بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين

في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -

❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره

التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____




صحيفة الإمام علي الهادي النقي

عليه السلام

صحيفة الإمام علي الهادي عليه السلام : يا طيب هذه صحيفة ، النور الزاهر ، و البدر الباهر ، ذي الشرف العامر ، و المجد الأعلى الأتم ، و ولي الهداية والنعم ، وذو النسب الشامخ الأكرم ، خليفة الله ورسوله وآبائه الطاهرين ووصيهم وحجة الله على العالمين .

الإمام العاشر : والمعصوم الثاني عشر ، أبو الحسن الثالث ، الهادي النقي : علي ، بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد أخ الحسن المجتبى بن علي بن أبي طالب المرتضى زوج فاطمة الزهراء بنت محمد بن عبد الله المصطفى سيد المرسلين صلى الله عليهم وسلم أجمعين .

وفيها شرح : وبيان ولادته وإمامته ونشأته وتأريخ حياته وسيرته وسلوكه وأحاديثه ومواعظه وحكمه حتى شهادته عليه السلام .

وفي المناقب والبحار : أوصاف الإمام علي الهادي و كان عليه السلام :

أطيب الناس : مهجة ، و أصدقهم لهجة ، و أملحهم من قريب ، و أكملهم من بعيد ، إذا صمت عليه هيبة الوقار ، و إذا تكلم سيماء البهاء ، و هو من بيت الرسالة و الإمامة ، و مقر الوصية و الخلاف ة، شعبة من دوحة النبوة ، منتضاة مرتضاة ، و ثمرة من شجرة الرسالة مجتناة مجتباة .

وعسكر : اسم سر من رأى ، واليه نسب العسكريان أبو الحسن على بن محمد بن على بن موسى بن جعفر ، وولده الحسن وأستشهدا بها .

كنيته المكرمة : أبو الحسن ( الثالث ) . ولد عليه السلام : بقرية صريا من أعمال المدينة المنورة ، في يوم : يوم 15 ذي الحجة ، سنة 212 هـ .

أقام في المدينة المنورة : مع أبيه 6 سنوات و5 اشهر ، وفي زمن إمامتة : بعد أبيه أقام في المدينة 25 سنة أخرى وأشهر ، فمجموع إقامته في المدينة المنورة : 31 سنة .

أقدمه المتوكل لمدينة سامراء : سنة 243 ، وأقام في سامراء : أكثر من 10 سنين ، واستشهد عليه السلام : سنة 254 ه .

فتكون مدة إمامته : 35 سنة و9 شهر ، ويكون مقدار عمره الشريف : 41 سنة وأشهر ، فسلام الله وصلاته عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين


عناوين صحيفة الإمام علي الهادي عليه السلام
www.alanbare.com/10
الصحيفة كتاب الكتروني
www.alanbare.com/10/10.pdf

يا طيب : تجد في المحاضرة أهم أدوار حياة الإمام ومعارف كريمة من تعاليمه

أو من

www.alanbare.com/10/10.mp3

تأليف
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل الأنباري
موسوعة صحف الطيبين

صحيفة الإمام علي الهادي عليه السلام

صحيفة الإمام علي الهادي عليه السلام

يا طيب : هذا دارمي يشوقنا لقراءة صحيفة الإمام علي الهادي عليه السلام

سلام الله على إمامنا علي بن محمد الهادي النقي

حجة الله وخليفة جده رسول الله إمامنا رابع علي

 

إمامنا العاشر والمعصوم الثاني عشر من أهل بيت النبي

علي الهادي معلم معارف الإسلام الصادق فبه أقتدي

 

تدبر صحيفة الإمام الهادي تعرف عظمة الله وتهتدي

وتعرف دين الله الحق وآدابه وتكن لله وللنبي ولآله ولي

 

في سامراء زر مرقده وسلم عليه وعلى أبنه العسكري

الحسن والد الحجة إمام العصر القائم المنتظر المهدي

 

فأقراء صحفهم تعرف من أصطفى الله وصي بعد وصي

وتتيقن أنك على الهدى الحق والمصر على عدائهم شقي

 

صحيفة الإمام علي الهادي عليه السلام

صحيفة الإمام علي الهادي دارمي أبوذية

صحيفة الإمام علي الهادي عليه السلام
من هنا
تَنْزِيلُ الصَّحِيفَةُ وَقِرَاءتُها

كتاب الكتروني بي دي اف pdf

جيد للقراءة والمطالعة على الجوال والحاسب


 






 

مصباح هدى

وفيه أنوار تعرفنا حياة الإمام علي الهادي وإمامته

 

النور الأول
حياته ونشأته

 

التهنئة بمولد الإمام

يا طيب : بحمد الله بكل مناسبة لمولد الإمام المبارك من نشوء الانترنيت نقدم تهنئة للمؤمنين في المواقع الاجتماعية ، وبجمل كريمة وأسلوب حسن ، نشكر فيه المؤمنين على إقامة شعائر الله في هذه الأيام المباركة أو ندعوهم به لإقامتها ، وأن نتذاكر معارف وهدى الأئمة ودين الله الحق منهم ، وهكذا في مناسبة شهادتهم كما ستجدها في ذكر الشهادة ، ونذكرها هنا لنعرف أهمية تبليغ هذه المناسبات الكريمة للمؤمنين ، وتكرارها في كل سنة سواء بالاقتباس منها أو كتابة مثلها ، ليعم النفع وتصل بقدر الإمكان لأكبر عدد من الطيبين والمواليين ممن يحبوا الفرح لفرح آل محمد عليهم السلام والحزن لحزنهم ، وبهذا يظهر مودتهم والولاء لهم وحب طاعتهم كما أمر الله سبحانه ورسوله ، وهذا المهم منها للمولود وللشهادة يأتي في محله :

تهنئة الصحيفة مولد الإمام الهادي:

بسم الله الرحمن الرحيم : والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم إلى يوم الدين .

أتقدم : بأجمل التهاني وأسناها وأرفع أعلى التبريك وأحلاه ، إلى سيدي ومولاي ولي العصر وإمام زماننا الحجة بن الحسن العسكري عليه السلام وعجل الله ظهور الشريف فيملأ الأرض قسطا وعدلا ، وإلى علماء الأمة ومراجعها الكرام وإليكم يا شيعة يا طيبين.

ذكرى حلول :  أجميل أيام الله وأحلى أعياده ـ العيد الأكبر الأضحى إلى يوم الغدير الأغر المبارك ، يوم كمال الدين وتمام النعمة ورضى الرب [ إذا كانت التهنئة مناسبة المولد في 15 ذي الحجة، وإلا نكتب التهنئة في يوم 2، 5 شهر رجب فراقب وصحح ].

و يوم ميلاد : خليفة الله ورسوله ، الإمام العاشر ، والمعصوم الثاني عشر : النور الزاهر ، و البدر الباهر ، ذي الشرف و الكرم ، و المجد الأعلى الأتم ، وولي الهداية أعلى النعم .

أبي الحسن الثالث الهادي النقي : علي ، بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، صلوات الله وسلامه عليهم ، وبأفضل الصلوات ، وأتم الصلام وأعلى التحيات والبركات إلى يوم الدين ، و ما تعاقبت الأيام و الليالي فتكونت السنين ، وما دامت السماوات والأرضين ، وم والى موالي فسلك الله الرحمن به صراط المنعم المستقيم في الدنيا في كل حين ، واسكنه فسيح جنانه في البرخ والقيامة والجنة أبد الآبدين ، وما عاد معادي فلعنه الله وطرده من رحمته وله الخسران المبين .

ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

فهنيئا لكم أخوتي الكرام :

أعياد آل محمد عليهم السلام : وجعلنا وأياكم في كهفهم ونحي ونموت على محبتهم وطاعتهم ، حتى ينشرنا الله تعالى ويحشرنا ويجمعنا معهم في محل كرامته في أعلى عليين.

ولحضرتكم : نذكر مختصر من حياة الإمام علي الهادي عليه السلام ، وبعض أحاديثه وقصص حياته ، أو مواعظه وحكمه مما منشور في هذه الصحيفة ، وبالخصوص ما يلحق من تعريف الأبوذيات التي نشرحها وهي تعرفنا معاني أسماء ألقاب الإمام عليه السلام مثل الهادي ، والنقي أو الجامعة لتعريف زيارة الجامعة وغيرها كما سيأتي .

 

التهنئة الثانية : الهادي:

يا طيب : هذه التهنئة لتبليغ معنى اسم لقب الهادي عليه السلام ، وهو أشهر القابه ، فنذكر :

هنيئا لكم يا طيب : السرور والأفراح يا موالي ، في أيام أعياد الله في ذي الحجة ، العيد الكبير الأضحى ، والعيد الأكبر الغدير ، و عيد مولد الإمام أبو الحسن الثالث علي الهادي عليه السلام في يوم 15 ذي الحجة سنة 212 للهجرة  ، وإليكم يا طيب صحيفة الإمام علي الهادي عليه السلام وشرح معنى الهادي ومعنى أبيات الأبوذية، ورحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ شرح ما قال:

سلام الله على إمامنا علي الهادي

زر مرقده بسامراء والتحية الهادي

ولمعارفه تعلم وعلمها وكن الهادي

للطيبين وأتحفهم المواعظ الأصلية

يا طيب : سيأتي تفصيل شرح معاني ألفاظها وبالخصوص معنى اسم الهادي ، ونذكر في التبليغ ما ذكرنا من الشرح لمعنى الهادي الآتي كاسم لقب وتأدية التحية ، ونهدي تعاليمه ، فيمكن جمعه وتبليغه لمن تحب من الطيبين والموالين لنتشارك في الثواب إن شاء الله مشكورا .

 

التهنئة الثالثة : النقي :

يا طيب : هذه التهنئة لبيان اسم لقب الإمام علي النقي وكل ما ذكرنا مما يناسبه في أبوذية النقي ، فنقول :

أهنئكم يا مؤمنين : وأبارك لكم سروركم يا موالين ، وأزف لكم أجميل التحية ولتقدير يا طيبين ، بمناسبة ميلاد الإمام أبو الحسن النقي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر عليه السلام في يوم 15 ذي الحجة سنة 212 للهجرة ، وأقدم لكم عن بعد أطيب الأكلات الروحانية ، والأطعمة الطيبة الدينية ، وشراب المعارف الإسلامية ، حين قراءة شرح ما قاله خادم علوم آل محمد عليهم السلام الشيخ حسن الأنباري :

صلاة الله على علي هادي نقي

فتعلم هداه وآله الحق بروح نقي

ولعملك وللآداب كما علم نقي

ونظف الفكر من وسوسة ردية

يا طيب : ونذكر ما موجود في شرح اسم النقي عليه السلام الآتي في أواخر هذه الصحيفة نقي كاسم وتنقية الروح والاختيار بالتنقية لأحسن الاحاديث والعلوم والصفات ، ونبلغه للطيبين ومحبي أهل البيت عليهم السلام ، وأسأل الله التوفيق لكل من يشارك في تبليغها .

 

التهنئة الرابعة : الجامعة :

يا طيب : هذه التهنئة بمناسبة تبليغ الزيارة الجامعة المروية عن الإمام علي الهادي النقي عليه السلام ، فنقول في التبليغ :

هنيئا لكم يا طيب : أفراح آل محمد عليهم السلام وسرورهم ، بمناسبة 15ذي الحجة سنة 212 للهجرة ، مولد الإمام أبو الحسن علي بن محمد الهادي عليه السلام ، وجمعنا الله وإياكم على الهدى الحق والمعرفة الواقعية لأول أنوار خلق الله ، وتجليهم بالعلم والمعرفة وبما أنعم الله عليهم من الهدى والنعيم ، الذي نسأل الله كل يوم عشرة مرات أن يهدينا له في الصلاة بقراءة سورة الفاتحة ، ولحضرتكم بعض معارف شرفهم الكريم ومناقبهم الجليلة وفضلهم العظيم ، الذي نتعرف عليه بالزيارة الجامعة الكبيرة المروية عن الإمام الهادي عليه السلام ، ورحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ شرح ما قال :

علمنا الإمام الهادي الزيارة الجامعة

ومعارفها يجب تعليمها في الجامعة

لأن الدين لم يترك لمغلول بالجامعة

يوم القيامة لغصبه الخلافة العلوية

ولحضرتكم : قسم منها وتجدها كاملة أخر هذا الشرح مع شرح مختصر :

رواها الصدوق رحمه الله : في الفقيه والعيون ، والشيخ في التهذيب ، وهي أكمل الزيارات سنداً ومتناً ، ونذكرها عن كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام ، عن الصدوق بسنده عن النخعي قال : قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم :

 علمني : يا ابن رسول الله قولاً أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحد منكم .

فقال : إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين ، أي قل : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد صلى الله عليه وآله عبده ورسوله ،  وأنت على غسل .

فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل : الله أكبر الله أكبر ثلاثين مرة .

ثم امش قليلا وعليك السكينة والوقار وقارب بين خطاك ، ثم قف : وكبر الله عز وجل ثلاثين مرة .

ثم ادن من القبر : وكبر الله أربعين مرة ، تمام مائة تكبيرة . ثم قل :

السَّلَامُ عَلَيْكُمْ : يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ ، وَ مَوْضِعَ الرِّسَالَةِ ، وَ مُخْتَلَفَ الْمَلَائِكَةِ ، وَ مَهْبِطَ الْوَحْيِ‏ ، وَ مَعْدِنَ الرِّسَالَةِ ، وَ خُزَّانَ الْعِلْمِ‏ ، وَ مُنْتَهَى الْحِلْمِ‏ ، وَ أُصُولَ الْكَرَمِ ، وَ قَادَةَ الْأُمَمِ ، وَ أَوْلِيَاءَ النِّعَمِ‏ ، وَ عَنَاصِرَ الْأَبْرَارِ ، وَ دَعَائِمَ الْأَخْيَارِ ، وَ سَاسَةَ الْعِبَادِ ، وَ أَرْكَانَ الْبِلَادِ ، وَ أَبْوَابَ الْإِيمَانِ ، وَ أُمَنَاءَ الرَّحْمَنِ ، وَ سُلَالَةَ النَّبِيِّينَ ، وَ صَفْوَةَ الْمُرْسَلِينَ ، وَ عِتْرَةَ خِيَرَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

السَّلَامُ : عَلَى أَئِمَّةِ الْهُدَى ، وَ مَصَابِيحِ الدُّجَى‏ ، وَ أَعْلَامِ التُّقَى ، وَ ذَوِي النُّهَى ، وَ أُولِي الْحِجَى ، وَ كَهْفِ الْوَرَى ، وَ وَرَثَةِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَ الْمَثَلِ الْأَعْلى ،‏ وَ الدَّعْوَةِ الْحُسْنَى ، وَ حُجَجِ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى  ،وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

السَّلَامُ : عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللَّهِ ، وَ مَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللَّهِ ، وَ مَعَادِنِ حِكْمَةِ اللَّهِ ، وَ حَفَظَةِ سِرِّ اللَّهِ ، وَ حَمَلَةِ كِتَابِ اللَّهِ ، وَ أَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللَّهِ ، وَ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ

السَّلَامُ : ...

يا طيب : نذكر في التبليغ هذا أو مع فضل زيارة الجامعة مم مكتوب في مقدمتها وشرح معنى الجامعة في ثلاثة معاني فضلها والجامعة الدراسية ، والجامعة القيد ، ثم نذكر قسما من الزيارة مع كتيب بي دي أف لها بالإضافة لما نشرن في الصحيفة في التبليغ الأول .

 

التهنئة الخامسة محاضرة عن الإمام

يا طيب : في هذه التهنئة نبلغ عن محاضرة في حياة الإمام علي الهادي عليه السلام وسيرته ومعارفة ، وهي لمدة ساعة كاملة نشرح فيها مختصرا من حياته الكريمة ، وهي موجود على صفحة انترنيت فيها عمل فني ، فنقول :

الموضوع  : قياس قوة الحاسب والموبايل الجوال وسرعته وسرعة الأنترنيت : هنيئا لكم الأفراح يا طيب بمناسبة الإمام علي الهادي عليه السلام ، ولحضرتكم محاضرة مع عمل فني في صفحة لطيفة تشع فيها الأنوار بالنقر عليها و حين لمسها بالضغط القصير ، وكلما تلمسها بالنقر القصير تزيد الأنوار وتتكثر .

أولا : لقياس قوة وسرعة الموبايل :

فإذا جوالك : قوي وسريع ، بالنقر المتكرر المتعدد وبأماكن مختلفة من الصحفة ، تنتشر الأنوار بسرعة وتكثر ، ويمكن مقايسته مع موبايل صديقك أو أحد المقربين معك أو قربك ، وتتعرف أيهم اسرع وأقوى موبايلك أم موبايله .

ثانيا : قياس سرعة الأنترنيت :

إذا شغلت الصوت : واشتغل بسرعة بدون توقف فالأنترنيت عندك سريع ،  وإلا فعليك بالبصر والحلم إن الله مع الصابرين ، لا أشتعل أبو ...  ول لعنة الله على فلان ...

والمحاضرة : قيمة حول الإمام علي الهادي عليه السلام ، بمناسبة روايات ولادته في يوم 2 أو 5 شهر رجب سنة 212 هـ أو الأشهر 15 ذي الحجة ... وبمناسبة شهادته في 3 رجب سنة 254 هـ

صفحة المحاضرة لمعرفة فضل الإمام ولاختبار الجوال :

جميلة أدخل لها :

www.alanbare.com/10/h

 

وأسألكم الدعاء والزيارة

ونشر الموضوع للطيبين

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

المحاضر الشيخ حسن الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

صحيفة الإمام علي الهادي عليه السلام

www.alanbare.com/10

 



 حياة الإمام الهادي :

 أسمه ولقبه وكنيته :

أسمه وكنيته ولقبه :

في المناقب لابن شهرآشوب‏ قال :

اسمه: علي عليه السلام.

و كنيته : أبو الحسن ، لا غيرهما . أبو الحسن الثالث عليه السلام .

( وأبو الحسن مطلق : الإمام علي ، أبو الحسن الأول الإمام الكاظم ، وأبو الحسن الثاني الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام )

و ألقابه :

النجيب ، المرتضى ، الهادي ، النقي ، العالم ، الفقيه ، الأمين ، المؤتمن ، الطيب ، المتوكل ، العسكري ، وأشهرها : الهادي ، ثم النقي ، وأبوه محمد بن علي  لقبه الجواد التقي .

و يقال له : أبو الحسن الثالث ، و الفقيه العسكري‏ .

بحار الأنوار ج50ص113ب1ح2، مناقب آل أبى طالب ج4ص 401 .

يا طيب : كما وأشتهر هو وأبوه باسم ابن الرضا .


 

مختصر أدور عمره المبارك :

ولد عليه السلام : ولد عليه السلام : في بلدة بصريا قرب المدينة المنورة .

في يوم : يوم 15 ذي الحجة ، سنة 212 هـ على الأشهر ، وذكر في 2 ، و5 رجب .

أقام في المدينة : مع أبيه 6 سنة 5 اشهر.

في إمامته : بعد أبيه أقام في المدينة 15 سنة أخرى وأشهر .

فمجموع إقامته في المدينة المنورة : 21 سنة .

وأقام : في سامراء 20 سنة .

واستشهد عليه السلام :254 هـ .

فيكون مقدار عمره الشريف : 41 سنه وأشهر .

ومدة : إمامته 35 سنة و9 شهر .

وهناك أقوال أخرى : تتفاوت في حسب سنة الولادة والوفاة والشهر فيهم .

واستشهد عليه السلام : في محلة العسكر في سامراء ، و قبره في داره .

و كان : في سني إمامته .

بقية ملك : المعتصم ، ثم الواثق ، و المتوكل ، و المنتصر ، و المستعين ، و المعتز ، و في آخر ملك المعتمد استشهد مسموما.

و قال ابن بابويه : و سمه المعتمد .

بحار الأنوار ج50ص113ب1ح2 ، مناقب آل أبى طالب ج4ص401.

 

أمه المكرمة :

أم ولد ، يقال لها : سمانة المغربية .

و يقال : إن أمه المعروفة بالسيدة أم الفضل .

في معاني الأخبار وعلل الشرائع للشيخ الصدوق قال :

سمعت مشايخنا رضي الله عنهم يقولون :

إن المحلة التي يسكنها الإمامان : علي بن محمد ، و الحسن بن علي عليه السلام .

بسر من رأى : كانت تسمى عسكر .

فلذلك قيل : لكل واحد منهما العسكري .

وفي هامش البحار : قال الفيروز آبادي : وعسكر اسم سر من رأى ، واليه نسب العسكريان : أبو الحسن على بن محمد بن على بن موسى بن جعفر ، وولده الحسن وماتا بها .

 

أوصافه الإمام :

وفي المناقب والبحار : أوصاف الإمام علي الهادي عليه السلام :

و كان عليه السلام : أطيب الناس مهجة ، و أصدقهم لهجة ، و أملحهم من قريب ، و أكملهم من بعيد .

إذا صمت : عليه هيبة الوقار ، و إذا تكلم سيماء البهاء ,

و هو من بيت : الرسالة و الإمامة ، و مقر الوصية و الخلافة .

شعبة : من دوحة النبوة ، منتضاة مرتضاة ، و ثمرة من شجرة الرسالة مجتناة مجتباة .

بحار الأنوار ج50ص113ب1ح2 ، مناقب آل أبى طالب ج4ص401.



النور الثاني

إمامة الإمام العاشر

 

 الأدلة العامة :

هو الهادي النقي أبو الحسن : علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين أخ الحسن بن علي ابن أبي طالب زوج فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، فهو الإمام العاشر والمعصوم الثاني عشر بعد آبائه الكرام .

يا طيب : مر البحث في إمامة والده محمد الجواد عليه السلام في صحيفته، وتم تحقق نبوة كثير من الأنبياء ورعاية الله لهم من الصغر بل من الطفولة ، كما عن إبراهيم وموسى ويحيى وعيسى عليهم السلام .

بل وذكرنا بحثا مفصلا : في هذا المعنى لآيات كثيرة مع تفسيره وشرحها في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام من موسوعة صحف الطيبين ، فإن أحببت فراجعه .

ومن الآيات التي تعطي : إن الله على كل شيء قدير ، وقد يعطي الإمامة والنبوة والحكمة في الصغر لمن يشاء ويختاره ويصطفيه :

قال الله سبحانه وتعالى :

{ يَا يَحْيَى

خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ

وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ

صَبِيًّا (12)

وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّ (13) } مريم .

وقال سبحانه وتعالى :

{ إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ

إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ

وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)

وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ

وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)} آل عمران.

فيحيى وعيسى عليهم السلام : أعطوا من القدرة العلمية والكلام ما لم يكن لغيرهم ، لحكمة إلهية يعرف بها عظمته وقدرته ، وأن الله سبحانه وتعالى يختار أولياءه وهداة دينه من الصغر بل من الطفولة والولادة ، والحق من قبل الولادة لما يعلم منهم من الإخلاص له ، وهكذا تجد هذا المعنى في قصة موسى وإبراهيم بل ونبين محمد صلى الله عليهم وآلهم وسلم .

وجعلهم أولياء هداه : في الكبر ، مع معرفة الناس جميعهم بمعجزة ولادتهم ، وشأنهم ، وطهارة نسلهم ، وإنهم ذرية بعضها من بعض ، ذرية الأنبياء والأوصياء والأصفياء ، فيجب مع هذه المعرفة أن يصدقوه العباد ويأخذوا تعاليم الله وهداه منهم .

ومنهم أئمة وولاة أمر الله سبحانه : بعد نبي الرحمة آل محمد عليهم السلام ، حيث طهرهم وأمر بودهم ومحبتهم وطاعتهم ، وعرف أنه في كل زمان لابد للناس من إمام وهادي وشاهد وولي لأمره يعلم هداه الحق ، و على طول الزمان إلى يوم القيامة ، لكي لا يختلف الناس ويدعي كل مدعي الإمامة والولاية والخلافة لله في عباده .

ولم يستحق أحد : هذا المنصب العظيم للمحافظة على الدين إل آل محمد عليهم الصلاة والسلام ، كما لم يدعيه أحد من المسلمين على طول الـتأريخ ، بل لم يقنعوا بالعصمة ولا أدعوا الإمامة كمنصب من الله لأوليائه المصطفين الأخيار المطهرين ، وقد مر بحث مفصل في هذا المعنى في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام ، وصحيفة الإمام علي عليه السلام ، وفي صحيفة الثقلين من موسوعة صحف الطيبين فراجع.

والآيات التي : تعرف أن الله في كل زمان : حتى بعد نبي الرحمة أولياء لأمره وأئمة هدى بعد نبيه كثيرة منها :

قول الله سبحانه :

{ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)

ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ

وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)

فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ

أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ

وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) }آل عمران .

 

وقال الله سبحانه :

{ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ

إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ

وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(7) } الرعد .

وقال الله سبحانه وتعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ

وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ(59) } النساء .

وقال الله سبحانه وتعالى :

{ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ

فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71)

وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72)} الإسراء.

فكل الآيات أعلاه تعرفنا : أنه ولي أمر الله مع العباد دائم ، ولابد من وجوده في كل زمان ، ولا يمكن أن يترك الناس لكل مدعي للإمام وولاية أمر الله وهداهم ، دون أن يصطفيه من الذرية الطاهرة ويعرفه لكل العباد .

وإن ليلة القدر : ينزل فيها الروح وهو الذي كان ينزل على نبي الرحمة بالقرآن ومعارف الهدى ، ينزل في ليلة القدر ، ولا يستحق كل أمر الله إل ولي الله والإمام الطاهر المطهر المصطفى المختار ، ممن أمر بمودته من قربى النبي الطاهر المطهر ، ومن أهل الذكر الراسخون بعلمه ، وراجع هذا المعنى مفصلا في صحيفة سادة الوجود تفسير وشرح سورة القدر .

وأسأل الله سبحانه : أن يثبتنا على ولاية آل محمد عليهم السلام ومحبتهم وطاعته أبدا ، وأن يجعلنا أن نطيعهم في كل هداه الذي علموه لنا ، ولا نخلط به ضلال أحد من الناس خالفهم ، فإنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

النصوص الخاصة على إمامته :

يا طيب : أما النصوص العامة على الولاية والإمامة لكل الأئمة في حديث واحد فهي كثيرة ، وراجعها في كتب الإمامة ، أو في الكافي الجزء الأول ، أو بحار الأنوار فإنه جمعها المجلسي رحمه الله كلها في عدة أجزاء ، وأما في أصل بحث الإمامة فراجعها في صحيفة الثقلين وصحيفة سادة الوجود من الموسوعة ، وفي الكتب المفصلة في الإمامة ، كالغدير ، وإحقاق الحق ، وعبقات الأنوار ، و المراجعات ومستدركه ، وغيرها .

وهي مثل : حديث الثقلين ، وحديث كسفينة نوح ، وحديث كباب حطة ، والنجوم ، والمحبة ، والسيادة ، وغيرها الكثير ، وهنا ليس محلها .

فنتكلم فقط هنا : عن بعض النصوص القريبة من حياة الإمام الهادي من أبيه وجده ، ومن يحب التفصيل لمعرفة الإمامة العامة وأحاديث عدد الأئمة فليراجعه في محلها من كتب الإمامة ، كما سيأتي قسم منها في تعريف شرح ألقاب الإمام في تعريف معاني الأبوذية التي تبين أهم المعارف عنه .

 

وأما النصوص الخاصة : على إمامة الإمام علي الهادي عليه السلام ، كثيرة ، فمنها :

عن جده الرضا عليه السلام :

في إكمال الدين‏ : عن الصقر بن دلف قال :

سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام ، يقول :

إن الإمام : بعدي ابني :

علي : أمره أمري ، و قوله قولي ، و طاعته طاعتي .

و الإمامة : بعده في ابنه الحسن .

بحار الأنوار ج50 ص119ح1 ب 2.

 

وعن أبيه محمد الجواد عليه السلام :

في الكافي : عن إسماعيل بن مهران قال :

لما خرج : أبو جعفر عليه السلام ، من المدينة إلى بغداد في الدفعة الأولى من خرجتيه.

قلت : له عند خروجه جعلت فداك ، إني أخاف عليك في هذا الوجه.

فإلى من : الأمر بعدك ؟

فكر بوجهه إلي : ضاحكا .

و قال : ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة .

فلما أخرج به الثانية : إلى المعتصم ، صرت إليه .

فقلت : له جعلت فداك ، أنت خارج فإلى من هذا الأمر من بعدك ؟

فبكى : حتى اخضلت لحيته .

ثم التفت إلي ، فقال : عند هذه يخاف عليّ .

الأمر : من بعدي ، إلى ابني علي .

الكافي ج1ص324ح1ب2 الإشارة و النص على أبي الحسن الثالث عليه السلام .

 

وفي الكافي : عن الحسين بن محمد عن الخيراني عن أبيه ، أنه قال :

كان يلزم : باب أبي جعفر عليه السلام ، للخدمة التي كان وكل بها .

و كان أحمد بن محمد بن عيسى : يجيء في السحر في كل ليلة ، ليعرف خبر علة أبي جعفر عليه السلام .

و كان الرسول : الذي يختلف بين أبي جعفر عليه السلام و بين أبي .

إذا حضر : قام أحمد ، و خلا به أبي .

فخرجت : ذات ليلة ، و قام أحمد عن المجلس ، و خلا أبي بالرسول .

و استدار أحمد : فوقف ، حيث يسمع الكلام .

فقال الرسول لأبي : إن مولاك يقرأ عليك السلام ، و يقول لك إني ماض .

و الأمر : صائر إلى ابني علي .

و له عليكم : بعدي ، ما كان لي عليكم بعد أبي .

ثم : مضى الرسول .

و رجع أحمد : إلى موضعه ، و قال لأبي : ما الذي قد قال لك ؟

قال عليه السلام : خيرا .

قال : قد سمعت ما قال ، فلم تكتمه ، و أعاد ما سمع .

فقال له أبي : قد حرم الله عليك ما فعلت ، لأن الله تعالى يقول :

{ و لا تجسسوا } فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج إليها يوما م .

و إياك : أن تظهرها إلى وقتها .

فلما أصبح أبي : كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع .

و ختمها : و دفعها إلى عشرة من وجوه العصابة .

و قال : إن حدث بي حدث الموت ، قبل أن أطالبكم بها ، فافتحوه ، و أعلموا بما فيها .

فلما مضى أبو جعفر عليه السلام :

ذكر أبي: أنه لم يخرج من منزله حتى قطع على يديه نحو من أربعمائة إنسان .

و اجتمع : رؤساء العصابة عند محمد بن الفرج يتفاوضون ، هذ الأمر .

فكتب : محمد بن الفرج إلى أبي يعلمه باجتماعهم عنده .

و أنه : لو لا مخافة الشهرة لصار معهم إليه ، و يسأله أن يأتيه .

فركب أبي : و صار إليه ، فوجد القوم مجتمعين عنده .

فقالوا لأبي : ما تقول في هذا الأمر ؟

فقال أبي : لمن عنده الرقاع ، أحضروا الرقاع ، فأحضروها ، فقال لهم : هذا ما أمرت به .

فقال بعضهم : قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر .

فقال لهم : قد أتاكم الله عز و جل به .

هذا أبو جعفر الأشعري : يشهد لي بسماع هذه الرسالة .

و سأله : أن يشهد بما عنده .

فأنكر أحمد : أن يكون سمع من هذا شيئا ، فدعاه أبي إلى المباهلة .

فقال : لما حقق عليه .

قال : قد سمعت ذلك ، و هذا مكرمة كنت أحب أن تكون لرجل من العرب ، لا لرجل من العجم .

فلم يبرح القوم : حتى قالوا بالحق جميعا.

الكافي ج : 1 ص : 324 ح2.

 

وعن محمد بن الحسين الواسطي : أنه سمع أحمد بن أبي خالد ، مولى أبي جعفر يحكي :

أنه أشهده : على هذه الوصية المنسوخة .

شهد : أحمد بن أبي خالد ، مولى أبي جعفر .

أن أبا جعفر : محمد بن علي بن موسى ، بن جعفر بن محمد بن علي ، بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .

أشهده : أنه أوصى إلى علي ابنه بنفسه ، و أخواته ، و جعل أمر موسى إذا بلغ إليه .

و جعل عبد الله بن المساور : قائما على تركته من الضياع ، و الأموال و النفقات ، و الرقيق و غير ذلك .

إلى أن يبلغ : علي بن محمد .

صير :عبد الله بن المساور ذلك اليوم إليه ، يقوم بأمر نفسه و أخواته .

و يصير : أمر موسى إليه ، يقوم لنفسه بعدهما على شرط أبيهم في صدقاته التي تصدق بها .

و ذلك يوم : الأحد لثلاث ليال خلون من ذي الحجة سنة عشرين و مائتين .

و كتب : أحمد بن أبي خالد شهادته بخطه .

و شهد الحسن : بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .

و هو الجواني : على مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر هذ الكتاب .

و كتب : شهادته بيده ، و شهد نصر الخادم ، و كتب شهادته بيده .

الكافي ج : 1 ص : 325 ح3.

يا طيب : إن أئمة الحق عرفوا إمامتهم بعد رسول الله ، وأحاديثه كثيرة التي يعرف الأئمة كل إمام الإمام الذي بعده ، وهذا يسير منها .

و نكتفي بما ذكرنا : من النص الخاص على إمامة الإمام علي الهادي عليه السلام ، وستأتي روايات أخرى فيها شأن الإمامة عنه عليه السلام ، ستذكر في هذه الصحيفة في البحوث الآتية ،  وبعد هذا لنذكر شؤون له أخرى له عليه السلام .

وأسأل الله سبحانه : لنا جميعا الثبات على ولايتهم وإمامتهم وطاعة الله سبحانه بهداهم الحق ، إنه أرحم الراحمين وهو ولي التوفيق ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 


 في علم الإمام وتعليمه :

يا طيب : إن الله جعل معجزة خالدة لدينه وأحقيته وصدقه ، هو كلامه الكريم في كتابه المجيد ، كذلك جعل الراسخون بعلمه هم أهل الذكر والمطهرون مثله من آل محمد عليهم السلام إمام بعد إمام ، وسنرى في كل صحيفة الإمام شاهد صدق على أنهم أئمة بحق حين نستعرض حياتهم الكريم ، وأهم ما يبين الإمامة للمعصومين من آل محمد عليهم السلام هو علمهم واعتراف العلماء المعاصرين ، وما يأتي من شؤون علمهم وشأنهم الكريم في تربية العباد ، ومنها ما يعرفنا هذا هو :

في مروج الذهب للمسعودي :

و حدثني محمد بن الفرج عن أبي دعامة قال :

أتيت : علي بن محمد عليه السلام عائدا في علته التي كانت وفاته بها .

فلما : هممت بالانصراف .

قال لي : يا أبا دعامة قد وجب علي حقك ، أ لا أحدثك بحديث تسر به .

قال : فقلت له : ما أحوجني إلى ذلك يا ابن رسول الله ؟

قال حدثني أبي محمد بن علي : قال حدثني أبي علي بن موسى ، قال حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال حدثني أبي محمد بن علي ، قال حدثني أبي علي بن الحسين ، قال حدثني أبي الحسين بن علي ، قال حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قال :

قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

يا علي : اكتب .

فقلت : ما أكتب ؟

فقال : اكتب ، بسم الله الرحمن الرحيم:

الإيمان : ما وقر في القلوب ، و صدقته الأعمال .

و الإسلام : ما جرى على اللسان ، و حلت به المناكحة .

قال أبو دعامة : فقلت : يا ابن رسول الله ، و الله ما أدري ، أيهما أحسن ، الحديث ، أم الإسناد .

فقال : إنها لصحيفة :

بخط : علي بن أبي طالب عليه السلام .

و إملاء : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

نتوارثهما : صاغر عن كابر.

 

وعن زرافة حاجب المتوكل و كان شيعيا أنه قال :

عن الإمام أبا الحسن عليه السلام :

رجعت : إلى كنوز نتوارثها من آبائنا .

هي : أعز من الحصون ، و السلاح ، و الجنن .

بحار الأنوار ج : 50 ص : 207ح23.

 

وفي أمالي الشيخ الطوسي : عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ياسين قال : سمعت : العبد الصالح علي بن محمد بن علي الرضا عليه السلام بسر من ‏رأى :

يذكر عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام :

العلم : وراثة كريمة .

و الآداب : حلل حسان .

و الفكرة : مرآة صافية .

و الاعتذار : منذر ناصح .

و كفى بك : أدبا ، تركك ما كرهته من غيرك .

الأمالي ‏للطوسي ص114م4ح175-29.

 

يا طيب : هذا مختصر وسترى تمام حكم الإمام ومواعظه بل الحديث الآتي وما بعده ، يعرفنا علمه وشأنه الكريم في تعريف هدى الله الحق كله فضلا عن الإمامة ، وإنه عليه السلام يتكلم بجوامع الكلم وبقاطع البرهان بعلم ، وإنه بحق من المنعم عليهم بهدى الصراط المستقيم وإنه إمام هدى بحق واقع ، الذي من تجاوزه كان من المغضوب عليهم الضالين شاء أم أبى ومهما من القياس والفكر أدعى .

 

سفينة نجاة

وفيها مجالس ذكر تعاليم الإمام ومعارفه ومواعظه

 

الذكر الأول
أحاديث الإمام العقائدية

 حديث عرض الدين وأصوله :

الحديث : بيانه من الإمام علي بن محمد الهادي النقي عليه السلام ، وهو حديث شريف فيه معارف عالية ، يجب على كل مؤمن أن يؤمن بها ويعرف حقيقته إن أمكن ، وهي أقل ما يجب معرفة من أصول الدين بالعلم الكامل الإجمالي :

يا طيب : هذا الحديث ذكرناه في صحيفة مراتب الإيمان ، وهو مروي عن السيد الجليل عبد العظيم الحسني رحمه الله عن الإمام علي الهادي عليه السلام ، و فيه علم معارف دين وهدى عالية جدا ، وبها يتم الإيمان ، والنجاة من الضلال ، وترينا سبيل معرفة دين الله ، وأهم ما يجب أن نؤمن به من معرفة عظمته سبحانه ، وولاة أمره ، وضروريات الدين ، ومع كماله وتمامه فيما يجب من المعرفة بالدين ، فهو حديث مختصر ، ويغني بمعرفة عن كثير من الكتب المطولة والمفصلة في معارف أصول الدين ، إذ فيه كلياته وأهمها وبجمل مختصرة ومعارفها علية قيمة كريمة ، فتدبره وأحفظه ، ويا ليت يحفظ لطلاب المدارس والأبناء ، وقد وضعنا له أسئلة مع أجوبة نكتبه لنعرف أهم ضروريات الإيمان مما يجب من الدين الإسلامي الحنيف :

ذكر الصدوق رحمه الله في التوحيد و الأمالي : حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق رحمه الله ، و علي بن عبد الله الوراق جميعا ، قالا : حدثن محمد بن هارون الصوفي قال : حدثنا أبو تراب عبيد الله بن موسى الروياني :

عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ‏ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ قَالَ  : دخلت على سيدي :

دَخَلْتُ : عَلَى سَيِّدِي عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهم الصلاة والسلام :

فلما بصر بي قال لي :  

 مَرْحَباً بِكَ : يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، أَنْتَ وَلِيُّنَا حَقّاً .

 قال : فقلت له : يا أبن رسول الله إنني أريد أن أعرض عليك ديني ، فإن كان مرضياً أثبت عليه حتى ألقى الله عز وجل .

 فقال :  هَاتِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ .

 فقلت إني أقول :

إن الله تبارك وتعالى : واحد ليس كمثله شيء .

خارج : عن الحدين ، حد الإبطال ، وحد التشبيه .

وأنه : ليس بجسم ، ولا صورة ، ولا عرض ، ولا جوهر .

بل هو : مجسم الأجسام ، ومصور الصور ، وخالق الأعراض والجواهر ، ورب كل شيء ، ومالكه ، وجاعله ، ومحدثه .

وإن محمداً : عبده ورسوله ، وخاتم النبيين فلا نبي بعده إلى يوم القيامة .

 وأقول : إن الإمام والخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن علي ، ثم أنت يا مولاي .

فقال الإمام علي الهادي عليه السلام :

ومن بعدي الحسن أبني ، فكيف للناس بالخلف من بعده ؟

قال فقلت : وكيف ذلك يا مولاي ؟

 قال :  لأنه لا يرى شخصه ، ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيمل الأرض قسطاً وعدلا ، كما ملئت جوراً وظلماً  .

قال : فقلت : أقررت .

 وأقول : إن وليهم ولي الله ، وعدوهم عدوا الله ، وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله .

 وأقول :

 إن المعراج حق .

والمساءلة في القبر حق .

وإن الجنة حق ، والنار حق .

والميزان حق .

وإن الساعة آتية لا ريب فيها .

وإن الله يبعث من في القبور .

 وأقول :

إن الفرائض الواجبة بعد الولاية : الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، والجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر.

فقال علي بن محمد عليه السلام :

 يا أبى القاسم :

هَذَا وَاللَّهِ : دِينُ اللَّهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ.

فَاثْبُتْ عَلَيْهِ : أَثْبَتَكَ اللَّهُ‏ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ.

 

المصدر الصدوق في التوحيد ب2ص81 ح37. والأمالي ص338م54ح24.وفي صفات الشيعة ص 48 ح68 . وفي كمال الدين و تمام النعمة ج2ص379ب37ح1 .  وذكر أيضا في كفاية الأثر ص286 . روضة الواعظين ج1ص31 . وكشف الغمة في معرفة الأئمة ج2ص525ف2 . وذكر قسما منه الحر العاملي في وسائل الشيعة ج‏1ص21ب1 باب وجوب العبادات الخمس الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و الجهاد . وفي وسائل الشيعة ج16ص240ب33 باب تحريم تسمية المهدي عليه السلام و سائر الأئمة عليهم السلام و ذكرهم وقت التقية و جواز ذلك مع عدم الخوف حديث 21461- 9 .

 

اللهم:  ثبتنا معه ، واجعلنا مع نبينا وآله الكرام صلاتك وسلامك عليهم ، إنك أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين . ويا طيب : هذه أسئلة على الحديث ويأتي الجواب بعدها ، فحاول أن تجيب عليها ، وطبق الإجابة مع الإجابة التي تأتي بعد الأسئلة وأسأل الله التوفيق لكم ولنا والثبات على الولاية ومعارف الهدى عند آلهم الطيبين الطاهرين وأصحابهم النجباء :

 

أسئلة على الحديث :

الأول : الحديث في هذه المرتبة الإيمانية عمن روي وعلى من عرض الراوي أهم معارف دينه وضرورياته ؟

الثاني : كيف وحد الراوي الله سبحانه وتعالى ؟

الثالث : كيف وصف الراوي الله سبحانه بأسمائه الحسنى ونزهه عن الحد؟

الرابع : ما هي الصفات السلبية التي وصف الله سبحانه بها ؟

الخامس : كيف وصف الله سبحانه في صفاته الفعلية ؟

السادس : كيف وصف الراوي النبوة وأظهر إيمانه بها ؟

السابع : منَ هم الأئمة الذين ذكرهم الراوي وبما ذكّره الإمام ؟

الثامن : هل أخر الأئمة يُرى ويحل ذكر اسمه وما يفعل حين يظهر؟

التاسع : ما هو شأن مَن يتولى الأئمة وعدوهم ومن يطيعهم ويعصيهم؟

العاشر : ما هو حكم الإيمان بالمعراج والمسائل بالقبر والجنة والنار والميزان؟

الحادي عشر : ما هي الفرائض الواجبة بعد الولاية ؟

الثاني عشر : على أي دين يكون من أجاب على هذه الأسئلة بأجوبة صحيحة ؟

 

أجوبة الأسئلة :

الأول : الراوي هو : عبد العظيم الحسني رحمه الله ، ومرقده في مدينة ري التابعة لطهران ، ولمعرفته بدين الله وهداه ولولايته لأئمة الحق فضل عن نسبه الذي يرجع للإمام الحسن عليه السلام ، ولأنه كما جاء في الحديث : من لم يستطع زيارتنا فليزور صالح موالينا ، وجاء حديث عن الإمام الهادي عليه السلام في حقه وخاص به : إن من زار عبد العظيم الحسني في ري كمن زار الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء ، وأن الإمام المعروض عليه الدين لمعرفة صحته ، هو الإمام العاشر علي بن محمد الهادي عليه السلام .

ويا طيب : يستحب أن يحفظ نص الحديث فإنه جميل وعالي في معارف الإيمان ، وإن الإيمان بمعرفة الله بهذه المواصفات معرفة تامة ، وهكذا معرفة م عرف من الإمامة والأئمة عليهم السلام ، وباقي معارف أصول الدين من النبوة والمعاد الحق ، وبه النجاة والثبات على الدين إن شاء الله وفي مرحلة عالية متقدمة .

الثاني : قال السيد رحمه الله في وصف عظمة الله وبيان توحيده :

 إن الله تبارك وتعالى : واحد ليس كمثله شيء .

