هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية

 

الخالق

النور الثالث والتسعون

 

الخالق : هو المقدر للشيء والجاعل له وجوده التام الكامل ، والخالق : المقدر الذي يظم الشيء للشيء فيجمعه بشيء واحدا بكل خصائصه وطبائعه التي يتصف بها في ذاته وصفاته وأفعاله ، فيكون الشيء مخلوقا للخالق .

 والله تعالى هو الخالق الحق : لأنه بعلمه الأزلي أتقن وأحكم وجود كل شيء ، ووفق أحسن تقدير ظهر الكون وكائناته بكل خصائصها وخواصها وأحولها وزمانها وظروفها ، وبحسب رتبتها في الوجود وشأنها وعليتها لخلق الله بما أقدرها في فعلها ، فالكائنات معلولها المخلوق لها بإذن الله ومدده ودون العلة في الشرف ، والله محيط عليهم بفضله ، وكان الكل ظهورا لنور كماله وكرمه الظاهر في كل شيء سبحانه ، وهو الذي يمد كل شيء في خلقه وإيجاده وبعد وجوده حتى غايته المقدرة له أو التي يسعى إليها ، فسبحانه الله الخبير الخالق البارئ المصور البديع الذارئ خير الناصرين وأحسن الخالقين الخلاق ، وهو أسم واسع المعنى والحقيقة والنور في الظهور ، واسم الله الخالق من أمهات الأسماء الفعلية ، كما سيأتي في صحيفة العارفين .

فالله تعالى هو الخالق الحق : لأنه هو المقدر والمكون والموجد لكل شيء ولا شيء قبل إيجاده حتى يضم شيء لشيء ، بل خلقه تعالى إبداع من غير مثال ولا شبه قبله ، فبرئ كل شيئا طاهرا من النقص حسب شأنه ، وصوره بأحسن صورة ممكنة ، ومده بما يستحق فنصر وجوده حتى غايته ، وهداه بالتكوين أو مع التشريع ، فهو الخالق والمقدر بأحسن صورة ممكنة لوجود الخلق ، حتى أنه لا يمكن أن نتصور أحسن من خلقه سبحانه ، ولكل شيء بحسب شأنه ولغاية أوجده .

فالله الخالق الحق : لكل شيء ومقدر له وجوده وكل خصائصه ، فإن يفعل فبإذنه وبما يمده من قدرة وعلم ، فهو الخَلَّاقُ وخلق الأشياء قادرة ويمدها بالاستطاعة على فعل وعمل يناسبها ، بل خلق الإنسان في هذا الوجود قادرا على الاختيار والانتخاب بالإضافة لقدرة على الأفعال الطبيعية في بدنه ، بل كل شيء فطره على القدرة والعمل بما يناسب شأنه ويسير لغايته بعد أن هيئ له ظروفه المناسبة ورزقه ليدوم بالحياة ويسعى لكماله اللائق به ، أو بالإضافة للعلم وما يقدر به على العمل وكل ما يساعده على الحياة بأحسن صورة منسجمة في خلقه وبما يحيط به ، وبالخصوص الإنسان الذي كرمه بالعلم والتفكر والإرادة والعزم والتحرك والنعم التي لا تحصى حتى فُضل على كثير من خلق الله ، وسخر له الكون وما في السماوات والأرض ليتنعم وليصل لأتم سعادة وفرح وسرور وحياة كريمة عنده في المقام المحمود المغفور والممحي سيئاته والمشكور سعيه إن آمن بالله الخالق لكل شيء وصدق هداه ، وطلب الكمال الحق الذي غرزه في فطرته وجعله يسعى له بطبيعته وسجيته , فسبحان الخالق الخلاق لكل شيء وليس كمثله شيء وهو أحسن الخالقين .

والله الخالق تعالى إن تجلى على عبد بالتجلي الخاص : جعله أفضل خلقه خَلقا وخُلقا وصفاتا وأفعالا وسجية وطبعا ، فيتجلى ما في حقيقته وطبعه وخلقته وفطرة من نور الخالق البر الخبير الحكيم الناصر ، وبكل ما ظهر عليه ومده به من نور أسماءه الحسنى ، فيظهر فيه خَلقا وصفاتا وفعلا ، فييسره لكماله بأحسن صورة ممكنة لمخلوق خلقه سبحانه ، حتى يكون أجلّ الوجود شئنا وأعظمهم خَلقا وخُلقا وأحسنهم صفاتا وسيرة وسلوكا وبكل شيء من تصرفه وأحواله ، حتى يصير بوجوده وخلقه وطبعه لا يخالف ما يوصله للكمال الدائم في شيء من تصرفه ، فلا يتعصى بشيء من حاله فضلا عن وجوده على إشراق نور الله الفياض من الأسماء الحسنى والصفات العليا ، والتي تُكرم كل من يتوجه لله ويطلب الكمال الدائم الواسع منه ، وبكل وجوده وعلمه وفكره وخياله وعمله وسيرته وسلوكه ، وهذا ما حكاه الله الوفي البر الودود في تجلي نوره على الأنبياء والأوصياء على طول الوجود ، والذي جعل فيه أئمة حق وهداة للبشر ، ويسيرون بهم لأحسن غاية لهم إن اقتدوا بهم وساروا على صراطهم المستقيم في دين الله القويم لأفضل مجد ونعيم أبدي خالد .

وخير من تجلى الله الخالق عليه في الوجود : وبكل مراتبه ، فجعله خير خلقه وأشرفهم وأكملهم وأفضلهم وأعزهم وأكرمهم وأمجدهم ، هو نبينا الأكرم محمد ثم بعده آله الطيبين الطاهرين صلى الله عليه وآله راجع صحيفة النبوة ، وقال الله الخالق لنبينا الأكرم الجليل العظيم :

 { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } القلم 4 .

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } الأنبياء 107.

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرً } الأحزاب46.

{ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ } الجمعة2.

 { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نورا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ الله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلاَ إِلَى الله تَصِيرُ الأُمُورُ }الشورى53 .

{ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ }الحج67 .

 { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نورا مُبِينً } النساء174 .

{ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نورا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } الأنعام122.

فكان نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم : خُلقه القرآن الكريم ، ومعارف شؤون العظمة لله كلها ، ومتحقق نور في وجوده إشراقها ، ومنه تظهر وتُعرف ، فهو رحمة الله للعالمين ، وهو ذو الخلق العظيم ، وبسجيته كريم ، ووجوده نور ، يسير بالعباد بصراط مستقيم للكل نعيم ، فكان نبينا الجليل العظيم شأنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أشرف خلق الله في الوجود كله ، فخصه الله بما لم يخص أحد بالكرامة والمقام المحمود والمجد والنور الواسع في كل وجوده وتصرفه وسجيته وطبعه وفكره وعلمه وتعلميه وسيرته وسلوكه ، وكل شيء ظهر من حاله يُعرف قدرة الله المتجلية في خلقه وعلمه الظاهر بهداه ، فجعله محلا للنور الحسنى بأوسع تجليها في جميع مراتب الوجود ، بل له المقام المحمود المشكور سعيه بحق ، بل جعل آله طيبين طاهرين منه في آية المباهلة وأمرنا بالصلاة عليه وآله معه بتعليمه ، وأمرنا أن نقتدي بهم ، فأمرنا بإطاعته وآله في آيات الولاية والمودة وغيرها ، وبكل حال لهم جعلهم راسخون بعلم الكتاب ، ومعلمين له وشارحين له بعد نبي الرحمة ، فكانوا ورثته في طبيعتهم وخُلقهم وسجيتهم وبكل تصرف كان لهم ، حتى كانوا هم ومن تولاهم بحق يسيرون بصراط مستقيم لكل نعيم أنزله الله من نوره وخلقه في الوجود في أنفسهم أو كان نعيما أبديا لهم ، فكانوا النور الحق في آيات النور والبيوت المرفوعة كما عرفت في اسم الله النور والوارث والودود والبر والوفي والمولى وغيرها ، فكانوا نور الله الخالق الساطع بالكون بأوسع وجود ، وكان لهم كل نور مشرق من نعيم حق دائمي ، وبأفضل تجلي وأكمل ظهور وأتم وجود مخلوق في الكون في أعلى مراتبه لهم فيهم أو نعيما لهم .

