هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

الْعَدْلُ

النور الثامن والأربعون

العدل : هو الوجود المتكامل المستقيم في ذاته وصفاته وأفعاله ، وجودا وحكما وقولا وعملا وهدى وجزاءا ، لا إفراط ولا تفريط فيه ، فلا جور ولا ظلم فيه لجانب من جوانبه حسب شأنه ولا تعدي له على غيره بأي نحو كان .

والله تعالى هو العادل و الْعَدْلُ بحق : لأنه عين الكمال الحق والحي الغني العليم القدير والحكيم الخبير المطلق الذي لا نقص له ولا حد ولا شيء يحوجه أبدا ، فهو بنفس وجوده واحد بكل أسماءه الحسنى وكمال مطلق أحد فردا صمدا وهو لا يظهر ولا يبطن إلا بالعدل في نفسه ، وفي صفاته وأفعاله ، فمن هذا الوجود الكامل الواسع الذي لا يتناهى الذي له كل جمال وجلال وموصف بالأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية بكل صفة واسم في حقيقة ذاته بما يناسبه من الظهور والبطون وفي حقيقية الوجود المخلوق وهداه ، ومن غير طغيان كمال على كمال ولا تجاوز حده ، بل بالعدل ظهر منها ما ظهر وبطن منها ما بطن .

ومن هذا الوجود الكامل الْعَدْلُ في ذاته سبحانه : ظهر الوجود وبطن به العدل بسعته ونعيم كل شيء فيه وغايته وبما يناسب شأنه ومحله ومكانه بأحسن صورة ممكنة متقنة ، فقد ملئ حكمة وبان بأنه من قادر على كل شيء وعليم خبير ، وله الإرادة النافذة بالحق ظهوراً وبطوناً ، فلا ظلم فيه ولا جور له في فعله ولا باطل ولا عبث ولا لهو فيه ولا لغو ، بل كله حق وعدل ، فبالعدل كان ما كان بالوجود والكون ونعيمه وخيره ، وجزاءه : للأعمال الحسنة بالثواب ، وللسيئة بالعقاب ، فبالعدل كان ما كان ، ولا طغيان ولا تجاوز لظهور وبطون الأسماء الحسنى الإلهية وصفاته العليا في نفسها ولا على شيء من الخلق ولا فيه ، بل قد يرافق العدل الإحسان والفضل والمنّة .

فالله تعالى هو العادل و الْعَدْلُ في وجوده وصفاته وفعله : ويخلق ويهدي وينعم بالعدل ، وإن كان عطائه ورحمته ونعمته لكل شيء بحسب استحقاقه وحاله ومقاله ، لكنه مع ذلك كله كان تفضل وكرم ورحمة من الذات المقدسة التي لها كل جمال وجلال ، ولا شيء له الاستحقاق بذاته ووجوده وإنما لحكمة الله وإتقان صنعه بأحسن صورة ممكنة كان العدل شامل لكل وجود ونعيم يحكي عن الحسن والكمال للذات المقدسة وعظمتها وشأنها الكبير في كل شيء لها والذي من تجليها ظهر في الكون .

 فكل وجود وكمال لشيء في الكون : يحكي بحسنه وإتقانه وبحسب شأنه عن ذلك الكمال العدل للوجود الحق لخالقه ، وإنه لا يحتاج لظلم وليس له جهل ولا له حاجة لشيء أو بخل وحد ونقص ، حتى يجور أو يطغى في فيضه وبيان كماله العظيم ومجده القديم ونوره الواسع الذي يسع كل من يتمكن لنيل كرمه .

ومن تجلى الله عليه بالعدل بتجلي خاص : فوفقه كان متكامل الذات والصفات والأفعال ، لا إفراط ولا تفريط عنده ، ولا يخرج عن الحق ولا يتصف بالظلم ولا باطل ولا لهو ولا عبث عنده ، وهذا وجود الأنبياء الكرام وبالخصوص نبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم ، فهم أعدل خلق الله في وجودهم وعلمهم وصفاتهم وأفعالهم ، وهذا مشهود بكل شيء ظهر منهم ، فتدبر حياة أئمة الحق ترى العدل والإحسان متجلي بكلامهم وحكمهم وبكل وجودهم وسلوكهم .

والمؤمن : عادل وعدل في علمه وقوله وفعله وحكمه وجزاءه مستن بسنن الله في ظهور عدله ، فيعلم إن عدل الله تفضل ورحمة وإحسان وخير وبركة ونعيم وعطاء مباركا ، فلا يسعى لحاجة ولا لطاعة لأحد إلا أن تكون وفق العدل ليكون فيها رضا الله العدل ، ولا يحرم نفسه من فيض وتجلي الله وبركاته وخيره بالمعصية والكفر والنفاق والمكر والحيلة والخداع ، فإنه خلاف العدل أن ينعم على العبد بنعم لا تحصى ويُقدره ويُعلمه ثم يعصيه بها ويدعوا لعصيانه والتمرد على أوامره ، فإنه بعدله يحرمه من كل خير وبركة ويسجنه بالطبيعيات ويحرقه بنارها ويكويه بما كنز منها أبدا .

ويا طيب : إن الكلام في العدل الإلهي هو في الأصل الثاني للدين ، وجُعل وحده ببحث وبكتاب مستقل لكثرة مسائله وإن شاء الله يأتي بحثه في محله ، وقد مر كلاما كريما في معنى تجلي الله بالأسماء الحسنى والصفات العليا في كل مراتب الوجود بالعدل والإحسان في الباب الأول من صحيفة التوحيد الثانية للكاملين ، وعرفنا معارف جميله وأمثلة كثيرة عن معاني عدل الله في تجليه في الوجود كله ، فضلا عن العدل في الجزاء والثواب والعقاب لكل شيء بحسب استحقاقه ، والله لا عدِل له بكسر الدال أي لا مثيل ولا شريك له ، بل هو وحده له كل شيء وهو الحاكم والمجازي والمتفضل المنان ، فيعفوا بكرمه ويغفر برحمته وإحسانه وهكذا ثوابه ، فإنه لا أحد يستحق شيء بنفسه مع كثرة نعمه وقلّة ما يأتي العبد من طاعته ، ولكنه كريم وعدل وإذا وعد وفى،  وإذا وفى تكرم ، فله المنة والفضل والإحسان ، وإن جزاءه يدوم أبدا .

 فمن تجلى عليه بعدله : إن كان مؤمنا ومحسنا فله أعلى ثواب وأرفع منزله في الكرامة أعدها لأحبائه وأولياءه المتصفين بصفاته بالعدل والإحسان ، وكلا له منزلته وشأنه في مراتب الكرامة والمجد عنده ، وعرفت أنه أعلى مقام هو لنبينا وآله فلهم الحوض والكوثر والميزان والصراط ، وكل نعيم خص به أولياءه فهو لهم أبدا ، ثم يحف بهم من تبعهم وكان سائرا على منهاجهم ، وهكذا الأنبياء وأتباعهم .

 وأما من ظلم وجار هنا : فأخذ حق غيره أو تسبب بضياع حق غيره ومكن غيره منه ، فلا يقبل منه فدية ولا يصرف عنه سوء يوم القيامة ، لأنه يوم الجزاء الأكبر وهو يوم جزاء لا عمل فيه ، فإنه هنا قد كرمهم ومكنهم من الفعل وبنعمه وبما سخر لهم كل شيء تمتعوا بالحياة الدنيا وزينتها حتى في عصيانهم وتمردهم، ثم حذرهم بالأخذ بالشدة والسراء والصحة والمرض وبكل شيء جعل له آية تدل على ضرورة توحيده والإيمان بعدله وله الحجة التامة . فيأخذ للمظلوم من ظالمه ويعطي المظلوم حقه ويجبر كسره فيعطيه حسنات تؤخذ من ظالمه أو سيئات منه تعطى لمن ظلمه ، فإن من يعمل مثقال ذرة خيرا أو شرا يرى جزاءه ، اللهم لا طاقتنا لعدلك فتفضل علينا بعفوك .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها