيفاً

في شرح المازندراني: المراد بالحيلة استعمال الحذق و التصرّف في الامور للتوصّل بها إلى المقصود، و بالمكر إيصال المكروه إلى الغير من حيث لا يعلم، و الخديعة بهذا المعنى، أو تلبيس شبهات باطلة بلباس الحقّ؛ لانخداع الغير بها. و بالوسوسة مشاورة بعضهم بعضاً في تحصيل أسباب الغلبة و الإضرار . لا يهولنّكم لا يفزعنكم ويردنكم بالخوف .

و تعقلوه : و في شرح المازندراني: أمر أوّلًا بالأخذ به ، و هو تناوله و قبوله بالقلب ، و ثانياً بتفهّمه ، و هو معرفته و معرفة حسنه و كماله، و ثالثاً بعقله ، و هو الغور فيه و إدراك حسن عاقبته، أو إمساكه و حفظه؛ من عقلت الشيء . إذا أمسكته و حفظته ؛ وهذه امور ثلاثة لابدّ منها في كلّ مطلوب .

وحذر عن التجبّر على اللَّه لأنّه مهلك ، و المراد به ترك الامتثال بأوامره و نواهيه و آدابه و أحكامه و مواعظه و نصائحه. أو المراد به التجبّر على أولياء اللَّه، أو على الناس كلّهم .

 العريكة : الطبيعة ، و فلان ليّن العريكة، إذا كان سلساً. و يقال : لانت عريكته: إذا انكسرت نخوته . الوقار سكون النفس في مقتضى القوّة الشهويّة، و السكينة سكونها في مقتضى القوّة الغضبيّة .

خلقه في الأصل : أي علم عند خلقه أنّه يصير كافراً بأختياره .

المماظّة : المشاورة و المنازعة ، الهدي السيرة و الطريقة و الهيئة .

في شرح المازندراني: الحرج أي الضيق، أو أشدّ أفراده، فعلى الأوّل تأكيد و على الثاني تأسيس و مبالغة في عدم قبوله للحقّ و إنكاره لأهله .

 



[1] مصباح المتهجد و سلاح المتعبد للطوسي ج1ص400, وذكرت الصلاة في عدة مصادر أخرى من كتب الأدعية وذكرنا الصلاة كاملة مع المصادر في صحيفة الإمام الحسن العسكري عليه السلام.

عناوين مفيدة :

تقبل الله أعمالكم وشكر سعيكم

صحيفة الإمام الصادق عليه السلام

وشرح أبوذية الصادق

تأليف وتحقيق وإعداد

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موقع موسوعة صحف الطيبين

 

لتصفح صحيفة الإمام جعفر الصادق على الانترنيت ملف ويب قابل للاختيار منه و للنسخ ثم اللصق في المواقع الاجتماعية

www.alanbare.com/6

 

كتاب الكتروني بي دي أف قابل للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب:

www.alanbare.com/6/6.pdf





  ف ✐

  ✺ ت