الثالث : قال السيد رحمه الله : في إثبات صفات الله له سبحانه بأنها عين ذاته المقدسة ، أي إن الله له الأسماء الحسنى فلا نبطل كما يقول المبطلون أن الله لا يوصف بصفه ، ولكن له صفاته الذاتية سبحانه وليست صافته تعالى زائدة على ذاته المقدسة ، أو مخلوقة له فتحده كما في صفات المخلوقات حيث تحددهم وتعددهم وتميزهم عن البعض ، بل صفاته تعالى متحد مع الذات ومتحدة مع بعضها وتميزها في المفهوم دون الوجود الذاتي .

 فهو تعالى خارج عن الحدين : حد نفي الصفات بل له صفات ، وعن حد إثبات صفات زائدة عليه تحده مثل المخلوقين ، فصفاته الذاتية مثل العليم والحليم والأسماء الحسنى التي يأتي ذكرها في المرتبة الإيمانية السادسة وغيرها ، وهي في وصفها له يكون الوصف كما قال السيد :

 خارج من الحدين ، حد الإبطال ، وحد التشبيه .

الرابع : قال السيد رحمه الله في وصف الله بالصفات السلبية :

 وأنه : ليس بجسم ، ولا صورة ، ولا عرض ، ولا جوهر .

الخامس : قال السيد رحمه الله في وصف الله سبحانه بالصفات الفعلية :

بل هو : مجسم الأجسام ، ومصور الصور ، وخالق الأعراض والجواهر ، ورب كل شيء ومالكه ، وجاعله ، ومحدثه .

السادس : وصف إيمانه بالنبوة بقوله مشروحا : وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ، وخاتم النبيين ، فلا نبي بعده إلى يوم القيامة.

السابع : وصف الراوي عبد العظيم الحسني رحمه الله إيمانه بالإمامة :

 إن الإمام والخليفة وولي الأمر بعد رسول الله : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي ، ثم أنت يا مولاي : ـ أي علي بن محمد الهادي ـ .

فقال الإمام علي الهادي عليه السلام : ومن بعدي الحسن أبني ، فكيف للناس بالخلف من بعده ؟

الثامن : قد ذكر الإمام العاشر علي الهادي عليه السلام في آخر الأئمة المهدي عجل الله فرجه وهو الخلف لأبنه الحسن العسكري بما قال :

 أنه عليه السلام : لا يرى شخصه ، ولا يحل ذكر باسمه حتى يخرج و يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما .

التاسع : وأقر أنه يجب الإيمان بأن أئمة الحق : وليهم ولي الله ، وعدوهم عدوا الله ، وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله .

العاشر : يجب أن نؤمن بأن : المعراج حق ، والمساءلة في القبر حق ، وإن الجنة حق ، والنار حق ، والميزان حق ، وإن الساعة آتية لا ريب فيها ، وإن الله يبعث من في القبور .

الحادي عشر : إن الفرائض الواجبة بعد الولاية : الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، والجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر .

الثاني عشر :  من يجيب بأجوبة صحيحة ويعتقد بها يكون كما قال الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام ، لأبي القاسم عبد العظيم الحسين رحمه الله :

 يا أبي القاسم :

 هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده ، فأثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .

اللهم :  ثبتنا معه ، واجعلنا مع نبينا وآله الكرام صلاتك وسلامك عليهم ، إنك أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

يا طيب : إنه حديث جميل وفيه كثير من معارف الدين أصولا وفروع ، مع جمال عباراته البليغة في بيان أحسن معارف الإيمان وأهم ضرورياته وأولياته ، فإن استطعت فأحفظه ، ولا أقل راجعه عدة مرات لترسخ هذه المعارف في نفسك الطيبة وروحك الطاهرة وعقلك الوقاد بمعرفة الحق وأهله وطلبه والإيمان به ، وشكر الله سعيك وجعلنا الله وإياكم مع نبينا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين في الدنيا والآخرة .

ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

يا طيب : معرفة الله بفضله وبتوفيق منه ، وهي أس الإيمان ، وبعدها تأتي معارف أصول الدين وفروعه وتفصيلها ، وإن مَن يعرف عظمة الله تعالى وحكمته وتدبيره يقر مذعنا أنه لم يترك عباده بدون ولي دين ، وهذا الإقرار في هذ الحديث أو في دعاء اللهم عرفني نفسك مثلا ، معناه كسورة الفاتحة نقر بعظمة الله ، و نطلب منه الهداية لصراط المنعم عليهم بالاستقامة ، فلا تقصر بحفظه .

 



 حديث العدل :

يا طيب : هذا حديث في بيان عدل الله عز وجل ، وما يثيب ويجازي على المعصية أو العفو ، وإنها وإن كان الله يمد العبد بنعمة ليقوى على العلم والاختيار والعمل ، ولكنه العبد يعصيه بما قواه ، وبين الإمام علي الهادي عليه السلام عن آباءه عليهم السلام ، كيف تكون المعصية من العبد وكيف يكون جزاءها بالعدل أو العفو عن المعصية بفضل الله تعالى ، وبرواية السيد الجليل العالم عبد العظيم الحسني رحمه الله :

ذكر الصدوق رحمه الله في الأمالي : حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد السناني المكتب رضوان الله عليه قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدثنا سهل بن زياد الآدمي :

عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ‏ : بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ ، عَنِ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ الرِّضَا عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عليه السلام قَالَ :

خرج أبو حنيفة : ذات يوم من عند الصادق عليه السلام ، فاستقبله موسى بن جعفر عليه السلام ،  فقال له : يا غلام ممن المعصية ؟

فَقَالَ الإمام الكاظم عليه السلام : لَا تَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةٍ :

 إِمَّا أَنْ تَكُونَ : مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ لَيْسَتْ مِنْهُ ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْكَرِيمِ أَنْ يُعَذِّبَ عَبْدَهُ بِمَ لَمْ يَكْتَسِبْهُ .

وَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ : مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنَ الْعَبْدِ ، فَلَا يَنْبَغِي لِلشَّرِيكِ الْقَوِيِّ أَنْ يَظْلِمَ الشَّرِيكَ الضَّعِيفَ .

وَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ : مِنَ الْعَبْدِ ، وَ هِيَ مِنْهُ ، فَإِنْ عَاقَبَهُ اللَّهُ فَبِذَنْبِهِ ، وَ إِنْ عَفَى عَنْهُ فَبِكَرَمِهِ وَ جُودِهِ .

الأمالي للصدوق ص410م64ح4 . التوحيد ص 96 ب5 ح2 . عيون أخبار الرض عليه السلام ج1ص138ب11ح37 .

يا طيب : سيأتي حديث آخر في بيان عدة معاني في أمور العدل الإلهي وهو أكثر تفصيلا في تفسير الآيات القرآنية الآتية فتابعه.

 

 حديث التوحيد والإمامة :

وهذا حديث عالي المعاني : عن الإمام النقي الهادي أبو الحسن الثالث علي بن محمد عليه السلام : في التوحيد والنبوة والإمام والإيمان والمؤمن وحقائقهما ، ويحسن أن يتدبر به لآخرة حتى يتضح معناه وجمال بيانه :

في كشف الغمة : من دلائل الحميري ، عن فتح بن يزيد الجرجاني قال :

ضمني و أبا الحسن ( الثالث علي بن محمد الهادي ) طريق منصرفي من مكة إلى خراسان .

و هو سائر : إلى العراق ، فسمعته و هو يقول :

من اتقى الله : يتقى ، و من أطاع الله يطاع .

قال : فتلطفت إلى الوصول إليه .

فسلمت عليه : فرد علي السلام ، و أمرني بالجلوس ، و أول م ابتدأني به أن قال :

يا فتح : من أطاع الخالق ، لم يبال بسخط المخلوق .

و من أسخط الخالق ، فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق .

و إن الخالق : لا يوصف ، إلا بما وصف به نفسه .

و أنى يوصف الخالق : الذي تعجز الحواس ، أن تدركه .

و الأوهام : أن تناله .

و الخطرات : أن تحده .

و الأبصار : عن الإحاطة به .

جل : عما يصفه الواصفون .

و تعالى : عما ينعته الناعتون .

نأى : في قربه ، و قرب في نأيه ، فهو في نأيه قريب ، و في قربه بعيد .

كيف : الكيف ، فلا يقال كيف .

و أين : الأين فلا ، يقال أين .

إذ هو منقطع الكيفية ، و الأينية .

هو : الواحد الأحد ، الصمد ، لم يلد و لم يولد ، و لم يكن له كفوا أحد ، فجل جلاله .

أم كيف : يوصف بكنهه محمد ، و قد قرنه الجليل باسمه ، و شركه في عطائه ، و أوجب لمن أطاعه جزاء طاعته .

إذ يقول : { وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ (74)} التوبة.

{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) } الحشر .

{ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8)} التغابن.

{ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)} الجن.

{ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (100)} النساء ـ

 

وَ قَالَ سبحانه : يَحْكِي قَوْلَ مَنْ تَرَكَ طَاعَتَهُ ، وَ هُوَ يُعَذِّبُهُ بَيْنَ أَطْبَاقِ نِيرَانِهَا ، وَ سَرَابِيلِ قَطِرَانِهَ : { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَ اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) }الأحزاب .

 

أَمْ كَيْفَ يُوصَفُ بِكُنْهِهِ : مَنْ قَرَنَ الْجَلِيلُ طَاعَتَهُمْ بِطَاعَةِ رَسُولِهِ .

حَيْثُ قَالَ :

{ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (59) } النساء .

 

{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)

وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ 56)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (57) } المائدة.

وَ قَالَ سبحانه : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59) } النساء .

{ وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ

وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ (83) } النساء .

وَ قَالَ : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى‏ أَهْلِها (59) }النساء .

وَ قَالَ : { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (43)} النحل .

 

يا فتح : كما لا يوصف الجليل جل جلاله ، و الرسول ، و الخليل ، و ولد البتول .

فكذلك : لا يوصف المؤمن المسلم لأمرنا .

 

فنبينا : أفضل الأنبياء ، و خليلنا : أفضل الأخلاء .

و وصيه : أكرم الأوصياء ، اسمهما أفضل الأسماء ، و كنيتهما أفضل الكنى و أحلاها .

لو لم : يجالسنا إلا كفو ، لم يجالسنا أحد .

و لو لم : يزوجنا ، إلا كفو لم يزوجنا أحد .

 

أشد الناس تواضعا : أعظمهم حلما ، و أنداهم كفا ، و أمنعهم كنفا .

ورث عنهما : أوصياؤهما علمهما .

فأردد : إليهما الأمر ، و سلم إليهم .

أماتك الله : مماتهم ، و أحياك حياتهم ، إذا شئت رحمك الله .

 

قال فتح : فخرجت ، فلما كان الغد ، تلطفت في الوصول إليه ، فسلمت عليه ، فرد علي السلام .

فقلت : يا ابن رسول الله :

أ تأذن لي في مسألة : اختلج في صدري ، أمرها ليلتي .

قال : سل ، و إن شرحتها فلي ، و إن أمسكتها فلي .

فصحح نظرك : و تثبت في مسألتك ، و أصغ إلى جوابها سمعك ، و لا تسأل مسألة تعنت ، و اعتن بما تعتني به .

فإن العالم و المتعلم : شريكان في الرشد ، مأموران بالنصيحة ، منهيان عن الغش .

 

و أما الذي : اختلج في صدرك ليلتك ، فإن شاء العالم أنبأك بإذن الله ، إن الله لم يظهر على‏ غيبه أحدا إلا من ارتضى‏ من رسول .

فكل ما كان : عند الرسول ، كان عند العالم ، و كل ما اطلع عليه الرسول فقد اطلع أوصياؤه عليه .

كيلا : تخلو أرضه من حجة يكون معه ، علم يدل على صدق مقالته ، و جواز عدالته .

 

يا فتح : عسى الشيطان أراد اللبس عليك ، فأوهمك في بعض م أودعتك ، و شككك كفي بعض ما أنبأتك ، حتى أراد إزالتك عن طريق الله ، و صراطه المستقيم ، فقلت : من أيقنت أنهم كذا ، فهم أرباب .

معاذ الله : إنهم مخلوقون ، مربوبون ، مطيعون لله ، داخرون ، راغبون .

فإذا جاءك : الشيطان من قبل ما جاءك ، فاقمعه بما أنبأتك به .

 

فقلت : جعلت فداك ، فرجت عني ، و كشفت ما لبس الملعون علي بشرحك ، فقد كان أوقع بخلدي ، أنكم أرباب .

 

قال : فسجد أبو الحسن عليه السلام ، و هو يقول في سجوده :

راغما لك : يا خالقي ، داخرا خاضعا .

قال : فلم يزل كذلك ، حتى ذهب ليلي .

 

ثم قال : يا فتح ، كدت أن تَهلك ، و تُهلك .

و ما ضر عيسى : إذا هلك من هلك .

فاذهب : إذا شئت رحمك الله .

قال : فخرجت ، و أنا فرح بما كشف الله عني من اللبس ، بأنهم هم .

و حمدت الله : على ما قدرت عليه .

 

فلما كان في المنزل الآخر .

دخلت عليه : و هو متك ، و بين يديه حنطة مقلوة يعبث بها .

و قد كان : أوقع الشيطان في خلدي ، أنه لا ينبغي أن يأكلو و يشربوا ، إذ كان ذلك آفة ، و الإمام غير مئوف .

 

فقال : اجلس يا فتح .

 فإن لنا بالرسل أسوة : كانوا يأكلون و يشربون و يمشون في الأسواق .

 و كل جسم : مغذو بهذا ، إلا الخالق الرازق ، لأنه جسم الأجسام ، و هو لم يجسم ، و لم يجزأ بتناه ، و لم يتزايد ، و لم يتناقص .

مبرأ : من ذاته ما ركب في ذات من جسمه ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، الذي لم يلد ، و لم يولد ، و لم يكن له كفوا أحد .

منشئ : الأشياء ، مجسم الأجسام ، و هو السميع العليم ، اللطيف الخبير ، الرؤوف الرحيم ، تبارك و تعالى ، عما يقول الظالمون علوا كبيرا .

لو كان : كما يوصف ، لم يعرف الرب من المربوب ، و لا الخالق من المخلوق ، و لا المنشئ من المنشاء .

و لكنه : فرق بينه ، و بين من جسمه ، و شيأ الأشياء إذ كان لا يشبهه شيء يرى ، و لا يشبه شيئا .

كشف ‏الغمة ج2ص386, بحار الأنوار ج75 ص366ح2ب29 .

يا طيب : هذا الحديث كامل في التوحيد والإمام وأكثر تفصيل من سابقه ، وبه معارف كريمة في أصول الدين ، ولابد للمؤمن من الإيمان بها فضل عن واجب معرفتها ولو أجمالا ، والاعتقاد بها كلها حتى اليقين ، وبهذا تتم معارفن في العقائد وأصول الدين الإسلامي الحق المبين .

 


 الكل مسؤولون عن الولاية :

ذكر الصدوق رحمه الله في العيون : حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدثنا سهل بن زياد الآدمي :

عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ قَالَ : حدثني سيدي علي بن محمد بن علي الرضا عن أبيه محمد بن علي عن أبيه الرضا عن آبائه : عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهم السلام قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن أبا بكر مني بمنزلة السمع ، و إن عمر مني بمنزلة البصر ، و إن عثمان مني بمنزلة الفؤاد .

قال عليه السلام : فلما كان من الغد ، دخلت إليه ، و عنده أمير المؤمنين عليهم السلام ، و أبو بكر و عمر و عثمان .

فقلت له : يا أبت ، سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا فما هو ؟

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : نعم ، ثم أشار إليهم .

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : هم السمع و البصر و الفؤاد ، و سيسألون عن وصيي هذا ، و أشار إلى علي بن أبي طالب.

ثم قال : إن الله عز و جل يقول : { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ( 36) } الإسراء .

 ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : وَ عِزَّةِ رَبِّي ، إِنَّ جَمِيعَ أُمَّتِي لَمَوْقُوفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ مَسْئُولُونَ عَنْ وَلَايَتِهِ .

 و ذلك قول الله عز و جل : { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم  مَّسْئُولُونَ (24)} الصافات.

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج1ص 313ب28ح86 . وفي معاني الأخبار ص387 ح23 بهذا السند عن الإمام الحسن عليه السلام ، بحار الأنوار ج36ص77ح4ب38.

يا طيب : كل العباد مسؤولون عمن تولوا وأخذوا معارف دينهم ، وإنه لابد أن يكون إمام أو يتولى إمام بعد رسول الله ثم أخذ معارفهم من أصحابهم ومن تولاهم بحق دون من خالفهم ، وبهذا النجاة وإلا فلا .

 

 صلاة إبراهيم الخليل على النبي وآله:

قال الصدوق رحمه الله في العلل : حدثنا أحمد بن محمد بن الشيباني رضي الله عنه قال  حدثنا محمد بن أحمد الأسدي الكوفي  عن سهل بن زياد الآدمي:

عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ‏ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ قَالَ : سمعت علي بن محمد العسكري عليه السلام يقول‏ :

إِنَّمَا اتَّخَذَ اللَّهُ‏ عَزَّ وَ جَلَ‏ : إِبْراهِيمَ خَلِيلً ، لِكَثْرَةِ صَلَاتِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ .

علل الشرائع ج1ص34ب32ح3 .وسائل الشيعة ج7ص194ب34 باب استحباب الإكثار من الصلاة على محمد و آله عليهم السلام و اختيارها على ما سواها حديث 9095- 9 .


 


الذكر الثاني
رسالة حديث العدل ورد الجبر والتفويض

 

تمهيد حديث العدل :

يا طيب : ذكر ابن شعبة الحراني في تحف العقول صفحة 458 _ 475 .حديثا مفصلا عن الإمام علي الهادي عليه السلام في العدل ورد الجبر والتفويض ، وأكد الإمام معنى الأمر بين الأمرين والمنزلة بين المنزلتين أي لا جبر ولا تفويض ، وشرحه بصورة مفصلة كريمة لا تجد أفضل منها في بيان شؤون الله تعالى مع عباده ، وكيف كلفهم وكيف منحهم الاستطاعة والاختيار مع أنهم تحت قدرته ويعملون بإذنه وتوفيقه والعاصي بخذلانه ، وأن الثواب والعقاب حسب العلم والعمل ومقدار استطاعة وشروطها التي منحت لهم منه سبحانه ، أنه تعالى لم يجبر لأحد على علم وعمل ولا أنه فوض لهم بدون إذنه وقدرته ومدده ومنحهم الاستطاعة يعلمون ويعلمون ويعملون ويفعلون ، فتدبر أجمل وأروع حديث كريم شامل مفصل في عدل الله ومسائل العدل الإلهي في التكوين وبالخصوص على البشر بين الجبر والتفويض ، فقال في الحراني وهو من أعلام القرن الرابع عن الإمام علي الهادي النقي عليه السلام : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ : روي عن الإمام الراشد الصابر أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام في طوال هذه المعاني‏ رسالته في الرد على أهل الجبر و التفويض ، و إثبات العدل و المنزلة بين المنزلتين‏ .

مقدمة الرسالة في الإمامة وحقها :

مِنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ : سلام عليكم و على‏ من اتبع الهدى‏ و رحمة الله و بركاته ، فإنه ورد علي كتابكم ، و فهمت ما ذكرتم من اختلافكم في دينكم ، و خوضكم في القدر ، و مقالة من يقول منكم بالجبر ، و من يقول بالتفويض ، و تفرقكم في ذلك و تقاطعكم ، و ما ظهر من العداوة بينكم ، ثم سألتموني عنه و بيانه لكم ، و فهمت ذلك كله .

اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ : أنا نظرنا في الآثار ، و كثرة ما جاءت به الأخبار ، فوجدناها عند جميع من ينتحل الإسلام ممن يعقل عن الله جل و عز ، لا تخلو من معنيين ، إما حق فيتبع ، و إما باطل فيجتنب .

وَ قَدِ اجْتَمَعَتِ : الْأُمَّةُ قَاطِبَةً لا اختلاف بينهم ، أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق ، و في حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب و تحقيقه ، مصيبون مهتدون .

 وَ ذَلِكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ :  لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ ، فأخبر أن جميع ما اجتمعت عليه الأمة كلها حق ، هذا إذا لم يخالف بعضها بعضا ، و القرآن حق لا اختلاف بينهم في تنزيله و تصديقه .

فَإِذَا شَهِدَ الْقُرْآنُ : بِتَصْدِيقِ خَبَرٍ وَ تَحْقِيقِهِ ، و أنكر الخبر طائفة من الأمة ، لزمهم الإقرار به ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب ، فإن هي جحدت و أنكرت لزمها الخروج من الملة ، فأول خبر يعرف تحقيقه من الكتاب و تصديقه و التماس شهادته عليه ، خبر ورد عن رسول الله ، و وجد بموافقة الكتاب و تصديقه ، بحيث لا تخالفه أقاويلهم .

 حَيْثُ قَالَ : إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ : كِتَابَ اللَّهِ ، وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي ، لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ‏ بِهِمَ ، وَ إِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ .

فَلَمَّا وَجَدْنَا : شواهد هذا الحديث في كتاب الله نصا ، مثل قوله جل و عز : { إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُون (60) وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (61) } المائدة .

 وَ رَوَتِ الْعَامَّةُ : في ذلك أخبارا لأمير المؤمنين عليه السلام أنه تصدق بخاتمه و هو راكع ، فشكر الله ذلك له و أنزل الآية فيه .

فَوَجَدْنَا : رسول الله صلى الله عليه وآله .

قد أتى بقوله : مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ .

و بقوله : أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي .

و وجدناه يقول : عَلِيٌّ يَقْضِي ، دَيْنِي وَ يُنْجِزُ مَوْعِدِي ، وَ هُوَ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي .

فَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ : الذي استنبطت منه هذه الأخبار ، خبر صحيح مجمع عليه لا اختلاف فيه عندهم ، و هو أيضا موافق للكتاب ، فلما شهد الكتاب بتصديق الخبر ، و هذه الشواهد الأخر ، لزم على الأمة الإقرار بها ضرورة ، إذ كانت هذه الأخبار شواهدها من القرآن ناطقة ، و وافقت القرآن ، و القرآن وافقها ، ثم وردت حقائق الأخبار من رسول الله عن الصادقين ،  و نقلها قوم ثقات معروفون ، فصار الاقتداء بهذه الأخبار فرضا واجبا على كل مؤمن و مؤمنة ، لا يتعداه إلا أهل العناد ، و ذلك أن أقاويل آل رسول الله متصلة بقول الله .

وَ ذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْي وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (57)} الأحزاب .

 وَ وَجَدْنَا : نظير هذه الآية ، قول رسول الله : مَنْ آذَى عَلِيّاً فَقَدْ آذَانِي،  وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ ، وَ مَنْ آذَى اللَّهَ يُوشِكُ أَنْ يَنْتَقِمَ مِنْهُ .

و كذلك قوله : مَنْ أَحَبَّ عَلِيّاً فَقَدْ أَحَبَّنِي ، وَ مَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ .

و مثل قوله : في بني وليعة ، لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ رَجُلًا كَنَفْسِي ، يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ ، وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ ـ قُمْ يَ عَلِيُّ فَسِرْ إِلَيْهِمْ .

 وَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وآله وسلم : يَوْمَ خَيْبَرَ ، لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ غَداً رَجُلًا ، يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ ، وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ ، كَرَّاراً غَيْرَ فَرَّارٍ ، لَا يَرْجِعُ‏ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ .

فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ : بِالْفَتْحِ قَبْلَ التَّوْجِيهِ ، فَاسْتَشْرَفَ لِكَلَامِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ،  فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَعَا عَلِيّاً ، فَبَعَثَهُ إِلَيْهِمْ ، فَاصْطَفَاهُ بِهَذِهِ الْمَنْقَبَةِ ، وَ سَمَّاهُ كَرَّاراً غَيْرَ فَرَّارٍ ، فَسَمَّاهُ اللَّهُ مُحِبّاً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ ، فَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يُحِبَّانِهِ.

وَ إِنَّمَا قَدَّمْنَا : هذا الشرح و البيان دليلا على م أردنا ، و قوة لما نحن مبينوه من أمر الجبر و التفويض ، و المنزلة بين المنزلتين ، و بالله العون و القوة ، و عليه نتوكل في جميع أمورنا .

( شروط العدل )

فَإِنَّا نَبْدَأُ : من ذلك بقول الصادق عليه السلام : لَا جَبْرَ وَ لَا تَفْوِيضَ وَ لَكِنْ مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ .

وَ هِيَ :

صِحَّةُ الْخِلْقَةِ

وَ تَخْلِيَةُ السَّرْبِ

وَ الْمُهْلَةُ فِي الْوَقْتِ

وَ الزَّادُ مِثْلُ الرَّاحِلَةِ

وَ السَّبَبُ الْمُهَيِّجُ لِلْفَاعِلِ عَلَى فِعْلِهِ .

فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ : جمع به الصادق عليه جوامع الفضل ، فإذا نقص العبد منها خلة ، كان العمل عنه مطروحا بحسبه .

فَأَخْبَرَ الصَّادِقُ عليه السلام : بِأصل ما يجب على الناس من طلب معرفته ، و نطق الكتاب بتصديقه ، فشهد بذلك محكمات آيات رسوله ، لأن الرسول و آله صلى الله عليهم وسلم لا يعدون شيئا من قوله ، و أقاويلهم حدود القرآن ، فإذ وردت حقائق الأخبار ، و التمست شواهدها من التنزيل ، فوجد لها موافقا ، و عليه دليلا ، كان الاقتداء بها فرضا ، لا يتعداه إلا أهل العناد ، كما ذكرنا في أول الكتاب .

وَ لَمَّا الْتَمَسْنَا : تحقيق ما قاله الصادق عليه السلام ، مِنَ الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ ، وَ إِنْكَارِهِ الْجَبْرَ وَ التَّفْوِيضَ .

وَجَدْنَا الْكِتَابَ : قد شهد له ، و صدق مقالته في هذا  و خبر عنه أيضا موافق لهذا .

 

 أن الصادق عليه السلام : سُئِلَ هَلْ أَجْبَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي ؟

فقال الصادق عليه السلام : هُوَ أَعْدَلُ مِنْ ذَلِكَ .

فقيل له : فَهَلْ فَوَّضَ إِلَيْهِمْ ؟

فقال عليه السلام : هُوَ أَعَزُّ وَ أَقْهَرُ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ .

 

و روي عنه أنه قال : النَّاسُ فِي الْقَدَرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ .

رَجُلٍ يَزْعُمُ : أن الأمر مفوض إليه ، فقد وهن الله في سلطانه ، فهو هالك.

 وَ رَجُلٍ يَزْعُمُ : أن الله جل و عز أجبر العباد على المعاصي ، و كلفهم ما لا يطيقون ، فقد ظلم الله في حكمه ، فهو هالك .

وَ رَجُلٍ يَزْعُمُ : أن الله كلف العباد ما يطيقون و لم يكلفهم ما لا يطيقون ، فإذا أحسن حمد الله ، و إذا أساء استغفر الله ، فهذا مسلم بالغ .

فَأَخْبَرَ عليه السلام : أَنَّ مَنْ تَقَلَّدَ الْجَبْرَ وَ التَّفْوِيضَ وَ دَانَ بِهِمَا ، فَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْحَقِّ .

فَقَدْ شَرَحْتُ : الْجَبْرَ ، الَّذِي مَنْ دَانَ بِهِ يَلْزَمُهُ الْخَطَأُ ، وَ أَنَّ الَّذِي يَتَقَلَّدُ التَّفْوِيضَ يَلْزَمُهُ الْبَاطِلُ ، فَصَارَتِ الْمَنْزِلَةُ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا .

ثُمَّ قَالَ عليه السلام : وَ أَضْرِبُ لِكُلِّ بَابٍ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ مَثَلًا ، يقرب المعنى للطالب ، و يسهل له البحث عن شرحه ، تشهد به محكمات آيات الكتاب ، و تحقق تصديقه عند ذوي الألباب ، و بالله التوفيق و العصمة .

 

فَأَمَّا الْجَبْرُ ( وبطلانه ) :

الذي يلزم من دان به الخطأ : فهو قول من زعم أن الله جل و عز أجبر العباد على المعاصي و عاقبهم عليها ، و من قال بهذا القول : فقد ظلم الله في حكمه و كذبه ، و رد عليه قوله : { وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (47) } الكهف ، وَ قَوْلَهُ : { ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10) } الحج ، وَ قَوْلَهُ : { إِنَّ اللَّهَ ل يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَ لكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (45) } يونس ، مَعَ آيٍ كَثِيرَةٍ فِي ذِكْرِ هَذَا .

فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى الْمَعَاصِي : فقد أحال بذنبه على الله و قد ظلمه في عقوبته و،  من ظلم الله فقد كذب كتابه ، و من كذب كتابه فقد لزمه الكفر باجتماع الأمة  .

 وَ مَثَلُ ذَلِكَ : مثل رجل ملك عبدا مملوكا ، لا يملك نفسه و لا يملك عرضا من عرض الدنيا ، و يعلم مولاه ذلك منه ، فأمره على علم منه بالمصير إلى السوق لحاجة يأتيه بها ، و لم يملكه ثمن ما يأتيه به من حاجته ، و علم المالك أن على الحاجة رقيبا لا يطمع أحد في أخذها منه إلا بما يرضى به من الثمن ، و قد وصف مالك هذا العبد نفسه بالعدل و النصفة و إظهار الحكمة ، و نفي الجور ، و أوعد عبده إن لم يأته بحاجته أن يعاقبه على علم منه بالرقيب الذي على حاجته أنه سيمنعه ، و علم أن المملوك لا يملك ثمنها و لم يملكه ذلك ، فلما صار العبد إلى السوق و جاء ليأخذ حاجته التي بعثه المولى لها وجد عليها مانعا يمنع منها إلا بشراء ، و ليس يملك العبد ثمنها ، فانصرف إلى مولاه‏ خائبا بغير قضاء حاجته ، فاغتاظ مولاه من ذلك و عاقبه عليه .

أَ لَيْسَ يَجِبُ فِي عَدْلِهِ وَ حُكْمِهِ : أَنْ لَا يُعَاقِبَهُ ، و هو يعلم أن عبده لا يملك عرضا من عروض الدنيا و لم يملكه ثمن حاجته ، فإن عاقبه عاقبه ظالما متعديا عليه ، مبطلا لما وصف من عدله و حكمته و نصفته ، و إن لم يعاقبه كذب نفسه في وعيده إياه حين أوعده بالكذب و الظلم اللذين ينفيان العدل و الحكمة ، تَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً.

 فَمَنْ دَانَ بِالْجَبْرِ : أو بما يدعو إلى الجبر ، فقد ظلم الله و نسبه إلى الجور و العدوان ، إذ أوجب على من أجبره العقوبة ، و من زعم أن الله أجبر العباد ، فقد أوجب على قياس قوله إن الله يدفع عنهم العقوبة .

 وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ : يَدْفَعُ عَنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي الْعَذَابَ ، فقد كذب الله في وعيده .

حيث يقول : { بَلى‏ مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (76) } البقرة ،  و قوله : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‏ ظُلْماً إِنَّم يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (11) } النساء ، و قوله : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّم نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (59) } النساء ، مَعَ آيٍ كَثِيرَةٍ فِي هَذَ الْفَنِّ .

 مِمَّنْ كَذَّبَ وَعِيدَ اللَّهِ : و يلزمه في تكذيبه آية من كتاب الله الكفر ، و هو ممن قال الله : { أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى‏ أَشَدِّ الْعَذابِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (79) } البقرة .

 بَلْ نَقُولُ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ : جَازَى الْعِبَادَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَ يُعَاقِبُهُمْ عَلَى أَفْعَالِهِمْ بِالاسْتِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَهُمْ إِيَّاهَا ، فَأَمَرَهُمْ وَ نَهَاهُمْ بِذَلِكَ وَ نَطَقَ كِتَابُهُ : { مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى‏ إِلَّا مِثْلَها وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ (161) } الأنفال ، و قال جل ذكره :{ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ (28) } آل عمران ، وَ قَالَ : { الْيَوْمَ تُجْزى‏ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ (17) } المؤمن .

فَهَذِهِ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ : تَنْفِي الْجَبْرَ وَ مَنْ دَانَ بِهِ ، وَ مِثْلُهَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ ، اخْتَصَرْنَا ذَلِكَ لِئَلَّ يَطُولَ الْكِتَابُ ، وَ بِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .

 

وَ أَمَّا التَّفْوِيضُ ( وبطلانه ) :

الَّذِي أَبْطَلَهُ الصَّادِقُ عليه السلام : وَ أَخْطَأَ  مَنْ دَانَ بِهِ وَ تَقَلَّدَهُ ، فهو قول القائل إن الله جل ذكره فوض إلى العباد اختيار أمره و نهيه و أهملهم ، و في هذا كلام دقيق لمن يذهب إلى تحريره و دقته ، و إلى هذا ذهبت الأئمة المهتدية من عترة الرسول .

 فإنهم عليه السلام قالوا : لَوْ فَوَّضَ إِلَيْهِمْ عَلَى جِهَةِ الْإِهْمَالِ ، لَكَانَ لَازِماً لَهُ رِضَا مَا اخْتَارُوهُ ، وَ اسْتَوْجَبُو مِنْهُ الثَّوَابَ ،  وَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِيمَا جَنَوْهُ الْعِقَابُ ، إِذَا كَانَ الْإِهْمَالُ وَاقِعاً .

وَ تَنْصَرِفُ هَذِهِ الْمَقَالَةُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ :

إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْعِبَادُ : تظاهروا عليه ، فألزموه قبول اختيارهم بآرائهم ضرورة ، كره ذلك أم أحب ، فقد لزمه الوهن .

أَوْ يَكُونَ جَلَّ وَ عَزَّ : عجز عن تعبدهم بالأمر و النهي على إرادته ، كرهوا أو أحبوا ، ففوض أمره و نهيه إليهم ، و أجراهما على محبتهم ، إذ عجز عن تعبدهم بإرادته ، فجعل الاختيار إليهم في الكفر و الإيمان .

وَ مَثَلُ ذَلِكَ : مَثَلُ رَجُلٍ مَلَكَ عَبْداً ابْتَاعَهُ لِيَخْدُمَهُ ، و يعرف له فضل ولايته ، و يقف عند أمره و نهيه ، و ادعى مالك العبد أنه قاهر عزيز حكيم ، فأمر عبده و نهاه ، و وعده على اتباع أمره عظيم الثواب ، و أوعده على معصيته أليم العقاب ، فخالف العبد إرادة مالكه ، و لم يقف عند أمره و نهيه ، فأي أمر أمره أو أي نهي نهاه عنه لم يأته على إرادة المولى ، بل كان العبد يتبع إرادة نفسه و اتباع هواه ، و لا يطيق المولى أن يرده إلى اتباع أمره و نهيه و الوقوف على إرادته ، ففوض اختيار أمره و نهيه إليه ، و رضي منه بكل ما فعله على إرادة العبد لا على إرادة المالك ، و بعثه في بعض حوائجه و سمى له الحاجة ، فخالف على مولاه ، و قصد لإرادة نفسه و اتبع هواه ، فلما رجع إلى مولاه نظر إلى ما أتاه به ، فإذا هو خلاف ما أمره به ، فقال له لم أتيتني بخلاف ما أمرتك ، فقال العبد اتكلت على تفويضك الأمر إلي ، فاتبعت هواي و إرادتي ، لأن المفوض إليه غير محظور عليه .

فَاسْتَحَالَ التَّفْوِيضُ : أَ وَ لَيْسَ يَجِبُ عَلَى هَذَ السَّبَبِ .

إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ لِلْعَبْدِ : قادرا يأمر عبده باتباع أمره و نهيه على إرادته ، لا على إرادة العبد و يملكه من الطاقة ، بقدر ما يأمره به و ينهاه عنه ، فإذا أمره بأمر و نهاه عن نهي ، عرفه الثواب و العقاب عليهما ، و حذره و رغبه بصفة ثوابه و عقابه ، ليعرف العبد قدرة مولاه بما ملكه من الطاقة لأمره و نهيه ، و ترغيبه و ترهيبه ، فيكون عدله وإنصافه شاملا له ، وحجته واضحة عليه ، للإعذار والإنذار، فإذا اتبع العبد أمر مولاه جازاه، وإذا لم يزدجر عن نهيه عاقبه.

أَوْ يَكُونَ عَاجِزاً غَيْرَ قَادِرٍ : فَفَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَيْهِ ، أحسن أم أساء ، أطاع أم عصى ، عاجز عن عقوبته و رده إلى اتباع أمره ، و في إثبات العجز نفي القدرة و التأله ، و إبطال الأمر و النهي ، و الثواب و العقاب ، و مخالفة الكتاب إذ يقول : { وَ لا يَرْضى‏ لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَ إِنْ تَشْكُرُو يَرْضَهُ لَكُمْ (9) } الزمر ، و قوله عز و جل : { اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (97) } آل عمران ، و قوله : { وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَ ما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) } الذاريات ، وَ قَوْلُهُ : { اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً (40) } النساء ، و قوله : { أَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ (الأنفال20) } الأنفال .

 فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى : فَوَّضَ أَمْرَهُ وَ نَهْيَهُ إِلَى عِبَادِهِ ، فَقَدْ أَثْبَتَ عَلَيْهِ الْعَجْزَ ، وَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ قبول كل ما عملوا من خير و شر ، و أبطل أمر الله و نهيه ، و وعده و وعيده ، لعلة ما زعم أن الله فوضها إليه ، لأن المفوض إليه يعمل بمشيئته ، فإن شاء الكفر أو الإيمان كان غير مردود عليه ، و لا محظور فمن دان بالتفويض على هذا المعنى ، فقد أبطل جميع ما ذكرنا من وعده و وعيده ، و أمره و نهيه ، و هو من أهل هذه الآية : { أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْي وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ‏ إِلى‏ أَشَدِّ الْعَذابِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (79)} البقرة .

 تَعَالَى اللَّهُ : عَمَّا يَدِينُ بِهِ أَهْلُ التَّفْوِيضِ عُلُوّاً كَبِيراً .

 

( توضيح قولنا بالأمرين) :

لَكِنْ نَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ ، خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ ، وَ مَلَّكَهُمْ اسْتِطَاعَةَ تَعَبُّدِهِمْ بِهَا ، فَأَمَرَهُمْ وَ نَهَاهُمْ بِمَا أَرَادَ ، فَقَبِلَ مِنْهُمُ اتِّبَاعَ أَمْرِهِ ، وَ رَضِيَ بِذَلِكَ لَهُمْ ، وَ نَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ ، وَ ذَمَّ مَنْ عَصَاهُ وَ عَاقَبَهُ عَلَيْهَا ، وَ لِلَّهِ الْخِيَرَةُ فِي الْأَمْرِ وَ النَّهْيِ ، يَخْتَارُ مَا يُرِيدُ وَ يَأْمُرُ بِهِ ، وَ يَنْهَى عَمَّا يَكْرَهُ وَ يُعَاقِبُ عَلَيْهِ ، بِالاسْتِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَهَا عِبَادَهُ لِاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَ اجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ ، لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْعَدْلِ وَ النَّصَفَةِ وَ الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ ، بَالَغَ الْحُجَّةَ بِالْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ .

وَ إِلَيْهِ الصَّفْوَةُ : يَصْطَفِي مِنْ عِبَادِهِ مَنْ يَشَاءُ ، لِتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ وَ احْتِجَاجِهِ عَلَى عِبَادِهِ ، اصْطَفَى مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم وَ بَعَثَهُ بِرِسَالاتِهِ إِلَى خَلْقِهِ .

فقال من قال : من كفار قومه حسدا و استكبارا : { لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى‏ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (30)} الزخرف ، يعني بذلك أمية بن أبي الصلت  و أبا مسعود الثقفي ، فَأَبْطَلَ اللَّهُ اخْتِيَارَهُمْ وَ لَمْ يُجِزْ لَهُمْ آرَاءَهُمْ ، حَيْثُ يَقُولُ : { أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْي وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ‏ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (31) } الزخرف .

  وَ لِذَلِكَ اخْتَارَ مِنَ الْأُمُورِ مَا أَحَبَّ وَ نَهَى عَمَّا كَرِهَ ، فَمَنْ أَطَاعَهُ أَثَابَهُ ، وَ مَنْ عَصَاهُ عَاقَبَهُ .

وَ لَوْ فَوَّضَ اخْتِيَارَ أَمْرِهِ إِلَى عِبَادِهِ : لأجاز لقريش اختيار أمية بن أبي الصلت و أبي مسعود الثقفي إذ كانا عندهم أفضل من محمد صلى الله عليه وأله .

فلما أدب الله المؤمنين بقوله : { وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ (36) } الأحزاب .

 فَلَمْ يُجِزْ لَهُمُ : الِاخْتِيَارَ بِأَهْوَائِهِمْ ، وَ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ إِلَّا اتِّبَاعَ أَمْرِهِ وَ اجْتِنَابَ نَهْيِهِ عَلَى يَدَيْ مَنِ اصْطَفَاهُ ، فَمَنْ أَطَاعَهُ رَشَدَ ، وَ مَنْ عَصَاهُ ضَلَّ وَ غَوَى ، وَ لَزِمَتْهُ الْحُجَّةُ بِمَا مَلَّكَهُ مِنَ الِاسْتِطَاعَةِ لِاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَ اجْتِنَابِ نَهْيِهِ ، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَمَهُ ثَوَابَهُ وَ أَنْزَلَ بِهِ عِقَابَهُ .

وَ هَذَا الْقَوْلُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ : لَيْسَ بِجَبْرٍ وَ لَا تَفْوِيضٍ .

 

( حديث الاستطاعة والامرين) :

 و بذلك أخبر أمير المؤمنين عليه السلام : عَبَايَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ الْأَسَدِيَّ حِينَ سَأَلَهُ عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ الَّتِي بِهَ يَقُومُ وَ يَقْعُدُ وَ يَفْعَلُ ؟

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : سَأَلْتَ عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ تَمْلِكُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْ مَعَ اللَّهِ ؟  فسكت عباية .

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : قل يا عباية ؟ قال : و ما أقول ؟

قال عليه السلام : إِنْ قُلْتَ إِنَّكَ تَمْلِكُهَا مَعَ اللَّهِ قَتَلْتُكَ ، وَ إِنْ قُلْتَ تَمْلِكُهَا دُونَ اللَّهِ قَتَلْتُكَ .

قال عباية : فما أقول يا أمير المؤمنين ؟

قال عليه السلام : تَقُولُ إِنَّكَ تَمْلِكُهَا بِاللَّهِ الَّذِي يَمْلِكُهَا مِنْ دُونِكَ ، فَإِنْ يُمَلِّكْهَا إِيَّاكَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَطَائِهِ ، وَ إِنْ يَسْلُبْكَهَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ بَلَائِهِ ، هُوَ الْمَالِكُ لِمَ مَلَّكَكَ ، وَ الْقَادِرُ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَقْدَرَكَ.

 أَ مَا سَمِعْتَ النَّاسَ : يَسْأَلُونَ الْحَوْلَ وَ الْقُوَّةَ ، حِينَ يَقُولُونَ : لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ .

قال عباية : وما تأويلها يا أمير المؤمنين ؟

قال عليه السلام : لَا حَوْلَ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ ، وَ لَا قُوَّةَ لَنَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ .

قَالَ : فَوَثَبَ عَبَايَةُ فَقَبَّلَ يَدَيْهِ وَ رِجْلَيْهِ .

 

( لم أكن مجبورا )

و روي عن أمير المؤمنين عليه السلام : حِينَ أَتَاهُ نَجْدَةُ يَسْأَلُهُ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ ؟ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَ ذَا عَرَفْتَ رَبَّكَ ؟

قَالَ عليه السلام : بِالتَّمْيِيزِ الَّذِي خَوَّلَنِي ، وَ الْعَقْلِ الَّذِي دَلَّنِي .

قال : أَ فَمَجْبُولٌ أَنْتَ عَلَيْهِ ؟

قال عليه السلام : لَوْ كُنْتُ مَجْبُولًا ، مَا كُنْتُ مَحْمُوداً عَلَى إِحْسَانٍ ، وَ لَا مَذْمُوماً عَلَى إِسَاءَةٍ ، وَ كَانَ الْمُحْسِنُ أَوْلَى بِاللَّائِمَةِ مِنَ الْمُسِي‏ءِ ، فَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ قَائِمٌ بَاقٍ ، وَ مَا دُونَهُ حَدَثٌ حَائِلٌ زَائِلٌ ، وَ لَيْسَ الْقَدِيمُ الْبَاقِي كَالْحَدَثِ الزَّائِلِ . قال نجدة : أجدك أصبحت حكيما يا أمير المؤمنين .

