هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

الْمَلِكُ

النور الثامن والخمسون

المَلِكُ  : المتصرف بملكه أو بمملكة دولته بما يشاء لنفوذ أمره .

والله تعالى هو المَلِكُ الحق : لأن كل شيء في الوجود تجلي لنور الله تعالى ويهديه لغايته بفضله ولا يمنعه شيء من نفوذ أمره ، فهو الملك والمالك الذي له مُلك حقيقي سواء في صفاته في تجليها بالظهور والبطون أو في أفعاله ، لأنه كل شيء لكي يبقى ويستمر في الوجود يحتاج لمدد وتجلي فيض حقيقة الكمال المعبر عنه بالأسماء الحسنى والصفات العليا اللهية بما يناسبه ، فلذا ملكه تعالى لكل شيء في عين أنه نعمة وخير وبركة ولكن ملكه له بالقهر والغلبة والنفوذ والسيطرة والسلطان والقيومية والتدبير بالربوبية وله الهيمنة عليه كيف شاء ، ولا يشذ شيء عن سلطانه سبحانه وقد أحاط بكل شيء علماً وقدرة ، ولا يخرج شيء من ملكه لا بالتكوين ولا بالتشريع ، وإن عُصي في الدنيا فبإذنه لا بالخروج عن ملكه ولفترة أذن بها .

 فهو تعالى ملك ومالك وبأمره يملك الملوك : ويأتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، وأن في الدنيا مَلك ظاهري على المادة والبدن ، وهو ليختبر به عباده فيُملك من يعصيه ليقيم عليه الحجة وليُعرف بالظهور والتصرف من يتبع الملك الظاهري ، ممن يتبع المَلك الباطني الحق ، وهو فتنه ليعرف صدق الطيبين الذين يعبدون الله حبا له وفي كل حال ، ممن يتبع ملوك الدنيا ويطيعهم حتى لو كانوا أشرارا وعاصين .

 ولذا الله المَلك وهو المُملك للعباد في الدنيا لنوعين من الملوك : مَلِك باطني وهو مَلِك على القلوب بالمحبة واليقين بالهدى وتعاليم الكتاب والحكمة وما يوصل للمُلك الظاهري والباطني الأبدي في يوم القيامة ونعيمها الدائم ، ومَلِك ظاهري منقطع ويداول ملكه بين الناس المهتدين وغيرهم ، ليعرف صدق المؤمنين المخلصين ، من غيرهم الذين على دين ملوكهم حتى لو كانوا ظلمة وعاصين وفجرة فسقه غلبوا على الناس وملكوا دولتهم بالقهر والظلم ، وهم منحرفون عن الهدى الحق ودين الله الواقعي ، فيضل معهم ويخسر نور وجوده وخير ربه أبدا .

 والله تعالى هو الملك الحق : فكل شيء له وحده لا شريك له ، ومملوك له بوجوده وصفاته وأفعاله وبمدده يقوى على الفعل والاختيار هنا ، ولكن يأتيه عبداً ذاخراً يوم القيامة ، ولذا سما نفسه سبحانه مالك يوم الدين لأنه يظهر مُلكه سبحانه فيه من غير اختيار لأحد ولا عمل فيه من أحد ، ويعرفون بحق اليقين أنه الملك الحق وهو الذي كان يأتي المُلك للملوك سواء كانوا مؤمنين أو كافرين ، ويقرون له مذعنين مهطعين لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا .

كما إنه يبروز العباد لله الواحد القهار الملك الحق : في ذلك اليوم للحكومة المطلقة و للجزاء بالثواب أو بالعقاب ، وقد سلب منهم الاختيار والإرادة إلا بما يحركهم له قانون المحشر ، وليس لهم إلا الطاعة والإقرار وتنفيذ أوامر الحساب وما يأتيهم من الثواب والعقاب ، فيُكرم العباد المؤمنين بكرامة لا كرامة بعدها فيجعل لهم مملكة عرضها السماوات والأرض ، وفيها كل نعيم يحكمون بها كيف يشاءون ويتصرفون بما يريدون ، لا يعصيهم أحد في مملكتهم ولا يثور عليهم ، ولا يزاحمهم شيء من مكروه ولا ينغص عيشهم حر ولا برد ولا قلة زينة وفخر ، ولكل فرد مؤمن كل ما يريد من غير أذى ولا زحمة ولا تعب بعد تكريم الله له ، فيكون ملكا بأمر الله الملك الحق ، ولذا كان الله ملك الملوك ومالك الملك ومملك الملوك ملكهم ، وواهب الملك لكل مملوك سواء في الدنيا أو في الآخرة ، ولكن لا حياة إلا حياة الآخرة ، ولا مَلك ولا مُلك إلا مُلك ومالك القيامة والجنة ، ولا مُلك ومَلِكُ حق واسع إلا هناك.

ومن تجلى عليه الملك بالتجلي الخاص : جعله ملك حقيقي في الدنيا والآخرة ، فيكون النعيم الحق برضاه وبتصرفه وبإطاعته ، فيجعل طاعته من طاعته ورضاه من رضاه ، وله دينه الحق الذي يُعبد به فيتجلى عليهم بنعيم الأسماء الحسنى الأبدي ، وخير من تجلى عليه الملك بالتجلي الخاص الأنبياء وأوصياءهم وبالخصوص نبينا الأكرم محمد وآله صلى الله عليهم وسلم ، فجعل لهم المُلك الحقيقي الدائم فهو في الدنيا الكتاب والحكمة وهو الملك العظيم الحق الذي كرم لله به عباده ، كما عرفت آياته وعرفت إنه الخير الكثير ، ويملك من تبعهم في دولتهم حين ظهور دولة الحق والعدل في آخر الزمان مع الحجة المهدي ، وهي مملكة الحق العظمى فيرجع ليكون في الدنيا والآخرة في مملكة الحق ظاهرا وباطنا أبدا. وفي الآخرة لهم الشهادة ومُلك الحوض والمقام المحمود والكوثر والميزان والصراط والأعراف والجنة ، بل خلقت لهم ولمن تبعهم ممن أطاع الله بدينهم الحق وصدقهم وكان منهم ومعهم في هداه ودينه فيستن بهم ، ولمعرف ملك الله وتمليكه العظيم لنبينا وآله ولمن تبعهم راجع الأسماء الثلاثة الأخيرة.

والمؤمن : لما يرى إنه مملوك وعبد لمالك يوم الدين فلا يستعين إلا به ولا يطلب العون والمدد إلا منه ، ولذا أدبنا سبحانه في سورة الفاتحة أن نطلب منه أن يهدينا للصراط المستقيم الذي ملكه للمنعم عليهم ، فالمؤمن يجب عليه أن يبحث عنهم ويأخذ دينه وهدى الله منهم ، لأنه أفضل نعمة وبها معرفة الرب وطاعته وعبوديته ، ولهذا لا يحق له أن يستهين بهذه المعرفة للهدى الحق فيكون من المغضوب عليهم والضالين إذا لم يعرف بيقين وجد حقيقة دين الله من الصادقين المهديين الذين جعلهم الله هداة للصراط المستقيم ، فراجع يا طيب صحيفة الإمامة والثقلين من موسوعة صحف الطيبين لترى بحق اليقين إنهم نبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين، فتتبعهم بيقين لتتنعم بهدى الله بحق ، وتكون مَلك بما تتعلم من أئمة الحق في الدنيا وتقتدي بهم بفضل الله ومالك ملك ظاهري والباطني أبدي لنفسك ودينك وأفكارك وأعمالك ، فتنال رضا رب العالمين ومالك يوم الدين فيملكك مملكة تسع السماوات والأرض ، وهي ملئا بالحور العين وبالولدان المخلدين وفيها كل ما تشتهي الأنفي وتلذ الأعين ، ولا تكون عبدا للشهوات وللشيطان وأوليائه هنا وهناك فتحرم كل نور الملك ونعيمه .

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها