بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين

في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____




صحيفة أبو جعفر الجواد
محمد بن علي بن موسى
الإمام التاسع والمعصوم الحادي عشر

عليه السلام

ولحضرتكم يا طيب :
مختصر حياته الكريمة :

الإمام اسمه : محمد عليه السلام .

كنيته : أبو جعفر . ويقال له : أبو جعفر الثاني ، بعد جده الإمام الباقر أبو جعفر الأول

لقبه : الجواد ، و التقي ، وهما أشهر لقبين له.

وآلقابه الأخرى : المختار ، والمرتضى ، والمتوكل ، والمتقي ، والزكي ، والتقي ، والمنتجب ، والمرتضى ، والقانع ، والجواد ، والعالم . والعالم الربانى ، ظاهر المعاني ، قليل التواني ، ، المتوشح بالرضا ، المستسلم للقضاء ، له من الله أكثر الرضا ، ابن الرضا ، توارث الشرف كابرا عن كابر ، وشهد له بذا الصوامع ، استسقى عروقه من منبع النبوة ، ورضعت شجرته ثدي الرسالة ، وتهدلت أغصانه ثمر الإمامة . ذكرها في المناقب وغيره

والده : الإمام علي موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .

اسم أُمه المكرمة :أمه أم ولد يقال لها سبيكة ، وهي نوبية . وقيل أيضا : إن اسمها كان ، خيزران ، وروي : أنها كانت من أهل بيت أم المؤمنين مارية القبطية ، أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله . .

ولد عليه السلام : في مدينة جده ، المدينة المنورة ، في شهر 10 شهر رجب سنة 195 , وقيل في شهر رمضان .

 أقام مع أبيه : ثمان 8 سنوات .

مدة إمامته : بعد شهادة أبيه الرضا عليه السلام كانت 17 سبعة عشر سنة .

هُجر من المدينة المنورة : سنة 220 إلى بغداد بأمر الحاكم العباس المعتصم

استشهد عليه السلام : في سنة 220 للهجرة ودفن عند مرقد جده موسى بن جعفر في مقابر قريش في بغداد ، والآن تسمى مدينة الكاظمية ، وهي عامر بمرقده وبمرقد جده ولهما قبتان في أفق السماء تنير كل طيب لمحل الهدى ودين الله الحق .

عمره الشريف : مدته 25 سنة .

فسلام الله عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا


وصحيفة الإمام محمد الجواد عليه السلام :

في أكثر من 340 صفحة فتدبر فيها واقتبس ما تشاء منها وبالخصوص حكمه وأحاديثه ومواعظه ، أو أختر شرح أبوذية ودارمي كالجواد أو النقي كاملا ، وأنشره في المواقع الاجتماعية مشكورا ، ولكم من الله الأجر والثواب الجزيل .

تأليف : خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن جليل الأنباري

موسوعة صحف الطيبين في أصول الدين وسيرة المعصومين عليهم السلام

صحيفة الإمام محمد الجواد عليه السلام

https://www.alanbare.com/9
أو من
https://www.alanbare.com/9/9.pdf

صحيفة الإمام التاسع أبو جعفر الثاني محمد الجواد عليه السلام  ، الصورة أوضح
صحيفة الإمام التاسع أبو جعفر الثاني محمد الجواد عليه السلام

صحيفة الإمام محمد الجواد عليه السلام
من هنا
تَنْزِيلُ الصَّحِيفَةُ وَقِرَاءتُها

كتاب الكتروني بي دي اف pdf

جيد للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب
رحم الله الشيخ الأنباري إذ قال :

سلام الله على إمامنا محمد الجواد

و سابق بعلومه لطاعة الله كالجواد

وأعمل بها و كن بها الكريم الجواد

والعالم العامل أفضل أهل العبودية


محاضرات حول الإمام الجواد :

صحيفة الإمام التاسع أبو جعفر الثاني محمد الجواد عليه السلام

المحاضرة الأولى :

محاضرة : فيها معارف قيمة عن حياة الإمام الجواد عليه السلام وشأنه الكريم ، ومعرفة قصص رائعة في أدلة إمامته وعلو مقامه عند أبيه وأهل بيته الهاشميين والشيعة ، وكيف تيقنوا إمامته مع صغر سنه وكان 7 سنوات ، وكيف عرفوا فضله فأقروا له بالولاية التامة ، مع ذكر لقصة تبين علمه وفضله عند الخليفة العباسي حتى حسده القضاة وتسببوا بشهادته عليه السلام :

وتجد المحاضرة على الروابط الآية :

www.alanbare.com/9/9.mp3

المحاضرة الثانية :

محاضرة : قيمة كريمة فيها أعلى معارف التوحيد وتجلي نور الله وكيف وصفه بالأسماء والصفات ، بشرح حديث عرفه وشرحه لنا الإمام الجواد عليه السلام ، ولابد من إتقان تعاليمه لمعرفة عظم الرب بحق ، وكيف نتوجه له بالتوسل له بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، ومعارف جليلة في التعقل والشيئية والصمدية وغيرها عن الإمام الجواد عليه السلام .

فتدبر بها يا طيب : وأسمعها ، إن كنت تحب تعاليم الحق في معرفة جلال الله وكبريائه وعلمه ولطفه وقوته وقدرته ...

تنزيل وسماع المحاضرة من الروابط الآتية:

www.alanbare.com/9/9a.mp3

المحاضرة الثالثة :

وفي المحاضرة السابقة : تم بيان إمامة الإمام الجواد ، وهنا نبين دليل أخر على إمامته ولايته وبيان لفضله وعلمه ...

ونتحقق إمامته : من بيان قصة زواج الإمام الجواد من أم الفضل بنت الخليفة العباس المأمون بن هارون الرشيد، ومناظرته ليحيى ابن أكتم بأمر العباسيين لخوفهم من تزويجه ثم توليته العهد مثل أبيه الرضا عليه السلام ، ولاختباره طرح قاضي بغداد مسألة محرم قتل صيدا ، ففرع الإمام محمد الجواد عليه السلام على المسألة لأكثر من مائة مسألة ، فبهت قاضي قضاة بغداد والعباسيين ، ثم أجاب على ما فرعه بعد عجزوا ...

بقوله : قتله في حل أم في حرم ، عالم أم جاهل ، متعمدا أم خطأ ، حرا أم عبدا ، من ذوات الطير أم غيرها ، صغار الصيد أم غيرها ، مصرا على فعله أم نادما ، في الليل أم في النهار ، محرم بالعمرة أم بالحج ، وهذه ثمانية عشر. وتتداخل بينها : مثلا المحل والمحرم لكل واحد منها تدخل مرتين لكل تفريع سابق ، وهكذا ثم تدخل ثالثا مثلا المحل في حرم في أم في الليل مصر أو لا فتتضاعف مع كل فرع وقسيمه وتتكرر وهكذا القسم الرابع والخامس ، ومرة تكون مع القسم الأول أو الثاني ومن الأقسام السابقة ، كلا لها حكم . وجواب الإمام عنها : بقواعد فقهية تطبق عليها فتحلها جميعا .....

ثم نستمع ونتعرف : على سؤال عجيب للإمام لم يستطع جوابه كل فقهاء بغداد فضلا عن حكامها والعباسيين ... مع جوابه الكريم ، المحاضرة :

www.alanbare.com/9/9m.mp3

المحاضرة الرابعة :

محاضرة : في التقوى وملاكها ومعانيها وما يجب أن نتقي منه وبيان الإمام لأهم الكبائر في الإسلام ، و التي تخلد في النار لمن لم يتب منها ، والتي يجب أن نتقيها وأن نبتعد ، كما وإن لا نصر على الصغائر لكي لا تتحول إلى كبائر ، وبالاستدلال بالآيات القرآنية ، ويستحسن أن يسمعها المؤمن ليبتعد عنها لكي لا يخرج عن الإيمان ويدخل في .... والعياذ بالله منه ....

www.alanbare.com/9/9t.mp3





موسوعة صحف الطيبين في
أصول الدين وسيرة المعصومين


صحيفة
الإمام محمد الجواد

عليه السلام

بين يديكم يا طيب : صحيفة المعصوم الحادي عشر والامام التاسع والسيد الولي حجة الله على العباد ذو الشأن الكريم الشافع يوم التناد ، أبو جعفر التقي الجواد محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وزوج فاطمة الزهراء بنت محمد صلى الله عليهم أجمعين ، وفيها تاريخ ومولده وشؤون حياته ومعارفه وطرف من أخباره ، ودلائل إمامته ومدتها ، ومبلغ عمره الشريف ، وأحواله مع شيعته ومواليه وأصحابه وحكام عصره ، وذكر شهادته وسببها ، وموضع مرقده وزيارته ، وعدد أولاده ..



باب
ولادة الإمام واسمه ونسبه

التهنئة بمولد الإمام الجواد:

يا طيب : قد وفقنا الله تعالى لسنوات عديدة منذ نشوء الإنترنيت وظهور المنتديات ، و قبل ظهور الفيس بوك وغيره من المواقع الاجتماعية وقبل ظهور الهاتف الجوال المتنقل ، من التبليغ وكتابة ما يسره الله لنا من معارف أهل البيت عليهم السلام ، وحسب المناسبات من الولادة والشهادة والمناسبات الكريمة ، وكانت تتقدم كل موضوع بعض عبارات التهنئة لكل مناسبة ، ومنها في ولادة الإمام أبو جعفر محمد الجواد عليه السلام ، ثم نتبع بعد التهنئة موضوع مناسب عن ولادته أو تعاليمه وسيرته وسلوكه ، وأضعها بين أيديكم وأسأل الله أن ينتفع بها من يحب النشر والاقتباس من صحيفة الإمام الجواد عليه السلام ، لنتشارك بالأجر والثواب إن شاء الله تعالى ومن الله التوفيق :

التهنئة الأولى :

أبارك لكم يا أخوتي الطيبين : وأهنئكم يا أيها الشيعة الموالين ، والأمة الإسلامية وعلمائها الأعلام ، ولولي أمرنا وسيدنا الحجة بن الحسن عجل الله فرجه الشريف ، حلول ذكرى يوم 10 رجب سنة 195 هـ ، ميلاد الإمام التاسع من آل محمد ، الجواد التقي أبو جعفر الثاني : محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب عليهم السلام .

وأزف لكم يا موالين : أجمل التهاني وأحلى التبريك ، وأسأل الله أن يثبتنا على الولاية ، وأن يجعلنا نفرح بهذا اليوم لفرح آل محمد صلى الله وسلم عليهم ، ونسعد أنفسنا وأهلنا ومن يهمنا أمره في أيام سرورهم ، فنعطر قلوبهم بذكرهم ، ونتحفهم بالهدايا وأجمل الكلمات ، ونوسع عليهم بالأطعمة اللذيذة والطيبات ، وبالكرز أو الحلوى والمرطبات ، وما يمكننا الله منه من حضور مجالس ذكر آل محمد عليهم السلام ، وكلها بالروح والبدن أو من البعد بالمعارف والمعنويات ، فنفرح لفرحهم ونسر بأيام سرورهم ، وما يذكرنا بسيرتهم وسلوكهم ، وما ويعرفنا بأعمالهم الصالحة وتعاليمهم الفاضلة ، فنقتدي بهم ونسير بصراط مستقيم لنعيم عبودية الله تعالى مخلصين له الدين ، و نكون بحق من الموالين ، ونشكر الله على توفيقه لهداه ومعارف عظمته بتعاليم الطيبين الطاهرين ، صلاته وسلامه عليهم أجمعين .

ولكم يا أخوتي الكرام : بعض المعارف عن الإمام الجواد عليه السلام :

فنكتب حديث أو أحاديث أو مختصر حياته عليه السلام مما نختاره من الصحيفة.

التهنئة الثانية :

هنيئا لكم الأفراح يا طيبين : وطابت أيامكم يا موالين ، وحسنت خصالكم يا مؤمنين ، بنبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، وللفرح لفرحهم ، والسرور بظهور وتجلي نورهم ، وأقدم لكم أجمل التبريك ، وأسمى التهنئة ، بمناسبة ذكرى مولد ولي الله تعالى ، المعصوم الحادي عشر والإمام التاسع بعد آبائه الكرام ، التقي الجواد أبو جعفر الثاني ، محمد : بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين أخ الحسن بن علي أبي طالب صلى الله عليهم وسلم ، يوم 10 رجب سنة 195 ه .

ولكم على سفرت آل محمد عليهم السلام : خالص المودة والمحبة والتحيات ، وأطيب الأطعمة و الحلويات ، وألذ الكرز (المكسرات) و المرطبات ، وأنواع التفريح الروحي والمسرات ، ونجعلها معنوية لأنها بالمراسلات .

في هذه الأيام التي تعد بحق : من أيام الله تعالى ، وتجلي نوره في أفضل خلقه ، وأعلاهم مناقب ومكارم ، وأخلصهم دين وهدى وعبودية .

وأسأل الله تعالى : أن يجعلنا من المتمسكين بولايتهم ، والسائرين لعبوديته بمعارف هداهم ، والمخلصين له الدين بالسير والسلوك إليه سبحانه بصراطهم المستقيم ، والسلوك لرضاه تعالى ونعيمه بالاقتداء بهم ، فإنه ولي التوفيق ، وهو أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

ولكم بهذه المناسبة الكريمة : بعض المعارف عن الإمام التقي الجواد عليه السلام:

تهاني ثالثة مختصرة :

هنيئا لكم يا طيبين : ميلاد الإمام التاسع أبو جعفر الثاني الجواد التقي محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليه السلام ، وإليكم أخوتي الطيبين ، أحاديث في الصداقة وحقائقها عن أبو جعفر الثاني الإمام الجواد عليه السلام :

ويا يطيب لنتشارك بالأجر : ننقل ونبلغ بتحديد ما نختار وما تيسر من الأحاديث الآتية في الصداقة أو غيرها ولو حديث واحد أو ما شئت ، ثم وننسخه ونلصقه في ما نحب من المواقع الاجتماعية.

اسم الإمام ونسبه ولقبه وكنيته

اسمه الكريم الكامل :

هو الإمام :

محمد : بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلاة الله وسلامه عليهم

وهو: سيد البشر ، وخليفة الله ، وحجته على خلقه ، وهاديهم للصراط المستقيم ، بعد آبائه الكرام ، وجده رسول الله ، صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين.

ألقاب الإمام :

أشهر القابه : الجواد ، والتقي ، وبها جاءت الأحاديث .

وفي إعلام الورى : ولقبه التقي ، والمنتجب ، والجواد ، والمرتضى .

وفي المناقب ألقابه : المختار ، والمرتضى ، والمتوكل ، والمتقي ، والزكي ، والتقي ، والمنتجب ، والمرتضى ، والقانع ، والجواد ، والعالم .

والعالم الرباني : ظاهر المعاني ، قليل التواني ، ، المتوشح بالرضا ، المستسلم للقضاء ، له من الله أكثر الرضا ، ابن الرضا ، توارث الشرف كابرا عن كابر ، وشهد له بذا الصوامع ، استسقى عروقه من منبع النبوة ، ورضعت شجرته ثدي الرسالة ، وتهدلت أغصانه ثمر الإمامة .

وفي إرشاد المفيد :

وكان منعوتاً: بالمْنتَجَب ، والمرتَضى .

الإرشاد ج2ص295.

الإمام التقي :

في معاني الأخبار : سمي محمد بن علي الثاني ، التقي .

لأنه اتقى الله عز وجل : فوقاه شر المأمون لما دخل عليه بالليل سكران ، فضربه بسيفه حتى ظن أنه قد قتله فوقاه الله شره .

معاني الأخبار ص 65 ، بحار الأنوار ج46ص16ب1ح23 . كشف الغمة ج 3 ص 215 ، بحار الأنوار ج46ص11ب1ح11 .

وأما الآن :

أشهر لقبيه : الجود , والتقي .

وابنه علي : الهادي ، النقي .

كنية الإمام :

في كشف الغمة : قال محمد بن طلحة :

كنية : أبو جعفر .

بحار الأنوار ج46ص16ب1ح25 كشف الغمة ج 3 ص 186 . كشف الغمة ج 3 ص 215 ، بحار الأنوار ج46ص11ب1ح11 .

ويقال له : أبو جعفر الثاني .

و أبو جعفر الأول : الإمام محمد الباقر عليه السلام .

وفي إعلام الورى ج1ص91ب8ف1، بحار الأنوار ج46ص13ب1ح12 .

نقش خاتمه عليه السلام :

الفصول المهمة : نقش خاتمه : نعم القادر الله.

بحار الأنوار ج46ص15ب1ح22 .

أسم أمه عليهما السلام :

في أصول الكافي : وأمه أم ولد يقال لها سبيكة ، نوبية .

وقيل أيضا : إن اسمها كان ، خيزران .

وروي : أنها كانت من أهل بيت أم المؤمنين مارية القبطية .

أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله .

أصول الكافي ج 1 ص 492 بحار الأنوار ج46ص1ب1ح1 .

في إرشاد المفيد :

وأُمّهُ : أُمُّ ولد .

يُقالُ لها : سَبِيكة .

وكانت : نوبيةً .

وفي حديث آخر ذكر سيأتي ذكر : عن الإمام الرضا عن آبائه ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله :

بِأَبِي : ابْنُ خِيَرَةِ الْإِمَاءِ النُّوبِيَّةِ الطَّيِّبَةِ .

الإرشادج2ص273. و النوبة : جنس من السمر، النوب والنوبة ، والواحد نوبي : بلاد واسعة للسودان ، وأيضاً جبل من السودان . لسان العرب : نوب ج1ص776 .

مولده الشريف :

ولد عليه السلام في المدينة المنورة .

في سنة 195 هجري .

وأما الشهر والسنة منها أنه في شهر رمضان يوم 15 أو 19 .

والأشهر أنه ولد : 10 رجب سنة 195.

الكافي المناقب الإرشاد وغيرها .

واستشهد : سنة 220 هجري آخر ذي القعدة .

فكان : مع أبيه 8 سنوات .

وبعد أبيه : 17 سنة ، وهي مدة إمامته .

فيكون : مدة عمره الشريف 25 سنة .

ومرقده في بيته : جنب أبيه في مقابر قريش.

يقال لها الآن : الكاظمية ، وقضاء تابع لمحافظة بغداد العاصمة لجمهورية العراق .


باب

إمامة محمد الجواد عليه السلام

يا طيب : هذه بعض المعارف والأدلة التي تبين إمامته ولي الله وحجته الإمام أبو جعفر الثاني الجواد التقي : محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين أخ الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، بعد آبائه الكرام الطيبين الطاهرين المصطفين الأخيار النجباء المنتجبين من رب العالمين لهداية البشر أجمعين إلى يوم الدين ، هي مختصرة بما يناسب المقام من أدلة الإمامة الخاصة به ، وإن أدلة الإمامة وبراهينها العامة وإنها من ضروريات الدين تبحث في صحيفة الإمام الأصل الرابع للدين .

آيات الحكمة والحكم للمصطفين :

يا أخي الطيب : طول مدة الحياة وقصرها عند الله سبحانه وتقدير أجلها ، أمر قد تم به قضاه الله وقدره ، فمنهم من يموت في الصغر ، ومنهم من يموت بعد ما يقارب ألف سنة كـ نبي الله نوح عليه السلام ، والخضر والياس ، وكـ عيسى رفع للسماء .

وأما أنه يؤتى سبحانه : الكتاب والحكمة ، والنبوة والإمام في الصغر لولي دينه وأمر هداه كذلك على الله بسيط ، وهين مثل خلقه لكل شيء وهداه ، كن فيكون .

والله سبحانه : جعل النبوة ، ليحيى وعيسى عليهم السلام في الصغر .

وقد قال الله سبحانه وتعالى في حق يحيى :

{ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ

وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ

صَبِيًّا (12)

وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13)

وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا (14)

وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) } مريم .

وقال الله سبحانه في حق عيسى عليه السلام :

{ إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ

اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ

وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)

وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي

الْمَهْدِ

وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)} آل عمران .

وإن من يجعله يتكلم في المهد : و إيتائه الحكم وتعليمه ما لم يعلم كل العباد ويكون معلم لهم الهدى وملهم لهم الإيمان بالله ، ممكن لله سبحانه ولا يعز على قدرته ، ولا يؤده ويثقله بجعله ولي لأمر دينه بعمر صغير ، ويأمر بطاعته كل العباد ، بل هذا أمر يعزز ويقوي بيان عظمته بين عباده ، لأنه يرسله بالحجة البالغة والبيان النافع القاطع المبين ، فيعرف أحكام يعجز عن معرفتها كبراء علماء عصره ، كما سترى في بيان إمامة الإمام الجواد عليه السلام ، ومحاورته فقيه عصره وقيام حجته عليه والقيام من بين يدي الإمام صاغرا له مقرا بفضله ، هو والجمع الغفير ممن حضر المناقشة .

وقد قال الله سبحانه لآل محمد عليهم السلام :

{ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53)

أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ

عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ

فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ

وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54)

فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ

وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55) } النساء .

ومن لم يؤمن بقدرة الله : وتقديره واصطفائه لمن أختصهم بالكتاب والحكمة ، و لا يصدق إمامة وولاية مولى الموحدين علي بن أبي طالب عليه السلام ، فكيف يصل لآله ولولده حتى الإمام الجواد عليه السلام .

ولم تجد أحدا : غير آل محمد صلى الله عليهم أوتوا الكتاب والحكمة ، وقد حسدهم الناس ، فقاتلوهم وسموهم واعتدوا عليهم بكل صورة ، حسدا لما خصهم الله به من الكتاب والحكمة وتعليمهم ما لم يعلم العباد ، و إن إقصاء آل محمد عليهم السلام لم ينقص من شأنهم عند الله ولا عند المؤمنين ، بل يرتفع مجدهم وينظر لهم العباد بأنهم أصبر الخلق وأحلمهم وأكرمهم ، بل يتوجهوا لمناقبهم وفضائلهم وحقهم وإخلاصهم في جنب الله وثباتهم ، وأنهم كجدهم إبراهيم وإسماعيل ومحمد صلى الله عليهم وسلم ، كذبهم الناس وأجبروا على الخروج من ديارهم ، ولكنهم هم حجة الله وأهل دينه وتعليمه أين ما حلوا .

ومن لم يؤمن : بما أختار الله تعالى وأنه بيده الخيرة وهو يصطفي من يشاء ، لا يمكنه أن يؤمن بالأئمة من آل محمد عليهم السلام ، وأنه تعالى يؤتيهم ملك الدنيا الحقيقي ، وهو الكتاب والحكمة ، وهو الملك العظيم لولاية أمره وهداه بين عباده ويجب طاعتهم والاقتداء بالهم والتعلم منهم كما في الآية ، بل ينازعهم كما فعل الأولون ، ولا يعترف بهداهم ، ولا بنقير وجزء حقير من حقهم ، وهو بقدر بياض على نواة التمر من الشأن ، بل ينتقص آل محمد عليهم السلام ويحاول أن ينزل شأنهم أو يكتم فضلهم ويبعد الناس عنهم ويقصي ويؤذي من يتولاهم ، ويدافع عمن ظلمهم وغصب حقهم ، وقد عرفت ما فعل أبو المعتصم في الإمام موسى الكاظم جد الإمام الجواد عليه السلام من سجنه وقتله في صحيفته ، وفي أبوذية الكاظم وموسى ، وهذا ما عمله ممن ضل عنهم وأتباعهم من قبل ، وكفى بجهنم له سعيرا تشعله ويحترق بها وبئس المصير .

وأما من آمن : بأن الكتاب والحكمة ورث لنبي الرحمة وآله ، وهم المختصون بالعناية الإلهية من زمن جدهم إبراهيم عليهم السلام ، فله الفوز والرضوان والأمن والإيمان الحق .

وقد قال الله سبحانه وتعالى :

{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ

الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا

فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ

وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ

وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ

ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32 ) }فاطر.

والسابق بالخيرات : هو الإمام الحق المصطفى ، ولا أحد غير الإمام الجواد عليه السلام يدعي الإمامة بحق في زمانه ، وهكذا في زمن آبائه الكرام بل وأبناءه المعصومين صلى الله عليهم وسلم .

والإنسان على نفسه بصيرة : فيجب أن يختار له إمام يقتدي به ويتعلم منه هدى الله .

إما إمام : من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، والذين أمر الله بودهم في آية المودة ، وطهرهم واجتباهم ، فيفوز بطاعة وعبادة الله بما يحب ويرضى وفق هداهم ، وإلا فهو أعمى وأضل سبيل لو أخذ إماما له من غيرهم مهما برر فعله.

وقد قال الله سبحانه وتعالى :

{ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ

فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71)

وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72)}الإسراء .

وكل إنسان : يدعى بإمام ، فأختر إمامك ومن تقتدي به ، حتى يبين لك علمك الذي تطبق به عملك ، والمعارف الحقة عن دين النبي وآله ، وإلا يكون إمامك الهوى والشيطان وأهل الضلال الطغاة المخالفين بل المعادين بل القتلة لآل محمد عليهم السلام .

ويا طيب : آيات الولاية والإمامة وأهل الذكر والراسخون بعلمه ، وكثير من الآيات التي تعرفنا شأن نبي الرحمة وآله الكرام ، وكلها تعرفنا حقيقة إمامتهم وولايته وسيادتهم للعباد في الدنيا ولآخرة ، ومحل بحثها كتاب الإمامة .

وكذا يكفينا من سنة النبي الأكرم وأحاديثه : حديث الثقلين ، وحديث السفينة ، وباب حطة ، والنجوم ، ووجوب حبهم وتوليهم وطاعتهم وغيرها الكثير .

وبعد هذا المختصر : نذكر أحاديث عن أبيه وأجداده تعرفنا إمامته عليه السلام .

المعجزات في ولادة الهداة :

يا أخوتي الطيبين : بعد ما عرفنا مختصرا في بيان آيات الإمامة العامة ، وبالخصوص في اختيار الله لأوليائه في الصغر وتعريف شأنهم من المهد ، كما في حياة نبي الله إبراهيم عليه السلام ووفاة والده ، ومعيشته في مغارة حتى شب ، وعرفه عمه ثم دخل بيت عبادة قومه وكسر الأصنام .

وحياة أولاده : ورزقه الله بهم بعد الكبر ، والمعجزات المرافقة له ولهم ، وجعل إسماعيل وهاجر في محل ليس ذو زرع في مكة ، ثم فداءه بذبح .

وهكذا تجد : المعجزة المفصلة في حياة يوسف عليه السلام ، و موسى عليه السلام وإلقاءه في البحر بعد ولادته بأيام ، حتى سكن قصر فرعون وترعرع في بيته ، ثم هاجر لمدين ورجوعه وقصصه مع بني إسرائيل .

وفي حياة : عيسى ويحيى عليهم السلام ، والقصص الكثيرة في شأنهم في طفولتهم وكلامه في المهد ، ومعيشتهم الحياة الخاصة .

وكذا نبي الرحمة : ووفاة أبويه في الصغر ، والمعجزات التي حصلت له في ميلاده وبعده.

وميلاد : الإمام علي عليه السلام في بيت الله .

وميلاد : فاطمة الزهراء بعد البعثة ، وكذلك الإمام الحسن والحسين عليهم السلام والمدة بينهم .

والله سبحانه : يجعل في ولادتهم وصغرهم آيات معجزة ، ليعرفهم من الصغر بأن لهم شأن كريم شريف ، وأنهم مصطفون أخيار ، ومطهرون واجبي الطاعة ، وجعل الحياة الخاصة لهم من صغرهم ، ليعرفهم العباد بأنهم أهل هداه في المستقبل ، فلذا يحيطهم بالمعجزات في حين الولاد ومن الصغر ، وفصلنا هذا البحث في صحيفة مولد الإمام الحسين عليه السلام من موسوعة صحف الطيبين .

ولمعرفة : هذا المعنى راجع الجزء الرابع من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام .

وإن الإمام الرضا عليه السلام : لم يولد له إلا في الكبر في العمر ، ولما ولد له كان الإمام أبو جعفر الجواد في صغره يجيب على أصعب المسائل.

حتى عرفه الناس بالإمامة : ورضوا به ، بعد أن سألوه عن كثر من المسائل التي يصعب أن يجيب عليها كل العلماء من العامة والخاصة ، وأمام حشد من الناس في جمع الخليفة ، حتى زوجه المأمون العباسي أبنته رغم من أعترض عليه من بني العباس .

ونحن نذكر : أولا الأحاديث الخاصة في إمامته من أبيه عليه السلام ، وإن الأحاديث العامة في الإمامة نراجعها في كتب الأصل الثالث للدين في الإمامة ، ومن ثم نذكر : شأنه وعلمه وهو في صغره .

أحاديث إمامة الجواد عن آباءه :

قال الشيخ المفيد رحمه الله : فصل في تاريخ ولادة الإمام الجواد عليه السلام‏ و شهادته و ما يخصه .

وَ كَانَ الْإِمَامُ : بَعْدَ الرِّضَا عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عليه السلام ، ابْنَهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى عليه السلام ، بِالنَّصِّ عَلَيْهِ وَ الْإِشَارَةِ مِنْ أَبِيهِ إِلَيْهِ ، وَ تَكَامُلِ الْفَضْلِ فِيهِ .... .

ثم قال : فَمِمَّنْ رَوَى النَّصَّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ، عَلَى ابْنِهِ أَبِي جَعْفَرٍ بِالْإِمَامَةِ ، علي بن جعفر بن محمد الصادق ، و صفوان بن يحيى ، و معمر بن خلاد ، و الحسين بن يسار ، و ابن أبي نصر البزنطي ، و ابن‏ قياما الواسطي‏ ، و الحسن بن الجهم ، و أبو يحيى الصنعاني ، و الخيراني‏ ، و يحيى بن حبيب الزيات في جماعة كثيرة ، يطول بذكرهم الكتاب .

فعن زكريا بن يحيى بن النعمان قال : سمعت علي بن جعفر بن محمد ، يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ، فقال في حديثه ‏:

لقد نصر الله أبا الحسن الرضا عليه السلام : لما بغى عليه إخوته و عمومته ، و ذكر حديثا طويلا حتى انتهى إلى قوله ، فقمت و قبضت على يد أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام .

و قلت له : أشهد أنك إمام‏ عند الله .

فبكى : الرضا عليه السلام ، ثم قال : يَا عَمِّ ، أَ لَمْ تَسْمَعْ أَبِي ، وَ هُوَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله :

بِأَبِي ابْنُ خِيَرَةِ الْإِمَاءِ : النُّوبِيَّةِ الطَّيِّبَةِ ، يَكُونُ مِنْ وُلْدِهِ الطَّرِيدُ الشَّرِيدُ ، الْمَوْتُورُ بِأَبِيهِ وَ جَدِّهِ ، صَاحِبُ الْغَيْبَةِ .

فيقال : مَاتَ ، أَوْ هَلَكَ ، أَيَّ وَادٍ سَلَكَ .

فقلت : صدقت جعلت فداك‏ .

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد ج‏2ص276 ، الكافي ج1ص259 ح14 .

و عن الحسين بن يسار قال : كتب ابن قياما إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام ، كتابا يقول فيه ، كيف تكون إماما وليس لك ولد.

فأجابه أبو الحسن عليه السلام : وَ مَا عِلْمُكَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِي وَلَدٌ ، وَ اللَّهِ لَا تَمْضِي الْأَيَّامُ وَ اللَّيَالِي حَتَّى يَرْزُقَنِيَ اللَّهُ ذَكَراً ، يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ‏ .

الإرشاد ج‏2ص277 ، والكافي ج1ص257 ح4، رجال الكشي ص553ح1044.

وعن ابن أبي نصر البزنطي قال : قال لي ابن النجاشي :

من الإمام : بعد صاحبك ، فأحب أن تسأله حتى أعلم ، فدخلت على الرضا عليه السلام ، فأخبرته .

قال فقال لي : الْإِمَامُ ابْنِي ، وَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ .

ثم قال : هل يجترئ أحد أن يقول ابني ، و ليس له ولد .

و لم يكن : ولد أبو جعفر عليه السلام ، فلم تمض الأيام حتى ولد .

الإرشاد ج2ص277 ، الكافي ج1ص257 ح5 .

وعن محمد بن علي : عن ابن قياما الواسطي ، و كان‏ واقفا .

قال : دخلت : على علي بن موسى ، فقلت له : أ يكون إمامان ؟

قال : لا ، إلا أن يكون ‏أحدهما صامتا .

فقلت له : هو ذا أنت ليس لك صامت .

فَقَالَ لِي : وَ اللَّهِ لَيَجْعَلَنَّ اللَّهُ مِنِّي مَا يُثْبِتُ بِهِ الْحَقَّ وَ أَهْلَهُ ، وَ يَمْحَقُ‏ بِهِ الْبَاطِلَ وَ أَهْلَهُ .

و لم يكن : في الوقت له ولد ، فولد له أبو جعفر عليه السلام بعد سنة .

الإرشاد ج2ص278 ، الكافي ج1ص257 ح7 , واقفا يعني على مذهب الواقفة عل الإمام الكاظم ولم يقولوا بإمام الرضا عليه السلام ، وقد بينا جهاد الإمام لهم بالتفصيل في صحيفة الرضا عليه السلام .

و عن الحسن بن الجهم قال : كنت مع أبي الحسن عليه السلام جالسا ، فدعا بابنه و هو صغير ، فأجلسه في حجري ، و قال لي : جَرِّدْهُ ، انْزِعْ قَمِيصَهُ ، فنزعته ، فَقَالَ لِيَ : أنْظُرْ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، فنظرت : فإذا في إحدى كتفيه شبه الخاتم داخل اللحم .

ثُمَّ قَالَ لِي : أَ تَرَى هَذَا مِثْلُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، كَانَ مِنْ أَبِي عليه السلام .

الإرشاد ج2ص278 ، الكافي ج1ص 257ح8 ,

و عن أبي يحيى الصنعاني قال : كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فجيء بابنه أبي جعفر عليه السلام و هو صغير .

فقال عليه السلام : هَذَا الْمَوْلُودُ ، الَّذِي لَمْ يُولَدْ مَوْلُودٌ ، أَعْظَمُ عَلَى شِيعَتِنَا بَرَكَةً مِنْهُ‏ .

الإرشاد ج2ص279 ، الكافي ج1ص257 ح9 .

وعن يحيى بن حبيب الزيات قال : أخبرني من كان عند أبي الحسن عليه السلام جالسا ، فلما نهض القوم .

قال لهم أبو الحسن الرضا عليه السلام : الْقَوْا أَبَا جَعْفَرٍ فَسَلِّمُوا عَلَيْهِ ، وَ أَجِدُّوا بِهِ عَهْداً .

فلما نهض القوم : التفت إلي ، فقال : يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُفَضَّلَ، إِنَّهُ كَانَ لَيَقْنَعُ بِدُونِ هَذَا.

الإرشاد ج2ص280، الكافي ج1ص256 ح1 .

في عيون المعجزات : عن عبدالرحمن بن محمد ، عن كليم بن عمران قال :

قلت للرضا عليه السلام : ادع الله أن يرزقك ولدا .

فقال : إنما ارزق ولدا واحدا .

وهو : يرثني .

فلما ولد : أبو جعفر عليه السلام .

قال الرضا عليه السلام لا صحابه :

قد ولد لي : شبيه موسى بن عمران ، فالق البحار ، وشبيه عيسى بن مريم قدست أم ولدته ، قد خلقت طاهرة مطهرة .

ثم قال الرضا عليه السلام : يقتل غصبا ، فيبكي له وعليه أهل السماء ، ويغضب الله تعالى على عدوه وظالمه ، فلا يلبث إلا يسيرا حتى يعجل الله به إلى عذابه الأليم وعقابه الشديد .

وكان : طول ليلته ، يناغيه في مهده .

عيون المعجزات ص 119، دلائل الإمامة ص368 ، بحار الأنوار ج46ص15ب1ح19 .وللمرأة تناغي الصبي أي تلكمه بما يعجبه ويسره .

و عن أحمد بن محمد عن صفوان بن يحيى قال : قلت للرضا عليه السلام :

قد كنا نسألك : قبل أن يهب الله لك أبا جعفر.

فكنت تقول : يهب الله لي غلاما ، فقد وهب الله لك .

وأقر عيوننا : فلا أرانا الله يومك .

فان كان : كون ، فإلى من ؟

فأشار بيده : إلى أبي جعفر عليه السلام ، وهو قائم بين يديه .

فقلت له : جعلت فداك وهو ابن ثلاث سنين ؟

قال : وما يضره من ذلك ؟

قد قام : عيسى بالحجة ، وهو ابن أقل من ثلاث سنين .

الكافي ج 1 ص 321 ، الإرشاد ص 297 و 298 .

وعن الحسين بن محمد ، عن الخيراني ، عن أبيه قال :

كنت واقفاً : بين يدي أبي الحسن عليه السلام بخراسان .

فقال له قائلٌ : يا سيّدي إن كان كون فإلى من ؟

قال : إلى أبي جعفر ابني .

فكأنّ القائل : استصغر سنّ أبي جعفر .

فقال أبو الحسن عليه السلام :

إنّ الله : بعث عيسى بن مريم رسولاً نبيّاً ، صاحب شريعة مبتدأه ن في أصغر من السنّ الذي هو فيه .

الإرشادج2 ص279 ، الكافي ج1ص258 ح13 إعلام الورى ج1ص94ب8ف2 .

و عن معمر بن خلاد قال : سمعت الرضا عليه السلام ،وذكر شيئا فقال : ما حاجتكم إلى ذلك ؟

هذا : أبو جعفر قد أجلسته مجلسي ، وصيرته مكاني .

وقال : إنا أهل بيت ، يتوارث أصاغرنا أكابرنا ، القذة بالقذة .

إرشاد المفيد ص 298 ، الكافي ج 1 ص 320 .القذذ ريش السهم واحدتها قذة و منه الحديث: لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة أي كما تقدر كل واحدة منهما على قدر صاحبتها و تقطع، يضرب مثلا للشيئين يستويان و لا يتفاوتان، انتهى.

و عن محمد بن عمرو الزيات عن ابن قياما قال : دخلت : على أبي الحسن الرضا عليه السلام .

وقد ولد له : أبو جعفر عليه السلام .

فقال : إن الله قد وهب لي ، من يرثني ، ويرث آل داوود .

بصائر الدرجات ص 138 ، بحار الأنوار ج46ص18ب2ح3 .

وفي عيون أخبار الرضا عليه السلام : عن البيهقي ، عن الصولي ، عن عون بن محمد .

عن محمد بن أبي عباد : كان يكتب للرضا عليه السلام ، ضمه إليه الفضل بن سهل وزير المأمون، قال :

ما كان عليه السلام أي الإمام الرضا : يذكر محمدا ابنه عليه السلام إلا بكنيته .

يقول : كتب إلي أبو جعفر .

وكنت : أكتب إلى أبي جعفر ، هو صبي بالمدينة .

فيخاطبه : بالتعظيم .

وترد : كتب أبي جعفر عليه السلام في نهاية البلاغة والحسن.

فسمعته يقول : أبو جعفر ، وصيي ، وخليفتي في أهلي من بعدي .

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 240 ، بحار الأنوار ج46ص18ب2ح2 .

و عن مسافر خادم الإمام الرضا قال :

أمرني: أبو الحسن عليه السلام بخراسان.

فقال : الحق بأبي جعفر ، فإنه صاحبك .

رجال الكشي تحت الرقم 367 ، بحار الأنوار ج46ص34ب2ح18 .

وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه محمد بن عيسى قال: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه السلام ، فَنَاظَرَنِي فِي أَشْيَاءَ .

ثُمَّ قَالَ لِي : يَا أَبَا عَلِيٍّ ارْتَفَعَ الشَّكُّ ، مَا لِأَبِي غَيْرِي.

الكافي ج1ص320ب73ح3 .

وعن معمر بن خلاد قال: سمعت إسماعيل بن إبراهيم :

يقول للرضا عليه السلام : إن ابني في لسانه ثقل ، فأنا أبعث به إليك غدا ، تمسح على رأسه و تدعو له ، فإنه مولاك .

فقال عليه السلام : هُوَ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ ، فَابْعَثْ بِهِ غَداً إِلَيْهِ.

الكافي ج1ص321ب73ح11 .

يا طيب : هذه أهم الأحاديث في وصية الإمام الرضا لأبنه الجواد عليه السلام ، وفي أحاديث الإمام العامة معرفة كريمة في شأنهم وعلو قدرهم وإنهم مصطفون مختارون لله من قبل الخلق ، وطهرهم الله وعلمهم الكتاب والحكمة ولهم ليلة القدر والشأن العظيم ، فراجع بحوث الإمامة العامة وأحاديثها ترى ما يسرك إن كنت تحب الحق والهدى الصادق عن النبي وآله .

خاصة الخاصة تقر له بالإمامة :

يا طيب : إن علي بن جعفر الصادق يكون عم الإمام الرضا عليه السلام ، فيكون عم أبي الإمام الجواد عليه السلام ، تراه يبجله ويقر له بالإمامة والولاية ، وهكذا أخوته وباقي أولاد عم الإمام الجواد عليه السلام ، وفي قصص كريمة تعرف شأنه وعلو منزلته عند الخاصة والعامة ومنها :

عن الكشي ذكر : حدثني نصر بن الصباح البلخي قال ، حدثني إسحاق بن محمد البصري أبو يعقوب قال :

حدثني أبو عبد الله الحسن بن موسى بن جعفر قال :

كنت عند أبي جعفر عليه السلام : بالمدينة .

و عنده : علي بن جعفر (الصادق ) ، و أعرابي من أهل المدينة جالس .

فقال لي الأعرابي : مَنْ هَذَا الْفَتَى ، وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام .

قُلْتُ : هَذَا وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ .

فَقَالَ : يَا سُبْحَانَ اللَّهِ ، رَسُولَ اللَّهِ قَدْ مَاتَ مُنْذُ مِائَتَيْ سَنَةٍ وَ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً ، وَ هَذَا حَدَثٌ ، كَيْفَ يَكُونُ ؟

قُلْتُ : هَذَا وَصِيُّ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى ، وَ عَلِيٌّ وَصِيُّ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، وَ مُوسَى وَصِيُّ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَ جَعْفَرٌ وَصِيُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَ مُحَمَّدٌ وَصِيِّ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَ عَلِيٌّ وَصِيُّ الْحُسَيْنِ ، وَ الْحُسَيْنُ وَصِيُّ الْحَسَنِ ، وَ الْحَسَنُ وَصِيُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَ عَلِيٌّ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ‏.

قال : و دنى الطبيب ليقطع له العرق .

فقام علي بن جعفر فقال: يا سيدي يبدأني ليكون حدة الحديد بي قبلك .

قال : قلت : يهنئك ، هذا عم أبيه .

قال : فقطع له العرق .

ثم أراد : أبو جعفر عليه السّلام النهوض .

فقام علي بن جعفر عليهما السّلام : فسوى له نعليه حتى لبسهما.

مسائل علي بن جعفر و مستدركاتها ص 320ح803 .اختيار معرفة الرجال ج2ص 728رقم 804.

ذكر الكليني رحمه الله في الكافي : عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، و علي بن محمد القاساني جميعا ، عن زكريا بن يحيى بن النعمان الصيرفي قال :

سمعت : علي بن جعفر يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين .

فقال : وَ اللَّهِ لَقَدْ نَصَرَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام .

فقال له الحسن : إي و الله جعلت فداك ، لقد بغى عليه إخوته .

فقال علي بن جعفر : إي و الله ، و نحن عمومته بغينا عليه .

فقال له الحسن : جعلت فداك كيف صنعتم ، فإني لم أحضركم ؟

قَالَ : قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ وَ نَحْنُ أَيْضاً : مَا كَانَ فِينَا إِمَامٌ قَطُّ حَائِلَ اللَّوْنِ‏ ؟

فَقَالَ لَهُمُ الرِّضَا عليه السلام : هُوَ ابْنِي .

قالوا : فإن رسول الله قد قضى بالقافة ، فبيننا و بينك‏ القافة .

قال : ابعثوا أنتم إليهم ، فأما أنا فلا ، و لا تعلموهم لما دعوتموهم ، و لتكونوا في بيوتكم .

فلما جاءوا : أقعدونا في البستان ، و اصطف عمومته و إخوته و أخواته .

وَ أَخَذُوا : الرِّضَا عليه السلام ، وَ أَلْبَسُوهُ جُبَّةَ صُوفٍ ، وَ قَلَنْسُوَةً مِنْهَا ، وَ وَضَعُوا عَلَى عُنُقِهِ مِسْحَاةً .

وَ قَالُوا لَهُ : أدْخُلِ الْبُسْتَانَ ، كَأَنَّكَ تَعْمَلُ فِيهِ .

ثُمَّ جَاءُوا : بِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام .

فَقَالُوا : أَلْحِقُوا هَذَا الْغُلَامَ بِأَبِيهِ .

فقالوا : ليس له هاهنا أب ، و لكن هذا عم أبيه ، و هذا عم أبيه ، و هذا عمه ، و هذه عمته .

وَ إِنْ يَكُنْ لَهُ : هَاهُنَا أَبٌ ، فَهُوَ صَاحِبُ الْبُسْتَانِ ، فَإِنَّ قَدَمَيْهِ وَ قَدَمَيْهِ وَاحِدَةٌ .

فَلَمَّا رَجَعَ : أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام .

قَالُوا : هَذَا أَبُوهُ .

قَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ : فَقُمْتُ ، فَمَصَصْتُ رِيقَ‏ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام .

ثُمَّ قُلْتُ لَهُ : أَشْهَدُ أَنَّكَ إِمَامِي عِنْدَ اللَّهِ ، فَبَكَى الرِّضَا عليه السلام .

ثم قال : يا عم أ لم تسمع أبي ، و هو يقول :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : بأبي ، ابن خيرة الإماء ، ابن النوبية الطيبة الفم ، المنتجبة الرحم .

ويلهم : لعن الله الأعيبس وذريته ، صاحب الفتنة ، و يقتلهم سنين و شهورا و أياما ، يسومهم خسفا ، و يسقيهم كأسا مصبرة .

و هو : ( يكون من ولده ) الطريد الشريد الموتور بأبيه و جده ، صاحب الغيبة .

يقال : مات أو هلك ، أي واد سلك .

أ فيكون : هذا يا عم ، إلا مني .

فقلت : صدقت جعلت فداك .

الكافي ج1ص320ب73ح14 . وإعلام الورى ص386، البحار ح50ص21ح 7 ، مرآة العقول ج3ص378ح 14حال لونه أي تغير و اسود ، القافة جمع القائف و هو الذي يعرف الآثار و الاشباه و يحكم بالنسب‏ . النوبية: الأمة المنسوبة إلى النوبة من بلاد الحبشة. الاعيبس: المقصود منهم بني العباس.

و في الإرشاد روى موضع الشاهد بسنده عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب ... (بأبي ابن خيرة الإماء النوبية الطيبة يكون من ولده الطريد ...) و في إعلام الورى عن الكافي كما في الإرشاد، و في البحار عن الإرشاد و الاعلام نحوهما.

في الكشي : عن حمدويه بن نصير قال : حدثنا الحسين بن موسى الخشاب ، عن علي بن أسباط و غيره .

عن علي بن جعفر بن محمد قال : قال لي رجل أحسبه من الواقفة : ما فعل أخوك أبو الحسن ؟

قلت : قد مات .

قال : و ما يدريك‏ بذاك ‏؟

قلت : اقتسمت أمواله ، و أنكحت نساؤه ، و نطق الناطق من بعده .

قال : و من الناطق من بعده ؟

قلت : ابنه علي .

قال : فما فعل ؟

قلت له : مات .

قال : و ما يدريك أنه مات ؟

قلت : قسمت أمواله و نكحت نسائه و نطق الناطق من بعده .

قال : و من الناطق من بعده ؟

قلت : أبو جعفر ابنه .

قال : فقال له: أنت في سنك و قدرك و ابن جعفر بن محمد تقول هذا القول في هذا الغلام.

قال : قلت : ما أراك إلا شيطانا .

قال : ثم أخذ بلحيته فرفعها الى السماء .

ثم قال : فما حيلتي إن كان اللّه رآه أهلا لهذا ، و لم ير هذه الشيبة لهذا أهلا .

رجال الكشي اختيار معرفة الرجال ج2ص ص728ح803 .في على بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب عليهم السلام .

الشيعة يستوثقون إمامة الجواد:

يا طيب : إن أغلب الشيعة إن لم نقل كلهم واثقون من إمامته عليه السلام ، ولكن بعض قليل لصغر عمر الإمام الجواد حين أستلم قيادة الأمة و ولاية أمر الله ، كانوا يحبون أن تطمئن قلوبهم وليثبتوا أحقيتهم بمعرفة الإمام ، وليقطعوا شك المشككين والمرجفين سواء ممن لم يستقر الإيمان في قلبه من الشيعة أو من أعدائهم وحسادهم ، ولذا ذهب وجهاء الشيعة من الكوفة ومن باقي البلاد بعد شهادة الإمام الرضا عليه السلام إلى المدينة ، وحضروا عند الإمام الجواد عليه السلام ، وألقوا عليه أسئلة لم يستطع الإجابة عليها ، إلا من كان ذو شأن بالدين والمعرفة الحقة الواقعية بالهدى ، وبذلك أمام الجميع علما وعملا ونصا وجهارا حتى اليقين ، أثبتوا لهم ولكل من يأتي بعدهم بأحقيتهم بالقول بإمامته وولايته ، وبرهنوا بالدليل القاطع لأنفسهم ولغيرهم أنه ولي الله بالحق وحجته على عباده ، وإنه الإمام الصادق الواقعي الواجب إتباعه وطاعته ، ومعرفة دين الله وهداه وتعاليم الإسلام منه ، وترك كل قول يخالفه ، وهذا الحديث يبين هذا المعنى :

الإمام أبو جعفر الثاني الجواد التقي : محمد بن علي بن موسى عليه السلام ، يجيب على الأسئلة ويثبت إمامته :

ذكر في المناقب : عن كتاب الجلا و الشفا في خبر :

أنه لما مضى الإمام الرضا عليه السلام : جاء محمد بن جمهور العمي ، والحسن بن راشد ، وعلي بن مدرك ، وعلي بن مهزيار ، وخلق كثير من سائر البلدان إلى المدينة .

وسألوا : عن الخلف بعد الرضا عليه السلام .

فقالوا : في بصريا ، وهي قرية أسسها موسى بن جعفر عليه السلام على ثلاثة أميال من المدينة .

فجئنا : ودخلنا القصر ، فإذا الناس فيه متكابسون .

فجلسنا معهم : إذ خرج علينا عبد الله بن موسى شيخ .

فقال الناس : هذا صاحبنا ؟ !

فقال الفقهاء : قد روينا عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله عليهما السلام .

أنه : لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام .

فليس : هذا صاحبنا ، فجاء حتى جلس في صدر المجلس .

فقال رجل : ما تقول أعزك الله في رجل أتى حمارة ؟

فقال : تقطع يده ، ويضرب الحد ، وينفى من الأرض سنة .

ثم قام إليه آخر فقال: ما تقول أجلك الله في رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء؟

قال : بانت منه ، بصدر الجوزاء والنسر الطائر والنسر الواقع .

فتحيرنا : في جرأته على الخطاء .

إذا خرج علينا : أبو جعفر عليه السلام ، وهو ابن ثمان سنين .

فقمنا إليه : فسلم على الناس .

وقام عبد الله بن موسى : من مجلسه ، فجلس بين يديه .

وجلس : أبو جعفر عليه السلام في صدر المجلس .

ثم قال : سلوا رحمكم الله .

فقام إليه الرجل الأول وقال : ما تقول أصلحك الله في رجل أتى حمارة ؟

قال : يضرب دون الحد ، ويغرم ثمنها ، ويحرم ظهرها ونتاجها ، وتخرج إلى البرية حتى تأتي عليها منيتها سبع أكلها ذئب أكلها .

ثم قال بعد كلام : يا هذا ، ذاك الرجل ينبش عن ميتة يسرق كفنها ، ويفجر بها ، ويوجب عليه القطع بالسرق والحد بالزنا والنفي إذا كان عزبا .

فلو كان : محصنا ، لوجب عليه القتل والرجم .

فقال الرجل الثاني : يا أبن رسول الله صلى الله عليه وآله ما تقول في رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء ؟

قال : تقرأ القرآن ؟ قال : نعم .

قال : اقرأ سورة الطلاق إلى قوله { وأقيموا الشهادة لله } .

يا هذا : لا طلاق إلا بخمس .

شهادة: شاهدين عدلين ، في طهر ، من غير جماع ، بإرادة وعزم .

ثم قال بعد كلام : يا هذا هل ترى في القرآن عدد نجوم السماء؟

قال : لا ، الخبر .

وقد روى عنه المصنفون : نحو أبي بكر أحمد بن ثابت في تاريخه ، وأبي إسحاق الثعلبي في تفسيره ، ومحمد بن مندة بن مهربذ في كتابه . بحار الأنوار ج46ص89ب5ح5 ، مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 382 - 384 .

عم والد الجواد يعترف بإمامته

ولكم يا طيبين : تقدير واعتراف علي بن جعفر الصادق عم أبو الإمام الجود ، يعترف مقرا مقدرا مذعنا بإمامة الإمام الجواد مع صغر سنه وولايته عليه مع كبر سن عم أبو الإمام وعلمه وفضله وهو شيخ كبير لأنه عم الإمام الرضا عليه السلام ويكون بمنزلة جد الجواد أي أخو موسى الكاظم عم الجواد :

عن محمد بن الحسن بن عمار قال : كنت عند علي بن جعفر بن محمد جالسا بالمدينة ، وكنت أقمت عنده سنتين ، أكتب عنه ما سمع من أخيه يعني أبا الحسن ( الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ) .

إذ دخل عليه : أبو جعفر محمد بن علي الرضا المسجد ، مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله .

فوثب : علي ابن جعفر ، بلا حذاء ولا رداء ، فقبل يده ، وعظمه .

فقال له : أبو جعفر عليه السلام :

يا عم : اجلس رحمك الله .

فقال : يا سيدي، كيف أجلس وأنت قائم.

فلما رجع : علي بن جعفر إلى مجلسه .

جعل أصحابه : يوبخونه .

ويقولون : أنت عم أبيه ، وأنت تفعل به هذا الفعل ؟

فقال : اسكتوا ! إذا كان الله عز وجل ، وقبض على لحيته ، لم يؤهل هذه الشيبة . وأهل : هذا الفتى ، ووضعه حيث وضعه ، انكر فضله ؟

نعوذ بالله : مما تقولون ، بل أنا له عبد.

الكافي ج 1 ص 322ح12 .مسائل علي بن جعفر و مستدركاتها ص 24 .

ويا أخوتي الكرام : أدلة الإمامة العامة كثيرة ، ذكرنا قسم منها في صحيفة الثقلين ، وفي صحيفة الإمام الرضا عليه السلام أبو الإمام الجواد ، وفي صحيفة الإمام الحسين عليه السلام الجزء الخامس والسادس ، وفي صحيفة سادة الوجود وغيرها فراجع إن أحببت ، ونكتفي بما ذكرنا من إمامة الإمام الجواد الخاصة ، والأحاديث التي ذكرت بخصوصه ، وإلا فإن إمامته باسمه عليه السلام جاءت في كثير من الأحاديث العامة في الإمامة عن رسول الله وأجداده كلهم عليهم الصلاة والسلام .


باب

علوم ومعارف الإمام الجواد

يا طيب : معارف الإمام الجواد كثيرة في كل أبواب الفقه والأخلاق وغيرها ، ونختار قسم مهم منها ، لنعرف بعض فضله عليه السلام ، وإنه إمام بحق عالم بحقيقة الهدى معلم للصواب من الدين ، ويجب طاعته وولايته والقول بإمامته مقرين له بالفضل والصلاح والشرف والعلم والعمل ، وبهذا الاطمئنان نقتدي به ونتعلم منه ونطيع الله تعالى بتعاليمه ، وبهذا نسأل الله أن يقبل أعمالنا وعلومنا ، ومن أهمها معرفة عظمة الله تعالى :

معارف التوحيد :

معارف الأسماء والصفات :

عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام :

فسأله رجل فقال :

أخبرني عن الرب تبارك و تعالى : له أسماء و صفات في كتابه ؟

و أسماؤه و صفاته : هي هو ؟

فقال أبو جعفر عليه السلام : إن لهذا الكلام وجهين ؟

إن كنت تقول : هي هو ، أي إنه ذو عدد و كثرة ، فتعالى الله عن ذلك .

وإن كنت تقول : هذه الصفات و الأسماء لم تزل ، فإن لم تزل محتمل معنيين:

فإن قلت : لم تزل عنده في علمه ، و هو مستحقها ، فنعم .

و إن كنت تقول : لم يزل تصويرها و هجاؤها و تقطيع حروفها !

فمعاذ الله : أن يكون معه شيء غيره .

بل كان الله : و لا خلق ، ثم خلقها وسيلة بينه و بين خلقه ، يتضرعون بها إليه ، و يعبدونه ، و هي ذكره ، و كان الله و لا ذكر .

و المذكور بالذكر : هو الله القديم ، الذي لم يزل ، والأسماء و الصفات مخلوقات.

و المعاني : والمعني بها ، هو الله الذي لا يليق به الاختلاف ، ولا الائتلاف .

و إنما يختلف و يأتلف : المتجزئ .

فلا يقال : الله مؤتلف ، و لا الله قليل ، و لا كثير .

و لكنه : القديم في ذاته ، لأن ما سوى الواحد متجزئ ، و الله واحد لا متجزئ و لا متوهم بالقلة و الكثرة .

و كل : متجزئ أو متوهم بالقلة و الكثرة ؛ فهو مخلوق ، دال على خالق له .

فقولك : إن الله قدير ، خبرت أنه لا يعجزه شيء ، فنفيت بالكلمة العجز ، و جعلت العجز سواه .

و كذلك قولك : عالم ، إنما نفيت بالكلمة الجهل ، و جعلت الجهل سواه .

و إذا أفنى الله الأشياء : أفنى الصورة ، و الهجاء ، و التقطيع .

و لا يزال : من لم يزل عالما .

فقال الرجل : فكيف سمينا ربنا سميعا ؟

فقال عليه السلام : لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع ، و لم نصفه بالسمع المعقول في الرأس .

و كذلك سميناه بصير : لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار ، من لون ، أو شخص ، أو غير ذلك ، و لم نصفه ببصر لحظة العين .

و كذلك سميناه لطيف : لعلمه بالشيء اللطيف ، مثل البعوضة ، و أخفى من ذلك ، و موضع النشوء منها ، و العقل ، و الشهوة للسفاد و الحدب على نسلها ، و إقام بعضها على بعض ، و نقلها الطعام و الشراب إلى أولادها في الجبال و المفاوز و الأودية و القفار .

فعلمنا : أن خالقها لطيف بلا كيف ، و إنما الكيفية للمخلوق المكيف .

و كذلك سمينا ربنا : قويا ، لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ، و لو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق ، لوقع التشبيه ، و لاحتمل الزيادة ، و ما احتمل الزيادة احتمل النقصان ، و ما كان ناقصا كان غير قديم ، و ما كان غير قديم كان عاجزا .

فربنا تبارك و تعالى : لا شبه له، ولا ضد ولا ند ، ولا كيف ، ولا نهاية ، ولا تبصار بصر .

و محرم على القلوب : أن تمثله ، و على الأوهام أن تحده ، و على الضمائر أن تكونه ، جل و عز عن أداة خلقه ، و سمات بريته ، و تعالى عن ذلك علوا كبيرا .

الكافي ج1ص116ح7 .التوحيد ص193 ب29ح 7 .

يا طيب : هذا حديث كريم ، يجب بمثل هذا المعنى في الحديث أن ونوحد الله تعالى ونعرف عظمته وعلو شأنه ، ومعنى أسمائه وصفاته وأفعاله ، وبهذا المعنى يتم الإيمان المرضي لله تعالى ، ويعبد به ويوحد ، وبهذا يتم معرفة الإمام الحق في التوحيد وعلو شأنه في المعرفة ، ولا تجد مثل هذا المعنى لمعرفة عظمة الرب في التوحيد عند أئمة المذاهب مع أنهم عاصروا أبائه عليهم السلام وسمعوا منهم ، ولكن لم يفقهوا معارف التوحيد بهذه العظمة والجلال لله تعالى ، ولذا يجب تلاوته بدقه وتدبر وتمعن وإعادة النظر فيه مكررا ، وأسأل الله لي ولكم أن نكون من الموحدين حقا .

الرب لا يتوهم ولا يحد :

يا طيب : هذه أحاديث مختصر في معارف التوحيد تدبر فيها :

عن اليقطيني عن ابن أبي نجران قال :

سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عن التوحيد .

فقلت : أتوهم شيئا ؟

فقال : نعم غير معقول و لا محدود .

فما وقع : وهمك عليه من شيء ، فهو خلافه ، لا يشبهه شيء ، و لا تدركه الأوهام .

كيف تدركه الأوهام : و هو خلاف ما يعقل ، و خلاف ما يتصور في الأوهام ، إنما يتوهم شيء غير معقول و لا محدود .

التوحيد ص106ب7ح6 . بحار الأنوار ج3ص266 ح32 ب9 النهي عن التفكر في ذات الله سبحانه .

معنى الله الشيء الصمد الواحد :

وعن بكر بن صالح عن الحسين بن سعيد قال :

سئل : أبو جعفر الثاني عليه السلام ، يجوز أن يقال لله إنه شيء ؟

قال : نعم يخرجه من الحدين حد التعطيل و حد التشبيه .

الكافي ج1 ص82 ح2 .

وعن أبي هاشم الجعفري قال :

سألت : أبا جعفر الثاني عليه السلام ، ما معنى الواحد ؟

فقال عليه السلام : إجماع الألسن عليه بالوحدانية .

كقوله تعالى : و لئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله‏ .

{ ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله (87) } الزخرف .

الكافي ج1ص118 ح12 .

وعن داود بن القاسم الجعفري قال :

قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام : جعلت فداك ما الصمد ؟

قال : السيد المصمود إليه في القليل و الكثير .

الكافي ج1ص123ح1 باب تأويل الصمد .

صلة الشاكر وحرمان المجسم :

في تحف العقول : روي أن جمالا حمل أبا جعفر الثاني عليه السلام من المدينة إلى الكوفة .

فكلمه : في صلته .

و قد كان عليه السلام : وصله بأربعمائة دينار .

فقال أبو جعفر : سبحان الله ، أ ما علمت أنه لا ينقطع المزيد من الله ، حتى ينقطع الشكر من العباد .

تحف ‏العقول ص457 . بحار الأنوار ج68ص51ب61ح76 .

وعن علي بن مهزيار قال :

كتبت : إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام ، جعلت فداك ، أصلي خلف من يقول بالجسم ، و من يقول بقول يونس يعني ابن عبد الرحمن ؟

فكتب عليه السلام : لا تصلوا خلفهم ، و لا تعطوهم من الزكاة ، و أبرءوا منهم برئ الله منهم .

الأمالي ‏للصدوق ص277م47ح3 . بحار الأنوار ج3ص292ب13ح13 ، عن أمالي الصدوق .

يا طيب : معارف التوحيد وشرح الأسماء الحسنى ذكرناها مفصلة في أكثر من ألفين صفحة ، فإن أحببت المزيد فراجعها في موسوعة صحف الطيبين .

براهينه للإمام والإمامة والولاء

يا طيب : هذه بعض الأحاديث الكريمة عن الإمام الجواد عليه السلام في بيان فضل نبي الرحمة وآله وشأنهم الكريم ، وشأن وفضل من يتبعهم ويتولاهم يطيعهم ولم يخلطهم بغيرهم ، تدبر فيها لتعرف كرامة الله وثوابه لأهل الحق والصراط المستقيم المنعم عليهم بدينه وفضلهم عنده وثوابهم الجزيل لديه :

أول خطبة للإمام الجواد :

قال الحافظ البرسي : الفصل الحادي عشر في أسرار أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليهما السّلام النور المستضيء ، فمن ذلك ما روي عنه أنه جيء به إلى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ، بعد موت أبيه الرضا و هو طفل، فجاء إلى المنبر و رقي منه درجة ، ثم نطق فقال :

أنا محمد بن علي الرضا : أنا الجواد ، أنا العالم بأنساب الناس في الأصلاب ، أنا أعلم بسرائركم و ظواهركم ، و ما أنتم صائرون إليه ، علم منحنا به من قبل خلق الخلق أجمعين ، و بعد فناء السّماوات و الأرضين .

و لو لا تظاهر : أهل الباطل و دولة أهل الضلال ، و وثوب أهل الشك ، لقلت قولا يعجب منه الأوّلون و الآخرون ، ثم وضع يده الشريفة على فيه ، و قال: يا محمد اصمت كما صمت آباؤك من قبل .

مشارق أنوار اليقين ص152ف11, الهداية الكبرى: 296 باب 11 ، حلية الأبرار ج 4 ص 540, بحار الأنوار ج 50 ص 108, رياض الأبرار ج 2 ص 457, العوالم ج 23 ص 159 .

الإمام عالم بالقرآن ومؤيد بالروح :

وعن الحسن بن العباس بن الحريش :

عن أبي جعفر الثاني محمد الجواد عليه السلام قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : و ذكر الحديث و فيه أن رجلا سأل أباه عن مسائل .

فكان مما أجابه به أن قال : قل لهم هل كان فيما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، من علم الله اختلاف ؟

فإن قالوا : لا .

فقل لهم : فمن حكم بحكم فيه اختلاف ، فهل خالف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

فيقولون : نعم .

فإن قالوا : لا ، فقد نقضوا أول كلامهم .

فقل لهم : ما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم .

فإن قالوا : من الراسخون في العلم ؟

فقل : من لا يختلف في علمه .

فإن قالوا : من ذاك ؟

فقل : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صاحب ذاك .

إلى أن قال :

و إن كان رسول الله صلى الله عليه وآله : لم يستخلف أحدا ، فقد ضيع من في أصلاب الرجال ، ممن يكون بعده .

قال : و ما يكفيهم القرآن ؟

قال : بلى لو وجدوا له مفسرا ؟

قال : و ما فسره رسول الله صلى الله عليه وآله .

قال : بلى قد فسره لرجل واحد ، و فسر للأمة شأن ذلك الرجل ، و هو علي بن أبي طالب عليه السلام ... إلى أن قال :

و المحكم : ليس بشيئين ، إنما هو شيء واحد ، فمن حكم بحكم ليس فيه اختلاف ، فحكمه من حكم الله عز و جل .

و من حكم بحكم : فيه اختلاف ، فرأى أنه مصيب ، فقد حكم بحكم الطاغوت .

إنه لينزل في ليلة القدر : إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة .

يؤمر فيها : بأمر نفسه ، بكذا و كذا .

و في أمر : الناس ، بكذا و كذا .

و إنه ليحدث لولي الأمر : سوى ذلك في كل يوم ، علم من الله عز و جل الخاص و المكنون ، و العجيب المخزون .

مثلما : ينزل في تلك الليلة من الأمر .

ثم قرأ : { وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)‏ } لقمان .

وسائل ‏الشيعة ج27ص177ب13ح33534.

أتلو إنا أنزلنا وكن مع معهم :

عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي عن إسماعيل بن سهل قال :

كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام : علمني : شيئا إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا و الآخرة ؟

فقال عليه السلام : فَكَتَبَ بِخَطِّهِ أَعْرِفُهُ .

أَكْثِرْ : مِنْ تِلَاوَةِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

وَ رَطِّبْ : شَفَتَيْكَ بِالِاسْتِغْفَارِ .

وسائل ‏الشيعة ج16ص69ب85ح21003.جامع الأخبار للشعيري ص56 .

ويا طيب : قال الله تعالى : { بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)

تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) } القدر .

{ حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3)

فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) } الدخان.

والحكمة : بأعلى معانيها ، وحقائق كل أمر مما يحتاجه العباد لا يكون إلا لولي الله ، لأنه هو المختص بالروح الذي هو من عالم الأمر ، وسورة إنا أنزلناه سيد علوم القرآن وأعلى معارفه ، ومختصة بالنبي والأئمة من بعده واحد بعد واحد ، وهي الآن للإمام الحجة عجل الله تعالى ظهوره وجعلنا الله من أعوانه وأنصاره ، وقد تم تفسيرها وشرحها في صحيفة سادة الوجود فراجع تفاصيل بيانها .

الإمام يود الكون معنا.. :

عن ميسر خادم الإمام عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال لي :

أ تخلون و تحدثون : و تقولون ما شئتم ؟

فقلت : إي و الله لنخلو و نتحدث و نقول ما شئنا .

فقال : أما و الله لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن .

أما و الله : إني لأحب ريحكم و أرواحكم .

و إنكم : على دين الله و دين ملائكته .

فأعينونا : بورع و اجتهاد .

مصادقة الإخوان ص32ب5ح2 .

وعن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال :

رحم الله : عبدا ، أحيا ذكرنا .

قلت : ما إحياء ذكركم .

قال : التلاقي و التذاكر عند أهل الثبات .

مصادقة الإخوان ص34ح3 .

ما نحتاج في الوعظ وسماعه :

يا طيب : هذه أحاديث قيمة المعارف في هدى الدين الإسلامي بصورة عامة ، فتدبر فيها وأسأل الله أن يشكر سعيك :

عن الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال :

المؤمن : يحتاج إلى ثلاث خصال :

توفيق : من الله عز و جل .

و واعظ من نفسه ، و قبول ممن ينصحه.

مستدرك‏ الوسائل ج8ص 329ب11 ح9576-1.

وعن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال:

مَنْ أَصْغَى : إِلَى نَاطِقٍ فَقَدْ عَبَدَهُ .

فَإِنْ كَانَ : النَّاطِقُ عَنِ اللَّهِ ، فَقَدْ عَبَدَ اللَّهَ .

وَ إِنْ كَانَ : النَّاطِقُ يَنْطِقُ عَنْ لِسَانِ إِبْلِيسَ ، فَقَدْ عَبَدَ إِبْلِيسَ .

بحار الأنوار ج2ص94ب14ح30 .

قال عليه السلام :

تصديق الله للإمام علي :

ذكر الشيخ الطوسي رحمه الله : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل قال : حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي قال : حدثني أبي قال : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَظِيمِ‏ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيُّ الرَّازِيُّ فِي مَنْزِلِهِ بِالرَّيِّ : عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده علي بن أبي طالب عليهم السلام قال :

قُلْتُ : أَرْبَعاً أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَصْدِيقِي بِهَا فِي كِتَابِهِ :

قُلْتُ : الْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ ، فَإِذَا تَكَلَّمَ ظَهَرَ

فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ (30) } محمد .

قُلْتُ : مَنْ جَهِلَ شَيْئاً عَادَاهُ .

فَأَنْزَلَ اللَّهُ‏ : { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ (39) } يونس.

قُلْتُ : قَدْرُ ، أَوْ قَالَ : قِيمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِنُ .

فَأَنْزَلَ اللَّهُ : فِي قِصَّةِ طَالُوتَ‏ : { إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ (247) } البقرة .

قُلْتُ : { الْقَتْلُ يُقِلُّ الْقَتْلَ } .

فَأَنْزَلَ اللَّهُ‏ : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ (179) }البقرة .

الأمالي للطوسي ص494م17ح1082- 51.

الإمام الكاظم يشفع لرجل :

قال الشيخ الصدوق رحمه الله : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي :

عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني : عن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عليهم السلام قال:

دَخَلَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليه السلام : على هارون الرشيد ، و قد استخفه الغضب على رجل .

فَقَالَ لَهُ عليه السلام : إِنَّمَا تَغْضَبُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، فَلَا تَغْضَبْ لَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا غَضِبَ لِنَفْسِهِ .

الأمالي للصدوق ص19م6ح2 . عيون أخبار الرضا عليه السلام ج1ص292ب28ح44 . وسائل الشيعة ج16ص147ب8 باب وجوب الغضب لله بما غضب به لنفسه حديث21204- 4 وفيه و قد استخفه الغضب على رجل ، فأمر أن يضرب ثلاثة حدود . فقال ..

زيارة الحسين ليلة القدر :

ذكر السيد بن طاووس رحمه الله في الإقبال : بسنده عن عبد العظيم‏ الحسني : عن أَبي جعفر الثّاني محمد بن علي الجواد عليه السلام في حديث قال :

من زار الحسين عليه السلام : ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان .

وهي اللّيلة : الّتي يرجى أَن تكون ليلة القدر ، و فيها يفرق كلّ أَمر حكيم .

صافحه : روح أَربعة و عشرين أَلف ملك و نبيّ ، كلّهم يستأذن اللَّه في زيارة الحسين عليه السلام في تلك اللّيلة .

الإقبال بالأعمال الحسنة ج1ص383ب27 . وسائل الشيعة ج14ص474ب53 باب تأكد استحباب زيارة الحسين ليلة القدر و في شهر رمضان خصوصا أول ليلة و آخر ليلة و ليلة النصف حديث 19632- 5 .

ذرية فاطمة :

قال الخطيب البغدادي : أخبرنا أبو نعيم الحافظ حدثنا احمد بن إسحاق ، حدثنا إبراهيم بن نايلة ، حدثنا جعفر بن محمد بن يزيد قال : كنت ببغداد ، فقال لي : محمد بن منذر بن مهزبر ، هل لك ان ادخلك على بن الرضا ؟

قلت : نعم . قال : فادخلني ، فسلمنا عليه وجلسنا .

فقال له : حديث النبي صلى الله عليه و سلم إن فاطمة احصنت فرجها ، فحرم الله ذريتها على النار .

قال : خاص للحسن والحسين .

تاريخ بغداد ج3ص54رقم 997 .

فضل زيارة الإمام الرضا :

ذكر الصدوق رحمه الله في الأمالي : بسنده حدثنا عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني قال : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عليه السلام يَقُولُ‏ :

مَا زَارَ أَبِي عليه السلام : أَحَدٌ ، فَأَصَابَهُ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ.

الأمالي للصدوق ص654م94ح1 . وسائل الشيعة ج14ص560ب82 باب استحباب زيارة قبر الرضا 19822- 25 .

قال الصدوق رحمه الله في العيون : حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه :

عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني : عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام قال:

ضَمِنْتُ : لِمَنْ زَارَ أَبِي عليه السلام بِطُوسَ ، عَارِفاً بِحَقِّهِ ، الْجَنَّةَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص256ب66ح7 .وسائل الشيعة ج‏14ص556ب82 باب استحباب زيارة قبر الرضا حديث19811- 14.

وقال الصدوق رحمه الله في العيون : وبهذا الإسناد في الحديث السابق :

عن عبد العظيم الحسني قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي عليه السلام :

قد تحيرت : بين زيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام ، و بين زيارة قبر أبيك عليه السلام بطوس ، فما ترى ؟

فقال لي : مكانك ، ثم دخل و خرج ، و دموعه تسيل على خديه .

فَقَالَ عليه السلام : زُوَّارُ قَبْرِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام كَثِيرُونَ ، وَ زُوَّارُ قَبْرِ أَبِي بِطُوسَ قَلِيلُون َ.

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص256ب66ح8 . وسائل الشيعة ج‏14ص563ب85 باب استحباب اختيار زيارة الرضا عليه السلام على زيارة الحسين عليه السلام حديث 19831- 3 .

خصائص قائم آل محمد :

قال الصدوق رحمه الله : حدثنا محمد بن أحمد الشيباني‏ رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن سهل بن زياد الآدمي :

عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني قال : عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني قال : إني لأرجو : أن تكون القائم من أهل بيت محمد ، الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا ، كما ملئت جورا و ظلما .

فقال عليه السلام : يَا أَبَا الْقَاسِمِ ما منا إلا و هو قائم بأمر الله عز و جل ، و هاد إلى دين الله .

و لكن القائم : الذي يطهر الله عز و جل به الأرض من أهل الكفر و الجحود ، و يملؤها عدلا و قسطا .

هو الذي : تخفى على الناس‏ ولادته ، و يغيب عنهم شخصه ، ويحرم عليهم تسميته .

و هو : سمي رسول الله ، و كنيه .

و هو الذي : تطوى له الأرض ، و يذل له كل صعب .

وَ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ : مِنْ أَصْحَابِهِ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ ، ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا ، مِنْ أَقَاصِي الْأَرْضِ .

و ذلك قول الله عز و جل‏ : { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) }البقرة .

فَإِذَا اجْتَمَعَتْ لَهُ : هَذِهِ الْعِدَّةُ مِنْ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ ، أَظْهَرَ اللَّهُ أَمْرَهُ .

فَإِذَا كَمَلَ لَهُ : الْعَقْدُ ، وَ هُوَ عَشَرَةُ آلَافِ رَجُلٍ ، خرج بإذن الله عز و جل ، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز و جل .

قَالَ عَبْدُ الْعَظِيمِ : فقلت له : يا سيدي و كيف يعلم أن الله عز و جل قد رضي ؟

قال : يلقي في قلبه الرحمة ، فإذا دخل المدينة ، أخرج اللات و العزى فأحرقهما .

كمال الدين و تمام النعمة ج2ص377ب36ح2 . كفاية الأثر ص281 .إعلام الورى بأعلام الهدى ج2ص243ف2 . الإحتجاج على أهل اللجاج للطبرسي ج2ص449 .

غيبة القائم وسببها :

قال الصدوق رحمه الله في الكمال : حدثنا محمد بن أحمد الشيباني رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن جعفر الكوفي قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي قال:

حدثنا عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني رضي الله عنه : عن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال :

لِلْقَائِمِ مِنَّا : غَيْبَةٌ أَمَدُهَا طَوِيلٌ .

كَأَنِّي بِالشِّيعَةِ : يَجُولُونَ جَوَلَانَ النَّعَمِ فِي غَيْبَتِهِ ، يَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلَا يَجِدُونَهُ .

أَلَا فَمَنْ : ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ ، وَ لَمْ يَقْسُ قَلْبُهُ لِطُولِ أَمَدِ غَيْبَةِ إِمَامِهِ .

فَهُوَ : مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

ثُمَّ قَالَ عليه السلام : إِنَّ الْقَائِمَ مِنَّا إِذَا قَامَ ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ .

فَلِذَلِكَ : تَخْفَى وِلَادَتُهُ ، وَ يَغِيبُ شَخْصُهُ.

كمال الدين و تمام النعمة ج1ص303ب26ح14 .إعلام الورى بأعلام الهدى ص426ف2 .

انتظار الفرج والظهور :

ذكر الصدوق رحمه الله في كمال الدين : بسنده عن عَبْدُ الْعَظِيمِ‏ : بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب الحسني قال :

دخلت : على سيدي محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام :

و أنا أريد : أن أسأله عن القائم ، أ هو المهدي أو غيره؟

فابتدأني فقال لي : يا أبا القاسم ، إن القائم منا هو المهدي ، الذي يجب أن ينتظر في غيبته ، و يطاع في ظهوره ، و هو الثالث من ولدي .

و الذي بعث : محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة ، و خصنا بالإمامة ، إنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول الله ذلك اليوم ، حتى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطا و عدلا ، كما ملئت جورا و ظلما .

و إن الله تبارك و تعالى : ليصلح له أمره في ليلة ، كما أصلح أمر كليمه موسى عليه السلام ، إذ ذهب ليقتبس لأهله نارا ، فرجع و هو رسول نبي .

ثم قال عليه السلام : أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج .

كمال الدين و تمام النعمة ج2ص377 ب36ح1 . كفاية الأثر ص280 .إعلام الورى بأعلام الهدى ص435ف2 .

ويل للمرتاب بالغائب :

ذكر النعماني رحمه الله : حدثنا محمد بن همام قال : حدثني أبو عبد الله محمد بن عصام قال : حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي قال :

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَظِيمِ‏ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيُّ : عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام ، أنه سمعه يقول‏ :

إِذَا مَاتَ : ابْنِي عَلِيٌّ ، بَدَا سِرَاجٌ بَعْدَهُ .

ثُمَّ خَفِيَ :

فَوَيْلٌ : لِلْمُرْتَابِ ، وَ طُوبَى لِلْغَرِيبِ الْفَارِّ بِدِينِهِ .

ثُمَّ يَكُونُ : بَعْدَ ذَلِكَ أَحْدَاثٌ ، تَشِيبُ فِيهَا النَّوَاصِي ، وَ يَسِيرُ الصُّمُّ الصِّلَابُ‏ .

ثم علق على الحديث : أي حيرة أعظم من هذه الحيرة التي أخرجت من هذا الأمر الخلق الكثير و الجم الغفير ، و لم يبق عليه ممن كان فيه إلا النزر اليسير ، و ذلك لشك الناس و ضعف يقينهم و قلة ثباتهم على صعوبة ما ابتلي به المخلصون الصابرون و الثابتون و الراسخون في علم آل محمد عليهم السلام ، والراوين لأحاديثهم هذه ، العالمون بمرادهم فيها ، الدارون‏ لما أشاروا إليه في معانيها ، الذين أنعم الله عليهم بالثبات و أكرمهم باليقين- وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ .

الغيبة للنعماني ص186ح37 . ومعنى : سير الصم الصلاب : كناية عن شدة الامر و تغير الزمان حتّى كأنّ الجبال زالت عن مواضعها ، أو عن تزلزل الثابتين في الدين عنه. و يعني أهل الدراية و الفهم لمغزى كلامهم و مقاصد ألفاظهم و تعابيرهم .

معنى أولى لك :

قال الصدوق رحمه الله : بسنده عن الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ قَالَ :

سألت محمد بن علي الرضا عليه السلام : عن قوله عز و جل‏ :

{ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35) } القيامة .

قَالَ عليه السلام : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : بُعْداً لَكَ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا ، بُعْداً وَ بُعْداً لَكَ مِنْ خَيْرِ الْآخِرَةِ .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص53ب31ح205 .

يا طيب : هذا البعد عن الخير في الدارين لمن لم يصدق بالله وهداه الحق ولم يصلي فيعبده ولم يتصدق بما كرمه الله فيتقرب إليه كما تحكيه سورة القيامة ..

عرصة الإسلام ونوره :

ذكر الكليني رحمه الله قال : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد .

عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عَلَيْهِ السَّلَامُ : عن أبيه ، عن جده صلوات الله عليهم قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه و آله :

إن الله : خلق الإسلام ، فجعل له‏ عرصة ، و جعل له نورا ، و جعل له حصنا ، و جعل له ناصرا .

فأما عرصته : فالقرآن .

و أما نوره : فالحكمة .

و أما حصنه : فالمعروف .

و أما أنصاره : فأنا و أهل بيتي و شيعتنا .

فأحبوا : أهل بيتي و شيعتهم و أنصارهم.

فإنه‏ لما أسري بي : إلى السماء الدنيا ، فنسبني‏ جبرئيل عليه السلام لأهل السماء ، استودع الله حبي و حب أهل بيتي و شيعتهم في قلوب الملائكة ، فهو عندهم وديعة إلى‏ يوم القيامة .

ثم هبط بي : إلى‏ أهل الأرض ، فنسبني لأهل‏ الأرض ، فاستودع الله عز و جل حبي و حب أهل بيتي و شيعتهم في قلوب مؤمني أمتي .

فمؤمنو أمتي : يحفظون وديعتي في أهل بيتي‏ إلى‏ يوم القيامة .

ألا فلو أن : الرجل‏ من أمتي عبد الله عز و جل عمره أيام الدنيا .

ثم لقي : الله عز و جل مبغضا لأهل بيتي و شيعتي‏ ، ما فرج‏ الله صدره إلا عن النفاق‏ .

الكافي ج3ص118ب22ح1538/ 3 . ورواه في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص157 .

العَرْصَة : كلّ بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناءٌ .وسائل الشيعة ج15ص184ب4باب استحباب ملازمة الصفات الحميدة و استعمالها و ذكر قسم منه في ح20233- 7 .

وفي مرآة العقول : فنسبني ، أي ذكرني أو وصفني و ذكر نبوّتي و مناقبي .

و أمّا ذكر نسبه لأهل الأرض : فبالآيات التي أنزلها فيه و في أهل بيته ، و يقرأها الناس إلى يوم القيامة ، أو ذكر فضله و نادى به بحيث سمع من في أصلاب الرجال و أرحام النساء كنداء إبراهيم عليه السلام بالحجّ. و

قيل: لمّا وجبت الصلوات الخمس في المعراج ، فلمّا هبط عليه السلام علّمها الناس ، و كان من أفعالها الصلاة على محمّد و آله في التشهّد ؛ فدلّهم بذلك على أنّهم أفضل الخلق؛ لأنّه لو كان غيرهم أفضل لكانت الصلاة عليه أوجب. و الأوّل أظهر. و قيل غير ذلك .

قال المولى المازندراني رحمه الله قوله:

إن اللّه خلق الاسلام فجعل له عرصة:

شبه الاسلام : بالدار في الرجوع إليه و السكون فيه و الانس به .

و جعل له عرصة : و هي موضع واسع فيها ، لا بناء فيه .

و جعل له نورا : يرى به ما خفى ، كما أن للبيت نورا .

و جعل له حصنا : يمنع من خروج المصلح عنه و دخول المفسد فيه ، كما أن للدار حصنا مانعا من ذلك .

و جعل له ناصرا : ينصره و يروجه و يتدبر في أمره و اصلاحه ، كما أن للدار ناصرا كذلك .

فأما عرصته فالقرآن : لأن أهله يستريح فيه و يسير إليه ، و أيضا لا يدخل في الدين الا ما يدخل في القرآن ، كما أنه لا يدخل في الدار الا ما يدخل في العرصة .

و أما نوره فالحكمة : لان بالحكمة و هي العلم يظهر أوامر الدين و نواهيه، و آدابه و أسراره .

و أما حصنه فالمعروف : لأن المعروف و اقامته يوجب‏ حفظه من خروج الحق عنه و دخول الباطل فيه ، و أيضا حفظه يوجب حياة الاسلام و تركه يوجب هلاكه فهو يشبه الحصن .

و أما أنصاره : فأنا و أهل بيتي و شيعتنا ، و لعل المراد بالشيعة من كان تابعا لهم في العلم و العمل ، إذ لا يتصور النصرة بدونهما .

قوله : ثم هبط بي إلى أهل الأرض فنسبني لأهل الأرض .

فان قلت : كيف ذكر نسبه لأهل الأرض ، و المؤمنون به الى يوم القيامة لم يكونوا موجودين في ذلك الزمان ؟

قلت : لعله نادى بقوله : يا أيها الناس هذا محمد بن عبد اللّه رسول اللّه و خاتم النبيين ، فسمع صوته من في ‏أصلاب الرجال و أرحام النساء الى يوم القيامة ، فأجاب من أجاب ، كما نادى خليل الرحمن للحج ، أو أراد بذكر نسبه لأهل الأرض ذكره في القرآن ، فإنهم يسمعونه بطنا بعد بطن و عصرا بعد عصر الى يوم القيامة ، فيحبهم شيعتهم و يبغضهم عدوهم و اللّه أعلم.

شرح الكافي الأصول والروضة للمولى صالح المازندراني ج8ص138 .

ويا طيب : إن نسبة ونسب أهل البيت عليهم السلام سورة القدر وتلاوتها يوجب ذكره وذكر آله صلى الله عليهم وسلم ، وقد شرحناها في الجزء الأول من صحيفة سادة الوجود مفصلا ، فراجع .


باب
مكارم أخلاقه وبعض شؤونه

يا طيب : في هذا الباب نذكر بعض أهم مكارم أخلاق الإمام محمد الجواد عليه السلام ، وآدابه الإسلامية الحسنة الكريمة ، والتي تعرفنا علو شأنه وشرف مقامه ، وتؤيد إمامته وتظهر ولايته وتعرفنا حقه عليه السلام .

وراثة الجود وآدابه :

ذكر الصدوق في عيون الأخبار : بسنده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال :

قَرَأْتُ : كِتَابَ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ :

يَا أَبَا جَعْفَرٍ : بلغني أن الموالي إذا ركبت أخرجوك‏ من‏ الباب‏ الصغير ، فإنما ذلك من بخل بهم ، لئلا ينال منك أحد خيرا .

فأسألك : بحقي عليك ، لا يكن مدخلك و مخرجك إلا من الباب الكبير .

و إذا ركبت : فليكن معك‏ ذهب و فضة ، ثم لا يسألك أحد إلا أعطيته .

وَ مَنْ سَأَلَكَ : مِنْ عُمُومَتِكَ أن تبره ، فلا تعطه أقل من خمسين دينارا ، و الكثير إليك .

وَ مَنْ سَأَلَكَ : مِنْ عَمَّاتِكَ فلا تعطها أقل من خمسة و عشرين دينارا ، و الكثير إليك .

إِنِّي أُرِيدُ : أَنْ يَرْفَعَكَ اللَّهُ ، فَأَنْفِقْ وَ لَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْتَاراً.

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص8ب30ح20 .

ذكر في تفسير العياشي عن محمد بن عيسى بن زياد ، قال :

كنت في ديوان : أبي عباد فرأيت كتابا ينسخ ، فسألت عنه ؟

فقالوا : كتاب الرضا إلى ابنه عليهما السلام من خراسان ، فسألتهم أن يدفعوه إلي فإذا فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم

أبقاك الله طويلا : وأعاذ من عدوك يا ولدي ، فداك أبوك ، قد فسرت لك مالي وأنا حي ، رجاء أن ينميك الله بالصلة لقرابتك ولموالي موسى وجعفر رضي الله عنهما .

فأما سعيدة : فإنها امرأة قوية الحزم في النحل ، وليس ذلك كذلك قال الله :

{ مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)} البقرة .

وقال : { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)} الطلاق .

وقد أوسع الله : عليك كثيرا يا بني ، فداك أبوك ، لا تستر دوني الأمور لحبها ، فتخطيء حظك والسلام .

بحار الأنوار ج46ص103ب5ح18 عن تفسير العياشي ج1ص131و132 .

صبره على ما سلب منه :

ذكر في تحف العقول :

روي : أنه حمل لابي جعفر الثاني عليه السلام حمل بزله قيمة كثيرة ، فسل في الطريق ، فكتب إليه الذي حمله يعرفه الخبر.

فوقع بخطه عليه السلام :

إِنَّ أَنْفُسَنَا وَ أَمْوَالَنَا : مِنْ مَوَاهِبِ اللَّهِ الْهَنِيئَةِ ، وَ عَوَارِيهِ الْمُسْتَوْدَعَة .

يُمَتِّعُ : بِمَا مَتَّعَ مِنْهَا فِي سُرُورٍ وَ غِبْطَةٍ .

وَ يَأْخُذُ : مَا أَخَذَ مِنْهَا فِي أَجْرٍ وَ حِسْبَةٍ .

فَمَنْ غَلَبَ : جَزَعُهُ عَلَى صَبْرِهِ حَبِطَ أَجْرُهُ ، وَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ .

تحف العقول ص 479 ، وعنه في بحار الأنوار ج46ص102ب5ح17 ن. البز : الثياب من الكتان أو القطن . السلاح. فسلّ : أي سرق السلة السرقة الخفية كالإسلال . الحسبة: الأجر و الثواب.

وروي : أنه حمل له حمل بز (بزاز ثياب القطن والكتان ) له قيمة كثيرة ، فسل في الطريق ، فكتب إليه الذي حمله يعرفه الخبر .

الإمام يعلم دعبل الحمد :

في الكافي : عن دعبل بن علي أنه دخل على أبي الحسن الرضا عليه السلام ،ـ وأمر له بشيء فأخذه ولم يحمد الله .

قال : فقال له : لِمَ لمْ تحمد الله ؟

قال : ثم دخلت بعد على أبي جعفر عليه السلام وأمر لي بشيء .

فقلت : الحمد لله .

فقال لي : تأدبت .

الكافي ج1ص415ب122ح8. كشف الغمة ج 4 ص 188 بحار الأنوار ج46ص91ب5ح6 .

الإمام يشفع لموالي فيكرم :

ذكر الكليني في الكافي : بالإسناد عن أحمد بن زكريا الصيدلاني ، عن رجل من بني حنيفة من أهل بست وسجستان قال :

رافقت أبا جعفر عليه السلام : في السنة التي حج فيها في أول خلافة المعتصم .

فقلت له : وأنا معه على المائدة ، وهناك جماعة من أولياء السلطان :

إن والينا : جعلت فداك ، رجل يتولا كم أهل البيت ويحبكم ، وعلي في ديوانه خراج ، فان رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالإحسان إلي .

فقال : لا أعرفه .

فقلت : جعلت فداك إنه على ما قلت من محبيكم أهل البيت ، وكتابك ينفعني عنده.

فأخذ القرطاس فكتب :

بسم الله الرحمن الرحيم :

أما بعد : فإن موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا جميلا ، وإن ما لك من عملك ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى إخوانك .

واعلم : أن الله عز وجل سائلك عن مثاقيل الذر والخردل .

قال : فلما وردت سجستان ، سبق الخبر إلى الحسين بن عبدالله النيسابوري وهو الوالي.

فاستقبلني : على فرسخين من المدينة ، فدفعت إليه الكتاب ، فقبله ووضعه على عينيه ، وقال لي : حاجتك ؟

فقلت : خراج علي في ديوانك .

قال : فأمر بطرحه عني .

وقال : لا تؤد خراجا مادام لي عمل .

ثم سألني : عن عيالي فأخبرته بمبلغهم .

فأمر لي ولهم : بما يقوتنا وفضلا ، فما أديت في عمله خراجا مادام حيا ، ولا قطع عني صلته حتى مات .

بحار الأنوار ج46ص86ب5ح2 عن الكافى ج 5 ص 111 و 112. بيان : بست - بالضم - بلد بسجستان ، وسجستان معرب سكستان ( سكزاستان ) و سكز قوم من الأعاجم كانوا يسكنون هذه البلاد وجبالها ، والنسبة اليها سجزي على الأصل سكزي لا غير ، وأما الأعاجم فيقولون اليوم سيستان وسيستاني .

الإمام يذهب شك موالي :

ذكر في الخرائج : روي عن محمد بن الوليد الكرماني قال :

أتيت أبا جعفر ابن الرضا عليهما السلام : فوجدت بالباب الذي في الفناء قوما كثيرا فعدلت إلى سافر فجلست إليه حتى زالت الشمس .

فقمنا للصلاة : فلما صلينا الظهر ، وجدت حساً من ورائي ، فالتفت فإذا أبو جعفر عليه السلام .

فسرت إليه : حتى قبلت كفه ، ثم جلس وسأل عن مقدمي .

ثم قال : سلم .

فقلت : جعلت فداك قد سلمت .

فأعاد القول : ثلاث مرات : " سلم ! " فتداركتها .

وقلت : سلمت ورضيت يا ابن رسول الله ، فأجلى الله عما كان في قلبي حتى لو جهدت ورمت لنفسي أن أعود إلى الشك ما وصلت إليه .

فعدت : من الغد باكرا ، فارتفعت عن الباب الأول ، وصرت قبل الخيل ، وما وراي أحد أعلمه ، وأنا أتوقع أن آخذ السبيل إلى الإرشاد إليه .

فلم أجد : أحدا أخذ ، حتى اشتد الحر والجوع جدا ، حتى جعلت أشرب الماء أطفئ به حرما أجد من الجوع والجوى .

فبينما أنا كذلك : إذ أقبل نحوي غلام قد حمل خوانا عليه طعام وألوان ، وغلام آخر عليه طست وإبريق ، حتى وضع بين يدي .

وقالا : أمرك أن تأكل ، فأكلت .

فلما فرغت : أقبل ، فقمت إليه فأمرني بالجلوس وبالا كل ، فأكلت .

فنظر إلى الغلام فقال : كل معه ينشط ! حتى إذا فرغت ورفع الخوان ، وذهب الغلام ليرفع ما وقع من الخوان ، من فتات الطعام .

فقال : مه ومه ما كان في الصحراء فدعه، ولو فخذ شاة ، وما كان في البيت فالقطه .

ثم قال : سل !

قلت: جعلني الله فداك ما تقول في المسك؟

فقال : إن أبي أمر أن يعمل له مسك في فارة ، فكتب إليه الفضل يخبره أن الناس يعيبون ذلك عليه .

فكتب : يا فضل أما علمت أن يوسف كان يلبس ديباجا مزرورا بالذهب ، ويجلس على كراسي الذهب ، فلم ينتقص من حكمته شيئا ، وكذلك سليمان ، ثم أمر أن يعمل له غالية بأربعة آلاف درهم .

ثم قلت : ما لمواليكم في موالاتكم ؟

فقال : إن أبا عبد لله عليه السلام كان عنده غلام يمسك بغلته إذا هو دخل المسجد ، فبينما هو جالس ومعه بغلة إذ أقبلت رفقة من خراسان .

فقال له رجل من الرفقة : هل لك يا غلام أن تسأله أن يجعلني مكانك ، و أكون له مملوكا وأجعل لك مالي كله ؟ فإني كثير المال من جميع الصنوف اذهب فاقبضه ، وأنا اقيم معه مكانك .

فقال : أسأله ذلك .

فدخل على أبي عبد الله فقال : جعلت فداك تعرف خدمتي وطول صحبتي ، فإن ساق الله إلى خيرا تمنعنيه ؟

قال : أعطيك من عندي وأمنعك من غيري ، فحكى له قول الرجل ،

فقال : إن زهدت في خدمتنا ورغب الرجل فينا ، قبلناه وأرسلناك ، فلما ولى عنه دعاه .

فقال له : أنصحك لطول الصحبة ، ولك الخيار ، فإذا كان يوم القيامة كان رسول الله صلى الله عليه وآله متعلقا بنور الله ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام متعلقا برسول الله ، وكان الأئمة متعلقين بأمير المؤمنين ، وكان شيعتنا متعلقين بنا يدخلون مدخلنا ، ويردون موردنا .

فقال الغلام : بل اقيم في خدمتك واؤثر الاخرة على الدنيا ، وخرج الغلام إلى الرجل .

فقال له الرجل : خرجت إلى بغير الوجه الذي دخلت به .

فحكى له قوله : وأدخله على أبي عبد الله عليه السلام ، فقبل ولاءه وأمر للغلام بألف دينار ثم قام إليه فودعه ، وسأله أن يدعو له ففعل .

فقلت : يا سيدي لولا عيال بمكة وولدي سرني أن أطيل المقام بهذا الباب .

فأذن لي وقال لي : توافق غما ، ثم وضعت بين يديه حقا كان له ، فأمرني أن أحملها ، فتأبيت وظننت أن ذلك موجدة .

فضحك إلي وقال : خذها إليك فانك توافق حاجة ، فجئت وقد ذهبت نفقتنا شطر منها فاحتجت إليه ساعة قدمت مكة .

روى هذه القطعة من الحديث الكليني رحمه الله في الكافي ج 6 ص 517 و 517

بحار الأنوار ج46ص87ب5ح3 .

بيان : الفأرة : نافجة المسك ، وفى بعض النسخ : في قارورة ، وفي نسخة الكافى " في بان " ، والبان : شجر سبط لقوام لين ورقه كورق الصفصاف ، ولحب ثمره دهن طيب ، المزرور : المشدود بالأزرار ، فالمراد أن أزراره كانت من الذهب ، وفى نسخة الكايى مزردة من الزرد بمعنى السرد والحياكة .

الإمام وبعض أصحابه :

ذكر في فلاح السائل : سمعت من يذكر طعنا على محمد بن سنان ، ولعله لم يقف إلا على الطعن عليه ولم يقف على تزكيته والثناء عليه ، وكذلك يحتمل أكثر الطعون . فقال شيخنا المعظم المأمون المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتاب كمال شهر رمضان ، لما ذكر محمد بن سنان ما هذا لفظه :

على أن المشهور عن السادة عليهم السلام من الوصف لهذا الرجل خلاف ما به شيخنا أتاه ووصفه ، والظاهر من القول ضد ماله به ذكر .

كقول أبي جعفر عليه السلام فيما رواه عبد الله بن الصلت القمي قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام في آخر عمره فسمعته يقول :

جزى الله محمد بن سنان عني خيرا فقد وفالي .

وكقوله عليه السلام : فيما رواه علي بن الحسين بن داود قال : سمعنا أبا جعفر عليه السلام يذكر محمد بن سنان بخير ويقول :

رضي الله عنه برضاي عنه ، فما خالفني ولا خالف أبي قط .

هذا مع جلالته في الشيعة ، وعلو شأنه ، ورئاسته ، وعظم قدره ولقائه من الأئمة عليهم السلام ثلاثة ، وروايته عنهم ، وكونه بالمحل الرفيع منهم : أبو إبراهيم موسى بن جعفر ، وأبو الحسن علي بن موسى ، وأبو جعفر محمد بن علي عليهم أفضل السلام .

ومع معجز أبي جعفر عليه السلام الذي أظهره الله فيه وآيته التي أكرمه بها ، فيما رواه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب أن محمد بن سنان كان ضرير البصر ، فتمسح بأبي جعفر الثاني فعاد إليه بصره ، بعد ما كان افتقده .

أقول : فمن جملة أخطار الطعون على الأخبار ، أن يقف الإنسان على طعن ولم يستوف النظر في أخبار المطعون عليه كما ذكرناه عن محمد بن سنان رحمة الله عليه فلا يعجل طاعن في شيء مما أشرنا إليه ، أو يقف من كتبنا عليه ، فلعل لنا عذرا ما اطلع الطاعن عليه .

اقول : ورويت بإسنادي إلى هارون بن موسى التلعكبري رحمه الله بإسناده الذي ذكره في أواخر الجزء السادس من كتاب عبد الله بن حماد الأنصاري ما هذا لفظه :

أبو محمد هارون بن موسى ، عن محمد بن همام ، عن الحسين بن أحمد المالكي قال : قلت لأحمد بن مليك الكرخي : أخبرني عما يقال في محمد بن سنان من أمر الغلو .

فقال : معاذ الله هو والله علمني الطهور ، وحبس العيال ، وكان متقشفا متعبدا .

بحار الأنوار ج45ص276ب18ح26.

وعن ابن عيسى قال : بعث إلي أبو جعفر عليه السلام غلامه معه كتابه فأمرني أن أصير إليه فأتيته وهو بالمدينة نازل في دار ( خان ) بزيع ، فدخلت فسلمت فذكر في صفوان ومحمد بن سنان وغيرهما ما قد سمعه غير واحد .

فقلت في نفسي : أستعطفه على زكريا بن آدم لعله أن يسلم مما قال في هؤلاء القوم ، ثم رجعت إلى نفسي فقلت : من أنا أن أتعرض في هذا وشبهه لمولاي وهو أعلم بما صنع .

فقال لي : يا أبا علي ! ليس على مثل أبي يحيى يعجل ، وقد كان من خدمته لأبي صلى الله عليه ومنزلته عنده وعندي من بعده ، غير أني قد احتجت إلى المال الذي عنده .

فقلت : جعلت فداك هو باعث إليك بالمال .

وقال : إن وصلت إليه فأعلمه أن الذي منعني من بعث المال اختلاف ميمون ومسافر .

قال : احمل كتابي إليه ومره أن يبعث إلي بالمال ، فحملت كتابه إلى زكريا بن آدم فوجه إليه بالمال .

الاختصاص ص 87 . بحار الأنوارج45ص279ب18ح34.بصائر الدرجات ص 237 . بحار الأنوارج45ص273ب18ح21.


باب
آداب وتعاليم الإمام الجواد

ويا طيب : هنا نذكر بعض التعاليم الإيمانية والأخلاق الإسلامية والآداب الربانية عن الإمام محمد الجواد عليه السلام ، وهي من أسس وصميم وأمهات الحكمة النظرية والعملية التي يجب العلم والإيمان والعمل بها قربة إلى الله تعالى .

أحوالنا مع الوالدين :

عن الشيخ المفيد في أماليه : عن علي بن مهزيار ، عن بكر بن صالح قال : كتب صهر لي إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام :

إن أبي ناصبي : خبيث الرأي ، و قد لقيت منه شدة و جهدا ، فرأيك جعلت فداك في الدعاء لي ، و ما ترى جعلت فداك ، أ فترى أن أكاشفه أم أداريه ؟

فكتب عليه السلام : قد فهمت كتابك و ما ذكرت من أمر أبيك .

و لست : أدع الدعاء لك إن شاء الله .

و المداراة : خير لك من المكاشفة .

و مع العسر : يسر ، فاصبر إن العاقبة للمتقين .

ثبتك الله : على ولاية من توليت .

نحن و أنتم : في وديعة الله الذي لا تضيع ودائعه .

قال بكر : فعطف الله بقلب أبيه ، حتى صار لا يخالفه في شيء .

مستدرك‏ الوسائل ج15ص178ب69 ح17925-1 .

وعن الصدوق في علل الشرائع :

عن عبد العظيم الحسني عن أبي جعفر الثاني عن آبائه عن الصادق عليهم السلام قال :

عقوق الوالدين : من الكبائر .

لأن الله عز و جل : جعل العاق ، عصيا شقيا .

مستدرك‏ الوسائل ج15ص189ب 75ح 17965 -7.

أنواع الأصدقاء :

عن الإمام أبي جعفر الثاني الجواد التقي عليه السلام قال :

قام إلى أمير المؤمنين عليه السلام رجل بالبصرة ، فقال :

يا أمير المؤمنين : أخبرنا عن الإخوان ؟

فقال : الإخوان صنفان : إخوان الثقة ، و إخوان المكاشرة .

فأما إخوان الثقة :

فهم : كالكف و الجناح و الأهل و المال .

و إذا كنت : من أخيك على ثقة ، فابذل له مالك و يدك ، و صاف من صافاه ، و عاد من عاداه ، و اكتم سره ، و أعنه ، و أظهر منه الحسن .

و اعلم : أيها السائل ، أنهم أقل من الكبريت الأحمر .

و أما إخوان المكاشرة :

فإنك تصيب منهم : لذتك ، و لا تقطعن ذلك منهم ، و لا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم ، و ابذل ما بذلوا لك من طلاقة الوجه و حلاوة اللسان .

مصادقة الإخوان ص29ح1.

قال الشيخ المفيد رحمه الله : بسنده عن أبو القاسم عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني رحمه الله قال:

سمعت : أبا جعفر محمد بن علي بن موسى عليه السلام يقول‏ :

مُلَاقَاةُ الْإِخْوَانِ : نُشْرَةٌ ، وَ تَلْقِيحٌ لِلْعَقْلِ‏ .

وَ إِنْ كَانَ : نَزْراً قَلِيلًا.

الأمالي للمفيد ص328م28ح13 .الأمالي للطوسي ص94م3ح145- 54 . بحار الأنوار ج71ص353ب21ح26.

وسيأتي يا طيب : في أخر أبوذية الجواد شرح حديث الكبائر وضرورة التوقي والخوف من الوقوع فيها في هذه الصحيفة فراجعه .

و عن عبد الرحمن عن محمد بن زيد الشبية قال :

سمعت بن الرضا : محمد بن على بن موسى عليه السلام يقول :

من استفاد : أخا في الله ، فقد استفاد بيتا في الجنة .

تاريخ بغداد ج3ص54رقم 997 .

المرض يحط الذنوب :

قال الشيخ الطوسي رحمه الله : بسنده عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني بالري قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي بن الحسين ، عن الحسين بن علي ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنه قال :

الْمَرَضُ : لَا أَجْرَ فِيهِ ، وَ لَكِنَّهُ لَا يَدَعُ عَلَى الْعَبْدِ ذَنْباً إِلَّا حَطَّهُ .

وَ إِنَّمَا الْأَجْرُ : فِي الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ ، وَ الْعَمَلِ بِالْجَوَارِحِ .

وَ إِنَّ اللَّهَ : بِكَرَمِهِ وَ فَضْلِهِ .

يُدْخِلُ الْعَبْدَ : بِصِدْقِ النِّيَّةِ ، وَ السَّرِيرَةِ الصَّالِحَةِ ؛ الْجَنَّةَ .

الأمالي للطوسي ص602م27ح1245- 2 . وذكره الحر العاملي في وسائل الشيعة ج1ص56ب6 باب استحباب نية الخير و العزم عليه ح117- 25 .

نوعين من السنن :

عن الشيخ الطوسي رحمه الله قال : بسنده عن عَبْدُ الْعَظِيمِ‏ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيُّ قَالَ : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي، عن أبيه ، عن جده ، عن جعفر بن محمد، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله :

السُّنَّةُ سُنَّتَانِ :

سُنَّةٌ : فِي فَرِيضَةٍ ، الْأَخْذُ بِهَا هُدًى ، وَ تَرْكُهَا ضَلَالَةٌ .

وَ سُنَّةٌ : فِي غَيْرِ فَرِيضَةٍ ، الْأَخْذُ بِهَا فَضِيلَةٌ ، وَ تَرْكُهَا إِلَى غَيْرِهَا خَطِيئَةٌ .

الأمالي للطوسي ص589م25ح1222- 11 . أي سنة واجبة ، وأخرى مستحبة .

معنى المحرمات :

وعن الصدوق رحمه الله في من لا يحضره الفقيه :

روى عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني‏ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا عليه السلام أَنَّهُ قَالَ‏ :

سألته : عما { أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ (3) } المائدة ؟

فقال عليه السلام : ما ذبح لصنم أو وثن أو شجر ، حرم الله ذلك كما حرم الميتة و الدم و لحم الخنزير ، فمن اضطر غير باغ و لا عاد ، فلا إثم عليه‏ أن يأكل الميتة .

قال فقلت له : يا ابن رسول الله ، متى تحل للمضطر الميتة ؟

قال عليه السلام : حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عليهم السلام : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : سئل ، فقيل له : يا رسول الله ، إنا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة ، فمتى تحل لنا الميتة ؟

قال : ما لم تصطبحوا ، أو تغتبقوا ، أو تحتفئوا بقلا ، فشأنكم بها .

قال عبد العظيم : فقلت له : يا ابن رسول الله ، ما معنى قوله عز و جل : { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (173)} البقرة .

قال عليه السلام : العادي : السارق ، و الباغي : الذي يبغي الصيد بطرا أو لهوا لا ليعود به على عياله ، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا ، هي حرام عليهما في حال الاضطرار ، كما هي حرام عليهما في حال الاختيار ، و ليس لهما أن يقصرا في صوم و لا صلاة في سفر .

قال فقلت : فقوله عز و جل : { وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ (3) } المائدة.

قال‏ عليه السلام :

المنخنقة : التي انخنقت بأخناقها حتى تموت‏ .

و الموقوذة : التي مرضت ، و قذفها المرض حتى لم يكن بها حركة .

و المتردية : التي تتردى من مكان مرتفع إلى أسفل ، أو تتردى من جبل أو في بئر فتموت‏ .

و النطيحة : التي تنطحها بهيمة أخرى فتموت‏ .

و ما أكل السبع‏ : منه فمات‏ .

و ما ذبح : على النصب‏ على حجر أو صنم .

إلا ما أدرك : ذكاته ، فيذكى‏ .

قلت‏ : { وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ‏ (3) } المائدة.

قال عليه السلام : كانوا في الجاهلية يشترون بعيرا فيما بين عشرة أنفس ، و يستقسمون عليه بالقداح وكانت عشرة، سبعة لها أنصباء، وثلاثة لا أنصباء لها.

أما التي لها أنصباء : فالفذ ، و التوأم ، و النافس ، و الحلس ، و المسبل ، و المعلى ، و الرقيب‏ .

و أما التي لا أنصباء لها : فالسفيح ، و المنيح ، و الوغد .

فكانوا : يجيلون السهام بين عشرة ، فمن خرج باسمه سهم من التي لا أنصباء لها ألزم ثلث ثمن البعير ، فلا يزالون بذلك حتى تقع السهام الثلاثة التي لا أنصباء لها إلى ثلاثة منهم ، فيلزمونهم ثمن البعير ، ثم ينحرونه و يأكله السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئا ، و لم يطعموا منه الثلاثة الذين نقدوا ثمنه شيئا .

فلما جاء الإسلام : حرم الله تعالى ذكره ذلك فيما حرم .

فقال عز و جل : { وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ‏ } يعني حراما.

و هذا الخبر : في روايات أبي الحسين الأسدي رحمه الله ، عن سهل بن زياد ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام ‏.

من لا يحضره الفقيه ج‏3ص 345ح4213 .

بيان عن الهامش : المخمصة : المجاعة، و قوله : ما لم تصطبحوا- الخ أي إذا لم يكن لكم الغداء أو العشاء ، و لم تجدوا بقلا ، حل لكم الميتة فالزموها ، و قال العلّامة المجلسيّ : هذا الخبر روته العامّة أيضا عن أبي واقد عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ، و اختلفوا في تفسيره ، قال في النهاية : فى صبح منه الحديث أنّه سئل متى تحل لنا الميتة ؟ فقال: ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفئوا بها بقلا فشأنكم بها .

الاصطباح : هاهنا أكل الصبوح و هو الغداء ، و الغبوق: العشاء و أصلهما في الشرب ثمّ استعملا في الاكل ، أي ليس لكم أن تجمعوهما من الميتة ، قال الازهري : قد أنكر هذا على أبي عبيد و فسر أنّه أراد إذا لم تجدوا لبينة تصطبحونها أو شرابا تغتبقونه ، و لم تجدوا بعد عدمكم الصبوح و الغبوق بقلة تأكلونها حلت لكم الميتة، قال: و هذا هو الصحيح. .. أقول: في بعض نسخ الفقيه بالواو في الموضعين فلا يحتاج الى تكلف، و على الحاء المهملة يحتمل أن تكون كناية عن استيصال البقل ، فإن هذا شايع في عرفنا على التمثيل ، فلعله كان في عرفهم أيضا كذلك.

رواه العيّاشيّ في تفسيره ج 1 ص 75 عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السلام. في التهذيب الا ما أدركت ذكاته فذكى. في القاموس: الزلم محركة: قدح لا ريش عليه. ورواه تهذيب الأحكام ج9ص83ب2ح 89 عن أبو الحسين الأسدي عن سهل بن زياد عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني .

وسائل الشيعة ج24ص37ب19 باب أنه لا يحل أكل النطيحة و لا المتردية و لا فريسة السبع و لا الموقوذة و لا المنخنقة و لا ما ذبح على النصب إلا أن يدرك ذكاته حديث 29929- 3 .

وسائل الشيعة ج24ص213ب55 باب تحريم ما أهل لغير الله به و هو ما ذبح لصنم أو وثن أو شجر حديث 30371- 1 .

وسائل الشيعة ج24ص214ب56 باب عدم تحريم الميتة و الدم و الخنزير و سائر المحرمات على المضطر ضرورة شديدة غير باغ و لا عاد و تحريمها على الباغي و العادي في الضرورة أيضا حديث 30374- 1 .

وسائل الشيعة ج24ص215ب56 باب عدم تحريم الميتة و الدم و الخنزير و سائر المحرمات على المضطر ضرورة شديدة غير باغ و لا عاد و تحريمها على الباغي و العادي في الضرورة أيضا ..وسائل الشيعة ج24ص218ب57 باب تحريم المنخنقة و الموقوذة و المتردية و النطيحة و ما أكل السبع و ما ذبح على النصب إلا ما ذكي و الاستقسام بالأزلام .

أمرين من الله للنبي :

ذكر الشيخ الطوسي رحمه الله : بسنده عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني قال: حدثنا محمد بن علي الرضا ، عن آبائه عليهم السلام ، عن محمد بن علي أبي جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام قال :

قال رسول الله صلى الله عليه و آله :

إِنَّا أُمِرْنَا : مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ .

أَنْ نُكَلِّمَ : النَّاسَ ، بِقَدْرِ عُقُولِهِمْ .

قال : وقال النبي صلى الله عليه و آله:

أَمَرَنِي رَبِّي : بِمُدَارَاةِ النَّاسِ .

كَمَا أَمَرَنِي : بِإِقَامَةِ الْفَرَائِضِ .

الأمالي للطوسي ص481م17ح1050- 19 .

وصية النبي للإمام علي :

ذكر الشيخ الطوسي رحمه الله : بسنده عن عَبْدُ الْعَظِيمِ‏ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن موسى قال : حدثني أبي الرضا علي بن موسى قال : حدثني أبي موسى بن جعفر بن محمد قال : حدثني أبي جعفر قال : حدثني أبي محمد بن علي قال : حدثني أبي علي بن الحسين قال : حدثني أبي الحسين بن علي :

عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال :

بَعَثَنِي : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلَى الْيَمَنِ .

فَقَالَ وَ هُوَ يُوصِينِي :

يَا عَلِيُّ : مَا حَارَ مَنِ اسْتَخَارَ ، وَ لَا نَدِمَ مَنِ اسْتَشَارَ .

يَا عَلِيُّ : عَلَيْكَ بِالدَّلْجَةِ ، فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ مَا لَا تُطْوَى بِالنَّهَارِ .

يَا عَلِيُّ : اغْدُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَارَكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا .

الأمالي للطوسي ص136م5ح220- 33.تاريخ بغداد ج3ص54رقم 997 .وسائل الشيعة ج8ص78ب5 باب استحباب الدعاء بطلب الخيرة و تكرار ذلك ثم يفعل ما يترجح في قلبه أو يستشير فيه بعد ذلك حديث10125- 11 . وسائل الشيعة ج11ص366ب10 باب استحباب السير في آخر الليل أو في الغداة و العشي و كراهة السير في أول الليل 15032- 8. الدلجة السير في الليل كله أو قسما منه .

حديث العارفين سلمان وأبو ذر :

يا طيب : هذا حديث تأديب وتربية وتعليم ومعرفة من أفضل صحابة النبي وأحباب أهل البيت ، وبيان معرفتهم وإخلاصهم وتوجههم لله تعالى في كل شيء ، وهذا الحديث يعلمنا معارف قيمة في أهمية وعظمة نعم الله وكيف تصل لنا لنتقوى على أمور الحياة الدنيا ، وإن الله سخر لنا كل شيء ليوصل لنا ما نطعمه ونتقوى به لعمل الصلاح والخير والبر وإقامة العبودية ، وبه نتعقل ما يجب علينا من شكر الله تعالى وحمده على ما كرمنا ، وفي الحقيقة رغيف الخبز وأمثاله من كل نعم الله كم تتداولها العوالم والتحول والتغير ، ويجريها التدبير الرباني حتى تصل لنا سائغة ، فيجب على الإنسان أن لا يبطر ولا يستصغر نعم الله تعالى مهما صغرت ، ويجب أن يشكره على كل نعمه .

ولحضرتكم هذا الحديث : يرويه السيد الجليل عبد العظيم الحسني رحمه الله عن الإمام أبو جعفر الثاني التقي محمد الجواد عن آباءه عليهم الصلاة والسلام ، وقد جرى بين أفضل وأكرم وأنبل وأشرف الصحابة ، بل وأخلصهم لعبودية الله بعد أئمة الحق رضوان الله عليهم سلمان المحمدي وأبو ذر العلوي ، وفيه محاورة تعليمية وكلام تأديبي وعلم وعمل تربوي لكيفية الاعتراف بالتقصير والتوبة من أقل حركة وقلة تدبير ، فترى علم سلمان وتفكر أبو ذر وتواضعه للحق والمعرفة ، وإنه كان في غفلة بسيطة مباحة وليس في معصية رحمه الله ،.

وإنه جاء في الحديث : أصدق الناس لهجة أبو ذر ، وإنه رحمه الله أكثر عبادته التفكر ، ولكن لغفلة بسيطة في التفكر والتدبر في أمر الله ، تراه كيف يتواضع ويشكر ويتوب ويرضي صاحبه بكل مودة ومحبة ، ولا ترى في ذرة من التكبر والتجبر والعناد للحق ، مع أنه لم يعصي بل أمر مباح ، ولكنه قد يكون فيه قليل من عدم التدبر أو يشير لنسيان فضل الله عليه ، ولو لم أعرف الحديث وصادفتني حالة مثله لطفرت وللمت صاحبي أو زعلت وخرجت وأحسبها منة على قليل من الطعام ، والحمد الله على ما أدبنا به الإسلام وأهله ، فتدبر فيه يا طيب ، ولنتعلم ونعلم كل من نحب أهمية شكر الله وحمد على كل نعمه وعدم الغفلة عن مدده وفضله ، وعدم استصغار كرمه ومدده :

ذكر الصدوق رحمه الله في الأمالي : بسنده عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني : عَنِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ الرِّضَا عَلِيِّ بْنِ مُوسَى ، عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عليه السلام قَالَ :

دعا سلمان : أبا ذر إلى منزله ، فقدم عليه رغيفين .

فأخذ أبو ذر : الرغيفين يقلبهما .

فقال له سلمان : يا أبا ذر ، لأي شيء تقلب هذين الرغيفين ؟

قال : خفت أن لا يكونا نضيجين .

فغضب سلمان : من ذلك غضبا شديدا .

ثم قال : ما أجرأك حيث تقلب هذين الرغيفين ، فو الله لقد :

عمل : في هذا الخبز ، الماء الذي تحت‏ العرش .

و عملت : فيه الملائكة ، حتى ألقوه إلى الريح .

و عملت : فيه الريح ، حتى ألقته إلى السحاب .

و عمل فيه : السحاب ، حتى أمطره إلى الأرض .

و عمل فيه : الرعد و الملائكة ، حتى وضعوه مواضعه .

و عملت فيه : الأرض ، و الخشب ، و الحديد ، و البهائم ، و النار ، و الحطب ، و الملح ، و ما لا أحصيه أكثر .

فكيف لك : أن تقوم بهذا الشكر ؟

فقال أبو ذر :

إلى الله : أتوب ، و أستغفر الله ، مما أحدثت ، و إليك أعتذر مما كرهت .

الأمالي للصدوق ص442م68ح6 .

وأضاف الصدوق رحمه الله في العيون للحديث السابق : بالإضافة لما ذكر وبسند آخر قال حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه : قال حدثنا محمد بن هارون الصوفي قال : حدثنا أبو تراب عبيد الله بن موسى الروياني قال :

حدثنا عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني : عن الإمام محمد بن علي عن أبيه الرضا علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ع قال :

....

قال : و دعا سلمان أبا ذر رحمهما الله : ذات يوم إلى ضيافة .

فقدم إليه : من جرابه‏ ، كسرة يابسة ، و بلها من ركوته‏ .

فقال أبو ذر : ما أطيب هذا الخبز ، لو كان معه ملح .

فقام سلمان : و خرج ، و رهن ركوته بملح ،، و حمله إليه .

فجعل أبو ذر : يأكل ذلك الخبز ، و يذر عليه ذلك الملح .

و يقول : الحمد لله الذي رزقنا هذا القناعة .

فقال سلمان : لو كانت قناعة ، لم تكن ركوتي مرهونة .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص52ب31ح203 . .

والجراب : كيس من الجلد ، والركوة إناء الماء .

ويا طيب : هذا حديث جرى بين اثنين من الصديقين ، ولا يمكن أن تكون دعوة على خبز غير ناضج ، لأنه يحسن أن يتكلف لمن يدعو إنسان لغذاء ، ولكن كأنه كان معتاد عند مثلهم من الكفاف والعفاف والقناعة ، وإن عرفت لا غضاضة على أبو ذر رحمه الله حين قلب الرغيف ليرى نضجه ، ولكن هذه الغفلة القصيرة عن فضل الله كانت عند سلمان ذنب ، ولذا قيل حسنات الابرار سيئات المقربين ، وإن حساب الخواص غير حساب العوام ، وإن الله تعالى يغفر للجاهل سبعين ذنبا قبل أن يغفر للعالم ، وطبعا يسأل الجاهل لماذا لم تتعلم فإن كان قاصر غير مقصر يغفر له .

وهنا الكلام يا طيب : بين أعظم وأكبر صديقين من الصحابة وهم أعلى عباد الله بعد المعصومين درجة ، فهم أبرار صديقين مقربين بأشد القرب ، ولذا يجري بينهم مثل هذا الكلام ويقرون له ، وإلا لو كان غيرهم لزعل من صاحبه ويقول مثلا تدعوني لخبز غير ناضج ولا ملح له ، ثم تمن عليّ بل قد يعتبره اهانه ويتركه ويخرج مقهورا منه ويهاجره ، ولكنه تذكر كريم من إنسان محمدي وتواضع شريف من أبو ذر العلوي وهو صادق صديق لا أصدق منه لهجة على الأرض طبعا بعد المعصومين ، فتراه يتوب ويستغفر الله ويرى أنه غافل عن نعم الله أو كأنه يشكو الله تعالى لقلة الزاد وخروج عن رسم العبودية ، وبالمناسبة لكم:

مختصر في حياة الصديقين :

سلمان المحمدي : هو أبو عبد اللّه ، و أبو الحسن و أبو إسحاق ، أسلم عند قدوم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى المدينة ، و كان عبد لقوم من بنى قريظة فكاتبهم فأدى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كتابته و عتق ، و أول مشاهده مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الخندق و قيل في حفره أنّه كان برأي منه ، وكان قبل ذلك متنقل بين الرهبان في عدة بلاد ، وبوصية من أخر القديسين قصد يثرب ينتظر ظهور النبي الأكرم ، فأسروه في الطريق وبيع عبدا ، ولما ورد النبي المدينة أسلم ثم ساعد صلى الله عليه وآله في عتقه .

و قد وردت : أخبار كثيرة في فضله كقول النبي الأكرم : سلمان منا أهل البيت ، و أمرني ربى بحب أربعة : على بن أبي طالب و المقداد بن الأسود و أبو ذر الغفاري و سلمان ، و كتب الشيخ النوريّ رحمه اللّه فانه كتب كتابا سماه نفس الرحمن في فضائل سلمان .

توفى سلمان : رضي اللّه عنه بالمدائن في سنة 34 ه عن عمر طويل ، قيل بلغ ثلاثمائة سنة ، و قيل غير ذلك ، و تولى غسله و تجهيزه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، جاءه من المدينة إلى المدائن .

أبو ذر الغفاري : اسمه جندب بن جنادة ، وهو صحابي جليل وعالم فاضل وصديق مشهود له بالولاء والفضل ، ومن السابقين إلى الإسلام ، هاجر بعد وقعة بدر، و فيه قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله : ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبى ذر، يعيش وحده، و يموت وحده، و يبعث وحده، و يدخل الجنة وحده. و له مواقف جليلة في الإسلام، نفاه عثمان بن عفان من المدينة الى الشام حين ثقل عليه وجوده لأمره بالمعروف و انكاره المنكر.

و لما حل بالشام : أزداد في دعوته فثقل على معاوية ذلك لما كان يلمسه من استجابة الناس لأبي ذر ، فكتب الى عثمان يطلب ابعاده عن الشام فأجابه بحمله على أصعب مركب ، فسيره مع من يغذ به السير بعنف على قتب بغير وطاء، فأجهده ذلك فما وصل المدينة الا و قد تهرى لحم فخذيه و بلغ منه الجهد.

فجرى بينه : و بين عثمان كلام أغضبه ، فحاول استمالة أبى ذر بالأموال فلم يفلح ، فنفاه إلى الربذة و هي قرية تبعد عن المدينة بثلاثة أيّام قريبة من ذات عرق ، وودعه الإمام علي والحسن والحسين عليهم السلام ، فعاش هناك وحيدا ومات وحيدا رحمه الله ، له أحاديث كريمة في حب أهل البيت عليهم السلام .

ذي كفل من المرسلين :

وذكر الراوندي رحمه الله : وعن ابن بابويه : بسنده عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني قال : كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ أَعْنِي مُحَمَّدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عليهم السلام :

أَسْأَلُهُ : عَنْ ذِي الْكِفْلِ ، ما اسمه ، و هل كان من المرسلين ؟

فكتب عليه السلام : بعث الله تعالى جل ذكره مائة ألف نبي و أربعة و عشرين ألف نبي ، المرسلون منهم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا ، و إن ذا الكفل منهم عليه السلام .

و كان : بعد سليمان بن داود ، و كان يقضي بين الناس كما كان يقضي داود ، و لم يغضب إلا لله عز و جل .

و كان اسمه : عويديا ، و هو الذي ذكره الله تعالى جلت عظمته في كتابه ، حيث قال‏ : { وَ اذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ ذَا الْكِفْلِ وَ كُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ (48) } ص .

قصص الأنبياء عليهم السلام للراوندي ص213ب13ح277 في أحوال ذي الكفل و عمران عليهم السلام . بحار الأنوار ج13ص405ب 17 ح2 .

جزاء النساء العاصيات :

ذكر الصدوق رحمه الله في العيون : بسنده عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني : عن محمد بن علي الرضا ، عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلى الله عليهم وسلم قال :

دَخَلْتُ أَنَا وَ فَاطِمَةُ : على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فوجدته يبكي بكاء شديدا .

فقلت : فداك أبي و أمي يا رسول الله ، ما الذي أبكاك ؟

فقال : يا علي ليلة أسري بي إلى السماء ، رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد ، فأنكرت شأنهن ، فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن .

و رأيت امرأة : معلقة بشعرها ، يغلى دماغ رأسها .

و رأيت امرأة : معلقة بلسانها ، و الحميم يصب في‏ حلقها .

و رأيت امرأة : معلقة بثدييها .

و رأيت امرأة : تأكل لحم جسدها ، و النار توقد من تحتها .

و رأيت امرأة : قد شد رجلاها إلى يديها ، و قد سلط عليها الحيات و العقارب .

و رأيت امرأة : صماء عمياء خرساء ، في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها ، و بدنها متقطع من الجذام و البرص .

و رأيت امرأة : معلقة برجليها في تنور من نار .

و رأيت امرأة : تقطع لحم جسدها من مقدمها و مؤخرها بمقاريض من نار .

و رأيت امرأة : يحرق وجهها و يداها ، و هي تأكل أمعاءها .

و رأيت امرأة : رأسها رأس الخنزير ، و بدنها بدن الحمار ، و عليها ألف ألف لون من العذاب .

و رأيت امرأة : على صورة الكلب ، و لنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها ، و الملائكة يضربون رأسها و بدنها بمقامع‏ من نار .

فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام : حبيبي و قرة عيني ، أخبرني ما كان عملهن و سيرتهن ، حتى وضع الله عليهن هذا العذاب ؟

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : يا بنيتي:

أما المعلقة : بشعرها ، فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال .

و أما المعلقة : بلسانها ، فإنها كانت تؤذي زوجها .

و أما المعلقة : بثدييها ، فإنها كانت تمتنع من فراش زوجها .

و أما المعلقة : برجليها ، فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها .

و أما التي : كانت تأكل لحم جسدها ، فإنها كانت تزين بدنها للناس .

و أما التي : شد يداها إلى رجليها ، و سلط عليها الحيات و العقارب ، فإنها كانت قذرة الوضوء ، قذرة الثياب ، و كانت لا تغتسل من الجنابة و الحيض ، و لا تنتظف ، و كانت تستهين بالصلاة .

و أما الصماء العمياء الخرساء : فإنها كانت تلد من الزناء ، فتعلقه في عنق زوجها .

و أما التي : كانت تقرض لحمها بالمقاريض ، فإنها كانت تعرض نفسها على الرجال .

و أما التي : كانت تحرق وجهها و بدنها ، و هي تأكل أمعاءها ، فإنها كانت قوادة .

و أما التي : كان رأسها رأس الخنزير ، و بدنها بدن الحمار ، فإنها كانت نمامة كذابة .

و أما التي : كانت على صورة الكلب ، و النار تدخل في دبرها و تخرج من فيها ، فإنها كانت قينة نواحة حاسدة .

ثم قال صلى الله عليه وآله :

ويل : لامرأة أغضبت زوجها .

و طوبى : لامرأة رضي عنها زوجها .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص10ب30ح24 . وسائل الشيعة ج20ص213ب117 باب جملة مما يحرم على النساء و ما يكره لهن و ما يسقط عنهن حديث 25457- 7 .

علة نتن الغائط :

قال الصدوق رحمه الله في العلل : بسنده عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني قال : كتبت إلى أبي جعفر محمد بن علي بن موسى عليه السلام أسأله عن علة الغائط و نتنه ؟

قال : إن الله عز و جل ، خلق آدم عليه السلام ، و كان جسده طيبا ، و بقي أربعين سنة ملقى .

تمر به الملائكة : فتقول لأمر ما خلقت .

و كان إبليس : يدخل من فيه و يخرج من دبره ، فلذلك صار ما في جوف آدم منتنا خبيثا غير طيب .

علل الشرائع ج1ص275ب183ح2 . وكأنه تفسير لما جاء في الروايات من أن رائحة المعاصي والأعمال القبيحة والشريرة منتنه ، ورائحة الأعمال الصالح والعبادات رائحتها طيبة ، وإن الشيطان وأعماله أين ما كانت تنتن وتخبث الشيء ، وإن كان التفسير العلمي يرجعها للتفاعلات الكيميائية أو غيرها .

حكم ومواعظ الإمام الجواد

يا طيب : هذه بعض الكلمات القصار عن الإمام محمد الجواد عليه السلام ، فيها مواعظ حسنه وحكم كريمة ، يحسن وجود من علم وعمل بها ويتنور بالحكمة ورحمة الله وبركاته ، ويكون كلامه و تصرفه حكيم موزون :

عن تحف العقول :

ذكر ابن شعبة الحراني في تحف العقول : و روي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني‏ :

قال له‏ رجل : أوصني . قال عليه السلام : وَ تَقْبَلُ ؟ قال : نعم .

قال عليه السلام : تَوَسَّدِ الصَّبْرَ ، وَ اعْتَنِقِ الْفَقْرَ، وَارْفَضِ الشَّهَوَاتِ ، وَ خَالِفِ الْهَوَى .

وَ اعْلَمْ : أَنَّكَ لَنْ تَخْلُوَ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ ، فَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ .

وقال عليه السلام : أوحى الله إلى بعض الأنبياء :

أَمَّا زُهْدُكَ : فِي الدُّنْيَا ، فَتُعَجِّلُكَ الرَّاحَةُ ز

وَ أَمَّا انْقِطَاعُكَ إِلَيَّ : فَيُعَزِّزُكَ بِي .

وَ لَكِنْ : هَلْ عَادَيْتَ لِي عَدُوّاً ، وَ وَالَيْتَ لِي وَلِيّاً ؟

وقال عليه السلام :

‏ مَنْ شَهِدَ أَمْراً : فَكَرِهَهُ ، كَانَ كَمَنْ غَابَ عَنْهُ .

وَ مَنْ غَابَ عَنْ أَمْرٍ : فَرَضِيَهُ ، كَانَ كَمَنْ شَهِدَهُ .

و قال داود بن القاسم‏ : سألته ، عن الصَّمَدِ ، فقال عليه السلام : الذي لا سرة له‏ ، قلت : فإنهم يقولون إنه الذي لا جوف له ؟

فقال عليه السلام : كُلُّ ذِي جَوْفٍ لَهُ سُرَّةٌ.

قال له أبو هاشم الجعفري : في يوم تزوج أم الفضل ابنة المأمون ، يا مولاي لقد عظمت علينا بركة هذا اليوم .

فقال عليه السلام : يَا أَبَا هَاشِمٍ ، عَظُمَتْ بَرَكَاتُ اللَّهِ عَلَيْنَا فِيهِ .

قلت : نعم يا مولاي ، فما أقول في اليوم .

فقال عليه السلام : قُلْ فِيهِ خَيْراً ، فَإِنَّهُ يُصِيبُكَ .

قلت : يا مولاي ، أفعل هذا و لا أخالفه .

قال عليه السلام : إِذاً تُرْشَدُ ، وَ لَا تَرَى إِلَّا خَيْراً .

و كتب إلى بعض أوليائه :

أَمَّا هَذِهِ الدُّنْيَا : فَإِنَّا فِيهَا مُغْتَرِفُونَ .

وَ لَكِنْ : مَنْ كَانَ هَوَاهُ هَوَى صَاحِبِهِ ، وَ دَانَ بِدِينِهِ ، فَهُوَ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ‏ ، وَ الْآخِرَةُ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ .

و قال عليه السلام :‏ تَأْخِيرُ التَّوْبَةِ اغْتِرَارٌ ، وَ طُولُ التَّسْوِيفِ حَيْرَةٌ ، وَ الِاعْتِلَالُ عَلَى اللَّهِ هَلَكَةٌ ، وَ الْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ أَمْنٌ لِمَكْرِ اللَّهِ { فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ‏ 097)} الأعراف .

و قال عليه السلام : ‏ كَانَتْ مُبَايَعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم النِّسَاءَ ، أَنْ يَغْمِسَ يَدَهُ فِي إِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ يُخْرِجُهَا ، وَ تَغْمِسُ النِّسَاءُ بِأَيْدِيهِنَّ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ ، بِالْإِقْرَارِ وَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ ، وَ التَّصْدِيقِ بِرَسُولِهِ ، عَلَى مَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ .

و قال عليه السلام : إِظْهَارُ الشَّيْ‏ءِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْكَمَ ، مَفْسَدَةٌ لَهُ .

و قال عليه السلام : الْمُؤْمِنُ يَحْتَاجُ إِلَى تَوْفِيقٍ مِنَ اللَّهِ ، وَ وَاعِظٍ مِنْ نَفْسِهِ ، وَ قَبُولٍ مِمَّنْ يَنْصَحُهُ .

تحف العقول للحسن بن علي ابن شعبه حراني ص455-457 .

عن إعلام الدين :

وقال الديلمي : من كلام أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليه السلام :

قال عليه السلام :‏

كَيْفَ : يَضِيعُ مَنِ اللَّهُ كَافِلُهُ ؟!

وَ كَيْفَ : يَنْجُو مَنِ اللَّهُ طَالِبُهُ ؟!

وَ مَنِ انْقَطَعَ : إِلَى غَيْرِ اللَّهِ ، وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ .

وَ مَنْ عَمِلَ : عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ ، أَفْسَدَ أَكْثَرُ مِمَّا يُصْلِحُ .

و قال عليه السلام : مَنْ أَطَاعَ هَوَاهُ ، أَعْطَى عَدُوَّهُ مُنَاهُ .

و قال عليه السلام : رَاكِبُ الشَّهَوَاتِ لَا تُقَالُ عَثْرَتُهُ .

و قال عليه السلام : الثِّقَةُ بِاللَّهِ تَعَالَى ثَمَنٌ لِكُلِّ غَالٍ وَ سُلَّمٌ إِلَى كُلِّ عَالٍ .

و قال عليه السلام : إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الشَّرِيرِ .

فَإِنَّهُ كَالسَّيْفِ : يَحْسُنُ مَنْظَرُهُ وَ يَقْبُحُ أَثَرُهُ .

و قال عليه السلام : الْحَوَائِجُ تُطْلَبُ بِالرَّجَاءِ ، وَ هِيَ تَنْزِلُ بِالْقَضَاءِ وَ الْعَافِيَةُ أَحْسَنُ عَطَاءٍ .

و قال عليه السلام : إِذَا نَزَلَ الْقَضَاءُ ضَاقَ الْفَضَاءُ .

و قال عليه السلام :

لَا تُعَادِ أَحَداً : حَتَّى تَعْرِفَ الَّذِي بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى .

فَإِنْ كَانَ : مُحْسِناً ، لَا يُسْلِمُهُ إِلَيْكَ .

وَ إِنْ كَانَ : مُسِيئاً ، فَإِنَّ عِلْمَكَ بِهِ يَكْفِيكَهُ ، فَلَا تُعَادِهِ .

و قال عليه السلام : لَا تَكُنْ وَلِيّاً لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْعَلَانِيَةِ عَدُوّاً لَهُ فِي السِّرِّ .

و قال عليه السلام : عِزُّ الْمُؤْمِنِ فِي غِنَاهُ عَنِ النَّاسِ .

و قال عليه السلام : نِعْمَةٌ لَا تُشْكَرُ كَسَيِّئَةٍ لَا تُغْفَرُ .

و قال عليه السلام : ‏ لَا يَضُرُّكَ سَخَطُ مَنْ رِضَاهُ الْجَوْرُ .

و قال عليه السلام : مَنْ لَمْ يَرْضَ مِنْ أَخِيهِ بِحُسْنِ النِّيَّةِ لَمْ يَرْضَ مِنْهُ‏ بِالْعَطِيَّةِ.

و قال عليه السلام : الْأَيَّامُ تَهْتِكُ لَكَ الْأَمْرَ عَنِ الْأَسْرَارِ الْكَامِنَةِ .

و قال عليه السلام : تَعَزَّ عَنِ الشَّيْ‏ءِ إِذَا ضَيَّعْتَهُ لِقِلَّةِ صُحْبَتِهِ إ ِذَا أُعْطِيْتَهُ‏ .

و عن الإمام الجواد عليه السلام : مَنْ قَرَأَ الْقَدْرَ عَشْراً بَعْدَ الْعَصْرِ ، مَرَّتْ لَهُ عَلَى مِثْلِ أَعْمَالِ الْخَلَائِقِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ .

أعلام الدين في صفات المؤمنين للديلمي حسن بن محمد ص309 .

عن نزهة الناظر :

وفي نزهة الناظر للحلوان قال عن الإمام الجواد عليه السلام :

قال عليه السلام :

الْقَصْدُ : إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْقُلُوبِ ، أَبْلَغُ مِنْ إِتْعَابِ الْجَوَارِحِ بِالْأَعْمَالِ‏ .

قال عليه السلام : مَنِ اسْتَغْنَى كَرُمَ عَلَى أَهْلِهِ .

فقيل له : و على غير أهله ؟

فقال : لَا ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ يُجْدِي عَلَيْهِمْ نَفْعاً .

ثم قال عليه السلام للذي قال له : من أين قلت ؟

قال : لأن رجلا قال في مجلس بعض الصادقين : إن الناس يكرمون الغني و إن كانوا لا ينتفعون بغناه !

فَقَالَ : ذَلِكَ لِأَنَّ مَعْشُوقَهُمْ عِنْدَهُ‏ . ( كرامة الأهل لحقيقة المنفعة ، والناس تكريم الغني للمال ) .

قال عليه السلام :

مَنْ هَجَرَ : الْمُدَارَاةَ ، قَارَبَهُ‏ الْمَكْرُوهُ .

وَ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ : الْمَصَادِرَ ، أَعْيَتْهُ الْمَوَارِدُ.

وَإِنَّمَا تَكُونُ : الشَّهَوَاتُ مِنْ ضَعْفِ الْقَلْبِ.

وَ مَنِ انْقَادَ : إِلَى الطُّمَأْنِينَةِ قَبْلَ الْخِبْرَةِ ، فَقَدْ عَرَضَ نَفْسَهُ لِلْهَلَكَةِ، وَالْعَاقِبَةِ الْمُتْعِبَةِ .

قال عليه السلام : قَدْ عَادَاكَ مَنْ سَتَرَ عَنْكَ‏ الرُّشْدَ اتِّبَاعاً لِمَا تَهْوَاهُ‏ ، وَ مَنْ عَتَبَ مِنْ غَيْرِ ارْتِيَابٍ أَعْتَبَ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْتَابٍ‏ .

قال عليه السلام : اتَّئِدْ تُصِبْ، أَوْ تَكَدْ (تمهل وتثبت تصيب أو تقارب) .

قال عليه السلام : التَّحَفُّظُ عَلَى قَدْرِ الْخَوْفِ ، وَ الطَّمَعُ عَلَى قَدْرِ السَّبِيلِ‏ .

قال عليه السلام : سُوءُ الْعَادَةِ كَمِينٌ لَا يُؤْمَنُ ، وَ أَحْسَنُ مِنَ الْعُجْبِ بِالْقَوْلِ‏ أَنْ لَا يَقُولَ ، وَ كَفَى بِالْمَرْءِ خِيَانَةً أَنْ يَكُونَ أَمِيناً لِلْخَوَنَةِ .

قال عليه السلام : مَا شَكَرَ اللَّهَ أَحَدٌ عَلَى نِعْمَةٍ أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ ، إِلَّا اسْتَوْجَبَ بِذَلِكَ الْمَزِيدَ قَبْلَ أَنْ يُظْهِرَ عَلَى لِسَانِهِ‏ .

نزهة الناظر و تنبيه الخاطر للحلواني حسين بن محمد بن حسن بن نصر ص134 .

حكم ربانية بآداب علوية :

يا طيب : هذا حديث من غرر الأحاديث أيضا ، وفي تعاليم وآداب ومعارف كريمة في أحوال متفاوتة وتفكر كريم في تدبير الخلق وأحوالهم وشؤونهم ، يرويه السيد الجليل عبد العظيم الحسني رحمه الله عن الإمام محمد الجواد عليه السلام ، وكيف يطلب العلم والمعرفة من إمام زمانه :

ذكر الصدوق رحمه الله في الأمالي : بسنده عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسني قال :

قلت لأبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام :

يا ابن رسول الله : حدثني بحديث عن آبائك عليهم السلام ؟

فقال عليه السلام : حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام :

لا يزال : الناس بخير ما تفاوتوا ، فإذا استووا هلكوا .

قال قلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

لو تكاشفتم : ما تدافنتم .

قال : فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

إنكم : لن تسعوا الناس بأموالكم ، فسعوهم بطلاقة الوجه ، و حسن اللقاء .

فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :

إنكم : لن تسعوا الناس بأموالكم ، فسعوهم بأخلاقكم .

قال فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

من عتب : على الزمان ، طالت معتبته .

قال فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

مجالسة الأشرار : تورث سوء الظن بالأخيار .

قال فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

قال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

بئس الزاد : إلى المعاد العدوان‏ على العباد .

قال : فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

قيمة : كل امرئ ما يحسنه .

قال فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

المرء : مخبوء تحت لسانه .

قال فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

ما هلك : امرؤ عرف قدره .

قال فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

التدبير : قبل العمل ، يؤمنك من الندم.

قال فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

من وثق : بالزمان ، صرع .

قال فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

خاطر : بنفسه ، من استغنى برأيه .

قال فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

قلة العيال : أحد اليسارين .

قال فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

من دخله العجب : هلك .

قال فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

من أيقن بالخلف : جاد بالعطية .

قال فقلت له : زدني يا ابن رسول الله ؟

فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين :

من رضي : بالعافية ممن دونه ، رزق السلامة ممن فوقه .

قال فقلت : حسبي .

الأمالي للصدوق ص446م68ح9 . عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص53ب31ح204 . يا طيب : هذا حديث كريم ، ويستفاد منه كثير من أحكام الأخلاق وآدب الإسلام ، وقد قسمه الحر العاملي في عدة أبواب منها ما عرفت ومنها في حرمة العجب وغيرها ، ومنها عدم الاستغناء بالرأي في وسائل الشيعة ج12ص41ب22 باب استحباب مشاورة التقي العاقل الورع الناصح الصديق و اتباعه و طاعته و كراهة مخالفته ، 15591- 2 . وسائل الشيعة ج12ص161ب107 باب استحباب طلاقة الوجه و حسن البشر ح15954- 8. وسائل الشيعة ج16ص264ب38 باب تحريم المجالسة لأهل المعاصي و أهل البدع حديث 21524- 16 . وسائل الشيعة ج‏16-288 ب 1 استحباب المعروف و كراهة تركه ح21567- 11 .


باب
أحوال الإمام مع المأمون

يا طيب : قد ذكرنا مفصلا أحوال الإمام الرضا أبو الإمام الجواد عليهم السلام مع المأمون في صحيفته ، وقد عرفنا أن المأمون كان لبق الكلام ذو علم ، لأنه تربى وتبحر بالعلم ليجبر نقصان نسبه من أمه لكونها أمة ، وإن أخوه الأمين المدلل لأبيه هارون أبن زبيدة وهي حرة ومقربة للرشيد لأنها أبنة عمه ، فأخذ في محاورات العلم مع الإمام الرضا عليه السلام ومع العلماء في كثير من المجالس ، ولما رجع لبغداد حب أن يجبر جريمته ويهدد من يخالفه من العباسيين ، وليرفع تأنيب الضمير بسمه للإمام الرضا عليه السلام ، وليجبر بعض المعروف لأنه لما تولى أمير المؤمنين عليه السلام ولى بني العباس الكوفة ومكة والشام ، وبني العباس يقتلون آل علي عليهم السلام ، وليشبع رغبته في العلم ، وحب وصله برسول الله ويطمع أن يكون الخليفة في آل محمد عليهم السلام من نسله ، فدعا الإمام الجواد وزوجه أبنته أم الفضل بعد محاورة له مع العباسيين ستعرفها مفصلا ، فتدبر .

الإمام يحاور ويتزوج أم الفضل :

يا طيب : ذكرت هذه المحاورة بين المأمون والعباسيين لعدم رضاهم بتقريبه للإمام الجواد عليه السلام ، وكان عمره تسع سنوات ، وقر قرارهم على أن يختبروا الإمام ، فإن أجاب فللمأمون أن يزوجه أبنته ، وإن أفحم فلا يزوجه .

فجاؤوا : بقاضي القضاة في الدولة العباسية ليختبره ، فسأله سؤالا ستعرفه .

والإمام عليه السلام : فرع على السؤال عدة فروع ، حتى لم يدري قاضي القضاة ما يقول في فروع السؤال ، فضلا عن الجواب ، فبينه الإمام .

ثم سأل الإمام : قاضي القضاة سؤالا ، فتحير في الجواب فلم يستطع ، فأجاب الإمام وبان فضله وأنقطع القوم .

ثم قال الإمام : خطبة الزواج وكرم المأمون الحاضرين في زواجه ، فتابع القصة ، فإن فيها علم وهدى ، وبيان الحق آل محمد عليهم السلام وفضلهم ، ودليل إمامته عليه السلام :

محاورة العباسيين للمأمون وقرار الاختبار :

ذكر الشيخ المفيد رحمه الله :

و كان المأمون : قد شعف‏ بأبي جعفر الجواد محمد بن علي عليه السلام ، لما رأى من فضله مع صغر سنه ، و بلوغه في العلم و الحكمة و الأدب و كمال العقل ما لم يساوه فيه أحد من مشايخ أهل الزمان ، فزوجه ابنته أم الفضل و حملها معه إلى المدينة ، و كان متوفرا على إكرامه ، و تعظيمه و إجلال قدره.

و روى : الحسن بن محمد بن سليمان عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الريان بن شبيب قال :

لما أراد المأمون : أن يزوج ابنته أم الفضل أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام ، بلغ ذلك العباسيين ، فغلظ عليهم و استكبروه ، و خافوا أن ينتهي الأمر معه إلى ما أنتهى مع الرضا عليه السلام ، فخاضوا في ذلك ، و اجتمع منهم أهل بيته الأدنون منه .

فقالوا له : ننشدك الله يا أمير المؤمنين ، أن تقيم‏ على هذا الأمر ، الذي قد عزمت عليه من تزويج ابن الرضا ، فإنا نخاف أن يخرج به عنا أمر قد ملكناه الله ، و ينزع منا عز قد ألبسناه الله ، و قد عرفت ما بيننا و بين هؤلاء القوم قديما و حديثا ، و ما كان عليه الخلفاء الراشدون قبلك من تبعيدهم و التصغير بهم ، و قد كنا في وهلة من عملك مع الرضا ما عملت ، حتى كفانا الله المهم من ذلك ، فالله الله أن تردنا إلى غم قد انحسر عنا ، و اصرف رأيك عن ابن الرضا ، و أعدل إلى من تراه من أهل بيتك ، يصلح لذلك دون غيره .

فقال لهم المأمون : أما ما بينكم و بين آل أبي طالب ، فأنتم السبب فيه ، و لو أنصفتم القوم لكان أولى بكم ، و أما ما كان يفعله من كان قبلي بهم ، فقد كان قاطعا للرحم ، أعوذ بالله من ذلك ، و و الله ما ندمت على ما كان مني من استخلاف الرضا ، و لقد سألته أن يقوم بالأمر و أنزعه عن نفسي ، فأبى‏ ، و كان أمر الله قدرا مقدورا .

و أما أبو جعفر محمد بن علي : قد اخترته لتبريزه ، على كافة أهل الفضل في العلم و الفضل ، مع صغر سنه ، و الأعجوبة فيه بذلك ، و أنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه ، فيعلموا أن الرأي ما رأيت فيه .

فقالوا : إن هذا الصبي ، و إن راقك منه هديه ، فإنه صبي لا معرفة له و لا فقه ، فأمهله ليتأدب و يتفقه في الدين ، ثم اصنع ما تراه بعد ذلك .

فقال لهم : ويحكم ، إنني أعرف بهذا الفتى منكم ، و إن هذا من أهل بيت علمهم من الله ، و مواده و إلهامه ، لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين و الأدب ، عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال .

فإن شئتم : فامتحنوا أبا جعفر ، بما يتبين لكم به ما وصفت من حاله .

قالوا له : قد رضينا لك يا أمير المؤمنين و لأنفسنا ، بامتحانه فخل بيننا و بينه ، لننصب من يسأله بحضرتك عن شيء من فقه الشريعة .

فإن أصاب : في الجواب عنه ، لم يكن لنا اعتراض في أمره ، و ظهر للخاصة و العامة سديد رأي أمير المؤمنين .

و إن عجز : عن ذلك ، فقد كفينا الخطب في معناه .

فقال لهم المأمون : شأنكم و ذاك متى أردتم ، فخرجوا من عنده‏ .

و أجمع رأيهم : على مسألة يحيى بن أكثم ، و هو يومئذ قاضي القضاة ، على أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها ، و وعدوه بأموال نفيسة على ذلك ، و عادوا إلى المأمون فسألوه أن يختار لهم يوما للاجتماع ، فأجابهم إلى ذلك .

الإمام يحير القاضي بتفريع سؤاله :

و اجتمعوا : في اليوم الذي اتفقوا عليه ، و حضر معهم يحيى بن أكثم ، و أمر المأمون أن يفرش لأبي جعفر عليه السلام دست‏ ، و تجعل له فيه مسورتان‏ ، ففعل ذلك .

وَ خَرَجَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ وَ أَشْهُرٍ، فَجَلَسَ بَيْنَ الْمِسْوَرَتَيْنِ ، و جلس يحيى بن أكثم بين يديه ، و قام الناس في مراتبهم ، و المأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر عليه السلام .

فقال يحيى بن أكثم : للمأمون ، يأذن لي أمير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر .

فقال له المأمون : استأذنه في ذلك ، فأقبل عليه يحيى بن أكثم .

فقال : أ تأذن لي جعلت فداك في مسألة ؟

فقال له أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : سَلْ إِنْ شِئْتَ .

قال يحيى : ما تقول جعلت فداك ، في محرم قتل صيدا ؟

فقال له أبو جعفر :

قَتَلَهُ : فِي حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ ؟

عَالِماً : كَانَ الْمُحْرِمُ ، أَمْ جَاهِلًا ؟

قَتَلَهُ : عَمْداً أَوْ خَطَأً ؟

حُرّاً : كَانَ الْمُحْرِمُ ؟

أَمْ عَبْداً : صَغِيراً كَانَ ؟ أَمْ كَبِيراً ؟

مُبْتَدِئاً : بِالْقَتْلِ أَمْ مُعِيداً ؟

مِنْ ذَوَاتِ : الطَّيْرِ كَانَ الصَّيْدُ ، أَمْ مِنْ غَيْرِهَا ؟

مِنْ صِغَارِ : الصَّيْدِ كَانَ ، أَمْ كِبَارِهَا ؟

مُصِرّاً : عَلَى مَا فَعَلَ أَوْ نَادِماً .

فِي‏ اللَّيْلِ : كَانَ قَتْلُهُ لِلصَّيْدِ ، أَمْ نَهَاراً .

مُحْرِماً : كَانَ بِالْعُمْرَةِ إِذْ قَتَلَهُ ، أَوْ بِالْحَجِّ كَانَ مُحْرِماً ؟

فتحير يحيى بن أكثم : و بان في وجهه العجز و الانقطاع ، و لجلج حتى عرف جماعة أهل المجلس أمره .

فقال المأمون : الحمد لله على هذه النعمة ، والتوفيق لي في الرأي ، ثم نظر إلى أهل بيته .

و قال لهم : أ عرفتم الآن ما كنتم تنكرونه .

خطبة الإمام لبنت المأمون :

ثم أقبل على أبي جعفر عليه السلام ، فقال له : أ تخطب يا أبا جعفر ؟

قَالَ : نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .

فقال له المأمون : اخطب جعلت فداك لنفسك ، فقد رضيتك لنفسي ، و أنا مزوجك أم الفضل ابنتي ، و إن رغم قوم لذلك .

فقال أبو جعفر عليه السلام :

الْحَمْدُ لِلَّهِ : إِقْرَاراً بِنِعْمَتِهِ ، وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِخْلَاصاً لِوَحْدَانِيَّتِه .

وَ صَلَّى اللَّهُ : عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ بَرِيَّتِهِ ، وَ الْأَصْفِيَاءِ مِنْ عِتْرَتِهِ .

أَمَّا بَعْدُ : فَقَدْ كَانَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَى الْأَنَامِ ، أَنْ أَغْنَاهُمْ بِالْحَلَالِ عَنِ الْحَرَامِ .

فَقَالَ سُبْحَانَهُ‏ : { وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى‏ مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ‏ (32) } النور .

ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى :

يَخْطُبُ : أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَأْمُونِ .

وَ قَدْ بَذَلَ لَهَا : مِنَ الصَّدَاقِ ، مَهْرَ جَدَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ عليها السلام ، وَ هُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ جِيَاد .

اً فَهَلْ : زَوَّجْتَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهَا ، عَلَى هَذَا الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ ؟

قال المأمون : نعم قد زوجتك أبا جعفر أم الفضل ابنتي ، على هذا الصداق المذكور ، فهل قبلت النكاح ؟

قال أبو جعفر عليه السلام : قَدْ قَبِلْتُ ذَلِكَ وَ رَضِيتُ بِهِ .

فأمر المأمون : أن يقعد الناس على مراتبهم في الخاصة و العامة .

قال الريان : و لم نلبث أن سمعنا أصواتا تشبه أصوات الملاحين في محاوراتهم ، فإذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من فضة ، مشدودة بالحبال من الأبريسم ، على عجل مملوءة من الغالية .

فأمر المأمون : أن تخضب لحى الخاصة من تلك الغالية ، ثم مدت إلى دار العامة فطيبوا منها ، و وضعت الموائد فأكل الناس ، و خرجت الجوائز إلى كل قوم على قدرهم ، فلما تفرق الناس و بقي من الخاصة من بقي .

الإمام يفصل الأسئلة وجوابها :

قال المأمون لأبي جعفر : إن رأيت جعلت فداك ، أن تذكر الفقه فيما فصلته من وجوه قتل المحرم الصيد ، لنعلمه و نستفيده ؟

فقال أبو جعفر عليه السلام : نَعَمْ ، إِنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا قَتَلَ صَيْداً فِي الْحِلِّ .

وَ كَانَ الصَّيْدُ : مِنْ ذَوَاتِ الطَّيْرِ وَ كَانَ مِنْ كِبَارِهَا فَعَلَيْهِ شَاةٌ .

فَإِنْ كَانَ : أَصَابَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ مُضَاعَفاً .

وَ إِذَا قَتَلَ : فَرْخاً فِي الْحِلِّ فَعَلَيْهِ حَمَلٌ قَدْ فُطِمَ مِنَ اللَّبَنِ .

وَ إِذَا قَتَلَهُ : فِي الْحَرَمِ ، فَعَلَيْهِ الْحَمَلُ وَ قِيمَةُ الْفَرْخِ .

وَ إِنْ كَانَ : مِنَ الْوَحْشِ ، وَ كَانَ حِمَارَ وَحْشٍ فَعَلَيْهِ بَقَرَةٌ .

وَ إِنْ كَانَ : نَعَامَةً فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ .

وَ إِنْ كَانَ : ظَبْياً فَعَلَيْهِ شَاةٌ .

فَإِنْ قَتَلَ : شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ ، فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ مُضَاعَفاً هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ .

وَ إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ : مَا يَجِبُ عَلَيْهِ‏ الْهَدْيُ فِيهِ .

وَ كَانَ إِحْرَامُهُ : لِلْحَجِّ ، نَحَرَهُ بِمِنًى .

وَ إِنْ كَانَ : إِحْرَامُهُ لِلْعُمْرَةِ ، نَحَرَهُ بِمَكَّةَ .

وَ جَزَاءُ الصَّيْدِ : عَلَى الْعَالِمِ وَ الْجَاهِلِ سَوَاءٌ ، وَ فِي الْعَمْدِ لَهُ الْمَأْثَمُ ، وَ هُوَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ فِي الْخَطَإِ .

وَ الْكَفَّارَةُ : عَلَى الْحُرِّ فِي نَفْسِهِ ، وَ عَلَى السَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ .

وَ الصَّغِيرُ : لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَ هِيَ عَلَى الْكَبِيرِ وَاجِبَةٌ .

وَالنَّادِمُ : يَسْقُطُ بِنَدَمِهِ عَنْهُ عِقَابُ الْآخِرَةِ.

وَالْمُصِرُّ : يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِقَابُ فِي الْآخِرَةِ .

فقال له المأمون : أحسنت أبا جعفر ، أحسن الله إليك ، فإن رأيت أن تسأل يحيى عن مسألة ، كما سألك .

الإمام يسأل بن أكتم :

فقال أبو جعفر : ليحيى ، أَسْأَلُكَ ؟

قال : ذلك إليك جعلت فداك ، فإن عرفت جواب ما تسألني عنه ، و إلا أستفدته منك .

فقال له أبو جعفر عليه السلام :

خَبِّرْنِي : عَنْ رَجُلٍ نَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ.

فِي أَوَّلِ النَّهَارِ : فَكَانَ نَظَرُهُ إِلَيْهَا حَرَاماً عَلَيْهِ ؟

فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ : حَلَّتْ لَهُ ؟

فَلَمَّا زَالَتِ : الشَّمْسُ ، حَرُمَتْ عَلَيْهِ ؟

فَلَمَّا : كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ ، حَلَّتْ لَهُ ؟

فَلَمَّا : غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، حَرُمَتْ عَلَيْهِ ؟

فَلَمَّا : دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، حَلَّتْ لَهُ ؟

فَلَمَّا :كَانَ انْتِصَافُ اللَّيْلِ ، حَرُمَتْ عَلَيْهِ ؟

فَلَمَّا : طَلَعَ الْفَجْرُ ، حَلَّتْ لَهُ ؟

مَا حَالُ : هَذِهِ الْمَرْأَةِ ، وَ بِمَا ذَا حَلَّتْ لَهُ وَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ ؟

فقال له يحيى بن أكثم : لا و الله ما أهتدي إلى جواب هذا السؤال ، و لا أعرف الوجه فيه ، فإن رأيت أن تفيدناه .

فقال له أبو جعفر عليه السلام :

هَذِهِ أَمَةٌ لِرَجُلٍ مِنَ النَّاسِ :

نَظَرَ إِلَيْهَا : أَجْنَبِيٌّ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ، فَكَانَ نَظَرُهُ إِلَيْهَا حَرَاماً عَلَيْهِ .

فَلَمَّا : أرْتَفَعَ النَّهَارُ ابْتَاعَهَا مِنْ مَوْلَاهَا ، فَحَلَّتْ لَهُ .

فَلَمَّا : كَانَ الظُّهْرُ أَعْتَقَهَا ، فَحَرُمَتْ ‏عَلَيْهِ .

فَلَمَّا : كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ ، تَزَوَّجَهَا فَحَلَّتْ لَهُ .

فَلَمَّا : كَانَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ ظَاهَرَ مِنْهَا ، فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ .

فَلَمَّا : كَانَ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ كَفَّرَ عَنِ الظِّهَارِ ، فَحَلَّتْ لَهُ .

فَلَمَّا : كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ، فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ .

فَلَمَّا : كَانَ عِنْدَ الْفَجْرِ رَاجَعَهَا ، فَحَلَّتْ لَهُ .

المأمون يفتخر باختيار الإمام :

قال فأقبل المأمون : على من حضره من أهل بيته .

فقال لهم : هل فيكم أحد يجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب ، أو يعرف القول فيما تقدم من السؤال .

قالوا : لا و الله ، إن أمير المؤمنين أعلم و ما رأى .

فقال لهم : ويحكم إن أهل هذا البيت خصوا من الخلق بما ترون من الفضل .

و إن صغر : السن فيهم ، لا يمنعهم من الكمال .

أ ما علمتم : أن رسول الله صلى الله عليه وآله ، افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، و هو ابن عشر سنين ، و قبل منه الإسلام و حكم له به ، و لم يدع أحدا في سنه غيره .

و بايع : الحسن و الحسين عليهما السلام ، و هما ابناء دون ست سنين ، و لم يبايع صبيا غيرهما .

أ فلا تعلمون : الآن ما اختص الله به هؤلاء القوم ، و أنهم ذرية بعضها من بعض‏ ، يجري لآخرهم ما يجري لأولهم .

قالوا : صدقت يا أمير المؤمنين ثم نهض القوم.

فلما كان من الغد : أحضر الناس ، وَ حَضَرَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام ، و صار القواد و الحجاب و الخاصة و العمال ، لتهنئة المأمون و أبي جعفر عليه السلام ، فأخرجت ثلاثة أطباق من الفضة ، فيها بنادق مسك‏ و زعفران ، معجون في أجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة ، بأموال جزيلة و عطايا سنية و إقطاعات .

فأمر المأمون بنثرها على القوم من خاصته ، فكان كل من وقع في يده بندقة أخرج الرقعة التي فيها و التمسه ، فأطلق له ، و وضعت البدر فنثر ما فيها على القواد و غيرهم ، و انصرف الناس و هم أغنياء بالجوائز و العطايا .

و تقدم المأمون : بالصدقة على كافة المساكين ، و لم يزل مكرما لأبي جعفر عليه السلام ، معظما لقدره مدة حياته ، يؤثره على ولده و جماعة أهل بيته .

الإرشاد ج2ص281 . شعفت شغف به و بحبه أي غشّى الحبّ القلب من فوقه. الوهلة الفزع ، وراقه أعجبه ، والهدي الطريقة والسيرة ، دست جانب من البيت، و هي فارسية معرّبة. و المسورة: متكأ من أدم. الغالية: ضرب من الطيب مركب من مسك و عنبر و كافور و دهن البان و عود.

وذكر الحديث في مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ج4ص380 . وإعلام الورى ص335، الاحتجاج ص 443، مثله، و ذكر نحوه القمّيّ في تفسيره ج1ص182، و المسعودي في اثبات الوصية ص 189، و الطبريّ في دلائل الإمامة ص 206، و المصنّف في الاختصاص ص 98، و ابن الصباغ في الفصول المهمة ص 267.تحف العقول ص451 .

وفي تحف العقول ‏: قال المأمون ليحيى بن أكثم ، اطرح على أبي جعفر محمد بن الرضا ، مسألة تقطعه فيها .

فقال يحيى : يا أبا جعفر ، ما تقول في رجل نكح امرأة على زنا ، أ تحل له أن يتزوجها ؟

فَقَالَ عليه السلام : يَدَعُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا مِنْ نُطْفَتِهِ وَ نُطْفَةِ غَيْرِهِ ، إِذْ لَا يُؤْمَنُ مِنْهَا أَنْ تَكُونَ قَدْ أَحْدَثَتْ مَعَ غَيْرِهِ حَدَثاً ، كَمَا أَحْدَثَتْ مَعَهُ .

ثُمَّ يَتَزَوَّجُ بِهَا : إِنْ أَرَادَ ، فَإِنَّمَا مَثَلُهَا مَثَلُ نَخْلَةٍ ، أَكَلَ رَجُلٌ مِنْهَا حَرَاماً ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَأَكَلَ مِنْهَا حَلَالًا .

فَانْقَطَعَ : يَحْيَى .

بحار الأنوار ج10ص385ب22ح2 . عن تحف العقول ص454.

ويا طيب : لما كانت المناظرات والمحاورات مع قاضي قضات بغداد ، فلنذكر بعض التعريف له ، وله تأريخ وحكايات مفصلة كثيرة نختار منها مختصرا :

قال في سير أعلام النبلاء :

يحيى بن أكثم : ابن محمد بن قطن ، قاضي القضاة ، الفقيه العلامة ، أبو محمد ، التميمي المروزي ، ثم البغدادي . ولد في خلافة المهدي . وسمع من : عبد العزيز بن أبي حازم ، وابن المبارك ، وعبد العزيز الدراوردي ، وجرير بن عبد الحميد ، وسفيان بن عيينة ، والفضل السيناني ، وعبد الله بن إدريس ، وعدة . وله رحلة ومعرفة .

حدث عنه : الترمذي : ، وأبو حاتم ، والبخاري خارج صحيحه ، وإسماعيل القاضي ، وإبراهيم بن محمد بن متويه ، وأبو العباس السراج ، وعبد الله بن محمود المروزي ، وآخرون . وكان من أئمة الاجتهاد ، وله تصانيف ، منها كتاب التنبيه .

قال الحاكم : من نظر في التنبيه له ، عرف تقدمه في العلوم .

وقال طلحة : الشاهد كان واسع العلم بالفقه ، كثير الأدب ، حسن العارضة ، قائما بكل معضلة . غلب على المأمون ، حتى لم يتقدمه عنده أحد مع براعة المأمون في العلم . وكانت الوزراء لا تبرم شيئا حتى تراجع يحيى .

قال الخطيب : ولاه المأمون قضاء بغداد ، وهو من ولد أكثم بن صيفي .

سير أعلام النبلاء الطبقة الثالثة عشر يحيى بن أكثم ج12 ص 5.

خبر للإمام مع أم الفضل :

قال الحافظ البرسي : من ذلك ما رواه أبو جعفر الهاشمي قال : كنت عند أبي جعفر الثاني ببغداد ، فدخل عليه ياسر الخادم يوما و قال : يا سيّدنا إن سيدتنا أم جعفر تستأذنك أن تصير إليها.

فقال للخادم: ارجع فإني في الأثر، ثم قام و ركب البغلة و أقبل حتى قدم الباب، فخرجت أم جعفر أخت المأمون فسلّمت عليه و سألته الدخول على أم الفضل بنت المأمون، و قالت:

يا سيدي : أحب أن أراك مع ابنتي في موضع واحد فتقر عيني .

قال : فدخل و الستور تشال بين يديه ، فما لبث أن خرج راجعا .

و هو يقول: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ (31) } يوسف .

قال : ثم جلس فخرجت أم جعفر تعثر ذيولها .

فقالت : يا سيدي أنعمت عليّ بنعمة فلم تتمّها .

فقال لها : أتى أمر اللّه فلا تستعجلوا ، إنه قد حدث ما لم يحسن إعادته ، فارجعي إلى أم الفضل فاستخبريها عنه .

فرجعت : أمّ جعفر فأعادت عليها ما قال .

فقالت : يا عمة و ما أعلمه بذاك عني .

ثم قالت : كيف لا أدعو على أبي ، و قد زوّجني ساحرا .

ثم قالت : و اللّه يا عمّة إنه لما طلع عليّ جماله حدث لي ما يحدث للنساء ، فضربت يدي إلى أثوابي فضممتها ، فبهتت‏ أمّ جعفر من قولها ، ثم خرجت مذعورة .

و قالت : يا سيدي و ما حدث لها ؟

قال: هو من أسرار النساء .

فقالت : يا سيدي أتعلم الغيب ؟

قال: لا.

قالت: فنزل إليك الوحي ؟

قال : لا .

قالت: فمن أين لك علم ما لا يعلمه إلّا اللّه و هي ؟

فقال: و أنا أيضا أعلمه من علم اللّه .

قال : فلما رجعت أمّ جعفر، قالت له: يا سيدي و ما كان إكبار النسوة ؟

قال : هو ما حصل لأمّ الفضل .

فعلمت : أنّه الحيض .

مشارق أنوار اليقين ص152ف11, وعلق :على أتعلم الغيب فقال : روحي فداه نفى أوّلا علم الغيب الاستقلالي ثم أثبته بتعليم اللّه تعالى . ورواه في الهداية الكبرى ص 197 ذيل الباب 4 .

الإمام يرجع لمدينة جده :

ذكر الشيخ المفيد :

و لما توجه : أبو جعفر عليه السلام ، من بغداد منصرفا من عند المأمون ، و معه أم الفضل ، قاصدا بها المدينة .

صار إلى شارع : باب الكوفة ، و معه الناس يشيعونه ، فانتهى إلى دار المسيب عند مغيب الشمس ، نزل و دخل‏ المسجد و كان في صحنه نبقة لم تحمل بعد ، فدعا بكوز فيه ماء فتوضأ في أصل النبقة .

فصلى بالناس : صلاة المغرب .

فقرأ في الأولى منها : الحمد و إذا جاء نصر الله‏ ، و قرأ في الثانية الحمد و قل هو الله أحد ، و قنت قبل ركوعه فيها ، و صلى الثالثة و تشهد و سلم .

ثم جلس هنيئة : يذكر الله تعالى ، و قام من غير تعقيب فصلى النوافل أربع ركعات ، و عقب بعدها ، و سجد سجدتي الشكر ؟

ثم خرج : فلما انتهى إلى النبقة ، رآها الناس و قد حملت حملا حسنا ، فتعجبوا من ذلك و أكلوا منها ، فوجدوه نبقا حلوا لا عجم له .

و ودعوه : و مضى عليه السلام من وقته إلى المدينة .

فلم يزل بها : إلى أن أشخصه المعتصم في أول 220 سنة عشرين‏ و مائتين إلى بغداد .

الإرشاد ج2ص289 . النبقة : ثمر السدر ، إعلام الورى ص338، مناقب آل أبي طالب ج4ص390، الفصول المهمة ص270، و نقله العلّامة المجلسي في البحار ج50ص89.

زوجته تشكوا الإمام للمأمون :

و قد روى الناس : أن أم الفضل بنت المأمون كتبت إلى أبيها من المدينة ، تشكو أبا جعفر عليه السلام ، و تقول : إنه يتسرى‏ علي و يغيرني .

فكتب إليها المأمون : يا بنية ، إنا لم نزوجك أبا جعفر لتحرمي‏ عليه حلالا ، فلا تعاودي لذكر ما ذكرت بعدها .

الإرشاد ج2ص289 ، السّرّيّة: الجارية المتخذة للجماع منسوبة الى السر وذكره في مناقب آل أبي طالب 4: 382، الفصول المهمة: 270، و نقله العلّامة المجلسي في البحار 50: 79/ 5.

قصة المأمون وحرز الجواد

بنت المأمون ومحاولة قتل الإمام :‏

قال الشيخ : علي بن عبد الصمد قال : حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن أبي الحسن رحمه الله عم والدي ، قال حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد بن عباس الدرويشي ، قال حدثنا والدي عن الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، و أخبرني جدي قال حدثنا والدي الفقيه أبو الحسن رحمه الله ، قال حدثنا جماعة من أصحابنا رحمهم الله ، منهم السيد العالم أبو البركات ، و الشيخ أبو القاسم علي بن محمد المعاذي ، و أبو بكر محمد بن علي المعمري ، و أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبد الله المدائني .

قالوا كلهم : حدثنا الشيخ أبو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قدس الله روحه ، قال حدثني أبي ، قال حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم عن جده ، قال حدثني أبو نصر الهمداني .

قال حدثني : حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى بن جعفر ، عمة أبي محمد الحسن بن علي عليهم السلام :

قالت‏ : لما مات محمد بن علي الرضا عليه السلام ، أتيت زوجته أم عيسى بنت المأمون ، فعزيتها ، فوجدتها شديدة الحزن و الجزع عليه ، تقتل نفسها بالبكاء و العويل ، فخفت عليها أن تتصدع مرارتها .

فبينما نحن : في حديثه و كرمه ، و وصف خلقه ، و ما أعطاه الله تعالى من الشرف و الإخلاص ، و منحه من العز و الكرامة .

إذ قالت أم عيسى : أ لا أخبرك عنه بشيء عجيب ، و أمر جليل فوق الوصف و المقدار ؟

قلت : و ما ذاك .

قالت : كنت أغار عليه كثيرا ، و أراقبه أبدا ، و ربما يسمعني الكلام ، فأشكو ذلك إلى أبي .

فيقول : يا بنية احتمليه ، فإنه بضعة من رسول الله .

فبينما أنا : جالسة ذات يوم ، إذ دخلت علي جارية فسلمت .

فقلت : من أنت ؟

فقالت : أنا جارية من ولد عمار بن ياسر ، و أنا زوجة أبي جعفر محمد بن علي الرضا زوجك .

فدخلني : من الغيرة ما لا أقدر على احتمال ذلك ، هممت أن أخرج و أسيح في البلاد ، و كاد الشيطان أن يحملني على الإساءة إليها ، فكظمت غيظي و أحسنت رفدها و كسوتها .

فلما خرجت : من عندي المرأة .

نهضت : و دخلت على أبي ، و أخبرته بالخبر ، و كان سكران لا يعقل .

فقال : يا غلام علي بالسيف ، فأتى به ، فركب .

و قال : و الله لأقتلنه ، فلما رأيت ذلك .

قلت‏ : إنا لله و إنا إليه راجعون‏ ، ما صنعت بنفسي و بزوجي ، و جعلت ألطم حر وجهي .

فدخل عليه : والدي ، و ما زال يضربه بالسيف حتى قطعه .

ثم خرج : من عنده ، و خرجت هاربة من خلفه ، فلم أرقد ليلتي .

فلما : ارتفع النهار أتيت أبي .

فقلت : أ تدري ما صنعت البارحة ؟

قال : و ما صنعت ؟

و قلت : قتلت ابن الرضا ، فبرق عينه ، و غشي عليه ، ثم أفاق بعد حين .

و قال : ويلك ما تقولين ؟

قلت : نعم و الله يا أبت ، دخلت عليه و لم تزل تضربه بالسيف حتى قتلته .

فاضطرب : من ذلك اضطرابا شديدا .

و قال : علي بياسر الخادم ، فجاء ياسر .

فنظر إليه المأمون و قال : ويلك ما هذا الذي تقول هذه ابنتي .

قال : صدقت يا أمير المؤمنين ، فضرب بيده على صدره و خده .

و قال‏ : إنا لله و إنا إليه راجعون‏ ، هلكنا بالله ، و عطبنا و افتضحنا إلى آخر الأبد .

ويلك : يا ياسر ، فانظر ما الخبر و القصة عنه ، و عجل علي بالخبر ، فإن نفسي تكاد أن تخرج الساعة .

فخرج ياسر : و أنا ألطم حر وجهي ، فما كان بأسرع من أن رجع ياسر .

فقال : البشرى يا أمير المؤمنين .

قال : لك البشرى ، فما عندك .

قال ياسر : دخلت عليه ، فإذا هو جالس ، و عليه قميص و دواج ، و هو يستاك .

فسلمت عليه و قلت : يا ابن رسول الله ، أحب أن تهب لي قميصك هذا ، أصلي فيه و أتبرك به .

و إنما أردت : أن أنظر إليه و إلى جسده ، هل به أثر السيف .

فو الله : كأنه العاج الذي مسه صفرة ، ما به أثر .

فبكى المأمون : طويلا .

و قال : ما بقي مع هذا شي‏ء ، إن هذا لعبرة للأولين و الآخرين .

و قال : يا ياسر ، أما ركوبي إليه ، و أخذي السيف ، و دخولي عليه ، فإني ذاكر له ، و خروجي عنه فلست أذكر شيئا غيره ، و لا أذكر أيضا انصرافي إلى مجلسي .

فكيف كان : أمري و ذهابي إليه ، لعن الله هذه الابنة لعنا وبيلا ، تقدم إليها .

و قل لها : يقول لك أبوك : و الله لئن جئتني بعد هذا اليوم شكوت ، أو خرجت بغير إذنه ، لأنتقمن له منك .

ثم سر إلى ابن الرضا : و أبلغه عني السلام ، و احمل إليه عشرين ألف دينار ، و قدم إليه الشهري الذي ركبته البارحة .

ثم مر بعد ذلك : الهاشميين ، أن يدخلوا عليه بالسلام ، و يسلموا عليه .

قال ياسر : فأمرت لهم بذلك ، و دخلت أنا أيضا معهم ، و سلمت عليه ، و أبلغت التسليم ، و وضعت المال بين يديه ، و عرضت الشهري عليه‏ .

فَنَظَرَ إِلَيْهِ : سَاعَةً ، ثُمَّ تَبَسَّمَ .

فَقَالَ : يَا يَاسِرُ ، هَكَذَا كَانَ الْعَهْدُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ ، حَتَّى يَهْجُمَ عَلَيَّ بِالسَّيْفِ .

أَ مَا عَلِمَ : أَنَّ لِي نَاصِراً وَ حَاجِزاً ، يَحْجُزُ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ .

فقلت : يا سيدي يا ابن رسول الله ، دع عنك هذا العتاب ، و اصفح .

و الله : و حق جدك رسول الله ، ما كان يعقل شيئا من أمره .

و ما علم : أين هو من أرض الله ، و قد نذر الله نذرا صادقا ، و حلف أن لا يسكر بعد ذلك أبدا .

فإن ذلك : من حبائل الشيطان .

فإذا أنت : يا ابن رسول الله أتيته ، فلا تذكر له شيئا ،و لا تعاتبه على ما كان منه .

فَقَالَ عليه السلام : هَكَذَا كَانَ عَزْمِي وَ رَأْيِي وَ اللَّهِ .

ثم دعا بثيابه : و لبس و نهض ، و قام معه الناس أجمعون ، حتى دخل على المأمون .

فلما رآه : قام إليه و ضمه إلى صدره ، و رحب به ، و لم يأذن لأحد في الدخول عليه .

و لم يزل : يحدثه و يستأمره ، فلما انقضى ذلك .

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّضَا ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .

قال : لبيك و سعديك .

قَالَ : لَكَ عِنْدِي نَصِيحَةٌ فَاقْبَلْهَا .

قَالَ الْمَأْمُونُ : بِالْحَمْدِ وَ الشُّكْرِ ، فَمَا ذَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ .

قال : أحب لك أن لا تخرج بالليل ، فإني لا آمن عليك هذا الخلق المنكوس .

و عندي : عقد تحصن به نفسك ، و تحرز به من الشرور و البلايا ، و المكاره و الآفات و العاهات ، كما أنقذني الله منك البارحة .

و لو لقيت به : جيوش الروم و الترك ، و اجتمع عليك و على غلبتك أهل الأرض جميعا ، ما تهيأ لهم منك شي‏ء بإذن الله الجبار .

و إن أحببت : بعثت به إليك ، لتحترز به من جميع ما ذكرت لك .

قال : نعم ، فاكتب ذلك بخطك ، و ابعثه إلي .

قال : نعم .

قال ياسر : فلما أصبح أبو جعفر عليه السلام .

بعث إلي : فدعاني ، فلما صرت إليه ، و جلست بين يديه ، دعا برق ظبي من أرض تهامة .

ثم كتب : بخطه هذا العقد .

ثم قال : يا ياسر ، أحمل هذا إلى أمير المؤمنين .

وَ قُلْ لَهُ : حَتَّى يُصَاغَ لَهُ قَصَبَةٌ مِنْ فِضَّةٍ ، مَنْقُوشٌ عَلَيْهَا مَا أَذْكُرُهُ بَعْدَهُ .

فَإِذَا أَرَادَ : شَدَّهُ عَلَى عَضُدِهِ ، فَلْيَشُدَّهُ عَلَى عَضُدِهِ الْأَيْمَنِ .

وَ لْيَتَوَضَّأْ : وُضُوءاً حَسَناً سَابِغاً .

وَ لْيُصَلِّ : أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ : يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَرَّةً ، وَ سَبْعَ مَرَّاتٍ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ، وَ سَبْعَ مَرَّاتٍ شَهِدَ اللَّهُ ، وَ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَ الشَّمْسِ وَ ضُحَيهَا ، وَ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَ اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ، وَ سَبْعَ مَرَّاتٍ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .

فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا : فَلْيَشُدَّهُ عَلَى عَضُدِهِ الْأَيْمَنِ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَ النَّوَائِبِ ، يُسَلِّمُ بِحَوْلِ اللَّهِ وَ قُوَّتِهِ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ يَخَافُهُ وَ يَحْذَرُهُ .

وَ يَنْبَغِي : أَنْ لَا يَكُونَ طُلُوعُ الْقَمَرِ فِي بُرْجِ الْعَقْرَبِ ، وَ لَوْ أَنَّهُ غَزَا أَهْلَ الرُّومِ وَ مَلِكَهُمْ لَغَلَبَهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَ بَرَكَةِ هَذَا الْحِرْزِ .

وَ رُوِيَ أَنَّهُ : ما سمع المأمون من أبي جعفر في أمر هذا الحرز هذه الصفات كلها ، غزا أهل الروم : فنصره الله تعالى عليهم ، و منح منهم من المغنم ما شاء الله . و لم يفارق : هذا الحرز عند كل غزاة و محاربة ، و كان ينصره الله عز و جل بفضله ، و يرزقه الفتح بمشيته ، إنه ولي ذلك بحوله و قوته .

الْحِرْزُ :

نص الحرز :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ :

الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ‏

اللَّهُمَّ : أَنْتَ الْوَاحِدُ الْمَلِكُ الدَّيَّانُ‏ يَوْمَ الدِّينِ ، تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ بِلَا مُغَالَبَةٍ ، وَ تُعْطِي مَنْ تَشَاءُ بِلَا مَنٍّ ، وَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ وَ تَحْكُمُ مَا تُرِيدُ وَ، تُدَاوِلُ الْأَيَّامَ بَيْنَ النَّاسِ ، وَ تُرَكِّبُهُمْ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ .

أَسْأَلُكَ : بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ عَلَى سُرَادِقِ الْمَجْدِ .

وَ أَسْأَلُكَ : بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ عَلَى سُرَادِقِ السَّرَائِرِ ، السَّابِقِ الْفَائِقِ ، الْحَسَنِ الْجَمِيلِ النَّضِيرِ .

رَبِّ : الْمَلَائِكَةِ الثَّمَانِيَةِ ، وَ الْعَرْشِ الَّذِي لَا يَتَحَرَّكُ .

وَ أَسْأَلُكَ : بِالْعَيْنِ الَّتِي لَا تَنَامُ ، وَ بِالْحَيَاةِ الَّتِي لَا تَمُوتُ ، وَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي لَا يُطْفَأُ .

وَ بِالاسْمِ : الْأَكْبَرِ الْأَكْبَرِ الْأَكْبَرِ .

وَ بِالاسْمِ : الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ ، الَّذِي هُوَ مُحِيطٌ بِمَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ .

وَ بِالاسْمِ : الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ الشَّمْسُ ، وَ أَضَاءَ بِهِ الْقَمَرُ ، وَ سُجِّرَتْ بِهِ الْبُحُورُ ، وَ نُصِبَتْ بِهِ الْجِبَالُ .

وَ بِالاسْمِ : الَّذِي قَامَ بِهِ الْعَرْشُ وَ الْكُرْسِيُّ .

وَ بِاسْمِكَ : الْمَكْتُوبِ عَلَى سُرَادِقِ الْعَرْشِ .

وَ بِالاسْمِ : الْمَكْتُوبِ عَلَى سُرَادِقِ الْعِزَّةِ .

وَ بِاسْمِكَ : الْمَكْتُوبِ عَلَى سُرَادِقِ الْعَظَمَةِ .

وَ بِاسْمِكَ : الْمَكْتُوبِ عَلَى سُرَادِقِ الْبَهَاءِ .

وَ بِاسْمِكَ : الْمَكْتُوبِ عَلَى سُرَادِقِ الْقُدْرَةِ .

وَ بِاسْمِكَ : الْعَزِيزِ .

وَ بِأَسْمَائِكَ : الْمُقَدَّسَاتِ الْمُكَرَّمَاتِ ، الْمَخْزُونَاتِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ .

وَ أَسْأَلُكَ : مِنْ خَيْرِكَ خَيْراً مِمَّا أَرْجُو ، وَ أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ وَ قُدْرَتِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَخَافُ وَ أَحْذَرُ وَ مَا لَا أَحْذَرُ .

يَا صَاحِبَ مُحَمَّدٍ : يَوْمَ حُنَيْنٍ ، وَ يَا صَاحِبَ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّينَ .

أَنْتَ يَا رَبِ‏ : مُبِيرُ الْجَبَّارِينَ ، وَ قَاصِمُ الْمُتَكَبِّرِينَ .

أَسْأَلُكَ : بِحَقِّ طه وَ يس ، وَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَ الْفُرْقَانِ الْحَكِيمِ .

أَنْ تُصَلِّيَ : عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .

وَ أَنْ تَشُدَّ بِهِ : عَضُدَ صَاحِبِ هَذَا الْعَقْدِ .

وَ أَدْرَأُ بِكَ : فِي نَحْرِ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَ كُلِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ، وَ عَدُوٍّ شَدِيدٍ ، وَ عَدُوٍّ مُنْكَرِ الْأَخْلَاقِ ، وَ اجْعَلْهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ إِلَيْكَ نَفْسَهُ ، وَ فَوَّضَ إِلَيْكَ أَمْرَهُ ، وَ أَلْجَأَ إِلَيْكَ ظَهْرَهُ .

اللَّهُمَّ : بِحَقِّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ ، الَّتِي ذَكَرْتُهَا وَ قَرَأْتُهَا ، وَ أَنْتَ أَعْرَفُ بِحَقِّهَا مِنِّي .

وَ أَسْأَلُكَ : يَا ذَا الْمَنِّ الْعَظِيمِ ، وَ الْجُودِ الْكَرِيمِ .

وَلِيَّ : الدَّعَوَاتِ الْمُسْتَجَابَاتِ ، وَ الْكَلِمَاتِ التَّامَّاتِ ، وَ الْأَسْمَاءِ النَّافِذَاتِ .

وَ أَسْأَلُكَ : يَا نُورَ النَّهَارِ ، وَ يَا نُورَ اللَّيْلِ ، وَ يَا نُورَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ، وَ نُورَ النُّورِ ، وَ نُوراً يُضِي‏ءُ بِهِ كُلُّ نُورٍ .

يَا عَالِمَ : الْخَفِيَّاتِ كُلِّهَا ، فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ ، وَ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ وَ الْجِبَالِ .

وَ أَسْأَلُكَ : يَا مَنْ لَا يَفْنَى وَ لَا يَبِيدُ ، وَ لَا يَزُولُ وَ لَا لَهُ شَيْ‏ءٌ مَوْصُوفٌ ، وَ لَا إِلَيْهِ حَدٌّ مَنْسُوبٌ ، وَ لَا مَعَهُ إِلَهٌ ، وَ لَا إِلَهَ سِوَاهُ ، وَ لَا لَهُ فِي مُلْكِهِ شَرِيكٌ ، وَ لَا تُضَافُ الْعِزَّةُ إِلَّا إِلَيْهِ .

لَمْ يَزَلْ : بِالْعُلُومِ عَالِماً ، وَ عَلَى الْعُلُومِ وَاقِفاً ، وَ لِلْأُمُورِ نَاظِماً ، وَ بِالْكَيْنُونِيَّةِ عَالِماً ، وَ لِلتَّدْبِيرِ مُحْكِماً ، وَ بِالْخَلْقِ بَصِيراً ، وَ بِالْأُمُورِ خَبِيراً .

أَنْتَ الَّذِي : خَشَعَتْ لَكَ الْأَصْوَاتُ ، وَ ضَلَّتْ فِيكَ الْأَحْلَامُ ، وَ ضَاقَتْ دُونَكَ الْأَسْبَابُ ، وَ مَلَأَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ نُورُكَ ، وَ وَجِلَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ مِنْكَ ، وَ هَرَبَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ إِلَيْكَ ، وَ تَوَكَّلَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ عَلَيْكَ .

وَ أَنْتَ الرَّفِيعُ : فِي جَلَالِكَ ، وَ أَنْتَ الْبَهِيُّ فِي جَمَالِكَ ، وَ أَنْتَ الْعَظِيمُ فِي قُدْرَتِكَ ، وَ أَنْتَ الَّذِي لَا يُدْرِكُكَ شَيْ‏ءٌ ، وَ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ الْعَظِيمُ .

مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ : قَاضِي الْحَاجَاتِ ، مُفَرِّجُ الْكُرُبَاتِ ، وَلِيُّ النِّعَمَاتِ .

يَا مَنْ هُوَ : فِي عُلُوِّهِ دَانٍ ، وَ فِي دُنُوِّهِ عَالٍ ، وَ فِي إِشْرَاقِهِ مُنِيرٌ ، وَ فِي سُلْطَانِهِ قَوِيٌّ ، وَ فِي مُلْكِهِ عَزِيزٌ .

صَلِّ : عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .

وَ احْرُسْ : صَاحِبَ هَذَا الْعَقْدِ ، وَ هَذَا الْحِرْزِ ، وَ هَذَا الْكِتَابِ .

بِعَيْنِكَ : الَّتِي لَا تَنَامُ ، وَ اكْنُفْهُ بِرُكْنِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ ، وَ ارْحَمْهُ بِقُدْرَتِكَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ مَرْزُوقُكَ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ :

بِسْمِ اللَّهِ : وَ بِاللَّهِ ، لَا صَاحِبَةَ لَهُ وَ لَا وَلَدَ .

بِسْمِ اللَّهِ : قَوِيِّ الشَّأْنِ ، عَظِيمِ الْبُرْهَانِ ، شَدِيدِ السُّلْطَانِ .

مَا شَاءَ اللَّهُ : كَانَ ، وَ مَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ .

أَشْهَدُ : أَنَّ نُوحاً رَسُولُ اللَّهِ ، وَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلُ اللَّهِ ، وَ أَنَّ مُوسَى كَلِيمُ اللَّهِ وَ نَجِيُّهُ ، وَ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ كَلِمَتُهُ وَ رُوحُهُ .

وَ أَنَّ مُحَمَّداً : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ، لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ .

وَ أَسْأَلُكَ : بِحَقِّ السَّاعَةِ ، الَّتِي يُؤْتَى فِيهَا بِإِبْلِيسَ اللَّعِينِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَ يَقُولُ اللَّعِينُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ ، وَ اللَّهِ مَا أَنَا إِلَّا مُهَيِّجُ مَرَدَةٍ.

اللَّهُ نُورُ : السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ ، وَ هُوَ الْقاهِرُ ، وَ هُوَ الْغَالِبُ ، لَهُ الْقُدْرَةُ السَّابِقَةُ ـ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ .

اللَّهُمَّ : وَ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ كُلِّهَا ، وَ صِفَاتِهَا وَ صُوَرِهَا.

وَ هِيَ : سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْعَرْشَ وَ الْكُرْسِيَّ، وَ اسْتَوَى عَلَيْهِ.

أَسْأَلُكَ : أَنْ تَصْرِفَ عَنْ صَاحِبِ كِتَابِي هَذَا ، كُلَّ سُوءٍ وَ مَحْذُورٍ ، فَهُوَ عَبْدُكَ ، وَ ابْنُ عَبْدِكَ ، وَ ابْنُ أَمَتِكَ‏ ، وَ أَنْتَ مَوْلَاهُ .

فَقِهِ اللَّهُمَّ يَا رَبِّ : الْأَسْوَاءَ كُلَّهَا ، وَ اقْمَعْ عَنْهُ أَبْصَارَ الظَّالِمِينَ ، وَ أَلْسِنَةَ الْمُعَانِدِينَ ، وَ الْمُرِيدِينَ لَهُ السُّوءَ وَ الضُّرَّ ، وَ ادْفَعْ عَنْهُ كُلَّ مَحْذُورٍ وَ مَخُوفٍ ، وَ أَيُّ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِكَ ، أَوْ أَمَةٍ مِنْ إِمَائِكَ ، أَوْ سُلْطَانٍ مَارِدٍ ، أَوْ شَيْطَانٍ أَوْ شَيْطَانَةٍ ، أَوْ جِنِّيٍّ أَوْ جِنِّيَّةٍ ، أَوْ غُولٍ أَوْ غُولَةٍ .

أَرَادَ صَاحِبَ كِتَابِي هَذَا : بِظُلْمٍ أَوْ ضُرٍّ ، أَوْ مَكْرٍ أَوْ مَكْرُوهٍ ، أَوْ كَيْدٍ أَوْ خَدِيعَةٍ ، أَوْ نِكَايَةٍ أَوْ سِعَايَةٍ ، أَوْ فَسَادٍ أَوْ غَرَقٍ ، أَوِ اصْطِلَامٍ أَوْ عَطَبٍ ، أَوْ مُغَالَبَةٍ أَوْ غَدْرٍ ، أَوْ قَهْرٍ أَوْ هَتْكِ سِتْرٍ ، أَوِ اقْتِدَارٍ أَوْ آفَةٍ ، أَوْ عَاهَةٍ أَوْ قَتْلٍ ، أَوْ حَرَقٍ أَوِ انْتِقَامٍ ، أَوْ قَطْعٍ أَوْ سِحْرٍ ، أَوْ مَسْخٍ أَوْ مَرَضٍ ، أَوْ سُقْمٍ أَوْ بَرَصٍ ، أَوْ جُذَامٍ أَوْ بُؤْسٍ ، أَوْ آفَةٍ أَوْ فَاقَةٍ ، أَوْ سَغَبٍ أَوْ عَطَشٍ ، أَوْ وَسْوَسَةٍ ، أَوْ نَقْصٍ فِي دِينٍ أَوْ مَعِيشَةٍ .

فَاكْفِنِيهِ : بِمَا شِئْتَ ، وَ كَيْفَ شِئْتَ ، وَ أَنَّى شِئْتَ ، إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ .

وَ صَلَّى اللَّهُ : عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَعِينَ ، وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ .

فأما ما ينقش : على هذه القصبة من فضة غير مغشوشة :

يَا مَشْهُوراً : فِي السَّمَوَاتِ ، يَا مَشْهُوراً فِي الْأَرَضِينَ ، يَا مَشْهُوراً فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ، جَهَدَتِ الْجَبَابِرَةُ وَ الْمُلُوكُ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِكَ ، وَ إِخْمَادِ ذِكْرِكَ ، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَكَ وَ يَبُوحَ بِذِكْرِكَ‏ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ‏.

وقال : رأيت في نسخة ، و أبيت إلا أن يتم نورك أقول و أما قوله فأبى الله إلا أن يتم نورك ، لعله يعني نورك أيها الاسم الأعظم المكتوب في هذا الحرز بصورة الطلسم ، و وجدت في الجزء الثالث من كتاب الواحدة : أن المراد بقوله يا مشهورا في السماوات إلى آخره ، هو مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام .

حرز آخر للتقي بغير تلك الرواية :

يَا نُورُ يَا بُرْهَانُ : يَا مُبِينُ يَا مُنِيرُ .

يَا رَبِّ : اكْفِنِي الشُّرُورَ ، وَ آفَاتِ الدُّهُورِ .

وَ أَسْأَلُكَ : النَّجَاةَ ، يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ.

مهج الدعوات و منهج العبادات لأبن طاووس ص36-24. الشهرى: بالكسر: ضرب من البراذين. ورواه عنه في بحار الأنوار ج91ص354ب47ح 1 .


باب
شهادة الإمام الجواد

التعزية بشهادة الإمام :

يا طيب : كنا من زمن طويل ننشر ما وفقنا الله تعالى له من معارف المعصومين من آل محمد عليهم السلام ، وفي المناسبات المختصة بكل معصوم ما يناسبه ، وكنا نقدم نصوص تعزية بأيام شهادته ، ونذكر قسم منها هنا ، وأسأل الله تعالى أن يوفق من يستفيد منها وينشرها بما يناسب موضوعه أو ما يختاره من صحيفة الجواد عليه السلام بعد مقدمة التعزية بالشهادة ومنها :

التعزية الأولى :

إنا لله وإنا إليه راجعون : وعظم الله أجوركم يا موالين ، بقلوب يعصرها الألم والحزن و يملأها الحزن والأسى ، أتقدم بخالص العزاء وأحر التسلية لولي أمرنا صاحب العصر وإمام زماننا الحجة بن الحسن العسكري عجل الله فرجه الشريف ، وأتوجه بالعزاء لجميع علماء وأبناء الأمة الإسلامية وبالخصوص أتباع نبينا محمد وآله عليهم السلام .

لحلــول : الذكرى الأليمة والمحزنة بالمصاب الجلل ، الذي حل في يوم : آخر ذي القعدة سنة 220 للهجرة ، وهو اليوم الذي استشهد فيه خليفة رسول الله الإمام التاسع سيدنا التقي الجواد أبو جعفر الثاني محمد بن علي عليه السلام ، ورزقنا الله شفاعته والثبات على ولايته وحبه وحب آله الكرام .

فيا طيبين : آجركم الله تعالى لما تحزنون لحزن آل محمد عليهم السلام ، ولما تقيمون أو تحضرون من المآتم لشهادتهم والعزاء حزنا على ما أصابهم من ظلم الطغاة .

وجعلنا الله : أجمعين معهم وعلى هداهم في الدنيا ، ومعهم في النعيم في أعلى عليين مخلدين في الآخرة ، فإنه تعالى ولي المؤمنين وهو أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين.

ولحضرتكم بهذه المناسبة الكريمة: بعض المعارف عن الإمام التقي الجواد عليه السلام ، فنذكر موضوعا يناسب المناسبة وننشره ، أو نختار من هذه الصحيفة ما نحب نشره ، مختصرا أو معلومات أكثر ، فنذكر مثلا :

الإمام أبو جعفر التقي : محمد الجواد عليه السلام ، هو ولي الله وحجته في عباده ، وسيد أهل الأرض في زمانه ، والإمام التاسع ، بعد آبائه الطيبين الطاهرين والمصطفين الأخيار ، الذين يعتصم بهم العباد من الاختلاف والخطأ ، وعن الضلال في الدين ، لأنهم المنعم عليهم بهدى الله سبحانه ، لأنه تعالى لم يترك العباد بدون ولي لأمره يهدي عباده لخالص عبوديته بدون قياس واستحسان ، وهو وآله الكرام يسيرون بالعباد بتعاليم الله لخالص الدين وبصراط مستقيم ، وبما يحب ويرضى سبحانه .

فهو عليه السلام : الإمام التاسع و المعصوم الحادي عشر بعد جده رسول الله ، وجدته فاطمة الزهراء ، وآبائه علي بن أبي طالب ، ثم الحسن بن علي المجتبى ، والحسين بن علي سيد الشهداء ، وعلي بن الحسين زين العابدين ، ومحمد بن علي الباقر ، وجعفر بن محمد الصادق ، وموسى بن جعفر الكاظم ، وعلي بن موسى الرضا صلى الله عليهم وسلم ، ثم هو محمد الملقب بالجواد والتقي وبعده ابنه النقي الهادي علي ، ثم حفيده حسن بن علي العسكري ، ثم الحجة إمام العصر والزمان محمد المنتظر المهدي صلى الله عليهم وسلم أجمعين .

أسمه وألقابه وكنيته :

أسمه : محمد . لقبه : التقي ، والأشهر : الجواد .

كنيته : أبو جعفر . ويقال له : أبو جعفر الثاني ، تميزا عن جده الباقر .

ولد عليه السلام : في المدينة المنورة .

في يوم : 10 رجب سنة 195 للهجرة ، في أشهر الأقوال .

عاش : في إمامة أبيه علي بن موسى الرضا عليه السلام : 8 سنوات .

وبعد أبيه : مدة إمامته عليه السلام : 17 سنة .

وأستشهد : سنة 220 للهجرة .

فيكون مدة عمره الشريف : 25 سنة .

ومرقده المقدس : جنب جده موسى بن جعفر في مقابر قريش .

في مدينة الكاظمية : شمال محافظة بغداد عاصمة الجمهورية العراقية .

فسلام الله عليه : يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا .

التعزية الثانية :

إنا لله وإنا إليه راجعون : ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم بمناسبة شهادة الإمام التقي الجواد محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، بقلوب يعصرها الألم والغم و يملأها الحزن والأسى ، أتقدم بخالص العزاء وأحر التسلية لولي أمرنا صاحب العصر وإمام زماننا الحجة بن الحسن العسكري عجل الله فرجه الشريف .

وأتوجه بالتسلية والعزاء : لجميع أبناء الأمة الإسلامية وبالخصوص أتباع نبينا محمد وآله عليهم السلام ، لحلــول للذكرى الأليمة والمحزنة بالمصاب الجلل الذي حل في يوم اخر ذي القعدة سنة 220 للهجرة ، وهو اليوم الذي استشهد فيه خليفة رسول الله الإمام التاسع سيدنا وإمام محمد الجواد عليه السلام .

ثم نذكر شيء مناسب لشهادته مما موجود في هذه الصحيفة :

قدوم الإمام لبغداد :

ذكر : في عيون المعجزات المنسوب للسيد المرتضى :

لما خرج أبو جعفر عليه السلام : وزوجته ابنة المأمون حاجا .

وخرج : أبو الحسن علي ابنه عليه السلام وهو صغير ، فخلفه في المدينة .

وسلم إليه : المواريث ، والسلاح ، ونص عليه بمشهد ثقاته وأصحابه .

وانصرف : إلى العراق ، ومعه زوجته ابنة المأمون .

وكان خرج : المأمون إلى بلاد الروم ، فمات بالبديرون ، في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين .

وذلك : في ستة عشرة سنة من إمامة أبي جعفر عليه السلام .

مناقب آل أبى طالب ج 4 ص397 ، بحار الأنوار ج46ص10ب1ح10 .ص16ب1ح26 . بالبدندون : من مدن تركية على الساحل ونقل منها إلى طرطوس ودفن فيها .

و سبب وروده بغداد : إشخاص المعتصم له من المدينة .

فورد بغداد : لليلتين من المحرم سنة عشرين و مائتين أي 28 محرم سنة 220 ، و أقام بها حتى توفي في هذه السنة .

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ج4ص380 .

قال المفيد رحمه :

فلم يزل بالمدينة : إلى أن أشخصه المعتصم في أول 220 سنة عشرين‏ و مائتين إلى بغداد .

فأقام بها : حتى توفي في آخر ذي القعدة من هذه السنة .

فدفن : في ظهر جده أبي الحسن موسى.

خلف بعده : من الولد عليا ابنه الإمام من بعده ، و موسى ، و فاطمة و أمامة ابنتيه ، و لم يخلف ذكرا غير من سميناه.

الإرشاد ج2ص289 .

كانت لأبي جعفر عليه السلام : رحلتان إلى العراق :

الأولى : سنة 221 إحدى عشرة و مائتين ، و وجه المأمون إلى المدينة من حمله و أنزله بالقرب من داره ، و عزم على تزويجه ابنته ، و حملها معه بعد إلى المدينة ، و كان المأمون متوفّرا على إكرامه و تعظيمه و تبجيله و إجلال قدره. فلم يزل بها ، إلى أن :

أشخصه‏ المعتصم‏ : في أول سنة 225 خمس و عشرين و مائتين إلى بغداد ، و هي الثانية ، فأقام بها حتّى قتل مسموما في آخر ذي القعدة من تلك السنة ، فدفن في جنب جدّه أبى الحسن موسى عليه السلام.

تحف العقول ص457.

قال ابن بابويه : سم المعتصم محمد بن علي عليه السلام .

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ج4ص380 .

أهم أسباب شهادة الإمام الجواد :

يا طيب : من أهم أسباب شهادة الإمام هو زوجته وغيرتها عليه ، كما سترى في كيفية شهادته ، وثانيا كتابة الولاة لحاكم البلاد الخليفة العباسي المعتصم ، باجتماع المؤمنين على ولاية وإمام الإمام الجواد عليه السلام بعد أبيه الرضا عليه السلام ، وهذا عندهم من أهم الأخطار التي تهدد حكومتهم ويجب الحد منها ولو بقتل ملايين العباد ، وهذا مما دعا المعتصم حاكم زمان الإمام لإن يدعوه لبغداد ، ثم لما وصل بغداد ، شاء الله أن يبين الإمام قوة إمامته وإنه الأعلم في العباد فيجب طاعته ، مما أجج الحسد والغيض من علماء وقضاة زمانه من مخالفته والسعي به حتى يقتل ، ومن أهم الوقائع هي ما يقصها الحديث الآتي ، والذي يبين أن من أهم أسباب شهادته عليه السلام هو حسد الحكام وأعوانهم للإمام ، في قصة قطع يد السارق ، عند الحاكم المعتصم العباسي ، وقبوله لقول الإمام الجواد عليه السلام ورد قول من خالفه من العلماء ، فتدبر فيه :

عن زرقان صاحب ابن أبي دواد ، وصديقه العزيز ، قال :

رجع : ابن أبي دواد ذات يوم من عند المعتصم ، وهو مغتم .

فقلت له : في ذلك (أي سألته عن غمه) .

فقال : وددت اليوم أني قد مت منذ عشرين سنة .

قال قلت له : ولم ذاك ؟

قال : لما كان من هذا الأسود أبي جعفر محمد بن علي بن موسى ، اليوم بين يدي أمير المؤمنين .

قال : قلت له : وكيف كان ذلك ؟

قال: إن سارقا أقر على نفسه بالسرقة، وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحد عليه .

فجمع لذلك : الفقهاء في مجلسه ، وقد أحضر محمد بن علي .

فسألنا : عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع ؟

قال : فقلت : من الكرسوع .

قال : وما الحجة في ذلك ؟

قال : قلت : لان اليد هي الأصابع والكف إلى الكرسوع .

لقول الله في التيمم { فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم (6) } المائدة .

واتفق معي : ذلك قوم .

وقال آخرون : بل يجب القطع من المرفق .

قال : وما الدليل على ذلك ؟

قالوا : لان الله لما قال : { فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ (6) } المائدة ، في الغسل دل ذلك على أن حد اليد هو المرفق .

قال : فالتفت إلى محمد بن علي عليه السلام .

فقال : ما تقول في هذا يا أبا جعفر ؟

فقال : قد تكلم القول فيه يا أمير المؤمنين .

قال : دعني مما تكلموا به ! أي شيء عندك ؟

قال أعفني عن هذا يا أمير المؤمنين .

قال : أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه .

فقال : أما إذ أقسمت علي بالله .

إني أقول : إنهم أخطئوا فيه السنة .

فإن القطع : يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع ، فيترك الكف .

قال : وما الحجة في ذلك ؟

قال : قول رسول الله : السجود على سبعة أعضاء : الوجه واليدين والركبتين والرجلين .

فإذا قطعت يده : من الكرسوع ، أو المرفق ، لم يبق له يد يسجد عليها .

وقال الله تبارك وتعالى : { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ .. }.

يعني به : هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها .

{ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (8) } الجن .

وما كان لله : لم يقطع .

قال : فأعجب المعتصم ذلك .

وأمر : بقطع يد السارق من مفصل الأصابع ، دون الكف .

قال ابن أبي دواد : قامت قيامتي وتمنيت أني لم أك حيا .

قال زرقان : قال ابن أبى واد صرت إلى المعتصم بعد ثالثة .

فقلت : إن نصيحة أمير المؤمنين علي واجبة ، وأنا اكلمه بما أعلم أني أدخل به النار .

قال : وما هو ؟

قلت : إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه ، فقهاء رعيته وعلماءهم ، لأمر واقع من أمور الدين .

فسألهم : عن الحكم فيه ، فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك .

وقد حضر مجلسه : أهل بيته وقواده ووزراؤه وكتابه .

وقد تسامع : الناس بذلك من وراء بابه .

ثم يترك : أقاويلهم كلهم .

لقول رجل : يقول شطر هذه الأمة بإمامته .

ويدعون : أنه أولى منه بمقامه .

ثم يحكم : بحكمه ، دون حكم الفقهاء ؟ !

قال : فتغير لونه ، وانتبه لما نبهته له .

وقال : جزاك الله عن نصيحتك خيرا .

قال : فأمر اليوم الرابع ، فلانا من كتاب وزرائه .

بأن يدعوه : إلى منزله .

فدعاه : فأبى أن يجيبه .

وقال : قد علمت أني لا أحضر مجالسكم .

فقال : إني إنما أدعوك إلى الطعام ، وأحب أن تطأ ثياتي .

وتدخل منزلي : فأتبرك بذلك .

فقد أحب : فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقاءك .

فصار إليه : فلما طعم منها ، أحس السم .

فدعا بدابته : فسأله رب المنزل أن يقيم .

قال : خروجي من دارك خير لك .

فلم يزل : يومه ذلك وليله في خلفة ، حتى قبض عليه السلام .

تفسير العياشي ج1ص319س5سورة المائدة ح109. بحار الأنوار ج46ص5ب1ح7 .

كرسع : الكرسوع : حرف الزند الذي يلي الخنصر، و هو الناتئ عند الرسغ، و هو الوحشي‏، و هو ناتئ عند الرسغ .

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم : فسلام عليه يوم ولد ويم استشهد ويوم يبعث حيا .

وبقيت كثير من الأحاديث : والمحاجات له عليه السلام مع العلماء في زمن المأمون وزواجه من أبنته ، وقدومه بغداد ، وأحاديث ومحاجات كثيرة ، نذكرها إن شاء الله في مناسبات أخرى ، ونكتفي بهذا البيان.

وأسأل الله سبحانه : أن يرزقنا ولاية نبي الرحمة وآله الكرام ، وطاعته والثبات على عبوديته بهداهم الحق مخلصين له الدين ، فإنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

الأقوال في مدة عمر الجواد :

قال المفيد رحمه الله :

و كان مولده عليه السلام : في شهر رمضان سنة خمس و تسعين و مائة

و قبض ببغداد : في ذي القعدة سنة عشرين و مائتين و له يومئذ خمس و عشرون سنة .

و كانت مدة : خلافته لأبيه و إمامته من بعده ، سبع عشرة سنة .

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد ج2ص274 .

قال الخطيب البغدادي في تأريخه :

محمد : بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب .

أبو جعفر بن الرضا : قدم من مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى بغداد ، وافدا على أبى إسحاق المعتصم .

ومعه امرأته : أم الفضل بنت المأمون .

فتوفى : في بغداد ، ودفن في مقابر قريش ، عند جده موسى بن جعفر .

وحملت : امرأته أم الفضل بنت المأمون إلى قصر المعتصم، فجعلت مع الحرم.

وبسنده عن محمد بن سنان قال :

مضى : أبو جعفر محمد بن على ، وهو بن خمس وعشرين سنة وثلاثة اشهر واثنى عشر يوما .

وكان مولده : سنة مائة وخمس وتسعين من الهجرة .

وقبض : في يوم الثلاثاء ، لست ليال خلون من ذي الحجة سنة مائتين وعشرين .

وقال : أنبأنا إبراهيم بن مخلد ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي ، أخبرنا الحارث بن محمد حدثنا محمد بن سعد قال :

سنة : عشرين ومائتين ، فيها توفى محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على ببغداد.

وكان قدمها : على أبى إسحاق من المدينة ـ فتوفى فيها يوم الثلاثاء لخمس ليال خلون من ذي الحجة

وركب هارون : بن أبي إسحاق فصلى عليه عند منزله ، في رحبة اسوار بن ميمون ، ناحية قنطرة البردان .

ثم حمل : ودفن في مقابر قريش .

تاريخ بغداد ج3ص54رقم 997 .

أولاد الإمام الجواد :

و أولاده : علي الإمام ، و موسى ، و حكيمة ، و خديجة ، و أم كلثوم.

مناقب آل أبي طالب عليهم السلام ج4ص380 .

يا طيب : إن ابنه الإمام بعده علي الهادي النقي ، وحياته في صحيفة المباركة ، كما أن لحكيمة دور كريم في زمان ولادة الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه ، وإنها كانت باب من أبواب الله في مراجعات الشيعة وبيانها للأحكام ، كما أن لبنات الإمام رحلة إلى قم ووفاتهن فيها ، ولهم شؤون لا يسعها هذا المختصر ومن ذريته السادة الرضوية وهم سبط كبير وكثير جدا في قم وانتشروا في كثير من البلدان ، وفيهم العلماء والأفاضل وذوي الشأن الكريم .



باب
زيارة الإمام الجواد

ثواب زيارة الإمام الجواد :

يا طيب : فضل زيارة الإمام الجواد عليه السلام ، مرتبطة بزيارة جده الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، لأن مرقدهم جنب بعض وهو خلف جده ، ولهما نصوص زيارة واحدة متحدة ، كما توجد لكل منهم زيارته الخاصة ، وزيارة الأئمة كلهم لها ثوابها واحد وإن كان الأب مقدم على الأبن ، وإن من زار أي واحد منهم عليهم السلام ، كأنما زار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

ويا طيب : تتأكد ويضاعف زيارة الإمام حين يقل زواره ، لكي لا يهجر ولا يخلو مرقده من المقرين لهم بالإمامة ، لأنه المنكر لأحدهم فهو منكر لهم كلهم ، ومن هجر أحدهم كأنما هجرهم كلهم ، وتكون زيارتهم على الكفاية ، لتحفظ حرمة المعصومين كلهم ، ومعرفة وتبيين أن الله أختارهم أولياء لدينه ، ولكي يحفظ هداه بهم إلى يوم القيامة ، وإنهم هم الأدلاء على معرفة عظمة الله وتجلي هداه ، وإن ظهور دينه بمعارفهم وسيرتهم وسلوكهم ، وبكل تصرف وعلم وقول وحديث صدر عنهم ، ولذا نذكر قسم من الأحاديث العامة بالزيارة ، وبالخصوص الخاصة بالإمام الكاظم والجواد عليهم الصلاة والسلام :

عن يعقوب بن يزيد عن الحسين بن يسار الواسطي قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام ، ما لمن زار قبر أبيك عليه السلام ؟

قال فقال : زوروه .

قال قلت : فأي شيء فيه من الفضل ؟

قال : فقال عليه السلام : فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ كَفَضْلِ مَنْ زَارَ وَالِدَهُ ، يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله .

قلت : فإن خفت و لم يمكن لي الدخول داخلا ؟

قال عليه السلام : سَلِّمْ مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ.

وهذا الحديث : يبين كيفية زيارة أئمة البقيع عليهم السلام في هذا الزمان ، وهو يشبه ذلك الزمان لحكام الطواغيت والمنحرفين عن أهل البيت والمخالفين لهم بالدين والهدى ، وقيامهم بالمراقبة والتضييق على أولياء الله في تعريف الحق ومحل الهدى وشكر المحق ومعلم دين الله .

و عن الحسين بن محمد الأشعري القمي قال : قال لي الرضا عليه السلام : مَنْ زَارَ قَبْرَ أَبِي بِبَغْدَادَ كَانَ كَمَنْ زَارَ رَسُولَ اللَّهِ ، وَ قَبْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، إِلَّا أَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ وَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَضْلَهُمَا .

و عن الحسن بن علي الوشاء عن الرضا عليه السلام قال :

زِيَارَةُ : قَبْرِ أَبِي ، مِثْلُ زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ .

وزيارة الإمام الجواد عليه السلام : مثل زيارة رسول الله ، وأمير المؤمنين والحسن والحسين ، وموسى الكاظم أجداده عليهم الصلاة السلام .

وعن إبراهيم بن عقبة قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث علي الهادي عليه السلام ، أسأله عن زيارة قبر أبي عبد الله الحسين ، و عن زيارة قبر أبي الحسن الكاظم ، و أبي جعفر الجواد ؟

فكتب إلي : أبو عبد الله عليه السلام المقدم ، و هذا أجمع و أعظم أجرا .

ويا طيب : وتوجد روايات بإن زيارة الرضا والكاظم مقدمة ، لما عرفت أنه حسب وفرة الزوار عندهم ، والمشقة التي تحصل بزيارتهم ، فإن تساووا في الحضور فزيارة الإمام الحسين عليه السلام أعظم أجرا وأكثر فضلا .

وعن عبد الرحمن بن أبي نجران قال : سألت أبا جعفر محمد الجواد عليه السلام : عمن زار النبي صلى الله عليه وآله قاصدا ؟

قال عليه السلام : لَهُ الْجَنَّةُ ، وَ مَنْ زَارَ قَبْرَ أَبِي الْحَسَنِ موسى الكاظم فَلَهُ الْجَنَّةُ.

كامل الزيارات ص298ب99ح5، 6 ، 7، 8 ، 11 ، 12 .

ويا طيب : زيارة المعصومين عليهم السلام ، أيا منهم والإقرار لهم بالإمامة والولاية لأمر الله ودينه ، وإن على عباد الله زيارتهم و الصلاة والسلام عليهم ، وله ثواب الجنة ، وقد فصلنا بحث ضرورة زيارة الأئمة عليهم السلام في صحيفة الإمام الرضا عليه السلام ، وذكرنا أدلة كريمة لآيات قرآنية وأحاديث كريمة تبين أن الله سبحانه وتعالى قد أمر بودهم والسلام والصلاة عليهم والتسليم لهم والاستغفار عندهم ، وتشفيعهم في طلب الحوائج من الله لنا ، لأن الله تعالى كرمهم ، وجعل دعائهم مسموعا وهم أحياء عند الله سبحانه وتعالى يرزقون ، ويسمعون الكلام ويردون الجواب ، ومن صلى عليهم فالله يضاعف الحسنة له ويزيدها ، وبالخصوص لمن يزورهم و يقر لهم بأنه تعالى اصطفاهم وأختارهم واجتباهم لتعلم دينه وتعريف هداه ، فإن أحببت التفصيل راجع صحيفة الإمام الرضا عليه السلام أو صحيفة الإمام الحسين عليه السلام جزء الزيارة .

نص زيارة الإمام الجواد :

يا طيب : في هذا المختصر نذكر نص زيارة مختصرة ، وفي صحيفة الإمام نذكر تفصيل الزيارات إن شاء الله .

الزيارة المختصرة :

يا طيب : هذه زيارة مختصرة يزار بها الإمام الكاظم عليه السلام ، ثم يزار بها الإمام الجواد عليه السلام ، فتقول إذا أردت مِنْ قُرْبٍ ، فَاسْتَأْذِنْ بِمَا مَرَّ ذِكْرُهُ .

فَإِذَا دَخَلْتَ : فَقِفْ عَلَى قَبْرِ الْكَاظِمِ أو الجواد عليهم السلام ، وَ أَنْتَ عَلَى غُسْلٍ ، وَ اسْتَقْبِلْهُ بِوَجْهِكَ وَ قُلِ :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَلِيَّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ : قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اللَّهِ مَا حُمِّلْتَ ، وَ حَفِظْتَ مَا اسْتُودِعْتَ ، وَ حَلَّلْتَ حَلَالَ اللَّهِ ، وَ حَرَّمْتَ حَرَامَ اللَّهِ ، وَ أَقَمْتَ حُدُودَ اللَّهِ ، وَ تَلَوْتَ كِتَابَ اللَّهِ ، وَ صَبَرْتَ عَلَى الْأَذَى فِي جَنْبِ اللَّهِ ، مُحْتَسِباً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ .

أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَيْكَ : مِنْ أَعْدَائِكَ ، مُسْتَبْصِراً بِالْهُدَى الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ ، عَارِفاً بِضَلَالَةِ مَنْ خَالَفَكَ ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ .

ثم قبل تربته : ( الآن شباك ضريحه ) ، و ضع خدك الأيمن و الأيسر عليها.

و تحول إلى عند الرأس و قل :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا حُجَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ سَمَائِهِ .

ثم تصلي : ركعتي الزيارة ، و تدعو بعدهما بما ذكر في زيارة عاشوراء .

ثم زر الجواد عليه السلام : بهذه الزيارة ، و ترتيب العمل فيها على الترتيب الذي ذكرناه آنفا ، و تقول في وداعهما عليهما السلام ، بما مر ذكره في زيارة البقيع‏ .

والزيارة مذكورة في كامل الزيارات وكثير من الكتب وتوجد زيارات أخرى .

الدعاء بعد الزيارة :

وأما الدعاء : الذي مر في زيارة الإمام الجواد عليه السلام ، فنذكره هنا للفائدة :

فقال : ثم صل صلاة الزيارة ، فإذا سلمت فقل :

اللَّهُمَّ : أَنْتَ الرَّبُّ وَ أَنَا الْمَرْبُوبُ ، وَ أَنْتَ الْخَالِقُ وَ أَنَا الْمَخْلُوقُ .

وَ أَنْتَ : الْمَالِكُ‏ وَ أَنَا الْمَمْلُوكُ ، وَ أَنْتَ الْمُعْطِي وَ أَنَا السَّائِلُ .

وَ أَنْتَ : الرَّازِقُ وَ أَنَا الْمَرْزُوقُ ، وَ أَنْتَ الْقَادِرُ وَ أَنَا الْعَاجِزُ .

وَ أَنْتَ : الْقَوِيُّ وَ أَنَا الضَّعِيفُ ، وَ أَنْتَ الْمُغِيثُ وَ أَنَا الْمُسْتَغِيثُ .

وَ أَنْتَ : الدَّائِمُ وَ أَنَا الزَّائِلُ ، وَ أَنْتَ الْكَبِيرُ وَ أَنَا الْحَقِيرُ .

وَ أَنْتَ : الْعَظِيمُ وَ أَنَا الصَّغِيرُ ، وَ أَنْتَ الْمَوْلَى وَ أَنَا الْعَبْدُ .

وَ أَنْتَ : الْعَزِيزُ وَ أَنَا الذَّلِيلُ ، وَ أَنْتَ الرَّفِيعُ وَ أَنَا الْوَضِيعُ .

وَ أَنْتَ : الْمُدَبِّرُ وَ أَنَا الْمُدَبَّرُ ، وَ أَنْتَ الْبَاقِي وَ أَنَا الْفَانِي .

وَ أَنْتَ : الدَّيَّانُ ، وَ أَنَا الْمُدَانُ ، وَ أَنْتَ الْبَاعِثُ وَ أَنَا الْمَبْعُوثُ .

وَ أَنْتَ : الْغَنِيُّ وَ أَنَا الْفَقِيرُ ، وَ أَنْتَ الْحَيُّ وَ أَنَا الْمَيِّتُ .

تَجِدُ : مَنْ تُعَذِّبُ يَا رَبِّ غَيْرِي ، وَ لَا أَجِدُ مَنْ يَرْحَمُنِي غَيْرَكَ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ قَرِّبْ فَرَجَهُمْ .

وَ ارْحَمْ : ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَتَضَرُّعِي إِلَيْكَ، وَ وَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ، وَ أُنْسِي بِكَ يَا كَرِيمُ .

ثُمَّ تَصَدَّقْ عَلَيَّ : فِي هَذِهِ السَّاعَةِ ، بِرَحْمَةٍ مِنْ عِنْدِكَ :

تُهْدِى‏ءُ بِهَا : قَلْبِي ، وَ تَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي ، وَ تَلُمُّ بِهَا شَعَثِي ، وَ تُبَيِّضُ بِهَا وَجْهِي .

وَ تُكْرِمُ بِهَا : مَقَامِي ، وَ تَحُطُّ بِهَا عَنِّي وِزْرِي ، وَ تَغْفِرُ بِهَا مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِي .

وَ تَعْصِمُنِي : فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي، وَتَسْتَعْمِلُنِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِطَاعَتِكَ وَمَا يُرْضِيكَ عَنِّي.

وَ تَخْتِمُ عَمَلِي : بِأَحْسَنِهِ ، وَ تَجْعَلُ لِي ثَوَابَهُ الْجَنَّةَ .

وَ تَسْلُكُ بِي : سَبِيلَ الصَّالِحِينَ ، وَ تُعِينُنِي عَلَى صَالِحِ مَا أَعْطَيْتَنِي ، كَمَا أَعَنْتَ الصَّالِحِينَ عَلَى صَالِحِ مَا أَعْطَيْتَهُمْ ، وَ لَا تَنْزِعْ مِنِّي صَالِحاً أَعْطَيْتَنِيهِ أَبَداً .

وَ لَا تَرُدَّنِي : فِي سُوءٍ اسْتَنْقَذْتَنِي مِنْهُ أَبَداً ، وَ لَا تُشْمِتْ بِي عَدُوّاً وَ لَا حَاسِداً أَبَداً .

وَ لَا تَكِلْنِي : إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً، وَلَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .

وَ أَرِنِي : الْحَقَّ حَقّاً فَأَتَّبِعَهُ ، وَ الْبَاطِلَ بَاطِلًا فَأَجْتَنِبَهُ .

وَ لَا تَجْعَلْهُ : عَلَيَّ مُتَشَابِهاً ، فَأَتَّبِعَ هَوَايَ بِغَيْرِ هُدًى مِنْكَ .

وَ اجْعَلْ : هَوَايَ تَبَعاً لِطَاعَتِكَ ، وَ خُذْ رِضَا نَفْسِكَ مِنْ نَفْسِي .

وَ اهْدِنِي : لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

ثم أدعُ بما أحببت .

مصباح الزائر ص206بحار الأنوار ج99ص7ب2ح11 .

ونذكر دعاء آخرا : ذكره العلامة المجلسي رحمه الله في بحار الأنوار ، وهو أطول من الدعاء السابق وإن تضمن فقراته ، ونذكره لمن أحب أن يدعو به أو يكتفي بأحدهما ، فقال : أقول : وجدت في بعض مؤلفات أصحابنا الدعاء ، الذي أحاله على ما سبق ، بوجه يخالفه ، فأحببت إيراده .

و هو هذا :

اللَّهُمَّ : أَنْتَ الرَّبُّ وَ أَنَا الْمَرْبُوبُ ، وَ أَنْتَ الْخَالِقُ وَ أَنَا الْمَخْلُوقُ .

وَ أَنْتَ : الْمَالِكُ ، وَ أَنَا الْمَمْلُوكُ ، وَ أَنْتَ الْمُعْطِي وَ أَنَا السَّائِلُ .

وَ أَنْتَ : الرَّازِقُ ، وَ أَنَا الْمَرْزُوقُ ، وَ أَنْتَ الْقَادِرُ وَ أَنَا الْعَاجِزُ .

وَ أَنْتَ : الْقَوِيُ‏ ، وَ أَنَا الضَّعِيفُ ، وَ أَنْتَ الْمُغِيثُ وَ أَنَا الْمُسْتَغِيثُ .

وَ أَنْتَ : الدَّائِمُ ، وَ أَنَا الزَّائِلُ ، وَ أَنْتَ الْكَبِيرُ وَ أَنَا الْحَقِيرُ .

وَ أَنْتَ : الْعَظِيمُ ، وَ أَنَا الصَّغِيرُ ، وَ أَنْتَ الْعَزِيزُ وَ أَنَا الذَّلِيلُ .

وَ أَنْتَ : الرَّفِيعُ ، وَ أَنَا الْوَضِيعُ ، وَ أَنْتَ الْمُدَبِّرُ وَ أَنَا الْمُدَبَّرُ .

وَ أَنْتَ : الْبَاقِي ، وَ أَنَا الْفَانِي ، وَ أَنْتَ الدَّيَّانُ وَ أَنَا الْمُدَانُ .

وَ أَنْتَ : الْبَاعِثُ ، وَ أَنَا الْمَبْعُوثُ ، وَ أَنْتَ الْغَنِيُّ وَ أَنَا الْفَقِيرُ .

وَ أَنْتَ : الْحَيُّ ، وَ أَنَا الْمَيِّتُ .

تَجِدُ : مَنْ تُعَذِّبُ يَا رَبِّ غَيْرِي ، وَ لَا أَجِدُ مَنْ يَرْحَمُنِي غَيْرَكَ .

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ مَنْ عَاذَ بِذِمَّتِكَ ، وَ لَجَأَ إِلَى عِزِّكَ ، وَ اسْتَظَلَّ بِفَيْئِكَ ، وَ اعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ ، وَ لَمْ يَثِقْ إِلَّا بِكَ .

يَا جَزِيلَ الْعَطَايَا : يَا فَكَّاكَ الْأُسَارَى ، يَا مَنْ سَمَّى نَفْسَهُ مِنْ جُودِهِ الْوَهَّابَ .

أَسْأَلُكَ : أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ لَا تَرُدَّنِي مِنْ هَذَا الْمَقَامِ خَائِباً .

فَإِنَّ هَذَا مَقَامٌ : تُغْفَرُ فِيهِ الذُّنُوبُ الْعِظَامُ ، وَ تُرْجَى فِيهِ الرَّحْمَةُ مِنَ الْكَرِيمِ الْعَلَّامِ .

مَقَامٌ : لَا يُخَيَّبُ فِيهِ السَّائِلُونَ ، وَ لَا يُرَدُّ فِيهِ الرَّاغِبُونَ .

مَقَامُ : مَنْ لَاذَ بِمَوْلَاهُ رَغْبَةً ، وَ تَبَتَّلَ إِلَيْهِ رَهْبَةً .

مَقَامُ : الْخَائِفِ مِنْ يَوْمٍ ، يَقُومُ فِيهِ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ، وَ لَا تَنْفَعُ فِيهِ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ، إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ ، وَ كَانَ مِنَ الْفَائِزِينَ .

ذَلِكَ يَوْمٌ : لا يَنْفَعُ فِيهِ مالٌ وَ لا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ، وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ .

وَ قِيلَ لَهُمْ : هذا ما كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ، لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ، مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ ، وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ .

اللَّهُمَّ : فَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُخْلَصِينَ الْفَائِزِينَ ، وَ اجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ .

وَ اغْفِرْ لِي : وَ لِوالِدَيَّ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الدِّينِ ، وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ .

وَ اخْلُفْ : عَلَى أَهْلِي وَ وُلْدِي فِي الْغَابِرِينَ ، وَ اجْمَعْ بَيْنَنَا جَمِيعاً فِي مُسْتَقَرٍّ مِنْ رَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

وَ سَلِّمْنِي : مِنْ أَهْوَالِ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَ لِقَائِكَ ، حَتَّى تُبْلِغَنِي الدَّرَجَةَ الَّتِي فِيهَا مُرَافَقَةُ أَوْلِيَائِكَ وَ أَحِبَّائِكَ .

الَّذِينَ : عَلَيْهِمْ دَلَلْتَ ، وَ بِالاقْتِدَاءِ بِهِمْ أَمَرْتَ .

وَ اسْقِنِي : مِنْ حَوْضِهِمْ مَشْرَباً رَوِيّاً ، لَا ظَمَأَ بَعْدَهُ أَبَداً .

وَ احْشُرْنِي : فِي زُمْرَتِهِمْ ، وَ تَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِهِمْ ، وَ اجْعَلْنِي فِي حِزْبِهِمْ .

وَ عَرِّفْنِي : وُجُوهَهُمْ فِي رِضْوَانِكَ وَ الْجَنَّةِ .

فَإِنِّي : رَضِيتُ بِهِمْ أَئِمَّةً ، وَ هُدَاةً وَ وُلَاةً .

فَاجْعَلْهُمْ : أَئِمَّتِي وَ هُدَاتِي فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ .

وَ لَا تُفَرِّقْ : بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ ارْحَمْ ذُلِّي بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ ، وَ وَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ ، وَ أُنْسِي بِكَ .

يَا كَرِيمُ : تَصَدَّقْ عَلَيَّ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ ، بِرَحْمَةٍ مِنْ عِنْدِكَ :

تَهْدِي بِهَا : قَلْبِي ، وَ تَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي ، وَ تَلُمُّ بِهَا شَعَثِي .

وَ تُبَيِّضُ بِهَا : وَجْهِي ، وَ تُكْرِمُ بِهَا مَقَامِي .

وَ تَحُطُّ بِهَا : عَنِّي وِزْرِي ، وَ تَغْفِرُ بِهَا مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِي ، وَ تَعْصِمُنِي بِهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي ، وَ تُوَسِّعُ لِي بِهَا فِي رِزْقِي .

وَ تَمُدُّ بِهَا : فِي أَجَلِي ، وَ تَسْتَعْمِلُنِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِطَاعَتِكَ ، وَ مَا يُرْضِيكَ عَنِّي .

وَ تَخْتِمُ لِي : عَمَلِي بِأَحْسَنِهِ ، وَ تَجْعَلُ لِي ثَوَابَهُ الْجَنَّةَ .

وَ تَسْلُكُ بِي : سَبِيلَ الصَّالِحِينَ ، وَ تُعِينُنِي عَلَى صَالِحِ مَا أَعْطَيْتَنِي ، كَمَا أَعَنْتَ الصَّالِحِينَ عَلَى صَالِحِ مَا أَعْطَيْتَهُمْ ، وَ لَا تَنْزِعْ مِنِّي صَالِحَ مَا أَعْطَيْتَنِيهِ أَبَداً .

وَ لَا تَرُدَّنِي : فِي سُوءٍ اسْتَنْقَذْتَنِي مِنْهُ أَبَداً ، وَ لَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً ، وَ لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا أَكْثَرَ ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .

وَ أَرِنِي : الْحَقَّ حَقّاً فَأَتْبَعَهُ ، وَ الْبَاطِلَ بَاطِلًا فَأَجْتَنِبَهُ ,

وَ لَا تَجْعَلْهُ : عَلَيَّ مُتَشَابِهاً ، فَأَتَّبِعَ هَوَايَ ، بِغَيْرِ هُدًى مِنْكَ .

وَ اجْعَلْ : هَوَايَ مُتَّبِعاً لِرِضَاكَ وَ طَاعَتِكَ ، وَ خُذْ رِضَا نَفْسِكَ مِنْ نَفْسِي .

وَ اهْدِنِي: لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .

بحار الأنوار ج99ص75ب6ح 10 .

أدعية الإمام الجواد:

يا طيب : توجد أدعية مفصلة وأحراز وعوذة مروية عن الإمام الجواد ، ونذكر دعاء مختصر والتفصيل إن شاء الله حين تمام صحيفته :

دعاء بعد صلاة الفجر :

ذكر الصدوق : و روي عن محمد بن الفرج أنه قال:

كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّضَا عليه السلام : بِهَذَا الدُّعَاءِ وَ عَلَّمَنِيهِ .

وَ قَالَ : من دعا به في دبر صلاة الفجر ، لم يلتمس حاجة إلا يسرت له و كفاه الله ما أهمه .

بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ : وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا ، لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ، حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ، مَا شَاءَ اللَّهُ لَا حَوْلَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، مَا شَاءَ اللَّهُ لَا مَا شَاءَ النَّاسُ ، مَا شَاءَ اللَّهُ وَ إِنْ كَرِهَ‏ النَّاسُ .

حَسْبِيَ الرَّبُّ : مِنَ الْمَرْبُوبِينَ ، حَسْبِيَ الْخَالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ، حَسْبِيَ الرَّازِقُ مِنَ الْمَرْزُوقِينَ ، حَسْبِيَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ حَسْبِي ، حَسْبِي مَنْ كَانَ مُنْذُ كُنْتُ ، حَسْبِي لَمْ يَزَلْ حَسْبِي ، حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ .

من لا يحضره الفقيه ج1ص327ح 959. الكافي ج4ص478ب52ح6 .

دعاء بعد من الصلاة :

قال الإمام محمد الجواد عليه السلام :

إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَقُلْ :

رَضِيتُ : بِاللَّهِ رَبّاً ، وَ بِالْإِسْلَامِ دِيناً ، وَ بِالْقُرْآنِ كِتَاباً ، وَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً ، وَ بِعَلِيٍّ وَلِيّاً ، وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، وَ- عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ- ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، أَئِمَّةً .

اللَّهُمَّ وَلِيَّكَ الْحُجَّةَ : فَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ ، وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ ، وَ مِنْ فَوْقِهِ وَ مِنْ تَحْتِهِ ، وَ امْدُدْ لَهُ فِي عُمُرِهِ ، وَ اجْعَلْهُ الْقَائِمَ بِأَمْرِكَ ، الْمُنْتَصِرَ لِدِينِكَ ، وَ أَرِهِ مَا يُحِبُّ وَ تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهُ ، فِي نَفْسِهِ وَ فِي ذُرِّيَّتِهِ وَ أَهْلِهِ وَ مَالِهِ وَ فِي شِيعَتِهِ ، وَ فِي عَدُوِّهِ ، وَ أَرِهِمْ مِنْهُ مَا يَحْذَرُونَ ، وَ أَرِهِ فِيهِمْ مَا يُحِبُّ وَ تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهُ ، وَ اشْفِ بِهِ صُدُورَنَا وَ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ .

من لا يحضره الفقيه ج1ص327ح 960. الكافي ج4ص478ب52ح6 .

دعاء النبي بعد الصلاة :

قال الإمام الجواد عليه السلام :

قال و كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا فرغ من صلاته :

اللَّهُمَّ : اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَ مَا أَخَّرْتُ ، وَ مَا أَسْرَرْتُ وَ مَا أَعْلَنْتُ ، وَ إِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي ، وَ مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي .

اللَّهُمَّ : أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَ أَنْتَ الْمُؤَخِّرُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ ، وَ بِقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ .

مَا عَلِمْتَ : الْحَيَاةَ خَيْراً لِي فَأَحْيِنِي ، وَ تَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْراً لِي .

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ ، وَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَ الرِّضَا ، وَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَ الْغِنَى ، وَ أَسْأَلُكَ نَعِيماً لَا يَنْفَدُ ، وَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَا يَنْقَطِعُ ، وَ أَسْأَلُكَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ ، وَ بَرَكَةَ الْمَوْتِ بَعْدَ الْعَيْشِ ، وَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَ لَذَّةَ الْمَنْظَرِ إِلَى وَجْهِكَ ، وَ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِكَ وَ لِقَائِكَ ، مِنْ غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ ، وَ لَا فِتْنَةٍ مَضَلَّةٍ .

اللَّهُمَّ : زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ ، وَ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ .

اللَّهُمَّ : اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ .

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَسْأَلُكَ عَزِيمَةَ الرَّشَادِ وَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ وَ الرُّشْدِ ، وَ أَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وَ حُسْنَ عَافِيَتِكَ وَ أَدَاءَ حَقِّكَ ، وَ أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ قَلْباً سَلِيماً وَ لِسَاناً صَادِقاً ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ ، وَ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا تَعْلَمُ ، وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ وَ لَا نَعْلَمُ ، وَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ .

الكافي ج4ص478ب52ح6. وذكر في حاشية من لا يحضره الفقيه ج1ص327ح 960. إن قيل: كيف يستغفر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مع أنّه معصوم حتّى من الخطأ و النسيان فضلا عن الاثم ؟

قلنا: الاستغفار هو درجة العليين و سبيل المقربين و هو من أعظم القربات و لا يجب أن يكون لمعصية أو ذنب، فان السالك إلى اللّه سبحانه الطالب لمقام القرب مهما جد و اجتهد في السير يرى نفسه بطيئا لا تأتي بما يجب عليه من الاجتهاد في العمل و لذلك يستغفر ربّه عزّ و جلّ و يطلب العفو منه دائما.

اللهم رب الأرواح الفانية :

دُعاء الإمام الجواد عليه السلام قال :

اَللّـهُمَّ : رَبَّ الاَرْواحِ الْفانِيَةِ ، وَالاَجْسادِ الْبالِيَةِ .

أَسْأَلُكَ : بِطاعَةِ الاَرْواحِ الرّاجِعَةِ اِلى اَجْسادِها ، وَبِطاعَةِ الاَجْسادِ الْمُلْتَئِمَةِ بِعُرُوقِها .

وَبِكَلِمَتِكَ : النّافِذَةِ بَيْنَهُمْ ، وَاَخْذِكَ الْحَقَّ مِنْهُمْ .

وَالْخَلائقُ : بَيْنَ يَدَيْكَ يَنْتَظِرُونَ فَصْلَ قَضائِكَ ، وَيَرْجُونَ رَحْمَتَكَ ، وَيَخافُونَ عِقابِكَ .

صَلِّ عَلى مُحَمَّد وآل محمد .

وَاجْعَلِ النُّورَ : في بَصَرى ، وَالْيَقينَ في قَلْبي .

وَذِكْرَكَ : باِللَّيْلِ وَالنَّهارِ على لِساني.

وَعَملاً : صالِحاً فَارْزُقْني .

عوذة الإمام الجواد لأبنه :

ذكر الشيخ الطوسي رحمه في مصباح المتهجد : عوذة يوم الجمعة من عوذ أبي جعفر عليه السلام فقال :‏

أخبرنا جماعة : عن أبي المفضل قال حدثنا أبو أحمد عبد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي ، قال حدثنا أبي ، قال حدثني :

عبد العظيم بن عبد الله الحسني رضي الله عنه‏ : أن أبا جعفر محمد بن علي ( الجواد عليه السلام ) كتب هذه العوذة لابنه أبي الحسن ( علي الهادي السلام ) و هو صبي في المهد ، و كان يعوذه بها يوما فيوما :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ : لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .

اللَّهُمَّ : رَبَّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ وَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ ، وَ قَاهِرَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ ، وَ خَالِقَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَالِكَهِ .

كُفَّ عَنِّي : بَأْسَ أَعْدَائِنَا ، وَ مَنْ أَرَادَنَا بِسُوءٍ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ .

وَ أَعْمِ : أَبْصَارَهُمْ وَ قُلُوبَهُمْ ، وَ اجْعَلْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ حِجَاباً وَ حَرَساً وَ مَدْفَعاً .

إِنَّكَ رَبُّنَا : لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ لَنَا إِلَّا بِاللَّهِ ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وَ إِلَيْهِ أَنَبْنَا ، وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ .

رَبَّنَا : عَافِنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ ، وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ‏ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، وَ مِنْ شَرِّ ما سَكَنَ‏ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهارِ ، وَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ ، وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ ، رَبَّ الْعَالَمِينَ وَ إِلَهَ الْمُرْسَلِينَ .

وَ صَلِّ : عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَعِينَ ، وَ أَوْلِيَائِكَ ، وَ خُصَّ مُحَمَّداً وَ آلَهُ بِأَتَمِّ ذَلِكَ ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .

بِسْمِ اللَّهِ : وَ بِاللَّهِ ، أُومِنُ بِاللَّهِ ‏، وَ بِاللَّهِ أَعُوذُ ، وَ بِاللَّهِ أَعْتَصِمُ ، وَ بِاللَّهِ أَسْتَجِيرُ .

وَ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَ مَنَعَتِهِ‏ :

أَمْتَنِعُ : مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ ، وَ مِنْ رَجِلِهِمْ وَ خَيْلِهِمْ ، وَ رَكْضِهِمْ وَ عَطْفِهِمْ ، وَ رَجْعَتِهِمْ‏ وَ كَيْدِهِمْ .

وَ شَرِّهِمْ : وَ شَرِّ مَا يَأْتُونَ بِهِ ، تَحْتَ اللَّيْلِ وَ تَحْتَ النَّهَارِ ، مِنَ الْبُعْدِ وَ الْقُرْبِ.

وَ مِنْ شَرِّ : الْغَائِبِ وَ الْحَاضِرِ ، وَ الشَّاهِدِ وَ الزَّائِرِ ، أَحْيَاءً وَ أَمْوَاتاً ، أَعْمَى‏ وَ بَصِيراً .

وَ مِنْ شَرِّ الْعَامَّةِ وَ الْخَاصَّةِ .

وَ مِنْ شَرِّ : نَفْسٍ‏ وَ وَسْوَسَتِهَا .

وَ مِنْ شَرِّ : الدَّيَاهِشِ وَ الْحَسِّ وَ اللَّمْسِ وَ اللَّبْسِ ، وَ مِنْ عَيْنِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ .

وَ بِالاسْمِ الَّذِي : اهْتَزَّ بِهِ عَرْشُ بِلْقِيسَ .

أُعِيذُ : دِينِي وَ نَفْسِي ، وَ جَمِيعَ مَا تَحُوطُهُ عِنَايَتِي .

وَ مِنْ شَرِّ : كُلِّ صُورَةٍ وَ خَيَالٍ ، أَوْ بَيَاضٍ أَوْ سَوَادٍ ، أَوْ تِمْثَالٍ‏ أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ غَيْرِ مُعَاهَدٍ ، مِمَّنْ يَسْكُنُ الْهَوَاءَ وَ السَّحَابَ‏ ، وَ الظُّلُمَاتِ‏ وَ النُّورَ ، وَ الظِّلَّ وَ الْحَرُورَ ، وَ الْبَرَّ وَ الْبُحُورَ ، وَ السَّهْلَ وَ الْوُعُورَ ، وَ الْخَرَابَ وَ الْعُمْرَانَ ، وَ الْآكَامَ‏ وَ الْآجَامَ ، وَ الْمَغَايِضَ وَ الْكَنَائِسَ ، وَ النَّوَاوِيسَ وَ الْفَلَوَاتِ ، وَ الْجَبَّانَاتِ .

مِنَ الصَّادِرِينَ : وَ الْوَارِدِينَ ، مِمَّنْ يَبْدُو بِاللَّيْلِ ، وَ يَنْشَرُ بِالنَّهَارِ ، وَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ، وَ الْغُدُوِّ وَ الْآصَالِ.

وَ الْمُرْبِئِينَ‏: وَ الْأَسَامِرَةِ ، وَ الْأَفَاتِرَةِ وَ الْفَرَاعِنَةِ ، وَ الْأَبَالِسَةِ.

وَ مِنْ جُنُودِهِمْ : وَ أَزْوَاجِهِمْ ، وَ عَشَائِرِهِمْ وَ قَبَائِلِهِمْ .

وَ مِنْ هَمْزِهِمْ : وَ لَمْزِهِمْ ، وَ نَفْثِهِمْ وَ وِقَاعِهِمْ ، وَ أَخْذِهِمْ وَ سِحْرِهِمْ ، وَ ضَرْبِهِمْ وَ عَيْنِهِمْ‏ ، وَ لَمْحِهِمْ وَ احْتِيَالِهِمْ ، وَ أَخْلَافِهِمْ‏ .

وَ مِنْ شَرِّ : كُلِّ ذِي شَرٍّ ، مِنَ السَّحَرَةِ وَ الْغِيلَانِ ، وَ أُمِّ الصِّبْيَانِ ، وَ مَا وَلَدُوا وَ مَا وَرَدُوا .

وَ مِنْ شَرِّ : كُلِّ ذِي شَرٍّ دَاخِلٍ أَوْ خَارِجٍ ، وَ عَارِضٍ وَ مُعْتَرِضٍ ، وَ سَاكِنٍ وَ مُتَحَرِّكٍ .

وَ ضَرْبَانِ : عِرْقٍ ، وَ صُدَاعٍ وَ شَقِيقَةٍ ، وَ أُمِّ مِلْدَمٍ‏ وَ الْحُمَّى ، وَ الْمُثَلَّثَةِ وَ الرِّبْعِ ، وَ الْغِبِّ وَ النَّافِضَةِ ، وَ الصَّالِبَةِ ، وَ الدَّاخِلَةِ وَ الْخَارِجَ .

وَ مِنْ شَرِّ: كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ‏ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، إِنَّكَ‏ عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ .

وَ صَلَّى اللَّهُ : عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً .

مصباح المتهجد و سلاح المتعبد ج‏2ص501 .

دعاء بعد الصلاة :

ذكر السيد بن طاووس رحمه الله : ما نرويه بإسنادنا إلى أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني ، فيما رواه بإسناده إلى :

عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِالرَّيِّ قَالَ : صلى أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام صلاة المغرب في ليلة رأى فيها هلال شهر رمضان ، فلما فرغ من الصلاة ، و نوى الصيام ، رفع يديه فقال :

اللَّهُمَّ : يَا مَنْ يَمْلِكُ التَّدْبِيرَ ، وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، يَا مَنْ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ ، وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ ، وَ تُجِنُ ‏الضَّمِيرُ ، وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ .

اللَّهُمَّ : اجْعَلْنَا مِمَّنْ نَوَى فَعَمِلَ ، وَ لَا تَجْعَلْنَا مِمَّنْ شَقِيَ فَكَسِلَ ، وَ لَا مِمَّنْ هُوَ عَلَى غَيْرِ عَمَلٍ يَتَّكِلُ .

اللَّهُمَّ : صَحِّحْ أَبْدَانَنَا مِنَ الْعِلَلِ ، وَ أَعِنَّا عَلَى مَا افْتَرَضْتَ عَلَيْنَا مِنَ الْعَمَلِ ، حَتَّى يَنْقَضِيَ عَنَّا شَهْرُكَ هَذَا ، وَ قَدْ أَدَّيْنَا مَفْرُوضَكَ فِيهِ عَلَيْنَا .

اللَّهُمَّ : أَعِنَّا عَلَى صِيَامِهِ ، وَ وَفِّقْنَا لِقِيَامِهِ ، وَ نَشِّطْنَا فِيهِ لِلصَّلَاةِ ، وَ لَا تَحْجُبْنَا مِنَ الْقِرَاءَةِ ، وَ سَهِّلْ لَنَا فِيهِ إِيتَاءَ الزَّكَاةِ .

اللَّهُمَّ: لَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا ، وَصَباً وَ لَا تَعَباً ، وَ لَا سَقَماً وَ لَا عَطَباً .

اللَّهُمَّ : أرْزُقْنَا الْإِفْطَارَ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلَالِ .

اللَّهُمَّ : سَهِّلْ لَنَا فِيهِ مَا قَسَمْتَهُ مِنْ رِزْقِكَ ، وَ يَسِّرْ مَا قَدَّرْتَهُ مِنْ أَمْرِكَ ، وَ اجْعَلْهُ حَلَالًا طَيِّباً ، نَقِيّاً مِنَ الْآثَامِ ، خَالِصاً مِنَ وَ الْأَجْرَامِ.

اللَّهُمَّ : لَا تُطْعِمْنَا إِلَّا طَيِّباً ، غَيْرَ خَبِيثٍ وَ لَا حَرَامٍ ، وَ اجْعَلْ رِزْقَكَ لَنَا حَلَالًا لَا يَشُوبُهُ دَنَسٌ وَ لَا أَسْقَامٌ .

يَا مَنْ : عِلْمُهُ بِالسِّرِّ كَعِلْمِهِ بِالْإِعْلَانِ ، يَا مُتَفَضِّلًا عَلَى عِبَادِهِ بِالْإِحْسَانِ .

يَا مَنْ : هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ ، وَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ خَبِيرٌ عَلِيمٌ .

أَلْهِمْنَا ذِكْرَكَ : وَ جَنِّبْنَا عُسْرَكَ ، وَ أَنِلْنَا يُسْرَكَ ، وَ اهْدِنَا لِلرَّشَادِ ، وَ وَفِّقْنَا لِلسَّدَادِ ، وَ اعْصِمْنَا مِنَ الْبَلَايَا ، وَ صُنَّا مِنَ الْأَوْزَارِ وَ الْخَطَايَا .

يَا مَنْ : لَا يَغْفِرُ عَظِيمَ الذُّنُوبِ غَيْرُهُ ، وَ لَا يَكْشِفُ السُّوءَ إِلَّا هُوَ .

يَا أَرْحَمَ : الرَّاحِمِينَ ، وَ أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ .

صَلِّ : عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ.

وَ اجْعَلْ : صِيَامَنَا مَقْبُولًا ، وَ بِالْبِرِّ وَ التَّقْوَى مَوْصُولًا .

وَ كَذَلِكَ فَاجْعَلْ : سَعْيَنَا مَشْكُوراً ، وَ حُوبَنَا مَغْفُوراً ، وَ قِيَامَنَا مَبْرُوراً ، وَ قُرْآنَنَا مَرْفُوعاً ، وَ دُعَائَنَا مَسْمُوعاً .

وَ اهْدِنَا : لِلْحُسْنَى‏ ، وَ جَنِّبْنَا الْعُسْرَى ، وَ يَسِّرْنَا لِلْيُسْرَى ، وَ أَعْلِ لَنَا الدَّرَجَاتِ ، وَ ضَاعِفْ لَنَا الْحَسَنَاتِ ، وَ اقْبَلْ مِنَّا الصَّوْمَ وَ الصَّلَاةَ ، وَ اسْمَعْ مِنَّا الدَّعَوَاتِ ، وَ اغْفِرْ لَنَا الْخَطِيئَاتِ ، وَ تَجَاوَزْ عَنَّا السَّيِّئَاتِ .

وَ اجْعَلْنَا : مِنَ الْعَامِلِينَ الْفَائِزِينَ ، وَ لَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ ، حَتَّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ عَنَّا ، وَ قَدْ قَبِلْتَ فِيهِ صِيَامَنَا وَ قِيَامَنَا ، وَ زَكَّيْتَ فِيهِ أَعْمَالَنَا ، وَ غَفَرْتَ فِيهِ ذُنُوبَنَا ، وَ أَجْزَلْتَ فِيهِ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ نَصِيبَنَا .

فَإِنَّكَ : الْإِلَهُ الْمُجِيبُ الْحَبِيبُ ، وَ الرَّبُّ الْقَرِيبُ ، وَ أَنْتَ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ .

الإقبال بالأعمال الحسنة ج1ص76ف10 . وعنه في مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل ج7ص444ب13ح8620- 10 ، الوصب : المرض و الوجع الدائم و نحول الجسم، و قد يطلق على التعب و الفتور في البدن. عطب: هلك. الإصر: الثقل، الذنب.

قنوت الإمام الجواد :

قال السيد بن طاووس رحمه الله في مهج الدعوات .

قنوت : الإمام محمد بن علي بن موسى عليهم السلام :‏

اللَّهُمَّ : مَنَائِحُكَ مُتَتَابِعَةٌ ، وَ أَيَادِيكَ مُتَوَالِيَةٌ ، وَ نِعَمُكَ سَابِغَةٌ ، وَ شُكْرُنَا قَصِيرٌ ، وَ حَمْدُنَا يَسِيرٌ .

وَ أَنْتَ : بِالتَّعَطُّفِ عَلَى مَنِ اعْتَرَفَ جَدِيرٌ .

اللَّهُمَّ : وَ قَدْ غُصَّ أَهْلُ الْحَقِّ بِالرِّيقِ ، وَ ارْتَبَكَ أَهْلُ الصِّدْقِ فِي الْمَضِيقِ .

وَ أَنْتَ : اللَّهُمَّ بِعِبَادِكَ ، وَ ذَوِي الرَّغْبَةِ إِلَيْكَ شَفِيقٌ ، وَ بِإِجَابَةِ دُعَائِهِمْ ، وَ تَعْجِيلِ الْفَرَجِ عَنْهُمْ حَقِيقٌ .

اللَّهُمَّ : فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .

وَ بَادِرْنَا مِنْكَ : بِالْعَوْنِ الَّذِي لَا خِذْلَانَ بَعْدَهُ ، وَ النَّصْرِ الَّذِي لَا بَاطِلَ يَتَكَأَّدُهُ .

وَ أَتِحْ لَنَا : مِنْ لَدُنْكَ مُتَاحاً فَيَّاحاً ، يَأْمَنُ فِيهِ وَلِيُّكَ ، وَ يَخِيبُ فِيهِ عَدُوُّكَ ، وَ يُقَامُ فِيهِ مَعَالِمُكَ ، وَ يَظْهَرُ فِيهِ أَوَامِرُكَ ، وَ تَنْكَفُّ فِيهِ عَوَادِي عِدَاتِكَ .

اللَّهُمَّ : بَادِرْنَا مِنْكَ بِدَارِ الرَّحْمَةِ ، وَ بَادِرْ أَعْدَاءَكَ مِنْ بَأْسِكَ بِدَارِ النَّقِمَةِ .

اللَّهُمَّ : أَعِنَّا وَ أَغِثْنَا ، وَ ارْفَعْ نَقِمَتَكَ عَنَّا ، وَ أَحِلَّهَا بِالْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .

و دعا الجواد في قنوته‏ :

اللَّهُمَّ : أَنْتَ الْأَوَّلُ بِلَا أَوَّلِيَّةٍ مَعْدُودَةٍ ، وَ الْآخِرُ بِلَا آخِرِيَّةٍ مَحْدُودَةٍ .

أَنْشَأْتَنَا : لَا لِعِلَّةٍ اقْتِسَاراً ، وَ اخْتَرَعْتَنَا لَا لِحَاجَةٍ اقْتِدَاراً .

وَ ابْتَدَعْتَنَا : بِحِكْمَتِكَ اخْتِيَاراً ، وَ بَلَوْتَنَا بِأَمْرِكَ وَ نَهْيِكَ اخْتِبَاراً .

وَ أَيَّدْتَنَا : بِالْآلَاتِ ، وَ مَنَحْتَنَا بِالْأَدَوَاتِ .

وَ كَلَّفْتَنَا : الطَّاقَةَ ، وَ جَشَّمْتَنَا الطَّاعَةَ .

فَأَمَرْتَ : تَخْيِيراً ، وَ نَهَيْتَ تَحْذِيراً .

وَ خَوَّلْتَ : كَثِيراً ، وَ سَأَلْتَ يَسِيراً .

فَعُصِيَ أَمْرُكَ : فَحَلُمْتَ ، وَ جُهِلَ قَدْرُكَ فَتَكَرَّمْتَ .

فَأَنْتَ رَبُّ : الْعِزَّةِ وَ الْبَهَاءِ ، وَ الْعَظَمَةِ وَ الْكِبْرِيَاءِ ، وَ الْإِحْسَانِ وَ النَّعْمَاءِ ، وَ الْمَنِّ وَ الْآلَاءِ ، وَ الْمِنَحِ وَ الْعَطَاءِ ، وَ الْإِنْجَازِ وَ الْوَفَاءِ .

وَ لَا تُحِيطُ : الْقُلُوبُ لَكَ بِكُنْهٍ ، وَ لَا تُدْرِكُ الْأَوْهَامُ لَكَ صِفَةً ، وَ لَا يُشْبِهُكَ شَيْ‏ءٌ مِنْ خَلْقِكَ ، وَ لَا يُمَثَّلُ بِكَ شَيْ‏ءٌ مِنْ صَنْعَتِكَ .

تَبَارَكْتَ : أَنْ تُحَسَّ أَوْ تُمَسَّ ، أَوْ تُدْرِكَكَ الْحَوَاسُّ الْخَمْسُ .

وَ أَنَّى‏ : يُدْرِكُ مَخْلُوقٌ خَالِقَهُ ، وَ تَعَالَيْتَ يَا إِلَهِي عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً .

اللَّهُمَّ : أَدِلْ لِأَوْلِيَائِكَ ، مِنْ أَعْدَائِكَ الظَّالِمِينَ ، الْبَاغِينَ النَّاكِثِينَ ، الْقَاسِطِينَ الْمَارِقِينَ .

الَّذِينَ : أَضَلُّوا عِبَادَكَ ، وَ حَرَّفُوا كِتَابَكَ ، وَ بَدَّلُوا أَحْكَامَكَ ، وَ جَحَدُوا حَقَّكَ .

وَ جَلَسُوا : مَجَالِسَ أَوْلِيَائِكَ ، جُرْأَةً مِنْهُمْ عَلَيْكَ ، وَ ظُلْماً مِنْهُمْ لِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِمْ سَلَامُكَ وَ صَلَوَاتُكَ وَ رَحْمَتُكَ وَ بَرَكَاتُكَ .

فَضَلُّوا : وَ أَضَلُّوا خَلْقَكَ ، وَ هَتَكُوا حِجَابَ سَتْرِكَ عَنْ عِبَادِكَ .

وَ اتَّخَذُوا اللَّهُمَّ : مَالَكَ دُوَلًا ، وَ عِبَادَكَ خَوَلًا .

وَ تَرَكُوا اللَّهُمَّ : عَالِمَ أَرْضِكَ ، فِي بَكْمَاءَ عَمْيَاءَ ، ظَلْمَاءَ مُدْلَهِمَّةً .

فَأَعْيُنُهُمْ : مَفْتُوحَةٌ ، وَ قُلُوبُهُمْ عَمِيَّةٌ .

وَ لَمْ تَبْقَ لَهُمُ : اللَّهُمَّ عَلَيْكَ مِنْ حُجَّةٍ .

لَقَدْ حَذَّرْتَ اللَّهُمَّ : عَذَابَكَ ، وَ بَيَّنْتَ نَكَالَكَ .

وَ وَعَدْتَ الْمُطِيعِينَ : إِحْسَانَكَ ، وَ قَدَّمْتَ إِلَيْهِمْ بِالنُّذُرِ .

فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ : فَأَيِّدِ اللَّهُمَّ الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّكَ وَ عَدُوِّ أَوْلِيَائِكَ .

فَأَصْبَحُوا : ظاهِرِينَ‏ ، وَ إِلَى الْحَقِّ دَاعِينَ ، وَ لِلْإِمَامِ الْمُنْتَظَرِ الْقَائِمِ بِالْقِسْطِ تَابِعِينَ .

وَ جَدِّدِ اللَّهُمَّ : عَلَى أَعْدَائِكَ وَ أَعْدَائِهِمْ ، نَارَكَ وَ عَذَابَكَ ، الَّذِي لَا تَدْفَعُهُ عَنِ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ قَوِّ ضَعْفَ الْمُخْلِصِينَ لَكَ بِالْمَحَبَّةِ ، الْمُشَايِعِينَ لَنَا بِالْمُوَالاةِ ، الْمُتَّبِعِينَ لَنَا بِالتَّصْدِيقِ ، وَ الْعَمَلِ الْمُؤازِرِينَ لَنَا بِالْمُوَاسَاةِ فِينَا ، الْمُحِبِّينَ ذِكْرَنَا عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمْ .

وَ شُدَّ اللَّهُمَّ : رُكْنَهُمْ ، وَ سَدِّدْ لَهُمُ اللَّهُمَّ دِينَهُمُ ، الَّذِي ارْتَضَيْتَهُ لَهُمْ ، وَ أَتْمِمْ عَلَيْهِمْ نِعْمَتَكَ ، وَ خَلِّصْهُمْ وَ اسْتَخْلِصْهُمْ .

وَ سُدَّ اللَّهُمَّ : فَقْرَهُمْ ، وَ الْمُمِ اللَّهُمَّ شَعَثَ فَاقَتِهِمْ .

وَ اغْفِرِ اللَّهُمَّ " ذُنُوبَهُمْ وَ خَطَايَاهُمْ ، وَ لَا تُزِغْ قُلُوبَهُمْ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَهُمْ ، وَ لَا تُخَلِّهِمْ أَيْ رَبِّ بِمَعْصِيَتِهِمْ ، وَ احْفَظْ لَهُمْ مَا مَنَحْتَهُمْ بِهِ مِنَ الطَّهَارَةِ بِوَلَايَةِ أَوْلِيَائِكَ ، وَ الْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكَ .

إِنَّكَ : سَمِيعٌ مُجِيبٌ ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ .

مهج الدعوات و منهج العبادات لأبن طاووس ص59. منائحك: عطاياك. أياديك: نعمك. تكأده الأمر: شقّ عليه و صعب. تاح له الشي‏ء، توحا: تهيّأ له، قدر عليه. فاح فيحا: اتّسع . كفّ عن الأمر: انصرف و امتنع . اقتسره على الأمر: أكرهه عليه و قهره . جشّمه الأمر: كلّفه إيّاه . الكنه: جوهر الشيء و حقيقته، و غايته و نهايته. الإدالة: النصرة و الغلبة، و أدال اللّه بني فلان من عدوّهم: جعل الكرّة لهم عليه. دولا: جمع الدولة: و هو ما يتداول فيكون مرّة لهذا و مرّة لذاك. خولا: أي خدما و عبيدا. ادلهمّ الليل: اشتدّ سواده. نكالك: عقابك.


باب
ما قيل في الجواد من الشعر

وذكر في موقع آية الله التبريزي رحمه الله : مقال كريم عن وفاة الإمام الكاظم والجواد عليهم السلام ، وتأريخ بناء المرقد وتطوره ، والتجديدات مستمرة ، من مختلف وجوه المسلمين للروضة المقدسة ، ومنها ما حصل في عام 1387 هـ في تجديد كثير من الأبواب والتزيينات، وقد جاء على مصرع الباب الداخلي للروضة أبيات منها ما يلي:

أبيات على باب الجواد :

وجــــــهان للحق غير الله ما عبدا
وجه منير ووجـــــه يستطير هدى
هـما الجواد وموسى فاعتصم بهما
فــــــفيهما الفوز دنيا والنجاة غدا
هــــــما العماد لمن طاحت به عمد
هما الســـــــناد لظـهر يبتغي سندا
فلا غــــــرابة لـــو أن النظار وإن
كاد الربـــــــيع عـلى بابيهما سجدا
فــــــلا تسألني حديثاً عن مقامهما
هـــــما إمــــامان إن قاما وإن قعدا
فــــالزم لآل رســــــول الله تربتهم
واعطف على حبهم إن تفلت العقدا

وقد وصف المرقد الشريف : الرحالين مشيدين بجماله منهم عبد الوهاب عزام حيث قال: قصدنا الكاظمية وبلغنا المسجد المبارك ، فلما دخلنا بهرنا ما فيه من جمال وزينة ، وقد لاحت فوق المسجد على جانبيه قبة ومنارتان في حلة من الذهب الوهاج ، وليس يوجد وصف لهذه المشاهد الجميلة .

ألا يا قصد زوراء :

وقد قال الشيخ بهاء الدين العاملي أثناء زيارته للكاظمية في عام 1003 هـ:

ألا يــــــا قـــــاصداً زوراء عـــرج
على الغـــــربي مـــن تلك المقاني
ونـــــعليك اخـلعن واسجد خضوعاً
إذا لاحــــــــت لــــــديك الـــــقبتان
فـــــتحتهما لـــــــعمرك نار موسى
ونـــــور مـــــــحمد متــــــــقارنان

بالإمام الجواد منكم تمسكت :

وذكر في موقع يا حسين عليه السلام :

في رثائه عليه السلام للعلاّمة الاَديب الشيخ

محمد رضا المظفر المتوفّى سنة 1383 هـ

بالأمام الجـواد منكـم تـمسّكت
وحسبــي مـن قدسـه النفحـاتُ

حــدثٌ قُلّـد الاِمـامـة فــانقـا
ت لعليـاء حكمـه الحــادثـاتُ
ابن سبـع ويـا بروحـي قـد قـا
م إمـامـاً تُجلـى بـه الكربـاتُ
لا تخـل ويك وهـو في المهد طفل
هـذّبتـه بـدرِّهـا المـرضعـاتُ
هـو نـور مـن قبـل أن تتجلّـى
بسنـا الحـق هـذه الكــائنـاتُ
طاب فـي شهـر طـاعـة الله مو
لـوداً فنيطـت بحبـه الطاعـاتُ
واصطفـــاه الاِلـه للخلـق قـوا
مـاً فقـامت لفضلـه المعجـزاتُ
يـا أبـا جعفر ومـا أنت إلاّ البحـ
ـر جـوداً لـه الهـدى مـرسـاةُ
كيف تقضـي سماً غـريباً وبـاسم
الله تجـري ولاسمــك الحـادثاتُ
أنـت أدرى بمــا أتـت فيـه أم
الفضل لكن شاءت لك النازلاتُ

تجلى نورك الألق :

ومن موقع الميزان :

ولحضرتكم قصيدة كريمة في حق الإمام الجواد عليه السلام:

تَجلّـى نـورُك الألِـقُ اتِّقـاداً
فغطّـى كـلَّ نـورٍ واتِّـقـادِ
فأنـت لكـلِّ مَكرُمَـةٍ فَتاهـا
وأنت الصوتُ فيها والمُنـادي
سليلُ محمَّـدٍ، وجَنـى علـيٍّ
وصُنوُ طريفِ مجـدٍ والتِّـلادِ
فمـا (سُقـراطُ ) إلاّ مُستمِـدٌّ
لِحِكمتِـك المَنوطـة بالرَّشـادِ
و (رِسْطاليسُ) قد قَصُرت يداهُ
و ( إفلاطُونُ ) دُونَك في العِدادِ
وكلُّ فضيلةٍ رُسِمَـت تُنـادي
بفضلِك والشمائـلُ والأيـادي
أراد اللهُ رَفْـعَـك سَرْمَـدِيّـاً
فأنَّـى تَستطيـلُ يـدُ العـبـادِ
وأنَّى يَستعيـدُ الشِّعـرُ معنـىً
وأنـت بكـلِّ معنًـى مُستعـادِ
إذا الأحبابُ قد مُنِعُـوا مَقـالاً
فقد نَشَرَت فَضائلَـك الأعـادي
وإن حبَسَ اللسانُ القـولَ عَيّـاً
فمجدُك ناطقٌ في كـلِّ نـادي
وإن عصَفَت بِمَغْنـاك الرزايـا
فذِكـرُك سائـرٌ بيـنَ البـلادِ
تَؤُمُّ ضَريحَـك الأرِجَ المُنّـدَّى
وفُودُ اللهِ مِن حَضَـرٍ وبـادي
فيَعمُـرُ بالصـلاةِ وبالتناجـي
ويَزهَـرُ بالدعـاءِ وبالسُّـهـادِ
كأنَّ المِسـكَ ضَمَّـخَ جانبَيـهِ
بأشـذاءِ الروائـحِ والغَـوادي
يُباكِـرُه النَّـدى غَضّـاً ذكيّـاً
ويًسقي روضَه صَوبُ العِهـادِ
المصدر موقع الميزان .

لم يمهلوا القمير المنير :

ومن موقع شعراء أهل البيت عليهم السلام:

شطر الجواد مدامعي قد يمّمت (شهادة جواد الأئمة عليه وعليهم السلام)

ألا يــــــا قـــــاصداً زوراء عـــرج
على الغـــــربي مـــن تلك المقاني
ونـــــعليك اخـلعن واسجد خضوعاً
إذا لاحــــــــت لــــــديك الـــــقبتان
فـــــتحتهما لـــــــعمرك نار موسى
ونـــــور مـــــــحمد متــــــــقارنان

هو الجواد بالعلوم والحكم :

ومن موقع الموسوي :

شعر للمرحوم الشيخ محمد الدماوندي :

رثاء الإمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام

لم يُمهلوا القمرَ المنيرَ ليَكمُلا
حرموا الحياةَ جوادَها المتفضِّلا
لم يُمهلوا القمرَ المنيرَ ليَكمُلا
حرموا الحياةَ جوادَها المتفضِّلا
سلبوا الصباحَ بهاءَه وعطورَه
وطيورَه و جبينَه المتفائلا
ماذا يريدُ الشرُّ؟! إنّ ذراعَه
لمْ تُبقِ في حقلِ السلامِ سنابلا !
كان الجوادُ سحائباً دفّاقةً
فأرادها قفْرُ الغِوى أنْ ترحلا ؟!
هم غيّبوا نبعَ الفضائلِ في الثرى
لكنّه أضحى الشتاءَ الهاطلا
قبلاً سحائبُ جدِّه كادوا لها
كم ذا ترصّدها الضلالُ ليقتلا!
كان المهنّدُ لا يَقرُّ بغمدِه
من كُثرِ ما دفع الجيوشَ وقاتَلا !
والمجتبى جعلوه يلفظُ نازفاً
كبِداً غدا من سُمِّ جَعدةَ مِرجلا !
والقومُ إذْ كشفَ الحسينُ قناعَهم
هجموا و حزّوا جيدَه في كربلا !
وكذا الأئمةُ بَعْدَه، لم يسلموا
وسُقوا الزُعافَ، وقيل: لا حولَ ولا
نبكي الشبابَ، وقبلَه نبكي الهدى
نبكي عُلوماً أُهدِرتْ وفضائلا
نبكي العدالةَ والرسالةَ والندى
نبكي المهابةَ والوقارَ الأمثلا
لو كانت الأعمارُ تُعطى سيّدي
فلكان عمرُك من حفيدِك أطولا
يا سيّدي يا ابن الرضا، أجفانُنا
تبكي عليكَ أصابحاً وأصائلا
ونضلُّ نلعنُ تِلكُمُ الأفعى التي
غالتْ جَمالاً للهدى لا أجملا
لا زوجُ نوحٍ مثلَها في غابرٍ
كفرتْ ولكنْ ما أرادتْ مَقتلا
عجباً لأمتِنا التي قد أجرمتْ
في حقِّ مَن فيهم بلاغٌ أُنزلا
مَن حبُّهم فرْضٌ، وكفرٌ بُغضُهم
وبغيرِهم أعمالُنا لن تُقبلا
هم في كتابِ اللهِ رَكْبٌ سائرٌ
مع كلِّ فضلٍ في الكتابِ تنزّلا
يا أيها القومُ العجيبُ ضلالُهم
إبليسُ حارَ بحقدِكم وتأمّلا !
اللهُ شاءَ الأجرَ حُبّاً خالصاً
فجعلتموه البغضَ للآلِ الأُلى !
حقاً همُ الغيثُ العميمُ، ولا تجدْ
لهمُ لدى صخرِ الضلالةِ موئلا
لكنْ دنتْ يا عادُ ريحٌ صرصرٌ
لاشيءَ يبقى فيكِ لن يتزلزلا
ستبيدُكم يا آلَ شِمرٍ كلَّكم
وستدركين الثأرَ منهم كربلا
شطْرَ الجوادِ مدامعي قد يمّمتْ
لتطوفَ بالقبرِ الشريفِ وتثقُلا
فتكونَ لي عندَ الإلهِ شفيعتي
وبحفرتي سُحُباً عليَّ هوامِلا

سبحان من جاد على الذوات :

من كتاب : الأنوار القدسية للشيخ محمد حسين الأصفهاني الصفحة ١٠٢ ، قال رحمه الله : في الإمام محمد بن علي الجواد صلوات الله عليهما .

سبحان من جاد على الذوات
بمقتصي الأسماء والصفات
فقد تجلى باسمه الجواد
في مصدر الخيرات والأيادي
في عنصر النبوة الختمية
بصورة الولاية العلية
حقيقة الأمانة المعروضة
رقيقة الديانة المفروضة
صحيفة المكارم الجميلة
لطيفة المعارف الجليلة
سر النبي خاتم النبوة
في العلم والحكمة والمروة
ومهجة المخصوص بالأخوة
في الحكم والإباء والفتوة
سليل ياسين وسبط طاها
فقد تعالى شرفا وجاها
سلالة الخليل في وفائ
وصفوة الصفي في صفائه
ساحل جوده هو الجودي
به نجي ربنا نجي
بل هو للكليم تاج رأسه
في بطشه وفي شديد بأسه
بل هو روح الروح في ابن مريم
وهو من الكلام أم الكلم
وحشمة الله رهين نعمته
في ملكه وعلمه وحكمته
ولا ترى في الأنبياء مكرمة
إلا وفيه كل معنى الكلمة
ووجهه مصباح نور النور
طلعته منصة الظهور
ونور وجهه كنور الباري
يذهب بالألباب والأبصار
غرته بارقة الكمال
شارقة الجلال والجمال
وعينه في عالم التكوين
انسان عين الحق واليقين
وقلبه عرش مليك المعرفة
بل عرش من لا اسم له ولا صفة
وصدره خزانة الغيوب
في سره مسرة القلوب
لسانه شريعة الأحكام
لا بل لسان الوحي والإلهام
لسانه ينطق لا عن الهوى
فإنه من الشديد في القوى
يمثل النبي في منطقه
فإن هذا النور من مشرقه
كأنه أريد ذاك المنطق
هذا كتابنا عليكم ينطق
كلامه أم جوامع الكلم
ومنه سر الكل في الكل علم
كلامه هو الكتاب الناطق
آياته الغر هي الحقائق
حقيقة السبع المثاني ذاته
والكلمات كلها آياته
سر علي في علو المنزلة
فهو إذا نقطة باء البسملة
وجوده مصباح أنوار الهدى
وجوده مفتاح أبواب الندى
دليل أهل الأرض والسماء
بل سره معلم الأسماء
وليس عندي عاليات الأحرف
إلا رموز سر سره الخفي
هو الجواد لا إلى نهاية
وجوده غاية كل غاية
هو الجواد بالوجود الساري
وجوده مظهر جود الباري
هو الجواد المحض لا لغاية
فإنه المبدء والنهاية
وكل ما في الكون فيض جوده
والجواد كالذاتي في وجوده
ومن بديع جوده الابداع
فإنه في أمره مطاع
فالمبدعات من معالي هممه
والكائنات نبذة من كرمه
وجنة النعيم من نعمائه
وكيف والجواد من أسمائه
هو الجواد بالعلوم والحكم
بل كل ما في اللوح يسطر القلم
له يد المعروف بالمعارف
فإنها قرة عين العارف
بل يده البيضا تعالت عن صفة
إذ هي بيضاء سماء المعرفة
وهي يد الجواد بالإفاضة
أكرم بهذه اليد الفياضة
باب المراد والفرج
وباب أبواب المراد بابه
والحرز من كل البلا حجابه
كهف الورى وغوث كل ملتجئ
في الضيق والشدة باب الفرج
وكعبة البيت لكل ناسك
وقبلة الضراح للملائك
معتكف للتاليات ذكرا
مختلف المدبرات أمرا
وهو مدار الفلك الدوار
ومركز الثابت والسيار
والحجب السبعة ستر بابه
والحضرات الخمس في قبابه
والعرش كرسي بباب داره
ومستوي الرحمة في جواره
كيف وباب الجواد للجواد
واسم الجواد مبدء الايجاد
وكم لأرباب العقول المرسلة
باب من الخير وباب الجود له
كل المعالي في أئمة الورى
هو الجواد أو لا وآخرا
وكلهم أسماء حسنى الباري
والجواد مبدء الوجود الساري
وكلهم جواهر الكنز الخفي
واسم الجواد مبدء التعرف
وكل اسم مبدء العناية
واسم الجواد مبدء وغاية
من جاد ساد فله السيادة
في ملكوت الغيب والشهادة
والمكرمات كلها في الجود
أكرم به من خلق محمود
ممثل السلف الطاهر
عين الرضا لا بد منها فيه
فهو إذا سر الرضا أبيه
بل هو كالكاظم في مراتبه
فإن كظم الغيظ جود صاحبه
يمثل الصادق فيما وعدا
إذ صادق الوعد جواد أبدا
يمثل الباقر في المكارم
فإن نشر العلم جود العالم
يمثل السجاد في فضائله
فإن بذل الجهد جود باذله
وليس كالشهيد من جواد
بالنفس والأموال والأولاد
ومن كعمه الزكي المجتبى
فإنه الكريم من آل العبا
بل حلمه من جوده العظيم
فلا أحق منه بالتكريم
هو الجواد صفوة الأجواد
ونخبة الوجود والإيجاد
يمثل المبدء جودا جوده
والمثل الأعلى له وجوده
كل مبادئ الجود والإيجاد
لا تنتهي إلا إلى الجواد
كان ماء الحيوان جوده
حياة كل ممكن وجوده
وليس في الأيدي يد الأيادي
على الورى إلا يد الجواد
ولا يد المعروف إلا يده
فهو لكل مصدر مورد
هو الجواد لا جواد غيره
لا خير في الوجود إلا خيره
وجاد بالتكوين والتشريع
بمقتضى مقامه المنيع
حتى إذا لم تبق منه باقية
جاد بأنفس النفوس الراقية
جاد بنفسه سميما ظاميا
نال من الجود مقاما ساميا
والعروة الوثقى التي لا تنفصم
تقطعت ظلما بسم المعتصم
قضى شهيدا فهو في شبابه
دس إليه السم في شرابه
أفطر عن صيامه بالسم
فانفطرت منه سماء العلم
وانشقت السماء بالبكاء
على عماد الأرض والسماء
وانطمست نجومها حيث خبا
بدر المعالي شرفا ومنصبا
وانتثرت كواكب السهود
على نظام عالم الوجود
وكادت الأرض له تميد
بأهلها إذ فقد العميد
قضى بعيد الدار عن بلاده
وعن عياله وعن أولاده البكاء عليه
بكي على غربته الأملاك
تنوح في صريرها الأفلاك
تبكيه حزنا أعين النجوم
تلعن قاتليه بالرجوم
وناحت العقول والأرواح
بل ناحت الأظلال والأشباح
صبت عليه أدمع المعالي
هدت له أطوادها العوالي
بكت لربانيها العلوم
ناحت على حافظها الرسوم
قضى شهيدا وبكاه الجود
كأنه بنفسه يجود
يبكي على مصابه محرابه
كأنها أصابه مصابه
تبكي الليالي البيض بالضراعة
سودا إلى يوم قيام الساعة
تعسا وبؤسا لابنة المأمون
من غدرها لحقدها المكنون
فإنها سر أبيها الغادر
مشتقة من أسوء المصادر
قد نال منها من عظائم المحن
ما ليس ينسى ذكره مدى الزمن
فكم سعت إلى أبيها الخائن
به لما فيها من الضغائن
حتى إذا تم لها الشقاء
أتت بما اسود به الفضاء
سمته غيلة بأمر المعتصم
والحقد داء هي يعمي ويصم
ويل لها مما جنت يداها
وفي شقاها تبعت أباها
بل هي أشقى منه إذ ما عرفت
حق وليها ولا به وفت
ولا تحننت على شبابه
ولا تعطفت على اغترابه
تبت يداها ويدا أبيها
مصيبة جل العزاء فيها

أبا الهادي سلام الله :

الإمام محمّد الجواد عليه السلام

الدكتور محمّد حسين الصغير :

أبا الهـادي سـلامُ اللهِ يَسـري
على تاريخِـك النَّضِـرِ المُعـادِ
وعُمْرٌ بالصـلاحِ قَضـى شبابـاً
ذَخيرتُـه المَزيـدُ مِـنَ الجهـادِ
كأنَّ الخَمسـةَ العشريـن عامـاً
حيـاةُ مُعَمَّـرٍ صُلْـبِ القِـيـادِ
كشفتَ بها عن الأمَـدِ المُجلّـى
وطِلتَ بها الجِيادَ مِـن الطِّـرادِ
سديدُ الرأيِ.. لم تَهـدأ عَصُوفـاً
يُحيلُ رُؤى الطُّغـاةِ إلـى رمـادِ
ويَعتصِرُ النضالَ يَجـفُّ عُـوداً
لِيُوريَـه بــأيِّ شَـبـا زِنــادِ
ويدفعُ بالضميـرِ وقـد تَهـاوى
إلـى لُقيـا مِــراحٍ مُسـتـرادِ
إلى كَنَـفِ الرجولـةِ والمعالـي
وأروِقـةِ المُـروءةِ والنِّـجـادِ
فكـان النُّبـلُ مُندفعـاً سُـيـولاً
وكان الفضـلُ يزحـرُ بازديـادِ
وسارَ العِلمُ فـي ركـبٍ وَقُـورٍ
صَليبِ العُودِ، مُخضَـرِّ المِـدادِ
فَلِلتاريـخِ مـا أبـقـى جِـهـادٌ
وللأجيـالِ أصــداءُ الـجِـلادِ
لقد ضمُدَت جِـراحُ الديـنِ فيـهِ
وهل تُؤسَى الجروحُ بلا ضِمـادِ!
فأنـت العُـروةُ الوثقـى بحـقٍّ
وحِصنُ اللهِ في الكُـرَبِ الشِّـدادِ
وبابٌ للحوائجِ.. جِئِـتُ أسعـى
إليهِ، فطـابَ لـي نَيـلُ المُـرادِ
وسِرتُ على خُطاه بلا انحـرافِ
وصِرتُ على هُداه بـلا ارتـدادِ
على بابِ ( الجوادِ ) أنَختُ رَكبي
فكان الفتحُ فـي بـابِ الجـوادِ
ولا عَحَـبٌ فقـد قالـوا قديمـاً
( وَفَدتُ علَى الكريمِ بِغَيرِ زادِ )

ديوان أهل البيت عليهم السلام ص 246 ـ 250.

سموت وأنت سر في اعتقادي :

ومن موقع الموسوي :

ولحضرتكم قصيدة كريمة في حق الإمام محمّد الجواد عليه السلام

الدكتور محمّد حسين الصغير:

سَمَوتَ وأنتَ سِرٌّ في اعتقادي
بمنزلةِ الشَّغافِ مِـن الفُـؤادِ
ورمزٌ للأصابـةِ والتسامـي
وفيضٌ للإحاطـة والسَّـدادِ
وكنزٌ مِن كنوزِ العلمِ أضفـى
على الآفاقِ بـابَ الإجتهـادِ
وركبٌ مِـن فُتـوّةِ هاشِمـيٍّ
حَثيثُ الخَطْوِ، صُلبُ الإنقيادِ
ركيناً.. لم تُزلزِلْـهُ الرزايـا
وقد لاقى صُنوفَ الإضطهادِ
وتَعرِكُهَ الصُّروفُ فيحتويهـا
حديدَ الطَّرفِ، مُمتنِعَ الرُّقـادِ
يُدير الحقَّ في عزمٍ وحـزمٍ
ويُمضي الأمرَ في أيِّ اعتدادِ
لقد نَفَسَت بك الدنيـا فريـداً
فحُزتَ المجدَ فيهـا بانفـرادِ
تَعُجّ بـك المآثـرُ والمعالـي
وتَفتخرُ الحواضرُ والبـوادي
رأى التاريخ فيك عَميدَ قـومٍ
رفيعَ الشأنِ مُنتصِبَ العِمـادِ
فقَلَّدكَ الخُلودَ.. وكُنـتَ فـذّاً
بعيدَ الغَورِ، رَحبَ الإمتـدادِ



قسم الأبوذية
شرح أبوذية الجواد والتقي

صحيفة الإمام التاسع أبو جعفر الثاني محمد الجواد عليه السلام

أبوذية الجواد

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

سلام الله على إمامنا محمد الجواد

و سابق بعلومه لطاعة الله كالجواد

وأعمل بها و كن بها الكريم الجواد

والعالم العامل أفضل أهل العبودية

شرح الأبوذية :

سلام الله و صلاته على إمامنا التاسع محمد الجواد

معنى الجواد المحسن :

جواد :الْجَوَادُ مَعْنَاهُ الْمُحْسِنُ الْمُنْعِمُ الْكَثِيرُ الْإِنْعَامِ وَ الْإِحْسَانِ ، و الجَوَادُ من أسماء الله تعالى ، وفي الدُّعَاءُ : أَنْتَ‏ الْجَوَادُ الَّذِي لَا يَبْخَلُ ، وأفضل ما جاد به تعالى على البشرية هدايتهم بأئمة الحق ، وأجمل ما ظهر نور أسمه الجواد كاسم لقب لولي أمره وحجته على عباده سيدنا الإمام التاسع والمعصوم الحادي عشر أبو جعفر الثاني التقي الْجَوَادُ : مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين أخ الحسن بن علي بن أبي طالب زوج فاطمة بنت محمد بن عبد الله صلى الله عليهم وسلم .

وجَوّاد : اسم والجمع أجاوِدُ وأجواد وجُود وجُوَدَاء وجُودَة ، والجواد صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من جادَ ، و جَوَّادٌ كَثِيرُ العَطَاءِ والذي لا يبخل بعطائه .

وفي الدعاء : الَّذِي مَلَكَ الْمُلُوكَ بِقُدْرَتِهِ ، وَ اسْتَعْبَدَ الْأَرْبَابَ بِعِزِّهِ ، وَ سَادَ الْعُظَمَاءَ بِجُودِهِ‏ ، وَ عَلَا السَّادَةَ بِمَجْدِهِ ....

أحاديث لقب الجواد :

ونتوسم ظهور جوده تعالى : وخيره لنا ، بالتوسل بمن آتاهم الملك العظيم الكتاب والحكمة ولا نحسدهم ، وهم أئمة الحق وبالخصوص في دعاء التوسل ، وهو سريع الإجابة :

اللهم إني أسألك وأتوجه إليك .... يَا أَبَا جَعْفَرٍ يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ .

أَيُّهَا الْجَوَادُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، يَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ .

يَا سَيِّدَنَا وَ مَوْلَانَا : إِنَّا تَوَجَّهْنَا وَ اسْتَشْفَعْنَا وَ تَوَسَّلْنَا بِكَ إِلَى اللَّهِ ، وَ قَدَّمْنَاكَ بَيْنَ يَدَيْ حَاجَاتِنَا .

يَا وَجِيهاً : عِنْدَ اللَّهِ ، أشْفَعْ لَنَا عِنْدَ اللَّهِ .

بحار الأنوار ج‏99ص247.

وكذا سمي الإمام التاسع : بالجواد في كثير من الأحاديث والأدعية ومنها :

في حديث سلمان عن رسول الله صلى لله عليه وآله وعدد الأئمة :.. ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا لِأَمْرِ اللَّهِ.

ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ : الْجَوَادُ ، الْمُخْتَارُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ ...

مقتضب الأثر ص6.

وجاء في زيارته عليه السلام :

السَّلَامُ : عَلَى الْإِمَامِ ابْنِ الْإِمَامِ وَابْنِ سَيِّدِ الْأَنَامِ ، هَادِي الْعِبَادِ وَشَافِعِ يَوْمِ التَّنَادِ .

مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوَادِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا ابْنَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ ابْنَ خَيْرِ الْوَصِيِّينَ، وَ سَمِيَ‏ نَبِيِّ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَ الْإِمَامَ الْمُجْتَبَى ، وَ ابْنَ الْخَلِيفَةِ الرِّضَا .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَيْهِ فِي الْمَلَإِ الْأَعْلَى ، وَ بَلِّغْهُ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى ، وَ اجْزِهِ عَنَّا خَيْرَ جَزَاءِ الْمُحْسِنِينَ ، وَ شَفِّعْهُ فِينَا يَوْمَ الدِّينِ ، وَ أَبْلِغْهُ مِنَّا التَّحِيَّةَ وَ السَّلَامَ ، وَ ارْدُدْ عَلَيْنَا مِنْهُ التَّحِيَّةَ وَ السَّلَامَ ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ بَرَكَاتُهُ .

بحار الأنوار ج99ص226 .

كما وذكروا : محمّد بن عليّ الجواد ، كان من أعيان بني هاشم ، و هو معروف بالسخاء و السؤدد ، و لهذا سمّي‏ الجواد.

وعن الأربلي: أتى الجواد عليه السلام رجل فقال له : أعطني على قدر مرؤتك .

فقال عليه السلام : لا يسعني .

فقال : على قدري .

قال: أمّا ذا فنعم ، يا غلام أعطه مأتي دينار.

كشف الغمّة ج2ص368.

مختصر حياة الإمام الجواد :

لحضرتكميا طيبين : بعض المعارف عن الإمام محمد التقي الجواد عليه السلام :

الإمام الجواد عليه السلام : هو ولي الله وحجته في عباده : وسيد أهل الأرض في زمانه ، و بعد آبائه الطيبين الطاهرين والمصطفين الأخيار ، الذين يعتصم بهم العباد من الاختلاف والخطأ ، وعن الضلال في الدين ، لأنهم المنعم عليهم بهدى الله سبحانه ، ولأنه تعالى لم يترك العباد بدون ولي لأمره يهدي عباده لخالص عبوديته بدون قياس واستحسان ، وهو وآله الكرام يسيرون بالعباد بتعاليم الله لخالص الدين وبصراط مستقيم ، وبما يحب ويرضى سبحانه ، وجعلنا الله منهم ومعهم ، وخسر من خالفهم وعاداهم .

فهو عليه السلام : الإمام التاسع ، و المعصوم الحادي عشر بعد جده رسول الله ، و جدته فاطمة الزهراء ، وآبائه علي بن أبي طالب ، ثم الحسن بن علي المجتبى ، والحسين بن علي سيد الشهداء ، وعلي بن الحسين زين العابدين ، ومحمد بن علي الباقر ، وجعفر بن محمد الصادق ، وموسى بن جعفر الكاظم ، وعلي بن موسى الرضا صلى الله عليهم وسلم ، وجعلنا الله تعالى على هداهم نسير بصراط مستقيم لعبوديته ونعيمه .

أسمه وألقابه وكنيته : أسمه : محمد .

لقبه : التقي ، والأشهر : الجواد .

كنيته : أبو جعفر . ويقال له : أبو جعفر الثاني ، تميزا عن جده الباقر .

ولد عليه السلام : في المدينة المنورة .

في يوم : 10 رجب سنة 195 للهجرة ، في أشهر الأقوال .

عاش : في إمامة أبيه علي بن موسى الرضا عليه السلام 8 سنوات .

وعاش بعد أبيه : مدة إمامته عليه السلام 17 سنة.

وأستشهد : سنة 220 للهجرة .

فيكون مدة عمره الشريف : 25 سنة .

ومرقده المقدس : جنب جده موسى بن جعفر في مقابر قريش .

في مدينة الكاظمية : شمال محافظة بغداد عاصمة الجمهورية العراقية .

فسلام الله عليه : يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا .

يا طيب تعلم معارفه وسابق بها لطاعة الله كالجواد

الجواد نجيب الخيل السريع :

جواد : الجَوَاد: النَّجيب من الخيل والجمع جِيادٌ ، فَرَسٌ جَوَادٌ سَرِيعُ الجَرْيِ، وجَادَ الفَرَسُ صَارَ جَوَاداً ، أَيْ سَريِعَ الجَرْيِ و فَرَسٌ كريم .

وقالوا في المثل : لكلِّ جَوَادٍ كَبْوَة ، أي عَثْرة وزلل ، وجوادّ : جمع جادّة ، والجادّة : وَسَطُ الطريق ، وفي الخبر : إيّاكُمْ وَالتّعْرِيشَ عَلَى جَوادِّ الطَّريقِ ، وفي حديث سليم بن صرد: فسرت إِليه‏ جواداً ، أَي سريعاً كالفرس‏ الجواد و عدا عَدْواً جَواداً .

في حديث الصراط يوم القيامة : و منهم من يمر كأَجاويد الخيل .

وعن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أي الجهاد أفضل ؟

قال عليه السلام : من عقر جواده‏ ، و أهريق دمه في سبيل الله.

الكافي ج5ص54ح7 .