قال : أَصْبَحْتُ مُخَيَّراً ، فَإِنْ أَتَيْتُ السَّيِّئَةَ بِمَكَانِ الْحَسَنَةِ ، فَأَنَا الْمُعَاقَبُ عَلَيْهَا .

 

(القضاء والقدر لم يجبرنا):

و روي عن أمير المؤمنين عليه السلام : أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الشَّامِ .

فقال : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَخْبِرْنَا عَنْ خُرُوجِنَ إِلَى الشَّامِ بِقَضَاءٍ وَ قَدَرٍ ؟

قَالَ عليه السلام : نَعَمْ يَا شَيْخُ ، مَا عَلَوْتُمْ تَلْعَةً (مرتفعا) وَ لَا هَبَطْتُمْ وَادِياً ، إِلَّا بِقَضَاءٍ وَ قَدَرٍ مِنَ اللَّهِ .

فقال الشيخ : عِنْدَ اللَّهِ أَحْتَسِبُ عَنَائِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟

فقال عليه السلام : مَهْ يَا شَيْخُ ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَظَّمَ أَجْرَكُمْ ، فِي مَسِيرِكُمْ وَ أَنْتُمْ سَائِرُونَ،  وَ فِي مَقَامِكُمْ وَ أَنْتُمْ مُقِيمُونَ ، وَ فِي انْصِرَافِكُمْ وَ أَنْتُمْ مُنْصَرِفُونَ ، وَ لَمْ تَكُونُوا فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أُمُورِكُمْ مُكْرَهِينَ ، وَ لَا إِلَيْهِ مُضْطَرِّينَ .

لعلك ظننت : أنه قضاء حتم و قدر لازم ، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب و العقاب ، و لسقط الوعد و الوعيد ، و لما ألزمت الأشياء أهلها  على الحقائق ، ذلك مقالة عبدة الأوثان و أولياء الشيطان .

إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ : أَمَرَ تَخْيِيراً ، وَ نَهَى تَحْذِيراً ، وَ لَمْ يُطَعْ مُكْرَهاً ، وَ لَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً ، وَ لَمْ يَخْلُقِ‏ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ، ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ .

فقام الشيخ : فقبل رأس أمير المؤمنين عليه اسلام شن و أنش يقول :

أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِي نَرْجُو بِطَاعَتِهِ

يَوْمَ النَّجَاةِ مِنَ الرَّحْمَنِ غُفْرَاناً

أَوْضَحْتَ مِنْ دِينِنَا مَا كَانَ مُلْتَبِساً

جَزَاكَ رَبُّكَ عَنَّا فِيهِ رِضْوَاناً

فَلَيْسَ مَعْذِرَةٌ فِي فِعْلِ فَاحِشَةٍ

قَدْ كُنْتُ رَاكِبَهَا ظُلْماً وَ عِصْيَاناً

 

(تفصيل قولنا بالمنزلتين):

 فَقَدْ دَلَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام :عَلَى مُوَافَقَةِ الْكِتَابِ .

وَ نَفْيِ الْجَبْرِ وَ التَّفْوِيضِ : اللَّذَيْنِ يَلْزَمَانِ مَنْ دَانَ بِهِمَا وَ تَقَلَّدَهُمَا ، الْبَاطِلَ وَ الْكُفْرَ وَ تَكْذِيبَ الْكِتَابِ ، وَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَ الْكُفْرِ .

وَ لَسْنَا : نَدِينُ بِجَبْرٍ وَ لَا تَفْوِيضٍ .

لَكِنَّا نَقُولُ : بِمَنْزِلَةٍ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ .

وَ هُوَ : الِامْتِحَانُ وَ الِاخْتِبَارُ ، بِالاسْتِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَنَا اللَّهُ وَ تَعَبَّدَنَا بِهَا ، عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الْكِتَابُ ، وَ دَانَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الْأَبْرَارُ مِنْ آلِ الرَّسُولِ صلى الله عليهم وسلم.

 

مثال الاختبار والاستطاعة :

وَ مَثَلُ الِاخْتِبَارِ بِالاسْتِطَاعَةِ : مَثَلُ رَجُلٍ مَلَكَ عَبْداً ، وَ مَلَكَ مَالًا كَثِيراً ، أَحَبَّ أَنْ يَخْتَبِرَ عَبْدَهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِمَا يَئُولُ إِلَيْهِ ، فملكه من ماله بعض ما أحب ، و وقفه على أمور عرفها العبد ، فأمره أن يصرف ذلك المال فيها ، و نهاه عن أسباب لم يحبه ، و تقدم إليه أن يجتنبها ، و لا ينفق من ماله فيها ، و المال يتصرف في أي الوجهين .

فَصَرَفَ الْمَالَ : أحدهما في اتباع أمر المولى و رضاه ، و الآخر صرفه في اتباع نهيه و سخطه .

وَ أَسْكَنَهُ دَارَ اخْتِبَارٍ : أعلمه أنه غير دائم له السكنى في الدار ، و أن له دارا غيرها ، و هو مخرجه إليها ، فيها ثواب و عقاب دائمان ، فإن أنفذ العبد المال الذي ملكه مولاه في الوجه الذي أمره به ، جعل له ذلك الثواب الدائم ، في تلك الدار التي أعلمه أنه مخرجه إليها ، و إن أنفق المال في الوجه الذي نهاه عن إنفاقه فيه ، جعل له ذلك العقاب الدائم ، في دار الخلود ، و قد حد المولى في ذلك حدا معروفا و هو المسكن الذي أسكنه في الدار الأولى ، فإذا بلغ الحد استبدل المولى بالمال ، و بالعبد على أنه لم يزل مالكا للمال ، و العبد في الأوقات كلها ، إلا أنه وعد أن لا يسلبه ذلك المال ما كان في تلك الدار الأولى ، إلى أن يستتم سكناه فيها.

فَوَفَى لَهُ : لِأَنَّ مِنْ صِفَاتِ الْمَوْلَى الْعَدْلَ وَ الْوَفَاءَ وَ النَّصَفَةَ وَ الْحِكْمَةَ ، أَ وَ لَيْسَ يَجِبُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ .

صَرَفَ ذَلِكَ الْمَالَ : في الوجه المأمور به ، أن يفي له بما وعده من الثواب ، و تفضل عليه بأن استعمله في دار فانية ، و أثابه على طاعته فيها نعيما دائما في دار باقية دائمة .

 وَ إِنْ صَرَفَ الْعَبْدُ الْمَالَ : الذي ملكه مولاه أيام سكناه تلك الدار الأولى ، في الوجه المنهي عنه ، و خالف أمر مولاه ، كذلك تجب عليه العقوبة الدائمة ، التي حذره إياها ، غير ظالم له ، لما تقدم إليه ، و أعلمه و عرفه و أوجب له الوفاء بوعده و وعيده .

بِذَلِكَ يُوصَفُ : الْقَادِرُ الْقَاهِرُ .

وَ أَمَّا الْمَوْلَى : فَهُوَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ ، و أما العبد فهو ابن آدم المخلوق ، و المال قدرة الله الواسعة ، و محنته إظهاره الحكمة و القدرة ، و الدار الفانية هي الدنيا ، و بعض المال الذي ملكه مولاه هو الاستطاعة التي ملك ابن آدم ، و الأمور التي أمر الله بصرف المال إليها هو الاستطاعة لاتباع الأنبياء و الإقرار بما أوردوه عن الله جل و عز ، واجتناب الأسباب التي نهى عنها هي طرق إبليس .

و أما وعده : فالنعيم الدائم و هي الجنة ، وأما الدار الفانية فهي الدنيا ، و أما الدار الأخرى فهي الدار الباقية ، و هي الآخرة .

 

خمسة يتم بها العدل بالتكليف وجزاءه :

وَ الْقَوْلُ : بَيْنَ الْجَبْرِ وَ التَّفْوِيضِ ، هُوَ الِاخْتِبَارُ وَ الِامْتِحَانُ ، وَ الْبَلْوَى بِالاسْتِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَ الْعَبْدَ ، وَ شَرْحُهَا فِي الْخَمْسَةِ الْأَمْثَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا الصَّادِقُ عليه السلام ، أَنَّهَا جَمَعَتْ جَوَامِعَ الْفَضْلِ .

وَ أَنَا مُفَسِّرُهَا : بِشَوَاهِدَ مِنَ الْقُرْآنِ وَ الْبَيَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

 

(الأول) التمكين تَفْسِيرُ صِحَّةِ الْخِلْقَةِ :

 أَمَّا قَوْلُ الصَّادِقِ عليه السلام : فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَمَالُ الْخَلْقِ لِلْإِنْسَانِ ، وَ كَمَالُ الْحَوَاسِّ ، وَ ثَبَاتُ الْعَقْلِ ، وَ التَّمْيِيزِ ، وَ إِطْلَاقُ اللِّسَانِ بِالنُّطْقِ ,

 وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : { وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلى‏ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا (3) } الإسراء ,

فقد أخبر عز و جل : عن تفضيله بني آدم على سائر خلقه من البهائم و السباع و دواب البحر و الطير و كل ذي حركة تدركه حواس بني آدم ، بتمييز العقل و النطق ، و ذلك قوله : { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) } التين ، وَ قَوْلُهُ : {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ  بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ (8) } الانفطار ، وَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ .

فَأَوَّلُ نِعْمَةِ اللَّهِ : عَلَى الْإِنْسَانِ ، صِحَّةُ عَقْلِهِ وَ تَفْضِيلُهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِهِ ، بِكَمَالِ الْعَقْلِ،  وَ تَمْيِيزِ الْبَيَانِ ، و ذلك أن كل ذي حركة على بسيط الأرض هو قائم بنفسه بحواسه مستكمل في ذاته ، ففضل بني آدم بالنطق الذي ليس في غيره من الخلق المدرك بالحواس ، فمن أجل النطق ملك الله ابن آدم غيره من الخلق حتى صار آمرا ناهيا ، و غيره مسخر له ، كما قال الله  : { كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‏ م هَداكُمْ (38) } الحج ،  و قال: { وَ هُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُو مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَ تَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها (14) } النحل ، و قال: { وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْ‏ءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ. وَ لَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَ حِينَ تَسْرَحُونَ. وَ تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى‏ بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ (8) } النحل .

 فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ : دَعَا اللَّهُ الْإِنْسَانَ إِلَى اتِّبَاعِ أَمْرِهِ ، وَ إِلَى طَاعَتِهِ ، بِتَفْضِيلِهِ إِيَّاهُ بِاسْتِوَاءِ الْخَلْقِ ، وَ كَمَالِ النُّطْقِ ، وَ الْمَعْرِفَةِ ، بَعْدَ أَنْ مَلَّكَهُمْ اسْتِطَاعَةَ مَا كَانَ تَعَبَّدَهُمْ بِهِ ، بِقَوْلِهِ : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ اسْمَعُوا وَ أَطِيعُوا «(5) }التغابن ، وَ قَوْلِهِ : { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها (286) } البقرة ، وَ قَوْلِهِ : { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها (7) } الطلاق ، وَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ .

فَإِذَا سَلَبَ : مِنَ الْعَبْدِ حَاسَّةً مِنْ حَوَاسِّهِ ، رَفَعَ الْعَمَلَ عَنْهُ بِحَاسَّتِهِ ، كَقَوْلِهِ : { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى‏ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ  (60) } النور  الْآيَةَ .

فَقَدْ رَفَعَ : عَنْ كُلِّ مَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْجِهَادَ ، وَ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ الَّتِي لَا يَقُومُ بِهَا .

وَ كَذَلِكَ أَوْجَبَ : عَلَى ذِي الْيَسَارِ الْحَجَّ وَ الزَّكَاةَ ، لما ملكه من استطاعة ذلك ، و لم يوجب على الفقير الزكاة و الحج ، قَوْلُهُ : { وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا  (91) }آل عمران ،  وَ قَوْلُهُ‏ فِي الظِّهَارِ : {  وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا  فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ  شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُو بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ  حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4) } المجادلة .

 كُلُّ ذَلِكَ : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ، لَمْ يُكَلِّفْ عِبَادَهُ إِلَّا مَا مَلَّكَهُمْ اسْتِطَاعَتَهُ بِقُوَّةِ الْعَمَلِ بِهِ ، وَ نَهَاهُمْ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ ، فَهَذِهِ صِحَّةُ الْخِلْقَةِ .

 

الثاني رفع مانع الأداء :

وَ أَمَّا قَوْلُهُ : تَخْلِيَةُ السَّرْبِ (السبيل) : فَهُوَ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ رَقِيبٌ يَحْظُرُ عَلَيْهِ ، وَ يَمْنَعُهُ الْعَمَلَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ ، و ذلك قوله فيمن استضعف و حظر عليه العمل فلم يجد حيلة و لا يهتدي سبيلا كما قال الله تعالى: { إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ  وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) } النساء ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُسْتَضْعَفَ لَمْ يُخَلَّ سَرْبُهُ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ مِنَ الْقَوْلِ شَيْ‏ءٌ إِذَا كَانَ مُطْمَئِنَّ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ .

 

الثالث البلوغ لآخر العمر:

وَ أَمَّا الْمُهْلَةُ فِي الْوَقْتِ : فهو العمر الذي يمتع الإنسان من حد ما تجب عليه المعرفة إلى أجل الوقت ، و ذلك من وقت تمييزه و بلوغ الحلم ، إلى أن يأتيه أجله .

فَمَنْ مَاتَ : عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ وَ لَمْ يُدْرِكْ كَمَالَهُ ، فَهُوَ عَلَى خَيْرٍ ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ : { وَمَن يَخْرُجْ مِن  بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (100) }  النساء .

 وَ إِنْ كَانَ : لَمْ يَعْمَلْ بِكَمَالِ شَرَائِعِهِ ، لِعِلَّةِ مَا لَمْ يُمْهِلْهُ فِي الْوَقْتِ إِلَى اسْتِتْمَامِ أَمْرِهِ .

 وَ قَدْ حَظَرَ عَلَى الْبَالِغِ : مَا لَمْ يَحْظُرْ عَلَى الطِّفْلِ إِذَا لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ ، فِي قَوْلِه ِ: { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا  مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ  أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ  التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ  لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  (31) } النور ، فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِنَّ حَرَجاً فِي إِبْدَاءِ الزِّينَةِ لِلطِّفْلِ،  وَ كَذَلِكَ لَا تَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ .

 

الرابع الغنى والقدرة :

وَ أَمَّا قَوْلُهُ الزَّادُ : فَمَعْنَاهُ الْجِدَةُ وَ الْبُلْغَةُ الَّتِي يَسْتَعِينُ بِهَا الْعَبْدُ عَلَى مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ : { لَّيْسَ عَلَى  الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى  الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (91) وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا  أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَ يُنفِقُونَ (92) }التوبة .

أَ لَا تَرَى أَنَّهُ قَبِلَ عُذْرَ : مَنْ لَمْ يَجِدْ مَ يُنْفِقُ ، وَ أَلْزَمَ الْحُجَّةَ كُلَّ مَنْ أَمْكَنَتْهُ الْبُلْغَةُ وَ الرَّاحِلَةُ لِلْحَجِّ وَ الْجِهَادِ وَ أَشْبَاهِ ذَلِكَ ، وَ كَذَلِكَ قَبِلَ عُذْرَ الْفُقَرَاءِ وَ أَوْجَبَ لَهُمْ حَقّاً فِي مَالِ الْأَغْنِيَاءِ ، بِقَوْلِهِ : { لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ  فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ  يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)} البقرة ، فَأَمَرَ بِإِعْفَائِهِمْ وَ لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْإِعْدَادَ لِمَا لَا يَسْتَطِيعُونَ وَ لَا يَمْلِكُونَ .

 

الخامس : النية سبب مهيج:

وَ أَمَّا قَوْلُهُ : فِي السَّبَبِ الْمُهَيِّجِ ، فَهُوَ النِّيَّةُ الَّتِي هِيَ دَاعِيَةُ الْإِنْسَانِ إِلَى جَمِيعِ الْأَفْعَالِ ، وَ حَاسَّتُهَ الْقَلْبُ ، فَمَنْ فَعَلَ فِعْلًا وَ كَانَ بِدِينٍ لَمْ يُعْقَدْ قَلْبُهُ عَلَى ذَلِكَ ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ عَمَلًا إِلَّا بِصِدْقِ النِّيَّةِ ، وَ لِذَلِكَ أَخْبَرَ عَنِ الْمُنَافِقِينَ بِقَوْلِهِ : { يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (166) } آل عمران ،  ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ ص تَوْبِيخاً لِلْمُؤْمِنِينَ : { يا أَيُّهَ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (2) } الصف ، الْآيَةَ .

فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ : قَوْلًا وَ اعْتَقَدَ فِي قَوْلِهِ ، دَعَتْهُ النِّيَّةُ إِلَى تَصْدِيقِ الْقَوْلِ بِإِظْهَارِ الْفِعْلِ ، و إذا لم يعتقد القول لم تتبين حقيقته .

 وَ قَدْ أَجَازَ اللَّهُ صِدْقَ النِّيَّةِ : و إن كان الفعل غير موافق لها،  لعلة مانع يمنع إظهار الفعل ، في قوله :: { إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ (106) } النحل ، وَ قَوْلِهِ : { لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ (225) } البقرة ؟

 فَدَلَّ الْقُرْآنُ وَ أَخْبَارُ الرَّسُولِ : أَنَّ الْقَلْبَ مَالِكٌ لِجَمِيعِ الْحَوَاسِّ ، يُصَحِّحُ أَفْعَالَهَا،  وَ لَا يُبْطِلُ مَ يُصَحِّحُ الْقَلْبُ شَيْئاً .

فَهَذَا شَرْحُ جَمِيعِ الْخَمْسَةِ الْأَمْثَالِ : التي ذكره الصادق عليه السلام ، أنها تجمع المنزلة بين المنزلتين ، و هما الجبر و التفويض ، فإذا اجتمع في الإنسان كمال هذه الخمسة الأمثال ، وجب عليه العمل كملا لما أمر الله عز و جل به ورسوله ، وإذا نقص العبد منها خلة كان العمل عنها ، مطروحا بحسب ذلك .

 

شواهد القرآن على الاختبار :

فَأَمَّا شَوَاهِدُ الْقُرْآنِ : عَلَى الِاخْتِبَارِ وَ الْبَلْوَى بِالاسْتِطَاعَةِ ، الَّتِي تَجْمَعُ الْقَوْلَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَكَثِيرَةٌ ، وَ مِنْ ذَلِكَ :

قَوْلُهُ : { لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (33) } محمد .

وَ قَالَ : { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ  (181) } الأعراف .

 وَ قَالَ : { الم. أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ  (1)} العنكبوت .

وَ قَالَ فِي الْفِتَنِ الَّتِي مَعْنَاهَا الِاخْتِبَارُ: { وَ لَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ ... الْآيَةَ (33) } ص .

وَ قَالَ فِي قِصَّةِ مُوسَى عليه السلام : { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ  (87) } طه .

 وَقَوْلُ مُوسَى : { إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ  (154)} الأعراف، أَيْ اخْتِبَارُكَ .

فَهَذِهِ الْآيَاتُ : يُقَاسُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ ، وَ يَشْهَدُ بَعْضُهَا لِبَعْضِ .

 

وَ أَمَّا آيَاتُ الْبَلْوَى بِمَعْنَى الِاخْتِبَارِ :

 قَوْلُهُ : { لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ  (48) } المائدة .

و قوله : { ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ (152) } آل عمران .

و قوله : { إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ  (17) } القلم .

و قوله : { خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2) } الملك .

و قوله : { وَ إِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ  (123) } البقرة .

و قوله : { وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَ لكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ  (5)} محمّد .

وَ كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ : مِنْ بَلْوَى ، هذه الآيات التي شرح أولها ، فَهِيَ اخْتِبَارٌ ، و أمثالها في القرآن كثيرة ، فَهِيَ إِثْبَاتُ الِاخْتِبَارِ وَ الْبَلْوَى ، إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ لَمْ يَخْلُقِ الْخَلْقَ عَبَثاً ، وَ لَا أَهْمَلَهُمْ سُدًى ، وَ لَا أَظْهَرَ حِكْمَتَهُ لَعِباً ، وَ بِذَلِكَ أَخْبَرَ فِي قَوْلِهِ : { أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً (110)} المؤمنون.

 

فإن قال قائل : فلم يعلم الله ما يكون من العباد حتى‏ اختبرهم ؟

قُلْنَا : بَلَى قَدْ عَلِمَ مَا يَكُونُ مِنْهُمْ قَبْلَ كَوْنِهِ .

و ذلك قوله : { وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ (28) } الأنعام ، وَ إِنَّمَا اخْتَبَرَهُمْ لِيُعَلِّمَهُمْ عَدْلَهُ وَ لَا يُعَذِّبَهُمْ إِلَّا بِحُجَّةٍ بَعْدَ الْفِعْلِ .

و قد أخبر بقوله : { وَ لَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا  (134) } طه .

و قوله : { وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولً  (16) { الإسراء.

و قوله : { رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ  (163) النساء .

فَالاخْتِبَارُ مِنَ اللَّهِ : بِالاسْتِطَاعَةِ الَّتِي مَلَّكَهَ عَبْدَهُ ، وَ هُوَ الْقَوْلُ بَيْنَ الْجَبْرِ وَ التَّفْوِيضِ ، وَ بِهَذَا نَطَقَ الْقُرْآنُ .

 وَ جَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ الْأَئِمَّةِ مِنْ آلِ الرَّسُولِ صلى الله عليهم وسلم .

 

فإن قالوا : ما الحجة في قول الله : { يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء (93} النحل ، و ما أشبهها ؟

قيل : مجاز هذه الآيات كلها على معنيين :

أَمَّا أَحَدُهُمَا : فَإِخْبَارٌ عَنْ قُدْرَتِهِ ، أي إنه قادر على هداية من يشاء و ضلال من يشاء ، و إذا أجبرهم بقدرته على أحدهما لم يجب لهم ثواب و لا عليهم عقاب ، على نحو ما شرحنا في الكتاب .

وَ الْمَعْنَى الْآخَرُ : أن الهداية منه ، تعريفه .

كقوله : { وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ } ، أَيْ عَرَّفْنَاهُمْ { فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏  (17) } فصلت ، فَلَوْ أَجْبَرَهُمْ عَلَى الْهُدَى لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَضِلُّوا .

وَ لَيْسَ كُلَّمَا : وَرَدَتْ آيَةٌ مُشْتَبِهَةٌ ، كَانَتِ الْآيَةُ حُجَّةً عَلَى مُحْكَمِ الْآيَاتِ اللَّوَاتِي أُمِرْنَا بِالْأَخْذِ بِهَا .

مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ : { مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ الْآيَةَ  (7)} آل عمران .

 وَ قَالَ : { فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } أَيْ أَحْكَمَهُ وَ أَشْرَحَهُ { أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ  (19) } الزمر.

 وَفَّقَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ : إلى القول و العمل لم يحب و يرضى ، و جنبنا و إياكم معاصيه بمنه و فضله ، و الحمد لله كثيرا كما هو أهله ، و صلى الله على محمد و آله الطيبين ، و حسبنا الله و نعم الوكيل .

 

المصدر : تحف العقول عن آل الرسول المؤلف الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني رحمه الله وهو من أعلام القرن الرابع الهجري ص458 _ 475 . يا طيب : هذه الرسالة كانت كريمة وشرحها يحتاج لكتاب وأسأل الله أن يوفقن لشرحها في صحيفة العدل ، ولكن نبين ذكر بعض معاني كلمات في الحديث وإن لم تخص العدل والمنزلة بين المنزلتين ، فذكر :بنو وليعة: حي من كندة .

قوله رجل من القريتين عظيم ، أمية أبو الصلت ، فإنه كان رجل له شأن وكان شاعرا من ثقيف كثير الترحال سكن البحرين واليمن والشام وسمع من الفرس والروم وأهل الشام وغيرهم وحاور رهبانهم وتعلم منهم ، وكثر في شعره مناداته بيوم القيامة ، وأدرك النبي ولم يسلم وقيل سببه للحسد وللعصبية القبلية وكان يتوقع النبوة وما شبهها ، ولما كنا هو وأبو مسعود من الطائف ، قيل لعل المراد هو الوليد ابن المغيرة من مكة ، ولكن لعله حين قولهم رجل من القريتين عظيم ، أنه كان ساكن اليمن أو الشام أو البحرين لأنه كان كثير الترحال وكان يسكنها سنوات وإن كان أصله من الطائف ، وأبو مسعود في الطائف ، فيرجح كلام الإمام لأنه شأنه كبيرة وله صولة في العلم وتتبع الأديان السابقة وتعريف بعض تعالميها ، وإن كان الوليد في مكة أيض له شأنه ذكره المفسرون ، والإمام أعلم بقص القائل الكافر الجاهلي ، ولا أعتقد أهل مكة يرضون واحد منهم ينزل عليه القرآن فيفتخر عليهم ويكون كبيرهم وكلا منهم يدعي المشيخة والقيادة كأبو سفيان ومطيع العدوي الذي كان يطعم أهل مكة وغيرهم .

ومما ذكر محقق التحف : و أمّا اميّة بن أبي الصلت الثقفي كان من أهل الطائف و كان من أكبر شعراء الجاهلية و أغلب شعره متعلّق بالآخرة ، و كان ينظر في الكتب المتقدّمة و يقرؤها ، و حرم الخمر و شك في الاوثان و رغب عن عبادته و التمس الدين ، و أخبر أن نبيّا يخرج.

قد أظل زمانه : و كان يؤمّل أن يكون ذلك النبيّ ، فلما بعث النبيّ و بلغ خبره كفر به حسدا ، و قال: كنت أرجو أن أكونه. كان أبوه عبيد اللّه بن ربيعة المكنّى بابي الصلت و أمه رقية بنت عبد الشمس. مات في الطائف و ممّا قال في مرض موته:

كل عيش و إن تطاول دهرا _ منتهى أمره إلى أن يزولا

ليتنى كنت قبل ما قد بدا لي _ في رءوس الجبال أرعى الوعولا

 و روي : أنّه استنشد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أخته شعره من بعد موته فأنشدته :

لك الحمد و النعماء و الفضل ربّنا _ و لا شيء أعلى منك جدا و أمجدا

 و هي : قصيدة طويلة حتّى أتت على آخرها، ثمّ انشدته قصيدته التي فيها:

وقف الناس للحساب جميعا _ فشقى معذب و سعيد

 إلى غير ذلك : فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: آمن شعره و كفر قلبه. و أنزل اللّه فيه : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ  يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ (177) } الأعراف.

و أبو مسعود هو عروة بن مسعود الثقفي : كان من أهل الطائف و أحد السادة الأربعة في الإسلام: « بشر بن هلال العبدى، عدى بن حاتم الطائى، سراقة بن مالك المدلجي، عروة بن مسعود الثقفي».

وكان أبو مسعود : عاقلا لبيبا و هو الذي أرسلته قريش يوم الحديبية فعقد معه الصلح و هو كافر ، ثمّ أسلم سنة تسع من الهجرة بعد رجوع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من الطائف.

 و استأذن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الرجوع الى قومه، فقال: انّى أخاف أن يقتلوك، فقال: إن وجدوني نائما ما أيقظوني، فأذن له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فرجع الى الطائف و دعا قومه الى الإسلام و نصح لهم فعصوه و اسمعوه الأذى حتّى إذا طلع الفجر قام في غرفة من داره فأذن و تشهد فرماه رجل بسهم فقتله ، و لما بلغ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قتله قال: مثل عروة مثل صاحب بس دعا قومه إلى اللّه فقتلوه .

و هو جدّ أعلى لعلىّ بن الحسين عليهما السلام : المقتول بكر بل من قبل أمّه، كان أمّه ليلى بنت أبى مرّة بن عروة بن مسعود الثقفى. يا طيب وقد ذكرنا حياته في صحيفة علي الأكبر بن الحسين عليه السلام ، فراجع .

 

ويا طيب : هذه الرسالة حديث شريف كامل في العدل الإلهي وبالخصوص مسألة لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين ، ومنزلة بين منزلتين ، أي أمر اله بالعدل والعدل متوسط بينهما ، لا أنه الإنسان مجبور على فعله ولا أنه حر تام مفوض له كيف شاء يعمل ، نعم هم مختار يعمل ما يشاء ، ولكن الله من ورائه ومحيط ، وأنه بقدرة الله وبما وهبه من الاستطاعة يعمل ، بل سهل له الكون وما فيه ، ورزقه نعم لا تحصى من المكان والزمان والهواء والأدوات والخلقة والوسائل التي تحيطه ، بل حتى عقله وبصره وسمعه ولمسه وكل شيء وهبه ليستطيع أن يعمل بها ، وإن شاء الله منعه وحرمه من الفعل ، وإن شاء مده ومكنه ليعمل مختارا بما مكنه .

فالإنسان : مجبور مخير ، أو فقل مجبور مفوض له ، أي بما مكنه يعمل لا أن بدون مدد الله ونعمه يعمل ، هذا .

وقد أمر الله الإنسان وهداه : ونهاه وحرم عليه الخبائث ، فإن أختار بما أقدره الله طاعة الله فهو في نعيم دائم ، وإن أختار بما بمكنه الله المعصية وعدم إطاعة أوامر الله تعالى فله النار أبدا إلا ما شاء الله  .

وقد عرفت : إنه إن نقص من الإنسان أمر من القدرة على العمل ، وضع عنه العمل بقدر النقص ولا يحاسب عليه ، وكل هذه المعارف بينها الإمام علي الهادي عليه السلام ، بأوسع بيان وشرحها بأفضل شرح مؤيد بكلام الله من آيات القرآن الكريم وبحديث آبائه المعصومين عليهم الصلاة والسلام ، والحمد لله على نعمة الهداية والولاية لآل محمد عليهم الصلاة والسلام ، حيث سلك الله بنا صراط المنعم عليهم بهداه ، وعرفنا فضلهم وشأنهم وحقهم حتى اليقين ، فأقمنا له العبودية بما علمهم من التعاليم وكما يحب ويرضا ، فالشكر لله وألف شكر .

 


الذكر الثالث
أحاديث المعارف والآداب الإسلامية

 

 حديث ثواب أهم الأعمال :

يا طيب : إن ما نقرءه في الحديث الآتي ، هو من حقائق دين الإسلام الواحد لرب العالمين على طول الزمان والتأريخ ، وليس من المنسوخة في الأديان السابقة ، بل هو من التعاليم المشرعة في ديننا الإسلامي ، وإلا لانتقدها الإمام وبين الخلاف فيها ، وإنما ذكرها بنص محكم حق مرضي لله تعالى أبدا ، ولذا يبينها لنا الإمام الهادي عليه السلام على لسان نبي الله موسى بن عمران عليه السلام ، ولعله لو تراجعه في كتاب التوراة لم تجدها ، لأنها حديث قدسي مع الله سبحانه وموسى عليه السلام ، وهي من غرر معارف الدين الإلهي الجامع الشامل لكل البشر على طول التأريخ ، وهي كلها حق وصدق أوصلها لنا إمام هدى معصوم صادق من آل محمد عليهم الصلاة عليهم السلام .

يا طيب : هذا حديث فيه ثواب أهم أعمال المؤمنين وما يجب عليهم ، وهو أيضا بيان لعلامات الإيمان وأفضل أعمال المؤمنين ، وبالتدبر والإيمان والعمل به يرتفع المؤمن لأعلى أخلاق المؤمنين ، ويرويه السيد الجليل والعالم العابد والموالي المخلص السيد عبد العظيم الحسني عن الإمام علي الهادي عليه السلام .

 فتدبره يا طيب : وتمعن به جيدا ، وأعمل به مخلصا ، وعلمه لمن تحب نجاته من النار وحصوله على النعيم الخالد والسعاد والإيمان والتقى والعبودية لله مخلصا له الدين :

قال الصدوق رحمه الله في الأمالي : حدثنا علي بن أحمد رحمه الله قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن سهل بن زياد الآدمي :

عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ‏ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ : عن الإمام علي الهادي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال :

لما كلم الله عز و جل : موسى بن عمران عليه السلام :

 قال موسى عليه السلام : إلهي ما جزاء ، من شهد أني رسولك و نبيك و أنك كلمتني ؟

قال سبحانه وتعالى : يا موسى تأتيه ملائكتي فتبشره بجنتي ؟

قال موسى : إلهي فما جزاء ، من قام بين يديك يصلي ؟

قال : يا موسى ، أباهي به ملائكتي راكعا و ساجدا و قائما و قاعدا ، و من باهيت به ملائكتي لم أعذبه .

قال موسى : إلهي ، فما جزاء ، من أطعم مسكينا ابتغاء وجهك ؟

قال : يا موسى ، آمر مناديا ينادي يوم القيامة على رءوس الخلائق ، أن فلان بن‏ فلان من عتقاء الله من النار .

قال موسى : إلهي فما جزاء ، من وصل رحمه ؟

قال : يا موسى ، أنسي له أجله ، و أهون عليه سكرات الموت ، و يناديه خزنة الجنة هلم إلينا ، فادخل من أي أبوابها شئت .

قال موسى : إلهي فما جزاء ، من كف أذاه عن الناس ، وبذل معروفه لهم ؟

 قال : يا موسى ، يناديه النار يوم القيامة لا سبيل لي عليك .

قال : إلهي ، فما جزاء من ذكرك بلسانه و قلبه ؟

قال : يا موسى ، أظله يوم القيامة بظل عرشي ، و أجعله في كنفي .

قال : إلهي ، فما جزاء من تلا حكمتك سرا و جهرا ؟

قال : يا موسى ، يمر على الصراط كالبرق.

قال : إلهي ، فما جزاء من صبر على أذى الناس و شتمهم فيك ؟

قال : أعينه على أهوال يوم القيامة .

قال : إلهي ، فما جزاء من دمعت عيناه من خشيتك ؟

قال : يا موسى ، أقي وجهه من حر النار ، و أومنه يوم الفزع الأكبر .

قال : إلهي ، فما جزاء من ترك الخيانة حياء منك ؟

قال : يا موسى ، له الأمان يوم القيامة .

قال : إلهي ، فما جزاء من أحب أهل طاعتك ؟

قال : يا موسى ، أحرمه على ناري .

قال : إلهي ، فما جزاء من قتل مؤمنا متعمدا ؟

قال : لا أنظر إليه يوم القيامة ، و لا أقيل عثرته .

قال : إلهي ، فما جزاء من دعا نفسا كافرة إلى الإسلام ؟

قال : يا موسى ، آذن له في الشفاعة يوم القيامة لمن يريد .

قال : إلهي‏ ، فما جزاء من صلى الصلوات لوقتها ؟

قال : أعطيه سؤله ، و أبيحه جنتي .

قال : إلهي ، فما جزاء من أتم الوضوء من خشيتك ؟

قال : أبعثه يوم القيامة و له نور بين عينيه يتلألأ .

قال : إلهي ، فما جزاء من صام شهر رمضان لك محتسبا ؟

قال : يا موسى ، أقيمه يوم القيامة مقاما لا يخاف فيه .

قال : إلهي ، فما جزاء من صام شهر رمضان يريد به الناس ؟

قال: يا موسى ، ثوابه كثواب من لم يصمه.

الأمالي للصدوق ص207م37ح8 .بحار الأنوار ج13ص327ب11ح4 . عن الأمالي عن عبد العظيم الحسني عن أبي الحسن العسكري عليه السلام .

 

يا طيب : الإيمان بالله والرسل كلهم واجب ، وكذا الإيمان بأوصيائهم ، وهذه التعاليم لموسى عليه السلام وهو نبي مرسل غير منسوخة ، بل ثابته من أصل تعاليم الإسلام ، ويجب أن نؤمن بها لأنه حكاه عنه إمام معصوم من آل محمد صلى الله عليهم وسلم عن آباءه عن رسول الله ، وفي حديث قدسي ، لأنه مخاطبة من الله وتعاليم منه مباشرة لموسى عليه السلام ، كما أنه لا فائدة من العمل بها بدون الإيمان بنبين الأكرم وآله الطيبين الطاهرين بعده ، لأنه لا يستطيع أن يتعلمها بدونهم ، فضل عن باقي تعاليم الدين التي يجب أن تظم إليها ، فيا طيب : ما مر عليك حديث كريم تدبر وتمعن في معانيه وطبقها ما استطعت ، ولا تمر عليه مرور يُنسى .

 


 ما يخرج من الإيمان :

ذكر الصدوق رحمه الله في العلل : حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن أبي‏ عبد الله الكوفي قال : حدثنا سهل بن زياد الآدمي قال :

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَظِيمِ‏ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيُّ قَالَ : سمعت علي بن محمد العسكري عليه السلام يقول‏ :

عاش نوح عليه السلام : ألفين و خمسمائة سنة ، و كان يوما في السفينة نائما ، فهبت ريح ، فكشفت عن عورته ، فضحك حام و يافث فزجرهما سام و نهاهم عن الضحك ، و كان كلما غطى سام شيئا تكشفه الريح ، كشفه حام و يافث .

فانتبه نوح عليه السلام : فرآهم و هم يضحكون .

فقال : ما هذا ، فأخبره سام بما كان ، فرفع نوح عليه السلام يده إلى السماء يدعو و يقول :

اللهم : غير ماء صلب حام حتى لا يولد له إلا سودان ، اللهم غير ماء صلب ، يافث فغير الله ماء صلبهما .

فجميع السودان : حيث كانوا من حام ، و جميع الترك و السقالبة و يأجوج و مأجوج و الصين من يافث حيث كانوا ، و جميع البيض سواهم من سام .

و قال نوح عليه السلام : لحام و يافث جعل الله ذريتكما خول لذرية سام إلى يوم القيامة ، لأنه بر بي و عققتماني ، فلا زالت سمة عقوقكما لي في ذريتكما ظاهرة ، و سمة البر بي في ذرية سام ظاهرة ما بقيت الدنيا .

علل الشرائع ج1ص31ح28ح1 .

وعنه قصص الأنبياء عليهم السلام للراوندي ص85ف4 . وأضاف بنفس الحديث بسنده عن السيد الجليل عبد العظيم :

و أوحى الله تعالى : إلى نوح عليه السلام ، أني قد جعلت قوسي أمانا لعبادي و بلادي و موثقا مني بيني و بين خلقي ، يأمنون به إلى يوم القيامة من الغرق و من أوفى بعهده مني ، ففرح نوح ع و تباشر .

و كان القوس : فيها وتر و سهم فنزع منها السهم و الوتر ، و جعلت أمانا من الغرق .

و جاء إبليس : إلى نوح فقال : إن لك عندي يدا عظيمة ، فانتصحني فإني لا أخونك .

فتأثم نوح : بكلامه و مساءلته ، فأوحى الله إليه أن كلمه و اسأله ، فإني سأنطقه بحجة عليه . فقال نوح : تكلم .

فقال إبليس : إذا وجدنا ابن آدم شحيحا أو حريصا أو حسودا أو جبارا أو عجولا ، تلقفناه تلقف الكرة ، فإن اجتمعت لنا هذه الأخلاق ، سميناه شيطان مريدا .

فقال نوح : ما اليد العظيمة التي صنعت؟

قال : إنك دعوت الله على أهل الأرض فألحقتهم في ساعة واحدة بالنار ، فصرت‏ فارغا و لو لا دعوتك لشغلت بهم دهرا طويلا  .

بحار الأنوار ج11ص288ب1ح10 .قصص‏ الأنبياء للراوندي ص85ح 77. مستدرك‏ الوسائل ج11ص379ح 13307-24ب49.

يا طيب : هذا الحديث يبين أن المؤمن والذي يعمل صالحا ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يرضى بإشاعة الفاحشة ، تناله الحسنة وتسري في ذريته ، وأن دعاء الأب للأبن لبره له أكبر الأثر في توفيقه ونصره ، كما أنه فيه بيان لأهم أخلاق إبليس من الشح والحرص والحسد والتجبر والغطرسة والتكبر والعجلة ، ولذ مثل هذه الأخلاق منهي في الإسلام .

 

 معنى الرجيم :

ذكر الصدوق رحمه الله في المعاني : حدثنا محمد بن أحمد الشيباني رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدثنا سهل بن زياد :

عن عبد العظيم‏  بن عبد الله الحسني قال :

سمعت : أبا الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلام يقول‏ :

 معنى الرجيم : أنه مرجوم باللعن ، مطرود من مواضع الخير ، لا يذكره مؤمن إلا لعنه .

و إن في علم الله السابق : أنه إذا خرج القائم عليه السلام .

 لا يبقى مؤمن : في زمانه ، إلا رجمه بالحجارة ، كما كان قبل ذلك مرجوما باللعن.

معاني الأخبار ص139ح1 .


 خطبة الخطبة للزواج :

خطبة النكاح :

ذكر الكافي رحمه الله : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ‏ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَخْطُبُ بِهذِهِ الْخُطْبَةِ :

الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ : الْعَالِمِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ ، مِنْ‏ قَبْلِ أَنْ يَدِينَ لَهُ‏ مِنْ خَلْقِهِ دَائِنٌ ، فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ ، مُؤَلِّفِ الْأَسْبَابِ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْأَقْلَامُ ، وَ مَضَتْ بِهِ الْأَحْتَامُ‏ ، مِنْ سَابِقِ عِلْمِهِ ، وَ مُقَدَّرِ حُكْمِهِ‏ .

 أَحْمَدُهُ : عَلى‏ نِعَمِهِ ، وَ أَعُوذُ بِهِ مِنْ نِقَمِهِ ، وَ أَسْتَهْدِي اللَّهَ الْهُدى‏ ، وَ أَعُوذُ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَ الرَّدى ‏، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ‏ فَقَدِ اهْتَدى ‏، وَ سَلَكَ الطَّرِيقَةَ الْمُثْلى‏ ، وَ غَنِمَ الْغَنِيمَةَ الْعُظْمى‏ ، وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ‏ فَقَدْ حَارَ عَنِ الْهُدى‏، وَ هَوى‏ إِلَى الرَّدى‏ .

وَ أَشْهَدُ : أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَ أَنَ‏ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ‏ الْمُصْطَفى ‏، وَ وَلِيُّهُ‏ الْمُرْتَضى ‏، وَ بَعِيثُهُ‏  بِالْهُدى‏ ، أَرْسَلَهُ عَلى‏ حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ، وَ اخْتِلَافٍ مِنَ الْمِلَلِ ، وَ انْقِطَاعٍ مِنَ السُّبُلِ ، وَ دُرُوسٍ‏ مِنَ الْحِكْمَةِ ، وَ طُمُوسٍ مِنْ أَعْلَامِ الْهُدى‏ وَ الْبَيِّنَاتِ ، فَبَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ ، وَ صَدَعَ بِأَمْرِهِ‏ ، وَ أَدَّى الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ ، وَ تُوُفِّيَ‏ فَقِيداً مَحْمُوداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ .

ثُمَّ إِنَّ هذِهِ الْأُمُورَ : كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ ، تَجْرِي إِلى‏ أَسْبَابِهَا وَ مَقَادِيرِهَا ، فَأَمْرُ اللَّهِ يَجْرِي إِلى‏ قَدَرِهِ ، وَ قَدَرُهُ يَجْرِي إِلى‏ أَجَلِهِ ، وَ أَجَلُهُ يَجْرِي إِلى‏ كِتَابِهِ ، و { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)} الرعد.

أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ ، جَعَلَ الصِّهْرَ مَأْلَفَةً لِلْقُلُوبِ‏ ، وَ نِسْبَةَ الْمَنْسُوبِ ، أَوْشَجَ‏ بِهِ الْأَرْحَامَ ، وَ جَعَلَهُ رَأْفَةً وَ رَحْمَةً ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالَمِينَ .

وَ قَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ : { وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً (54) } الفرقان ، وَ قَالَ : { وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى‏ مِنْكُمْ وَ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ (32) } النور .

 وَ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ : مِمَّنْ قَدْ عَرَفْتُمْ‏ مَنْصِبَهُ فِي الْحَسَبِ‏ ، وَ مَذْهَبَهُ فِي الْأَدَبِ ، وَ قَدْ رَغِبَ فِي مُشَارَكَتِكُمْ ، وَ أَحَبَّ مُصَاهَرَتَكُمْ ، وَ أَتَاكُمْ خَاطِباً فَتَاتَكُمْ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ ، وَ قَدْ بَذَلَ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ كَذَا وَ كَذَا ، الْعَاجِلُ مِنْهُ كَذَا ، وَ الْآجِلُ مِنْهُ كَذَا ، فَشَفِّعُوا شَافِعَنَا ، وَ أَنْكِحُوا خَاطِبَنَ ، وَ رُدُّوا رَدّاً جَمِيلًا ، وَ قُولُوا قَوْلًا حَسَناً ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَ لَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.

الكافي ج10ص697ب44ح9619/ 6 . يدين : أي يخضع و يطيع و ينقاد و يعبد ؛ من الديانة بمعنى الطاعة و التعبّد . الاحتام: جمع الحتم، أي الامور المفروضة المحكمة ، المثلى : تأنيث الأمثل ، كالقصوى تأنيث الأقصى ، يقال: هذ أمثل من هذا، أي أفضل و أدنى إلى الخير. و الطريقة المثلى: التي هي أشبه بالحقّ .الردى : الهلاك . الدروس : العفو و المحو، و كذا الطموس. و صدع بأمره، أي شقّ جماعاتهم بالتوحيد، أو أجهر بالقرآن و أظهر، أو حكم بالحقّ و فصّل الأمر، أو قصد بما أمر، أو فرّق بين الحقّ و الباطل. في الوافي :

الصهر: القرابة تحدثها التزويج. و في اللغة: الصِّهر: حرمة الخُتونة ، وخَتَن الرجل- و هو كلّ من ‏كان من قبل المرأة صهره، و أهل بيت المرأة أصهار، و قيل غير ذلك. في الوافي: وشّج التزيين وأوشج به الأرحام أي شبّك بعضهم في بعض، و خلط و ألّف بينهم.   

و النسب. و الحَسَب في الأصل: الشرف بالآباء و ما يعدّه الناس من مفاخرهم، و قال ابن ‏السكّيت: الحسب و الكرم يكونان في الرجل و إن لم يكن له آباء لهم شرف، و الشرف و المجد لا يكونان إلّا بالآباء. والمنصب: هو الأصل و المرجع، و الحسب: ما تعدّه من مفاخر آبائك، المراد بالأدب العلم و الكمالات.

وقال المجلسي رحمه الله  : و في الصحيح ، عن عبد العظيم‏ بن عبد الله الحسنى قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام" أي الهادي عليه السلام يخطب بهذه الخطبة،...أعلاه .

روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه ج8 ص157 .

 

مكروهات التزويج :

قال الصدوق في العيون : حدثنا محمد بن أحمد بن السناني رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدثنا سهل بن زياد الآدمي :

عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ‏ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ قَالَ : حدثني علي بن محمد العسكري عن أبيه محمد بن علي عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه عليهم الصلاة والسلام قال :

 يكره للرجل : أن يجامع في أول ليلة من الشهر ، و في وسطه ، و في آخره.

فإنه من فعل ذلك : خرج الولد مجنونا ، أ لا ترى أن المجنون أكثر ما يصرع في أول الشهر و وسطه و آخره .

و قال عليه السلام : من تزوج و القمر في العقرب ، لم ير الحسنى .

و قال عليه السلام : من تزوج في محاق الشهر ، فليسلم لسقط الولد .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج1ص288ب28 . علل الشرائع ج2ص514ب289ح4 . وسائل الشيعة ج20ص115ب54 باب كراهة التزويج و القمر في العقرب و في محاق الشهر حديث 25175- 3 . وسائل الشيعة ج20ص129ب64 باب كراهة الجماع في أول الشهر إلا شهر رمضان فيستحب و يكره في نصف الشهر و في آخره حديث 25215- 6 .

المُحَاقُ : بالضم و الكسر لغة ، ثلاث ليال في آخره لا يكاد يرى القمر فيها لخفائه . ويا طيب : آداب الجماع والتزويج كثيرة ، يمكن مراجعته في الكتب المختصة ، وفي الرسائل العملية لمراجع التقليد .


 جواب سؤال ابن السكيت

عن أبي يعقوب البغدادي قال : قال ابْنُ السِّكِّيتِ‏ لِأَبِي الْحَسَنِ ( الإمام علي الهادي عليه السلام ) .

 لما ذا : بعث الله موسى بن عمران عليه السلام ، بالعصا ، و يده البيضاء ، و آلة السحر .

و بعث : عيسى بآلة الطب .

و بعث : محمدا صلى الله عليه و آله و على جميع الأنبياء ، بالكلام و الخطب .

فقال أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام :

إن الله : لما بعث موسى عليه السلام ، كان الغالب على أهل عصره السحر ، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله ، و ما أبطل به سحرهم ، و أثبت به الحجة عليهم.

و إن الله : بعث عيسى عليه السلام ، في وقت قد ظهرت فيه الزمانات‏ ، و احتاج الناس إلى الطب ، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله ، و بم أحيا لهم الموتى ، و أبرأ الأكمه و الأبرص بإذن الله ، و أثبت به الحجة عليهم .

و إن الله : بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ، في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب و الكلام‏ ، و أظنه قال الشعر ، فأتاهم من عند الله من مواعظه و حكمه ، ما أبطل به قولهم ، و أثبت به الحجة عليهم .

قَالَ : فَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ : تَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ قَطُّ .

فَمَا الْحُجَّةُ : عَلَى الْخَلْقِ الْيَوْمَ ؟

قَالَ : فَقَالَ عليه السلام :

 الْعَقْلُ : يُعْرَفُ بِهِ الصَّادِقُ عَلَى اللَّهِ فَيُصَدِّقُهُ ، وَ الْكَاذِبُ عَلَى اللَّهِ فَيُكَذِّبُهُ.

قَالَ : فَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ : هَذَا وَ اللَّهِ هُوَ الْجَوَابُ .

الكافي ج1ص24ح20 . وذكروا :

 ابن السكيت- بكسر السين و شد الكاف : هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدورقى الأهوازى الشيعى ، أحد أئمة اللغة و الأدب ، ذكره كثير من المؤرخين و أثنوا عليه ، و كان ثقة جليلا من عظماء الشيعة.

و يعد : من خواص الامامين التقيين الجواد والهادي عليهما السلام .

و كان رحمه الله : حامل لواء علم العربية و الأدب و الشعر و اللغة و النحو .

له تصانيف : كثيرة مفيدة ، منها كتاب تهذيب الألفاظ ، و كتاب إصلاح المنطق .

قتله المتوكل لعنه الله : في خامس شهر رجب‏ سنة 244 هـ . رحمه الله يوم وأسكنه فسيح جنانه وشكر سعيه وحشره مع النبي وآله صلى الله عليهم وسلم وثبتنا الله على ولايتهم عليهم السلام وسلك بنا صراطهم المستقيم لكل نعيم في الدني والآخرة .

و سبب شهادته : أنه كان مربي لأولاد المتوكل ، وكان المتوكل يبغض أهل البيت عليهم السلام وبالخصوص الإمام علي عليه السلام ، ونقل له أن ابن السكيت يتشيع .

فدعاه المتوكل وقال له يوما : ايما أحبّ إليك ، إبناي هذان ، أي المعتز و المؤيد ، أم الحسن و الحسين عليهما السلام ؟ فقال ابن السكيت : و اللّه إن قنبرا خادم على بن أبي طالب خير منك و من ابنيك .

فقال المتوكل للأتراك : سلوا لسانه من قفاه ، ففعلوا .

فمات : شهيدا رحمه الله .

 و قيل: أثنى على الحسن و الحسين عليهما السلام و لم يذكر أبنيه .

فأمر المتوكل : الاتراك فداسوا بطنه ، فحمل إلى داره فمات بعد غد ذلك اليوم رحمة اللّه عليه.

 وأما معنى : الزمانات ، فهي الآفات الواردة على بعض الأعضاء فيمنعها عن الحركة كالفالج و اللقوة، و يطلق المزمن على مرض طال زمانه.


 


الذكر الرابع
مواعظ وحكم الإمام الهادي

 

يا طيب : قد ذكرنا أعلاه كثير من حكم الإمام ومواعظه ، وكل كلامه كان حكمة وموعظة وإرشاد وبيان هدى حق وتعليم لدين الله تعالى الصادق ، وهذ قسم آخر ، في أحاديث مختصرة قليلة الألفاظ كثير المعاني ، تسعد من تعلمها وعمل بها دنيا وآخرة ، وأسأل الله تعالى أن ينفعنا بها :

أحاديث تحف العقول :

يا طيب : هذه أحاديث جمعها المرحوم ابن شعبة الحراني في تحف العقول صفحة 481 ، والمتوفى في القرن الرابع للهجرة ، فقال رحمه الله :

و روي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني‏ :

قال الإمام علي الهادي عليه السلام : لِبَعْضِ مَوَالِيهِ ، عَاتِبْ فُلَاناً ، وَ قُلْ لَهُ : إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً إِذَا عُوتِبَ قَبِلَ .

وقال عليه السلام : إِنَّ لِلَّهِ بِقَاعاً يُحِبُّ أَنْ يُدْعَى فِيهَا ، فَيَسْتَجِيبَ لِمَنْ دَعَاهُ ، وَ الْحَيْرُ مِنْهَا .

( الحير- بالفتح-: مخفف حائر و المراد انّ الحائر الحسيني عليه السلام من هذه البقاع ).

 

وقال عليه السلام : مَنِ اتَّقَى اللَّهَ يُتَّقَى ، وَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ يُطَاعُ ، وَ مَنْ أَطَاعَ الْخَالِقَ لَمْ يُبَالِ سَخَطَ الْمَخْلُوقِينَ ، وَ مَنْ أَسْخَطَ الْخَالِقَ فَلْيَيْقَنْ أَنْ يَحُلَّ بِهِ سَخَطُ الْمَخْلُوقِينَ.

 

وقال عليه السلام: إِنَّ اللَّهَ لَا يُوصَفُ إِلَّا بِمَ وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ ، وَ أَنَّى يُوصَفُ الَّذِي تَعْجِزُ الْحَوَاسُّ أَنْ تُدْرِكَهُ ، وَ الْأَوْهَامُ أَنْ تَنَالَهُ ، وَ الْخَطَرَاتُ أَنْ تَحُدَّهُ ،  وَ الْأَبْصَارُ عَنِ الْإِحَاطَةِ بِهِ ، نَأَى فِي قُرْبِهِ ، وَ قَرُبَ فِي نَأْيِهِ ، كَيَّفَ الْكَيْفَ بِغَيْرِ أَنْ يُقَالَ كَيْفَ ، وَ أَيَّنَ الْأَيْنَ بِلَا أَنْ يُقَالَ أَيْنَ ، هُوَ مُنْقَطِعُ الْكَيْفِيَّةِ وَ الْأَيْنِيَّةِ ، الْوَاحِدُ الْأَحَدُ جَلَّ جَلَالُهُ وَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ.

وقال عليه السلام: مَنْ أَمِنَ مَكْرَ اللَّهِ وَ أَلِيمَ أَخْذِهِ ، تَكَبَّرَ حَتَّى يَحُلَّ بِهِ قَضَاؤُهُ وَ نَافِذُ أَمْرِهِ . وَ مَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ، هَانَتْ عَلَيْهِ مَصَائِبُ الدُّنْيَا ، وَ لَوْ قُرِّضَ وَ نُشِرَ.

وَ قَالَ دَاوُدُ الصَّرْمِيُّ : أَمَرَنِي سَيِّدِي بِحَوَائِجَ كَثِيرَةٍ .

وقال عليه السلام لِي : قُلْ كَيْفَ تَقُولُ ؟ فَلَمْ أَحْفَظْ مِثْلَ مَا قَالَ لِي ، فَمَدَّ الدَّوَاةَ وَ كَتَبَ.

 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ : أَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَ الْأَمْرُ بِيَدِ اللَّهِ.

 فَتَبَسَّمْتُ ، فَقَالَ عليه السلام مَا لَكَ ؟ قُلْتُ : خَيْرٌ .

فَقَالَ : أَخْبِرْنِي ؟

قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، ذَكَرْتُ حَدِيثاً حَدَّثَنِي بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ جَدِّكَ الرِّضَا عليه السلام ، إِذَا أَمَرَ بِحَاجَةٍ كَتَبَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، أَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .

فَتَبَسَّمْتُ ، فَقَالَ عليه السلام لِي : يَا دَاوُدُ ، وَ لَوْ قُلْتُ : إِنَّ تَارِكَ التَّقِيَّةِ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ لَكُنْتُ صَادِقاً.

 

وقال عليه السلام: يَوْماً ، إِنَّ أَكْلَ الْبِطِّيخِ يُورِثُ الْجُذَامَ .

فَقِيلَ لَهُ : أَ لَيْسَ قَدْ أَمِنَ الْمُؤْمِنُ ، إِذَ أَتَى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً مِنَ الْجُنُونِ وَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ.

وقال عليه السلام : نَعَمْ ، وَ لَكِنْ إِذَا خَالَفَ الْمُؤْمِنُ مَا أُمِرَ بِهِ مِمَّنْ آمَنَهُ ، لَمْ يَأْمَنْ أَنْ تُصِيبَهُ عُقُوبَةُ الْخِلَافِ.

 

وقال عليه السلام: الشَّاكِرُ ، أَسْعَدُ بِالشُّكْرِ مِنْهُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي أَوْجَبَتِ الشُّكْرَ،  لِأَنَّ النِّعَمَ مَتَاعٌ ، وَ الشُّكْرَ نِعَمٌ وَ عُقْبَى .

 

وقال عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الدُّنْيَا دَارَ بَلْوَى ، وَ الْآخِرَةَ دَارَ عُقْبَى،  وَ جَعَلَ بَلْوَى الدُّنْيَا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ سَبَباً ، وَ ثَوَابَ الْآخِرَةِ مِنْ بَلْوَى الدُّنْيَا عِوَضاً.

وقال عليه السلام : إِنَّ الظَّالِمَ الْحَالِمَ يَكَادُ أَنْ يُعْفَى عَلَى ظُلْمِهِ بِحِلْمِهِ،  وَ إِنَّ الْمُحِقَّ السَّفِيهَ يَكَادُ أَنْ يُطْفِئَ نُورَ حَقِّهِ بِسَفَهِهِ .

وقال عليه السلام : مَنْ جَمَعَ لَكَ وُدَّهُ وَ رَأْيَهُ ، فَاجْمَعْ لَهُ طَاعَتَكَ.

وقال عليه السلام : مَنْ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ ، فَلَ تَأْمَنْ شَرَّهُ.

وقال عليه السلام : الدُّنْيَا سُوقٌ ، رَبِحَ فِيهَا قَوْمٌ ، وَ خَسِرَ آخَرُونَ.

تحف العقول صفحة 481. ورواها عنه في بحار الأنوار ج75ص365ب28.

أحاديث نزهة الناظر و تنبيه الخاطر:

قال حسين الحلوان من أعلام القرن الخامس في كتابه نزهة الناظر و تنبيه الخاطر صفحة 138 ، لمع من كلام الإمام أبي الحسن على بن محمد بن على الرضا عليهم السّلام‏ :

1- قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ رَضِيَ عَنْ نَفْسِهِ كَثُرَ السَّاخِطُونَ عَلَيْهِ .

2- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْمَقَادِيرُ تُرِيكَ مَ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِكَ  .

3- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الثَّنَاءُ الْغَلَبَةُ عَلَى الْأَدَبِ، وَ رِعَايَةُ الْحَسَبِ.

4- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: شَرٌّ مِنَ الْمَرْءِ رَزِيَّةً سُوءُ الْخَلَفِ .

5- وَ قَالَ الْغَلَابِيُّ: وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْحِلْمِ ؟

فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هُوَ أَنْ تَمْلِكَ نَفْسَكَ وَ تَكْظِمَ غَيْظَكَ، وَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا مَعَ الْقُدْرَةِ .

6- قَالَ : وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْحَزْمِ ؟

فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : هُوَ أَنْ تَنْتَظِرَ فُرْصَتَكَ، وَ تُعَاجِلَ مَا أَمْكَنَكَ.

7- وَ قَالَ: وَ سَمِعْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: الْغِنَى قِلَّةُ تَمَنِّيكَ، وَ الرِّضَا بِمَا يَكْفِيكَ، وَ الْفَقْرُ شَرَهُ النَّفْسِ وَ شِدَّةُ الْقُنُوطِ، وَ الدِّقَّةُ (خساسة) اتِّبَاعُ الْيَسِيرِ وَ النَّظَرُ في الْحَقِيرِ .

8- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ أَقْبَلَ مَعَ أَمْرٍ، وَلَّى مَعَ انْقِضَائِهِ .

9- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: رَاكِبُ الْحَرُونِ (فرس لا ينقاد) أَسِيرُ نَفْسِهِ، وَ الْجَاهِلُ أَسِيرُ لِسَانِهِ .

10- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: النَّاسُ فِي الدُّنْيَ بِالْأَمْوَالِ، وَ فِي الْآخِرَةِ بِالْأَعْمَالِ.

11- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْمِرَاءُ يُفْسِدُ الصَّدَاقَةَ الْقَدِيمَةَ، وَ يَحُلُّ الْعُقْدَةَ الْوَثِيقَةَ ، وَ أَقَلُّ مَا فِيهِ أَنْ تَكُونَ الْمُغَالَبَةُ ، وَ الْمُغَالَبَةُ أَمْتَنُ أَسْبَابِ الْقَطِيعَةِ . (والمغالبة المنازعة والمقاهرة ) .

12- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْعِتَابُ مِفْتَاحُ التَّقَالِي (أي التباعد والمباغضة) ، وَ الْعِتَابُ خَيْرٌ مِنَ الْحِقْدِ .

13- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِبَعْضِ الثِّقَاتِ عِنْدَهُ- وَ قَدْ أَكْثَرَ مِنْ تَقْرِيظِهِ-: أَوْكِ (سد وشد) عَلَى مَا فِي شَفَتِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْمَلَقِ تَهْجُمُ عَلَى الظِّنَّةِ، وَ إِذَا حَلَلْتَ مِنْ أَخِيكَ فِي مَحَلِ الثِّقَةِ، فَاعْدِلْ عَنِ الْمَلَقِ إِلَى حُسْنِ النِّيَّةِ  .

14- قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الحِمَّانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ لِرَجُلٍ ذَمَّ إِلَيْهِ وَلَداً لهُ .

 فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْعُقُوقُ  ثُكْلُ مَنْ لَمْ يَثْكَلْ . ( ثكل ولده فقده) .

15- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْمُصِيبَةُ لِلصَّابِرِ وَاحِدَةٌ، وَ لِلْجَازِعِ اثْنَتَانِ .

16- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْحَسَدُ مَاحِقُ الْحَسَنَاتِ، وَ الزَّهْوُ جَالِبُ الْمَقْتِ، وَ الْعُجْبُ صَارِفٌ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ، دَاعٍ إِلَى التَّخَبُّطِ فِي الْجَهْلِ، وَ الْبُخْلُ أَذَمُّ الْأَخْلَاقِ ، وَ الطَّمَعُ سَجِيَّةٌ سَيِّئَةٌ .

17- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :

 مُخَالَطَةُ الْأَشْرَارِ : تَدُلُّ عَلَى شِرَارِ مَنْ يُخَالِطُهُمْ ؟

وَ الْكُفْرُ لِلنِّعَمِ : أَمَارَةُ الْبَطَرِ وَ سَبَبٌ لِلْغِيَرِ .

وَ اللَّجَاجَةُ : مَسْلَبَةٌ لِلسَّلَامَةِ، وَ مُؤَدِّيَةٌ إِلَى النَّدَامَةِ .

وَ الْهُزُوءَةُ : فُكَاهَةُ السُّفَهَاءِ، وَ صِنَاعَةُ الْجُهَّالِ .

وَ التَّسَوُّفُ : مَغْضَبَةٌ لِلْإِخْوَانِ ، وَ مُورِثُ الشَّنَآنِ .

وَالْعُقُوقُ : يُعَقِّبُ الْقِلَّةَ، وَ يُؤَدِّي إِلَى الذِّلَّةِ .

18- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فِي مَوْعِظَةٍ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: السَّهَرُ أَلَذُّ لِلْمَنَامِ، وَ الْجُوعُ يَزِيدُ فِي طِيبِ الطَّعَامِ .

19- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أذْكُرْ مَصْرَعَكَ بَيْنَ يَدَيْ أَهْلِكَ، لَا طَبِيبٌ يَمْنَعُكَ ، وَ لَا حَبِيبٌ يَنْفَعُكَ .

20- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أذْكُرْ حَسَرَاتِ التَّفْرِيطِ، تَلَذَّ بِقَدِيمِ الْحَزْمِ .

21- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا اسْتَرَاحَ ذُو الْحِرْصِ .

22- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْغَضَبُ عَلَى مَنْ لَمْ تَمْلِكْ عَجْزٌ، وَ عَلَى مَنْ تَمْلِكُ لُؤْمٌ.

23- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: صِنَاعَةُ الْأَيَّامِ السَّلَبُ، وَ شَرْطُ الزَّمَانِ الْإِفَاتَةُ ، وَ الْحِكْمَةُ لَا تَنْجَعُ فِي الطَّبَائِعِ الْفَاسِدَةِ .

24- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْأَخْلَاقُ تَتَصَفَّحُهَ الْمُجَالَسَةُ .

25- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَمْنَعَ، لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يُعْطِيَ .

26- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: خَيْرٌ مِنَ الْخَيْرِ فَاعِلُهُ، وَ أَجْمَلُ مِنَ الْجَمِيلِ قَائِلُهُ، وَ أَرْجَحُ مِنَ الْعِلْمِ حَامِلُهُ، وَ شَرٌّ مِنَ الشَّرِّ جَالِبُهُ، وَ أَهْوَلُ مِنَ الْهَوْلِ رَاكِبُهُ .

27- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِيَّاكَ وَ الْحَسَدَ فَإِنَّهُ يَبِينُ فِيكَ، وَلَا يَبِينُ فِي عَدُوِّكَ.

28- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِذَا كَانَ زَمَانٌ الْعَدْلُ فِيهِ أَغْلَبُ مِنَ الْجَوْرِ ؛ فَحَرَامٌ أَنْ تَظُنَّ بِأَحَدٍ سُوءاً حَتَّى تَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَ إِذَا كَانَ زَمَانٌ الْجَوْرُ فِيهِ أَغْلَبُ مِنَ الْعَدْلِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَظُنَّ بِأَحَدٍ خَيْراً حَتَّى يَبْدُوَ ذَلِكَ مِنْهُ .

29- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْمُتَوَكِّلِ فِي جَوَابِ كَلَامٍ بَيْنَهُمَا:

لَا تَطْلُبِ الصَّفَا مِمَّنْ كَدَرْتَ عَلَيْهِ، وَ لَا الْوَفَاءَ مِمَّنْ غَدَرْتَ بِهِ‏، وَ لَا النُّصْحَ مِمَّنْ صَرَفْتَ سُوءَ ظَنِّكَ إِلَيْهِ، فَإِنَّمَا قَلْبُ غَيْرِكَ لَكَ كَقَلْبِكَ لَهُ .

30- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا سَأَلَهُ الْمُتَوَكِّلُ، فَقَالَ لَهُ: مَا يَقُولُ بَنُو أَبِيكَ فِي الْعَبَّاسِ ؟

 [قَالَ: مَا يَقُولُونَ فِي رَجُلٍ فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ عَلَى الْخَلْقِ‏] ، وَ فَرَضَ اللَّهُ طَاعَةَ الْعَبَّاسِ عَلَيْهِ؟

31- وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : الْقَوُا النِّعَمَ بِحُسْنِ مُجَاوَرَتِهَا، وَ الْتَمِسُوا الزِّيَادَةَ مِنْهَا بِالشُّكْرِ عَلَيْهَا، وَ اعْلَمُوا أَنَّ النَّفْسَ أَقْبَلُ شَيْ‏ءٍ لَمَّا أُعْطِيَتْ، وَ أَمْنَعُ شَيْ‏ءٍ لَمَّا سُئِلَتْ فَاحْمِلُوهَا عَلَى مَطِيَّةٍ لَا تُبْطِئُ إِذَا رُكِبَتْ، وَ لَا تُسْبَقُ إِذَا تَقَدَّمَتْ، أَدْرَكَ مَنْ سَبَقَ إِلَى الْجَنَّةِ، وَ نَجَ مَنْ هَرَبَ إِلَى النَّارِ .

نزهة الناظر و تنبيه الخاطر للحلواني، حسين بن محمد بن حسن بن نصر من القرن الخامس ص138_143 . بحار الأنوار ج‏75ص368ب28ح4.

 ويا طيب : رويت هذه الأحاديث عن الإمام الهادي عليه السلام في أعلام الدين ، والدر النظيم ، وبحار الأنوار ، وغيرها من الكتب ، بل حتى تجد قسما منها في كتب متقدمة كالكافي وكتب الصدوق ، ولكن هذه مجوعة في هذا الكتاب وهو قديم أيضا لأن مؤلفه الحلواني متوفى في القرن الخامس ، كما كانت المجموعة السابقة عن الحراني مؤلف تحف العقول الذي كانت وفاته في القرن الرابع الهجري ، كما مر كثير من الأحاديث في الأبواب السابقة وما سيأتي أيضا .

 

ذكر الشامي : فصل في ذكر شيء من كلام الهادي عليه السّلام‏ ، وذكر أغلب ما ذكرناه فلم نكرره ونذكر ما ذكره ولم نذكره :

و قال عليه السّلام : من سأل فوق قدر الحقّ كان أولى بالحرمان.

و قال عليه السلام : صلاح من جهل الكرامة هوانه.

و كان يقول في مناجاته في الليل: إلهي مشتت قد ورد، و فقير قد قصد، لا تخيّب مسعاه، و أرحمه و أغفر له خطاه .

و قال عليه السّلام : شرّ الرزيّة سوء الخلق.

  الدر النظيم ص731 .

 


الذكر الخامس
أدعية الإمام وأحرازه

 

 الأول : معنى أيام الله :

يا طيب هذه أحاديث نذكر بها بأيام الله سبحانه ومعنها ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها .

بحار الأنوار ج68ص221ب66 .

وفي حديث القدسي :

يا داود : فرغ لي بيتا أسكنه إن لله في أيام دهركم نفحات أل فترصدوا لها السعيد من وعظ بغيره من نظر في العواقب سلم في النوائب

بحار الأنوار ج74ص168ب7 .

وعن علي بن إبراهيم في تفسيره : عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز و جل :

{ قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون

أَيَّامَ اللَّهِ

 لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ (الجاثية14) مَنْ عَمِلَ  صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) } الجاثية .

قال عليه السلام : قل للذين مننا عليهم بمعرفتنا ، أن يعرفو الذين لا يعلمون ، فإذا عرفوهم فقد غفر لهم .

{وذكرهم بأيام الله

إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور (5) } إبراهيم .

مستدرك ‏الوسائل ج12ص240ب18ح13996-8 .

 

جواب ذام الأيام :

وروى بن شعبة الحراني في تحف العقول :

و قال الحسن بن مسعود : دخلت على أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام ، و قد نكبت إصبعي ، و تلقاني راكب و صدم كتفي ، و دخلت في زحمة فخرقوا علي بعض ثيابي.

فقلت : كفاني الله شرك من يوم ، فما أيشمك ؟ فقال عليه السلام : لِي يَا حَسَنُ ، هَذَا وَ أَنْتَ تَغْشَانَا ، تَرْمِي بِذَنْبِكَ مَنْ لَ ذَنْبَ لَهُ.

قال الحسن : فأثاب إلي عقلي ، و تبينت خطئي .

فقلت : يا مولاي أستغفر الله .

فقال : يا حسن ما ذنب الأيام ، حتى صرتم تتشأمون بها ، إذ جوزيتم بأعمالكم فيها .

قال الحسن : أنا أستغفر الله أبدا ، و هي توبتي يا ابن رسول الله .

قَالَ عليه السلام  : وَ اللَّهِ مَا يَنْفَعُكُمْ ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ يُعَاقِبُكُمْ بِذَمِّهَا عَلَى مَا لَا ذَمَّ عَلَيْهَا فِيهِ ، أَ مَ عَلِمْتَ يَا حَسَنُ ، أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُثِيبُ وَ الْمُعَاقِبُ وَ الْمُجَازِي بِالْأَعْمَالِ عَاجِلًا وَ آجِلًا ؟

 قلت : بلى يا مولاي .

قال عليه السلام : لَا تَعُدْ وَ لَا تَجْعَلْ لِلْأَيَّامِ صُنْعاً فِي حُكْمِ اللَّهِ .

قال الحسن : بلى يا مولاي.

  تحف العقول صفحة 481 .

 

 أيام الله بأسماء الأئمة :

وفي كفاية الأثر : عن الصقر بن أبي دلف قال : لما حمل المتوكل سيدنا أبا الحسن عليه السلام جئت أسأل عن خبره قال : ــــ

فنظر إلي حاجب المتوكل ، فأمر أن أدخل إليه . فقال عليه السلام : يا صقر ، ما شأنك ؟

فقلت : خير ، أيها الأستاذ .

فقال : اقعد .

قال الصقر : فأخذني ما تقدم و ما تأخر ، فقلت : أخطأت في المجيء .

قال : فوحى الناس عنه ، ثم قال : ما شأنك و فيم جئت ؟

قلت : بخير ما .

فقال : لعلك جئت تسأل عن خبر مولاك ؟

فقلت له : و من مولاي ، مولاي أمير المؤمنين .

فقال : اسكت ، مولاك هو الحق ، فلا تحتشمني ، فإني على مذهبك .

فقلت : الحمد لله . فقال : تحب أن تراه .

قلت : نعم .

قال : اجلس حتى يخرج صاحب البريد .

قال : فجلست فلما خرج .

قال لغلامه : خذ بيد الصقر ، فأدخله إلى الحجرة التي فيه العلوي المحبوس ، و خل بينه و بينه .

قال : فأدخلني إلى الحجرة ، و أومأ إلى بيت ، فدخلت ، فإذ هو عليه السالم جالس على صدر حصير ، و بحذاه قبر محفور .

قال : فسلمت ، فرد علي السلام ، ثم أمرني بالجلوس فجلست .

ثم قال : يا صقر ما أتى بك ؟

قلت : سيدي جئت أتعرف خبرك ؟

قال : ثم نظرت إلى القبر ، فبكيت .

فنظر إلي فقال : يا صقر لا عليك ، لن يصلوا إلينا بسوء .

فقلت : الحمد لله ،

ثم قلت : يا سيدي حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا أعرف معناه .

فقال : و ما هو .

قلت قوله صلى الله عليه وآله وسلم :

لا تعادوا الأيام فتعاديكم ، ما معناه ؟

فقال : نعم ، الأيام نحن ، ما قامت السماوات و الأرض .

فالسبت : اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

و الأحد : اسم أمير المؤمنين  .

و الاثنين : الحسن و الحسين .

و الثلاثاء : علي بن الحسين ، و محمد بن علي ، و جعفر بن محمد  .

و الأربعاء : موسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، و أنا .

و الخميس : ابني الحسن .

و الجمعة : ابن ابني ، و إليه يجتمع عصابة الحق ، و هو الذي يملؤها قسطا و عدلا ، كما ملئت جورا و ظلما ، و هذا معنى الأيام .فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة ثم قال ع ودع فلا آمن عليك .

بحار الأنوار ج : 36 ص : 414ح3 . كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر ص289 ، الخصال للصدوق رحمه الله ج‏2ص395ح102 .قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : الأيام ليست بأئمة ، و لكن كنى بها عن الأئمة لئلا يدرك معناه غير أهل الحق ، كما كنى الله عز و جل ب { التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ وَ طُورِ سِينِينَ وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ } عن النبي  و علي و الحسن و الحسين عليهم السلام ، وذكر محققه : فأخذني ما تقدم وما تأخر : أي بالسؤال عمّا تقدم و عمّا تأخّر، يعنى الأمور المختلفة لاستعلام حالي و سبب مجيئي. فلذا ندم على الذهاب إليه لئلا يطلع على حاله و مذهبه، أو الموصول فاعل «أخذني» بتقدير أي أخذني التفكر فيما تقدم من الأمور من ظنه التشيع بى و فيما تأخّر ممّا يترتب على مجيئي من المفاسد كما في البحار. فوحى الناس عنه :  أي أشار اليهم أن يبعدوا عنه، أو على بناء التفعيل أي عجلهم في الذهاب، أو على بناء المجرد و الناس فاعل أي أسرعوا في الذهاب.  صاحب البريد يمكن أن يكون رئيس البريد أو المراد بالبريد المرتب و الرسل على دواب البريد. قال في النهاية البريد كلمة فارسية يراد بها في الأصل البغل و أصلها «بريده دم» أي محذوف الذنب، لان بغال البريد كانت محذوفة الاذناب كالعلامة لها، فأعربت و خفّفت، ثمّ سمّى الرسول الذي يركبه بريدا، و المسافة التي بين السكتين بريدا.

يا طيب : سنذكرها في ذكر أدعيته عليه السلام .


 

 

المجلس الثاني

الإمام مع أهل زمانه والحكام وشهادته زيارته

 

 

الذكر الأول

أحوال الإمام مع أصحابه وأهل زمانه وتعاليمه لهم

 

يا طيب : هذا الذكر أحوال الإمام مع أصحابه واهتمامه بهم وتعالميه هلم ، ومع أهل زمانه وتعاليمه لهم وجوابه لأسئلتهم ، فنذكر منها :

 

الإمام يقضي دين موالي :

ذكر الشامي في الدر النظيم : و قيل إنّ أبا الحسن الهادي عليه السّلام كان يوما قد خرج من سرّ من رأى إلى قرية لمهمّ عرض له ، فجاء رجل من الأعراب يطلبه ، فقيل له قد ذهب إلى الموضع‏ الفلاني، فقصده .

فلمّا وصل إليه قال له: ما حاجتك ؟ فقال : أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسّكين بولاية جدّك عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، و قد ركبني دين فادح أثقلني حمله ، و لم أر من أقصده لقضائه سواك.

فقال له أبو الحسن عليه السلام : طب نفسا و قرّ عينا ، ثمّ أنزله ، فلمّا أصبح ذلك اليوم .

قال أبو الحسن عليه السلام : أريد منك حالة اللّه اللّه أن تخالفني فيها .

 فقال له الأعرابي : لا اخالفك .

 فكتب أبو الحسن عليه السلام : ورقة بخطّه معترفا فيها ، أنّ عليه للأعرابي مالا عيّنه فيها يرجح على دينه ، فقال: خذ هذا الخطّ ، فإذا وصلت إلى سرّ من رأى أحضر إليّ و عندي جماعة ، فطالبني به و أغلظ القول عليّ في ترك إيفائك إيّاه ، اللّه اللّه في مخالفتي . فقال: أفعل.

و أخذ الخطّ : فلمّا وصل أبو الحسن إلى سرّ من رأى ، و حضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة و غيرهم ، حضر ذلك الرجل و أخرج الخطّ ، و طالبه و قال كما أوصاه .

فألان أبو الحسن عليه السلام : له القول و رقّقه له ، و جعل يعتذر إليه و وعده بوفائه و طيّبه نفسه.

 فنقل ذلك : إلى الخليفة المتوكّل ، فأمر أن يحمل إلى أبي الحسن ثلاثون ألف درهم .

 فلمّا حملت إليه : تركها الى أن جاء الأعرابي ، فقال له: خذ هذا المال فاقض منه دينك ، و أنفق الباقي على عيالك و أهلك و اعذرنا .

 فقال له الأعرابي : يا ابن رسول اللّه ، و اللّه إنّ أملي كان يقصر عن ثلث هذا المال ، و لكن اللّه أعلم حيث يجعل رسالته. و أخذ المال و انصرف «1».

الفصول المهمّة ص 278- 279. الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم ص722 .

 

طلب أصحابه منه :

في الأمالي للصدوق‏ : عن أحمد بن القاسم عن أبي هاشم الجعفري قال :

أصابتني : ضيقة شديدة ، فصرت إلى أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام . فأذن لي : فلما جلست .

قال : يا أبا هاشم ، أي نعم الله عز و جل عليك تريد أن تؤدي شكرها ؟

قال أبو هاشم : فوجمت ، فلم أدر ما أقول له .

فابتدأ عليه السلام فقال :

رزقك الإيمان : فحرم بدنك على النار .

و رزقك العافية : فأعانتك على الطاعة .

و رزقك القنوع :فصانك عن التبذل .

يا أبا هاشم :إنما ابتدأتك بهذا ، لأني ظننت أنك تريد أن تشكو لي من فعل بك هذا .

و قد أمرت لك : بمائة دينار ،فخذها .

الأمالي‏ للصدوق ص412م64ح11 . بحار الأنوار ج50ص129ب3ح7 .

 و قال عليّ بن أحمد الصيمري الكاتب: تزوّجت ابنة جعفر بن محمّد الكاتب فأحببتها حبّا لم يحبّ أحد أحدا مثله ، فأبطأ عليّ الولد فصرت إلى أبي الحسن الهادي عليه السلام ، فذكرت له ذلك فتبسّم ، و قال: اتّخذ خاتم فصّه فيروزج و اكتب عليه:

{ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (89) } الأنبياء .

قال: ففعلت ذلك، فما أتى عليّ حول حتّى رزقت منها ولدا ذكرا .

  الدر النظيم  ص729 ،  الأمالي للطوسي ج1ص47- 48م2ح30. 

الإمام يعلم أصحابه الدعاء :

في الأمالي للشيخ الطوسي‏ : عم الفحام عن المنصوري عن عم أبيه قال:

قَصَدْتُ الْإِمَامَ يَوْماً : فَقُلْتُ : يا سيدي إن هذا الرجل قد أطرحني ، و قطع رزقي ، و مللني ، و ما أتهم في ذلك إلا علمه بملازمتي لك ، و إذا سألته شيئا منه يلزمه القبول منك ، فينبغي أن تتفضل علي بمسألته .

فقال عليه السلام : تُكْفَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ طَرَقَنِي ، رُسُلُ الْمُتَوَكِّلِ ، رَسُولٌ يَتْلُو رَسُولًا .

فجئت : و الفتح على الباب قائم ، فقال : يا رجل ما تأوي في منزلك بالليل ، كدني هذا الرجل مما يطلبك .

فدخلت : و إذا المتوكل جالس على فراشه ، فقال : ي أبا موسى ، نشغل عنك ، و تنسينا نفسك ، أي شيء لك عندي ؟

فقلت : الصلة الفلانية ، و الرزق الفلاني ، و ذكرت أشياء ، فأمر لي بها و بضعفها .

فقلت : للفتح وافى علي بن محمد إلى هاهنا .

فقال : لا .

فقلت : كتب رقعة ؟ فقال : لا .

فوليت منصرفا : فتبعني ، فقال لي : لست أشك أنك سألته دعاء لك ، فالتمس لي منه دعاء .فَلَمَّا دَخَلْتُ إِلَيْهِ عليه السلام.

 فَقَالَ لِي: يَا أَبَا مُوسَى، هَذَا وَجْهُ الرِّضَا.

فَقُلْتُ : بِبَرَكَتِكَ يَا سَيِّدِي ، و لكن قالوا لي إنك ما مضيت إليه و لا سألته.

فقال عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ مِنَّا ، أَنَّ لَا نَلْجَأُ فِي الْمُهِمَّاتِ إِلَّا إِلَيْهِ ، وَ لَا نَتَوَكَّلُ فِي الْمُلِمَّاتِ إِلَّا عَلَيْهِ ، وَ عَوَّدَنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ الْإِجَابَةَ .

وَ نَخَافُ : أَنْ نَعْدِلَ فَيَعْدِلَ بِنَا .

قلت : إن الفتح ، قال لي : كيت وكيت.

قَالَ : إِنَّهُ يُوَالِينَا بِظَاهِرِهِ ، وَ يُجَانِبُنَا بِبَاطِنِهِ ، الدُّعَاءُ لِمَنْ يَدْعُو بِهِ ، إِذَا أَخْلَصْتَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، وَ اعْتَرَفْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم ، وَ بِحَقِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَ سَأَلْتَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى شَيْئاً ، لَمْ يَحْرِمْكَ.

قلت : يا سيدي فتعلمني دعاء ، أختص به من الأدعية ، قال هذ الدعاء كثيرا أدعو الله به ، و قد سألت الله أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي ، و هو :

يَا عُدَّتِي : عِنْدَ الْعُدَدِ ، وَ يَا رَجَائِي وَ الْمُعْتَمَدُ ، وَ يَا كَهْفِي وَ السَّنَدُ ، وَ يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ ، يَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .

وَ أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ : بِحَقِّ مَنْ خَلَقْتَهُ مِنْ خَلْقِكَ ، وَ لَمْ تَجْعَلْ فِي خَلْقِكَ مِثْلَهُمْ أَحَداً ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ ، وَ تَفْعَلَ بِي : كَيْتَ وَ كَيْتَ .

الأمالي للطوسي ص286م11ح555-2 . بحار الأنوار ج50 ص127ح5 . وتفعل بي كيت وكيت : أي تذكر حاجتك وما يهمك أمره .

 

الإمام يهدي فطحي :

قال بن جرير الطبري بإسناده عن :

أبي طالب عبيد الله بن أحمد الأنباري قال:

حدثني عبد الله بن عامر الطائي قال : حدثنا جماعة : ممن حضر العسكر بسر من رأى ، قالوا : شهدنا هذا الحديث .

قال أبو طالب ( الأنباري ) و هو ما حدثني به مقبل الديلمي :

كان رجل : بالكوفة ، يقول : بإمامة عبد الله بن جعفر ( الصادق ) بن محمد ( الباقر ) ( ويسمون بالفطحية ) .

فقال له صاحب له : يميل إلى ناحيتنا و أمرنا ، لا تقل بإمامة عبد الله ، فإنها باطل ، و قل الحق .

قال : و ما الحق حتى أتبعه .

قال : إمامة موسى بن جعفر ، ومن بعده.

فقال الفطحي : و من الإمام اليوم ؟

قال : علي بن محمد بن الرضا .

قال : فهل من دليل ؟

قال :نعم ، أضمر في نفسك ما شئت .

و الق : عليا عليه السلام ، بسر من رأى ، يخبرك به .

فقال : نعم ، فخرجا إلى العسكر ، فقصدا شارع أبي أحمد .

فُأخبرا : أن أبا الحسن ركب إلى دار المتوكل ، فجلسا ينتظران .

فقال الفطحي لصاحبه : إن كان صاحبك هذا إماما ، فإنه حين يرجع و يراني ، يعلم ما قصدته ، فيخبرني من غير أن أسأله.

فوقفا : إلى أن عاد أبو الحسن عليه السلام .

فجاء عليه السلام : و بين يديه الشاكرية ، وخلفه الركبة يشيعونه إلى داره .

فلما بلغ : الموضع الذي فيه الرجلان ، التفت إلى الفطحي .

و تفل : بشي‏ء من فيه ، في صدر الفطحي .

كأنه : غرقئ البيض ، فالتصق بصدر الرجل ، كمثل دارة الدرهم .

و فيه مكتوب بخضرة : ما كان عبد الله ( أي المعروف بالفطحي أبن الإمام الصادق ) هناك ، و لا هو بذلك .

فقرأه : الناس .

و قالوا : ما هذا .

فأخبرهم : و صاحبه ، بقصتهما .

فحثا : التراب على رأسه .

و قال : تبا لما كنت عليه قبل يومي .

و الحمد لله : الذي هداني .

و قال : بإمامة أبي الحسن ( الإمام الكاظم إلى الإمام أبي الحسن الهادي عليهم السلام ) .

دلائل الإمامة  ص416ح380/ 13 .

 

 

الإمام يعلم نية القلانسي :

وعن بن جرير الطبري أيضا قال : و حدثني أبو عبد الله القمي ، قال حدثني ابن عباس .

قال حدثني : أبو طالب عبيد الله بن أحمد ( الأنباري ) .

قال حدثني : مقبل الديلمي ، قال : كنت جالسا : على بابنا بسر من رأى . و مولانا : أبو الحسن راكب لدار المتوكل .

فجاء : فتح القلانسي ، و كانت له خدمة لأبي الحسن ( علي الهادي ) عليه السلام . فجلس : إلى جانبي .

و قال : إن لي على مولانا ، أربعمائة درهم ، فلو أعطانيه لانتفعت بها .

فقلت : ما كنت صانعا بها ؟

قال : أشتري بمائتي درهم خرقا ، تكون في يدي ، أعمل منها قلانس .

و أشتري : بمائتي درهم تمرا ، أعمله نبيذا .

فأعرضت : بوجهي عنه ، و لم أكلمه ، لما ذكر ، و أمسكت .

و أقبل أبو الحسن عليه السلام : على أثر هذا الكلام ، و لم يسمعه أحد .

فلما أبصرته : قمت إجلالا له ، فنزل عن دابته .

و هو : مقطب الوجه .

فذهبت : لدار الدواب .

فدعاني‏ : و الغضب يعرف في وجهه .

فقال عليه السلام : يا مقبل ، ادخل و أخرج أربعمائة درهم ، و ادفعها إلى هذا الملعون فتح .

و قل له : هذا حقك ، فاشتر منه خرقا بمائتي درهم .

و اتق الله : فيما أردت أن تفعله في المائتي درهم الباقية .

فأخرجتها إليه : و حدثته .

فبكى و قال : و الله لا شربت نبيذا و لا مسكرا أبدا .

و صاحبك : يعلم .

دلائل الإمامة للطبري الآملي من أعلام القرن الخامس ص417ح381/ 14.

 

الإمام يكلم غلام بالتركية :

وفي كتاب إعلام الورى بإسناده عن :

أبو طالب عبد الله بن أحمد بن يعقوب ( الأنباري ) قال :

حدثنا : الحسين بن أحمد المالكي الأسدي قال :

أخبرني : أبو هاشم الجعفري قال :

كنت بالمدينة : حين مر بها بغاء ، أيام الواثق ، في طلب الأعراب .

فقال الإمام أبو الحسن‏ علي الهادي عليه السلام :

اخرجوا بنا : حتى ننظر إلى تعبية هذا التركي .

فخرجنا : فوقفنا .

فمرت بنا : تعبيته ، فمر بنا تركي .

فكلمه أبو الحسن عليه السلام : بالتركية .

فنزل : عن فرسه .

فقبل : حافر دابته .

قال : فحلفت التركي .

و قلت له : ما قال لك الرجل ؟

قال : هذا نبي ؟

قلت : ليس هذا بنبي .

قال : دعاني باسم ، سميت به في صغري في بلاد الترك .

ما علمه : أحد ، إلى الساعة .

إعلام الورى ص360 .

وموسى بن بغا : يقال له الكبير الكبير ، أبو عمران ، أحد قواد المتوكّل وأخيه الواثق ، وكان قائد الجيوش التي يرسلوها لقمع الثوراة والخارجين على الحكومة ، وكان قاسا شديد الوطئة ومقربا لديهما ، ومات في 28 صفر سنة 264 ه ببغداد ، فحمل إلى سرّ من رأى فدفن بها .

 

بسبب الإمام يسلم نصراني :

قال في دلائل الإمامة :  قال أبو الحسن محمّد بن اسماعيل بن أحمد الفهقلي الكاتب بسرّمن‏رأى سنة ثمان و ثلاثين و مائتين، قال: حدّثني أبي، قال: كنت بسرّمن‏رأى أسير في درب الحصى فرأيت يزداد الطبيب النصراني تلميذ بختيشوع و هو منصرف من دار موسى بن بغا فسايرني و أفضى بنا الحديث الى أن قال لي: أ ترى تدري من صاحب هذا الجدار؟

 قلت: و من صاحبه؟ قال: هذا الفتى العلوي الحجازي، يعني عليّ بن محمّد بن الرضا عليهم السّلام، و كنّا نسير في فناء داره. قلت ليزداد: نعم فما شأنه؟

قال: إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو. قلت: و كيف ذلك؟

 قال: اخبرك عنه بأعجوبة لن تسمع مثلها أبدا و لا غيرك من الناس، و لكن لي اللّه عليك كفيل و راع، انّك لا تحدّث به عنّي أحدا ، فإنّي رجل طبيب ولي معيشة أرعاها عند هذا السلطان، و بلغني أنّ الخليفة استقدمه من الحجاز فرقا منه لئلّا ينصرف إليه وجوه الناس ، فيخرج هذا الأمر عنهم يعني بني العبّاس .

قلت: لك عليّ ذلك فحدّثني به، و ليس عليك بأس إنّما أنت رجل نصراني لا يتهمك أحد فيما تحدّث به عن هؤلاء القوم .

قال: نعم اعلمك أنّي لقيته منذ أيّام و هو على فرس أدهم ، و عليه ثياب سواد و عمامة سواد و هو أسود اللون .

 فلما بصرت به وقفت إعظاما له و قلت في نفسي:

لا و حقّ المسيح : ما خرجت من فمي الى أحد من الناس .

 قلت في نفسي: ثياب‏ سواد ، و دابّة سوداء ، و رجل أسود، سواد في سواد في سواد.

 فلمّا بلغ إليّ : نظر إليّ و أحدّ النظر .

و قال : قلبك أسود كما ترى عيناك من سواد في سواد في سواد .

 قال أبي رحمه اللّه : فقلت له : أجل لا احدّث به أحدا ، فم صنعت و ما قلت له ؟

 قال : أسقطت في يدي فلم أحر جوابا .

 قلت له : أ فما ابيضّ قلبك لما شاهدت ؟

قال : اللّه أعلم . قال أبي : فلمّا اعتلّ يزداد بعث إليّ فحضرت عنده .

 فقال: إنّ قلبي قد ابيضّ بعد سواده ، فأنا أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، و أنّ محمّدا رسول اللّه ، و أنّ عليّ بن محمّد حجّة اللّه على خلقه و ناموسه الأعظم ، ثمّ مات في مرضه ذلك، و حضرت الصلاة عليه .

دلائل الإمامة ص 419ح382/ 15 . الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم، ص: 728 .

 

كتابه لابن يقطين :

ذكر الشامي في الدر النظيم : و كتب ( الإمام علي الهادي ) عليه السّلام إلى أحمد بن إسماعيل بن يقطين في سنة سبع و عشرين و مائتين:

بسم اللّه الرحمن الرحيم : عصمنا اللّه و إيّاك من الفتنة ، فإن يفعل فأعظم بها منّة ، و ألّا يفعل فهي الهلكة.

نحن نرى : أنّ الكلام في القرآن بدعة اشترك فيها السائل و المجيب .

فيعاطى السائل : ما ليس له ، و تكلّف المجيب ما ليس عليه ، و ليس خالق إلّا اللّه،  و كلّ ما دون اللّه مخلوق، و القرآن كلام اللّه، فانبذ بنفسك و بالمخالفين في القرآن إلى أسمائه التي سمّاه اللّه بها، و ذر الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون، و لا تجعل له اسما من عندك فتكون من الضالّين، جعلنا اللّه و إيّاك من الذين يخشون ربّهم و هم من الساعة مشفقون «1».

و كتب إلى بعض أهل همدان: ليس مع سوء الظن بنا إيمان.

 الدر النظيم  ص731 .

 

 

استفتاء المتوكل للإمام :

وقال الشامي : و قيل : قدّم إلى المتوكّل رجل نصراني قد فجر بامرأة مسلمة ، فأراد أن يقيم عليه الحدّ ، فأسلم ، فقال يحيى بن أكثم : قد هدم إيمانه بشركه و فعله . و قال بعضهم : يضرب ثلاثة حدود ، و قال بعضهم : يفعل به كذا و كذا، و اختلفوا عليه.

 فأمر المتوكّل : بالكتاب إلى أبي الحسن عليه السّلام و سؤاله عن ذلك.

قال: فلمّا قرأ الكتاب كتب عليه السّلام: يضرب : حتى يموت .

فأنكر : يحيى بن أكثم ذلك، و أنكر فقهاء العسكر ، فقالوا: يا أمير المؤمنين سل عن هذا ، فإنّه شي‏ء لم ينطق به كتاب ، و لم تجي‏ء به سنّة .

و كتب إليه المتوكّل : إنّ فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا ، و قالوا : لم تجي‏ء به سنّة ، و لا نطق به كتاب ، ففسّر لنا ، لم أوجبت عليه الضرب حتى يموت ؟

 فكتب : { بسم اللّه الرحمن الرحيم : فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَن قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (83) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (84)} غافر ,

التوحيد: ص 224 ب 30 ح 4. الدر النظيم ص732 .

 


أجوبته الهادي عن مسائل يحيى أبن أكثم

أسئلة ابن أكتم :

ذكر بن شعبة الحراني رحمه الله : في كتابه تحف العقول ص 476 ، هذا الحديث فقال : أجوبته الهادي ليحيى بن أكثم عن مسائله .

قَالَ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا :

 لقيت : يحيى بن أكثم في دار العامة ، فسألني عن مسائل ، فَجِئْتُ إِلَى أَخِي عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه السلام ، فدار بيني و بينه من المواعظ ما حملني و بصرني طاعته .

فقلت له : جعلت فداك ، إن ابن أكثم كتب يسألني عن مسائل لأفتيه فيها.

 فَضَحِكَ عليه السلام ثُمَّ قَالَ : فَهَلْ أَفْتَيْتَهُ ؟

قلت : لا لم أعرفها . قال عليه السلام : وَ مَا هِيَ ؟

قلت : كتب يسألني عن قول الله : { قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ (40) } النمل ،  نبي الله كان محتاجا إلى علم آصف ؟

و عن قوله : { وَ رَفَعَ‏ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّو لَهُ سُجَّداً (100) } يوسف ، سجد يعقوب و ولده ليوسف و هم أنبياء ؟

و عن قوله : { فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْن إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ (94) } يونس ، من المخاطب بالآية ، فإن كان المخاطب النبي صلى الله عليه وآله ، فقد شك،  و إن كان المخاطب غيره فعلى من إذا أنزل الكتاب .

و عن قوله : { وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ (26) } لقمان ، ما هذه الأبحر و أين هي .

و عن قوله : { وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ (71) } الزخرف ، فاشتهت نفس آدم عليه السلام أكل البر ، فأكل و أطعم و فيها ما تشتهي الأنفس ، فكيف عوقب ؟

و عن قوله : { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً (49) } الشورى ، يزوج الله عباده الذكران و قد عاقب قوما فعلوا ذلك .

و عن شهادة المرأة : جازت وحدها ، و قد قال الله : { وَ أَشْهِدُو ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ  (2) } الطلاق .

 و عن الخنثى : و قول علي عليه السلام : يورث من المبال ، فمن ينظر إذا بال إليه ، مع أنه عسى أن يكون امرأة ، و قد نظر إليها الرجال ، أو عسى أن يكون رجلا و قد نظرت إليه النساء ، و هذا ما لا يحل .

و شهادة الجار : إلى نفسه لا تقبل ؟

و عن رجل : أتى إلى قطيع غنم فرأى الراعي ينزو على شاة منه ، فلما بصر بصاحبها خلى سبيلها فدخلت بين الغنم ، كيف تذبح ، و هل يجوز أكلها أم لا ؟

و عن صلاة الفجر : لِمَ يُجْهَرُ فيها بالقراءة ، و هي من صلاة النهار ، و إنما يجهر في صلاة الليل ؟

و عن قول علي عليه السلام : لابن جرموز ، بشر قاتل ابن صفية بالنار ، فلم يقتله و هو إمام .

و أخبرني عن علي عليه السلام : لِمَ قَتَلَ أَهْلَ صِفِّينَ ، و أمر بذلك مقبلين و مدبرين ، و أجاز على الجرحى ، و كان حكمه يوم الجمل أنه لم يقتل موليا ، و لم يجز على جريح ، و لم يأمر بذلك ، و قال : من دخل داره فهو آمن ، و من ألقى سلاحه فهو آمن ، لم فعل ذلك ؟ فإن كان الحكم‏ الأول صوابا ، فالثاني خطأ ؟

و أخبرني : عن رجل أقر باللواط على نفسه ، أ يحد أم يدرأ عنه الحد ؟

 

أجوبة الإمام الهادي :

قال عليه السلام : اكْتُبْ إِلَيْهِ . قلت : و ما أكتب ؟

 قال عليه السلام : اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ .

 وَ أَنْتَ : فألهمك الله الرشد ، أتاني كتابك ، فامتحنتن به من تعنتك،  لتجد إلى الطعن سبيلا إن قصرنا فيها ، و الله يكافيك على نيتك ، و قد شرحنا مسائلك فأصغ إليها سمعك،  و ذلل لها فهمك ، و اشغل بها قلبك ، فَقَدْ لَزِمَتْكَ الْحُجَّةُ ، وَ السَّلَامُ .

سألت : عن قول الله جل و عز : { قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ } فهو آصف بن برخيا،  و لم يعجز سليمان عليه السلام ، عن معرفة ما عرف آصف ، لكنه ص أحب أن يعرف أمته من الجن و الإنس أنه الحجة من بعده ، و ذلك من علم سليمان عليه السلام أودعه عند آصف بأمر الله،  ففهمه ذلك لئلا يختلف عليه في إمامته و دلالته ، كما فهم سليمان عليه السلام في حياة داود عليه السلام لتعرف نبوته و إمامته من بعده ، لتأكد الحجة على الخلق .

 

وَ أَمَّا سُجُودُ : يَعْقُوبَ عليه السلام وَ وُلْدِهِ ، فكان طاعة لله و محبة ليوسف عليه السلام ،  كما أن السجود من الملائكة لآدم عليه السلام لم يكن لآدم عليه السلام و إنما كان ذلك طاعة لله و محبة منهم لآدم ، فسجود يعقوب و ولده و يوسف معهم ، كان شكرا لله باجتماع شملهم ، أ لم تره يقول في شكره ذلك الوقت : { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ .. (102) } يوسف إلى آخر الآية .

 

 و أما قوله : { فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْن إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ} فإن المخاطب به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، و لم يكن في شك مما أنزل إليه ، و لكن قالت الجهلة كيف لم يبعث الله نبيا من الملائكة ، إذ لم يفرق بين نبيه و بيننا في الاستغناء عن المآكل و المشارب و المشي في الأسواق ؟ فأوحى الله إلى نبيه : { فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ } بمحضر الجهلة ، هل بعث الله رسولا قبلك إلا و هو يأكل الطعام و يمشي في الأسواق ، و لك بهم أسوة .

 و إنما قال : { فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ } و لم يكن شك ، و لكن للنصفة  ، كما قال تعالوا : { نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَن وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (60) } آل عمران ،  و لو قال ( لعنة الله ) عليكم ، لم يجيبوا إلى المباهلة ، و قد علم الله أن نبيه يؤدي عنه رسالاته و ما هو من الكاذبين ، فكذلك عرف النبي أنه صادق فيما يقول،  و لكن أحب أن ينصف من نفسه .

و أما قوله : { وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ } فهو كذلك ، لو أن أشجار الدنيا أقلام و البحر يمده سبعة أبحر، و انفجرت الأرض عيونا ، لنفدت قبل أن تنفد كلمات الله ، و هي عين الكبريت ، و عين النمر ، و عين البرهوت ، و عين طبرية ، و حمة ماسبذان ، و حمة إفريقية يدعى لسنان ، و عين بحرون .

 وَ نَحْنُ كَلِمَاتُ اللَّهِ : الَّتِي لَا تَنْفَدُ ، وَ لَ تُدْرَكُ فَضَائِلُنَا .

 

و أما الجنة : فإن فيها من المآكل و المشارب و الملاهي م تشتهي الأنفس و تلذ الأعين ، و أباح الله ذلك كله لآدم عليه السلام ، و الشجرة التي نهى الله عنها آدم و زوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد ، عهد إليهما أن لا ينظر إلى من فضل الله على خلائقه بعين الحسد ، فنسي و نظر بعين الحسد و لم يجد له عزم .

و أما قوله : { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً } أي يولد له ذكور و يولد له إناث ، يقال لكل اثنين مقرنين زوجان ، كل واحد منهم زوج ، و معاذ الله أن يكون عنى الجليل ما لبست به على نفسك ، تطلب الرخص لارتكاب المآثم : { وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً. يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً } إن لم يتب .

و أما شهادة : المرأة وحدها التي جازت ، فهي القابلة جازت شهادتها مع الرضا ،  فإن لم يكن رضا فلا أقل من امرأتين ، تقوم المرأتان بدل الرجل للضرورة ، لأن الرجل‏ لا يمكنه أن يقوم مقامها ، فإن كانت وحدها قبل قولها مع يمينه .

 

و أما قول علي عليه السلام : في الخنثى ، فهي كما قال : يَنْظُرُ قَوْمٌ عُدُولٌ،  يأخذ كل واحد منهم مرآة ، و تقوم الخنثى خلفهم عريانة ، و ينظرون في المرايا فيرون الشبح ، فيحكمون عليه .

وَ أَمَّا الرَّجُلُ النَّاظِرُ : إلى الراعي ، و قد نزا على شاة ، فإن عرفها ذبحها و أحرقها ، و إن لم يعرفها قسم الغنم نصفين و ساهم بينهم ، فإذا وقع على أحد النصفين فقد نجا النصف الآخر ، ثم يفرق النصف الآخر فلا يزال كذلك حتى تبقى شاتان ، فيقرع بينهما ، فأيتها وقع السهم بها ذبحت و أحرقت ، و نج سائر الغنم .

وَ أَمَّا صَلَاةُ الْفَجْرِ : فالجهر فيها بالقراءة ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يغلس بها ، فقراءتها من الليل .

 

وَ أَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ عليه السلام : بشر قاتل ابن صفية بالنار ، فهو لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : و كان ممن خرج يوم النهروان ، فلم يقتله أمير المؤمنين عليه السلام بالبصرة ، لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ فِي فِتْنَةِ النَّهْرَوَانِ .

وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ عَلِيّاً عليه السلام : قتل أهل الصفين مقبلين و مدبرين ، و أجاز على جريحهم ، و إنه يوم الجمل لم يتبع موليا و لم يجز على جريح ، و من ألقى سلاحه آمنه ، و من دخل داره آمنه ، فإن أهل الجمل قتل إمامهم ، و لم تكن لهم فئة يرجعون إليها ، و إنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين و لا مخالفين و لا منابذين ، رضوا بالكف عنهم ، فكان الحكم فيهم رفع السيف عنهم ، و الكف عن أذاهم إذ لم يطلبوا عليه أعوانا ، و أهل صفين كانوا يرجعون إلى فئة مستعدة ، و إمام يجمع لهم السلاح‏ والدروع و الرماح و السيوف ، و يسني لهم العطاء ، يهيئ لهم الأنزال،  و يعود مريضهم و يجبر كسيرهم ، و يداوي جريحهم ، و يحمل راجلهم ، و يكسو حاسرهم ، و يردهم فيرجعون إلى محاربتهم و قتالهم ، فلم يساو بين الفريقين في الحكم ، لما عرف من الحكم في قتال أهل التوحيد ، لكنه شرح ذلك لهم ، فمن رغب عرض على السيف أو يتوب من ذلك .

وَ أَمَّا الرَّجُلُ : الذي اعترف باللواط ، فإنه لم تقم عليه بينة ، و إنما تطوع بالإقرار من نفسه ، و إذا كان للإمام الذي من الله أن يعاقب عن الله ، كان له أن يمن عن الله ، أ ما سمعت قول الله : { هذا عَطاؤُنا هَذَ عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ  (39)} ص الآية .

 قد أنبأناك : بجميع ما سألتنا عنه ، فأعلم ذلك.

المصدر تحف العقول عن آل الرسول المؤلف الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني ص 476 . الاختصاصي ص93 ، وسائل الشيعة ج‏15ص75 ب 24 . وذكر الحديث عنه في بحار الأنوار ج10ص386ب23ح1 . ، و قال: و في الاختصاص للشيخ المفيد عن محمّد بن عيسى بن عبيد البغداديّ عن محمّد بن موسى مثله و رواه أيضا بأدنى تغيير في المجلد الثاني عشر عن المناقب لابن شهرآشوب.

 موسى بن محمد بن الرضا : هو أبو أحمد موسى المبرقع أخو أبى الحسن الهادي عليه السلام من طرفي الأب و الأم كانت أمهما أم ولد تسمى بسمانة المغربيّة ، و كان موسى جد سادات الرضوية، قدم قم سنة 256 ، و هو أول من أنتقل من الكوفة إلى قم من السادات الرضوية ، و كان يسدل على وجهه برقعا دائما و لذلك يسمى بالمبرقع ،  فلم يعرفه القميون ، فأنتقل عنهم إلى كاشان ، فأكرمه أحمد بن عبد العزيز بن دلف العجليّ ، فرحب به و أكرمه و أهدى إليه خلاعا فاخرة و أفراسا جيادا ، و وظفه في كل سنة ألف مثقال من الذهب و فرسا مسرجا ، فلما عرفه القميون أرسلوا رؤساءهم إلى كاشان لطلبه و ردوه إلى قم و اعتذروا منه و أكرموه ، و اشتروا من مالهم دار و وهبوا له سهاما من القرى ، و أعطوه عشرين ألف درهم و اشترى ضياعا كثيرة.

فأتته أخواته : زينب و أم محمّد و ميمونة بنات محمّد بن الرضا عليهم السلام و نزلن عنده، فلما متن دفن عند فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهما السلام ، و اقام موسى بقم حتّى مات سنة 266 للجرو و دفن في داره ، و قيل: فى دار محمّد بن الحسن بن أبي خالد الأشعريّ و هو المشهد المعروف اليوم. و يظهر من بعض الروايات أن المتوكل الخليفة العباسيّ يحتال في أن ينادمه. و قد أفرد المحدث النوريّ رحمه اللّه في أحواله رسالة سماها: «البدر المشعشع في أحوال موسى المبرقع».

  آصف : هو بن برخيا ، صاحب سليمان عليه السلام .

ابن صفية : هو الزبير بن العوام : صحابي معروف وهو ابن صفية عمة النبي وعلي عليهم الصلاة والسلام ، قتله يوم الجمل ابن جرموز و القصّة مشهورة مذكورة في التواريخ.

أجاز على الجريح: أجهز عليه أي شد عليه و أتم قتله.

و الحمّة بالفتح فالتشديد: العين الحارة التي يستشفى بها الاعلاء و المرضى. و أراد بها و بالعين هاهنا كل ماء له منبع و لا ينقص منه شيء كالبحار و ليس منحصرا فيها فكان ذكرها على سبيل التمثيل و لأنّها معهود عند السائل.

يغلس بها : أي يصلى بالغلس و هو بالتحريك: ظلمة آخر الليل.

 


الذكر الثاني
أحوال الإمام مع حاكم زمانه

 

سبب شخوص الإمام لسامراء :

ذكر الشامي في الدر النظيم : و كان السبب في شخوص أبي الحسن عليّ بن محمّد عليه السّلام من المدينة الى سرّ من رأى ، أنّ عبد اللّه بن محمّد كان يتولّى الحرب و الصلاة بمدينة الرسول صلّى اللّه عليه و آله ، فسعى بأبي الحسن عليه السّلام الى المتوكّل، و كان يقصده بالأذى .

و بلغ أبا الحسن عليه السلام : سعايته فيه ، فكتب الى المتوكّل يذكر تحامل عبد اللّه بن محمّد عليه و يذكر تكذيبه فيما سعى به .

 فتقدّم المتوكّل : بإجابته عن كتابه ، و دعاه فيه إلى حضور العسكري على جميل من الفعل و القول.

فلمّا وصل الكتاب : إلى أبي الحسن عليه السّلام تجهّز للرحيل ، و خرج معه يحيى بن هرثمة حتى وصل إلى سرّ من رأى ، فلمّا وصل إليها تقدّم المتوكّل بأن يحجب عنه‏ في يومه ، فنزل خان الصعاليك فأقام فيه يوما ، ثمّ تقدم المتوكّل بإفراد دار انتقل إليها  .

و قال الشامي :  روي عن صالح بن سعيد قال: دخلت على أبي الحسن عليه السّلام يوم وروده .

فقلت له : جعلت فداك ، في كلّ الامور أرادوا إطفاء نورك و التقصير بك حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع ، خان الصعاليك .

فقال : هاهنا أنت يا ابن سعيد ؟

ثمّ أومأ بيده : فإذا أنا بروضات آنقات، و أنهار جاريات، و جنان فيها خيرات عطرات، و ولدان كأنّهنّ اللؤلؤ المكنون، فحار بصري و كثر تعجّبي .

 فقال لي: حيث كنّا فهذا لنا يا ابن سعيد، لسنا في خان الصعاليك .

و أقام أبو الحسن عليه السّلام : مدّة مقامه سرّ من رأى مكرّم في ظاهر حاله، يجتهد المتوكّل بإيقاع حيلة فما تمكّن من ذلك.

الدر النظيم ص 724 ، الفصول المهمّة ص 279- 281.

 

 خروج الإمام لسامراء :

ذكر اليعقوبي في تأريخه :

أيام جعفر المتوكل : وبويع جعفر بن المعتصم، وأمه أم ولد يقال لها شجاع، يوم الاربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة 232، وكان أول من بايعه سيما التركي ....

 وكتب : المتوكل إلى علي بن محمد بن علي الرضى بن موسى بن جعفر بن محمد في الشخوص من المدينة .

 وكان : عبد الله بن محمد بن داود الهاشمي قد كتب يذكر أن قوما ، يقولون : إنه الامام، فشخص عن المدينة، وشخص يحيى ابن هرثمة معه حتى صار إلى بغداد .

فلما كان : بموضع يقال له الياسرية نزل هناك، وركب اسحاق بن ابراهيم لتلقيه، فرأى تشوق الناس إليه واجتماعهم لرؤيته ، فأقام إلى الليل، ودخل به في الليل ، فأقام ببغداد بعض تلك الليلة ، ثم نفذ إلى سر من رأى.

تأريخ اليعقوبي ج2ص484 .

في مروج الذهب للمسعودي : و حدثنا ابن أبي الأزهر ، عن القاسم بن أبي عباد ، عن يحيى بن هرثمة ، قال :

وجهني المتوكل : إلى المدينة ، لإشخاص علي بن محمد بن علي بن موسى ، لشيء بلغه عنه .

فلما صرت إليها : ضج أهلها ، و عجوا ضجيجا و عجيجا ، ما سمعت مثله .

فجعلت أسكنهم : و أحلف أني لم أومر فيه بمكروه .

و فتشت منزله : فلم أصب فيه إلا مصاحف ، و دعاء ، و ما أشبه ذلك.

فأشخصته : و توليت خدمته ، و أحسنت عشرته .

فبينا أنا في يوم : من الأيام ، و السماء صاحية ، و الشمس طالعة ، إذا ركب ، و عليه ممطر ، قد عقد ذنب دابته ، فتعجبت من فعله .

فلم يكن من ذلك إلا هنيئة ، حتى جاءت سحابة ، فأرخت عزاليها ،

و نالنا من المطر أمر عظيم جدا .

فالتفت إلي فقال : أنا أعلم أنك أنكرت ما رأيت ، و توهمت أني أعلم من الأمر ما لم تعلم ، و ليس ذلك كما ظننت ، و لكني نشأت بالبادية ، فأن أعرف الرياح التي تكون في عقبها المطر ، فتأهبت لذلك .

 

فلما قدمت إلى مدينة السلام : بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري ، و كان على بغداد .

فقال : يا يحيى ، إن هذا الرجل قد ولده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، و المتوكل من تعلم ، و إن حرضته عليه قتله ، و كان رسول الله خصمك .

فقلت : و الله ما وقفت منه إلا على أمر جميل ، فصرت إلى سامراء ، فبدأت بوصيف التركي ، و كنت من أصحابه .

فقال لي : و الله لئن سقط من رأس هذا الرجل شعرة ، لا يكون الطالب بها غيري ، فتعجبت من قولهما .

و عرفت المتوكل : ما وقفت عليه من أمره ، و سمعته من الثناء ، فأحسن جائزته ، و أظهر بره و تكرمته .

بحار الأنوار ج : 50 ص : 207ح23.

 

 دخول الإمام لمجلس المتوكل :

في الأمالي للشيخ الطوسي‏ : عن خير الكاتب قال :حدثني سميلة الكاتب ، و كان قد عمل أخبار سر من رأى .

قال : كان المتوكل يركب إلى الجامع ، و معه عدد ممن يصلح للخطابة .

و كان فيهم : رجل من ولد العباس بن محمد يلقب بهريسة ، و كان المتوكل يحقره ، فتقدم إليه أن يخطب يوما، فخطب فأحسن.

فتقدم المتوكل : يصلي ، فسابقه من قبل أن ينزل من المنبر ، فجاء فجذب منطقته من ورائه .

وقال : يا أمير المؤمنين من خطب يصلي.

فقال المتوكل: أردنا أن نخجله فأخجلنا.

و كان أحد الأشرار : فقال يوما للمتوكل ، ما يعمل أحد بك أكثر مما تعمله بنفسك في علي بن محمد .

فلا يبقى في الدار : إلا من يخدمه ، و لا يتعبونه بشيل ستر ، و لا فتح باب ، و لا شيء .

و هذا : إذا علمه الناس قالوا : لو لم يعلم استحقاقه للأمر ما فعل به هذا .

دعه : إذا دخل يشيل الستر لنفسه ، و يمشي كما يمشي غيره ، فتمسه بعض الجفوة .

فتقدم : أن لا يخدم و لا يشال بين يديه ستر ، و كان المتوكل ما رئي أحد ممن يهتم بالخبر مثله .

قال : فكتب صاحب الخبر إليه ، أن علي بن محمد دخل الدار ، فلم يخدم ، و لم يشل أحد بين يديه سترا ، فهب هواء رفع الستر له ؟

فدخل .

فقال : اعرفوا خبر خروجه .

فذكر صاحب الخبر : هواء خالف ذلك الهواء ، شال الستر له حتى خرج .

فقال : ليس نريد هواء يشيل الستر ، شيلوا الستر بين يديه .

الأمالي للطوسي ص286م11ح556-3 . بحار الأنوار ج50ص129ح6.

بيان : ما رئي أحد على بناء المجهول ، أي كان المتوكل كثير ما يهتم باستعلام الأخبار ، و كان قد وكل لذلك رجلا يعلمه و يكتب إليه.

 

و عن سميلة الكاتب ذكر في أحوال الإمام الهادي عليه السلام :

قال : و دخل يوما على المتوكل .

فقال : يا أبا الحسن من أشعر الناس ، وكان قد سأل قبله لابن الجهم ، فذكر شعراء الجاهلية ، و شعراء الإسلام .

فلما سأل الإمام عليه السلام قال : فلان بن فلان العلوي .

قال ابن الفحام ، و أخوه الحماني قال : حيث يقول :

لقد فاخرتنا من قريش عصابة

بمط خدود و امتداد أصابع‏

فلما تنازعنا القضاء قضى لنا

عليهم بما فاهوا نداء الصوامع‏

قال : و ما نداء الصوامع يا أبا الحسن ؟

قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، و أشهد أن محمدا جدي أم جدكم .

فضحك المتوكل كثيرا ، ثم قال : هو جدك لا ندفعك عنه .

الأمالي للطوسي ص286م11ح557-4 .

و لعل مط الخدود : و امتداد الأصابع ، كناية عن التكبر ، و الاستيلاء ، و بسط اليد .

 

جواب نذر المتوكل :

روى بن شعبة الحراني : وَ كَانَ الْمُتَوَكِّلُ : نذر أن يتصدق بمال كثير إن عافاه الله من علته ، فلما عوفي سأل العلماء عن حد المال الكثير ، فاختلفوا و لم يصيبوا المعنى .

فسأل أبا الحسن عليه السلام : عن ذلك ؟

فقال عليه السلام : يتصدق بثمانين درهما ؟

فسأل : عن علة ذلك ؟

فقال عليه السلام : إن الله قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم : { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ  فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ  ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25) } التوبة  .

فَعَدَدْنَا مَوَاطِنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : فَبَلَغَتْ ثَمَانِينَ‏ مَوْطِناً ، وَ سَمَّاهَا اللَّهُ كَثِيرَةً .

 فَسُرَّ : المتوكل بذلك وتصدق‏ بثمانين درهما.

تحف العقول للحراني صفحة 481 . وفي الدر النظيم عن ابن النديم ص720ب12 . مع اختلاف يسير وفي آخره : و كلّما زاد أمير المؤمنين في فعل الخير أنفع له و أجدى عليه في الدنيا و الآخرة. ورواه في المناقب لابن شهرآشوب ج4ص402.

 

جواب كنية النصراني :

ذكر المجلسي : عن كتاب الاستدراك، قال:

نادى المتوكل : يوما كاتبا نصرانيا ، أبا نوح .

فأنكروا : كنى الكتابيين ، فاستفتى ، فاختلف عليه .

فَبَعَثَ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام : فَوَقَّعَ عليه السلام : {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ }.

فعلم المتوكل : أنه يحل ذلك ، لأن الله قد كنى الكافر .

بحار الأنوار ج10ص391ب23ح4 .

 

حاز المنوه باسمه الوصاية :

قال السيد المرتضى رضي الله عنه : أخبرني الشيخ أدام الله عزه مرسلا عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، عن سعيد بن جناح عن سليمان بن جعفر قال:

قال لي أبو الحسن العسكري عليه السلام : نمت و أنا أفكر في بيت ابن أبي حفصة :

أَنَّى يَكُونُ وَ لَيْسَ ذَاكَ بِكَائِنٍ

لِبَنِي الْبَنَاتِ وِرَاثَةُ الْأَعْمَامِ‏

 فإذا إنسان يقول لي‏ :

قَدْ كَانَ إِذْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِفَضْلِهِ
وَ مَضَى الْقَضَاءُ بِهِ مِنَ الْحُكَّامِ
أَنَّ ابْنَ فَاطِمَةَ الْمُنَوَّهَ بِاسْمِهِ
حَازَ الْوِرَاثَةَ عَنْ بَنِي الْأَعْمَامِ
وَ بَقِيَ ابْنُ نَثْلَةَ وَاقِفاً مُتَحَيِّراً
يَبْكِي وَ يُسْعِدُهُ ذَوُو الْأَرْحَامِ

بحار الأنوار ج10ص391ب23ح3 . الفصول المختارة 1: 19. بيان نثلة اسم أم العباس و يقال نثيلة ، و لعل المراد بابن فاطمة أمير المؤمنين عليه السلام ، و يحتمل أن يكون المراد بفاطمة البتول عليها اسلام ، و بابنها جنس الابن أو القائم ع و الأول أظهر. ,نوه بالحديث أي أشاد به و أظهره. نوه باسمه: دعاه أيضا.

 

 

ذكر الشامي في الدر النظيم : فصل في ذكر شيء من مناقب الهادي عليه السّلام‏ ، قال محمّد بن يحيى، قال يحيى بن أكثم في مجلس الواثق و الفقهاء بحضرته:

من حلق  : رأس آدم حين حجّ ؟ فتعايا القوم عن الجواب .

فقال الواثق : أنا احضركم من ينبئكم بالخبر، فبعث إلى عليّ بن محمّد الهادي فأحضر ه، فقال : يا أبا الحسن من حلق رأس آدم حين حجّ ؟ فقال : سألتك يا أمير المؤمنين إلّا أعفيتني .

قال : أقسمت لتقولنّ .

قال عليه السلام : أمّا إذ أبيت فإنّ أبي حدّثني عن جدّي عن أبيه عن جدّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أمر جبرئيل أن ينزل بياقوتة من الجنّة، فهبط بها فمسح بها رأس آدم عليه السّلام، فتناثر الشعر منه، فحيث بلغ نورها صار حرما .

الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم للشامي يوسف بن حاتم المتوفى في القرن السابع ص720ب12 . تاريخ بغداد ج12ص56. تعايا القوم: أعياهم بيان الحكم فبان عجزهم فلم يمكنهم الاهتداء لوجه الصواب في الجواب.


 

 


الذكر الثاني
شهادة الإمام الهادي وزيارته

 

 يوم شهادة الإمام :

وقال اليعقوبي في تأريخه :

وتوفي : علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ، بسر من رأى ، يوم الاربعاء لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة 254 .

 وبعث : المعتز بأخيه أحمد بن المتوكل ، فصلى عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد، فلما كثر الناس واجتمعوا كثر بكاؤهم وضجتهم.

 فرد النعش : إلى داره، فدفن فيها، وسنه أربعون سنة.

 وخلف من الولد الذكور اثنين: الحسن، وجعفر.

تأريخ اليعقوبي ج2ص503 .

وكانت شهادة الإمام أيام حكومة المعتز بن المتوكل .

 

الأقوال في عمر الإمام الهادي  :

ولد عليه السلام :  في قرية بصريا ، قرب المدينة المنورة .

في يوم : 15 خمسة عشر من ذي الحجة ، سنة 212 اثنتي عشرة و مائتين للهجرة . وتوجد رواية أن في 2 رجب .

وفي رواية عن ابن عياش : يوم الثلاثاء 5 الخامس من رجب ، سنة مائتين و أربع عشرة .

و قبض عليه السلام : بسر من رأى ، في 3 الثالث من رجب سنة 254 أربع و خمسين و مائتين للهجرة .

و قيل : يوم الاثنين 28 ثلاث ليال بقين من جمادى الآخرة نصف النهار .

و ليس عنده : إلا ابنه أبو محمد عليه السلام ، و له يومئذ من العمر 40 أربعون سنة .

و قيل عمره الشريف : 41 أحد و أربعون سنة و سبعة أشهر .

فأقام مع أبيه الجواد عليه السلام : 6 ست سنين و 5 خمسة أشهر .

و بعده : مدة إمامته 33 ثلاثا و ثلاثين سنة ، و يقال : و تسعة أشهر .

و مدة مقامه : بسر من رأى ، 20 عشرين سنة .

و توفي : فيها ، و قبره في داره .

و كان : في سني إمامته ، بقية ملك المعتصم ، ثم الواثق ، و المتوكل ، و المنتصر ، و المستعين ، و المعتز ، و في آخر ملك المعتمد استشهد مسموما .

و قال ابن بابويه : و سمه المعتمد .

بحار الأنوار ج50ص113ب1ح2 ، مناقب آل أبى طالب ج4ص401.

 

وفي مروج الذهب للمسعودي: كانت وفاة أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام في خلافة المعتز بالله ، و ذلك يوم الإثنين لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة أربع و خمسين و مائتين ، و هو ابن أربعين سنة .

و قيل : ابن اثنتين و أربعين سنة ، و قيل أقل من ذلك .

و سمعت : في جنازته جارية سوداء ، و هي تقول : ما ذا لقينا من يوم الإثنين ،  و صلى عليه أحمد بن المتوكل على الله في شارع أبي أحمد و دفن هناك في داره بسامراء .

  بحار الأنوار ج : 50 ص : 207ح23.

يا طيب : طبعا الصلاة على الإمام صلى عليه أبنه الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، وهذا ذكر ما شاهدة من صلاة أبن المتوكل .

 

الصيمري يرثي الإمام :

وفي كتاب المقتضب : لابن عياش رحمه الله ، قال لمحمد بن إسماعيل بن صالح الصيمري رحمه الله قصيدة ، يَرْثِي بِهَا مَوْلَانَا أَبَا الْحَسَنِ الثَّالِثَ عليه السلام ، و يعزي ابنه أبا محمد عليه السلام أولها :

 

الْأَرْضُ خَوْفاً زُلْزِلَتْ زِلْزَالَهَا

وَ أَخْرَجَتْ مِنْ جَزَعٍ أَثْقَالَهَا

إِلَى أَنْ قَالَ :

عَشْرُ نُجُومٍ أَفَلَتْ فِي فُلْكِهَا

وَ يُطْلِعُ اللَّهُ لَنَا أَمْثَالَهَا

بِالْحَسَنِ الْهَادِي أَبِي مُحَمَّدٍ

تُدْرِكُ أَشْيَاعُ الْهُدَى آمَالَهَا

وَ بَعْدَهُ مَنْ يُرْتَجَى طُلُوعُهُ

يُظِلُّ جَوَّابُ الْفَلَا أَجْزَالَهَا

ذُو الْغَيْبَتَيْنِ الطَّوْلِ الْحَقِّ الَّتِي

لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مَنِ اسْتَطَالَهَا

يَا حُجَجَ الرَّحْمَنِ إِحْدَى عَشَرَةَ

آلَتْ بِثَانِيَ عَشَرَةَ مَآلَهَا

بحار الأنوار ج : 50 ص : 207ح23.

 


 الصلاة على الإمام :

ذكر الشيخ الطوسي رحمه الله : أخبرنا جماعة من أصحابنا ، عن أبي المفضل الشيباني ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد العابد ، بالدالية لفظا .

 قال : سألت مولاي ، أبا محمد الحسن بن علي عليه السلام في منزله بسر من رأى ، سنة خمس و خمسين و مائتين ، أن يملي علي : من الصلاة على النبي و أوصيائه ، و أحضرت معي قرطاسا كثيرا ، فأملى علي لفظا من غير كتاب :

 

الصَّلَاةُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الهادي عليه السلام :

 اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ .

وَصِيِّ : الْأَوْصِيَاءِ ، وَ إِمَامِ الْأَتْقِيَاءِ، وَخَلَفِ أَئِمَّةِ الدِّينِ، وَالْحُجَّةِ عَلَى الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ.

 اللَّهُمَّ : كَمَا جَعَلْتَهُ نُوراً يَسْتَضِيءُ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ .

فَبَشَّرَ : بِالْجَزِيلِ مِنْ ثَوَابِكَ ، وَ أَنْذَرَ بِالْأَلِيمِ مِنْ عِقَابِكَ ، وَ حَذَّرَ بَأْسَكَ.

وَ ذَكَّرَ : بِأَيَّامِكَ ،  وَ أَحَلَّ حَلَالَكَ ، وَ حَرَّمَ حَرَامَكَ ، وَ بَيَّنَ شَرَائِعَكَ وَ فَرَائِضَكَ .

وَ حَضَّ : عَلَى عِبَادَتِكَ ، وَ أَمَرَ بِطَاعَتِكَ ، وَ نَهَى عَنْ مَعْصِيَتِكَ .

فَصَلِّ عَلَيْهِ : أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ، مِنْ أَوْلِيَائِكَ وَ ذُرِّيَّةِ أَنْبِيَائِكَ، يَا إِلَهَ الْعَالَمِينَ.

مصباح المتهجد و سلاح المتعبد للطوسي ج1ص400, وذكرت الصلاة في عدة مصادر أخرى من كتب الأدعية وذكرنا الصلاة كاملة مع المصادر في صحيفة الإمام الحسن العسكري عليه السلام.

 

أهم زيارة الأئمة :

 

قال الصدوق رحمه الله في العيون : حدثنا محمد بن أحمد السناني رضي الله عنه قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي قال : حدثني سهل بن زياد الآدمي :

عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ‏ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيَّ عليه السلام يَقُولُ‏ :

أَهْلُ قُمَّ : وَ أَهْلُ آبَةَ ، مَغْفُورٌ لَهُمْ .

لِزِيَارَتِهِمْ : لِجَدِّي عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عليه السلام بِطُوسَ .

أَلَا وَ مَنْ زَارَهُ : فَأَصَابَهُ فِي طَرِيقِهِ قَطْرَةٌ مِنَ السَّمَاءِ ، حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ.

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج‏2ص260ب66ح22 . وسائل الشيعة ج14ص558ب82 باب استحباب زيارة قبر الرضا 19816- 19 .

 

يا طيب : في عيون أخبار الرضا عليه السلام : عن البرمكي عن النخعي قال : قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله و سلامه عليهم :

علمني : يا ابن رسول الله قولا ، أقوله بليغا كاملا ، إذ زرت واحدا منكم .

فقال : إذا صرت إلى الباب فقف و اشهد الشهادتين ، وأنت على غسل .

فإذا دخلت : و رأيت القبر ، فقف ، و قل :

الله أكبر الله أكبر ثلاثين مرة

ثم امش قليلا و عليك السكينة و الوقار

و قارب بين خطاك ثم قف و كبر الله عز و جل ثلاثين مرة

ثم ادن من القبر و كبر الله أربعين مرة تمام مائة تكبيرة

ثم قل :

السلام عليكم : يا أهل بيت النبوة ، و موضع الرسالة ، و مختلف الملائكة ، و مهبط الوحي ، و معدن الرحمة ، و خزان العلم ، و منتهى الحلم ، و أصول الكرم ، و قادة الأمم ، و أولياء النعم ، و عناصر الأبرار ، و دعائم الأخيار ، و ساسة العباد

و أركان البلاد ، و أبواب الإيمان ، و أمناء الرحمن ، و سلالة النبيين ، و صفوة المرسلين ، و عترة خيرة رب العالمين ، و رحمة الله و بركاته .

السلام على أئمة الهدى ، و مصابيح الدجى ، و أعلام التقى ، و ذوي النهى ، و أولي الحجى ، و كهف الورى ، و ورثة الأنبياء ، و المثل الأعلى ، و الدعوة الحسنى ، و حجج الله على أهل الدنيا و الآخرة و الأولى ، و رحمة الله و بركاته .

السلام على محال معرفة الله ، و مساكن بركة الله ، و معادن حكمة الله ، و حفظة سر الله ، و حملة كتاب الله ، و أوصياء نبي الله ، و ذرية رسول الله صلى الله عليه و آله ، و رحمة الله و بركاته .

السلام : على الدعاة إلى الله ، و الأدلاء على مرضاة الله ، و المستوفرين في أمر الله ، و التامين في محبة الله ، و المخلصين في توحيد الله ، و المظهرين لأمر الله و نهيه ، و عباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون ، و رحمة الله و بركاته‏....

عيون ‏أخبار الرضا ج2ص272ح1 . من‏ لا يحضره ‏الفقيه ج2ص609ح3213.بحار الأنوار ج99ص127ب8ح4 .

 

وسيأتي ذكر الزيارة الجامعة كاملة مع شرحها في أخر موضوع .

 

 

ويا طيب : سنذكر زيارة الإمامين العسكريين في أخر صحيفة الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، قسما وتمامها في صحيفة الإمام الحجة المنتظر عليه السلام فأنتظر .

 


شرح معنى الهادي عليه السلام

معنى الهادي عليه السلام
رحم الله الشيخ الأنباري إذ قال :

معنى الهادي عليه السلام

سلام الله على إمامنا علي الهادي

زر مرقده بسامراء والتحية الهادي

ولمعارفه تعلم وعلمها وكن الهادي

للطيبين وأتحفهم المواعظ الأصلية

 

سلام الله على ولي الله  إمامنا العاشر علي الهادي

الهادي اسم لقب الإمام :

الهادي : اسم لقب الإمام العاشر والمعصوم الثاني عشر: أبو الحسن علي ( الهادي ) ، بن محمد ( الجواد ) ، بن علي ( الرضا ) ، بن موسى ( الكاظم ) ، بن جعفر ( الصادق ) ، بن محمد ( الباقر ) ، بن علي ( السجاد ) ، بن الحسين ( سيد الشهداء ) ، أخو الحسن ( المجتبى ) ، بن علي ( سيد الأوصياء المرتضى ) ، زوج فاطمة ( الزهراء ) بنت محمد ( رسول الله المصطفى ) صلى الله عليهم وسلم أجمعين . و :

 الهادِي‏ : مِن أَسْماءِ اللَّه تعالى، هو الذي بصّر عباده و عرفهم طريق معرفته حتى أقروا بربوبيته، و هدى‏ كل مخلوق إلى ما لا بد منه في بقائه و دوام وجوده بهداية تكوينية وتشريعية.

و الهادِي ‏: الدَّليلُ لأنَّه يتقدَّمُ القوْمَ و يَتْبَعُونَه ، أَو لكوْنِه‏ يَهْدِيهم‏ الطَّريقَ .

 والهادِي‏ : المُتقدِّمُ‏ مِن كلِّ شيء .

والهادِي‏ لدِينِ اللَّه و المَهْدِي‏ : الذي قد هَداهُ‏ اللَّه إلىّ الحقِّ، وقد استعمل في الأسماء حتى صارا كالأسماء الغالبة، وبه سمي‏ أيضا المَهْدِي‏، وهو اسم للقائم من آل‏ محمد الذي بشر بمجيئه في آخر الزمان ، يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا ، و هو محمد بن الحسن العسكري بن علي‏ الهادي‏ اللهم عجل فرجه واجعلنا من أتباعه وأنصاره.

وجاء اسم لقب الْهَادِي‏ : للإمام العاشر عليه السلام في كثير من الأحاديث منها :

عن الصادق عن سلمان عن رسول الله في حديث معرفة الأئمة وذكرهم : .... ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَادِي‏ إِلَى اللَّهِ  ...

مصباح الشريعة ص63ب28ح6، 14.

وفي حديث التوسل وهو سريع الإجابة : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك .... 

يَا أَبَا الْحَسَنِ يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ أَيُّهَا الْهَادِي‏ النَّقِيُّ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ يَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ يَا سَيِّدَنَا وَ مَوْلَانَا إِنَّا تَوَجَّهْنَا وَ اسْتَشْفَعْنَا وَ تَوَسَّلْنَ بِكَ إِلَى اللَّهِ وَ قَدَّمْنَاكَ بَيْنَ يَدَيْ حَاجَاتِنَا يَا وَجِيهاً عِنْدَ اللَّهِ اشْفَعْ لَنَا عِنْدَ اللَّهِ .

بحار الأنوار ج‏99ص247.

يا طيب : وذكرنا مختصر حياة الإمام في أول الصحيفة فراجع .

 

زر مرقده بسامراء وعليه صل وسلم والتحية الهادي

 

معنى الهادي اله أدي السلام:

الهادي : اله ادي ، له أدي التحية ، أدي له التحية والإكرام، قدم للإمام الهادي أفضل السلام والتحية وصل عليه وبالخصوص حين زيارته .

ومعنى أدِّ أدّي : فعل أمر من المساوي وهو التماس ، وأدي من أدَّى أي انتهى وأفضى به ، قاده إليه وأوصل له وبلغه ، أَدَّى  الشَّهَادَةَ أَدْلَى بِها ،  أدَّى  اليَمِينَ حَلَفَهَا، و أدي  فعل لازم متعد بحرف ، أَدَّيْتُ ، أُؤَدِّي ، أَدِّ ، مصدر تَأْدِيَةٌ ، أَدَّى  مُهِمَّتَهُ قام بها ، يُؤَدِّي وَاجباتِهِ على أحْسَنِ مَا يُرام ، و أَدَّى الرّسالَةَ بِكُلِّ أمانةٍ و أوْصَلَهَ إِلَيْهِ ، يُؤَدِّي الصَّلاَةَ فِي وَقْتِهَا  يَقومُ بِهَا فِي وَقْتِهَا ، أدَّى  إلى ، أدَّى  بـ يؤدِّي ، أَدِّ ، تَأْدِيَةً ، فهو مُؤَدٍّ ، والمفعول مُؤَدًّى , وأدَّى واجبَه ، وأدَّى التَّحيّةَ العسكريّة و اليمينَ الدستوريّة ، وفي الحديث : أَدِّ  الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ .


فضل الصلاة والسلام عليه :

وقا الله تعالى :{ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} .

وأما أداء السلام والتحية : للدخول لبيت من البيوت فمستحب مؤكد ، وبالخصوص لبيوت النبي وآله ، فأما السلام لدخول مطلق البيوت والأماكن :

قال الله تعالى : { فَإِذَا دَخَلْتُم  بُيُوتًا فَسَلِّمُو عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً  ( 61) } النور . وهو سلامك على أهل البيت و ردهم عليكم ، فهو سلامك على نفسك‏ حصلت على السلامة بردهم ، وإذا لم ير الداخل بيتا أحدا فيه ، يقول السلام عليكم و رحمة الله يقصد به الملكين الذين عليه شهودا.

كما أن تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ .

ولمعرفة بعض : ما يستحب بل ما يجب الإقرار به لله تعالى بالعبودية وللأئمة بالطاعة في زيارتهم والسلام عليهم والصلاة عليهم ، وبالخصوص حين دخول بيوتهم ومراقدهم الشريفة وقرب أضرحتهم المقدسة ، وذلك لنعرف ونُعرّف أئمة الحق ومن عندهم هدى الله ودينه ومن يجب أن يُقتدى بهم ويُتعلم منهم دين الله وعبودية والإخلاص له ، ولا يختلط بكل مدعي للإمامة للناس وهو مخالف لهم ، وقد عرفنا أولا للسلام والتحية حين دخول أي بيت والآن أنظر حين دخول بيت النبي وآله في قوله تعالى :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ  لَكُمْ (53) } الأحزاب .

والمؤمن يأتي : أو يقصد ويتوجه لمراقد الأئمة عليهم السلام ، وهم أحياء عند الله يرزقون لإظهار المعرفة والطاعة علما وقولا وعملا ، ولأداء الواجب من المودة والمحبة لهم ، و مصدقين بهم أئمة وولاة أمر الله تعالى ، و لنشكرهم على تعلمينا دين الله ، ونستغفر الله من تقصيرنا عندهم ليستغفرو لنا ، وقد أمرن الله بالإضافة للاستئذان منهم أن نأتي النبي ولآله وهم له لهم شأنه ومقامه ، ليستغرو لنا ، كما أنه تعالى أمرنا بمودتهم وبالصلاة والسلام عليهم في قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا  رَّحِيمًا (64) }النساء .

وقال الله تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى  النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُو تَسْلِيمًا (56) } الأحزاب .

والسلام والصلاة على النبي وآله : وبالخصوص حين زيارتهم عن قرب ، فإن نفعه لنا وجوابهم مستجاب كما أمر الله وعرفنا فضلهم في آية المباهلة بأنه صدقهم وأنه تعالى أكد بأنه يجيب دعوتهم  ، ويؤكد ضرورة زيارته والإقرار بطاعتهم وولايتهم آية الصلاة والسلام عليهم وآية المودة واتيناهم للاستغفار لنا كما عرفت ، هذا :

 وقد قال الله تعالى : { وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ  اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) } النساء .

فهم : يحيونا بأحسن تحية وجواب والاستغفار والدعاء والشفاعة لنا ، والطلب من الله لكل خير والتوفيق لنا ، ورعايتنا بما مكنهم الله من الشأن والجاه الكريم .

 قال رسول الله صلى الله عليه وآله :‏ مَنْ‏ زَارَنِي‏ : أَوْ زَارَ أَحَداً مِنْ ذُرِّيَّتِي ، زُرْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَنْقَذْتُهُ مِنْ أَهْوَالِهَا.

 كامل الزيارات ص11ح4 .

وهذا الجواب : بزيارتهم ينجي من النار ويغفر الذنوب ، وفضل زيارتهم كثير جدا لا يسعه هذا المختصر ، وبالزيارة نؤدي بعض حق من هدانا وعلمن ، بل نطلب التوبة والسلامة وقضاء الحوائج عندهم ونشفعهم بها عند الله .

و عن داود الصيرفي‏ قال: قلت لأبي الحسن العسكري الإمام الهادي عليه السلام:

 إِنِّي : زُرْتُ أَبَاكَ ، وَ جَعَلْتُ أَجْرَ ذَلِكَ لَكَ .

 فَقَالَ لِي : لَكَ مِنَ اللَّهِ أَجْرٌ وَ ثَوَابٌ عَلَى ذَلِكَ وَ مَحْمَدَةٌ مِنَّا .

كتاب المزار ص207ب21ح1 .

 

مختصر زيارة العسكريين :

ونذكر مختصرا لبعض الدعاء والزيارة لهم صلى الله عليهم وسلم :

 اللَّهُمَّ : بَلِّغْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ التَّحِيَّةِ وَ أَفْضَلَ السَّلَامِ , اللَّهُمَّ بَلِّغْ رُوحَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ عَنِّي‏  التَّحِيَّةَ وَ السَّلَامَ ، وَ ارْدُدْ عَلَيَّ مِنْهُمُ التَّحِيَّةَ وَ السَّلَامَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ وَ الْفَضْلِ وَ الْإِنْعَامِ ...

اللَّهُمَّ  : إِنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ رَبَّنَا لَا إِلَهَ إِلَّ أَنْتَ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَلَى إِخْوَتِهِ مِنْ جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ ، وَ صَلِّ عَلَى مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ.

 وَ اخْصُصْ : مُحَمَّداً وَ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ بِأَفْضَلِ الصَّلَوَاتِ وَ التَّحِيَّةِ وَ التَّسْلِيمِ ، وَ اجْعَلْ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً وَ مَخْرَجاً وَ ارْزُقْنِي حَلَالًا طَيِّباً وَاسِعاً مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَ مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَسِبُ .

وجاء في زيارة مختصرة : للأئمة بسر من رأى‏ سامراء ، إذا أردت زيارة أبي الحسن الثالث علي الهادي ، و أبي محمد الحسن العسكري ، تقول : بعد الغسل إن وصلت إلى قبريهما ، و إلا أومأت بالسلام من عند الباب الذي على الشارع الشباك تقول :

السَّلَامُ عَلَيْكُمَا : يَا وَلِيَّيِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكُمَا يَا حُجَّتَيِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكُمَا يَا نُورَيِ اللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ ، السَّلَامُ عَلَيْكُمَا يَا مَنْ بَدَا لِلَّهِ فِي شَأْنِكُمَا .

السَّلَامُ عَلَيْكُمَا : يَا حَبِيبَيِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكُمَا يَا إِمَامَيِ الْهُدَى ، أَتَيْتُكُمَا عَارِفاً بِحَقِّكُمَا ، مُعَادِياً لِأَعْدَائِكُمَا مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكُمَا ، مُؤْمِناً بِمَا آمَنْتُمَ بِهِ كَافِراً بِمَا كَفَرْتُمَا بِهِ ، مُحَقِّقاً لِمَا حَقَّقْتُمَا مُبْطِلً لِمَا أَبْطَلْتُمَا .

أَسْأَلُ اللَّهَ : رَبِّي وَ رَبَّكُمَا ، أَنْ يَجْعَلَ حَظِّي مِنْ زِيَارَتِكُمَا الصَّلَاةَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ أَنْ يَرْزُقَنِي مُرَافَقَتَكُمَا فِي الْجِنَانِ مَعَ آبَائِكُمَا الصَّالِحِينَ .

وَ أَسْأَلُهُ : أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَ يَرْزُقَنِي شَفَاعَتَكُمَا وَ مُصَاحَبَتَكُمَا ، وَ يُعَرِّفَ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمَا ، وَ لَا يَسْلُبَنِي حُبَّكُمَا وَ حُبَّ آبَائِكُمَا الصَّالِحِينَ ، وَ أَنْ لَ يَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكُمَا ، وَ يَحْشُرَنِي مَعَكُمَا فِي الْجَنَّةِ بِرَحْمَتِهِ .

اللَّهُمَّ : ارْزُقْنِي حُبَّهُمَا وَ تَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِهِمَ .

اللَّهُمَّ : الْعَنْ ظَالِمِي آلِ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ وَ انْتَقِمْ مِنْهُمْ ، اللَّهُمَّ الْعَنِ الْأَوَّلِينَ مِنْهُمْ وَ الْآخِرِينَ وَ ضَاعِفْ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ، وَ بَلِّغْ بِهِمْ وَ بِأَشْيَاعِهِمْ وَ أَتْبَاعِهِمْ وَ مُحِبِّيهِمْ وَ مُتَّبِعِيهِمْ أَسْفَلَ دَرْكٍ مِنَ الْجَحِيمِ إِنَّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

اللَّهُمَّ : عَجِّلْ فَرَجَ وَلِيِّكَ وَ ابْنَ وَلِيِّكَ وَ اجْعَلْ فَرَجَنَا مَعَ فَرَجِهِمْ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

و تجتهد : في الدعاء لنفسك و لوالديك و تخير من الدعاء ، فإن وصلت إليهما  فصل عند قبرهما ركعتين ، و إذا دخلت المسجد و صليت دعوت الله بم أحببت إنه قريب مجيب ، و هذا المسجد إلى جانب الدار و فيه كانا يصليان عليهما السلام .

كامل الزيارات ص313ب103 ح1 .

كما وتوجد : زيارات مفصلة أخرى ، راجعها في صحيفتيهما في موسوعة صحف الطيبين ، وأسألكم الدعاء والزيارة .

 

أحاديث في التحية والسلام :

ولحضرتكم يا طيب : تكميل في ضرورة إفشاء السلام والتحية بين المؤمنين فضلا على أئمتهم ، وذلك لمناسبتها مع التحية أله أدي الهادي:

 يا طيب : هذه المعارف بتعليمهم ومن أحاديثهم عليهم والسلام ، كما إن الله تعالى  حيانا ويحينا إن شاء الله في الآخرة ويجعل تحيتنا فيها سلام ، وكما أهل البيت عليهم السلام الذين طهرهم واصطفاهم حيونا وسلموا على مواليهم ومن يخلص لهم الود ،  جاء وعن المفضل عن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول‏ :

 أَنْتُمْ : أَهْلُ تَحِيَّةِ اللَّهِ‏ وَ سَلَامِهِ .

 وَ أَنْتُمْ : أَهْلُ أَثَرَةِ اللَّهِ بِرَحْمَتِهِ ، وَ أَهْلُ تَوْفِيقِ اللَّهِ وَ عِصْمَتِهِ ، وَ أَهْلُ دَعْوَةِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ ، لَا حِسَابٌ عَلَيْكُمْ  وَ لَا خَوْفٌ وَ لَا حُزْنٌ.

طبعا : هذا لمن صدقهم وعلم وعمل بتعاليمهم مخلصا لله ، ولم يخلطها بفكر غيرهم.

وجاء في الروايات عن النبي الأكرم محمد وآله الطاهرين صلى الله عليهم وسلم :

أفشوا السلام : في العالم ، و ردوا التحية على أهلها بأحسن منها .

 إن الله عز و جل : يحب إفشاء السلام .

أولى الناس : بالله و برسوله من بدأ بالسلام .

السّلام : تحيّة لملّتنا ، و أمان لذمّتنا .

أبدأوا بالسلام : قبل الكلام ، فمن بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه .‏

السلام : تطوع ، و الرد فريضة .

 أفشوا : سلام الله ، فإن سلام الله لا ينال الظالمين .

 من قال : السلام عليكم ، فهي عشر حسنات .

 و من قال : السلام عليكم و رحمة الله ، فهي عشرون حسنة .

و من قال : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، فهي ثلاثون حسنة .

 إن بذل التحية : من محاسن الأخلاق.

 بذل التحية : من حسن الأخلاق و السجية  .

وجاء في الروايات في تعليم الله لآدم : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ تَحِيَّتُكَ وَ تَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ ، مِنْ بَعْدِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

ويا طيب : هذا فضل السلام بين المؤمنين وله ثواب كريم ، والسلام والصلاة على النبي وآله له أعظم الثواب وهو عبودية لله تعالى وطاعة له ولهم كم أمرنا ، وأسألكم الدعاء والزيارة  .


 

ولهدى الله ودينه منه تعلم وعلم ولغيرك كن الهادي
لهم تحف المعارف والحكم و مواعظ حقيقية أصلية

معنى الهادي تقديم هدي :

الهادي : و هَداه‏ للطَّريقِ و إِلى الطريقِ‏ هِدايةً ، و هَداه‏ يَهْدِيه‏ هِدايةً إِذا دَلَّه على الطريق ، كن انت هادي للمسلمين ، و الهادي للطيبين ، فقم بعد أن تتعلم معارف هدى الله الحق من النبي وآله بتعليمه ونشره حسب الوسع والطاقة، كما أن الهَدِيَّةُ كغَنِيَّةٍ : ما أُتْحِفَ به ، والإتْحافِ مِن الإكْرامِ ، و أَهْدَى‏ له‏ الهديَّةَ ، والتَّهَادِي‏ أن‏ يُهْدِيَ‏ بعضهم إلى بعض، ومنه‏ الْحَدِيثُ‏: تَهَادَوْا تَحَابُّوا ، وأفضل هدية هي تعليم الدين الحق وفق تعاليم المنعم عليهم بهدى الصراط المستقيم والطيبين الطاهرين المصطفين  الأخيار .

و يا طيب : الهادي هو الله تعالى، وهو اسم من أسماء الله تعالى ، كما أنه أعلى مظهر له وأكمل تجلي له وأعلى إشراق نور منه تعالى ، فهو رسول الله وأمير المؤمنين والأئمة من ذريتهما عليهم الصلاة والسلام ، ولمن يقتبس منهم نور هداه ويطبقه ويتعبد به مخلصا لله تعالى ، وبه نفوز وننجى ونسعد ونتنعم ، ومن يعلم هدى الله الحق ويعلمه يكون له أجر جزيل ومقام عالي عند الله تعالى حتى ليكون أقرب الناس من النبي وآله.

 

فضل تعلم وتعليم هدى الله :

وفي الدعوة لهدى الإسلام وتعريف الحق :

قال الله تعالى :  { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن  سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) } النحل .

وقال سبحانه : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ  صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) }فصلت

وقال النبي الأكرم لأمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام :

تنزل بساحتهم : ثم ادعهم إلى الإسلام ، و أخبرهم بما عليهم فيه ، فو الله لئن يهدي‏ الله‏ بك‏ رجلا واحدا ، خير لك من أن يكون لك حمر النعم.

بشارة المصطفى ص193.

وفي حديث آخر: خير لك مما شرقت عليه الشمس .

 وأدبنا الله تعالى : وعلمنا أن نطلب الهداية منه لمعرفة الصراط المستقيم عند المنعم عليهم في قوله تعالى : { اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ  عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7) }الفاتحة .

و عن الإمام الصادق عليه السلام : أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك والمبلغ إلى جنتك ، و المانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب أو نأخذ بآرائن فنهلك.

وعن الإمام علي عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

إن الله : سائل أهل كل زمان ، و يدعى الشهداء عليهم في زمانهم منا ، فمن صدق صدقناه ، و من كذب كذبناه .

 إن رسول الله صلى الله عليه و آله : هو المنذر الهادي‏ الرسول إلى الجن و الإنس إلى يوم القيامة ، لا نبي بعده و لا رسول ، و لا ينزل بعد القرآن كتابا .

و لكل أهل زمان : هاد و دليل و إمام ، يهديهم و يدلهم و يرشدهم إلى كتاب ربهم و سنة نبيهم .

 كلما مضى هاد : خلف آخر مثله .

 هم : مع الكتاب و الكتاب معهم ، لا يفارقونه و لا يفارقهم ، حتى يردوا على رسول الله صلى الله عليه و آله حوضه.

كتاب سليم بن قيس ج2ص884ح54 .

وعن عبد الرحمن : عن الإمام الباقر عليه السلام ، في قول الله تبارك و تعالى ‏: { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ  قَوْمٍ هَادٍ (7) }الرعد .

فقال عليه السلام : رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر و علي الهادي‏ ، و الله ما ذهبت منا ، و ما زالت فينا إلى الساعة.

و عن سعدان عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: قلت له‏ : { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ  قَوْمٍ هَادٍ (7) }الرعد .

فقال عليه السلام : رسول الله المنذر ، وعلي الهادي‏.

يا أبا محمد : فهل منا هاد اليوم ؟

قلت : بلى جعلت فداك ، ما زال فيكم هاد من بعد هاد حتى رفعت إليك.

فقال: رحمك الله يا أبا محمد، ولو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب ، و لكنه حي‏ جرى فيمن بقي كما جرى فيمن مضى. بصائر الدرجات ج1ص30ب13ح 7 ، ح9.

وعن سعد بن طريف قال: كنت جالسا عند أبي جعفر الباقر ، فجاء‏ عمرو بن عبيد فقال له‏ : أخبرني عن قول الله تعالى‏ :  { كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي  فَقَدْ هَوَى (81)

وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)‏ } طه .

قال له أبو جعفر عليه السلام : قد أخبرك‏ أن التوبة و الإيمان و العمل الصالح ، لا يقبل إلا بالاهتداء .

و أما التوبة : فمن الشرك بالله ، و أما الإيمان فهو التوحيد لله ، و أما العمل الصالح فهو أداء الفرائض ، و أما الاهتداء فبولاة الأمر ، ونحن هم‏ .

تفسير فرات الكوفي ص 257 .

و عن داود بن كثير الرقي قال: دخلت على أبي عبد الله الصادق عليه السلام فقلت له : جعلت فداك قوله تعالى : وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)‏ } طه .

فما هذا الهدى : بعد التوبة و الإيمان و العمل الصالح ؟

قال فقال : معرفة الأئمة و الله ، إمام بعد إمام‏ .

فضائل الشيعة ص27ح22 .

ومن عرف : صراط الله المستقيم عند المنعم عليهم من آل محمد صلى الله عليهم وسلم وتعلم منهم وأقتدى بهم ، يكون هادي بحق ويهدي بصدق ، ويعلم معارف دين الله كما يحب ويرضا ، وإلا فهو من أهل أخر سورة الفاتحة بدون استثناء بغير ولا .

الأبوذية المطولة المشروحة لمعنى الهادي:

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

سلام الله على ولي الله  إمامنا العاشر علي الهادي

زر مرقده بسامراء وعليه صل وسلم والتحية الهادي

ولهدى الله ودينه منه تعلم وعلم ولغيرك كن الهادي

لهم تحف المعارف والحكم و مواعظ حقيقية أصلية

 

الأبوذية المختصرة :

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

سلام الله على إمامنا علي الهادي

زر مرقده بسامراء والتحية الهادي

ولمعارفه تعلم وعلمها وكن الهادي

للطيبين وأتحفهم المواعظ الأصلية

 

 

 



 

شرح معنى النقي عليه السلام

شرح معنى النقي عليه السلام
رحم الله الشيخ الأنباري إذ قال :

معنى النقي عليه السلام

صلاة الله على علي هادي نقي

فتعلم هداه وآله الحق بروح نقي

ولعملك وللآداب كما علم نقي

ونظف الفكر من وسوسة ردية

الصلاة و السلام على الإمام المعصوم  علي هادي نقي

معنى اسم نقي :

نقي : اسم لقب الإمام العاشر علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين أخ الحسن بن علي بن أبي طالب زوج فاطمة الزهراء بنت محمد سيد المرسلين صلى الله عليهم وسلم ، وله لقب آخر هو الهادي كما عرفن و وجاءا في كثير من الأحاديث سواء في السند أو المتن .

 و النُّقَاوَةُ : أَفضلُ ما انتَقَيْتَ من الشيء . نَقِيَ‏ الشيء، بالكسر، يَنْقَى‏ نَقاوةً، بالفتح، و نَقاءً فهو نَقِيٌ‏ أَي نظيف، وخالص وصافي من كل ضر وشر وشك وشرك وشيء سيء ، سواء في أصل وجوده الطاهر الطيب أو في تعالميه الحقة الصادقة المرضية الله ، وبتوفيقه وباصطفائه سبحانه له ولآبائه وبتعلميه لهم كانوا هم المنعم عليهم بهدى الصراط المستقيم دون مخالفيهم ، والذي نطلب منه عز وجل في كل صلاة مرتين أن يوفقنا للتعلم منهم وتطبيق هداه على الحقيقة والإخلاص دون غيرهم .

 

مختصر حياته :

ولحضرتكم يا طيبين مختصر من تأريخ حياته الكريمة :

أبو الحسن علي بن محمد الهادي عليه السلام :

ولد عليه السلام : بصريا ، من قرى المدينة المنورة .

في يوم : 15 ذي الحجة ، سنة 212 هـ .

أقام في المدينة : مع أبيه 6 سنوات و 5 اشهر .

و في إمامته : بعد أبيه أقام في المدينة 15 سنة أخرى وأشهر .

فمجموع إقامته في المدينة المنورة : 21 سنة

وأقام : في سامراء 20 سنة .

واستشهد عليه السلام : 254  هـ .

فيكون مقدار عمره الشريف 41 سنه وأشهر .

ومدة : إمامته 35 سنة و 9 شهر .

وهناك أقوال أخرى : تتفاوت في حسب سنة الولادة والوفاة والشهر فيهما وسنة قدومه لسامراء كما في التفصيل في صحيفته .

واستشهد : بسم دسه المعتمد ، في بيته بمحلة العسكر في سامراء ، و قبره في داره .


أحاديث لقبه بالنقي :

لحضرتكم يا طيب : بعض الأحاديث الذي لُقب فيها الإمام علي الهادي بالنقي :  في الحديث القدسي قال رسول الله صلى الله عليه آله ‏:

حدثني جبرئيل عن رب العزة جل جلاله، أنه قال :

من علم : أن لا إله إلا أنا وحدي ، و أن محمدا عبدي و رسولي ، و أن علي بن أبي طالب خليفتي ، و أن الأئمة من ولده حججي ، أدخلته جنتي برحمتي ، و نجيته من النار بعفوي ، و أبحت له جواري ، و أوجبت له كرامتي ، و أتممت عليه نعمتي و جعلته من خاصتي و خالصتي ، إن ناداني لبيته ، و إن دعاني أجبته ، و إن سألني أعطيته ، و إن سكت ابتدأته ، و إن أساء رحمته ، و إن فر مني دعوته ، و إن رجع إلي قبلته ، و إن قرع بابي فتحته .

و من لم يشهد : أن لا إله إلا أنا وحدي ، أو شهد بذلك و لم يشهد أن محمدا عبدي و رسولي ، أو شهد بذلك و لم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي ، أو شهد بذلك و لم يشهد أن الأئمة من ولده حججي ، فقد جحد نعمتي و صغر عظمتي ، و كفر بآياتي و كتبي و رسلي ، إن قصدني حجبته ، و إن سألني حرمته ، و إن ناداني لم أسمع نداءه ، و إن دعاني لم أستجب دعاءه ، و إن رجاني خيبته ، و ذلك جزاؤه مني‏ و ما أنا بظلام للعبيد .

فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : يا رسول الله ، و من الأئمة من ولد علي بن أبي طالب ؟

قال : الحسن و الحسين سيدا شباب‏ أهل الجنة ، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين ، ثم الباقر محمد بن علي و ستدركه يا جابر ، فإذا أدركته فأقرئه مني السلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم الكاظم موسى بن جعفر ، ثم الرض علي بن موسى ، ثم التقي محمد بن علي .

ثُمَّ النَّقِيُ‏ : عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ .

 ثم الزكي الحسن بن علي ، ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يمل الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما .

هؤلاء : يا جابر ، خلفائي و أوصيائي ، و أولادي و عترتي ، من أطاعهم فقد أطاعني، ومن عصاهم فقد عصاني ، ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني ، بهم يمسك الله‏ السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه‏، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها .

كفاية الأثر ص143 .

وفي حديث آخر عن رسول الله في تعريف الأئمة بعده : ... وَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ابْنُهُ عَلِيٌّ يُدْعَى بِالنَّقِيِ‏ ...

كفاية الأثر 217 .

 وقال في حديث إسلام جندب : ... فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ مُحَمَّدٍ قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ عَلِيٌّ ابْنُهُ يُدْعَى بِالنَّقِيِ‏ ...

 كفاية الأثر ص59 .

وجاء في الصلاة على أهل البيت : ... وَ صَلِّ عَلَى التَّقِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ صَلِّ عَلَى النَّقِيِ‏ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ صَلِّ عَلَى الزَّكِيِّ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ .....

المزار الكبير ص81 .

ولحضرتكم أعلى حديث وسند ومتن ويجب أن يكتب بالذهب وفيه ألقاب المعصومين :

قال الصدوق : حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد الضبي ، قال حدثنا أبو القاسم محمد بن عبيد الله بن بابويه‏ الرجل الصالح ، قال حدثنا أبو محمد أحمد بن محمد بن إبراهيم بن هاشم قَالَ:

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو السَّيِّدِ الْمَحْجُوبِ إِمَامُ عَصْرِهِ بِمَكَّةَ  قَالَ :

حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّقِيُ‏

 قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّقِيُّ ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاظِمُ ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السَّجَّادُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ ، قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ صلى الله عليه وآله ، قَالَ حَدَّثَنِي جَبْرَئِيلُ سَيِّدُ الْمَلَائِكَةِ ، قَالَ :

قَالَ اللَّهُ سَيِّدُ السَّادَاتِ عَزَّ وَ جَلَ‏ :

 إِنِّي‏ أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا ، فَمَنْ أَقَرَّ لِي بِالتَّوْحِيدِ .

 دَخَلَ حِصْنِي ، وَ مَنْ دَخَلَ حِصْنِي أَمِنَ مِنْ عَذَابِي .

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج2ص135ح3 .

وجاء في الصلاة عليه :

 اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ  الْإِمَامِ الْبَرِّ التَّقِيِّ النَّقِيِ‏ الرَّضِيِّ الْمَرْضِيِّ.

وَ حُجَّتِكَ عَلَى مَنْ فَوْقَ الْأَرَضِينَ ، وَ مَنْ تَحْتَ الثَّرَى .

صَلَاةً : كَثِيرَةً تَامَّةً نَامِيَةً ، زَاكِيَةً مُبَارَكَةً ، مُتَوَاصِلَةً مُتَوَاتِرَةً مُتَرَادِفَةً.

 كَأَفْضَلِ م: َا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِكَ .....

كامل الزيارات 302ب100 .

 

اهتمام الإمام النقي بالعلم :

ولحضرتكم يا طيبين : بعض الأحاديث في اهتمامه بالعلم وضرورة المحافظة عليه :

في مروج الذهب للمسعودي : حدثني محمد بن الفرج عن أبي دعامة قال:

أتيت : علي بن محمد عليه السلام ، عائدا في علته ، التي كانت وفاته بها.

فلما : هممت بالانصراف .

قال لي : يا أبا دعامة قد وجب علي حقك ، أ لا أحدثك بحديث تسر به .

قال : فقلت له : ما أحوجني إلى ذلك يا ابن رسول الله ؟

 قال حدثني أبي محمد بن علي : قال حدثني أبي علي بن موسى ، قال حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال حدثني أبي محمد بن علي ، قال حدثني أبي علي بن الحسين ، قال حدثني أبي الحسين بن علي ، قال حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قال :

قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

يا علي : اكتب . فقلت : ما أكتب ؟

 فقال : اكتب ، بسم الله الرحمن الرحيم :

الإيمان : ما وقر في القلوب ، و صدقته الأعمال .

و الإسلام : ما جرى على اللسان ، و حلت به المناكحة .

قال أبو دعامة فقلت : يا ابن رسول الله ، و الله ما أدري ، أيهم أحسن ، الحديث ، أم الإسناد .

فقال : إنها لصحيفة بخط  علي بن أبي طالب عليه السلام ، و إملاء : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

نتوارثهما : صاغر عن كابر.

وعن زرافة حاجب المتوكل و كان شيعيا أنه قال : عن الإمام أبي الحسن النقي الهادي عليه السلام :

رجعت : إلى كنوز نتوارثها من آبائنا .

هي : أعز من الحصون ، و السلاح ، و الجنن .

بحار الأنوار ج50ص207ح23.

 

و في أمالي الشيخ الطوسي : عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ياسين قال :  سمعت : العبد الصالح علي بن محمد بن علي الرضا عليه السلام بسر من ‏رأى :

يذكر عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام :

العلم : وراثة كريمة . و الآداب : حلل حسان . و الفكرة : مرآة صافية .

و الاعتذار : منذر ناصح . و كفى بك : أدبا ، تركك م كرهته من غيرك .

الأمالي ‏للطوسي ص114م4ح175-29.

 

و لمعارف هداه نتعلم و لمبادئ دينه الرباني بالروح نقي

معنى نقي نحفظ ونصون :

نقي : نحفظ جميعنا كموالين للنبي وآلههداهم ، ونصون كلنا مبادئ الحق الصادرة منهم ، و وقاهُ‏ اللهُ‏ وَقْياً وَ وِقايةً و واقِيةً : صانَه ؛ والْوِقَايَةُ  تقي‏ صاحبها من الضر ، والتَّوْقِيةُ:  الكلاءة و الحِفْظُ ، وَقَيْتُ‏ الشي‏ء أَقِيه‏ إذا صُنْتَه و سَتَرْتَه عن الأَذى .

 و قوله تعالى: { هُوَ أَهْلُ‏ التَّقْوى‏ وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ } ؛ أَي هو أَهلٌ أَن‏ يُتَّقَى‏ عِقابه ، و أَهلٌ أَن يُعمَلَ بما يؤدّي إِلى مَغْفِرته .

 ولا شيء : يجعلنا نتقى عقابه تعالى ويوجب ما يقوينا به ويعزن عنده ويجعله يشكر سعينا ، إلا بإتباع الهدى الحق .

و في الحقيقية : هدى الإمام علي الهادي النقي هو نفس هدى آله الطيبين الطاهرين المنعم عليهم بالصراط المستقيم ، وبه الصلاح والفلاح والسعادة والنجاح ، ويجب أن نحافظ عليه خالص نقي من شوائب مخالفيهم وأعدائهم

والدين الحق ومن علمه : يجب أن نقيه ونحافظ عليه بأرواحن وبكل ما نملك ، فضلا عن الحفاظ على نفس الإمام والمعصومين أرواحنا لهم الفداء ، وفي مثل هذا تكلم أصحاب الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء حين رخصهم وأجاز لهم التفرق عنه.

 فقالوا : و اللّه لا نفارقك، و لكن أنفسنا لك الفداء .

 نقيك‏ : بنحورنا و جباهنا و أيدينا، فاذا نحن قتلنا كنا وفين و قضينا ما علينا.

وقال له إخوته و أبناؤه و أبناء عبد الله بن جعفر  : و لم نفعل ذلك لنبقى بعدك لا أرانا الله ذلك و بدأهم العباس أخوه ثم تابعوه.

و قال لبني مسلم بن عقيل : حسبكم من القتل بصاحبكم مسلم اذهبو فقد أذنت لكم ، فقالوا : لا و الله لا نفارقك أبدا حتى نقيك‏ بأسيافنا و نقتل بين يديك.

وقال مسلم بن عوسجة : نحن نخليك و قد أحاط بك العدو لا أران الله ذلك أبدا ، حتى أكسر في صدورهم رمحي و أضاربهم بسيفي ، و لو لم يكن لي سلاح لقذفتهم بالحجارة و لم أفارقك.

وهذا الأدب والوقاية للدين وإمامه : تعلموه من إمامهم الحسين عليه السلام حين أرادوا منه أن يداهن في دينه ، ويقر للفاجر الفاسق بالحكم وتعليم فكره دين ، وأن يجيزه أن يعين أئمة مساجد المسلمين وولاتهم .

فقال أبو عبد الله الحسين عليه السلام :

لَا وَ اللَّهِ : لَا أُعْطِيكُمْ بِيَدِي إِعْطَاءَ الذَّلِيلِ ، وَ لَا أَفِرُّ فِرَارَ الْعَبِيدِ ، ثُمَّ نَادَى يَا عِبَادَ اللَّهِ‏ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ‏.

وَ قَالَ عليه السلام :

مَوْتٌ فِي عِزٍّ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ فِي ذُلٍّ.

و أنشأ عليه السلام في يوم قتله‏ :

الْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْعَارِ

وَ الْعَارُ أَوْلَى‏ مِنْ‏ دُخُولِ‏ النَّارِ

وَ اللَّهِ مَا هَذَا وَ هَذَا جَارِي

وهذا الأدب تجلى به بكل وفاء أبو الفضل العباس عليه السلام إذ قال :

و اللّه إن  قطعتم  يميني‏

إني احامي أبدا عن‏ ديني‏

و عن إمام صادق اليقي

نجل النبيّ الطاهر الأمين‏

فالوقاية الحقيقة هي حفظ الدين بالنفس وحفظ النفس خالدة منعمة بالدين :

ولذا قال الإمام الصادق عليه السلام : في قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏ في مؤمن آل فرعون :

{ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ  الْعَذَابِ (45) }غافر .

 قَالَ عليه السلام : أَمَا لَقَدْ سَطَوْا عَلَيْهِ وَ قَتَلُوهُ .

 وَ لَكِنْ : أَ تَدْرُونَ مَا وَقَاهُ‏ ، وَقَاهُ‏ أَنْ يَفْتِنُوهُ فِي دِينِهِ.

المحاسن ج‏1ص219ب9ح119 .

وفي قوله تعالى : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُو أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً } .

قال الناس : يا رسول الله كيف نقي‏ أنفسنا و أهلينا ؟

قال : اعملوا الخير و ذكروا به أهليكم ، فأدبوهم على طاعة الله .

ثُمَّ قَالَ الإمام الصادق : أ لا ترى أن الله يقول لنبيه :{ وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها } .

وَ قَالَ‏ : { وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَ كانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ وَ كانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا } . دعائم الإسلام ج‏1ص82 .

وفي الاحتياط : في حفظ الدين أحاديث كثيرة منها ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الأمور ثلاثة :

أمر : تبين لك رشده فاتبعه .

و أمر : تبيّن لك غيّه فاجتنبه .

وأمر : اختلف فيه فردّه إلى اللّه عزّ و جلّ  . وقال : إنّ لكلّ ملك حمى، و إنّ حمى اللّه حلاله و حرامه، و المشتبهات بين ذلك كما لو أنّ راعيا رعى إلى جانب الحمى لم تلبث‏ غنمه أن تقع في وسطه ، فدعوا المشتبهات.

وعن الباقر عليه السلام في وصية له : و ان اشتبه الأمر عليكم فيه فقفوا عنده، و ردّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا . نوادر الأخبار ص61 .


 

ويا طيب لمعارفك ولأخلاقك وآدابك كما علم وآله نقي
و نظف سيرتك من وسوسة أفكار مخالفيهم الشينه الردية

 

معنى نقي نظف وطهر :

نقي : نَقّي نظف فعل أمر بالتنقية ، أنت نقي ونظف وصفي وخلص علمك وعملك من كل شائبة وشك وشرك ، وهو طلب التماس لنكون مخلصين في الدينا من كل شوائب الضلال وما يبعد عن الهدى الحق وأهله ، نَقِيَ الثَّوْبُ نَظُفَ ، نَقِيَ الْقَمْحُ مِنَ الْحَصى : صَارَ خَالِصاً وَأُزِيلَتْ مِنْهُ كُلُّ الأَجْسَامِ الْغَرِيبَةِ عَلَيْهِ . و التّنْقِيةُ: التنظيف.

 و الانْتِقاءُ: الاختيار. و التَّنَقِّي‏: التَّخيُّر. وفي الحديث ‏: تَنَقَّهْ‏ و تَوَقّه ْ. و النَّقاوةُ : مصدر الشيء النَّقِيِّ . يقال: نَقِيَ‏ يَنْقَى‏ نَقاوةً، و أَنا أَنْقَيْتُه‏ إِنْقاءً، و الانْتِقاء تَجَوُّدُه. و انْتَقَيْتُ‏ الشيءَ إِذا أَخذت خِياره. و الجمع‏ نِقاءٌ . و أَنْقَاه‏ و تَنَقَّاه‏ و انْتَقَاه‏: اختاره .

و في الحديث‏ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّقِيَ‏ النَّقِيَ‏.

و في الدعاء : اللَّهُمَ‏ انْقَ‏ عَمَلِي .

قيل: المراد بِالتَّقِيِ‏ من حسن ظاهره ،.

و بِالنَّقِيِ‏- بالنون- من حسن باطنه .

و النَّقِيُ‏ : لقب للإمام العاشر علِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الْهَادُي ، خالص صافي بنفس حقيقته وبأصل تعاليمه لم تخلط بشيء مما يبعد عن الله تعال.

 

أحاديث في التنقية للعلوم :

ولمعرفة بعض معنى نقّي و التنقية:  نذكر بعض الأحاديث تبين ضرورة ووجوب تنقية العلم والعمل مما يضره ويجعله شائب مشوش ومغشوش مرفوض من الله لأنه يبعده عن الإخلاص له والعناية بأمر هداه أو هجره بالمرة وتركه والعياذ بالله ، ولننقي علمنا وعملنا كأئمتنا وولاة أمر الله فينا ونقتدي بهم ونترك مخالفيهم فضلا عن أعدائهم وأتباعهم :

وقال رسول الله صلى الله في حق أمير المؤمنين عليه السلام :

هَذَا عَلِيٌّ : قَدْ أَتَاكُمْ نَقِيَ‏ الْقَلْبِ ، نَقِيَ‏ الْكَفَّيْنِ ، هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، يَقُولُ صَوَاباً تَزُولُ الْجِبَالُ وَ لَا يَزُولُ عَنْ دِينِهِ‏ .

تفسير فرات الكوفي ص63ح29 .

 النقي الطرفين : أي الفرج عن الحرام و الشبهة ، و اللسان عن الكذب و الخنى و الافتراء و الفحش و الغيبة و سائر المعاصي و ما لا يفيد من الكلام . أي لم يضطرهم لعدم الانفاق عليهم مع القدرة عليه الى السؤال عن غيره

و قال أمير المؤمنين عليه السلام :‏ الدعاء مفاتيح النجاح و مقاليد الفلاح‏ ، وَ خَيْرُ الدُّعَاءِ مَا صَدَرَ عَنْ صَدْرٍ نَقِيٍ‏ ، وَ قَلْبٍ تَقِيٍّ ، و في المناجاة سبب النجاة ، و بالإخلاص يكون الخلاص ، فإذ اشتد الفزع فإلى الله المفزع.

الكافي ج‏2ص468ح2 .

وقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا كميل ، ليس الشأن أن تصلي و تصوم و تتصدق ، الشأن أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ بِقَلْبٍ نَقِيٍ‏ ، و عمل عند الله مرضي ، و خشوع سوي ، و انظر فيما تصلي ، و على ما تصلي ..

تحف العقول ص174 .

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن من خير رجالكم ، التَّقِيَّ النَّقِيَ‏ ، السمح الكفين ، النقي‏ الطرفين‏ ، البر بوالديه ، و لا يلجئ عياله إلى غيره‏ .

الكافي ج2ص57 ح7 .

وعن الإمام أبا عبد الله الصادق عليه السلام قال‏: إن العبد اذا صلى الصلاة لوقتها و حافظ عليها ، ارتفعت بيضاء نقيه‏.

 تقول : حفظتني حفظك الله ، و اذا لم يصلها لوقتها و لم يحافظ عليها رجعت سوداء مظلمه تقول ضيعتني ضيعك الله.

الأصول الستة عشر ص110 .

وقال الإمام الصادق عليه السلام : الثَّوْبُ النَّقِيُ‏ يَكْبِتُ‏ الْعَدُوَّ، و الدهن يذهب بالبؤس‏ ، و المشط للرأس يذهب بالوباء .

قال: قلت: و ما الوباء؟  قال : الحمى‏، و المشط للحية يشد الأضراس .

كافي ج‏13ص130ب37ح1 .

وعن الإمام الجواد : محمد بن علي عليه السلام  عن أبيه عليه السلام قال:

 دخل : موسى بن جعفر عليه السلام على رجل قد غرق في سكرات الموت ، و هو لا يجيب داعيا ، فقالوا له : يا ابن رسول الله وددنا لو عرفن كيف الموت و كيف حال صاحبنا ؟

فقال عليه السلام : الموت هو المصفاة:

يصفي المؤمنين : من ذنوبهم ، فيكون آخر ألم يصيبهم كفارة آخر وزر بقي عليهم.

و يصفي الكافرين : من حسناتهم ، فيكون آخر لذة أو راحة تلحقهم ، و هو آخر ثواب حسنة تكون لهم .

