بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين

في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____




صفحة معنى الإمامة و الإمام و الولاية و الولي
من صحيفة الإمام الرضا علي بن موسى بن جعفر

عليه السلام

المحاضرات الإسلامية محاضرة الإمامة و الولاية والإمام و الولي عن الإمام الرضا عليه السلام

شرح حديث الإمامة و الإمام للإمام الرضا عليه السلام target=
من هنا
تَنْزِيلُ الصَّحِيفَةُ وَقِرَاءتُها

كتاب الكتروني بي دي اف pdf

جيد للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب

محاضرة الإمام و الإمامة شرح حديث الإمام الرضا عليه السلام :

لحضرتكم يا طيبين : أكمل وأتم : وأفضل وأحسن ، وأجمل وأروع ، حديث في معنى الإمامة وتعريفها ، وفضلها وأهميتها وحقائقها وشأنها الكريم العظيم ، وضرورة وجودها في الدين الإسلام .
وبيان معنى الإمام : وخصائصه وفضائله وعلو منزلته ، وعظيم شأنه وكرامته عند الله سبحانه وتعالى .
ولا يوجد حديث : شامل عام بالآيات وعقلا ونقلا وفطرة ووجدانا ، ولا بسعة معارفه يفصل حق وحقائق الإمامة والإمام مثله في المذهب الشيعي فضلا عن غيره .
وضروري جدا : ولابد حتما لاستقرار الإيمان واطمئنان النفس أن يقرئه أو يسمعه المؤمن الموالي ولو بالعمرة مرة ، إن لم نقل بالسنة أو بالشهر مرة ، ليثبت الإيمان بأعلى المعرفة في وجودنا فيطيبنا ، وليشرق علينا أنوار الحق الساطعة فيلهمنا أكمل الإيمان فتطهر أرواحنا ، ويهبنا فرحة تشرح صدورنا ، وسرورا بمعرفة الهدى الحق والصدق فيسعدنا ، وشذا عطر نفحات توجهنا لربنا فتولهنا في نعيم رضاه سبحانه ، ولنشكر الله تعالى صادقين على ما عرفنا من منزلة المصطفين الأخيار والطاهرين الأبرار ، وذلك حين جعلنا من مواليهم ومحبهم ومتابعيهم وناصريهم ومتعلمي معارفهم صلى الله عليهم وسلم والعاملين بها إن شاء الله .
والحديث : عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام فأسمعه كرامة له بمناسبة ميلاده الكريم ... وهو محاضرة للشيخ حسن جليل الأنباري في غرفة الحق الشيعية على برنامج البالتوك سنة 1428 ، وكانت الموقع الشيعي الكبير لتعريف الهدى الحق وصدقه قبل نشوء المواقع الاجتماعية وظهور برامج الموبايل.... أما ينزل من گوگل درايف :

استمع للمحاضرة يا طيب

https://drive.google.com/file/d/0BzQSGz-qSyihUVZqTjh3WFp2OFE/view
أو من
www.alanbare.com/8/8h.mp3




 

 

 

 

 


موسوعة صحف الطيبين في
أصول الدين وسيرة المعصومين


صحيفة الإمام الرضا عليه السلام
نص المحاضرة

حديث الإمامة و الإمام عن الإمام الرضا عليه السلام


نص الحديث

في الكافي : عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ :

كُنَّا مَعَ الرِّضَا عليه السلام بِمَرْوَ :

فَاجْتَمَعْنَا فِي الْجَامِعِ : يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي بَدْءِمَقْدَمِنَا .

 فَأَدَارُوا : أَمْرَ الْإِمَامَةِ .

 وَ ذَكَرُوا : كَثْرَةَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا .

 فَدَخَلْتُ : عَلَى سَيِّدِي عليه السلام ، فَأَعْلَمْتُهُ خَوْضَالنَّاسِ فِيهِ .

فَتَبَسَّمَ عليه السلام ثُمَّ قَالَ : يَا عَبْدَ الْعَزِيزِجَهِلَ الْقَوْمُ ، وَ خُدِعُوا عَنْ آرَائِهِمْ.

إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ : لَمْ يَقْبِضْ نَبِيَّهُ ،حَتَّى أَكْمَلَ لَهُ الدِّينَ ، وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فِيهِ تِبْيَانُكُلِّ شَيْ‏ءٍ ، بَيَّنَ فِيهِ الْحَلَالَ وَ الْحَرَامَ ، وَ الْحُدُودَ وَ الْأَحْكَامَ، وَ جَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ كَمَلًا .

 فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ :{ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِمِن شَيْءٍ (38)} الأنعام .

وَ أَنْزَلَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ : وَ هِيَ آخِرُ عُمُرِهِصلى الله عليه وآله وسلم :

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْنِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ (3) } المائدة.

وَ أَمْرُ الْإِمَامَةِ : مِنْ تَمَامِ الدِّينِ.

 وَ لَمْ يَمْضِ صلى الله عليه وآله : حَتَّى بَيَّنَ لِأُمَّتِهِمَعَالِمَ دِينِهِمْ ، وَ أَوْضَحَ لَهُمْ سَبِيلَهُمْ ، وَ تَرَكَهُمْ عَلَىقَصْدِ سَبِيلِ الْحَقِّ .

وَ أَقَامَ لَهُمْ : عَلِيّاً عليه السلام عَلَماً وَ إِمَاماً، وَ مَا تَرَكَ لَهُمْ شَيْئاً ، يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ إِلَّا بَيَّنَهُ.

فَمَنْ زَعَمَ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّلَمْ يُكْمِلْ دِينَهُ ، فَقَدْ رَدَّ كِتَابَ اللَّهِ ، وَ مَنْ رَدَّ كِتَابَاللَّهِ ، فَهُوَ كَافِرٌ بِهِ .

 

هَلْ يَعْرِفُونَ : قَدْرَ الْإِمَامَةِ ، وَ مَحَلَّهَا مِنَالْأُمَّةِ ، فَيَجُوزَ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ .

إِنَّ الْإِمَامَةَ : أَجَلُّ قَدْراً ، وَ أَعْظَمُ شَأْناً، وَ أَعْلَى مَكَاناً ، وَ أَمْنَعُ جَانِباً ، وَ أَبْعَدُ غَوْراً ، مِنْ أَنْيَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ ، أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ ، أَوْ يُقِيمُوإِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ .

إِنَّ الْإِمَامَةَ : خَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ ع بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَ الْخُلَّةِ ،

 مَرْتَبَةً ثَالِثَةً ، وَ فَضِيلَةً شَرَّفَهُ بِهَا ، وَ أَشَادَبِهَا ذِكْرَهُ .

 

فَقَالَ :{ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا .....} .

فَقَالَ الْخَلِيلُ عليه السلام : سُرُوراً بِهَا ،{ .. قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ...} .

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى :  { .. قَالَ لاَيَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)} . 

فَأَبْطَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : إِمَامَةَ كُلِّ ظَالِمٍإِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .

وَ صَارَتْ : فِي الصَّفْوَةِ .

ثُمَّ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : بِأَنْ جَعَلَهَا فِي ذُرِّيَّتِهِأَهْلِ الصَّفْوَةِ وَ الطَّهَارَةِ .

فَقَالَ : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً

وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ

وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَإِلَيْهِمْ

فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُولَنَا عَابِدِينَ (72) } الأنبياء ـ 73 . 

فَلَمْ تَزَلْ :  فِي ذُرِّيَّتِهِ ، يَرِثُهَا بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ ، قَرْناً فَقَرْناً .

 حَتَّى وَرَّثَهَا اللَّهُ تَعَالَى " النَّبِيَّ صلى اللهعليه وآله .

فَقَالَ جَلَّ وَ تَعَالَى :

{ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ

وَهَـذَا النَّبِيُّ

 وَالَّذِينَ آمَنُواْ  وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) } آلعمران .

فَكَانَتْ لَهُ : خَاصَّةً .

 فَقَلَّدَهَا صلى الله عليه وآله : عَلِيّاً عليه السلام‏ بِأَمْرِاللَّهِ تَعَالَى عَلَى رَسْمِ مَا فَرَضَ اللَّهُ .

فَصَارَتْ : فِي ذُرِّيَّتِهِ الْأَصْفِيَاءِ ، الَّذِينَ آتَاهُمُاللَّهُ الْعِلْمَ وَ الْإِيمَانَ .

بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَوَالْإِيمَانَ

لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَيَوْمُ الْبَعْثِ } الروم : 56 .

فَهِيَ : فِي وُلْدِ عَلِيٍّ عليه السلام خَاصَّةً إِلَى يَوْمِالْقِيَامَةِ ، إِذْ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.

 

فَمِنْ أَيْنَ : يَخْتَارُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ .

إِنَّ الْإِمَامَةَ : هِيَ مَنْزِلَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَإِرْثُ الْأَوْصِيَاءِ .

 إِنَّ الْإِمَامَةَ : خِلَافَةُ اللَّهِ ، وَ خِلَافَةُ الرَّسُولِ، وَ مَقَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلم ،  وَ مِيرَاثُ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِعليهما السلام  .

إِنَّ الْإِمَامَةَ : زِمَامُ الدِّينِ ، وَ نِظَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَ صَلَاحُ الدُّنْيَا ، وَ عِزُّ الْمُؤْمِنِينَ .

إِنَّ الْإِمَامَةَ : أُسُّ الْإِسْلَامِ النَّامِي ، وَ فَرْعُهُالسَّامِي .

 

بِالْإِمَامِ : تَمَامُ الصَّلَاةِ ، وَ الزَّكَاةِ ، وَ الصِّيَامِ، وَ الْحَجِّ ، وَ الْجِهَادِ ، وَ تَوْفِيرُ الْفَيْ‏ءِ ، وَ الصَّدَقَاتِ ،وَ إِمْضَاءُ الْحُدُودِ وَ الْأَحْكَامِ ، وَ مَنْعُ الثُّغُورِ وَ الْأَطْرَافِ.

الْإِمَامُ : يُحِلُّ حَلَالَ اللَّهِ ، وَ يُحَرِّمُ حَرَامَاللَّهِ ، وَ يُقِيمُ حُدُودَ اللَّهِ ، وَ يَذُبُّ عَنْ دِينِ اللَّهِ ، وَ يَدْعُوإِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، وَ الْحُجَّةِالْبَالِغَةِ.

الْإِمَامُ : كَالشَّمْسِ الطَّالِعَةِ الْمُجَلِّلَةِ بِنُورِهَلِلْعَالَمِ ، وَ هِيَ فِي الْأُفُقِ ، بِحَيْثُ لَا تَنَالُهَا الْأَيْدِي ، وَالْأَبْصَارُ .

الْإِمَامُ : الْبَدْرُ الْمُنِيرُ ، وَ السِّرَاجُ الزَّاهِرُ، وَ النُّورُ السَّاطِعُ ، وَ النَّجْمُ الْهَادِي فِي غَيَاهِبِ الدُّجَى ، وَأَجْوَازِ الْبُلْدَانِ وَ الْقِفَارِ،  وَ لُجَجِ الْبِحَارِ .

الْإِمَامُ : الْمَاءُ الْعَذْبُ عَلَى الظَّمَإِ ، وَ الدَّالُّعَلَى الْهُدَى ، وَ الْمُنْجِي مِنَ الرَّدَى .

الْإِمَامُ : النَّارُ عَلَى الْيَفَاعِ ، الْحَارُّ لِمَنِاصْطَلَى بِهِ ، وَ الدَّلِيلُ فِي الْمَهَالِكِ مَنْ فَارَقَهُ فَهَالِكٌ .

الْإِمَامُ : السَّحَابُ الْمَاطِرُ ، وَ الْغَيْثُ الْهَاطِلُ، وَ الشَّمْسُ الْمُضِيئَةُ ، وَ السَّمَاءُ الظَّلِيلَةُ ، وَ الْأَرْضُ الْبَسِيطَةُ، وَ الْعَيْنُ الْغَزِيرَةُ ، وَ الْغَدِيرُ وَ الرَّوْضَةُ .

الْإِمَامُ : الْأَنِيسُ الرَّفِيقُ ، وَ الْوَالِدُ الشَّفِيقُ، وَ الْأَخُ الشَّقِيقُ ، وَ الْأُمُّ الْبَرَّةُ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ ، وَمَفْزَعُ الْعِبَادِ فِي الدَّاهِيَةِ النَّآدِ .

الْإِمَامُ : أَمِينُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ ، وَ حُجَّتُهُعَلَى عِبَادِهِ ، وَ خَلِيفَتُهُ فِي بِلَادِهِ ، وَ الدَّاعِي إِلَى اللَّهِ، وَ الذَّابُّ عَنْ حُرَمِ اللَّهِ .

الْإِمَامُ : الْمُطَهَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ ، وَ الْمُبَرَّأُعَنِ الْعُيُوبِ ، الْمَخْصُوصُ بِالْعِلْمِ الْمَوْسُومُ بِالْحِلْمِ ، نِظَامُالدِّينِ ، وَ عِزُّ الْمُسْلِمِينَ ، وَ غَيْظُ الْمُنَافِقِينَ ، وَ بَوَارُالْكَافِرِينَ .

الْإِمَامُ : وَاحِدُ دَهْرِهِ لَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ ، وَلَا يُعَادِلُهُ عَالِمٌ ، وَ لَا يُوجَدُ مِنْهُ بَدَلٌ ، وَ لَا لَهُ مِثْلٌ، وَ لَا نَظِيرٌ .

مَخْصُوصٌ : بِالْفَضْلِ كُلِّهِ ، مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُلَهُ  وَ لَا اكْتِسَابٍ .

بَلِ اخْتِصَاصٌ : مِنَ الْمُفْضِلِ الْوَهَّابِ .

 

فَمَنْ ذَا الَّذِي : يَبْلُغُ مَعْرِفَةَ الْإِمَامِ ، أَوْ يُمْكِنُهُاخْتِيَارُهُ .

هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ : ضَلَّتِ الْعُقُولُ ، وَ تَاهَتِ الْحُلُومُ، وَ حَارَتِ الْأَلْبَابُ ، وَ خَسَأَتِ الْعُيُونُ ، وَ تَصَاغَرَتِ الْعُظَمَاءُ، وَ تَحَيَّرَتِ الْحُكَمَاءُ ، وَ تَقَاصَرَتِ الْحُلَمَاءُ ، وَ حَصِرَتِ الْخُطَبَاءُ، وَ جَهِلَتِ الْأَلِبَّاءُ ، وَ كَلَّتِ الشُّعَرَاءُ ، وَ عَجَزَتِ الْأُدَبَاءُ، وَ عَيِيَتِ الْبُلَغَاءُ .

عَنْ وَصْفِ : شَأْنٍ مِنْ شَأْنِهِ ، أَوْ فَضِيلَةٍ مِنْفَضَائِلِهِ .

 وَ أَقَرَّتْ : بِالْعَجْزِ وَ التَّقْصِيرِ .

وَ كَيْفَ : يُوصَفُ بِكُلِّهِ ، أَوْ يُنْعَتُ بِكُنْهِهِ، أَوْ يُفْهَمُ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَمْرِهِ ، أَوْ يُوجَدُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَ يُغْنِي غِنَاهُ .

لَا كَيْفَ وَ أَنَّى .

 

وَ هُوَ : بِحَيْثُ النَّجْمِ مِنْ يَدِ الْمُتَنَاوِلِينَ ، وَوَصْفِ الْوَاصِفِينَ .

فَأَيْنَ : الِاخْتِيَارُ مِنْ هَذَا .

وَ أَيْنَ : الْعُقُولُ عَنْ هَذَا .

وَ أَيْنَ : يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا .

أَ تَظُنُّونَ : أَنَّ ذَلِكَ يُوجَدُ فِي غَيْرِ آلِ الرَّسُولِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله .

كَذَبَتْهُمْ : وَ اللَّهِ أَنْفُسُهُمْ ، وَ مَنَّتْهُمُالْأَبَاطِيلَ ، فَارْتَقَوْا مُرْتَقاً صَعْباً دَحْضاً ، تَزِلُّ عَنْهُ إِلَىالْحَضِيضِ أَقْدَامُهُمْ .

رَامُوا : إِقَامَةَ الْإِمَامِ ، بِعُقُولٍحَائِرَةٍ ، بَائِرَةٍ ، نَاقِصَةٍ ، وَ آرَاءٍ مُضِلَّةٍ .

 فَلَمْ يَزْدَادُوا مِنْهُ " إِلَّا بُعْداً، قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ .

وَ لَقَدْ : رَامُوا صَعْباً ، وَ قَالُوا إِفْكاً ، وَ ضَلُّوضَلَالًا بَعِيداً .

وَ وَقَعُوا فِي الْحَيْرَةِ : إِذْ تَرَكُوا الْإِمَامَ عَنْبَصِيرَةٍ ، وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ، فَصَدَّهُمْ عَنِالسَّبِيلِ ، وَ كَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ .

رَغِبُوا : عَنِ اخْتِيَارِ اللَّهِ ، وَ اخْتِيَارِ رَسُولِاللَّهِ ، وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ، إِلَى اخْتِيَارِهِمْ.

وَ الْقُرْآنُ يُنَادِيهِمْ :

{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُالْخِيَرَةُ

سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)} القصص .

وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَمُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا

أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ

وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًمُّبِينًا (36) } الأحزاب .

 وقال : { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْلَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ(38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا  بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُم أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40)أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء  فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ(41) }  القلم .

وقال عز وجل : { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) } محمد.

 أم : { طُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ(87) } التوبة .

  أم : { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ  (21)  إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ  (22) وَلَوْ عَلِمَ اللّهُفِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ(23)}  الأنفال.

  أم : { قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا (93) } البقرة .

بَلْ هُوَ : { فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (57)} الحديد.

 

 فَكَيْفَ لَهُمْ : بِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ .

 وَ الْإِمَامُ :

عَالِمٌ لَا يَجْهَلُ : وَ رَاعٍ لَا يَنْكُلُ ، مَعْدِنُالْقُدْسِ وَ الطَّهَارَةِ ، وَ النُّسُكِ وَ الزَّهَادَةِ ، وَ الْعِلْمِ وَ الْعِبَادَةِ.

مَخْصُوصٌ : بِدَعْوَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله  ،وَ نَسْلِ الْمُطَهَّرَةِ الْبَتُولِ .

لَا مَغْمَزَ : فِيهِ فِي نَسَبٍ ، وَ لَا يُدَانِيهِ ذُوحَسَبٍ .

فِي الْبَيْتِ : مِنْ قُرَيْشٍ ، وَ الذِّرْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ، وَ الْعِتْرَةِ مِنَ الرَّسُولِ ، وَ الرِّضَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ .

شَرَفُ الْأَشْرَافِ : وَ الْفَرْعُ مِنْ عَبْدِ مَنَافٍ .

نَامِي الْعِلْمِ : كَامِلُ الْحِلْمِ ، مُضْطَلِعٌ بِالْإِمَامَةِ، عَالِمٌ بِالسِّيَاسَةِ .

 مَفْرُوضُ الطَّاعَةِ : قَائِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، نَاصِحٌ لِعِبَادِ اللَّهِ ، حَافِظٌ لِدِينِ اللَّهِ .

إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَ الْأَئِمَّةَ : يُوَفِّقُهُمُ اللَّهُ، وَ يُؤْتِيهِمْ مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِهِ وَ حِكَمِهِ ،

 مَا لَا يُؤْتِيهِ غَيْرَهُمْ .

فَيَكُونُ عِلْمُهُمْ : فَوْقَ عِلْمِ أَهْلِ الزَّمَانِ .

 فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :{ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّنيَهْدِي إِلَى الْحَقِّ

 قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْد َمَن يَشَاء وَمَنيُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269)} البقرة.

وَ قَوْلِهِ فِي طَالُوتَ : { إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُعَلَيْكُمْ

وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ

وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء  وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(247)} البقرة .

 

 وقال لنبيه صلى الله عليه وآله :

 { وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ

 وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ

وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)} النساء .

وَ قَالَ : فِي الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ وَعِتْرَتِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ صلوات الله عيهم :

{ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَالنَّاسَ نَقِيرًا  (53)

 أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ

عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ

فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ

وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا 

  فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ

وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى‏ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً(54) }  النساء : 53 - 54 .

 

وَ إِنَّ الْعَبْدَ : إِذَا اخْتَارَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، لِأُمُورِ عِبَادِهِ ، شَرَحَ صَدْرَهُ لِذَلِكَ ، وَ أَوْدَعَ قَلْبَهُ يَنَابِيعَالْحِكْمَةِ ، وَ أَلْهَمَهُ الْعِلْمَ إِلْهَاماً ، فَلَمْ يَعْيَ بَعْدَهُ بِجَوَابٍ، وَ لَا يُحَيَّرُ فِيهِ عَنِ الصَّوَابِ .

فَهُوَ : مَعْصُومٌ مُؤَيَّدٌ ، مُوَفَّقٌ مُسَدَّدٌ ، قَدْ أَمِنَمِنَ الْخَطَايَا وَ الزَّلَلِ وَ الْعِثَارِ.

يَخُصُّهُ اللَّهُ : بِذَلِكَ ، لِيَكُونَ حُجَّتَهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَ شَاهِدَهُ عَلَى خَلْقِهِ .

وَ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ : يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُوالْفَضْلِ الْعَظِيمِ .

 

فَهَلْ : يَقْدِرُونَ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَيَخْتَارُونَهُ ؟

 أَوْ يَكُونُ : مُخْتَارُهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَيُقَدِّمُونَهُ؟

تَعَدَّوْا : وَ بَيْتِ اللَّهِ الْحَقَّ ، وَ نَبَذُوا كِتَابَاللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ، كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ.

وَ فِي كِتَابِ اللَّهِ : الْهُدَى وَ الشِّفَاءُ ، فَنَبَذُوهُوَ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ، فَذَمَّهُمُ اللَّهُ وَ مَقَّتَهُمْ ، وَ أَتْعَسَهُمْ.

فَقَالَ جَلَّ وَ تَعَالَى : { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُولَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ

وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًىمِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) } القصص.

 وقال : { فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ(8) } محمد صلى الله عليه وآله .

وقال : { كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَآمَنُوا

كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍجَبَّارٍ (35)} الغافر  .

وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَتَسْلِيماً كَثِيراً .

ذكر الحديث : في المصادر التالية :

الكافي ج1ص198ح1 باب 15 نادر جامع في فضل الإمام و صفاته‏ .

 عيون ‏أخبار الرضا عليه السلام ج1ص216ب20ح1 .

 الأمالي‏ للصدوق ص674م97ح1 .

كمال الدين و تمام النعمة ج2ص675ح32 .

 معاني الأخبار ص95ح2 .

الإحتجاج على أهل اللجاج للطبرسي ج‏2ص436 .

بحار الأنوار ج‏25ص127ب 4 ح1 .

 


 

 

معاني كلمات الحديث

 

معاني الحديث حاشية الكافي :

يا طيب : وإليكم بيان لبعض معاني الكلمات الواردة بالحديثكما شرحها محقق الكافي طبع دار الحديث ، مع بعض التصرف والتعديل :

القصد: الوسط بين الطرفين. و إضافته إلى السبيل و إضافة السبيلإلى الحقّ ‏بيانيّتان

و أشاده و أشاد به، إذا أشاعه و رفع ذكره، من أشَدْتُ البُنيانفهو مُشادٍ، و شيّدته إذا طوّلته، فاستعير لرفع صوتك بما يكرهه صاحبك.

الصفوة، مثلّثة، أي أهل الطهارة و العصمة، من صفا الجوّ إذلم يكن فيه غيم، أو أهل الاصطفاء و الاختيار الذين اختارهم اللَّه من بين عبادهلذلك؛ لعصمتهم و فضلهم و شرفهم

 قلّدتُها قِلادةً، أي جعلتها في عنقها، و منه تقليد الولاةالأعمال.

الرسم: السنّة و الطريقة .

الإرث : مصدر، و أصله الوِرْث، فقُلبت الواو همزةً. و كثيراًما يطلق على الشيء الموروث، كما في هذا المقام. الزمام : من الزَمّ بمعنىالشدّ، و هو الحبل الذي يجعل في البُرَة و الخشبة، أو الخيط الذي يشدّ في البُرَةأو في‏الخِشاش، ثمّ يشدّ في طرفه المِقْوَد، و قد يسمّى المِقْوَد زماماً.

الاسّ : أصل البناء، و كذلك الأساس، و الأسس مقصور منه. وجمع الاسّ: إساس. و جمع الأساس: اسُس.

 فرع  : كلّ شيء أعلاه. و يقال: هو فَرع قومه: للشريف منهم.

السامي : العالي المرتفع، من سما الشيءُ يَسْمُوا سُمُوّاً،أي ارتفع و علا.

أصل الفيء : الرجوع. يقال: فاءَ يفيء فِئَةً و فُيُوءً، كأنّهكان في الأصل لهم فرجع إليهم.

الثُغور : جمع الثَغْر، و هو ما يلي دار الحرب، و موضع المخافةفي فروج البلدان، و الموضع الذي يكون حدّاً فاصلًا بين بلاد المسلمين و الكفّار،و هو موضع المخافة من أطراف البلاد.

الذبّ: الدفع و المنع.  أي يدفع عن دين اللَّه كلّ ما لا يليقبه من الزيادة و النقصان .

المُجَلِّلة : المُغَطِّيَة. يقال: جلّل المطر الأرضَ، أيعمّها و طبّقَها فلم يَدَع شيئاً إلّا غطّى عليه. و منه يقال: جلَّلتُ الشيء، إذغطّيتَه.

الزاهر : المضيء. يقال: زَهَرتِ النارُ زُهُوراً، أي أضاءت.

الساطع : المرتفع. يقال: سطع الغبارُ و الرائحةُ و الصبحُ،يَسْطَع سُطُوعاً، أي ارتفع.

الغَياهِبُ : جمع الغَيْهَب بمعنى الظلمة. يقال: فرس أدهمُغَيْهَبٌ، إذا اشتدّ سواده.

الدُجَى : الظلمة، أو جمع الدُجْيَة بمعناها. و قد يعبّر عنهعن الليل، فالإضافة بيانيّة للمبالغة

الأجواز : جمع الجَوْز، و هو وسط كلّ شيء.

والقِفار : جمع القفر، و هي مفازة لا ماء فيها و لا نبات.يقال: أرض قَفْر، و قَفْرَة أيضاً.

اللُجَج: جمع اللُجّة، و لُجّة البحر: حيث لا يدرك قعره، أوالماء الكثير الذي لا يرى طرفاه، و لجّة الماء: مُعْظَمه.

لظَمَأ : شدّة العطش.

الرَدَى : مصدر رَدِيَ يَرْدَى، بمعنى هلك.

اليَفاع : ما ارتفع من الأرض.

الاصطلاء : افتعال من صِلا النارِ و التسخّن بها.

الهاطل : المطر المتفرّق، العظيم القطر، و هو مطر دائم معسكون و ضعف. أو هو من الهَطْل بمعنى تتابع ‏المطر و الدمع و سيلانه.

الغريزة : الكثير من كلّ شيء. و «الغزيرة»: الكثير الدَرّ، و من الآبار و الينابيع: الكثير، الماء، و من العيون: الكثيرة الدمع ؛ من الغَزارَةبمعنى الكثرة.

الغدير : القطعة من الماء يغادرها السيل.

الروضة : الأرض ذات الخُضْرة، و البستان الحسن، و الموضع الذييجتمع إليه الماء يكثر نبته.