أحاديث المسارعة والسبق لـ :

ويا طيب : المسارعة والسرعة لعمل الخيرات من المستحبات الأكيدة المؤكدة في الإسلام ، والمسابقة والسباق لعمل الصالحات من المحبوبات المندوب لها في الشريعة ، والتعجيل والعجل بتعلم وتعليم الهدى من الواجبات الحسنة في تعاليم الله تعالى ، سواء استطعت أن تأتي بها بسرعة البرق أو الصوت أو الريح أو الجواد ، وحسب الطاقة والوسع ولا يستحب تأخيرها بل قد يحرم تفويتها ، وبالخصوص تعلم الهدى وتعليمه لأنه به يعبد الله تعالى ، ولذا يجب علينا المسابقة لمعرفة عظمة الله جل جلاله وعبوديته بهداه الحق الذي نتعلم من الإمام الجواد وآله الطيبين الطاهرين آباءه وأبناءه الكرام المعصومين صلى الله عليهم وسلم .

ويا طيب : لكي يتضح لنا معنى ضرورة السبق لطاعة الله والمسارعة لتعلم والعمل بهداه وبكل تعاليمه والخيرات والصالحات ، نذكر بعض الأحاديث والمعارف :

في الحديث القدسي قال الله تعالى :

سبوح قدوس : رب الملائكة و الروح .

سبقت‏ : رحمتي ، غضبي .

تفسير العياشي ج2ص280ح14 .

والله تعالى هو الأول والآخر : وهو الجواد الكريم الوهاب الرؤوف الرحمن الرحيم وسبقت رحمته غضبه فأوجدنا ، أدبنا وعلمنا بكتابه ، بضرورة المسابقة لكل خير وصلاح وإيمان وهدى ، ولمعرفة أمره وتجليه وتعليمه لنا بضرورة السبق والمسارعة لها ، ولترك من غضب عليهم ، نذكر بعض الأحاديث :

عن أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله الصادق قال: قلت له :

إن للإيمان : درجات و منازل يتفاضل المؤمنون فيها عند الله ؟

قال : نعم . قلت : صفه لي رحمك الله حتى أفهمه ؟

قال عليه السلام :

إن الله سبق : بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان‏ .

ثم فضلهم : على درجاتهم في السبق إليه .

فجعل : كل امرئ منهم على درجة سبقه ، لا ينقصه فيها من حقه ، و لا يتقدم مسبوق سابقا ، و لا مفضول فاضلا ، تفاضل بذلك أوائل هذه الأمة و أواخرها .

و لو لم يكن للسابق : إلى الإيمان فضل على المسبوق ، إذا للحق آخر هذه الأمة أولها ، نعم و لتقدموهم .....

قلت : أخبرني عما ندب الله عز و جل المؤمنين إليه من الاستباق إلى الإيمان ؟

فقال عليه السلام : قول الله عز و جل : { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) }آل عمران .

وَ قَالَ‏ : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) }الواقعة.

وَ قَالَ ‏: { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) } التوبة.

فَبَدَأَ بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ : عَلَى دَرَجَةِ سَبْقِهِمْ ، ثم ثنى بالأنصار ، ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان ، فوضع كل قوم على قدر درجاتهم و منازلهم عنده .

ثم ذكر : ما فضل الله عز و جل به أولياءه بعضهم على بعض، فقال عز و جل : { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ (253)} البقرة .

وَ قَالَ‏ : { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ (55)} الإسراء.

وَ قَالَ‏ : { انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (21) } الإسراء .

وَ قَالَ‏ : { هُمْ دَرَجاتٌ‏ عِنْدَ اللَّهِ‏ (163)}آل عمران .

وَ قَالَ‏ : { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ (4)}هود.

وَ قَالَ‏: { الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ‏ وَ أَنْفُسِهِمْ‏ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ‏ (20)} التوبة .

وَ قَالَ‏ : { فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً (10) } النساء .

وَ قَالَ‏: { لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا

وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)} الحديد.

وَ قَالَ: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ‏ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏ دَرَجاتٍ‏ (11) } المجادلة .

وَ قَالَ‏ : { ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ‏ وَ لا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَطَؤُنَ‏ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ‏ (120) } التوبة .

وَ قَالَ‏ : { وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ‏ (110) } البقرة .

وَ قَالَ : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} الزلزلة .

فَهَذَا ذِكْرُ دَرَجَاتِ الْإِيمَانِ : وَ مَنَازِلِهِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ .

الكافي ج2ص40ح1 .

سبق النبي وآله لكل خير :

ويا طيب : بعد أن عرفنا أهمية المسارعة للسبق في الإيمان وأعمال الهدى والعبودية ، والعلم ودرجاته والجهاد وفضله والإنفاق في سبيله وأهميته ، ننظر وفي سبق نبي الرحمة وخاتم المرسلين وآله الطيبين الطاهرين لكل خير :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله :‏ إن الله أخرجني و رجلا معي من طهر إلى طهر ، من صلب آدم حتى خرجنا من صلب أبينا.

فسبقته‏ : بفضل هذه على هذه ، و ضم بين السبابة و الوسطى ، و هو النبوة .

فقيل له : و من هو يا رسول الله ؟

فقال : علي بن أبي طالب‏ .

مسائل علي بن جعفر ص319ح799 .

و ذكر سليم بن قيس‏ : أنه جلس إلى سلمان و أبي ذر و المقداد في إمارة عمر بن الخطاب، فجاء رجل من أهل الكوفة فجلس إليهم مسترشدا .

فقالوا له :

عليك : بكتاب الله فالزمه ، و علي بن أبي طالب ، فإنه مع الكتاب لا يفارقه.

و إنا نشهد : أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه و آله ، يقول:

إن عليا : مع القرآن و الحق، حيثما دار دار.

إنه أول‏ : من‏ آمن‏ بالله .

و أول : من يصافحني يوم القيامة من أمتي .

و هو : الصديق الأكبر و الفاروق بين الحق و الباطل، و هو وصيي و وزيري و خليفتي‏ في أمتي ، و يقاتل على سنتي .

وجاء في الحديث عنه :

السلام عليك يا أول .

قال: صدقت ، هو أول‏ من‏ آمن‏ بي.

كتاب سليم بن قيس الهلالي ج2ص881ح52 ، ص934ح72.

وقال بن عباس رحمه الله :

أوّل : من آمن برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عليّ .

و من النساء : خديجة .. .

فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ص21ح12 .

ويا طيب : عرفت الندب والحسن للسباق والمسارعة في طلب الإيمان والتحقق به وعلم الهدى وفضله ، والخير والصلاح وعلمه وعمله ، سواء بين النبيين أو المسلمين السابقين والأئمة المعصومين ، وبصورة عامة ، نذكر حديث في ضرورة المسابقة لنا :

وقال الإمام موسى بن جعفر : لا تستكثروا كثير الخير ، وتستقلوا قليل الذنوب.

فإن قليل : الذنوب يجتمع حتى يصير كثيرا ، و خافوا الله في السر حتى تعطوا من أنفسكم النصف .

و سارعوا : إلى طاعة الله ، و اصدقوا الحديث ، و أدوا الأمانة ، فإنما ذلك لكم ، و لا تدخلوا فيما لا يحل لكم فإنما ذلك عليكم.

الكافي ج2ص457ح17 .

وتدبر ما يأتي : في فضل العلم والسابق فيه وفضل معلمه على مطلق العباد :

وعلم معارف هداه للطيبين و كن بها الكريم الجواد

فإن العالم العامل أفضل من ألف من أهل العبودية

معنى الجواد الكريم :

جواد : عرفنا أن الْجَوَادُ : هو الْمُحْسِنُ الْمُنْعِمُ الْكَثِيرُ الْإِنْعَامِ وَ الْإِحْسَانِ ، المعطي والمنفق للخير والصلاح من غير سؤال ، وجاد الرجل بماله‏ يجُود جُوداً، بالضم ، فهو جواد. و قوم‏ جُود .

إذا جادَت : الدُّنيا عليك ، فجُدْ بها ، جادَ عليه : تكرّم عليه .

يجود علينا الخيِّرون بمالهم

ونحن بمال الخيِّرين نجُودُ

تجَوَّدْتُها لك : أَي تخيرت‏ الأَجود .

وقيل : الفرق بين الجواد وبين الكريم ، أن :

الكريم : الذي يعطي مع السؤال .

و الجواد : الذي يعطي من غير السؤال وقيل بالعكس .

والجود : السخاء والبذل والعطاء من غير منه وتكرما .

وقيل : الفرق أن :

الجود : بذل المقتنيات ، وكرم الإنسان : أخلاقه وأفعاله المحمودة.

يا طيب : عرفنا أن الجواد اسم لله تعالى و وتجلى بالإمام الجواد وآله ، ثم من تبعهم وبالخصوص بمن جاد بما أكتسبه منهم ، وأن الجود وهو الإنفاق بما فضل الله العباد وبما وسعهم وأغناهم ، سواء بالمال أو البدن أو الجاه أو العلم ، وكلمة الإنفاق هو معنى أن يجود ويتكرم العبد بما فضله الله تعالى ولم يخصص بالمال ، وذكر سبحانه هذا المعنى في كثير من الآيات منها:

أنواع الجود وحقيقته وفضله وثوابه :

آيات في الجود المالي والعلمي :

يا طيب : إن الله تعالى ذكر الجود والكرم في كتابه كأمر مستحب بل قد يكون واجب ، وسماه الإنفاق في سبيل الله ومما رزقكم الله ووهبكم وأعطاكم ، وذكر له فضل عظيم وثواب جزيل ، وجعله من الإحسان والله يحب المحسنين ، وهو أحد أهم صفات الإيمان وتصديق حقيقته وبيانها ، والإنفاق سواء بالمال وهو ما به قوام الإنسان في بدنه ومعيشته ، وأفضل الإنفاق إنفاق العلم وتعليمه وهو ما فيه سعادته ونعيمه بما يقرب لمعرفة عظمة الله وهداه وتعاليمه التي بها كل خير وبركة ، كما وقد عرفت في حديث عن الإمام الجواد عليه السلام : أن المعروف حصن الإسلام ، وعرفت أفضل معروف وبذله والمسابقة به هو تعليم الهدى ، وهو عن آل محمد عليهم السلام ، وأما المعروف بصورة عامة وهو الإنفاق بكمال روحي أو معنوي أو بدني أو جاه أو مال أو مساعدة معينه ولو بكلمة ، فهو محبب ومستحب في الإسلام وبعضه واجب علينا أو مستحب بكل صورة ، ولمعرفة هذا المعنى نتدبر الآيات والأحاديث الآتية :

قال عز وجل : { وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) } البقرة ،

و قوله تعالى : { أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ (47) } يس.

و قوله تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا

وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) } الحجرات ، و قوله تعالى: { هَا أَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)} محمد .

ويا طيب : مطلق الجود في كل خير وصلاح وهدى حسن مستحب ، كما عرفت ، ونذكر آيات تعرفنا أن من الجود هو إنفاق العلم والشفاعة به وتوصيله وتعلميه في سبيل الله لمن يطلبه ، أو نشره لهداية عباد الله والدعوة لدين الله، وتدبر الآيات الآتية في الدعوة للإنفاق وارتباطها ، وكونها بعدها آية الكرسي الداعية للتوحيد ولتعريف الشفعاء ومن أذن الله لهم بعلمه ، وأنزله عليهم كل أمر من الهدى وما فيه الصلاح في الليلة المباركة القدر ، ويجب الأخذ به والعلم منهم ونشره وتعلميه والعمل مخلصين لله تعالى به، فقال عز وجل :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم

مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ

وَلاَ شَفَاعَةٌ

وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)

اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ

مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ

عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ

يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ

وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء

وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) } البقرة .

وقد شاء الله تعالى : أن ينزل علمه ويأذن به لولي الأمر من المعصومين من نبي الرحمة وآله كلا في زمانه ، وجاد به عليهم بما جعله خير من ألف شهر وليلة مباركة فيها السلام والأمن من الله تعالى ، ومن أخذه منهم سلم وآمن وهدي ، تدبر باقي آية الكرسي وسورة إنا أنزلناه في ليلة القدر، أو راجعها في آخر الجزء الأول من كتاب صحيفة سادة الوجود من موسوعة صحف الطيبين وشرح آية الكرسي في الجزء الثاني، هذا.

والشفاعة : في الدنيا والآخرة واحدة ، وهي وساطة الشافع والذي يشفع ويتوسط عند الله تعالى والمشفوع له من عباده ، فيكون ذو الشأن المسموع الكلمة عند الله حين ينقل شيء من عنده لعباده ، أو يشفع لهم بإسقاط عقاب عنهم ، والشفاعة إما في إسقاط عقاب ، أو في تحصيل منفعة مادية أو معنوية أو علمية أو عملية ، فشفاعة الآخرة لمن أرتضى الله تعالى دينه ، ولا يرتضى الدين إلا أن يكون وفق ما جاء به الشفعاء من الله وهم نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم ، لأنه علمهم بتعليم الله تعالى وإلهامه لهم وجعلهم راسخون به ، ومن دون فكر وقياس واستحسان من انفسهم كما في علوم من خالفهم وأبتعد عنهم ، وتؤكد هذا المعنى آية الكرسي وبيانها في سورة القدر وما حكته سورة الدخان من نزول علم الله وكتابه ومعارفه في ليلة مباركة لنبي الرحمة في زمانه ومن بعده لخلفائه وأوصياءه بالحق من آله الطيبين الطاهرين ، وهم يوصلون معارفه الحق منه تعالى للعباد ، ومن عمل بها مخلصا نجى ، وإن أذنب ولم يتب يشفعون له في الآخرة فيرضى الله شفاعتهم ليبين رضاه عنهم وشأنهم الكريم عنده وفضل من تبعهم وإن أخطأ.

والجود بالعلم والنفس : أفضل من الجود بالمال والجاه ، وبالخصوص في نشر الهدى ودين الله ، ومن يجمعهما الإنفاق في المال والعلم فهو الأفضل ، وإنفاق علي بن أبي طالب وآله صلى الله عليهم وسلم في كلها مشهود فهو باب علم الله وقائد جيش رسول الله وأميرهم ولم يجعل عليه أمير ، وآيات ينفقون في الليل والنهار وسورة الدهر يطعمون ، وكل علوم الهدى فهو منهم وهو وآله باب علم مدينة رسول الله ، وفي كل شيء هم السابقون الأولون في كل خير .

وهكذا : كانوا أهل البيت عليهم السلام ، يقودون الأمة لكل صلاح وخير وهدى ،ويعلموهم كيفية الإنفاق في سبيل الله في كل مجال من شؤون الحياة وصلاح النفس ، وكل ما يقرب العبد مع الله تعالى وبينهم، ومن ينشر علم الله وينفق مما فضله الله ، يكون هو الأفضل وهم السابقون الأولون ، ويكفيك التدبر بجود الإمام الحسين عليه السلام وتضحيته بالنفس والأهل والأولاد والأخوة و الأصحاب في سبيل الله فضلا عن العلم والمال ، يجود بالنفس إن ضن البخيل بها و الجود بالنفس أقصى غاية الجود، وهكذا تعاليم آله وإنفاقهم بما مكنهم الله من كل شيء .

كلمات غراء للإمام علي في الجود :

ويا طيب : كلام الإمام علي عليه السلام في الجود يظهر حقيقة النفس وما هي عليه من الطيب والصلاح وترسخ معارف الإحسان والجود والكرم في حقيقته وكل خصال الخير مثلها ، وهذه مواعظ وحكم وكلمات غراء عن أمير المؤمنين في الجود قال عليه السلام :

الجود : عز موجود . الجود رئاسة . و الجود من كرم الطبيعة ، الجود حارس الأعراض ، الجود في الله عبادة المقربين .

الجواد محبوب محمود و إن لم يصل من جوده‏ شيء إلى مادحه و البخيل ضد ذلك .

إتباع : الإحسان بالإحسان من كمال الجود .

أفضل الجود : إيصال الحقوق إلى أهلها ، أفضل الجود ما كان عن عسرة ، أحسن المكارم الجود .

أحسن المكارم جود المفتقر و عفو المقتدر . أفضل الجود العطية قبل ذل السؤال .

أحسن الجود : عفو بعد قدرة . أفضل الجود بذل الموجود .

إني لأرفع نفسي : أن تكون لها حاجة لا يسعها جودي‏ ، أو جهل لا يسعه حلمي ، أو ذنب لا يسعه عفوي، أو أن يكون زمان أطول من زماني .

بالجود : تكون السيادة .

بالجود : تسود الرجال ، بالجود : يبتنى المجد و يجتلب الحمد.

ثلاث هن المروة : جود مع قلة ، و احتمال من غير مذلة ، و تعفف عن المسألة.

ثلاث من جماع المودة : عطاء من غير مسألة ، و وفاء من غير عهد ، و جود مع إقلال .

جود الفقير : يجله ، و بخل الغني يذله .

جود الرجل يحببه إلى أضداده و بخله يبغضه إلى أولاده .

سنة الكرام الجود .

لا فخر في المال إلا مع الجود . الجود رياسة الملك سياسة .

وقال : الإيمان على أربعة دعائم : الصبر و اليقين والعدل و الجود .

عيون الحكم و المواعظ لليثي ، وغرر الحكم للآمدي ، وتصنيف غرر الحكم .

الجود من دعائم الإيمان :

ويا طيب : يكفي في فضل الجود إنه من أركان الإيمان ودعائمه ، وبالخصوص كما عرفت الجود علمي والمالي ، وهو إعانة المستضعف وكشف كرب المكروب ومساعدة الفقير ، سواء بحل مشاكله العلمية أو المادية :

وقال الإمام الصادق عليه السلام: خمس من لم يكن فيه لم يكن فيه كثير مستمتع.

قلت : و ما هي جعلت فداك ؟

قال : العقل ، و الدين ، و الأدب ، و الجود ، و حسن الخلق .

المحاسن ج1ص191ب1ح1 .

وسأل رجل الإمام الكاظم عليه السلام فقال له : أخبرني عن الجواد ؟

فقال عليه السلام له : إن لكلامك وجهين :

فإن كنت : تسأل عن المخلوق ، فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله عز و جل عليه ، و البخيل من بخل بما افترض الله عليه.

و إن كنت : تعني الخالق ، فهو الجواد إن أعطى ، و هو الجواد إن منع ، لأنه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له ، و إن منع منع ما ليس له.

التوحيد للصدوق ص373ب60ح16 .

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

‏ إن الله جواد : يحب الجود ، و معالي الأمور ، و يكره سفسافها .

الجعفريات ص196 .

وأن النبي وآله أصل الجود : وأس الكرم بفضل الله عليهم ، وكما عرفت شفاعتهم لنا بالعلم وتعليمه ، ويجب تقبله منهم ليكمل الإيمان ، وإلا من لم يقبل جودهم لنا بتعاليم الله التي علمها لهم وبينها لهم رسول الله وبينوها لنا ، فخالفهم بأتباع مخالفيهم فلا إيمان له ، ولنتحقق هذا المعنى لنتحلى به ونسارع فيه ونسابق إليه ، وخصوصا في بذل العلم وبكل خير وصلاح وعبودية لله في مثل الصلاة في أول وقتها ، وغيرها من أنواع البر والإحسان ، نذكر الأحاديث الآتية :

عن أمير المؤمنين عليه السلام : إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة ، و اصطفاه بالرسالة ، فإياك و الناس و إياك .

و عندنا أهل البيت : مفاتيح العلم‏ ، و أبواب الحكمة ، و ضياء الأمر ، و فصل الخطاب .

و من يحبنا أهل البيت : ينفعه إيمانه ، و يتقبل منه عمله‏ .

و من لا يحبنا أهل البيت : لا ينفعه إيمانه ، و لا يتقبل منه عمله ، و إن أدأب الليل و النهار لم يزل.

المحاسن ج‏1ص199ب2ح31 .

فضل الجود المادي والعلم وتعليمه :

وإذا عرفنا فضل الجود : وحسنه للجواد بنفسه وبه صلاح العبد والمجتمع ومع الله تعالى ، نذكر فضل الإنفاق مطلقا وبالخصوص العلم :

و قال الإمام الصادق عليه السلام :‏ إن الله خلق عبيدا من خلقه لحوائج الناس ، يرغبون في المعروف .

و يعدون الجود : مجدا ، و الله يحب مكارم الأخلاق.

تحف العقول ص52 .

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

كل معروف صدقة : و أفضل الصدقة صدقة عن ظهر غنى ، و ابدأ بمن تعول ، و اليد العليا خير من السفلى ، و لا يلوم الله على الكفاف ، أ تظنون أن الله بخيل و ترون أن شيئا أجود من الله .

إن الجواد السيد : من وضع حق الله موضعه ، و ليس الجواد من يأخذ المال من غير حله و يضع في غير حقه ، أما و الله إني لأرجو أن ألقى الله ، و لم أتناول ما لا يحل بي ، و ما ورد علي حق الله إلا أمضيته ، و ما بت ليلة قط و لله في مالي حق لم أؤده.

تحف العقول ص380 .

وأما الجود بالعلم : وفضله وأهميته وحسنه ، فلكم يا طيبين الأحاديث الآتية :

عن الإمام الباقر عليه السلام قال : من علم‏ باب هدى ، كان له أجر من عمل‏ به و لا ينقص أولئك من أجورهم ، و من علم‏ باب ضلال كان عليه مثل وزر من عمل‏ به و لا ينقص أولئك من أوزارهم‏ .

المحاسن ج1ص27ب7ح9 .

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله :

فضل العالم : على العابد ، كفضل القمر ، على سائر النجوم ليلة البدر.

وقال صلى الله عليه وآله : فضل العالم ، أحب إلي ، من فضل العبادة.

وقال الإمام الباقر عليه السلام :

عالم : ينتفع بعلمه ، أفضل من عبادة سبعين ألف عابد.

وقال عليه السلام :

متفقه في الدين : أشد على الشيطان ، من عبادة ألف عابد.

وقال الإمام الصادق عليه السلام :

يأتي صاحب العلم : قدام العابد بربوة مسيرة خمس مائة عام.

وعن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام :

رجل راوية لحديثكم : يبث ذلك إلى الناس و يسدده‏ في قلوب شيعتكم ، و لعل عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية ، أيهما أفضل ؟

قال عليه السلام : الراوية لحديثنا يبث في الناس و يسدده‏ في قلوب شيعتنا ، أفضل من ألف عابد.

وقال عليه السلام : إذا كان يوم القيامة بعث الله عز و جل العالم و العابد ، فإذا وقفا بين يدي الله .

قال‏ عز وجل : للعابد انطلق إلى الجنة .

و قيل للعالم : فاشفع‏ للناس بحسن تأديبك لهم . وقال :

إن فضل العالم : على العابد ، كفضل الشمس على الكواكب ، و فضل العابد على غير العابد ، كفضل القمر على الكواكب .

وقال عليه السلام : عالم أفضل ، من ألف عابد و ألف زاهد .

و قال عليه السلام : عالم ينتفع بعلمه أفضل ، من عبادة سبعين ألف عابد.

وقال عليه السلام : الراوية للحديث المتفقه في الدين أفضل من ألف عابد لا فقه له و لا رواية.

وقال عليه السلام : يغدو الناس على ثلاثة صنوف ، عالم و متعلم و غثاء ، فنحن العلماء ، و شيعتنا المتعلمون ، و سائر الناس غثاء.

وأسأل الله تعالى : أن يجعلنا الله من المتعلمين لعلومهم ومعلميها ، ووفقنا لفهمها والعمل بها .

بصائر الدرجات ج1ص6ب4 .

جود العلم ينجي من الهلكة :

عن تفسير الإمام عليه السلام : قال علي بن الحسين عليه السلام : في قوله تعالى ‏:

{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ

يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (ا179) }لبقرة .

هذا قصاص : قتلكم لمن تقتلونه في الدنيا و تفنون روحه ، أ و لا أنبئكم بأعظم من هذا القتل ، و ما يوجب الله على قاتله ، ما هو أعظم من هذا القصاص ؟

قالوا : بلى يا ابن رسول الله .

قال عليه السلام :

أعظم : من هذا القتل ، أن تقتله قتلا ، لا ينجبر و لا يحيا بعده أبدا .

قالوا : ما هو ؟

قال : أن يضله عن نبوة محمد صلى الله عليه وآله ، و عن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام .

و يسلك به : غير سبيل الله ، و يغويه باتباع طريق أعداء علي عليهم السلام ، و القول بإمامتهم ، و دفع علي عليه السلام عن حقه ، و جحد فضله .

فهذا : هو القتل ، الذي هو تخليد هذا المقتول في نار جهنم ، فجزاء هذا القتل مثل ذلك الخلود في نار جهنم .

بحار الأنوار ج2ص23ح69 .

وقال النبي صلى الله عليه وآله : إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث ، علم ينتفع به ، أو صدقة تجري له ، أو ولد صالح يدعو له.

وقال صلى الله عليه وآله : ساعة من عالم يتكئ على فراشه ينظر في عمله ، خير من عبادة العابد سبعين عاما .

بحار الأنوار ج2ص23ح69 .

يا طيب : ببركة الإمام الجواد محمد بن علي بن الرضا بن موسى بن جعفر عليهم السلام ، عرفنا فضل الجود بالخير والصلاح وبالخصوص العلم وبخصوص من جاد بهم الله علينا من أولياء أمره وأهل الصراط المستقيم والمنعم عليهم بهداه ولهم ولمن تبعهم كل نعيم .

وأسأل الله تعالى : أن يجعلنا نجود بتعاليمه وبكل خير ويوفقنا وإياكم لكل ما يرضا به تعالى ، ويجعلنا من السابقين لطاعة والإنفاق في سبيله بكل ما مكننا منه ، ويقبله منا مخلصين له الدين والعبودية ، والطاعة لمن اصطفاهم وأختارهم قادة وسادة وأئمة وولاة أمر ، إنه تعالى ولي التوفيق وهو على كل شيء قدير.

أدعية الطلب من الله الجواد :

ويا طيب : وأنا أبحث عن معاني الجود ببركة الإمام الجواد عليه السلام ، وجدت ما يحسن أن يختم به من الأدعية في اسم الله الجواد عز وجل ، وحببت أن نتبرك بها وندعو الله بها ، واسأله بجوده أن يستجيب لنا ويقبلها منا :

وهي من مناجاة أمير المؤمنين وتوسله بجود الله وباقي أسماءه الحسنى قوله :

إلهي : القتني الحسنات بين جودك‏ و كرمك ، و القتني السيئات بين عفوك و مغفرتك ، و قد رجوت أن لا يضيع بين ذين و ذين مسيء و محسن .

إلهي : فأفض بسجل من سجالك ، على عبد قد أيبس ريقه متلف الظمأ ، و أمت بجودك‏ عنه كلالة الونى .

إلهي : إن كنا مجرمين فإنا نبكي على إضاعتنا من حرمتك ما نستوجبه ؛ و إن كنا محرومين فإنا نبكى إذا فاتنا من جودك‏ ما نطلبه .

إلهي : جودك‏ بسط أملى ، و شكرك قبل عملي ؛ فصل على محمد و آل محمد ، و سرني بلقائك عند اقترب أجلي .

إلهي: نفسي تمنيني بأنك تغفر لي ؛ فأكرم بها أمنية بشرت بعفوك ؛ و صدق بكرمك مبشرات تمنيها ؛ وهب لها بجودك‏ مدمرات تجنيها .

إلهي : إذا شهد إيماني بتوحيدك ، و انطلق لساني بتمجيدك ، و دلني القرآن على فواضل جودك‏ ، فكيف لا يبتهج رجائي بحسن موعودك .

إلهي : قد رجوت ممن تولاني في حياتي بإحسانه ، أن يتغمدني عند وفاتي بغفرانه ؛ و لقد رجوت ممن ألبسني بين الأحياء ثوب عافيته ، أن لا يعريني منه بين الأموات بجود رأفته .

الحمد لله : الناشر في الخلق فضله ، و الباسط فيهم بالجود يده ، نحمده في جميع أموره ونستعينه على رعاية حقوقه ، و نشهد أن لا إله غيره و أن محمدا عبده و رسوله .

أبوذية الجواد مختصرة :

سلام الله على إمامنا محمد الجواد

و سابق بعلومه لطاعة الله كالجواد

وأعمل بها و كن بها الكريم الجواد

والعالم العامل أفضل أهل العبودية

نفس الأبوذية أكثر تفصيلا :

سلام الله و صلاته على إمامنا التاسع محمد الجواد

يا طيب تعلم معارفه وسابق بها لطاعة الله كالجواد

وعلم معارف هداه للطيبين و كن بها الكريم الجواد

فإن العالم العامل أفضل من ألف من أهل العبودية



شرح
أبوذية التقي

صحيفة الإمام التاسع أبو جعفر الثاني محمد الجواد عليه السلام

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

سلام الله وصلاته على محمد التقي

معارفه وآله من الضلال هي التقي

و طع الله بها و بهم في الجنة التقي

وبشرط إن تفارق خرابيط الوهابيه

شرح الأبوذية :

سلام الله و صلاته على المعصوم الحادي عشر محمد التقي

معنى لقب التقي :

التقي: التَّقِيُّ ، تَقيّ اسم والجمع تقيّون وأتقياءُ ، التَّقِيُّ : مَن يَتَّقِي الله تعالى ، وشَديدَ التَّنَسُّكِ وَالعِبَادَةِ وَاحْتِرَامِ الشَّرِيعَةِ ، والتَّقِيُ‏ المُتَّقي‏ والتَّقْوى‏ والتُّقى‏ واحد. و َتقِيٌ‏ من قوم‏ أَتْقِياء و‏ اتَّقاه‏ ‏يَتَّقيه‏ و تَقاه‏ يَتْقِيه ‏، و تقول في الأَمر: تَقْ‏، و للمرأَة: تَقي‏ .

وَ التَّقِيُ‏ : اسم لقب الإمام التاسع والمعصوم الحادي عشر : أبو جعفر الثاني

مُحَمَّدِ الْجَوَادِ بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي السجاد بن الحسين سيد الشهداء أخ الحسن المجتبى بن علي المرتضى زوج فاطمة الزهراء بنت محمد بن عبد الله المصطفى صلى الله عليهم وسلم .

وسمي التَّقِيُّ : لأنه‏ اتقى‏ الله‏ ، فوقاه‏ شر المأمون لما دخل عليه بالليل و هو سكران ، فضربه بسيفه حتى ظن أنه قتله‏ ، فوقاه‏ الله شره ‏.

أحاديث لقبه بالتقي :

وكما جاء بكثير من الأحاديث لقبه عليه السلام بالتقي بالإضافة للقب الجواد:

عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت على مولاي علي بن الحسين عليه السلام‏ و في يده صحيفة كان ينظر إليها و يبكي بكاء شديدا.

فقلت : ما هذه الصحيفة ؟

قال عليه السلام : هذه نسخة اللوح الذي أهداه اللّه تعالى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيه اسم اللّه تعالى و رسول اللّه و أمير المؤمنين علي، و عمي الحسن بن علي، و أبي و اسمي و اسم ابني محمد الباقر، و ابنه جعفر الصادق، و ابنه موسى الكاظم، و ابنه علي الرضا.

و ابنه : محمد التقي‏، و ابنه علي النقي، و ابنه حسن العسكري، و ابنه الحجة القائم بأمر اللّه المنتقم من أعداء اللّه الذي يغيب غيبة طويلة ثم يظهر فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما .

إثبات الهداة ج2ص234ح811 .

يا طيب : في شرح هذا الشطر من الأبوذية لابد أن يتم البحث حول اسم الإمام بلقب التقي عليه السلام ، وبعد تعريفه المختصر نبحث عن حياة وسيرة وسلوك ومعارف الإمام محمد التقي عليه السلام ، ولما جمعنا أبوذية الجواد والتقي في صحيفة واحدة ، فلم نعيد ذكر حياة الإمام وتفاصيلها في شرح هذه الأبوذية ، ولمعرفة تفاصيل حياته عليه السلام ارجع أبوذية الجواد عليه السلام ، وقبلها ذكرنا صحيفة الإمام الجواد عليه السلام ، وفيها تفاصيل ومعار كثيرة عن أسمه ونسبه ولقبه وإمامته وأغلب ما ذكر عنه ، فإن أحببت ، فراجع صحيفته المباركة في موسوعة صحف الطيبين أو شرح أبوذية الجواد عليه السلام .

ويا طيب : لكي لا يبقى هذا الشطر بدون بيان ، نذكر قسم من معنى التقوى لمناسبة لأسم التقي ، والباقي في شرح الشطر الثاني مع بعض البيان عن الوقاية والصيانة والحفظ في التقوى فتدبر مشكورا ما هنا وما في شرح الشطر التالي .

الإمام التقي يعلمنا ما نتقي :

يا طيب : التقوى قوة نفسانية يمتنع بها الإنسان عن الحرام سواء ترك واجب أو ارتكاب محرم ، ويتقوى بها على طاعة الله تعالى ، لأنه من قوى على ترك الحرام خلص من الذنوب والآثام ، وصفت نفسه واستعدت روحه للتحلي بالطاعات والواجبات ونزول البركات عليه من الله تعالى ، فلذا ذكروا أولا التخلية ثم التحلية ثم التجلية ، أولا يخلي المكان من المعاصي والذنوب والآثام بالتوبة والاستغفار وأهمها الكبائر والتي سنعرفها في هذا الحديث الآتي ، والتي يجب أن نتقيها ونراقب أنفسها جدا بأن لا نقع فيها ، ثم نتحلى بالطاعات وما يقرب لله تعالى ، ثم التجلي بما كرم الله العبد المطيع من فضله عليه ، فيظهر بالسكينة والوقار والشاكر لله لنعمه التي لا تحصى عليه ، حامدا له بما وفقه من الطاعة ودعوته للعباد بسيرته وسلوكه ، ويكون داعيا لله تعالى بسيرته وسلوكه وكل تصرف له .

ويا طيب : بعد أن عرفنا بعض شأن الإمام الجواد عليه السلام ، نذكر بعض ما عرفنا مما يناسب التقوى ، وما يخالفها بروايته عن آباءه ، ونذكر بعض الآيات والأحاديث في أهميتها :

قال الشيخ الصدوق رحمه الله : في من لا يحضره الفقيه :

عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال :

حدثني أبو جعفر الثاني عليه السلام قال : سمعت أبي يقول : سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : دخل عمرو بن عبيد على أبي عبد الله عليه السلام : فلما سلم وجلس تلا هذه الآية :

{ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ (37) } الشورى، ثُمَّ أَمْسَكَ.

فقال له أبو عبد الله عليه السلام : ما أسكتك ؟

قال : أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله عز و جل .

فقال : نعم يا عمرو ، أكبر الكبائر :

الإشراك بالله : يقول الله : { مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) } المائدة .

و بعده اليأس من روح الله : لأن الله عز و جل يقول : { لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)} يوسف.

ثم الأمن من مكر الله : لأن الله عز و جل يقول : { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) } الأعراف.

و منها عقوق الوالدين : لأن الله سبحانه جعل العاق جبارا شقيا .

{ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) } مريم .

و قتل النفس : التي حرم الله إلا بالحق ، لأن الله عز و جل يقول:

{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) } النساء إِلَى آخِرِ الْآيَةِ .

و قذف المحصنة : لأن الله عز و جل يقول : { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)}النور.

و أكل مال اليتيم : لأن الله عز و جل يقول: { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)} النساء .

و الفرار من الزحف : لأن الله عز و جل يقول : { وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) } الأنفال.

و أكل الربا : لأن الله عز و جل يقول : { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ (275) } البقرة .

و السحر : لأن الله عز و جل يقول: { وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ

يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ (102)ـ } البقرة.

و الزنا : لأن الله عز و جل يقول : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70)} الفرقان .

و اليمين الغموس الفاجرة : لأن الله عز و جل يقول : { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)} آل عمران .

و الغلول : لأن الله عز و جل يقول : { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (161) } آل عمران .

و منع الزكاة المفروضة : لأن الله عز و جل يقول : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} التوبة.

و شهادة الزور : و كتمان الشهادة ، لأن الله عز و جل يقول : { وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283)} البقرة.

و شرب الخمر : لأن الله عز و جل يقول : {َا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) } المائدة، لأن الله عز و جل : نهى عنها ، كما نهى عن عبادة الأوثان :{ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) } ـ الحج.

و ترك الصلاة متعمدا :

أو شيئا مما فرض الله عز و جل : لأن رسول الله قال :

مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّداً : فَقَدْ بَرِئَ مِنْ ذِمَّةِ اللَّهِ وَ ذِمَّةِ رَسُولِهِ .

وقال تعالى : { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) } مريم. { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ

يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ

وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ

وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ

فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) } الأعراف.

و نقض العهد : و قطيعة الرحم : لأن الله عز و جل يقول :

{ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ

وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ

وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (الرعد25) } .

قال فخرج عمرو : و له صراخ من بكائه ، و هو يقول : هلك من قال برأيه و نازعكم في الفضل و العلم .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج1ص285ب28ح33 . من لا يحضره الفقيه ج3ص563ح4932 . علل الشرائع ج2ص391ب131ح1 . الكافي ج3ص702ح2466/ 25. وسائل‏ الشيعة ج15ص318ب46 ح20629 . وسائل الشيعة ج15ص318ب46 باب تعيين الكبائر التي يجب اجتنابها ، حديث 20629- 2 .

يا طيب : هذا حديث كريم ، يبين أهم الذنوب التي بجب أن نتقيها ، وهي التفصيل المؤكد بآيات القرآن الكريم ، وأسأل الله لكم ولي أن يبعدنا عنها حتى نتحلى رضا الله وتتجلى علينا كرامته .

حقيقة التقوى وروحها :

ويا طيب : بعد أن عرفنا أشد ما يخرج من التقوى ، نذكر معنى التقوى ، بذكر بعض الآيات والأحاديث الشريفة التي تعرفنا فضلها وشرفها ، ونذكر أولا تعريفا جامعا لها :

التقوى : هي ملكة نفسانية وإرادة روحانية وعزيمة وجدانية ، تدعو الإنسان المؤمن لطاعة الله المنعم وشكره ، وتمنع من الوقوع في المعاصي ، وتحفظه بجناحي رجاء الثواب وخوف العقاب من الانزلاق عن كل يبعد عن الله تعالى ، وتقويه بنفس مطمئنة بذكر الله في جميع الأحوال وفي كل مكان وأي زمان ، فلا يتوانى عن طاعة الله تعالى وإتيان ما أحب ويقرب منه ، من العلم والعمل والسيرة والسلوك والقول والفعل ، ولا يخالف أوامره ولا يقترب من ما نهى عنه بل ولا يفكر فيه ، وإن حصل ما يبعده عنه تعالى يستغفر الله وينيب إليه فورا ويتوب إليه في كل انتباه بعد غفله ، ولا يصر مستكبرا على ما وسوس به الشيطان وتسويل النفس الأمارة بالسوء ، كما وإن للتقوى مراتب كثيرة جدا ولعلها على عدد مراتب درجات الجنة من أضعف الإيمان إلى أصحاب اليقين وعينه وحقه .

والله تعالى : مدح التقوى وذكر فضلها في كثير من الآيات ، منها :

قال الله تعالى :{ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ

وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى

وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197) } البقرة.

و قوله تعالى : { اتَّقُوا اللَّهَ حَقَ‏ تُقاتِهِ‏ } :

أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى ، وَ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ ، وَ يُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى، وَ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصادق عليه السلام .

وفي تفسير العياشي: عن الحسين بن خالد، قال: قال أبو الحسن الأول عليه السلام : كيف تقرأ هذه الآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ

اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ

وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) } آل عمران .

قال عليه السلام : مَاذَا ؟ قلت : مُسْلِمُونَ .

فقال عليه السلام : سبحان الله ! يوقع عليهم الإيمان فيسميهم مؤمنين ، ثم يسألهم الإسلام ، و الإيمان فوق الإسلام ! .

قلت: هكذا تقرأ في قراءة زيد .

قال عليه السلام : إنما هي في قراءة علي عليه السلام ، و هي التنزيل الذي نزل به جبرئيل على محمد صلى الله عليه و آله { إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسَلِّمُونَ } لرسول الله صلى الله عليه و آله ، ثم للإمام من بعده .

البرهان في تفسير القرآن ج‏1ص668 ح1857/3 .

ويؤيد هذا : التسليم للنبي في ما أمر تعالى من أمر الولاية للإمام علي بالخصوص وبكل ما أمر به فتح سين مسلمون وبتشديد وكسر لام مسلمون في الآية أعلاه لا بفتح السين ، والتسليم المراد بالآيات الآتية مع الصلاة والسلام عليه وعلى آله والتسليم لهم، وإلا سلام بدون تسليم حكته آيات أخرى مثل آية التحية وإذا حييتم بتحية لعموم المسلم ولا يحتاج إعادتها هنا ، إلا أن يكون تشريف سلام مع تسليم للنبي وآله صلى الله عليهم وسلم كما أمرنا بالصلاة عليهم كما في الرواية:

عن أبي هاشم قال: كنت مع الصادق جعفر بن محمد عليه السلام ، في مسجد الحرام فصعد الوالي المنبر يخطب يوم الجمعة ، فقال‏ : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ

وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} الأحزاب.

فقال جعفر عليه السلام : يا أبا هاشم ، لقد قال ما لا يعرف تفسيره .

قال عليه السلام : وَ سَلِّمُوا الْوَلَايَةَ لِعَلِيٍّ تَسْلِيماً.

تفسير فرات الكوفي ص342ح467 .

وكذا في قوله تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ

وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (65)} النساء .

قال الإمام الصادق عليه السلام :.. { فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ‏ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ‏ } .

هو : و الله ، علي بعينه .

{ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ‏ } على لسانك يا رسول الله يعني به ولاية علي ، { وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً } لعلي بن أبي طالب عليه السلام .

تفسير العياشي ج1ص255ح182 .

ويا طيب : التسليم لله ولرسوله هو بالطاعة لولي الأمر بعد رسول الله كما أمرنا ، وبه تحصل التقوى ويتم الإيمان ويكمل الإسلام، وبالتقوى يوصي أهل البيت شيعتهم ومواليهم ، ومنه : ما جاء في الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام : كَلَامُكُمْ نُورٌ ، وَ أَمْرُكُمْ رُشْدٌ .

وَ وَصِيَّتُكُمُ‏ التَّقْوَى‏ : وَ فِعْلُكُمُ الْخَيْرُ ، وَ عَادَتُكُمُ الْإِحْسَانُ ، وَ سَجِيَّتُكُمُ الْكَرَمُ ، وَ شَأْنُكُمُ الْحَقُّ وَ الصِّدْقُ وَ الرِّفْقُ ، وَ قَوْلُكُمْ حُكْمٌ وَ حَتْمٌ ، وَ رَأْيُكُمْ عِلْمٌ وَ حِلْمٌ وَ حَزْمٌ ، إِنْ ذُكِرَ الْخَيْرُ كُنْتُمْ أَوَّلَهُ وَ أَصْلَهُ وَ فَرْعَهُ وَ مَعْدِنَهُ وَ مَأْوَاهُ وَ مُنْتَهَاهُ ....

وفيما أوصى الإمام الصادق عليه السلام :

أَمَّا بَعْدُ .

فَإِنِّي أُوصِيكَ وَ نَفْسِي : بِتَقْوَى اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ ، فَإِنَّ مِنَ التَّقْوَى الطاعة و الورع و التواضع لله ، و الطمأنينة و الاجتهاد ، و الأخذ بأمره و النصيحة لرسله ، و المسارعة في مرضاته ، و اجتناب ما نهى عنه فإنه .

مَنْ يَتَّقِ : فقد أحرز نفسه من النار بإذن الله ، و أصاب الخير كله في الدنيا و الآخرة.

و مَنْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى‏ : فَقَدْ أَفْلَحَ الْمَوْعِظَةَ.

جَعَلَنَا اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ بِرَحْمَتِهِ ...

بصائر الدرجات ج1ص526ب21ح1 .

وقال الإمام أبو جعفر محمد بن علي ابن الحسين عليه السلام : في التقوى وأهميتها فيما كتب أبو جعفر عليه السلام إلى سعد الخير :

بسم الله الرحمن الرحيم : أما بعد ، فإني أوصيك بتقوى الله ، فإن فيها السلامة من التلف ، و الغنيمة في المنقلب .

إن الله عز و جل : يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله .

و يجلي بالتقوى : عنه عماه و جهله .

و بالتقوى : نجا نوح و من معه في السفينة ، و صالح و من معه من الصاعقة .

و بالتقوى : فاز الصابرون ، و نجت تلك العصب من المهالك ، و لهم إخوان على تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة ، نبذوا طغيانهم من الإيراد بالشهوات ، لما بلغهم في الكتاب من المثلات .

حمدوا ربهم : على ما رزقهم ، و هو أهل الحمد .

و ذموا أنفسهم : على ما فرطوا ، و هم أهل الذم .

و علموا : أن الله تبارك و تعالى الحليم العليم ، إنما غضبه على من لم يقبل منه رضاه ، و إنما يمنع من لم يقبل منه عطاه ، وإنما يضل من لم يقبل منه هداه .

ثم أمكن : أهل السيئات من التوبة ، بتبديل الحسنات ، دعا عباده في الكتاب إلى ذلك بصوت رفيع لم ينقطع ، و لم يمنع دعاء عباده .

فلعن الله : الذين يكتمون ما أنزل الله .

الكافي ج8ص52ح16 رسالة أبي جعفر عليه السلام إلى سعد الخير .

وبهذا جاءت كثير من الأدعية منها :

اللَّهُمَّ : زَيِّنِّي بِالتَّقْوَى ‏، و جنبني و جنب شعري و بشري المعاصي ، و جنبني الردى ؛ فلا يملك ذلك أحد سواك .

اللَّهُمَّ : قَدِّسِ الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ تَقْدِيساً ، لا يسيغ إليه سخطك ، و أجعل لعنك على الظالمين الذين ظلموا أهل دينك و حاربوا رسولك، و وليك ، و أعز الإسلام و أهله .

وَ زَيِّنْهُمْ بِالتَّقْوَى‏ : وَ جَنِّبْهُمُ الرَّدَى.

ويا طيب : رزقنا الله وإياكم التقوى والطاعة والورع وما يجعلنا عنده مرضيين راضين بما قسم الله لنا ، ويوفقنا لكل خير وعلم حق وهدى صادق عند المنعم عليهم ، ويجنبنا ضلال وطغيان من خالف النبي وآله عليهم السلام ، ويبعدنا عمن رضي بمن عاداهم بدلا عنهم ، ونكمل شرح باقي الأبوذية بما يناسب التقوى ولقاء المتقين وما يقوينا عليها بتوفيق الله وفضله إن شاء الله .

يا طيب تعلم معارف هداه فإنها من الضلال وأهله هي التقي

هي التقي الحفظ والصيانة :

التقي : تعاليم النبي وآله هي التي تقي وتكون مانعا وتصير حاجزا من ضلال مخالفيهم ، وَقَيْتُ‏ الشيء أَقِيه‏ إذا صُنْتَه و سَتَرْتَه عن الأَذى وحفظته عن الضر ، وقاهُ‏ اللهُ‏ وَقْياً وَ وِقايةً و واقِيةً : صانَه وحفظه ورعاه من الردى ؛ تَوقَّى‏ و اتَّقى‏ بمعنى وقد توَقَّيْتُ‏ و اتَّقَيْتُ‏ الشيء و تَقَيْتُه‏ أَتَّقِيه‏ و أَتْقِيه‏ تُقًى‏ و تَقِيَّةً و تِقاء : حَذِرْتُه وخفت الوقوع فيه فتجنبته .

و التَّوَقِّي ‏: التجنب ، وَقَتْكَ‏ الأَواقِي ، ‏وَقَاهُ‏ يَقِيهِ‏ وقْياً بالفتح، و وِقايَةً بالكسْر، و واقِيَةً، على فاعِلَةٍ صانَهُ‏ و سَتَرَهُ عن الأَذَى و حَمَاهُ وحَفِظَه، فهو واقٍ‏ .

و منه قولهُ تعالى: { ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ‏ واقٍ‏ } ؛ أَي مِن دَافِعٍ والعياذ بالله .

وفي حديث الإمام عَلِيٍّ عليه السلام :

تَوَقَّوُا الْبَرْدَ فِي أَوَّلِهِ وَ تَلَقَّوْهُ فِي آخِرِهِ‏ .

في الحديث ‏عنه عليه السلام : إِنما الإِمام جُنَّة يُتَّقى‏ به و يُقاتَل من ورائه ، أَي أَنه يُدْفَعُ به العَدُوُّ و يُتَّقى‏ بقُوّته ، ..

وقوله : إِذا احْمَرَّ البَأْسُ‏ اتَّقَينا برسولِ الله صلى الله عليه وآله . أَي جعلناه‏ : وِقاية لنا من العَدُوّ قُدَّامَنا و اسْتَقْبَلْنا العدوَّ به و قُمْنا خَلْفَه‏ وِقاية .

أحاديث معنى التقوى والوقاية :

يا طيب : تكلمنا عن بعض معنى التقوى في شرح الشطر السابق لما عرفت أن حياة الإمام التقي ، ذكرت في أبوذية الجواد عليه السلام ، وهنا نتمم البحث في معنى التقوى والوقاية :

ويا طيب : معنى التقوى التي هي ملكة نفسانية يمتنع بها الإنسان من مخالفة الله وارتكاب معاصيه ، ومن معناها التوقي فيما يوقع في الردى وتصون النفس وتحفظها من ما يجعلها في الدركات السفلى وما به النفس تخزى ، والعلم بما عرفه النبي وآله يقي ويصون من مهالك العصيان والآثام ، لإن الله جعلهم يهدون له بصراط مستقيم ولكل نعيم عبوديته ورضاه وثوابه ، فهو يقي ويوقي ويخرج من الضلال والطغيان إلى تجلي فيضه ورحمته تعالى ، ويقي ويصون ويمنع ويحفظ عما فيه الخسران المبين ونيران الجحيم الحاطمة .

وقد قال الله تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏ (16)} التغابن ما أطقتم .

و الِاتِّقَاءُ : الامتناع من الردى باجتناب ما يدعو إليه الهوى .

ومثله قوله تعالى : { اتَّقُوا اللَّهَ حَقَ‏ تُقاتِهِ‏ (102) } آل عمران ، لأن كل واحد منهما إلزام لترك جميع المعاصي ، فمن فعل فقد اتَّقَى‏ عقاب الله ، لأن من لم يفعل قبيحا و لا أخل بواجب فلا عقاب عليه .

وقوله تعالى : { وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى‏ (17) } الليل .

أي‏ التَّقِيَ‏ : الخائف الذي يخشى الله في الغيب و يجتنب المعاصي ، و يَتَوَقَّى‏ المحرمات أي و سيجنب النار الْأَتْقَى‏ البالغ في‏ التَّقْوَى‏.

آيات التقوى وأهميتها :

يا طيب : آيات التقوى في القرآن الكريم كثيرة جدا وهذا بعضها القليل ، ولمن تدبر بها يعرف إن الله يصف الناجين من أتقى الله وهم أهل التقوى ، وإن الهالكين هم من لم يتقي الله ، وفي كل آية يبين الله بعض ما يجب أن نتقيه ، وكل ما أمر الله به يجب أن نتقوى له بالطاعة وما نهى عنه أن نتقيه ونتوقى منه بذكر الله أو بالتوبة العاجلة والطاعة بما بين الله تعالى لنا ، وطبعا هذا قسم قليل منها ولا يسع ذكرها هذا المختصر ، فتدبر بها ، قال الله سبحانه وتعالى :

{ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) } البقرة .

{ وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ (48) } البقرة .

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ (103) } البقرة .

{ وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ (123) } البقرة .

{ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189) } البقرة .

{ اتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) } البقرة .

{وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196) } البقرة .

{ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (212) } البقرة .

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) } البقرة .

{ وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (281) } البقرة .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ 102) }(آل عمران .

{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ (198) } آل عمران .

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) } آل عمران .

{ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) } المائدة .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) } المائدة .

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (57) } المائدة .

{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) } المائدة .

{ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ (88) } المائدة .

{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93) } المائدة .

{ قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100) } المائدة .

{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)} الأنعام .

{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (96) } الأعراف .

{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201) } الأعراف .

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (1) } الأنفال .

{بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) }آل عمران .

{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) }النجم .

{إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)

وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)

إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13) فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى(15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) } الليل .

{ كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَن شَاء ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56) } المدثر .

يا طيب : ما ذكرنا إلا قليل من آيات التقوى وبالتدبر بها نعرف حقيقة معنى آيات سورة الليل، التي هي خلاصة معنى التقوى ، يعطي الإنسان من نفسه كل خير ويؤمن بالله وكتابه ، ويتجنب كل ما نهى عنه ، ليفوز برضا الله وله الحسنى ، وإلا سوف يشقى من لم يتقي الله تعالى ، وأسأل الله لكم ولي أن يجعلنا من أهل التقوى فإنه تعالى أهل وأحق بأن يتقى وإنه تعالى أهل التقوى وأهل المغفرة.

خطبة المتقين (همام) لأمير المؤمنين:

يا طيب : عرفت آيات التقوى ، وعرفنا أنها أما تعرف عمل المتقين ، أو تحذر من لم يطع رب العالمين وتنصحه بالتقوى ، وهي في الحقيقة بأي صورة كانت تبين ما يجب أن يطاع به الله تعالى وما يجب أن يجتنب ، وكذا الأحاديث في هذا المعنى تبين لنا حقائق التقوى في الطاعة وصفات المتقين ، وخير وصف للمتقين وأهل التقوى هي خطبة همام للإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة ، ومن يحفظها ويطبقها يكون إنسان كامل على الحقيقة ، وشرحها كثير من العلماء وعمل بما استطاعوا الفضلاء ، ونذكرها لأهميتها وضرورة مراجعتها أو اقتنائها ، والتدبر فيها بعمق ، ليستطيع المؤمن أن يراقب نفسه ليصلح ، وينطبق عليه حقيقة أعلى معنى من أتقى ، والتقوى كالإيمان مراتب ودرجات بل التقوى تبين مرتبة الإيمان وحقيقته ، طبعا الإيمان الواقعي التابع للمنعم عليهم بهدى الله والطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم ، وهذا قسما منها :

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من خطبة له يصف فيها المتقين‏ : روي : أن صاحبا لأمير المؤمنين عليه السلام.

يقال : له همام ، كان رجلا عابدا .

فقال له : يا أمير المؤمنين ، صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم .

فتثاقل عليه السلام : عن جوابه .

ثم قال : يَا هَمَّامُ ، اتَّقِ اللَّهَ وَ أَحْسِنْ .

فَإِنَّ اللَّهَ : مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ‏ .

فلم يقنع همام : بهذا القول ، حتى عزم عليه .

فحمد الله : و أثنى عليه ، و صلى على النبي صلى الله عليه وآله، ثم قال:

أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى ، خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ ، آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ ، لِأَنَّهُ لَا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاهُ ، وَ لَا تَنْفَعُهُ طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَهُ ، فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعَايِشَهُمْ ، وَ وَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَوَاضِعَهُمْ .

فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا : هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ .

مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ : وَ مَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ ، وَ مَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ ، غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ‏ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَ وَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ ، نُزِّلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلَاءِ كَالَّتِي نُزِّلَتْ فِي الرَّخَاءِ ، وَ لَوْ لَا الْأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ لَهُمْ‏ ، لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ ، وَ خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ .

عَظُمَ الْخَالِقُ : فِي أَنْفُسِهِمْ ، فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ ، فَهُمْ وَ الْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ ، وَ هُمْ وَ النَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ ، قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ ، وَ شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ ، وَ أَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ ، وَ حَاجَاتُهُمْ‏ خَفِيفَةٌ ، وَ أَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ ، صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً ، أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً ، تِجَارَةٌ مُرْبِحَةٌ يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبُّهُمْ ، أَرَادَتْهُمُ الدُّنْيَا فَلَمْ يُرِيدُوهَا ، وَ أَسَرَتْهُمْ فَفَدَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنْهَا .

أَمَّا اللَّيْلَ : فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ ، تَالِينَ لِأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ ، يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلًا ، يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ ، وَ يَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ ، فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً وَ تَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً وَ ظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ ، وَ إِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ وَ ظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَ شَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ ، فَهُمْ حَانُونَ‏ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ مُفْتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِمْ‏ وَ أَكُفِّهِمْ وَ رُكَبِهِمْ وَ أَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ ، يَطْلُبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ‏ .

وَ أَمَّا النَّهَارَ : فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ ، قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ بَرْيَ الْقِدَاحِ‏ ، يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى وَ مَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ ، وَ يَقُولُ لَقَدْ خُولِطُوا ، وَ لَقَدْ خَالَطَهُمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا يَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْقَلِيلَ وَ لَا يَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِيرَ .

فَهُمْ : لِأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ ، وَمِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ‏ ، إِذَا زُكِّيَ‏ أَحَدٌ مِنْهُمْ خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ : أَنَا عْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي وَرَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنِّي بِنَفْسِي، اللَّهُمَّ : لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ وَاجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ وَ اغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ .

فَمِنْ عَلَامَةِ أَحَدِهِمْ : أَنَّكَ تَرَى لَهُ ، قُوَّةً فِي دِينٍ ، وَ حَزْماً فِي لِينٍ ، وَ إِيمَاناً فِي يَقِينٍ ، وَ حِرْصاً فِي عِلْمٍ ، وَ عِلْماً فِي حِلْمٍ ، وَ قَصْداً فِي غِنًى‏ ، وَ خُشُوعاً فِي عِبَادَةٍ ، وَ تَجَمُّلًا فِي فَاقَةٍ ، وَ صَبْراً فِي شِدَّةٍ ، وَ طَلَباً فِي حَلَالٍ ، وَ نَشَاطاً فِي هُدًى ، وَ تَحَرُّجاً عَنْ طَمَعٍ ، يَعْمَلُ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وَ هُوَ عَلَى وَجَلٍ ، يُمْسِي وَ هَمُّهُ الشُّكْرُ ، وَ يُصْبِحُ‏ وَ هَمُّهُ‏ الذِّكْرُ ، يَبِيتُ حَذِراً ، وَ يُصْبِحُ فَرِحاً ، حَذِراً لِمَا حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ ، وَ فَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ الْفَضْلِ وَ الرَّحْمَةِ .

إِنِ اسْتَصْعَبَتْ‏ : عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيمَا تَكْرَهُ ، لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيمَا تُحِبُّ ، قُرَّةُ عَيْنِهِ فِيمَا لَا يَزُولُ ، وَ زَهَادَتُهُ فِيمَا لَا يَبْقَى .

يَمْزُجُ : الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ ، وَ الْقَوْلَ بِالْعَمَلِ ، تَرَاهُ قَرِيباً أَمَلُهُ ، قَلِيلًا زَلَلُهُ ، خَاشِعاً قَلْبُهُ ، قَانِعَةً نَفْسُهُ ، مَنْزُوراً أَكْلُهُ ، سَهْلًا أَمْرُهُ ، حَرِيزاً دِينُهُ‏ ، مَيِّتَةً شَهْوَتُهُ ، مَكْظُوماً غَيْظُهُ ، الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ ، وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ . إِنْ كَانَ : فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ ، وَ إِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ .

يعْفُو : عَمَّنْ ظَلَمَهُ ، وَ يُعْطِي مَنْ حَرَمَهُ ، وَ يَصِلُ مَنْ قَطَعَهُ ، بَعِيداً فُحْشُهُ‏ ، لَيِّناً قَوْلُهُ ، غَائِباً مُنْكَرُهُ ، حَاضِراً مَعْرُوفُهُ ، مُقْبِلًا خَيْرُهُ ، مُدْبِراً شَرُّهُ ، فِي الزَّلَازِلِ‏ وَقُورٌ ، وَ فِي الْمَكَارِهِ صَبُورٌ ، وَ فِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ ، لَا يَحِيفُ عَلَى مَنْ يُبْغِضُ ، وَ لَا يَأْثَمُ فِيمَنْ يُحِبُّ ، يَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ ، لَا يُضِيعُ مَا اسْتُحْفِظَ ، وَ لَا يَنْسَى مَا ذُكِّرَ ، وَ لَا يُنَابِزُ بِالْأَلْقَابِ‏ ، وَ لَا يُضَارُّ بِالْجَارِ ، وَ لَا يَشْمَتُ بِالْمَصَائِبِ ، وَ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَاطِلِ ، وَ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَقِّ .

إِنْ صَمَتَ : لَمْ يَغُمَّهُ صَمْتُهُ ، وَ إِنْ ضَحِكَ لَمْ يَعْلُ صَوْتُهُ ، وَ إِنْ بُغِيَ عَلَيْهِ صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْتَقِمُ لَهُ ، نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ ، وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ ، أَتْعَبَ نَفْسَهُ لِآخِرَتِهِ ، وَ أَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ ، بُعْدُهُ عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ زُهْدٌ وَ نَزَاهَةٌ ، وَ دُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِينٌ وَ رَحْمَةٌ ، لَيْسَ تَبَاعُدُهُ ، بِكِبْرٍ وَ عَظَمَةٍ ، وَ لَا دُنُوُّهُ بِمَكْرٍ وَ خَدِيعَةٍ.

قال : فصعق همام صعقة ، كانت نفسه فيها .

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْهِ .

ثُمَّ قَالَ عليه السلام : أَ هَكَذَا تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا .

فقال له قائل : فما بالك يا أمير المؤمنين ؟

فَقَالَ عليه السلام : وَيْحَكَ ، إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ وَقْتاً لَا يَعْدُوهُ ، وَ سَبَباً لَا يَتَجَاوَزُهُ ، فَمَهْلًا لَا تَعُدْ لِمِثْلِهَا ، فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِكَ‏ .

نهج البلاغة جمع الشريف الرضي شرح صبحي صالح ص303خطبة 193 . تحف العقول ص159 .شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج‏10ص140 .

أعمال تقي من الشر :

يا طيب : وهذه بعض الأحاديث في التقى تبين أمورا أخرى مما يجب أن لا نتركه ، ومما يجب أن نتركه ، لتتم التقوى بطاعة الله وعدم معصيته :

في حديث الإمام عليه السلام لأبنه المجتبى عليه السلام :

يَا حَسَنُ : أَحْسَنُ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ التَّقْوَى ، وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ .

وفي الوقاية العامة : لتوقي الأضرار الدنيوية والأخروية تدبر تفسير قوله تعالى :

{ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80) وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا

وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ

وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83) } النحل.

و قال علي بن إبراهيم : في قوله‏ { وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا } ، قال : ما يستظل به‏. { وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَ جَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ‏ الْحَرَّ } يعني القمص ، و إنما جعل ما يجعل منه‏ ، { وَ سَرابِيلَ تَقِيكُمْ‏ بَأْسَكُمْ‏ } يعني الدروع .

و قوله : { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها } ، قال : نعمة الله ، هم الأئمة ، و الدليل على أن الأئمة نعمة الله ، قول الله تعالى : { أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً } .

تفسير القمي ج1 ص388.

يا طيب : في كلها ترينا أنه تعالى جعل منافع في الكائنات جبال ولباس ودروع وغيرها ، لنتقي ضرر الحر والبرد والرياح والحرب والحيوانات وأمثالها ، بل نتقي الضلال بمتابعة أئمة الحق ، ومن جميل القول في الوقاية ما جاء :

عن عامر الشعبي قال : قال زر بن حبيش رضي الله عنهما ، قال أمير المؤمنين عليه السلام‏ ، أربع كلمات في الطب لو قالها بقراط أو جالينوس ، لقدم أمامها مائة ورقة ، ثم زينها بهذه الكلمات ، و هي قوله :

تَوَقَّوُا الْبَرْدَ فِي أَوَّلِهِ ، وَ تَلَقَّوْهُ فِي آخِرِهِ ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُ فِي الْأَبْدَانِ كَفِعْلِهِ فِي الْأَشْجَارِ ، أَوَّلُهُ يُحْرِقُ وَ آخِرُهُ يُورِقُ‏ . و روي‏: تَوَقَّوُا الْهَوَاءَ.

الدعوات للراوندي سلوة الحزين ص75 ح175.

قال أمير المؤمنين عليه السلام :‏ تَوَقَّوُا الذُّنُوبَ ، فما من بلية و لا نقص رزق إلا بذنب ، حتى الخدش و النكبة و المصيبة ، فإن الله تعالى يقول‏ { وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ‏ } .

التمحيص 37ب2ح33 .

وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام :

وَ قُوا دِينَكُمْ : بِالاسْتِقَامَةِ بِاللَّهِ .

مَنْ تَوَقَّى‏ سَلِمَ.

توقّوا : المعاصي و احبسوا أنفسكم عنها ، فإنّ الشّقيّ من أطلق فيها عنانه. المؤمن حيي غني موقر تقي‏ . وضع الصنيعة في أهلها تكبت العدو و تقي‏ مصارع السوء .

غرر الحكم . عيون الحكم و المواعظ .

وعن الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :

الصَّلَاةُ : قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍ ‏.

الكافي ج3ص265ح6 .

وقال الطبرسي رحمه الله :

قال رسول اللهِ صلى الله عليه وآله‏ : اعْمَلْ بِفَرَائِضِ اللَّهِ تَكُنْ أَتْقَى النَّاسِ.

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام :‏ التَّقْوَى سِنْخُ الْإِيمَانِ .

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام :‏ الْقِيَامَةُ عُرْسُ الْمُتَّقِينَ .

و قال أبو عبد الله‏ عليه السلام : لَا يَغُرَّنَّكَ بُكَاؤُهُمْ إِنَّمَا التَّقْوَى فِي الْقَلْبِ .

و قال أبو عبد الله‏ عليه السلام :‏ فِي قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏ { هُوَ أَهْلُ التَّقْوى‏ وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ } .

قَالَ : أَنَا أَهْلٌ أَنْ يَتَّقِيَنِي عَبْدِي ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَنَا أَهْلٌ أَنْ أَغْفِرَ لَهُ .

وعن الباقر عليه السلام قال:

عَلَيْكَ : بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَ الِاجْتِهَادِ فِي دِينِكَ .

وَ اعْلَمْ : أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْكَ اجْتِهَادٌ لَيْسَ مَعَهُ وَرَعٌ .

مشكاة الأنوار ص44 ف 12.

في مكارم الأخلاق ‏: جاء رجل إلى الحسن عليه السلام يستشيره في تزويج ابنته : قال: زَوِّجْهَا مِنْ رَجُلٍ تَقِيٍ‏ ، فإنه إن أحبها أكرمها ، و إن أبغضها لم يظلمها.

مكارم الأخلاق ص204ف3 .

وعن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول‏ :

الصَّدَقَةُ بِالْيَدِ : تَقِي‏ مِيتَةَ السَّوْءِ ، و تدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء ، و تفك عن لحي سبعين شيطانا ، كلهم يأمره أن لا يفعل .

الكافي ج4ص3 ح7 .

وعبد الله بن ميمون القداح : عن أبي عبد الله عن آبائه ، قال :

صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ : تَقِي‏ مَصَارِعَ السُّوءِ .

الكافي ج4ص29 .

وعن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن قول الله تعالى‏ : { قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ } .

فقلت : هذه نفسي أقيها ، فكيف أقي أهلي ؟

فقال عليه السلام : تأمرهم بما أمر الله به ، و تنهاهم عما نهاهم الله عنه ، فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم ، و إن عصوك كنت قد قضيت ما كان عليك .

الزهد ص17ب2ح36 .

وقال الإمام الصادق عليه السلام :لما نزلت هذه الآية { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً } ، جلس رجل من المسلمين يبكي .

و قال : أنا قد عجزت عن نفسي ، كلفت أهلي .

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك ، و تنهاهم عما تنهى عنه نفسك .

مشكاة الأنوار ص 49ف13 .

وعن سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام : إن لي أهل بيت و هم يسمعون مني ، أ فأدعوهم إلى هذا الأمر .

قال : نعم ، إن الله يقول في كتابه‏ : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ } .

المحاسن ج1ص231ب18ح180 .

عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

‏ لا يتم الإيمان : إلا بمحبتنا أهل البيت ، و إن الله تبارك و تعالى عهد إلي :

أنه لا يحبنا أهل البيت .

إِلَّا مُؤْمِنٌ : تَقِيٌ‏ .

و لا يبغضنا : إِلَّا مُنَافِقٌ شَقِيٌّ .

فطوبى : لمن تمسك بي و بالأئمة الأطهار من ذريتي .

فقيل : يا رسول الله ، فكم الأئمة بعدك ؟

قال : عدد نقباء بني إسرائيل .

كفاية الأثر ص 110 .

يا طيب : هذه أحاديث مختصرة في التوقي والوقاية والحفظ والصيانة من الوقوع في النار وعذاب الرب الجبار ، وهي التقوى في طاعة الله تعالى واجتناب معاصيه ينفع التدبر بها لأن يراقب نفسه ويكون مع الله ليكون الله معه .

أدعية تقي الشر :

يا طيب : الأدعية العوذات لدفع البلايا كثيرة ، ونختار بعض منها مما فيه كلمة تقي لمناسبة الموضوع :

تفسير الإمام عليه السلام قال : النبي صلى الله عليه وآله وسلم ‏: إنه قال لرجل من أصحابه، إذا أردت أن لا يصيبك شر الأعادي، فقل إذا أصبحت:

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ‏ الرَّجِيمِ

فإن الله : يقيك‏ من شرهم ، فإنما هم شياطين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا .

و إذا أردت : أن يؤمنك بعد ذلك من الغرق و الحرق و السرق ، فقل إذا أصبحت :

بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ : لَا يَصْرِفُ السُّوءَ إِلَّا اللَّهُ ، بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا يَسُوقُ الْخَيْرَ إِلَّا اللَّهُ ، بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا يَكُونُ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ، بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ .

فإن من قالها ثلاثا: إذا أصبح، أمن من السرق و الحرق الغرق حتى يمسي.

و من قالها ثلاثا: إذا أمسى ، أمن من الحرق و السرق والغرق حتى يصبح .

و إن الخضر و إلياس : يلتقيان في كل موسم ، فإذا تفرقا تفرقا عن هذه الكلمات .

وَ إِنَّ ذَلِكَ شِعَارُ شِيعَتِي : وَ بِهِ يَمْتَازُ أَعْدَائِي مِنْ أَوْلِيَائِي يَوْمَ خُرُوجِ قَائِمِهِمْ عليه السلام .

تفسير الإمام العسكريّ عليه السلام ص 6 عنه في مستدرك الوسائل ج‏5ص386ح6156.

و كان من دعاء الإمام السجاد عليه السلام بعد الفراغ من صلاة الليل لنفسه في الاعتراف بالذنب: ....

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ أَجِرْنِي مِنْهَا بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ ، وَ أَقِلْنِي عَثَرَاتِي بِحُسْنِ إِقَالَتِكَ ، وَ لَا تَخْذُلْنِي يَا خَيْرَ الْمُجِيرِينَ .

اللَّهُمَّ : إِنَّكَ تَقِي‏ الْكَرِيهَةَ ، وَ تُعْطِي الْحَسَنَةَ، وَ تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ، وَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ .

الصحيفة السجادية ص154د32.

و طع الله واعبده بها تنال رضاه و بالنبي و آله في الجنة التقي

ومعهم على ضفاف الكوثر تسكن إذا فارقت خرابيط الوهابيه

معنى التقي لاقي أهل البيت :

التقي : تلتقي انت وإنا إن شاء الله ، اللقاء بين المعصومين وشيعتهم على الحوض في القيامة وعلى ضفاف الكوثر في الجنة إن شاء الله ، اِلتَقَى: فعل التقى ، يتعدى بباء بـ يلتقي به، الْتَقِ به ، التقاءً، فهو مُلْتَقٍ، والمفعول مُلْتَقًى للمتعدِّي ، اِلْتَقَى الأهل والأحبة بعد غيبة طويلة، لَقِيَ بعضهم بعضا، و لَقِيَ كل منهم الآخر ، اِلْتَقَى الشيئين اجتمعا .

وقال الله تعالى : { مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) } الرحمن ، وفي معنى الآية عن يحيى بن سعيد القطان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول‏ : في قوله عز و جل‏ : { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ (20) } الرحمن ، قال : علي و فاطمة عليهما السلام ، بحران من العلم عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه‏ ، { يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) } الرحمن ، الحسن و الحسين عليهم السلام .

الخصال ج1ص65ح96 .

وقوله تعالى : { الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) } آل عمران.

عن بن عباس رضي الله عنه قال : ما في القرآن آية : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } ، إِلَّا وَ عَلِيٌّ أَمِيرُهَا وَ شَرِيفُهَا وَ مُقَدَّمُهَا ، و لقد عاتب الله أصحاب النبي ، و ما ذكر عليا إلا بخير ، قال الراوي عنه .

قلت : و أين عاتبهم ؟

قال قوله‏ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى‏ الْجَمْعانِ‏ } .

لَمْ يَبْقَ مَعَهُ : أَحَدٌ ، غَيْرُ عَلِيٍّ وَ جَبْرَئِيلَ عليهم السلام .

تفسير فرات الكوفي ص368 . والتقى الجمعان وفر المسلمون كلهم في يوم حنين ، وكذا في أحد فروا إلى علي وجبريل عليهم السلام .

و أَلْقَيْتُ :‏ إليه القول ، أبلغته إياه.

قوله تعالى: { وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا } ، أي ما يعلمها و يوفق لها بالأخذ و القبول ، يقال : تَلَقَّيْتُ‏ من فلان الكلام ، أي أخذته و قبلته .

قوله تعالى : { فَتَلَقَّى‏ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ‏ } .

و معنى‏ تَلَقِّي‏ الكلمات : استقبالها بالأخذ و القبول و العمل بها، أي أخذها من ربه على سبيل الطاعة ، والكلمات المتلقات وهي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سألت النبي صلى الله عليه وآله عن الكلمات التي تلقى‏ آدم‏ من ربه فتاب عليه‏ ؟

قال صلى الله عليه وآله : سأله بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين‏ ، إلا تبت علي ، فتاب عليه .

الأمالي للصدوق ص75ح2 .

التقي محمد وآله لقاء الأحبة:

يا طيب : اللقاء يوم القيامة ، بل في البرزخ وبعد الموت مباشرة ، فضلا عن القيامة وما بعدها ، لقاءان إما لقاء بالنبي وآله صلى الله عليهم وشيعتهم ، أو القاء بأعدائهم ومن خالفهم من الكفار والمنافقين والمشركين والضالين ، وبياض الوجه والنظر لله نظر إلى رحمته النازلة على أولياءه والمصطفين الأخيار من رسوله وأنبياءه ومن تبعهم على الحق ، ولمن سار بصراطهم المستقيم لنعيم رضا الله وثوابه ، أو جوه مسودة لها كل هوان وعذاب أعاذنا الله ونجانا الله منهم ، ولمعرفة هذا المعنى الجامع للتقوى ولقاء الأحبة النبي وآله الطيبين الطاهرين ، نذكر بعض الأحاديث الشريفة عنهم :

أحاديث عامة في التقوى واللقاء :

قال أمير المؤمنين عليه السلام : الحمد لله الذي نصر وليه ، و خذل عدوه ، و أعز الصادق المحق ، و أذل الناكث المبطل .

عليكم بتقوى‏ الله : و طاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكم ، الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه ، من المنتحلين المدعين المقابلين إلينا ، يتفضلون بفضلنا ، و يجاحدونا أمرنا ، و ينازعونا حقنا ، و يدافعونا عنه‏ ، فقد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيا .

وقعة صفين ص4 .

وعن أبي حمزة الثمالي قال‏ : قال لنا علي بن الحسين و نحن جلوس : أي البقاع أفضل ؟ قال : فقالوا : الله و ابن رسوله صلى الله عليه و آله أعلم .

قال : فقال عليه السلام : فإن أفضل البقاع ما بين الركن إلى المقام ؛ و لو أن رجلا عمر ما عمر نوح في قومه‏ ألف سنة إلا خمسين عاما يصوم النهار و يقوم الليل‏ .

و لقي‏ الله : بغير ولايتنا ، لم ينفعه ذلك شيئا .

الأصول الستة عشر 148ح55/2 .

وعن محمد بن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: نزل جبرئيل على النبي فقال:

يا محمد صلى الله عليه وآله وسلم : السلام يقرئك السلام ، و يقول :

خلقت : السماوات السبع و ما فيهن ، و الأرضين السبع و ما عليهن ، و ما خلقت خلقا أعظم من الركن و المقام ، و لو أن عبدا دعاني منذ خلقت السماوات و الأرضين .

ثم لقيني‏ : جاحدا لولاية علي ـ عليه السلام ـ ، لأكببته في سقر.

المحاسن ج1ص90ب15ح38

اللقاء بالنبي وآله على الحوض :

ويا طيب : لمعرفة أن تعلم معارف أهل البيت عليهم السلام ، هي التي تقينا من شر الوقوع بما يخالف الله من متابعة الظالمين لهم ، ومن تفسير أفكارهم وقياس وسوسة الشيطان لهم ، وما يمليهم ويريده من نصبهم من السلاطين المنحرفين عن الهدى الحق ، نذكر هذا الحديث الشريف .

في تفسير فرات الكوفي : بسنده عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال :

أنا و رسول الله : على الحوض ، و معنا عترتنا .

فمن أرادنا : فليأخذ بقولنا و ليعمل بأعمالنا ، فإنا أهل البيت لنا شفاعة.

فتنافسوا

في لقائنا :

على الحوض .

فإنا نذود عنه : أعداءنا ، و نسقي منه أولياءنا ، و من شرب منه لم يظمأ أبدا ، و حوضنا مترع فيه مثعبان ينصبان من الجنة ، أحدهما تسنيم ، و الآخر معين ، على حافتيه الزعفران ، و حصباه الدر و الياقوت .

و إن الأمور إلى الله : و ليست إلى العباد ، و لو كانت إلى العباد ما اختاروا علينا أحدا ، و لكنه يختص برحمته من يشاء من عباده ، فاحمد الله على ما اختصكم به من النعم ، و على طيب المولد .

فإن ذكرنا أهل البيت : شفاء من الوعك و الأسقام ، و وسواس الريب .

وإن حبنا : رضى الرب .

والآخذ : بأمرنا و طريقتنا معنا غدا في حظيرة القدس ، و المنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله ، و من سمع واعيتنا فلم ينصرنا أكبه الله على منخريه في النار .

نحن الباب : إذا بعثوا فضاقت بهم المذاهب ، نحن باب حطة و هو باب الإسلام من دخله نجا و من تخلف عنه هوى ، بنا فتح الله و بنا يختم ، و بنا يمحوا الله ما يشاء و يثبت‏ ، و بنا ينزل الغيث ، فلا يغرنكم بالله الغرور ، لو تعلمون ما لكم في الغناء ( أي الإقامة والمقام ) بين أعدائكم و صبركم على الأذى ، لقرت أعينكم .

و لو فقدتموني : لرأيتم أمورا يتمنى أحدكم الموت ، مما يرى من الجور و العدوان و الأثرة و الاستخفاف بحق الله و الخوف ، فإذا كان كذلك فاعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا ، و عليكم بالصبر و الصلاة و التقية ، و اعلموا أن الله تبارك و تعالى يبغض من عباده المتلون .

فلا تزولوا : عن الحق ، و ولاية أهل الحق ، فإنه من استبدل بنا هلك ، و من اتبع أثرنا لحق ، و من سلك‏ غير طريقنا غرق ، و إن لمحبينا أفواجا من رحمة الله ، و إن لمبغضينا أفواجا من عذاب الله .

طريقنا القصد : و في أمرنا الرشد .

أهل الجنة : ينظرون إلى منازل شيعتنا كما يرى الكوكب الدري في السماء ، لا يضل من اتبعنا ، و لا يهتدي من أنكرنا ، و لا ينجو من أعان علينا عدونا ، و لا يعان من أسلمنا ، فلا تخلفوا عنا لطمع دنيا بحطام زائل عنكم ، و أنتم تزولون عنه ، فإنه من آثر الدنيا علينا عظمت حسرته .

و قال الله تعالى‏ : { يا حسرتي على‏ ما فرطت في جنب الله‏ } .

سراج المؤمن : معرفة حقنا ، و أشد العمى من عمي من فضلنا ، و ناصبنا العداوة بلا ذنب ، إلا أن دعوناه إلى الحق ، و دعاه غيرنا إلى الفتنة فآثرها علينا .

لنا راية : من استظل بها كنته ( وقته في ظلها ) ، و من سبق إليها فاز ، و من تخلف عنها هلك ، و من تمسك بها نجا ، أنتم عمار الأرض الذين استخلفكم فيها لينظر كيف تعملون‏، فراقبوا الله فيما يرى منكم .

و عليكم : بالمحجة العظمى فاسلكوها ، لا يستبدل بكم غيركم‏ .

{ سارعوا إلى‏ مغفرة من ربكم و جنة عرضها السماوات و الأرض

أعدت للمتقين‏ (21) }الحديد .

فاعلموا : أنكم لن تنالوها :

إلا بالتقوى :

و من ترك : الأخذ عمن أمر الله بطاعته ، قيض الله‏ له شيطانا فهو له قرين‏ .

ما بالكم : قد ركنتم إلى الدنيا ، و رضيتم بالضيم ، و فرطتم فيما فيه عزكم و سعادتكم ، و قوتكم على من بغى عليكم ، لا من ربكم تستحيون ، و لا لأنفسكم تنظرون ، و أنتم في كل يوم تضامون و لا تنتبهون من رقدتكم ، و لا تنقضي فترتكم .

أ ما ترون : إلى دينكم يبلى و أنتم في غفلة الدنيا ، قال الله عز ذكره‏ :

{ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ (113) } هود.

تفسير فرات الكوفي ص 367 .بحار الأنوار ج65ص61ح113 .

يا طيب : توجد أحاديث كثيرة في لقاء أهل البيت عليهم السلام في أول لحظات الموت ، ثم يستمر اللقاء في القبر والبرزخ والحشر والنشر والقيامة على موائد النور معهم ثم معهم في الجنة على ضفاف الكوثر في أعلى عليين ، وهذا لمن تبعهم ، والمؤمنون درجات ومقامات ورتب ، وأعدائهم في النار كالحون في دركاتها وهم مراتب حسب نصبهم العداء لهم ولشيعتهم ، ولمعرفة هذا المعنى بالإضافة لما عرفت تدبر الحديث الآتي .

عن حنش بن المعتمر قال : قال أبو ذر الغفاري رحمة الله عليه‏ ، دخلت على رسول الله ص في مرضه الذي توفي فيه .

فقال : يا أبا ذر ، ايتني بابنتي فاطمة .

قال : فقمت و دخلت عليها ، و قلت : يا سيدة النسوان أجيبي أباك ، قال : فلبست ‏جلبابها و اتزرت‏ و خرجت حتى دخلت على رسول الله ، فلما رأت رسول الله صلى الله عليه وآله : انكبت عليه و بكت و بكى رسول الله لبكائها و ضمها إليه .

ثم قال : يا فاطمة لا تبكين فداك أبوك ، فأنت أول من تلحقين بي‏ مظلومة مغصوبة ، و سوف يظهر بعدي حسيكة النفاق ، و سمل جلباب الدين .

و أنت : أول من يرد علي الحوض .

قالت : يا أبه أين ألقاك ؟

قال : تلقيني‏ عند الحوض .

و أنا أسقي : شيعتك و محبيك ، و أطرد أعداءك و مبغضيك .

قالت : يا رسول الله ، فإن لم ألقك عند الحوض ؟

قال : تلقيني‏ عند الميزان .

قالت : يا أبه و إن لم ألقك عند الميزان ؟

قال : تلقيني‏ عند الصراط ، و أنا أقول سلم سلم شيعة علي .

قال أبو ذر : فسكن قلبها .

ثم التفت إلي رسول الله فقال : يا أبا ذر ، إنها بضعة مني ، فمن آذاها فقد آذاني ، ألا إنها سيدة نساء العالمين ، و بعلها سيد الوصيين ، و ابنيها الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وإنهم إمامان إن قاما أو قعدا و أبوهما خير منهما ، و سوف يخرج من صلب الحسين تسعة من الأئمة معصومون قوامون بالقسط ، و منا مهدي هذه الأمة .

قال قلت : يا رسول الله فكم الأئمة بعدك ؟

قال : عدد نقباء بني إسرائيل .

كفاية الأثر ص36 .

ويا طيب : إن فاطمة الزهراء تعرف أنها مع أبيها وأول من ينشر ويحشر وهم في أعلى وأفضل رحمة الله ، ولكن لتسكين الخاطر بذكر فضل الله عليهم ، وتعليم فضلهم لأحبتهم ليثبتوا على ولايتهم والعلم بمعارفهم والعمل بها مخلصين لله الدين .

فعن خيثمة الجعفي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام .

فقال لي : يا خيثمة:

إن شيعتنا : أهل البيت ، يقذف في قلوبهم الحب لنا أهل البيت ، و يلهمون حبنا أهل البيت ، ألا إن الرجل يحبنا و يحتمل ما يأتيه من فضلنا ، و لم يرنا و لم يسمع كلامنا لما يريد الله به من الخير ، و هو قول الله‏ :

{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ (17) } محمد.

يعني من لقينا : و سمع كلامنا ، زاده الله هدى على هداه .

تفسير فرات الكوفي ص418 .

وبعد أن عرفنا اللقاء : بالنبي وآله بفضل الله عليهم وعلينا إن شاء الله وأنه في الدارين كما عرفت أعلاه ، فلنتعرف على لقائنا الدائم بهم والسكن في جوارهم على الكوثر في أعالي الجنان كما ذكر في الأبوذية ليتم شرحها ، فنتدبر الأحاديث الآتية :

عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام قال : لما أنزل الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله :‏ { إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ } .

قال له أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : يا رسول الله ، لقد شرف الله هذا النهر و كرمه ، فانعته لنا ؟ قال : نعم ، يا علي :

الْكَوْثَرُ : نهر يجري من تحت عرش الله ، ماؤه أبيض من اللبن و أحلى من العسل وألين من الزبد ، حصاه الدر والياقوت والمرجان، ترابه المسك الأذفر ، وحشيشه الزعفران ، سنخ قوائمه عرش رب العالمين، ثمره كأمثال القلال من الزبرجد الأخضر و الياقوت الأحمر و الدر الأبيض ، يستبين ظاهره من باطنه و باطنه من ظاهره .

فبكى النبي و أصحابه : ثم ضرب بيده على جنبي‏ .

فقال : أما و الله يا علي ، ما هو لي وحدي .

و إنما هو : لي و لك و لمحبيك من بعدي .

تفسير فرات الكوفي ص609ح766 .

جعلنا الله عز وجل : منهم ونشرنا وحشرنا معهم وشفعهم فينا وأسكننا معهم .

وعن الحسين بن أعين قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن قول الرجل للرجل ، جزاك الله خيرا ، ما يعني به ؟ فقال‏ أبو عبد الله عليه السلام :

إِنَّ خَيْراً : نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ ، مَخْرَجُهُ مِنَ الْكَوْثَرِ .

وَ الْكَوْثَرَ : مخرجه من ساق العرش ، عليه منازل الأوصياء و شيعتهم ، على‏ حافتي ذلك‏ النهر جواري‏ نابتات ، كلما قلعت واحدة نبتت أخرى‏ ، سمي‏ بذلك‏ النهر ، و ذلك قوله‏ عزوجل : { فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ } .

فإذا قال الرجل لصاحبه : جزاك الله خيرا، ، فإنما يعني بذلك تلك المنازل التي‏ أعدها الله عز و جل لصفوته و خيرته من خلقه .

كافي ج15ص526ح15114/ 299.

ورحم الله ابن حماد إذ قال :

يا آل طه حبكم لم يزل
فرضا علينا واجبا لازما
من لقي‏ الله بلا حبكم
خلده الله لظى راغما

خاب و لو صلى على رأسه‏
و قطع الدهر معا صائما
من مثلكم و الله لولاكم‏
لما برا حواء و لا آدما
شرفكم في الخلق حتى لقد‏
صير جبريل لكم خادما
المناقب ج4ص213 .

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله :‏

الزموا : مودتنا أهل البيت .

فإنه من لقي‏ الله : و هو يودنا أهل البيت ، دخل الجنة بشفاعتنا ، و الذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلا بمعرفة حقنا .

المحاسن ج‏1ص61ب81 ح105 .

ما لاقى أهل البيت والتقي يلقينا بهم :

يا طيب : إن ما لاقى أهل البيت عليهم السلام من الشدائد والمصاعب في تبليغ هدى الله ، وصبرهم في جنب الله ، وكذا ما لاقى شيعتهم ، هو السبب الموجب للقاء رحمة الله وفضله وثوابه ورضاه ونعيمه في الآخرة دون غيرهم ، ولمعرفة هذا المعنى راجع كلماتهم وتأريخ الإسلام تعرف شدة ما عاناه النبي وآله في سبيل نشر كلمة الله وتعريف توحيده ودعوة الناس لشكر الله تعالى وعبوديته ، ويكفي نذكر حديثين في هذا المعنى :

قال أمير المؤمنين عليه السلام : في أحد خطبه يصف ما لقوا ممن خالفهم ، و حالهم وعداء قريش لهم وحصرهم في شعب أبي طالب وكتابتهم الصحيفة في تحريم البيع والشراء منهم ، وما أرادوا بهم من السوء وحربهم للنبي وآله حتى بعد من أسلم منهم وما أظهروا من النفاق وتربص الدوائر بهم ، قال أمير المؤمنين عليه السلام :

إني لأرجو : إذا أعطى الله الناس على قدر فضائلهم في الإسلام ، و نصيحتهم لله و رسوله ، أن يكون نصيبنا في ذلك الأوفر ، إن محمدا صلى الله عليه وآله ، لما دعا إلى الإيمان بالله و التوحيد ، كنا أهل البيت أول من آمن به و صدق بما جاء به ، فلبثنا أحوالا مجرمة (صعبه ) .

و ما يعبد الله : في ربع ساكن من العرب غيرنا ، فأراد قومنا قتل نبينا ، و اجتياح أصلنا ، و هموا بنا الهموم ، و فعلوا بنا الأفاعيل ، فمنعونا الميرة ، و أمسكوا عنا العذب‏ ، و أحلسونا الخوف‏ ، و جعلوا علينا الأرصاد و العيون ، و اضطرونا إلى جبل وعر ، و أوقدوا لنا نار الحرب .

و كتبوا علينا : بينهم كتابا ، لا يؤكلونا و لا يشاربونا ، و لا يناكحونا ، و لا يبايعونا ، و لا نأمن فيهم ، حتى ندفع النبي فيقتلوه و يمثلوا به ، فلم نكن نأمن فيهم إلا من موسم إلى موسم .

فعزم الله لنا : على منعه ، و الذب عن حوزته ، و الرمي من وراء حرمته ، و القيام‏ بأسيافنا دونه في ساعات الخوف بالليل و النهار .

فمؤمننا : يرجو بذلك الثواب ، و كافرنا يحامى به عن الأصل .

فأما من أسلم : من قريش بعد ، فإنهم مما نحن فيه أخلياء ، فمنهم حليف ممنوع ، أو ذو عشيرة تدافع عنه ، فلا يبغيه أحد ، بمثل ما بغانا به قومنا من التلف ، فهم من القتل بمكان نجوة و أمن .

فكان ذلك : ما شاء الله أن يكون ، ثم أمر الله رسوله بالهجرة ، و أذن له بعد ذلك في قتال المشركين .

فكان إذا احمر البأس : و دعيت نزال ، أقام أهل بيته ، فاستقدموا ، فوقى‏ بهم أصحابه حر الأسنة و السيوف ، فقتل عبيدة يوم بدر ، و حمزة يوم أحد ، و جعفر و زيد يوم مؤتة .

و أراد لله : من لو شئت ذكرت اسمه ( يعني نفسه ) مثل الذي أرادوا من الشهادة مع النبي صلى الله عليه وآله غير مرة ، إلا أن آجالهم عجلت و منيته أخرت، و الله مولى الإحسان إليهم و المنان عليهم بما قد أسلفوا من الصالحات .

فما سمعت : بأحد ، و لا رأيت فيهم من هو أنصح لله في طاعة رسوله ، و لا أطوع لرسوله في طاعة ربه ، و لا أصبر على اللأواء و الضراء ، و حين البأس ، و مواطن المكروه مع النبي ، من هؤلاء النفر....

وقعة صفين ص89.

ويا طيب : راجع خطبة فاطمة الزهراء عليها السلام ، وما لاقت بعد شهادة أبيها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ، أو أنظر الخطبة الشقشقية للإمام علي عليه السلام وما لاقى من الإقصاء و الخيانة والحروب ، أو أنظر ما فعل بالحسن والحسين عليهم السلام من القتل والتشريد ، بل وما لاقى شيعتهم ، ولك هذا الحديث في ما لاقى شيعتهم :

وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهم السلام : أن رجلا من أصحابه شكا إليه ما يلقون من الناس .

فقال : يا ابن رسول الله ، ما ذا نحن فيه من أذى الناس ، و مطالبتهم لنا ، و بغضهم إيانا ، و طعنهم علينا ، كأنا لسنا عندهم من المسلمين ؟

فقال له أبو عبد الله عليه السلام : أ و ما تحمدون الله على ذلك و تشكرونه ، إن الشيطان لما يئس منكم أن تطيعوه في خلع ولايتنا ، التي يعلم أن الله عز و جل لا يقبل عمل عامل‏ خلعها ، أغرى الناس بكم حسدا لكم عليها .

فاحمدوا الله : على ما وهب لكم‏ من العصمة ، و إذا تعاظمكم ما تلقون من الناس ، ففكروا في هذا :

و انظروا : إلى ما لقينا نحن من المحن ، و نلقى منهم ، و ما لقي‏ أولياء الله‏ و رسله من قبلنا .

فقد سئل رسول الله : عن أعظم الناس امتحانا و بلاء في الدنيا ؟

فقال صلى الله عليه وآله : الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأئمة ثم المؤمنون ، الأول فالأول و الأفضل فالأفضل .

و إنما أعطانا الله : و إياكم ، و رضي لنا و لكم ، صفو عيش الآخرة .

ثم قال عليه السلام : الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر ، و ما أعطى الله عبدا مؤمنا حظا من الدنيا ، إلا مشوبا بتكدير ، لئلا يكون ذلك حظه من ثواب الله عز و جل ، و ليكمل الله له صفو عيش الآخرة.

دعائم الإسلام ج1ص47 .

يا طيب : إذا عرفت ما يلاقي الشيعة فتدبر هذا الحديث في لقاء وتلقي الوهابية والناصبية : يقولون نحب أهل البيت ، ولا يصلي ولا يسلم عليهم ، ولا يأخذ بتعاليمهم ، ويعادي ويقاتل من يحب النبي وآله ومن يودهم ومن يتولاهم ويأخذ معارفه منهم .

عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

من لقي‏ المسلمين : بوجهين و لسانين ، جاء يوم القيامة ، و له لسانان من نار.

الكافي ج2ص343ح1 .

والحب والإيمان الحقيقي : هو كما عن واثله : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

لا يتم الإيمان : إلا بمحبتنا أهل البيت ، و إن الله تبارك و تعالى عهد إلي :

أنه لا يحبنا أهل البيت : إلا مؤمن تقي ‏، و لا يبغضنا إلا منافق شقي .

فطوبى : لمن تمسك بي و بالأئمة الأطهار من ذريتي .

فقيل : يا رسول الله فكم الأئمة بعدك ؟

قال : عدد نقباء بني إسرائيل.

كفاية الأثر ص110.

وأنظر يا طيب : كيف يظهر بحق الشيعة وأئمتهم حب بعضهم البعض وثوابهم : في كتاب مصداقة الأخوان : عن ميسر :

عن أبي جعفر الثاني الإمام الجواد التقي عليه السلام‏ قال : قال لي :

أ تخلون : و تحدثون ، و تقولون ما شئتم .

فقلت : إي و الله لنخلوا و نتحدث و نقول ما شئنا .

فقال : أما و الله لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن ، أما و الله إني لأحب ريحكم و أرواحكم ، و إنكم على دين الله و دين ملائكته ، فأعينونا بورع و اجتهاد.

و عن عبد الله : إن أبي جعفر الثاني الإمام الجواد التقي عليه السلام قال:

رحم الله : عبدا أحيا ذكرنا .

قلت : ما إحياء ذكركم ؟

قال عليه السلام : التلاقي و التذاكر عند أهل الثبات.

و عن خيثمة قال: دخلت على أبي عبد الله الصادق عليه السلام لأودعه ، و أنا أريد الشخوص .

فقال : أبلغ موالينا السلام ، و أوصهم :

بتقوى الله العظيم : و أوصهم أن يعود غنيهم على فقيرهم ، و قويهم على ضعيفهم ، و أن يشهد حيهم جنازة ميتهم .

و أن يتلاقوا : في بيوتهم ، فإن في لقاء بعضهم بعضا حياة لأمرنا .

ثم قال : رحم الله عبدا ، أحيا أمرنا .

يا خيثمة : إنا لا نغني‏ عنهم من الله شيئا ، إلا بالعمل ، و إن ولايتنا لا تدرك إلا بالعمل ، و إن أشد الناس حسرة يوم القيامة ، رجل وصف عدلا ثم خالف‏ إلى‏ غيره‏.

مصادقة الإخوان ص32ح2 ، 3 ، 6 .

ويا طيب : الكلام في التقوى وكيف نتقي الله و الملاقاة على الهدى الحق وثوابه كثير طويل ، واخترنا ما عرفت ، والتقينا هنا في هذا الموضوع بفضل لقب الإمام محمد الجواد التقي صلى الله عليه وآله وسلم .

وأسأل الله : أن يوفقنا للتقوى و للقاء والتلاقي في الدينا بنشر معارف النبي وآله صلى الله عليهم وسلم والعمل بها مخلصين الدين لله صادقين مصدقين ، ولقاء نبي الرحمة وآله في الآخرة وفي كل منازلها ومراتبها ، والله تعالى ولي التوفيق وخير ناصر ومعين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين ، وصلى الله على نبينا وآهل الطيبين الطاهرين .

أبوذية التقي مجملة موسعة :

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

سلام الله وصلاته على محمد التقي

معارفه وآله من الضلال هي التقي

و طع الله بها و بهم في الجنة التقي

وبشرط إن تفارق خرابيط الوهابيه

المطولة :

سلام الله و صلاته على المعصوم الحادي عشر محمد التقي

يا طيب تعلم معارف هداه فإنها من الضلال و أهله هي التقي

و طع الله و اعبده بها تنال رضاه و بالنبي وآله في الجنة التقي

ومعهم على ضفاف الكوثر تسكن إذا خالفت خرابيط الوهابيه



روابط مفيدة :

صحيفة الإمام الجواد عليه السلام
وشرح أبوذية الجواد و التقي
تأليف وتحقيق وإعداد
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن حردان الأنباري
موقع موسوعة صحف الطيبين

صحيفة الإمام محمد الجواد عليه السلام على الانترنيت كما هي بين يدكم الطيبة ، صفحة ويب يمكن الاقتباس منها و للنسخ ثم اللصق في المواقع الاجتماعية
www.alanbare.com/9

كتاب الكتروني بي دي أف جيد للمطالعة والقراءة
www.alanbare.com/9/9.pdf

مكتبة الإمام محمد الجواد عليه السلام للنسخ والنشر في المواقع
www.alanbare.com/9/m

مكتبة الإمام محمد الجواد عليه السلام ملف بي دي أف للمطالعة
www.alanbare.com/9/9m.pdf


أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وآله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com





ف ✐

✺ ت