وأما صاحبكم هذا : فقد نخل من الذنوب نخلا،  صفي من الآثام تصفية .

 و خلص : حتى نُقِّيَ‏ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ مِنَ الْوَسَخِ ، وَ صَلُحَ لِمُعَاشَرَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فِي دَارِنَا دَارِ الْأَبَدِ.

معاني الأخبار ص289ح6 .

 

ومعنى الشَّيْنُ : هو ضد بل نقيض الزَّيْن وقد شانَهُ يَشِينُه شَيْناً . والعرب تقول وجه فلان زَيْنٌ أي حسن ذو زَيْنٍ ووجه فلان شَيْنٌ أي قبيح ذو شَيْنٍ . و الشَّيْنُ والشَّنَارُ العَيْبُ و المَشَاين المَعايب والمَقابح .

 وكل علم : بني عليه عمل مخلوط من  فكر وقياس وقول وحديث مخالف لأهل البيت عليهم السلام ، فهو شين سيء قبيح ضلال مهما كان إمامه وتابعه وقائله والعامل به ، والعياذ بالله منهم ، ويجب أن ننقي علمنا وعملنا منه ونقي أنفسن وأهلينا من كل ضلال مخالف لصراط المنعم عليهم نبي الرحمة وآله ، وأسأل الله التوفيق لي ولكم ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .


 

نص أبوذية النقي :

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

صلاة الله على علي هادي نقي

فتعلم هداه وآله الحق بروح نقي

ولعملك وللآداب كما علم نقي

ونظف الفكر من وسوسة ردية

 

أبوذية النقي الكاملة المشروحة :

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

الصلاة و السلام على الإمام المعصوم  علي هادي نقي

و لمعارف هداه نتعلم  و لمبادئ دينه الرباني  بالروح نقي

ويا طيب لمعارفك ولأخلاقك وآدابك كما علم وآله نقي

ونظف سيرتك من وسوسة أفكار مخالفيهم الشينه الردية

 



 شرح معنى الجامعة

معنى الهادي عليه السلام
رحم الله الشيخ الأنباري إذ قال :

معنى الهادي عليه السلام

علمنا الإمام الهادي الزيارة الجامعة

ومعارفها يجب تعليمها في الجامعة

لأن الدين لم يترك لمغلول بالجامعة

يوم القيامة لغصبه الخلافة العلوية

الحمد لله وشكرا للإمام الهادي لتعليمنا الزيارة الجامعة

 

الجامعة : اسم زيارة لأهل البيت :

الجامعة : اسم زيارة الجامعة وهي زيارة شاملة كلمةٌ جامعةٌ وكثيرَةُ المعاني ، وجامعة الكلم ، بليغة المفهوم رائعة الأسلوب حسنة النظم ، تدل بمضمونها بصدورها عن معدن العلم والرحمة والهدى ، ويزار بها كل أئمة أهل البيت عليهم السلام ، وهي مروية عن الإمام علي بن محمد الهادي النقي عليه السلام ، وهي أفضل وأوسع زيارة تبين حقائق الإمامة ومعاني الولاية ، وسيادة آل محمد عليهم السلام على كل البشر بفضل الله تعالى .

وشرحها : كثير من العلماء ، وواظب عليها قراءتها وزار به لأئمة كل يوم كثير من الفضلاء ، وهي لمن يتدبر فيها تتفتح له أبواب العلم وآفاق الهدى ومحل الرحمة الواسعة .

بل تلاوتها : تشرح الصدر وتزيل الرين وتبعد الشك وتبدد الشبه ، وتنور العقل وتشرق في الفكر حقائق عظمة الله واصطفاءه للطيبين الطاهرين ، ويقتبس منها معارف تتمكن في النفس فتجعلها في فرح وسرور ، وتبهج القلب فتجعله مطمئن بم فضله الله بمعرفة الهدى الحق وأهله ، وتثبته على الإيمان وتقويه بأوسع أفق ممكن ، وتستريح لها الروح وتعبق بشذا المعرفة ، وتنطلق في أجواء اليقين راضية مرضية بما فضلها الله تعالى ومكنها من العلم الحق والتحقق بالنعيم وصراطه المستقيم ، وتتحقق بحق اليقين أن الله تعالى لم يهمل دينه بعد نبيه ولا تركه لمن هب ودب من المنافقين أو ما يوجب الشك والشبه بين من يدعي أنه من رجال الدين وليس له برهان ولا دليل مبين ، بل أختار وأصطفى الطيبين الطاهرين ، وزكاهم وعلمهم وهداهم وجعلهم نوره الساطع في العالمين .

معنى زيارة :

معنى زيارة :كما في مجمع البحرين للطريحي رحمه الله :

فِي الْحَدِيثِ‏ : تَزَاوَرُوا تَلَاقَوْا وَ تَذَاكَرُوا أَمْرَنَ وَ أَحْيُوهُ .

أي زوروا إخوانكم : ويزورونكم ، و لاقوا إخوانكم و يلاقونكم ، و تذاكروا فيما بينكم أمرنا ، و ما نحن عليه و أحيوه و لا تميتوه ، يعني تدرسونه .

و زَارَهُ‏ : يَزُورُهُ‏ زيارة ، قصده ، فهو زَائِرٌ و زَوْرٌ و زُوَّارٌ ، مثل سافر و سفر و سفار، ويقال نسوة زَوْرٌ  و زَائِرَات‏ .

و في الحديث : مَنْ‏ زَارَ أَخَاهُ فِي جَانِبِ الْمِصْرِ ، أَيْ قَصَدَهُ" ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ فَهُوَ زَوْرُهُ‏ ، وَ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكْرِمَ‏ زَوْرَهُ‏ أي قاصديه. وفِيهِ : مَنْ فَعَلَ كَذَا فَقَدْ زَارَ اللَّهَ فِي عَرْشِهِ .

قال الصدوق : زِيَارَةُ الله تعالى‏ زِيَارَةُ أنبيائه و حججه ، من‏ زَارَهُمْ‏ فقد زَارَ الله عز و جل ، كما أن من أطاعهم‏ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ‏ ، و من عصاهم فقد عصى الله ، و من تابعهم فقد تابع الله، و ليس ذلك على ما تتأوله المشبهة تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

وَ فِي الدُّعَاءِ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ‏ زُوَّارِكَ‏ . بالواو المشددة، أي من القاصدين لك الملتجئين إليك . و المَزَارُ : بالفتح يكون مصدر أو موضع الزيارة.

و الزِّيَارَةُ في العرف : قصد المزور إكراما له و تعظيم له و استيناسا به.

مجمع البحرين ج‏3ص320 .

 

معنى الجامعة وعلومها :

وأما معنى الجامعة : وهو الكلام البليغ الشامل الجامع لمعاني كثير بألفاظ قليلة ، وعن سيد المرسلين صلى الله عليه وآله : أُعْطِيْتُ‏ جَوَامِعَ‏ الْكَلِمِ . يريد به القرآن الكريم، لأن الله جمع بألفاظه اليسيرة المعاني الكثيرة ، حتى قال : مَا مِنْ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفُ الْقُرْآنِ إِلَّا وَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَعْنَى .

و منه‏ فِي وَصْفِهِ : كَانَ يَتَكَلَّمُ‏ بِجَوَامِعِ‏ الْكَلِمِ . يعني أنه كان يتكلم بلفظ قليل و يريد المعاني الكثيرة . و حمدت الله‏ بمَجَامِعِ‏ الحمد ، أي بكلمات جمعت أنواع الحمد و الثناء على الله.

ومثله قال أمير المؤمنين عليه السلام : أن رسول الله أسر إلي في مرضه :

 مِفْتَاحَ أَلْفِ‏ بَابٍ‏ مِنَ الْعِلْمِ ، يُفَتِّحُ كُلُّ بَابٍ أَلْفَ‏ بَابٍ‏.

 و لو أن الأمة : منذ قبض الله نبيه اتبعوني و أطاعوني‏ ، لأكلو من فوقهم و من تحت أرجلهم‏ رغدا إلى يوم القيامة .

كتاب سليم بن قيس ج2ص658 .

وعن الحلبي عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ، قلت له : جعلت فداك : إن شيعتك يتحدثون :

 أن رسول الله علم عليا بابا يفتح له منه ألف‏ باب‏ ؟

 قال: فقال : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ :

عَلَّمَ : رَسُولُ اللَّهِ عَلِيّاً أَلْفَ‏ بَابٍ‏ ، يُفْتَحُ مِنْ كُلِّ بَابٍ أَلْفُ‏ بَابٍ‏.

قال قلت : هذا و الله العلم .

قال : فنكت ساعة في الأرض ، ثم قال : إنه لعلم و ما هو بذاك . قال ثم قال :

يا أبا محمد: وَ إِنَّ عِنْدَنَا الْجَامِعَةَ وَ مَا يُدْرِيهِمْ مَا الْجَامِعَةُ ؟

قَالَ قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا الْجَامِعَةُ ؟

قَالَ : صَحِيفَةٌ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِ رَسُولِ اللَّهِ  وَ إِمْلَائِهِ‏ مِنْ فَلْقِ فِيهِ ( فمه ) ، وَ خَطِّ عَلِيٍّ بِيَمِينِهِ ، فيها كل حلال و حرام ، و كل شيء يحتاج الناس إليه ، حتى الأرش في الخدش ، و ضرب بيده إلي ، فقال : تأذن لي‏ يا أبا محمد ؟

قال قلت : جعلت فداك إنما أنا لك ، فاصنع ما شئت ، قال : فغمزني بيده ، و قال : حتى أرش هذا كأنه مغضب ، قال قلت : هذا و الله العلم‏ .

قال : إنه لعلم ، و ليس بذاك ، ثم سكت ساعة ، ثم قال :

و إن عندنا الجفر : و ما يدريهم ما الجفر ؟

قال قلت : و ما الجفر ؟

قال : وعاء من أدم فيه علم النبيين و الوصيين ، و علم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل ، قال قلت : إن هذا هو العلم .

قال : إنه لعلم و ليس بذاك ، ثم سكت ساعة ، ثم قال :

و إن عندنا : لمصحف فاطمة عليها السلام ، و ما يدريهم ما مصحف فاطمة ؟ قال قلت : و ما مصحف فاطمة ؟

 قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات ، و الله ما فيه من قرآنكم حرف واحد . قال قلت : هذا و الله العلم . قال : إنه لعلم ، و ما هو بذاك، ثم سكت ساعة ،  ثم قال :

إن عندنا : علم ما كان ، و علم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة .

قال قلت : جعلت فداك هذا و الله هو العلم . قال : إنه لعلم و ليس بذاك.

قال قلت : جعلت فداك فأي شيء العلم ؟ قال : ما يحدث : بالليل و النهار ، الأمر من بعد الأمر ، و الشيء بعد الشيء إلى يوم القيامة .

 كافي ج1ص59ب40ح637/ 1.

ويا طيب : يؤيد أنهم اختصوا بعلم من الله ليس عند غيرهم من البشر ، نزول الروح عليهم بكل أمر في ليلة القدر المباركة المستمر نزوله على ولي الأمر إلى آخر أيام الدنيا ، وما خصهم الله من الفهم والتطهير ، وما يحتاجه العباد من الكتاب والرسوخ في علمه وهو فيه تبيان كل شيء ، فهذه جوامع الكلم التي عندهم عليهم السلام ، ومثله ترى :

الزيارة الجامعة : جامعة لكل ما يحتاج معرفة في معنى الولاية والإمامة والخلافة والوصاية والسيادة ، وهي تعلمنا حقيقة كونهم حجج الله تعالى وخلفائه في أرضه ، وهم المنعم عليهم بهدى الصراط المستقيم ، المطلوب منا طلبه من الله ومعرفة أهله والثبات على هداهم لكي لا نضل ويغضب علينا الله تعالى ، فهنيئ لمن عرف النبي وآله بالمعرفة الحقة النورانية ، ويبتعد ما استطاع عن ظلمة وظلم أعداءهم ومن طغى عليهم وأقصاهم وأبعدهم من مراتبهم التي رتبهم الله بها ظاهرا وباطن . الكافي ج1ص238ح1 .


 

 

فيها حقائق الإمامة والولاية ويجب تعليمها في الجامعة

 

معنى الجامعة العلمية والاجتماع :

 الجَامِعَةُ : مجْمُوعة معاهد علميَّة  ، تُسَمّى كُلِّيَّاتٍ ، تدرّس فيها الآدابُ والفنونُ والعلومُ بعد مرحلة الدِّراسة الثَّانويَّة ، وجامعة شعبيَّة : مجموعة معاهد تدرِّس موادَّ حرَّة .

 وزيارة الجامعة : لما فيها من المعرفة والعلم الصواب الهادي للدين الحق والمانع من الضلال ، وذلك لمن يعرفها موقنا بها وبما فيها من البيان لمعرفة شأن النبي وآله بكل صفاتهم الكريمة ، يجب أن تدرس في الجامعة وكلياته وصفوفها ليتوحد العالم على هدى الله الحق ، ويعبد بما يحب الله ويرضا ، وبدين علمه المصطفين الطاهرين المنعم عليهم بصراطه المستقيم ودينه الحق القويم .

و الجَامِعُ  : من أَسماء الله الحُسنَى وهو سبحانه جامع الناس ليوم لا ريب فيه ، جامعون  و  جَوَامعُ  ، المؤنث : جامعة  ، و الجمع للمؤنث : جامعات  و  جَوَامعُ  ،  المَسْجِدُ  الجامعُ  : الذي تُصَلَّى فيه الجمعة ، وفي الحديث عن رسول الله :  فَأَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعَ النَّاسُ حَتَّى غَصَّ الْمَسْجِدُ وَ تَضَايَقَ بِأَهْلِهِ .

 و أَمرٌ  جامعٌ  : له خَطَرٌ يجتمع لأَجله النَّاس ، وكلمةٌ جامعةٌ : كثيرَةُ المعاني على إِيجازِها . والجمع : جَوامعُ .

فالزيارة الجامعة : يجب تعريفها للعباد في الجامعات العلمية والكليات ، لأنها جامعة الكلم والمعنى في بيان محل هدى الله وصراطه المستقيم الذي يقود العباد لنعيم عبوديته وثوابه ، بل كل إن إنسان طيب يجب أن يتعرف عليها ويجعله من أسس معارفه وكريم علومه ، ويعلمها للناس، سواء في بيته أو مسجده وجامعه ، أو في يوم الجمعة على المنابر لأنه يجتمع فيها المؤمنون في صلاة جامعة ، وكل جماعة في جامعهم ومسجدهم، و ذلك لما فيها من المعرفة الحقة التي يتثبت بها الإيمان ، ويتوحد بها الدين الحق ومعرفته من أهله ، ويقر ويستقر في العقل والفكر والقلب والروح الهدى وتطمئن به النفوس واقعا صدقا.

وبمعرفة الزيارة الجامعة : يحصل الإجماع و بتدريسها في الجامعات الحديثة وكلياتها وفروعها وصفوفها ، أو في يوم الجمعة وبين جمع المسلمين وجوامعهم ، يحصل الاتفاق على الحق ويرتفع الاختلاف وتزول الفرقة .

 و في الاصطلاح العلمي ، الإجماع : هو عبارة عن اتفاق مخصوص، فالإِجْمَاعُ‏ من قوم هو جمعهم في الآراء و إن كانوا متفرقين في الأبدان ، و الاجْتِمَاعُ‏ يكون في الأبدان و إن كانوا متفرقين في آرائهم ، فيتوحدون بالزيارة الجامعة على الحق ويرتفع الاختلاف بين المسلمين فضلا عن المؤمنين .

 

ويا طيب : إن أول جامعة واجتماع عقده الله تعالى حين أمر الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام ، فقال سبحانه :

{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن  رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73)

 إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ  الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ

 أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ( ص75)} ص .

 والعالين : هم الأنوار القدسية للنبي محمد وآله صلى الله عليهم وسلم ، وهو معنى أول ما خلق الله نوري ، وأحاديث فتق نور الأئمة وتعلمهم التسبيح للملائك ، أو كنت نبينا وأدم بين الماء والطين ، أو أول ما أجابوا في عالم الذر وغيرها من المعارف الواسعة في معرفتهم بالنورانية ، ومنها المعرفة في زيارة الجامعة ، وجعلنا الله معهم في الدنيا والآخرة.

ونكمل : وهو كان اجتماع علمي مقدس : حيث قال سبحانه :

{ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى  الْمَلاَئِكَةِ

 فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31)

 قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا  إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)

قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ  إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) } البقرة .

ولمعرفة آدم عليه السلام : بأسماء الأنوار القدسية للنبي وآله صلى الله عليهم وسلم ، سجدت له الملائكة ، وبمعرفة شأنهم بالمعرفة الحق والتعلم منهم ، يهتدي العبد ويصلح إيمانه ويرضا الله تعالى عبوديته ، وهذا ما تعرفه الزيارة الجامعة ، ولهذا ليس بعد الحق إلا مخالفته والضلال وغضب الله والبعد عن نعيمه إلى جحيمه .

ثم بعد تعليم آدم فضلهم : قام الأنبياء والأوصياء ، بتعليم الهدى الحق في مجتمعاتهم ، واجتمع معهم كل طيب ومنصف على الهدى وعبد الله حين أقرو لهم بالطاعة وعرف هدى الله منه ، ومن تعالميهم ذكر نبي آخر الزمان وآله وفضلهم ، وراجع قصص خلق آدم وسجود الملائكة له ، ومنه هذا الحديث :

قال الإمام عليّ بن الحسين حدّثني أبي عن أبيه عليهم السلام عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلم قال :

 يا عباد اللَّه : إن آدم عليه السلام لما رأى النور ساطعاً من صلبه ، إذ كان اللَّه قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره ، رأى النور و لم يتبيّن الأشباح .

فقال: يا رب ما هذه‏ الأنوار فقال عزّ و جلّ: أنوار و أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ، و لذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاءً لتلك الأشباح ..... تفسير الصافي ج1ص115 .

 وراجع أحاديث: سفينة نوح وما ثبت من المسامير الخمسة ، وإبراهم وتجلي نورهم له ، وموسى توسله وشعبه بحقهم حتى نجوا من فرعون والمسيح وتبشيره وغيره الكثير.

والزيارة الجامعة : تبين الشأن العظيم الكريم لآل محمد عليم السلام ، لمن يعرفها بحق يجتمع على الحق بجوامع الكلم وتفاصيله ، ويقر للنبي وآله بالفضل الحق والمقام العالي ، ويتعلم منهم واقعا ما يرضي الله تعالى ويصح عبوديته به من الهدى والدين الصواب .


 

 

لنعرف إن الرب لم يهمل دينه لمنافقين يغلون بالجامعة
يوم القيامة  لمنعهم تولي المنعم عليهم  بالخلافة العلوية

 

معنى الجامعة الغل والقيد:

الجامعة : الجَامِعَة الغل لأنها تجمع اليدين إلى العنق .  غَلَّهُ بِالجَامِعَةِ : طَوْقٌ أَوْ قَيْدٌ مِنْ حَدِيدٍ يَجْمَعُ يَدَيِ الأَسِيِر أَوْ الْمُجْرِمِ إِلىَ العُنُقِ. و في قوله تعالى‏ : { فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ‏} فتأخذهم الزبانية فتجمع بين نواصيهم و أقدامهم بالغل ، ثم يسبحون في النار و يقذفون فيها . ومثله قوله تعالى‏ : { فِي أَعْناقِهِمْ‏ أَغْلالًا }.

 كما أن قوله تعالى: { وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي  السَّعِيرِ (7) } الشورى ، يريد به يوم القيامة لاجتماع الناس ، ففي ذلك اليوم يكون الناس قسمين كما قال الله تعالى :

{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16)

وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا  وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ (18)

 فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ  (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا  وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)

وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَ لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ  كِتَابِيهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ (26) يَ لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي  مَالِيهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ (29)

خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30)

  ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31)

 ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) } الحاقة .

وجاء في كثير من الروايات : أن أصحاب اليمين هم أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة الطاهرين المعصومين من ذريته والذين تعرف شأنهم الزيارة الجامعة ، وأعدائه هم الذين يغلون في الجحيم ، والغل يجمع اليد للعنق ، وهو الجامعة المرتبطة بسلسلة طويله يسحبون فيها في الجحيم ، ونذكر رواية تعرف من يحمل العرش من الأولين والآخرين وهم أئمة الحق وشيعتهم معهم على مضمار ومحل ومائدة واحده .

 

وعن يحيى بن سليمان المازني عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال :

من زار : قبر ولدي علي كان له عند الله كسبعين حجة مبرورة .

 قال قلت : سبعين حجة ؟

 قال : نعم و سبعين ألف حجة .

قال قلت : سبعين ألف حجة ؟

 قال : رب حجة لا تقبل .

 من زاره : و بات عنده ليلة ، كان كمن زار الله في عرشه .

قال : نعم ، إذا كان يوم القيامة ، كان على عرش الرحمن أربعة من‏ الأولين‏ ، و أربعة من الآخرين .

فأما الأربعة : الذين هم من الأولين ، فنوح ، و إبراهيم ، و موسى ، و عيسى عليهم السلام .

و أما الأربعة من الآخرين : فمحمد ، و علي ، و الحسن ، و الحسين صلوات الله عليهم .

ثُمَّ يُمَدُّ الْمِضْمَارُ : فَيَقْعُدُ مَعَنَا مَنْ زَارَ قُبُورَ الْأَئِمَّةِ عليهم السلام ، إلا أن أعلاهم درجة و أقربهم حبوة زوار قبر ولدي علي .

 

وعن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما لمن زار رسول الله ؟ قال عليه السلام : كَمَنْ زَارَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَوْقَ عَرْشِهِ ؟

قال قلت : فَمَا لِمَنْ‏ زَارَ أَحَداً مِنْكُمْ ؟

قَالَ : كَمَنْ زَارَ رَسُولَ اللَّهِ .

الكافي ج4ص585ح4، وح5 .

 

و عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

مَا مِنْ أَحَدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَ هُوَ يَتَمَنَّى أَنَّهُ مِنْ زُوَّارِ الْحُسَيْنِ ، لِمَا يَرَى مِمَّا يُصْنَعُ بِزُوَّارِ الْحُسَيْنِ مِنْ كَرَامَتِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.

 وقال : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ

عَلَى مَوَائِدِ النُّورِ : يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَلْيَكُنْ مِنْ زُوَّارِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام .

كامل الزيارات ص135ب50ح1 .

 

كما أن يوم القيامة : المنكرون للمعاد أو لعظمة الله وقدرته وعنايته بدينه وحفظه بأئمة هدى ، تكون الأغلال في أعناقهم يوم القيامة ، ولذا قال الله سبحانه وتعالى :

{ وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ  قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ

وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ (5)} الرعد .

ويوم القيامة : لما يتضح لأمر ويقوم الروح المختص بالوحي وبنزوله في الليلة المباركة القدر بكل أمر على أئمة الهدى كلا في زمانه ، ومن أتخذ إلى ربه سبيل الصراط المستقيم عند المنعم عليهم بهدى الله وآب ورجع لله به مهتدي بهداهم مقتدي بهم ، يكون مع المؤمنين بما أختار الله لهم من أئمة الحق ، والكافرون يتضح لهم الأمر ويتمنون أن يكونوا مع أبو تراب  أمير المؤمنين كما قال الله تعالى :

{ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ  لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)  ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (39) إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ  عَذَابً قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (40) } النبأ .

وجاءت : روايات كثيرة تفسر بأن يا ليتني كنت ترابا يعني مع أبي تراب ، ونذكر رواية لأمير المؤمنين عليه السلام في بيان شأنه الكريم وشيعته وأتباعه ، وشأن من خالفه وأتباعهم ، يتضح الأن الأغلال لمن ناواه ولمن تابع مخالفيه وأعدائه .

عن سليم قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : يوم الجمل ، و يوم الصفين‏ :

 إني نظرت : فلم أجد إلا الكفر بالله ، و الجحود بما أنزل الله تعالى .

أو الجهاد : في سبيل الله ، و الأمر بالمعروف ، و النهي عن المنكر .

 فاخترت : الجهاد في سبيل الله ، و الأمر بالمعروف ، و النهي عن المنكر .

على : الكفر بالله و الجحود بما أنزل الله .

و معالجة الأغلال‏ : في نار جهنم ، إذا وجدت أعوانا على ذلك.

إني لم أزل : مظلوما ، منذ قبض رسول الله صلى الله عليه و آله، فلو وجدت قبل اليوم أعوانا على إحياء الكتاب والسنة كما وجدتهم اليوم ، لقاتلت ولم يسعني الجلوس‏ .

كتاب سليم بن قيس ج2ص883ج53 .

وبهذا : نعرف أن الله لم يهمل دينه ولم يتركه بدون من يحافظ عليه من التحريف والقياس والتأويل وأفكار المنافقين وأهوائهم ، وقد أنزل الله تعالى أكثر من ثلاثمائة آية في المنافقين وسورة مختصة بالمنافقين ، وهم يتربصون الدوائر بالدين ونبي الرحمة وآله ، وبهذا يعرفنا الإمام علي عليه السلام وكان معه آله الحسن والحسين صلى الله عليهم وسلم ، وكانت الأغلال والجامعة يوم القيامة لمن حاربهم في الجمل وصفين وقبلها ، ولمن أقصاهم وأبعدهم عن بيان حكم الله ودينه والسير بالعباد على صراط مستقيم لهدى الله تعالى ونعيمه ، وأسأل الله تعالى أن يثبتنا جميع على الهدى الحق لآل محمد صلى الله عليهم وسلم ، ومعرفتهم بالنورانية وحق الهدى ومعرفة شأنهم الكريم كما في الزيارة الجامعة .

 


 

 

نص الزيارة الجامعة

 

قال الصدوق رحمه الله : زيارة أخرى جامعة للرضا علي بن موسى و لجميع الأئمة عليهم السلام :‏

حدثنا : علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه و محمد بن أحمد السناني و علي بن عبد الله الوراق و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب قالوا : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي و أبو الحسين الأسدي قالوا : حدثنا محمد بن إسماعيل المكي البرمكي قال : حدثنا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ النَّخَعِيُّ قَالَ:

قُلْتُ : لِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهم السلام :

 عَلِّمْنِي : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، قَوْلًا أَقُولُهُ بَلِيغاً كَامِلًا إِذَا زُرْتُ وَاحِداً مِنْكُمْ.

فَقَالَ عليه السلام : إذا صرت إلى الباب فقف وَ اشْهَدِ الشَّهَادَتَيْنِ أي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، و أنت على غسل .

  فإذا دخلت : و رأيت القبر فقف ، و قل : اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلاثين مرة .

ثم امش قليلا : و عليك السكينة و الوقار ، و قارب بين خطاك ثم قف وَ :

كَبِّرِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ  ثلاثين مرة .

ثم ادن من القبر : وَ كَبِّرِ اللَّهَ أربعين مرة ، تمام مائة تكبيرة .

ثم قُلْ :

 

 السَّلَامُ عَلَيْكُمْ : يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ ، وَ مَوْضِعَ الرِّسَالَةِ ، وَ مُخْتَلَفَ الْمَلَائِكَةِ ، وَ مَهْبِطَ الْوَحْيِ‏ ، وَ مَعْدِنَ الرِّسَالَةِ ، وَ خُزَّانَ الْعِلْمِ‏ ، وَ مُنْتَهَى الْحِلْمِ‏ ، وَ أُصُولَ الْكَرَمِ ، وَ قَادَةَ الْأُمَمِ ، وَ أَوْلِيَاءَ النِّعَمِ‏ ، وَ عَنَاصِرَ الْأَبْرَارِ ، وَ دَعَائِمَ الْأَخْيَارِ ، وَ سَاسَةَ الْعِبَادِ ، وَ أَرْكَانَ الْبِلَادِ ، وَ أَبْوَابَ الْإِيمَانِ ، وَ أُمَنَاءَ الرَّحْمَنِ ، وَ سُلَالَةَ النَّبِيِّينَ ، وَ صَفْوَةَ الْمُرْسَلِينَ ، وَ عِتْرَةَ خِيَرَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

السَّلَامُ : عَلَى أَئِمَّةِ الْهُدَى ، وَ مَصَابِيحِ الدُّجَى‏ ، وَ أَعْلَامِ التُّقَى ، وَ ذَوِي النُّهَى ، وَ أُولِي الْحِجَى ، وَ كَهْفِ الْوَرَى ، وَ وَرَثَةِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَ الْمَثَلِ الْأَعْلى ،‏ وَ الدَّعْوَةِ الْحُسْنَى ، وَ حُجَجِ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى  ،وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

السَّلَامُ : عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللَّهِ ، وَ مَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللَّهِ ، وَ مَعَادِنِ حِكْمَةِ اللَّهِ ، وَ حَفَظَةِ سِرِّ اللَّهِ ، وَ حَمَلَةِ كِتَابِ اللَّهِ ، وَ أَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللَّهِ ، وَ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

السَّلَامُ : عَلَى الدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ ، وَ الْأَدِلَّاءِ عَلَى مَرْضَاةِ اللَّهِ ، وَ الْمُسْتَقِرِّينَ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَ نَهْيِهِ ، وَ التَّامِّينَ فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ‏ ، وَ الْمُخْلَصِينَ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ‏  ، وَ الْمُظْهِرِينَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَ نَهْيِهِ ، وَ عِبَادِهِ الْمُكْرَمِينَ  ،الَّذِينَ‏ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ‏ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

السَّلَامُ : عَلَى أَئِمَّةِ الدُّعَاةِ ، وَ الْقَادَةِ الْهُدَاةِ ، وَ السَّادَةِ الْوُلَاةِ ، وَ الذَّادَةِ الْحُمَاةِ ، وَ أَهْلِ الذِّكْرِ ، وَ أُولِي الْأَمْرِ ، وَ بَقِيَّةِ اللَّهِ وَ خِيَرَتِهِ ، وَ حِزْبِهِ وَ عَيْبَةِ عِلْمِهِ ، وَ حُجَّتِهِ وَ صِرَاطِهِ ، وَ نُورِهِ وَ بُرْهَانِهِ‏ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

أَشْهَدُ : أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ  ،كَمَا شَهِدَ اللَّهُ لِنَفْسِهِ ، وَ شَهِدَتْ لَهُ مَلَائِكَتُهُ ، وَ أُولُو الْعِلْمِ مِنْ خَلْقِهِ‏ ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ .

وَ أَشْهَدُ : أَنَّ مُحَمَّداً ، عَبْدُهُ الْمُصْطَفَى ، وَ رَسُولُهُ الْمُرْتَضَى ، أَرْسَلَهُ‏ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ‏ .

 

وَ أَشْهَدُ : أَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ ، الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ ، الْمَعْصُومُونَ الْمُكَرَّمُونَ ، الْمُقَرَّبُونَ الْمُتَّقُونَ ، الصَّادِقُونَ‏ الْمُصْطَفَوْنَ ، الْمُطِيعُونَ لِلَّهِ ، الْقَوَّامُونَ بِأَمْرِهِ ، الْعَامِلُونَ بِإِرَادَتِهِ ، الْفَائِزُونَ بِكَرَامَتِهِ .

اصْطَفَاكُمْ بِعِلْمِهِ : وَ ارْتَضَاكُمْ لِدِينِهِ ، وَ اخْتَارَكُمْ لِسِرِّهِ ، وَ اجْتَبَاكُمْ بِقُدْرَتِهِ ، وَ أَعَزَّكُمْ بِهُدَاهُ ، وَ خَصَّكُمْ بِبُرْهَانِهِ ، وَ انْتَجَبَكُمْ لِنُورِهِ‏ ، وَ أَيَّدَكُمْ بِرُوحِهِ ، وَ رَضِيَكُمْ خُلَفَاءَ فِي أَرْضِهِ ، وَ حُجَجاً عَلَى بَرِيَّتِهِ ، وَ أَنْصَاراً لِدِينِهِ ، وَ حَفَظَةً لِسِرِّهِ ، وَ خَزَنَةً لِعِلْمِهِ ، وَ مُسْتَوْدَعاً لِحِكْمَتِهِ ، وَ تَرَاجِمَةً لِوَحْيِهِ ، وَ أَرْكَاناً لِتَوْحِيدِهِ ، وَ شُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِهِ ، وَ أَعْلَاماً لِعِبَادِهِ ، وَ مَنَاراً فِي بِلَادِهِ ، وَ أَدِلَّاءَ عَلَى صِرَاطِهِ .

عَصَمَكُمُ اللَّهُ : مِنَ الزَّلَلِ ، وَ آمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ ، وَ طَهَّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ ، وَ أَذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَكُمْ تَطْهِيراً ، فَعَظَّمْتُمْ جَلَالَهُ ، وَ كَبَّرْتُمْ شَأْنَهُ ، وَ مَجَّدْتُمْ كَرَمَهُ ، وَ أَدْمَنْتُمْ‏ ذِكْرَهُ ، وَ وَكَّدْتُمْ‏ مِيثَاقَهُ ، وَ حَكَّمْتُمْ عَقْدَ طَاعَتِهِ ، وَ نَصَحْتُمْ لَهُ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ ، وَ دَعَوْتُمْ إِلَى سَبِيلِهِ‏ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ .

وَ بَذَلْتُمْ أَنْفُسَكُمْ : فِي مَرْضَاتِهِ ، وَ صَبَرْتُمْ عَلَى مَا أَصَابَكُمْ فِي جَنْبِهِ‏ .

وَ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ : وَ آتَيْتُمُ الزَّكَاةَ ، وَ أَمَرْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ نَهَيْتُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَ جَاهَدْتُمْ‏ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ‏  ، حَتَّى أَعْلَنْتُمْ دَعْوَتَهُ ، وَ بَيَّنْتُمْ فَرَائِضَهُ ، وَ أَقَمْتُمْ حُدُودَهُ ، وَ نَشَرْتُمْ شَرَائِعَ أَحْكَامِهِ ، وَ سَنَنْتُمْ سُنَّتَهُ .

وَ صِرْتُمْ : فِي ذَلِكَ مِنْهُ إِلَى الرِّضَا ، وَ سَلَّمْتُمْ لَهُ الْقَضَاءَ ، وَ صَدَّقْتُمْ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ مَضَى.

 فَالرَّاغِبُ عَنْكُمْ : مَارِقٌ ، وَ اللَّازِمُ لَكُمْ لَاحِقٌ ، وَ الْمُقَصِّرُ فِي حَقِّكُمْ زَاهِقٌ .

وَ الْحَقُّ : مَعَكُمْ وَ فِيكُمْ  ،وَ مِنْكُمْ وَ إِلَيْكُمْ ، وَ أَنْتُمْ أَهْلُهُ وَ مَعْدِنُهُ ، وَ مِيرَاثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكُمْ ، وَ إِيَابُ الْخَلْقِ إِلَيْكُمْ ، وَ حِسَابُهُ عَلَيْكُمْ ، وَ فَصْلُ الْخِطَابِ عِنْدَكُمْ ، وَ آيَاتُ اللَّهِ لَدَيْكُمْ ، وَ عَزَائِمُهُ فِيكُمْ ، وَ نُورُهُ وَ بُرْهَانُهُ عِنْدَكُمْ ، وَ أَمْرُهُ إِلَيْكُمْ .

مَنْ وَالاكُمْ : فَقَدْ وَالَى اللَّهَ ، وَ مَنْ عَادَاكُمْ فَقَدْ عَادَى اللَّهَ ، وَ مَنْ أَحَبَّكُمْ فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ‏ ، وَ مَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ.

 أَنْتُمُ : السَّبِيلُ الْأَعْظَمُ‏ ، وَ الصِّرَاطُ الْأَقْوَمُ ، وَ شُهَدَاءُ دَارِ الْفَنَاءِ ، وَ شُفَعَاءُ دَارِ الْبَقَاءِ ، وَ الرَّحْمَةُ الْمَوْصُولَةُ ، وَ الْآيَةُ الْمَخْزُونَةُ ، وَ الْأَمَانَةُ الْمَحْفُوظَةُ ، وَ الْبَابُ الْمُبْتَلَى بِهِ النَّاسُ .

مَنْ أَتَاكُمْ نَجَا : وَ مَنْ لَمْ يَأْتِكُمْ هَلَكَ .

إِلَى اللَّهِ تَدْعُونَ : وَ عَلَيْهِ تَدُلُّونَ ، وَ بِهِ تُؤْمِنُونَ ، وَ لَهُ تُسَلِّمُونَ ، وَ بِأَمْرِهِ تَعْمَلُونَ ، وَ إِلَى سَبِيلِهِ تُرْشِدُونَ ، وَ بِقَوْلِهِ تَحْكُمُونَ .

 سَعِدَ وَ اللَّهِ : مَنْ وَالاكُمْ‏ ،وَ هَلَكَ مَنْ عَادَاكُمْ ، وَ خَابَ مَنْ جَحَدَكُمْ ، وَ ضَلَّ مَنْ فَارَقَكُمْ ، وَ فَازَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ ، وَ أَمِنَ مَنْ لَجَأَ إِلَيْكُمْ ، وَ سَلِمَ مَنْ صَدَّقَكُمْ ، وَ هُدِيَ مَنِ اعْتَصَمَ بِكُمْ .

وَ مَنِ اتَّبَعَكُمْ : فَالْجَنَّةُ مَأْوَاهُ ، وَ مَنْ خَالَفَكُمْ فَالنَّارُ مَثْوَاهُ ، وَ مَنْ جَحَدَكُمْ كَافِرٌ ، وَ مَنْ حَارَبَكُمْ مُشْرِكٌ ، وَ مَنْ رَدَّ عَلَيْكُمْ فَهُوَ فِي أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ الْجَحِيمِ .

أَشْهَدُ : أَنَّ هَذَا سَابِقٌ لَكُمْ فِيمَا مَضَى ، وَ جَارٍ لَكُمْ فِيمَا بَقِيَ ، وَ أَنَّ أَرْوَاحَكُمْ وَ نُورَكُمْ وَ طِينَتَكُمْ وَاحِدَةٌ ، طَابَتْ وَ طَهُرَتْ‏ ، بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ ،‏ خَلَقَكُمْ أَنْوَاراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقِينَ ، حَتَّى مَنَّ عَلَيْنَا ، فَجَعَلَكُمُ اللَّهُ‏ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ‏ .

 وَ جَعَلَ : صَلَاتَنَا عَلَيْكُمْ ، وَ مَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ وَلَايَتِكُمْ ، طِيباً لِخَلْقِنَا ، وَ طَهَارَةً لِأَنْفُسِنَا ، وَ تَزْكِيَةً لَنَا ، وَ كَفَّارَةً لِذُنُوبِنَا .

فَكُنَّا عِنْدَهُ : مُسَلِّمِينَ بِفَضْلِكُمْ ، وَ مَعْرُوفِينَ بِتَصْدِيقِنَا إِيَّاكُمْ .

فَبَلَغَ اللَّهُ بِكُمْ : أَشْرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمِينَ ، وَ أَعْلَى مَنَازِلِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَ أَرْفَعَ دَرَجَاتِ أَوْصِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ ، حَيْثُ لَا يَلْحَقُهُ لَاحِقٌ ، وَ لَا يَفُوقُهُ فَائِقٌ ، وَ لَا يَسْبِقُهُ سَابِقٌ ، وَ لَا يَطْمَعُ فِي إِدْرَاكِهِ طَامِعٌ .

حَتَّى لَا يَبْقَى : مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَ لَا صِدِّيقٌ وَ لَا شَهِيدٌ ، وَ لَا عَالِمٌ وَ لَا جَاهِلٌ ، وَ لَا دَنِيٌّ وَ لَا فَاضِلٌ ، وَ لَا مُؤْمِنٌ صَالِحٌ ، وَ لَا فَاجِرٌ طَالِحٌ ، وَ لَا جَبَّارٌ عَنِيدٌ ، وَ لَا شَيْطَانٌ مَرِيدٌ ، وَ لَا خَلْقٌ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ شَهِيدٌ .

إِلَّا عَرَّفَهُمْ : جَلَالَةَ أَمْرِكُمْ ، وَ عِظَمَ خَطَرِكُمْ ، وَ كِبَرَ شَأْنِكُمْ ، وَ تَمَامَ نُورِكُمْ ، وَ صِدْقَ مَقَاعِدِكُمْ ، وَ ثَبَاتَ مَقَامِكُمْ ، وَ شَرَفَ مَحَلِّكُمْ ، وَ مَنْزِلَتِكُمْ عِنْدَهُ ، وَ كَرَامَتَكُمْ عَلَيْهِ ، وَ خَاصَّتَكُمْ لَدَيْهِ ، وَ قُرْبَ مَنْزِلَتِكُمْ مِنْهُ .

بِأَبِي أَنْتُمْ : وَ أُمِّي وَ أَهْلِي ، وَ مَالِي وَ أُسْرَتِي .

 أُشْهِدُ اللَّهَ : وَ أُشْهِدُكُمْ ، أَنِّي مُؤْمِنٌ بِكُمْ ، وَ بِمَا أَتَيْتُمْ بِهِ‏ ، كَافِرٌ بِعَدُوِّكُمْ وَ بِمَا كَفَرْتُمْ بِهِ ، مُسْتَبْصِرٌ بِشَأْنِكُمْ ، وَ بِضَلَالَةِ مَنْ خَالَفَكُمْ .

 مُوَالٍ لَكُمْ : وَ لِأَوْلِيَائِكُمْ ، مُبْغِضٌ لِأَعْدَائِكُمْ وَ مُعَادٍ لَهُمْ ، وَ سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ ، وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ .

 مُحَقِّقٌ : لِمَا حَقَّقْتُمْ ، مُبْطِلٌ لِمَا أَبْطَلْتُمْ ، مُطِيعٌ لَكُمْ ، عَارِفٌ بِحَقِّكُمْ ، مُقِرٌّ بِفَضْلِكُمْ ، مُحْتَمِلٌ لِعِلْمِكُمْ ، مُحْتَجِبٌ بِذِمَّتِكُمْ ، مُعْتَرِفٌ بِكُمْ ، مُؤْمِنٌ بِإِيَابِكُمْ ، مُصَدِّقٌ بِرَجْعَتِكُمْ ، مُنْتَظِرٌ لِأَمْرِكُمْ ، مُرْتَقِبٌ لِدَوْلَتِكُمْ ، آخِذٌ بِقَوْلِكُمْ ، عَامِلٌ بِأَمْرِكُمْ .

مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ : زَائِرٌ لَكُمْ ، عَائِذٌ بِكُمْ ، لَائِذٌ بِقُبُورِكُمْ ، مُسْتَشْفِعٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِكُمْ ، وَ مُتَقَرِّبٌ بِكُمْ إِلَيْهِ ، وَ مُقَدِّمُكُمْ أَمَامَ طَلِبَتِي ، وَ حَوَائِجِي وَ إِرَادَتِي ، فِي كُلِّ أَحْوَالِي وَ أُمُورِي .

مُؤْمِنٌ‏ : بِسِرِّكُمْ وَ عَلَانِيَتِكُمْ ، وَ شَاهِدِكُمْ وَ غَائِبِكُمْ ، وَ أَوَّلِكُمْ وَ آخِرِكُمْ ، وَ مُفَوِّضٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَيْكُمْ ، وَ مُسَلِّمٌ فِيهِ مَعَكُمْ .

وَ قَلْبِي لَكُمْ مُؤْمِنٌ : وَ رَأْيِي لَكُمْ تَبَعٌ ، وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ ، حَتَّى يُحْيِيَ اللَّهُ تَعَالَى دِينَهُ بِكُمْ ، وَ يَرُدَّكُمْ فِي أَيَّامِهِ ، وَ يُظْهِرَكُمْ لِعَدْلِهِ ، وَ يُمَكِّنَكُمْ فِي أَرْضِهِ .

فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ : لَا مَعَ عَدُوِّكُمْ‏ ، آمَنْتُ بِكُمْ ، وَ تَوَلَّيْتُ آخِرَكُمْ بِمَا تَوَلَّيْتُ بِهِ أَوَّلَكُمْ ، وَ بَرِئْتُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَعْدَائِكُمْ ، وَ مِنَ الْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ ، وَ الشَّيَاطِينِ ، وَ حِزْبِهِمُ الظَّالِمِينَ لَكُمْ ، وَ الْجَاحِدِينَ لِحَقِّكُمْ ، وَ الْمَارِقِينَ مِنْ وَلَايَتِكُمْ ، وَ الْغَاصِبِينَ لِإِرْثِكُمُ ، الشَّاكِّينَ فِيكُمُ ، الْمُنْحَرِفِينَ عَنْكُمْ ، وَ مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَكُمْ ، وَ كُلِّ مُطَاعٍ سِوَاكُمْ ، وَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ .

فَثَبَّتَنِيَ اللَّهُ : أَبَداً مَا حَيِيتُ ، عَلَى مُوَالاتِكُمْ ، وَ مَحَبَّتِكُمْ وَ دِينِكُمْ ، وَ وَفَّقَنِي لِطَاعَتِكُمْ ، وَ رَزَقَنِي شَفَاعَتَكُمْ ، وَ جَعَلَنِي مِنْ خِيَارِ مَوَالِيكُمُ ، التَّابِعِينَ لِمَ دَعَوْتُمْ إِلَيْهِ ، وَ جَعَلَنِي مِمَّنْ يَقْتَصُّ آثَارَكُمْ ، وَ يَسْلُكُ سَبِيلَكُمْ ، وَ يَهْتَدِي بِهُدَاكُمْ ، وَ يُحْشَرُ فِي زُمْرَتِكُمْ ، وَ يَكُرُّ فِي رَجْعَتِكُمْ ، وَ يُمَلَّكُ فِي دَوْلَتِكُمْ ، وَ يُشَرَّفُ فِي عَافِيَتِكُمْ ، وَ يُمَكَّنُ فِي أَيَّامِكُمْ ، وَ تَقَرُّ عَيْنُهُ غَداً بِرُؤْيَتِكُمْ .

بِأَبِي أَنْتُمْ : وَ أُمِّي وَ نَفْسِي ، وَ أَهْلِي وَ مَالِي .

 مَنْ أَرَادَ اللَّهَ : بَدَأَ بِكُمْ ، وَ مَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ ، وَ مَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيْكُمْ.

 مَوَالِيَّ : لَا أُحْصِي ثَنَاءَكُمْ ، وَ لَا أَبْلُغُ مِنَ الْمَدْحِ كُنْهَكُمْ ، وَ مِنَ الْوَصْفِ قَدْرَكُمْ .

وَ أَنْتُمْ : نُورُ الْأَخْيَارِ ، وَ هُدَاةُ الْأَبْرَارِ ، وَ حُجَجُ الْجَبَّارِ .

بِكُمْ فَتَحَ اللَّهُ : وَ بِكُمْ يَخْتِمُ‏ ، وَ بِكُمْ‏ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ ، وَ بِكُمْ‏ يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّ بِإِذْنِهِ‏ ، وَ بِكُمْ يُنَفِّسُ الْهَمَّ ، وَ بِكُمْ يَكْشِفُ الضُّرَّ ، وَ عِنْدَكُمْ مَا يَنْزِلُ بِهِ رُسُلُهُ ، وَ هَبَطَتْ بِهِ مَلَائِكَتُهُ .

 

 وَ إِلَى جَدِّكُمْ : بُعِثَ الرُّوحُ الْأَمِينُ  .

[ وَ إِنْ كَانَتِ الزِّيَارَةُ : لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ علي بن أبي طالب ، فَقُلْ :

وَ إِلَى أَخِيكَ : بُعِثَ الرُّوحُ الْأَمِينُ‏ ]

آتَاكُمُ اللَّهُ‏ : ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ‏ .

 

طَأْطَأَ : كُلُّ شَرِيفٍ لِشَرَفِكُمْ ، وَ بَخَعَ‏ كُلُّ مُتَكَبِّرٍ لِطَاعَتِكُمْ ، وَ خَضَعَ كُلُّ جَبَّارٍ لِفَضْلِكُمْ ، وَ ذَلَّ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لَكُمْ .

وَ أَشْرَقَتِ : الْأَرْضُ بِنُورِكُمْ ، وَ فَازَ الْفَائِزُونَ بِوَلَايَتِكُمْ .

بِكُمْ : يُسْلَكُ إِلَى الرِّضْوَانِ ، وَ عَلَى مَنْ جَحَدَ وَلَايَتَكُمْ غَضَبُ الرَّحْمَنِ .

بِأَبِي أَنْتُمْ : وَ أُمِّي وَ نَفْسِي ، وَ أَهْلِي وَ مَالِي .

 ذِكْرُكُمْ فِي الذَّاكِرِينَ : وَ أَسْمَاؤُكُمْ فِي الْأَسْمَاءِ ، وَ أَجْسَادُكُمْ فِي الْأَجْسَادِ ، وَ أَرْوَاحُكُمْ فِي الْأَرْوَاحِ ، وَ أَنْفُسُكُمْ فِي النُّفُوسِ ، وَ آثَارُكُمْ فِي الْآثَارِ ، وَ قُبُورُكُمْ فِي الْقُبُورِ .

فَمَا أَحْلَى : أَسْمَاءَكُمْ‏ ، وَ أَكْرَمَ أَنْفُسَكُمْ ، وَ أَعْظَمَ شَأْنَكُمْ ، وَ أَجَلَّ خَطَرَكُمْ ، وَ أَوْفَى عَهْدَكُمْ‏ .

 كَلَامُكُمْ نُورٌ : وَ أَمْرُكُمْ رُشْدٌ ، وَ وَصِيَّتُكُمُ التَّقْوَى ، وَ فِعْلُكُمُ الْخَيْرُ ، وَ عَادَتُكُمُ الْإِحْسَانُ ، وَ سَجِيَّتُكُمُ الْكَرَمُ ، وَ شَأْنُكُمُ الْحَقُّ ، وَ الصِّدْقُ وَ الرِّفْقُ ، وَ قَوْلُكُمْ حُكْمٌ وَ حَتْمٌ ، وَ رَأْيُكُمْ عِلْمٌ وَ حِلْمٌ وَ حَزْمٌ .

إِنْ ذُكِرَ الْخَيْرُ : كُنْتُمْ أَوَّلَهُ وَ أَصْلَهُ  ،وَ فَرْعَهُ وَ مَعْدِنَهُ  ،وَ مَأْوَاهُ وَ مُنْتَهَاهُ .

بِأَبِي أَنْتُمْ : وَ أُمِّي وَ نَفْسِي ، وَ أَهْلِي وَ مَالِي .

 كَيْفَ أَصِفُ : حُسْنَ ثَنَائِكُمْ ، وَ كَيْفَ أُحْصِي جَمِيلَ بَلَائِكُمْ ، وَ بِكُمْ أَخْرَجَنَا اللَّهُ مِنَ الذُّلِّ ، وَ فَرَّجَ عَنَّ غَمَرَاتِ الْكُرُوبِ ، وَ أَنْقَذَنَا مِنْ شَفَا جُرُفِ الْهَلَكَاتِ وَ مِنَ النَّارِ.

 بِأَبِي أَنْتُمْ : وَ أُمِّي وَ نَفْسِي .

 بِمُوَالاتِكُمْ : عَلَّمَنَا اللَّهُ مَعَالِمَ دِينِنَا ، وَ أَصْلَحَ مَا كَانَ فَسَدَ مِنْ دُنْيَانَا ، وَ بِمُوَالاتِكُمْ تَمَّتِ الْكَلِمَةُ ، وَ عَظُمَتِ النِّعْمَةُ ، وَ ائْتَلَفَتِ الْفُرْقَةُ ، وَ بِمُوَالاتِكُمْ : تُقْبَلُ الطَّاعَةُ الْمُفْتَرَضَةُ .

 وَ لَكُمُ : الْمَوَدَّةُ الْوَاجِبَةُ ، وَ الدَّرَجَاتُ الرَّفِيعَةُ ، وَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى  ،وَ الْمَكَانُ الْمَعْلُومُ‏ ،وَ الْجَاهُ الْعَظِيمُ  ،وَ الشَّأْنُ الرَّفِيعُ ، وَ الشَّفَاعَةُ الْمَقْبُولَةُ .

رَبَّنا : آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ ، وَ اتَّبَعْنَا الرَّسُولَ‏ ، فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ‏ .

 رَبَّنا : لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ‏  ،سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا .

يَا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ‏ : إِنَّ بَيْنِي وَ بَيْنَ اللَّهِ ذُنُوباً لَا يَأْتِي عَلَيْهَا إِلَّا رِضَاكُمْ ، فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلَى سِرِّهِ ، وَ اسْتَرْعَاكُمْ أَمْرَ خَلْقِهِ ، وَ قَرَنَ طَاعَتَكُمْ بِطَاعَتِهِ ، لَمَّا اسْتَوْهَبْتُمْ ذُنُوبِي ، وَ كُنْتُمْ شُفَعَائِي.

إِنِّي لَكُمْ مُطِيعٌ : مَنْ أَطَاعَكُمْ‏ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ ،‏ وَ مَنْ عَصَاكُمْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، وَ مَنْ أَحَبَّكُمْ فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ ، وَ مَنْ أَبْغَضَكُمْ فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ .

اللَّهُمَّ : إِنِّي لَوْ وَجَدْتُ شُفَعَاءَ ، أَقْرَبَ إِلَيْكَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الْأَخْيَارِ ، الْأَئِمَّةِ الْأَبْرَارِ ، لَجَعَلْتُهُمْ شُفَعَائِي ، فَبِحَقِّهِمُ الَّذِي أَوْجَبْتَ لَهُمْ عَلَيْكَ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُدْخِلَنِي فِي جُمْلَةِ الْعَارِفِينَ بِهِمْ وَ بِحَقِّهِمْ ، وَ فِي زُمْرَةِ الْمَرْجُوِّينَ‏ لِشَفَاعَتِهِمْ ، إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ‏ ، حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ‏ .

 

الْوَدَاعُ : إِذَا أَرَدْتَ الِانْصِرَافَ ، فَقُلِ :

السَّلَامُ عَلَيْكُمْ : يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ ، سَلَامَ مُوَدِّعٍ ، لَا سَئِمٍ‏ وَ لَا قَالٍ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ  إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

سَلَامَ وَلِيٍّ : غَيْرِ رَاغِبٍ عَنْكُمْ ، وَ لَا مُسْتَبْدِلٍ بِكُمْ ، وَ لَا مُؤْثِرٍ عَلَيْكُمْ ، وَ لَا مُنْحَرِفٍ عَنْكُمْ ، وَ لَا زَاهِدٍ فِي قُرْبِكُمْ .

لَا جَعَلَهُ اللَّهُ : آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ قُبُورِكُمْ ، وَ إِتْيَانِ مَشَاهِدِكُمْ ، وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ .

وَ حَشَرَنِيَ اللَّهُ : فِي زُمْرَتِكُمْ ، وَ أَوْرَدَنِي حَوْضَكُمْ ، وَ جَعَلَنِي مِنْ حِزْبِكُمْ ، وَ أَرْضَاكُمْ عَنِّي ، وَ مَكَّنَنِي مِنْ دَوْلَتِكُمْ ، وَ أَحْيَانِي فِي رَجْعَتِكُمْ ، وَ مَلَّكَنِي فِي أَيَّامِكُمْ ، وَ شَكَرَ سَعْيِي بِكُمْ ، وَ غَفَرَ ذَنْبِي بِشَفَاعَتِكُمْ ، وَ أَقَالَ عَثْرَتِي بِحُبِّكُمْ ، وَ أَعْلَى كَعْبِي بِمُوَالاتِكُمْ ، وَ شَرَّفَنِي بِطَاعَتِكُمْ ، وَ أَعَزَّنِي بِهُدَاكُمْ .

وَ جَعَلَنِي : مِمَّنِ انْقَلَبَ ، مُفْلِحاً مُنْجِحاً ، غَانِماً سَالِماً ، مُعَافاً غَنِيّاً ، فَائِزاً بِرِضْوَانِ اللَّهِ ، وَ فَضْلِهِ وَ كِفَايَتِهِ ، بِأَفْضَلِ مَا يَنْقَلِبُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ زُوَّارِكُمْ ، وَ مَوَالِيكُمْ وَ مُحِبِّيكُمْ وَ شِيعَتِكُمْ .

 وَ رَزَقَنِيَ اللَّهُ : الْعَوْدَ ثُمَّ الْعَوْدَ ، أَبَداً مَا أَبْقَانِي رَبِّي ، بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَ إِيمَانٍ ، وَ تَقْوَى وَ إِخْبَاتٍ ، وَ رِزْقٍ وَاسِعٍ  ، حَلَالٍ طَيِّبٍ.

 اللَّهُمَّ : لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِهِمْ ، وَ ذِكْرِهِمْ وَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ ، وَ أَوْجِبْ لِيَ‏ الْمَغْفِرَةَ ، وَ الْخَيْرَ وَ الْبَرَكَةَ ، وَ النُّورَ وَ الْإِيمَانَ ، وَ حُسْنَ الْإِجَابَةِ ، كَمَا لِأَوْلِيَائِكَ الْعَارِفِينَ بِحَقِّهِمُ ، الْمُوجِبِينَ لِطَاعَتِهِمْ ، وَ الرَّاغِبِينَ فِي زِيَارَتِهِمُ ، الْمُتَقَرِّبِينَ إِلَيْكَ وَ إِلَيْهِمْ .

بِأَبِي أَنْتُمْ : وَ أُمِّي وَ نَفْسِي ، وَ أَهْلِي وَ مَالِي .

اجْعَلُونِي : فِي هِمَّتِكُمْ ، وَ صَيِّرُونِي فِي حِزْبِكُمْ ، وَ أَدْخِلُونِي فِي شَفَاعَتِكُمْ ، وَ اذْكُرُونِي عِنْدَ رَبِّكُمْ .

اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ أَبْلِغْ أَرْوَاحَهُمْ وَ أَجْسَادَهُمْ مِنِّي السَّلَامَ ، وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً ، وَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ‏.

عيون أخبار الرضا عليه السلام ج‏2ص272ب68 .

شرح مختصر للزيارة الجامعة

يا طيب هذا الشرح للزيارة الجامعة هو ببيان العلامة المجلسي ، ولكن بشرح وبيان وبتصرف وإضافة منا وأرجو من الله تعالى التسديد :

يا طيب : تقديم قد بينا في الباب الأول من  الكتاب ( ثواب الزيارة والحج ) من الأصول في الإمامة وسبب الزيارة وثوابها ما يفهم منها معنى جميع فقرات هذه الزيارة الشريفة ، والتي تدعو للكون مع الأبرار والسير وفق هديهم لأنهم ورثة القرآن وعندهم علم الله ورسوله ، وهم الإدلاء الحقيقيين للصراط المستقيم والهداة أصحاب النعيم ، وبودهم والسير وفق هداهم ننال رضا الله تعالى لما أمر من الكون معهم والإقرار بفضلهم وعلو مقامهم عنده ، وهو سبحانه أختارهم واصطفاهم وطهرهم وبين علو قدرهم في القرآن الكريم وفي كلام رسوله الأكرم ، وما هذه الزيارة إل إقرار لله بالعبودية والطاعة لما أمرنا من الكون مع أهل البيت الأطهار الأبرار الأخيار في الدنيا والآخرة .

ولما كان يكفي : ما ذكرنا من البيان الكلي الجامع لهذه الزيارة ولكل زيارة في الباب الأول أخترنا شرح مفردات هذه الزيارة من شرح العلامة المجلسي رحمه الله في البحار ، فإنه مختصر وجيد مفيد فذكرناه هنا للفائدة ـ بتصرف منا في بعض فقراته وإضافة صدرناها بكلمة يا طيب : ليستبين أنها ليس من بيان المجلسي وإنم أضفناه للفائدة ـ وشرحه رحمه الله هو :

 

بيان : قوله عليه السلام  :

وعليك السكينة : أي أيطمئنان القلب بذكر الله و تذكر عظمته وعظمة أوليائه ، والوقار: اطمئنان البدن .

ومقاربة الخطى : إما لكثرة الثواب أو للوقار ، وموضع الرسالة : أي مخزن علم جميع رسل الله عليهم الصلاة والسلام أو القوم الذين جعل الله الرسول منهم ، والأول أظهر .

ومختلف الملائكة : أي محل نزولهم وعروجهم ، ومهبط الوحي : بفتح الباء وكسرها إما باعتبار هبوطه على الرسول صلى الله عليه واله في بيوتهم أو عليهم لغير الشرائع والأحكام كالمغيبات أو الأعم في ليلة القدر وغيرها ، فيكون في الشرائع للتأكيد والتبيين ، وقد مر القول فيه في كتاب الإمامة .

ومعدن الرحمة : بكسر الدال لأن الرحمات الخاصة والعامة ، إنم تنزل على القوابل بسببهم كما مر تحقيقه . يا طيب يتحقق نزول الرحمة بقبول العبد لها وهو عندما يكون مطيع لله بحبة لأهل البيت عليهم السلام .

وخزان العلم : فان جميع العلوم التي نزلت من السماء في الكتب الإلهية أوجرت على ألسنة الأنبياء مخزونة عندهم مع ما نزلت أو تنزل عليهم في ليلة القدر وغيرها كما سبق بيانه ، ومنتهى الحلم : أي محل نهاية الحلم ، أو ذا نهايته أو نهايته مبالغة ، والحلم : إما بمعنى الأناة وكظم الغيظ ، أو العقل ، و الأول أظهر .

وأصول الكرم : الكريم الجواد المعطي أو الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل ، والمعنيان وكمالهما فيهم ظاهران ، أو المراد أنهم أسباب كرم الله تعالى على العباد في الدنيا والآخرة ، يا طيب : هم مصداق الحقيقي للكوثر وسورة الدهر .

وقادة الأمم : أي طوائف هذه الأمة إلى معرفة الله وطاعته في الدنيا بالهداية وإلى درجات الجنان في الآخرة بالشفاعة ، أو قادة مؤمني جميع الأمم في الآخرة ، فإن لهم الشفاعة الكبرى ، بل في الدنيا أيضا ، لان بالتوسل إلى أنوارهم المقدسة اهتدى الأنبياء وأممهم .

وأولياء النعم : أي النعم الظاهرة والباطنة ، فان بهم تنزل البركات وبهم يفوز الخلق بالسعادات ، يا طيب قد عرفت في الباب الأول بهم يهتدي المهتدون للصراط المستقيم ، وهو بيد أصحاب النعيم أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم تبع لهم بنعيم الله تعالى ونيل رضاه والوصول لحقيقة عبوديته .

وعناصر الأبرار : بكسر الصاد جمع عنصر بضمتين ، وقد يفتح الصاد : وهو الأصل والحسب ، أي هم أصول الأبرار لانتسابهم إليهم و اهتدائهم بهم ، أو لأنهم إنما وجدوا ببركتهم ، أو لأنه خلف كل منهم خلفا وهو سيد الأبرار ، يا طيب : عرفت ذلك في سورة الدهر وفي آية الصلاة عليهم في الباب الأول والفقرات الآتية .

ودعائم الأخيار : جمع دعامة بكسر الدال وهي عماد البيت ، وهم سادة الأخيار ، وبهم استنادهم ، وعليهم اعتمادهم .

وساسة العباد : جمع السائس أي ملوك العباد وخلفاء الله عليهم .

 

وأركان البلاد : فإن نظام العالم بوجود الإمام ، وأبواب الإيمان أي لا يعرف الإيمان إلا منهم ، أو لا يحصل بدون ولايتهم ، والسلالة بالضم ما انسل من الشيء ، والولد ، والصفوة مثلثة الفاء الخلاصة والنقاوة ، والخيرة بكسر الخاء وسكون الياء وفتحها المختار .

أئمة الهدى : أي الهدى يلزمهم ويتبعهم فهم أئمته ، أو هم أئمة الناس في الهداية وهذا أظهر ، والدجى : جمع الدجية بالضم فيهما وهي الظلمة يا طيب يوم يدعى كل أناس بإمامهم وأله البيت هم أئمة الهدى وغيرهم من لم يتبعهم أئمة ضلال .

وأعلام التقى : الأعلام جمع علم وهو العلامة والمنار والجبل ، أي إنهم معروفون عند كل أحد بالتقوى ، ولا يعرف التقوى إلا منهم .

والنهى : بالضم العقل وجمع نهية أيضا وهي العقل ، والحجى : كإلى العقل والفطنة ، وكهف الورى : أي ملجأ الخلائق في الدين والآخرة والدني ، وورثة الأنبياء : أي ورثوا علوم الأنبياء وآثارهم كالتابوت ، والعصا ، وخاتم سليمان ، وعمامة هارون ، وغيرها كما مر في كتاب الإمامة .

والمثل الأعلى : أي مثل الله نوره تعالى بهم في آية النور ، والأفراد لأنه مثل بجميعهم مع أن نورهم واحد ، والمثل أيضا يكون بمعنى الحجة والصفة ، فهم حجج الله والمتصفون بصفاته ، كأنهم صفاته على المبالغة .

والدعوة الحسنى : الحمل على المبالغة أي أهل الدعوة الحسنى ، فإنهم يدعون الناس إلى طريق النجاة ، أو المراد أنهم الذين فيهم الدعوة الحسنى من إبراهيم عليه السلام حيث قال " فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم " إبراهيم : 37 وقال " ومن ذريتي " البقرة : 124 كما قال النبي صلى الله عليه واله : أنا دعوة أبي إبراهيم ، والآخرة والأولى : الأولى تأكيد للدني أو المراد بأهل الآخرة أهل الملة الآخرة ، وكذا الأولى ، يا طيب مصداق الآية الكريمة : { وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } الفرقان (74) وقد تم بيانه في الباب الأول .

وحملة كتاب الله : أي عندهم تمام الكتاب على ما نزل ، من غير نقص وتغيير ومعناه وتأويله وبطونه . وذرية رسول : الله صلى الله عليه واله تشمل أمير المؤمنين عليه السلام تغليبا ، أو هذه الفقرة مختصة بغيره عليه السلام وسيأتي في الجامعة الكبيرة وورثة رسول الله صلى الله عليه واله فلا يحتاج إلى تكلف ، والمستقرين في أمر الله : أي في أوامره عاملين بها أو في أمر الخلافة ، يا طيب : إن كتاب الله هو الموجود بين الدفتين والله حافظ له باللفظ كما هو الآن وحافظ له بالشرح والبيان بالأئمة من أهل البيت عليهم السلام .

وفي بعض النسخ المستوفرين أي الذين يعملون بأوامر الله أكثر من سائر الخلق .

 

والتامين في محبة الله : في بعض النسخ القديمة والنادمين بالنون من النمو أي نشئوا في بدو سنهم في محبته ، أو في كل آن وزمان يزدادون في حبه ، يا طيب بل أمر الله بمحبتهم كما في آية مودة القربى .

والذادة الحماة : الذود الطرد والدفع أي يدفعون عن دين الله ما يبطله ويحمون عباد الله عما يهلكهم ويضلهم .

وبقية الله : أي بقية خلفاء الله في الأرض من الأنبياء والأوصياء ، إشارة إلى قوله تعالى " بقية الله خير لكم إن كنتم تعلمون " أو الذين بهم أبقى الله على العباد ورحمهم فالحمل للمبالغة فيكون إشارة إلى قوله تعالى " أولوا بقية " والأول اظهر .

والعيبة : الصندوق الذي تحفظ فيه الأشياء الثمينة  ، ونوره : أي الذين نوروا العالم بعلم الله وهدايته ، أو بنور الوجود أيضا ، لأنهم علل غائية له ، والعزيز : الغالب القاهر الذي لا يصل أحد إلى كبريائه ، والحكيم : المحكم لأفعاله العالم بالحكم والمصالح .

القوامون بأمره : أي الإمامة أو الأعم أو المقيمون لغيرهم على الطاعة بأمره .

اصطفاكم بعلمه : أي عالما بأنكم مستأهلون لذلك الاصطفاء ، أو لان يجعلكم خزان علمه أو بأن جعلكم كذلك ، يا طيب : لأن الله وهو الذي يختار ويصطفي لولاة دينه بعلمه حسب إخلاصهم وحسن عمله وقد بيناه في الباب الأول من هذ الكتاب .

وارتضاكم لغيبه : إشارة إلى قوله تعالى " فلا يظهر على غيبه أحد إلا من ارتضى من رسول " إما بكون الرسول في الآية شامل لهم على التغليب أو بكون المراد به معنى آخر أعم من المعنى المصطلح ، ويحتمل أن لا يكون إشارة إليها ويكون المقصود في الآية ، حصر علم الغيب بلا واسطة في الرسل ، وأما علمهم عليهم السلام فإنما هو بتوسط الرسول صلى الله عليه واله ، ويظهر من كثير من الروايات أن لفظة من في الآية ليست بيانية ، وأن المراد بالموصول أمير المؤمنين أو مع سائر الأئمة عليهم السلام ، فانهم المرتضى من الرسول أي ارتضاهم بأمر الله للوصاية والخلافة فلا يحتاج إلى تكلف ، يا طيب وفيه معنى : قوله تعالى (سوف يعطيك ربك فترضى) وقوله تعالى (إنا أعطيناك الكوثر) .

واجتباكم بقدرته : إشارة إلى علو مرتبة اجتبائهم ، حيث نسبه إلى قدرته مؤميا إلى أن مثل ذلك من غرائب قدرته أو لإظهار قدرته ، ويحتمل أن يكون المراد أعطاكم قدرته وأظهر منكم الأمور التي هي فوق طاقة البشر بقدرته ،كما قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية بل بقوة ربانية .

 

وخصكم ببرهانه : أي بالحجج والدلائل ، أو المعجزات ، أو القرآن ، أو الأعم من الجميع وهو أظهر ، يا طيب راجع حجج الأئمة عليهم السلام في معرفة الله والدلالة عليه وبراهينهم في كتاب أصول الكافي أو في نهج البلاغة تعرف أنه لم يعرف الله لعباده مثلهم عليهم السلام .

وأيدكم بروحه : أي الروح الذي اختاره ، وهو روح القدس الذي هو معهم يسددهم كما مر ، وتراجمة لوحيه التراجمة بكسر الجيم جمع الترجمان بالضم والفتح ، وهو الذي يفسر الكلام بلسان آخر والمراد هنا مفسر القرآن وسائر ما أوحي إلى نبينا وساير الأنبياء صلوات الله عليه وعليهم ، يا طيب عرفت أن في ليلة القدر الملائكة تنزل على الناس وبعد رسول الله الروح ينزل على الإمام من ذريته عليهم السلام .

واركانا لتوحيده : أي لا يقبل التوحيد من أحد إلا إذا كان مقرونا بالاعتقاد بولايتهم ، كما ورد في أخبار كثيرة أن مخالفيهم مشركون ، وأن كلمة التوحيد في القيامة تسلب من غير الشيعة ، أو أنهم لو لم يكونوا لم يتبين توحيده فهم أركانه ، أو المعنى أن الله جعلهم أركان الأرض ليوحده الناس وفيه بعد .

وشهداء على خلقه : كما قال تعالى " لتكونوا شهداء على الناس " وقد سبق في الأخبار الكثيرة ، أن أعمال العباد تعرض عليهم، يا طيب بينا أن الله اتخذ الأئمة شهداءه كل منهم عليهم السلام في زمانه وقد بين في كتاب صحيفة الثقلين .

ومنارا في بلاده : أي يهتدي بهم أهل البلاد ، وأدلاء على صراطه : أي دينه القويم في الدنيا ، والصراط المعروف في الآخرة ، يا طيب هم المنعم عليهم في صورة الفاتحة وقد بيناه في الباب الأول من هذا الكتاب وفي صحيفة الثقلين في الفصل الثاني .

وآمنكم من الفتن : أي في الدين ، وأذهب عنكم الرجس : أي الشرك والشك والمعاصي كلها ، ووكدتم ميثاقه : أي الميثاق المأخوذ على الأرواح ، أو الأعم منه ومما أخذ النبي صلى الله عليه واله من الخلق ، على ما أصابكم في جنبه أي في طاعته وحقه أو قربه وجواره ، كما قالوا في قوله تعالى " على ما فرطت في جنب الله " وصرتم في ذلك : أي في الجهاد أو في كل من الأمور المتقدمة ، وكلمة في تحتمل السببية .

منه إلى الرضا : أي رضا الله عنكم أو رضاكم عن الله .

فالراغب عنكم مارق : أي خارج من الدين ، واللازم لكم لاحق : أي بكم أو بالدرجات العالية ، ويقال : زهق الباطل أي اضمحل وزهق السهم إذا جاوز الهدف .

وإليكم : أي كل حق يرجع إليكم بالآخرة فإنكم الباعث لوصوله إلى الخلق أو في القيامة يرجع إليكم فأن حسابهم عليكم .

وإياب الخلق إليكم : الإياب بالكسر الرجوع أي رجوع الخلق في الدنيا لجميع أمورهم إليهم وإلى كلامهم وإلى مشاهدهم ، أو في القيامة للحساب وهو اظهر . فالمراد بقوله تعالى " إن إلينا إيابهم " أي إلى أوليائن كما دلت عليه أخبار كثيرة ، يا طيب بيناه في المعاد في كتابنا هذه أصول ديني .

وفصل الخطاب عندكم : أي الخطاب الفاصل بين الحق والباطل ، وآيات الله لديكم أي آيات القرآن أو معجزات الأنبياء ، يا طيب بينا أنهم هم ورثة الكتاب والراسخون في علمه والله يهدي بهم عبادة .

 

وعزائمه فيكم : أي الجد والاهتمام في التبليغ والصبر على المكاره والصدع بالحق ، فيكم وردت وعليكم وجبت : أو الواجبات اللازمة التي لم يرخص في تركه إنما وجب على العباد لكم كوجوب متابعتكم والاعتقاد بإمامتكم وجلالتكم وعصمتكم ، أو ما أقسم الله به في القرآن كالشمس والقمر والضحى أنتم المقصودون بها ، أو القسم بها إنما هو لكم ، وقيل أي كنتم آخذين بالعزائم دون الرخص ، أو السور العزائم ، أو ساير الآيات نزلت فيكم ، أو قبول الواجبات اللازمة إنما هو بمتابعتكم ، أو الوفاء بالمواثيق والعهود الإلهية في متابعتكم .

وأمره إليكم : أي أمر الإمامة والهداية للمؤمنين بعد رسول الله ، والرحمة الموصولة أي الغير المنقطعة فإن كل إمام بعده إمام ، كما فسر قوله تعالى : ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون ، بذلك في بعض الأخبار ، أو الموصولة بين الله وبين خلقه ، يا طيب : هو أمر الهداية لعباده والدلالة للصراط المستقيم.

والآية المخزونة : أي هم علامة قدرة الله تعالى وعظمته ، لكن معرفة ذلك كما ينبغي مخزونة إلا عن خواص أوليائهم ، وفيه إشارة إلى أن الآيات في بطون الآيات هم الأئمة عليهم السلام كما مر في الأخبار ، وقد قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ما لله آية أكبر منى ، يا طيب : الإنسان المؤمن فضل على المخلوقات وسيد المرسلين وأخيه أمير المؤمنين وولدهم الأئمة أفضل آيات الله تعالى لأنهم سادت العالمين .

والأمانة المحفوظة : أي يجب على العالمين حفظهم وبذل أنفسهم وأموالهم في حراستهم ، أو المراد ذو الأمانة بمعنى أن ولايتهم الأمانة المحفوظة المعروضة إلى أمانة أو صدق حديثهم وأعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية الله عز وجل وولاية رسول الله صلى الله عليه وآله وولايتنا أهل البيت .

وكذلك خبر يزيد بن عمير المروي في العيون أيضا وقال فيه : دخلت على علي ابن موسى الرضا عليه السلام بمرو فقلت له : يا ابن رسول الله روي لنا عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال : لا جبر ولا تفويض أمر بين أمرين فما معناه ؟ فقال : من زعم أن الله عز وجل فوض أمر الخلق والرزق إلى حججه عليهم السلام فقد قال بالتفويض ، والقائل بالجبر كافر والقائل بالتفويض مشرك .

ونحو هذين الخبرين مما أوضح معنى تفويض أمر الخلق إلى الأئمة وأبطل قول المفوضة وأوجب لعنهم ومقاطعتهم . فكل ما ورد في هذه الزيارة الجامعة  وغيرها مما يوهم ظاهره التفويض ولا يومي إلى ذلك ، فإنما هو محمول على رعايتهم عليهم السلام لأمر  خلقه عز وجل وقيامهم بينهم بإعلاء دينه إذ أنهم حججه على خلقه وأنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون .

ويزيد ما قلناه إيضاحا ما جاء في آخر الزيارة المذكورة من قوله : واسترعاكم أمر خلقه أي جعلكم رعاة لأمرهم وولاة عليهم وأين هذا من التفويض المنهي عنه والملعون قائله ؟

على السموات والأرض : وقد مر أخبار كثيرة في أن الامانة المعروضة هي الولاية ولا يبعد أن يكون في الأصل المعروضة .

والباب المبتلى به الناس : إشارة إلى قول النبي صلى الله عليه واله : مثل أهل بيتي مثل باب حطة ، أشهد أن هذا : اسم الإشارة راجع إلى وجوب المتابعة ، أو إلى كل من المذكورات ، سابق لكم فيما مضى أي جار لكم فيم مضى من الأئمة ويحتمل الأزمنة السالفة والكتب المتقدمة ، والأول أظهر ، فجعلكم بعرشه محدقين أي مطيفين .

فجعلكم في بيوت : إشارة إلى أن الآيات التي بعد آية النور أيضا نزلت فيهم ، كما أن الآيات التي بعدها نزلت في أعدائهم ، وقد تقدمت الأخبار الكثيرة في ذلك ، فالمراد بالبيوت ، إما البيوت المعنوية التي هي بيوت العلم والحكمة وغيرهما من الكمالات والذكر فيها كناية عن استفاضة تلك الأنوار منهم ، أو البيوت الصورية التي هي بيوت النبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم في حياتهم ، ومشاهدهم بعد وفاتهم ، طيبا لخلقنا بالفتح إشارة إلى ما مر في الروايات أن ولايتهم وحبهم علامة طيب الولادة ، أو بالضم أي .

جعل صلاتنا عليكم وولايتنا لكم سببا لتزكية أخلاقنا واتصافن بالأخلاق الحسنة .

وكنا عنده مسلمين بفضلكم : إشارة إلى ما ورد في أخبار الطينة ، والأخبار الدالة على أن عندهم كتابا فيه أسماء شيعتهم وأسماء آبائهم ، وفي بعض النسخ مسمين ولعله أظهر .

ولا خلق فيما بين ذلك شهيد : أي عالم أو حاضر ، وخطر الرجل بالتحريك قدره ومنزلته ، والشأن بالهمز : الأمر والحال ، وقال البيضاوي في قوله تعالى " في مقعد صدق " أي مقام مرضي ، يا طيب : من يقبل من أله البيت هُدي للصراط المستقيم بمتابعة لهم ومن تركهم ضل عن هدى الله وغضب عليه لترك الأئمة الهداة والأبرار المنعم عليهم وبالخصوص من عاندهم وخرج عليهم .

وثبات مقامكم : أي قيامكم في طاعة الله ومرضاته ومعرفته ، والأسرة بالضم من الرجل الرهط الأدنون ، والسلم : بالكسر المصالحة والانقياد .

محتمل لعلمكم : أي لا أرد ما ورد عنكم وإن لم يبلغ إليه فهمي .

محتجب بذمتكم : أي مستتر عن المهالك بدخولي في ذمتكم وأمانكم .

مؤمن بإيابكم : أي برجعتكم في الدنيا لإعلاء الدين والانتقام من الكافرين والمنافقين قبل القيامة ، والفقرة التالية مفسرة لها ، وهما تدلان على رجعة جميع الأئمة وقد مر بيانها في كتاب الغيبة والارتقاب الانتظار ويقال : لاذ به إذا التجأ به واستغاث .

مؤمن بسركم وعلانيتكم : أي بالإمام المختفي والظاهر منكم أو بما ظهر من كمالاتكم وبما استتر عن أكثر الخلق من غرائب أحوالكم ، وهذا أظهر .

ومفوض في ذلك كله إليكم : أي لا أعترض عليكم في شيء من أموركم ، وأعلم أن كلما تأتون به فهو بأمره تعالى ، أو اسلم جميع أموري إليكم لكي تصلحو خللها حيا وميتا والأول أظهر ، ومسلم فيه أي لا أعترض على الله تعالى في عدم استيلائكم وغيبتكم وغير ذلك بل أسلم وأرضى بقضائه معكم ، أي كما سلمتم ورضيتم ، وقلبي لكم مسلم أي منقاد لا يختلج فيه شيء لشيء من أفعالكم وأقوالكم وأحوالكم ، ورأيي لكم تبع أي تابع لرأيكم .

ويردكم في أيامه : إشارة إلى الرجعة ، وإلى ما ورد في الأخبار أن المراد بالأيام في قوله تعالى ( وذكرهم بأيام الله ) هي أيام قيام القائم عليه السلام .

ومن الجبت والطاغوت : أي الأول والثاني ، والشياطين سائر خلفاء الجور.

والوليجة : الدخيلة وخاصتك من الرجال ، أو من تتخذه معتمد عليه من غير أهلك ، والرجل يكون في القوم وليس منهم أي لا أتخذ من غيرهم من أعتمد عليه في ديني وسائر أموري ، أو أبرأ من كل من أدخلوه معكم في الإمامة والخلافة ، وليس منكم ، وفيه إشارة إلى أن المؤمنين في قوله تعالى " ولم يتخذو من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة " هم الأئمة عليهم السلام وقال بعض المفسرين فيها أي دخلا وبطانة من المشركين يخالطونهم ويودونهم .

 

واقتص أثره : أي تتبعه . والزمرة : بالضم الفوج والجماعة ، ويكر في رجعتكم : الكر الرجوع يقال كره وكر بنفسه يتعدى ولا يتعدى وهذ يدل على رجوع خواص الشيعة أيضا في رجعتهم .

من أراد الله بدأ بكم : أي من لم يبدأ بكم فلم يرد الله بل أراد الشيطان ، ومن وحده قبل عنكم : أي من لم يقبل عنكم فليس بموحد ، بل هو مشرك وإن أظهر التوحيد ، يا طيب لأن كل تعليم مخالف لهم فهو مقابل ما أمر الله به من الكون مع الأبرار وأئمة الحق .

بكم فتح الله : أي في الوجود أو الخلافة أو جميع الخيرات ، والباء تحتمل السببية والصلة ، وبكم يختم أي دولتكم آخر الدول والدولة في الآخرة أيضا لكم ، إلا بإذنه : أي عند قيام الساعة أو في كل وقت يريد ، ويقال طاطأ رأسه أي طامنه وخفضه .

وبخع كل متكبر لطاعتكم : بخع بالحق بخوعا أقربه وخضع به كنجع بالكسر نجاعة وفي بعض النسخ بالنون يقال نخع لي بحقي كمنع أي أقر ، يا طيب : ل يوجد أحد لا يعلم من مناقب أهل البيت ما يوجب عليه محبتهم وودهم ووجوب متابعتهم وأخذ تعاليمه منهم ، ولكن البعض يكابر فيأخذ تعاليم الله من غيرهم .

ذكركم في الذاكرين : أي وإن كان ذكركم في الظاهر مذكورا من بين الذاكرين ، ولكن لا نسبة بين ذكركم وذكر غيركم ، يا طيب فإن ذكرهم منار هدى وشامخ العلى فأين هم ومن هو مدين لهم بعلمه ومعارفه ، وأين مراقدهم الشامخة التي تزار وتبين محل هدى الله ويصلى ويسلم عليهم ويطلب الحاجة منه عندهم ، وقبور غيرهم المهجورة الزيارة والذكر النبيل .

 فما أحلى أسماءكم وكذا البواقي ، ويمكن تطبيق الفقرات بأدنى تكلف مع أنه لا حاجة إليه ، إذ مجموع تلك الفقرات في مقابلة مجموع الفقرات الآخرة ، ومنتهاه أي كل خير يرجع بالآخرة إليكم لأنكم سببه ، أو الخيرات الكاملة النازلة من الله ينتهي إليكم وينزل عليكم .

جميل بلائكم : أي نعمتكم ، والبلاء تكون منحة ومحنة ، وغمرة الشيء شدته ومزدحمه .

 من شفا جرف الهلكات : شفا كل شيء حرفه وجانبه ، والجرف بالضم وبضمتين ما تجرفته السيول وأكلته من الأرض ، يا طيب بينا في الباب الأول شروط الإمامة الصبر والنجاح في الامتحان الهي عندما يصدق النية ، وهم نجحوا كما نجح جدهم النبي إبراهيم عليهم السلام ، والناس مبتلون بالأخذ منهم لأنهم الصراط المستقيم ، وهم على هذا كلمة الله المبتلى بها الناس كما أبتلي النبي إبراهيم عليه السلام بكلمات فأتمهن .

وبموالاتكم تمت الكلمة : أي كلمة التوحيد أو الإيمان إشارة إلى قوله تعالى : " اليوم أكملت لكم دينكم " والمفترضة على بناء المفعول يقال افترضه الله أي أوجبه ، ولكم المودة الواجبة أي في قوله تعالى ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) .

والمقام المحمود : هو مقام الشفاعة الكبرى كما قال تعالى ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) والمقام المعلوم أي في القرب والكمال إشارة إلى قوله تعالى ( وما منا إلا له مقام معلوم ) في بطن الآية كما مر .

لا تزغ قلوبنا : أي لا تملها إلى الباطل " أن كان " أن مخففة من المثقلة " وعد ربنا لمفعولا " أي ما وعده لنا من إجابة الدعوات وتضعيف المثوبات .

لا يأتي عليها إلا رضاكم : أي لا يذهبها ولا يمحوها إلا رضاكم عنا وشفاعتكم لنا ، يقال أتى عليه الدهر أي أهلكه .

 لما استوهبتم : كلمة لما إيجابية بمعنى إلا أي أسألكم واقسم عليكم في جميع الأحوال إلا حال الاستيهاب الذي هو وقت حصول المطلب .

 

ولا قال : أي مبغض ، ولا مال من الملال ، وأعلا كعبي بموالاتكم : أي غلبني على أعدائي بأن يجعلهم تحت قدمي ، أو المراد مطلق العلو والرفعة ، وقال الجزري في حديث قيلة والله لا يزال كعبك عاليا ، هو دعاء لها بالشرف والعلو انتهى .

والإخبات : الخضوع ، اجعلوني في همكم : أي فيمن تهتمون لأمورهم ، ولكم العناية في شأنهم بالشفاعة لهم في الدنيا والآخرة .

قال المحلسي : إنما بسطت الكلام في شرح تلك الزيارة قليل وإن لم أستوف حقها حذرا من الإطالة لأنها أصح الزيارات سندا ، وأعمها موردا ، وأفصحه لفظا وأبلغها معنى ، وأعلاها شأنا.

 

قال محقق بحار الأنوار :

لقد عكف كثير من الأعلام على شرح هذه الزيارة اهتماما بها فشرحو بعض ما ورد فيها مما يوجب الإيهام وأوضحوا بعض ألفاظها ومعانيها المغلقة دفعا للاعتراض وردا للانتقاد ، وقد ذكر جملة منهم شيخنا الحجة الرازي دام ظله في كتابه الذريعة والى القارئ أسماء من ذكرهم في خصوص ج 13 - وهم .

1 - الشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي المتوفى 1243 أو 41 وشرحه مطبوع وعندي منه نسخة مخطوطة كتبت في حياة المؤلف في سنة 1238 بعد تأليفه .

2 - المولى محمد تقي المجلسي والد شيخنا الباقر مؤلف البحار.

3 - السيد حسين بن محمد تقي الهمداني واسم شرحه الشموس الطالعة .

4 - السيد عبد الله شبر الحسيني واسم شرحه الأنوار اللامعة وهو مطبوع .

5 - السيد ميرزا علي نقي بن المجاهد الطباطبائي الحائري .

6 - الميرزا محمد على بن محمد نصير الجهاردهي الرشتي .

7 - ألسيد محمد بن محمد باقر الحسيني النائيني المختاري .

8 - السيد محمد بن عبد الكريم الطباطبائي البروجردي واسم شرحه الأعلام اللامعة . وغيرهم ممن لا يسمعنا الوقت باستقرارئهم .

بحار الأنوارص126ب8ح4الزيارة الثانية.

 

 


نص أبوذية الجامعة :

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

علمنا الإمام الهادي الزيارة الجامعة

ومعارفها يجب تعليمها في الجامعة

لأن الدين لم يترك لمغلول بالجامعة

يوم القيامة لغصبه الخلافة العلوية

 

نص أبوذية الجامعة المشرحة :

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

الحمد لله وشكرا للإمام الهادي لتعليمنا الزيارة الجامعة

فيها حقائق الإمامة والولاية ويجب تعليمها في الجامعة

لنعرف إن الرب لم يهمل دينه لمنافقين يغلون بالجامعة

يوم القيامة لمنعهم تولي المنعم عليهم بالخلافة العلوية


 

 

عناوين مفيدة :

تقبل الله أعمالكم وشكر سعيكم

صحيفة الإمام علي الهادي عليه السلام

تأليف وتحقيق وإعداد

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موقع موسوعة صحف الطيبين

لحضرتكم يا طيبين صحيفة الإمام علي الهادي عليه السلام

صفحة ويب يمكن الاقتباس منها والنسخ واللصق

www.alanbare.com/10

كتاب الكتروني جيد للمطالعة والقراءة

www.alanbare.com/10/10.pdf

 

ولحضرتكم محاضرة :

سريعة في مختصر حياة وإمامة ومعارف وتعاليم الإمام أبو الحسن الثالث النقي الهادي :  علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام

www.alanbare.com/10/10.mp3

أو رابط صفحة المحاضرة جميلة :

www.alanbare.com/10/h

أو من

www.alanbare.com/10/10.mp3




  ف ✐

  ✺ ت