الرفيق : المرافِق، و الجمع الرفقاء ، و هو أيضاً واحد و جمع،مثل الصديق. مأخوذ من الرِفق، و هو ضدّ العنف و الخرق.

شقق : هذا شقيق هذا، إذا انشقّ الشيء بنصفين، فكلّ واحد منهمشقيق الآخر، و منه يقال: فلانٌ شقيق فلان، أي أخوه . وشقيق الرجل: أخوه لأبيه وامّه، و يجمع على أشقّاء.

المفزع : المَلجأ في الفَزَع و الخوف. يقال: فَزِعتُ إليهفأفزعني، أي لجأتُ إليه من الفزع فأغاثني.

الداهِية : الأمر العظيم. و النَّآد و النَّآدى بمعناها.

الذابّ : المانع و الدافع، من الذبّ بمعنى المنع و الدفع.

الحُرَم : جمع الحُرْمة، و هي ما لايحلّ انتهاكه .و الإماميدفع عنه ما لا يجوز وقوعه فيه، و يمنع الناس من هتك حرمته .

البوار : الهلاك . يقال: بار فلان، أي هلك، و أباره اللَّه:أهلكه.

تاهت : تحيّرت. يقال: تاهَ في الأرض، أي ذهب متحيّراً.

الحِلْم : الأناة و العقل. و جمعه: أحلام و حُلُوم.

خسأت العيون : أي سَدِرت و كلّت و أعيت و تحيّرت.

قصرت. و تقاصرت، أي أظهرت القِصَر. حصرو حَصِرَت أي عَيِيَتو عجزت عن النطق، من الحَصَر بمعنى العَيّ، و هو خلاف البيان. وذهلت .

عَيِيَتْ : عجزت، من العيّ، و هو خلاف البيان.

كذَبَتْهُم : أي لم تصدقهم فتقول لهم الكذب. أي أنفسهم تكذّبهمو تنسبهم إلى الكذب فضلا عمن يسمعهم .

مَنَّتْهم : أي أضعفتهم و أعيتهم و أعجزتهم. يقال: منّه اليسير،أي أضعفه و أعياه.

الدَحْض : الزلق. يقال: مكان دَحْض و دَحَض، أي زَلَق، و هوالموضع الذي لا تثبت عليه قدم.

و قوله: «أَنَّى يُؤْفَكُونَ»، أي كيف يكذّبون على اللَّهو رسوله؛ من الإفك بمعنى الكذب. أو كيف يصرفون عن الحقّ إلى الباطل؛ من الإفك بمعنىالقلب و الصرف. الإفك كلّ مصروف عن وجهه الذي يحقّ أن يكون عليه

لايَنْكُلُ : لاينكص و لا يضعف و لا يجبن و لا يمتنع . و الناكِل:الجبان الضعيف.

المَعْدِن : اسم مكان من عَدْنٍ بمعنى الإقامة فلانٌ  مَعْدِنُ الخِيرِ والكَرَم : مجبولٌ عليْهِما.

القُدُس : الطُهر و البراءة من العيوب .

النُسُك أيضاً: الطاعة و العبادة، و كلّ ما تُقُرِّب به إلىاللَّه تعالى.

البَتُول : من البَتْل بمعنى القطع، سمّيت سيّدتنا فاطمة عليهالسلام البتولَ لانقطاعها عن النساء فضلًا و ديناً و حسباً، أو لانقطاعها عن الدنيإلى اللَّه تعالى.

المَغْمَز : اسم مكان من الغَمْز بمعنى العيب. يقال: ليس فيفلان غَمِيزَة و لا غَمِيز و لا مَغْمَزٌ، أي ما فيه ما يُغْمَزُ فيُعاب به، ولا مَطْعَنٌ، و المراد هنا: ليس في نسبه لكونه شريفاً رفيعاً عيب يطعن به.

الحَسَب في الأصل: الشرف بالآباء و ما يعدّه الناس من مفاخرهم،و قال ابن السكّيت: الحسب و الكرم يكونان في الرجل و إن لم يكن له آباء لهم شرف،و الشرف و المجد لا يكونان إلّا بالآباء .

 ذِرْوَة الشيء و ذُرْوَته: أعلاه.

 عِتْرَة الرجل: أخصّ أقاربه.

فَرْع كلّ شيء: أعلاه، و فَرْع كلّ قوم هو الشريف منهم، والفَرَع: أوّل ما تلده الناقة.

نامي العلم : أي يزداد علمه، من نما الشيء، إذا زاد و ارتفع.أو بلّغ علمه و رفعه، من نما خيراً، إذا بلّغه على وجه الإصلاح و طلب الخير و رفعه.

الحِلْم : العقل، و هو في الأصل: الأناة و التثبّت في الامور،و ذلك من شعار العقلاء. و الجمع: الأحلام.

مُضْطَلِعٌ بالإمامة : أي قويّ عليها، يقال: فلان مُضْطَلِعٌبهذا الأمر، أي قويّ عليه، و هو مفتعل من الضَلاعَة بمعنى القوّة و شدّة الأضلاع.

السِياسَة : القيام على الشيء بما يُصْلِحُه .

شرح صدره : أي وسّعه لقبول الحقّ .

فلم يَعْيَ : أي لم يعجز، من العيّ بمعنى العجز و عدم الاهتداءلوجه المراد. أو لم يجهل، من العيّ أيضاً بمعنى الجهل و عدم البيان.

و تحوّز عنه و تحيّز إذا تنحّى .

مؤيّد: من الأيد بمعنى الشدّة و القوّة. يقال: آد الرجل يئيد،أي اشتدّ و قوي. و تقول: أيّدتُه، أي قوّيته، فهو مؤيّد .

مسدّد : من التسديد بمعنى التوفيق للسداد، و هو الصواب و القصدمن القول و العمل، و رجل مُسَدَّد، إذا كان يعمل بالسداد و القصد.

الخطأ : بفتح الخاء، و قد يمدّ، و هو ضدّ الصواب. أو بكسرها،و هو الذنب و الإثم، ناظر إلى المؤيّد؛ لأنّ كمال قوّته في الدين يمنعه من الخط.

العثار : السقوط، يقال: عثر الرجل يعثر عُثوراً،و عثر الفرس عِثاراً، إذا أصاب قوائمه شيء فيُصرَع، أي ‏يسقط. و يقال للزلّة: عَثْرَة؛لأنّها سقوط في الاسم.

 مَقَتَةُ مَقْتاً و مَقَاتَةً: أبغضه، كمقّته، فهو مَقيتو مَمْقوت.

أتْعَسَهُمْ : أي أهلكهم، من التَعْس بمعنى الهلاك، و أصلهالكبّ، و هو ضدّ الانتعاش بمعنى الانتهاض، يقال: تَعْساً لفلان، أي ألزمه اللَّههلاكاً.

وذكر مصادر الحديث : الغيبة للنعماني ص 216، ح 6؛ و الأمالي للصدوقص 674، المجلس 97ح 1 عن الكليني. و في كمال الدين ص 675، ح 32،

إلى هذا الحديث طريقان :

 الطريق الأوّل : عن محمّد بن موسى، عن محمّد بن يعقوب الكليني،عن أبي محمّد القاسم بن العلاء، عن قاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم.

 و الطريق الثاني : بسند آخر عن عبدالعزيز بن مسلم. و في عيونالأخبار، ج 1، ص 216، ح 1؛ و معاني الأخبار، ص 96، ح 2، بسندهما عن عبد العزيزبن مسلم. تحف العقول، ص 436، إلى قوله: أو يكون مختارهم بهذه الصفة، الوافي ج 3،ص 480ح 990؛ الوسائل، ج 23، ص 262، ح 29526، من قوله: فهل يقدرون على مثل هذا إلىقوله: «نبذوا الكتاب وراء ظهورهم».

الكافي طبع دار الحديث ج‏1 ص 500ح527/ 1 ب15.

 


 

 

 

بعض معاني الحديث من محقق غيبة النعماني:

 الغياهب : جمع الغيهب و هي الظلمة و شدة السواد. و الدجى:الظلام. و الاجواز جمع الجوز و هو من كل شي‏ء وسطه. و القفر من الأرض:المفازة التي لا ماء فيها و لا نبات.

 الهاطل: المطر المتتابع المتفرق العظيم القطر.

السماء تذكر و تؤنث، و هي كل ما أظلك و علاك، و وصفها بالظليلةللاشعار بوجه التشبيه و كذا البسيطة، أو المراد بها المستوية فان الانتفاع بهأكثر. و الغزيرة: الكثيرة و شبهه عليه السلام بالعين لكثرة علمه، و وفورحكمته التي بها حياة النفوس و احياء العقول.

و الروضة: الأرض الخضرة بحسن النبات.

 الشفيق- بالفاء أولا-: الناصح الأمين المشفق. و الشقيق- بالقافين-الأخ من الرحم كأنّه شق نسبه من نسب أخيه، و قيل: الأخ من الأب و الام. و وصفهبالأخ الشقيق لكثرة عطوفته و رحمته بالافراد، و كمال رأفته بهم.

الناد- بفتح النون و الهمزة و الالف و الدال- مصدر نأدته الداهية-كمنعته- اذا فدحته و بلغت منه كل مبلغ، فوصف الداهية به للمبالغة.

 البوار- بالفتح-: الهلاك. و ما جعل بين القوسين تصحيح منالمصدر.

. يعني هذه الفضائل كلها غير كسبية للإمام انما هي من فضل اللّه تعالىعليه فلا يدانيه أحد في هذا المقام، و لا يعادله أحد من العلماء بلغ من العلم والفهم ما بلغ و لم يكن له بدل أو مثل أو نظير لكون علمه لدنيا غير كسبي و لا ينالمقامه السامي بالاكتساب.

الحلوم كالألباب: العقول. و تاهت و حارت و ضلت متقاربةالمعنى. و خسئت- كمنعت- أي كلت. و التصاغر من صغر أي لم يبلغ عقولهم أو كلامهمحقّ وصفه، و قوله و «حصرت الخطباء» أي عجزت، و الحصر: العيّ و العجز.

 قوله : و جهلت اللألبّاء : جمع اللبيب و هو العاقل. و المرادبالأدباء و هو جمع الاديب المتأدب بالآداب الحسنة أو العارف بالقوانين العربية.

 كيف : تكرار للاستفهام الإنكاري الأول تأكيدا. «و أنى» مبالغةأخرى بالاستفهام الإنكاري عن مكان الوصف و ما بعده «و هو بحيث النجم» الواو للحال،و الضمير للإمام عليه السلام، و الباء بمعنى «في» و «حيث» ظرف مكان، و النجم مطلقالكواكب، و قد يخص بالثريا، و هو مرفوع بالابتداء و خبره محذوف، لان «حيث» لا يضافالا الى الجمل.

 «من يد المتناولين» الظرف متعلق بحيث، و هو من قبيل تشبيهالمعقول بالمحسوس. أي اوقعت في أنفسهم الأماني الباطلة، أو أضعفتهم الأماني، من«منّ الناقة منا» أي حسرها و هزلها.

 الدحض- بالتحريك-: الزلق. و الحضيض: القرار من الأرضعند أسفل الجبل، و عند أهل الهيئة هي النقطة المقابلة للاوج. و في القاموس: رجلحائر بائر أي لم يتجه لشيء و لا يأتمر رشدا و لا يطيع مرشدا.

 الطلاوة : الحسن و البهجة و القبول.

 السبب: الحبل و ما يتوصل به الى الشى، أي يجعل اللّه تعالىبينه و بين سماء المعرفة و القرب و الكمال سببا يرتفع به إليها من روح القدس والالهامات و التوفيقات .

 المعميات- بتشديد الميم المفتوحة- يقال: عميت الشيء أي أخفيته،و منه المعمى، و في بعض النسخ . القيم : هو المتولي على الشيء و الحافظلأموره و مصالحه و الذي يقوم بحفظه.

  قوله : و به يعدلون : أي بالحق، و قوله «و دعاته» ليس فيبعض النسخ. و الرعاة جمع الراعي و هو الحافظ الحامي.

 ذرأه- بالهمز كمنعه- أي خلقه في عالم الأرواح، و ربما يقرذراه بالألف فهي منقلبة عن الواو أي فرقه و ميزه. و برأه- كمنعه- أى خلقه في عالمالاجساد، و قد تركت الهمزة و قرء براه كجفاه. و قوله «ظلا» حال عن ذرأه أو مفعولثان لبرأه بتضمين معنى الجعل و المراد بالظل الروح قبل تعلقه بالبدن و هو معنى«قبل خلقه نسمة» فان قلنا بتجرد الروح أوّلنا كونه عن يمين العرش بتعلقه بالجسدالمثالي أو العرش بالعلم.

  الحبو: العطية و محبوا على صيغة المفعول أي منعما عليه.

 اختاره بعلمه : أي بأن أعطاه علمه، أو بسبب علمه بأنّه يستحقه.«و انتجبه لطهره» أى لعصمته، أو لان يجعله مطهرا، و على أحد الاحتمالين الضميران للّه، و على الآخر للإمام.

و قوله : بقية من آدم : أي انتهى إليه خلافة اللّه التي جعلهلآدم.

السلالة- بالضم-: الذرّية. و صفوة الشيء ما صفا منه. «لم يزل مرعيا»أي محروسا. «بعين اللّه» أي بحفظه و حراسته أو بعين عنايته.

الوقوب: دخول الظلام، و الغاسق: الليل. و القوارف: الاتهاماتو الافتراءات.

و العاهات: الأمراض، أو القوارف بمعنى الكواسب أي اكتساباتالسوء.

الغيبة للنعماني ص212ب13ح6 .


 

 

شرح مفصل لحديث الإمامة

للمولى صالح المازندراني

رحمه الله

 

يا طيب : لحضرتكم شرح مفصل لحديث الإمامة ، للمولى محمد صالح بناحمد المازندراني رحمه الله في شرحه على أصول الكافي وفروعه ، وقد وضعنا له عناوينوضعناها بين قوسين لم تكن في نص كلامه ولكن مستوحات منه :

قال رحمه الله : باب معنى الإمام وهو باب نادر جامع في فضلالامام و صفاته  الحديث الأول‏ :

عن أبو محمّد القاسم بن العلاء- رحمه اللّه- رفعه، عن عبد العزيزبن مسلم قال:

كنّا مع الرّضا عليه السّلام بمرو : فاجتمعنا في الجامع يومالجمعة .

في بدء مقدمنا : فأداروا أمر الامامة و ذكروا كثرة اختلافالناس فيها ، فدخلت على سيّدي عليه السّلام فأعلمته خوض الناس فيه.

(معنى جهل القوم وخدعوا) :

 فتبسّم عليه السّلام ثمّ قال : يا عبد العزيز جهل القوم و خدعوعن آرائهم، إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يقبض نبيّه صلى اللّه عليه و آله حتّى أكملله الدّين‏

___ الشرح __ :

قوله (في بدء مقدمنا) البدء بفتح الباء و سكون الدّال و الهمزةو البدي‏ء على فعيل أوّل الشيء و المقدم بفتح الدال مصدر كالقدوم.

قوله (و خدعوا عن آرائهم) أي وقعوا في شدّة و مكروه من جهةآرائهم الفاسدة الخادعة لهم و في بعض النسخ المصحّحة «عن أديانهم».

قوله (إنّ اللّه لم يقبض) : اعلم أنّه عليه السّلام يبيّن هنا أمرين : أحدهما : أنّ‏

 

___ النص __ : ج‏5 ص 229

و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كلّ شي‏ء، بيّن فيه الحلال و الحرامو الحدود و الأحكام و جميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عزّ و جلّ: «ما فَرَّطْنفِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ» و أنزل في حجّة الوداع و هي آخر عمره صلى اللّه عليهو آله:

___ الشرح __ :

الإمام منصوب من قبل اللّه تعالى و أنّه عليّ عليه السّلامو أولاده الطاهرون.

ثانيهما أنّ للإمام صفات عظيمة و نعوتا جليلة لا يصل إليهعقول البشر فلا يكون تعيينه مفوّضا إلى اختيارهم و لا يمكن لهم معرفته بآرائهمو سيجي‏ء بيان هذا مفصلا .

أمّا بيان الأوّل فهو على مقدّمتين أوليهما أنّ اللّهتعالى لم يقبض النبيّ صلى اللّه عليه و آله حتّى أكمل له الدّين لقوله تعالى‏ «تِبْياناًلِكُلِّ شَيْ‏ءٍ » و قوله تعالى‏ «ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ» وقوله تعالى‏ «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏- الآية» و دلالة هذه الآياتو أمثالها على ما ذكر واضحة.

 و أيضا العقل الصحيح يحكم بأنّه تعالى إذا بعثه لتكميل أمر يقبحمنه أن يقبضه قبل تكميله.

و أخراهما : أنّ أمر الإمامة من كمال الدّين و تمامه و هذمتّفق عليه بيننا و بين مخالفينا إلّا من شذّ ، و لذلك اعتذر و الترك دفنه صلىاللّه عليه و آله و الاشتغال بتعيين الإمام بأنّ تعيينه أهمّ من دفنه لئلّا يخلوالزّمان من إمام ، و يلزم من هاتين المقدّمتين أن يكون تعيينه أهمّ من قبله صلىاللّه عليه و آله و إلّا لزم خلاف المقدّمة الاولى.

 

(دلالة الآيات على الإمامة) :

 ثمّ إنّه أقام عليّا عليه السّلام لدلالة الآيات و الرّواياتمن طرق العامّة و الخاصّة على ذلك و لأنّه ثبت وجوب التنصيص بالإمام و لم ينصّبغيره إجماعا فهو منصوص.

قوله (و أنزل عليه القرآن فيه تبيان كلّ شي‏ء) هذا و ما عطفعليه إلى قوله «و أمر الامامة» بمنزلة الدّليل للسابق و في بعض النسخ «فيه تفصيلكلّ شي‏ء»

قوله (كملا) الكمل التمام يقال: أعطه هذا المال كملا أي تمامهو كلّه و المقصود منه و ممّا بعده أنّ كلّ شي‏ء و كلّ ما يحتاج إليه الامّة فيالقرآن و أمر الإمامة من جملة الأشياء و أعظم ما يحتاج إليه الامّة فهو أيضا فيالقرآن.

قوله‏ (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ) فرط و فرّطبالتخفيف و التشديد يتعدّيان بفي يقال: فرط في الأمر يفرط فرطا من باب نصر و فرّطفيه تفرطا أي قصر فيه و ضيّعه حتّى فات و لذا قال القاضي «من» مزيدة و «شي‏ء» فيموضع المصدر

 

___ النص __ : ج‏5 ص 230

 «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْنِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً» و أمر الامامة من‏

___ الشرح __ :

فإنّ فرط لا يتعدّي بنفسه و قد عدّي بفي إلى الكتاب، و المقصودأنّ الكتاب تامّ غير ناقص في البيان إذ كلّ شي‏ء من أمر الدّين و غيره فهو مذكورفي الكتاب مفصّلا أو مجملا.

 و حمل الكتاب على اللّوح المحفوظ و القول بأنّ المقصود مفرّطنا في اللّوح المحفوظ فإنّ مشتمل على كلّ ما يجري في العالم من الجليل و الدّقيقلم يهمل فيه أمر حيوان و لا جماد بعيد جدّا، فانّ الظاهر من الكتاب هو القرآن ويؤيّده أيضا ما قبل هذه الآية و ما بعدها.

قوله (و أنزل في حجّة الوداع و هي آخر عمره صلى اللّه عليه و آله‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏- الآية) قال بعض العامّة ناقلا عنعمر: أنّ هذه الآية نزلت يوم حجّة الوداع في عرفات، و قال مجاهد: نزلت يوم فتحمكّة. و قالت الإماميّة: إنّها نزلت في غدير خمّ يوم الثامن عشر من ذي الحجّة فيحجّة الوداع بعد ما نصب صلى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام للخلافة بأمراللّه تعالى، و قد دلّت على ذلك رواياتنا و بعض روايات العامّة أيضا و قد ذكر صاحبالطرائف جملة من رواياتهم

(روايات تدل على الإمامة) :

منها ما رواه أبو بكر بن مردويه بإسناده إلى أبي سعيد الخدريّ«أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله دعا الناس إلى غدير خمّ أمر الناس بما كان تحتالشجرة من الشوك فقمّ و ذلك يوم الخميس، ثمّ دعا الناس إلى عليّ عليه السّلام فأخذبضبعيه فرفعهما حتّى نظر الناس إلى بياض إبط رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ولم يتفرّقا حتّى نزلت هذه الآية العظيمة «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْوَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً» .

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: اللّه أكبر على كمال الدّينو تمام النعمة و رضى الرّب برسالتي و الولاية لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام،اللّهم من كنت مولاه فعليّ مولاه. اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه و انصرمن نصره و اخذل من خذله- إلى أن قال:- فقال عمر بن خطّاب هنيئا لك يا ابن أبيطالب أصبحت و أمسيت مولاي و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة»

 و منها ما رواه الشافعي ابن المغازلي بإسناده إلى أبي هريرةقال: «من صام يوم ثمانية عشرة من ذي الحجّة كتب له صيام ستّين شهرا و هو يوم غديرخمّ لما أخذ النبيّ صلى اللّه عليه و آله بيدي‏

 

___ النص __ : ج‏5 ص 231

تمام الدّين ، و لم يمض صلى اللّه عليه و آله حتّى بيّن لامّتهمعالم دينهم و أوضح لهم سبيلهم و تركهم على قصد سبيل الحقّ و أقام لهم عليّا عليهالسّلام علما و إماما و ما ترك [لهم‏] شيئا يحتاج إليه الامّة إلّا بيّنه، فمنزعم أنّ اللّه عزّ و جلّ لم يكمل دينه فقد ردّ كتاب اللّه و من ردّ كتاب اللّهفهو كافر به، هل يعرفون قدر الامامة و محلّها من‏

___ الشرح __ :

عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال: أ لست‏ أَوْلى‏ بِالْمُؤْمِنِينَمِنْ أَنْفُسِهِمْ‏؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال صلى اللّه عليه و آله: من كنتمولاه فعليّ مولاه، فقال عمر بن الخطّاب بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولايو مولى كلّ مؤمن و مؤمنة، فأنزل اللّه عزّ و جلّ:

 «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْنِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً» و معنى الآية الكريمة بحسبتفسير أهل الذكر عليهم السّلام اليوم أكملت لكم دينكم بولاية عليّ عليه السّلام،و أتممت عليكم نعمتي بإكمال الشرائع بإمامة عليّ عليه السّلام، و رضيت لكم الإسلامدينا بخلافته عليه السّلام» و العامّة لمّا لم يعرفوا ذلك اعترضوا بأنّه تعالىلم يزل كان راضيا بدين الإسلام فلم يكن لتقييد رضاه باليوم فائدة، و أجاب القرطبيبأنّ معنى قوله: «رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً» أعلمتكم اليوم برضاي له دينفلا يرد أنّه لا فائدة لتقييد رضاه باليوم، فاعرف قبح الاعتراض و قبح توجيهه وكن من الشاكرين و سيجي‏ء لهذا زيادة توضيح في محلّه إن شاء اللّه تعالى.

قوله (و أمر الإمامة من تمام الدّين) هذا متّفق عليه بين الخاصّةو العامّة و لذلك بادروا بعد موت النبيّ صلى اللّه عليه و آله قبل دفنه إلي نصبخليفة و اعتذروا عن ذلك بأنّ نصب الإمام أهمّ من دفنه لئلّا يخلو الزّمان بلا إمام،و هذا الاعتذار دلّ على فساد مذهبهم، تأمّل تعرف.

قوله (فمن زعم) يعني من زعم أنّ اللّه تعالى يكمل دينه بنصبإمام بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقد ردّ كتاب اللّه تعالى و كذّبه فيقوله‏ «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏- الآية» و قوله‏ «أَطِيعُوا اللَّهَوَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» و قوله:

 «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ‏- الآية» إلى غير ذلك من الآياتالدّالّة على تمام الدّين و كماله بنصب الإمام و تعيين الخليفة.

 

(الإمامة منصب من الله) :

___ النص __ : ج‏5 ص 232

الامّة فيجوز فيها اختيارهم؟! إنّ الامامة أجلّ قدرا و أعظم شأنو أعلا مكانا و أمنع جانبا و أبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوهبآرائهم أو يقيموا

___ الشرح __ :

قوله (فهو كافر به) «1» أي باللّه و بكتابه و الكفر بأحدهممستلزم للكفر بالآخر.

قوله (هل يعرفون) الاستفهام للإنكار و حمله على الحقيقة بعيد و المقصودأنّ اختيارهم إماما موقوف على معرفة قدر الإمامة و مرتبتها و صفاتها المختصّة بهو على معرفة محلّها المتّصف بها و هم قاصرون عن معرفة جميع ذلك فلا مدخل‏

___ الشرح __ :

 (1) قوله «فهو كافر به» الى هنا استدلال من القرآن على وجوبنصب الامام من اللّه تعالى و هو من أقوى البراهين و أوثق الحجج و هذه الرواية وان كانت بحسب الاسناد مرسلة و ضعيفة لجهالة عبد العزيز بن مسلم اذ لم يعرف المن هذه الرواية فقط لكن الاعتماد فيها و في أمثالها على المعنى .

و حاصل الحجة أن الامامة مسألة من مسائل الدين و حكم من أحكامهو ليست مسألة اجتماعية مفوضة الى آراء الناس و اختيارهم نظير أنهم كيف يجب أن يبنودورهم و يخيطوا ألبستهم و يزينوا محافلهم و يطبخوا اطعمتهم بل هو من تمام الدينبل من اهم مقاصده و لو لم تكن مسألة دينية جاز سكوت النبي (ص) عنها و عدم نزولحكم من اللّه فيها كما يعتقد بعض الناس و كان على الناس أن يختاروا ما يستحسنونهو يرونه أولى و أحسن و أوفق لهم و اذ كان من الدين كما قال (ع) «أمر الامامةمن تمام الدين» فلا بد ان يكون الدين كاملا عند موته، و لو لم يبين لكان الدينغير كامل عند رحلة رسول اللّه (ص) و هذا خلاف القرآن حيث قال‏ «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُلَكُمْ دِينَكُمْ» .

 

(شرط العصمة والعلم للإمام) :

ثم شرع (ع) بعد ذكر الحجة القرآنية في ذكر دليل عقلي على نصبالامام من اللّه .

 و هي أن الامامة يشترط فيها شرائط لا طريق للناس الى احرازهللخلافة كالعلم و العصمة اذ لا يعلم هذه الملكات و وجودها فى صاحبها الا اللّهتعالى اذ هى ملكة خفية لا علامة لها ظاهرة بحيث يتيقن بوجودها نظير الشجاعة و السخاءو العدالة .

ثم ذكر (ع) مفصلا الشرائط التي يجب احرازها في الامام حتىيعرف المخالفون أن البشر لا يحيط علما باجتماعها في شخص و انما العالم بها اللّهتعالى فقط و استشهد قبل تفصيل ذكر الصفات بنصب اللّه تعالى ابراهيم عليه السّلامإماما و من ذريته و بعد ذلك ذكر (ع) ادلة و براهين على أن الامامة من أهم المسائلالدينية و لا يحتمل أن تكون مسئلة سياسية منفكة عن الدين كما يزعمه الجاهلون علىما يذكر ان شاء اللّه تعالى. (ش).

 

___ النص __ : ج‏5 ص 233

 

(الإمامة للنبي إبراهيم) :

إماما باختيارهم، إنّ الامامة خصّ اللّه عزّ و جلّ بها إبراهيمالخليل عليه السّلام بعد النبوّة و

___ الشرح __ :

في الامامة لاختيارهم.

قوله (إنّ الامامة أجلّ قدرا) قدر الشي‏ء مبلغه و شأن الشي‏ءحاله و غور الشي‏ء قعره و عمقه، و هذا دليل على عدم اقتدارهم على معرفة الامامةو عدم جواز اختيارهم فيها لعجز عقولهم عن إدراك قدر الامامة و مبلغها لجلالته وعن إدراك شأنها و صفاتها لعظمته و عن الوصول إلى مكانها و منزلها لعلوّه و ارتفاعه،و عن الوصول إلى جانب من جوانبها و طريق من طرقها الموصلة إليها لخفائه، و عن إدراككنه حقيقتها و ذاتها لدقّته، و إذا عجزت عن إدراكها من هذه الجهات فقد عجزت عنإدراكها مطلقا لأنّ كلّ شي‏ء يدرك فانّما يدرك من إحدى هذه الجهات.

قوله (من أن يبلغها الناس بعقولهم) متعلّق بأجلّ و ما عطفعليه على سبيل التنازع و وجه الترديد أنّ المدرك إمّا معقول صرفا أو معقول بمعونةالحواسّ و ليس في وسعهم إدراك الامامة بأحد هذين الوجهين إذ لا مدخل للحواس فيمعرفة الامامة و ليس لعقولهم طريق إلى معرفتها. و في جعل‏

قوله (أو يقيموا إماما باختيارهم) قسيما لهما نوع إشعار بانّإقامتهم إماما كان تحكّما مجرّدا عن إدراك الامامة و محلّها بوجه من الوجوه.

قوله (إنّ الامامة خصّ اللّه تعالى بها إبراهيم الخليل عليه السّلام)دليل على قوله «إنّ الامامة أجلّ قدرا- إلى آخره» و توضيح لأنّ الامامةتثبت بالنصّ كما هو مذهب الاماميّة من أنّ تعيين الامام من قبل اللّه تعالى و منقبل رسوله صلى اللّه عليه و آله و يلزم سائر الناس و لا مدخلا لاختيارهم في ذلك، خلافا للعامّة فإنّهم ذهبوا إلى أنّه ليس ذلك على اللّه و على رسوله و اعتقدوأنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله مضى و لم يستخلف‏ «1» قال‏

___ الشرح __ :

(لا يجوز ترك العباد بلا إمام) :

 (1) قوله «مضى و لم يستخلف» لو كان الامامة من الدين لم يجزترك بيانه من اللّه و رسوله خصوصا مع قوله تعالى‏ «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْدِينَكُمْ» فكان الدين كاملا و لم يكن فيه مسألة الامامة باعتقادهم فيلزم منه أنلا يكون الامامة من الدين فبطل تمسكهم بالإجماع و الادلة الشرعية .

بل كفى ان يقال هذه مسألة غير دينية فللناس أن يفعلوا ما شاءوو يختاروا ما أرادوا فدعواهم مبنية على أمرين متناقضين و التمسك بالإجماع في الإمامةنظير التمسك به في ايجاب بناء البيت من اللبن، و طبخ اللحم بالنار و ان كانت منالدين فلا بد أن يبينها اللّه و رسوله كما هو مذهبنا، و لا أدرى كيف لم تكن عنداختيارهم من أرادوا مسألة دينية بل مفوضة الى الناس و بعد اختيارهم و نصبهم صارتمسألة دينية وجب على الناس قبولهم و حرم عليهم التخلف و جاز قتل المخالفين و سبيهمشرعا مع انهم لم يخالفوا الا في مسألة عرفية و هل يقتل احد ان خالف غيره في طريقةطبخ طعام أو خياطة ثوب فان قالوا مخالفة الامام فتنة و مفسدة و حل لنظام الاجتماعبخلاف المخالفة في طبخ الطعام و خياطة الثوب قلنا الفتنة و الفساد و حل نظام الاجتماعان كانت منهية فى الشرع كانت مسألة الإمامة مسألة دينية و ان لم تكن منهية لم يجزقتل المخالف و سلبه فيرجع الى أن هذه المسألة الدينية كيف أهملت و مع ذلك صرح فيالآية الكريمة بقوله‏ «أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» و هل هذا إلا تهافت واضح.(ش).

 

___ النص __ : ج‏5 ص 234

.........

___ الشرح __ :

الابي ناقلا عن القاضي القرطبي: عقد الخلافة يتحقّق بأحد الوجهين:

إمّا باستخلاف المتولّي و إمّا باتّفاق أهل الحلّ و العقد علىرجل و يلزم سائر الناس و لا يلزم مباشرة كلّ الناس للبيعة و ينعقد أيضا بالواحدمن أهل الحلّ و العقد إذا لم يوجد غيره و احتجّ شارح رجز الضرير بعقدها أبو بكرلعمر و عقدها عبد الرّحمن لعثمان .

و بعض الشيوخ يضعف هذا الاحتجاج و يقول: إنّه ليس بشي‏ء لأنّعقدها لعمر و عثمان إنّما كان بإجماع الصحابة على ذلك و قال: و إنّما يحتجّ بعقدهبالواحد بمسألة الإجماع إذا لم يكن في العصر إلّا مجتهد واحد فانّه يتقرّر و يكونقوله وحده إجماعا. أقول: ما ذكره أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لم يستخلف فهو افتراء على اللّه تعالى و رسوله .

لأنّ كتب اصولهم مشحونة باستخلاف عليّ عليه السّلام مثل حديثغدير خمّ و مثل قوله صلى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام «أنت منّي بمنزلةهارون من موسى إلّا أنّه لا بنيّ بعدي» و غير ذلك ممّا يوجب ذكره بسطا في الكلامو دلّ على ذلك أيضا القرآن المجيد في مواضع عديدة و الباعث للسابقين منهم على تركجميع ذلك هو حبّ الدّنيا و الميل إلى الرئاسة و الشقاوة الأبديّة و الوساوس الشيطانيّةو للتابعين‏

 

___ النص __ : ج‏5 ص 235

.........

___ الشرح __ :

عليه هو اتّفاق السابقين على غيره بناء على أنّ الصحابة كلّهم مرضيّونعندهم و هذا شي‏ء لا أصل له .

و اتّفاقهم ممنوع لما مرّ من قول شارح الرّجز و هو من أعاظمعلمائهم و لعدم موافقة سلمان و أبي ذرّ و مقداد لهم في ذلك و لعدم دخول عليّ عليهالسّلام و طلحة و زبير و عباس و غيرهم من الجماعة الهاشميّين في سقيفة بني ساعدةعند اختيار عمر أبا بكر لهذا الأمر كما صرّح به الآبي في كتاب الامارة من صحيحمسلم. ف

نحن برآء من إمام نصبه فلان و فلان‏ (في الأصل جملة غير مقرّوة)دون الناس أجمعين.

 ثمّ قال القرطبيّ وجب نصب الخليفة خلافا للأصم فانّه قال:لا يجب نصبه، و احتجّ ببقاء الصحابة دون خليفة مدّة التشاور يوم السقيفة و بعدموت عمر.

أقول: إنّ أراد أنّ وجوب النصب مختصّ بالأمة فلا بدّ لدعوىهذا الاختصاص من دليل و ليس فليس، و هل هذا إلّا مثل أن يقال:

 وجب علينا حفظ مال زيد و عرضه لا على زيد، و إن أراد وجوبنصبه علي الإطلاق مع قوله «بأنّ النبيّ لم ينصبه» لزم إسناد ترك الواجب إلىالنبيّ و لزمهم أيضا أنّ من مات في مدّة التشاور من المؤمنين أن يكون كافرلما رووه عنه صلى اللّه عليه و آله من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة».

 و قال الآبيّ: القائلون بأنّه لا يجب نصب الإمام في شيء منالأيام بل إن نصب جاز، و إن ترك جاز إنّما هم الخوارج.

 و أمّا الأصمّ فالمحكيّ عنه التفصيل و هو ما أشار إليه الآمديحيث قال: ذهب الأصم إلى أنّه يجب نصبه عند الخوف و ظهور الفتن و لا يجب نصبه عندالأمن و انتصاف النّاس بعضهم من بعض للاستغناء عنه و عدم الحاجة إليه.

 و ذهب القرطبيّ و أتباعه إلى عكس ذلك فقالوا: لا يجب نصبهعند الفتن لأنّهم أنفوا من طاعته و قد يقتلونه فيكون نصبه زيادة في الفتن.

 و ذهب أهل السنّة و أكثر المعتزلة إلى وجوب نصبه مطلقا لدليلالسمع‏ «1» و السمع في ذلك هو الإجماع الواقع في-

___ الشرح __ :

 (1) قوله «مطلقا لدليل السمع» و هذا تصريح منهم بان الامامةمسألة دينية و يؤخذ وجوبها من الشرع و حينئذ فيجب ان يكون ثابتا فى الدين حين نزلقوله تعالى‏ «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» و لو كان الدليل الاجماعالحاصل باعتقادهم بعد رحلة الرسول «ص» لزم ان لا يكون الدين كاملا على عهده «ص»و انما كمل بعد رحلته بالإجماع و هذا خلاف صريح الآية الكريمة. (ش).

 

___ النص __ : ج‏5 ص ج‏5، ص: 236

الخلّة مرتبة ثالثة و فضيلة شرّفه بها و أشاد بها ذكره فقال:

___ الشرح __ :

الصدر الأوّل حتّى قال أبو بكر في خطبته: إنّ محمّدمات و لا بدّ لهذا الدّين ممن يقوم به فبادروا إلى تصديقه و قبلوا قوله، و لم يخالففي ذلك أحد و تبعهم في ذلك التابعون و تابعوهم إلى هلم. و قال بعض الناس: إنّ دليلوجوب نصبه إنّما هو العقل لأنّ في ترك الناس لا إمام لهم مع اختلاف الآراء فسادفي الدّين و الدّنيا.

و قال الآبي القائل بوجوبه عقلا الإماميّة «1» و الجاحظ والكعبي و أبو الحسين البصريّ ثمّ اختلف هؤلاء، فقال الإماميّة: الوجوب فيذلك إنّما هو على اللّه سبحانه و تعالى. و قال الجاحظ و صاحباه إنّما الوجوب فيذلك على الخلق. أقول:

قول أبي بكر «لا بدّ لهذا الدّين ممن يقوم به» إمّا صادق أوكاذب فعلى الثاني لزم كذبه و كذب من صدّقه و بطلان الاجماع، و على الأوّل فإمّأن يكون النبيّ صلى اللّه عليه و آله عالما بأنّه لا بدّ لهذا الدّين من يقوم بهأو لم يكن فعلى الأوّل لزم أن يكون النبيّ صلى اللّه عليه و آله مضيّعا لدينه حيثلم ينصب من يقوم به دينه و تاركا للواجب و على الثاني لزم أن يكون أبو بكر أعلممنه فيما له مدخل في صلاح دينه، ثمّ أقول على الجاحظ و الكعبيّ و أبي الحسين البصريّإنّما ذكرتم من دليل العقل إنّما دلّ على وجوب نصبه على الرّسول و تخصيصه بالأمةلا وجه له، ثمّ قال الآبي: الأقوال في نصبه ستّة: وجوب نصبه على الخلق مطلقلدليل السمع، و وجوبه لدليل العقل‏

___ الشرح __ :

 (1) قوله «القائل بوجوبه عقلا الامامية» و غرض اصحابنا ايدهماللّه تعالى أن العقل كاشف عن كونه واجبا من اللّه تعالى و كذلك فى كل حكم شرعىيثبت بالعقل كحرمة الغصب أن العقل يكشف عن كونه ثابتا فى الشرع لا انه ليس واجبشرعا بل عقلا فقط حتى لا يكون من المسائل الدينية. (ش).

(نص الآية تبطل إمام الظالم) :

___ النص __ : ج‏5 ص ص: 237

 «إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً» فقال الخليل عليه السّلامسرورا بها: «وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي» قال اللّه تبارك و تعالى:

 «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» فأبطلت هذه الآية إمامة كلّظالم إلى يوم القيامة و صارت في‏

___ الشرح __ :

على اللّه سبحانه، و وجوبه لدليل العقل على الخلق، و وجوبنصبه في الفتن لا في الأمن و عكسه، و السادس عدم وجوبه مطلقا و هو مذهب الخوارج‏«1».

قوله (و أشاد بها ذكره) أي رفع بها قدره، فالإمامة أرفع منزلةو أعلى مرتبة من النبوّة و الخلّة و إذا لم يكن لاختيار الخلق فيهما مدخل فكيفله مدخل في الامامة.

قوله (فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم) حيث دلّت على أنّمن‏

___ الشرح __ :

 (1) قوله «و هو مذهب الخوارج» تمسكوا بقوله تعالى‏ «إِنِالْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ»* و أجاب عنهم أمير المؤمنين «ع» على ما روى فى نهج البلاغة:انها كلمة حق يراد بها الباطل. و هؤلاء يقولون لا إمرة الا للّه. يعنى أنالإمرة غير الحكم و لا بد من أمير يحكم بحكم اللّه تعالى لا بحكم غيره و لا ريبأن حكم اللّه لا بد أن ينفذه امير و لذلك لم يتم أمر الخوارج أيضا في زمان البأمير لهم.

فان قيل سلمنا ان الامامة واجبة عقلا و شرعا و لا يتم الدينالا بالإمامة و لكن المقدار المسلم من ذلك اثبات أصل الامامة و وجود امام ما ولا يجب تعيين شخصه على النبي و لا على اللّه تعالى كما انه أوجب الجهاد و الدفاعو نعلم أن ذلك لا يتم الا بجند و رئيس للجند و لا يجب تعيين رئيس الجند شخصا وكما أوجب تعليم القرآن و الفقه و حفظ شعائر الدين و مشاعره و لا يوجب ذلك تعيينشخص المعلم و حافظ الشعائر .

فنقول :

أولا : إن في الامام شروطا لا يطلع عليها الناس كما مر و يأتيان شاء اللّه،

و ثانيا بعد أن علم أن الامامة من الدين و كماله فلا بد أنلا يكتفى النبي (ص) بإيجابها اجمالا بل اما أن يصرح بأن الامر مفوض الى الناس يختارونمن شاءوا و اما أن يصرح بالتعيين، و ادعى كثير تصريحه باختيار على (ع) و لم نرفي كتاب حديث او تاريخ و سيرة انه (ص) قال يوما لأصحابه «فوضت أمر الخلافة بعدىإليكم فانصبوا من شئتم» فاذا لم يكن هذا قطعا ثبت الاحتمال الاخر و هو تعيين على(ع).

و اما الاجمال و الابهام فغير محتمل مع ما نعلم من عمل الخلفاءبعده من التعيين أو التفويض الى أهل الشورى صريحا و لم يكونوا أعقل و أسوس و أحكمتدبيرا و أنظر لحفظ الدين من رسول اللّه (ص). (ش).

 

(الإمامة لذرية الصفوة والطهارة) :

___ النص __ : ج‏5 ص 238

الصفوة، ثمّ أكرمها اللّه تعالى بأن جعلها في ذرّيته أهل الصفوةو الطهارة فقال:

 «وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلًّجَعَلْنا صالِحِينَ. وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنإِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُولَنا عابِدِينَ‏

___ الشرح __ :

صدر منه ظلم على نفسه أو على غيره في وقت الامامة أو قبلهما لا يصلحللامامة، فمن عبد الأصنام و لعب بالأزلام في أكثر عمره كيف يكون إماما.

قوله (و صارت في الصفوة) أي صارت الامامة بحكم الآية ثابتةفي الخالص من الذّنوب مطلقا المصطفى المختار من عند اللّه تعالى ليحصل الوثوق بمصدر منه و الأمن من الخطأ في تقرير الشرائع و إجراء الحدود و صرف بيت المال فيمصارفه لا في غيره كما فعله عثمان.

قوله‏ (وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً)النفل بسكون الفاء و النافلة عطيّة التطوّع من حيث لا تجب و منه نافلة الصلاة والنافلة أيضا ولد الولد و الزّيادة و هي على المعنى الأوّل حال من كلّ واحد منإسحاق و يعقوب و على الأخيرين حال من يعقوب، أمّا على الثاني فظاهر، و أمّا علىالثالث فلأنّ يعقوب زيادة على من سأله إبراهيم عليه السّلام و هو إسحاق.

قوله‏ (وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ) أي و جعلنا كلّهم صالحينموصوفين بصلاح ظاهرهم و باطنهم حتّى صاروا كاملين في الحقيقة الانسانيّة بالغينحدّ الكمال قابلين للخلافة و الامامة.

قوله‏ (وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) أيو جعلناهم أئمّة للخلائق يهدونهم إلى الحقّ بأمرنا لهم بذلك و هو صريح في أنّ تعيينالامام من قبل اللّه تعالى غير مفوّض إلى اختيار العباد.

قوله‏ (وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ) أي أوحينإليهم بعد تكميل ذواتهم بالعلوم الحقيقيّة أن يفعلوا الخيرات كلّها ليجتمع لهمالحكمة النظريّة و العمليّة و يحصل لهم السعادة الدّنيويّة و الاخرويّة و هو صريحفي أنّ الامام يجب أن يكون منعوتا بهاتين النعتين و موصوفا بهاتين الفضيلتين فمنكان موسوما بسمة الجهالة، و موصوفا بصفة الضلالة، و رذيلة الغباوة و الحماقة ليصحّ أن يكون إماما.

قوله‏ (وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ) عطفهمعلى الخيرات من باب‏

 

(الإمامة في ذرية النبي الأكرم) :

___ النص __ : ج‏5 ص 239

فلم تزل في ذرّيّته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتّى ورّثها اللّهتعالى النبيّ صلى اللّه عليه و آله فقال جلّ و تعالى: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِبِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُووَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ»

___ الشرح __ :

عطف الخاصّ على العامّ للاشعار بفضلهما و الاهتمام بشأنهما و حذفتالتاء من إقام الصلاة للتخفيف مع قيام المضاف إليه مقامها و هو صريح في أنّ الاماميجب أن يكون مقيما للصلاة معطيا للزكاة في جميع العمر و أوان التكليف فكيف يكونالثلاثة الّذين مضى أكثر أعمارهم في عبادة الأصنام مستحقيّن للامامة.

قوله‏ (وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ) عطف على‏ «أَوْحَيْنا» أوحال عن ضمير إليهم بتقدير قد، و إيحاء فعل الخيرات حينئذ لزيادة الترغيب و الحثّعلى فعلها و تقديم الظرف بقصد الحصر أي و كانوا عابدين لنا لا لغيرنا و مخلصينفي عبادتهم غير مشركين في جميع العمر، كما يشعر به لفظ كانوا و هو صريح في أنّمن أشرك في وقت من الأوقات لا يجوز أن يكون إماما فكيف يكون الثلاثة الّذين أشركوفي أكثر الأوقات أئمّة.

قوله (يرثها بعض عن بعض) بنصّ الأوّل للآخر بأمر اللّه تعالىجلّ شأنه.

قوله (قرنا فقرنا) بالنصب على الظرفيّة أو على المصدريّة و في النهايةالأثيريّة: القرن أهل كلّ زمان و هو مقدار التوسّط في أعمار أهل كلّ زمان مأخوذمن الاقتران فكأنّه المقدار الّذي يقترن فيه أهل ذلك الزّمان في أعمارهم و أحوالهم.و قيل القرن أربعون سنة، و قيل ثمانون، و قيل مائة، و قيل مطلق من الزّمان و هومصدر قرن يقرن.

قوله (فقال جلّ و تعالى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ‏) أي أخصّالناس بإبراهيم و أقربهم منه للّذين اتّبعوه في عقائده و أعماله و أقواله ظاهرو باطنا و لم يخالفوه أصلا و هم أوصياؤه عليهم السّلام و هذا النبيّ الامّي العربيو الّذين آمنوا باللّه من أوصيائه عليهم السّلام و اللّه وليّ المؤمنين ينصرهملإيمانهم و إرشادهم عباد اللّه إلى صراطه المستقيم و قد احتجّ أمير المؤمنين عليهالسّلام في بعض خطبه على أولويّته بالخلافة فقال: «و كتاب اللّه يجمع لنا ما شذّعنّا، و هو قوله تعالى‏ «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ فِيكِتابِ اللَّهِ»* و قوله تعالى‏ «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ‏- الآية»يعني كتاب-

___ النص __ : ج‏5 ص 240

فكانت له خاصّة فقلّدها صلى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلامبأمر اللّه تعالى على رسم ما فرض اللّه، فصارت في ذرّيّته الأصفياء الذين آتاهماللّه العلم و الايمان، بقوله تعالى: «وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى‏ يَوْمِ الْبَعْثِ» فهيفي ولد عليّ عليه السّلام خاصّة إلى يوم القيامة

___ الشرح __ :

اللّه يجمع لنا ما ذهب عنّا من هذا الأمر و هو هاتان الآيتان، أمّدلالة الآية الاولى فلأنّه عليه السّلام من أخصّ أولي الأرحام بالنبيّ فهو أولىبالقيام مقامه بحكم هذه الآية. و أمّا دلالة الثانية فلأنّه عليه السّلام أقربالخلق إلى الإيمان به و اتّباعه و أوّلهم و أفضلهم في العلم و العمل فهو أولى بخلافتهو القيام مقامه بحكم هذه الآية فقد ظهر أنّه عليه السّلام أولى به و بمنصبه تارةمن جهة قرابته و تارة من جهة طاعته و اتّباعه و عدم مخالفته بوجه من الوجوه.

قوله (فقلّدها صلى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام) أيجعلها لازمة في عنقه لزوم القلائد في الأعناق على رسم ما فرض اللّه تعالى عليهو امتثال أمره لكونها حلية لا تليق إلّا به.

قوله (فصارت في ذرّيّته الأصفياء) وصف الذرّيّة بثلاثة أوصافأحدها الصفاء المطلق و هو الخلوص عن جميع الأكدار و الاعراض عن جميع الأغيار والتوسّل إليه تعالى في جميع الأحوال، و ثانيها حقيقة العلم و وصفهم بذلك يقتضيأن يكون لهم العلم بجميع الأشياء، و ثالثها حقيقة الإيمان و هو يفيد أنّ لهم أعلىمراتب الإيمان ليشعر بأنّ المستحقّين للامامة هم الموصوفون بهذه الصفات لأنّ غيرهملا يخلو عن ظلم ما و الظالم لا ينال الإمامة كما قال سبحانه:

 «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ».

قوله (بقوله تعالى: وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ‏)الجار متعلّق بصارت أو بأتاهم و المجرمون يقسمون يوم القيامة أنّهم ما لبثوا فيالدّنيا أو في القبور غير ساعة لاستقلالهم مدّة لبثهم إضافة إلى مدّة عذابهم فيالآخرة أو نسيانا كما أشار إليه سبحانه بقوله‏ «وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُالْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ» أي مثلذلك الصرف عند التحقيق كانوا يصرفون في الدّنيا و يجيبهم الّذين اوتوا العلم والإيمان من الأئمّة المعصومين‏

 

(الإمامة منزلة الأنبياء) :

___ النص __ : ج‏5 ص 241

إذ لا نبيّ بعد محمّد صلى اللّه عليه و آله فمن أين يختار هؤلاءالجهّال!؟ إنّ الامامة هي منزلة الأنبياء

___ الشرح __ :

و العترة الطاهر لقد لبثتم في كتاب اللّه أي في علمه أو قضائه أواللّوح المحفوظ أو القرآن إلى يوم البعث فهذا يوم البعث الّذي كنتم منكرين له لردّما قالوه و حلفوا عليه، و هذا الجواب و إن لم يتضمّن تحديد مدّة لبثهم لكن فيهدلالة بحسب قرينة المقام على أنّها زائدة على ما قالوه كثيرا حتّى كأنّها لا يحيطبها التحديد.

قوله (إذ لا نبيّ بعد محمّد) دليل لقوله تعالى‏ إِلى‏ يَوْمِالْقِيامَةِ يعني أنّ خلافة النبيّ صلى اللّه عليه و آله مستمرّة في ولد عليّ عليهالسّلام إلى يوم القيامة إذ لا بنيّ بعد محمّد صلى اللّه عليه و آله حتّى تنقطعالخلافة من ولد عليّ عليه السّلام.

قوله (فمن أين يختار هؤلاء الجهّال) الفعل إمّا مجهول و الجهّالصفة لهؤلاء أو بدل، و إمّا معلوم و الجهّال مفعول على الظاهر أو صفة أو بدل علىالاحتمال‏ «1» و على التقادير فيه إشعار بأنّ طريق اختيارهم مسدود من جميع الجهات.

قوله (إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء) لمّا أشار سابقا إلىأنّ الامامة

___ الشرح __ :

 (1) قوله «على الاحتمال» هذا الاحتمال أظهر مما سبقه و انعكس الشارح و سياق الدليل هكذا: الامامة متوقفة على شرائط و أوصاف خفية لا يعلموجودها فى أحد الا اللّه تعالى و هؤلاء الناصبون للإمام جهال لا يعلمون وجودهفي أحد فكيف يختارون الامام و ينصبونه و أما أن الامامة متوقفة على شروط فلما يذكربعد ذلك. و اعلم أن الامام المنصوب من قبل الناس يجب ان يكون محكوما بحكمهم و مطيعلهم و منفذا لإراداتهم لا آمرا عليهم و قاهرا لهم و بالجملة وظيفته وظيفة الوكيلو النائب لا وظيفة الولي و القيم لان أصل إمامته كان باختيارهم و ارادتهم فلا يجوزأن يكون فعله مخالفا لهم و بذلك تعلم ان خلافة من نصبوه لا يمكن ان تكون بمعنىوجوب اطاعته و انفاذ أمره و التسليم لحكمه بل بمعنى ان يستنبط رأيهم و يفتش عنرضاهم و ارادتهم و ينفذ ما يريدون .

نظير الحكومة الديمقراطية او الدستورية فى عهدنا لان هذا هو اللازمالعقلي لنصب الخليفة ثم انه لا يزيد على ساير مواطينه بعد النصب فى عقل و تدبيرو دراية و سائر ما يوجب له تفوقا و ان سلمنا أنه فائق على كل واحد فى جميع ذلكلكن لا يزيد عقل الواحد على عقل جميع الناس أيا ما كان سلمنا أنه أعقل من الجميعلكن لا يجوز له انفاذ حكم عليهم بغير رضاهم بعد أن كان أصل نصبه برضاهم و بالجملةفنصب أحد بالاختيار و اطاعته بالإجبار تناقض نظير صنع صنم بيد المخلوق ثم طلب الحاجةمنه بعد الصنعة و وجوب الطاعة لا يتصور الا للإمام المعصوم المنصوب من اللّه الّذيله ولاية انفاذ الاحكام على الناس سواء رضوا أو كرهوا. (ش).

 

(الإمامة إرث الأوصياء) :

___ النص __ : ج‏5 ص 242

و إرث الأوصياء إنّ الامامة خلافة اللّه و خلافة الرّسول صلى اللّهعليه و آله و مقام أمير المؤمنين عليه السّلام و ميراث الحسن و الحسين عليهما السّلامإنّ الامامة زمام الدين، و نظام المسلمين،

___ الشرح __ :

لجلالة قدرها و عظمة شأنها لا يبلغها عقول الناس و أنّها إنّما تثبتبالنصّ و أنّها حقّ عليّ عليه السّلام أشار هنا إلى شي‏ء من أوصافها و أوصاف الإمامإيضاحا لما مرّ و قطعا لتعلّق اختيار الخلق بها فقال: «إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء»أي مرتبة لهم و لمن هو مثلهم في العصمة فالإضافة بتقدير اللّام. أو المراد أنّهبمنزلة نبوّة الأنبياء في أنّها أمر جليل مبنيّ علي أمر خفيّ على الناس فكما لتثبت النبوّة لأحد باختيار الخلق كذلك لا تثبت الامامة باختيارهم.