وهكذا يحيط بهم من سار على الصراط المستقيم الذي خص به المنعم عليهم نبينا وآله ، وهذا ما نحدث به هنا هو جزء مما أمر الله الخبير الخالق خير الناصرين به لمعرفة نور فضله وكرمه في تجليه في الوجود وظهوره خلقا حقا لا لفظا فقط ، بل حقيقة الوجود الكامل النير الدائم لنبينا وآله والله الذي أمر نبينا وعملنا أن نحدث به حين قال لنبينا :

{ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } الضحى11 .

{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } الشرح4 .

 وعرفنا نوره في آله بأنهم رجال بيت مجيد ذكرهم ووجودهم نور وصادق علمهم وعملهم في هداه وبالإخلاص له ، حدثنا عنه الله الخالق في آيات النور والبيوت المرفوعة والتطهير والمباهلة والقربى والإمامة والولاية والاختيار والاصطفاء التي لا تنطبق إلا على نبينا في نفسه وآله معه ، وهي تُعرف شؤون عظمة نور الله وتجليه بأكمل وجود مخلوق له ، و في كل شيء شرفهم به حتى كانوا معه كوثر الوجود وخيره وأئمة حق إلى يوم الدين ، والحديث عن طبيعة نبينا الأمجد المصطفى الأحمد المختار سيد الأنبياء والأبرار وآله الطيبين الطاهرين معه ، هو الحديث عن مواصفات خِلقتهم وخُلقه وطبيعة فطرتهم المتحلية والمتجلي بأكرم كمال وجمال وحُسن ، نزل من الأسماء الحسنى في التكوين على مخلوق ، فكان إما لهم أو في ملكهم ولمن تبعهم في الملكوت الأبدي بأحلى وأصفى وأتم تجلي وظهور من الله البار الوفي الخالق المنعم الأكرم ، والذي لا يوصف ولا يعرف إلا من خلال نوره الظاهر في خلقه في الوجود ، فتتوله له القلوب فتطلب نور عظمته وتشتاق لعبوديته وطاعة ، وبالخصوص حين رؤية حقائق الخلقة الكريمة في طبيعة الكرام من خلق الله وسجية الأشراف الذي فضلهم الله ، وفطرة الكمال الراقية لهم في التوجه لله والإخلاص له وحده لا شريك الله ، والتي حصلت على أعلى نور من الأسماء الحسنى وفيضها في الوجود من الله الخلاق الخالق ، فكانوا أجمل مظهر له وأحلى نور سطع في الكون منها . 

ويكفي لمعرفة هذه الخصائص لنبينا الكريم وآله : أن تراجع صحفهم والكتب المختصة المعرفة لسيرتهم وسلوكهم وأحاديثهم ، فراجعها يا طيب ، وإن أحببت بحوثنا فراجع موسوعة صحف الطيبين صحيفة النبوة الأصل الثاني للدين ، والإمامة والثقلين وصحيفة الإمام علي وآله ومما تم منها ، لترى حقائق الكرامة الإلهية والجود الرباني الظاهر في عباده بالوجود ، وبأعلى خلق وتكوني وظهور وتجلي حل في الخلق ، فتبارك الله أحسن الخالقين الذي خلق كل شيء بأحسن تقويم وأتقنه بأفضل هدى ، فهو الخلاق الخبير الحكيم العلي العظيم الرب الجليل الجواد الوفي البار خبر الناصرين .

والمؤمن : يعرف إن الله هو الخالق وحده لا شريك له ، ولابد أن يكون في خلقه ، وجود خلق هم أكمل خلقه وأشرف خلقه وأكرم خلقه وأعظمهم نورا وواسعا في وجودهم الحقيقي ، ولهم وبهم ظهر أتم وأكمل ونور إشراق لتجلي وظهور الأسماء الحسنى  خلقا حقا باطنا وظاهرا في الوجود ، فيحب ويود أن يكون مثل هذا الخلق الكريم في الكمال والمجد فيقتدي به ، لأنه يعلم إن الله لا يحاط به علما ولا يعرف شؤون عظمته إلا بمن أصطفى وأختار الله الخالق سبحانه من خلقه ، فخصه بدينه وهداه ، فكان في ظهور وجوده وخِلقته في خُلقه وصفاته وأفعاله وعلمه وعمله مظهرا لأعظم خلق الله الخلاق ، وبه يُقتدى فيصل من سار على نهجه لما عند الله من نور العظمة لتجلي الأسماء الحسنى فيتحقق به خلقا تاما حقا .

والمؤمن يعلم : بخلقته وبطبيعته وبفطرته وبسجيته إنه لابد أن يسير بصراط مستقيم بهدى من أنعم الله عليه بالكمال التام ليكون معهم فيحف بهم في مجد الله في الوجود ، وإن الله تعالى لم يكتفي بترديد أسماءه الحسنى وذكرها فقط لكي يتحقق المؤمن بنورها ، ولكنه ظهرت لها حقائق في الخلق ومنها يقتبس نورها ، لا مجرد ذكرها لفظا دون طلب معناها وحقائقها لتكون في وجوده نور يرفع شأنه ويكون له عظمته في الحصول على نورها ، فيستعد لتحصيل الكمال منها بأحسن وجه من تجليها وأتقنه ، أنه يرددها وهو يبتعد عن نورها بمتابعة أولياء الشيطان وأئمة الضلال .

والمؤمن يعرف : إنه لا رهبانية في الإسلام وإن كان لأوراد الذكر شأنها الكريم ، لكنها تؤثر حين تنسجم وتجتمع بأداء ما شرفنا الله به من معارف هداه الظاهر من أئمة الحق رسول الله وخلفاء رسول الله الذين كرمهم الله الخالق ، وأمر بودهم وطاعتهم فجعلهم أولياء دينه وأئمة الخلق بحق بعد نبيه ، وإلا لم يحصل على هداه من غير أولي النعيم وأصحاب الصراط المستقيم ، وبهذا يمكن أن يطاع ويشكر ويعبد بإخلاص كما يحب ويرضى الله الخالق الخلاق أحسن الخالقين لكل شيء ظهر من نوره في الوجود ، فتتجلى نور الأسماء الحسنى على العبد ويقتبس من نورها ، لا أنه بمجرد معرفة الأسماء الحسنى لفظا دون معرفة حقائق تجليها وظهورها في الخلق يمكن أن يحصل العبد على نورها الظاهر في الوجود .

 ولذا كان على المؤمن حق : أن يتأدب ويتخلق بخلق الله والأسماء الحسنى بعد معرفة حقائقها من أهل الصراط المستقيم المنعم عليهم وأئمة الحق الذين خصهم الله بنوره وهداه خلقا وخلقا وصفاتا ، وبكل مظهر لهم عرّف الله الخالق نوره المشرق منهم في التكوين والهدى وكما في آيات النور والبيوت المرفوعة المطهرة وبالذي أمر بودهم بآية المودة ، فيحب أن يكون منهم حين يقتدي بهداهم بحق ، ويتبع دينهم القيم واقعا من دون خلط به بغيره ، وكلما خبر دين الله وتخلق به بوجوده حسن خلقه وتم وجوده وكمل نوره وتوسع ملكه بنعيم أبدي خالدا لا ينغصه شيء .

ولذا كان معنى التخلق بالأسماء الحسنى : والتأدب بآداب الله المشرق من نور الأسماء الحسنى ، هو الذي تطلبه الفطرة وسجية الإنسان وطبيعته بكل وجودها ، فتحب الكمال المطلق والكون فيه أبدا ، وهي خصائص الروح ونزوعها لحب البقاء والكمال الحق والنعيم الصادق ، والتنفر من النقص والحاجة وكل مزاحم ، والتي أودعها الله في خلقت الإنسان وطبيعته ، فكانت هي حقيقة التي تسير للتحقق بنور الكمال والجمال حين طلب نور هدى الله الحق من أئمة الحق ، فتتخلق به ويتحقق به وجود المؤمن ويتحلى به مخلصا لله عبودية تامة ، ورافضة لكل عصيان وطغيان عليه ، بل العبد بروحه يكون تائبا راجعا لله بكل وجوده ومتوكلا عليه لأن يعرفه هداه الحق ومن أئمة الحق ، ودينه الصادق من الصادقين المصدقين ، والذين طهرهم وخصهم بكل شرف ومجد من تجلي هداه ونور نعيمه من كل ما أشرق منه تعالى ، و الذي يكون من ظهر به كان متأدبا بآداب الله ومتخلقا بخلق الله الظاهر في الوجود فيحسن خلقه ويتم نوره خالدا أبدا .

فالمؤمن يعرف : إن من رفض الكمال المطلق المتجلي في خلقه ولم يحاول الحصول عليه بحق ، فإنه يكون ممن يتعصى على نور الأسماء الحسنى الذي يُحسن خلقه ويتقنه في النعيم الأبدي ، وإن من كان محل وجوده وخلقه بالأخلاق الغير الإسلامية الحقة ، ومأخوذ من أعداء أئمة الحق والضالين عن هداهم ، فهو مع أئمة الضلال والطغاة على أمر الله وحكمته وخبرته في غضب الله ، فتكون فطرته متردية هاوية ليس له نصيب من نور الله الذي فيه الكمال الحق، والذي يمد خلقه بالنور الواقعي الأبدي فيرفع شأنه للمحل الأعلى مع الطيبين الطاهرين الأمجاد الأشراف ، ويكون من الصديقين في إيمانهم الصالحين في أفعالهم ، والذين شهدوا نور الله وتحلوا به، بل تجلوا به وظهر منهم وفيهم نعيم أبدي دائم لا يزول بفضل الله الخالق وأحسن الخالقين المجيد الناصر سبحانه .

ولذا المؤمن الحق : يطلب الهدى الحق ليتخلق به ، بل يتخلق بنور تجلي الأسماء الحسنى بمظهرها الحق في الوجود ، ويرفض كل متعصي وضال عنه ، فضلا عمن يحاربه ويعاديه ويدعوا لمقاطعته ويرفض الإقرار لنوره وطاعته ، فلا يصله نصيبا كريما خصه الله لمن يطيع أولياء هداه ، والظاهرين بنور المجد والعظمة الإلهية الجليلة ، وبكل حركة لهم في الأرض بل يكون لهم كل كرامة في أعلى مراتب التكوين حين الرجوع له سبحانه ، وتعالى من خالق وخير الناصرين .

فالمؤمن : يكون بكل وجوده وعقله وفكره مؤمنا ومجدا في طلب طاعة الله وآداب الدين ، فيكون خبير بحق بهدى الله ليتخلق به ويكون جزءا من حقيقته وطبيعته ووجوده ، فضلا عن الظهور به بصفاته وأفعاله بكل أحواله ، وبهذا التكوين لوجوده وطلبه للكمال المطلق بصراط مستقيم حق ، ينزل عليه نور الخالق المتجلي بكل كمال ظاهر من نور الأسماء الحسنى كلها وبما فيه صلاحه .

 وبهذا يكون المؤمن : يحصل على أوسع نور من نور الله الخالق والخلاق الحق ، وبأجمل مظهر يسعده في وجوده وبكل ما يحيطه أبدا ، بل تكون آثار نور لكل علم وعمل له ، وهو نور مخلوقا دائمي بفضل الله عليه فيوصله للمجد مع الأبرار .

ويا طيب : قد ذكرنا في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام معارف قيمة في حقائق الفطرة الطالبة للكمال بصراط مستقيم من أئمة الحق ، ومع ذكر بعض الأدلة والبراهين المعرفة لشأن أئمة الحق من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، وبالخصوص ما قام به الإمام الحسين من تعريف هدى الله بنفسه التي شرى بها هدى الله وأشرق بها في كل ذكر لمجالسه يُعرف به الدين القويم ، وكل الأبواب تعرفنا هذه الحقائق الكريمة من تجلي نور الله فيه وفي آله أبدا ، وكما وقد ذكرنا معارف عن حقيقة الفطرة الطالبة للكمال الحق والنافرة عن النقص في الجزء الأول من صحيفة الكاملين من صحف التوحيد والذي يكون شرح الأسماء الحسنى هذه جزئها الثاني فراجع تمام المواضيع في هذه الصحف وفي اسم الله الفاطر .

