بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين

في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____




صحيفة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الجزء الثاني صحيفة الشهادة
ورحلته إلى مرو خراسان والبيعة له ومجالسه ومناظراته واحتجاجاته وشهادته وزيارته

عليه السلام

يا طيب : بين يديك صحيفة ومكتبة : حجة الله على العباد وولي أمرهم في البلاد بعد آبائه الكرام ، الإمام الرؤوف والمعصوم العطوف السلطان أبو الحسن الثاني الملقب بالرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين أخ الحسن بن علي بن أبي طالب زوج فاطمة الزهراء بنت سيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليهم وسلم .
وتجد في صحيفة الإمام عليه السلام : كل ما تحب معرفته عنه عليه السلام من ولادته وإمامته ومناقبه وفضائله ، وتعالميه وحكمه ومواعظه وشعره وخلقه وآدابه وسلوكه وسيرته مع أهل زمانه
ولحضرتكم يا طيب :
مختصر حياته الكريمة :

الإما م اسمه : علي عليه السلام .

كنيته : أبو الحسن ، و أبو محمد .

لقبه : الرضا .

والده : الإمام موسى بن جعفر عليه السلام .

اسم أُمه : نجمة ، وتسمى تكتم أيضا .

ولد : في المدينة المنورة ، الحادي عشر 11 ، شهر 11 ذي القعدة ، سنة 148مائة وثمانية وأربعون للهجره .

 أقام مع أبيه : 29 تسعاً وعشرين سنةً وأشهراً.

مدة إمامته : 20 عشرون سنة وأشهر ، من يوم 25 رجب 183هــ

هُجر من المدينة المنورة :إلى مرو خراسان سنة 200 هــ

بويع له بالخلافة الظاهريةفي مرو خراسان :سنة 201 هــ .

استشهد : في أخر صفر سنة ٢٠٣هـ ، وهناك روايات أخرى ستجدها في آخر هذا الجزء مفصلا ، منها في 11 ذي القعدة من هذه السنة .

وعمره الشريف : 55 خمسة وخمسون عاما مباركا .

 مرقده الشريف : طوس ( مشهد) إيران ، وتجد في الشرح شهادته ومحل مشهده مفصلا في الكتاب .
فسلام الله عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا


تأليف : خادم علوم آل محمد عليهم السلام الشيخ حسن جليل الأنباري

شرح حديث الإمامة و الإمام للإمام الرضا عليه السلام target=
من هنا
تفضل للجزء الأول كاملا 500 صفحة

تصفحه الصحيفة كاملة بإصدار سابق

جيد للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب

شرح حديث الإمامة و الإمام للإمام الرضا عليه السلام target=
من هنا
تَنْزِيلُ الصَّحِيفَةُ وَقِرَاءتُها

كتاب الكتروني بي دي اف pdf

جيد للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب

شرح حديث الإمامة و الإمام للإمام الرضا عليه السلام target=
من هنا
تفضل للجزء الأول كاملا 500 صفحة

تصفحه الصحيفة كاملة بإصدار سابق

جيد للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب

شرح حديث الإمامة و الإمام للإمام الرضا عليه السلام target=
من هنا
تَنْزِيلُ الصَّحِيفَةُ وَقِرَاءتُها

كتاب الكتروني بي دي اف pdf

جيد للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب

صحيفة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام

صحيفة الإمام الرضا علي بن موسى عليها السلام
الجزء الثاني
رحلته إلى مرو خراسان والبيعة له ومجالسه ومناظراته واحتجاجاته وشهادته وزيارته

وشرح معنى مرو

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

سلام الله على الرضا شهيد الرحلة من مرو

فاز زوار مشهده و هم أطيب من عطر مرو

ونجوا في القيامة وباغضيه وآله كأحجار مرو

قلوبهم تقدح نار وقاسيه كالقلوب اليهودية





سلام الله على أنيس النفوس في طوس شهيد الرحلة من مرو

مدينة مرو :

مرو : عاصمة أقليم خراسان قديما ، وكانت مدينة كبيرة جدا وتقع شمال شرق إيران ، وتبعد عن طوس أي مشهد الإمام الرضا عليه السلام حاليا حدود 366 كيلومتر ، والآن تقع في القسم الجنوبي الشرقي لجمهورية تركمانستان وتسمى ماري، وفتحت سنة 31 هـ ، وقصد مرو هارون العباسي سنة 193هـ وقبل أن يصلها مرض ومات في قرية سناباذ من مدينة نوقان من محافظة طوس في أقليم خراسان، وكان قد بعث المأمون والقواد والجيش إلى مرو ، فأعلن المأمون أنه الخليفة وأتخذ مرو عاصمة له بعد حروب مع أخيه الأمين في بغداد حتى قتله ، ثم استدعى الإمام علي بن موسى الرضا من المدينة إلى مرو فدخلها عليه السلام أول شهر رمضان سنة 201 هـ ، وجعل له ولاية العهد ، ثم لما صفت له الأمور قرر الرجوع إلى بغداد ، وفي طريق رجوعه في طوس سم الإمام وجعل مرقده ملاصقا لقبر أبيه وتحت قبة واحدة ، والآن مدينة مرو مهجورة وفيها آثر بيت الإمام الرضا عليه السلام ، وعمرت سناباذ نوقان طوس واتسعت جدا وفيها أوسع مزار في العالم ومحط عشاق آل محمد ، لأنه يضم مرقد أنيس النفوس وشمس الشموس الإمام الرؤوف أبو الحسن الرضا : علي بن موس بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب زوج فاطمة بنت سيد المرسلين محمد صلى الله عليهم وسلم ، وأنظر التفاصيل الآتية.....

 

تعريف خراسان وأهم مدنها :

يا طيب : لكي نستوعب رحلة الإمام الرضا عليه السلام عليه السلام ، وسبب شهادته والظروف المحيطة بها ، ونتعرف على محل مرقده المقدس وموقعه في خارطة الدولة الإسلامية القديمة والحديثة ، فنذكر تعريف رحلة هارون البليد ( الرشيد ) وبليد لأنه قتل إمامه موسى الكاظم عليه السلام مع اعترافه بفضله  وقتل معه سبعين من ذرية النبي الأكرم عليهم السلام بدون ذنب ، مع قرابته منهم وعلو مقامهم وتدينهم وقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كما علم أبنه قتل إمام زمانه ، ونذكر فيها تعريف المدن لنشتاق لزيارة الإمام عليه السلام ونقر له بالإمامة والولاية والتبري من أعدائهم ، والتمسك بهدى الطيبين الطاهرين المصطفين الأخيار والأئمة المعصومين من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، ونستغفر الله تعالى عندهم والصلاة والسلام عليهم ، ونقر لهم بالولاية لأمر الله ، والإمامة على العباد ، ونعترف لهم بأنهم حجج الله وبرهان دينه ودليل آياته عليهم السلام ، كما أمرنا الله تعالى في آيات كثيرة وعرفت هذا المعنى أحاديث متواترة . .

 

مختصر هجرة الإمام حتى الشهادة :

يا طيب : في سنة 148 للهجرة كان مولد الإمام الثامن علي بن موسى الرضا عليه السلام ، وفي سنة 200 للهجرة كانت رحلة الإمام وهجرته ، بل تهجيره بـأمر المأمون العباسي حاكم زمانه بعد أبيه هارون ، من المدينة بالإجبار إلى مرو ، فسلك به قائد جيش المأمون واسمه الضحاك الذي سار بالإمام من المدينة على الطريق العام للحاج وقد بيناه بالتفصيل في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام ، حتى وصل البصرة ، ومنها إلى الأهواز ، ثم رامهرمز وأقليد ثم يزد ثم طبس ثم محوطة خراسان في نيشابور ثم طوس في مدينتها نوقان وقريتها سناباذ وقد كان فيها مرض هارون ومات ودفن فيها ، ثم سار الإمام إلى سرخس وبقي فيها أياما ، ثم مروا وهي عاصمة الدولة العباسية وفيها الغير المأمون شره ، وفيها بعد أشهر قبل الإمام ولاية العهد بعد تهدد كثير ، وتوجد حكايات ومحطات توقف للإمام عليه السلام في هذا الطريق تجده في صحيفة الإمام الرضا عليه السلام من موسوعة صحف الطيبين .

ثم يا طيب : لما أستتب الحكم للمأمون وأستمكن ، وأراد الرجوع إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية ، في طريق الرجوع قتل وزيره الفضل في حمام سرخس ثم قتل قاتله ليبرئ نفسه ، ثم سار راجعا حتى طوس وفي قرية سناباذ سم الإمام عليه السلام ، ودفنه في مرقد ملاصق لقبر أبيه هارون وتحت نفس القبة التي دفن فيها ، و ذلك في يوم 11 ذي القعدة سنة 203 للهجرة ، أو في آخر صفر من هذه السنة على الأشهر، وستأتي بعض تفاصيل المدن والشهادة .

ويا طيب : حسب ما على خرائط گوگل من مدينة مرو  وهي الآن اسمه ماري وتقع في جمهورية  تركمانستان ، ومنها إلى مشهد خراسان الرضوي إي إلى طوس الواقع في جمهورية إيران الإسلامية ، 5 ساعات 20 دقيقة بالسيارة لقطع مسافة 368 كيلومتر ،  وعبر جاده مشهد سرخس مرو ، وفي نصف الطريق تقريبا تقطع حدود دولية بين أيران و تركمانستان ، وكانت تركمنستان وما خلف النهر من حدود مروا أي جمهورية أزباكستان تابعة للدولة العباسية.

ويا طيب : ذكرنا هذا التفصيل لأنه البعض يعتقد إن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ، كان ساكن في طوس وفي منطقة مرقده الحالي ، ولم يعرف أنه بويع له بولاية العهد لخلافة المأمون في مرو ، وإنما كانت طوس ومشهد الآن هي في طريق سفره من مرو إلى بغداد مع المأمون ، ولم يبقى في طوس مشهد إلى أيام ثم استشهد فيها ، كما أن يوجد آثار في مرو تسمى قدم كاه أو محط رجل الإمام ، أو محل سكنه وبيته في مروا ، وهو أطلال ، ويقام في كل سنة حفل يحضره الأهالي من مناطق مختلفة ، ووفود من الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، وزاره كثير من المسؤولين ومنهم رئيس البرلمان الإيراني وغيره وهذا تفصيل أوسع  . 

رحلة هارون إلى خراسان وتعريفها:

يا طيب : كان تقسيم البلاد سابقا إلى أقاليم و كور مثل أيران وعراق وشام ثم إلى ولايات ومقاطعات كبيرة فيها عدة محافظات مثل كل العراق ثلاثة مقاطعات وكذا أيران ، ثم أقضية وقرى ، فكانت خراسان تشمل ثلث إيران الشمالي تبد من نيسابور (نيشابور) وما ولاها مع دولتين وأكثر مثل تركمنستان وأزباكستان وقسم من طاجيكستان وكزاخستان وهرات أفغانستان ، وكانت عاصمة هذه المناطق مرو ووسط خراسان القديمة تقريبا .

 ولما قرر هارون : الخليفة العباس ، في سنة 193 للهجرة ، لرؤية ملكه والذهاب إلى مرو ومعه جيش كبير ، وخلف في بغداد أبنه الأمين ولي عهدا له ، واصطحب ابنه المأمون كولي عهد مرافق له ، وبعد أن قطع حدود مسافة 2000 ألفين كيلومتر تقريبا ، وصل منطقة خراسان شمال شرق أيران ، ومرض في نوقان أكبر من مدن طوس ومركزه وتقع في وسط الثلث لأول من خراسان وشمال شرق إيران الحالية ، وقبل أن يصل مدينة مرو عاصمة خراسان بحدود 366 كيلومترا وتقع شمال شرق طوس ، وكان لقائد جيشه سابق وحاكم تلك المنطقة الذي جاء لاستقباله واسمه حميد بن قحطبة منتجع في بستان في قرية سناباد ( سناباذ ) قرب نوقان مركز مدينة طوس ، وكان قد بنى في بستان سناباذ قصر ، فسكن فيه الرشيد وحوله سكن قسم من الجيش ، ثم لم يلبث إلا قليلا حتى مات وقبر في غرفة من غرف القصر ، وكان قبل موته أرسل بعض الجيش والقواد بقيادة أبنه المأمون إلى مرو ليمهدوا له الأمور .

فبقى المأمون في مرو : وأتخذها عاصمة له ، ووقعت له مع أخيه الأمين حاكم بغداد مراسلات ثم حروب  ، ثم أنتصر عليه وقتله ، وتم له الحكم المطلق على الدولة العباسية في سنة 198 للهجرة أي بعد خمسة سنوات من ولايته ، ثم في سنة 200 للهجرة أي بعد سنتين من تملك المأمون بالكامل أرسل الضحاك وجند كثير معه يطلب الإمام الرضا عليه السلام من المدينة لمرو ، وقد عرفت أنه عليه السلام دخل مرو سنة 201 للهجرة وبويع بالخلافة له كولي عهد للمأمون .

ثم المأمون : قرر الرجوع من مرو إلى بغداد سنة 203 للهجرة ، ولكي يصفى الحكم المطلق ويصلح أموره مع العباسيين الناقمين عليه لجعل الولاية للإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام وإنه سيخرج الحكم من العباسيين للعلويين ، ووزيره الذي مكنه من الحكم ، ففي طريق الرجوع في وسط الطريق لما وصل سرخس بين مرو وطوس ، قتل وزيره الفضل في حمام ثم قتل قاتله ، ثم لما وصل إلى محل دفن أبيه هارون ، سم الإمام في طريق رجوعه في قصر بستان قرية سناباذ من مدينة نوقان في منطق طوس ، وجعل مرقده قرب الرشيد وملاصق له وتحت قبة واحده ، هذا .

وذكر البلاذري : أول من دخل خراسان عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة ابن حبيب بن عبد شمس، كتب إليه عثمان بن عفان في سنة ثلاثين، وكان يومئذ على البصرة، وكتب إلى سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس، وكان عامله بالكوفة ، يأمرهما بالنفوذ إلى خراسان ، ويقول لكل واحد منهما إنه إن سبق إلى خراسان فهو أمير عليها.

 وكان قد صار : إلى عبد الله بن عامر كتاب ملك طوس ، فقال له : أنا أسبق بك على أن تملكني على نيسابور فسبق به ، فكتب له كتاباً هو عند ولده إلى هذه الغاية ، فافتتح عبد الله بن عامر عدة كور من خراسان في سنة إحدى وثلاثين ، وكان على مقدمته عبد الله بن خازم السلمي وكان معه الأحنف بن قيس التميمي، ثم انصرف عبد الله بن عامر وولى خراسان قيس بن الهيثم بن أسماء بن الصلت السلمي، وخلف معه الأخنف ابن قيس.

 ثم ولى عبد الله حاتم بن النعمان الباهلي، فأقام بخراسان يفتح ويغزو حتى قتل عثمان سنة خمس وثلاثين.

وولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : على خراسان جعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ المخزومي ، وكان قد قدم على علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهو بالبصرة ماهويه مرزبان مرو، فصالحه وكتب له كتاباً وهو بمرو إلى هذه الغاية .

البلدان ص26.

وذكروا : إن لهذا الاقليم خراسان فضائل تنسب إلى هذا الجانب ، ويشركه في اكثرها جانب هيطل ، إلا أن هذا لما كان أقدم في الاختطاط والفتح في الاسلام واقرب إلى اقاليم العرب ، خص بالذكر وعرف عند النسبة .

ويحكى عن ابن قتيبة أنه قال: خراسان أهل الدعوة وأنصار الدولة لما أتى الله بالإسلام كانوا فيه احسن الأمم رغبة وأشدهم اليه مسارعة منا من الله عليهم ، أسلموا طوعا ودخلوا فيه افواجا، وصالحوا عن بلادهم صلحا فخف خراجهم .

 

تعريف طوس ونوقان :

قال البلاذري : ويتصل بهذه البلدان، مما يلي بحر الديلم من كور نيسابور وما والاها طوس، وهي من نيسابور على مرحلتين ، وبطوس قوم من العرب من طي وغيرهم وأكثر أهلها عجم ، وبها قبر الرشيد أمير المؤمنين ، وبها توفي الرض عليُّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام. ومدينة طوس العظمى : يقال لها : نوقان . وخراج البلد : مع خراج نيسابور، ومن طوس إلى نسا من كورة نيسابور مرحلتان ومن نسا إلى باورد مرحلتان، ومن نسا إلى خوارزم لمن أخذ مشرقاً ثماني مراحل، وخوارزم على آخر نهر بلخ في الموضع الذي يخرج ماء نهر بلخ منه إلى بحر الديلم  .

البلدان ص20 .

تعريف سناباذ :

وقال الإصطخري : وإن جمعنا طوس إلى نيسابور ، فمن مدنها : الراذ كان والطابران ، وبزديغرة .

 والنوقان : التي بها قبر على بن موسى الرضا عليه السلام ، وقبر هارون الرشيد ، ومنها يرتفع البرام .

 وقبر الرضا : من المدينة على نحو ربع فرسخ بقرية يقال لها سناباذ .

 وفي جبال نيسابور وطوس : يكون الفيروزج، وكانت دار الإمارة بخراسان بمرو وبلخ إلى أيام الطاهرية ، فنقلوها إلى نيسابور فعمرت وكبرت وكثر ماله من توطنهم إياها .

المسالك والممالك الإصطخري ص 88 .

 

تعريف مدينة مرو وأهميتها :

مَرْو: مَرْوٌ مدينة بفارِسَ ‏، يقالُ له : أُمُّ خرَاسان وكانت عاصمة من حكم خراسان ، افتتحه حاتم بن النعمان الباهلي في خلافة عثمان سنة 31 للهجرة ، النسب إِليها مَرْوِيٌ‏ و مَرَوِيٌ‏ و مَرْوَزيٌ‏؛ ؛ و قالوا النسبة إِليها مَرْوَزِيٌ‏ على غير قياس ، و نسبة الثوب له‏ مَرْوِيٌ‏ على القياس .

ومرو : مدنها و بناها ذو القرنين و دعا لها بالبركة .

و قال : لا يصيب أهلها سوء.

سفينة البحار ج8ص60.

وذكر البلاذري :

مرو : وهي أجل كور خراسان ، افتتحها حاتم بن النعمان الباهلي ، ويقال : إن الأحنف بن قيس حضر فتحها ، وذلك في سنة 31  إحدى وثلاثين للهجرة ، وأهلها أشراف من دهاقين العجم ، وبها قوم من العرب من الأزد ، وتميم وغيرهم  .

 وهي كانت منازل ولاة خراسان : فكان أول من نزلها المأمون، ثم من ولي خراسان بعده ، حتى نزل عبد الله بن طاهر نيسابور.

 وشرب أهل مرو : من عيون تجري ، وأودية ، وخراجها داخل في خراج خراسان ، وبها جيد الثياب الموصوفة من ثياب خراسان ، ولها من الكور: كورة زرق، وأرم كيلبق، وسوسقان، وجرارة.

ومن مرو إلى آمل ست مراحل: أولها كشماهن منها الزبيب الكشمهاني، وسائر المراحل في برية وحصون ، فهذا ما على الخط الأعظم من كور خراسان ، وشرب أهل آمل من الآبار إلا ما كان يقرب منها من جيحون ، وهو نهر بلخ ، فأما ما عن يمين الخط الأعظم مما يلي بحر الهند، فهو من نيسابور إلى هراة ذات اليمين للمشرق عشر مراحل ، وهراة من أكثر بلاد خراسان عمارة ، وأحسنه وجوه أهل ، افتتحها الأحنف بن قيس في خلافة عثمان ، وأهلها أشراف من العجم ، وبها قوم من العرب، وشربها من العيون والأودية، وخراجها داخل في خراج خراسان.

البلدان ص 25 .

وذكر القزويني : مرو : من أشهر مدن خراسان وأقدمها وأكثره خيراً، وأحسنها منظراً وأطيبها مخبراً. بناها ذو القرنين، وقهندزها أقدم منها. قيل: إنه من بناء طهمورث ، وروى بريدة بن الحصيب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا بريدة إنه ستبعث من بعدي بعوث ، فإذا بعثت فكن في بعث المشرق ثم في بعث خراسان ثم في بعث أرض يقال لها مرو ، فإذا أتيتها فانزل مدينتها فإنه بناها ذو القرنين وصلى فيها عزير ، وأنهارها تجري بالبركة ، على كل نقب منها ملك شاهر سيفه يدفع عن أهله السوء إلى يوم القيامة. فقدمها بريدة غازياً وأقام بها إلى أن مات.

وأما المدينة : فطيبة كثيرة الخيرات وافرة الغلات. في أهله من الرفق ولين الجانب وحسن المعاشرة. وكانت كرسي ملك بني سلجوق لهم بها آثار .

آثار البلاد وأخبار العباد ص 18 .

ويا طيب : عرفت أن مرو الآن أطلال تشير لمدينة كبيرة عريقة ، وتحول عنها أهلها عنها لتغير المناخ وهطول الأمطار ، وصار مدينة قربها على بعد 20 كيلومتر تسمى ماري ، ومرو من أول المدن التي دخلت في التراث العالمي اليونسكو ، وقد عرف أن فيها آثار بيت الإمام الرضا عليه السلام .

 

 

 

موسوعة صحف الطيبين في
أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة الإمام الثامن
علي بن موسى الرضا

عليه الصلاة والسلام

الجزء الثاني
هجرته من المدينة إلى مرو حتى شهادته

يا طيب : هذا جزء الثاني مختص :

في شأن الإمام علي بن موسى الرضا الكريم وحياته الاجتماعية وهجرته إلى مرو خراسان ، حتى شهادته صلى الله عليه وآله وسلم .

ويا طيب : هذه صحيفة خليفة الله ورسوله بعد آبائه الطاهرين المعصوم العاشر والإمام الثامن ، حجة الله على خلقه ، وولي أمره في عباده ، سيدن ومولانا :

 أبو الحسن لرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلى الله عليهم وسلم وملائكته وكل المؤمنين .

 ناشر دين الله : وهادي الأمة الإسلامية ، معلم علمائها الناطق بالحقائق القرآنية ، مبطل شبهات المنافقين والمتفيقهين ودعاوي الواقفية والمأمونية ، ناصر دين الله وناشر مذهب أجداده بالحجج البرهانية ، مأوى الغرباء وغوث الأمة بأمر الله وحكمته العلية ، الإمام الرضا الصابر والرضي الفاضل ، الوفيّ لعهد الله ولزائريه في الحياة الدنيا والآخرة وعند المنية .

 

 

مختصر حياة الإمام الرضا :

يا طيب : ذكرنا تفاصيل ولادة الإمام وأسمه وألقابه وكثير من شؤونه في أبوذية الرضا عليه السلام المقتبسة من الجزء الأول كما سترى هذا في الفهرس الآتي ، وهذا مختصرا لأهم أدوار حياته الكريمة عليه السلام .

الإمام اسمه : علي عليه السلام .

وكنيته : أبو الحسن ، و أبو محمد .

لقبه : الرضا .

والده : الإمام موسى بن جعفر عليه السلام .

وأُمه تسمى : نجمة ، أو تكتم .

ولد : في المدينة المنورة ، ١١ الحادي عشر ذي القعدة سنة ١٤٨ مائة وثمانية وأربعون للهجرة .

 أقام مع أبيه : 35 سنةً تقريبا.

مدة إمامته :  2٠ عشرون سنة وأشهرا من يوم 25 رجب 183هـ.

هاجر من المدينة إلى مرو : سنة 200 هـ

بويع له بالخلافة الظاهرية : 201 ه .

أستشهد : في أخر صفر سنة ٢٠٣ه ، وهناك روايات أخرى ستجده في آخر هذا الجزء مفصلا ، منها في 11 ذي القعدة .

 وعمره الشريف : ٥٥ عاماً .

مرقده الشريف : طوس ( مشهد) الجمهورية الإسلامية الإيرانية .

 

مختصر فهرس الجزء الأول :

فهرس صحيفة الإمام الرضا عليه السلام في 500 صفحة

الباب الأول : اسم الإمام الرضا ونسبه وولادته ومدة عمره :

الباب الثاني : زمان ومدة إمامة الإمام الرضا والنص عليه :

الباب الثالث : جهاد الإمام الرضا  لإبطال مذهب الطائفة الواقفية:

الباب الرابع : سعة علم الإمام الرضا وشموله وإقرار العلماء بفضله

الباب الخامس : الإمام الرضا يثبت إمامته في الكوفة والبصرة

الباب السادس : مكارم الإمام الرضا وشأنه المعجز بفضل الله عليه

الباب السابع : مواعظ الإمام الرضا ببليغ الكلام وقصار الحكم:

الباب الثامن : ما أنشد الإمام الرضا من الشعر في الحكم :

الباب التاسع : نتعلم من الإمام الرضا عبودية الله بإخلاص المتيقنين :

الباب العاشر : مكارم أخلاق الإمام الرضا عليه السلام وآدابه الحسنة

الباب الحادي عشر :  أحوال الإمام الرضا مع آله ومناط حبهم وفضله

الباب الثاني عشر : قصص للإمام الرضا مع صحبه والرواة عنه وشأنهم.

 

ويا طيب : إن شاء الله تجد تفاصيل أكثر في صحيفة الإمام الرض عليه السلام الجزء الثاني الكامل ، وفيه أبواب كثيرة منها .

 الإمام الرضا عليه السلام بين المدينة ونيسابور .

الإمام في نيسابور ومرو في خراسان .

ولاية العهد وزمانها وأسبابها .

 التهنئة بولاية العهد وكيفية عقدها والخطب باسم الإمام الرض عليه السلام.

 بعض ما جرى بين الإمام عليه السلام وبين المأمون وأمرائه وآثار الإمام .

 احتجاج المأمون على المخالفين وما يتقرب به إلى إمام عليه السلام وليثبت ولائه وعلمه وفهمه لمسألة الولاية والإمام وليكبت مخالفيه .

أسباب استشهاد الإمام حسد المأمون وعجبه وحرصه .

تفاصيل شهادة الإمام وتغسيله ودفنه ومبلغ سنه .

ما أنشد من المراثي فيه عليه السلام ودعبل الخزاعي يرثي الإمام الرضا .

 ما ظهر من بركات الروضة الرضوية على مشرفها آلاف تحية ومعجزاته .

 

 

الباب الثالث عشر

ما كان بين الإمام الرضا وبين هارون

وولاته واتباعه لعنهم الله

 

الإمام الرضا وحكام بن العباس :

يا طيب : الغرض في هذه الصحيفة ، هو التعريف لأهم الأدوار والظروف التي تحيط بالإمام الرضا عليه السلام ، ومن هذه الظروف أحوال الإمام مع حكام عصر الظاهريين ، وفي هذا الباب سنذكر أهم أحوال الإمام عليه السلام في أيام هارون الحاكم العباس الخامس ثم الأمين ثم المأمون السابع ، فنقدم مختصرا في بيان حكام بني العباس في زمان الإمام الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام ، ونبرز تصارعهم على السلطة وتقاتلهم عليها وخيانة بعضهم البعض ، لتعرف أن ما فعله المأمون من سم الإمام الرضا عليه السلام بعد أن ولاه العهد ، وخيانته له مع اعترافه بإمامة ، هو من الخصال المتوارثة في بني العباس وعدم وفائهم بالعهد ، بل مستعدون لقتل أخوتهم وأعمامهم وأبنائهم من أجل تورث السلطة لأبنائهم أو أخوته ممن يحبون .

 

ويا طيب : كان أول حكام بني العباس

أبو العباس : الملقب بالسفاح وأسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم ، وبدأ حكمهم سنة 132 للهجرة .

وجعل ولي عهده : أخيه المنصور ، ثم بعد المنصور ولي عهد أبن أخيه عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ويسمى شيخ الدولة ، جعله عمه أبو العباس ولي عهد المنصور و ولاه الكوفة وسوادها سنة 132هـ.

ويا طيب : بهذا تعرف أول خصلة في التقديم والتأخير بتقديم السفاح على المنصور مع أنه أصغر من المنصور أربع سنوات ، ثم جعل ولي عهد لولي العهد .

 

 ثم حكم أخوه المنصور : وهم الذي سم الإمام الصادق في سنة 148 للهجرة ، وحكم من سنة  136إلى 158ه .

وكان أكبر : من السفاح إلا أن أخوه إبراهيم صاحب الدعوة حين قبض عليه الحاكم الأموي أوصى للسفاح ثم له ، ثم السفاح أوصى له ثم لعيسى بن موسى أبن أخي السفاح والمنصور كما عرفت ، إلا أن المنصور تهدد عيسى بن موسى وخوفه وطمعه ، فتنازل تحت الضغوط لأن يكون ولي عهد بعد أبن المنصور المهدي .

 وقد ولد الإمام الرضا عليه السلام : في سنة 148 للهجرة .

يا طيب : هذه ثاني خصلة في خيانة الوصية والعهد بعزل عيسى بن موسى بن أخيه ، وجعل ولاية العهد لأبنه المهدي ، فضلا عن قتله عشرات من أبناء الحسن المجتبى الذي كان قد بايعهم على الخلافة قبل ثم لم يفي لهم بل قتلهم ، وقصص قتله الشنيع لهم معروفة ، وتبين عظيم الخيانة لولي أمره ومن بايعه بالإيمان والعهود المغلظة ، كما قتل عمه علي عبد الله بن علي لأنه كان يستحق الخلافة بعده ، وقتل أبو مسلم الخراساني الذي أوصل العباسيين للحكم وبعد أن وعده بالحسنى ، وقتل الكثير ولكن هؤلاء ممن بايعهم وعاهدهم وواعد لهم الخير .

 

 ثم حكم المهدي بن المنصور : حكم 10 عشر سنين من عام 158 ه إلى أن توفي المهدى عام 169 هـ ، وقد سجن الإمام موسى الكاظم أبو الإمام الرض عليهم السلام فترة ، ثم أخرجه من السجن ورجع للمدينة .

ثم المنصور : لما عزل بن أخيه عيسى بن موسى كما أوصى السفاح له من ولاية العهد ، المهدي أيضا خوف أبن عمه عيسى بن موسى وضغط عليه وأحتال عليه بالتهديد والتخويف والمال ، فعزله عن ولاية العهد، وجعل ولي عهده بعد أبنيه الأكبر وأسمه موسى الملقب بـ الهادي ، ثم بعده يكون ولي عهد له هارون الملقب الرشيد .

يا طيب : هذه ثالث خصلة خيانة بولاية العهد من ثالث خليفة ، بعزل عيسى بن موسى عن ولاية العهد وسلب الخلافة عنه كليا ، وجعل المهدي الخلافة لولديه ، موسى الهادي ثم هارون الرشيد ، فضلا عن قتله للعلويين وسجنه للإمام الكاظم عليه السلام ثم إرجاعه للمدينة..

 

 ثم الهادي ابن المهدي بن المنصور : وقد حكم من 169 إلى 170 هـ ، وحكم سنه ونص وكان مشغول بنقل الخلافة لأبنه جعفر وعزل أخيه هارون بن المنصور ، ولكن لما رفض هارون أستعان بمربيه يحي البرمكي فلم يعينه ، فسجن يحيى البرمكي مربي هارون وسجن أخيه هارون ليضغط عليه لكي يتنازل بولاية العهد لأبنه ، وقد سجن كلا في غرفه ، ثم قرر إعدامهم وقتلهم ، وأعلى في الملأ ولاية العهد لأبنه جعفر .

ولكن الخيزران : أمه لتخلص أبنها هارون من السجن أخيه سمت أبنها المهدي ، ويقال هي وجواريها دخلوا عليه ليلا وخنقوه ، وغرت قائده أبن هرثمة في صبيحة ليلة قتل أبنها أخرجت ابنها هارون مع يحيى من السجن ، وعزلت جعفر بن أبنه ، وأرجعت هارون للخلافة وجعلت وزيره والمنفذ لأموره يحيى البرمكي ، وأجبروا جعفر ابن المهدي أن يخرج للعلن ويخطب بتنازله للخلافة لعمه هارون ، وسيأتي بعض الكلام عن البرامكة وعلاقتهم بالدول .

يا طيب : هذه رابع خيانة من خليفة رابع بعزل أخيه وجعل أبنه ولي عهد ، ولكن بتدبير أمه قتله فهذه خيانة في خيانة أم تقتل ابنها ، وتعزل ابن أبنها لأجل أبنها مرة أخرى ، لتعرفهم أهمية الحكومة وشدة طلبها حتى بقتل الأخ أو عزله ، فكيف لو تصل المنافسة لمن هو له قرابة بعيدة لأكثر من عشر أجداد كالرض عليه السلام في زمن المأمون .

 

ثم حكم هارون : أخو الهادي بن المهدي بن المنصور ، من 170 إلى 193 هـ  ، وعمره 22 سنة ، وهارون هو الذي سجن الإمام موسى ابن جعفر الكاظم عليه السلام ثم سمه في السجن في يوم  25 رجب 183 للهجرة .

وسيأتي بعض الكلام عنه : وعن توليته للعهد .

ويا طيب : ولد الإمام الرضا عليه السلام ونشاء ، في زمن هؤلاء الطغاة ، الذين منهم من سمى نفسه بالسفاح ، ومنهم سمي بالمنصور لأنه قتل الكثير من الحسنين بقتل فجيع  وكان ممن بايع لهم بالخلافة وكان يدعوا لهم ، ولكنه لم سلم أبو مسلم للعباسيين الحكم نكث التسليم لهم ثم قتل من بايعهم بعهود ومواثيق مغلظة ، ثم سم جد الرضا الإمام الصادق عليه السلام  وأنشاء المذاهب في زمانه ليبعد الناس عن هدى أهل البيت عليهم السلام ، ومنهم حتى أخيه لم يسلم منه بل سجنه ثم أمه قتلته ، ثم هارون بن المنصور ممن قتل كثير من العلويين ، حتى سجن ثم قتل الإمام الكاظم أبو الإمام الرضا عليهم السلام ، والإمام أستلم الإمامة بعد أبيه الكاظم في زمن صعب ، الحكام اعتادوا القتل والتنافس على السلطة حتى قتل المأمون أخوه الأمين كما سترى ، وكان يعادون في كل أحوالهم أهل البيت ويخافوهم ، وكان على الإمام تبليغ دين الله بمثل هذه الظروف ، وحكام قتل وعزل لأخوتهم فكيف بغيرهم ممن يتصورون أن سيأخذ الحكومة والخلافة منهم وله شأن كبير وشعب كثير يمكن أن يعينه لو طلبها.

 

الإمام في زمن هارون :

يا طيب : عرفت إن الإمام الرضا عليه السلام أستلم الإمامة بعد شهادة أبيه الإمام الكاظم عليه السلام في سنة يوم 25 رجب 183هـ  في زمن هارون ، في سنة ، وعمره الشريف 35 سنة .

وهارون الملقب بالرشيد : بل ( البليد ) أبن عبد الله أبو جعفر المنصور ، أخو السفاح ، بن عبد الله ، بن محمد ، بن علي ، بن عبد الله ، بن العباس عم النبي، وأمه الخيزران ، ولي الخلافة في اليوم الذي توفي فيه أخوه موسى ، وهو لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة 170 هجري .

وفي سنة : 179 هجري حج هارون ، والتقى بالتابعيين والقريشيين وتعرف على من بقى من الهاشميين والطالبيين في مكة والمدينة وكرمهم بكثير من العطاي والهدايا ، وتعرف على الإمام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبا الإمام الرضا عليهم الصلاة والسلام ، وكرمه بالجلوس معه وباحثه في كثير من أحواله وتعرف على أموره ، ولكنه لم يهدي له شيء ولما سأله المأمون ، م هذه الحفاوة والتكريم بالاستقبال ،  ثم الجفوة في العطاء ، فقال هذا الإمام والهادي الصادق ودين الله الحق عنده ، ولم أعطيه لأن فقره اسلم لحكمنا ، وإن الملك العقيم ولو نازعتني عليه لأخذت الذي فيه عينيك أي رأسك ، وبهذا عرف المأمون بعض الحق لأهل البيت ، ومر ذكر بعض القصص في صحيفة الإمام الكاظم عليه السلام أبوذية الكاظم وموسى فراجع ، وسيأتي بعض ما يناسب هذا الباب .

 

يا طيب : لما قضى هارون مراسم المدينة ، توجه إلى بغداد راجع لعاصمة ملكه ، وسير قافلتين في أحدهم الإمام الكاظم عليه السلام ، فوجه إلى البصرة وسجنه عند ابن عمه حاكمها ، ثم حاكم البصرة أعتذر بعد ما يقارب السنه بأنه لم يرى منه شيء يثير على حكمهم وأنه زاهد عابد ونبيل شريف ، أمره أن يرسل الإمام إلى بغداد عنده ، ثم سجن الإمام متنقلا في سجونه وبعد حدود أربع سنوات دس سم للإمام في السجن ، وستشهد بأمر هارون ، يوم 25 رجب سنة 183 للهجرة ، وهو في بغداد في سجن  السندي بن شاهك.

ويا طيب : ومن هذا التأريخ استلم الإمام الرضا الإمام والولاية والخلافة لأبيه وأجداده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وهو حفيده ، هذا .

وخرج هارون : إلى خراسان في شعبان سنة 192 ، فنزل قرماسين ، فصار بها شهر رمضان ، ثم سار هارون إلى خراسان في منطقة طوس ومدينتها نوقان ، فنزل قرية قربها يقال لها سناباذ وفي بستان فيها قصر بناه حاكم تلك المنطقة  كم عرفت ، وهو شديد العلة ، وتوفي مستهل جمادى الأولى سنة 193 ، وهو ابن ست وأربعين سنة ، كما عرفت وسيأتي تفصيلا أخر  .

وتوفي هارون : وقد كان أوصى بولاية العهد لأبنه محمد الأمين ، على أن تكون الولاية بعده ولاية العهد لأبنه عبد الله المأمون وقد كتبت المواثيق الغليظة على ذلك ، وكتبها وعلقها في الكعبة ونشر منها نسخ في جميع البلاد .

 وأن كان المأمون : أكبر من الأمين بستة أشهر ، إلا أنه قدم الأمين لولاية العهد بتأثير أمه زبيدة زوجة هارون ، وهي أم الأمين والمحظية عنده ، وأخر المأمون عن ولاية العهد لأن أمه كانت أمة للرشد .

وسترى في فصل أهم الوقائع بين الأمين والمأمون إلى شهادة الإمام فأنتظر .

 

ويا طيب : لما كانت بدأت إمامة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام من 183هجري من يوم استشهاد والده الكاظم عليه السلام ، وإن هارون مات سنة 193 هجري ، فيكون الإمام الرضا عليه السلام قد عاصر هارون كإمام لمدة 10 عشر سنوات ، ولذا كانت للإمام طرف من الأخبار مع هارون ووزراءه وحكام عصره ، ومنه قسم مع الواقفية  واحتجاجهم بعدم جواز إظهار الإمام أمر الإمامة في زمن الطاغية ، ورد الإمام عليهم في الفصل الذي عقدناه في احتجاجاته معهم ، و كما مر بعضها وسيأتي قسما أخر ، وكانوا يسعون به أيضا لهارون كما سترى بعض أخباره معهم .

ويا طيب : قد خصص هذا البحث لطرف أخبار الإمام مع هارون حاكم عصره الظاهر ووزراءه ، وبعض الأخبار المتعلقة بهذا الموضوع ، وأسأل الله أن يوفقن لبيان لقسم من دور الإمام لبيان الهدى ، وفي هذا الفترة التي يقطر فيها سيف هارون كسيف جده وأبيه وأخيه من دماء آل محمد وشيعتهم ، ولنعتبر بما يهدينا لمعرفة صعوبة الحفاظ على الحق والجهاد في سبيله والثبات عليه ، ودور وجهاد الأئمة الأطهار في إيصال تعاليم الله تعالى في اشد الظروف والحفاظ عليها في أصعب أدوار التاريخ ومحن الزمان ، حتى يحق الحق ويظهر الله تعالى دينه ولو كره الكافرون ، فأقرأ وتدبر شيء من معانات الأئمة الأطهار وبالخصوص في عصر الهادي لدين الله الإمام الرضا عليه السلام مع حاكم زمانه الظاهر ، وهذه بعض الأحاديث لنتدبرها .

 

الإمام يتوكل على الله ويعلن إمامته :

عن أبي مسروق قال : دخل على الرضا عليه السلام جماعة من الواقفة ، فيهم علي بن أبي حمزة البطائني ، و محمد بن إسحاق بن عمار ، و الحسين بن عمران ، و الحسين بن أبي سعيد المكاري ، فقال له علي بن أبي حمزة :

جعلت فداك : أخبرنا عن أبيك عليه السلام ما حاله ؟

فقال : قد مضى عليه السلام .

فقال له : فإلى من عهد ؟

فقال عليه السلام : إلي .

فقال له : إنك لتقول قولا ما قاله أحد من آبائك ، علي بن أبي طالب فمن دونه .

 قال : لكن قد قال خير آبائي وأفضلهم ، رسول الله صلى الله عليه وآله .

فقال له: أما تخاف هؤلاء على نفسك ؟

فقال عليه السلام : لو خفت عليها كنت عليها معينا ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه أبو لهب فتهدده .

 فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : إن خدشت من قبلك خدشة ، فأنا كذاب ، فكانت أول آية نزع بها رسول الله صلى الله عليه وآله وهي أول آية أنزع بها لكم ، إن خدشت خدشا من قبل هارون ، فأنا كذاب . 

فقال له الحسين بن مهران : قد أتانا ما نطلب ، إن أظهرت هذ القول .

 قال : فتريد ماذا ؟

أتريد : أن أذهب إلى هارون ، فأقول له : إني إمام وأنت لست في شيء ؟

ليس هكذا : صنع رسول الله صلى الله عليه وآله في أول أمره .

إنما قال ذلك : لأهله ومواليه ومن يثق به ، فقد خصهم به دون الناس ، وأنتم تعتقدون الإمامة لمن كان قبلي من آبائي ، وتقولون إنه إنما يمنع علي بن موسى أن يخبر أن أباه حي تقية ، فإني لا أتقيكم في أن أقول إني إمام ، فكيف أتقيكم في أن أدعي أنه حي لو كان حيا .

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 213 .

بيان :  نزع بها : أي نزع الشك بها ، ولعله كان برع أي فاق ، قوله قد أتانا ما نطلب أي من الدلالة والمعجزة ، ولما علقوا ذلك على الإظهار للإمامة علنا حتى أمام السلطان وجلاوزته ، قال عليه السلام قد أظهرت ذلك الآن ، وليس الإظهار بأن أذهب إلى هارون وأقول له ذلك ، ويحتمل أن يكون المعنى قد أتان ما نطلب من القدح في إمامتك لترك التقية بالجواب أني لم أترك ما يلزم من التقية في ذلك ، والأول أظهر . بحار الأنوار ج45ص114ب9ح5.

 

وعن صفوان بن يحيى قال : لما مضى أبو الحسن موسى عليه السلام :  وتكلم الرضا خفنا عليه من ذلك ، وقلنا له : إنك قد أظهرت أمرا عظيم وإنا نخاف عليك من هذا الطاغي .

فقال عليه السلام : يجهد جهده فلا سبيل له علي .

 مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 340 .  عنه في بحار الأنوار ج45ص115ب9ح6.

 

وعن محمد بن سنان :

قيل للرضا عليه السلام : إنك قد شهرت نفسك بهذا الأمر ، وجلست مجلس أبيك  ، وسيف هارون يقطر الدم ؟

فقال : جوابي هذا ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ، إن أخذ أبو جهل من رأسي شعرة ، فاشهدوا أنني لست بنبي .

وأنا أقول لكم : إن أخذ هارون من رأسي شعرة ، فاشهدوا أنني لست بإمام .

 مناقب آل أبى طالب ج 4  ص 340 ،  روضة الكافي ص 257بحار الأنوار ج45ص59ب3ح74 .ص115ب9ح7.

ويا طيب : قد مرت بعض الأقوال في فصل الإمام الرضا عليه السلام والطائفة الواقفية .

 

الإمام يخبر عن مدفنه وهارون :

يا طيب : قد جاءت روايات كثيرة عن النبي وآله أجداد الإمام الرضا عليهم الصلاة والسلام ، في أنه سيكون مرقد الإمام في طوس وقرب طاغية زمانه ويسمه طاغية أبن الطاغية ، وسيأتي بعضها في أحاديث فضل زيارة الإمام والسلام والصلاة عليه ، ومنها ما جاء عنه عليهم السلام :

عن موسى بن عمران قال :

رأيت : علي بن موسى في مسجد المدينة ، وهارون  يخطب .

قال : تروني وإياه، ندفن في بيت واحد.

كشف الغمة ج 3 ص 138 ، بحار الأنوار ج45ص62ب3ح80 .

 

وعن حمزة بن جعفر الأرجاني قال :

خرج هارون : من المسجد الحرام مرتان ، وخرج الرضا عليه السلام مرتان .

 فقال الرضا عليه السلام : ما أبعد الدار وأقرب اللقاء ي طوس ، ستجمعني وإياه .

مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 340 ، بحار الأنوار ج45ص115ب9ح6.

 

وعن مسافر قال : كنت عند الرضا عليه السلام بمنى ، فمر يحيى بن خالد البرمكي ، فغطى أنفه من الغبار .

فقال عليه السلام : مساكين لا يدرون ما يحل بهم في هذه السنة .

ثم قال : وأعجب من هذا ، هارون وأنا كهاتين ، وضم بين أصبعيه .

 مناقب آل أبى طالب ج 4  ص 340 ، وترى حديث المسافر في الكافي ج 1 ص 491 ، بحار الأنوار ج45ص59ب3ح74 .

البرمكي يخبر هارون بإمامة الإمام :

يا طيب : إن بعض من يتزلف للحكام ، ويكون عين على المؤمنين طمعا بالدنيا وببيع الدين بها ، لا يصبر على الحق وعلو شأنه ، وإن كان أبو الإمام الرضا الإمام الكاظم عليه السلام سجن فترة عند البرامكة ، وعرفوا أن هارون سمه في السجن ، ولكنهم مع ذلك طمع بابتسامه من هارون يحبون لآل محمد السجن والقتل ، وما أكثرهم في زمن الطغاة والعياذ بالله منهم ، ولمعرفة هذا لنتعظ من الطمع بالدني ، نرى شأن الحاسدين لآل محمد ومصيرهم الأسود ، فهارون مع أنه مدفون مع الإمام كثير من زائري الإمام لا يعرفون هذا ، بل إن التفتوا له يلعنوه ، وعلى شأن الحق وصرحه ، وكذا البرامكة قتلهم من سعوا له شر قتله وشردهم فلم يبقي لهم أثر ، فتدبر وأتعظ .

 

عن موسى بن مهران قال : سمعت جعفر بن يحيى يقول :  سمعت : عيسى بن جعفر يقول لهارون ، توجه من الرقة إلى مكة .

 اذكر يمينك : التي حلفت بها في آل أبي طالب ، فإنك حلفت إن أدعى أحد بعد موسى الإمامة ، ضربت عنقه صبرا .

وهذا علي ابنه : يدعي هذا الأمر ، ويقال فيه ما يقال في أبيه .

فنظر إليه مغضبا فقال : وما ترى ؟ تريد أن أقتلهم كلهم ؟

قال موسى : فلما سمعت  ذلك صرت إليه فأخبرته .

فقال عليه السلام : مالي ولهم ، والله لا يقدرون على شيء .

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 226 ، بحار الأنوار ج45ص113ب9ح1.

 

وعن صفوان بن يحيى قال :

لما مضى : أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام .

وتكلم الرضا عليه السلام : خفنا عليه من ذلك .

فقلت له : إنك قد أظهرت أمرا عظيما ، وإنما نخاف عليك هذ الطاغي .

فقال : ليجهد جهده ، فلا سبيل له علي . 

قال صفوان : فأخبرنا الثقة ، أن يحيى بن خالد البرمكي قال للطاغي : هذا علي ابنه قد قعد وادعى الأمر لنفسه .

فقال : ما يكفينا ما صنعنا بأبيه ؟ تريد أن نقتلنهم جميع ؟ 

ولقد كانت البرامكة : مبغضين لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ، مظهرين العداوة لهم . 

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 226 وفي الإرشاد ص 288 والكافي ج 1 ص 487 إلى قوله فلا سبيل له عليَّ ، بحار الأنوار ج45ص113ب9ح2،3.

 

الزبيري يخبر هارون بإمامة الإمام :

عن علي بن جعفر : عن أبي الحسن الطبيب قال : سمعته يقول :

لما توفي : أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام ، دخل أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام السوق ، فاشترى كلبا وكبشا وديكا ، فلما كتب صاحب الخبر إلى هارون بذلك .

قال : قد أمنا جانبه .

وكتب الزبيري : أن علي بن موسى عليه السلام قد فتح بابه ، ودعا إلى نفسه ، فقال هارون : واعجبا من هذا يكتب أن علي بن موسى قد اشترى كلبا وديكا وكبشا ، ويكتب فيه ما يكتب  .

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 205 .  بحار الأنوار ج45ص114ب9ح4.

 

الإمام يدعوا فيغير هارون رأيه :

مهج الدعوات: عن أبي الصلت قال:

كان الرضا عليه السلام : ذات يوم جالسا في منزله ، إذ دخل عليه رسول هارون الرشيد ، فقال : أجب أمير المؤمنين .

فقام عليه السلام فقال لي : يا أبا الصلت إنه لا يدعوني في هذا الوقت إلا لداهية ، فو الله لا يمكنه أن يعمل بي شيئا أكرهه ، لكلمات وقعت إلي من جدي رسول الله صلى الله عليه وآله .

قال : فخرجت معه حتى دخلنا على هارون الرشيد ، فلما نظر إليه الرضا عليه السلام ، قرأ هذا الحرز إلى آخره .

فلما وقف : بين يديه ، نظر إليه هارون الرشيد ، وقال :

 يا أبا الحسن : قد أمرنا لك بمائة ألف درهم ، واكتب حوائج أهلك .

فلما ولى عنه : علي بن موسى عليه السلام ، وهارون ينظر إليه في قفاه .

 قال : أردت وأراد الله وما أراد الله خير .

بحار الأنوار ج45ص116ب9ح7.

 

الإمام يخبر عن عاقبة يحيى البرمكي :

عن الكليني ، عن علي ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه :

عن أبي الحسن الرضا عليه السلام : أنه خرج من المدينة في السنة التي حج فيها هارون يريد الحج ، فأنتهى إلى جبل عن يسار الطريق ، يقال له : فارع ، فنظر إليه أبو الحسن عليه السلام ثم قال : 

باني فارع : وهادمه ، يقطع إربا إربا  ، فلم ندر ما معنى ذلك .

فلما بلغ هارون : ذلك الموضع نزله ، وصعد يحيى بن جعفر الجبل ، وأمر أن يبنى له فيه مجلسا ، فلما رجع من مكة صعد إليه ، وأمر بهدمه .

فلما انصرف إلى العراق : قطع جعفر بن يحيى إربا إربا .

الإرشاد ص 289 . وتراه في الكافي ج 1 ص 448 . المناقب ج 4 ص 340 .  بيان : الإرب بكسر الهمزة وسكون الراء العضو . بحار الأنوار ج45ص56ب3ح70 . ومن قطع جعفر بن يحيى البرمكي هو هارون ، حين نكل بالبرامكة كلهم وقتلهم .

ويا طيب : سيأتي بعض التفصيل في قتل البرامكة والنكاية فيهم من قبل هارون .

الإمام يخبر عن مرقده وقصة آل برمك :

عن مسافر قال :  كنت مع الرضا عليه السلام : بمنى فمر يحيى بن خالد ، مع قوم من آل برمك .

فقال : مساكين هؤلاء ، لا يدرون ما يحل بهم في هذه السنة .

ثم قال : هاه ، وأعجب من هذا :

 هارون وأنا : كهاتين ، وضم بإصبعيه .

قال مسافر : فوالله ما عرفت معنى حديثه حتى دفناه معه .

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 225 ، بصائر الدرجات الجزء 10 ب 9 ح 14، إرشاد المفيد ص 289 و 290 ، بحار الأنوار ج45ص44ب3ح37 .

 

الإمام يخبر عن بلاد غريبة :

روي عن أحمد بن عمر الحلال قال : قلت لأبي الحسن الثاني عليه السلام : جعلت فداك : إني أخاف عليك من هذا صاحب الرقة .

قال : ليس علي منه بأس ، إن لله بلادا تنبت الذهب ، قد حماه بأضعف خلقه ، بالذر ، فلو أرادتها الفيلة  ما وصلت إليها .

الخرائج والجرائح ص 207 .  بحار الأنوار ج45ص54ب3ح65 .

وعن يونس ، عمن ذكره قال : 

قيل للرضا عليه السلام : إنك متكلم بهذا الكلام والسيف يقطر الدم .

 فقال : إن الله واديا من ذهب حماه بأضعف خلقه النمل فلو رامته البخاتي لم تصل إليه .

 بحار الأنوار ج45ص115ب9ح8 ، عن الكافي. وصاحب الرقة هارون لأنه سكن الرقة فترة من الزمن وهي مدينة شمال غرب الجمهورية السورية ثم رجع فسكن بغداد .

يا طيب : بتوكل الإمام الرضا على الله تعالى ، وما عرف من الأخبار عن آباءه الطيبين الطاهرين ، أظهر الإمام عليه السلام أمر الإمامة وتبليغ الهدى وما يجب من تعاليم الله تعالى ، ولم يسمح للواقفية والمذاهب التي أنشأنه المنصور وهارون وقد بينا كيفية نشوئها في زمانهم في محاضرات إسلامية في موسوعة صحف الطيبين ، و كما عرفت أخبار الواقفية في الجزء الأول ، لم يدعهم يعيثوا فساد بالهدى والإمامة وتشتت أمرها ويستغفلوا الناس ، بل جادلهم وعرف ما يجب من تعاليم الإسلام ، ونشر بين أصحابه كل ما يحفظ الهدى الصادق وتعاليم الدين الحق والإمامة والولاية ، ويبنها بأعلى بيان في زمن أعتى الطغاة ، وستأتي بعض الأحاديث أيضا ، وإذا عرف شأن الإمام في زمن هارون ، فتدبر حاله في زمن أبناءه الأمين والمأمون .

 

قصة هارون والبرامكة :

يا طيب : قد سمعت أحاديث ، بتحريك البرامكة لهارون على الإمام الرضا عليه السلام ، وهم وزراء هارون المقربين عنده ، ولكن لهم نهاية مخزية من قتل أو حبس وسجن وتعذيب ، مع كون الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي أخ هارون بالرضاعة ، وكانوا أعوان الدولة العباسية وممهدي حكمها من زمن جدهم خالد البرمكي مع السفاح ثم أبنه يحيى وزير المنصور والمهدي والهادي وعرفت أنه بشر هارون بالخلافة في السجن وكان وزير أخيه وابيه ، وكان يناديه هارون يا أبه ، وهذا بعض تأريخهم.

يا طيب : خالد البرمكي كان من أعوان أبو مسلم الخراساني ، وقد أعجب أبو العباس السفاح فأستوزره وجعل له مناصب وقيادات ، ولما توفي جعل المنصور لأبنه يحيى عدة مناصب ووزارات وكان مرافق له في كثير من أموره ، وكذا كان له شأن في زمن المهدي والهادي ، فهم عائلة متأصلة في الوزارة و رفيقة درب مع العباسيين من أول تكوينهم أب عن جد ، حتى وصلوا إلى زمن هارون ، فأخلصوا له أشد الإخلاص ، لكنه غدر بهم وقتلهم أخس قتله :

ذكر الطبري :

أن الرشيد ( لقب لهارون ) : ولد أول يوم من المحرم سنة 149 هـ ، وكان الفضل بن يحيى البرمكي ولد قبله بسبعة أيام ، وكان مولد الفضل لسبع بقين من ذي الحجة سنة 148 ، فجعلت أم الفضل ظئرا ( أي مرضعة ) للرشيد وهى زينب بنت منير ، فأرضعت الرشد بلبان الفضل ، وأرضعت الخيزران الفضل بلبان الرشيد .

 وذكر سليمان بن أبى شيخ : أنه لما كان الليلة التي توفى فيه موسى الهادي أخرج هرثمة بن أعين هارون الرشيد ليلا فأقعده للخلافة ، فدعا هارون يحيى بن خالد بن برمك وكان محبوسا ، وقد كان عزم موسى ( الملقب بالهادي ابن المنصور أخو هارون ) على قتله وقتل هارون الرشيد في تلك الليلة ، قال فحضر يحيى وتقلد الوزارة .

تاريخ الطبري ج6ص441 .

وعن ابن هشام المخزومى قال : جاء يحيى بن خالد إلى الرشيد وهو نائم في لحاف بلا إزار لما توفى موسى .

فقال : قم يا أمير المؤمنين ، فقال له الرشيد : كم تروعني إعجابا منك بخلافتي ، وأنت تعلم حالي عند هذا الرجل ، فإن بلغه هذا فم تكون حالي ، فقال له : هذا الحرايى وزير موسى ، وهذا خاتمه .

قال : فقعد في فراشه  فقال : أشر علي .

 قال : فبينما هو يكلمه إذ طلع رسول آخر، فقال : قد ولد لك غلام.

 فقال : قد سميته عبد الله ( ولقبه المأمون ) .

ثم قال ليحيى : أشر علي ، فقال : أشير عليك أن تقعد لحالك على أرمنيته ، قال : قد فعلت ، ولا والله لا صليت بعيسا باذ إلا عليها ، ولا صليت الظهر إلا ببغداد ، وإلا ورأس أبى عصمة بين يدى .

قال : ثم لبس ثيابه وخرج فصلى عليه ، وقدم أبا عصمة فضرب عنقه وشد جمته في رأس قناة ، ودخل بها بغداد ..( وقد كان في الأنبار ).

وعن صباح بن خاقان التميمي : أن موسى الهادي ( اخو هارون بن المنصور الحاكم المتوفى ) كان خلع الرشيد وبايع لابنه جعفر ، وكان عبد الله بن مالك على الشرط ، فلما توفى الهادي هجم خزيمة بن خازم في تلك الليلة ، فأخذ جعفرا ( ولي عهد ابيه الهادي بن أخ هارون المعزول ) من فراشه ، وكان خزيمة في خمسة آلاف من مواليه معهم السلاح .

 فقال : والله لأضربن عنقك أو تخلعها ، فلما كان من الغد ركب الناس إلى باب جعفر ، فأتى به خزيمة فأقامه على باب الدار في العلو ، والابواب مغلقة ، فأقبل جعفر ينادى :

يا معشر : المسلمين من كانت لي في عنقه بيعة ، فقد أحللته منها ، والخلافة لعمي هارون ، ولا حق لي فيها ..

تاريخ الطبري ج6ص441 .

وقال أبن الجوزي : بويع للرشيد بالخلافة في الليلة التي توفي فيها أخوه الهادي ، أخرجه هرثمة بن أعين ليلاً فأقعده للمبايعة ، وكانت تلك الليلة ليلة السبت لأربع عشر بقيت من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة. وفيها مات الهادي واستخلف الرشيد وولد المأمون .

فلما جلس للخلافة : سلم عليه بالخلافة عمه سليمان بن المنصور ، وعم أبيه العباس بن محمد ، وعم جده المنصور بن عبد الصمد بن علي .

 واستدعى الرشيد : يحيى بن خالد بن برمك .

وكان قد حبسه الهادي : لميله إلى هارون.

وعزم على قتله وقتل هارون : فحضر يحيى فقلده الوزارة .

 

 وكانت الخيزران : هي الناظرة في الأمور ، فكان يحيى يعرض عليه ويصدر عن رأيها ، وكان الرشيد يقول ليحيى : يا أبي .

المنتظم ج3ص106 .

يا طيب : عرفت تأصل البرامكة في الوزارة لبني العباس وإن الفضل بن يحيى البرمكي كان أخوه من الرضاعة ، ويحيى من دبر له الخلافة ، وكان هارون يقول له يا أبه ، فيخاطبه بالاحترام ويدير له كل أمور المملكة ، ولكن أنظر:

 

قتل البرامكة وتشريدهم :

قصة البرامكة : قيل أنهم كانوا من أهل بيوتات بلخ ممن يتولون البهار و بيت النار ، فقيل لهم البرامكة على معنى أنهم سدنة البيت و حجابه ، فأول ما ولوا من الأعمال في أيام أبي العباس ، ولي الخراج خالد بن برمك ثم صار يدور فيهم إلى أيام الرشيد ، فولى الوزارة يحيى بن خالد بن برمك ، و ولي خراسان و م دون باب بغداد مما يليها ابنه الفضل بن يحيى ، و ولى ابنه الآخر جعفر بن يحيى الخاتم .

قال بعضهم : الوزارة برمكية لا بقي منهم بقية . ثم سخط عليهم هارون : فأفناهم ، و اختلفوا في السبب الذي حمله على ذلك ، ..  فقال قوم آخرون : إن هارون كان مختصاً بجعفر بن يحيى بن برمك ، حتى أمر فخيط له قميص ذو جيبين يلبسه هارون و جعفر لثقته به و اختصاصه به ، و كان هارون باراً بأخته عباسة مولعاً بها لا يكاد يصبر عنها ، فزوجها من جعفر بن يحيى على أن لا يمسه و لا يلم بها ، ليكون لها محرماً إذا حضرت المجلس ، فقضى من القضاء إن حملت منه و ولدت توأمين .

فغضب هارون لذلك : و أمر بضرب عنق جعفر بن يحيى ، وحبس أخاه الفضل و أباه بالرقة حتى ماتا في الحبس .

و أمر بجثة جعفر و رأسه : إلى مدينة السلام فقطعت بنصفين ، و صلبت به ثم أحرقت بالنار ، و كتب إلى العمال في جميع النواحي و البلدان بالقبض على البرامكة و حاشيتهم و أولادهم و مواليهم ، فكل من هو منهم يسئل و الاستيثاق منهم،  و اجتياح أموالهم و استصفائها منهم ، و إذكاء العيون على من اختفى منهم و تغيب ، و الاحتيال في القبض عليه .

حتى إذا علم : أنه قد أحاط بهم أو بأكثرهم ، كتب إلى كل عامل كتابا مدرجاً مختوماً بأمره ، أن ينظر فيه يوم كذا من سنة كذا ، فيمثل ما مثل له فيه ، فوافق قتلهم كلهم في يوم واحد .

ثم أمر بعباسة : أخته ، فحطت في صندوق ، و دفنت في بئر و هي حية ، و أمر بابنيها كأنهما لؤلؤتان فأحضرا ، فنظر إليهما ملياً ، و شاور نفسه و بكى ، ثم رمى بهما إلى البئر و طمها عليهم .

البدء والتاريخ ص 358 .

يا طيب : هذا فعل هارون بأوفى الناس له ، وأخلصهم في إدارة ملكه وتوليهم لحفظ خلافته ، وعلى فرض سخطه عل واحد منهم ، مع قتله الشنيع له والتمثيل به وشقه نصفين وتعليق جثته ، ثم ما ذنب الباقين حتى يقتلهم ويتتبع من كان منهم في البلاد فيقتلهم في يوم واحد ، ثم أخته لم تفعل حرام من زوجها ، وعلى فرض خالفته فهل يدفنها حيه ، ثم ما ذنب الرضع يلقيهم في بئر ويدفنه .

ويا طيب : إن عرفت بعض قسوته وظلمه بأهل بيته ومن مكنه بالحكم ، فتحقق فعلهم وظلم لأهل البيت وسجنه للإمام الكاظم عليه السلام ثم قتله في السجن .

ويا طيب : إذا عرفت هذا التأريخ ، فتيقن أن أبنه المأمون الذي قتل أخاه على الملك ، وهو يعرف تأريخ آبائه من أجل الملك ، وقتل وزيره الفضل ذو الرآستين الذي مهد له الحكم ورتب له الجند حتى أستولى على الملك بقتل الأمين ، فمثل هذا لا يتوانى في قتل الإمام الرضا عليه السلام بعد أن تمكن من الحكم ، وحب أن يتقرب للعباسيين في بغداد حين أراد أن يرجع ليهم ويسكن عندهم ، لأنه هذه الخيانة للعهد والوعد متأصلة فيهم ، بل ينقضوها علنا ويتجاهرون بها مفتخرين ، ولعنة الله على القوم الظالمين .

 

الباب الرابع عشر

مختصر أيام الأمين والمأمون

 

تقديم :

 يا طيب : عقد هذا الباب لمعرفة ظروف الإمام في زمانه ، وأهمه تصرف الحكام في ما بينهم بالشدة والقسوة ، حتى نعرف سيرة الإمام وحياته وأحواله الظاهرية ، وسبيل دعوته والحكمة في تصرفه عليه السلام ، وذلك في زمان يحكمه أعتى الطغاة ، و الذين لم رحموا أعزتهم وأخوتهم وأخص الناس بهم .

 وبيان ذلك : لكون قسما كبيرا مما وصل إلينا من حياة الإمام وتعاليم الدين عنه ومعارف الهدى والتوحيد والعبودية والأخلاق جاءت في ذلك الزمان ،  وخصوصاً ما يتعلق بالفصول الآتية من حياته ، وفقد ةقعت في دور ولايته العهد للمأمون ، كما أن كثير من مناظرات الإمام ومحاوراته كانت في تلك الدورة التي يعقد فيها المأمون تلك المجالس لاختبار الإمام عليه السلام .

فلكي يمكننا : معرفة أهم الأحداث والوقائع والمعارك والظروف المهمة في عصر الإمام أيام إمامته عليه السلام ، بعد أن عرفنا شيء من دوره في زمان هارون ، وشدة ثبات الإمام وتوكله على الله تعالى ، وأظهر إمامته يعرف الهدى ولم يهتم لطغيان هارون مع عتوه عل أعزته ، ولم يعر اهتمام لظلمه مع شدة تتبعه لم ينافس سلطانه ، مع أنه قتل أبيه الكاظم عليه السلام بعد أن سجنه ، ولكنه لم يتوانى ولم يخف الإمام الرضا عليه السلام ، وباشر مهام الإمامة بأفضل وجه ونشر علوم هدى الله بأفضل الكلام وأطيب الأقوال وأحسن الحديث ، والذي تجده في كل أبواب أصول الدين والفقه الشيعي الجعفر والأخلاق والآداب وقد عرفت قسما منها وسيأتي بعض آخر مم يناسب المقام ، فلذا نذكر هذا الباب من الأحوال لحكام زمانه ، وحكم أولاد هارون وهم الأمين والمأمون ، لنعرف ما يأتي في الأبواب الآتية بشكل أفضل .

ويا طيب : إن هارون توفي عن ولي عهدين من ولده ، الأمين والمأمون ثم بعدهم المؤتمن ، ولكي نعرف الأسباب التي دعت المأمون أن يولي عهده للإمام الرض ، لا بد أن نعرف بعض أحداث ذلك الزمان ، وأهم المعارك بينهم إلى زمان مقتل الأمين وتسلط المأمون ، والأحداث التي دعت المأمون أن يعقد ولاية العهد للإمام الرضا عليه السلام .

وبهذا يا طيب : سنضع أمامنا صورة لذلك العصر ، لنرى ونعرف منها ظروف ما نقرأه في الفصول الآتية من مسير الإمام من المدينة إلى مرو في خراسان عاصمة ملك المأمون ، ونعرف أسباب ولاية العهد للإمام واستشهاده ، ونحن نختصر م يطول الموضع ويخرجه عن الاستشهاد فمن أراد المزيد عليه بمراجعة الكتب التاريخية المطولة .

 

هارون يعقد ولاية العهد للأمين والمأمون :

يا طيب : نذكر هنا العهود والمواثق التي أخذها هارون الرشيد على ولديه ليفي أحدهم للأخر وما أشهد عليهم من الشهود الكثيرين ، وذلك لما يعرف من الخيانة لمن يتسلط منهم وتوارث الخباثة في الغدر حين يتمكن أحدهم ، وبالخصوص ما مر هو فيه مع أخيه الهادي كما عرفت حتى سجن وخرج بمكر وحيلة أمه التي قتلت أخيه لتخلصه فنصبته للخلافة ، فلذا كتب ميثاق طويل وعهد مفصل لكل من الأمين والمأمون يطالبهم في بالوفاء لبعضهم البعض ولا يغدر أحدهم بالآخر .

ويا طيب : نذكره بالتفصيل ، ثم ستعرف غدرهم ببعض ، لتتيقن أن المأمون توارث هذا أيضا ، وغدر بالإمام الرضا عليه السلام ، وإن كتاب كما سترى فيه من شدة المواثيق والعهود لم يوفى به ، فكيف بكلمة ولم يكتب الإمام عليه أي شيء من المواثيق بالوفاء ، لأنه يعرف مصيره وأنه يغدر به ، ولا يحب أن يرى من يقسم كاذبا ، فتدبر تعرف من هذا مصير البيعة الإمام وما ستكون نتيجتها من الغدر والخيانة .

ويا طيب : لكي لا يشتبه بالأسماء : فيما سيأتي فأحفظ بأن :

عبد الله هو المأمون على إيران الآن وهو الأكبر لكن قدم الأصغر وهو .

 محمد وهو الأمين بن زبيدة ولي العهد الأول وله بغداد والعراق الشام.

ذكر الطبري : كان الرشيد عقد لابنه محمد الأمين : ولاية العهد يوم الخميس في شعبان سنة 173 وسماه الامين ، وضم إليه الشأم والعراق في سنة 175 .

ثم بايع لعبدالله المأمون : بالرقة في سنة 183 و ولاه من حد همذان إلى آخر المشرق

ثم بايع للقاسم ابنه : وسماه المؤتمن ، وولاه الجزيرة والثغور والعواصم .

 ولما قسم الارض : بين أولاده الثلاثة .

قال بعض العامة : قد أحكم أمر الملك .

وقال بعضهم : بل قد ألقى بأسهم بينهم ، وعاقبة ما صنع في ذلك مخوفة على الرعية.

تاريخ الطبري ج6ص 473.

عهد هارون على الأمين والمأمون :

قال الطبري : حج هارون وكان شخوصه من الرقة للحج في شهر رمضان ، ومر بالأنباري ولم ينزلها ، ومع محمد الأمين ، وعبد الله المأمون ، معه وقواده ووزراؤه وقضاته ، في سنة 186 هـ ، وخلف بالرقة ابراهيم بن عثمان بن نهيك العكي على الحرم والخزائن والاموال والعسكر ، وأشخص القاسم ابنه إلى منبج فأنزله إياه بمن ضم إليه من القواد والجند .

فلما قضى مناسكه : كتب لعبدالله المأمون ابنه كتابين ، أجهد الفقهاء والقضاة آراءهم فيهما .

أحدهما : على محمد الأمين بما اشترط عليه من الوفاء بما فيه من تسليم ما ولى عبد الله من الأعمال ، وصير إليه من الضياع والغلات والجواهر والاموال .

والآخر نسخة البيعة : التي أخذها على الخاصة والعامة ، والشروط لعبدالله المأمون على محمد الأمن ، وعليهم ، وجعل الكتابين في البيت الحرام .

بعد أخذه البيعة : على محمد الأمين ، واشهاده عليه بها الله وملائكته ، ومن كان في الكعبة معه ، من سائر ولده وأهل بيته ومواليه وقواده ووزرائه وكتابه وغيرهم ، وكانت الشهادة بالبيعة والكتاب في البيت الحرام ، وتقدم إلى الحجبة في حفظهما ومنع من أراد إخراجهما والذهاب بهما .

فذكر عبد الله ابن محمد ومحمد بن يزيد التميمي وإبراهيم الحجبى :

 أن الرشيد : حضر وأحضر وجوه بنى هاشم والقواد والفقهاء ، وأدخلوا البيت الحرام ، وأمر بقراءة الكتاب على عبد الله المأمون ومحمد الأمين ، وأشهد عليهما جماعة من حضر ، ثم رأى أن يعلق الكتاب في الكعبة .

فلما رفع ليعلق : وقع ، فقيل إن هذا الامر سريع انتقاضه قبل تمامه.

 وكانت نسخة الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب لعبدالله هارون أمير المؤمنين ، كتبه محمد بن هارون أمير المؤمنين في صحة من عقله وجواز من أمره ، طائعا غير مكره ، أن أمير المؤمنين ولاني العهد من بعده ، وصير البيعة لي في رقاب المسلمين جميعا .

 وولى عبد الله بن هارون : أمير المؤمنين ، العهد والخلافة وجميع أمور المسلمين بعدى ، برضى منى وتسليم طائعا غير مكره ، وولاه خراسان وثغوره وكورها وحربها وجندها وخراجها وطرزها وبريدها ، وبيوت أموالها وصدقاتها وعشره وعشورها وجميع أعمالها في حياته وبعده .

وشرطت : لعبدالله هارون أمير المؤمنين ، برضى منى وطيب نفسي ، أن لأخي عبد الله بن هارون ، على الوفاء بما عقد له هارون أمير المؤمنين من العهد والولاية الخلافة ، وأمور المسلمين جميعا بعدى ، وتسليم ذلك له وما جعل له من ولاية خراسان وأعمالها كلها ، ومما أقطعه أمير المؤمنين من قطعية أو جعل له من عقدة أو ضيعة من ضياعه ، أو ابتاع من الضياع والعقد ، وما أعطاه في حياته وصحته من مال أو حلى أو جوهر أو متاع أو كسوة أو منزل أو دواب أو قليل أو كثير ، فهو لعبدالله بن هارون أمير المؤمنين موفرا مسلما إليه وقد عرفت ذلك كله شيئا شيئا .

فإن حدث بأمير المؤمنين : حدث الموت ، وأفضت الخلافة إلى محمد بن أمير المؤمنين ، فعلى محمد إنفاذا ما أمره به هارون أمير المؤمنين ، في تولية عبد الله بن هارون أمير المؤمنين خراسان وثغورها ، ومن ضم إليه من أهل بيت أمير المؤمنين بقرماسين .

 وإن يمض عبد الله بن أمير المؤمنين : إلى خراسان والري والكور التي سماها أمير المؤمنين ، حيث كان عبد الله بن أمير المؤمنين من معسكر أمير المؤمنين وغيره من سلطان أمير المؤمنين ، وجميع من ضم إليه أمير المؤمنين حيث أحب من لدن الري إلى أقصى عمل خراسان .

 ليس لمحمد بن أمير المؤمنين : أن يحول عنه قائدا ولا مفقود ولا رجلا واحدا ممن ضم إليه من أصحابه الذين ضمهم إلى أمير المؤمنين ، ولا يحول عبد الله ابن أمير المؤمنين عن ولايته التي ولاه إياها هارون أمير المؤمنين من ثغور خراسان ، وأعمالها كلها ما بين عمل الري مما يلي همذان إلى أقصى خراسان وثغوره وبلادها وما هو منسوب إليها ، ولا شخصه إليه ولا يفرق أحدا من أصحابه وقواده عنه ولا يولي عليه أحدا ، ولا يبعث عليه ولا على أحد من عماله ولاة أموره ، بندار ولا محاسبا ولا عاملا ولا يدخل عليه في صغير من أمره ولا كبير ضررا ، ولا يحول بينه وبين العمل في ذلك كله برأيه وتدبيره ، ولا يعرض لاحد ممن ضم إليه أمير المؤمنين من أهل بيته وصحابته وقضاته وعماله وكتابه وقواده وخدمه ومواليه وجند، بما يلتمس إدخال الضرر والمكروه عليهم في أنفسهم ولا قراباتهم ولا مواليهم ولا أحد يتنسل منهم ولا في دمائهم ولا في أموالهم ولا في ضياعهم ودورهم ورباعهم وأمتعتهم ورقيقهم ودوابهم شيئا من ذلك صغيرا ولا كبيرا ، ولا أحد من الناس بأمره ورأيه وهواه وبترخيص له في ذلك وادهان منه فيه لاحد من ولد آدم ، ولا يحكم في أمرهم ولا أحد من قضاته ومن عماله وممن كان بسبب منه بغير حكم عبد الله ابن أمير المؤمنين ورأيه ورأى قضاته .

وإن نزع إليه : أحد ممن ضم أمير المؤمنين إلى عبد الله ابن أمير المؤمنين من أهل بيت أمير المؤمنين وصحابته وقواده وعماله وكتابه وخدمه ومواليه وجنده ، ورفض اسمه ومكتبه ومكانه مع عبد الله ابن أمير المؤمنين عاصيا له أو مخالف عليه.

فعلى محمد ابن أمير المؤمنين : رده إلى عبد الله بن أمير المؤمنين بصغر له وقمإ حتى ينفذ فيه رأيه وأمره .

فإن أراد محمد ابن أمير المؤمنين : خلع عبد الله بن أمير المؤمنين عن ولاية العهد من بعده ، أو عزل عبد الله بن أمير المؤمنين عن ولاية خراسان وثغوره وأعمالها ، والذي من حد عملها مما يلي همذان والكور التي سماها أمير المؤمنين في كتابه هذا ، أو صرف أحد من قواده الذين ضمهم أمير المؤمنين إليه ممن قدم قرماسين ، أو أن ينتقصه قليلا أو كثيرا مما جعله أمير المؤمنين له بوجه من الوجوه ، أو بحيلة من الحيل صغرت أو كبرت .

فلعبد الله ابن هارون أمير المؤمنين : الخلافة بعد أمير المؤمنين ، وهو المقدم على محمد ابن أمير المؤمنين ، وهو ولي الأمر من بعد أمير المؤمنين والطاعة من جميع قواد أمير المؤمنين هارون من أهل خراسان وأهل العطاء وجميع المسلمين في جميع الاجناد والامصار لعبدالله ابن أمير المؤمنين ، والقيام معه والمجاهدة لمن خالفه ، والنصر له والذب عنه ما كانت الحياة في أبدانهم ـ وليس لاحد منهم جميع من كانوا ، أو حيث كانوا أن يخالفه ولا يعصيه ولا يخرج من طاعته .

ولا يطيع محمد ابن أمير المؤمنين : في خلع عبد الله بن هارون أمير المؤمنين وصرف العهد عنه من بعده إلى غيره أو ينتقصه شيئا مما جعله له أمير المؤمنين هارون في حياته وصحته ، واشترط في كتابه الذى كتبه عليه في البيت الحرام ، وفي هذا الكتاب ، وعبد الله ابن أمير المؤمنين المصدق في قوله وأنتم في حل من البيعة التي في أعناقكم لمحمد ابن أمير المؤمنين هارون ، إن نقص شيئا مما جعله له أمير المؤمنين هارون ، وعلى محمد بن هارون أمير المؤمنين أن ينقاد لعبدالله ابن أمير المؤمنين هارون ، ويسلم له الخلافة وليس لمحمد بن أمير المؤمنين هارون ولا لعبدالله ابن أمير المؤمنين أن يخلعا القاسم ابن أمير المؤمنين هارون ـ ول يقدما عليه أحدا من أولادهما وقراباتهما ولا غيرهم من جميع البرية .

فإذا أفضت الخلافة إلى عبد الله بن أمير المؤمنين : فالأمر إليه في امضاء ما جعله أمير المؤمنين من العهد للقاسم بعده ، أو صرف ذلك عنه إلى من رأى من ولده واخوته وتقديم من أراد أن يقدم قبله ، وتصيير القاسم ابن أمير المؤمنين بعد من قدم قبله يحكم في ذلك بما أحب ورأى .

فعليكم معشر المسلمين : انفاذ ما كتب به أمير المؤمنين في كتابه هذا وشرط عليهم وأمر به وعليكم السمع والطاعة لأمير المؤمنين ، فيما ألزمكم و أوجب عليكم لعبدالله ابن أمير المؤمنين .

وعهد الله وذمته : وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذمم المسلمين والعهود والمواثيق التي أخذ الله على الملائكة المقربين والنبيين والمرسلين ، ووكده في أعناق المؤمنين والمسلمين ، لتفن لعبدالله أمير المؤمنين ، بما سمى ولمحمد وعبد الله والقاسم بنى أمير المؤمنين ، بما سمى وكتب في كتابه هذا واشترط عليكم وأقررتم به على أنفسكم.

فإن أنتم بدلتم من ذلك شيئا : أو غيرتم أو نكثتم أو خالفتم ما أمركم به أمير المؤمنين واشترط عليكم في كتابه هذا ، فبرئت منكم ذمة الله وذمه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وذمم المؤمنين والمسلمين ، وكل مال هو اليوم لكل رجل منكم أو يستفيده إلى خمسين سنة ، فهو صدقة على المساكين ، وعلى كل رجل منكم الممشى إلى بيت الله الحرام الذى بمكة خمسين حجة نذرا واجبا لا يقبل الله منه إل الوفاء بذلك ، وكل مملوك لاحد منكم أو يملكه فيما يستقبل إلى خمسين سنة حر ، وكل امرأة له فهي طالق ثلاثا البتة طلاق الحرج لا مثنوية فيها ، والله عليكم بذلك كفيل وراع وكفى بالله حسيبا .

 

تعهد عبد الله المأمون بالوفاء للأمين:

نسخة الشرط : الذى كتب عبد الله ابن أمير المؤمنين بخط يده في الكعبة ، هذا كتاب لعبدالله هارون أمير المؤمنين ، كتبه له عبد الله بن هارون أمير المؤمنين في صحة من عقله وجواز من أمره وصدق نية فيما كتب في كتابه هذا ، ومعرفة بما فيه من الفضل والصلاح له ولأهل بيته وجماعة المسلمين .

إن أمير المؤمنين هارون : ولاني العهد والخلافة وجميع أمور المسلمين في سلطانه بعد أخي محمد بن هارون ، و ولاني في حياته ثغور خراسان وكوره وجميع أعمالها ، وشرط على محمد بن هارون الوفاء بما عقد لي من الخلافة وولاية أمور العباد والبلاد بعده ، وولاية خراسان وجميع أعمالها ولا يعرض لي في شيء مما أقطعني أمير المؤمنين وابتاع لي من الضياع والعقد والرباع وابتعت منه من ذلك ، وما أعطاني أمير المؤمنين من الأموال والجوهر والكساء والمتاع والدواب والرقيق وغير ذلك ، ولا يعرض لي ولا لاحد من عمالي وكتابي بسبب محاسبة ، ولا يتبع لي في ذلك ولا لاحد منهم أبدا ، ولا يدخل على ولا عليهم ولا على من كان معي ومن استعنت به من جميع الناس مكروها في نفس ولادم و لا شعر ولا بشر ولا مال ولا صغير من الامور ولا كبير ، فأجابه إلى ذلك وأقربه وكتب له كتابا أكد فيه على نفسه ورضى به أمير المؤمنين هارون وقبله وعرف صدق نيته فيه فشرطت لأمير المؤمنين .

وجعلت له على نفسي : أن أسمع لمحمد وأطيع ولا أعصيه ، وأنصحه ولا أغشه وأوفي ببيعته وولايته ، ولا أغدر ولا أنكث ـ وأنفذ كتبه وأموره وأحسن مؤازرته وجهاد عدوه في ناحيتي ، ما وفى لي بما شرط لأمير المؤمنين في أمرى ، وسمى في الكتاب الذى كتبه لأمير المؤمنين ورضى به أمير المؤمنين ، ولم يتبعني بشيء من ذلك ولم ينقض أمرا من الامور التي شرطها أمير المؤمنين لي عليه.

 فإن احتاج محمد ابن أمير المؤمنين : إلى جند و كتب إلي يأمرني بأشخاصه إليه أو إلى ناحية من النواحي ، أو إلى عدو من أعدائه خالفه ، أو أراد نقص شيء من سلطانه أو سلطاني ، الذي أسنده أمير المؤمنين إلينا و ولانا إياه .

 فعلي أن أنفذ أمره : ولا أخالفه ، ولا أقصر في شيء كتب به إلي .

وإن أراد محمد : أن يولى رجلا من ولده العهد والخلافة من بعدى ، فذلك له ما وفي لي بما جعله أمير المؤمنين إلي ، واشترطه لي عليه وشرط على نفسه في أمرى وعلي انفاذ ذلك والوفاء له به ، ولا أنقص من ذلك ولا أغيره ولا أبدله ، ولا أقدم قبله أحدا من ولدى ولا قريبا ولا بعيدا من الناس أجمعين .

 إلا أن يولى أمير المؤمنين هارون : أحدا من ولده العهد من بعدي ، فيلزمني و محمدا الوفاء له ، وجعلت لأمير المؤمنين ومحمد على الوفاء بم شرطت وسميت في كتابي هذا ، ما وفي لي محمد بجميع ما اشترط لي أمير المؤمنين عليه في نفسي ، وما أعطاني أمير المؤمنين من جميع الأشياء المسماة في هذا الكتاب الذي كتبه لي.

و على عهد الله وميثاقه : وذمة أمير المؤمنين وذمتي ، وذمم آبائي ، وذمم المؤمنين ، وأشد ما أخذ الله على النبيين والمرسلين من خلقه أجمعين من عهوده ومواثيقه ، و الأيمان المؤكدة ، التي أمر الله بالوفاء بها و نهى عن نقضها وتبديله .

فإن أنا نقضت شيئا : مما شرطت وسميت في كتابي هذا ، أو غيرت أو بدلت أو نكثت أو غدرت ، فبرئت من الله عز وجل ، ومن ولايته ، ودينه ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقيت الله يوم القيامة كافرا مشركا ، وكل امرأة هي لي اليوم أو أتزوجها إلى ثلاثين سنة طالق ثلاثا البتة طلاق الحرج ، وكل مملوك هو لي اليوم أو أملكه إلى ثلاثين سنة أحرار لوجه الله ، وعلى المشي إلى بيت الله الحرام الذى بمكة ثلاثين حجة نذرا واجبا على في عنقي حافيا راجلا لا يقبل الله مني إل الوفاء بذلك ، وكل مال لي أو أملكه إلى ثلاثين سنة هدي بالغ الكعبة ، وكل ما جعلت لأمير المؤمنين وشرطت في كتابي هذا لازم لي لا أضمر غيره ولا أنوى غيره.

وشهد سليمان ابن أمير المؤمنين : وفلان ، وكتب في ذي الحجة سنة ست وثمانين ومائة .

 

كتاب هارون إلى عمال البلاد :

نسخة كتاب هارون بن محمد الرشيد : إلى العمال .

بسم الله الرحمن الرحيم : أما بعد فإن الله ولى أمير المؤمنين وولى ما ولاه والحافظ لما استرعاه وأكرمه به من خلافته وسلطانه ، والصانع له فيم قدم وأخر من أموره ، والمنعم عليه بالنصر والتأييد في مشارق الارض ومغاربها ، والكالئ والحافظ والكافي من جميع خلقه ، وهو المحمود على جميع آلائه ، المسؤول تمام حسن ما أمضى من قضائه لأمير المؤمنين وعادته الجميلة عنده ،  وإلهام ما يرضى به ، ويوجب له عليه أحسن المزيد من فضله ، وقد كان من نعمة الله عز وجل عند أمير المؤمنين وعندك وعند عوام المسلمين .

ما تولى الله : من محمد وعبد الله ابني أمير المؤمنين ، من تبليغه بهما أحسن ما أملت الأمة ومدت إليه أعناقها ، وقذف الله لهما في قلوب العامة من المحبة والمودة والسكون اليهما ، والثقة بهما لعماد دينهم وقوام أمورهم وجمع ألفتهم وصلاح دهمائهم ، ودفع المحذور والمكروه من الشتات والفرقة عنهم ، حتى ألقو اليهما أزمتهم ، وأعطوهما بيعتهم وصفقات أيمانهم بالعهود والمواثيق ووكيد الايمان المغلظة عليهم ، أراد الله فلم يكن له مرد ، وأمضاه فلم يقدر أحد من العباد على نقضه ولا إزالته ولا صرف له عن محبته ومشيئته ، وما سبق في علمه منه وأمير المؤمنين يرجو تمام النعمة عليه وعليهما في ذلك ، وعلى الامة كافة ، لا عاقب لأمر الله ول راد لقضائه ولا معقب لحكمه .

ولم يزل أمير المؤمنين : منذ اجتمعت الـهمة على عقد العهد لمحمد ابن أمير المؤمنين ، من بعد أمير المؤمنين لعبدالله ابن أمير المؤمنين ، من بعد محمد ابن أمير المؤمنين ، يعمل فكره ورأيه ونظره ورؤيته فيما فيه الصلاح لهما ، ولجميع الرعية ، والجمع للكلمة واللم للشعث ، والدفع الشتات والفرقة ، والحسم لكيد أعداء النعم من أهل الكفر والنفاق والغل والشقاق ، والقطع لآمالهم من كل فرصة يرجون إدراكها وإنتهازها منهما ، بانتقاص حقهما ، ويستخير الله أمير المؤمنين في ذلك ويسأله العزية له على ما فيه الخيرة لهما ولجميع الأمة ، والقوة في أمر الله وحقه وائتلاف أهوائهما وصلاح ذات بينهما ، وتحصينهما من كيد أعداء النعم ورد حسدهم ومكرهم وبغيهم وسعيهم بالفساد بينهما .

فعزم الله لأمير المؤمنين : على الشخوص بهما إلى بيت الله ، وأخذ البيعة منهما لأمير المؤمنين بالسمع والطاعة ، والإنفاذ لأمره .

واكتتاب الشرط : على كل واحد منهما لأمير المؤمنين ولهما ، بأشد المواثيق والعهود وأغلظ الأيمان والتوكيد ، والأخذ لكل واحد منهما على صاحبه بما التمس به أمير المؤمنين ، اجتماع ألفتهما ومودتهما وتواصلهما ومؤازرتهما ، ومكانفتهما على حسن النظر لأنفسهما ولرعية أمير المؤمنين ، التي استرعاهما والجماعة لدين الله عز وجل وكتابه ، وسنن نبيه صلى الله عليه وسلم ، والجهاد لعدو المسلمين من كانوا وحيث كانوا ، وقطع طمع كل عدو مظهر للعداوة ومسر لها وكل منافق ومارق ، وأهل الاهواء الضالة المضلة من فرقة تكيد بكيد توقعه بينهما ، وبدحس يدحس به لهما ، وما يلتمس أعداء الله وأعداء النعم وأعداء دينه من الضرب بين الامة ، والسعي بالفساد في الارض ، والدعاء إلى البدع والضلالة نظرا من أمير المؤمنين لدينه ورعيته وأمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ومناصحة لله ولجميع المسلمين ، وذبا عن سلطان الله الذى قدره ، وتوحد فيه للذي حمله إياه ، والاجتهاد في كل ما فيه قربة إلى الله ، وما ينال به رضوانه ، والوسيلة عنده .

فلما قدم مكة : أظهر لمحمد وعبد الله رأيه في ذلك ، وما نظر فيه لهما ، فقبلا كل ما دعاهما إليه من التوكيد على أنفسهما بقبوله .

وكتابا لأمير المؤمنين : في بطن بيت الله الحرام ، بخطوط أيديهم بمحضر ممن شهد الموسم من أهل بيت أمير المؤمنين وقواده وصحابته وقضاته وحجبة الكعبة ، وشهاداتهم عليهما كتابين استودعهما أمير المؤمنين الحجبة ، وأمر بتعليقهم في داخل الكعبة.

فلما فرغ أمير المؤمنين : من ذلك كله في داخل بيت الله الحرام وبطن الكعبة ، أمر قضاته الذين شهدوا عليهما وحضروا كتابهما ، أن يعلموا جميع من حضر الموسم من الحاج والعمار ووفود الأمصار ما شهدوا عليه من شرطهما وكتابهما وقراءة ذلك عليهم ، ليفهموه ويعوه ويعرفوه ويحفظوه ويؤدوه إلى إخوانهم وأهل بلدانهم وأمصارهم ، ففعلوا ذلك وقرئ عليهم الشرطان جميعا في المسجد الحرام ، فانصرفوا وقد اشتهر ذلك عندهم ، وأثبتوا الشهادة عليه ، وعرفوا نظر أمير المؤمنين ، وعنايته بصلاحهم وحقن دمائهم ولم شعتهم وإطفاء جمرة أعداء الله أعداء دينه وكتابه وجماعة المسلمين عنهم وأظهروا الدعاء لأمير المؤمنين والشكر لما كان منه في ذلك .

وقد نسخ لك : أمير المؤمنين ذينك الشرطين ، اللذين كتبهم لأمير المؤمنين ابناه محمد وعبد الله ، في بطن الكعبة في أسفل كتابه هذا .

فأحمد الله عز وجل : على ما صنع لمحمد وعبد الله وليي عهد المسلمين ، حمدا كثيرا واشكره ببلائه عند أمير المؤمنين ، وعند وليي عهد المسلمين وعندك وعند جماعة أمة محمد صلى الله عليه وسلم كثيرا ، واقرأ كتاب أمير المؤمنين على من قبلك من المسلمين وأفهمهم إياه ، وقم به بينهم ، وأثبته في الديوان قبلك ، وقبل قواد أمير المؤمنين ورعيته قبلك ، واكتب إلى أمير المؤمنين بما يكون في ذلك إن شاء الله ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وبه الحول والقوة والطول .

وكتب إسماعيل بن صبيح : يوم السبت لسبع ليال بقين من المحرم سنة ست وثمانين ومائة .

قال وأمر هارون الرشيد : لعبدالله المأمون بمائة ألف دينار ، وحملت له إلى بغداد من الرقة .

قال و كان الرشيد :بعد مقتل جعفر بن يحيى ، بالعمر صار إلى الرقة ، ثم قدم بغداد ، وقد كانت توالت عليه الشكاية من على بن عيسى بن ماهان من خراسان ، وكثر عليه القول عنده ، فأجمع على عزله من خراسان ، وأحب أن يكون قريب منه ، فلما صار إلى بغداد شخص بعد مدة منها إلى قرماسين ، وذلك في سنة 189 ، وأشخص إليها عدة رجال من القضاة وغيرهم وأشهدهم أن جميع ماله في عسكره من الاموال والخزائن والسلاح والكراع وما سواه أجمع ، لعبدالله المأمون ، وأنه ليس له فيه قليل ول كثير بوجه ولا سبب ، وجدد البيعة له على من كان معه .

ووجه هرثمة بن أعين : صاحب حرسه إلى بغداد ، فأعاد أخذ البيعة على محمد بن هارون أمير المؤمنين وعلى من كان بحضرته ، لعبدالله والقاسم على النسخة التي كان أخذها عليه الرشيد بمكة ، وجعل أمر القاسم في خلعه وإقراره إلى عبد الله إذا أفضت إليه الخلافة .

ثم دخلت سنة سبع وثمانين ومائة : ذكر الخبر عما كان فيها من الاحداث فمما كان فيها من ذلك ، قتل الرشيد جعفر بن يحيى بن خالد وإيقاعه بالبرامكة.

تاريخ الطبري ج6ص476 _ 483 .

يا طيب : بعد أن عرفنا هذا العهد الموثق والتعهد المؤكد ، بشروط مفصلة ، فلننظر لحال النزاع والتخاصم بين الأخوين ، لنعرف عزة السلطة عندهم وشأن الحكم في قلوبهم ، حتى ليقتل الأخ أخيه ، ولا تنازل له ، فكيف يتنازل للإمام الرضا عليه السلام ، ويحول الملك من العباسيين للعلوين ، فتدبر .


النزاع بين الأمين وخلع المأمون :

يا طيب : وبأقل من سنة من تولي الأمين للحكم ، يعزل أخيه المأمون ، والأمين يحاربه ثم يقتله ، وبقتله تجرأ العباد على حكومة المأمون وخرجت أكثر البلاد عن حكومته كما سترى ، وجاء بالإمام وليا للعهد ليسكت الثوار العلويين وغيرهم ، وبالفعل أستعاد البلاد التي خرجت عليه ، حرمة للإمام الرضا عليه ، وتفرق عن القواد الثائرين أنصارهم ، ولما تمكن المأمون واستقرت البلاد بين يديه ، وقضى حاجته ، أفترى المأمون يبقي الإمام الرضا عليه السلام في ولاية العهد ، وقد تمكن في جميع البلاد وأخمد الثورات العلوية وغيرها ، وسكن الناس وادعين للرضا عليه السلام لأنه في الحكم ، إلا قليل من العباسيين ، يخفون بما يخيف حكمه لقلتهم وقلة مناصريهم ولا يضروه شيء ، ولمعرفة النزاع والتخاصم بين الأخوين ، ونقضهم للعهد والوعد ، وخروج البلاد وولاية العهد للإمام ، تدبر الآتي :

 

الأمين ينقض العهد ويعزل أخيه :

قال اليعقوبي في تأريخه : بويع لمحمد الأمين بن هارون الرشيد ، وأمه أم جعفر بنت محمد بن المنصور ، ولم يكن في الخلفاء هاشمي الأبوين غير علي بن أبي طالب ، ومحمد ، وكانت البيعة له بطوس ، في اليوم الذي توفي فيه الرشيد، وهو يوم الأحد مستهل جمادى الأولى سنة 193 للهجرة ، وأخذ له الفضل بن الربيع بيعة من حضر من الهاشميين والقواد ، وقدم رجاء الخادم إلى محمد ببغداد يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى ، فبايع الناس في هذا اليوم ببغداد.

وأفسد قوم : قلب محمد الأمين ، على ولي عهده وأخوه المأمون ، وأوقعوا بينهما الشر ، وكان الذي يحرضه علي بن عيسى بن ماهان ، والفضل بن الربيع ، وزينا له أن يبايع لابنه بولاية العهد من بعده ، ويخلع المأمون ، ففعل ذلك ، وبايع لابنه موسى ، وكان ذلك لثلاث خلون من شهر ربيع الآخر سنة 194.

 وجمع العهود : التي كان كتبها الرشيد بينهما ، فحرقها ، وجرت الوحشة بينهما ، وكتب محمد إلى المأمون يأمره بالقدوم عليه في جميع القواد .

 فكتب إليه المأمون : يعلمه أنه لا سمع عليه في هذا ولا طاعة .

فكتب إلى من بخراسان : من القواد ، فأجابوه بمثل ذلك ؟

وقالوا : إنما يلزمنا لك الوفاء ، إذا وفيت لأخيك ، وأنت قد نقضت العهود ، وأحدثت الأحداث ، واستخففت بالأيمان والمواثيق .

ووجه محمد الأمين : إلى أم عيسى بنت موسى الهادي امرأة المأمون ، يطلب منها جوهرا كان عندها للمأمون ، فمنعته ، وقالت : ما عندي شيء أملكه ، فوجه من هجم منزلها ، فأنتهب كل ما فيه ، وأخذ ذلك الجوهر .

 

الحروب بين الأمين والمأمون وقتل الأمين:

 فلما انتهى ذلك إلى المأمون : جمع القواد الذين قبله ، فقال لهم : قد علمتم ما كان أبي شرط علي وعلى محمد ، وقد نكث ونقض العهود ، وأوجد السبيل إلى خلعه بنكثه ونقضه وتعرضه لأموالي وأسبابي وأعمالي ، وتحريقه الشروط والعهود التي عليه ، واستخفافه بحق الله فيما نكث من ذلك ، واشتغاله بالخصيان ، فاتفق رأيهم على مراسلته ، فإن رجع ، وإلا خلعوه .

وبلغ محمدا الأمين ذلك: فسير عصمة بن أبي عصمة السبيعي ، فسير معه جيشا كثيفا ، فخرج حتى صار إلى حد خراسان ، ثم وقف وكتب إليه يحركه على المسير .

 فامتنع ، فقال : أخذت علينا البيعة أن لا ندخل خراسان ، وأخذت عليك ألا تدخلها ، ولا ترسل أحدا إليها ، فإن جاءني إنسان من قبل المأمون إلى هاهن قاتلته ، وإلا لم أجز الحد .

 فوجه محمد علي بن عيسى بن ماهان:والي على خراسان ، وأمره بأشخاص المأمون ومن معه ، وضم إليه من القواد والجند أربعين ألف مرتزق ، وحملت إليه الأموال ، ودفع إليه قد فضة .

وقال : إذا قدمت خراسان قيد بهذا القيد المأمون ، واحمله إلى ما قبلي .

 فلما أتى المأمون الخبر : ندب طاهر بن الحسين بن مصعب البوشنجي للخروج ، ونفذ ، فلقي علي بن عيسى بالري في سنة 195 ، وعلي بن عيسى في خلق عظيم ، وطاهر بن الحسين في خمسة آلاف ، فخرج قائد الأمين علي بن عيسى في نفر يسير يدور حول العسكر .

وبصر به قائد المأمون : طاهر بن الحسين ، فأسرع إليه في جماعة من أصحابه ، فلاقى عليا ، وهو على برذون أصفر ، فدافع عنه من كان معه حتى قتل جماعة وركض ، فاتبعه طاهر وحده ، فضربه بسيفه حتى أثخنه ، سقط إلى الأرض ، فنزل وأحتز رأسه ، ورجع إلى معسكره ، ونصب الرأس على رمح ونادى في عسكر علي بن عيسى :

قتل الأمير ! وبلغ أصحابه به خبره ، فانهزموا ، وأسلموا الخزائن والكراع ، فلم يبت طاهر حتى حوى جميع ما كان في عسكره ، فاستأمن إليه كثير من أصحابه .

وكتب طاهر بالفتح إلى المأمون إلى مرو : ووجه بالرأس إليه من رجل من أصحابه ، وقرئ الفتح على الناس ، وبويع للمأمون بالخلافة ، وخلع محمد الأمين ، فأعطى جميع أهل خراسان الطاعة للمأمون .

ولما بلغ الأمين : قتل علي بن عيسى بن ماهان ، وأنهزام عسكره ، ومصير هم إلى حلوان ، وخلع أهل خراسان له ، واجتماع كلمتهم على المأمون ، وأن طاهرا قد قوي بما صار في يده من الأموال والسلاح والكراع ، وكتب إليه المأمون أل يعرج دون بغداد . 

وكان عامل الأمين بمصر : حاتم بن هرثمة بن أعين ، فعزله وولى جابر بن البيعة له ، وأقام على طاعة محمد الأمين ، فوثب السري بن الحكم البلخي ، وكان أحد قواد مصر ، وجماعة معه ، ودعوا الجند إلى البيعة للمأمون ، ووعدوهم رزق سنتين ، فأجابوا إلى ذلك ، وأخرجوا جابر بن الأشعث من دار الإمارة ، وصيرو مكانه عباد بن محمد ، وكان عباد خليفة هرثمة بن أعين في البلد ، فدعا للمأمون بالخلافة في رجب سنة.

وتوفي عبد الملك بن صالح بالرقة : في هذه السنة ، وهي سنة 196 ، وعامل محمد بن هارون على الجزيرة وجند قنسرين والعواصم والثغور ، واضطرب البلد بعد وفاته ، وتغلب كل رئيس قوم عليهم .

وصار الناس حزبين : حزب يظاهر بالأمين ، وحزب يظاهر بالمأمون ، فلم يبق بلد إلا وفيه قوم يتحاربون لا سلطان يمنعهم ولا يدفعهم ، واخذ طاهر قائد المأمون من ناحية الجبل إلى الأهواز .

وصار طاهر إلى واسط : لثلاث خلون من رجب بعد أن بايع أهل البصرة للمأمون على يد منصور بن المهدي ، وبالكوفة على يد الفضل بن موسى بن عيسى ، وبالموصل على يد المطلب بن عبد الله ، وبمصر على يد عباد بن محمد ، وبالرقة على يد الحسين بن علي بن ماهان قائد الأمين ، فأخرجه من كان بها من الزواقيل وغيرهم ، فقدم بغداد لثمان خلون من رجب سنة 196 ، فأنكر مذهب محمد الأمين ، وبلغه عنه ما يكره ، فدع الجند ببغداد إلى بيعة المأمون ، فأجابوه .

 فوثب على محمد الأمين : فحبسه وأمه وولده ، فلما حبسهم طالبه الجند بأرزاقهم ، فاعتل عليهم ، فقبضوا عليه ، وأخرجوا محمدا وأمه وولده من الحبس ، وبايعوه ، وضربوا عنق الحسين ابن علي .

 فسألوا محمدا في أرزاقهم : فأعطاهم خمسمائة خمسمائة ، وقارورة غالية ، وعقد أربعمائة لواء لقواد شتى ، واستعمل عليهم علي بن محمد بن عيسى بن نهيك ، وأمرهم بالميسر إلى هرثمة ، وهرثمة يومئذ معسكر بالنهروان ، فالتقوا في شهر رمضان ، فهزمهم وأسر علي بن محمد بن عيسى بن نهيك ، وبعث به إلى المأمون .

وزحف بجيشه : حتى صار بموضع يقال له نهريين ، من بغداد على فرسخ أو فرسخين ، وصار طاهر بنهر صرصر على أربعة فراسخ من بغداد ، وكان طاهر في الجانب الغربي وهرثمة في الجانب الشرقي .

ووثب الأبناء والحربية : بمحمد الأمين ، ودعوا للمأمون ، وكاتبو طاهرا ، وأعطوه الرهائن ، فدخل طاهر بغداد ، فاشتق الجانب الغربي إلى باب لأنبار .

وكان محمد الأمين : قد حبس سليمان بن أبي جعفر ، وإبراهيم بن المهدي لأمر بلغه ، فلما صار هرثمة على باب بغداد أخرجهما من الحبس ، ووجه بهم مع جماعة من بني هاشم إلى هرثمة يدعونه إلى طاعته ، ويجعل له ما أراد من الأموال والقطائع ، فقال لهم هرثمة : لولا أن لا تقتل الرسل لضربت أعناقكم ، فانصرفا إلى محمد ! وخلى سبيلهما .

ووثب أهل شرقي بغداد بالأمين : ودعوا للمأمون ، وأجلوا خزيمة بن خازم التميمي ، فصار إلى الجسر ، فقطعه .

ودخل زهير بن المسيب : من كلواذى في السفن ، وفيها المنجنيقات و العرادات ، فصار الأمين إلى قصره المعروف بالخلد في غربي بغداد ، فتحصن به ، فرماه زهير بالمنجنيق .

ودخل هرثمة : من باب خراسان من عسكر المهدي ، وهو الجانب الشرقي من بغداد ، ودخل طاهر من معسكره إلى مدينة أبي جعفر ، وأحدقوا بالخلد ، فخرج محمد من باب خراسان ، حتى أتى دجلة يريد هرثمة ، فبلغ أصحاب طاهر ذلك ، فوثبوا بهرثمة ، وهو في حراقة له ، حتى غرقوه ، وأخرجوه بعد ساعة ، وخرج محمد في غلالة وسراويل ، حتى جلس على الشط ، والعسكر يمر به ولا يعرفه ، حتى مر به مولى لشكلة ، فعرفه ، فحمله إلى منزله .

ثم أتى طاهر بن الحسين بخبره : فوقعت بين طاهر وبين هرثمة وزهير منازعة ، فأمر طاهر قريشا الدنداني مولاه ، فضرب عنقه ، ونصب رأسه على رمح ، ومضى به إلى معسكره بالبستان ، ثم بعث به إلى المأمون .

فكان مقتله : يوم الأحد من المحرم سنة 198 ، وسمعت من يقول : لخمس خلون من صفر ، وكتب طاهر إلى المأمون كتابا .

وكانت خلافته : منذ يوم توفي الرشيد إلى أن قتل أربع سنين وسبعة أشهر وواحدا وعشرين يوما ، ومنذ مات هارون إلى أن خلع ثلاث سنين ، وكانت سنه يوم قتل سبعا وعشرين سنة وثلاثة أشهر ، وقيل ثمانيا وعشرين سنة .

 

أيام المأمون بعد قتل أخيه الأمين:

وبويع عبد الله المأمون بن هارون الرشيد : وأمه أم ولد ، يقال لها : مراجل الباذغيسية ، في سنة 195 ، وبايع له عامة أهل البلدان سنة 196 ، فلما كان في المحرم سنة 198 ، وقتل أخيه الأمين ، اجتمع عليه أهل البلدان ، ولم يبق أحد إلا أعطى طاعته ، وادعى كل ممتنع في بلد انه إنما كان في طاعة المأمون وعلى الميل إليه .

يا طيب : لما يرى الناس إن الأخوة يقتتلون على الملك ، ويقتل أحدهم الآخر ، فصارة الجرأة لجميع من عنده شأن ، بأن يثب بحاكم مدينته وينتزع الملك ، ولذا خرجت كثير من المناطق والبلاد عن حكم المأمون وسلطانه فتدبر:

 

خروج كثير من البلاد عن سلطان المأمون:

ولى المأمون : عبد الله العباس بن موسى بن عيسى الهاشمي مصر سنة 199 وساءت سيرته .

 فوثب السري بن الحكم : واستمال الجند ، ثم حاربه حتى أخرجه من البلد ، وأخرج المطلب من الحبس ، فبايع له ، ونزل دار الإمارة ، وبيت عبد الله بن العباس ، وأخذ كل ما كان معه من الأموال .

 

 ومضى عبد العزيز الجروي : إلى تنيس ، فأقام متغلبا عليه ، وعلى ما والاها من كور أسفل الأرض .

 وغلب السري بن الحكم : على قصبة الفسطاط والصعيد .

وتغلب : العباس بن موسى بن عيسى على الحوف في قيس ، فخذلته ، فأقام ببلبيس خمسة وثلاثين يوما .

 

وقد كان وثب الأصفر : المعروف بأبي السرايا ، واسمه السري ابن منصور الشيباني ، بالكوفة ، ومعه محمد بن إبراهيم العلوي المعروف بابن طباطبا ، ثم توفي محمد بن إبراهيم ، فأقام أبو السرايا مكانه محمد بن محمد بن زيد.

 فأخذ البصرة : العباس بن محمد بن موسى الجعفري .

وقدم زيد : بن موسى بن جعفر بن محمد بن الكوفة ، وقد كان خلع بها ، فصار إلى البصرة مع العباس بن محمد الجعفري .

 وأخذ واسط : محمد بن الحسن المعروف بالسلق .

 وأخذ اليمن : ابراهيم بن موسى بن جعفر.

 وأخذ الحجاز : محمد ابن جعفر .

وتغلب على نصيبين : وما والاها ، أحمد بن عمر بن الخطاب الربعي.

 وبالموصل : السيد بن أنس ,

 وبميا فارقين : موسى بن المبارك اليشكري .

 وبأرمينية : عبد الملك بن الجحاف السلمي ومحمد بن عتاب.

 و باذربيجان : محمد بن الرواد الازدي ، ويزيد بن بلال اليمني ، ومحمد بن حميد الهمداني ، وعثمان بن أفكل ، وعلي بن مر الطائي.

 وبالجبل : أبو دلف العجلي ، ومرة بن أبي الرديني ، وعلي ابن البهول ، ومحمد بن زهرة ، وسنان وزيد بو بالسلسلة.

 وحن حساس : وناحيتها ، بسطام بن السلس الربعي .

وبكفر توثا : ورأس عين ، حبيب بن الجهم .

 وبكيسوم وما والاها من ديار مضر : نصر بن شبث النصري ، وكان أصعب القوم شوكة وأشدهم امتناعا .

 وبقورس : وما والاها من كور العواصم ، العباس بن زفر الهلالي .

 وبالحيار : وما والاها من كور قنسرين ، عثمان بن ثمامة العبسي .

 وبالحاضر : الذي إلى جانب حلب ، منيع التنوخي ، وقد كان يعقوب بن صالح الهاشمي يحارب الحاضر ، فلم يبق منهم أحد ، وافترقوا أيدي سبا ، فصار أكثرهم إلى مدينة قنسرين ، وخرب يعقوب الحاضر حتى ألصقه بالأرض ، وكان فيه عشرون ألف مقاتل ، فهو خراب إلى اليوم .

وكان بمعرة النعمان : وتل منس وما والاها من إقليم حمص ، الحوازي بن حنطان التنوخي .

 وبحماة وما والاها : حراق البهراني .

 وبشيزر وما والاها : بنو بسطام .

وبمدينة حمص : بنو السمط ، وبالمصيصة وأذنة وما والاها من الثغور الشأمية ثابت ابن نصر الخزاعي ، وكان عاملا للأمين ، فلما كان من أمره م كان تغلب على البلد .

 وأقام بدمشق والأردن وفلسطين جماعة : من سائر القبائل .

 وبمصر : السري بقصبة الفسطاط والصعيد ، وبأسفل الأرض عبد العزيز الجروي ، وبالحوفين القيسية واليمانية .

وغلبت لخم وبنو مدلج على الإسكندرية : ورئيس لخم رجل يقال له أحمد بن رحيم اللخمي ، ثم غلب الأندلسيون ، وكان ابتداء أمر الأندلسيين أنهم قدموا من الأندلس في أربعة آلاف مركب ، فأرسوا في ميناء الإسكندرية في الرمل ، وكانوا زهاء ثلاثة آلاف رجل ، فأقاموا على ساحل البحر .

 ثم وثب بعض أعوان السلطان : على رجل منهم ، فوقعت عصبية ، فوثب الأندلسيون على الفضل بن عبد الله أخي المطلب بن عبد الله ، وقتلوا صاحب شرطته ، وصاروا إلى الحصن وحاربوا أهل الإسكندرية ، حتى أجلوهم عن منازلهم ، فخلوا الديار والأموال، ورأسوا عليهم رجلا يقال له أبو عبد الله الصوفي يسفك الدماء ويقتل المسلمين، ثم عزلوه وصيروا عليهم رجلا يقال له الكناني ، وأجلوا بني مدلج ولحما عن البلد ، فصار البلد كله لهم .

 وكان ببرقة : مسلم بن نصر الأعور الأنباري .


 

المأمون يستعيد البلاد لسلطته:

وفي سنة 198 وجه المأمون : الحسن بن سهل إلى العراق عامل عليها وعلى غيرها من البلاد ، فوجه خليفته ذا العلمين علي بن أبي سعيد .

 وكتب المأمون : إلى طاهر بن الحسين أن يمضي إلى الجزيرة ، فيحارب نصر بن شبث ، فلما قدم ذو العلمين : العراق غلظ ذلك على طاهر ، وقال : ما أنصفني أمير المؤمنين ! ثم نفذ إلى الجزيرة ، فحارب نصرا .

وقدم الحسن بن سهل العراق ، فنزل النهروان .

 وتوجه هرثمة قائد جيش للمأمون : إلى أبي السرايا ، والتقو بناحية الكوفة لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة 199 ، فكانت بينهم وقائع ، فانصرف هرثمة ، وزحف زهير بن المسيب الضبي إليه ، فهزمه أبو السرايا ، ورجع زهير إلى قصر ابن هبيرة ، فوجه إليه الحسن بن سهل عبدوس بن محمد بن أبي خالد في جيش عظيم ، فلقي أبا السرايا بموضع يقال له الجامع ، بين بغداد والكوفة ، لا ثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب من هذه السنة ، فقتله أبو السرايا ، وأسر أخاه هارون بن محمد بن أبي خالد وجماعة من أصحابه .

وبلغ زهيرا الخير : فانصرف من قصر ابن هبيرة إلى بغداد ، فرجع هرثمة في جيوش عظيمة ، فلقي أبا السرايا ، فلم يزل هرثمة حتى صار إلى الكوفة ، فقاتله قتالا شديدا ، حتى قتل عامة أصحاب أبي السرايا ، ودخل هرثمة الكوفة ، وخرج أبو السرايا منهزما ، حتى صار إلى واسط ، ثم إلى الأهواز ، فلقيه الحسن ابن علي الباذغيسي المعروف بالمأموني فهزمه .

وانصرف أبو السرايا : راجعا منهزما إلى روستقباذ ، وهو عليل شديد العلة من بطن به ، وبلغ حمادا الخادم المعروف ب الكندغوش مكانه ، فهجم عليه ، فأخذه وأخذ معه محمد بن محمد العلوي وأبا الشوك مولاه ، فصار بهم إلى الحسن ابن سهل وهو بالنهروان .

فلما أدخل عليه قال له أبو السرايا : استبقتني ، أصلح الله الأمير .

 قال : لا أبقى الله علي إن أبقيت عليك ! فأمر به فضربت عنقه ، وقطع بنصفين ، وصلب على جسري بغداد ، وأتى بمحمد بن محمد العلوي ، فقربه وأدناه وبره ، وقال له : لا خوف عليك ، لعن الله من غرك ! وولى خالد بن يزيد من زيد الكوفة .  وصار الحسن بن سهل : إلى المدائن ، ووجه إلى محمد بن الحسن السلق عبد الله بن سعيد الحرشي ، فالتقوا بواسط في شرقي دجلة ، فهزم السلق ، وفض جمعه .

ووجه عيسى بن يزيد الجلودي : إلى محمد بن جعفر العلوي ، وقد تغلب بمكة ، وأخر داود بن عيسى الهاشمي ، فلما قدم الجلودي مكة لم يحاربه واستأمن إليه ، فأخذه الجلودي ، وخرج به بنفسه إلى المأمون وهو بمرو ، وخلف ابنه بمكة ، فلما صار بجرجان توفي محمد بن جعفر ، وورد كتاب المأمون على الجلودي يأمره بالرجوع إلى الحجاز ، فرجع .

ووجه حمدويه بن علي بن عيسى بن ماهان : إلى اليمن ، وإبراهيم بن موسى ابن جعفر العلوي متغلب بها ، فحاربه إبراهيم بمن معه من اليمن ، وكانت وقعات منكرة تأخذ من الفريقين ، وكان حمدويه قد استخلف على مكة يزيد ابن محمد بن حنظلة المخزومي ، فخرج إبراهيم بن موسى من اليمن يريد مكة ، وبلغ يزيد بن محمد ، فخندق عليه مكة ، وأرسل إلى الحجبة ، فأخذ الذهب الذي كان بعث به المأمون من خراسان ، وصنم ملك التبت ، وضربه دنانير ودراهم ، وقرض قرضا من الأعراب ، ودفع إليهم المال .

وصار إبراهيم إلى مكة : فوافقه يزيد في أصحابه، وبعث إبراهيم بن موسى بعض أصحابه ، فدخل من الجبل ، فانهزم يزيد ، لحقه بعض أصحابه فقتله، ودخل إبراهيم إلى مكة فغلب عليها ، وأقام بها حمدويه في ناحية من اليمن.


المأمون يولي الأمام الرضا ولاية العهد:

وذكر اليعقوبي في تأريخه : لما كانت أغلب البلاد خارجة عن حكم المأمون أو خارجة فعلاً ، ولانشغال الأمين والمأمون بالحروب ، وقلت هيبة الدولة العباسية وتجرأ الناس على الثورة في بلادهم من قبل شخصيات تطمع بالحكم ، وكانت البلاد المهمة الخارجة من الحكم فيها ثوار شيعة ، وجه المأمون لطلب الإمام لولاية العهد ليضعف عزم أغلب الجيوش الخارجة عليه ، وليتمكن من ردها .

فأشخص المأمون : الرضا علي بن موسى بن جعفر ـ عليهما السلام ـ من المدينة إلى خراسان ، وكان رسوله إليه رجاء بن أبي الضحاك قرابة الفضل بن سهل ، فقدم بغداد ، ثم أخذ به على طريق ماء البصرة .

حتى صار إلى مرو : وبايع له المأمون بولاية العهد من بعده ـ سوف يأتي في الفصول الآتية مسير الإمام إلى مرو وكيفية عقد ولاية العهد والبيعة للإمام ـ، وكان ذلك يوم الأثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة 201 .

وألبس الناس : الأخضر مكان السواد ، وكتب بذلك إلى الآفاق ، وأخذت البيعة ـ للإمام ـ للرضا ـ عليه السلام ـ ، ودعي له على المنابر ، وضربت الدنانير والدراهم باسمه ، ولم يبق أحد إلا لبس الخضرة إلا إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي الهاشمي ، فإنه كان عاملا للمأمون على البصرة ، فامتنع من لبس الخضرة ، وقال : هذا نقض لله وله ، وأظهر الخلع .

 فوجه إليه المأمون : عيسى بن زيد الجلودي ، فلما أشرف على البصرة هرب إسماعيل من غير حرب ولا قتال ، ودخل الجلودي البصرة ، فأقام بها ، وصار إسماعيل إلى الحسن بن سهل ، فحبسه ، وكتب في أمره إلى المأمون ، وكتب بحمله إلى مرو ، فحمل ، فلما صار بالقرب من مرو أمر المأمون أن يرد إلى جرجان فيحبس بها ، فأقام بجرجان محبوسا ممنوعا منه ، ثم رضي عنه بعد حين .

 ووجه ببيعة الرضا : مع عيسى الجلودي إلى مكة ، وإبراهيم ابن موسى بن جعفر بها مقيم ، وقد استقامت له غير أنه يدعو إلى المأمون ، فقدم الجلودي ومعه الخضرة وبيعة الرضى ، فخرج ابراهيم فتلقاه ، وبايع الناس للرضا بمكة ، ولبسو الأخضر .

وكان حمدويه بن علي بن عيسى : لما خرج إبراهيم إلى مكة ، استمال جماعة من أهل اليمن ، ثم خلع ، فكتب المأمون إلى إبراهيم بن موسى بولاية اليمن ، وأمر الجلودي بالخروج معه ومعونته على محاربة حمدويه ، فخرج إبراهيم حتى صار إلى اليمن ، فلم يخرج الجلودي معه ، فلحقه ابن لحمدويه فحاربه ، فقتل من أصحابه خلقا ، وانهزم ابن حمدويه ، وصار إبراهيم إلى صنعاء ، فخرج حمدويه ، فحاربه محاربة شديدة ، فقتل من أصحاب إبراهيم خلقا عظيما ، وانهزم إبراهيم ، فلم يرد وجهه شيء دون مكة .

 وانصرف الجلودي : إلى البصرة ، وقد تغلب عليها زيد بن موسى ، ونهب دورا وأموالا كثيرة للناس ، وكان معه جماعة من القيسية وغيرهم ، فلما قرب الجلودي حاربوه يومهم ذاك ، ثم انهزموا ، وانهزم زيد ، فأخذه عيسى ، وحمله إلى المأمون ، فمن عليه ، وأطلق سبيله .

وشخص هرثمة : من العراق إلى مرو سنة 201 ، وقيل إنه انصرف بغير إذن من المأمون ، فلما دخل على المأمون ولا يمكنني أمشي في محفة ، وكلم المأمون بكلام غليظ ، و دخل معه يحيى بن عامر بن اسماعيل الحارثي .

 فقال : السلام عليك يا أمير الكافرين ! فأخذته السيوف في مجلس المأمون حتى قتل .

 فقال هرثمة : قدمت هذه المجوس على أوليائك وأنصارك ؟

 فأمر المأمون : بسحب رجل هرثمة ، وحبسه فأقام في محبسه ثلاثة أيام، ومات.

وخرج بخراسان منصور بن عبد الله بن يوسف البرم ، فوجه إليه المأمون وبادر منصور بن عبد الله ، فقتله .

ويا طيب : وهنا تعرف أن سبب انتصار الجلودي بسهولة في الكوفة ومكة واليمن والبصرة ، وبعد أن عقد المأمون ولاية العهد للأمام ووهن عزم الناس فيهما من محارة المأمون وجيوشه ، لأنه زيد أخو الإمام الرضا عليه السلام ، كان في البصرة وكذا من كان في مكة والكوفة ، فأرجع العراق واليمن وتمكن بسبب البيعة وقويت جيوشه ، فأسترد باقي البلاد .


قتل المهدي عم المأمون في بغداد : 

ووثب محمد بن أبي خالد : وأهل الحربية بالحسن بن سهل ، حتى أخرجوه من بغداد ، وأسروا زهير بن المسيب الضبي ، وذلك أنه كان مع محمد بن أبي خالد ، وأتوا محمد بن صالح بن المنصور .

 فقالوا : نحن أنصار دولتكم ، وقد خشينا أن تذهب هذه الدولة بما حدث فيها من تدبير المجوس ، وقد أخذ المأمون البيعة لعلي بن موسى الرض ، فهلم نبايعك ، فإنا نخاف أن يخرج هذا الأمر عنكم .

فقال لهم : قد بايعت للمأمون ، وكان محمد بن صالح أول هاشمي بايع المأمون ببغداد ، ولست لكم بصاحب .

وصار الحسن بن سهل : إلى واسط ، فاتبعه محمد بن أبي خالد والحربية والأبناء ، فالتقوا بقرية أبي قريش دون واسط ، فكانت بينهم وقعة منكرة ، وأصاب محمد بن أبي خالد سهم ، فأثخنه ، فحمل إلى جبل ، وأقام أياما وتوفي ، فحمل إلى بغداد .

وقام عيسى بن أبي خالد : بالعسكر ، وقد كان محمد بن أبي خالد أسر زهير بن المسيب الضبي ، فلما أدخل محمد بن أبي خالد إلى بغداد ميتا ، وثب الأبناء على زهير بن المسيب ، وهو محبوس فقتلوه ، وشدوا في رجله حبلا ، وجروه في طريق بغداد ، ومثلوا به .

 فاجتمع قواد الحربية : فبايعوا لإبراهيم ابن المهدي ، المعروف بابن شكلة ، لخمس ليال خلون من المحرم سنة 202 ، ودعي له بالخلافة ، وسمي بالمرضي ، ونزل الرصافة ، وصلى بالناس ببغداد في مسجد المدينة ، وعسكر بكلواذى ، ومعه الفضل بن الربيع ، وعيسى بن محمد ابن أبي خالد ، وسعيد بن الساجور ، وأبو البط ، وكتب بالولايات : وعقد الألوية ، واستقامت له الأمور ، وأطاعه الأبناء وأهل الحربية وما والاها :

 إلا من كان في طاعة المأمون : فإنهم كانوا يحاربون مع حميد بن عبد الحميد الطائي الطوسي ، ويصيحون : يا عنقود ، يا مغني !

وكان ابراهيم : أسود شديد السواد ، وبنصف وجهه شامة ، سمج المنظر ، وكانوا يدعونه عنقودا لذلك ، ثم وثب أسد الحربي ، وكان من أصحاب إبراهيم ، في جماعة من الحربية ، فخلعوا إبراهيم ، ودعوا للمأمون ، وأخذ عيسى بن أبي خالد أسدا الحربي وابنا له ، فقتلهما وصلبهما .

وكان حميد بن عبد الحميد : نازلا بموضع يقال له خان الحكم بنهر صرصر ، فراسل عيسى بن أبي خالد ليجتمعا ، ثم صار حميد إلى بغداد ، فصلى خلف ابن أبي رجاء القاضي صلاة الجمعة ، وانصرف إلى معسكره .

وخرج مهدي بن علوان الشاري : بناحية عكبرا ، فخرج إليه المطلب ابن عبد الله ، فواقعه وقعة بعد وقعة ، ثم هزمه مهدي ، فانصرف المطلب منهزما إلى بغداد ، وخرج إليه أبو إسحاق بن الرشيد ، فواقعه ، وهزم مهدي ، ولم يزل يتبعه حتى أسره ، فمن عليه المأمون وألزمه بابه ، وألبسه السواد ، فلم يزل على باب المأمون حتى مات .

يا طيب : هنا بعد أن رجعت أغلب البلاد لحكم المأمون ، وسيطر على الثورات العلوية والعباسية ، واستقرت له الأمور ، بدأ المأمون يصفي أهل النفوذ والسيطرة من وزراءه وقواده ، فيقتل أولاً مدبر مملكته وحكومته ذو الرآستين وبعض القواد ، كما عرفت سابقاً من قتل هرثمة الذي أعاد له حكومة الكوفة وبغداد ، كم أخذي يقصي بعضهم عن الإدارة كما سترى كالضحاك ، ثم تراه بعد ذلك يسم ولي عهده الإمام الرضا عليه السلام ، وذلك ليصفي له الحكم ويثبت أن بتدبيره يتم إدارة الحكومة والبلاد ، ولكي يتقرب للعباسيين أقاربه ، ويثبت كفاءته وقوة شخصيته ، واسمع باقي القصة من كلام اليعقوبي في تاريخه .


 

المأمون يرجع من مرو لبغداد:

يا طيب : لما تمكن المأمون من البلاد ، وأحب الرجوع من مرو عاصمة خراسان ، لعاصمة ملك العباسيين بغداد ، قرر المأمون التخلص ممن هم أهل النفوذ في مملكة ، وبالخص وزيره المتنفذ ، والذي كان يعتبره قائدي جيشه والعباسيين أنه هو الذي يدير الحكم ، ولعداوة العباسيين والبغداديين له ، وكما عرفت أن هرثمة ومن كان معه يصفه بالمجوس وأنه هو المتسلط بالحكم ، فكان عليه أن يتخلص منه ليثبت قدرته وجدارته ، ويصفي قلوب من ينتظر ودهم من العباسيين في بغداد وما والاها معه .

ويا طيب : وجود الإمام الرضا عليه السلام ، كولي عهد له ، يعني أنه خروج الملك من العباسيين للعلويين ، وهذا ما لا يرضا به أحد من العباسيين ، ولا من تربى في مملكتهم من القواد وذو الشأن في بغداد ، وبعد أن قضى مهمته وتمكن فلا حاجة لوجود الإمام بجنبه ، فقرر أيضا أن يتخلص منه و يسمه ، وبهذا يصفي أهم من أعانه وعاهده وأخذ المواثيق لهم ، ولكنه تعود الغدر من أخيه وأبيه وأجداده ، فسترى كيف قتل وسم من عاهدهم فتدبر :

 

المأمون يقتل وزيره ويقصي القواد :

وخرج المأمون من مرو : متوجها إلى العراق سنة 202 ، ومعه الرض ، وهو ولي عهده ، وذو الرآستين الفضل بن سهل وزيره .

 وقد كتب للفضل : الكتاب الذي سماه كتاب الشرط والحباء ، يصف فيه طاعته ، ونصيحته ، وعظته ، وعنايته ، وذهابه بنفسه عن الدنيا ، وارتفاعه عم بذل من الأموال والقطائع والجوهر والعقد ، ويشرط له على نفسه كل ما يسأل ويطلب ، لا يدفعه ، ولا يمنعه ، ووقع فيه المأمون بخطه ، وأشهد على نفسه .

 فلما صار المأمون : بقومس قتل الفضل بن سهل وهو في الحمام ، دخل عليه غالب الرومي صاحب ركاب المأمون ، فقتله ، فقال الفضل : لك مائة ألف دينار . فقال : ليس بأوان تملق ، ولا رشوة ، وقتله .

فقتل المأمون : غالب الرومي ، وسراج الخادم ، بالسيوف ، جميع ـ وهما اللذان قتلا الفضل بأمره . وقتل قوما معهما : وقتل ذا العلمين علي ابن أبي سعيد ، وكان ابن خالة الفضل بن سهل .

وقال : إنه الذي دس في قتله، ووجه برأسه إلى الحسن بن سهل إلى العراق .

 وقتل خلف بن عمر البصري : المعروف بالحف ، وموسى البصري ، و عبد العزيز بن عمران الطائي وغالبا الرومي ، وسراجا الخادم ، وأقصى قوما من قواده سماهم الشامتة ، وأظهر عليه أشد جزع .

وكان المأمون : كلما مر ببلد أقام فيه ، حتى يصلح حاله ، وينظر في مصالح أهله ، واستخلف على خراسان عند خروجه رجاء بن أبي الضحاك قرابة الحسن ابن سهل ، وكانت خراسان قد استقامت وأعطى ملوكها جميعا الطاعة .

وأسلم ملك التبت : وقدم على المأمون إلى بصنم له من ذهب على سرير من ذهب ، مرصع بالجوهر ، فأرسله المأمون إلى الكعبة يعرف الناس هداية لله لملك التبت ، ولم تبق ناحية من نواحي خراسان يخاف خلافها ، فلما فصل المأمون عن خراسان .

قلت مداراة : رجاء من أبي الضحاك ، وضعف في تدبيره ، ولم يكن بالحازم في أموره ، فخاف المأمون أن يضطرب خراسان ، فعزله ، وولى : غسان ابن عباد ، فأحسن السيرة ، واستمال ملوك النواحي .

 

المأمون يسم الإمام الرضا في طوس :

وقال اليعقوبي في تأريخه : ولما صار إلى طوس توفي الرضى علي بن موسى بن جعفر بن محمد ، بقرية يقال لها : النوقان ، أول سنة 203 ، ولم تكن علته غير ثلاثة أيام .

 فقيل : إن علي بن هشام أطعمه رمانا فيه سم ، وأظهر المأمون عليه جزعا شديدا .

 فحدثني أبو الحسن بن أبي عباد قال : رأيت المأمون يمشي في جنازة الرضا حاسرا في مبطنة بيضاء ، وهو بين قائمتي النعش يقول :

إلى من أروح بعدك : يا أبا الحسن ! وأقام عند قبره ثلاثة أيام يؤتى في كل يوم برغيف وملح ، فيأكله ، ثم انصرف في اليوم الرابع ، وكانت سن الرض أربعا وأربعين سنة .

وقال أبو الحسن بن أبي عباد :

سمعت الرضا يقول : إن مشي الرجال مع الرجل ، فتنة للمتبوع ، ومذلة للتابع .

 وسمعته يقول : إن في صحف ابراهيم : أيها الملك المغرور ! إني لم أبعثك لتبني البنى ، ولا لتجمع الدنيا ، ولكن بعثتك لترد عنى دعوة المظلوم ، فإني لا أردها ، ولو كانت من كافر .

وقال للمأمون : ما التقت فئتان قط إلا نصر الله أعظمهما عفو .

وقال : إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن ، فيتعظ ، فأما صاحب سيف وسوط فلا ! إن من تعرض لسلطان جائر ، فأصابته منه بلية ، لم يؤجر عليها ، ولم يرزق الصبر فيها .

يا طيب  : وإن طال هذا الباب ، لكن الغرض كما عرفت هو لنطلع على أهم الأحداث السياسية والعسكرية في ذلك الزمان ، وذلك ليمكننا أن نتصور م نقرأه في الفصول الآتية ، ويسهل التدبر فيها بعد أن تتضح معرفة بظروفها المهمة .

 وما ذكرنا : من ذكر أيام المأمون والأمين وأحوال الزمان في ذلك الوقت ، سيطلعك علي شيء من أسباب دعوة المأمون لتولي الأمام ولاية العهد ، في الأبواب الآتية بالإضافة لما عرفت ، مما يخص مسير الإمام الرضا من المدينة إلى مروا ، وولاية العهد والكيفية استشهاد الإمام الرضا عليه السلام وأسبابها  ، ثم فضل زيارته عليه السلام وكيفيتها ، وأمور أخرى ستطلع عليه من سيرة الإمام وحياته عليه السلام .

فيا طيب : تابعها لتعرف شيء أحسن القصص الإسلامية لهداة دين الله تعالى ، وولاة أمر الله الحقيقيين وخلفاء الله ورسوله الدينين وأئمة المسلمين ، فأنتظر ونسأل الله لنا ولك التوفيق ، في طاعة ولاة الدين من آل محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام .


 

الباب الخامس عشر

 المأمون مع الإمام الرضا

تشيع المأمون ظاهرا :

يا طيب : أحاديث المأمون مع الإمام و التي تبين البيعة للإمام الرضا عليه السلام ، وأحاديث مجادلته ومحاورته لعلماء جمعهم المنصور لمناقشة الإمام كثيرة ، إن شاء الله تجدها في صحيفة ، ولكم يا طيب مختصر من الأحاديث ، يشهر به المأمون تشيعه أحدها في سبب جعل الولاية للإمام ، والثاني يسأل الإمام عن حدود تعاليم محض الإسلام وخلاصته :

 

حديث سبب تشيع المأمون :

في عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام : بالإسناد عن سفيان بن نزار قال:

كنت يوما على رأس المأمون فقال : أ تدرون من علمني التشيع ؟

فقال القوم جميعا : لا و الله ما نعلم ؟

قال المأمون : علمنيه الرشيد ؟!

قيل له : و كيف ذلك ، و الرشيد كان يقتل أهل هذا البيت ؟

قال المأمون : كان يقتلهم على الملك ، لأن الملك عقيم .

و لقد حججت معه سنة ، فلما صار إلى المدينة ، تقدم إلى حجابه و قال :

لا يدخلن علي رجل من أهل المدينة ، و مكة من أهل المهاجرين ، و الأنصار ، و بني هاشم ، و سائر بطون قريش ؛ إلا نسب نفسه .

و كان الرجل : إذا دخل عليه ، قال : أنا فلان بن فلان حتى ينتهي إلى جده من هاشمي أو قرشي أو مهاجري أو أنصاري ، فيصله من المال بخمسة آلاف دينار ، و ما دونها إلى مائتي دينار على قدر شرفه و هجرة آبائه .

فأنا ذات يوم واقف : إذ دخل الفضل بن الربيع فقال : يا أمير المؤمنين على الباب رجل يزعم أنه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام .

 فأقبل علينا : و نحن قيام على رأسه ، و الأمين و المؤتمن و سائر القواد ، فقال : احفظوا على أنفسكم ؟

ثم قال : لآذنه ، ائذن له ، و لا ينزل إلا على بساطي .

فإنا كذلك : إذ دخل شيخ مسخد قد أنهكته العبادة ، كأنه شن بال ، قد كلم من السجود وجهه و أنفه ، فلما رأى الرشيد ، رمى بنفسه عن حمار كان راكبة .

فصاح الرشيد : لا و الله إلا على بساطي ، فمنعه الحجاب من الترجل ، و نظرنا إليه بأجمعنا بالإجلال و الإعظام .

فما زال : يسير على حماره حتى صار إلى البساط ، و الحجاب و القواد محدقون به .

فنزل فقام : إليه الرشيد ، و استقبله إلى آخر البساط ، فقبل وجهه و عينيه ، و أخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس ، و أجلسه معه فيه ، و جعل يحدثه و يقبل بوجهه عليه ، و يسأله عن أحواله .

ثم قال له : يا أبا الحسن ما عليك من العيال ، فقال : يزيدون على الخمس مائة .

قال : أولاد كلهم ؟

قال : لا ، أكثرهم موالي و حشم ، أما الولد فلي نيف و ثلاثون ، و الذكران منهم كذا ، و النسوان منهم كذا .

قال : فلم لا تزوج النسوان من بني عمومتهن و أكفائهن .

 قال : اليد تقصر عن ذلك .

قال : فما حال الضيعة ؟

قال : تعطي في وقت و تمنع في آخر .

قال : فهل عليك دين ؟ قال : نعم . قال : كم ؟

قال : نحو عشرة ألف دينار .

فقال له الرشيد : يا ابن عم أنا أعطيك من المال ما تزوج الذكران و النسوان ، و تقضي الدين ، و تعمر الضياع .

فقال له : وصلتك رحم يا ابن عم ، و شكر الله لك هذه النية الجميلة ، و الرحم ماسة ، و القرابة واشجة ، و النسب واحد ، و العباس عم النبي صلى الله عليه وآله ، و صنو أبيه ، و عم علي بن أبي طالب عليه السلام و صنو أبيه .

و ما أبعدك الله من أن تفعل ذلك : و قد بسط يدك ، و أكرم عنصرك ، و أعلى محتدك .

فقال : أفعل ذلك يا أبا الحسن و كرامة .

فقال : يا أمير المؤمنين إن الله عز و جل قد فرض على ولاة عهده ، أن ينعشوا فقراء الأمة ، و يقضوا عن الغارمين ، و يؤدوا عن المثقل ، و يكسو العاري ، و يحسنوا إلى العاني .

فأنت : أولى من يفعل ذلك .

فقال : أفعل يا أبا الحسن .

ثم قام فقام الرشيد لقيامه ، و قبل عينيه و وجهه .

ثم أقبل علي و على الأمين و المؤتمن ، فقال : يا عبد الله و يا محمد و يا إبراهيم امشوا بين  يدي عمكم و سيدكم ، خذوا بركابه ، و سووا عليه ثيابه ، و شيعوه إلى منزله .

فأقبل علي : أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام سرا بيني و بينه .

فبشرني بالخلافة ، فقال لي : إذا ملكت هذا الأمر فأحسن إلى ولدي ، ثم انصرفنا .

و كنت : أجرى ولد أبي عليه ، فلما خلا المجلس .

قلت : يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد أعظمته و أجللته ، و قمت من مجلسك إليه فاستقبلته ، و أقعدته في صدر المجلس و جلست دونه ، ثم أمرتن بأخذ الركاب له ؟

قال : هذا إمام الناس ، و حجة الله على خلقه ، و خليفته على عباده .

فقلت : يا أمير المؤمنين ، أ و ليست هذه الصفات كلها لك و فيك ؟

فقال : أنا إمام الجماعة في الظاهر و الغلبة و القهر ، و موسى بن جعفر إمام حق ، و الله يا بني إنه لأحق بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله  مني و من الخلق جميعا ، و و الله لو نازعتني هذا الأمر ، لأخذت الذي فيه عيناك ، فإن الملك عقيم .

فلما أراد الرحيل من المدينة إلى مكة : أمر بصرة سوداء فيه مائتا دينار ، ثم أقبل على الفضل بن الربيع ، فقال له : اذهب بهذه إلى موسى بن جعفر ، و قل له : يقول لك أمير المؤمنين ، نحن في ضيقة ، و سيأتيك برنا بعد الوقت .

فقمت في صدره فقلت : يا أمير المؤمنين ، تعطي أبناء المهاجرين و الأنصار ، و سائر قريش و بني هاشم ، و من لا تعرف حسبه و نسبه ، خمسة آلاف دينار إلى ما دونها ، و تعطي موسى بن جعفر ، و قد أعظمته و أجللته مائتي دينار ، أخس عطية أعطيتها أحدا من الناس ؟

فقال : اسكت لا أم لك ، فإني لو أعطيت هذا ما ضمنته له ، م كنت أمنته أن يضرب‏ وجهي غدا بمائة ألف سيف من شيعته و مواليه ، و فقر هذا و أهل بيته ، أسلم لي و لكم من بسط أيديهم و أعينهم.

 فلما نظر إلى ذلك : مخارق المغني ، دخله في ذلك غيظ ، فقام إلى الرشيد ، فقال : يا أمير المؤمنين قد دخلت المدينة ، و أكثر أهلها يطلبون مني شيئا ، و إن خرجت و لم أقسم فيهم شيئا ، لم يتبين لهم تفضل أمير المؤمنين علي ، و منزلتي عنده ، فأمر له بعشرة آلاف دينار .

فقال : يا أمير المؤمنين هذا لأهل المدينة ، و علي دين أحتاج أن أقضيه ، فأمر له بعشرة آلاف دينار أخرى .

فقال له : يا أمير المؤمنين بناتي أريد أن أزوجهن ، و أن محتاج إلى جهازهن ، فأمر له بعشرة آلاف دينار أخرى .

فقال له : يا أمير المؤمنين لا بد من غلة تعطينيها ترد علي و على عيالي و بناتي ، و أزواجهن القوت ، فأمر له بأقطاع ما تبلغ غلته في السنة عشرة آلاف دينار ، و أمر أن يعجل ذلك عليه من ساعته .

ثم قام مخارق من فوره : و قصد موسى بن جعفر عليه السلام و قال له : قد وقفت على ما عاملك به هذا الملعون ، و ما أمر لك به ، و قد احتلت عليه لك ، و أخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار ، و أقطاعا يغل في السنة عشرة آلاف دينار ، و لا و الله يا سيدي ما أحتاج إلى شي‏ء من ذلك ما أخذته إلا لك ، و أنا أشهد لك بهذه الأقطاع ، وقد حملت المال إليك .

فقال : بارك الله لك في مالك ، و أحسن جزاك ، ما كنت لآخذ منه درهم واحدا ، و لا من هذه الأقطاع شيئا ، و قد قبلت صلتك و برك ، فانصرف راشدا ، و ل تراجعني في ذلك ، فقبل يده و انصرف .

عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام  ج1ص88 ح11 باب ب7 جمل من أخبار موسى بن جعفر عليه السلام

 

يا طيب : هذا لما ضاقت عليه الأمور ونزعت منه البلاد ، لج للإمام الرضا عليه السلام فبايعه بولاية العهد لتستقر البلاد ، مع معرفة بشأنه الكريمة ، ولكنه لما استقرت له الأمور نقض العهد وقتله كما قتل أخيه ، وقتل أبيه أبي الإمام الرضا في سجنه كما عرفت .


 

حديث محض الإسلام

في مبادئ أصول الدين وفروعه

 

يا طيب: ذكر الصدوق في عيون أخبار الرضا عن الفضل بن شاذان قال : سأل المأمون علي بن موسى الرضا عليه السلام أن يكتب له محض الإسلام على سبيل الإيجاز والاختصار .

فكتب عليه السلام له : إن محض الإسلام :

شهادة : أن لا إله إلا الله : وحده لا شريك له إلها واحد أحدا فردا صمدا قيوما سميعا بصيرا قديراً قائماً باقياً ، عالما لا يجهل ، قادر لا يعجز ، غنيا لا يحتاج ، عدلاً لا يجور ، وإنه خالق كل شيء ، وليس كمثله شيء ، لا شبه له ولا ضد له ولا ند له ولا كفؤ له ، وأنه المقصود بالعبادة والدعاء والرغبة والرهبة.

وأن محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله : وأمينه وصفيه ، وصفوته من خلقه ، وسيد المرسلين وخاتم النبيين ، وأفضل العالمين ، لا نبي بعده ، ولا تبديل لملته ، ولا تغيير لشريعته ، وأن جميع ما جاء به محمد بن عبد الله هو الحق المبين ، والتصديق به وبجميع من مضى قبله من رسل الله وأنبيائه وحججه .

والتصديق بكتابه : الصادق العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، وأنه المهيمن على الكتب كلها ، وأنه حق من فاتحته إلى خاتمته ، نؤمن بمحكمه ومتشابهه وخاصه وعامه ووعده ووعيده وناسخه ومنسوخه وقصصه وأخباره ، لا يقدر أحد من المخلوقين أن يأتي بمثله .

وأن الدليل بعده والحجة على المؤمنين : والقائم بأمر المسلمين والناطق عن القرآن والعالم بأحكامه أخوه وخليفته ووصيه ووليه ، الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى علي بن أبي طالب عليه السلام أمير المؤمنين ، وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ، وأفضل الوصيين ، ووارث علم النبيين والمرسلين . وبعده : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ثم علي بن الحسين زين العابدين ، ثم محمد بن علي باقر علم الأولين ، ثم جعفر بن محمد الصادق وارث علم الوصيين ، ثم موسى بن جعفر الكاظم ، ثم علي بن موسى الرضا ، ثم محمد بن علي ، ثم علي بن محمد ، ثم الحسن بن علي ، ثم الحجة القائم المنتظر ولده صلوات الله عليهم أجمعين .

أشهد لهم بالوصية والإمامة : وأن الأرض لا تخلو من حجة الله تعالى على خلقه في كل عصر وأوان ، وأنهم العروة الوثقى ، وأئمة الهدى ، والحجة على أهل الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . 

وأن كل من خالفهم ضال مضل باطل ، تارك للحق والهدى . وأنهم المعبرون عن القرآن : والناطقون عن الرسول صلى الله عليه وآله بالبيان ، ومن مات ولم يعرفهم مات ميتة جاهلية .

وأن من دينهم : الورع والعفة ، والصدق والصلاح ، والاستقامة والاجتهاد ، وأداء الأمانة إلى البر والفاجر ، وطول السجود ، وصيام النهار ، وقيام الليل ، واجتناب المحارم ، وانتظار الفرج بالصبر ، وحسن الجوار ، وكرم الصحبة .

 

ثم الوضوء : كما أمر الله عز وجل في كتابه غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ، ومسح الرأس والرجلين مرة واحدة ، ولا ينقض الوضوء إلا غائط أو بول أو ريح أو نوم  أو جنابة ، وإن من مسح على الخفين فقد خالف الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وترك فريضته وكتابه . 

وغسل : يوم الجمعة سنة وغسل العيدين وغسل دخول مكة والمدينة وغسل الزيارة وغسل الإحرام وأول ليلة من شهر رمضان وليلة سبعة عشر وليلة تسعة عشر وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ، هذه الأغسال سنة ، وغسل الجنابة فريضة ، وغسل الحيض مثله . 

والصلاة الفريضة : الظهر أربع ركعات ، والعصر أربع ركعات ، والمغرب ثلاث ركعات ، والعشاء الآخرة أربع ركعات ، والغداة ركعتان ، هذه سبع عشرة ركعة .

والسنة أربع وثلاثون ركعة : ثمان ركعات قبل فريضة الظهر ، وثمان ركعات قبل العصر ، وأربع ركعات بعد المغرب ، وركعتان من جلوس بعد العتمة تعدان بركعة ، وثمان ركعات في السحر ، والشفع والوتر ثلاث ركعات تسلم بعد الركعتين ، وركعتا الفجر . 

والصلاة في أول الوقت أفضل : وفضل الجماعة على الفرد بكل ركعة ألفي ركعة ، ولا صلاة خلف الفاجر ، ولا يُقتدى إلا بأهل الولاية ، ولا يصلى في جلود الميتة ولا في جلود السباع ، ولا يجوز أن تقول في التشهد الأول : السلام علين وعلى عباد لله الصالحين ، لان تحليل الصلاة التسليم فإذا قلت هذا فقد سلمت .

والتقصير : في ثمانية فراسخ وما زاد ، وإذا قصرت أفطرت ، ومن لم يفطر لم يجز عنه صومه في السفر وعليه القضاء لأنه ليس عليه صوم في السفر .

والقنوت : سنة واجبة في الغداة والظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة.

والصلاة على الميت : خمس تكبيرات ، فمن نقص فقد خالف السنة ، والميت يسل من قبل رجليه ويرفق به إذا ادخل قبره .

والاجهار : ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات سنة . 

والزكاة الفريضة : في كل مائتي درهم خمسة دراهم ، ولا يجب فيما دون ذلك شيء ولا تجب الزكاة على المال حتى يحول عليه الحول ، ولا يجوز أن يعطى الزكاة غير أهل الولاية المعروفين ، والعشر من الحنطة والشعير والتمر والزبيب إذا بلغ خمسة أو ساق ، والوسق ستون صاعا ، والصاع أربعة أمداد ، وزكاة الفطر فريضة : على كل رأس صغير أو كبير حر أو عبد ذكر أو أنثى من الحنطة والشعير والتمر والزبيب صاع ، وهو أربعة أمداد ، ولا يجوز دفعها إلا على أهل الولاية . 

وأكثر الحيض : عشرة أيام ، وأقله ثلاثة أيام ، والمستحاضة تحتشي وتغتسل و تصلي ، والحائض تترك الصلاة ولا تقضي ، وتترك الصوم وتقضي . 

 

وصيام شهر رمضان فريضة : يصام للرؤية ويفطر للرؤية ، ولا يجوز أن يصلى التطوع في جماعة ، لان ذلك بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، وصوم ثلاثة أيام في كل شهر سنة ، في كل عشرة أيام يوم أربعاء بين خميسين ، وصوم شعبان حسن لمن صامه ، وإن قضيت فوائت شهر رمضان متفرقا أجزأ . 

وحج البيت فريضة : على من استطاع إليه سببلاً ، والسبيل : الزاد والراحلة مع الصحة ، ولا يجوز الحج إلا تمتعا ، ولا يجوز القران والإفراد الذي يستعمله العامة إلا لأهل مكة وحاضريها ، ولا يجوز الإحرام دون الميقات ، قال الله عز وجل { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ }البقرة196 ولا يجوز أن يضحي بالخصي لأنه ناقص ، ولا يجوز الموجوء .

والجهاد واجب مع الإمام العدل : ومن قتل دون ماله فهو شهيد ، ولا يجوز قتل أحد من الكفار والنصاب في دار التقية إلا قاتل أو ساع في فساد ، وذلك إذا لم تخف على نفسك وعلى أصحابك ، والتقية في دار التقية واجبة ، ولا حنث على من حلف تقية يدفع بها ظلما عن نفسه . 

والطلاق للسنة : على ما ذكره الله عز وجل في كتابه وسنة رسول صلى الله عليه وآله ، ولا يكون طلاق لغير السنة ، وكل طلاق يخالف الكتاب فليس بطلاق ، كما أن كل نكاح يخالف الكتاب فليس بنكاح ، ولا يجوز الجمع بين أكثر من أربع حرائر ، وإذا طلقت المرأة للعدة ثلاث مرات لم تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره ، وقال أمير المؤمنين عليه السلام : اتقوا تزويج المطلقات ثلاثا في موضع واحد ، فإنهن ذوات أزواج .

والصلاة على النبي وآله عليهم السلام واجبة في كل موطن وعند العطاس والذبائح وغير ذلك . وحب أولياء الله عز وجل واجب ، وكذلك بغض أعداء الله والبراءة منهم ومن أئمتهم . وبر الوالدين واجب وإن كانا مشركين ، ولا طاعة لهما في معصية الله عز وجل ولا لغيرهما ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

وذكاة الجنين ذكاة أمه إذا أشعر وأوبر . وتحليل المتعتين اللتين أنزلهما الله عز وجل في كتابه وسنهما رسول الله عليه و على آله السلام : متعة النساء ومتعة الحج . 

والفرائض : على ما أنزل الله عز وجل في كتابه ، ولا عول فيه ، ولا يرث مع الولد والوالدين أحد إلا الزوج والمرأة ، وذو السهم أحق ممن لأسهم له ، وليست العصبة من دين الله عز وجل .

والعقيقة : عن المولود الذكر والأنثى واجبة ، وكذلك تسميته ، وحلق رأسه يوم السابع ، ويتصدق بوزن الشعر ذهبا أو فضة ، والختان سنة واجبة للرجال ، ومكرمة للنساء . 

وأن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها : وأن أفعال العباد مخلوقة لله خلق تقدير لا خلق تكوين ، والله خالق كل شيء ، ولا يقول بالجبر والتفويض ، ولا يأخذ الله عز وجل البريء بالسقيم ، ولا يعذب الله تعالى الأطفال بذنوب الآباء ، ولاتزر وازرة وزر أخرى ، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، ولله عز وجل أن يعفو ويتفضل ولا يجور ولا يظلم لأنه تعالى منزه عن ذلك ، ولا يفرض الله تعالى طاعة من يعلم أنه يضلهم ويغويهم ، ولا يختار لرسالته ولا يصطفي من عباده من يعلم أنه يكفر به وبعبادته ويعبد الشيطان دونه. 

وإن الإسلام غير الإيمان : وكل مؤمن مسلم ، وليس كل مسلم مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، و أصحاب الحدود مسلمون لا مؤمنون ولا كافرون ، والله عز وجل لا يدخل النار مؤمن وقد وعده الجنة ، ولا يخرج من النار كافرا وقد أوعده  النار والخلود فيها ، ول يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، ومذنبوا أهل التوحيد لا يخلدون في النار ويخرجون منها، والشفاعة جائزة لهم.

وإن الدار اليوم : دار تقية وهي دار الإسلام ، لا دار كفر ولا دار إيمان . والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان إذا أمكن ولم يكن خيفة على النفس.

 والإيمان : هو أداء الأمانة ، واجتناب جميع الكبائر ، وهو معرفة بالقلب ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان . 

والتكبير في العيدين : واجب في الفطر في دبر خمس صلوات ، ويبد به في دبر صلاة المغرب ليلة الفطر ، وفي الأضحى في دبر عشر صلوات ، يبدأ به من صلاة الظهر يوم النحر وبمنى في دبر خمس عشرة صلاة . 

والنفساء : لا تقعد عن الصلاة أكثر من ثمانية عشر يوما ـ عشرة أيام ـ فإن طهرت قبل ذلك صلت وإن لم تطهر حتى تجاوزت ثمانية عشر يوما ـ عشرة أيام ـ اغتسلت وصلت وعملت ما تعمل المستحاضة .

وتؤمن : بعذاب القبر ومنكر ونكير والبعث بعد الموت والميزان والصراط. 

 

والبراءة :  من الذين ظلموا آل محمد عليهم السلام وهموا بإخراجهم وسنوا ظلمهم و غيروا سنة نبيهم صلى الله عليه وآله ، والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين الذين هتكوا حجاب رسول الله صلى الله عليه وآله ونكثوا بيعة إمامهم وأخرجو المرأة وحاربوا أمير المؤمنين عليه السلام وقتلوا الشيعة المتقين رحمة الله عليهم ، واجبة .

 والبراءة : ممن نفى الأخيار وشر دهم وآوى الطرداء اللعناء وجعل الأموال دولة بين الأغنياء واستعمل السفهاء مثل معاوية وعمر وبن العاص لعيني رسول الله صلى الله عليه وآله .

 والبراءة : من أشياعهم الذين حاربوا أمير المؤمنين عليه السلام وقتلوا الأنصار والمهاجرين وأهل الفضل والصلاح من السابقين ، والبراءة من أهل الاستيثار ومن أبي موسى الأشعري وأهل ولايته { الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ } الكهف 105 ، وبولاية أمير المؤمنين ولقائه عليه السلام ، كفروا بأن لقوا الله بغير إمامته ، فحبطت أعمالهم ، فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ـ فهم كلاب أهل النار .

 والبراءة : من الأنصاب والأزلام أئمة الضلال وقادة الجور كلهم أولهم وآخرهم ، والبراءة من أشباه عاقري الناقة أشقياء الأولين و الآخرين وممن يتولاهم .

 

والولاية لأمير المؤمنين : والذين مضوا على منهاج نبيهم صلى الله عليه وآله ولم يغيروا ولم يبدلوا مثل سلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري ، والمقداد بن الأسود ، وعمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان ، وأبي الهيثم بن التيهان ، و سهل بن حنيف ، وعبادة بن الصامت ، وأبي أيوب الأنصاري ، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، وأبي سعيد الخدري وأمثالهم رضي الله عنهم ، والولاية لاتباعهم وأشياعهم والمهتدين بهداهم السالكين منهاجهم رضوان الله عليهم ورحمته .

 

وتحريم : الخمر قليلها وكثيرها ، وتحريم كل شراب مسكر قليله وكثيره ، وما أسكر كثيره فقليله حرام ، والمضطر لا يشرب الخمر لأنها تقتله .

 وتحريم كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير ، وتحريم الطحال فإنه دم ، وتحريم الجري والسمك الطافي والمار ما هي والزمير وكل سمك ل يكون له فلس.

واجتناب الكبائر : وهي قتل النفس التي حرم الله عز وجل ، والزن ، والسرقة ، وشرب الخمر ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، وأكل مال اليتيم ظلما ، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به من غير ضرورة ، وأكل الربا بعد البينة ، والسحت ، والميسر وهو القمار ، والبخس في المكيال والميزان ، وقذف المحصنات ، واللواط ، وشهادة الزور ، واليأس من روح الله ، والأمن من مكر الله ، والقنوط من رحمة الله ، ومعونة الظالمين ، والركون إليهم ، واليمين الغموس ، وحبس الحقوق من غير عسر ، والكذب ، والكبر ، والإسراف ، والتبذير ، والخيانة ، و الاستخفاف بالحج ، والمحاربة لأولياء الله تعالى ، والاشتغال بالملاهي ، والإصرار على الذنوب .

عيون الأخبار الإمام الرضا عليه السلام : ج2ص120. ونقله عنه في بحار الأنوار ج10ص352ب20ح1.

يا طيب : إن للإمام الرضا عليه السلام ، كلمات وخطب واحتجاجات وتفسير لآيات القرآن الكريم وبيان لأحكام الشريعة وحدودها ، تتضمن من الكلام البليغ والحكم التي لا يسعها كتاب مختص بها ، فكيف بباب من كتاب جمعنا فيه شيء مما وصل إلينا من سيرته وحياته عليه السلام ولم نخصصه بنقل كل ما حدث به عليه السلام ، ويكفيك ما قد جمعت له من الكتب عدة في هذا الباب أو ما يشابهه ، منها : فقه الإمام الرضا ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام ، وغيرها فضلا عن المؤلفة في سيرته كالمختصة بتحليل أيام زمانه .

ويا طيب : قد ذكرنا كلمات قصيرة عنه في أبوذية الرضا : ومن صحيفة عليهم السلام ، وهي بعض الأقوال البليغة التي فيها معاني الحكمة والتي صغر لفظه وكبر معناها ، وحددناه بمائة وعشر لتوافق عدد كلمة  علي  عليه السلام حيث إن في حساب أرقام الحروف العين =70 ، والام =30 والياء =10 ، وإن ساعدنا التوفيق سوف نفرد جزء ثالث في حكم الإمام علي بن موسى الرضا  عليه وعلى آبائه آلاف التحية والصلاة والسلام يوافق لقبة : الرضا و رضا في حساب الحروف : الراء =200  والضاد =800 والألف =1 فيساوي =1001 أو مع الألف ولام = 1032 ، وأضفنا لها رسالة جامعة في : محض الإسلام ، وهي تعرفنا أهم أصول وفروع الدين الإسلامي في الإيمان والعلم والعمل .

ثم أعلم يا أخي : إن كلام الأئمة كان كله موافق للصواب في كل أحوالهم ، ويتساوى حالهم في الفرح والسرور أو في حال الغضب والمجادلة بالحسنى ، وفي السفر والحضر والحر والبرد ، فلا يقولون إلا حقا وصدقا وصوابا ، ووفق هدى الله تعالى حتى قال تعالى في آية البيوت المرفوعة لا يلههم بيع ولا شراء عن ذكر الله ، بل حتى في حال البيع والشراء هم يُعلمون هدى الله ودينه القيم ، وقد شرحن هذا المعنى في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام من موسوعة صحف الطيبين فراجع .

وبهذا نعرف : إن كلام أهل البيت المحمدي كجدهم يهدي لصراط مستقيم وبتطبيقه كل دين الله القيم وكل نعيم أعده لأوليائه ، وإن ما ذكرنا قليل من فيض للإمام الرضا عليه السلام وسترى المزيد في الأبواب الآتية من حاله وسيرته وسلوكه ، فتراه يعلمنا معارف الله والواجب من الدين بكل سلوكه وما نقل عنه ، فتابع البحث معنا لترى ما سنذكره عن الإمام الثامن من آل محمد بعد آباءه الطاهرين عليهم الصلاة والسلام .

ونسأل الله أن يجعلنا من مصداق ما قال الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 من حفظ على أمتي أربعين حديثا ينتفعون بها

بعثه الله تعالى يوم القيامة فقيها عالما.

بحار الأنوار ج2ص156باب 20 من حفظ أربعين حديثا حديث 8 عن صحيفة الرض عليه السلام‏.

فيوفقنا سبحانه : لحفظها أو قسم منها ويجعلنا من المتمسكين بولايتهم وهداهم علما وعملا ، وبكل ما علمونا مخلصين له الدين ، وأن يتقبل من ومنكم ويغفر لنا ولكم ولوالدينا ولوالديكم إنه سمع عليم وهو الرحمان الرحيم ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .


 

الباب السادس عشر

شهادة الإمام وتغسيله ودفنه ومبلغ سنه

 

تقديم : الأخبار الشهادة وكيفيتها :

يا طيب : مرت أهم الأسباب التي دعت المأمون لأن يتخلص من الإمام ويزيحه عن ولاية العهد والتي عرفتها في بحوث سابقة ، وأنه أختار في التخلص من وزيره الفضل بالقتل في الحمام في مكيده دبرها كما عرفت ، وأختار أن يقتل الإمام بالسم مع اعترافه بفضله بل وبإمامته ولكن الحسد والحرص والعجب دعته لفعله المشين هذ .

ففي هذا البحث : ستقرأ عن معجزة الإمام في استشهاده ودفنه وعلمه عليه السلام السابق في كيفية سمه وقتله ، وكان أجل الإمام قد أتى بأمر الله تعالى وما من إنسان إلا وله أجل ، فلذا ترى الإمام يتناول السم مع علمه بأنه سيسم ، امتثال لأمر الله تعالى وعلمه السابق بكيفية شهادته ، فترى الإمام الصابر الراضي بأمر الله يتناول السم ويَظَهر للناس صدقه وصدق أجداده الذين أخبروا باستشهاده بسم في طوس من أرض خراسان، ولا بأس في ذكر رواية وإن كانت تخص أبيه ولكنها تصدق مع جميع الأئمة والنبي صلاة الله وسلامه عليهم  .

عن الحسن ابن أحمد المالكي عن عبد الله بن طاووس قال :

 قلت للرضا عليه السلام : إن يحيى بن خالد سم أباك موسى بن جعفر صلوات الله عليهما ؟

 قال : نعم ، سمه في ثلاثين رطبة .

 قلت له : فما كان يعلم أنها مسمومة ؟

 قال : غاب عنه المحدث .

 قلت : ومن المحدث ؟

قال : ملك أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الأئمة عليهم السلام ، وليس كلما طلب وجد .

ثم قال: إنك ستعمر فعاش مائة سنة .

رجال الكشي ص 503 في حديث ، بحار الأنوار ج45ص66ب3ح86 .

يا طيب : وطبعا المحدث هو الروح الذي يؤيد به الله تعالى الإمام والمذكور في سورة القدر ، حيث أن الملائكة تتنزل على المؤمنين والروح تحفه أعظم الملائكة ، ويتنزل على النبي والأئمة الأطهار صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، والحديث هذا يحل مسألة علم الإمام بموته ، ولكنه حين الشهادة قد لا يتوجه لما يريد من سمه دقائق شرب السم ، ثم يعرف كل شيء ويخبر عنه من شهادته ، سواء قبل الشهادة أو كيفيتها وكيف يدفن ، والبحث في علم الإمام موجود في بحوث الإمامة العامة .

وقبل أن نقدم : كيفية استشهاد الإمام والأخبار في ذلك ،  نذكر الأخبار الحاكية عن استشهاده في خراسان ، والتي وردة أن أجداده الكرام صلوات الله وسلامه عليهم ، بل مرت كثير من الأخبار الحاكية عن علمه عليه السلام باستشهاده في طوس خراسان ، في الفصل الحادي عشر ما كان بينه عليه السلام وبين هارون وولاته واتباعه لعنهم الله ، وحكاية الإمام عن دفنه قرب هارون ، وفي الفصل الخمس عشر والسادس عشر بإخبار المأمون بمدفنه عليه السلام ، وسنذكر هنا بعض الأخبار الأخرى ، كما ستأتي كثير من الأخبار في الفصول القادمة كفصل فضل زيارته عليه السلام .

 

أخبار آباء الإمام وأخباره بشهادته :

ويا طيب : بعض الأخبار الحاكية عن شهادة ستأتي في فضل زيارته ، وهنا نذكر قسم منها لتعرف أن الله تعالى أختار له الشهادة بالسم على يد طاغية زمانه ، وإنه عليه السلام حين الشهادة يغيب عنه الملك لأنه جاء أجله عليه السلام بأمر الله ، ولا يعني أنه يلقي بنفسه بالتهلكة كما يصوره البعض ، وإنما الإمام له علم إجمالي وتفصيل بالحادثة ، إلا زمانها بالضبط فيحجب عنه في حينه ، ليأتي قضاء الله وقدره ، وكما عرفت بالحديث السابق .

 

أخبار شهادة الإمام عن آبائه :

عن ابن عمارة ، عن أبيه ، عن الإمام الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ستدفن بضعة مني بأرض خراسان  لا يزورها مؤمن ألا أوجب الله عز وجل له الجنة وحرم جسده على النار .

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 255 . أمالي الصدوق ص 62 .     بحار الأنوار ج45ص284ب19ح3.

 

وعن غزوان الضبي قال : أخبرني عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام :

سيقتل رجل من ولدي : بأرض خراسان بالسم ظلما ، اسمه اسمي واسم أبيه اسم ابن عمران موسى عليه السلام ، ألا فمن زاره في غربته غفر الله له ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر ، ولو كانت مثل عدد النجوم ، وقطر الأمطار ، وورق الأشجار .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص 258 و 259 . بحار الأنوار ج45ص286ب19ح11.

وعن الحسين بن زيد قال :

سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام يقول : يخرج ولد من ابني موسى اسمه اسم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام إلى أرض طوس ، وهي بخراسان ، يقتل فيها بالسم ، فيد فن فيها غريبا من زاره عارفا بحقه أعطاه الله تعالى أجر من أنفق من قبل الفتح وقاتل .

 عيون أخبار الرضا ج 2 ص 255 . بحار الأنوار ج45ص286ب19ح10.

إخبار الإمام عن شهادته :

وعن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام ، أنه قال له رجل من أهل خراسان :

يا ابن رسول الله :  رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله  في المنام ، كأنه يقول لي : كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي ، واستحفظتم وديعتي وغيب في ثراكم نجمي ؟

فقال له الرضا عليه السلام : أنا المدفون في أرضكم ، وأن بضعة من نبيكم ، وأنا الوديعة والنجم ، ألا فمن زارني وهو يعرف ما أوجب الله تبارك وتعالى من حقي و طاعتي ، فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ، ومن كنا شفعاءه يوم القيامة نجى ، ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجن والأنس .

 ولقد حدثني أبي عن جدي : عن أبيه عليهم السلام ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من رآني في منامه فقد رآني لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة واحد من أوصيائي ، ولا في صورة أحد من شيعتهم ، وإن الرؤي الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة .

أمالي الصدوق ص 64 . وتراه في عيون أخبار الرضا ج 2 ص 257 . 

بيان : قال الجزري في الحديث ( فاطمة بضعة مني ) البضعة بالفتح القطعة من اللحم ، وقد تكسر أي إنها جزء مني كما أن القطعة من اللحم ( جزء من اللحم ) . بحار الأنوار ج45ص283ب19ح1.

 

وعن الهروي قال :

 سمعت الرضا عليه السلام يقول : والله ما منا إلا مقتول شهيد .

 فقيل له : فمن يقتلك يا ابن رسول الله ؟  قال : شر خلق الله في زماني يقتلني بالسم ، ثم يدفنني في دار مضيعة وبلاد غربة .

ألا فمن زارني في غربتي : كتب الله عز وجل له أجر مائة ألف شهيد ، ومائة ألف صديق ومائة ألف حاج ومعتمر ، ومائة ألف مجاهد ، وحشر في زمرتن ، و جعل في الدرجات العلى من الجنة رفيقنا .

 أمالي الصدوق ص 63 . وتراه في عيون أخبار الرضا ج 2 ص 256 .  وفي بحار الأنوار ج45ص283ب19ح2. بيان : قال الجزري في حديث كعب بن مالك ( ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة ) بكسر الضاد مفعلة من الضياع أي الإطراح والهوان ، كأنه فيه ضائع  ، وقال الجوهري : ضاع الشيء أي هلك ، ومنه قولهم فلان بدار مضيعة مثال معيشة .

وعن الحسن بن الجهم قال :

 حضرت : مجلس المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضا عليه السلام ، وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام - وذكر أسألت القوم والمأمون عنه عليه السلام جواباته عليه السلام وساق 

الحديث إلى أن قال :

 فلما قام الرضا عليه السلام : تبعته فانصرف إلى منزله ، فدخلت عليه وقلت له : يا ابن رسول الله ، الحمد لله الذي وهب لك من جميل رأي أمير المؤمنين ، ما حمله على ما أرى من إكرامه لك وقبوله لقولك ؟

فقال عليه السلام : يا ابن الجهم لا يغرنك ما ألفيته عليه من إكرامي والاستماع مني ، فانه سيقتلني بالسم ، وهو ظالم لي أعرف بعهد معهود إلي من آبائي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، فاكتم هذا علي ما دمت حي . 

قال الحسن بن الجهم : فما حدثت بهذا الحديث إلى أن مضى الرض عليه السلام بطوس مقتولا بالسم ، ودفن في دار حميد بن قحطبة الطائي في القبة التي قبر هارون إلى جانبه.

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 00 2 - 202 ، بحار الأنوار ج45ص284ب19ح3.

وعن الهروي في خبر طويل عن الرضا عليه السلام :

في نفي قول من قال : إن الحسين عليه السلام لم يقتل ، ولكن شبه لهم .

 قال عليه السلام : والله لقد قتل الحسين عليه السلام ، وقتل من كان خيرا من الحسين أمير المؤمنين ، والحسن  بن علي ، وما منا إلا مقتول .

 وإني والله : لمقتول بالسم باغتيال من يغتالني ، أعرف ذلك بعهد معهود إلي من رسول الله صلى الله عليه وآله أخبره به جبرائيل عن رب العالمين عز وجل.

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 203 في حديث . والغيلة الاغتيال ، يقال  قتله  غيلة : وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع فاذا صار إليه قتله . الصحاح ص 1787 ، بحار الأنوار ج45ص285ب19ح5.

 

وعن جعفر بن محمد النوفلي قال :

أتيت الرضا عليه السلام : وهو بقنطرة  أربق ، فسلمت عليه ، ثم جلست .

 وقلت : جعلت فداك إن أناسا يزعمون أن أباك حي ؟!

فقال : كذبوا لعنهم الله ، لو كان حيا ما قسم ميراثه ولا نكح نساؤه ، ولكنه والله ذاق الموت كما ذاقه علي ابن أبي طالب عليه السلام . 

قال : فقلت له : ما تأمرني ؟

 قال : عليك بأبني محمد من بعدي ، وأما أنا فإني ذاهب في وجه لا أرجع ، بورك قبر بطوس ، وقبران ببغداد .

 قال : قلت جعلت فداك عرفنا واحدا فما الثاني ؟

 قال : ستعرفونه ، ثم قال عليه السلام : قبري وقبر هارون هكذ وضم بإصبعيه .

 عيون أخبار الرضا  ج 2 ص 216 ، بحار الأنوار ج45ص285ب19ح6.قنطرة أربَقُ: من نواحي رامهرمُز من نواحي خوزستان.

 

وعن محمد بن أبي عباد قال :

 قال المأمون يوما للرضا عليه السلام : ندخل بغداد إنشاء الله نفعل كذا وكذا ، فقال له : تدخل أنت بغداد يا أمير المؤمنين .

 فلما خلوت به قلت له : إني سمعت شيئا غمني وذكرته  له .

فقال : يا أبا حسين - كذا كان يكنيني بطرح الألف واللام - وما أنا وبغداد ، و لا أرى بغداد ولا تراني .

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 225 ، بحار الأنوار ج45ص285ب19ح7.

 

وعن موسى بن مهران قال : رأيت علي ابن موسى الرضا عليه السلام في مسجد المدينة وهارون - وهو يخطب .

 فقال : أترونني وإياه ندفن في بيت واحد؟

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 226 ، بحار الأنوار ج45ص286ب19ح8.

و عن محمد بن الفضيل قال : أخبرني من سمع الرضا عليه السلام ، وهو ينظر إلى هارون بمنى أو بعرفات .

فقال : أنا وهارون هكذا - وضم بين إصبعيه - فكنا لا ندري م يعني بذلك ، حتى كان من أمره بطوس ما كان ، فأمر المأمون بدفن الرضا عليه السلام إلى جنب قبر هارون .

 عيون أخبار الرضا ج 2 ص 226 .أقول : قد مر بعض الأخبار في باب معجزاته عليه السلام . بحار الأنوار ج45ص286ب19ح9.

يا طيب : مرت في الأبواب والبحوث السابقة ، وفي باب معجزاته ، وفي باب أحواله متوجها إلى خراسان ، وفي باب ولاية العهد ، وباب احتجاج المأمون على المخالفين .  وسيأتي بعض آخر في  ثواب زيارته .

 

مختصر في تاريخ حياة الإمام :

يا طيب : عرفت مختصر في حياته الشريفة في أول الشرح وما يختص بميلاده الشريف في باب ولادته في صحيفة الإمام الرضا عليه السلام من الجزء الأول ، وهنا أقوال أخرى نذكرها للفائدة ، وهي تختص بيوم شهادته عليه السلام ، ولنتعرف على الظلم الذي وقع على أهل البيت عليهم السلام ، مع أنهم كانوا ولاة عهد وأئمة دين وخلفاء حقيقيين لله رب العالمين وسيد المرسلين في الأرض ، وكان على الأمة أن تقلدهم أمورها ليسيروا بهم على صراط مستقيم لكل هدى ونعيم تام ، إلا أن الناس انحرفو عنهم ، بل هجروهم وخافوا حتى أن يكتبوا تأريخهم الشريف بالكامل .

 فهذا الإمام الرضا عليه السلام : مع أنه كان ولي عهد وعرفه الداني والقاصي وسجلت له كثير من المناظرات والمحاجات ، ولكنه عليه السلام مع ذلك أنه قد اختلفوا في يوم وفاته بل في سنة وفاته فضلا عن اليوم والشهر ، وإن كان المشهور هو في أخر صفر ، وذلك لما كان من خوف الناس من التجاهر في إعلان الحداد التام وبما يناسب شأنهم الكريم عند الله ورسوله والمؤمنين ، وبالخصوص في أيام الظلمة من الحكام ، ولذا لم يسجل يوم لهم محدد للوفاة وله قدوة عليه السلام ببعض بأبيه وأجداده الكرام أسوة حسنه .

 ولكن الله مع ذلك : عرفنا الحق ، وكان الاختلاف في يوم وفاتهم سبب لمعرفتهم وذكر مناقبهم وفضائلهم في أيام متعددة ، وبهذا نعرف أنه حتى هذا الاختلاف في يوم مولدهم الكريم أو يوم استشهادهم ، كان عناية من الله تعالى في عدم إظهار يوم مخصص لتكريمهم مع كثرة المحيطين بهم من طلبة العلم ورواة الحديث وما نقلو عنهم من العلوم والمعارف في كل مجال لتعاليم الدين .

ولهذا نذكر الإمام ونقيم له مجالس عزاء في أيام مختلفة ، فنذكر فيه مناقبه وفضائله وكرامته وكرامة آبائه عليهم السلام وأبناءه المعصومين ، فنعرفهم ونتيقن الحق ونعرف كثير من معالم ديننا بذكر سيرتهم وسلوكهم ، وكان يوم وفاتهم عليهم السلام عند كل أتباع النبي وآله وشيعتهم الطيبين يوم طلب علم وتحصيل لأكرم معرفة في الوجود ، فضلا عن كونه يوم حزن وغم لتجدد الذكريات الأليمة التي مر به أهل البيت عليهم السلام .

وقد عرفت بعض الأقوال: في استشهاده عليه السلام ، وهذه أقول أخرى تجمعها خمسة أيام ، ذكر أنه استشهد فيها عليه السلام :

الأول : استشهد في 17 السابع عشر من شهر صفر .

الثاني : استشهد في آخر صفر 30 أو 29 وهو الأشهر .

والثالث : استشهد في شهر رمضان 9 لتسع بقين منه أي 21.

والرابع : استشهد في رمضان لسبع بقين منه أي 23 .

والخامس : استشهد في 23 الثالث والعشرين من ذي القعدة .

نذكرها في ذكر من رواها ، ونسأل الله أن يأجرنا بالمصاب الجلل الذي يمر به آل محمد عليهم السلام .

وإما سنوات الشهادة : فقيل كما سيأتي 206 ، و 203 وهي الأشهر ، 202 للهجرة .

 

قال الأربلي : قبض عليه السلام بطوس من خراسان في قرية يقال لها سناباد : في آخر صفر أي 30 أو 29 صفر .

 وقيل : إنه توفي في  شهر رمضان لسبع بقين منه يوم الجمعة من سنة ثلاث ومائتين ، وله يومئذ خمس وخمسون سنة أي يوم 23.

 وكانت مدة إمامته وخلافته لأبيه عشرين سنة . 

وكانت في أيام إمامته : بقية ملك الرشيد ، وملك محمد الأمين بعده ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوما ، ثم خلع الأمين واجلس عمه إبراهيم بن المهدي المعروف بابن شكلة أربعة عشر يوما ، ثم اخرج محمد ثانية وبويع له ، وبقي بعد ذلك سنة وسبعة أشهر ، وقتله طاهر . بن الحسين ، ثم ملك المأمون : عبد الله بن هارون بعده عشرين سنة واستشهد عليه السلام في أيام ملكه . بحار الأنوار ج45ص3ب1ح4 عن كشف الغمة ج 3 ص 90 .

 

وقال الحافظ عبد العزيز :

توفي في  خلافة المأمون بطوس ، وقبره هناك ، سنة 206 مائتين وستة .

ويقال : وقبض بطوس في سنة 203 ثلاث ومائتين وهو يومئذ ابن خمس وخمسين سنة .

كشف الغمة ج 3 ص 90، بحار الأنوار ج45ص3ب1ح3.

 

وقال المفيد :  قبض الرضا عليه السلام بطوس من أرض خراسان في صفر سنة 203 ثلاث ومائتين وله يومئذ خمس وخمسون سنة ، وكانت مدة خلافته وإمامته وقيامه بعد أبيه في خلافته عشرين سنة .

الإرشاد ص 285 ، بحار الأنوار ج45ص292ب21ح1 .

 

قال الفريابي :  قال نصر بن عليّ :

 مضى أبو الحسن الرضا عليه السلام : وله 49 تسعٌ وأربعون سنةً وأشهرٌ، في عام 202 مائتين واثنين من الهجرة .

وُلِدَ : بعد أن مضى أبو عبدالله بخمس سنين .

 وأقام مع أبيه : 29 تسعاً وعشرين سنةً وأشهراً.

 وبعد أن مضى أبو الحسن موسى : 20 عشرين سنةً إلاّ شهرين .

تأريخ آل محمد ص 83.

وعن بن شهر آشوب في المناقب :

ولد يوم الجمعة بالمدينة ، وقيل :يوم الخميس لـ 11 أحدى عشرة ليلة خلت من  ربيع الأول سنة 153 ثلاث وخمسين ومائة ، بعد وفات الصادق عليه السلام بخمس سنين  رواه ابن بابويه .

وقيل : سنة 151 إحدى وخمسين ومائة .

فكان : في سني إمامته بقية ملك الرشيد ، ثم ملك الأمين ثلاث سنين وثمانية  عشر يوما وملك المأمون عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوماً .

 وأخذ البيعة : في ملكه للرضا عليه السلام بعهد المسلمين من غير رضى ، في 5 الخامس من شهر رمضان سنة 201 إحدى ومائتين .

وزوجه ابنته : أم حبيب في أول سنة اثنين ومائتين ، وقيل : سنة ثلاث وهو يومئذ ابن خمس وخمسين سنة،  وذكر ابن همام تسعة وأربعين سنة وستة أشهر ، وقيل : وأربعة أشهر .

 وقام بالأمر : وله 29 تسع وعشرون سنة وشهران . 

وعاش : مع أبيه 29 تسع وعشرين سنة وأشهرا .

وبعد أبيه :  أيام إمامته 20 عشرين سنة ، وولده محمد الإمام فقط ، ومشهده بطوس وخراسان في القبة التي فيها هارون إلى جانبه مما يلي القلبة ، وهي دار حميد بن قحطبة الطائي في قرية يقال لها سناباد من رستاق نوقان .

 مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 366 و 367.بيان : الفاريابي الرءاب كشداد المصلح وسيأتي بعض أخبار ولادته في باب شهاته عليه السلام . بحار الأنوار ج45ص10ب1ح21.

 

وقال الكليني رحمه الله :

 قبض عليه السلام : في صفر من سنة ثلاث ومائتين .

وهو : ابن 55 خمس وخمسين سنة .

وتوفي عليه السلام : بطوس في قرية يقال لها سناباد من نوقان على دعوة ، ودفن عليه السلام بها ، وكان المأمون أشخصه من المدينة إلى مرو على طريق البصرة وفارس ، فلما خرج المأمون وشخص إلى بغداد أشخصه معه فتوفي في هذه القرية .

 الكافي ج 1 ص 486 ، بحار الأنوار ج45ص292ب21ح2 . ودعوة يعني على مسافة قصيرة تكون سناباد من نوقان من مدينة طوس .

 

 في الكافي بسنده عن محمد بن سنان بسنده عن أبي بصير قال :

 قبض علي بن موسى عليه السلام :  وهو ابن 49 تسع وأربعين سنة وأشهر ، في عام 202 اثنتين ومائتين : عاش بعد موسى بن جعفر عليهما السلام 20 عشرين سنة إلا شهرين أو ثلاثة . 

  الكافي ج 1 ص 493 . بحار الأنوار ج45ص292ب21ح3 .

 

عن عتاب بن أسيد قال :

سمعت جماعة من أهل المدينة يقولون : ولد الرضا علي بن موسى عليهما السلام بالمدينة يوم الخميس لـ 11 إحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول أي 19 أو 18 ربيع ، سنة 153 ثلاث وخمسين ومائة عن الهجرة ، بعد وفاة أبي عبد الله بـ 5 خمس سنين ، وتوفي بطوس في قرية يقال لها سناباد من رستاق نوقان ، و دفن في دار حميد بن قحطبة الطائي في القبة التي فيها هارون الرشيد إلى جانبه مما يلي القبلة .

 وذلك قي شهر رمضان : لـ 9 تسع بقين منه سنة 203 ثلاث ومائتين ، وقد تم عمره 49 تسعا وأربعين سنة وستة أشهر ، منها مع أبيه موسى بن جعفر عليه السلام 29 تسعا وعشرين سنة وشهرين ، وبعد أبيه أيام إمامته عشرين سنة وأربعة أشهر ، وقام عليه السلام بالأمر وله تسع وعشرون سنة وشهران .

 عيون أخبار الرضا ج 1 ص 18 و 19 ، بحار الأنوار ج45ص304ب21ح12 .

 

ذكر أبو علي الحسين بن أحمد السلامي في كتابه الذي صنفه في أخبار خراسان :

أن المأمون : لما ندم من ولاية عهد الرضا بإشارة الفضل بن سهل ، خرج من مرو منصرفا إلى العراق ، واحتال على الفضل بن سهل حتى قتله غالب خال المأمون في حمام سرخس بمعافصة ، في شعبان سنة 203 ثلاث ومائتين ، واحتال على علي ابن موسى الرضا عليه السلام حتى سم في علة كانت أصابته فمات ، وأمر بدفنه بسناباد من طوس بجنب قبر الرشيد ، وذلك  في صفر سنة 203 ثلاث ومائتين وكان ابن 52 اثنتين وخمسين سنة ، وقيل ابن 55  خمس وخمسين سنة . 

وقال المجلسي رحمه : هذا ما حكاه أبو علي الحسين بن أحمد السلامي في كتابه ، والصحيح عندي : أن المأمون إنما ولاه العهد وبايع له للنذر الذي قد تقدم ذكره  ، وأن الفضل بن سهل لم يزل معاديا ومبغضا له ، وكارها لأمره ، لأنه كان من صنايع آل برمك ، ومبلغ سنين الرضا عليه السلام سبع وأربعون سنة ، وستة أشهر ، وكانت وفاته في سنة ثلاث و مائتين كما قد أسندته في هذا الباب .

 عيون أخبار الرضا ج 2 ص 166 ، بحار الأنوار ج45ص304ب21ح13 .

 

وفي مصباح الكفعمي :

 توفي الرضا عليه السلام في 17 سابع عشر شهر صفر يوم الثلاثاء ، سنة 203 ثلاث ومائتين، سمه المأمون في عنب و، كان له 51 أحد وخمسون سنة .

 بحار الأنوار ج45ص293ب21ح4 .

وعن إبراهيم بن العباس قال :

 كانت البيعة للرضا عليه السلام : لـ 5 خمس خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين ، و زوجه ابنته أم حبيب في أول سنة 202 اثنتين ومائتين ، وتوفي سنة 203 ثلاث ومائتين بطوس والمأمون متوجه إلى العراق في رجب ، وروى لي غيره أن الرضا عليه السلام توفي وله 49 تسع وأربعون سنة وستة أشهر . والصحيح : أنه توفي في شهر رمضان لـ 9 تسع بقين منه يوم الجمعة ، سنة 203 ثلاث و مائتين من هجرة النبي صلى الله عليه وآله .

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 245 ، بحار الأنوار ج45ص303ب21ح11 .

 

في روضة الواعظين : كان وفاته عليه السلام يوم الجمعة في شهر رمضان سنة 203  ثلاث ومائتين وهو يومئذ ابن 55  خمس وخمسين سنة ، وكانت مدة خلافته عشرين سنة .

 بحار الأنوار ج45ص293ب21ح5 .

في الدروس : قبض عليه السلام بطوس في صفر سنة ثلاث ومائتين .

 بحار الأنوار ج45ص293ب21ح6 .

في العدد القوية للحلي  : في 23 الثالث والعشرين من ذي القعدة  ، كانت وفاة مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام . وفي كتاب مواليد الأئمة في عام اثنين ومائتين وفي كتاب المناقب يوم الجمعة لسبع بقين من رمضان سنة اثنتين ومائتين ، وقيل : سنة ثلاث .

 وفي الدر : يوم الجمعة 1 غرة شهر رمضان سنة 202 اثنين مائتين ، وكذا في كتاب الذخيرة. 

وقال الطبرسي :  في آخر صفر سنة 203 ثلاث ومائتين ، وقيل يوم الاثنين 14 رابع عشر سنة 202 اثنتين ومائتين بالسم في العنب في زمن المأمون بطوس .

 وقيل : دفن في دار حميد بن قحطبة في قرية يقال لها سناباد بأرض طوس من رستاق نوقان ، وفيها قبر الرشيد وعمره يومئذ 55 خمس وخمسون سنة ، و قيل 49 تسع وأربعون سنة وستة أشهر ، وقيل وأربعة أشهر ، وقيل 49 تسعة وأربعون سنة ألا ثمانية أيام : أقام مع أبيه تسعة وعشرين سنة وأشهرا وبعد أبيه اثنين وعشرين سنة إلا شهرا وقيل عشرين سنة .

 بحار الأنوار ج45ص293ب21ح7 .

  يا طيب : عمره الشريف إذا كان 55 سنة ، فتكون ولادته في سنة 148 ، والوفاة في سنة 203 للهجرة ، و اعتمدنا هذا في المختصر لكثرة الأقوال فيه وبكل ما ذكر من أيام الولادة نفرح وبأيام الشهادة نحزن ، وما مكننا الله نبلغ عن معارفه ، والسنين متقاربة حتى لو كان عمره الشريف 49 سنة ، فهو عليه السلام سجل تأريخه بالصبر والرضا بما قسم الله له ، وبين الحق وشرح الدين وفسر القرآن وأوضح حق الإمام وعرف الهدى بما يحب الله ويرضا ، فسلام الله وصلاته عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وحشرنا معهم .


 

 

وقائع شهادة الإمام الرضا عليه السلام :

يا طيب : عرفنا إن الإمام الرضا عليه السلام كان يخبر عن كيفية استشهاده ، بل كان يخبر بذلك آباءه الكرام ، بل جده الأكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكما عرف وسيأتي شيء من ذكرهم لاستشهاده بالسم في فصل ثواب زيارته عليه السلام .

 ولعلم الإمام عليه السلام : بكيفية استشهاده ، كان يذكر كل تفاصيلها قبل استشهاده ، والإمام بعلمه هذا ، و يفوض لأمر الله تعالى الذي عرفه كيفية شهادته ، وراضيا بقدره وقضائه ، و كان عليه التسليم لهذا التقدير الإلهي ، وبهذا نال رضا الله تعالى بأعلى درجة ممكنة لبشر في زمانه ، بل كان مع سادات الشهداء من أجداده الكرام وأبناءه ، لأنه عليه السلام كان مخير وله الامتناع ، ولكنه مع ذلك كان يعلم أن منزلة الإمامة التي هو فيها ، وإخبار الله له وما ألهمه الله بهذه المعرفة كانت موجبة له للتسليم لأمر الله تعالى ، وذلك لكي ينال درجة الرضا من الله وأشرف درجة من درجات الشهادة عليه السلام .

وعرفت : يا طيب علمه بزمان شهادته ويومها أيضا ، وفي ساعة الشهادة يسلب عنه العلم ، أي يهون عليه بالتغافل عما سيحصل له ليقضي الله له م قدر وقضى له ، ومثله كما سترى في شهادته مثل شهادة الإمام علي عليه السلام كان يعرف أن صباح هذه الليلة شهادته وفي الصلاة ، ومع ذلك ذهب للصلاة وصلى وأستشهد فيها وهو أشد اطمئنان وإيمان ويقين بما قسم الله له وقدر وقضى له من الشهادة وكيفيته ، وهكذا ترى الإمام الرضا عليه السلام في وصفه للشهادة وكيفيتها ، ولكنه سلم أمره إلى الله كما أحب له ورضا من الشهادة والانتقال إلى مقامه الأعلى مع آبائه الطيبين صلى الله عليهم وسلم .

وهذا وصف : لشهادة الإمام عليه السلام وإنا لله وإنا إليه راجعون .

هرثمة يصف شهادة الإمام :

عن هرثمة بن أعين : يصف استشهاد الإمام الرضا عليه السلام :

عن هرثمة بن أعين قال :كنت ليلة بين يدي المأمون حتى مضى من الليل أربع ساعات ، ثم أذن لي في الانصراف ، فانصرفت ، فلما مضى من الليل نصفه قرع قارع الباب ، فأجابه بعض غلماني .

 فقال له : قل لهرثمة : أجب سيدك ، قال : فقمت مسرع وأخذت علي أثوابي وأسرعت إلى سيدي الرضا عليه السلام ، فدخل الغلام بين يدي ودخلت وراءه ، فإذا أنا بسيدي عليه السلام في صحن داره جالس . 

فقال : يا هرثمة ،  فقلت : لبيك يا مولاي .

فقال لي : اجلس فجلست .

 فقال لي : اسمع وع يا هرثمة ، آن أوان رحيلي إلى الله تعالى ولحوقي بجدي وآبائي عليهم السلام ، وقد بلغ الكتاب أجله ، وقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب ورمان مفروك ، فأما العنب فانه يغمس السلك في السم ويجذبه بالخيط في العنب ، وأما الرمان فإنه يطرح السم في كف بعض غلمانه ، ويفرك الرمان بيده ليلطخ حبه في ذلك السم . 

وإنه سيد عوني : في ذلك اليوم المقبل ، ويقرب إلى الرمان والعنب ، ويسألني أكلهما فآكلهما ، ثم ينفذ الحكم ويحضر القضاء .

فإذا : أنا مت ، فسيقول : أنا اغسله بيدي .

فإذا : قال ذلك ، فقل له : عني بينك وبينه .

إنه قال لي : لا تتعرض لغسلي ، ولا لتكفيني ولا لدفني ، فانك إن فعلت ذلك عاجلك من العذاب ما أخر عنك ، وحل بك أليم ما تحذر ، فإنه سينتهي . 

قال : فقلت : نعم يا سيدي .

قال : فإذا خلى بينك وبين غسلي ، فسيجلس في علو من أبنيته ، مشرفا على موضع غسلي لينظر ، فلا تعرض يا هرثمة لشيء من غسلي حتى ترى فسطاط أبيض قد ضربت في جانب الدار ، فإذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي أنا فيها ، فضعني من وراء الفسطاط ، وقف من ورائه ، ويكون من معك دونك ، ولا تكشف عن الفسطاط حتى تراني فتهلك .

 فإنه سيشرف عليك ويقول لك : يا هرثمة ، أليس زعمتم أن الإمام لا يغسله إلا إمام مثله ، فمن يغسل أبا الحسن علي بن موسى ، وأبنه محمد بالمدينة من بلاد الحجاز ونحن بطوس ؟ 

فإذا قال ذلك فأجبه وقل له : إنا نقول إن الإمام لا يجب أن يغسله إلا إمام ، فإن تعدى متعد وغسل الإمام ، لم تبطل إمامة الإمام لتعدي غاسله ، ولا بطلت إمامة الإمام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه ، ولو ترك أبو الحسن علي بن موسى بالمدينة ، لغسله أبنه محمد ظاهرا مكشوفا ، ولا يغسله الآن أيضا إلا هو من حيث يخفى .

فإذا أرتفع الفسطاط : فسوف تراني مدرجا في أكفاني ، فضعني على نعش واحملني . 

فإذا أراد : أن يحفر قبري ، فإنه سيجعل قبر أبيه هارون الرشيد قبلة لقبري ، ولا يكون ذلك أبدا ، فإذا ضربت المعاول نبت عن الأرض ولم ينحفر منه شيء ، ولا مثل قلامة ظفر ، فإذا اجتهدوا في ذلك وصعب عليهم .

فقل له عني : إني أمرتك أن تضرب معولا واحدا ، في قبلة قبر أبيك هارون الرشيد ، فإذا ضربت نفذ في الأرض إلى قبر محفور وضريح قائم . 

فإذا انفرج : ذلك القبر ، فلا تنزلني إليه حتى يفور من ضريحه الماء الأبيض  ، فيمتلئ منه ذلك القبر ، حتى يصير الماء مع وجه الأرض ، ثم يضطرب فيه حوت بطوله ، فإذا اضطرب فلا تنزلني إلي القبر ، إلا إذا غاب الحوت وغار الماء ، فأنزلني في ذلك القبر وألحدني في ذلك الضريح ، ولا تتركهم يأتوا بتراب يلقونه علي فان القبر ينطبق بنفسه ويمتلئ .

قال : قلت : نعم يا سيدي .

ثم قال لي : أحفظ ما عهدت إليك ، وأعمل به ، ولا تخالف .

قلت : أعوذ بالله أن أخالفك أمرا يا سيدي  .

قال هرثمة : ثم خرجت باكيا حزينا ، فلم أزل كالحبة على المقلاة ـ المقلاة : وعاء من نحاس أو خزف يقلى فيه الطعام ، يقال هو على المقلاة من الجزع ـ لا يعلم ما في نفسي إلا الله تعالى . 

ثم دعاني المأمون : فدخلت إليه ، فلم أزل قائما إلى ضحى النهار .

ثم قال المأمون : أمض يا هرثمة إلى أبي الحسن فاقرأه مني السلام .

 وقل له : تصير إلينا أو نصير إليك ؟ 

فإن قال لك : بل نصير إليه ، فتسأله عني أن يقدم ذلك .

قال : فجئته ، فإذا اطلعت عليه ، قال لي : يا هرثمة أليس قد حفظت ما أوصيتك به ؟ قلت : بلى .

قال : قدموا نعلي ، فقد علمت ما أرسلك به .

قال : فقدمت نعله ومشى إليه ، فلما دخل المجلس قام إليه المأمون قائما فعانقه ، وقبل بين عينيه ، وأجلسه إلى جانبه على سريره ، وأقبل عليه يحادثه ساعة من النهار طويلة ، ثم قال لبعض غلمانه : يؤتى بعنب ورمان . 

قال هرثمة : فلما سمعت ذلك لم أستطع الصبر ، ورأيت النفضة - رعدة النافض من الحمى أو غيره  ـ قد عرضت في بدني ، فكرهت أن يتبين ذلك فيَّ ، فتراجعت القهقرى حتى خرجت ، فرميت نفسي في موضع من الدار . 

فلما قرب زوال الشمس : أحسست بسيدي قد خرج من عنده ، و رجع إلى  داره ، ثم رأيت الآمر قد خرج من عند المأمون بإحضار الأطباء والمترفقين .

 قلت : ما هذا ؟ فقيل لي : علة عرضت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام ، فكان الناس في شك وكنت على يقين ، لما أعرف منه . 

قال : فلما كان من الثلث الثاني من الليل ، علا الصياح ، وسمعت الوجبة (الصحية ) من الدار ، فأسرعت فيمن أسرع ، فإذا نحن بالمأمون مكشوف الرأس محل الأزرار قائما على قدميه ينتحب ويبكي .

 قال : فوقفت فيمن وقفوا وأنا أتنفس الصعداء ، ثم أصبحنا فجلس المأمون للتعزية ، ثم قام فمشى إلى الموضع الذي فيه سيدنا عليه السلام .

فقال : أصلحوا لنا موضعا ، فإني أريد أن اغسله ، فدنوت منه .

فقلت له : ما قاله سيدي بسب الغسل والتكفين والدفن .

 فقال لي : لست أعرض لذلك ، ثم قال : شانك يا هرثمة . 

قال : فلم أزل قائما حتى رأيت الفسطاط قد ضرب ، فوقفت من ظاهره وكل من في الدار دوني ، وأنا أسمع التكبير والتهليل والتسبيح ، وتردد الأواني وصب الماء ، وتضوع الطيب الذي لم أشم أطيب منه .

قال : فإذا أنا بالمأمون قد أشرف علي من بعض علالي داره .

فصاح بي : يا هرثمة أليس زعمتم أن الإمام لا يغسله إلا إمام مثله ؟ فأين محمد بن علي ابنه عنه ؟ وهو بمدينة الرسول وهذا بطوس بخراسان ؟ 

قال : قلت له : يا أمير المؤمنين إنا نقول إن الإمام لا يجب أن يغسله إلا إمام مثله ، فإن تعدى متعد فغسل الإمام ، لم تبطل إمامة الإمام لتعدي غاسله ولا بطلت إمامة الإمام الذي بعده ، بأن غلب على غسل أبيه ، ولو ترك أبو الحسن علي ابن موسى الرضا عليها السلام بالمدينة ، لغسله ابنه محمد ظاهرا ولا يغسله الآن أيضا إلا هو من حيث يخفى . 

قال : فسكت عني ، ثم ارتفع الفسطاط ، فإذا أنا بسيدي عليه السلام مدرج في أكفانه ، فوضعته على نعشه ، ثم حملناه فصلى عليه المأمون وجميع من حضر .

ثم جئنا : إلى موضع القبر ، فوجدتهم يضربون بالمعاول دون قبر هارون ، ليجعلوه قبلة لقبره ، والمعاول تنبو عنه لا تحفر ذرة من تراب الأرض . 

فقال لي : ويحك يا هرثمة أما ترى الأرض كيف تمتنع من حفر قبر له ؟

فقلت : يا أمير المؤمنين إنه قد أمرني أن أضرب معولا واحد ، في قبلة قبر أمير المؤمنين أبيك الرشيد لا أضرب غيره .

 قال : فاذا ضربت يا هرثمة ، يكون ماذا ؟

 قلت : إنه أخبر أنه لا يجوز أن يكون قبر أبيك قبلة لقبره ، فان أنا ضربت هذا المعول الواحد نفذ إلى قبر محفور من غير يد تحفره ، وبان ضريح في وسطه .

 فقال المأمون : سبحان الله ما أعجب هذا الكلام ، ولا عجب من أمر أبي الحسن ، فاضرب يا هرثمة  حتى نرى . 

قال هرثمة : فأخذت المعول بيدي فضربت في قبلة قبر هارون الرشيد فنفذ إلى قبر محفور ، وبان ضريح في وسطه ، والناس ينظرون إليه .

فقال : أنزله إليه  يا هرثمة ، فقلت : يا أمير المؤمنين إن سيدي أمرني أن لا أنزل إليه حتى ينفجر من أرض هذا القبر ماء أبيض فيمتلئ منه القبر ، حتى يكون الماء مع وجه الأرض ، ثم يضطرب فيه حوت بطول القبر ، فإذا غاب الحوت وغار الماء ، وضعته على جانب قبره ، وخليت بينه وبين ملحده .

 قال : فافعل يا هرثمة ما أمرت به . 

قال هرثمة : فانتظرت ظهور الماء والحوت ، فظهر ثم غاب وغار الماء والناس ينظرون إليه ثم جعلت النعش إلى جانب قبره ، فغطي قبره بثوب أبيض لم أبسطه ثم أنزل به إلى قبره بغير يدي ولا يد أحد ممن حضر ، فأشار المأمون إلى الناس أن هالوا التراب بأيديكم فاطرحوه فيه .

 فقلت : لا تفعل يا أمير المؤمنين .

 قال : فقال : ويحك فمن يملأه ؟

فقلت : قد أمرني أن لا يطرح عليه التراب ، وأخبرني أن القبر يمتلئ من ذات نفسه ثم ينطبق ، ويتربع على وجه الأرض ، فأشار المأمون إلى الناس أن كفوا. 

قال : فرموا ما في أيديهم من التراب ، ثم أمتلأ القبر وانطق وتربع على وجه الأرض .

فأنصرف المأمون : و انصرفت .

 ودعاني المأمون وخلابي ثم قال : أسألك بالله يا هرثمة لم أصدقتني عن أبي الحسن عليه السلام قدس الله روحه بما سمعته منك .

 فقلت : قد أخبرت أمير المؤمنين بما قال لي .

 فقال : بالله إلا ما قد صدقتني عما أخبرك به غير الذي قلت لي .

قلت : يا أمير المؤمنين ! فعما تسألني؟

 فقال : يا هرثمة ، هل أسر إليك شيئا غير هذا ؟

 قلت : نعم ، قال : ما هو ؟

قلت : خبر العنب والرمان .

قال : فأقبل المأمون يتلون ألوانا يصفر مرة ويحمر أخرى ويسود أخرى ، ثم تمدد مغشيا عليه ، فسمعته في غشيته وهو يهجر .

 ويقول : ويل للمأمون من الله ، ويل له من رسوله ، ويل له من علي ، ويل للمأمون من فاطمة ، ويل للمأمون من الحسن والحسين ، ويل للمأمون من علي بن الحسن ، ويل له من محمد بن علي ، ويل للمأمون من جعفر بن محمد ، ويل له من موسى بن جعفر ، ويل له من علي ين موسى الرضا ، هذا والله هو الخسران المبين ، يقول هذا القول ويكرره . 

فلما رأيته : قد أطال ذلك وليت عنه ، وجلست في بعض نواحي الدار .

 قال : فجلس ودعاني ، فدخلت إليه وهو جالس كالسكران .

فقال : والله ما أنت أعز علي منه ولا جميع من في الأرض والسماء ، لئن بلغني أنك أعدت بعد ما سمعت ورأيت شيئا ، ليكونن هلاكك فيه . 

قال : فقلت يا أمير المؤمنين إن ظهرت على شيء ذلك مني فأنت في حل من دمي.

قال : لا والله أو تعطيني عهدا وميثاقا على كتمان هذا وترك إعادته ، فأخذ علي العهد والميثاق وأكده عليَّ .

 قال : فلما وليت عنه .

صفق بيده وقال : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ  مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) }النساء .

وكان للرضا عليه السلام : من الولد محمد الإمام وكان يقال له : الرضا ، والصادق والصابر ، والفاضل ، وقرة أعين المؤمنين ، وغيظ الملحدين .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص247ب64 ح 1 , وعنه الهداية الكبرى ص 284ب10 . و دلائل الإمامة ص353 . وقال المجلسي : بيان : نبت عن الأرض أي ارتفعت ، ولم تؤثر فيها من قولهم نبا الشيء عني أي تجافى وتباعد ، ونبا السيف إذا لم يعلم في الضريبة ، قوله ( والمترفقين ) أي  الأطباء المعالجين برفق ، قال الجزري : في الحديث أنت رفيق والله الطبيب أي أنت ترفق بالمريض وتتلطفه وهو الذي يبرءه ويعافيه ( والجبة ) صوت السقطة ، و ( العلالي ) جمع العلية بالكسر وهي الغرقة .

 بحار الأنوار ج45ص293ب21ح8 .

 

 

ياسر يصف حال الإمام قبل استشهاده :

عن ياسر الخادم قال :

لما كان بيننا : وبين طوس سبعة منازل ، أعتل أبو الحسن عليه السلام فدخلنا طوس وقد اشتدت به العلة ، فبقينا بطوس أياما فكان المأمون يأتيه في كل يوم مرتين ، فلما كان في آخر يومه الذي قبض فيه كان ضعيفا في ذلك اليوم ، فقال لي : بعد ما صلى الظهر ، يا ياسر  أكل الناس شيئا ؟

قلت : يا سيدي من يأكل ههنا مع ما أنت فيه . 

فانتصب عليه السلام ثم قال : هاتوا المائدة ولم يدع من حشمه أحدا إلا أقعده معه على المائدة يتفقد واحدا واحدا ، فلما أكلوا .

قال : ابعثوا إلى النساء بالطعام ، فحمل الطعام إلى النساء ، فلما فرغوا من الآكل أغمى عليه وضعف ، فوقعت الصيحة وجاءت جواري المأمون ونساؤه حافيات حاسرات .

 ووقعت الوجبة : بطوس ، وجاء المأمون حافيا وحاسرا يضرب على رأسه ، ويقبض على لحيته ، ويتأسف ويبكي و تسيل الدموع على خديه ، فوقف على الرض عليه السلام وقد أفاق .

فقال : يا سيدي والله ما أدري أي المصيبتين أعظم علي ، فقدي لك وفراقي إياك ، أو تهمة الناس لي أني اغتلتك وقتلتك .

قال : فرفع طرفه أليه ثم قال : أحسن يا أمير المؤمنين معاشرة أبي جعفر ( أبن الرضا الإمام محمد الجواد )، فإن عمرك وعمره هكذا وجمع بين سبابتيه . 

قال : فلما كان من تلك الليلة ، قضى عليه بعد ما ذهب من الليل بعضه ، فلما أصبح اجتمع الخلق ، وقالوا : هذا قتله واغتاله يعني المأمون .

وقالوا : قتل ابن رسول الله وأكثروا القول والجلبة .

وكان محمد : بن جعفر بن محمد عليهما السلام استأمن إلى المأمون  وجاء إلى خراسان ، وكان عم أبي الحسن .

فقال له المأمون : يا أبا جعفر أخرج  إلى الناس ، وأعلمهم أن أبا الحسن لا يخرج اليوم و، كره أن يخرجه ، فتقع الفتنة .فخرج : محمد بن جعفر إلى الناس ، فقال : أيها الناس تفرقوا ، فإن أبا الحسن لا يخرج اليوم ، فتفرق الناس ، وغسل أبو الحسن في الليل ، ودفن . 

قال علي بن إبراهيم : وحدثني ياسر بما لم احب ذكره في الكتاب.

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص240ب62ح1 عنه بحار الأنوار ج45ص299ب21ح9 .

 

أبو الصلت يصف غسل الإمام ودفنه :

عن أبي الصلت الهروي قال : بينا أنا واقف بين يدي أبي الحسين عليه السلام ، إذ قال لي : يا أبا الصلت ادخل هذه القبة التي فيها قبر هارون ، وأتني بتراب من أربعة جوانبها .

 قال : فمضيت ، فأتيت به ، فلما مثلت بين يديه ، قال لي : ناولني هذا التراب ، وهو من عند الباب ف، ناولته فأخذه وشمه ثم رمى به .

ثم قال : سيحفر لي ههنا ، فتظهر صخرة لو جمع عليها كل معول بخراسان لم يتهيأ قلعها ، ثم قال في الذي عند الرجل ، والذي عند الرأس مثل ذلك ، ثم قال : ناولني هذا التراب فهو من تربتي . 

ثم قال : سيحفر لي في هذا الموضع ، فتأمرهم أن يحفروا إلى سبع مراقي إلى أسفل وأن تشق لي ضريحة ، فإن أبوا إلا أن يلحدوا ، فتأمرهم أن يجعلو اللحد ذراعين وشبرا ، فان الله تعالي سيوسعه ما يشاء ، وإذا فعلوا ذلك فإنك ترى عند رأسي نداوة ، فتكلم بالكلام الذي أعلمك فانه ينبع الماء حتى يمتلئ اللحد وترى فيه حيتانا صغارا ، ففتت لها الخبز الذي أعطيك فإنها تلتقطه ، فإذا لم يبق منه شيء ، خرجت منه حوتة كبيرة ، فالتقطت الحيتان الصغار حتى لا يبقى منها شيء ،  ثم تغيب ، فإذا غابت فضع يدك على الماء ثم تكلم بالكلام الذي أعلمك ، فإنه ينضب الماء ، ولا يبقى منه شيء ، ولا تفعل ذلك إلا بحضرة المأمون .

 ثم قال عليه السلام : يا أبا الصلت ، غدا أدخل على هذا الفاجر ، فإن أنا خرجت مكشوف الرأس ، فتكلم أكلمك ، وإن خرجت وأنا مغطى الرأس فلا تكلمني .

قال أبو الصلت : فلما أصبحنا من الغد لبس ثيابه ، وجلس فجعل في محرابه ينظر ، فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون ، فقال له : أجب أمير المؤمنين ، فلبس  نعله ورداءه ، وقام ومشى وأنا أتبعه حتى دخل على المأمون ، وبين يديه طبق عليه عنب وأطباق فاكهة ، وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه ، وبقي بعضه . 

فلما أبصر الرضا عليه السلام : وثب إليه فعانقه وقبل ما بين عينيه وأجلسه معه ، ثم ناوله العنقود ، وقال : يا ابن رسول الله ما رأيت عنبا أحسن من هذا ، فقال له الرضا عليه السلام : ربما كان عنبا حسنا يكون من الجنة .

فقال له : كل منه .

 فقال له الرضا عليه السلام : تعفيني عنه .

 فقال : لابد من ذلك ، وما يمنعك منه لعلك تتهمنا بشيء ، فتناول العنقود فأكل منه ، ثم ناوله فأكل منه الرضا عليه السلام ثلاث حبات ، ثم رمى به وقام .

فقال المأمون : إلى أين ؟

 فقال : إلى حيث وجهتني ، وخرج مغطى الرأس ، فلم أكلمه حتى دخل الدار ، فأمر أن يغلق الباب فغلق ، ثم نام على فراشه ,

ومكثت : واقفا في صحن الدار ، مهموما محزونا . 

فبينا أنا كذلك : إذ دخل علي شاب حسن الوجه ، قطط الشعر ، أشبه الناس بالرضا عليه السلام .

فبادرت إليه وقلت له : من أين دخلت والباب مغلق ؟

فقال : الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت ، هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق .

 فقلت له : ومن أنت ؟

 فقال لي : أنا حجة الله عليك ، يا أبا الصلت ، أنا محمد بن علي .

 ثم مضى نحو أبيه عليه السلام : فدخل وأمرني بالدخول معه ، فلما نظر إليه الرضا عليه السلام ، وثب إليه فعانقه وضمه إلى صدره ، وقبل ما بين عينيه ، ثم سحبه سحبا في فراشه ، وأكب عليه محمد بن علي عليها السلام يقبله ويساره بشيء لم أفهمه . 

ورأيت في شفتي الرضا عليه السلام : زبدا أشد بياضا من الثلج ، ورأيت أبا جعفر عليه السلام يلحسه بلسانه ، ثم أدخل يده بين ثوبيه وصدره ، فاستخرج منه شيئا شبيها بالعصفور ، فابتلعه أبو جعفر ، ومضى الرضا عليه السلام .

فقال أبو جعفر عليه السلام : يا أبا الصلت قم أئتني بالمغتسل والماء من الخزانة.

 فقلت : ما في الخزانة مغتسل ولا ماء.

 فقال لي : انته إلى ما آمرك به .

 فدخلت الخزانة : فإذا فيها مغتسل وماء فأخرجته ، وشمرت ثيابي لأغسله معه .

 فقال لي : تنح يا أبا الصلت،  فإن لي من يعينني غيرك ، فغسله . 

ثم قال لي : ادخل الخرانة ، فأخرج لي السفط الذي فيه كفنه وحنوطه ، فدخلت فإذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة قط ، فحملته إليه فكفنه وصلى عليه.

ثم قال لي : ائتني بالتابوت ، فقلت : أمضي إلى النجار حتى يصلح التابوت قال : قم فإن في الخرانة تابوتا .

فدخلت الخزانة : فوجدت تابوتا لم أره قط فأتيته به ، فأخذ الرضا عليه السلام بعد ما صلى عليه ، فوضعه في التابوت وصف قدميه وصلى ركعتين لم يفرغ منهما حتى علا التابوت ، فانشق السقف ، فخرج منها التابوت ومضى . 

فقلت : يا ابن رسول الله الساعة يجيئنا المأمون ، ويطالبن بالرضا عليه السلام فما نصنع ؟ 

فقال لي : اسكت فانه سيعود يا أبا الصلت ، ما من نبي يموت بالمشرق ، ويموت وصيه بالمغرب إلا جمع الله تعالى بين أرواحهما وأجسادهما .

فما أتم الحديث : حتى انشق السقف ونزل التابوت ، فقام عليه السلام فاستخرج الرضا عليه السلام من التابوت ، ووضعه على فراشه ، كأنه لم يغسل ولم يكفن . 

ثم قال لي : يا أبا الصلت قم فافتح الباب للمأمون ، ففتحت الباب ، فإذا المأمون والغلمان بالباب، فدخل باكيا حزينا قد شق جيبه ولطم رأسه .

 وهو يقول : يا سيداه فجعت بك يا سيدي ، ثم دخل وجلس عند رأسه .

وقال : خذوا في تجهيزه ، فأمر بحفر القبر ، فحفرت الموضع فظهر كل شيء على ما وصفه الرضا عليه السلام .

فقال له بعض جلسائه : ألست تزعم أنه إمام ؟ قال : بلى .

 قال : لا يكون إلا مقدم الناس ، فأمر أن يحفر له في القبلة .

 فقلت : أمرني أن أحفر له سبع مراقي ، وأن أشق له ضريحه .

فقال : انتهوا إلى ما يأمر به أبو الصلت ، سوى الضريح ، ولكن يحفر له ويلحد . 

فلما رأى : ما ظهر من الندواة والحيتان وغير ذلك .

قال المأمون : لم يزال الرضا عليه السلام يرينا عجائبه في حياته ، حتى أراناها بعد وفاته أيضا .

فقال له وزير كان معه : أتدري ما أخبرك به الرضا عليه السلام ؟

قال : لا ، قال : إنه أخبرك أن ملككم يا بني العباس مع كثرتكم وطول مدتكم مثل هذه الحيتان ، حتى إذا فنيت آجالكم وانقطعت آثاركم ، وذهبت دولتكم ، سلط الله تعالى عليكم رجلا منا فأفناكم عن آخركم.

قال له : صدقت . 

ثم قال لي : يا أبا الصلت علمني الكلام الذي تكلمت به .

 قلت : والله لقد نسيت الكلام من ساعتي ، وقد كنت صدقت ، فأمر بحبسي ودفن الرضا عليه السلام ، فحبست سنة فضاق علي الحبس ، وسهرت الليلة ودعوت الله تعالى بدعاء ذكرت فيه محمد أو آله صلوات الله عليهم ، وسألت الله تعالى بحقهم أن يفرج عني . 

فلم أستتم الدعاء : حتى دخل علي أبو جعفر محمد بن علي عليهم السلام ، فقال : يا أبا الصلت ضاق صدرك ؟ فقلت : إي والله .

قال : قم ، فأخرجني ، ثم ضرب يده إلى القيود التي كانت ففكه ، وأخذ بيدي وأخرجني من الدار ، والحرسة والغلمة يرونني ، فلم يستطيعوا أن يكلموني ، وخرجت من باب الدار .

ثم قال لي : امض في ودائع الله فانك لن تصل إليه ولا يصل إليك أبدا .

فقال أبو الصلت : فلم ألتق مع المأمون إلى هذا الوقت  .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص242ب63ح1 .

بيان : قوله عليه السلام : ربما كان عنبا ، أي كثيرا ما يكون العنب عنبا حسنا يكون من الجنة ، والحاصل أن العنب الحسن إنما يكون في الجنة التي أنت محروم منها ، والسحب : الجر .بحار الأنوار ج45ص300ب21ح10 .

 

وصف أخر لكيفية سم الإمام واستشهاده :

عن أبيه والحسين بن عمر الإخباري ، عن علي  بن الحسين كاتب بقاء الكبير في آخرين :

أن الرضا عليه السلام : حم ، فعزم على الفصد ، فركب المأمون .

 وقد كان  قال لغلام له : فت هذا بيدك ، لشيء أخرجه من برنية ففته في صينية ، ثم قال : كن معي ولا تغسل يدك .

وركب إلى الرضا عليه السلام : وجلس حتى فصد بين يديه .

وقال عبيد الله  : بل أخر فصده ، وقال المأمون لذلك الغلام : هات من ذلك الرمان و، كان الرمان في شجرة في بستان في دار الرضا عليه السلام ، فقطف منه .

ثم قال : اجلس ، ففته ، ففت منه في جام ، فأمر بغسله .

ثم قال للرضا عليه السلام : مص منه شيئا .

فقال : حتى يخرج أمير المؤمنين .

فقال : لا و الله إلا بحضرتي ، و لو لا خوفي أن يرطب معدتي لمصصته معك ، فمص منه ملاعق و خرج المأمون .

فما صليت العصر : حتى قام الرضا خمسين مجلسا .

فوجه إليه المأمون و قال : قد علمت أن هذه آفة و قتار للفصد الذي في يدك ، و زاد الأمر في الليل فأصبح ميتا ، فكان آخر ما تكلم به‏ : { قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ  إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) } آل  عمران ، { وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا (38)} الأحزاب.

 و بكر المأمون : من الغد ، فأمر بغسله و تكفينه ، و مشى خلف جنازته حافيا حاسرا .

يقول : يا أخي ، لقد ثلم الإسلام بموتك ، و غلب القدر تقديري فيك .

و شق : لحد الرشيد ، فدفنه معه .

فقال : نرجو أن الله تبارك و تعالى ينفعه بقربه .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج‏2ص240ب61ح1 .

 بيان : البرنية  بفتح الباء ، وكسر النون وتشديد الياء إناء من خزف قوله : إفاقة وفتار : فتر فتارا أي سكن بعد حدة أي هذا موجب للإفاقة وسكون الحدة والحرارة التي حصلت بسبب فضول الأخلاط في البدن ، وفي بعض النسخ  آ فة وفتار للفصد الذي في يديك ، أي هذه آفة حصلت بسبب فتور وضعف نشأ من الفصد . بحار الأنوار ج45ص305ب21ح14 .

 

خبر الإمام عن السمك في مرقده:

في بصائر الدرجات بسنده عن الوشاء ، عن الرضا عليه السلام قال : لمسافر  يا مسافر ، هذه القناة فيها حيتان ؟

 قال : نعم جعلت فداك قال : أما إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله البارحة ، وهو يقول : يا علي ما عندنا خير لك . 

بصائر الدرجات ص 483 ، بيان : لعل ذكر الحيتان إشارة إلى م ظهر في قبره منها ، أو المعنى أن  علمي بموتي كعلمي بها .

 بحار الأنوار ج45ص306ب21ح15 .

المأمون يندب الإمام ويحكي معجزة عنه :

عن محمد بن عبد الله بن الحسن الأفطس قال :

كنت عند المأمون يوما : ونحن على شراب حتى إذا أخذ منه الشراب مأخذه ، صرف ندماءه واحتبسني ، ثم أخرج جواريه ، وضربن وتغنين .

فقال لبعضهن : بالله لما رثيت من بطوس قاطنا .

فأنشأت تقول : 

سقيا لطوس ومن أضحى بها قطنا

من عترة المصطفى أبقى لنا حزنا

أعني أبا حسن المأمول إن له

حقا على كل من أضحى بها شجنا

قال محمد بن عبد الله : فجعل يبكي حتى أبكاني .

ثم قال : ويلك يا محمد أيلومني أهل بيتي وأهل بيتك أن أنصب أبا الحسن علما ، والله أن لو بقي لخرجت من هذا الأمر و لا جلسته مجلسي ، غير أنه عوجل .

 فلعن الله : عبيد الله وحمزة ابني الحسن ، فانهما قتلاه . 

ثم قال لي : يا محمد بن عبد الله والله لأحدثنك بحديث عجيب فاكتمه .

 قلت : ما ذاك يا أمير المؤمنين ؟

قال : لما حملت زاهرية ببدر .

أتيته فقلت له : جعلت فداك بلغني أن أبا الحسن موسى بن جعفر ، وجعفر بن محمد ، ومحمد بن علي ، وعلي بن الحسين والحسين ، كانوا يزجرون الطير ، ولا يخطؤون ، وأنت وصي القوم ، وعندك علم ما كان عندهم . وزاهرية حظيتي ومن ل اقدم عليها أحدا من جواري ، وقد حملت غير مرة ، كل ذلك تسقط ، فهل عندك في ذلك شيء ننتفع به ؟

 فقال : لا تخش من سقطها ، فستسلم وتلد غلاما صحيحا مسلم أشبه الناس بأمه ، قد زاده الله في خلقه مزيدتين ، في يده اليمنى خنصر وفي رجله اليمنى خنصر.

فقلت في نفسي : هذه والله فرصة ، إن لم يكن الأمر على ما ذكر خلعته ، فلم أزل أتوقع أمرها حتى أدركها المخاض .

 فقلت للقيمة : إذا وضعت فجيئني بولدها ذكرا كان أم أنثى ، فما شعرت إلا بالقيمة وقد أتتني بالغلام كما وصفه زائد اليد والرجل ، كأنه كوكب دري .

فأردت : أن أخرج من الأمر يومئذ وأسلم ما في يدي إليه ، فلم تطاوعني نفسي ، لكن رفعت إليه الخاتم .

 فقلت : دبر الأمر فليس  عليك مني خلاف وأنت المقدم ، وبالله أن لو فعل لفعلت .

 غيبة الشيخ ص 53 و 54 وقد مر في باب المعجزات ص 30 عن العيون ، مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 333  ، بحار الأنوار ج45ص306ب21ح16 .

 

الخبر السابق برواية أخرى:

وهذه نفس الرواية أعلاه مع بعض الاختلاف ، عن عبد الله بن محمد الهاشمي قال :  دخلت : على المأمون يوما ، فأجلسني وأخرج من كان عنده ، ثم دعا بالطعام فطعمنا ، ثم طيبنا .

ثم أمر بستارة : فضربت ، ثم أقبل على بعض من كان في الستارة ، فقال : بالله لما رثيت لنا من بطوس .

فأخذت تقول : 

سقيا لطوس ومــــن

أضحى بها قطنا

من عترة المصطفى

أبقى لنـــــا حزنا

قال : ثم بكى ، فقال لي : يا عبد الله أيلومني أهل بيتي وأهل بيتك أن نصبت أبا الحسن الرضا عليه السلام علما ، فوالله لأحدثنك بحديث تتعجب منه .

جئته يوما فقلت له : جعلت فداك إن آباءك موسى وجعفراً ومحمداً وعلي بن الحسين عليهم السلام كان عندهم علم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وأنت وصى القوم ووارثهم ، وعندك علمهم ، وقد بدت لي إليك حاجة .

 قال : هاتها .

فقلت : هذه الزاهرية حظيتي ولا اقدم عليها أحدا من جواري ، وقد حملت غير مرة ، وأسقطت ، وهي الآن حامل فدلني على ما تتعالج به فتسلم .

فقال : لا تخف من إسقاطها فإنها تسلم وتلد غلاما أشبه الناس بأمه وتكون له خنصر زائدة في يده اليمنى ليست بالمدلاة ، وفي رجله اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاة .

فقلت في نفسي : أشهد أن الله على كل شيء قدير ، فولدت الزاهرية غلاما أشبه الناس بأمه ، في يده اليمنى خنصر زائدة ليست بالمدلاة ، وفي رجله اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاة ، على ما كان وصفه لي الرضا عليه السلام ، فمن يلومني عل نصبي إياه علما .

 والحديث فيه زيادة حذفناها ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

عيون أخبار الرضا ج 2 ص 224 ، وتراه في مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 333 نقلا عن الجلاء والشفاء عن محمد بن عبد الله بن الحسن .

قال محقق البحار : والعجب من الصدوق قدس سره حيث استغرب علمه عليه السلام بما في بطون الأمهات فقال بعد هذا الحديث : إنما علم الرضا ذلك مم وصل اليه عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وذلك إن جبرائيل عليه السلام قد كان نزل عليه بأخبار الخلفاء وأولادهم من بنى أمية وولد العباس ، وبالحوادث التي تكون في أيامهم وما يجري على أيديهم ، ولا قوة إلا بالله.  

بيان : قطنا أي مقيما ، وقال الجوهري : حظيت المرأة عند زوجها  حظوة وحظوة بالكسر والضم وحظة أيضا ، وهي حظيتي وإحدى حظاياي .

بحار الأنوار ج45ص29ب3ح2.

 

الإمام عليه السلام يخبر عن استشهاده :

عن الخرايج والجرايح : روي عن الحسن بن عباد وكان كاتب الرضا عليه السلام قال :

دخلت عليه عليه السلام : وقد عزم المأمون بالمسير إلى بغداد ، فقال :

 يا ابن عباد : ما ندخل العراق ولا نراه ، فبكيت .

وقلت : فآيستني أن آتي أهلي وولدي .

 قال عليه السلام : أما أنت فستدخلها وإنما عنيت نفسي ، فاعتل وتوفي بقرية من قرى طوس ، وقد كان تقدم في وصيته أن يحفر قبره مما يلي الحائط بينه وبين قبر هارون ، ثلاث أذرع ، وقد كانوا حفروا ذلك المواضع لهارون فكسرت المعاول والمساحي ، فتركوه وحفروا حيث أمكن الحفر .

فقال : احفروا ذلك المكان فانه سيلين عليكم ، وتجدون صورة سمكة من نحاس وعليها كتابة بالعبرانية ، فإذا حفرتم لحدي فعمقوه وردوها مما يلي رجلي ، فحفرنا ذلك المكان وكان المحافر تقع في الرمل اللين ، ووجدنا السمكة مكتوب عليها  بالعبرانية : ( هذه روضة علي بن موسى ، وتلك حفرة هارون الجبار ) فرددناه ودفناها في لحده عند موضع قاله .

الخرائج و الجرائح ج1ص367ب9ح25 . بحار الأنوار ج45ص307ب21ح17 .

 

 

سبب وكيفية استشهاد الإمام عن المفيد :

في الإرشاد : كان الرضا علي بن موسى عليه السلام يكثر وعظ المأمون إذا خلا به ويخوفه بالله ، ويقبح له ما يركبه من خلافه ، وكان المأمون يظهر قبول ذلك منه ، ويبطن كراهيته واستثقاله .

 ودخل الرضا عليه السلام : يوما عليه ، فرآه يتوضأ للصلاة والغلام يصب الماء على يديه .

 فقال : لا تشرك يا أمير المؤمنين بعبادة ربك أحدا ، فصرف المأمون الغلام وتولى تمام وضوء نفسه ، وزاد ذلك في غيظه ووجده . و

كان عليه السلام : يزري على الفضل والحسن ابني سهل عند المأمون ، إذا ذكرهما ويصف له مساويهما وينهاه عن الإصغاء إلى قولهما ، وعرفا ذلك منه ، فجعلا يخطئان عليه عند المأمون ، ويذكران له عنده ما يبعده منه ، ويخوفانه من حمل الناس عليه ، فلم يزالا كذلك حتى قلبا رأيه فيه ، وعمل على قتله عليه السلام . 

فاتفق  : أنه أكل هو والمأمون يوما طعاما ، فاعتل منه الرض عليه السلام وأظهر المأمون تمارضا .

فذكر محمد بن علي بن حمزه : عن منصور بن بشر ، عن أخيه عبد الله  ابن بشر قال : أمرني المأمون أن أطول أظفاري على العادة ، ولا اظهر ذلك لأحد ، ففعلت ، ثم استدعاني فأخرج إلي شيئا يشبه التمر الهندي .

فقال لي : اعجن هذا بيديك جميعا ، ففعلت .

ثم قام وتركني : ودخل على الرضا عليه السلام .

وقال له : ما خبرك ؟ 

قال : أرجو أن أكوان صالحا .

قال له : أنا اليوم بحمد الله أيضا صالح ، فهل جاءك أحد من المترفقين في هذا اليوم ؟

قال : لا ، فغضب المأمون وصاح على غلمانه .

ثم قال : فخذ ماء الرمان الساعة ، فإنه مما لا يستغنى عنه .

ثم دعاني فقال : ائتنا برمان فأتيته به .

 فقال لي : اعصر بيديك ، ففعلت ، وسقاه المأمون الرضا عليه السلام بيده و، كان ذلك سبب وفاته .

فلم يلبث : إلا يومين حتى مات عليه السلام . 

 

وذكر عن أبي الصلت الهروي أنه قال : دخلت على الرضا عليه السلام وقد خرج المأمون من عنده .

 فقال لي : يا أبا الصلت قد فعلوها ، وجعل يوحد الله ويمجده . 

 

وروي عن محمد بن الجهم أنه قال : كان الرضا عليه السلام يعجبه العنب ، فأخذ له منه شيئا ، فجعل في موضع أقماعه الأبر أياما ثم نزع ، وجيء به إليه ، فأكل  منه وهو في علته التي ذكرنا فقتله ، وذكر أن ذلك من لطيف السموم . 

ولما توفي الرضا عليه السلام : كتم المأمون موته يوم وليلة .

 ثم أنفذ : إلى محمد ابن جعفر الصادق عليه السلام وجماعة آل أبي طالب ، الذين كانوا عنده ، فلما حضروه نعاه إليهم وبكى ، وأظهر حزنا شديد ، أو توجع ، وأراهم إياه صحيح الجسد .

وقال :  يعز علي يا أخي أن أراك في هذه الحال ، قد كنت أؤمل أن أقدم قبلك ، فأبى الله إلا ما أراد .  

ثم أمر بغسله : وتكفينه وتحنيطه ، وخرج مع جنازته ، فحمله حتى أتى إلى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن ، فدفنه والموضع دار حميد بن قحطبة في قرية يقال لها سناباد على دعوة من نوقان من أرض طوس ، وفيها قبر هارون الرشيد وقبر أبي الحسن عليه السلام بين يديه في قبلته ، ومضى الرضا عليه السلام ولم يترك ولدا نعلمه إلا ابنه الإمام بعده أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام وكان سنه يوم وفاة أبيه سبع سنين وأشهر .

الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد  ج2ص270 . الخرائج و الجرائح ج2ص898 ، ،  مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 374 . الأبر المسمومة ، ولعله المراد هن ، يحتمل أن يكون  هذا خاصية ترك الأبر في العنب أياما . بحار الأنوار ج45ص308ب21ح18 . وقماعة الأبر أي مقموعة فيه مغروسة .

 

وذكر أبو الفرج في المقاتل : ما ذكره المفيد رحمه الله من أوله إلى آخره بأسانيد : ثم روى بإسناده عن أبي الصلت الهروي أنه قال : دخل المأمون : إلى الرضا يعوده فوجده يجود بنفسه .

فبكى وقال : أعزز ـ أي عظم على ـ علي يا أخي بأن أعيش ليومك ، فقد كان في بقائك أمل .

وأغلظ علي : من ذلك وأشد ، أن الناس يقولون أني سقيتك سم ، وأنا إلى الله من ذلك برئ .

ثم خرج المأمون : من عنده ، ومات الرضا عليه السلام ، فحضره المأمون قبل أن يحفر قبره ، وأمر أن يحفر له إلى جانب أبيه.

ثم أقبل علينا فقال : حدثني صاحب هذا النعش أنه يحفر له قبر فيظهر فيه ماء وسمك ، احفروا فحفروا ، فلما انتهوا إلى اللحد نبع ماء وظهر فيه سمك ثم غاص فدفن فيه الرضا عليه السلام .

 مقاتل الطالبيين ص 371 - 374 ، بحار الأنوار ج45ص309ب21ح19 .


الإمام الجواد يذكر أنه دفن أبيه عليهم السلام :

عن معمر بن خلاد ، عن أبي جعفر بن علي الرضا محمد الجواد عليه السلام - أو  عن رجل ، عن أبي جعفرا لشك من أبي علي - قال :

قال أبو جعفر عليه السلام : يا معمر اركب .

قلت : إلى أين ؟

قال : اركب كما يقال لك .

قال : فركبت فانتهيت إلى واد ـ أو إلى وهدة الشك من أبي علي - .

فقال لي : قف ههنا ، فوقفت ، فأتاني .

فقلت له : جعلت فداك أين كنت ؟

قال : دفنت أبي الساعة ، وكان بخراسان .

 كشف الغمة ج 3 ص 216 ، الخرائج والجرائح ص 237 ، بحار الأنوار ج45ص310ب21ح20 .

 

وروى محمد بن أحمد بن يحيى في كتاب (نوادر الحكمة) : عن موسى بن جعفر ، عن اُمية بن علي قال :

كنت بالمدينة : وكنت أختلف إلى أبي جعفر عليه السلام ، وأبو الحسن عليه السلام بخراسان ، وكان أهل بيته وعمومة أبيه يأتونه ويسلّمون عليه.

 فدعا يوماً الجارية فقال : قولي لهم : يتهيئون للمأتم  .

 فلما تفرّقوا قالوا : ألا سألناه مأتم من ؟

 فلمّا كان من الغد : فعل مثل ذلك ، فقالوا : مأتم من ؟

 قال عليه السلام :  مأتم خير من على ظهرها  .

 فأتانا خبر أبي الحسن عليه السلام : بعد ذلك بأيّام ، فإذ هو قد مات في ذلك اليوم.

 إثبات الوصية 188 ، دلائل الإمامة : 212 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 389 ، الثاقب في المناقب : 515 ـ 443 ، كشف الغمة 2 : 369 ، ، بحار الأنوار ج45ص310ب21ح21 .

 

  ذكر التشكيك باستشهاد الإمام ورده :

ذكر تذييل في البحار : اعلم أن أصحابنا والمخالفين ، اختلفو أن الرضا عليه السلام هل مات حتف أنفه أو  مضى شهيدا بالسم ، وعلى الأخير هل سمه المأمون لعنه الله أغيره ؟

والأشهر بيننا : أنه عليه السلام مضى شهيدا بسم المأمون ، وينسب إلى السيد علي بن طاووس أنه أنكر ذلك ، وكذا أنكره الأربلي في كشف الغمة .

 ورد ما ذكره المفيد : بوجوه سخيفة .

حيث قال : بعد إيراد كلام المفيد : 

وذكر في الهامش : قال سبط ابن الجوزي في التذكرة : ذكر أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق أن هارون كان يجرى على موسى بن جعفر وهو في حبسه كل سنة ثلاثمائة ألف درهم  ، ولنزله عشرين ألفا .

فقال المأمون : لعلي بن موسى لأزيدنك على مرتبة أبيك وجدك ، فأجرى له ذلك ووصله بألف ألف درهم .  

ولما فصل المأمون : عن مرو طالبا بغداد ، ووصل إلى سرخس ، وثب قوم على الفضل ابن سهل في الحمام فقتلوه ، ومرض على بن موسى ، فلما وصل المأمون إلى طوس توفى على بن موسى بطوس في سنة ثلاث ومائتين .

وقيل : أنه دخل الحمام ، ثم خرج فقدم اليه طبق فيه عنب مسموم قد أدخلت فيه الابر المسمومة من غير أن يظهر أثرها ، فأكله فمات ، وله خمس وخمسون سنة ، وقيل تسع و أربعون ودفن إلى جانب هارون الرشيد . 

وزعم قوم : أن المأمون سمه ، وليس بصحيح فإنه لما مات على عليه السلام توجع له المأمون ، وأظهر الحزن عليه ، وبقى أياما لا يأكل طعاما ول يشرب شرابا وهجر اللذات . 

أقول : إن الذي يزعم أن المأمون سمه ، لا ينكر توجعه وإظهار الحزن عليه بل  يزعم أنه فعل ذلك مصانعة .

 قال :  ثم أتى بغداد فدخلها في صفر سنة 204 أربع ومائتين ، ولباسه ولباس أصحابه جميعا الخضرة وكذا أعلامهم ، وكان قد بعث المأمون الحسن بن سهل إلى بغداد ، فهزمهم واختفى إبراهيم ابن المهدى ونزل المأمون بقصر الرصافة . 

قال الصولي : فاجتمع بنو العباس إلى زينب بنت سليمان بن على بن عبد الله بن العباس ، وكانت في القعد والسؤدد مثل المنصور ، فسألوها ان تدخل على المأمون وتسأله الرجوع ، بلغني ممن أثق به أن السيد رضي الدين علي بن طاووس رحمه الله ، كان لا يوافق على أن المأمون سقى عليا عليه السلام السم ، ولا يعتقد به ، وكان كثير المطالعة والتنقيب والتفتيش على مثل ذلك ، والذي كان يظهر من المأمون من حنوه عليه وميله إليه واختياره له دون أهله وأولاده ، مما يؤيد ذلك ويقرره . وقد ذكر المفيد رحمه الله : شيئا ما يقبله عقلي ، ولعلي واهم ، وهو أن الإمام عليه السلام كان يعيب ابني سهل ويقبح ذكرهما إلى غير ذلك ، وما كان أشغله بأمور دينه وآخرته ، واشتغاله بالله عن مثل ذلك . 

 

في هامش : أمر إلى لبس السواد ، وترك الخضرة ، والإضراب مثل ما كان عليه ، لأنه عزم بعد موت على بن موسى ، أن يعهد إلى محمد بن على بن موسى الرضا ، وإنما منعه من ذلك شغب بنى العباس عليه ، لأنه كان قد أصر على ذلك حتى دخلت عليه زينب . 

فلما دخلت عليه : قام لها ورحب بها و اكرمها .

 فقالت له : يا أمير المؤمنين إنك على بر أهلك من ولد أبي طالب ، والأمر بيدك اقدر منك على برهم ، والأمر في يد غيرك أو في أيديهم ، فدع لباس الخضرة ، وعد إلى لباس أهلك ، ولا تطمعن أحدا فيما كان منك . 

فعجب المأمون : بكلامها ، وقال لها : والله يا عمة ما كلمني أحد بكلام أوقع من كلامك في قلبي ، ولا اقصد لما أردت ، وأنا أحاكمهم إلى عقلك . 

فقالت : وما ذاك ؟

 فقال : الست تعلمين إن أبا بكر رضى الله عنه ولى الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلم يول أحدا من بنى هاشم شيئا ؟ قالت : بلى .

 قال : ثم ولى عمر فكان كذلك ، ثم ولى عثمان فأقبل على أهله من بنى عبد شمس فولاهم الأمصار ولم يول أحدا من بنى هاشم .

ثم ولى على عليه السلام : فأقبل على بنى هاشم فولى عبد الله بن العباس البصرة ، وعبيد الله بن العباس اليمن ، وولى معبدا مكة ، وولى قثم بن العباس البحرين وما ترك أحدا ممن ينتمى إلى العباس إلا ولاه ، فكانت هذه في أعناقن فكافأته في ولده  بما فعلت . 

فقالت : لله درك يا بني ، ولكن المصلحة لبني عمك من ولد أبى طالب ما قلت لك .   فقال :  ما يكون إلا ما تحبون إلى آخر ما قال . 

وعلى رأي المفيد رحمه الله : أن الدولة المذكورة من أصله فاسدة ، وعلى غير قاعدة مرضية ، فاهتمامه عليه السلام بالوقيعة فيهما حتى أغراهم بتغيير رأي الخليفة عليه فيه ما فيه ، ثم إن نصيحته للمأمون وإشارته عليه بما ينفعه في دينه لا توجب أن يكون سببا لقتله ، وموجبا لركوب هذا الأمر العظيم منه ، وقد كان يكفي في هذا الأمر أن يمنعه عن الدخول عليه أو يكفه عن وعظه ، ثم إنا لا نعرف أن الأبر إذا غرست في العنب صار العنب مسموما ، ولا يشهده القياس الطبي والله تعالى أعلم بحال الجميع وإليه المصير ، وعند الله يجتمع الخصوم انتهى كلامه .

كشف الغمة ج 3 ص 112.

قال المجلسي رحمه الله : ولا يخفى وهنه إذا لوقيعة في ابني سهل لم يكن للدنيا حتى  يمعنه عنه الاشتغال بعبادة الله تعالى ، بل كان ذلك لم وجب عليه من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ورفع الظلم عن المسلمين مهما أمكن .

 وكون خلافة المأمون : فاسدة أيضا ، لا يمنع منه ، كما ل يمنع بطلان خلافة الغاصبين ، إرشاد أمير المؤمنين إياهم لمصالح المسلمين في الغزوات وغيرها.

ثم إنه ظاهر : أن نصيحة الأشقياء ووعظهم بمحضر الناس لا سيم المدعين للفضل والخلافة ، مما يثير حقدهم وحسدهم وغيظهم ، مع أنه لعنه الله كان أول أمره مبنيا على الحيلة والخديعة لإطفاء نائرة الفتن الحادثة من خروج الأشراف والسادة من العلويين في الأطرف ، فلما استقر أمره أظهر كيده .

 فالحق : ما اختاره الصدوق والمفيد وغيرهما من أجلة أصحابن ، أنه عليه السلام مضى شهيدا بسم المأمون اللعين ، عليه اللعنة ، وعلى سائر الغاصبين والظالمين أبد الآبدين . 

بحار الأنوار ج45ص311ب21ح21.

يا طيب : عرفت أن المأمون قتل أخيه الأمين من أجل الملك ، وإنه كان قد نذر أن يولي الإمام لو غلبه وليفي بنذره أولا ، والثاني ليقمع الفتن في مملكته ، وثالثا ليخيف العباسيين من سلب السلطة منهم ليأتوه ويتملقوا له ويسترضوه ويرضون به خليفة عليهم ، ولما تم له ما أراد وأراد الرجوع إليهم قتل وزيره لأنه كانوا يعزون إدارة الحكم له وإنه مسلوب السلطة أمامه ، ليثبت لهم أنه قوي قدير على إدارة الأمور ، والثاني قتل الإمام بالسم لتختلف الطريقة ، ويتخلص ممن جاء به ذريعة لإخماد الثورات بالبلاد ، ولما تم له سمه وقتله ، فصفى له الجو وبين قدرته واقتداره وتفرده بالحكم ، و خلى وجهه مع العباسيين في بغداد ومع كثير من قواده الذين كانوا يرون أن يرد الحكم لبني العباس لبيعتهم للرشيد ، ويرون أنهم في ملك بني العباس مقتدرون ، فإن زالوا يخافون أن يستبدل بهم غيرهم من الهاشميين والعلويين .

ويا طيب : ما عرفته في البحوث السابقة من أهمية الملك عند بني العباس وإنهم كان متأصل بهم الخيانة في تنحيت وعزل بعضهم البعض ، وحتى وصل للسجن والتهديد بالقتل ، بل والقتل كما في نفس المأمون قتل أخيه ، تعرف أن تنحية الإمام والخلاص منه ، كانت أهم مهمة للمأمون لكي يبقي حكمه عند بني العباس ، ول يخرجه لغيرهم ، وليتمكن ويقبلوه في بغداد بينهم .

وقد عرفت : إنه ذكرنا هنا كثير من روايات شهادة الإمام وكله تصر بأن المأمون أستخدم السم وإن كانت مختلفة الروايات في كيفية الشهادة ، وإن كان يمكن الجمع بينها ، لأنه كلا منهم ينقل ما يخصه وما رآه ، أو ما سمع به ، ولكن قسم منهم من أصحاب الإمام وخواصه ، مثل أبو الصلت في الرواية الأولى ، وعن هرثمة أيضا ، كلها تصرح بالسم ، كما أنه وضع العنب مع الأبر قد يكون بعد نزعه من عنقوده فيكون مفتوح الرأس فلا يؤثر فيه ، أو أنه وضع الأبر لكي يفصل بين شماريخ العنب وحبات العنقود المنقوع بالسم ، لكي يصل لكل حبة عنب منه ، ولو لم يفصل بينها فل يصل إلا لظاهر قسما منها وهذا مخالف لغرضه .

كما أنه يا طيب : يدل استخدام العنب والرمان سواء في حالة ومقام واحد أو في عدة مرات متتالية مع مرض الإمام ، يدل على إصراره على القتل بالسم واستعجال شهادة الإمام عليه السلام ، ولعله كل مرة تكون حسب ما رواه الراوي ، والمعروف أن المسموم يتأذى بالسم وهو ما حكته بعض الروايات كان يقوم ويقعد من شدة الألم فجاء الشامت يقول مغص المعدة لألم يده من الحجامة ، وفي كلها ترى أنه تأكيد السم الذي سقاه المأمون للإمام في غير مرة أو في مرة واحدة متعددة بأنواع من السم .

ويا يطب : قد أطلنا وذكرنا كل ما عثرنا عليه من كيفية الشهادة لتعرف أنه كان يخبر بأنه مسموم ، وإنه سمه المأمون لتأصل الغدر والخيانة وعدم الوفاء وبالعهد والوعد بينهم ، وكان لهم الأمر يسير بقتل أخص خواصهم لما يرون أنه يزاحم ملكهم أو يشعرون أنه يشاركهم في الحكم بتصرف ما .

وصلى الله على محمد وآل محمد : والسلام على علي بن موسى الرض المرتضى ، وجعلنا الله من زواره والمقتدين به ، وأن يحشرنا معه وآله صلى الله عليهم وسلم ، برحمته فإنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين.


 

الباب الرابع والعشرون

فضل زيارة إمام الإنس والجن أبى الحسن
على بن موسى الرضا صلوات الله عليه
وفضل مشهده

 

تقديم في فضل الزيارة :

يا طيب : الغرض من الزيارة هي إطاعة ما أمر الله تعالى به من إظهار المودة ، وأداء التحية والسلام والصلاة على من طهرهم واصطفاهم ، ونشكرهم على صبرهم وثباتهم حتى عرفونا ما أحب الله لنا من العبودية والطاعة بصراط مستقيم ، وكما أحب الله لنا من دينه الذي أظهره سبحانه بتعاليمهم وسيرتهم وسلوكهم وأحاديثهم وكل ما أقروه لنا علما وعملا ، وبهذا نقر لله بالعبودية والأئمة بالطاعة ، وبقربهم نستغفر الله تعالى ونصلي ونسلم عليهم كما أمرنا ، ونتعلم منهم هدى الله والثبات على دينه والصبر على طاعته في جميع الواجبات وما أحب لنا ، والانتهاء عما حرم وكره لينا ، وبهذا نحصل على الإيمان المستقر واليقين المطمئن بفضل الله ورضاه والإخلاص له بما أحب لنا .

ويا طيب : إن الله تعالى يكرم كل شيء حسب شأنه ، كما كرم الأحجار الكريمة من الدر والياقوت والعقيق وغيرها ، لأنها أول البقاع التي آمنت وسجد لله طوعا ، كذلك يكرم البقاع التي ثوى بها المراقد الطاهرة لمن أول من أطاعه وأخلص لله تعالى وأختارها لهم مثوى ، وجعل فيها للصلاة ثواب مضاعف ، والدعاء مقبول سريع الإجابة ، والأهم الكون قرب أولياءه وسؤالهم الدعاء لنا ، فإنهم مجابي الدعوة ، وهم ألطف بنا من أنفسنا ويحبون كل الخير لنا ، فمن يطيعهم وقتدي بهم ، ثم يسلم ويصلي عليهم ، يكون معهم من الشهداء والصديقين وحسن أولياءك رفيقا .

ويا طيب : إن الله تعالى وعدنا بإجابة الدعاء بمجرد الدعاء مخلصين في كثير من الآيات، وقبول التوبة بالاستغفار ، والبركة بالتقى وإخلاص العبودية ، وهذه المعاني تتحقق بأعلى حقائقها عندما نكون قرب من قدسهم الله وطهرهم ، وطيبهم وجعلهم أئمة هدى ومعلمي دينه ، وولاة لأمره وحججه على عباده ، وأئمة حق ينطقون بالصواب ، وعلماء بالكتاب راسخون بتفسيره وتأويله وبيانه ، فبقربهم يحصل القرب من الله والإخلاص في طاعته والتوبة الحقيقية ، وترفض النفس والروح والعقل والتفكير كل ظلم وجور وطغيان ، فيخلص الإنسان من كل رذيلة تمنع من القرب من الله وقبول الدعاء والاستغفار ، فضلا عن دعاء نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين لنا .

ويا طيب : فما ترى من فضائل لزيارة الأئمة بصورة عامة هي حقيقة ثواب الطاعة وشكر الله على الإخلاص له بهدى حبه وأمر به ، والابتعاد عن فكر الطغاة والظلمة وجورهم ، وفكر وعاظهم ومن خدمهم ، وبهذا نكون مع المصطفين الأخيار بأعلى ثواب وأجل مقام وأفضل نعيم .

وبعد ما عرفنا : بعض أهمية الزيارة لآل محمد عليهم السلام ، نذكر أهم فضائل وثواب زيارة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام  وآثارها وفوائده ، بعد ما عرفت أهمية الدعاء قرب أولياء الله وما يعطونا من الهمة حين معرفتهم بم يجب من حق لهم أوجبه الله علينا ، من ضرورة الطاعة للإمام والتسليم له والسلام والصلاة عليه والاستغفار عنه ، وشكره وشكر الله على ما وفق من عبوديته وطاعة أولياء أمره .

 

فضل طوس وتربتها :

يا طيب : فضل الله تربة طوس لمحل حجة الله ورباني آياته الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ، وهي من البقاع المقدسة ، ونذكر هنا بعض الفضائل ، وسيأتي في أحاديث آتية ، أنها مهبط الملائكة ، وأن روضة من رياض الجنة ، وخصائص أخرى ستراها ، فتدبرها فيما يأتي :

عن محمد بن سليمان زرقان ، عن علي بن محمد العسكري عليه السلام قال : قال لي :

يا زرقان : إن تربتنا كانت واحدة ، فلما كان أيام الطوفان ، افترقت التربة ، فصارت قبورنا شتى ، والتربة واحدة .

وسائل الشيعة ج14ص561 ب83ح19826-1 التهذيب ج6ص 109؛ 194.

و  عن محمد بن الفضيل قال : قال الصادق عليه السلام :

أربع بقاع : ضجت إلى الله من الغرق أيام الطوفان :

البيت المعمور فرفعه الله إليه ، والغري ، وكربلاء ، وطوس .

وسائل الشيعة ج14ص561 ب83ح  19827 2 عن التهذيب 6 : 110 ؛ 196. بحار الأنوار ج95 ص39 ب 4ح 38فرحة الغري ص 70 .

 

استحباب السفر لزيارة مراقد الأئمة:

يا طيب : يستحب السفر لزيارة الأئمة من آل محمد عليهم الصلاة والسلام ، وذلك لإداء الواجب من شكر المخلوق الذي طهره الله واصطفاه لتعليم هداه ، وإثبات الإقرار له بالمودة والطاعة كما أمر الله تعالى ، وهو في الحقيقة شكر لله سبحانه وعبودية له .

عن ياسر الخادم قال : قال علي بن موسى الرضا عليه السلام :

لا تشد الرحال : إلى شيء من القبور ، إلا إلى قبورنا .

ألا وإني مقتول بالسم ظلما ومدفون في موضع غربة ، فمن شد رحله إلى زيارتي استجيب دعاؤه وغفر له ذنوبه.

وسائل الشيعة ج14ص562 ب84ح 19828 1 عن ، الخصال : 143 ؛ 167 ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 254 ؛ 1. بحار الأنوار ج95 ص36 ب 4ح 21 عن عيون الأخبار ج 2 ص 254 والخصال ج 1 ص 94.

 

استحباب اختيار زيارة الرضا :

يا طيب : عقد الحر العاملي رحمه الله الباب في استحباب تقديم زيارة الإمام الرضا على الإمام الحسين عليه السلام لما فيه من الروايات ، ومن المعروف إن زيارة الحسين عليه السلام هي لها الاستحباب المؤكد ، ويمكن توجيه الأحاديث وتنبيه لمعناها بأمور منها ، هو لمن لم يزر الإمام الرضا وزار الإمام الحسين مكررا فتقدم زيارة الإمام الرضا ، أو أنه لبعد الشقة خلي مرقد الإمام الرضا عن الزوار وكثرة زوار الإمام الحسين عليه السلام فيستحب تقديم زيارة الإمام الرضا ، أو أنه يستحب مؤكد إن لم نقل واجب زيارة كل الأئمة للإقرار لهم بالطاعة وعدم التفرقة بينهم لم كان مرقده بعيد وبمشقه يوصل له أكدت زيارته والتنبيه لأهميتها ، كما أنه بعض المذاهب توقف على الإمام الكاظم كالواقفية ، أو الصادق كالإسماعيلية أو الإمام علي بن الحسين كالزيدية ، وبهذا يكون زيارة الإمام الرضا عليه السلام دليل وبيان لإطاعة جميع الأئمة والإقرار بهم جميعا ،  وهذه الأحاديث أيضا تنبه لهذه المعاني فتدبر :

 عن علي بن مهزيار قال قلت: لأبي جعفر الإمام الجواد عليه السلام :

جعلت فداك : زيارة الرضا عليه السلام أفضل ، أم زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام ؟

 فقال عليه السلام : زيارة أبي أفضل ، وذلك أن أبا عبد الله عليه السلام ، يزوره كل الناس ، وأبي لا يزوره إلا الخواص من الشيعة.

وسائل الشيعة ج14ص562 ب85ح 19829 1 عن الكافي 4 : 584 ؛ 1 ، وكامل الزيارات : 306 ، والتهذيب 6 : 84 ؛ 165 ، والفقيه 2 : 348 ؛ 1598، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 261 ؛ 26.كامل الزيارات ص 306 .   

وقال المجلسي بيان : لعل هذا مختص بهذا الزمان ، فان الشيعة كانوا لا يرغبون في زيارته إلا الخواص منهم الذين يعرفون فضل زيارته ، فعلى هذ التعليل يكون في كل زمان يكون إمام من الأئمة أقل زائرا يكون ثواب زيارته أكثر .

أو المعنى : أن المخالفين أيضا يزورون الحسين عليه السلام ، ولا يزور الرضا إلا الخواص وهم الشيعة فيكون من بيانية ، أو المعنى أن من فرق الشيعة لا يزوره إلا من كان قائلا بإمامة جميع الأئمة ، فان من قال بالرضا عليه السلام لا يتوقف فيمن بعده ، والمذاهب النادرة التي حدثت بعده زالت بأسرع زمان ولم يبق لها أثر . بحار الأنوار ج95 ص38 ب 4ح 34 و35

 

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال :

 يقتل لهذا : وأومأ بيده إلى موسى ، ولد بطوس .

 لا يزوره : من شيعتنا ، إلا الأندر فالأندر.

وسائل الشيعة ج14ص563 ب85ح 19830_ 2 وبحار الأنوار ج95 ص35 ب 4ح 19 عن عيون أخبار الرضا ج 2 ص 259 .

 

وعن عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال :

قلت : لأبي جعفر الجواد عليه السلام : قد تحيرت بين زيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام وبين زيارة أبيك عليه السلام بطوس ، فما ترى ؟

فقال لي : مكانك ، ثم دخل وخرج ودموعه تسيل على خديه ، فقال : زوار أبي عبد الله عليه السلام كثيرون ، وزوار قبر أبي بطوس قليلون.

وسائل الشيعة ج14ص563 ب85ح  19831 3 عن عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 256 ؛ 8.

 

استحباب اختيار زيارة الرضا على الأئمة :

عن يحيى بن سليمان المازنى ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام ـ في حديث ـ قال :

من زار : قبر ولدي علي  وبات عنده ليلة ، كان كمن زار الله في عرشه.

قلت : كمن زار الله في عرشه ؟

 فقال : نعم ، إذا كان يوم القيامة كان على عرش الرحمن أربعة من الاولين ، وأربعة من الآخرين ، فأما الأربعة الذين هم من الأولين : فنوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى عليهم السلام .

وأما الأربعة من الآخرين : محمد وعلي والحسن والحسين عليهم السلام .

 ثم يمد الطعام ـ المضمار ـ فيقعد معنا زوار قبور الأئمة .

 إلا أن أعلاهم درجة : وأقربهم حبوة، زوار قبر ولدي علي عليه السلام .

وسائل الشيعة ج14ص564 ب86ح  19832 1عن الكافي 4 : 585 ؛ 4 ، والتهذيب 6 : 84 ؛ 167 ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 259 ؛ 20 ، وأمالي الصدوق : 105 ؛ 6.

والمضمار : الموضع الذي تضمر فيه الخيل ، ولعل المراد : ميدان السباق. انظر مجمع البحرين ـ ضمر ـ 3 : 375 . بحار الأنوار ج95 ص35 ب 4ح 16 عن عيون أخبار الرضا ج 2 ص 295 وأمالي الصدوق ص 120. بحار الأنوار ج95 ص41 ب 4ح 46 عن كامل الزيارات ص 307 وفيه ثم يمد المضمار .

قال المجلسي بيان : قوله ثم يمد المضمار : المضمار ميدان السباق والذي يضم رفيه الخيل ، ولعله كناية عن المجلس عبر به عنه لسعته . وفي بعض النسخ : المطمار والمطمار والمطمر خيط للبناء يقدر به ويؤيده ما مر سابقا ، ولعل مده ليدخل فيه من كان من أوليائهم  ويخرج عنه مخالفوهم وفي بعض نسخ الكافي ثم يمد الطعام .

والحبوة : العطية ، والحبوة ايضا الاحتباء بالثوب بأن يجمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ، وهنا يحتمل المعنيين . بحار الأنوار ج95 ص42 ب 4ح 47 .


 

زيارة الإمام أفضل من الحج والعمرة المستحب :

يا طيب : الله تعالى أوجب الحج ، وجعل ما بعد حجة الإسلام مستحب زيارة بيته الحرام في أيام الحج والعمرة ، ولكن يجب على المؤمن أن يعرف هداه وأحاكمه وعبوديته من أئمة حق وحجج الله الصادقين ، حتى يتم حجه ويقبل ، ولذا يستحب مؤكدا زيارة الأئمة من آل محمد عليهم السلام والإقرار لهم بفضل الله عليهم وعلين إذ عرفنا بهم ، وإنه تجب طاعتهم وولايتهم ، وإن مراقدهم هي نور الله وصروح الأيمان والمعرفة لدينه الصادق وعبوديته المخلصة ، وبهذا المعنى ترتفع معالي الأجر وتشمخ مصاديق الثواب ، فتكون معادلة لآلاف الحج والعمرة المستحبة ، لأن بيت الله لا يخلو و يزوره الجميع العارف بالحق وغيره ، ومراقد الأئمة يدعو بها الله بها المخلصون العارفون المتبعون لمن اصطفاهم وأختارهم الله تعالى لتعليم دينه بالهدى الحق ، وتدبر الأحاديث الآتية :

عن محمد بن يعقوب بإسناده عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال :

 من زار قبر ولدي علي : كان عند الله كسبعين حجة مبرورة .

 قال : قلت : سبعين حجة ؟

 قال : نعم وسبعين ألف حجة ؟

قال : قلت : سبعين ألف حجة ؟

 قال : رب حجة لا تقبل ، من زاره وبات عنده ليلة كان كمن زار الله في عرشه ... الحديث.

وسائل الشيعة ج14ص565 ب87ح 19833 1 عن الكافي 4 : 585 ؛ 4.

 

وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال :

 قرأت في كتاب أبي الحسن الرضا عليه السلام :

 أبلغ شيعتي : أنّ زيارتي تبلغ ـ تعدل ـ عند الله عزّ وجلّ ألف حجة .

 قال : فقلت لأبي جعفر عليه السلام : ألف حجة ؟

قال : أي والله وألف ألف حجة ، لمن زاره عارفا بحقه.

وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر مثله ، إلا أنه قال :

 ألف حجة وألف عمرة متقبلات كلها.

 وسائل الشيعة ج14ص566 ب87ح   19835 3 عن الفقيه 2 : 349 ؛ 1599 ، والتهذيب 6 : 85 ؛ 168 ، ثواب الأعمال : 123 ؛ 3 ، وأمالي الصدوق : 61 ؛ 9 ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 257 ؛ 10 ، بشارة المصطفى : 22. وبحار الأنوار ج95 ص33 ب 4ح4و5و6  عن أمالى الصدوق وكامل الزيارات ص 306 وبشارة المصطفى والأمالي .

 

زيارة الإمام الرضا كزيارة رسول الله والأئمة :

عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :

 إن بخراسان لبقعة : يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة ، فلا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد إلى أن ينفخ في الصور .

 فقيل له : وأية بقعة هذه ؟

فقال : هي بأرض طوس ، وهي والله روضة من رياض الجنة .

من زارني في تلك البقعة :  كان كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله ، وكتب الله تعالى له ثواب ألف حجة مبرورة ، وألف عمرة مقبولة ، وكنت أن وآبائي شفعاءه يوم القيامة .

وسائل الشيعة ج14ص567 ب87ح  19836 4 عن 4 ـ الفقيه : 2 : 351 ؛ 1610 ، وأمالي الصدوق : 61 ؛ 7 ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 255 ؛ 5 ، والتهذيب 6 : 108 ؛ 190 ، بحار الأنوار ج95 ص31 ب 4ح 2وأنظر ص44 ب 4ح 51.

 

وعن ابن الفضل الهاشمي ، عن الإمام الصادق عليه السلام ـ في حديث ـ يتضمن النص على الرضا عليه السلام والأخبار بقتله ـ إلى أن قال ـ :

ألا فمن زاره : في غربته ، وهو يعلم أنه إمام بعد أبيه مفترض الطاعة من الله عزّ وجلّ ، كان كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

وسائل الشيعة ج14ص551 ب82ح  19801 4 ، التهذيب 6 : 108 ؛191 ، أمالي الصدوق : 470 ؛ 11.

 

وعن سليمان ابن حفص المروزي قال : سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام يقول :

 إن ابني عليا : مقتول بالسم ظلما ، ومدفون إلى جنب هارون بطوس ، من زاره كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله .

 وسائل الشيعة ج14ص558 ب82ح19817 20  عن عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 260 ؛ 23. بحار الأنوار ج95 ص38 ب 4ح 32 ، عن عيون الأخبار ج 2 ص 260 .

 

وعن عبد الله بن الفضل قال :

كنت عند أبي عبد الله الصادق عليه السلام : فدخل عليه رجل  من أهل طوس ، فقال له : يا ابن رسول الله ما لمن زار قبر أبي عبد الله الحسين بن  علي عليه السلام ؟

فقال له : يا طوسي من زار قبر أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام ،  وهو  يعلم أنه إمام من الله مفترض الطاعة على العباد ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وقبل شفاعته في سبعين مذنبا ، ولم يسأل الله عز وجل عند قبره حاجة إلا قضاها له . 

قال : فدخل موسى بن جعفر عليه السلام فأجلسه على فخذه ، وأقبل يقبل ما بين عينيه ، ثم التفت اليه .

 فقال له : يا طوسي إنه الامام والخليفة والحجة بعدي ، وانه سيخرج من صلبه رجل يكون رضى لله عز وجل في سمائه ولعباده في أرضه .

 يقتل في أرضكم : بالسم ظلما وعدوانا ، ويدفن بها غريبا .

ألا فمن زاره : في غربته ، وهو يعلم أنه إمام بعد أبيه ، مفترض الطاعة من الله عز وجل ، كان كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله .

 أمالي الصدوق ص 587 . بحار الأنوار ج95 ص42 ب 4ح 50.

 

 وفي ثواب الأعمال قال : قال الصادق عليه السلام :

من زار : واحدا منا ،  كمن زار الحسين عليه السلام .

وسائل الشيعة ج14ص568 ب87ح19838 6 ، وثواب الأعمال : 123 ؛ ذيل الحديث 3.

 

زيارة الإمام الرضا تغفر الذنوب وتكشف الكروب :

عن أبي الصلت الهروي قال :

كنت عند الرضا عليه السلام  : فدخل عليه قوم من أهل قم فسلمو عليه فرد عليهم وقربهم ، ثم قال لهم الرضا عليه السلام : مرحبا بكم وأهل ، فأنتم شيعتنا حقا ، وسيأتي عليكم زمان تزورون فيه تربتي بطوس.

ألا فمن زارني : وهو على غسل ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمه.

وسائل الشيعة ج14ص569 ب88ح 19839_ 11و بحار الأنوار ج95ص49 ب 5ح 6 .عن عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 260 ؛ 21.

 

وعن الصقر بن دلف قال :

سمعت سيدي علي الهادي بن محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول :

 من كانت له إلى الله حاجة : فليزر قبر جدي الرضا عليه السلام بطوس وهو على غسل ، وليصل عند رأسه ركعتين ، وليسأل الله تعالى حاجته في قنوته ، فإنه يستجيب له ، ما لم يسأل مأثما ـ مآثم ـ أو قطيعة رحم .

إن موضع قبره : لبقعة من بقاع الجنة ، لا يزورها مؤمن ، إل أعتقه الله تعالى من النار ، وأدخله  ـ وأحله ـ دار القرار.

وسائل الشيعة ج14ص569 ب88ح 19840 2 وبحار الأنوار ج95ص49 ب 5ح 3،عن عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 262 ؛ 32 ، وأمالي الصدوق : 471 ؛ 12.

 

وعن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر الجواد عليه السلام ، عن أبيه وجده ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله :

ستدفن بضعة مني : بخراسان.

ما زارها مكروب : إلا نفس الله كربته ، ولا مذنب إلا غفر الله ذنوبه .

 بحار الأنوار ج95 ص33 ب 4ح 10عن عيون الأخبار ج 2 ص 257 وأمالي الصدوق ص 119، وسائل الشيعة ج14ص551 ب82ح 19805 8 عن الفقيه 2 : 349 ؛ 1604.وسائل الشيعة ج14ص557 ب82ح19814 17 عن عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 257 ؛ 14 ، وأمالي الصدوق : 104 ؛ 2.

 

وعن أحمد بن محمد ، عن الوشاء قال : قال الرضا عليه السلام :

 إني سأقتل بالسم مظلوما : فمن زارني عارفا بحقي ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

وسائل الشيعة ج14ص558 ب82ح 19818 _21  وبحار الأنوار ج95 ص38 ب 4ح 33 .  عن عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 261 ؛ 27.

وعن حمدان بن إسحاق النيسابوري قال قلت : لأبي جعفر الثاني عليه السلام :  ما لمن زار قبر أبيك بطوس ؟

فقال : من زار قبر أبي غفر الله له ، ما تقدم من ذنبه وم تأخر.

وسائل الشيعة ج14ص560 ب82ح  19825 28 عن المقنعة : 74.

 

وعن النعمان بن سعد ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال :

 سيقتل رجل من ولدي : بأرض خراسان بالسم ظلما ، اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم موسى بن عمران  عليه السلام ، ألا فمن زاره في غربته ، غفر الله له ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر ، ولو كانت مثل عدد النجوم وقطر الأمطار وورق الأشجار.

 وسائل الشيعة ج14ص554 ب82ح 19806 _ 9 عن الفقيه 2 : 349 ؛ 1605، أمالي الصدوق : 104 ؛ 5 ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 258 ؛ 17. بحار الأنوار ج95 ص34 ب 4ح 11عن عيون الأخبار وأمالي الصدوق.


 

من زار الإمام زاره ووجبت له الشفاعة :

عن عبد السلام بن صالح قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول :

 إني سأُقتل بالسم مظلوما : وأُقبر إلى جنب هارون الرشيد ، ويجعل الله عزّ وجلّ تربتي مختلف شيعتي وأهل محبتي .

 فمن زارني : في غربتي ، وجبت له زيارتي يوم القيامة .

والذي أكرم محمدا صلى الله عليه وآله : بالنبوة ، واصطفاه على جميع الخليقة ، لا يصلي أحد منكم عند قبري ـ ركعتين  ـ إلا استحق المغفرة من الله عزّ وجلّ يوم يلقاه.

والذي أكرمنا بعد محمد صلى الله عليه وآله : بالإمامة ، وخصن بالوصية ، إن زوار قبري لأكرم الوفود على الله عزّ وجلّ يوم القيامة ، وما من مؤمن يزوروني فتصيب وجهه قطرة من الماء إلا حرم الله جسده على النار.

وسائل الشيعة ج14ص559 ب82ح 19820 23عن عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 226 ؛ 1. بحار الأنوار ج95 ص36 ب 4ح 23عيون أخبار الرضا ج 2 ص 256 .

وعن عبد السلام بن صالح الهروي عن الرضا عليه السلام ـ في حديث ـ :

إنه دخل القبة : التي فيها قبر هارون في دار حميد ابن قحطبة ، ثم قال : هذه تربتي وفيها أُدفن ، وسيجعل الله هذا المكان مختلف شيعتي وأهل محبتي .

 والله لا يزورني منهم زائر : ولا يسلم علي منهم مسلم ، إل وجب له غفران الله ورحمته بشفاعتنا أهل البيت .

 ثم استقبل القبلة : فصلى ركعات ودعا بدعوات ، فلما فرغ سجد سجدة طال مكثه فيها ، فأحصيت له خمسمأة تسبيحة ، ثم انصرف.

وسائل الشيعة ج14ص559 ب82ح 19821 24عن عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 136 ؛ 1 ، وأورد ذيله في الحديث 5 من الباب 2 من أبواب سجدتي الشكر. بحار الأنوار ج95 ص36 ب 4ح 22عن عيون الاخبار ج 2 ص 136 .

 

من زار الرضا حرم جسده على النار:

عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال : سمعت محمد الجواد بن علي الرضا عليه السلام يقول :

 ما زار أبي عليه السلام : أحد ، فأصابه أذى من مطر أو برد أو حر ، إلا حرم الله جسده على النار.

 وسائل الشيعة ج14ص560 ب82ح 19822_25 وبحار الأنوار ج95 ص36 ب 4ح 20. عن  أمالي الصدوق : 521 ؛ 1.

 

وعن سهل بن زياد ، عن عبد العظيم الحسني قال : سمعت علي الهادي بن محمد العسكري عليهما السلام يقول :

 أهل قم وأهل آبه : مغفور لهم ، لزيارتهم لجدي علي بن موسى الرضا عليه السلام بطوس ، ألا فمن زار فأصابه في طريقه قطرة من السماء ، حرم الله جسده على النار.

وسائل الشيعة ج14ص558 ب82ح 19816_ 19 ، وبحار الأنوار ج95 ص38 ب 4ح 31 عن عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2 ص260 ؛ 22 ، آبه : قرية قريبة من قم .

 

زائر الإمام كالمنفق قبل الفتح :

عن الحسين بن زيد ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال :

 سمعته يقول : يخرج رجل من ولد موسى أسمه اسم أمير المؤمنين عليه السلام ، فيدفن بأرض طوس ـ وهي من خراسان ـ يقتل فيها بالسم ، فيدفن فيه غريبا ، فمن زاره عارفا بحقه ، أعطاه الله عزّ وجلّ أجر من أنفق من قبل الفتح وقاتل.

وسائل الشيعة ج14ص553 ب82ح 19803_ 6 ، وبحار الأنوار ج95 ص33 ب 4ح 9 . عن الفقيه 2 : 349 ؛ 1600 ، في المصدر عن أبي عبد الله عليه السلام ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 255 ؛ 3 ، وأمالي الصدوق : 103 ؛ 1.

 

زائر الإمام الرضا مع الشهداء :

يا طيب : مرت أحاديث من زار أئمة الحق فهو معهم ، وهم مع رسول الله ، والشهداء عل الحق مع أئمة الحق ، وكلا له مقامه وقربه حسب إخلاصه ومعرفته بالحق ودفاعه عنه وعن أهله ، وهذا أحاديث تعرف هذا المعنى فتدبر :

عن حمزة بن حمران قال : قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام :

تقتل حفدتي : بأرض خراسان في مدينة ، يقال لها : طوس ، من زاره إليها عارفا بحقه أخذته بيدي يوم القيامة وأدخلته الجنة ، وإن كان من أهل الكبائر .

قلت له : جعلت فداك ، وما عرفان حقه ؟

قال عليه السلام : يعلم ـ تعلم ـ أنه إمام مفترض الطاعة غريب شهيد .

من زاره عارفا بحقه : أعطاه الله عزّ وجلّ أجر سبعين شهيد ممن استشهد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حقيقة.

 وسائل الشيعة ج14ص554 ب82ح 19807 _ 10 وبحار الأنوار ج95 ص35 ب 4ح 17و18 .عن الفقيه 3 : 350 ؛ 1607، عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 259 ؛ 18،  أمالي الصدوق : 105 ؛ 8 .

 

عن علي بن عبد الله بن قطرب ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام  قال :

 مر به ابنه : وهو شاب حدث وبنوه مجتمعون عنده .

فقال : إن ابني هذا  يموت في أرض غربة ، فمن زاره مسلما لأمره عارفا بحقه ، كان عند الله عز وجل كشهداء بدر .

بحار الأنوار ج95 ص41 ب 4ح 43 عن كامل الزيارات ص 304.

 

وعن حمزة بن حمران قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :

من زاره عارفا بحقه : أعطاه الله عزّ وجلّ أجر سبعين شهيد ممن استشهد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حقيقة.

 وسائل الشيعة ج14ص554 ب82ح19807_10 عن الفقيه 3 : 350 ؛ 1607، عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 259 ؛ 18،  أمالي الصدوق : 105 ؛ 8 .

 

زائر الإمام الرضا في زمرته في الدرجات العلى :

عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول :

والله : ما منا إلا مقتول شهيد.

 قلت : ومن يقتلك يا بن رسول الله ؟

قال : شر خلق الله في زماني ، يقتلني بالسم ثم يدفنني في دار مضيعة وبلاد غربة ، ألا فمن زارني في غربتي  .

كتب الله عزّ وجلّ له : أجر مائة ألف شهيد ، ومائة ألف صدّيق ، ومائة ألف حاج ومعتمر ، ومائة ألف مجاهد .

 وحشر في زمرتنا : وجعل في الدرجات العلى من الجنة رفيقنا.

 وسائل الشيعة ج14ص568 ب87ح  19837 5 عن الفقيه ج2ص351 ؛ ح1609 ، وعيون أخبار الرضا ج2ص256ح9 ، وأمالي الصدوق ص61 ؛ 8.

 

لزائر الرضا له أجمل مواقف يوم القيامة :

عن حمدان  الدسوائي قال : دخلت على أبي جعفر الثاني عليه السلام فقلت له : ما لمن زار أباك بطوس ؟

 فقال عليه السلام : من زار قبر أبي بطوس ، غفر الله له م تقدم من ذنبه وما  تأخر .

 قال حمدان : فلقيت بعد ذلك أيوب بن نوح بن دراج .

 فقلت له : يا أبا الحسين  إني سمعت مولاي أبا جعفر عليه السلام يقول : من زار قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .

فقال أيوب : وأزيدك فيه ؟

 قلت : نعم .

فقال : سمعته يقول : - يعني أبا جعفر عليه السلام - من زار قبر أبي بطوس ، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .

فإذا كان يوم القيامة : نصب له منبر بحذاء منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ، حتى يفرغ الله من حساب  الخلائق .

بحار الأنوار ج95 ص40 ب 4ح 40عن كامل الزيارات ص 304 .

 

وعن علي بن إبراهيم الجعفري روى مثله عن أيوب قال : قال أبو جعفر عليه السلام : من زار قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

 قال : فحججت بعد الزيارة ، فلقيت أيوب بن نوح ، فقال لي :

 قال أبو جعفر الثاني عليه السلام :  من زار قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .

 وبنى الله له منبرا : حذاء منبر محمد وعلي عليهما السلام حتى يفرغ الله من حساب الخلائق .

 فرأيته : وقد زار ، فقال : جئت أطلب المنبر.

وسائل الشيعة ج14ص550 ب82ح 19798 1عن الكافي 4 : 585 ؛ 3.

 

وعن البزنطي قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول :

ما زارني  أحد  : من أوليائي ، عارفا بحقي ، إلا تشفعت فيه يوم القيامة .

 بحار الأنوار ج95 ص33 ب 4ح 7 ، 8. عيون الأخبار ج 2 ص 258و أمالي الصدوق ص 119 ، ووسائل الشيعة ج14ص551 ب82ح ( 19802 5عن الفقيه 2 : 349 ؛ 1601، والأمالي الصدوق : 104 ؛ 4 ، وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام 2 : 258 ؛ 16.

 

الرضا يخلص زائره في ثلاث مواطن :

عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال : قال الرضا عليه السلام :

من زارني : على بعد داري ومزاري ، أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن ، حتى أخلصه من أهوالها :

إذا تطايرت الكتب : يمينا وشمالا ، وعند الصراط ، وعند الميزان.

وسائل الشيعة ج14ص551 ب82ح19799_2 ، عن التهذيب 6 : 85 ؛ 169 ، وكامل الزيارات : 304 ، المقنعة : 74 ،الفقيه 2 : 350 ؛ 1606، عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 255 ؛ 2، أمالي الصدوق : 106 ؛ 9 ، والخصال : 167 ؛ 220.بحار الأنوار ج95 ص34 ب 4ح 13، 14.

وفي حديث آخر عنه : من زارني على بعد داري وشطون مزاري .. والباقي مثله

 بحار الأنوار ج95 ص40 ب 4ح 40 عن كامل الزيارات ص 304 . وشطن عنه بعد وبئر شطون بعيدة القعر .

 

لزائر الرضا الشفاعة من النبي والأئمة :

عن علي بن الحسن بن  فضال ، عن أبيه ، عن الرضا عليه السلام أنه قال له رجل من أهل خراسان :

 يا ابن رسول الله : رأيت رسول الله صلى الله عليه واله في المنام كأنه ، يقول لي : كيف أنتم إذا دفن في أرضكم  بعضي ، فاستحفظتم وديعتي ، وغيب في ثراكم نجمي ؟

فقال له الرضا عليه السلام :

أنا المدفون في أرضكم : وأنا بضعة من نبيكم ، وأنا الوديعة والنجم .

 ألا فمن زارني : وهو يعرف ما أوجب الله تبارك وتعالى من حقي وطاعتي ، فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ، ومن كنا شفعاءه يوم القيامة نجا ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجن والإنس . 

ولقد حدثني أبي عن جدي : عن أبيه ، عن آبائه عليهما السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله قال :

من رآني في منامه : فقد رآني ، لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي ، ولا في صورة أحد من شيعتهم ، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة  . 

 عيون الأخبار ج 2 ص 257 والأمالي ص 64 . بحار الأنوار ج95 ص32 ب 4ح 3 . وسائل الشيعة ج14ص555 ب82ح 19808 11عن الفقيه 2 : 350 ؛ 1608 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 263 ؛ 33 ، وأمالي الصدوق : 61 ؛ 10.

 

وعن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه قال : 

سمعت الرضا عليه السلام يقول : إني مقتول ومسموم ومدفون بأرض غربة ، أعلم ذلك بعهد عهده إلى أبي ، عن أبيه عن آبائه ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله : ألا فمن زارني في غربتي ، كنت أنا وآبائي شفعاءه يوم القيمة ، ومن كنا شفعاءه نجى ولو كان عليه مثل وزر الثقلين. 

بحار الأنوار ج95 ص34 ب 4ح15 عن عيون الأخبار ج 2 ص 263 والأمالي ص 611.

 

وعن الحسن بن علي الوشاء قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول‏ : إن لكل إمام عهدا في عنق أوليائه و شيعته ، و إن من تمام الوفاء بالعهد و حسن الأداء .

زيارة قبورهم : فمن زارهم رغبة في زيارتهم ، و تصديقا بما رغبوا فيه ، كان‏ أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة.

علل الشرائع ج2ص459ب221ح3 .

 

الأمن والجنة لزائر الإمام الرضا :

عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال :

سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول :

إن بين جبلي طوس : قبضة قبضت من الجنة .

من دخلها  : كان آمنا يوم القيامة من النار.

 وسائل الشيعة ج14ص556 ب82ح 19810 13 عن الفقيه 2 : 349 ؛ 1602 ، والتهذيب 6 : 109 ؛ 192.

 

وفي الفقيه بسنده قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وآله :

 ستدفن بضعة مني : ـ بأرض ـ بخراسان ، لا يزورها مؤمن .

 إلا أوجب الله  : له الجنة ، وحرم جسده على النار.

 وسائل الشيعة ج14ص555 ب82ح 19809 _12 ،  الفقيه 2 : 351 ؛ 1611 .

 

وعن داود الصرمي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال : سمعته يقول : من زار أبي عليه السلام ، فله الجنة  .

وسائل الشيعة ج14ص551 ب82ح 19800 3 ، التهذيب 6 : 85 ؛ 170. بحار الأنوار ج95 ص40 ب 4ح 39 و40 عن كامل الزيارات ص 303 .

 

وعن عبد العظيم بن عبد الله الحسني وقال أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام :

ضمنت : لمن زار قبر أبي عليه السلام بطوس ، عارفا بحقه ، الجنة على الله عزّ وجلّ.

وسائل الشيعة ج14ص556 ب82ح( 19811 14 عن ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام 2 : 256 ؛ 7. ووسائل الشيعة ج14ص553 ب82ح 19804_ 7 عن الفقيه 2 : 349 ؛ 1603.

وعن عبد الرحمن بن أبي نجران قال :

سألت : أبا جعفر عليه السلام ما لمن زار أباك ؟

 قال : الجنة ، والله.

وسائل الشيعة ج14ص556 ب82ح 19812_ 15 وبحار الأنوار ج95 ص37 ب 4ح عن 28 ، عن عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 257 ؛ 12 ، فيه : زار والدك هامش المخطوط.

 

 

عن علي بن أسباط قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام :

 ما لمن : زار أباك عليه السلام بخراسان ؟

قال : الجنة والله ، الجنة والله.

 وسائل الشيعة ج14ص557 ب82ح 1981316عن عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 257 ؛ 13.  بحار الأنوار ج95 ص37 ب 4ح 28.

 

وعن علي بن مهزيار قال : قلت لأبي جعفر  عليه السلام :

 ما لمن أتى قبر الرضا عليه السلام ؟

 قال : الجنة ، والله .

وسائل الشيعة ج14ص560 ب82ح 19823_ 26وبحار الأنوار ج95 ص39 ب 4ح 37 . عن ثواب الأعمال : 123 ؛ 2 ، كامل الزيارات : 306.

 

وعن زيد النرسي ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال :

من زار ابني هذا : وأومأ إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فله الجنة .

وسائل الشيعة ج14ص560 ب82ح19824 _27 عن كامل الزيارات : 306.

 بحار الأنوار ج95 ص41 ب 4ح 45عن كامل الزيارات .

 

 

زيارة الإمام الرضا توصل لدرجة رسول الله وآله :

عن علي بن إبراهيم الجعفري قال : …

حججت بعد الزيارة : فلقيت أيوب بن نوح فقال لي : قال أبو جعفر الثاني الجواد عليه السلام : من زار قبر أبي بطوس ،  غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وبنى الله له منبرا حذاء منبر محمد وعلي عليهم الصلاة والسلام حتى يفرغ الله من حساب الخلائق .

 فرأيته وقد زار فقال : جئت أطلب المنبر.

وسائل الشيعة ج14ص550 ب82ح 19798 _1عن الكافي 4 : 585 ؛ 3. بحار الأنوار ج95 ص41 ب 4ح 44عن كامل الزيارات ص 305 ، والكافي .

 

عن أيوب بن نوح قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن موسى  عليهم السلام يقول :

 من زار قبر أبي عليه السلام بطوس غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فإذا كان يوم القيامة نصب له منبر بحذاء منبر رسول الله  صلى الله عليه وآله حتى يفرغ الله من حساب عباده

في المصدر : حتى يفرغ الله تعالى من حساب العبادـ . وسائل الشيعة ج14ص557 ب82ح 19815_ 18وبحار الأنوار ج95 ص34 ب 4ح 12 . عن عيون أخبار الرضا  عليه السلام 2 : 259 ؛ 19 ، أمالي الصدوق : 105 ؛ 7.

وعن عبد السلام ابن صالح الهروي ـ في حديث دعبل ـ : أنّ الرضا  عليه السلام قال له :

 لا تنقضي الايام والليالي : حتى تصير طوس مختلف شيعتي وزواري .

ألا فمن زارني : في غربتي بطوس .

كان معي : في درجتي يوم القيامة ، مغفورا له .

وسائل الشيعة ج14ص558 ب82ح  19819 22 عن عيون أخبار الرضا  عليه السلام 2 : 264 ؛ 34. بحار الأنوار ج95 ص39 ب 4ح 38 عن عيون الأخبار ج 2 ص 264 .

يا طيب : المقامات حسب التعلم من هداهم معارف عظمة الله وعبوديته بإخلاص ، وإن العلم والعمل بتعاليم هدى آل محمد صلى الله عليهم وسلم والاقتداء بهم يوجب السير على الصراط المستقيم والحصول على رضا الله وكل نعيم  ، كما إن من أحب قوما حشر معهم ، ومن أحب عمل قوم أشرك فيه ، فلذا يكون زائرهم العارف بحق معهم مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا ، فجعلنا الله وإياكم من زائري آل محمد والمقتدين والسائرين على صراطهم .


الأيام التي يستحب بها الإمام لرضا:

يا طيب : زيارة الأئمة مستحبة سواء من القرب أو البعد لمن يستطيع ، ولكن لبعض الأزمنة كما للأمكنة حرمة خاصة ، وهي من أيام الله تعالى ، مثل أيام مواليد الأئمة والأعياد وشهاداتهم وأيام نزول الآيات الشريفة في حقهم وغيرها من المذكورة في كتب المناسبات ، ولكل يوم له خصائصه وشأنه وأعماله ، وكذ لزيارة الأئمة أوقات يضاعف فيها الثواب وتستحب الزيارة للأئمة حتى أنها لتفضل على العمرة والحج المستحب دون الواجب ، ومنها زيارة الإمام الرضا في رجب ، وذكرت أيض في أيام أخرى ستأتي :

عن محمد بن سليمان قال :

سألت أبا جعفر الجواد التقي عليه السلام : عن رجل حج حجة الإسلام فدخل متمتعا بالعمرة إلى الحج فأعانه الله على عمرته وحجه ، ثم أتى المدينة فسلم على النبي صلى الله عيه وآله .

 ثم أتاك : عارفا بحقك يعلم أنك حجة الله على خلقه وبابه الذي يؤتى منه ، فسلم عليك ، ثم أتى أبا عبد الله الحسين عليه السلام فسلم عليه ، ثم أتى بغداد فسلم على أبي الحسن موسى عليه السلام ، ثم انصرف إلى بلاده .

 فلما كان في وقت الحج : رزقه الله الحج ، فأيهما أفضل : هذا الذي : قد حج حجة الإسلام يرجع أيضا فيحج .

أو يخرج إلى خراسان: إلى أبيك علي بن موسى عليه السلام فيسلم عليه؟

قال عليه السلام : بل يأتي خراسان فيسلم على أبي الحسن عليه السلام أفضل ، وليكن ذلك في رجب ، ولا ينبغي أن تفعلوا هذا اليوم ، فإن علينا وعليكم من السلطان شنعة . 

وسائل الشيعة ج14ص565 ب87ح  19834 2 عن الكافي 4 : 584 ؛ 2 ، وكامل الزيارات : 305 ، والتهذيب 6 : 84 ؛ 166 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 258 ؛ 15.بحار الأنوار ج95 ص37 ب 4ح 29،30 عن عيون الأخبار و كامل الزيارات.

 

وقال المجلسي رحمه الله أقول : قد مضى بعض أخبار فضل زيارته عليه السلام في أبواب فضل زيارة الحسين عليه السلام ، وسيأتي بعضها في الباب الآتي ، ثم  أعلم أن زيارته عليه السلام في الأيام الفاضلة والأوقات الشريفة أفضل ، ول سيما الأيام التي لها اختصاص به عليه السلام .

 كيوم ولادته : وهو  11 حادي عشر ذي القعدة .

ويوم وفاته : وهو آخر شهر صفر ، أو 17 السابع  عشر منه ، أو 24 الرابع والعشرون من شهر رمضان .

ويوم بويع بالخلافة : وهو 1 أول شهر رمضان ، أو 6 السادس منه . 

وقال السيد ابن طاوس في كتاب الإقبال : 49 - روي أنه يصلى يوم 6 السادس من شهر رمضان ركعتان  ، كل ركعة بالحمد مرة وبسورة الخلاص خمسا وعشرين مرة، لأجل ما ظهر من حقوق مولانا الرضا عليه السلام فيه.

 الإقبال ص 373 .

 أقول : فيناسب إيقاع هذه الصلاة في روضته المقدسة بعد زيارته عليه السلام . 

وقال السيد أيضا في كتاب الاقبال : رأيت في بعض تصانيف أصحابن العجم رضوان الله عليهم أنه يستحب أن يزار مولانا الرضا عليه السلام .

يوم 23 الثالث والعشرين : من ذي القعدة من قرب أو بعد ببعض زياراته المعروفة ، أو بما يكون كالزيارة من الرواية بذلك انتهى .الإقبال ص 525 ، بحار الأنوار ج95 ص42 ب 4ح 50.

باب زيارات

الإمام الرضا عليه السلام

آداب الزيارة :

يا طيب : للزيارة آداب ، وبالخصوص لزيارة بيت الله الحرام ونبي الرحمة السيد المصطفى محمد بن عبد الله وآله الطيبين الطاهرين المعصومين صلى الله عليهم وسلم ، ولعلها تكون أكثر من آداب الذهاب للمسجد ، لأنه يستحب فيها النية تفصيلا تفكرا ، أو مجملة اعتقادا ، وأهم ما يركز النية ويفصلها هو قراءة الأحاديث في فضل زيارة أهل البيت عليهم السلام والتفكر فيها ، وطلب ما فيها من الثواب والقربة إلى الله وتفكر بالطاعة لأولي الأمر وعبوديته سبحانه وذلك لما أوجب وأمر وعلم وم طلب من السير إليه بصراط مستقيم بهدى المنعم عليهم بدينه ، والاقتداء بالمخلصين الطيبين الطاهري المصطفين الأخيار ممن جعلهم أئمة وقادة وسادة لعبادة من نبي الرحمة وآله صلى الله عليهم وسلم ، والكون من أنصارهم وأتباعهم والسير له بكل ما علموه بكل بما تعرف من وجودهم الطاهر وصفاتهم الحسنة وسيرتهم وأحاديثهم الكريمة .

ومنها : أنه قبل خروج الزائر الكريم وحتى من يحب أن يزور من بعد وهو في بيته ، يجب أن يعتقد أنه سيذهب فكرا أو مع السفر لزيارة إمام مفترض الطاعة معصوم من الخطأ ، علم بكل هدى الرب عامل بكل تعاليم الله ، لم يعصيه طرفة عين ، وقد أمر الله بوده في آية المودة بقول تعالى :

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُو وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

 قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى

 وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } الشورى .

فيبشر نفسه : بما في الآية الكريمة التي تتحدث من حبه آل محمد وبالخصوص المعصومين ، والاقتراب من القربى والنية على العمل بما علموه ، وقاصد أن يقترف حسنة بل وكرفها مضاعفة مزادة ، لأنه يقترب بالروح والمعنى والبدن من النبي وآله المخلصين لله الدين مودا محبا لهم عالما عاملا بتعاليمهم ، وبهذه الطاعة علم وعملا يتم غفران الذنوب وشكر السعي كمال علل سبحانه باسميه الكريمين ، وهو رض الله وغاية مراد المريدين وما تهفو له قلوب العارفين والمؤمنين المخلصين  ، وهذ ما يعطيه التدبر بالآية أعلاه .

وكذا أمرنا الله تعالى : بإتيان النبي وأولي الأمر بكل حاجة تعصى علينا ، وبالاستغفار عندهم للخلاص من المعاصي وموانع الرحمة ومن درن الذنوب وكل ما يحجب بركات الله ، ويعدنا لنزول فضله وكرمه ، وكما قال سبحانه :

 { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ  وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ

 وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) } محمد .

وعرفت : أن من يزور النبي وآله ويستغفر الله عندهم ، بعد إظهار إيمانه بما أحب الله من هداه عند المنعم عليهم ، فهم أيضا يستغفرون له لما أختار من الصراط المستقيم عندهم ، لأنهم أحياء عنده يرزقون ، وهم شهداء الأعمال ويشهدون لنا زيارتهم والاقتداء بهم ، ولله تعالى وعد استجابة الدعاء بآيات كثيرة ، وبهذ أمرنا الله أن نأتي النبي وآله فيستغفروا لنا كما عرفت وكما قال تعالى :

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ  لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ

 وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ

 جَآؤُوكَ

 فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ

 وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ

 لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا  رَّحِيمًا (64) فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا  مِّمَّا قَضَيْتَ

وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (65) ...

 وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ  النَّبِيِّينَ

 وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) .....

وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ

 وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ

وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ

 لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ

وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً (النساء83)  } النساء .

يا طيب : الله تعالى يأمرنا بأن نأتي النبي وآله لأنهم هم أولي الأمر ، ويجب أن نرد لهم أمورنا والتعلم منهم ، لأنهم مطهرون من كل شك وشبه وهم أجر الرسالة ومعارفها ، وهم المنعم عليهم بهدى الصراط المستقيم ، وأمرنا بمتابعتهم وطاعتهم ، والتعلم منهم برد كل أمر يعصى علينا ويصعب تحققه بدون مساعدة ، سواء طلب الدعاء لنا أو الاستغفار عندهم ، أو طلب هدى الله منهم ، وإن الرد إليهم لابد من إتيانهم وزيارتهم متعلمين منهم والطلب منهم ليطلبوا لنا من الله تعالى كل م نحتاجه ، لأنهم راسخون بالعلم ومجابي الدعوة ، كما عرفت بالآيات أعلاه ، وإلا لم يأمرنا الله تعالى بالرجوع لأولي الأمر ليستنبطوا لنا ما فيه صلاحنا ويرفعوا عن حوائجنا ، ويهدونا لما فيه خير الدنيا والآخرة وسعادتها ، ولذا بالإضافة للآيات أعلاه قال الله تعالى :

{ ... وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ  يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَ يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ (7) } آل عمران .

ولا راسخ في العلم : إلا من علمه الله هداه وجعله شاهد من الرسول ، وآيات الولاية والعلم لآل محمد كثيرة ويكفي التدبر بسورة القدر ، وقد شرحناها في بحث مفصل في الجزء الأول من صحيفة سادة الوجود من موسوعة صحف الطيبين ، فلهم علم كل أمر لآن الروح مختص بأولي الأمر وهم آل محمد ولا أحد يدعيها غيرهم أو يمكنه أن يفسرها بغيرهم .

ولذا يا طيب : من زارهم وأستغفر الله عندهم وطلب منهم كل خير من الله ، يشهدون له بالطاعة ويشفعون له عند الله ويستغفرون الله له ويطلبون له التوفيق لعبوديته بكل هداه مخلصا الله الدين ، وله كل كرامة ، ولذا قال الله تعالى :

{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ  فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم

 مِّنْ أَنفُسِهِمْ

 وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ

  وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ

 وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى

وَيَنْهَى عَنِ  الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) } النحل ، فالبشرى بكل خير من الله لمن يأتي القربى ويودهم كما في الآية أعلاه وآية مودة القربى ، فمن يشهد مراقدهم ويزورهم يشهدون له ، ويطلبون له كل خير ، ودعاء آل محمد كالنبي الأكرم وهم نفسه صلى الله عليه وآله ، كما بين سبحانه بأن دعائهم مستجاب ، في قوله تعالى :

{ فَمَنْ  حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ

نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا  وأَنفُسَكُمْ

 ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) } آل عمران.

فابتهالهم : صلى الله عليهم وسلم هو دعائهم ، ولولا أهمية حضورهم وشأنهم لما دعاهم الله مع النبي ولذهب وحده ، فهم آل النبي كالنبي ونفسه وأهله ، وطهرهم من كل شرك وشبه ، وجعلهم نور الهدى وصراطه المستقيم ونعيمه الحق ، ولذا بالإضافة لما عرفت من أنهم يشهدون كل الخلقة والعباد من مقامهم الأسمى ، والخصوص من يشهد مشاهدهم بالزيارة لهم ، بل حتى من بعد ممن يدعوا لهم ويسلم عليهم ويسلم لهم ويستلم منهم هداه ، ولذا سبحانه بالإضافة للطلب منهم والاستغفار عندهم ، يجب أن نصلي ونسلم عليهم كما في قوله تعالى :

{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى  النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) } الأحزاب .

ويا طيب : هذا هو معنى الزيارة لأهل البيت ، فتدبر نصوص الزيارة ، ترى فيها ما ذكرنا من المعنى والبيان بأعلى أسلوب وأمتن معنى ، وكله حكمة بليغة وموعظة حسنة ، وهدى حق ودين صادق ، يعرف ما أمر الله به وما يسعدنا بزيارتهم والإقرار لهم بالطاعة والولاية والإمامة والسيادة ، وبعد هذا المختصر من بيان أول ما يجب ممن يقصد زيارة أهل البيت عليهم السلام.

نعرف : أنه يستحب الطهارة والنظافة للقلب والبدن والثياب ، والدعاء من أول التوجه والغسل والوضوء قبل السير وعند الوصول والقرب منهم ، وضرورة تقصير الخطى والسير على نحو الاحترام ، فعلينا بالسكينة والوقار ، والذكر والتكبير لله على ما هدانا ، والتهليل بتوحيده سبحانه ، والتحميد والشكر له على ما هدان وعرفنا أولياء دينه وهداه ، وتسبحيه وتنزيهه من الشريك ، وإنما جئنا لمن حبهم وأمر بودهم ومن طلب القرب منه والتقرب لهم لنيل فضله وهداه الحق ودينه الصادق ، ونسألهم الدعاء لنا ، وبعد هذا يا طيب تدبر الزيارات ترى هذا المعنى الحق ، وبكل نذكر أنهم أفضل عباده .


 

الصلاة على الإمام الرضا عليه السلام :

ذكر في المصباح : للشيخ الطوسي رحمه الله صلاة على أهل البيت عليهم السلام كلهم إمام إمام عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، وذكرناها في صحيفته، ومنها: الصَّلَاةُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عليه السلام :

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى ، الرِّضَا.

الَّذِي : ارْتَضَيْتَهُ ، وَ رَضِيتَ بِهِ مَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ .

اللَّهُمَّ : وَ كَمَا جَعَلْتَهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِكَ ، وَ قَائِماً بِأَمْرِكَ ، وَ نَاصِراً لِدِينِكَ ، وَ شَاهِداً عَلَى عِبَادِكَ .

وَ كَمَا : نَصَحَ لَهُمْ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ ، وَ دَعَا إِلَى سَبِيلِكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ .

فَصَلِّ عَلَيْهِ : أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ، مِنْ أَوْلِيَائِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ.

إِنَّكَ : جَوَادٌ كَرِيمُ.

مصباح المتهجد و سلاح المتعبد للطوسي ج1ص400, وذكرت الصلاة في عدة مصادر أخرى من كتب الأدعية وذكرنا الصلاة كاملة مع المصادر في صحيفة الإمام الحسن العسكري عليه السلام.


 

مقدمات الزيارة :

عن الصدوق رحمه الله قال : زيارة ذكرها شيخنا محمد بن الحسن في جامعه فقال : إذا أردت زيارة الرضا عليه السلام بطوس.

 

فاغتسل : عند خروجك من منزلك ، و قل حين تغتسل :

اللَّهُمَّ : طَهِّرْنِي  وَ طَهِّرْ قَلْبِي ، وَ اشْرَحْ لِي صَدْرِي‏ ، وَ أَجْرِ عَلَى لِسَانِي مِدْحَتَكَ  وَ الثَّنَاءَ عَلَيْكَ ، فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِي طَهُوراً وَ شِفَاءً .

 

و تقول حين تخرج‏ :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ : بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ ، وَ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ‏ حَسْبِيَ اللَّهُ‏ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ‏ ، اللَّهُمَّ : إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ ، وَ إِلَيْكَ قَصَدْتُ ، وَ مَا عِنْدَكَ أَرَدْتُ .

 

فإذا خرجت : فقف على باب دارك وقل:

اللَّهُمَّ : إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي ، وَ عَلَيْكَ‏ خَلَّفْتُ أَهْلِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي وَ مَا خَوَّلْتَنِي ، وَ بِكَ وَثِقْتُ فَلَا تُخَيِّبْنِي ، يَا مَنْ لَا يُخَيِّبُ مَنْ أَرَادَهُ ، وَ لَا يُضَيِّعُ مَنْ حَفِظَهُ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ احْفَظْنِي بِحِفْظِكَ  فَإِنَّهُ لَا يَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ .

 

فَإِذَا وَافَيْتَ سَالِماً : فاغتسل و قل حين تغتسل :

اللَّهُمَّ : طَهِّرْنِي وَ طَهِّرْ لِي قَلْبِي ، وَ اشْرَحْ لِي صَدْرِي‏ ، وَ أَجْرِ عَلَى لِسَانِي مِدْحَتَكَ وَ مَحَبَّتَكَ ، وَالثَّنَاءَ عَلَيْكَ ، فَإِنَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ ، وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ قُوَّةَ دِينِي ، التَّسْلِيمُ لِأَمْرِكَ ، وَ الِاتِّبَاعُ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ ، وَ الشَّهَادَةُ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ .

اللَّهُمَّ : اجْعَلْ لِي شِفَاءً وَ نُوراً ، إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ .

 

وَ الْبَسْ : أطهر ثيابك .

و امش حافيا : و عليك السكينة و الوقار ، وَ التَّكْبِيرُ وَ التَّهْلِيلُ وَ التَّمْجِيدُ ، وقصر خطاك .

 


 

 

نص الزيارات

و قل حين تدخل‏ :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ : بِسْمِ اللَّهِ  وَ بِاللَّهِ  وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ  وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اللَّهِ .

 

و سر حتى تقف على قبره عليه السلام :

 وَ تَسْتَقْبِلَ : وجهه بوجهك ، و اجعل القبلة بين كتفيك ، وَ قُلْ :

أَشْهَدُ : أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ  وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ  ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ  وَ أَنَّهُ سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ  وَ أَنَّهُ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ .

 

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ  عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ ، وَ نَبِيِّكَ وَ سَيِّدِ خَلْقِكَ أَجْمَعِينَ ، صَلَاةً لَا يَقْوَى عَلَى إِحْصَائِهَ غَيْرُكَ .

 

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، عَبْدِكَ وَ أَخِي رَسُولِكَ ، الَّذِي انْتَجَبْتَهُ‏ بِعِلْمِكَ ، وَ جَعَلْتَهُ هَادِياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَ الدَّلِيلَ عَلَى مَنْ بَعَثْتَهُ‏ بِرِسَالَتِكَ ، وَ دَيَّانَ الدِّينِ بِعَدْلِكَ ، وَ فَصْلَ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ ، وَ الْمُهَيْمِنَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَ السَّلَامُ عَلَيْه وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

 

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ ، وَ زَوْجَةِ وَلِيِّكَ ، وَ أُمِّ السِّبْطَيْنِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، الطُّهْرَةِ الطَّاهِرَةِ الْمُطَهَّرَةِ ، التَّقِيَّةِ النَّقِيَّةِ ، الرَّضِيَّةِ الْمَرْضِيَّةِ ، الزَّكِيَّةِ ، سَيِّدَةِ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَجْمَعِينَ ، صَلَاةً لَا يَقْوَى عَلَى إِحْصَائِهَا غَيْرُكَ .

 

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ سِبْطَيْ نَبِيِّكَ ، وَ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، الْقَائِمَيْنِ فِي خَلْقِكَ ، وَ الدَّلِيلَيْنِ عَلَى مَنْ بَعَثْتَهُ‏ بِرِسَالَتِكَ ، وَ دَيَّانَيِ الدِّينِ بِعَدْلِكَ ، وَ فَصْلَيْ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ .

 

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَبْدِكَ الْقَائِمِ فِي خَلْقِكَ ، وَ الدَّلِيلِ عَلَى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسَالَتِكَ ، وَ دَيَّانِ الدِّينِ بِعَدْلِكَ ، وَ فَصْلِ قَضَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ ، سَيِّدِ الْعَابِدِينَ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَبْدِكَ  وَ خَلِيفَتِكَ فِي أَرْضِكَ،  بَاقِرِ عِلْمِ النَّبِيِّينَ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ ، عَبْدِكَ وَ وَلِيِّ دِينِكَ ، وَ حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ أَجْمَعِينَ ، الصَّادِقِ الْبَارِّ .

 

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، عَبْدِكَ الصَّالِحِ ، وَ لِسَانِكَ فِي خَلْقِكَ النَّاطِقِ بِحُكْمِكَ‏ ، وَ الْحُجَّةِ عَلَى‏ بَرِيَّتِكَ .

 

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى ، الرِّضَا الْمُرْتَضَى ، عَبْدِكَ وَ وَلِيِّ دِينِكَ ، الْقَائِمِ بِعَدْلِكَ ، وَ الدَّاعِي إِلَى دِينِكَ ، وَ دِينِ آبَائِهِ الصَّادِقِينَ ، صَلَاةً لَا يَقْوَى عَلَى إِحْصَائِهَا غَيْرُكَ .

 

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَبْدِكَ وَ وَلِيِّكَ ، الْقَائِمِ بِأَمْرِكَ ، وَ الدَّاعِي إِلَى سَبِيلِكَ .( صَلَاةً لَا يَقْوَى عَلَى إِحْصَائِهَا غَيْرُكَ ).

 

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَبْدِكَ وَ وَلِيِّ دِينِكَ‏ . ( الْقَائِمِ بِأَمْرِكَ ، وَ الدَّاعِي إِلَى سَبِيلِكَ ، صَلَاةً لَا يَقْوَى عَلَى إِحْصَائِهَا غَيْرُكَ ) .

 

 اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، الْعَامِلِ بِأَمْرِكَ ، الْقَائِمِ فِي خَلْقِكَ ، وَ حُجَّتِكَ الْمُؤَدِّي عَنْ نَبِيِّكَ ، وَ شَاهِدِكَ عَلَى خَلْقِكَ ، الْمَخْصُوصِ بِكَرَامَتِكَ، الدَّاعِي إِلَى طَاعَتِكَ وَ طَاعَةِ رَسُولِكَ ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

 

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى حُجَّتِكَ ، وَ وَلِيِّكَ الْقَائِمِ فِي خَلْقِكَ ، صَلَاةً تَامَّةً  نَامِيَةً بَاقِيَةً ، تُعَجِّلُ بِهَا فَرَجَهُ ، وَ تَنْصُرُهُ بِهَا ، وَ تَجْعَلُنَا مَعَهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ .

 

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِحُبِّهِمْ ، وَ أُوَالِي وَلِيَّهُمْ ، وَ أُعَادِي عَدُوَّهُمْ ، وَ ارْزُقْنِي بِهِمْ خَيْرَ الدُّنْيَ وَ الْآخِرَةِ ، وَ اصْرِفْ عَنِّي بِهِمْ شَرَّ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ، وَ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ .

 

ثم تجلس عند رأسه وَ تَقُولُ :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَلِيَّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ الدِّينِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَارِثَ آدَمَ صَفِيِّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَجِيِّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِسْمَاعِيلَ ذَبِيحِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّهِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَارِثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، خَاتَمِ النَّبِيِّينَ ، وَ حَبِيبِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيِّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَارِثَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ‏ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بَاقِرِ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْبَارِّ الْأَمِينِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى الْكَاظِمِ الْحَلِيمِ .

 

السَّلَامُ عَلَيْكَ : أَيُّهَا الشَّهِيدُ السَّعِيدُ الْمَظْلُومُ الْمَقْتُولُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ الْوَصِيُّ الْبَارُّ التَّقِيُّ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ ، وَ آتَيْتَ الزَّكَاةَ ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ نَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَ عَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ.

 السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا أَبَا الْحَسَنِ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

 لَعَنَ اللَّهُ : أُمَّةً قَتَلَتْكَ ، لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ ، لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً أَسَّسَتْ أَسَاسَ الظُّلْمِ وَ الْجَوْرِ ، وَ الْبِدْعَةِ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ .

 

 

ثم تنكب على القبر وَ تَقُولُ :

اللَّهُمَّ : إِلَيْكَ صَمَدْتُ ، مِنْ أَرْضِي وَ قَطَعْتُ الْبِلَادَ ، رَجَاءَ رَحْمَتِكَ ، فَلَا تُخَيِّبْنِي ، وَ لَا تَرُدَّنِي بِغَيْرِ قَضَاءِ حَوَائِجِي ، وَ ارْحَمْ تَقَلُّبِي عَلَى قَبْرِ ابْنِ أَخِي رَسُولِكَ ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ .

بِأَبِي وَ أُمِّي : أَتَيْتُكَ زَائِراً وَافِداً ، عَائِذاً مِمَّا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي ، وَ احْتَطَبْتُ عَلَى ظَهْرِي ، فَكُنْ لِي شَافِعاً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، يَوْمَ حَاجَتِي وَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي ، فَلَكَ عِنْدَ اللَّهِ مَقَاماً مَحْمُوداً ، وَ أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهٌ .

 

ثم ترفع يدك اليمنى و تبسط اليسرى على القبر وَ تَقُولُ :

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِحُبِّهِمْ وَ بِوَلَايَتِهِمْ ، أَتَوَلَّى آخِرَهُمْ  بِمَا تَوَلَّيْتُ بِهِ أَوَّلَهُمْ ، وَ أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ ، مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُمْ .

اللَّهُمَّ : الْعَنِ الَّذِينَ بَدَّلُوا دِينَكَ ، وَ غَيَّرُو نِعْمَتَكَ ، وَ اتَّهَمُوا نَبِيَّكَ ، وَ جَحَدُوا بِآيَاتِكَ ، وَ سَخِرُو بِإِمَامِكَ ، وَ حَمَلُوا النَّاسَ عَلَى أَكْتَافِ آلِ مُحَمَّدٍ . اللَّهُمَّ  إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ ، بِاللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ ، وَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ  فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ، يَا رَحْمَانُ .

 

ثم تحول عند رجليه وَ تَقُولُ :

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ : يَا أَبَا الْحَسَنِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ ، صَبَرْتَ وَ أَنْتَ الصَّادِقُ الْمُصَدَّقُ

لَعَنَ اللَّهُ : مَنْ قَتَلَكَ بِالْأَيْدِي وَ الْأَلْسُنِ.

 

ثُمَّ ابْتَهِلْ : فِي اللَّعْنَةِ على قاتل أمير المؤمنين ، و على قتلة الحسن و الحسين ، و على جميع قتلة أهل بيت رسول الله  .
أي تكرر يا طيب : اللهم العن قتلت أمير المؤمنين ، فتذكرهم كلهم أسما أسما ، أو تقول اللهم العن قتلت آل محمد .

 

 ثُمَّ تَحَوَّلْ : عند رأسه من خلفه ، و صَلِّ رَكْعَتَيْنِ :

تقرأ في إحداهما : الْحَمْدَ وَ يس .

و في الأخرى : الْحَمْدَ وَ الرَّحْمَنَ .

وَ إن لم تحفظهما : فتقرأ سورة الْإِخْلَاصِ في كليهم .

وَ تَدْعُو : للمؤمنين و المؤمنات ، و خاصة لوالديك ، و تجتهد في الدعاء و التضرع ، و أكثر من الدعاء لنفسك و لوالديك ، و لجميع إخوانك،  و أقم عند رأسه ما شئت ، و لتكن صلاتك عند القبر .

 

الْوَدَاعُ‏ :

فإذا أردت أن تودعه فَقُلْ :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا مَوْلَايَ وَ ابْنَ مَوْلَايَ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ، أَنْتَ لَنَا جُنَّةٌ مِنَ الْعَذَابِ ، وَ هَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي عَنْكَ ، إِنْ كُنْتَ أَذِنْتَ لِي غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْكَ ، وَ لَا مُسْتَبْدِلٍ بِكَ ، وَ لَا مُؤْثِرٍ عَلَيْكَ ، وَ لَا زَاهِدٍ فِي قُرْبِكَ ، وَ قَدْ جُدْتُ بِنَفْسِي لِلْحَدَثَانِ ، وَ تَرَكْتُ الْأَهْلَ وَ الْأَوْلَادَ وَ الْأَوْطَانَ ، فَكُنْ لِي شَافِعاً ، يَوْمَ حَاجَتِي وَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي ، يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنِّي حَمِيمِي وَ لَا قَرِيبِي ، يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنِّي وَالِدِي وَ لَا وُلْدِي .

أَسْأَلُ اللَّهَ : الَّذِي قَدَّرَ عَلَيَّ رَحِيلِي إِلَيْكَ ، أَنْ تُنَفِّسَ بِكَ كُرْبَتِي ، وَ أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِي قَدَّرَ عَلَيَّ فِرَاقَ مَكَانِكَ ، أَنْ لَا يَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي لَكَ ، وَ رُجُوعِي إِلَيْكَ ، وَ أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِي أَبْكَى عَلَيْكَ عَيْنِي ، أَنْ يَجْعَلَهُ سَبَباً لِي وَ ذُخْراً ، وَ أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِي أَرَانِي مَكَانَكَ ، وَ هَدَانِي لِلتَّسْلِيمِ عَلَيْكَ ، وَ زِيَارَتِي إِيَّاكَ ، أَنْ يُورِدَنِي حَوْضَكُمْ‏ ، وَ يَرْزُقَنِي مِنْ مُرَافَقَتِكُمْ فِي الْجِنَانِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا صَفْوَةَ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ  وَ وَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  وَ قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ ، السَّلَامُ عَلَى الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ  سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، السَّلَامُ عَلَى الْأَئِمَّةِ : عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍ‏ ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَ الْخَلَفِ الصَّالِحِ‏ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

السَّلَامُ : عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْحَافِّينَ ، السَّلَامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمُقِيمِينَ الْمُسَبِّحِينَ  الَّذِينَ‏ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ‏، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ .

اللَّهُمَّ : لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ  مِنْ زِيَارَتِي إِيَّاهُ ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ فَاحْشُرْنِي مَعَهُ ، وَ مَعَ آبَائِهِ‏ الْمَاضِينَ ، وَ إِنْ أَبْقَيْتَنِي يَا رَبِّ ، فَارْزُقْنِي زِيَارَتَهُ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي‏ ، إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ .

 

وَ تَقُولُ :

أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ : وَ أَسْتَرْعِيكَ ، وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِمَا دَعَوْتَ إِلَيْهِ‏ ، اللَّهُمَ‏ فَاكْتُبْن مَعَ الشَّاهِدِينَ‏ ، اللَّهُمَّ فَارْزُقْنِي حُبَّهُمْ وَ مَوَدَّتَهُمْ  أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي ، السَّلَامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ  وَ زُوَّارِ قَبْرِكَ ، يَا ابْنَ نَبِيِّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنِّي أَبَداً  مَا بَقِيتُ ، وَ دَائِماً  إِذَا فَنِيتُ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا ، وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ .

وَ إِذَا خَرَجْتَ مِنَ الْقُبَّةِ : فَلَا تُوَلِّ وَجْهَكَ حَتَّى يَغِيبَ عَنْ بَصَرِكَ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

 

 

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص267ب 68 باب في ذكر زيارة الرض عليه السلام بطوس‏ ح1. كامل الزيارات ص308ب102ح2 . وعنه في البحار وغيره .


 

الزيارة الثانية

ذكر المفيد رحمه الله : باب زيارة مختصرة للإمام الرضا عليه السلام :‏

تَقِفُ عَلَى الْقَبْرِ : فتصلي على رسول الله و أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين ، و الأئمة واحدا واحدا إلى آخرهم عليهم السلام :

فيا طيب : إمام تقول اللهم صل على وتذكر اسم المعصوم ، أو تصلي بهذه الصلاة على محمد و آله على ما جاءت به الآثار: ( وهي مروية في كل يوم من شهر رمضان ويمكن ذكرها هنا كصلاة على النبي والأئمة عليهم السلام ، أو تتجاوزه فتذكر صلاة مختصرة ، أو تذكر كما في الصلاة في أول الزيارة الأولى ) .

أو تقول هذه الصلاة :

 

{ إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً } .

لَبَّيْكَ : يَا رَبِّ وَ سَعْدَيْكَ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ  وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ  كَمَ صَلَّيْتَ وَ بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ  إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ  كَمَا رَحِمْتَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ  إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ سَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ  كَمَا سَلَّمْتَ عَلى‏ نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ ، اللَّهُمَّ امْنُنْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ  كَمَا مَنَنْتَ عَلى‏ مُوسى‏ وَ هارُونَ‏ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ  كَمَا هَدَيْتَنَا بِهِ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا شَرَّفْتَنَا بِهِ‏ ، اللَّهُمَّ ابْعَثْ مُحَمَّداً مَقَاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَ الْآخِرُونَ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كُلَّمَ طَلَعَتْ شَمْسٌ  أَوْ غَرَبَتْ .

 

عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ‏ السَّلَامُ :  كُلَّمَا طَرَفَتْ عَيْنٌ أَوْ ذَرَفَتْ ، عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ السَّلَامُ كُلَّمَا ذُكِرَ السَّلَامُ ، عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ السَّلَامُ كُلَّمَا سَبَّحَ اللَّهَ مَلَكٌ أَوْ قَدَّسَهُ ، السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي الْأَوَّلِينَ ، السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي الْآخِرِينَ ، السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِي الدُّنْيَ وَ الْآخِرَةِ .

اللَّهُمَّ  : رَبَّ : الْبَلَدِ الْحَرَامِ ، وَ رَبَّ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ ، وَ رَبَّ الْحِلِّ وَ الْحَرَامِ ، أَبْلِغْ مُحَمَّداً نَبِيَّكَ عَنَّا السَّلَامَ ،

اللَّهُمَّ : أَعْطِ مُحَمَّداً مِنَ الْبَهَاءِ وَ النَّضْرَةِ ، وَ السُّرُورِ وَ الْكَرَامَةِ ، وَ الْغِبْطَةِ وَ الْوَسِيلَةِ ، وَ الْمَنْزِلَةِ وَ الْمَقَامِ ، وَ الشَّرَفِ وَ الرِّفْعَةِ ، وَ الشَّفَاعَةِ عِنْدَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَفْضَلَ مَا تُعْطِي أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، وَ أَعْطِ مُحَمَّداً وَ آلِهِ فَوْقَ مَا تُعْطِي الْخَلَائِقَ مِنَ الْخَيْرِ ، أَضْعَافاً كَثِيرَةً لَا يُحْصِيهَا غَيْرُكَ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، أَطْيَبَ وَ أَطْهَرَ ، وَ أَزْكَى وَ أَنْمَى ، وَ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ، وَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ وَالِ‏ مَنْ وَالاهُ ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ ، وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ  عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ ، وَ الْعَنْ مَنْ آذَى نَبِيَّكَ فِيهَا .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ  إِمَامَيِ الْمُسْلِمِينَ  وَ وَالِ مَنْ وَالاهُمَا  وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُمَا  وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِمَا ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ  إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ  وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ  وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ  وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ  إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ  وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ  وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ  وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ  إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ  وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ  وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ  وَضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ  إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ  وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ  وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ  وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ .

 اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِضا ، إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ  وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ  وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ  وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ  إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ  وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ  وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ  وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ   إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ  وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ  وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ  وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ  إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ  وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ  وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ  وَ ضَاعِفِ الْعَذَابَ عَلَى‏ مَنْ ظَلَمَهُ ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْخَلَفِ مِنْ بَعْدِهِ  إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ  وَ وَالِ مَنْ وَالاهُ  وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ  .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى الطَّاهِرِ  وَ الْقَاسِمِ  ابْنَيْ نَبِيِّكَ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى رُقَيَّةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ  وَ الْعَنْ مَنْ آذَى نَبِيَّكَ فِيهَا ،  اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْخِيَرَةِ مِنْ ذُرِّيَّةِ نَبِيِّكَ ، اللَّهُمَّ اخْلُفْ نَبِيَّكَ فِي أَهْلِهِ ، اللَّهُمَّ مَكِّنْ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ .

اللَّهُمَّ : أجْعَلْنَا مِنْ عَدَدِهِمْ وَ مَدَدِهِمْ ، وَ أَنْصَارِهِمْ عَلَى الْحَقِّ  فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ ، اللَّهُمَّ اطْلُبْ بِذَحْلِهِمْ وَ وَتْرِهِمْ وَ دِمَائِهِمْ ، وَ كُفَّ عَنَّا وَ عَنْهُمْ وَ عَنْ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ ، بَأْسَ كُلِّ بَاغٍ وَ طَاغٍ ، وَ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، إِنَّكَ أَشَدُّ بَأْساً وَ أَشَدُّ تَنْكِيلًا .

المقنعة ص329ب16باب شرح الصلاة على النبي والأئمة في كل يوم من شهر رمضان.

 

نص الزيارة :

ثم تجلس عند رأسه عليه السلام فتقول :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَلِيَّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ الدِّينِ .

 السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ‏ اللَّهِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَارِثَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيِّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ‏ الْعَابِدِينَ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بَاقِرِ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْبَارِّ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَبْدِ الصَّالِحِ الْأَمِينِ‏ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُ‏ الْبَارُّ التَّقِيُّ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ : قَدْ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ ، وَ آتَيْتَ الزَّكَاةَ ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ نَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَ عَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً ، حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا أَبَا الْحَسَنِ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

 

 

ثم تنكب : على القبر فتقبله ، و تضع خدك الأيمن عليه ، و تقول :

اللَّهُمَّ : إِلَيْكَ صَمَدْتُ مِنْ أَرْضِي ، وَ قَطَعْتُ الْبِلَادَ ، رَجَاءَ رَحْمَتِكَ ، فَلَا تُخَيِّبْنِي يَا مَوْلَايَ ، وَ لَا تَرُدَّنِي بِغَيْرِ قَضَاءِ حَاجَةٍ مِنْ حَوَائِجِي ، وَ ارْحَمْ تَقَلُّبِي عَلَى قَبْرِ ابْنِ‏  رَسُولِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ .

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي : أَتَيْتُكَ زَائِراً وَافِداً عَائِذاً مِمَّا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي ، وَ احْتَطَبْتُ عَلَى ظَهْرِي ، فَكُنْ شَافِعاً لِي إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، يَوْمَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي ، فَلَكَ عِنْدَ اللَّهِ مَقَامٌ مَحْمُودٌ ، وَ أَنْتَ عِنْدَهُ وَجِيهٌ‏ .

 

ثم ارفع يدك اليمنى و ابسط اليسرى على القبر و قل :

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِحُبِّهِمْ وَ مُوَالاتِهِمْ ، وَ أَتَوَلَّى آخِرَهُمْ كَمَا تَوَلَّيْتُ‏ أَوَّلَهُمْ ، وَ أَبْرَأُ مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُمْ .

اللَّهُمَّ : الْعَنِ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ ، وَ اتَّهَمُو نَبِيَّكَ ، وَ جَحَدُوا آيَاتِكَ ، وَ سَخِرُوا بِإِمَامِكَ‏ ، وَ حَمَلُوا النَّاسَ عَلَى أَكْتَافِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، اللَّهُمَّ  إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِاللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ‏ ، وَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَ وَ الْآخِرَة، ِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

 

ثم تحول إلى عند رجليه و قل :

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ : يَا أَبَا الْحَسَنِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى رُوحِكَ وَ بَدَنِكَ ، وَ لَعَنَ اللَّهُ الظَّالِمِينَ لَكُمْ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ‏ .

 

 ثُمَّ ارْجِعْ : إلى عند رأسه ، فصل ركعتين ، و صل بعدهما ما بد لك ،  إن شاء الله .

فَإِذَا أَرَدْتَ الِانْصِرَافَ فقف على قبره عليه السلام و ودعه و قل :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا مَوْلَايَ وَ ابْنَ مَوْلَايَ  وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ، أَنْتَ لَنَا جُنَّةٌ مِنَ الْعَذَابِ ، وَ هَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي ، غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْكَ وَ لَا مُسْتَبْدِلٍ بِكَ ، وَ لَا مُؤْثِرٍ عَلَيْكَ غَيْرَكَ ، وَ لَا زَاهِدٍ فِي قُرْبِكَ ، وَ قَدْ جُدْتُ بِنَفْسِي لِلْحَدَثَانِ ، وَ تَرَكْتُ الْأَهْلَ وَ الْأَوْطَانَ ، فَكُنْ لِي شَافِعاً يَوْمَ فَقْرِي وَ فَاقَتِي وَ حَاجَتِي ، يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنِّي حَمِيمِي وَ لَا قَرِيبِي .

أَسْأَلُ اللَّهَ : الَّذِي قَدَّرَ رَحِيلِي‏ إِلَيْكَ ، أَنْ يُنَفِّسَ بِكَ كَرْبِي ، وَ أَسْأَلُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ جُوعِي ، وَ أَسْأَلُهُ أَنْ يَجْعَلَ زِيَارَتِي لَكَ ذُخْراً لِي عِنْدَهُ ، وَ أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِي هَدَانِي لِلتَّسْلِيمِ عَلَيْكَ ،  أَنْ يُورِدَنِي حَوْضَكُمْ ، وَ يَرْزُقَنِي مُرَافَقَتَكُمْ فِي الْجِنَانِ بِرَحْمَتِهِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا صَفْوَةَ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ ، السَّلَامُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ  وَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ  وَ خَلِيفَةِ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، السَّلَامُ عَلَى الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ  سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ ، السَّلَامُ عَلَى الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ .

 

ثُمَّ ادْعُ لِنَفْسِكَ:  و لوالديك و لإخوانك ، و أسأل الله أن ل يجعله آخر العهد منك إن شاء الله‏ .

 كتاب المزار مناسك المزار للمفيد ص197ب17 ، التهذيب ج6ص89، و عيون الأخبار ج2ص270، و المزار الكبير ص230 ح 259 ، و أخرجه في البحار: ج102ص48 ح 3 عن العيون.

 


الزيارة الثالثة :

ما يجزي من القول : عند زيارة جميع الأئمة عليهم السلام عن الإمام الرضا عليه السلام : قال الصدوق رحمه الله : بسنده عن علي بن حسان قال :  سئل الرضا عليه السلام : في إتيان قبر أبي الحسن موسى عليه السلام ،  فقال : صلوا في المساجد حوله ، و يجزي في المواضع كلها ، أن تقول :

 السَّلَامُ : عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَ أَصْفِيَائِهِ ، السَّلَامُ عَلَى أُمَنَاءِ اللَّهِ وَ أَحِبَّائِهِ ، السَّلَامُ عَلَى أَنْصَارِ اللَّهِ وَ خُلَفَائِهِ ، السَّلَامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَى مَسَاكِنِ ذِكْرِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَى مُظْهِرِي أَمْرِ اللَّهِ وَ نَهْيِهِ ، السَّلَامُ عَلَى الدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَى الْمُسْتَقِرِّينَ فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَى الْمُخْلِصِينَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَى الْأَدِلَّاءِ عَلَى اللَّهِ .

السَّلَامُ : عَلَى الَّذِينَ مَنْ وَالاهُمْ  فَقَدْ وَالَى اللَّهَ ، وَ مَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ  عَادَى اللَّهَ ، وَ مَنْ عَرَفَهُمْ  فَقَدْ عَرَفَ اللَّهَ، وَ مَنْ جَهِلَهُمْ  فَقَدْ جَهِلَ اللَّهَ، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ  فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ، وَ مَنْ تَخَلَّى مِنْهُمْ  فَقَدْ تَخَلَّى مِنَ اللَّهِ .

أُشْهِدُ اللَّهَ : أَنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ ، وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ ، مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَ عَلَانِيَتِكُمْ ، مُفَوِّضٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَيْكُمْ ، لَعَنَ اللَّهُ عَدُوَّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ ، مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ وَ أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ .

هذا يجزي في الزيارات كلها و تكثر من : الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ الْأَئِمَّةِ ، وَ تُسَمِّي وَاحِداً وَاحِداً بِأَسْمَائِهِمْ  ، و تبرأ من أعدائهم ، و تخير ما شئت من الدعاء لنفسك و للمؤمنين و المؤمنات .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص272ب 62‏ ح1.

 


الزيارة الرابعة الجوادية

قال العلام المجلسي رحمه الله : وجدت في بعض مؤلفات قدماء أصحابنا زيارة للإمام الرضا عليه السلام ، و كانت النسخة قديمة ، كان تاريخ كتابته سنة ست و أربعين و سبعمائة ، فأوردتها كما وجدتها .

قَالَ : زِيَارَةُ مَوْلَانَا وَ سَيِّدِنَا أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَ عليه  و على آبائه و أبنائه الصلاة و السلام  ، كل الأوقات صالحة لزيارته ، و أفضلها في شهر رجب ، روي ذلك عن ولده أبي جعفر الجواد صلوات الله عليه و سلامه ، وَ هِيَ‏ :

 

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَلِيَّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَمُودَ الدِّينِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّهِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ  سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بَاقِرِ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْبَرِّ التَّقِيِّ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْعَالِمِ الْحَفِيِّ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : أَيُّهَا الصِّدِّيقُ الشَّهِيدُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ  الْبَرُّ التَّقِيُّ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ ، وَ آتَيْتَ الزَّكَاةَ ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ نَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَ عَبَدْتَ اللَّهَ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : مِنْ إِمَامٍ عَصِيبٍ ، وَ إِمَامٍ نَجِيبٍ ، وَ بَعِيدٍ قَرِيبٍ ، وَ مَسْمُومٍ غَرِيبٍ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَالِمُ النَّبِيهُ ، وَ الْقَدْرُ الْوَجِيهُ ، النَّازِحُ عَنْ تُرْبَةِ جَدِّهِ وَ أَبِيهِ ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ أَمَرَ أَوْلَادَهُ وَ عِيَالَهُ بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِ الْقَتْلِ إِلَيْهِ ، السَّلَامُ عَلَى دِيَارِكُمُ الْمُوحِشَاتِ كَمَا اسْتَوْحَشَتْ مِنْكُمْ مِنًى وَ عَرَفَاتٌ .

السَّلَامُ عَلَى : سَادَاتِ الْعَبِيدِ  وَ عُدَّةِ الْوَعِيدِ  وَ الْبِئْرِ الْمُعَطَّلَةِ وَ الْقَصْرِ الْمَشِيدِ ، السَّلَامُ عَلَى غَوْثِ اللَّهْفَانِ  وَ مَنْ صَارَتْ بِهِ أَرْضُ خُرَاسَانَ خُرَاسَانَ ، السَّلَامُ عَلَى قَلِيلِ الزَّائِرِينَ  وَ قُرَّةِ عَيْنِ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ .

السَّلَامُ  : عَلَى الْبَهْجَةِ الرَّضَوِيَّةِ  وَ الْأَخْلَاقِ الرَّضِيَّةِ  وَ الْغُصُونِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنِ الشَّجَرَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ انْتَهَى إِلَيْهِ رِئَاسَةُ الْمُلْكِ الْأَعْظَمِ  وَ عِلْمُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ  لِتَمَامِ الْأَمْرِ الْمُحْكَمِ ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ أَسْمَاؤُهُمْ  وَسِيلَةُ السَّائِلِينَ  وَ هَيَاكِلُهُمْ أَمَانُ الْمَخْلُوقِينَ وَ حُجَجُهُمْ إِبْطَالُ شُبَهِ الْمُلْحِدِينَ .

السَّلَامُ عَلَى : مَنْ كُسِرَتْ لَهُ وِسَادَةُ وَالِدِهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، حَتَّى خَصَمَ أَهْلَ الْكُتُبِ ، وَ ثَبَّتَ قَوَاعِدَ الدِّينِ ، السَّلَامُ عَلَى عَلَمِ الْأَعْلَامِ  وَ مَنْ كُسِرَ قُلُوبُ شِيعَتِهِ بِغُرْبَتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، السَّلَامُ عَلَى السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ  وَ الْبَحْرِ الْعَجَّاجِ  الَّذِي صَارَتْ تُرْبَتُهُ مَهْبِطَ الْأَمْلَاكِ وَ الْمِعْرَاجِ .

السَّلَامُ عَلَى : أُمَرَاءِ الْإِسْلَامِ ، وَ مُلُوكِ الْأَدْيَانِ  وَ طَاهِرِي الْوِلَادَةِ  وَ مَنْ أَطْلَعَهُمُ اللَّهُ عَلَى عِلْمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهَادَةِ  وَ جَعَلَهُمْ أَهْلَ السَّادَةِ والسَّعَادَةَ ، السَّلَامُ عَلَى كُهُوفِ الْكَائِنَاتِ وَ ظِلِّهَا ، وَ مَنِ ابْتَهَجَتْ بِهِ مَعَالِمُ طُوسَ‏حَيْثُ حَلَّ بِرَبْعِهَا . شعر :

يَا قَبْرَ طُوسَ سَقَاكَ اللَّهُ رَحْمَتَهُ‏
مَا ذَا ضَمِنْتَ مِنَ الْخَيْرَاتِ يَا طُوسُ‏
طَابَتْ بِقَاعُكَ فِي الدُّنْيَا وَ طَابَ بِهَا
شَخْصٌ ثَوَى بِسَنَاآبَادَ مَرْمُوسٌ‏
شَخْصٌ عَزِيزٌ عَلَى الْإِسْلَامِ مَصْرَعُهُ
فِي رَحْمَةِ اللَّهِ مَغْمُورٌ وَ مَغْمُوسٌ‏
يَا قَبْرَهُ أَنْتَ قَبْرٌ قَدْ تَضَمَّنَهُ
حِلْمٌ وَ عِلْمٌ وَ تَطْهِيرٌ وَ تَقْدِيسٌ‏
فَخْراً بِأَنَّكَ مَغْبُوطٌ بِجُثَّتِهِ
وَ بِالْمَلَائِكَةِ الْأَطْهَارِ مَحْرُوسٌ‏
فِي كُلِّ عَصْرٍ لَنَا مِنْكُمْ إِمَامُ هُدًى
فَرَبْعُهُ آهِلٌ مِنْكُمْ وَ مَأْنُوسٌ‏
أَمْسَتْ نُجُومُ سَمَاءِ الدِّينِ آفِلَةً
وَ ظَلَّ أُسْدُ الثَّرَى‏ قَدْ ضَمَّهَا الْخِيسُ‏
غَابَتْ ثَمَانِيَةٌ مِنْكُمْ وَ أَرْبَعَةٌ
تُرْجَى مَطَالِعُهَا مَا حَنَّتِ الْعِيسُ‏
حَتَّى مَتَى يَزْهَرُ الْحَقُّ الْمُنِيرُ بِكُمْ‏
فَالْحَقُّ فِي غَيْرِكُمْ دَاجٍ وَ مَطْمُوسٌ‏

 السَّلَامُ : عَلَى مُفْتَخَرِ الْأَبْرَارِ ، وَ نَائِي الْمَزَارِ  وَ شَرْطِ دُخُولِ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْطَعِ اللَّهُ عَنْهُمْ صَلَوَاتِهِ  فِي آنَاءِ السَّاعَاتِ  وَ بِهِمْ سَكَنَتِ السَّوَاكِنُ  وَ تَحَرَّكَتِ الْمُتَحَرِّكَاتُ .

السَّلَامُ : عَلَى مَنْ جَعَلَ اللَّهُ إِمَامَتَهُمْ مُمَيِّزَةً بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ  كَمَا تَعَبَّدَ بِوَلَايَتِهِمْ أَهْلَ الْخَافِقَيْنِ ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ أَحْيَا اللَّهُ بِهِ دَارِسَ حُكْمِ النَّبِيِّينَ  وَ تَعَبَّدَهُمْ بِوَلَايَتِهِ لِتَمَامِ كَلِمَةِ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

السَّلَامُ : عَلَى شُهُورِ الْحَوْلِ  وَ عَدَدِ السَّاعَاتِ  وَ حُرُوفِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي الرُّقُومِ الْمُسَطَّرَاتِ ، السَّلَامُ عَلَى إِقْبَالِ الدُّنْيَا وَ سُعُودِهَا  وَ مَنْ سُئِلُوا عَنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ  فَقَالُوا نَحْنُ وَ اللَّهِ مِنْ شُرُوطِهَا ، السَّلَامُ عَلَى مَنْ يُعَلَّلُ وُجُودُ كُلِّ مَخْلُوقٍ بِلَوْلَاهُمْ ، وَ مَنْ خَطَبَتْ لَهُمُ الْخُطَبَاءُ

بِسَبْعَةِ آبَاءٍ هُمْ مَا هُمْ‏       هُمْ

أَفْضَلُ مَنْ يَشْرَبُ صَوْبَ الْغَمَامِ‏

السَّلَامُ : عَلَى عَلِيِّ مَجْدِهِمْ وَ بِنَائِهِمْ  وَ مَنْ أُنْشِدَ فِي فَخْرِهِمْ وَ عَلَائِهِمْ  بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ  وَ طَهَارَةِ ثِيَابِهِمْ ، السَّلَامُ عَلَى قَمَرِ الْأَقْمَارِ الْمُتَكَلِّمِ مَعَ كُلِّ لُغَةٍ بِلِسَانِهِمْ  الْقَائِلِ لِشِيعَتِهِ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُوَلِّي إِمَاماً عَلَى أُمَّةٍ حَتَّى يُعَرِّفَهُ بِلُغَاتِهِمْ .

السَّلَامُ : عَلَى فَرْحَةِ الْقُلُوبِ  وَ فَرَجِ الْمَكْرُوبِ  وَ شَرِيفِ الْأَشْرَافِ  وَ مَفْخَرِ عَبْدِ مَنَافٍ ، يَا لَيْتَنِي مِنَ الطَّائِفِينَ بِعَرْصَتِهِ وَ حَضْرَتِهِ ، مُسْتَشْهِداً لِبَهْجَةِ مُؤَانَسَتِهِ‏ :

أَطُوفُ بِبَابِكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ‏
كَأَنَّ بِبَابِكُمْ جُعِلَ الطَّوَافُ‏
 السَّلَامُ : عَلَى الْإِمَامِ الرَّءُوفِ ، الَّذِي هَيَّجَ أَحْزَانَ يَوْمِ الطُّفُوفِ .

بِاللَّهِ أُقْسِمُ : وَ بِآبَائِكَ الْأَطْهَارِ ، وَ بِأَبْنَائِكَ الْمُنْتَجَبِينَ الْأَبْرَارِ ، لَوْ لَا بُعْدُ الشُّقَّةِ حَيْثُ شَطَّتْ بِكُمُ الدَّارُ ، لَقَضَيْتُ بَعْضَ وَاجِبِكُمْ بِتَكْرَارِ الْمَزَارِ .

وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ : يَا حُمَاةَ الدِّينِ ، وَ أَوْلَادَ النَّبِيِّينَ ، وَ سَادَةَ الْمَخْلُوقِينَ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

 

 

دعاء يا الله الدائم في ملكه :

ثُمَّ صَلِّ : صلاة الزيارة ، و سبح و أهدها إليه صلوات الله عليه .

ثم قل :

اللَّهُمَّ : إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ‏ الدَّائِمُ‏ فِي مُلْكِهِ ، الْقَائِمُ فِي عِزِّهِ ، الْمُطَاعُ فِي سُلْطَانِهِ ، الْمُتَفَرِّدُ فِي كِبْرِيَائِهِ ، الْمُتَوَحِّدُ فِي دَيْمُومِيَّةِ بَقَائِهِ ، الْعَادِلُ فِي بَرِيَّتِهِ ، الْعَالِمُ فِي قَضِيَّتِهِ ، الْكَرِيمُ فِي تَأْخِيرِ عُقُوبَتِهِ .

إِلَهِي : حَاجَاتِي مَصْرُوفَةٌ إِلَيْكَ ، وَ آمَالِي مَوْقُوفَةٌ لَدَيْكَ ، وَ كُلَّمَا وَفَّقْتَنِي بِخَيْرٍ فَأَنْتَ دَلِيلِي عَلَيْهِ ، وَ طَرِيقِي إِلَيْهِ .

يَا قَدِيراً : لَا تَئُودُهُ الْمَطَالِبُ ، يَا مَلِيّاً يَلْجَأُ إِلَيْهِ كُلُّ رَاغِبٍ ، مَا زِلْتُ مَصْحُوباً مِنْكَ بِالنِّعَمِ ، جَارِياً عَلَى عَادَاتِ الْإِحْسَانِ وَ الْكَرَمِ .

أَسْأَلُكَ : بِالْقُدْرَةِ النَّافِذَةِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ، وَ قَضَائِكَ الْمُبْرَمِ الَّذِي تَحْجُبُهُ بِأَيْسَرِ الدُّعَاءِ ، وَ بِالنَّظْرَةِ الَّتِي نَظَرْتَ بِهَا إِلَى الْجِبَالِ فَتَشَامَخَتْ ، وَ إِلَى الْأَرَضِينَ فَتَسَطَّحَتْ ، وَ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَارْتَفَعَتْ ، وَ إِلَى الْبِحَارِ فَتَفَجَّرَتْ .

يَا مَنْ جَلَّ : عَنْ أَدَوَاتِ لَحَظَاتِ الْبَشَرِ ، وَ لَطُفَ عَنْ دَقَائِقِ خَطَرَاتِ الْفِكَرِ ، لَا تُحْمَدُ يَا سَيِّدِي إِلَّا بِتَوْفِيقٍ مِنْكَ يَقْتَضِي حَمْداً ، وَ لَا تُشْكَرُ عَلَى أَصْغَرِ مِنَّةٍ إِلَّا اسْتَوْجَبْتَ بِهَا شُكْراً ، فَمَتَى تُحْصَى نَعْمَاؤُكَ يَا إِلَهِي ، وَ تُجَازَى آلَاؤُكَ يَا مَوْلَايَ ، وَ تُكَافَى صَنَائِعُكَ يَا سَيِّدِي ، وَ مِنْ نِعَمِكَ يَحْمَدُ الْحَامِدُونَ ، وَ مِنْ شُكْرِكَ يَشْكُرُ الشَّاكِرُونَ ، وَ أَنْتَ الْمُعْتَمَدُ لِلذُّنُوبِ فِي عَفْوِكَ ، وَ النَّاشِرُ عَلَى الْخَاطِئِينَ جَنَاحَ سِتْرِكَ ، وَ أَنْتَ الْكَاشِفُ لِلضُّرِّ بِيَدِكَ ، فَكَمْ مِنْ سَيِّئَةٍ أَخْفَاهَ حِلْمُكَ حَتَّى دَخِلَتْ ، وَ حَسَنَةٍ ضَاعَفَهَا فَضْلُكَ حَتَّى عَظُمَتْ عَلَيْهَ مُجَازَاتُكَ .

 جَلَلْتَ : أَنْ يُخَافَ مِنْكَ إِلَّا الْعَدْلُ ، وَ أَنْ يُرْجَى مِنْكَ إِلَّا الْإِحْسَانُ وَ الْفَضْلُ ، فَامْنُنْ عَلَيَّ بِمَا أَوْجَبَهُ فَضْلُكَ ، وَ لَا تَخْذُلْنِي بِمَا يَحْكُمُ بِهِ عَدْلُكَ .

سَيِّدِي : لَوْ عَلِمَتِ الْأَرْضُ بِذُنُوبِي لَسَاخَتْ بِي ، أَوِ الْجِبَالُ لَهَدَّتْنِي ، أَوِ السَّمَاوَاتُ لَاخْتَطَفَتْنِي ، أَوِ الْبِحَارُ لَأَغْرَقَتْنِي ، سَيِّدِي سَيِّدِي سَيِّدِي ، مَوْلَايَ مَوْلَايَ مَوْلَايَ ، قَدْ تَكَرَّرَ وُقُوفِي لِضِيَافَتِكَ ، فَلَا تَحْرِمْنِي مَا وَعَدْتَ الْمُتَعَرِّضِينَ لِمَسْأَلَتِكَ .

يَا مَعْرُوفَ الْعَارِفِينَ : يَا مَعْبُودَ الْعَابِدِينَ ، يَا مَشْكُورَ الشَّاكِرِينَ ، يَا جَلِيسَ الذَّاكِرِينَ ، يَا مَحْمُودَ مَنْ حَمِدَهُ ، يَا مَوْجُودَ مَنْ طَلَبَهُ ، يَا مَوْصُوفَ مَنْ وَحَّدَهُ ، يَ مَحْبُوبَ مَنْ أَحَبَّهُ ، يَا غَوْثَ مَنْ أَرَادَهُ ، يَا مَقْصُودَ مَنْ أَنَابَ إِلَيْهِ .

يَا مَنْ : لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ  إِلَّا هُوَ ، يَا مَنْ  لَ يَصْرِفُ السُّوءَ إِلَّا هُوَ ، يَا مَنْ  لَا يُدَبِّرُ الْأَمْرَ إِلَّا هُوَ ، يَا مَنْ لَا يَغْفِرُ الذَّنْبَ إِلَّا هُوَ ، يَا مَنْ لَا يَخْلُقُ الْخَلْقَ إِلَّا هُوَ ، يَا مَنْ لَا يُنَزِّلُ الْغَيْثَ إِلَّا هُوَ .

صَلِّ " عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ اغْفِرْ لِي يَا خَيْرَ الْغَافِرِينَ .

رَبِّ : إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ حَيَاءٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ رَجَاءٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ إِنَابَةٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ رَغْبَةٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ رَهْبَةٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ طَاعَةٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ إِيمَانٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ إِقْرَارٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ إِخْلَاصٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ تَقْوَى ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ تَوَكُّلٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ ذِلَّةٍ ، وَ أَسْتَغْفِرُكَ اسْتِغْفَارَ عَامِلٍ لَكَ هَارِبٍ مِنْكَ إِلَيْكَ .

فَصَلِّ : عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ تُبْ عَلَيَّ ، وَ عَلَى وَالِدَيَّ ، بِمَا تُبْتَ وَ تَتُوبُ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ ، يَ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يَا مَنْ تُسَمَّى بِالْغَفُورِ الرَّحِيمِ ، يَا مَنْ تُسَمَّى بِالْغَفُورِ الرَّحِيمِ ، يَا مَنْ تُسَمَّى بِالْغَفُورِ الرَّحِيمِ .

صَلِّ : عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ اقْبَلْ تَوْبَتِي ، وَ زَكِّ عَمَلِي ، وَ اشْكُرْ سَعْيِي ، وَ ارْحَمْ ضَرَاعَتِي ، وَ لَا تَحْجُبْ صَوْتِي ، وَ لَا تُخَيِّبْ مَسْأَلَتِي ، يَا غَوْثَ الْمُسْتَغِيثِينَ .

وَ أَبْلِغْ أَئِمَّتِي : سَلَامِي وَ دُعَائِي ، وَ شَفِّعْهُمْ فِي جَمِيعِ مَا سَأَلْتُكَ ، وَ أَوْصِلْ هَدِيَّتِي إِلَيْهِمْ ، كَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ ، وَ زِدْهُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَنْبَغِي لَكَ ، بِأَضْعَافٍ لَا يُحْصِيهَ غَيْرُكَ ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى طَيِّبِ الْمُرْسَلِينَ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ.

 

قال المجلسي بيان‏ :

روي عن الشيخ المفيد قدس الله روحه‏ : أنه يستحب أن يدعو بعد زيارة الرضا ع بهذا الدعاء ، اللهم إني أسألك يا الله الدائم في ملكه إلى آخر الدعاء.

قوله : الحفي هو العالم يتعلم باستقصاء ، و النبيه الشريف ، و القدر بالفتح الغنى و اليسار و القوة أي ذو القدر ، و النازح البعيد ، قوله و عدة الوعيد أي عدة رفع ما أوعد الله من العقاب.

قوله : و البئر المعطلة : إشارة إلى ما مر في أخبار كثيرة أن البئر المعطلة الإمام الغائب ، و القصر المشيد الإمام الحاضر ، قوله أرض خراسان خراسان أي بسبب مرقده الشريف اشتهرت من بين طوائف العالم و صارت مقصودة لأصناف الأمم قوله على البهجة أي صاحبها.

قوله و الغصون : أي هو و سائر الأئمة ، أو صاحب الغصون بأن يكون المراد بالغصون الأخلاق الكريمة و الفضائل العظيمة ، و العجاج الصياح كناية عن كثرة مائه و شدة تلاطم أمواجه ، و الثرى كعلى طريق في سلمى كثيرة الأسد ، و الخيس بالكسر الشجر الملتف و موضع الأسد ، و العيس بالكسر الإبل البيض يخالط بياضه شقرة ، و الطموس الدروس و الامحاء ، و الخافقان المشرق و المغرب أو أفقاهما لأن الليل و النهار يختلفان فيهما أو طرفا السماء و الأرض أو منتهاهما  .

قوله عليه السلام : و تعبدهم أي الأنبياء أو الناس و الأول أظهر ، و كلمة الله وعده أو حكمته أو دينه أو شريعته ، قوله السلام على شهور الحول أي عددهم عليهم السلام مطابق لعدد شهور الحول و عدد ساعات كل من الليل و النهار  و حروف لا إله إلا الله ، و قد يعبر عنهم بكل منها لذلك.

قوله بسبعة آباء هم : قد مضى شرحه في أبواب تاريخ الرضا عليه السلام لأنه الإمام الثامن ،  قوله و من أنشد أي نظم في الشعر ما يدل على وجوب الصلاة عليهم و طهارة ثيابهم من لوث الذنوب و لعله تصحيف أرشد فيكون إشارة إلى ما بين للمأمون من فضل الآل و العترة و عصمتهم و وجوب الصلاة عليهم .

و شطت الدار : بالتشديد بعدت ، قوله لا تؤده أي تثقل عليه ، قوله حتى دخلت أي غابت و ذهبت فلم يطلع عليها أحد أو غفرت و لم يبق لها أثر أو بكسر الخاء من قولهم دخل أمره كفرح أي فسد داخله أو بالحاء المهملة من قولهم دحل عني كمنع أي تباعد و فر و استتر.

و اعلم : أن ظاهر العبارة يدل على أن هذه الزيارة مروية عن الجواد عليه السلام ، و يحتمل أن يكون الإشارة في قوله روي ذلك راجعة إلى كون أفضله في شهر رجب ، و في بعض عبارتها ما يوهم كونها غير مروية و الله يعلم.

أقول : قد مضى بعض ما يناسب هذا الباب في الباب السابق.

بحار الأنوار ج99ص53ب 5ح11 .

وذكر في الهامش : هذه الأبيات الأولى رويت في المناقب ج 3 ص 468- 469 منسوبة لعلى بن أحمد الخوافي، و رويت الخمسة الأولى في عيون الأخبار ج 2 ص 251 و نسبت الى على بن أبي عبد اللّه الخوافي و الظاهر أنّه هو السابق ، هذا البيت بعده أنشده عبد الجبار بن سعيد على منبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في المدينة المنورة حين خطب و دعا للمأمون و لولي عهده الإمام عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن على ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام ثم، ّ أنشد البيت المذكور و ذلك في سنة اخذ البيعة بولاية العهد راجع المناقب ج 3 ص 473 طبع النجف الأشرف.

 


الزيارة الخامسة

زيارة أخرى للإمام الرضا عليه السّلام ذكرها في المزار الكبير :

تغتسل كما ذكرناه : و تقف على قبره كما قدمناه ، و تقول :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَ ابْنَ وَلِيِّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَ ابْنَ حُجَّتِهِ وَ أَبَا حُجَجِهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْهُدَى وَ الْعُرْوَةَ الْوُثْقَى وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ : مَضَيْتَ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ آبَاؤُكَ الطَّاهِرُونَ عَلَيْهِمُ السَّلَام ُ، لَمْ تُؤْثِرْ عَمًى عَلَى هُدًى ، وَ لَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ إِلَى بَاطِلٍ ، وَ أَنَّكَ قَدْ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ، وَ أَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ خَيْرَ الْجَزَاءِ.

أَتَيْتُكَ بِأَبِي وَ أُمِّي : زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِك َ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ جَلَّ وَ عَزّ َ.

 

ثم انكب على القبر فقبله و ضع خديك عليه، و تحول الرأس و قل:

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا مَوْلَايَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ الْإِمَامُ الْهَادِي ، وَ الْمُوَالِي الرَّاشِدُ ، وَ الْوَلِيُّ الْمُجَاهِدُ ، وَ أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ‏ تَعَالَى مِنْ أَعْدَائِكَ ، وَ أَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ بِمُوَالاتِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

ثم صل ركعتين : و صل بعدهما ما أحببت .

 و تحول : إلى عند الرجلين و ادع بما شئت .

فإذا أردت وداعه : عند الانصراف ، فقف على قبره كوقوفك أولا و قل:

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا مَوْلَايَ يَا أَبَا الْحَسَنِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ، أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِمَا جِئْتَ بِهِ وَ دَلَلْتَ عَلَيْهِ ، اللَّهُمَّ اكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ .

ثم انكب على القبر فقبله و ضع خديك عليه و انصرف.

المزار الكبير لابن المشهدي ص547ب6ح1 .

 


الزيارة السادسة

ذكر المجلسي : عن كتاب العتيق الغروي‏ ، إذا خرجت من منزلك تريد زيارة أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فقل ما تقدم ذكره عند التوجه لزيارة صاحب الغري عليه السلام ( ومثلها في الزيارة الأولى من الغسل والدعاء عند التوجه للزيارة ) ، فإذا وصلت إلى قبره ، فقل :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : أَيُّهَا الْعَلَمُ الْهَادِي ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الزَّكِيُ‏ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْبَرُّ التَّقِيُّ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَلَمُ الْمُطَهَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ .

 السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وِعَاءَ حُكْمِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَيْبَةَ سِرِّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْحَافِظُ لِوَحْيِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُسْتَوْفِي فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُتَرْجِمُ لِكِتَابِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الدَّاعِي إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَ الْمُعَبِّرُ لِمُرَادِ اللَّهِ .

 السَّلَامُ عَلَيْكَ : أَيُّهَا الْمُحَلِّلُ لِحَلَالِ اللَّهِ  وَ الْمُحَرِّمُ لِحَرَامِ اللَّهِ ، وَ الدَّاعِي إِلَى دِينِ اللَّهِ ، وَ الْمُعْلِنُ لِأَحْكَامِ اللَّهِ ، وَ الْفَاحِصُ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا أَبَا الْحَسَنِ  أَشْهَدُ يَا مَوْلَايَ أَنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ وَ أَمِينُهُ ، وَ صَفْوَةُ اللَّهِ وَ حَبِيبُهُ ، وَ خِيَرَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ ، وَ حُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ .

أَشْهَدُ أَنَّهُ : مَنْ وَالاكَ فَقَدْ وَالَى اللَّهَ ، وَ مَنْ عَادَاكَ فَقَدْ عَادَى اللَّهَ ، وَ مَنِ اسْتَمْسَكَ بِكَ وَ بِالْأَئِمَّةِ مِنْ آبَائِكَ ، وَ وُلْدِكَ‏ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ .

وَ أَشْهَدُ أَنَّكُمْ : كَلِمَةُ التَّقْوَى ، وَ أَعْلَامُ الْهُدَى ، وَ نُورٌ لِسَائِرِ الْوَرَى .

 

ثم تنكب على قبره و تقبله و تقول :

بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي : أَيُّهَا الصِّدِّيقُ الشَّهِيدُ ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا ابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ ، وَ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ ، وَ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ .

و تصلي عنده ركعتين :

فإذا فرغت و أردت الوداع فقل :

يَا مَوْلَايَ : يَا أَبَا الْحَسَنِ ، يَا مَوْلَايَ أَيُّهَ الرِّضَا ، أَتَيْتُكَ زَائِراً ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ خَيْرُ مَزُورٍ بَعْدَ آبَائِكَ ، وَ أَفْضَلُ مَقْصُودٍ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ زَارَكَ ، فَقَدْ وَصَلَ رَسُولَ اللَّهِ ، وَ أَبْهَجَ فَاطِمَةَ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ، وَ نَالَ مِنَ اللَّهِ الْفَوْزَ الْعَظِيمَ ، فَلَا جَعَلَهُ اللَّهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكَ ، وَ إِتْيَانِ مَشْهَدِكَ ، وَ رَزَقَنِيَ الْعَوْدَ ثُمَّ الْعَوْدَ إِلَيْكَ ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.

قال مؤلف المزار الكبير : بعد إيراد الزيارة الأولى‏ ، زيارة أخرى له صلوات الله عليه ، تغتسل و تقف على قبره عليه السلام ، و تقول :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَ ابْنَ وَلِيِّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ وَ ابْنَ حُجَّتِهِ وَ أَبَا حُجَجِهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا إِمَامَ الْهُدَى وَ الْعُرْوَةَ الْوُثْقَى وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ مَضَيْتَ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ آبَاؤُكَ الطَّاهِرُونَ ، لَمْ تُؤْثِرْ عَمًى عَلَى هُدًى ، وَ لَمْ تَمِلْ مِنْ حَقٍّ إِلَى‏ بَاطِلٍ ، وَ أَنَّكَ قَدْ نَصَحْتَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ ، وَ أَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ خَيْرَ الْجَزَاءِ ، أَتَيْتُكَ بِأَبِي وَ أُمِّي زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ ، مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ ، فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ جَلَّ وَ عَزَّ .

بحار الأنوار ج99ص44ب5ح9 ، 10.


الزيارة السابعة

قال ابن قولوية رحمه الله : إِذَا أَتَيْتَ الرِّضَا عَلِيَّ بْنَ مُوسَى عليه السلام ، فَقُلِ :

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا الْمُرْتَضَى ، الْإِمَامِ التَّقِيِّ النَّقِيِّ ، وَ حُجَّتِكَ عَلَى مَنْ فَوْقَ الْأَرْضِ وَ مَنْ تَحْتَ الثَّرَى ، الصِّدِّيقِ الشَّهِيدِ ، صَلَاةً كَثِيرَةً نَامِيَةً ، زَاكِيَةً مُتَوَاصِلَةً ، مُتَوَاتِرَةً مُتَرَادِفَةً ،  كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِكَ.

كامل الزيارات، النص ص309ب102ح1 .

وقال الكفعمي في المصباح الزيارة أعلاه :

ثم صل ركعتي الزيارة ، و قل في وداعه :

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ ابْنِ نَبِيِّكَ وَ،  حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ ، وَ اجْمَعْنِي وَ إِيَّاهُ فِي جَنَّتِكَ ، وَ احْشُرْنِي مَعَهُ وَ فِي حِزْبِهِ مَعَ‏ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً،  وَ أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَ أَسْتَرْعِيكَ ، وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ بِمَا جِئْتَ بِهِ وَ دَلَلْتَ عَلَيْهِ ، اللَّهُمَ‏ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ‏.

المصباح للكفعمي ص 493 .

 

يا طيب : وقراءة أحاديث زيارة الإمام الرضا عليه هي بمثابة زيارة له ، وبالخصوص بالتفكر بها ، ونية أنه يزور الإمام للحصول على هذا الثواب المذكور فيها جميعا ثم يباشر بالزيارة ، ونظمت بزيارة ونقلها في هامش مصباح الكفعمي وموجدة على الأنترنيت ، فمن يحب يراجعها بالبحث عن زيارة الأحاديث السبعة ، أسأل الله تعالى برحمته وفضله أن يتقبل أعمالكم ودعائكم وزياراتكم وطاعتكم ، وجعلن وإياكم جميعا ، في رحمته ويحشرنا مع أئمتنا وأوليائنا نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين المعصومين عليهم الصلاة السلام في أقرب محل الشهداء والصديقين ، فإنه أرحم الراحمين ، وأسألكم الدعاء

 

*****

 

 

فاز برضا الله زائري مشهد و شذاهم أطيب من عطر أزهار مرو

نبات مرو العطري :

مرو : المَرْوُ: شجر طَيِّبُ الريح ، ونبات عشبيّ دائمي غير فصلي وتزيينيّ من نوع رياحين الزعفران من فصيلة الشَّفويّات ويرتفع حدود المتر ، أوراقه جميلة الخضار وأزهاره بيض أو ورديّة اللَّون ، له رائحة ذكيّة جدًّا تنتشر بمجرَّد وضع اليد على أوراقه ، وشذا عطره فواح طيب مريح للنفس منعش للقلب ، وهو نبات عطري له فوائد طبية متعددة ، وكأنه مشتق من المروءة لذوي الأخلاق الفاضلة ، أي من زار الإمام الرضا في مشهد كملت مروءته وشكر من هداه بحق بفضل الله وعرفه هداه بصراط مستقيم وتحقق بكل نعيم دنيوي و أخروي وطهر وجوده ، ونشر بعق نوره وشذ عبير روحه الطيبة ، وقبل علمه وعمل ، وتحقق برضا الله تعالى ودخل في رضوانه .

 

و الحَبَقُ : اسم لكل نبات عشبيّ من فصيلة الشَّفويّات ، أوراقه جميلة الخضار وأزهاره بيض أو ورديّة اللَّون ، له رائحة ذكيّة جدًّا تنتشر بمجرَّد وضع اليد على أوراقه ، وتسمية نبتت المرو حبق الشيوخ ، حبق الفتى ، أي يرجع الشيخ فتى أو يجعله قوي ، ولذا يقال له أيضا أو شبيه ،  حبق الماءِ وحبق التّمساح نَعْناع الماء النّهري ، حبق البقر البابونج ، حَبَق  الرَّيْحان عشبة سنويّة عطريّة من فصيلة النُّعنُع تُزرع لأوراقها التي تعدّ من التَّوابل الشَّائعة .

 

فوائده نبات المرو وأسمائه :

يا طيب : ذكر في عدة مواقع على الإنترنيت ، أسمائه وخواصه وفوائده لنبات المرو أزهار ورود وثمرة ، وخلاصتها من المجموع بتقديم وتأخير وترتيب منا :

الاسم العلمي للمرو :Origanum Majorana l

الأسماء المرادفة للمرو : نبات شجيرة عشب مرو ، الخرنباش ، و حَبَقُ الشُّيُوخ هو المَرْوُ و يُسَمَّى أَيضاً رَيْحانَ الشُّيُوخ ، حبق الفتى ، مردقوش ، البردقوش، مرزنجوش، مردكوش، وهو  نوع من‏ الزّعفران‏ يُسمُّونه المَرْدَقُوش‏، بالفارسيّة  عبقر الدوش ، سمق، عترة، ريحان البر، ، حبق .

عن الغافقي : قال صاحب الفلاحة المرو سبعة أصناف فمنه  / المرماحور وهو أجودها وأنفعها للجوف وأكثرها دخولاً في الأدوية والتالي له في المنفعة مرويقتلونه والثالث مرواطوس ، والرابع مرواهان ، والخامس مرومريدان ، والسادس مروالهرم ، والسابع مروكلائل

نبات المر : مشهور باسم المَرْدَقُوش‏: المَرْزَنْجُوشُ، نوع من الزَّعْفَرانُ؛ وقيل معرب مردگوش مرد رجل أو لين ، وكوش أذن ، وورد في الطب القديم مفيد للصداع الذي نسميه الشقيقة ، ولتنظيم الدورة الشهرية واللطمث وللعقم .

 

وصف نبات مرو : نبات بري معمر وليس فصلي ، ويرتفع عن الارض في حدود المتر تقريبا ، ساقه منتصبه موشحه باللون الاحمر ، ، الاوراق بيضوية الشكل ذو رأس دقيق ، ازهاره تميل الى اللون البنفسجي ، بذوره دقيقه تكون في كؤوس صغيره.

أجزاء المر المستعملة : الاجزاء الهوائية ، اوراق ، بذور ، ازهار .

طبيعة استعمال المر : داخلي منقوع مشروب وخارجي كزيوت التدهين ومرهم.

طريقة الاستعمال المر : مغلي ، منقوع ، مسحوق ، مستحضر مستخلص مائي بالتبخير .

المواد الفعالة : زيت عطري ، املاح معدنيه ، فيتامينات  راتنج ، فيه زيوت طيارة اسمها العلمي : فلافونويد ، هيدروكوينون ، جلوكوسايد اربوتين ، حمض الكافييك ، و الروزمارينيك ، ترايتيربين

الطعم : مر قليلا، رائحته منعشة ومميزة .

 

الاستخدام الطبي للمر :  منشط عام ، له تأثيرا مسكنا ، ومضاد للاكتئاب ،   أثبتت الأبحاث أن لمستخلص هذا العشب تأثيرا محفزا لجهاز المناعة يساوى تماما التأثير المعروف لحبة البركة .

و لنبات المر : تأثيرا مضادا للالتهابات وخافضا للحرارة المرتفعة ، يفوق تأثير بعض الأدوية القياسية المستخدمة في علاج هذه الأمراض ، فمضاد للالتهابات الصدرية واللوزتين والسعال ، والتهابات القصبة والربو ، محلل للرياح المنعقدة في القولون ، مفتح للسدد الباردة ، جيد لآلام المعدة ، تدفق الصفراء ، و مدر للبول.

وبذور المر : نافعه من تصلب الدمامل و منضجة لها ، مقوي للأمعاء ، نافع من الاستسقاء ، نافع من خفقان القلب ، نافع من ضربان الاذن اذا قطر ماؤه مخلوطا بالحليب .

  ونبات المر :  يعيد الاتزان الهرموني، وإذا أخذه الأصحاء فإنه لا يؤثر في اتزانهم الهرموني، بل يؤدي دوره في إسراع التمثيل الغذائي ، ومن الغريب في هذا العشب أنه إذا أخذ مساءً فإنه يؤدي إلى الاسترخاء.

  ثبت حديثاً  : أن المستخلص المائي المحتفظ بالزيوت الطيارة منه يخفض سكر الدم بنسبة تصل إلى 15 %.

ويستخدم عشب المر : في علاج حالات عدم انتظام الدورة الشهرية، وكذلك عسر الطمث ، وفي علاج حالات تسمم الحمل.

ونبات المر : أثبتت الدراسات التي أجريت لبيان التأثير العلاجي لمستخلص نبات المر "أي البردقوش" أن له تأثيرا واقيا يمنع تدمير خلاي الكبد ، وكذلك تأثيرا ضد الأكسدة .

يحتوى المر : على مواد فعالة كثيرة منها الثيمول والكافاكرول وحمض الورزمارنيك وهي مواد لها تأثير مضاد لبعض أنواع الفيروسات والميكروبات.

والمر : يزيد الإثارة الجنسية homeopathy ...و يعتقد أن العشبة تخفض الشهوة الجنسية..

 وعلى المر : أقام باحثون بقسم الفارماكولوجى بالمركز القومي للبحوث في مصر إن الدراسات التي أجريت لبيان التأثير العلاجي لمستخلص نبات المر  البردقوش أثبتت أن له تأثيراً واقياً يمنع تدمير خلايا الكبد، وكذلك تأثيراً ضد الأكسدة، ودعوا إلى تناول كوب من عشب البردقوش صباحاً ومساءً، لأن له تأثيراً مضاداً للالتهابات وخافضاً للحرارة المرتفعة، يفوق تأثير بعض الأدوية القياسية المستخدمة في علاج هذه الأمراض .

وأكد الباحثون : أن التجارب الهرمونية أثبتت ان لهذا العشب قدرة على إحداث توازن طبيعي لنسب هرمون التكاثر الذى يتسبب الخلل فيه بالنقص أو الزيادة في حدوث العقم سواء عند الذكور أو الإناث، وأشاروا إلى أن الأبحاث التي أجريت حول سمِّية هذا العشب أثبتت أن خلاصته آمنة تماماً حتى تركيز 5 جم لكل كيلوجرام من وزن الجسم، كما لم يسفر الاستعمال المتواصل له لمدة شهرين عن أضرار في وظائف الكبد والكلى وصورة الدم، مما يجعله آمناً تماماً عند استعماله بصورة متواصل. ويقال إن البردقوش اكثر فائدة من الشاي الاخضر واعشاب اخري للناس الراغبين النحافة ،  لو أخذوا كأس من المر ( البردقوش ) قبل كل وجبة .

كما تشير : الدراسات العلمية إلى أن نبات المر ( البردقوش )  له تأثير مضاد للأكسدة مثله مثل مضادات الأكسدة الأخرى ، وقد وُجِد أن مركبات هذا النبات تمنع تهتُّك الخلايا. ووُجِد أن مضادات الأكسدة لها تأثير بالغ في علاج التهاب المفاصل .

وعلى المر : أجريت دراسة على 100 نوع من نباتات الفصيلة الشفوية الذي يعتبر نبات المر ( البردقوش ) من ضمنها ، وُجِد أن هذا النبات كان أفضل نبات أعطى تضاداً للأكسدة .

وللمر خصائصه العلاجية : أنه مزيل للألم ومطهر ومضاد للتشنج وخافض للضغط ،  ومنوم ، يُتناول منقوعه المغلي لطرد البلغم وتخفيف الكحة ، وتخفيف الألم ومغص الكبد والمرارة الملتهبة، كما يعمل على طرد الغازات وتخفيف التقلصات المعوية والمعدية .

ونبات المر : البردقوش فاعل ضد التشنج وارتفاع ضغط الشرايين ، والارق وتشنج الوجه ، والقلق وآلام الروماتيزم .

وزيت المر : البردقوش يدخل في الطب كأحد المركبات الطاردة للغازات ، وفي تركيب أدوية علاج مرض الروماتيزم والأكزيما والقُرَح المَعِدِيَّة .

فالمر يستعمل : من الخارج كتدليك ضد التشنج وارتفاع ضغط الشرايين ، والارق والأورام ، ويزيل القلق والام الروماتيزم . ولالتهاب الأعصاب وتشنج الوجه والعنق وأوجاع عضلات العنق . ويمكن أن تستنشقه لالتهاب الجيوب الأنفية  ، كما يمكن أن يُحَضَّر من البردقوش والفازلين مرهم لعلاج الرشح وزكام الأنف، وذلك بخلط ملعقة صغيرة من مطحون بودرة بردقوش مع ملعقتين فازلين ثم دعكُ الأنف من الداخل والخارج جيداً، وذلك قبل النوم ليلاً ، يستعمل للتخسيس وخفض الوزن ، ويمكن أن يشرب بدل الشاي الأسود والأخضر وهو بعيد عن المضار .....

الطريقة استعمال المر : من عشبة المر (المردقوش )إضافة ملعقة صغيرة كاملة في الماء البارد ، مثل كوب  الماء يكون عادة 200 مل .

بعد إضافة : الأعشاب إلى المياه نضعه على النار  حتى يغلي.

وبمجرد : أن يغلي، نخفض الحرارة ويترك على نار خفيفة  لمدة 15 دقيقة.

ثم نضعه : في كوب ونحليه بالقليل من العسل ، و تجنب قدر الإمكان استخدام السكر لتحليته ، حتى يساعدك على تجنب  السعرات الحرارية غير المرغوب فيها.

 

و مَرُؤَ.المُرُوءَة : كَمالُ الرُّجُولِيَّة ، مَرُؤَ الرجلُ‏ يَمْرُؤُ مُرُوءَةً، فهو مَرِي‏ءٌ، على فعيلٍ، وَ تمَرَّأَ، على تَفَعَّلَ: صار ذا مُروءَةٍ. و تَمَرَّأَ: تَكَلَّفَ‏ المُروءَة. و تَمَرَّأَ بنا أَي طَلَب بإِكْرامِن اسم‏ المُروءَةِ. و فلان‏ يَتَمَرَّأُ بنا أَي يَطْلُبُ‏ المُروءَةَ بنَقْصِن أَو عيبنا.

و المُرُوءَة: الإِنسانية، و لك أَن تُشَدّد. و من‏ المُرُوءَةِ مَرُؤَ الرجلُ‏ يَمْرُؤُ مُرُوءَةً،مَرُؤَ الإنسان فهو مري‏ء مثل قرب فهو قريب، أي صار ذا مروءة و مُرُوَّةٌ"، و هي كما قيل: آداب نفسانية تحمل مراعاته الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق و جميل العادات، و قد يتحقق بمجانبة ما يؤذن بخسة النفس من المباحات كالأكل في الأسواق حيث يمتهن فاعله. و في الدروس: الْمُرُوَّةُ تنزيه النفس عن الدناءة التي لا تليق بأمثاله كالسخرية و كشف العورة التي يتأكد استحباب سترها في الصلاة و الأكل في الأسواق غالبا و لبس الفقيه لباس الجندي بحيث يسخر منه.

و سئل آخَرُ عن‏ المُروءَة، فقال: المُرُوءَة أَن لا تفعل في السِّرِّ أَمراً و أَنت تَسْتَحْيِي أَن تَفْعَلَه جَهْراً.

 

و طعامٌ‏ مَري‏ءٌ هَنِي‏ءٌ: حَمِيدُ المَغَبَّةِ بَيِّنُ‏ المَرْأَةِ، على مثال تَمْرةٍ. و قد مَرُؤَ الطعامُ، و مَرَأَ: صار مَرِيئاً، و كذلك‏ مَرِئَ‏ الطعامُ كما تقول فَقُهَ و فَقِهَ، بضم القاف و كسرها؛ و اسْتَمْرَأَه‏.

في حديث الاستسقاء: اسقِنا غَيْثاً مَرِيئاً مَرِيعاً.

يقال: مَرَأَني‏ الطعامُ و أَمْرَأَني‏ إذا لم يَثْقُل على المَعِدة و انْحَدَر عنها طَيِّباً.

و قالوا: هَنِئَنِي الطَّعامُ و مَرِئَني‏ و هَنَأَنِي و مَرَأَنِي‏، على الإِتْباعِ، إذا أَتْبَعُوها هَنَأَنِي قالوا مَرَأَنِي‏، فإذا أَفردوه عن هَنَأَنِي قالوا أَمْرَأَنِي‏، و لا يقال أَهْنَأَنِي.

 قال أَبو زيد: يقال‏ أَمْرَأَنِي‏ الطعامُ‏ إِمْراءً، و هو طعامٌ‏ مُمْرِئٌ‏، و مَرِئْتُ‏ الطعامَ، بالكسر: اسْتَمْرأْتُه‏. و ما كان‏ مَرِيئاً و لقد مَرُؤَ. و هذا يُمْرِئُ‏ الطعامَ.

و قال ابن الأَعرابي: ما كان الطعامُ‏ مَرِيئاً و لقد مَرَأَ، و ما كان الرجلُ‏ مَرِيئاً و لقد مَرُؤَ. و قال شمر عن أَصحابه: يقال‏ مَرِئَ‏ لي هذا الطعامُ‏ مَراءَةً أَي‏ اسْتَمْرَأْتُه‏، و هَنِئَ هذا الطعامُ، و أَكَلْن من هذا الطعام حتى هَنِئْنا منه أَي شَبِعْنا، و مَرِئْتُ‏ الطعامَ و اسْتَمْرَأْته‏، و قَلَّما يَمْرَأُ لك الطعامُ. و يقال: ما لَكَ لا تَمْرَأُ أَي ما لَك لا تَطْعَمُ، و قد مَرَأْتُ‏ أَي طَعِمْتُ. و المَرءُ: الإِطعامُ على بناء دار أَو تزويج. و كَلأٌ مَرِي‏ءٌ: غير وَخِيمٍ.

و مَرُؤَتِ‏ الأَرضُ‏ : مَراءَةً، فهي‏ مَرِيئةٌ: حَسُنَ هواءُها.

و المَرِي‏ءُ: مَجْرى الطعام و الشَّراب، و هو رأْس المَعدة و الكَرِش اللاصقُ بالحُلْقُوم الذي يجري فيه الطعام و الشراب و يدخل فيه، و الجمع: أَمْرِئةٌ و مُرُؤٌ، مَهموزة بوزن مُرُعٍ، مثل سَرِير و سُرُرٍ.

مُرْوٍ: اسم فاعل من أَرْوَى  يُروي أَرْوِ إرواءً فهو مُرْوٍ ، والمفعول مُروًى ، أَرْوَى  غَنَمَهُ : سَقَاهَا إلَى أَنْ شَبِعَتْ ، أَرْوَى  عَطَشَهُ : شَرِبَ إِلَى أَنْ شَبِعَ ، و أَرْوَى  غَلِيلَهُ : أَشْبَعَهُ ، و  أَرْوَاهُ الشِّعْرَ : حَمَلَهُ عَلى رِوَايَتِهِ

 

يا طيب : كل تصرفات مرو في معنى الطيب ، سواء نبات أو طعام أو هواء أو ماء ، أو أخلاق وآداب ، كلها تدل على الخير والبركة والصلاح في الأمر ، ومثلها معرفة الحق وأهله والدين الصادق ومن يعلمه ، والهدى الإلاهي ومعارفه ومن فضلهم الله به ، ولا تجد بعد التحقيق والتدقيق والبحث أحد خصهم الله بالفضائل الكريمة والمناقب المنيفة والشمائل العفيفة والأخلاق الحسنة والآداب الإسلامية بواقع المعنى والكلمة إلا نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، وهم أعلى الناس والعباد والبشر نورا وهدا وفضلا وعزا بالله تعالى ، ومن يقر لهم بالاصطفاء والإجتباء من الله وأنه طيبهم وطهرهم وأدبهم وعلمهم وفهمهم وجعلهم راسخين بعلم القرآن الكريم ، والأدلاء على عظمته وتعليم دينه ، وأنهم هم المنعم عليهم بالصراط المستقيم الذي نسأل الله أن يهدينا له عشرة مرات في قراءة الفاتحة في الصلاة يوميا ، فزارهم وأقر لهم بالولاية والإمة ، وتعلم منهم وأقتدى بهم مخلصا لله الدين بدون خلطهم بمن خالفهم فضلا عمن عاداهم وقتلهم وحاربهم وأتباعهم ، يكون قد مرؤ وجوده وحسنت نفسه وطابت روحه ، وله كل خير ونعيم من الله سبحانه وتعالى ، ورضوان منه أكبر وأعز ، وإلا إن عاندهم وأقتدى بمن خالفهم فهو من القسم الآتي من معنى المرو ، وإن حسن منظره فهو قلبه يحترق نار ويحرق بقدحه كل من يصله شرره وقلبه قاسي لم يعرف الحق وأشد من الحجارة التي يتفجر منها الأنهار  .

 

 

*****

 

ونجوا من أهوال يوم القيامة و فؤاد مبغضيه وآله كصخور مرو

ولا يعجبك ظاهرهم فقلوبهم تقدح شرر النار وقاسية كاليهودية

حجر المرو وشرره المحرق :

مرو : المَرْوُ حجارةٌ بِيضٌ رِقاقٌ بَرَّاقةٌ تُورِي النَّارَ بقدحها ، وهو حجر صخري من الصَّوَّان فيه صلابةٌ يتطايرُ منه شررٌ عند قدحِهِ بالزِّناد والقطعة ، ويوجد في الأرض على أَشكال متعدّدة شتى ، وقد قال الله : { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ  ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَ لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ  الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) } البقرة .

قالَ الأزْهرِي : و المَرْوُ : حِجارَةٌ بيضٌ بَرَّاقَةٌ تُورِي النَّارَ، الواحِدَةُ مَرْوَةٌ ؛ يكونُ‏ المَرْوُ أَبْيَضَ و لا يكونُ أَسْود و لا أَحْمر، و قد يُقْدَحُ بالحَجَر الأحْمَر و لا يُسَمَّى‏ مَرْواً، ؛ قالَ: و سَأَلْتُ عنها أَعْرابِيًّا من بَنِي أَسَدٍ ؟ فقالَ: هي هذه القدَّاحات التي تُقْدَحُ منها النارُ.

و قالَ أَبو خِيرَةَ : المَرْوَةُ الحَجَرُ الأبْيضُ الهَشُّ تكونُ فيه النارُ.

أَو المَرْوُ: أَصْلُ الحِجارَةِ، هكذا في النُّسخِ و الصَّوابُ أَصْلَبُ الحِجارَةِ، كما هو نَصُّ المُحْكم؛ و هو قولُ أَبي حنيفَةَ ، و زعمَ أنَّ النَّعامَ تَبْتلعُه ، و زعمَ أنَّ بعضَ المُلُوكِ عَجِبَ مِن ذلكَ و دَفَعه حتى أَشْهَدَه إيَّاهُ المُدَّعِي.

قدَحَ : جدح بالعراق ، قدَحَ يَقدَح قَدْحًا فهو قادح والمفعول مَقْدوح ، قَدَحَ  النَّارَ مِنَ الزَّنْدِ : أَخْرَجَ النَّارَ مِنْهُ ، و قَدَحَ  بِالزَّنْدِ : ضَرَبَ بِهِ حَجَرَهُ لإِخْرَاجِ النَّارِ مِنْهُ ، قَدَحَتْ  عَيْنُهُ شَرَراً : تَتَطَايَرُ شَرَراً .

 

أدلة مبغض آل النبي قلبة كحجر محرق :

 

يا طيب : إن الله سبحانه وتعالى لم يوحي كل لكل أحد ، وإنم كان يختار أطيب وأطهر العباد في كل زمان معين فيوحي إليهم ما يشاء من هداه ، وهم الرسل والأنبياء وأوصياءهم ، وخاتم النبيين والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن الله تعالى لم يهمل دينه ويترك هداه لكل من هب ودب ومتمنطق وطالب جاه في الناس يتحكم في دينه ويعلم بما يشاء من فكره وقياسه واستحسانه ولم يرعه بأئمة هدى حق ، بل الله سبحانه أختار من بعد النبي الأكرم آله الطيبين المعصومين ، فجعلهم سادة الأوصياء وسادة الجنة أولهم علي سيد الأوصياء ثم أبنيه الحسن والحسين عليهم السلام سيدا شباب أهل الجنة ، ثم أبناء الحسين المعصومين عليهم السلام ، والله تعالى خصهم بليلة القدر وينزل عليهم الروح من كل أمر في كل سنة ، ولم يدعي هذا أنها له غيرهم أحد ، ولو أدعاه لكان كاذبا لا يصدقه شيء .

ويصدق أهل البيت النبوي : علي وآله عليهم السلام كلام الله تعالى ، وسيرتهم وسلوكهم وما مكنهم الله تعالى من الظهور بدينة ، وبحث هذا المعنى موسعا في الإمامة ، ولكن يا طيب نذكر آيات فيها معنى الحجارة وما فيها من المناسب من الآيات والاحاديث في تعريف ما ذكرنا من المعنى :

قال الله سبحانه وتعالى :

{ وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ  بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ

وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ

إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)

 فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ  النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ

 وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) } البقرة .

يا طيب : في الآيتين أعلاه ، يتضح المعنى ببيان عدة معاني ، فهناك شهداء من دون الله وهم الكفار وأئمتهم وأتباعهم ومعهم المنافقين ، و إن كذب الكافرون وأمثالهم من الإتيان بصحة ما يخالف أمر الله من الهدى ومن أختارهم لتعليم هداه ولم يتمكنوا بالدليل والبرهان .

فهناك شهداء : بأمر الله وأختارهم الله تعالى لتأييد نبيه وتعليم هداه بعده ، وهم ممن رضيهم الله وطيبهم وأختارهم بعد نبيه وتلوه ، وبهذ قال الله تعالى :

{ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ  مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ

وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ

وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ  فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ (17) وَمَنْ أَظْلَمُ  مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ

وَيَقُولُ الأَشْهَادُ

هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ  اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) } هود .

يا طيب : الآيات أعلاه كالصريحة ونص قاطع أن البينة وبيان الهدى والكتاب عند النبي الأكرم وعند الشاهد الصادق منه ، ومن لم يرضا به كافر وظالم مفتري كاذب يدخل النار ويكوى بحجارتها كما في الآيات أعلاهم وبضم ما قبله لها ، وذلك .

 لآن الشاهد منه : من النبي هو نفس النبي الأكرم سيد المرسلين المصطفى وهو سيد الأوصياء علي بن أبي طالب عليه السلام وآله بعده ، لأن النبي منهم وهم منه ، وتوجد أحاديث كثيرة قال فيها النبي أن علي مني وأنا من علي ، وبالخصوص يوم أحد ، وفي كثير من المواقع والمواقف والأزمنة ، وكذا قال الحسن مني ، والحسين مني وأنا من الحسين ، وكذا عن فاطمة الزهراء قال إنها مني ، وبعدة عبارات وبمثله الكثير تحدث عنهم بأنهم منه ، وقبل هذا الله تعالى عرفهم بأنهم منه في آية مودة القربى قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة بالقربى، وفي آية  المباهلة بقوله تعالى:

{ فَمَنْ  حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ

أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا  وأَنفُسَكُمْ

ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)

إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ  اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63) } آل عمران .

فهذه الآيات : آية المباهلة وبعدها ، تبين أن الحسن والحسين وهم الأبناء والنساء فاطمة ونفس النبي علي ، وهم الذين حضروا المباهلة بأمر الله ولم يكن معهم غيرهم من المسلمين ، فكل مخالف لهم يعتبر كاذب ملعون لم يكن على حق ومن المفسدين ، كما تحكيه الآيات أعلاه .

وبضم الآيات لبعضها : والقرآن الكريم يفسر بعضه بعضا ، نعرف أن النبي وآله هم الصادقون وشهداء الحق ، وإن من خالفهم ضال له لعنة ومعدة له حجارة من نار ، لأنه قلبه قاسي ناري أشد من الحجارة النارية بل هو في جهنم محيطة بالكافرين ، وإن الحجار أجل شأنا منه لأنه منها من يتفجر منها الماء وتجري الأنهار ويهبط من خشية الله ، وهذا المعاند والمخالف للنبي وآله لم يخضع لكلام الله ولم يقبل ما أختار له الله من الأئمة والهداة ، وبهذا عرفنا الصادقين والشاهد من النبي من آله الكرام ، وهم من عندهم نور الله وهداه ومنهم يشرق كما في آيات النور والبيوت المرفوعة ، كما أن الله طهرهم بآية التطهير وأمر بودهم بآية المودة ، وبهذا نعرف أن النبي وآله هم المصطفين الأخيار والشهداء الصادقون .

ويا طيب : نؤكد هذا المعنى ، بأن من يخالف آل محمد عليهم السلام ويبغضهم ، فهو قلبه كالحجارة وأشد قسوة ومحاط بالنار ويكوى بالنار ، لأنه كذب الحق وشهداء الصدق والطيبين الطاهرين الذين أختارهم الله أولياء لدينه ، وذلك ببيان معنى قوله تعالى :

{ وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ

فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء

 أَوِ  ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) } الأنفال.

يا طيب : هذه الآية الكريمة فسرتها آية سأل سائل بعذاب واقع ، وقصتها أنه بعد غدير خم حين نصب النبي الأكرم بمشهد مئة ألف مسلم أو يزيدون ، ونص بجهير الصوت بأن علي بن أبي طالب خليفة ووصي وولي على المؤمنين بعده ، وفيه حديث الثقلين الذي يعرف آله بعده ، جاء من يطلب العذاب من الله بحجارة من السماء تقع عليه ، إن كان هذا التنصيب بأمر الله تعالى ، وقصتها بالحديث الآتي :

قال بن شهر آشوب رحمه الله : عن أبو عبيد و الثعلبي و النقاش و سفيان بن عيينة و الرازي و القزويني و النيسابوري والطبرسي والطوسي في تفاسيرهم‏ :

أنه لما بلغ رسول الله : بغدير خم ما بلغ ، و شاع ذلك في البلاد ، أتى الحارث بن النعمان الفهري ، و في رواية أبي عبيد جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري‏ .

فقال : يا محمد أمرتنا عن الله بشهادة أن لا إله إلا الله  ، و أن محمدا رسول الله ، و بالصلاة و الصوم و الحج و الزكاة ، فقبلنا منك .

ثم لم ترض بذلك : حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا ، و قلت :

مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ : فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ .

فهذا شيء : منك ، أم من الله ؟

فقال رسول الله : و الذي لا إله إلا هو ، إن هذا من الله .

فولى الحارث : يريد راحلته ، و هو يقول : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقّاً فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ‏ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ‏ .

فما وصل إليها : حتى رماه الله بحجر ، فسقط على هامته و خرج من دبره ، و قتله .

و أنزل الله تعالى‏ : { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) } المعارج.

المناقب ج3ص40 .

ويا طيب : فمن يحب أن يكون ريحه طيب ونفسه طاهرة ويكون ذو وجود مرء ومريء ، فليوالي علي بن أبي طالب ، وإلا يكون صخر مرو كالحجارة كامنة فيه النار ، والعاقل يجب أن يقي نفسه وآله ما قال الله تعالى :

{  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا  أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ

 نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ

 وَالْحِجَارَةُ

عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُون مَا يُؤْمَرُونَ (6) } التحريم.

ويجب : أن يكون مع الصادقين نبي الرحمة وآله كما عرفتهم ،  كما قال الله تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ  اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119) } التوبة.

كما بين هذا : المعنى في أبوذية الصادق ، وإن نبي الرحمة وآله هم الصادقون وهم الشهداء على العباد في كل زمان إمام منهم إلى يوم القيام ، لأنه مختص بليلة القدر ونزور الروح بأمر الله بكل أمر ، وأنه في كل أمة وزمان لابد من شهيد مع العباد ومع الناس يشهد على الصادقين والكاذبين فيؤيده الله تعالى كما قال سبحانه :

{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ  فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم

مِّنْ أَنفُسِهِمْ

وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء

وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ  وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ

(89) إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ

وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى

وَيَنْهَى عَنِ  الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ  الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي  نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ

أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ

 إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ  اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) } النحل .

والقربى المفضلين : والأمة المكرمين الأجلاء الذين أربى بهم الله ورباهم وطهرهم وأمر بودهم ، هم نبي الرحمة وآله ، وهذا هو الإحسان والعدل ، بأن لا يتركنا نموج في بعض مذاهب مختلفة ، ولا يعرف الحق وآهله ، وهذا عهد الله من مودة قربى النبي لأنه عندهم الكتاب والحكمة كما قال الله تعالى :

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُو وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

 قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى

 وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)  }  الشورى .

{ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ  يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53)

 أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ

فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ  وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54)

 فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55) } النساء .

ويا طيب : الله أمر بحب القربى لنتعلم منهم ونؤمن بتعاليم الله الحقة ونصدقها ونتعبد له بها ونقترف حسنة ونكرفها مضاعفة ، ويغفر الله لن ويشكر سعينا كما في الآية أعلاه ، ولا يكون كل قرابة لأنه بعضهم غير مؤمن أو ليس عنده علم  يكون مناسب لأجر الرسالة ، والقربى الذين ودهم حسنة مضاعفة يجب أن يكون عندهم الملك العظيم وهو الكتاب والحكمة كما في الآية أعلاه ، وهم آل إبراهيم وآل محمد هم القربى صلى الله عليهم وسلم ، وهم الصادقون والشهداء ومن عندهم الكتاب والحكم كما يشهد لهم معارفهم وسيرتهم وسلوكهم وحسد الناس لهم حتى قتلوهم وحاربوهم ، وبهم يكون النجاة من النار وحجارة العذاب ، ونطيب ويشرق علينا نور الله تعالى كما قال سبحانه :

{ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ

وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم  بِالْحَقِّ وَهُمْ لَ يُظْلَمُونَ (69) } الزمر.

وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ

هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ

 وَالَّذِينَ كَفَرُوا  وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) } الحديد .

وبهذا يا طيب : نعرف معنى أحاديث زيارة الإمام الرضا والأئمة عليهم الصلاة والسلام ، وإنه بها نقر لهم بالإمام والولاية ونصدقهم ونجعلهم شهداء علنيا فنكون معهم ويشهدوا لنا بالصدق في التعلم منهم والاقتداء بهم ، فنفوز بنور الله لتمرؤوا نفوسنا وتطيب وتطهر ، ونكن مع الشهداء والصدقين ، ونقي أنفسنا وأهلين النار وحجارة العذاب فيها ، ولكي لا تقسى قلوبنا فنتبع أعدائهم ومن خالفهم وحاربهم وقاتلهم فقتلهم ، فتكون أشد قسوة من الحجارة وصخر المرو الذي ظاهره حسن وباطنه فيه النار ، كما وصف الله المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويخالفون أمر الله تعالى ، كمال قال تعالى :

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا

 وَيُشْهِدُ اللّهَ  عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَ وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ  وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ (205) } البقرة .

وذلك مثل وعاظ الوهابية : وداعش والقاعدة ومن هم أمثالهم ، يستشهدون بكلام الله ، ولكن يفسروه برأيهم من القتل وسفك الدماء وإهلاك الحرث والنسل ، والفساد بما لم يشرعه الله من النكاح المثلي للمسافر وجهاد النكاح وما شابهه بينهم ، وقتل الأبرياء والمسالمين وتفجير المدن الآمنة بدون سابقة إنذار ويثيرون الرعب بين العباد.

 وكذا قال الله تعالى : فيمن هم أمثالهم ممن يؤيدهم من الدول المستخربة وأصحاب الفتنة والصهاينة وآل سعود ومن تمكن في الأرض ، ممن يتبرأ منهم ظاهرا ويدعمهم باطنا ويمولهم بالعتاد ولسلاح وكل ما يحتاجوه ، وأخذوا ينفقون و يصرفون نعم الله في إهلاك الحرث والنسل ويعيثون في الأرض الفساد ، كما عرفت وكم في قوله سبحان :

{ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَ يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55) } التوبة .

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3)

 وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُو تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ

 كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى  يُؤْفَكُونَ (4)

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ

لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ (5) } المنافقون .

فها هم الوهابية : وأمثالهم من المنافقين ، يحرمون زيارة النبي وآله والسلام عليهم ، في حين أمرهم الله أن يأتوه و يستغفروا الله عنده ، ولكن يلوون رءوسهم بل أشنع من هذا ، فهم يجاهرون بتحريمه ويضربون ويقتلون من يتقرب به ويستغفر الله عنده ويسلم عليه أمام لمرقده المقدس ويصلي عليه مقابله ، وقد أمرهم الله بإتيانه كما في الآية السابقة وفي قوله تعالى :

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ  لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ

 وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ

 جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ

وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا  رَّحِيمًا (64)

فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا  مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (65) } النساء .

ويا طيب : بما عرفت تعرف أمر الله بأن نأتي النبي وآله منه ، أن نأتيه ونأتي آله ونستغفر الله عندهم ، لأنهم شهداء صدق ، وهم أحياء عند الله يرزقون ، ودعائهم مجاب كما عرفنا الله في آية المباهلة التي مرت أعلاه ، بل يشهد لهذا أمره تعالى بالتسليم لهم والسلام عليهم كما عرفت كما أمر بالصلاة عليهم في قوله تعالى :

{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى  النَّبِيِّ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُو تَسْلِيمًا (56) } الأحزاب .

ويا طيب : هذا معنى زيارة النبي وآل محمد عليهم الصلاة والسلام ، وما جاء في النصوص التي تعرف فضلهم وشأنهم الجليل الكريم عند الله ، فإنهم أحياء عند الله يرزقون ، ويسمعون الكلام ويردون الجواب ، والله بين أنه الاستغفار عندهم مقبول ، والصلاة والسلام عليهم والتسليم لهم له أجر كريم ، وإظهار مودتهم ومتابعتهم فيها الحسنة المضاعفة وغفران الذنوب وشكر السعي كما في آية المودة .

ويا طيب : بهذا تعرف بيان الله لكل شيء ولم همل العباد لكل باغي وطاغي ومنافق بعد النبي ، بل أختار لهم الطيبين الطاهرين المصطفين الأخيار نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين ، كما جاء في نصوص الآيات والأحاديث .

وأسأل الله تعالى : لي ولكم يا طيبين ، أن يوفقنا لزيارتهم والإقرار لهم بالإمامة والولاية والجاه العظيم عند الله والشأن الرفيع ، حتى ليشهدو لنا عند الله تعالى بالصدق ، ويصدقنا فيحشرنا الله مع الشهداء والصديقين ، في صرط مستقيم لكل نعيم الهدى وثواب الآخرة ، ويبعدنا عن المغضوب عليهم والضالين ومن قلوبهم أشد قسوة من الحجارة بل هم النار وشررها لمن يقتدي بهم من أعداء آل محمد ومخالفي أهل بيته الأخيار المنتجبين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعن الله أعدائهم ومبغضيهم المغضوب عليهم إلى يوم الدين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين.

سلام الله على أنيس النفوس في طوس شهيد الرحلة من مرو

فاز برضا الله زائري مشهده وشذاهم أطيب من عطر أزهار مرو

ونجوا من أهوال يوم القيامة و فؤاد مبغضيه وآله كصخور مرو

ولا يعجبك ظاهرهم فقلوبهم تقدح شرر النار وقاسية كاليهودية

عناوين مفيدة :

تقبل الله أعمالكم وشكر سعيكم
صحيفة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الجزء الثاني شهادة الإمام

عليه السلام

وشرح معنى مرو

تأليف وتحقيق وإعداد

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موقع موسوعة صحف الطيبين

لتصفح صحيفة الإمام الرضا عليه السلام على الانترنيت صفحة تقابل الاختيار و النسخ منها ثم اللصق في المواقع الاجتماعية :

جزء الشهادة ومعنى أبوذية مرو :

www.alanbare.com/8/sh
ملف بي دي أف قابل للقراءة والمطالعة :

www.alanbare.com/8sh.pdf

الجزء الأول معنى رضا وتعاليمه وسيرته

مكتبة الإمام الرضا عليه السلام للنسخ

www.alanbare.com/8/8m

المكتبة كتاب الكتروني بي دي أف

www.alanbare.com/8/8m.pdf

لتصفح صحيفة  الإمام الرضا عليه السلام على الانترنيت ملف ويب قابل للاختيار منه و للنسخ ثم اللصق في المواقع الاجتماعية

www.alanbare.com/8

ملف بي دي أف قابل للقراءة والمطالعة :

www.alanbare.com/8.pdf

أستمع يا طيب لسيرة ومختصر حياة الإمام الثامن علي بن موسى الرضا عليه السلام وتعرف على بعض شأنه الكريم

www.alanbare.com/8/8.mp3

و أستمع للمحاضرة يا طيب مشكورا : حديث حقائق وفضل الإمامة والإمام عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام وهو يشمل معارف كريمة عن تعريف الإمامة والإمام وما لهما من الشأن الكريم من الله في عباده

نص الحديث :

ملف بي دي أف صالح للمطالعة على الحاسب والجوال

www.alanbare.com/8/8h.pdf

 

أو تصفح الحديث والأقتباس منه بالنسخ ونشره باللصق على المواقع الاجتماعية كواتساب وفيس بوك وغيرهما ..

www.alanbare.com/8/8h

 

وأسألكم الدعاء والزيارة وتبليغ معارف الإمام الرؤوف الثامن والمعصوم العطوف العاشر للأحبة والموالين وأنشر تعالميه للطيبين ما استطعت لتشارك بالأجر

موسوعة صحف الطيبين في
أصول الدين وسيرة المعصومين


صحيفة الإمام الرضا عليه السلام
هنا مختصر الجزء الأول

تفضل يا طيب للجزء الأول كاملا

شرح حديث الإمامة و الإمام للإمام الرضا عليه السلام target=
من هنا
تفضل للجزء الأول كاملا 500 صفحة

تصفحه الصحيفة كاملة بإصدار سابق

جيد للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب

 

  ف ✐

  ✺ ت