قوله (وارث الأوصياء) ينتقل من وصيّ إلى آخر بأمر إلهي و نصّنبوي، و الإرث أصله ورث و الألف منقلبة من الواو و هو في الأصل مصدر تقول: ورثتأبي و ورثت الشي‏ء من أبي أرثه بالكسر فيهما ورثا و وراثة و إرثا و كثيرا ما يطلقعلى ذلك الشي‏ء الموروث كما في هذا المقام.

قوله (إنّ الإمامة خلافة اللّه) خليفة الرّجل من ينوب منابهفي إنفاذ اموره و من البيّن أنّ خليفة اللّه و خليفة الرّسول يجب أن يكون عالمبجميع ما يحتاج إليه الخلق و عارفا بجميع الحقائق و فاعلا لجميع الخيرات و موصوفبجميع الصفات الجميلة و منزها عن جميع الصفات الرّذيلة. و من لم يكن كذلك و انتحلاسم الخلافة فهو من الجائرين الهالكين و لذلك لما كتب أبو بكر إلى أبيه و هو فياليمن و أخبره بأنّ الصحابة جعلوه خليفة لكونه شيخا مسنّا كتب إليه أبوه إن كاناستحقاق الخلافة بالسنّ فأنا أولى بها منك و إن كان بالعلم و العمل و القرابة فعليّبن أبي طالب أولى من الجميع فقد ظلمتوه.

___ النص __ : ج‏5 ص 243

 

(الإمامة أس الدين وزمامه) :

و صلاح الدّنيا و عزّ المؤمنين، إنّ الامامة اسّ الاسلام الناميو فرعه السامي»

___ الشرح __ :

قوله (إنّ الإمامة زمام الدّين) الزّمام الخيط الّذي يشدّفي البرة أو في الخشاش ثمّ يشدّ في طرفه المقود و قد يسمّى المقود زماما و إضافةالزّمام إلى الدّين يتضمّن استعارة مكنيّة و تخييليّة و إسناده إلى الإمامة منباب حمل المشبّه به على المشبّه مبالغة في التشبيه و يحتمل أن يكون الجملة استعارةتمثيليّة و إسناد نظائرها الثلاثة إليها من باب إسناد المسبّب إلى السبب مبالغةفي السببيّة و كون الإمامة زمام الدّين ظاهر لانّ ضبط الدّين و أهله إنّما يتحقّقبها و كذا كونه ممّا ينتظم به امور المسلمين و يحصل به صلاح الدّنيا و عزّ المؤمنينإذ لو لا الامامة لوقع الهرج و المرج‏ «1» و القتل و الغارة و النهب و سبي الأولادو حصل الفساد و العناد و الذّلّ و العجز في العباد.

قوله (إنّ الامامة اسّ الاسلام النامي) الاسّ و الأساس أصلالبناء، و

___ الشرح __ :

 (1) قوله «لوقع الهرج و المرج» ما ذكره الشارح يندفع بالأمام غيرالمعصوم أيضا و ان كان فاجرا و لا يكفى ذلك لإثبات الامامة التي نقول بها، نعميكفى ذلك لرد قول الخوارج الذين لا يقولون بوجوب أمير أصلا كما ذكرنا، و انما نقولبثبوت الامامة لتحصيل المدينة الفاضلة اعنى أحسن أقسام الاجتماع كما ورد انه «يملالارض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا» و هي المدينة التي بحث عنها الفلاسفةو يطلبها جميع الامم و أول شروطها و أهمها ان يكون أهلها اصحاب الآراء المحمودةحتى يكون الولاة من سنخهم و يقبلون حكم امامهم من غير تبطؤ و نكير و من غير أنيكرههم الا نادرا من المتخلفين و العصاة

و لذلك ابتدأ الفارابي في بيان المدينة الفاضلة بذكر آراءاهلها لان الناس ان لم يكونوا معتقدين للآراء المحمودة لم يستقم أمر المدينة الفاضلةو لو كان الوالي إماما معصوما كما لم يستقم لأمير المؤمنين (ع) و الحسن «ع» فيمدة إمامتهما الظاهرية بل المدينة الطبيعية التي يمكن البحث عن أمرها و آثارهو لوازمها و عن حكومتها و حسنها و قبحها و صلاحها و فسادها سواء كانت مدينة فاضلةأو جاهلة هي أن يكون الناس موافقي الرأي للوالي فان كان هو من أهل الفخر و العصبيةأو الثروة أو اللذة أو الحرية كان الناس أيضا مطبوعين على ذلك و الا كانت المدينةالقسرية و كما لا يبحث في العلوم الطبيعية عن مقتضيات القواسر الاتفاقية لعدم امكانضبطها و انما يبحث عن الامور الطبيعية المخلاة بنفسها كذلك المدينة لا يبحث عنالقواسر فيها و كلام الامام «ع» «ان الامامة زمام الدين» يدل على ما قلنا

 فان الامامة لما كانت زمام الدين فلا يتعقل إمامة الا معدين يعتقده الناس و يكون الامام مجريا لأحكام الدين الّذي يعتقدونه حتى يكون امرتهطبيعية و عادلة معا .

و قد حكى عن اردشير بن بابك مؤسس دولة بنى ساسان ان الدينو الملك توأمان و كان هذا مبنى دولته حتى استقام له و لأولاده الملك مدة أربعمائةسنة مع بطلان دينهم لكن لما كان يجرى أحكاما يعتقد الناس كونها حقا من اللّه موجبةلسعادتهم في الآخرة سهل عليهم اطاعته و عليه تنفيذ حكمه بخلاف ما لو لم يكن مجريلما يتدين به الناس.

و بالجملة فكلام الامام «ع» «الامامة زمام الدين» أصل من اصولعلم الاجتماع و العمران و قاعدة من قواعد السياسة أدل على المقصود من كلام من قالالدين و الملك توأمان اذ ليسا شيئين منفردين حتى يطلق عليهما التوأمان بل يتوقفكل منهما على الاخر بحيث لا دين الا بامام ينفذه و لا امام الا بدين يلتزم به الناس.(ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 244

 

(بالإمام تتم أحكام العبادات) :

بالامام تمام الصلاة و الزكاة و الصيام و الحجّ و الجهاد و توفيرالفي‏ء و الصدقات و

___ الشرح __ :

النامي صفة للمضاف إليه‏ «1» من نمى الشي‏ء ينمي إذا زاد و ارتفع،و كذلك كان الاسلام عند بنائه زاد يوما فيوما باذن اللّه تعالى و ارتفع حتّى بلغغاية الكمال أو صفة للمضاف من نميت الحديث أنميه مخفّفا إذا بلّغته على وجه الاصلاحو طلب الخير؛ و كذلك يبلغ الامام عليه السّلام دين الاسلام إلى الامّة و في الكلاماستعارة مكنيّة و تخييليّة.

قوله (و فرعه السامي) فرع كلّ شي‏ء أعلاه و يقال: هو فرع قومهالشريف منهم، و السامي العالي المرتفع من سما يسمو فهو سام إذا علا و ارتفع حتّىأظلّ ما تحته و منه السماء لارتفاعها و إظلالها.

قوله (بالامام تمام الصلاة) يفهم منه أنّه يشترط أن يكون الامامعالما

___ الشرح __ :

 (1) قوله «صفة للمضاف إليه» و يحتمل كونه صفة للأس و انمصرفه الشارح الى الاسلام لان الاس لا ينمو و لكنى أرى نسبة النمو الى الاساس أولىو يقال رفع أساس البناء و فى القرآن‏ «وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَمِنَ الْبَيْتِ» و القواعد هى الاسس و المعنى ان دين الاسلام اصوله و فروعه تتمو تكمل بسبب الامام فيجب ان يكون الامام عالما باصوله و فروعه و لا يستحق هذا المنصبمن لا يهدى الا ان يهدى. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 245

إمضاء الحدود و الأحكام و منع الثغور و الأطراف، الامام يحلّ حلالاللّه و يحرّم حرام اللّه و يقيم حدود اللّه، و يذبّ عن دين اللّه و يدعو إلى سبيلربّه بالحكمة و

___ الشرح __ :

بالأحكام بصيرا بأمر الحروب و تدبير الجيوش و سدّ الثغور و منع الأطرافو أن يكون له من قوّة النفس ما لا تهو له إقامة الحدود و ضرب الرّقاب و إنصاف منالظالم و إجراء الأحكام و الذّبّ عن دين اللّه و الدعاء إلى سبيله إذ بجميع ذلكيكمل نظام الأنام و صلاح الأيام و يحفظ بيضة الاسلام و هذه الشروط اعتبرها العامّةأيضا و جعلوها من الشروط المتّفق عليها بين الامّة و إن انتفى جلّها في إمامهملإقرارهم بأنّ أئمّتهم لم يكونوا عالمين بجميع ما أنزل اللّه تعالى إلى رسوله صلىاللّه عليه و آله و أنّه صلى اللّه عليه و آله لم يخصّ أحدا من الامّة بالعلم بجميعهبل علم كلّ واحد بعضه و أنّ الامام قد يرجع في أمر من امور الدّين إلى غيره.

قوله (و توفير الفي‏ء) توفير الفي‏ء عبارة عن قسمته‏ «1» علىوفق القانون الشرعيّ و ترك الظلم في تقسيمه و عدم تفريقه في غير وجوهه كما فعلهالثلاثة و من تبعهم.

قوله (و منع الثغور و الاطراف) الثغر الموضع الّذي يكون حدّفاضلا بين بلاد المسلمين و الكفّار و هو موضع المخافة من أطراف البلاد و الأطرافأعمّ منه.

قوله (و يذبّ عن دين اللّه) الذّبّ الدّفع و المنع حذف مفعولهللدلالة على التعميم أي يدفع عن دين اللّه كلّ ما لا يليق به من الزّيادة و النقصان.

قوله (و يدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة) المراد بسبيل اللّه دينهالحقّ و بالحكمة العلم المحيط به الّذي أعطاه من فضله و بالموعظة الحسنة النصيحةالخالصة المذكّرة للعواقب المجرّدة عن الغشّ و الخشونة و بالحجّة البالغة البرهانالقاطع الّذي لا يحتمل الشكّ و الشبهة و إنّما قيّد الدّعوة «2» بثلاثة أشياء لأنّالدّاعي‏

___ الشرح __ :

 (1) بل ازدياد الدخل فانه يزيد بالعدل.

 (2) «قيد الدعوة» العلوم تصوريات و تصديقيات. و التصديقياتمن جهة المادة على خمسة أقسام برهان و خطابة و جدل و شعر و سفسطة و لما كان الشعرو السفسطة غير مناسبين لشأن الحجة المنصوب من قبل اللّه تعالى امرهم بالدعوة الىسبيل اللّه بالحكمة و هي البرهان و الموعظة الحسنة و هي الخطابة و قال‏ «جادِلْهُمْبِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» اشارة الى الجدل و كلام الامام هنا يشير الى هذهالثلاث. و الحجة البالغة هي الجدل و علم من ذلك أن وظيفة الامام في المدينة الفاضلةليست صرف حفظ النظم و دفع الهرج و المرج بل أهم من ذلك تعليم الآراء المحمودةو تقريرها حتى يعتقد الناس بها و يطيعوا امره بسهولة و هذا متوقف على كونه عالمإلهيا قادرا على التعليم بالبرهان كالحكماء و بالخطابة زيادة على ذلك اذ ليسكل حكيم قادرا على بيان الحقائق بلسان العامة كي يفهموا الحقيقة و لا يشمئز طباعهمعنها و قادرا على الاحتجاج بالجدليات افهاما للخصوم المعاندين و معلوم أن الجمعبين هذه لا يمكن تحققه الا فيمن ينصبه اللّه للخلافة و لم يتفق قط لمعاوية و عبدالملك بن مروان. ف

ان قيل أي حاجة الى علم الامام بهذه الامور؟ و يكفى فيه علمهبالسياسة و تدبير الملك و جمع الفي‏ء و تجنيد الجنود و حفظ الثغور و يفوض أمر التعليمو الاحتجاج الى العلماء الماهرين فيهما .

قلنا اما أن يشترط في الامام كونه معصوما و اما ان لا يشترطفان اشترط فلا ريب انه يعرف ما هو وظيفته من غير خطاء و لا نتكلم فيه و ان لم يكنمعصوما جاز أن لا يفوض الامر الى أهل الحق أو يمنعهم من المفاوضة و الاستدلال والاحتجاج كما منعهم معاوية او يامر المتظاهرين بالعلم من اهل الدنيا كأبي هريرةبما يريد ترويجه و بالجملة لم نر من غير المعصومين المتصدين للخلافة مشرطه الامام (ع) هنا و لا ما يستحسنه العقل و بعد اشتراط العصمة يرتفع هذه الشبهةبتا.

ثم ان قوله «يحرم حرام اللّه- الخ» يدل على ان إمامة المعصومليس بمعنى الحكومة المطلقة التى يستبشعها جميع الامم فانها مقيدة باحكام اللّهو ليس للامام ان يحكم الا بحكمه تعالى و حكم اللّه تعالى هو الّذي قبله العامةو اكثر رعاياه و آمنوا به و يرونه سعادة فى الدنيا و الآخرة و لا فرق بينه و بينالحكومة الدستورية التى يريها اهل زماننا احسن انواع الحكومة و الفرق أن الحكومةالدستورية مقيدة بآراء العامة و الحكومة الامامية مقيدة باحكام اللّه التى آمنبها العامة أيضا و هى احسن من الحكومة الدستورية البتة اذ اعتبر فيها مع رضا العامةموافقة احكامها لارادة اللّه الواقعية. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 246

 

(بالحجة البالغة يقوم الإمام) :

الموعظة الحسنة و الحجّة البالغة، الامام كالشمس الطالعة المجلّلةبنورها للعالم و هي‏

___ الشرح __ :

وجب أن يكون عالما حكيما و المدعوّ إن كان سلس القياد يكفيه المواعظو الخطابيّات المقنعة و إن كان صعبا يفتقر إلى استعمال البراهين القاطعة.

___ النص __ : ج‏5 ص 247

في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي و الأبصار، الامام البدر المنير،و السراج الزّاهر

___ الشرح __ :

قوله (الإمام كالشمس الطالعة المجلّلة) «1» يقال: جلّل الشي‏ءتجليلا أي عمّه و أحاطه، و المجلّل السحاب الّذي يجلّل الأرض بالمطر و يعمّها فقدشبّه الإمام من حيث أنّه مظهر لحقائق الإسلام و مبيّن لما هو المقصود منها و منوّرلعالم قلوب المؤمنين برفع الحجاب و الغشاوة عنها بالشمس الطالعة المنوّرة بنورهللعالم الحسّي تشبيها للمعقول بالمحسوس لزيادة الإيضاح و كما أنّ الشمس في الافقالحسّي بحيث لا تناولها أيدي العباد لارتفاعها و لا أبصارهم لكثرة ضيائها إذ الضوءالساطع يمنع من مشاهدة ما وراءها كذلك الامام في الافق العقلي و هو افق العقولبحيث لا تناله أيدي الأوهام و الخيالات و لا أبصار العقول لارتفاع قدره و كمالنوره و قد مرّ أنّ الحواس و العقول قاصرة عن إدراك حقيقة الامام و صفاته و الكلامبهذا التفسير مبنيّ على التشبيه المصطلح و لك أن تجعله استعارة تمثيليّة.

قوله (الامام البدر المنير- الخ) الزّاهر المضيء يقال زهرتالنار زهورا أي أضاءت و النور هو الظاهر بنفسه و المظهر لغيره و الساطع المرتفعو السطيع الصبح لأنّه يسطع عن الافق و الغياهب جمع الغيهب و هو الظلمة، و الدّجىجمع الدّجية بالضمّ و هي الظلمة و قد يعبّر بها عن اللّيل فالإضافة إمّا بيانيّةأو بتقدير «في». و الأجواز بالجيم و الزاي المعجمة جمع الجوز و هو وسط كلّ شيءو الجيزة

___ الشرح __ :

 (1) «الامام كالشمس الطالعة» لما ذكر (ع) شرائط الامامة ووظائفها في حفظ الدين و صيانة أحكام اللّه تعالى و قد يذهب الوهم الى ان هذا يمكنلعقلاء الناس الصلحاء العدول و يجوز أن يختاروا من علموا منه العلم و الصلاح والقدرة و السياسة، بين (ع) بطلان هذا الوهم و ان هذه الشرائط بعيد المنال لا يمكناجتماعها في آحاد الناس و قد علمنا أن اجتماع الصفات الكثيرة في رجل بحيث يستأهلمنصبا أو يتعهد وظيفة أقل كثيرا من وظائف منصب الامامة أمر نادر غير محقق الوقوعالا بعد طي قرون كشاعر فصيح عالم حكيم قادر على بث مكارم الاخلاق و غرسها فى قلوبالناس، أو عالم دينى جامع بين المعقول و المنقول و الحفظ و دقة النظر و ذوق التفقهو قوة البيان و المهارة فى صنعة التحليل و الاقتصاد في الاستدلال بحيث ينتفع بكتبهفانه قد لا يتفق بعد قرون و ربما يرى العامة عالما في زمانهم و لا يحسبونه الكأحدهم ثم يمضى الزمان و يعلو شأنه كلما مضى و ربما يمر مئات من السنين او ألفو لا يظهر مثله و مثل كتبه فيعرف أنه كان بمقام شامخ بعيد المنال كالشمس و القمرو النجوم و كانوا يحسبونه قريبا منهم كما ظن فرعون أنه يقدر ببناء الصرح أن يطلعالى السماء فلما بنى و علا فوقه رآها كما كان يراها من الارض و اذا كان هذا شأنأمثال العلامة و نصير الدين الطوسى و المحقق و الشهيد بل و الفارابى و أبى علىبن سينا و أرسطو و افلاطون فكيف بمقام الامامة و شأنها و منصبها ز

فالامام كالشمس يراها الناس قريبا منهم و هو في مقام و مكانةلا يقدر أحد مقدارها و هل يمكن لاحد غير أمير المؤمنين (ع) ان يتكلم بما نقل فينهج البلاغة بحيث يخضع له البلغاء لبيانه و الحكماء لبرهانه و الفقهاء و ساير العلماءكل بما يناسب مهنته و كل يستحسنه و لم يأت احد بمثله و كذلك ساير علوم الائمة عليهمالسّلام و مع ذلك فاعتقادنا أن فى كل زمان يوجد رجل بهذه الصفات التي يشترط فيالامام لحاجة الناس الى مثله و عدم اخلال لطف اللّه تعالى و حكمته بهذا الواجبكما مر و الاحتياج إليه كاحتياج الضال في البحر أو البر الى هاد و الظمآن الى ماءبارد الى آخر ما قال (ع),

 و كما أنه لم يهمل أمر السحاب و الغيث و خلق الشمس و السماءو الارض و العيون و الغدر و الرياض و طبع فى قلب الوالدين البر بالولد و المحبة كيف يمكن ان يهمل امر الامامة و لا يخلق رجلا بصفاتها مع ان احتياج الناسإليه اشد من احتياجهم الى ما ذكر. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 248

و النور الساطع، و النجم الهادي في غياهب الدّجى و أجواز البلدانو القفار و لجج‏

___ الشرح __ :

الناحية، و المراد بها ما بين البلدان من القفار و القفار بدل منهو أمّا جعلها جمع الحوزة بالحاء المهملة بمعنى الناحية فهو بعيد لفظا لأنّه لميثبت جمعها كذلك. إذا عرفت هذا فنقول قوله «غياهب الدّجى» ناظر إلى البدر المنيرو السّراج الزّاهر لتناسب بينهما و بين اللّيل و المراد أنّ الامام كالقمر و السراجالمنيرين في غياهب الطبائع البشريّة و ظلمات العوالم الناسوتيّة في الاهتداء بهإلى المقاصد الدّنيويّة و الاخرويّة .

و قوله «أجواز البلدان و القفار» ناظر إلى النور الساطع والمراد أنّ الامام كالنور الساطع مثل الصبح إذ به يمكن سير ما بين كلّ مقامين منالمقامات النفسانيّة.

___ النص __ : ج‏5 ص 249

 

(الإمام ينجي من الردى) :

البحار، الامام الماء العذب على الظمأ، و الدّالّ على الهدى، والمنجي من الرّدى.

الامام النار على اليفاع. الحارّ لمن اصطلى به، و الدّليل في المهالك،من فارقه فهالك، الامام السحاب الماطر، و الغيث الهاطل، و الشمس المضيئة، و السماء

___ الشرح __ :

وقوله (لجج البحار) ناظر إلى قوله النجم الهادي و المراد أنّالامام كالنجم الهادي إذ به يهتدي في قطع لجج بحار القوى الانسانيّة و السير إلىالمقامات الالهيّة.

قوله (الامام الماء العذب على الظمأ) الظمأ بالتحريك العطشقال اللّه تعالى‏ «لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ» و بالكسر الاسم شبه الامام بالماء العذبفي رفع العطش و التسبّب للحياة إذ كما أنّ الماء يدفع عطش العطشان و يتسبّب لحياةالأبدان كذلك الامام يدفع العطش الحاصل لنفوس المؤمنين بسبب شدّة شوقها إلى اكتسابالمعارف و كمال ميلها إلى اقتراف الحقائق و يتسبّب لحياتها أبد الآباد.

قوله (و الدّالّ على الهدى و المنجي من الرّدى) الهدى بالضمّالهداية و الرّشاد يقال: هداه الدّين هدى و الرّدى الهلاك يعني أنّ الامام يدلّالخلائق بزواهر أمره إلى طريق الحقّ و الرّشاد و ينجيهم بزواجر نهيه عن الهلاكو الفساد.

قوله (و الامام النار على اليفاع) اليفاع بالفتح ما ارتفعمن الأرض مثل الجبل و نحوه شبّه الامام بالنار في الظهور و الدّلالة على المقصودو تصرّف فيها بان اعتبر كونها على مرتفع لزيادة المبالغة في الوجه و إفادة كونهعلى حدّ الكمال.

قوله (الحارّ لمن اصطلى به) الاصطلاء افتعال من صلى النارو هو التسخّن بها، شبّه الامام بالنّار في دفع البرد إذ كما أنّ النار يدفع البرودةالحسيّة كذلك الامام يدفع البرودة العقليّة الناشئة من صرصر أنفاس المعاندين، ويحتمل أن يكون المراد أنّ الامام بمنزلة النّار المحرقة لمن تصدّى بمحاربته و يكونالغرض إظهار شجاعته.

قوله (و الدّليل في المهالك من فارقه فهالك) ينبغي إسكان الكاففيهما و المراد بالهالك مواضع الزّلّات و مواطن العثرات و بالهلاك هلاك الدّنيو الآخرة.

قوله (الامام السحاب الماطر و الغيث الهاطل) الهطل بالفتح و السكونتتابع المطر و سيلانه و التركيب إمّا من حمل المسبّب على السّبب لأنّ الامام‏

___ النص __ : ج‏5 ص 250

الظليلة، و الأرض البسيطة، و العين الغزيرة، و الغدير و الروضة،الامام الأنيس الرّفيق، و الوالد الشفيق، و الأخ الشفيق، و الامّ البرّة بالولدالصغير، و مفزع العباد

___ الشرح __ :

سبب للسحاب الماطر و الغيث الهاطل إذ لو لم يكن إمام لم يكن سحابو لا غيث أو من حمل المشبّه به على المشبّه و الوجه عموم النفع و حصول الرّفاهة.

قوله (و الشمس المضيئة) شبّه الامام بالشمس إذ كما أنّ الشمستنوّر العالم الجسماني كذلك الامام ينوّر العالم الرّوحاني، و لعلّ تكرار تشبيههبالشمس للتأكيد و المبالغة، و يحتمل أنّ يكون الغرض في السابق إضاءته للعالم وهاهنا ضياؤه في نفسه.

قوله (و السماء الظليلة) السماء تذكّر و تؤنّث و هي كلّ معلاك فأظلّك و منه قيل لسقف البيت سماء، فوصفها بالظليلة للتأكيد و الاشعار بوجهالشبه لأنّ الامام يظلّ العباد عن حرارة عدوان الأنباء كما أنّ السماء تظلّهم عنحرارة البيضاء.

قوله (و الأرض البسيطة) وصف الأرض بالبسيطة للايماء إلى وجهالشبه و هو سعة العيش و رفاهية الخلق.

قوله (و العين الغزيرة) الغزارة الكثرة و قد غزر الشي‏ء بالضمّيغزر فهو غزير، و فائدة الوصف هي الاشارة إلى وجه الشبه و هو كثرة النفع و التسبّبللخصب و الرّخاء أو كثرة العلم الشبيه بالماء.

قوله (و الغدير) الغدير قطعة من الماء يغادرها السيل أي يتركهو هو فعيل بمعنى مفاعل من غادره إذا تركه، أو مفعل من أغدره إذا تركه، و يقال:

هو فعيل بمعنى فاعل لأنّه يغدر بأهله أي ينقطع عند شدّة الحاجة إليهو إنّما شبّهه بالغدير لانّ الناس يرجعون إليه عند الحاجة كما يرجعون إلى الغدير،أو لأنّه محل للعلم الّذي به حياة الأرواح كما أنّ الغدير محلّ للماء الّذي بهحياة الأشباح.

قوله (و الرّوضة) الرّوضة البستان الّذي فيه البقل و العشبو الأشجار المثمرة و غيرها و إنّما شبّهه بالرّوضة لحصول الفرح و السرور بمشاهدتهكحصولهما بمشاهدة الرّوضة أو لاشتماله على أنحاء أثمار العلوم كاشتمال الرّوضةعلى أنواع الثمار.

قوله (الامام الأنيس الرّفيق) أنيسك مصاحبك و صفيّك الّذيتأنس‏

___ النص __ : ج‏5 ص 251

 

(الإمام أمين الله وحجته) :

في الداهية النآد، الامام أمين اللّه في خلقه و حجّته على عبادهو خليفته في بلاده و الدّاعي إلى اللّه و الذابّ عن حرم اللّه. الامام المطهّرمن الذّنوب، و المبرّا عن العيوب‏

___ الشرح __ :

به في الوحشة. و الرّفيق المرافق من الرّفق و هو ضدّ العنف و الخرق.و الامام مصاحبك في هذه الدّار و مونسك في وحشة غربتك فيها و رفيقك في السفر إلىاللّه و لا ترى منه إلّا خيرا.

قوله (و الوالد الشفيق) و هو لا يريد لك إلّا خيرا كالوالدالمشفق إلى ولده.

قوله (و الأمّ البرّة بالولد الصغير) و هو يربّيك و يغذيكبالغذاء الروحاني من العلوم و المعارف على أكمل ما يليق بك كما أنّ الامّ تربّيكو تغذيك من الغذاء الجسماني ما يليق بك.

قوله (و مفزع العباد في الدّاهية النآد) الفزع بالضمّ و هوالخوف و المفزع الملجأ في الفزع و الامام مفزع للعباد إذا دهمهم أمر فزعوا إليهليدفعه عنهم و الدّاهية الأمر العظيم. و دواهي الدّهر ما يصيب الناس من عظيم نوبه،و النآد مثل فعال و النادى مثل فعالى رنج و سختى كذا في الصراح، و قال الجوهريّهما الدّاهية و المآل واحد و إنّما وصف الدّاهية بالنآد للمبالغة في عظمتها و شدّتها.و كونه مفزعا لهم ظاهر لأنّ شأنه دفع الجور بالسيف و السنان، و الحمل على الصبرفي نوائب الزّمان.

قوله (و الذّابّ عن حرم اللّه) لعلّ المراد به حرم مكّة والامام يدفع عنه ما لا يجوز وقوعه فيه و يمنع الناس من هتك حرمته، و يحتمل بعيدأن يراد به دينه و حريمه و هي حدوده الّتي بمنزلة الثغور و إرادة دينه أبعد منهلأنّه قد مرّ أنّه يذبّ عن دين اللّه.

 

( الإمام مطهر مبرأ) :

قوله (الامام المطهّر من الذّنوب) «1» مطلقا صغيرة كانت أوكبيرة عمليّة كانت أو عقليّة في وقت الامامة و قبله ليحصل الوثوق به.

قوله (المبرأ عن العيوب) «2» أي المنزّه عن العيوب البدنيّةو النفسانيّة و

___ الشرح __ :

 (1) قوله «الامام مطهر من الذنوب» شرع فى الاستدلال على وجوبكون الامام منصوبا من جانب اللّه تعالى كما استدل عليه علماؤنا و تقريره أن منشرط الامام العصمة و العلم و لا يطلع الناس عليهما حتى يختاروا من فيه هذه الصفة.(ش).

 (2) قوله «المبرى عن العيوب» الاهم فى ذلك و الاولى حملهعلى العصمة التى يشترط فى الامام لانه (ع) بصدد الاستدلال على عدم استيهال الناسلنصبه و اختياره و العصمة من الذنوب و العيوب كالسهو و النسيان و الخطاء و أمثالهشرط لا يطلع عليه الناس. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 252

 

(الإمام مخصوص بالعلم) :

المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلم، نظام الدّين، و عزّ المسلمين،و غيظ المنافقين‏

___ الشرح __ :

الحسبيّة و النسبيّة ليتوفّر ميل الخلائق إليه و لا يكون لهم فيهغميزة.

قوله (المخصوص بالعلم) أي انحصار علم الالهي على وجه الكمالفيه و هو بلوغه حدّ الكمال في القوّة النظريّة و القوّة العمليّة و هو المسمّىبالحكمة الّتي‏ «1» أشار إليها جلّ شأنه بقوله‏ «وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْأُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً».

قوله (الموسوم بالحلم) الحلم ملكة تحت الشجاعة و هي الاناءةو الرّزانة عند الغضب و موجباته.

قوله (نظام الدّين) نظمت اللّؤلؤ أي جمعته، و النظام الخيطالّذي ينظم به اللّؤلؤ، و إنّما شبّه به لأنّه ينتظم به لآلي المسائل الدّينيّةو العلوم العقليّة و النقليّة.

قوله (و عزّ المسلمين) لأنّه يندفع عنهم ذلّ‏

___ الشرح __ :

 (1) قوله «و هو المسمى بالحكمة» يجب أن يكون الامام حكيمبتمام معنى الكلمة فى القوة النظرية و العملية، و ليس المراد منه حفظ اصطلاحاتأرسطو و أفلاطون من غير فهم معناها على ما يتبادر الى ذهن العوام بل يجب أن يكونعالما بمبدأ الوجود و منتهاه و سر الخلقة و سائر ما ذكره الحكماء من أقسام العلومالنظرية و العملية و أشار إليه الشارح، و بعبارة أجمع أن يكون عالما عقليا مضاهيللعالم العيني كانه اجتمع كل ما فى الوجود في نفسه الشريفة بوجود عقلي، فلا تتبطعن جواب أي سؤال يرد عليه، قال الفارابي الرئيس الاول من هو على الاطلاق هو الّذيلا يحتاج في شيء أصلا أن يرأسه انسان بل يكون قد حصلت له العلوم و المعارف بالفعل.و قد مضى تمام كلامه فيما سبق من هذا المجلد فى الصفحة 153.

و الشبهة التى يرد هنا و يختلج فى أذهان كثير تندفع بما مرو هى أنه يجوز أن لا يكون الامام عالما بالاحكام و الاصول و يكون العالم غيره فيرجعإليه و يصدر عن رأيه و الجواب أن الامام اذا لم يكن معصوما جاز أن لا يرجع الىالعالم الحق و لا يطيعه اذا كان مخالفا لهواه و لا يمكن جبره على اطاعة العالممع كون الجند باختياره و الاموال فى يده و أهل الدنيا المتملقون يصوبون خطائه،و ان كان معصوما فهو أولى بأن يطاع من كل أحد لان العصمة لا تنفك عن العلم و الّذيلا يعلم الحق و لا يميز بين الصواب و الخطاء و الحق و الباطل كيف يكون معصوما وكلامنا فى المدينة الفاضلة و أما غير الفاضلة فيجوز أن يكون الرئيس غير عالم والعالم غير معصوم و يرجع الرئيس ان رأى المصلحة الى العالم غير المعصوم و قد ليرجع فان أخطئوا جميعا فالخطاء مجوز عليهم فى المدينة غير الفاضلة. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 253

 

(الإمام واحد دهره) :

و بوار الكافرين، و الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد، و لا يعادله عالم، و لا يوجد

___ الشرح __ :

طعن الطاعنين و شبهة الجاحدين وصولة الكافرين بحدّة سنانه و لطف بيانهو طلقة لسانه‏ «1» و قوّة جنانه، و فيه تعميم بعد تخصيص لأنّه قد مرّ أنّه عزّالمؤمنين.

قوله (و بوار الكافرين) البوار الهلاك و حمله على الإمام علىسبيل المبالغة و المراد بإهلاكهم إبطال عقايدهم بلطف البيان، و إزهاق أرواحهم بالسيفو السنان.

قوله (و لا يعاد له عالم) دلّ على أنّه يشترط أن يكون الإمامأفضل زمانه و هو مذهب الإماميّة، و أمّا مذهب العامّة فقال الآبي: لم يشترط ذلكالأكثر يعني أكثر العامّة و أجازوا إمامة المفضول مع وجود الأفضل، و فصّل القاضيأبو بكر الباقلاني فقال: إن لم يؤدّ العقل إلى هرج و فساد جاز و إلّا لم يجز. ولا

___ الشرح __ :

 (1) قوله «و لطف بيانه و طلقة لسانه» هذا الكلام من الشارحفى تفسير الحديث يدفع سؤالا يرد هنا و هو أن المقصود من الحديث اثبات صفات فى الاماملا تجتمع فى غير المعصومين حتى تنحصر فيهم و هذه الصفات الاربع غير خاصة بالمعصوماذ غير المعصوم أيضا يجوز أن يكون نظام الدين و عز المسلمين الى آخره لأنه أيضيجتهد لحفظ ملكه و سلطانه على ما يشهد به التاريخ كما أن خلافة بنى العباس لمانقرضت بغلبة المغول ذل المسلمون و تقوضت أركان الدين و بطلت ثقافة الاسلام و التمدنالإسلامي و لم يبق من آثارهم الا القليل و كذلك بعد انقراض دولة الاتراك بغلبةالنصارى نسخت احكام الاسلام و راجت شعائر الكفر بل تغيرت الالبسة و العادات و هىمن أعظم أمارات الذلة و المقهورية و قبل غلبة النصارى عليهم كان الامر بعكس ذلكفى بلادهم و الجواب أن المقصود العزة و الغلبة و النظام بالقوة و الشوكة المنضمةالى العلم و مكارم الاخلاق و الآداب الحسنة و الآراء المحمودة و العقائد الصحيحةو الشرائع العادلة التي تثبت و لا تزول و المعصوم هو القادر على تحقيق هذه الامورو هو العز الحقيقي للمسلمين و الا فالقوى الغير المتصف بالآراء المحمودة محاربقطاع للطريق لا يوجب غلبته عزّا ثابتا محمودا. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 254

 

(الإمام مختص بالفضل من الله) :

منه بدل، و لا له مثل و لا نظير، مخصوص بالفضل كلّه من غير طلبمنه و لا اكتساب بل اختصاص من المفضّل الوهّاب، فمن ذا الّذي يبلغ معرفة الامامأو يمكنه اختياره، هيهات هيهات، ضلّت العقول و تاهت الحلوم و حارت الألباب، و خسئت‏

___ الشرح __ :

يخفى عليك فساد قولهم لأنّ الإمامة ولاية عامّة في الدّين و الدّنيموجبة لطاعة موصوفها على الاطلاق فلو سئل المفضول بما ليس عنده من أمر الدّين وكان عند الأفضل وجب عليه و على غيره إطاعة ذلك الأفضل فيلزم أن يصير الإمام مأمومفلا يكون الإمام إماما على الإطلاق و مثل هذا لا يصلح للإمامة قطعا.

قوله (و لا يوجد- إلى قوله- مخصوص) أي لا يوجد منه بدل مستحقللإمامة و الخلافة مع وجوده و لا له مثل في الشرف الذّاتي و النسبي و لا له نظيرفي الفضل و الكمال.

قوله (من غير طلب) «1» دلّ على أنّ الامام ليس بمجتهد يخرجالإحكام و غيرها بالاستنباطات العقليّة خلافا للعامّة فإنّهم اشترطوا أن يكون الإماممجتهدا في الأحكام الشّرعيّة ليستقلّ للفتوى و الاستنباطات بناء على أصلهم من أنّالإمام لا يجب أن يكون عالما بجميع الأحكام بالنصّ حتّى أنّه إذا أخطأ لم يأثمبل يؤجر و يجب على الغير اتّباعه. فاعتبروا يا اولى الأبصار.

قوله (فمن ذا الّذي يبلغ معرفة الامام) لمّا أشار إلى جملةمن أوصاف الامام أشار هنا إلى أنّ تعيينه خارج عن طوق البشر لأنّ عقولهم لا تصلإلى صفة ما من صفاته فضلا عن جميعها.

قوله (هيهات هيهات) أي بعد معرفة الامام و إمكان اختياره عنالخلق بعدا مفرطا و بيّن بعده بقوله «ضلّت العقول إلى آخره» و العقل‏

___ الشرح __ :

 (1) قوله «من غير طلب» تصريح بالنتيجة بعد ذكر المقدمات وتقريب الاستدلال أن الامامة مشروطة بشرائط كالعلم و العصمة و هو واحد فى الدنيلا يدانيه أحد و ليس مثله و نظيره و هو مؤيد بقوة إلهية لا يطلع عليها احد من الناسو له فضل منحه اللّه من غير طلب اكتساب فلا يمكن أن يكون نصبه مفوضا إليهم مع عدمعلمهم بمن حصلت الشرائط فيه، و أيضا اذا كان المتصف بها منحصرا فى واحد لم يكنمعنى للاختيار و الانتخاب اذا الانتخاب لا يتحقق الا اذا كان هناك جماعة كل واحديليق لهذا المنصب. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 255

 

(الإمام أعلى من تنصيب الناس) :

العيون، و تصاغرت العظماء، و تحيّرت الحكماء، و تقاصرت الحلماء،و حصرت‏

___ الشرح __ :

إذا لم يقدر على الوصول إلى مطلوب يقال: ضلّ عنه إذ لم يجد طريقه.

قوله (و تاهت الحلوم) الحلم بالكسر العقل و هو من الحلم بمعنىالأناة و التثبّت في الامور و ذلك من شعار العقلاء و يجمع في القلّة على أحلامو في الكثرة على حلوم بضمّ الحاء.

قوله (و حارت الألباب) و هي جمع لبّ و هو العقل و قد ذكر للعقلثلاثة أوصاف الضلالة و التيه و الحيرة و الأوّل أن لا يجد طريق المطلوب مع الظنّغير طريقه طريقا له. و الثاني الذّهاب و الحركة في غير طريقه، و الثالث هو الحيرةالحاصلة بعد التيه لعدم وجدان المطلوب.

قوله (و خسئت العيون) في الصحاح خسأ بصره خسا و خسوءا أي سدريعني تحيّر و منه قوله تعالى‏ «يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً» و في الصراحالخسوء خيره شدن چشم‏

قوله (و تقاصرت الحلماء) «1» جمع حليم و هو ذو الاناة المتثبّتفي الامور

___ الشرح __ :

 (1) قوله «و تقاصرت الحلماء» أي العقلاء و هذه الجمل الاخيرةالدالة على عجز الناس عن معرفة من يليق بالإمامة دفع لما يظن أن عقلاء الناس وحكمائهم يقدرون على تشريع شرائع و تحكيم أحكام و تأسيس قواعد لنظم الاجتماع و تعيينالرئيس و وظائفه شرائطه كما تصدى لذلك حكماء اليونان و بعدهم غيرهم و كما استنبطوقواعد علوم المنطق و الطبيعي و الرياضي كذلك يستنبطون قواعد العلوم الاجتماعيةو هذا الوهم جار مستمر فى ذهن الناس فى زماننا هذا و قد بينا في مبدأ كتاب الحجةان اللّه تعالى لم يفوض أمر التشريع و الحكومة الى الناس عند المسلمين و ذكرنهناك مذهب النصارى و الملاحدة و ان الامر عندهم مفوض الى الناس الا فى قليل منالاحكام عند النصارى و ذكرنا في الصفحة 158 أيضا و في الصفحة 204 ان الانسان ليسله قوة التميز و الحكم في التشريعيات و لم يمنحه اللّه تعالى قدرة على تحقيق الحقفيها و الحكم الجازم بها و لذلك لم يتفقوا و لن يتفقوا على شيء واحد في أمر الحكومةو أحسن أقسامها و ان كان الرأي الغالب في زماننا ان أحسن أنحاء الحكومة هى الدستوريةو لكن أين هي من المدينة الفاضلة التي نطلبها و نذكر ان شاء اللّه كلامنا فيها.(ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 256

الخطباء، و جهلت الألبّاء، و كلّت الشعراء، و عجزت الادباء، وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله، و أقرّت بالعجز و التقصيرو كيف‏

___ الشرح __ :

المتأمّل في عواقبها.

قوله (و حصرت الخطباء) الخطيب الخاطب بالكلام المقتدر علىالاتيان به، و المراد بحصره عجزه عن وصف الامام بما ينبغي له.

قوله (و جهلت الألبّاء) الألبّاء بفتح الهمزة و كسر اللّامو شدّ الباء مع المدّ جمع لبيب و هو العاقل كالأنبياء جمع نبي، و في بعض النسخ«الألباب» و هي أيضا جمع لبيب كالأشراف جمع شريف، و المراد بجهل العقلاء عدم إدراكهموصف الامام مع عدم ميلهم إلى خلافه و بهذا القيد يمتاز عن الضلالة المذكورة.

قوله (و كلّت الشعراء) الكلال الأعياء يقال: كلّ فلان إذأعيا عن التكلّم و عجز، و الشعراء جمع شاعر على غير القياس من الشعر بالكسر و هوفي اللّغة الشعور بالشيء الدّقيق و الفطنة، و في العرف كلام منظوم بأوزان مخصوصةو اشتقاق الشاعر من المعنى الأوّل كاشتقاق الضارب من الضرب و نحوه من المعنى الثانيو الثالث كاشتقاق لابن و تامر و نحوهما أي صاحب فطنة و صاحب كلام مذكور.

قوله (و عجزت الادباء) الادباء بضمّ الهمزة و فتح الدّال جمعأديب كالكرماء جمع كريم، و الأديب هو المالك لآداب النفس و الدّرس و العارف بقوانينالعقل و النقل، و قد شاع إطلاقه على العالم بالقوانين العربيّة.

قوله (و عييت البلغاء) البليغ هو العارف بقوانين الفصاحة والبلاغة، و القادر على تأليف كلام فصيح بليغ.

قوله (عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله) الجارّ متعلّق بضلّتالعقول و ما عطف عليه على سبيل التنازع، و الشأن الأمر و الحال و الوصف، و لعلّالمراد به تصرّفاته في عالم الامكان و الأعمال البدنيّة و هو كلّ آن و زمان فيشأن، و بالفضيلة العلوم العقليّة و الكمالات النفسيّة.

قوله (و أقرّت بالعجز و التقصير) أي أقرّت العقول و الحلومو الألباب و غيرهم من الأصناف المذكورة الّتي هي أشرف أصناف الخلق بالعجز و التقصيرعن معرفة شأن واحد من شئون الامام و فضيلة واحدة من فضائله فغيرهم أولى بالعجز.

___ النص __ : ج‏5 ص 257

يوصف بكلّه أو ينعت بكنهه أو يفهم شي‏ء من أمره أو يوجد من يقوم مقامهو يغني غناه، لا، كيف و أنّى؟ و هو بحيث النجم من يد المتناولين و وصف الواصفين،فأين الاختيار من هذا و أين العقول عن هذا و أين يوجد مثل هذا؟! أ تظنّون أنّ‏

___ الشرح __ :

 

(الإمام لا يصفه الناس بكله) :

قوله (و كيف يوصف بكلّه أو ينعت بكنهه) أي بكلّ الوصف و بكنهالنعت و الاستفهام للانكار لعدم القدرة على معرفة ذلك.

قوله (و يغني غناه) «1» الامام من يغني الناس بكلّ ما طلبوهمنه من أحوال المبدأ و المعاد و الشرائع و غيرها من الامور الكليّة و الجزئيّةالّتي بها يتمّ نظامهم في الدّنيا و الآخرة بحيث يستغنون عن الطلب من غيره و ليوجد من يقوم مقامه و يغنيهم كذلك‏

قوله (لا) تأكيد للنفي الضمني المستفاد من قوله «و كيف يوصف-إلى أخره» للمبالغة فيه.

قوله (كيف و أنّى و هو بحيث- الخ) أي كيف يوصف بكلّه و أنّىينعت بكنهه و الحال انه في غاية ارتفاع قدره و علوّ منزلته في مكان النجم و كملا يصل إلى النجم أيدي الناظرين كذلك لا يصل إليه أيدي الأوهام المتوهّمين و هوعقول الواصفين. و فيه تشبيه معقول بمحسوس لزيادة الايضاح و الايماء إلى علّة الانكار.

قوله (أ تظنّون) لمّا أشار إلى أنّ عقولهم قاصرة عن إدراكالامام و صفاته أشار هنا إلى بطلان ظنّهم أنّ الامام يوجد في غير آل الرّسول صلىاللّه عليه و آله.

___ الشرح __ :

 (1) قوله «و يغنى غناه» الفوائد العظيمة المترتبة على وجودالامام المعصوم المنصوب من اللّه تعالى لا تترتب على حكومة غيره البتة كيفما كانو قد ذكر العلماء بهذا الشأن أقسام الحكومة قديما و جديدا و لا يسعنا الآن تفصيلجميعها الا باشارة اجمالية الى بعض ما اشتهر عند الناس حسنها و رجحانها و لا ريبان الحكومة القسرية و هى أن يكون الولاة جماعة مخالفة في الآراء و الاهواء للمرؤوسينو يقهروهم على قبول آرائهم مباينة لطبيعة الانسان فانه خلق مختارا و القهر علىخلاف طبيعته و الانسان المقهور على خلاف آرائه كالنبات تحت خباء لا ينمو البتةو لا يورق و لا يثمر، و ان كانت الولاة صالحين و الامة فاسدة فشأن الصلحاء تعليمالناس الآراء المحمودة و الاخلاق الفاضلة حتى يستعدوا لقبول حكومة الصلحاء بطبعهمو الحكومة الطبيعية أن يكون الامة موافقة للولاة في آرائها و أهوائها محمودة كانتأو مذمومة و على هذا فلا كلام الا في اقسام الحكومة الطبيعية و هي تابعة لأقسامأهواء الناس و آرائهم قد ذكر الفارابي في كتابه الموسوم بالسياسات المدنية بعدأن أخرج منهم الانسان غير المتمدن و سماهم نوابت الاجتماع و شبههم بالشيلم في الحنطةمرة و بالبهائم اخرى و قال: انهم ليسوا مدنيين و لا تكون لهم اجتماعات مدنية أصلقال: المدنيون على أنحاء كثيرة منها اجتماعات ضرورية، و منها اجتماع اهل النذالةفى المدن النذلة، و منها الاجتماع الخسيس فى المدن الخسيسة، و منها اجتماع الكرامةفى المدن الكرامية، و منها الاجتماع التغلبي فى المدن التغلبية، و منها اجتماعالحرية فى مدينة الجماعة و مدينة الاحرار. و شرح كل واحد منها و شرائط رئيسهم ووجوه معاشهم و آراء اممهم و أهوائهم و مفاسد كل و نكتفى بنقل ما ذكره فى مدينةالاحرار و هي الحكومة الديمقراطية فى اصطلاح عصرنا و بثبوت عدم كونها مدينة فاضلةتثبت عدم كون غيرها بطريق اولى و لعلنا نشير الى تفسير بعض ما ذكره فى موضع آخر.

قال ابو نصر الفارابي فأما المدينة الجماعية فهي المدينة التيكل واحد من أهلها مطلق مخلى بنفسه يعمل ما شاء و أهلها متساوون و يكون سننهم أنلا فضل لإنسان على انسان فى شيء أصلا و يكون أهلها أحرارا يعملون بما شاءوا و هؤلاءلا يكون لاحد منهم على أحد منهم و من غيرهم سلطان الا أن يعمل فيما تزاد به حريتهمفتحدث فيهم اخلاق كثيرة و همم كثيرة و شهوات كثيرة و التذاذ بأشياء كثيرة لا تحصىكثرة و تكون أهلها طوائف كثيرة متشابهة و متباينة لا يحصون كثرة (الى ان قال) ويكون من يرأسهم انما يرأسهم بإرادة المرؤوسين و يكون رؤسائهم على هوى المرؤوسينو اذا استعصى أمرهم لم يكن فيهم فى الحقيقة لا رئيس و لا مرؤوس الا الذين هم محمودونعندهم (.....) و يكون جميع الهمم و الاغراض الجاهلية من هذه المدينة على أتم ميكون و أكثر، و تكون هذه المدينة من مدنهم هى المدينة المعجبة و المدينة السعيدة(.....) و تكون محبوبة محبوب السكنى بها عند كل أحد لان كل انسان كان له هوى وشهوة ما قدر على نيلها من هذه المدينة فيهرع الامم إليها فيسكنونها فيعظم عظمبلا تقدير و يتوالد فيها الناس من كل جيل (...) و تجمع فيها الاهواء و السير كلهفلذلك ليس يمتنع اذا تمادى الزمان بها ان ينشأ فيها الافاضل فيتفق فيها وجود الحكماءو الخطباء و الشعراء فى كل ضرب من الامور و يمكن أن يتلقط منها أجزاء للمدينة الفاضلةو هذا من حين ما نشئوا فى هذه المدينة و لهذا صارت هذه أكثر المدن الجاهلية خيرو شرا معا و كلما صارت أكبر و أعم و أكثر أهلا و ارحب و اكمل للناس كان هذان اكثرو اعظم. انتهى ما اردنا نقله من كتابه فى السياسات المدنية و قد وصف من قبل الفسنة المدن الديمقراطية الحاضرة كانه رآها و دخلها و سبر اهلها و لعل من نشأ و تربىمدة من عمره فى واشنكتن او لندن لم يقدر على وصف المدينة بهذه الصفة و بالجملةالمدينة الجماعية فى اصطلاحه هي التي قبلها كثير من بلاد النصارى فى زماننا و حصلفيها ما ذكره الفارابي من وجود الحكماء و الخطباء و مع ذلك ليست هي عنده المدينةالفاضلة التي هي الغاية المقصودة لاجتماع الانسان و لا عند الشيعة الامامية فانهالمدينة التي أهلها صالحون يجرى فيها أحكام اللّه تعالى المنزلة على رسوله بيدالامام المعصوم و مدينة الجماعة لا تخلو عن خطاء و غلط و استئثار و ان كانت تخلوعن الظلم و الفتن فى الجملة. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 258

(كذب من أختار إمام من غير آل الرسول) :

ذلك يوجد في غير آل الرّسول محمّد صلى اللّه عليه و آله كذّبتهمو اللّه أنفسهم، و منّتهم الأباطيل‏

___ الشرح __ :

قوله (كذّبتهم و اللّه أنفسهم) أي أنفسهم تكذّبهم و تنسبهمإلى الكذب لعلمها بأنّ من جعلوه إماما من غير آل الرّسول ليس بإمام. و إنّما فعلوذلك لغرض من الأغراض الباطلة الدّنيويّة.

قوله (و منّتهم الأباطيل) أي أضعفتهم الأباطيل عن الرّجوعإلى الحقّ‏

___ النص __ : ج‏5 ص 259

فارتقوا مرتقا صعبا دحضا تزلّ عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إقامةالامام‏

___ الشرح __ :

أو عن إصلاح ما ذهبوا إليه. يقال: منّه السير إذا أضعفه و أعياه ومنت الناقة حسرتها. و رجل منين أي ضعيف كأنّ الدّهر منّه أي ذهب بمنّته، و المنّةبالضمّ القوّة. و احتمال أن يكون المراد منّت عليهم الأباطيل من المنّة بالكسربعيد لفظا و معنى فليتأمّل.

قوله (فارتقوا مرتقا) الارتقاء «بالا رفتن» و المرتقى اسممكان منه، و الصعب خلاف السهل، و الدّحض بالتسكين و التحريك الزلق و هو مكان لتثبت فيه القدم، و الحضيض القرار من الأرض عند منقطع الجبل و الكلام على سبيل التمثيلحيث شبّه حالهم في سلوك طريق الدّين باختيار إمام لهم بحال من أراد صعود جبل مرتفعو سلك طريقا صعبا زلقا كلّما صعد قليلا زلقت قدمه فسقط و انكبّ إلى حضيضه.

كيف الوصول إلى سعاد و دونها             قلل الجبال و دونهنّ حتوف‏

 

___ النص __ : ج‏5 ص 260

بعقول حائرة بائرة ناقصة و آراء مضلّة، فلم يزدادوا منه إلّا بعدا،[قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ‏] و لقد راموا صعبا و قالوا إفكا و ضلّوضلالا بعيدا، و وقعوا في الحيرة إذ تركوا الامام عن بصيرة «وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُأَعْمالَهُمْ، فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ»

___ الشرح __ :

قوله (راموا) ترك العطف لأنّه استيناف كأنّه قيل: لم ارتقومرتقا صعبا؟ فأجاب بأنّه راموا (إقامة الامام بعقول حائرة بائرة) أي غير مدركةلطريق المقصود و لا مطيعة لمرشدها، و الحائر من الحور و هو النقصان أو من الحيرة،و البائر الهالك الفاسد الّذي لا خير فيه و يقال: فلان حائر بائر إذا لم يتّجهلشي‏ء و لا يطيع مرشدا.

قوله (فلم يزدادوا منه إلّا بعدا) أي من الامام أو من الدّينبقرينة المقام و ذلك لأنّ عدم معرفة الامام يوجب بعدا و الاعتقاد بغيره يوجب زيادةالبعد.

قوله‏ (قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)* الإفك بالكسرالكذب و بالفتح الصرف أي كيف يكذّبون على اللّه و على رسوله أو كيف يصرفون عن الحقّإلى الباطل و قوله‏ «قاتَلَهُمُ اللَّهُ»* دعاء عليهم بالهلاك و البعد عن رحمةاللّه لأنّ من قاتله اللّه فهو هالك بعيد عن رحمته، أو تعجّب من شناعة عقائدهمو قباحة أعمالهم.

قوله (و لقد راموا) عطف على راموا و التقدير و اقسم باللّهلقد راموا أكّده بالقسم لترويج ما نسب إليهم من ارتقائهم مرتقا صعبا و حيرتهم وإفكهم و ازديادهم بعدا.

قوله (إذ تركوا الامام عن بصيرة) أي عن بصيرة في أمره فدلّعلى أنّ رجوعهم عن الامام الحقّ إلى غيره و ضلالتهم في الدّين و تحيّرهم في أمرهلم يكن مستندا إلى الجهل بالإمام بل كانوا عالمين به، كيف لا؟! و النصوص في خلافتهبلغ حدّ التواتر معنى و قد سمعها السابقون منهم مشافهة و لم ينصّ أحد من الأنبياءعلى وصيّه مثل ما نصّ به نبيّنا صلى اللّه عليه و آله، أو عن بصيرة في الدّين فدلّعلى أنّهم ارتدّوا عن الدّين بعد إسلامهم و قد استشهد لذلك بقوله تعالى‏ «وَ زَيَّنَلَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ»* من طلب الإمام باختيارهم فصدّهم عن السبيل وهو الصراط المستقيم و الإمام الدّاعي إلى الحقّ و كانوا مستبصرين أي عالمين بذلكالسبيل فتركوه حتّى هلكوا أو قادرين على الاستبصار به حتّى يعرفوا و لم يفعلوو ليس المقصود من الآية ذمّهم‏

___ النص __ : ج‏5 ص 261

 

(الإمام مختار من الله) :

رغبوا عن اختيار اللّه و اختيار رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله[و أهل بيته‏] إلى اختيارهم و القرآن يناديهم: «وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُوَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ»

___ الشرح __ :

فقط بل ذمّ كلّ من ترك الحقّ مع العلم به أو مع الاقتدار على طلبالعلم به.

قوله (رغبوا- الخ) تأكيد لقوله «تركوا الامام عن بصيرة» أواستيناف كأنّه قيل: لم تركوه عن بصيرة فأجاب بأنّهم رغبوا و أعرضوا عن اختيار اللّهتعالى و اختيار رسوله صلى اللّه عليه و آله و أهل بيته إلى اختيارهم بمجرّد التسويلاتالنفسانيّة و التدليسات الشيطانيّة، و أمّا اختيار الرّسول فقد دلّت النصوصالصحيحة و المعتبرة و الرّوايات المتواترة من طرق الخاصّة و العامّة على تعيينعليّ عليه السّلام للإمامة .

 و قولهم: «لو كانت النصوص متواترة لحصل العلم قطعا من غير اختلاف.

 مدفوع بأنّ المتواتر يفيد علما إذا لم تسبق شبهة على خلافهو أمّا اختيار اللّه تعالى فقد دلّت الآيات الكريمة في مواضع عديدة على ذلك و قدذكر بعضها سابقا و بعضها هنا و يأتي بعضها في الأبواب الآتية. و

قوله (و أهل بيته) غير موجود في بعض النسخ المعتبرة.

قوله (و القرآن يناديهم) إلى اختياره و سلب الاختيار عنهم.

قوله‏ (وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ) أي ربّك يخلق ما يشاؤه بلا مانعو يختار «ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ» من أمرهم، و الخيرة بمعنى التخيّر كالطيرةبمعنى التطيّر و لفظة ما نافية و مفعول يختار محذوف و هو ضمير راجع إلى ما يشاءو قال بعض المفسّرين ما موصولة مفعول ليختار و العائد الرّاجع إليها محذوف و المعنىيختار الّذي كان لهم فيه الخيرة أي الخير و الصلاح سبحان اللّه تنزيها له أن ينازعهأحد في الخلق و يزاحم اختياره اختياره تعالى‏ «عَمَّا يُشْرِكُونَ» أي عن إشراكهمفي الخلق و الاختيار.

قال صاحب الطرائف: روى محمّد بن مؤمن الشيرازي في تفسير قولهتعالى: «وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ»بإسناده إلى أنس بن مالك قال: «سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله‏ «وَ رَبُّكَيَخْلُقُ ما يَشاءُ» قال «إنّ اللّه خلق آدم عليه السّلام من طين حيث شاء» ثمّقال: «وَ يَخْتارُ» إنّ اللّه تعالى اختارني و أهل بيتي على جمع الخلق فانتجبنو جعلني الرّسول و جعل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام الوصي- ثمّ قال:- ما كانَلَهُمُ الْخِيَرَةُ

___ النص __ : ج‏5 ص 262

و قال عزّ و جلّ: «وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَىاللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ‏-الآية» و قال: «ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ. أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ.إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ‏

___ الشرح __ :

يعني ما جعلت للعباد أن يختاروا و لكنّي أختار ما أشاء فأنا و أهلبيتي صفوة اللّه و خيرته من خلقه، ثمّ قال: «سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالى‏ عَمَّيُشْرِكُونَ» يعني تنزيه اللّه عمّا يشرك به كفّار أهل مكّة ثمّ قال: «وَ إِنَّرَبَّكَ» يعني يا محمّد «لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ» من بغض المنافقينلك و لأهل بيتك‏ «وَ ما يُعْلِنُونَ» من الحبّ لك و لأهل بيتك».

قوله‏ (وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ) أي ما جازلهم.

قوله‏ (أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)نفى عنهم الاختيار و أوجب عليهم الرّجوع إلى اختيار اللّه و اختيار رسوله في جميعامورهم و من جملته اختيار الامام، قيل: جمع الضمير الرّاجع إلى المؤمن و المؤمنةلعمومها من حيث أنّهما في سياق النفي.

قوله (و قال عزّ و جلّ: ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ‏) خاطبمن حكم في اصول الدّين و فروعه‏ «1» بمجرّد رأيه و هواه من غير أن يكون له دليلعقلي قطعيّ أو دليل نقليّ أو عهد من اللّه على تجويزه له ذلك الحكم أو تقليد ممّنيثق به و عيّرهم بذلك إذ كلّ حكم لا سند له بأحد هذه الوجوه باطل لا يعتقد به عاقلو من البيّن أنّ أمر الإمامة من أعظم أركان الاسلام فلا يجوز اختيار الخلق له بمجرّدالرأي من غير سند. قال القاضي و غيره: فيه تعجّب من حكمهم و استبعاد له و إشعاربأنّه صادر من اختلاف فكر و اعوجاج رأي.

قوله‏ (أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِلَما تَخَيَّرُونَ) أي أم لكم كتاب‏

___ الشرح __ :

 (1) «خاطب من حكم في أصول الدين و فروعه» ذكرنا سابقا فيمبدأ كتاب الحجة أن امر التشريع ليس مفوضا الى الناس و هذه الآيات تدل عليه صريحو قلنا ان المخالف فيه من لا يعتقد باللّه تعالى و ينكر الشرائع و يقول ان الانسانمكلف بوضع قوانين لحفظ العدالة و اصلاح امر المعاش و المتصدون لذلك عقلاؤهم و اهلحنكتهم في الاجتماعيات و السياسات و أيضا النصارى يفوضون أمر الدنيا الى أهل الدنيو لا يثبتون أحكاما دينية فى المعاملات و السياسات الا احكاما معدودة في النكاحو الطلاق و أما المسلمون بجميع طوائفهم فيثبتون نصوصا كثيرة في الاحكام لا يجوزالتخلف عنها و العامة يجوزون للفقهاء في غير المنصوص الفتوى بالقياس، و أما مذهبالامامية فعدم التفويض مطلقا فى حكم من الاحكام و لا معنى عندهم لاختيار جماعةيقررون قواعد و أحكاما يلتزمون بها كما فى بلاد الملاحدة و النصارى و لا معنى لذلكأيضا عند أهل السنة و الجماعة لانهم مكلفون بمتابعة نصوص الشرع و فتاوى العلماء.و يشمل هذه الآيات اختيار الامام اذ ليس مفوضا الى الناس و خالف فيه أهل السنةأيضا و الكلام فى ذلك يطول و قد بحث عنه علماؤنا و كتبوا كتبا و قرروا حججا لتغنينا عن التكرار و التطويل. و البحث مع الملاحدة فى عدم تفويض اصل التشريع إليهمأهم و اولى للمسلمين و لم يحوموا حوله كثيرا لوضوحه فى الازمنة السالفة و قلة الملاحدةو واجب علينا فى زماننا لكثرتهم و غلبتهم و تأييد النصارى اياهم فى الباطن و لحول و لا قوة الا باللّه العلى العظيم. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 263

أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى‏ يَوْمِ الْقِيامَةِإِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ. سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ. أَمْ لَهُمْشُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ‏» و قال: عزّ و جلّ:

___ الشرح __ :

نزل من عند اللّه تعالى إليكم فيه تدرسون و تقرؤون أنّ لكم ما تختارونهو تشتهونه قال القاضي: و أصله أنّ لكم بالفتح لأنّه المدروس فلمّا جي‏ء باللامكسرت.

و يجوز أن يكون حكاية للمدروس أو استينافا. و تخيّر الشي‏ءو اختاره أخذ خيره.

و فيه إشارة إلى أن ليس لهم دليل نقليّ على ذلك الحكم، كما أنّ فيالأوّل إشارة إلى أن ليس لهم دليل عقلي عليه‏ «أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌإِلى‏ يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ» أي أم لكم عهود مؤكّدةبالأيمان ثابتة لكم علينا بالغة في التأكيد متناهية فيه و قوله‏ «إِلى‏ يَوْمِالْقِيامَةِ» متعلّق بالمقدر في «لكم» أو ببالغة أي ثابتة لكم تلك العهود إلى يومالقيامة، أو بالغة ذلك اليوم و لا نخرج عن عهدتها حتّى نحكمكم في ذلك اليوم، وقوله‏ «إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ» جواب القسم لأنّ معنى أم لكم أيمان علينأم أقسمنا كما صرّح به المفسّرون.

 

(باطل مدعي الإمامة من غير الآل) :

قوله‏ (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ) أي سل الحاكمينبمجرّد رأيهم و اختيارهم أيّهم زعيم بذلك الحكم قائم به يدّعيه و يصحّحه بحيث ليتوجّه إليه اللّوم و العقوبة

___ النص __ : ج‏5 ص 264

أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها»؟!أم «طبع اللّه‏ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ»*؟! أم‏

___ الشرح __ :

به.

قوله‏ (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْكانُوا صادِقِينَ) أي أم لهم شركاء ممّن يوثق به في هذه الامّة و في الاممالسابقة يشاركونهم في تقرير اصول الدّين و فروعه و اختيار الامام بمجرّد آرائهمفليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين في دعواهم إذ لا أقلّ من التقليد. قال القاضي:قد نبّه سبحانه في هذه الآيات على نفي جميع ما يمكن أن يتشبّثوا به من عقل أو نقلأو وعد أو محض تقليد على الترتيب تنبيها على مراتب النظر و تزييفا لما لا سند له.

قوله (و قال تعالى‏ أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) أيأ فلا يتصفّحون القرآن و لا يتفكّرون فيه ليجدوا ما فيه من الوعظ و النصيحة و الأمربالخيرات و متابعة الرّسول و النهي عن قول الزّور و غيره حتّى لا يجسروا على القولبمقتضى آرائهم أم على قلوب أقفالها المانعة من دخول الحقّ المبين فيها و انكشافأمر الدّين لها. قيل:

تنكير القلوب لأنّ المراد قلوب بعض منهم و إضافة الأقفال إليها للدّلالةعلى الأقفال المناسبة لها مختصّة بها لا تجانس الأقفال المعهودة.

قوله (أم طبع اللّه‏ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ)*أي لا يعلمون ما في متابعة القرآن و موافقة الرّسول من السعادة و ما في مخالفتهمو القول بالرأي من الشقاوة.

و الطبع الختم و هو التأثير في الطين و نحوه، و الطابع بالفتحالخاتم و بالكسر لغة فيه. و قال صاحب الكشاف: الختم و الكتم أخوان لأنّ الاستيثاقمن الشي‏ء بضرب الخاتم عليه كتما و تغطية لئلّا يوصل إليه و لا يطّلع عليه، ثمّقال: فإن قلت: لم أسند الختم إلى اللّه تعالى و إسناده إليه يدلّ على المنع منقبول الحقّ و التوصّل إليه بطريقه و هو قبيح و اللّه تعالى عن فعل القبيح علوّكبيرا لعلمه بقبحه و علمه بغناه عنه و قد نصّ على تنزيه ذاته بقوله‏ «وَ ما أَنَبِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» «وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ»«إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ» و نظائر ذلك ممّا نطق به التنزيل. قلتالقصد إلى صفة القلوب بأنّها كالمختوم عليها و أمّا إسناد الختم إلى اللّه عزّو جلّ فلينبّه على أنّ هذه الصفة في فرط تمكّنها و ثبات قدمها كالشيء الخلقي غيرالعرضي‏

___ النص __ : ج‏5 ص 265

 «قالُوا سَمِعْنا وَ هُمْ لا يَسْمَعُونَ. إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّعِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ‏

___ الشرح __ :

أ لا ترى إلى قولهم فلان مجبول على كذا و مفطور عليه يريدون أنّهبليغ في الثبات عليه. و له توجيهات اخر إن أردت معرفتها فارجع إلى تفسير قوله تعالى‏«خَتَمَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ».

قوله (أم قالوا سمعنا) كالمنافقين‏ (وَ هُمْ لا يَسْمَعُونَ)سماع انقياد و إذعان فكأنّه لا يسمعون أصلا، و هذا كما يقال: فلان لم يسمع نصيحتيإذا لم يعمل بمقتضاها.

قوله‏ (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ) أي شرّ البهائم‏ (الصُّمُّ)عن الحق‏ (الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) إيّاه، ذمّ من لم يعمل بالآياتالقرآنيّة و لم يتدبّر فيها و عدّهم من البهائم الّتي لا تعقل شيئا و جعلهم شرلإبطالهم عقولهم الّتي بها يتميّزون من البهائم و من جملة تلك الآيات ما دلّ علىالمنع من القول في الدّين بالرأي و الاختيار و هم عيّنوا أعظم أمور الدّين و هوالإمام بآرائهم و اختيارهم حتّى ضلّوا و أضلّوا.

 

(الله يهدي من يحب الخير) :

قوله‏ (وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْوَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ) أي لو علم اللّه فيهمخيرا و انقيادا في وقت و إذعانا في حين لأسمعهم إسماعا موجبا لانقيادهم و إذعانهمفيه و لو أسمعهم كذلك لتولّوا و ارتدّوا بعد الاذعان و التصديق و هم معرضون عنهلعنادهم و استخفافهم إيّاه. قيل هذا في صورة قياس اقترانيّ فيجب أن ينتج لو علماللّه فيهم خيرا لتولّوا و هذا محال لأنّه على تقدير ان يعلم اللّه فيهم خيرا ليحصل منهم التولّي بل الانقياد. قلت: لا نسلّم أنّ هذا محال بناء على ما فسّرنالآية لأنّ اللازم على تقدير ان يعلم اللّه فيهم خيرا في وقت أن يحصل منهم الانقيادفي ذلك الوقت، و لا ينافي ذلك أن يحصل منهم التّولي و الارتداد بعده.

و أجاب عنه بعض المحقّقين و لعلّه المحقّق الطوسي بعد حملالخير على السعادة المطلقة الدّائمة: بأنّ المقدّمتين مهملتان و كبرى الشكل الأوّليجب أن تكون كلّيّة و لو سلّم فإنّما تنتجان لو كانت الكبرى لزوميّة و هو ممنوعو لو سلّم فاستحالة النتيجة ممنوعة لأنّ علم اللّه فيهم خيرا محال إذ لا خير فيهمو المحال جاز أن يستلزم المحال و قال بعض الأفاضل: هذا الجواب و أصل السؤال كلاهمباطل لأنّ لفظ «لو» لم يستعمل في فصيح الكلام في القياس الاقترانيّ و إنّما

___ النص __ : ج‏5 ص 266

لا يَعْقِلُونَ. وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْوَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ‏»

___ الشرح __ :

يستعمل في القياس الاستثنائي المستثنى منه نقيض التالي لأنّها لامتناعالشي‏ء لامتناع غيره و لهذا لا يصرّح باستثناء نقيض التالي لأنه معتبر في مفهوملو فلو صرّح به كان تكرارا و كيف يصحّ أن يعتقد في كلام الحكيم تعالى و تقدّس أنّهقياس اهملت فيه شرائط الانتاج و أيّ فائدة تكون في ذلك و هل يركّب القياس إلّبحصول النتيجة، بل الحقّ أنّ قوله تعالى‏ «وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراًلَأَسْمَعَهُمْ» وارد على قاعدة اللّغة و هي أنّ «لو» لامتناع الجزاء لأجل امتناعالشرط، يعني أنّ سبب عدم الإسماع في الخارج عدم العلم بالخير فيهم من غير ملاحظةأنّ علّة العلم بانتفاء الجزاء في الخارج ما هي، ثمّ ابتدأ قوله‏ «وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْلَتَوَلَّوْا» كلاما آخر على طريقة قوله عليه السّلام: «نعم العبد صهيب لو لم يخفاللّه و لم يعصه» يعني أنّ التولّي لازم على تقدير الاسماع فكيف على تقدير عدمهفهو دائم الوجود و هذه الطريقة غير طريقة أرباب الميزان الذين يستعملون لفظ لوفي القياس الاستثنائي و غير طريقة أهل اللّغة الّذين يستعملونه لامتناع الجزاءلأجل امتناع الشرط، و بناء هذه الطريقة على أنّ لفظ «لو» قد يستعمل للدّلالة علىأنّ الجزاء لازم الوجود في جميع الأزمنة مع وجود الشرط و عدمه، و ذلك إذا كان الشرطممّا يستبعد استلزامه لذلك الجزاء و يكون نقيض ذلك الشرط أنسب و أليق باستلزامهذلك الجزاء فيلزم استمرار وجود الجزاء على تقدير وجود الشرط و عدمه فيكون دائمالوجود في قصد المتكلّم.

 و قال سعد التفتازاني: يجوز أن يكون الشرطيّة الثانية أيضمستعملة على قاعدة اللّغة كما هو مقتضى أصل «لو» فتفيد أنّ التولّي منتف بسبب انتفاءالإسماع لأنّ التولّي هو الإعراض عن الشي‏ء و عدم الانقياد له، فعلى تقدير عدمإسماعهم ذلك الشي‏ء لم يتحقّق منهم التولّي و الإعراض عنه، و لم يلزم من هذا تحقّقالانقياد له. فإن قيل: انتفاء التولّي خير و قد ذكر أن لا خير فيهم؟ قلنا: لا نسلّمأنّ انتفاء التولّي بسبب انتفاء الاسماع خير و إنّما يكون خيرا لو كانوا من أهلهبأن اسمعوا شيئا ثمّ انقادوا له و لم يعرضوا.

___ النص __ : ج‏5 ص 267

أم‏ «قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا» بل هو «فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِمَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»*

___ الشرح __ :

قوله (أم قالوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا)* أي أم قالوا سمعنقول اللّه تعالى و قول الرّسول صلى اللّه عليه و آله في جميع ما جاء به من المواعظو النصائح و الأوامر و النواهي و الزّواجر الدالّة على المنع من الاختراع في الدّينو عصيناهما في جميع ذلك أو في بعضه لعدم موافقته للطبع أو للتعاند و التحاسد والتباغض.

قوله (بل هو فضل اللّه) أي الامامة أو السماع و معرفة الامام فضلاللّه اللّه الّذي يمتاز به صاحبه عن غيره يؤتيه اللّه تعالى من يشاء من عبادهتفضّلا و عطيّة، و اللّه ذو الفضل العظيم الّذي يستحقر دونه نعيم الدّنيا و نعيمالآخرة و فيه دلالة على أنّ الامامة موهبيّة و كذا معرفتها لمن استعدّ لقبوله«1»

___ الشرح __ :

 (1) «و كذا معرفتها لمن استعد لقبولها» كلام مجهول المرادغير ظاهر المعنى و أما ما يتوهم من ظاهره من الجبر و أن المعرفة من اللّه تعالىو ليس فعلا اختياريا للعبد فهو باطل جدا لا يريده الشارح البتة مع تمسكه بأصولمذهب الامامية اذ لا ريب عندنا فى أن من لا يعرف الامام معاقب مذموم محجوج بالأدلّةالقائمة على إمامتهم عليهم السلام و لا بد أن يكون مختارا حتى يقام عليه الحجةو لعل الشارح اراد موهبة لا ينافى الاختيار كما هو اعتقادنا في جميع الافعال الاختياريةبل و جميع الموجودات المتوقفة على الاسباب فانه لا مؤثر في الوجود الا اللّه تعالىو كل سبب و علة و فاعل سواء كان مختارا أو مضطرا كالفواعل الطبيعية انما هي معداتو المسبب حاصل بإرادة اللّه تعالى و فعله فان من يقتل مسلما ظلما فإنما هو محركلأسباب القتل و آلاته و أما ازهاق روح المقتول فليس بتأثير القاتل و آلاته بل هوملك الموت يزهق الارواح بأمر اللّه تعالى و كذلك الناس عليهم تتبع الادلة و النظرفى اصول الاعتقاد و المعرفة حاصلة من اللّه تعالى بعد النظر الصحيح قهرا فان أرادالشارح هذا المعنى فهو و ان كان معنى صحيحا لا يناسب سياق كلامه اذ لا يختص بمعرفةالامام (ع) بل كل اعتقاد فاسد و عمل قبيح كالقتل ظلما و شرب الخمر و ساير المعاصيبإرادة اللّه تعالى بهذا المعنى و لا يناسب ذكرها فى سياقة ان الامامة موهبية وبالجملة فكلام الشارح هنا يشبه كلام الاشاعرة. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 268

 

(الإمام عالم لا يجهل) :

فكيف لهم باختيار الامام؟! و الإمام عالم لا يجهل، و راع لا ينكل،معدن القدس و

___ الشرح __ :

قوله (و الامام عالم لا يجهل) ليس «لا يجهل» للتأكيد بل للاحترازإذ كلّ أحد عالم في الجملة و هذا القدر لا يكفي في الامام بل لا بدّ فيه أن ليجهل شيئا ممّا يحتاج إليه الامّة إلى يوم القيامة و إلّا لبطل الغرض من الامامةو وقع الحيرة فوجب أن يكون الامام ممّن خصّه اللّه سبحانه في أصل الفطرة بكمالالفطنة و جودة القريحة و سداد العقل و سرعة الادراك و رفع الموانع و العلم بصفاتهتعالى و أحكامه و أحوال العالم كلّها. و بالجملة يجب أن يكون أفضل الناس علما وأكملهم خشية و أكثرهم عملا لأنّ العلم يثمر الخشية و الخشية تثمر العمل فمن اجتمعتفيه هذه الامور كانت العلوم النظريّة عنده كالضروريّة. و قد كان رسول اللّه صلىاللّه عليه و آله أعلم الناس جميعا باتّفاق الامّة دلّت عليه روايات العامّة أيضروى مسلم أنّه صلى اللّه عليه و آله قال: «إنّي لأعلمكم باللّه» و أيضقال «إنّي أعلمهم باللّه و أشدّهم خشية» و العقل الصحيح يقتضي أن يكون نائبهأيضا أفضل الامّة جميعا، و لم يكن غير الامير الجليل سيد الوصيّين موصوفا بهذهالصفة بالاتّفاق و لا ريب في أنّ هذه الصفة تبلغ كنهها و كمالها عقول البشر فكيفيجوز لهم اختيار الإمام بآرائهم القاصرة و عقولهم الناقصة؟

و اعلم أنّ بعض الصوفيّة قال: إنّ علوم الأنبياء و الأوصياءعليهم السّلام ضروريّة و سمّاه كشفا و هذا كلام فيه إجمال إذ يحتمل أن يراد بكونهضروريّة أنّهم جبلوا عليها في أصل الفطرة و لم يستعملوا فيها نظرا أصلا، و أن يرادأنّ النظريات تصير في حقّهم ضروريّات بعد تحصيلها بالنظر بحيث لا يتأتى الانفكاكعنها و لا يتطرّق إليها التشكّك كما في العلوم الضروريّة و الأوّل أقرب بالنظرإلى مذهبنا.

قوله (و راع لا ينكل) في بعض النسخ وداع بالدّال المهملة والنكول الجبن و الضعف و الامتناع يقال: نكل عن العدوّ ينكل بالضمّ أي جبن و ضعفو امتنع من الإقدام عليه يعني أنّ الإمام راعي الامّة و حافظهم لا يضعف و لا يمتنعمن إجراء الأحكام و الحدود عليهم و دفع المضارّ و العدوّ عنهم.

قوله (معدن القدس) العدن الإقامة و منه سمّيت جنّة عدن أي جنّة إقامة

___ النص __ : ج‏5 ص 269

 

(الإمام مخصوص بدعوة الرسول) :

الطهارة و النسك و الزّهادة و العلم و العبادة، مخصوص بدعوة الرّسولصلى اللّه عليه و آله و نسل‏

___ الشرح __ :

يقال: عدن بالمكان يعدن عدنا إذا لزمه و لم يبرح منه و المعدن اسممكان منه و هو موضع الإقامة يعني أنّ الإمام محلّ إقامة التقدّس من العيوب‏ «1»و الطهارة من الذّنوب و محلّ النسك و الزّهادة أي الإتيان بجميع ما أمرت به الشريعةو ترك جميع ما نهت عنه و الظاهر أنّ النسك هنا بفتح النون و سكون السين مصدر ليلائمالزّهادة و أمّا النسك بضمّها فمع فوات الملائمة يوجب التكرار في العبارة إلّأن يخصّص بنوع منها مثل نسك الحجّ و محلّ العلم بجميع الأشياء و العبادة بجميعالأنحاء و فيه قدح في الثلاثة الّذين خلّفوا إذ ليس فيهم شي‏ء من هذه الامور.

قوله (مخصوص بدعوة الرّسول صلى اللّه عليه و آله) الدّعوةإمّا بفتح الدّال و المعنى أنّ الإمام مخصوص بدعوة الرّسول له إلى الإمامة لا بدعوةالخلق له إليها أو بدعاء الرّسول له بقوله «اللّهمّ وال من والاه» و أمثال ذلكو إمّا بكسرها أي مخصوص بدعوته إلى الرّسول و نسبته إليه.

___ الشرح __ :

 (1) قوله «محل اقامة التقدس من العيوب» الظاهر أنه تمهيدلما يأتى بعد ذلك من اشتراط كون الامام من أهل بيت رسول اللّه و الذرية الطيبة،و المراد من كونه معدن القدس كونه فى هذا البيت الشريف الّذي ظهر منه كل خير، وهذا مبنى على قاعدة اللطف الّذي يقول به الشيعة الامامية و ان كل مقرب الى الطاعةو مبعد عن المعصية يجب على اللّه تعالى ان لم يوجب الجبر و القهر و لا ريب أن انقيادالناس للبيت الشريف الّذي كان عريقا في الرئاسة و الكرم و الزهد أسهل و حجتهم علىالمدعين للباطل اقوى الا ترى أن من ترأس و هو من بيت الملك كان أقوى له فى الامرو الناس أطوع له و لو كان بيته من الجبابرة و كان اولاد چنگيز و تيمور يتمسكونلا حقيقتهم بالملك بانتسابهم الى الشجرة الخبيثة و يدحضون بذلك حجة خصومهم و قدرتهمفكيف لو كان بيت الملك كبيت رسول اللّه (ص) بيت طهارة و قدس و نبوة و كان ملوكالصفوية لنسبتهم الى موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام اقوى الملوك و أدعم ركنو أحكم أساسا و أحب الى الرعية من جميع البيوت التي تملكت بعد الاسلام مع مخالفتهممذهب أكثر أهل البلاد، و كان ملوك بنى العباس يقدحون في نسب الفاطميين ملوك مصرليقل بذلك اعتبارهم و عزتهم و لا يرغب في ملكهم المسلمون و بالجملة فإطاعة المسلمينلبيت النبي (ص) أقرب و أسهل و ان كانوا غير معصومين فكيف لو كان المعصوم منهم متصديللإمامة مع نص رسول اللّه (ص) و لما علم اللّه تعالى ان جعل الامامة في ذرية رسولاللّه و نسل المطهرة البتول أسهل لقبول الناس و أقرب لهم الى الطاعة و كان هذالبيت أشهر و أعرف البيوت فى العالم و كان معرفتهم قريبة الى أذهانهم و كان تكليفالناس بتفحص المعصوم من البيوت الخاملة نظير التكليف بما لا يطاق خصهم بهذه الموهبةالشريفة و قد تمسك به قريش فى صدر الاسلام على اولويتهم بالامر من الانصار بانهمعترة الرسول و العرب تدين لهم و لا تدين لغيرهم من القبائل و هذا الاحتجاج ثابتفى بنى هاشم و ذرية فاطمة بالنسبة الى غيرهم و اقتبسنا كثيرا من ذلك من كلام هشامبن الحكم (رحمه اللّه) فى مجلس يحيى بن خالد على ما رواه فى كتاب كمال الدين علىما يأتي ان شاء اللّه. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 270

المطهّرة البتول، لا مغمز فيه في نسب، و لا يدانيه ذو حسب، فيالبيت من قريش، و الذّروة من هاشم، و العترة من الرّسول صلى اللّه عليه و آله والرّضا من اللّه عزّ و جلّ،

___ الشرح __ :

قوله (و نسل المطهّرة البتول) بالرفع عطف على «معدن القدس»أو على «عالم لا يجهل» و بالجرّ عطف على «دعوة الرّسول». قال محي الدّين البغوي:البتل القطع و منه صدقة بتلة أي منقطعة عن مالكها و منه سميّت فاطمة البتول لانقطاعهعن النساء فضلا و دينا و حسبا.

قوله (و لا مغمز فيه في نسب) المغمز اسم مكان من الغمز و هوالطعن بالعيب و غيره ممّا يوجب نقض الشأن يعني ليس في نسبه لكونه شريفا رفيعا عيبيطعن به.

قوله (و لا يدانيه ذو حسب) أي ذو شرف و رفعة باعتبار الرّفعةالنسبيّة أو باعتبار صفاته الذّاتيّة و كمالاته العرضيّة. قال ابن الأثير و الجوهريّ:الحسب الشرف بالآباء و ما يعدّه الانسان من مفاخرهم، و قال ابن السكّيت: الحسبو الكرم يكونان في الرّجل و إن لم يكن له آباء لهم شرف. و الشرف و المجد لا يكونانإلّا بالآباء.

 

( الإمام من الذروة المصطفاة ) :

قوله (في البيت من قريش و الذّروة من هاشم) كان أبو النبيّصلى اللّه عليه و آله عبد اللّه، و أبو عليّ عليه السّلام أبو طالب أخوين أبوهمعبد المطلّب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالببن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بنمعد بن عدنان،

___ النص __ : ج‏5 ص 271

و هو من أولاد إسماعيل عليه السّلام و المشهور أنّه تقرّشتقريش من النضر بن كنانة و كان لكنانة ولد غير النضر و لا يسمّون قريشا و قيل: منفهر بن مالك بن النضر و سبب ذلك أنّ أولاد النضر كانوا تفرّقوا في البلاد لاستيلاءخزاعة عليهم فلمّا انتقل أمر مكّة من خزاعة إلى قصيّ بن كلاب جمع أولاد النضر فيمكّة فسمّوا قريشا لأنّهم لم قرّشوا أي لم يجتمعوا. و في قريش بطون كثيرة بنو هاشمو بنو المطلّب، قيل منهم الشافعي، و بنو اميّة و منهم عثمان، و بنو تيم و منهمأبو بكر، و بنو عدي و منهم عمر لو صحّ نسبه، و بنو جمح، و بنو فهر، و بنو عامربن لؤي إلى غير ذلك من بطونهم. قال المازري: غير قريش من العرب ليسوا بكفؤ لقريشو لا غير بني هاشم كفؤا لبني هاشم إلّا بنو المطّلب فإنّهم و بنو هاشم شيء واحد.

إذا عرفت هذا فنقول: دلّ هذا الخبر على أنّ الإمام يجب أنيكون من قريش‏ «1» و من الأولاد المعروفين لهاشم. و بالجملة يجب أن يكون قرشيّهاشميّا.

و في أخبار العامّة أيضا دلالة واضحة على الأوّل روى مسلم في كتابهعشرة أحاديث منها ما روي عنه صلى اللّه عليه و آله قال: «لا يزال هذا الأمرفي قريش ما بقي من الناس اثنان». و منها ما روى عن جابر بن سمرة قال: دخلتمع أبي على النبيّ صلى اللّه عليه و آله فسمعته يقول: «إنّ هذا الأمر لا ينقضيحتّى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة» ثمّ‏

___ الشرح __ :

 (1) قوله «يجب أن يكون من قريش» قال هشام بن الحكم في احتجاجهعلى ضرار على ما رواه في كمال الدين فى شرائط الامامة فى النسب فأما الاربع الّذيفى نعت نسبه بان يكون معروف الجنس معروف القبيلة معروف البيت و ان يكون من صاحبالملة و الدعوة و إليه اشارة فلم ير جنس من هذا الخلق أشهر من جنس العرب الذينمنهم صاحب الملة و الدعوة الّذي ينادى باسمه في كل يوم خمس مرات على الصوامع أشهدأن لا إله الا اللّه و أن محمدا رسول اللّه فتصل دعوته الى كل بر و فاجر و عالمو جاهل و مقر و منكر في شرق الارض و غربها و لو جاز أن يكون الحجة من اللّه علىهذا الخلق من غير هذا الجنس لأتى على الطالب المرتاد دهر من عصره لا يجده و لوجاز أن يطلبه في اجناس هذا الخلق من العجم و غيرهم لكان من حيث أراد اللّه ان يكونصلاحا أن يكون فسادا و لا يجوز هذا في حكم اللّه تعالى و عدله أن يفرض على الناسفريضة لا توجد فلما لم يجز ذلك لم يجز الا أن يكون في هذا الجنس لاتصاله بصاحبالملة و الدعوة و لم يجز أن يكون من هذا الجنس الا فى هذه القبيلة لم يجز أن يكونمن هذه القبيلة الا فى هذا البيت لقرب نسبه من صاحب الملة و الدعوة و لما كثر أهلهذا البيت و تشاجروا في الإمامة لعلوها و شرفها ادعاها كل واحد منهم فلميجز الا أن يكون من صاحب الملة و الدعوة إليه اشارة بعينه و اسمه و نسبه لئلا يطمعفيها غيره. انتهى كلامه (رحمه اللّه). (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 272

.........

___ الشرح __ :

تكلّم بكلام خفي عليّ قال: قلت لأبي: ما قال؟ قال: قال: «كلّهممن قريش».

و منها ما روى أيضا عن جابر بن سمرة بإسناد آخر أنّه قال:«سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول: «لا يزال الدّين قائما حتّى يقومالساعة و يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش». قال الآمديّ الشروط المختلفةفيها في الإمامة ستّة.

منها القرشيّة و هو المشهور عندنا بل هو مجمع عليه، من أنكرهاحتجّ بالإجماع و بالسنّة و بالمعقول.

أمّا الإجماع فهو أنّه لما قال عمر عند الوفاة: لو كان سالم مولىأبي حذيفة حيّا لم يخالجني فيه شكّ. و لم ينكر ذلك عليه أحد فكان إجماعا.

و أمّا السنّة فحديث «اطعه- أي الأمير- و لو كان عبدا حبشيّا».

و أمّا المعقول فإنّ الغرض من الإمامة السياسة و حماية حوزةالإسلام و القيام بقوانين الشرع و ذلك قد يحصل بغير القرشي فلا حاجة إلى نسب، واجيب بمنع الإجماع لأنّ الرّواية عن عمر مختلفة و بعدم صحّة الرّواية و بعدم حجّيةالاجماع السكوتي، و على تقدير قبول جميع ذلك فقد قيل إنّه كان قرشيّا و بأنّ حديث«لو كان عبدا حبشيّا» آحاد فلا يعارض الأخبار المتكثّرة المذكورة و الاجماع و بتقديرتواتره فليس فيه ما يدلّ على أنّه أراد الإمام فلعلّه أراد السلطان لخوف التقيّة«1» و غيره و ليس كلّ سلطان إماما «2»، و أمّا المعقول فلا يعارض الإجماع.

___ الشرح __ :

 (1) قوله «لخوف التقية و غيره» اعتراف منه مع كونه من اهلالسنة بالتقية (ش).

 (2) قوله «و ليس كل سلطان إماما» و الفرق بينهما خفى علىمذهبهم فان الوليد ابن يزيد كان إماما هو الّذي خرق المصحف و قال : اذا ما جئتربك يوم حشر   فقل يا رب مزقني الوليد

و الامير إسماعيل السامانى كان سلطانا و نام ليلة و المصحف عند قديمهو هو لا يعلم فقام من نومه و علم ذلك فبات سبع ليال قائما و المصحف بين يديه كفارةلما صدر منه غفلة. و لعل الفرق هذه النكتة الدقيقة. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 273

شرف الأشراف و الفرع من عبد مناف، نامي العلم كامل الحلم، مضطلعبالامامة، عالم‏

___ الشرح __ :

و منها الهاشميّة و هي ليست بشرط خلاقا لطوائف الشيعة، و قولهمباطل للإجماع على صحّة إمامة أبي بكر و عمر و ليسا بهاشميّين. هذا كلامه و فيهنظر لأنّ الإجماع على إمامتهما غير مسلّم لإباء كثير من الصحابة عن مبايعتهما باعترافهمأيضا كما ذكرناهم في أوّل هذا الباب و منهم أبو ذر رحمه اللّه و ضرب الأوّل‏ «1»إيّاه ضربا وجيعا و إخراجه عن المدينة مشهور لا ينكره أحد.

قوله (و العترة من الرّسول صلى اللّه عليه و آله) كما قال«إنّي تركت فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي» و في طريق العامّة «خلّفت فيكم الثقلينكتاب اللّه و عترتي» قال الجوهري: عترة الرّجل نسله و رهطه الأدنون. و قال ابنالأثير عترة الرّجل أخصّ أقاربه و عترة النبيّ بنو عبد المطّلب و قيل أهل بيتهالأقربون و هم أولاده و عليّ و أولاده عليهم السّلام‏

قوله (و الرّضا من اللّه تعالى) أي الإمام هو المرضي من عنداللّه تعالى و من البيّن أنّ هذا الوصف لا يعلمها إلّا هو فكيف يجوز لأحد أن يجعلغيره إماما لنفسه و لغيره و هو لا يعلم أنّه تعالى راض عنه أم لا.

قوله (شرف الاشراف) يعني أنّ الامام يجب أن يكون أشرف من كلّشريف فكيف يجعلون الثلاثة أئمّة مع أنّ بني هاشم أشرف منهم كما صرّح به المازريأيضا قال: غير بني هاشم ليسوا كفؤا لبني هاشم.

قوله (و الفرع من عبد مناف) و هو الجدّ الثالث للنبيّ و عليّعليهما السّلام و فرع كلّ قوم هو الشريف منهم. و فرع الرّجل أوّل أولاده و كانهاشم أوّل أولاد عبد مناف و أشرفهم و أمّا الثلاثة فأوّلهم يرفع نسبه إلى تيم بنمرّة بن كعب بن‏

___ الشرح __ :

 (1) كانه سهو و الصحيح الثالث.

___ النص __ : ج‏5 ص 274

 

( الإمام قائم بأمر الله وتوفيقه ) :

بالسياسة، مفروض الطاعة، قائم بأمر اللّه عزّ و جلّ، ناصح لعباداللّه، حافظ لدين‏

___ الشرح __ :

لؤي ففي مرّة بن كعب و هو الجدّ السادس للنبيّ يجتمع معه و ثانيهميرفع نسبه لو لم يطعن إلى عديّ بن كعب بن لؤي ففي كعب بن لؤي و هو الجدّ السابعللنبيّ يجتمع معه، و ثالثهم يرفع نسبه إلى عبد الشمس بن عبد مناف.

قوله (نامي العلم) إمّا من إضافة الصفة إلى الفاعل من نمىالشي‏ء إذا زاد و علمه يزداد لأنّه محدّث، أو من إضافتها إلى المفعول من نمى خيرإذا بلغه و رفعه كما هو و هو يبلغ علمه و يرفعه إلى الامّة كما هو من غير زيادةو نقصان.

قوله (كامل الحلم) أي كامل العقل أو كامل الأناة و التثبّتفي الامور لا يستخفّه شي‏ء من المكاره و لا يستفزّه الغضب على الرّعيّة بل ينتهيفي كلّ شي‏ء إلى مقداره.

قوله (مضطلع بالإمامة) الاضطلاع افتعال من الضلاعة و هي القوّةيقال: اضطلع بحمله أي قوي عليه و نهض به و الامام قوي على حمل أثقال الامامة منإجراء الأحكام و الحدود و ترويج القوانين كما أنزلت من غير تحريف و لا تبديل.

قوله (عالم بالسياسة) «1» سست الرّعيّة سياسة و سوّس الرّجلامور الناس على ما لم يسمّ فاعله إذا ملّك أمرهم يعني الامام عالم بأمور الناسو ما يصلحهم و ما يفسدهم و ما ينفعهم و ما يضرّهم فيحمل كلّ أحد على ما يتمّ بهنظامه و نظام الكلّ.

قوله (مفروض الطاعة) قولا و فعلا، عملا و عقلا لأنّه لا يجوزعليه الخطأ عندنا بوجه من الوجوه، و أمّا عند العامّة فحيث جوّزوا فيه الخطأ، قالوا:

الإمامة ولاية في الدّين و الدّنيا توجب طاعة الموصوف بها في غيرمنهيّ عنه و أمّا

___ الشرح __ :

 (1) قوله «عالم بالسياسة» قال فى المواقف: الجمهور على أنأهل الامامة مجتهد في الاصول و الفروع ليقوم بأمر الدين، ذو رأى ليقوم بأمور الملك،شجاع ليقوى على الذب عن الحوزة. و قيل لا يشترط هذه الصفات لأنها لا توجد فيكوناشتراطها عبثا أو تكليفا بما لا يطاق و مستلزما للمفاسد التى يمكن دفعها بنصب فاقدها،نعم يجب أن يكون عدلا لئلا يجور، عاقلا ليصلح للتصرفات، بالغا لقصور عقل الصبى،ذكرا اذا النساء ناقصات عقل و دين- الى أن قال- فهذه الصفات شروط بالإجماع. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 275

اللّه، إنّ الأنبياء و الأئمّة صلوات اللّه عليهم يوفّقهم اللّهو يؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق علم أهل الزمانفي قوله تعالى:

 «أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْلا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى‏، فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُون‏

___ الشرح __ :

فيه فلا تجب طاعته كما صرّح به الآبي في كتاب إكمال الإكمال و أنتإذا رجعت إلى صراحة عقلك تعلم أنّ من صدر منه منهيّ عنه في وقت من الأوقات سيّمفي وقت الإمامة لا يصلح للامامة.

قوله (قائم بأمر اللّه) تعالى أي قائم باجراء أمر اللّه تعالى علىخلقه، أو قائم بنصّه تعالى للامامة.

قوله (يوفّقهم اللّه) لادراك الحقائق أو للخيرات كلّها.

قوله (من مخزون علمه و حكمه) يحتمل أن يعطف حكمه على «مخزونعلمه» و يراد بالعلم المخزون العلم بأسرار التوحيد و أسرار القضاء و القدر و غيرذلك ممّا لا يبلغه إلّا عقول الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام و يراد بالحكمةالعلم بالقوانين الشرعيّة و عللها و إتقان العمل بها يعني الحكمة العمليّة بأقسامهو يحتمل أن يعطف على علمه و يراد بالعلم العلم بجميع الأشياء و بالحكمة العلم بهمع إتقان العمل في العمليّات فيكون من باب ذكر الخاصّ بعد العام.

قوله (في قوله تعالى‏ أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ‏) «1»في للسببيّة أو للظرفيّة و هو على التقديرين متعلّق بيكون أي كون علمهم فوق علمأهل زمانهم بسبب قوله تعالى أو مذكور في قوله تعالى و دلالته على ذلك ظاهر حيثدلّ على أنّ كلّ من‏

___ الشرح __ :

 (1) قوله‏ «أَ فَمَنْ يَهْدِي» استدلال بالآية الكريمة علىاشتراط الامامة بالعلم بل الاعلمية و لا يمكن أن ينازع فيه مسلم بعد تصريح القرآنفى آية لم يدّع أحد نسخها و اعترف به صاحب المواقف و شارحه عند اختلاف المدعينللخلافة و تشاجرهم فى الامامة قال ان لم يقع اختلاف فذاك و ان وقع يجب عندنا تقديمالاعلم فان تساويا فالأروع و ان تساويا فالأسن و بذلك تندفع الفتنة انتهى. و نقول:لم يعهد فى نصب الخلافة الا الاختلاف فقال الانصار فى اوّل يوم: منا أمير و منكمأمير و قال أكثرهم نختار سعد بن عبادة و كان أمير المؤمنين (ع) و من معه لا يرونالامر الا له، فكان الواجب عليهم تقديم الاعلم و هو بالاتفاق أمير المؤمنين (ع)فهو متعين للخلافة سواء كان عليه نص أو لم يكن و كذلك بقى الاختلاف بعدهم في كلزمان الا ان يقهر احدهم عدوه بالسيف و ليس للسيف حجة على الحق فما شرطوه فى الامامةلم يتحقق قط و لن يتحقق قطعا الى يوم القيامة. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 276

 

(الإمام حكيم أمة الإسلام ):

و قوله تبارك و تعالى: «وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَخَيْراً كَثِيراً» و قوله في طالوت: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُبَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ‏

___ الشرح __ :

يهدي إلى الحقّ و لا يحتاج في هدايته إلى غيره أحقّ بأن يتّبع ممّنلا يهتدي إليه إلّا أن يهديه غيره فدلّ على أنّ المتبوع لا بدّ أن يكون أعلم منالتابع فاذا كان كذلك فكيف يكون الثلاثة أئمّة مع وجود عليّ عليه السّلام و هوأعلم منهم باتّفاق الامّة «فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» بما يقتضي صريح العقلبطلانه.

قوله‏ (وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)ذمّ اللّه سبحانه الدّنيا و عدّ ما فيها قليلا حقيرا و عدّ الحكمة الّتي آتاهالأنبياء و الأوصياء (ع) خيرا كثيرا لأنّها مبدأ لجميع الخيرات الدّنيويّة و الاخرويّةبل هي نفسها فالمدح و الذّمّ و الكمال و النقص و التقدّم و التأخّر إنّما هي باعتبارهوجودا و عدما و هذا من أجلى الضروريّات فكيف يجوز تقدّم الجاهلين على الحكيم الرّبّاني.

قوله (في طالوت) طالوت اسم أعجميّ عبريّ، غير منصرف للعجمةو التعريف و في المعالم زعم أنّ أصله طولوت على وزن فعلوت من الطول‏ «1» قلبت الواوألفا سمّي بذلك لطوله و كان أطول من كلّ أحد برأسه و منكبه، و امتناع صرفه يدفعأن يكون منه و لمّا سأل اللّه نبيّهم إشموئيل باستدعاء قومه أن يبعث لهم ملكا اتيبعصا يقاس بها من يملك عليهم، فلم يساوها إلّا طالوت، فقال: هو ملك لكم، فقال قومه:أنّى يكون له الملك علينا و يستأهل للإمارة، و نحن أحقّ بالملك منه لشرافة النسب‏«2» و كثرة الأموال إذ كان من أولاد بنيامين و لم يكن فيهم النبوّة

___ الشرح __ :

 (1) قوله «فعلوت من الطول» و الصحيح أن طالوت غير عربى بلمعرب عن كلمة عبرية مع تغيير جوهرى فى حروفه و كان أصله شاول فهو مثل يحيى معربيوحانان، و عيسى معرب يشوعا. (ش).

 (2) قوله «لشرافة النسب» ان قيل ذكرتم فى شروط الامامة شرفالنسب و انتسابه الى بيت النبوة لاقتضاء قاعدة اللطف ذلك، و طالوت كان خاملا فكيفاختير للامارة من جانب اللّه تعالى؟ قلنا: انما شرطنا ذلك لان معرفته فى بيت النبوةأسهل على الناس و أطوع لهم، و اما طالوت فكان النبي و هو اشموئيل حاضرا فى عهدهو صرح بأنه مختار من اللّه تعالى للملك فعرفه الناس و لم يشكوا فى صدق نبيهم وكانوا طالبين له و منقادين لكل من نصبه بأمر فى مثله الانتساب الى بيت النبوة بخلافالامام الاعظم المطاع لجميع الامة بعد رحلته (ص) بتمادى الزمان و مضى القرون. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 277

يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ‏ و قاللنبيّه صلى اللّه عليه و آله: «أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَوَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً»و قال في الأئمّة

___ الشرح __ :

و الملك، و كانوا من أولاد لاوي بن يعقوب، و كانت النبوّة فيهم ومن أولاد يهودا و كان الملك فيهم، و لم يؤت معه من المال الّذي عليه مدار الملكو السلطنة إذ كان فقيرا راعيا أو سقّاء يسقي على حمار له من النيل (كذا؟)، أو دبّاغيعمل الأديم، على اختلاف الأقوال. «فقال لهم نبيّهم‏ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْوَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْيَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ» قال القاضي: لما استبعدوا تملّكه لفقره و سقوطنسبه ردّ عليهم ذلك أوّلا بأنّ العمدة، فيه اصطفاء اللّه و قد اختاره عليكم و هوأعلم بالمصالح منكم، و ثانيا بأنّ الشرط فيه وفور العلم ليتمكّن به من معرفة امورالسياسة، و جسامة البدن ليكون أعظم خطرا في القلوب و أقوى على مقاومة العدوّ ومكايدة الحروب لا ما ذكرتم. و قد زاده فيهما و كان الرّجل القائم يمدّ يده فينالرأسه، و ثالثا بأنّه تعالى مالك الملك على الإطلاق فله أن يؤتيه من يشاء، و رابعبأنّه واسع الفضل يوسّع على الفقير و يغنيه، عليم بمن يليق بالملك من النسب و غيره.أقول: إذا تأمّلت فيه عرفت أن اختيار الرئيس للّه تعالى لا للخلق لعلمه بالمصالح،و أنّ مناط التقدّم هو زيادة العلم بسياسة العباد و كمال القوّة على إجراء الأحكامو الحدود و أنّ الخلق معزولون عن الاختيار فدلّ ذلك على بطلان اختيارهم في الثلاثة.

قوله (و قال لنبيّه صلى اللّه عليه و آله) قد منّ اللّه تعالىعلى نبيّه بإنزال الكتاب و الحكمة و تعليم الأسرار و الشرائع و عدّ ذلك فضلا عظيمإذ لا يوازيه شي‏ء من‏

___ النص __ : ج‏5 ص 278

 

(الحساد الظلمة أقصوا الأئمة ) :

من أهل بيت نبيّه و عترته و ذرّيّته صلوات اللّه عليهم: «أَمْيَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‏ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَإِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. فَمِنْهُمْمَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى‏ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً»و إنّ العبد إذا اختاره اللّه عزّ و جلّ لامور عباده شرح صدره لذلك و أودع قلبهينابيع الحكمة

___ الشرح __ :

النعماء و عليه مدار الرّسالة و التبليغ و الغرض المطلوب من إيجادالإنسان. و من البيّن أنّ نائبه و القائم مقامه وجب أن يكون عالما بجميع ذلك لتصحّالنيابة و يتمّ الغرض فالجاهل بشي‏ء من ذلك لا يصحّ أن يكون إماما.

قوله‏ (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ) اريد بالناس و بآل إبراهيمأهل البيت و العترة عليهم السّلام و هم المحسودون بما آتاهم اللّه من فضله من العلمو العمل و العزّة و التقدّم على جميع الخلائق، و جعلهم ورثة الكتاب و الحكمة النبويّةو آتاهم ملكا عظيما و هي رئاسة الدّارين، فمن الامّة من آمن بما آتاهم و منهم منصدّ و أعرض عنه و لم يؤمن به، و كفاهم إن لم يعذّبوا في الدّنيا بجهنّم سعيرا أينار مسعورة ملتهبة يعذّبون بها في الآخرة.

قوله (و إنّ العبد إذا اختاره) دلّ على أنّه وجب أن يكون الإمامعالما بجميع مسائل الدّين و غيرها ممّا يحتاج إليه العباد باستعداد ذاتيّ و إيداعإلهيّ و إلهام ربانيّ حتّى لا يعجز بعده عن الجواب و لا يتعب به و لا يوقع في التحيّرفيه عن الصواب بالتشكيك و نحوه، و هذا مذهب الإماميّة و قال الآبي: كون الإمامعلى هذا الوصف غير معتبر فيه و إنّما المعتبر فيه كونه بحيث يقدر علي استنباط الحكمبالنصّ أو برأيه .

 و ردّ الآمدي على الإماميّة بأنّهم إن أرادوا بكون الإمامعالما بالجميع أن يكون متهيّأ قابلا للعلم به عند الحاجة من النصّ و الاستنباط،فهذا لا خلاف فيه‏ «1» لأنّ عندنا يشترط أن يكون الإمام مجتهدا و

___ الشرح __ :

 (1) قوله «فهذا لا خلاف فيه» ما ادعاه غير صحيح لانهم و اناشترطوا أول الامر كون الامام عالما لكن قالوا بعد ذلك ان لم يكن حصوله مجتمعمع سائر الشرائط ممكنا جاز اختيار الجاهل. و فى المواقف قيل لا يشترط هذه الصفاتيعنى الاجتهاد فى الفروع و الاصول و الشجاعة و الرأي لأنها لا توجد فيكون اشتراطهعبثا أو تكليفا بما لا يطاق و مستلزما للمفاسد التى يمكن دفعها بنصب فاقدها انتهىو هذا ظاهر في عملهم لانهم متفقون على صحة إمامة بنى امية و بنى العباس مع عدمكونهم مجتهدين فقول الأبي دعوى شهد أصحابه أنفسهم ببطلانها و انما ادعاها دفعللاستهجان و تبريا من نسبة افحش المقالات الى أصحابه، و الحاصل أنهم ان أرادومن الامام الوالي و الملك و الامير لا من البلاد و دفع الفتن فهذا حاصل بالبر والفاجر و العالم و الجاهل و المؤمن و الكافر و قد يحصل فى دولة الكفار أمن و عدالةلم يحصل فى دولة الخلفاء كما نقل في عهد اوكتاى من ملوك التتار و فى بلاد يحكمفيها النصارى عدل لا يخطر مثله ببال أحد من المسلمين و قد لا يصدقه من لم يعهدالعدل أصلا في بلاده، و ان أرادوا من الامام حفظ الدين و انفاذ أحكام اللّه تعالىو تقرير ما أراده تعالى من عباده بالحكمة و القدرة فهو شي‏ء زائد على معنى الاميرلا يتصور بدون العلم كما أن المعالج يجب أن يكون عالما بالطب فان لم يوجد لم يكفعنه غيره، و لا يجوز للضرورة تصدى غير الطبيب للعلاج، كذلك لا يحصل غرض الامامةمن فاقد علم الدين و ان لم يوجد العالم به و سائر ما ذكروه هو سات باطلة و ترهاتدعاهم الى نسجها حفظ عرض ملوكهم الموتى و تصحيح مظالمهم فى القرون الماضية، و انميتملق من الاحياء لا من الاموات و لا داعى الى النظر في أفعال الماضين الا بعينالحق فما الفائدة فى تبرئة معاوية و أمثاله من سائر الظلمة الماضين و اثبات الفضائلالدينية و الكمالات النفسانية بعد أن انقطعت يده من الكنوز و لا يرجى جوائزه وكان لمعاصريه عذر حين تملقوا له و لم يكن هو على ما قرره فى المواقف من شرائط الامامالا ملكا من ملوك العرب و التكلم في أخلاقه و صفاته كالتكلم فى نعمان بن منذر وجذيمة الابرش، و الامام ان كان شيئا فوق الامير و الملك فهو ما يقوله الاماميةو ان كان هو الامير و الملك فلا يشترط فيه شي‏ء أصلا من الصفات التى ذكروها و انكان فيه صفات فهو من قبيل حكم العقل فى امور الدنيا كاحتياج البستان الى الماءو البيت الى السقف. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 279

و ألهمه العلم إلهاما فلم يعي بعده بجواب، و لا يحير فيه عن الصواب،فهو معصوم‏

___ الشرح __ :

إن أرادوا أن يكون حافظا للجميع فهو باطل للإجماع على صحّةإمامة أبي بكر و عمر و عثمان و لم يكونوا كذلك و قد كان الواحد منهم يسأل غيرهعن النصوص الواردة في النازلة، و أيضا لو اشترط ذلك في الإمام لاشترط ذلك في نائبهمن قاض و غيره. هذا كلامه، و لا يخفى ما فيه لأنّ الإجماع على إمامة شيوخهم لميثبت و قد مرّ ذلك، و أمّا ما ذكر من سؤالهم فهو حقّ دالّ على جهالتهم و الجاهللا يكون إماما للعالم كما يحكم به العقل الصحيح، و أمّا النقض بالنائب فليس بشيءإذ قد يكون في الأصل ما ليس في الفرع على أنّا نقول لا يجوز للنائب أن يحكم برأيهبل يجب عليه الرّجوع إلى إمامه.

 

( الإمام معصوم مسدد ) :

قوله (فهو معصوم) عصمة الإمام شرط في صحّة إمامته و إلّا لم يكن بينهو بين غيره فرق و لم يحصل للرّعية وثوق بقوله و فعله و هو مذهب أكثر طوائف‏

___ النص __ : ج‏5 ص 280

مؤيّد موفّق مسدّد، قد أمن من الخطايا و الزّلل و العثار، يخصّهاللّه بذلك ليكون‏

___ الشرح __ :

الشيعة خلافا للأشعريّة و المعتزلة و الخوارج و جميع فرق العامّةو احتجّوا بالإجماع على إمامة أبي بكر و عمر و عثمان مع الإجماع على أنّهم لم يكونومعصومين و الإجماع الأوّل لم يثبت و قد عرفت آنفا حاله إجمالا، و أمّا التفصيلفليس هذا موضعه.

قوله (مؤيّد) مؤيّد اسم مفعول من الأيد و هو الشدّة و القوّةيعني جعله اللّه تعالى ذا قوّة في الحرب و آدابه و في الدّين و أحكامه و وفّقهللعلم بجميع الخيرات و وجوه مصالحها و سدّده للقصد من القول و العمل و قوله «منالخطاء»- بفتح الخاء و قد يمدّ و هو ضدّ الصواب، أو بكسرها و هو الذّنب و الإثم-ناظر إلى المؤيّد لأنّ كمال قوّته في الدّين يمنعه من الخطأ. وقوله (و الزلل)ناظر إلى الموفّق لأنّ توفيقه للعلم بجميع الخيرات يمنعه من زلّة عقله فيه. و قوله«و العثار» ناظر إلى المسدّد لأنّ تسديده للقول و العمل يمنعه من العثار فيهم«1»

___ الشرح __ :

 (1) قوله «يمنعه من العثار فيهما» كلام الامام (ع) من قولهفهو معصوم مؤيد الى قوله‏ «وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»* فى متن الحديثتصريح باشتراط العصمة و تعريفها و بيان الدليل عليه و لم يخالف فيه أحد من الاماميةفهو من الاحاديث المجمع على صحة مضمونها و قد نقل اهل السنة أيضا اشتراط العصمةمن مذهب الامامية و الاسماعيلية بل نقله المؤرخون عن الكيسانية فى قصة المختارو انهم كانوا يدعون عصمته، و اما ما ينسب الى الصدوق من نسبة السهو فى الصلاة الىالنبي (ص) و ما روى من نسيان زين العابدين (ع) قراءة الحمد في الصلاة أو اكل الرض(ع) البيض التي قومر بها جاهلا ثم تقيا و ما التزم به بعض فقهائنا المتأخرين منأن علم الامام بالموضوعات غير واجب فيجوز أن لا يعلم انطباق وزن الكر على مساحتهمثلا فلا عبرة بجميع ذلك. اما الروايات فلعدم تواترها و لا حجة لغير المتواتر فىاصول الدين. و أما قول من لم يتدبر في الاصول الاعتقادية فلا يعتنى به فيما ليتعلق بفنه، و أما قول الصدوق عليه الرحمة فسهو منه و هو أولى بالسهو من النبي(ص) كما أن راوي الخبر و هو ذو اليدين أولى بالسهو من الصدوق رحمه اللّه اذ ربميسهو الراوي في فهم ما وقع و نقله لأنه من طبقة العامة.

 و بالجملة فلا ريب عندنا في اشتراط العصمة و استدل عليه الامام(ع) في هذا الحديث بقوله ليكون حجته على عباده و هو برهان واضح استدل به علماؤنأيضا على وجوب العصمة و ذلك لان من يحتمل خطاؤه عمدا أو سهوا أو نسيانا لم يكنقوله و فعله و تقريره حجة اذ لا يجوز أن يفعل حراما سهوا و لا غضاضة عليه فيه فلحجة في فعله أو يعمل أحد في محضره عملا لا يلتفت إليه حتى ينهاه فلا يكون تقريرهحجة و نعلم ان الشيعة بل جميع المسلمين استدلوا على جواز كثير من الافعال و صحتهبان النبي (ص) فعله مرة واحدة أو فعل عنده و لم يمنع عنه مرة واحدة فان قيل يتمسكونبأصالة عدم السهو و أصالة الالتفات و أمثال ذلك. قلنا فيلزم منه حصول الظن من قولالحجة لا حصول اليقين فاذا قام على خلافه أمارة أقوى جاز التخلف عنه الى الظن الاقوىو الحق أن نسبة الظن الى النبي و الامام ينافى اللطف و يوجب رفع الاطمئنان و عدمالتزام الناس بإطاعة قول من يظن منه الغلط نعم لا يبعد من المداولين للظنون و الملابسينلاتباع المرجحات الخضوع للظن بحسب العادة لكن الناس مطلقا ليسوا كذلك فاذا قيللهم يجوز أن يغلط الامام و يسهو فى أحكامه رفضوا متابعة الدين و أحكام اللّه تعالىو لا يريد الملاحدة فى زماننا من الناس الا ذلك و ما التوفيق الا باللّه و أناستغفر اللّه من ذكر كلمة السهو عند ذكر المعصومين سلام اللّه عليهم أجمعين و انأدانا إليه الضرورة. (ش).

___ النص __ : ج‏5 ص 281

حجّته [البالغة] على عباده و شاهده على خلقه و ذلك فضل اللّه يؤتيهمن يشاء و اللّه ذو الفضل العظيم، فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه؟ أو يكون مختارهمبهذه الصفة فيقدّمونه؟ تعدّوا- و بيت اللّه- الحقّ و نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهمكأنّهم لا يعلمون، و في كتاب اللّه الهدى و الشفاء، فنبذوه و اتّبعوا أهواءهم،فذمّهم اللّه و

___ الشرح __ :

و السقوط عن منهج صوابهما.

 

( مواصفات الإمام لا يعرف ) :

قوله (فهل يقدرون على مثل هذا) أي على معرفة مثل هذا و الاستفهامللإنكار لأنّ الصفات الجليلة المذكورة لا يصل إليها عقول العباد.

قوله (كأنّهم لا يعلمون) أي لا يعلمون الحقّ و الكتاب. و فيلفظ كان إشعار بأنّهم فعلوا ذلك عالمين إلّا أنّ فعلهم لمّا كان شبيها بفعل الجاهلينشبّههم‏ بهم.

___ النص __ : ج‏5 ص 282

مقتهم و أتعسهم، فقال جلّ و تعالى: «وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَهَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»و قال: «فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ» و قال:

 «كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوكَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ» و صلّى اللّهعلى النبيّ محمّد و آله و سلّم تسليما كثيرا

___ الشرح __ :

قوله (و مقتهم و أتعسهم) مقته مقتا أبغضه و هو مقيت و ممقوت،و أتعسه أهلكه. و التعس الهلاك و أصله الكبّ و هو ضدّ الانتعاش.

قوله‏ (وَ مَنْ أَضَلُّ) نفى ظاهرا زيادة الضلالة عن غير مناتّبع هواه و أثبتها باطنا لهم و أكّد ذلك بقوله‏ «بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ»و هو حال عن فاعل اتّبع للتأكيد، و أمّا جعله للتقييد و الاحتراز باعتبار أن هوىالنفس قد يوافق الحقّ فهو مدفوع لأنّ اتّباع الهوى من حيث هو مذموم، ثمّ أشار إلىطبع قلوبهم و سوء عاقبتهم مؤكّدا بقوله: «إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»لأنفسهم بمتابعة هواها لإبطالهم الاستعداد الفطري و وغولهم في الجهل المركّب المانعمن قبول الحقّ والهداية.

قوله (و قال: فَتَعْساً لَهُمْ‏) قال الجوهريّ يقال: تعسلفلان أي ألزمه اللّه هلاكا فهو منصوب بفعل مقدّر وقوله:(وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ)أي أبطلها فلم يجدوا لها أثرا عند ما يجد العاملون أثر أعمالهم عطف على ذلك المقدّر.

قوله (و قال‏ كَبُرَ مَقْتاً) أي كبر الّذين يجادلون في آياتاللّه بغير سلطان و حجّة أتاهم بل بمجرّد رأي أو تقليد أو شبهة باطلة مقتا عنداللّه و عند الّذين آمنوا باللّه و برسوله و كتابه و الأئمّة الطاهرين، و يحتملأن يكون فاعل «كبر» ضمير المقت أي كبر المقت مقتا، ثمّ أشار إلى السبب الباعث لهمعلى ذلك بقوله و كذلك أي كبر المقت مثل ذلك الجدال لأجل أنّه يطبع اللّه على كلّقلب متكبّر عن سماع آيات اللّه جبّار يقهر غيره على ما أراد ظلما، و إنّما قدّمالكلّ‏ على القلب لإفادة شمول الطبع و الظلمة. و قد عرفت معنى الطبع آنفا».

شرح الكافي الأصول و الروضة للمولى صالح المازندراني ج5ص228إلىصفحة 282ح1 .

 


 

 

 

 

 

 

حديث غصب الخلافة :

يا طيب : للإمام علي عليه السلام كلام كثير في بيان غصب الخلافةمن عصابة متفقه على منعه منها ، ويكفي قوله عليه السلام :

احتجوا بالشجرة وتركوا الثمرة .

وهو عليه السلام : شجرة وثمرة النبوة وولي الله وحجة في أحاديثكثيرة ، ولكن لكي نعرف كيف استولوا بالسيف والتعنت ، على غصب الخلافة ، نذكر هذالحديث ، وهو يشرح نفسه :

قال الصدوق : حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبيعبد الله البرقي قال : حدثني أبي ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال : حدثنيالنهيكي قال ، حدثنا أبو محمد خلف بن سالم قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنشعبة ، عن عثمان بن المغيرة ، عن زيد بن وهب قال :

صحابة أنكروا على الأول خلافته :

كان الذين أنكروا : على أبي بكر جلوسه في الخلافة وتقدمه علىعلي بن أبي طالب عليه السلام أثنى عشر رجلا من المهاجرين والأنصار ، وكان منالمهاجرين : خالد بن سعيد بن العاص ، والمقداد بن الأسود ، وأُبي بن كعب ،وعمار بن ياسر ، وأبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وعبد الله بن مسعود ، وبريدةالأسلمي .

وكان من الأنصار : خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وسهل بن حنيف، وأبو أيوب الأنصاري ، وأبو الهيثم بن التيهان وغيرهم .

فلما صعد المنبر ـ أبو بكر ـ تشاوروا بينهم في أمره ، فقال بعضهم: هلا نأتيه فننزله عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله .

المحتجون عند الإمام علي :

 وقال آخرون : إن فعلتم ذلك أعنتم على أنفسكم وقال الله عزوجل : { وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ }البقرة195 ،ولكن امضوا بنا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام نستشيره ونستطلع أمره ، فأتوعليا عليه السلام فقالوا :

 يا أمير المؤمنين : ضيعت نفسك وتركت حقا أنت أولى به ، وقدأردنا أن نأتي الرجل فننزله عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله فإن الحق حقك، وأنت أولى بالأمر منه فكرهنا أن ننزله من دون مشاورتك .

 فقال لهم علي عليه السلام : لو فعلتم ذلك ما كنتم إلا حربلهم ولا كنتم إلا كالكحل في العين أو كالملح في الزاد ، وقد اتفقت عليه الأمة التاركةلقول نبيها والكاذبة على ربها ، ولقد شاورت في ذلك أهل بيتي فأبوا إلا السكوت لمتعلمون من وغر صدور القوم ـ توقد عليهم من الغيظ ـ وبغضهم لله عز وجل ولأهل بيتنبيه عليهم السلام .

 وإنهم يطالبون : بثارات الجاهلية والله لو فعلتم ذلك لشهروسيوفهم مستعدين للحرب والقتال كما فعلوا ذلك حتى قهروني وغلبوني على نفسي ولببونيـ أي أخذوا بتلبيبي وجروني ـ وقالوا لي : بايع وإلا قتلناك ، فلم أجد حيلةإلا أن أدفع القوم عن نفسي ، وذاك أني ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وآله :

( يا علي إن القوم نقضوا أمرك واستبدوا بها دونك ، وعصوني فيك ،  فعليك بالصبر حتى ينزل الأمر ، ألا وإنهم سيغدرون بك لا محالة ، فلا تجعل لهمسبيلا إلى إذلالك وسفك دمك ، فإن الأمة ستغدر بك بعدي كذلك أخبرني جبرائيل عليهالسلام عن ربى تبارك وتعالى ) .

ولكن ائتوا الرجل : فأخبروه بما سمعتم من نبيكم ولا تجعلوهفي الشبهة من أمره ، ليكون ذلك أعظم للحجة عليه وأزيد وأبلغ في عقوبته إذا أتىربه ، وقد عصى نبيه وخالف أمره .

قال : فانطلقوا حتى حفوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وآلهيوم جمعة فقالوا للمهاجرين : إن الله عز وجل بدأبكم في القرآن فقال : { لَقَدْتَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ ٌ}التوبة117 ،فبكم بدأ .

 احتجاج خالد بن سعيد :

وكان أول من بدأ وقام خالد بن سعيد بن العاص بإدلاله ببني أميةفقال:

 يا أبا بكر :

اتق الله فقد علمت ما تقدم لعلي عليه السلام من رسول اللهصلى الله عليه وآله ، ألا تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لنا ونحن محتوشوهفي يوم بني قريظة ، وقد أقبل على رجال منا ذوي قدر فقال :

( يا معشر المهاجرين والأنصار أوصيكم بوصية فاحفظوها وإني مؤد إليكمأمرا فاقبلوه ، ألا إن عليا أميركم من بعدي وخليفتي فيكم ، أوصاني بذلك ربي وإنكمإن لم تحفظوا وصيتي فيه وتأووه وتنصروه ، اختلفتم في أحكامكم ، واضطرب عليكم أمردينكم ، وولي عليكم الأمر شراركم .

 ألا وإن أهل بيتي هم الوارثون أمري ، القائلون بأمر أمتي . اللهمفمن حفظ فيهم وصيتي فاحشره في زمرتي ، واجعل له من مرافقتي نصيبا يدرك به فوز الآخرة.  اللهم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي فأحرمه الجنة التي عرضها السماوات والأرض) .

فقال له عمر بن الخطاب : اسكت يا خالد فلست من أهلالمشورة ولا ممن يرضى بقوله .

 فقال خالد : بل اسكت أنت يا ابن الخطاب فوالله إنك لتعلمأنك تنطق بغير لسانك ، وتعتصم بغير أركانك ، والله إن قريشا لتعلم ، أني أعلاهحسبا وأقواها أدبا وأجملها ذكرا وأقلها غنى من الله ورسوله ، و إنك ألأمها حسب، وأقلها عددا وأخملها ذكرا ، وأقلها من الله عز وجل ومن رسوله ، وإنك لجبان عندالحرب ، بخيل في الجدب ، ليئم العنصر ما لك في قريش مفخر .

 قال : فأسكته خالد فجلس .

 احتجاج أبو ذر الغفاري :

ثم قام أبو ذر فقال : بعد أن حمد الله وأثنى عليه : أما بعديا معشر المهاجرين والأنصار ، لقد علمتم وعلم خياركم أن رسول الله صلى الله عليهوآله قال :

 ( الأمر لعلي عليه السلام بعدي ، ثم للحسن والحسين عليهما السلام، ثم في أهل بيتي من ولد الحسين ) .

فأطرحتم قول نبيكم :وتناسيتم ما أوعز إليكم ، واتبعتم الدني، وتركتم نعيم الآخرة الباقية التي لا تهدم بنيانها ولا يزول نعيمها ، ولا يحزنأهلها ولا يموت سكانها ، وكذلك الأمم التي كفرت بعد أنبيائها بدلت وغيرت ، فحاذيتموهحذو القذة بالقذة ، والنعل بالنعل ، فعما قليل تذوقون وبال أمركم وما الله بظلامللعبيد ثم قال :

 احتجاج سلمان الفارس :

ثم قام سلمان الفارسي فقال :

 يا أبا بكر إلى من تستند أمرك إذا نزل بك القضاء ، وإلى من تفزعإذا سئلت عما لا تعلم ، وفي القوم من هو أعلم منك وأكثر في الخير أعلاما ومناقبمنك ، وأقرب من رسول الله صلى الله عليه وآله قرابة وقدمته في حياته،  قد أوعزإليكم فتركتم قوله وتناسيتم وصيته .

 فعما قليل يصفوا لكم الأمر حين تزوروا القبور ، وقد أثقلت ظهرك منالأوزار ، لو حملت إلى قبرك لقدمت على ما قدمت ، فلو راجعت إلى الحق وأنصفت أهلهلكان ذلك نجاة لك يوم تحتاج إلى عملك وتفرد في حفرتك بذنوبك عما أنت له فاعل ،وقد سمعت كما سمعنا ورأيت كما رأينا ، فلم يروعك ذلك عما أنت له فاعل ، فالله اللهفي نفسك فقد أعذر من أنذر .

 احتجاج المقداد :

ثم قام المقداد بن الأسود فقال :

يا أبا بكر : إربع على نفسك ، وقس شبرك بفترك ـ أي لا تتجاوز حدكـ وألزم بيتك ، وابك على خطيئتك ؛ فإن ذلك أسلم لك في حياتك ومماتك ، ورد هذا الأمرإلى حيث جعله الله عزّ وجلّ ورسوله ولا تركن إلى الدنيا ولا يغرنك من قد ترى منأوغادها ـ الدني ـ فعما قليل تضمحل عنك دنياك ، ثم تصير إلى ربك فيجزيك بعملك وقدعلمت أن هذا الأمر لعلي عليه السلام ، وهو صاحبه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد نصحتك إن قبلت نصحي .

احتجاج بريدة الأسلمي :

ثم قام بريدة الأسلمي فقال :

يا أبا بكر : نسيت أم تناسيت أم خادعتك نفسك ، أما تذكر إذا أمرنرسول الله صلى الله عليه وآله فسلمنا على علي بإمرة المؤمنين ، ونبينا عليه السلامبين أظهرنا فاتق الله ربك وأدرك نفسك قبل أن لا تدركها وأنقذها من هلكتها ، ودعهذا الأمر ووكله إلى من هو أحق به منك ، ولا تماد في غيك ، وارجع وأنت تستطيع الرجوع، فقد نصحتك نصحي وبذلت لك ما عندي ، فإن قبلت وفقت ورشدت .

 (احتجاج عبد الله بن مسعود) :

ثم قام عبد الله بن مسعود فقال :

يا معشر قريش قد علمتم وعلم خياركم أن أهل بيت نبيكم صلى الله عليهوآله أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله منكم ، وإن كنتم إنما تدعون هذا الأمربقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وتقولون إن السابقة لنا .

فأهل نبيكم أقرب إلى رسول الله منكم وأقدم سابقة منكم ، وعلي بن أبيطالب عليه السلام صاحب هذا الأمر بعد نبيكم ، فأعطوه ما جعله الله له ولا ترتدوعلى أعقابكم فتنقلبوا خاسرين .

 ( احتجاج عمار بن ياسر ) :

ثم قام عمار بن ياسر فقال :

يا أبا بكر : لا تجعل لنفسك حقا جعله الله عز وجل لغيرك ، ولا تكنأول من عصى رسول الله صلى الله عليه وآله وخالفه في أهل بيته ، واردد الحق إلىأهله تخف ظهرك وتقل وزرك وتلقى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو عنك راض ، ثميصير إلى الرحمن فيحاسبك بعملك ويسألك عما فعلت .

 ( احتجاج ذو الشهادتين) :

ثم قام خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين فقال : يا أبا بكر : ألستتعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قبل شهادتي وحدي ولم يرد معي غيري ؟ قال: نعم .

 قال : فأشهد بالله أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :

 ( أهل بيتي يفرقون بين الحق والباطل ، وهم الأئمة الذين يقتدىبهم ).

( احتجاج مجموعة من الصحابة )

ثم قام أبو الهيثم بن التيهان فقال :

يا أبا بكر : أنا أشهد على النبي صلى الله عليه وآله أنه أقام علياً، فقالت الأنصار : ما أقامه إلا للخلافة ، وقال بعضهم : ما أقامه إلا ليعلم الناسأنه ولي من كان رسول الله صلى الله عليه وآله مولاه .  فقال عليه السلام : ( إنأهل بيتي نجوم أهل الأرض فقدموهم ولا تقدموهم ) . ثم قام سهل بن حنيف فقال :اشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله قال على المنبر :( إمامكم من بعديعلي بن أبي طالب عليه السلام ، وهو أنصح الناس لأمتي ) .

 

ثم قام أبو أيوب الأنصاري فقال :

اتقوا الله في أهل بيت نبيكم وردوا هذا الأمر إليهم فقد سمعتم كمسمعنا في مقام بعد مقام من نبي الله صلى الله عليه وآله :

( أنهم أولى به منكم ) ثم جلس .

 

ثم قام زيد بن وهب فتكلم ، وقام جماعة من بعده فتكلموا بنحوهذا .

 

 فأخبر الثقة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله : أن أببكر جلس في بيته ثلاثة أيام .

 

 فلما كان اليوم الثالث : أتاه عمر بن الخطاب وطلحةوالزبير ، وعثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبو عبيدةبن الجراح مع كل واحد منهم عشرة رجال من عشائرهم شاهرين السيوف فأخرجوه من منزلهوعلا المنبر ، وقال قائل منهم : والله لئن عاد منكم أحد فتكلم بمثل الذي تكلم بهلنملان أسيافنا منه ، فجلسوا في منازلهم ولم يتكلم أحد بعد ذلك ) .

الخصال ص462 ب12ح4.

 


 

عناوين مفيدة :

تقبل الله أعمالكم وشكر سعيكم
صحيفة حديث الإمام والإمامة وأهميتها وكرامتها عند الله تعالى والمؤمنين
صحيفة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام

عليه السلام

تأليف وتحقيق وإعداد
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين


يا طيب : تم التبليغ لتعريف الحديث بهذه العبارات :

بمناسبة عشرة الكرامة : من 1 ذي القعدة تولد فاطمة المعصومة بنت موسى بن جعفر عليها السلام ، وولادة أخيها الإمام الثامن علي بن موسى الرضا عليه السلام في 11 ذي القعدة .

 فإليكم يا طيبين :

 أكمل وأتم : وأفضل وأحسن ، وأجمل وأروع ، حديث في معنى الإمامة وتعريفها ، وفضلها وأهميتها وحقائقها وشأنها الكريم العظيم ، وضرورة وجودها في الدين الإسلام .

 وبيان معنى الإمام : وخصائصه وفضائله وعلو منزلته ، وعظيم شأنه وكرامته عند الله سبحانه وتعالى .

ولا يوجد حديث : شامل عام بالآيات وعقلا ونقلا وفطرة ووجدانا ، ولا بسعة معارفه  يفصل حق وحقائق الإمامة والإمام مثله في المذهب الشيعي فضلا عن غيره .

وضروري جدا : ولابد حتما لاستقرار الإيمان واطمئنان النفس أن يقرئه أو يسمعه المؤمن الموالي ولو بالعمرة مرة ، إن لم نقل بالسنة أو بالشهر مرة ، ليثبت الإيمان بأعلى المعرفة في وجودنا فيطيبنا ، وليشرق علينا أنوار الحق الساطعة فيلهمنا أكمل الإيمان فتطهر أرواحنا ، ويهبنا فرحة تشرح صدورنا ، وسرورا بمعرفة الهدى الحق والصدق فيسعدنا ، وشذا عطر نفحات توجهنا لربنا فتولهنا في نعيم رضاه سبحانه  ، ولنشكر الله تعالى صادقين على ما عرفنا من منزلة المصطفين الأخيار والطاهرين الأبرار  ، وذلك حين جعلنا من مواليهم ومحبهم ومتابعيهم وناصريهم ومتعلمي معارفهم صلى الله عليهم وسلم والعاملين بها إن شاء الله .

والحديث : عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام فأسمعه كرامة له بمناسبة ميلاده الكريم ...

وقد تم إلقاءه كمحاضرة : للشيخ حسن جليل الأنباري في غرفة الحق الشيعية على برنامج البالتوك سنة 1428 ، وكانت الموقع الشيعي الكبير لتعريف الهدى الحق وصدقه قبل نشوء المواقع الاجتماعية وظهور برامج الموبايل....

وا تنزل المحاضرة من گوگل درايف :

https://drive.google.com/file/d/0BzQSGz-qSyihUVZqTjh3WFp2OFE/view

أو من موسوعة صحف الطيبين :

www.alanbare.com/8/8h.mp3

أستمع للمحاضرة يا طيب مشكورا : حديث حقائق وفضل الإمامة والإمام عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام وهو يشمل معارف كريمة عن تعريف الإمامة والإمام وما لهما من الشأن الكريم من الله في عباده

نص الحديث :

ملف بي دي أف صالح للمطالعة على الحاسب والجوال

www.alanbare.com/8/8h.pdf

 

أو تصفح الحديث والأقتباس منه بالنسخ ونشره باللصق على المواقع الاجتماعية كواتساب وفيس بوك وغيرهما ..

www.alanbare.com/8/8h

لتصفح صحيفة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام على الانترنيت صفحة ويب يمكن الاقتباس منها و للنسخ ثم اللصق في المواقع الاجتماعية

www.alanbare.com/8

ملف بي دي أف جيد للمطالعة والقراءة

www.alanbare.com/1/1.pdf

 

أعداد وبيان

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

www.alanbare.com

 


أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وآله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
https://www.alanbare.com





  ف ✐
  ✺ ت