ويا طيب : إن الله الخالق خلق وجود الإنسان على حب الكمال والظهور به ، وهذه السجية هي خِلقته وحقيقة خَلقه والظهار بخُلقه وفعله ، وبطون نفسه وروحه يظهر في ظاهره تصرفا وسلوكا ، وهذا معنى الخلق وتقدير الوجود بأحسن تكوين وغاية يصل لها كل من يسعى للكمال حتى يكون فيه وله نعيم أبدي دائم إن تحقق به وظهر به ، بل من يعرف الحق من نور الله المتجلي في الوجود بصراط مستقيم فيتحقق به يكون له دائم ، فيكون فعله سبب لإيجاد قصور وحور ومياه وأنهار وأشجار وخدم مخلدين وكل ما مذكور من أوصاف الجنة ونعيم الأبد وكرامة المجد فيه للعبد المؤمن ، والطيب بحق بنور الإيمان الصادق والظاهر بهداه الواقعي هو الذي يحب الله الخالق ، ويحب من يتحقق بنور الخالق فمكنه من هداه ونعيم الدارين فيتعلم منه ويظهر به .

وهذا هو حقيقة تجلي نور الله الخالق : في الوجود على عبد خُلق لطلب الكمال من الله الظاهر بأوسع نور لمن يطلب جوده وكرمه الظاهر بكل شرف من الأسماء الحسنى فيتحقق به ، ونعرف إنه ليست ألفاظ ولا معاني دون حقيقة وجودية ، بل نور الله حق يخلق ويتجلى لمن يطلبه بصدق بصراط مستقيم ، ولذا تكون النار وغسلين والحرمان والنقص لمن يتعصى على نور الخالق .

وأما الكلام : بكون الإيمان والعلم والفكر والأعمال الإنسانية الموافقة لطلب الكمال تكون نورا في حقيقة العبد ، ويتسع وجوده وحقيقته ، فيصل للملكوت والجبروت وعرش الرحمان ، وله ما يشاء من النعيم والأشجار والأثمار والمجد والكرامة الأبدية ، أو إن من يختار في كل وجوده وعلمه وعمله الكفر والحرام والمعاصي فيتحقق بالسيئات والخبائث وتخلق للإنسان بسبها كل ما يحرقه وينغصه ، فهو بحث في المعاد إن شاء الله في الأصل الثالث للدين .

وإما ما نشير له هنا فهو : إن كل شيء يعمله العبد بل يعلمه ويفكر به فيعتقده ويأخذه دين ، فهو يحاسب عليه ويرجع له أثرا مخلوقا من عظمة الله وتجلي نور الأسماء الحسنى بحسب علمه وعمله وفكره وإيمانه وشأنه ، فإما يكون له حسنة إن كان حسن ، ويصلحه إن كان صالح بل يصلح له نعيم الأبد ، أو يكون علم وعمل خبيث سيء فيخلق له ما ينغص وجوده ويحيط به فيؤذيه أشد الأذى ، وهذا الخلق لوجود الإنسان أو لما يحيطه هو نتيجة لطلبه للكمال الحق من نور الأسماء الحسنى والتحقق به أو عدمه ، فمن سار لله بصراط مستقيم فالله له خير ناصر ومعين ويجعله بكل كرامة ومجد ، وإما من رفض مدد الله ونصره لنور الفطرة ودنسها بالعصيان أو بالكفر فله ما يجعله في خسر أبديا دائم .

والمؤمن : يجب أن يتخلق بهدى الله تعالى كله بحق وبالخصوص بمعارف نور الأسماء الحسنى وكيفية ظهورها ليطلبها ويتحلى بها ، ثم يتجلى ويظهر بها بحسب آداب الدين وبالصورة التي جاءت بتعاليمه ، والتي عرفها أئمة الحق الصادقين المصدقين ، فيتخلق بها واقعا بما يحب الله ويرضى ، فيكون في عبوديته وينال كرامته ، ويرفض كل ضلال ومبعد عن نور الله الذي يمد العبد الطيب الطاهر المتخلي عن الظلام والضلال لأولياء الشيطان ، فينصر حقيقته فيتجلى عليه نور الأسماء الحسنى بأعلى كمال ومجد مخلوق من الله الخالق أحسن الخالقين الخلاق الجواد المجيد المعين الناصر وخير الناصرين لعباده المؤمنين حقا .

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها