هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية
 

الدَّيَّانُ

النور الخامس والتسعون

 

الدَّيَّانُ: المُمَلِكُ لنعيم كثير ويسأل عنه ومن حقه أن يُرجَع له ، وهو مبالغة من الدائن لكثرة عطائه من الملك والحقوق للمَدين وحين استحقاق الدين يرجع له ، فإما المدَين بنفسه يرجع حق الدائن عن طيب نفس ومع شكر لمن ملكه وأعطاه زمانا ، أو المَدين يتعصى على الحق فيأخذه الدائن بقدرته وبقوته .

 

الإشراق الأول :

إن الله هو الدَّيَّانُ الحق بالمعنى العام والخاص :

والله تعالى هو الدَّيَّانُ الحق : لأنه هو الغني بذاته الواسع الذي لا يحاط بوجوده علما ، والفياض بنفس نور وجوده بكل ما تسمى به من أسماء صفاته وأفعاله ، فظهر الوجود وكل الكائنات وبكل ما تقدر عليه من العلم والحيل والقوة على الفعل بفضل نور كرم أسماءه الحسنى ، فهو المالك الصرف لكل شيء وهو خالصا له ، ولا حق لأحد معه ، إذ الله لا ثاني له ولا شريك ، فيهب الوجود لكل شيء و يمنحه هداه في التكوين والتشريع وينصره لأن يتحقق بأوسع نور لمن يطلب كرمه والمزيد منه ، فيتفضل عليه بجوده فيهديه لأحسن سبيل حق له ونعيم تام له ، فإن أعطى فبجوده وكرمه وإحسانه ولأن رحمته واسعة في الدنيا وهو الرحمان المتعال وهي مكتوبة للذين أمنوا دائما أبدا ، وإن منع فلملكه منع ولمن لم يطلب منه ولم يتوجه لكرمه ولا شكر ما منحه من ملكه وهداه ونعيمه في نفسه وفي ما علمه وفيما أقدره على الفعل وفي كل ما ملكه من ملك خارجي من نعيم الدنيا وتسخير خيراتها له ، وإن لا شيء يستحق بنفسه على الله شيء حتى نفس وجود الشيء فهو مدين لله فضلا عن هداه وكل ما نعمه به ، فالله له الحق على كل شيء بالوجود وما وهبه من نعمه التي لا تحصى ، وعلى كل شيء أن يدين لله بما أدانه ويرجع حقه شاكرا له .

 فسبحان الدَّيَّانُ الشكور العظيم : لمن دان له بدينه القيم وتدين له بما شرفه من حقه وهداه الذي جعل فيه نعيمه ، فيزيد عليه كرمه مجدا وشرفا وفضلا وعزا أبديا حتى لا يمكن أن يرجع لله حقا بكل جمال أبدا ، بل يبقى في كرم الديان والمتفضل الرحيم الحنان البر الودود الوفي ، فلا يستطيع أحد أن يوفيه لا في الدنيا ولا في يوم النعيم الأكبر في يوم الدين ، وحساب الدَّيَّانُ بالشكر العظيم والفضل الدائم لمن رضي دينه ، فسبحانك ربي من ديان ومالك يوم الدين أهدنا الصراط المستقيم .

فمِن كرمه الله الخالق الدَّيَّانُ : جعل الخلق بالفطرة يطلب الكمال وبسجيته يحب الدوام بالنعيم ، فمَن رفض هذا الوجود الكريم فدنسه بالعصيان والطغيان على عدم قبول كرم الرحمان المنان الدَّيَّانُ ، وهو كلما يكرمه وينعمه يتمادى بالغي والطغيان على الله ، فالله يمنع خيره عنه بعد أن يمهله فترة يتمتع ويحذره بالنُذر فيأخذه بالبأساء والضراء وبكل سبيل لعله يرجع ، فإن أصر على العصيان أخذه الله الدَّيَّانُ أخذ عزيز مقتدر منتقم وجعل ما نعمه به غصة وعذاب عليه ، فأدانه بكفران النعم وجحود الدَّيَّانُ وبرفض كرامة الشاكر العظيم .

والله الدَّيَّانُ : استيفاء دينه أو ظهور بنور الديان بالمحاسبة والجزاء وأخذ حقه بأخذ عزيز منتقم ، ليس لحاجة له ، ولكن لكفران الإيمان به ولعدم قبول كرمه يمنع فيضه ويؤدب الطاغي على عظمته والمتكبر على مجده والرافض لعزه ، فتكون إدانته من الله الديان حرمانه من كرمه وجوده ، وجعل ما عصى به وبال عليه يكويه ويشويه بجحيم الأبد مع الغصة والحسرة .

وإن ظهور الله الديان بمالك يوم الدين : ليس أصل الظهور فيه ليكون بشديد العقاب والمنتقم الجبار بالقهر على الكفار والمشركين والمنافقين والعصاة ، لأنهم لا يساوون شيء عند الله ولا كرامة لهم وإن كان نصيبهم عذاب كبير جدا لا يطاق ولهم الويل والثبور ، لكونهم كلهم من الأولين والآخرين وملكهم من النار والشياطين وغسلين وما يعذبون به ويكوون به ، لا يساوون في مقدار سعة المساحة في ملكهم ووجودهم كلهم ، كبر قصر مؤمن مخلصا لله بما فيه من الأنهار والخيرات والنعيم حجما ومساحة ، وإن كان للمؤمن التجلي بالرحمة والكرامة والمجد ، ولهم بالعذاب الشديد والانتقام الذي لا يبيد مع الصغار والذل والخسة والضيق .

فإن أصل ظهور الله الديان الشكور العظيم :  في يوم الدين هو للتجلي بأوسع ظهور وبالملك العظيم والشكر الكبير لعباده المؤمنين وبالخصوص أئمتهم وخاتم رسله نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فهو يظهر لهم ليشرفهم وليشكرهم ولكي يكرمهم بأعظم مجد وليعزهم بأكبر نور تجلى من نور الأسماء الحسنى على عباده في التكوين ظاهرا في كل الدهر ، فيوم الدين هو يوم الكرامة والحمد والشكر لمن خصهم الله بدينه ورضي دينهم في الدنيا ، فكانوا معلمين لدينه وهداة لعبادة وولاة لأمره ، ويحف بهم من تبعهم ويشهدوا له بالمودة والحب لهم ولله تعالى ، وإنهم أخلصوا لله بدينه الذي تعلموه منهم ، وبهذا نعرف معاني كريمة للمقام المحمود وللواء الحمد والحوض وتسليم مفاتيح الجنة والنار لنبينا ، وحكومة آله صلى الله عليه وآله في ذلك اليوم وشهادتهم في يوم الحساب والشفاعة .

فإنه في يوم الدين : يُعرف شرف أئمة الدين وما يملكهم مالك يوم الدين من ملكه العظيم وهو الشكور لمن تدين بدينهم مخلصا له  ، ويعرف كرامتهم عند الله كل ملك مقرب ونبي مرسل وعباده المؤمنين فيفرحون بهذه الكرامة ، لأنه أعلى مقام محمود مشكور هو لنبينا وآله ومن تبعهم والأنبياء ومن تبعهم معهم يحفون بهم ، ويسرون سرورا كبيرا يتسع به وجودهم لأعظم كرم لله الديان الجواد المحسن الكريم البر الودود والشكور العظيم اللطيف الشافي ، وبنفس الوقت يكون هذا الموقف من التكريم من الله الديان العظيم ، غصة وعذاب وحسرة على من عاندهم ورفض تكريم الله لهم في الدنيا ، ولم يسر على صراطهم المستقيم المتصل بيوم الدين ، ولم يستعن بالله مالك يوم الدين الديان حقيقة لمعرفه دينه من المنعم عليهم هنا ليكون معهم هناك ، فكان في غضب الله لأنه ضل بنفسه وعناده ، وبهذا نعرف معاني كريمة في زيارة الجامعة الكبير فأتلوها وتدبرها ولو بالعمرة مرة واحدة ، فإنه فيها معاني كريمة عظيمة في تجليل الله الديان لعباده الأبرار .

فمن تجلى الله الديان بتجلي خاص عليه : يجعله أكرم عباده دينا ونعيما ، بل يجعله معلم للدين ونبي أو وصي نبي أو مقرب شهد له النبي وخليفة النبي بالدين فرضي الله دينه ، ولذا خص الله الديان دينه بأفضل خلقه وأخلصهم توجه له بدينه ، وهم الأنبياء والأوصياء المحافظين على دين الأنبياء ، فكانوا أكرم عباد الله عند الله ، وأشرفهم تجلي لله الديان الرحيم الرحمان رب العالمين ومالك يوم الدين .

وإن خير من تجلى الله الديان عليه : هو نبينا الكريم العظيم الأمجد السراج المنير والبشير النذير محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فخصه بأعظم دين وأكرم دين نزل نور تعاليمه من نور الله الهادي الديان ، فكان دينه الإسلام إلى يوم القيامة هو الدين الوحيد الذي يرضى الله التدين به من العباد ، وإنه تعالى لن يقبل غير الإسلام دينا ، فكان الديان تجلي بدين الإسلام على نبينا وشرحه آله دون اختلاف فمن تدين به مخلصا خالصا سلم يوم الدين وفاز وحصل على الكرامة .

فالله الديان : كان دينه العظيم الإسلام هو أعظم دين نزل على نبي عظيم كريم مجيد وخاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان ورثته كما عرفت في اسم الله الوارث وغيره هم آله الطيبين الطاهرين ، فهم الراسخون بعلم كتاب الديان القرآن المجيد الذي فيه كل شيء من تعاليمه ، فهم الطاهرون المحافظون على الكتاب المطهر والدين الطاهر من الشك والريب والاختلاف ، فكانوا أئمة الدين بعده بشهادة الله لهم لأنه يدعى يوم الدين كل أناس بإمامهم ، فيتكرم من يشهد إمامه الحق وولي الله الصادق له بصدقه في قبول دينه وتوليه .

فهذا ظهور الديان : بالكرامة الكبرى لنبينا ولآله الكرام ولمن تبعهم من الأولين والآخرين ، وإن الأنبياء السابقين ومن تبعهم دينهم الإسلام وهم معهم ، ولا كرامة من الله بعدها لأحد في يوم الدين ، وهذا هو التشريف والعز والمجد في الدين ولا نور ولا عز ولا شرف لغيرهم ممن عاندهم وحاربهم ورفض دينهم وأختلف في تعاليمه عنهم ، ولذا كان الدين المخالف لدينه الحق يدينه ويُظهر عليه التصغير والتحقير والإذلال والتشديد بعذاب لا يبيد ثم إلى نار الجحيم المستعرة عليهم أبدا نكالا وخصة وحسرة .

ولذا كان الدين عند الله الإسلام : وهو الذي يرضى به الديان يوم الدين ، فيجازي به المؤمنين ويشكر سعيهم ويغفر ذنوبهم ويكرمهم بالكرامة العظيمة ، وهو دين واحد للديان الحق الذي ملكه الكتاب والحكمة وهو ملك الله العظيم في الدنيا كما عرفت ، وإن الملك اليوم هو الدين وحق الله هو دينه ، ومعارفه يجب أن تؤخذ ويتدين بها من أئمة الدين الصادقين الأخيار الأبرار الطيبين الطاهرين الذي طهرهم الله في آية التطهير واصطفاهم بآيات الولاية والطاعة والقربى والمباهلة وسورة الكوثر والدهر ، وغيرهن مما عرفت من الآيات التي تُعرف أئمة الدين حتى كان نور الله المشرق من الأسماء الحسنى كلها لا يصدق تحققه بأوسع وجود في الدنيا والآخرة إلا بهم وبمن تبعهم ، لأنهم هم المنعم عليهم الذين نطلب أن يهدينا الله مالك يوم الدين لصراطهم المستقيم ، ولا تصدق في الإسلام هذه الآيات على أحد إلا لنبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين الذين كرمهم الله الديان بدينه ، وأمر نبينا أن يحدث بنعم الله عليه ، ورفع ذكره وآله في عليين كما في آيات النور والبيوت المرفوعة والضحى ، وبهذا نعرف ظهور الديان بالقهر على المغضوب عليهم لأنهم كانوا ضالين معاندين ومخالفين لأئمة الدين الحق .

وهذا هو معنى سورة الفاتحة : للمستعينين بمالك يوم الدين ويطلبون نصره حقا فهداهم للمنعم عليه وجعلهم معهم في كل كرامة ، وإن من هجرهم كان لم يستعن بحق بالله مالك يوم الدين فلم يبحث عن الحق من دينه بجد فيتبعه ، بل هوس بدين الآباء وقلد من كان من المغضوب عليهم والضالين ، وهم أئمة الكفر ومن تبعهم من السابقين واللاحقين لأنهم رفضوا معرفة دين الله الحق من أئمة الحق ، بل كانوا أو تبعوا أئمة الضلال الذين خدعوه بما عرفوا من دينهم المنحرف عن دين الله الديان الشكور العظيم اللطيف الشافي، فتجلى عليهم الديان بالقهر والعذاب الشديد الأبدي.

والمؤمن : يستعين بالله مالك يوم الدين لكي يهديه لدينه الحق عند المنعم عليهم نبينا وآله الطيبين الطاهرين فيتدين بدين الله القيم الذي علمه له أئمة الدين الصادقين وولاة أمر الله فيدين به كله مخلصا لله وحده لا شريك له فينال حقيقة نور الكرامة حتى يحف بالنبي وآله عند المقام المحمود عند ملك مقتدر ديان حقا .

 

الإشراق الثاني :

الأنس مع الديان في معرفة دينه الحق وجزاءه ثوابا وعقابا :

يا طيب : كل ديان وإن كان صاحب حق ويشعر المَدين أمام بالجميل فيسعى لأن يشكره قلبا وظاهرا في الدنيا ، ولكن للحياء وللشعور بالتقصير والحاجة وبقلة الشأن في هذه الدنيا ، ولو كان الدائن ولي حميم وصديق كريم وعبد غير منان ، بل إنسان شريف متفضل يحب عباد الله فأدانهم بعض ماله وليس مطالب به فعلا أو لم يصل زمان حقه فضلا عن استحقاقه فعلا ، فإن العبد المُدان قد لا يحب أن يكون في هذا الموقف مع الدائن في مجلس واحد وبحديث طويل يأنس به حقا ، لأنه يشعر بأن صاحبه أعلى منه في مال الدنيا وله حق عليه لابد أن يراعيه وفضل لابد أن يحترمه ، وهو موقف قد تصعب مراعاته فيحب المدان التخلص من الدائن ويختصر مجلسه معه حتى يوفيه دينه ، وليس مقتا له بل قد يحب المدين الدائن ويحب شكره ولكن هذه طبيعة الإنسان التي تحب الكمال المطلق وتنفر من أي نقص ولو جزي مع حبيب وصديق كريم .

ولكن يا مؤمن : الموقف مع الله الدين ومالك يوم الدين الموقف مختلف جدا عما في هذه الدنيا وبالآخرة أشد اختلاف ، فإن المؤمن المتدين حقا في هذه الدنيا يحب أن يجلس مع الله الدين ومالك يوم الدين أكبر وقت ممكن ، ويجب أن يعرف حقوق الله الدين كلها ليراعيها ويحترمها ويحترمه وليشعر أمامه بالخضوع والخشوع والإستكانة ، ويحب المؤمن حقا أن يشكر الله الدين على كل نعمه كانت له عليه ، فيطيل معه الجلوس في اليوم خمس مرات في كل صلاة وتعقيباتها ومن وفقه الله له نوافل وأوراد يأنس بها معه ، ويدعوه ويعترف له بالملك ، ويقف أمام مقرا بالتقصير والحاجة والاستكانة والفقر والنقص ، ويستعين به ملحا بحاله ومقاله أن يغنيه بهداه وليسير بصراط مستقيم للتحقق بهداه الحق من أولي النعيم الذين أنعم الله عليهم بدينه ، ثم يسأله في قضاء حوائج الدنيا ويغنيه عن الحاجة لغيره من عباده حتى يكون هو من أولي الفضل والنعيم ، ولذا كلما زادت كلمات الدعاء وفنون المناجات مع الدين والطلب منه زادت الكرامة من الحنان والتفضل منه ، بل يشكر السعي وهذا الطلب حتى كأنه يكون العبد المتدين هو الديان بل هو مظهر له ، فيعرف الله حرمته وحقه فيكرمه ويقضي حوائجه ويسد خلته ويحبه ويفضله على كثر من عباده ، وله ملكا عظيما شريفا مجيدا في يوم الدين وكرامة وعزا منه بأوسع ملك أبدي ، مادام هذا حاله حتى يرجع له بأجل شأن وأعظم حفاوة حتى حين أخذ روحه من بدنه لعالم الملكوت والمجد الأعلى وبكل كرامة وحفاوة ، تدبر ما سنذكره في آخر بحث اسم الله العظيم .

ولذا يا طيب : ذكرنا في النور السابق إن الله خير ذاكر ومذكور وخير شاكرا ومشكور وخير صاحب وجليس وخير مقصود ومطلوب وخير حبيب ومحبوب ، وغيرها من الأسماء الحسنى التي تشعر بالأنس والمحبة مع الله خير الناصرين الدين الشكور العظيم ، ولذا كان الدين والتدين بدين الله الدين هو ركن الإيمان ومن أسسه المصدقة لتحققه في القلب واقعا ، وكلما كان الإيمان أقوى وراسخ حتى اليقين كلما زادت الجلسات مع الله الدين ومناجاته ، سواء بتلاوة كلام الله أو ذكر العبد له ودعاءه فضلا عن الصلاة والصوم وباقي الواجبات التي أوجبها الله الدين بدينه الحق والذين عرفه لأئمة الدين وعرفوه لنا .

ولذا يا طيب : سنتوسع في معارف الدين هنا ونذكر معارف حق نتدين بها لله تعالى وأسأله أن يقبل ديننا وكل ما نذكر من البيان ، لأنه معارف الأسماء الحسنى بحق كلها من الدين وبالخصوص هذا البحوث التي بين يدك قد فصلت بما لم يسبق له مثيل ، وإنها ليس بدع من في الدين بل أصولها موجودة في معارف الحق ، وقد عرفت تأييد البحوث بالأحاديث والآيات الكثيرة ، وقد تعرض لها العلماء سابقا ولو مختصرا بل أحاديث الولاية والأسماء الحسنى فيها أصول هذه المعارف ، وإني عن يقين أذكرها وأدين بها لله تعالى ، وهذا اسم الله الدين أرجوا منه تعالى أن يدينني بها ويأخذني بأحسن مأخذ جميل يجعلني مع نبي الرحمة وآله الطيبين الطاهرين هنا في الدنيا مخلصا له بدينهم وحده من غير خلط لشيء لفكر ممن عاندهم وخالفهم بدين الله الخالص الذي خصهم به ، وفي الآخرة أن يجعلني معهم في أعلى مراتب الكرام في المقام المحمود وأن يشكر سعيي ويغفر لي لما وفقني إن شاء الله من حب الجلوس معه في ذكره تعالى بالعلم والعمل ، وأن يرفع عني وعن كل طيب العجب والفخر والرياء وكل ما يُبعد عنه إن شاء الله ، وبالخصوص من حب هذه الكتابة وتاق لمعارفها فانس بذكرها ولم يمل من الطول في مجالس نورها المعرف لشؤون العظمة الإلهية وتجلي نوره وتحققه في الكون ، واسأل الله الدين الشكور أن يكرمنا بدينه الآن حقا وبملكه الكريم يوم الدين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين ويا مالك يوم الدين يا ديان .

وأعلم يا طيب : إن الدين القيم أوله العلم ومعارف هدى الله وبه يدان لله الديان ، وبدون معرفة دين الله لا معرفة بالله ولا يقين ولا إيمان ولا طلب حقيقي لله ودينه ولا ظهور للأسماء الحسنى الدائم بالنور الجميل الجليل للعبد الغير عارف بشؤون عظمة الله ودينه ومعارفه وتعاليمه التي علمها المنعم عليهم بصراط مستقيم ، لأن الله الديان أنزل دين حق واحد لا يرضى بالاختلاف به ولا التخلف عنه ، فضلا عن رفضه وهجر أئمة الحق وعدائهم ورفض حق الله وحقهم في وجوب طاعتهم وتعلم دين الله الحق منهم ، فيرفض العبد دين الله وتعاليمه وما تجلى من نور عظمته بالتكريم وذلك برفض حق ولاة الله وأئمة الحق في الإمامة والولاية لكل دين الله وحقهم في تعليم دينه ، وقد عرفت هذا المعنى في مراتب التوحيد في الولاية سواء توحيد الطاعة والحاكمية أو التقنين والتشريع في الباب الثالث من أبواب التوحيد في الجزء الأول من صحيفة الكاملين .

كما عرفت في الباب الأول إن :

الدين : أصله دان أي خضع وأطاع وأقر ، ولما لا يكون الخضوع والطاعة والإقرار عن طيب نفس إلا جزاء لحق على المتدين أو المدان .

 فالدين : يكون هو الطاعة للحق والإيمان به علما وعملاً ، وهو الديانة .

والمراد بالدين هنا : أسم لجميع ما يعبد به الله سواء في ذلك أصول الدين أو فروعه .

كما عرفت : إن الدين عند الله الإسلام وإن وجوب المعرفة بالدين هي أس الدين وركنه الركين بعد الإيمان بالله تعالى ، وعرفت إن الإيمان الراسخ عن معرفة بهدى الله كله هو الدين الحق الكامل الذي يرضى به الله الديان ، لا كل دين من كل أحد لمجرد تعليمه بعض الفكر المشابه للدين ، وبالخصوص الذي يزينه بالسند الكاذب أو بالمظهر الكاذب الذي حقيقته دين نفسه وفكره وقياسه واستحسانه ، وحقيقته مخالف لدين الله ، فلا دين لله إلا واحد وهو الإسلام وصراطه واحد مستقيم عند المنعم عليهم بفضل الله الديان .

ويا طيب : عرفنا في الجزء الأول من صحيفة الكاملين بل وهنا ، كثير من الأدلة الموجبة للإيمان بالله والموجبة لرسوخ الإيمان حتى يحب العباد المؤمنون الظهور بدين الله كله حتى يكونوا في أعلى مراتب الحب لله الدين والتدين بدينه مخلصين له الدين وحده لا شريك له ، ولكن هناك معاني يرشدنا لله الدين لها ليكرمنا بعظمته ودينه وكيفية التحقق به وسبب التدين به ، ويعرفنا كيفية أخذه الشديد لمن يرفض دينه ولا يحب كرامته وعزه ، وكيف يكرم من يتدين بدينه لحق ، والخروج من كل هذه المعارف لا تتسع له هذه الصحيفة ، وإن كان كل ما نكتبه في موسوعة صحف الطيبين هو في هذا المجال ، وبالخصوص أصول الدين وسيرة المعصومين لأئمة الدين عليهم السلام .

ولكن يا أخي المؤمن : ذكر الله ليس مثل ذكر البشر وآيات قليلة موجبة لشرح كثير ، وإن كان هو من باب المعرفة والمجالسة مع الله تعالى ، وهو إما تلاوة كتابه أو ذكره بأسمائه الحسنى أو شرح لها لمعرفة شؤون العظمة والتجلي والظهور لكرمه ومجده في عباده أو أخذه لهم , ولذا سنذكر بعض الآيات الكريمة في عدة مجاميع تعرفنا ضرورة الإيمان والتدين بدين الله وكيف يحاسبنا ويجازينا الله الدين سبحانه وتعالى ، وبالخصوص في الأسماء الآتية لبيان شكره لعباده وتمليكهم عظيم ملكه ، وهي معارف جميلة جليلة كريمة في تجلي نور الله الديان وظهور عظمته في التكوين وفي مراتبه في الدنيا والآخرة ، فتدبر يا طيب ما تتمكن منها فإنها مرسخة للإيمان داعية لمعرفة الدين الحق وضرورة الظهور به كله بأعلى إخلاص وخوف ورهبة ورجاء وحب لمالك يوم الدين ، حتى حب الجلوس معه جلسة أنس وحب ، بل هذه التلاوة والقراءة هي من الجلوس مع الديان عن حب وأنس ومع فضل العلم والتعلم والتعليم ، وله أجرا عظيما جدا وكبيرا واسعا إن شاء الله ، فلا تقليه وتهجره لطوله :

 

 

 

 

 

الإشراق الثالث :

آيات ظهور الله الديان بنور أسماءه الحسنى بدينه للعباد:

 

الإشعاع الأول :

آيات الكرسي تعرفنا عظمة الله وإنه لا أكراه في الدين :

هذه آيات كريمة : تعرفنا عظمة الله الواحد القيوم وإنه كل شيء ملكا صرفا له ، لا يشفع ولا يعطي أحد إلا بإذنه وفي ملكه ، ثم تعرفنا بأنه لا إكراه في الدين وقد عرفنا الرشد في دينه وصراطه المستقيم ، فمن يتولى الله بولاية حقه كما عرفت في نور اسم المولى يدخل في نوره الأبدي ، ويخرج من كل ظلمات تحيطه من الطغاة ، وإن من يتولى الطغاة فهو منهم في ظلمات أبدية لا نور له ، وهذا ملخص لكل دين الله الدين الحي القيوم وأسس جزاء العباد من الدين :

{ الله لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)

لاَ إِكْرَاهَ فِي الدين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ

فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِالله فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)

الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النور

 وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النور إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) } البقرة .

وراجع معنى نور المولى والإشعاع الآتي لتعرف مولاك ومن تتولى فعلا .

 

الإشعاع الثاني :

آيات من آل عمران تعرفنا سبب الانحراف عن الدين وكيف نخلص لله :

يا مؤمن : هذه آيات كريمة من سورة آل عمران تعرفنا حكمة الدين وحجته وتمليكه ، فتبين سبب اختلاف الناس وأنسهم بالمادة والدنيا وزينتها ، وإن الله لم يقل محرمة بل حرم الخبائث منها والتي تبعد عن الدين ولم تكن في طاعته ، ولذا نبه بأنه عنده حسن المآب ، ولذا أخذ يدلنا على بعض الكرامات للعباد المؤمنين المتدينين الذين يطلبون الحلال الطيب وثوابه الطيب الذي هو خير من كل ما في الدنيا ، فذكر لنا بعض ثواب الآخرة وبعده وصف لنا أوصاف كريمة للعباد المؤمن والمتدينين وعرفنا إن هذا الثواب لهم لإتباعهم الحق وأهله .

ثم عرفنا سبحانه : إن هذا المقام السامي من عدله وشهد له بنفسه وملائكته وأولي العلم الراسخون بكتابه ، والذين ورثوا الكتاب كما عرفت والذين عندهم علم منه ، ولذا عرفنا إن من لم يكن من أهل العلم وأختلف عنهم يكونه قد طغى و أغرته شهوات الدنيا التي عرّف أهمها في الآية الأولى ، وإن أهل الكتاب اختلفوا سواء قبل الإسلام أو ما نشاهده بعد الإسلام من مذاهبه الكثيرة حتى قتلوا الهداة وأئمة الحق .

ثم عرفنا سبحانه الحل في الدين : بأن دين الله الإسلام واحد من عند الواحد وطلب التسليم له بحق ، وأن نتبع تعاليمه في تعريف شأن الأنبياء سواء المسيح أو السابقين عليه ، فعرف إمامتهم بحق ، ثم يختم سبحانه الآية بتعريف أئمة الحق من آل محمد في الإسلام صلى الله عليهم وسلم ، وإنها ذرية طاهرة مجيدة متسلسلة مصطفاة مختارة من الله الواحد الأحد ، وبهذا عرفنا سنن دينه وأسسه ، فعرف أئمة الحق ، وبالإضافة لما عرفت .

فتدبر الآيات بجد يا طيب : فإنه فيها معارف كريمة في أسس الدين ، وإن المباهلة في أخر الآيات نازلة في نبينا والحسن والحسين وفاطمة وعلي الذي هو نفس النبي وهم آله وقرابته الذين أمرنا بودهم ، وإن قتلوا فقد قتل الطغاة والظالمين قبلهم كثير من الأنبياء والصالحين ، ولكن لهم الكرامة والحجة وملك الله الدين الشكور العظيم اللطيف الشافي ، ولا أطيل عليك تدبر حكمة الله الدين وأسس دينه وحجة الله قائمة تامة أبدا بإمام حق ندعى بهم يوم الدين ، وقد قال الله تعالى :

{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ : حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا

 وَالله عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)

قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ : لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالدين فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنْ الله وَالله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( 16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ (17)

شَهِدَ الله : أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)

إِنَّ الدين عِنْدَ الله الإِسْلاَمُ : وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ الله فَإِنَّ الله سَرِيعُ الْحِسَابِ (19)

فَإِنْ حَاجُّوكَ : فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَالله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ : بِآيَاتِ الله وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22)

أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ : يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ الله لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قالوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24)

فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَ رَيْبَ : فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (25)

قُلْ اللهمَّ : مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)

لاَ يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ : الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ الله فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمْ الله نَفْسَهُ وَإِلَى الله الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِنْ تُخْفُوا : مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ الله وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَالله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)

يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ : مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمْ الله نَفْسَهُ وَالله رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30)

قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله : فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)

قُلْ أَطِيعُوا الله وَالرَّسُولَ : فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)

إِنَّ الله اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)

 ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)

إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قال لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (60)

فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ

فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ

أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ   وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ   وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ

ثُمَّ نَبْتَهِلْ     فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ(61)

إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ الله

وَإِنَّ الله لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) } آل عمران.

فهذه يا موالي يا متدين يا طيب : أسس حجة الدين ودينه وسبب الاختلاف عنه وقتل أئمة الحق ، ومعارف حبه وطاعته بدين أئمة الهدى وكرامتهم عنده وجزاءه بالثواب الجزيل لهم حقا ، وتدبر عبادتهم وتزكيتهم وتطهيرهم بفضل الله الدين الحق الذي أختار الأخيار الأبرار فعرفهم حجة نهائية له حين لا تنفع الحجج مع العباد ، وعرف شأنهم بأنهم إن أمنوا على دعاء النبي يوم المباهلة يرفع الدعاء ويستجيب الله لهم ، ويخسر أعداهم بل خسروا في يوم الدين الذي يُشرف الله الدين أولياءه ، دون المنحرفين عنهم فضلا عمن خالفهم ودعوا الناس لهجرهم فخسروا الكون معهم في كرامة الديان الشكور العظيم.

 

 

الإشعاع الثالث :

آيات تعرف مكر الناس في آيات الله وحججه في تعريف الدين :

يا طيب : بعدما عرفنا الله سبحانه إنه لا أكراه في الدين ، وهذا تكريم للإنسان ، ولابد أن يشكره ويختار الحق ، ويتولى ولاية الله تعالى فيتبع حجته التي عرف صدقها وأختارها أئمة للمؤمن يدعوهم لدار السلام والأمن والإيمان بالله الديان ، ولكن عرفت مَن خُدع بالدنيا وطلب الفخر والزينة بأي صورة كانت ، أخذ يمكر بدين الله ويحرّف كتابه عن حجته كما عرفت أو يحرف الناس عن الهدى الحق ، وهي آيات وإن كانت تعرف بعض حال الأمم السابقة ، ولكنها تنطبق على ديدن الإنسان وتصرفه المغرور بالدنيا وزينتها حتى بعد الإسلام .

فإنه في الآية الأولى : تُعرفنا إن الله رحم الناس في زمان الأنبياء كما في زمان نبينا وفتح له فتحا مبينا ، وواعده النصر لدينه لينتشر وتُفتح له البلاد ، ولكن الناس طلبوا الملك وزينة الدنيا وهجروا أئمة الحق ، لكي يحصلوا على الحرام من ملكها لأيام ، فهجروا فضل الله الدائم وملكه العظيم الأبدي .

فطبق يا طيب : هذا على حال المسلمين والأمم السابقة وبعض طبائع الإنسان ، كيف يدعوا الله ويتبع الحق حين تضيق عليه الأحوال ، وكيف يهجر الحق ويطلب الدنيا ويظهر مكره ، فيهجر الحق وأئمته ، فيهجر الله الدين ، فتدبر ما عرفت من التأريخ تعرف الحق وأهله ، ودين الله لا يصاب بالعقول والفكر من ظالم غاصب أو ممن يكون في خدمته ، بل الله عرف دينه بالأخيار والطيبين الطاهرين الذين لم تغرهم الدنيا وهم الحجة بين الله وعباده ، وبهذا يُعرف دين الله الدين :

{ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ

إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا

قُلْ الله أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُون (21)

هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ : فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا   جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ

دَعَوْا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين : لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ (22)

فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ : إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ .

يَا أَيُّهَا النَّاسُ : إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23)

إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا : كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)

وَالله يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)   وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنْ الله مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنْ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) ـ

فهذا حال عامة الناس : يُذكر به الله ، لأنه ينطبق عليهم في زمن النبي وبعده ، فتدبر يا طيب ما قال الله لنبينا ولمن كان معه ومن يأتي بعده ـ

 قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي : فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله وَلَكِنْ أَعْبُدُ الله الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ(104)

وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ : حَنِيفًا ولاَ تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (105) وَلاَ تَدْعُ مِنْ دُونِ الله مَا لاَ يَنْفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ (106) وَإِنْ يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107)

قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ : قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ

وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ الله وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109)} يونس .

 دين الله واحد حقا : فمن يهتدي له بصراط مستقيم يكون مع المنعم عليهم ، ويتوكل الله أموره ويحكم له في يوم الدين ، ويأخذ حقه ويكرمه بفضله ، فيسلم ويشفى من كل عناء وله الحسنى وزيادة ، ومن لم يتوكل على الله له فله الضر الأبدي لا كاشف له أبدا وأنت مخير في طلب الله الديان الشكور العظيم .

 

الإشعاع الرابع :

آيات تعرفنا حجة الله تامة لدينه الواحد ولا يحق الاختلاف فيه:

يا طيب : قال الله تعالى في سورة الشورى آيات كريمة تعرفنا سبيل الدين وشرعه وأسسه ، وهي كالسابقة يعرفنا الله الدين ومالك يوم الدين ورب العالمين إنه مالك وملكه للسماوات والأرض في خلقه ، وإن الرزق قدره بين عباده يقسم ملكه بالعدل والإحسان ولكل شأنه ، ومنه شرع الدين وهو واحد من أول التأريخ حتى نبينا ، فعرفنا الله الدين المالك إن الناس يفترقون ويختلفون ، ولكن مَن يطلب الحق ويجد في تدبر آيات الله ولم يمكر بها كما عرفت ، يعرف الحق فيعرف أن الله يجتبي لهداه من يختارهم وهم خير العباد وأفضلهم ، فيختصهم بدينه أئمة دين وولاة أمر ورسل وأنبياء ، ومن يتبعهم ويرجع لله وينيب له بدينهم يكون منهم وله الكرامة معهم .

ثم يعرفنا الله سبحانه : إن تفرُق من أختلف دينه عنهم ، هو بغي على الدين وبعد ما عرفه لهم حرفوه ، والله يمكن أن يؤاخذهم حين انحرافهم عنه ولكنه أجلهم ويختبرهم ليعرف صدقهم ، فمن تبع الحق فهو في كرامة الله ، ومن هجره لا حجة له أبدا وعليه غضب من الله وعذاب شديد ، وبهذا حذر الله المسلمين وعلمنا الدين الذي شرعه لنا وسبيله وصراطه المستقيم ، وهذا يجب أن نعتبر به ونتدبره لأنه شرعنا وفيه تعاليم ديننا يؤدبنا به ،  ولا نعتبره كلام للأمم السابقة ولا يخصنا ولا ينطبق علينا ، فإن كلام الله للمسلمين لكي يُعرف الحق ومن له حجة الله وصراطه المستقيم وهداه ذو الدين القويم فيتبعوه ، وليس لهو وقصص لا معنى لها عندنا بل مضى أمرها ولا تنطبق علينا ، فهذا خلاف تعاليم الدين وشرعه في تأديبنا وإنزاله كتاب يدلنا به على ديننا وهدانا القويم من الله الخالق الهادي الديان .

فهذا شرح الله ودينه الحق وحجة الله تامة : فمن يريد حرث الآخرة وملك الديان والدين في الدنيا والآخرة ، فهذا هو ، وعليه أن يتبع الحق وصراطه المستقيم عند المنعم عليهم بهداه ، ومن يرفض الله ودينه ويريد حرث الدنيا من دون الآخرة فله نصيب في الدنيا مادي دون الدين ولا له ملك الآخرة ، ثم لا يحق له أن يطغى أكثر فيشرع خلاف ما شرع الله ، فإن الله يمهلهم لأمد ثم يأخذهم بظلمهم وبما كسبوا ، وهذا حتم في يوم الدين الذين يسألون عنه ويدخلون عذابه وأن كان لهم نصيب من دنيا منقضية يتم به حجته عليهم .

وأما المؤمنون : والذين عملوا الصالحات فهم في روضات الجنات ، ولهم فضل كبير من ربهم وكل ما يشاءون ، ولكن بشرط .

والشرط هو : ذلك الذي يبشر به عباده ليهديهم به وليعطيهم الفضل الكبير يوم القيامة ، وهو إن الإيمان والعمل الصالح الذي يُنال به الفضل ، هو أن يعملوا بما سألهم الله من أجر النبي وعلمه له ولنا ، ولكل إنسان يتلوا كتابه ، وهو أجر النبوة والدين والإمامة وشرع الله وبه يُعرف دين الدين ، وهو :

أن نود قربى النبي : والذين عرفتهم في آية المباهلة فنحبهم وبهم نقترف ونكرف الحسنات ، لأنه بشرعهم وبدينهم نعرف شرع الله ودينه الحق ، وهذا معنى لدينا مزيد من الكرامة يوم الدين للمؤمنين الحقيقيين ، لأنه الله علل هذا الإيمان والعمل الصالح الحق ذو الصراط المستقيم للمنعم عليهم باسمين كريمين من أسماءه الحسنى : هو الغفور : أي يذهب بالسيئات فلا يؤاخذ عليها يوم القيامة وهذه وحدها كرامة ، والأعظم الشكور : أنه يشكر العبد المؤمن المتدين له بدين آل نبينا الكريم وقرباه من أئمة الحق الذين عرفهم لنا وأمرنا أن نأخذ دينه منهم ، لأنه مناسب لأجر رسالة الشرع والدين وتبليغ أحكام الله .

فمن تدين بهذا الدين والشرع : وعرفه بما عرفه الله تعالى في آيات كلامه المجيد ، فهو له الغفران والشكر من الغفور الشكور ومضاعفة الحسنات وزيادة .

وإما من قال هذا مُفترى : سواء في زمن النبي أو بعد زمن النبي فهجر آله وقتلهم كما قتلت الأمم السابقة النبيين ، فيؤاخذه الله بهذا الفكر والعمل السيئ ويختم على قلبه فلا يؤمن حقا ولا يعمل صالحا مرضيا لله ، فلا ثواب له بل له عقاب شديد ، وبهذا عرفنا سبب مداولة الرزق لأنه يختبر عباده ليعرف الصادقون على كل حال والذين يتبعون الحق حين تقلب الأحوال ، ولا يخضعون لكل من ملك بأي أسلوب وليس له برهان من الله ، ويختلف عن دينه بفكره ويشرع غير ما شرعه الله من معارف الدين لأئمة الحق الطيبين الطاهرين من قربى نبينا الكريم ، والذين عرفتهم في آيات المباهلة والتطهير والبيوت المرفوعة وغيرها .

وهذه حجة الله الدين في شرعه ودينه : التي يدعو لها دين الله ، فتدبر آياتها ولا تمكر بها وتحكم في تعريف أئمة الحق بغير ما أراد الله ، فإن شرع الله واحد من آدم ونوح وبعده حتى يوم القيامة يختار ويجتبي من يكرمهم ويعلمهم أكرم هداه ودينه الذي لا يقبل غيره أبدا ، ولأنه يعلم أنهم أخلص من يطبقه ويُعرفه أختارهم له ، فأتلو وتعرف على آيات الله فإنها عظيمة في بيان شرع الله ودينه وميزانه وحجة الديان الشكور العظيم اللطيف الشافي إذ قال تعالى :

{ لَهُ مَقاليدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ :

 يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)

شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدين : مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدين وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ الله يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)

وَمَا تَفَرَّقـُو إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بــَغـْيـًا بَيْنَهُمْ

وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ
وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14)

فَلِذَلِكَ فَادْعُ : وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ الله مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ ِلأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ   الله رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الله يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15)

وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي الله : مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)

الله الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ .

وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلاَ إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ (18)

الله لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ (19)

مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ

وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)

أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ : شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدين مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ : فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ (22)

ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ الله عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

 قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا

إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى

 وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ الله غَفُورٌ شَكُورٌ (23)

أَمْ يَقُولُونَ : افْتَرَى عَلَى الله كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ الله يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ الله الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)

وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِه

ِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)

وَلَوْ بَسَطَ الله الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) } الشورى .

فهذه يا طيب : حجة الله الولي الحميد الدين سبحانه ، يشكر ويغفر لمن يتبع الحق من شرعه ودينه ومن عرّفهم أئمة هدى يجب أن يتعبوا وأن يطاعوا ، لا كل من يدعي ويشرع من الدين بفكره فيبغي ويطغى بما مكنه الله وأمهله يُتبع ويطاع ، فهذا ليس من شرع الله ولا دين الديان ولا داخل في ولاية النور الإلهية ، بل له ولاية الكفر والشرك والنفاق والعصيان حسب حاله من الطغيان وتولي أئمة الكفر وهجره لأئمة الحق والابتعاد عنهم ، وعرفت ثواب الله وعقابه ، فإنه ديان بجد يأخذ حقه إما بالإكراه والعذاب الشديد للعصاة والطغاة والبغاة على حقه ولم يرضوا بحجته وشهادته وتعريفه لدينه وشرعه ، أو بالشكر والمرحمة والتولي والحمد لمن يطيعه ويعبده بما عرّف من شرعه الحق الذي وصانا به كما وصى من قبل الذين اجتباهم الله وعرفهم بأنهم رجال دينه وهداه ، وكل من تبعهم كان منهم في ملك مالك يوم الدين ونعيمه الأبدي في كل كرامة ومجد مضاعف مزاد مشكور من الله الغفور الشكور .

ويا طيب : إن آيات الله التي تُعرف سننه في اصطفاء عباده الأخيار الذين يجتبيهم ويختارهم لدينه ويحفظ بهم دينه كثيرة سواء عامة تُعرف أمر كلي لكل الأمم ، وهي بنفسها تحكي لنا ما يكون بديننا ، وتعرفنا إنه يجب أن لا نختلف فنصير مثلهم ، قسم له حجة وهو على الحق ، وقسم باطل تابع لضالين وهذه مصيبة عظمى أن يتعبد الإنسان بدين ويتعب وبعده إلى نار وغضب الجبار لا دنيا ولا آخرة ، ولذا علينا أن نطلب الحق من أئمة الحق ودين الله الديان الشكور الصادق .

 

 

الإشعاع الخامس :

آيات تعرف شرع الله الديان ودينه وسننه في بيانه:

يا طيب : سور القرآن المجيد هي كلام الله في كتابه ، وآياتها مفردة تبين معنى خاص بفقرات ألفاظها ومعانيها ، ولكن السورة ككل أو كل مجموعة منها تعرف معنى تام لموضوع عظيم في أسس الدين ، فمنها يحكي التدبر في الكون فتُعرف شؤون عظمة الله حتى نؤمن به ، ثم يعرفنا إنه له دين يريد التعبد به ويجب أن نطيعه به وهو شرعه وهو شرّعه ، وإنه له أئمة وهداه على طول التأريخ في الأمم السابقة وأنتم خلق من خلق الله ، كما كان لهم هداه فلكم هداة وأئمة حق تدعون بهم يوم القيامة والدين ، والله الدين يحاسبكم بهم فيجزي بالحسنى من تبع الحق من دينه ، أو ممن لم يؤمن أو يعتقد آمن ولم يطلب الحق من دينه وشرعه ، والذي بينه بأفضل بيان من أئمة حق فيهجرهم فله العذاب حسب بعده عن الله ومولاة لأئمة البغي على دين الله وانحرافه عن هداه الواقعي .

وهذه آيات كريمة من سورة النحل : تدبر بها تبدأ من خلق الله حتى كرامته للمؤمن بالدين وجعله للأئمة لهم ، أو في يوم القيامة ، ولكل مجموع وتعرف شأنه تجلي الدين بحال من أحوال المعرفة حتى تقيم الحجة التامة على كل العباد ، فمن آمن فبها ، ومن هجر فله الغضب والضلال والعذاب ، وأنت مخير ولم نذكر شرحها لأنه نعتمد على فطنتك فيما عرفت من الآيات السابقة وشرحها ، وهي واضحة لمن يتمعن بها ، قال الله الدين الشهيد تعالى :

{ وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ

وَلَهُ الدين وَاصِبًا أَفَغَيْرَ الله تَتَّقُونَ (52)  وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله

ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)

 ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55)  وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَالله لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56)

ـ ثم تستمر آيات سورة النحل في بيان عظمة الله وسننه وشرعه في التكوين والهدى والدين حتى يعرفنا إنها هنا شهيد من أنفسنا بل من قربى النبي الكريم ، إن صدقناه فلنا الدين والكرامة يوم الدين من الديان ، وهذا العدل في تكريم الله الديان ، وفضله الحق لمن يتدين له بدينه الحق من أئمة الدين الشهداء ، فتدبر ـ :

وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا  عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ

وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاَء

 وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًـا لِكُلِّ شَيْءٍ

وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)

إِنَّ الله يَـأْمُـرُ بِالْعَــدْلِ وَالإِحْسَـــانِ

 وَإِيتَــاءِ ذِي الْقُـــرْبــــــَى

وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)

وَأَوْفُوا بِعَهْدِ الله إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلاَ تَنقُضُو الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ الله عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ الله يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91)

وَلاَ تَكُونُو كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ   أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ    إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ الله بِهِ    وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92)

وَلَوْ شَاءَ الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً
وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ
 وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (93)
وَلاَ تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ الله وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94) وَلاَ تَشْتَرُوا بِعَهْدِ الله ثَمَنًا قَلِيل إِنَّمَا عِنْدَ الله هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (95)

مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ الله بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِالله مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) } النحل .

وهكذا يا طيب : تدبر آيات الله تعالى وسور الكتاب تعرف إن الله يأخذ العباد بالأحول من نبي يمكنه ويملكه كنبينا وداود وسليمان ، وأنبياء تقتل كيحيى أو يرفع كعيسى ، أو يصب عليه بلاء كأيوب ويداول سبحانه الأيام ، ولابد أن نعرف إمام الدين الحق فنتبعه ونأخذ شرع الله منه ، فإن حساب الله قريب ، فتدبر سورة الأنبياء تعرف إن الأئمة المتخذون لهم أحوالهم و يعرفنا أنه لأئمتنا في الإسلام أحوال كثيرة ، ولولا أن يطول المقام لحببت أن أذكرها مع الشرح ، ولكن تدبر فيها تعرف كيف يعرفنا الله اقتراب الأجل والساعة مهما عمر الإنسان ، وإن الله عنده دين لأئمة حق شهداء عليهم وعليهم أن تبعوهم اليوم ليكونوا معهم يوم الدين عند الديان ، وهذا سبيل قويم قوي لحجة الله في تعرف أئمة شرعه وهداه المكرمون يوم القيامة بالشهادة لمن تبعهم ، فمن طلب الدين ودينه الحق عليه بأهل النعيم الذين عرفهم بكل سبيل ، وإلا فشرع الكفرة والطغاة كثير فأتبع ما تقلد بدون فكر والعذاب لمن يطغى ويتبع غير دين الله الواحد الأحد عند المصطفين الأخيار ، وأنت بالخيار بين أن تكون خير وتنصر نفسك فينصرك الله بنعيم الأبد أو لا .

وهكذا تدبر يا متدين : بتدبر كلي في سورة القرآن تعرف الكثير ، وبعد إن عرفنا هذا المعنى لدين الحق وشرع الديان بكلامه ، نذكر أحاديث شريفة وشروح تعرفنا معاني كريمة من شرع الله ودين الديان وأئمته ، فنؤكد معنى ما ذكرنا من الآيات بالشرح فتدبر بها يا طيب :

 

 

 

 

الإشراق الرابع :

دين الديان للعقلاء الذين عرفوا أئمة الدين الحق وأتبعوهم :

يا طيب : بعد إن عرفنا أسس الإيمان والتدين وكيف يجب أن نسلك لمعارف الدين بنص آيات كريمة من كلام الله في القرآن المجيد ، والذي هو تبيان لكل شيء فيه وما شرع لنا وما وصانا به ، حان الآن لكي نتدين بشرع الله بعد الإيمان به وعن حب لله الديان ولمن جعله قيما على دينه وإماما وحاكما ووليا لتعاليمه وهداه ، فنتعلم منهم ونسلك سبيلهم ونحب ما ظهور به من نور تعاليم الله والتي يكون العلم والعمل بها عن إيمان وحب تدين له ، ويتم التوجه لله الديان ويكون سبب لإشراق نور الأسماء الحسنى علينا بأكمل إشراق شريف مجيد تام ، لأنه نكون بحق متهيئين لنورها ومستعدين للتحقق به ، بل طلبناه بحق بوجودنا وعلمنا وعملنا وبكل صفة وسيرة ظهرنا بها .

 وحينها يكون للعبد المتدين في وجوده : ملكا نورانيا واسعا يرتفع في ملكوت الرب ويحيط به ملك نعيم خارجيا يسع السماوات والأرض ، ولو أستضاف كل أهل الأرض من أول الخلق لأخره مع طيوره ووحوشه في ملكه لأشبعهم ولما أثر فيه شيء ، وله المزيد من حلل الكرامة والمجد من كرم الله الدين الشكور العظيم اللطيف ، الشافي والسالم والخالص من كل نقص وحاجة ، والمعطي كل ما يشفي الغليل من العز الأبدي ، فهيا لنعرف بعض معارف دين الرب الديان مالك الدين ويومه يوم الجزاء ، لنتدين به ونؤمن به عن حب له ولأئمة هداه ، حتى نجلس عند الديان الشكور في محل صدق عند ملك مقتدر في أعظم مجد أعده لأوليائه .

فنذكر أولا : إن دين الله للعقلاء العلماء حقا المتبعين لأئمة الحق ، فنعرف بعض شأن أئمة الحق وضرورة طلب دين الله منهم ، ثم نذكر بعض أسس وقواعد شرع الله ودينه ، ثم نذكر ما يبعد عنه ، ثم نذكر حديث به أسس دين الله وشرعه ، والذي به يطلب نور الله الدين الشكور العظيم سبحانه وتعالى .

 

الإشعاع الأول :

أول الدين نور ملك العقل والعلم :

 يا طيب : قالوا إن أول العلم معرفة الجبار وأخره تفويض الأمر إليه ، والحق لعله يريدون حين معرفة الجبار يجب تفويض الأمر إليه ، وإلا باب العلم واسع ومدينته كبيرة فيها الأبواب الكثيرة العلم ، وقد يطول زمان معرفة كل شؤون العظمة والدين ، ومسائله التي تدخل في كل شؤون الحياة سواء أسرة أو فرد أو مجتمع وسياسة واقتصاد وغيرها ، وقد لا تكون مورد لابتلاء العبد وليست من فعله ، ولكن يراد أن يُعرف أنه يجب أن يتوجه بكل ما يُعرف من تعاليم عظمة الجبار وشؤون مجده ودينه له ، وأن يؤمن به ويرجى ما عنده ، ويخاف ويخشى حرمان الغفلة عنه وعن نسيان تطبيق شيء منه مورد للابتلاء ، فضلا عن عصيانه أو الظهور بالمحرمات والعياذ بالله ، بل نسال الله الديان ومالك يوم الدين لأن يوفقنا للإتيان بكل ما أمر وشرفنا بهداه حقا وعن معرفة ودين واقعي يرضى به حقا ويبعدنا عن كل ما نهى عنه .

ولذا كان أول العلم : أن يكون الإنسان عاقل ذو حياء وعلم وحلم ، فيعرف هدى الله الحق ويطيعه به مخلصا له الدين ، ثم ينشره بكل سيرته وسلوكه ، فيقتدي بعلماء الحق وأئمة دين الله بحق ، لا أن يقول ما لا يعمل ويعمل ما لا يقول فلا تتجاوز كلماته فوه .

وخير من بين العقل والعلم وآدابه : هو الله تعالى في كتابه كما عرفت في الإشراق السابقة بكل نور أشعته ، وهذا شرح وبيان لنبيه ولآله معلمي هدى الله ، وهذا بيان يسير منه من معارف شرع الله مع طوله ، وبه ندخل في بعض آداب الدين ومعارف شيء مهم من هداه بكلمات جامعة شاملة ، فنعرف إن نور الأسماء الحسنى يشرق على من يتدين بكل دين الله الديان حقا .

 

أحاديث في أهمية العقل في معرفة الدين :

عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال :

هبط جبرائيل عليه السلام على آدم عليه السلام فقال : يا آدم إني أمرت أن أخيرك واحدة من ثلاث ، فاختر واحدة و دع اثنتين .

 فقال له آدم : و ما الثلاث يا جبرائيل ؟

قال : العقل و الحياء و الدين .

قال : آدم فإني قد اخترت العقل .

 فقال : جبرائيل للحياء و الدين انصرفا .

فقال : يا جبرائيل إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيثما كان .

قال : جبرائيل فشأنكما و عرج[1] .

فالعقل الحي لحيائه يكون له دين ، لأنه يطلب الهدى الذي يوصله للكمال الحق الأبدي الذي يطلب به الجنة ، ولا يعصي الله بنعمه ، وقد قال أبو عبد الله عليه السلام :

من كان عاقلا كان له ديـن ، و من كان له ديـن دخل الجنة [2].

وقال الإمام علي عليه السلام : معرفة العالم ، دين يدان به ، يكسب الإنسان الطاعة في حياته ، و جميل الأحدوثة بعد وفاته .

  الدين لا يصلحه إلا العقل .

على قدر العقل يكون الدين . زين الدين العقل .

  لا ديـــن لمن لا عقل له [3].

 

أحاديث في ضرورة طلب العلم الحق من دين الله وشرعه :

يا طيب : إن العاقل يكون له الدين ، والدين هو العلم بهدى الله الحق وتطبيقه ، وقبل أن نذكر سبيل طلبه من أئمة الحق ، نذكر بعض الأحاديث في طلب العلم ، وقد ذكرنا بحث واسع في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام في أثر العلم في العقل ، بل في وجود نور الإنسان الواسع ومدده له فراجع الجزء الأول ، وهذا بعض البيان في أهمية العلم بالدين الحق والتفقه به ليستمر العبد العاقل حقا بحياة الأبد مكرما :

عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قال سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ :

أَيُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا :  أَنَّ كَمَالَ الدين طَلَبُ الْعِلْمِ وَ الْعَمَلُ بِهِ .

 أَلَا وَ إِنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ أَوْجَبُ عَلَيْكُمْ مِنْ طَلَبِ الْمَالِ ، إِنَّ الْمَالَ مَقْسُومٌ مَضْمُونٌ لَكُمْ قَدْ قَسَمَهُ عَادِلٌ بَيْنَكُمْ وَ ضَمِنَهُ وَ سَيَفِي لَكُمْ . وَ الْعِلْمُ مَخْزُونٌ عِنْدَ أَهْلِهِ وَ قَدْ أُمِرْتُمْ بِطَلَبِهِ مِنْ أَهْلِهِ فَاطْلُبُوهُ [4].

وعن أَبَا عَبْدِ الله عليه السلام يَقُولُ : تَفَقَّهُوا فِي الدين ، فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ مِنْكُمْ فِي الدين فَهُوَ أَعْرَابِيٌّ ، إِنَّ الله يَقُولُ فِي كِتَابِهِ :

{ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدين وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ‏}.

وعَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قال سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله عليه السلام يَقُولُ :

 عَلَيْكُمْ بِالتَّفَقُّهِ فِي دِينِ الله وَ لَا تَكُونُوا أَعْرَاب ، فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي دِينِ الله لَمْ يَنْظُرِ الله إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَمْ يُزَكِّ لَهُ عَمَلً [5].

وعَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قال :

 إِذَا أَرَادَ الله بِعَبْدٍ خَيْراً فَقَّهَهُ فِي الدين [6].

وعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قال :

الْكَمَالُ كُلُّ الْكَمَالِ التَّفَقُّهُ فِي الدين ، وَ الصَّبْرُ عَلَى النَّائِبَةِ ، وَ تَقْدِيرُ الْمَعِيشَةِ [7].

 

 أحاديث في فضل العلماء بدين الله وفضل التعلم :

قال أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : اعْلَمُوا : أَنَّ صُحْبَةَ الْعَالِمِ وَ اتِّبَاعَهُ دِيـنٌ يُدَانُ الله بِهِ ، وَ طَاعَتَهُ مَكْسَبَةٌ لِلْحَسَنَاتِ ، مَمْحَاةٌ لِلسَّيِّئَاتِ ، وَ ذَخِيرَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَ رِفْعَةٌ فِيهِمْ فِي حَيَاتِهِمْ ، وَ جَمِيلٌ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ[8] .

 عن أبي جعفر عليه السلام قال :

 متفقه في الدين ، أشد على الشيطان من عبادة ألف عابد [9].

وعن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين أحدهما فقيه راوية للحديث و الآخر عابد ليس له مثل روايته ؟

 فقال : الراوية للحديث المتفقه في الدين .

 أفضل من ألف عابد لا فقه له و لا رواية [10].

وقال الإمام علي عليه السلام : إذا أراد بعبد خيرا فقهه في الدين و ألهمه اليقين . اليقين رأس الدين . رأس الدين صدق اليقين . نظام المروءة حسن الأخوة و نظام الدين حسن اليقين . ثبات الدين بقوة اليقين . سنام الدين الصبر و اليقين و مجاهدة الهوى . قووا إيمانكم باليقين فإنه أفضل الدين . الدين نور اليقين حبور[11] .

وبعد إن عرفنا إن العاقل يجب أن يكون متيقن لدينه ويجاهد الهوى ، فيكون في حبور ونور ، نذكر حرمة قياس الدين والتساهل فيه بالقول بالفكر والاجتهاد الذي ليس له مدرك حق من شرع الله ، والذي يغلب على من يهجر أئمة الحق كما ستعرف في البحث الآتي وما بعده فتدبره فإن لله الديان  دين واحد حقا .

 

أحاديث تحذرنا أخذ دين الله بالقياس وتحرمه :

عن أبي أَبَا عَبْدِ الله عليه السلام قال : إِنَّ أَصْحَابَ الْمَقَايِيسِ طَلَبُوا الْعِلْمَ بِالْمَقَايِيسِ ، فَلَمْ تَزِدْهُمُ الْمَقَايِيسُ مِنَ الْحَقِّ إِلَّا بُعْداً .

 وَ إِنَّ دِيــــنَ الله لَا يُصَابُ بِالْمَقَايِيسِ[12].

وعن الإمام علي عليه السلام قال :

مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلْقِيَاسِ لَمْ يَزَلْ دَهْرَهُ فِي الْتِبَاسٍ.

وَ مَنْ دَانَ الله بِالرَّأْيِ لَمْ يَزَلْ دَهْرَهُ فِي ارْتِمَاسٍ .

وَ قال أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : مَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِرَأْيِهِ فَقَدْ دَانَ الله بِمَا لَا يَعْلَمُ ، وَ مَنْ دَانَ الله بِمَا لَا يَعْلَمُ ، فَقَدْ ضَادَّ الله حَيْثُ أَحَلَّ وَ حَرَّمَ فِيمَا لَا يَعْلَمُ [13].

قال صلى الله عليه وآله وسلم :

 إن الله أوحى إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه .

 قل للذين : يتفقهون لغير الدين ، و يتعلموا لغير العمل ، و يطلبون الدنيا بعمل الآخرة ، يلبسون للناس مسوك الضأن ، و قلوبهم قلوب الذئاب ، و ألسنتهم أحلى من العسل ، و أعمالهم أمر من الصبر ؛ إياي يخادعون ، و بي يغترون ، و بديني يستهزءون ، لا يحسن لهم فتنة تدع الحكيم منكم حيران [14].

وعن محمد بن حكيم عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال : قلت له : تفقهنا بكم في الدين ، و روينا عنكم الحديث ، و ربما ورد علينا رجل قد ابتلي بالشيء الصغير الذي ليس عندنا فيه شي‏ء نفتيه ، و عندنا ما هو مثله و يشبهه .

 أ فنقيسه بما يشبهه ؟

فقال : لا و ما لكم و للقياس في ذلك ، هلك من هلك .

 فقلت : أتى رسول الله صلى الله عليه وآله الناس بما يكتفون به ؟

فقال : أتى و الله رسول الله الناس بما استغنوا به في عهده .

 و بما يكتفون به من بعده إلى يوم القيامة .

فقلت : فضاع منه شي‏ء ؟

فقال : لا هو عند أهله [15].

وعن أبي جعفر عليه السلام أنه قال :

 من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله البتة إلى يوم القيامة[16] .

وبعد إن عرفنا : إن العاقل يعلم بدينه وشرائعه وتفقه بها بحق وله الفضل العظيم من جنة الرب ورضاه ، وإنه يُحرم التفقه لغير الدين ، أو بالقياس ، بل يجب أن يعلم شرع الله الذي ينور الوجود بكل إشراق يشرق من الأسماء الحسنى وتجلي كرامتها وفيضها من أئمة الحق ، والذين أختارهم الله تعالى ، وأهل دين الله الديان الصادقين الذين صدقهم الله كما عرفت .

 وهذه بعض المعرفة في شأنهم : وعصمتهم في تعريف دين الله وتعريفهم للحق منه ، ومن دون قياس بالإضافة لما عرفت ، فتدبر في برهان أئمة الحق من آل محمد صلى الله عليهم وسلم لتتبع دينهم الذي هو دين الله الديان ، وتتحقق بشرعهم الذي هو شرع الله ، فتنال رضا الله ونور أسماءه الحسنى بعبادتك لله ، وبالتوجه له بما يحب ويرضى ، فيكرمك بكل مجد من نور ملكه المعد لعباده في يوم الدين ، وهو الديان الشكور مالك يوم الدين .

 

 

الإشعاع الثاني :

هدى الديان ودينه وشرعه يؤخذ من أئمة الحق المعصومين :

يا طيب : بعد إن عرفنا أهمية العلم في دين الله وشرعه بسلوك سبيل الحق من أئمة الحق دون دين أئمة القياس ، نذكر بعض الأدلة التي تعرفنا أئمة الدين حقا ، والذين بهم تم شرع الله ودينه حين قال سبحانه :

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيـنَـكُـمْ

وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَــتِـي

وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْــلاَمَ دِيــنــًا }المائدة3 .

يا طيب : في هذه الآية عرّفنا الله الديان إن دينه تم في يوم عظيم ، وهو يوم تمام النعمة بدين الإسلام ، وبإمام حق يكون مرضي لله تعالى ، وإنه في دينه دين الله وكل ما شرعه ، فإنه قبل هذا القسم من الآية وبعدها معارف كريمة ، تعرفنا إن شعائر الله في الشهر الحرام والحج وما هو مطلوب به ، يعرفه ممن طهرهم الله وهم يعرفون دين الله الطاهر ، كما عرفت إن الإمام علي طهر البيت من الكفر ومن أن يحج له مشرك في سورة براءة التوبة كما بلغها عن رسول لله ومنع غيره .

فترى في مجموع الآيات من سورة المائدة : معارف كريمة تقرن هدى الله بميثاقه للشهداء وأئمة الحق في كل آية من آياتها ، وبالتدبر بها تعرف أن هذه آيات مختصة بأئمة الدين حقا لا كل مشرع لدين الله ، فتدبر بآيات سورة المائدة وكيف تقرن أئمة الحق بالدين الحق وتشريعه وتعريفه ، فتعرف أنها آيات مختصة بإمام به تم دين الله وهو من النبي الكريم قريب وعالم بدينه الحق وشهيد للمؤمنين حقا من الذين يتبعوه ، وإنها تُعرفنا إن نقيب دين الله وولي دينه هو الذي يكون ولي الله كما في آية الولاية في الآية الخامسة والخمسون من سورة المائدة ، وهي بعد أن تعرفنا أولياء دين الله السباقون وتحكي سنن الله وسبيله في تبليغ دينه على طول الزمان ، وقد عرفت إن آيات القرآن تعرف دين الله وهداه في مجاميع من الآيات وبآيات خاصة .

 وبهذا التدبر الحق : يمكن أن يُعرف هدى الله وأئمة دينه في الإسلام وقبله ، فراجعها وتدبر بها كما ذكرنا من التدبر سابقا ، تعرف عظيم الحق لأئمة الدين من آل محمد صلى لله عليهم وإمامتهم للدين حقا ، وإنه ومنهم يؤخذ شرع الله بصراط مستقيم من غير قياس ، أو خلاف الحق كما تعرفه في آياتها .

وهنا يا أخي المتدين : نذكر بعض الأحاديث التي تعرفنا أئمة الحق بصورة عامة ثم نذكر حديث الغدير الذي كانت هذه الآية لتي تم الدين بها ، ونزلت بعد نصب الإمام علي عليه السلام إمام حق لدين الله يقتدى به بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فتدبر هذه الأحاديث لتعرف أئمة دين الله حقا فتأخذ دين الدين منهم ، لأنه تعالى لم يوحي لكل أحد ولا يرضى القياس في دينه ، وإنما يختار ويصطفي المطهرين الأخيار ويختصهم بعلم الكتاب وهداه ، فيسبحان الله الهادي الديان الولي الذي عرفنا دينه وصراطه المستقيم عند المنعم عليهم وعرفهم لنا بكل سبيل ، وهذه أحاديث تعرفنا هذا المعنى فتدبرها يا طيب فإنه من أسس معرفة دين الدين الشكور العظيم سبحانه .

 

أحاديث تعرفنا أئمة دين الله من آل محمد صلى الله عليهم :

عن أبي حمزة الثمالي قال سمعت أبا جعفر ع يقول :

دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطهور ، فلما فرغ أخذ بيد علي فألزمها يده ، ثم قال : إنما أنت منذر ، ثم ضم يده إلى صدره ، قال : و لكل قوم هاد ، ثم قال : يا علي : أنت أصل الدين ، و منار الإيمان ، و غاية الهدى ، و قائد الغر المحجلين أشهد لك بذلك[17] .

وعن عبد الرحمن بن كثير قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

نحن ولاة أمر الله ، و خزنة علم الله ، و عيبة وحي الله .

و أهل ديــن الله ، و علينا نزل كتاب الله ، و بنا عبد الله ، و لولانا ما عرف الله ، و نحن ورثة نبي الله و عترته [18].

وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن الله لم يدع الأرض إلا و فيها عالم يعلم الزيادة و النقصان من ديــن الله ، فإذا زاد المؤمنون شيئا ردهم ، و إذا نقصوا شيئا أكمله لهم ، و لو لا ذلك لالتبست على المؤمنين أمورهم [19].

 عن عبد العزيز القراطيسي قال : قال أبو عبد الله عليه السلام الأئمة :

 بعد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم اثنا عشر ، نجباء مفهمون .

 من نقص منهم واحدا ، أو زاد فيهم واحدا ، خرج من دين الله .

 و لم يكن من ولايتنا على شي‏ء [20].

 

أدلة وأحاديث تعرفنا عصمة أئمة الحق لدين الله :

يا طيب : قال العلامة الحلي جمال الدين حسن بن يوسف بن المطهر الحلي في كتاب الألفين في إمامة أمير المؤمنين عليه ‏السلام‏ ، في دليل من أدلة الكثيرة التي تقارب الألف :   دليل في عصمة الإمام :

قال الله تعالى : { أَ فَغَيْرَ دِيــنِ الله يَبْغُونَ

وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } .

وجه الاستدلال : أن هذه الآية الشريفة الكريمة دلت على ذم كل من ابتغى غير دين الله في حكم من أحكامه أي حكم كان ، فكل من خالف حكما من أحكام دين الله ، فقد ابتغى غير دين الله في ذلك الحكم ، و كل من ابتغى غير دين الله في أي شي‏ء كان ، فهو مذموم مستحق للعذاب .

و الإمام : إنما أوجبه الله ليعرف المكلف دين الله ليتبعه ، و يأبى إتباع غير دين الله في شي‏ء ما و مخالفة دين الله مطلقا ، و يحصل له إتباع أحكام دين الله التي افترضها على عباده و قررها لهم ، و إنما يحصل ذلك حينما يكون الإمام معصوما ، فيشترط في الإمام العصمة .

و إنما يحصل للمكلف : الوثوق و الأمن من الخوف بإتباعه ، و خصوصا فيما بناه الله تعالى على الاحتياط التام كالفروج و الدماء ، بوجوب عصمة الإمام ، فيجب أن يكون الإمام معصوما ، و إنما يعلم عصمته من النص ، فقد دلت بهذه الأشياء على مطالب خمسة .  أحده : أن الإمام معصوم . و ثانيها : أنه واجب العصمة . و ثالثها : أنه لا يكون الإمام إلا بنص إلهي على لسان النبي الصادق عليه السلام ، أو على لسان الإمام المنصوص عليه .

و رابعه : أنه يستحيل أن يجعل الله تعالى الاختيار في النصب الإمامة إلى الأمة ، و قد تقرر في علم الكلام استحالة أمر الله تعالى بإتباع من لا يأمن المكلف من إضلاله ، فيكون الإمام معصوما ، و إتباعه يوجب تعيين السلامة بالضرورة ، فمخالفه بين الضلال و هذا هو مطلوبنا .

 و خامسه : أن كل زمان لا بد فيه من إمام معصوم ، و إلا لجاز إتباع بعض المكلفين غير دين الله في بعض الأحكام، وقد بين الكلام استحالته .لوجوب اللطف [21].

 

ودليلا أخر مختار من الألفين في ضرورة وجود الإمام :

قوله تعالى : { لا إِكْراهَ فِي الدين قَدْ تَبَيَّـــنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ } .

فإما في كل الأحكام أو في بعضه ، و الثاني يستلزم المحال من وجهين .

 أحدهم : الترجيح بلا مرجح ، فإن بيان بعض التكاليف دون الباقي ترجيح بلا مرجح . و ثانيهم : أنه يستلزم التكليف بما لا يطاق ، فثبت إكراه في الدين لأنه عين تكليف ما لا يطاق ، لكن ثبوت إكراه في الدين محال ، لقوله تعالى : لا إِكْراهَ فِي الدين ، و هو نكرة منفية فتكون للعموم .

فظهر : أن الله تعالى بيّن الصواب في كل الأحكام ، و في القرآن مجملات و تأويلات ، و كذا الأحاديث لا تفي ببيان الأحكام ، فبينها الإمام ، فلو كان غير معصوم لم يكن قوله بيانا [22].

 

ودليلا أخرا في ضرورة وجود الإمام في كل زمان :

قال الله تعالى : { وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ

وَ يَكُونَ الدين كُلُّـهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ الله بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } .

وجه الاستدلال : أنه تعالى طلب من عباده أن لا تكون فتنة في جميع الأزمان ، لأن قوله : حتى لا تكون فتنة ، دل على أن المراد في كل الأوقات .

فنقول : أحد أمور ثلاثة لازم : إما أن لا يكون إمام ، و إما أن يكون الإمام بنصب الله و نص الرسول ، أو يكون فتنة .

فإن الضرورة قاضية : بأنه إذا نصب الإمام غير الله تعالى ، بل يكون مفوضا إلى الخلق مع اختلاف دواعيهم و آرائهم و أهوائهم ، و لا يتفقون على إمام واحد تقع الفتنة ، و عدم الإمام تقع منه الفتنة .

 فيجب أن يكون : الإمام بنصب الله تعالى ، فإما أن يكون معصوما أو لا ، و الثاني باطل لأن نصب غير المعصوم تختلف فيه الآراء ، و لا يحصل الوثوق بقوله ، و لأنه يمكن لزوم الإغراء بالجهل من نصبه ، و هو من الله تعالى محال ، و إمكان المحال محال ، فمحال أن يكون غير معصوم و هو المطلوب[23] .

يا طيب : بهذه الأدلة بالإضافة لما عرفت تتيقن أن لابد من إمام هادي من آل محمد صلى الله عليهم وسلم به يُعرف دين الله الديان ، ويعتصم به من الاختلاف ، وبه تبطل دعوا مدعين الإمامة والخلافة بدون حق ، لأنه إمام دين الله قد صدقه الله ، وشهد له رسوله وسيرته وعلومه وكل ما ذكر عنه ، وقد عرفت الكثير من الأدلة هنا في هذا النور للديان أو غيره ، وقصة واقعة غدير خم بنصب أول إمام بأمر الله علنا لجميع المسلمين ، وبأعظم موقف عام لا يمكن أن ينكره أحد وقد عرفت آيته أعلاه، ولمعرفة تفاصيل الحديث والواقعة راجع كتاب الغدير للعلامة الأميني ، وهذا حديث مختصر في تلك الواقعة العظيمة التي تم بها الدين وكملت بها نعمة الله ورضى الله لنا الإسلام دينا إلى يوم القيامة بإمام بعد إمام من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، وهذا الحديث فتيقن به ولي الدين وتعرف عليه لتعرف من سبيله وبصراطه المستقيم دين الله الديان بعد رسول الله .

 

حديث يوم الغدير يعرفنا الإمام الحق لدين الله بعد نبيه :

عن عبد الله بن الفضل الهاشمي : عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

يوم غدير خم ، أفضل أعياد أمتي ، و هو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علما لأمتي ، يهتدون به من بعدي .

و هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين ، و أتم على أمتي فيه النعمة ، و رضي لهم الإسلام دينــا .

ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : معاشر الناس : إن عليا مني و أنا من علي ، خلق من طينتي ، و هو إمام الخلق بعدي ، يبين لهم ما اختلفوا فيه من سنتي ، و هو أمير المؤمنين ، و قائد الغر المحجلين ، و يعسوب المؤمنين ، و خير الوصيين ، و زوج سيدة نساء العالمين ، و أبو الأئمة المهديين .

معاشر الناس : من أحب عليا أحببته ، و من أبغض عليا أبغضته ، و من وصل عليا وصلته ، و من قطع عليا قطعته ، و من جفا عليا جفوته ، و من والى عليا واليته ، و من عادى عليا عاديته .

 معاشر الناس : أنا مدينة الحكمة و علي بن أبي طالب بابها ، و لن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب ، و كذب من زعم أنه يحبني و يبغض عليا .

معاشر الناس : و الذي بعثني بالنبوة و اصطفاني على جميع البرية ، ما نصبت عليا علما لأمتي في الأرض حتى نوه الله باسمه في سماواته ، و أوجب ولايته على ملائكته [24].

 

الإشعاع الثالث :

دين الديان عند أئمة الحق من آل محمد وهم المحافظون عليه :

يا طيب : قد عرفنا فضل أئمة الدين من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم في كثير من الآيات والأحاديث ، وبالخصوص في نور الوارث والبر والوفي والودود وغيرهن ، وهذه بعض الأحاديث عن الإمام علي وآله في غرر الحكم تعرفنا أهمية وجودهم في دين الله تعالى ، فتدبر فقراتها تعرف ملك الكتاب والحكمة في كلماته الشريفة ، والتي بحق فاقت كلام المخلوق فصارت دون كلام الخالق في البلاغة والفصاحة في تعريف دين الله تعالى .

وهذا هو علم ومعارف أئمة الدين الحق لله الديان سبحانه : وأحاديثهم الشريف التي تعرفنا أولياء دين الديان الذي أختارهم ورباهم بيد قدرته وعظمته ، حتى أشرق فيهم نوره فظهروا به طهارة وإيمان ويقين ودين وعلم وبلاغة وفصاحة حتى كانوا قرناء كتابه ، وثقلين خلفهم رسول الله في أمته يعرف بهم دين الله ويعبد ويطاع ، فيحصل المقتدي بهم على نور الأسماء الحسنى بأتم تجليها حتى يكون مع أئمة الحق في يوم الدين ، وفي أعظم ملك يهبه الله الدين ومالك يوم الدين ويشرفهم به ويظهر به فضلهم العظيم فيشكر سعيهم ، فتدبر :

قال الإمام علي عليه السلام :

إنما المستحفظون لـديــن الله : هم الذين أقاموا الدين و نصروه ، و حاطوه من جميع جوانبه ، و حفظوه على عباد الله و رعوه .

إن أفضل الدين : الحب في الله ، و البغض في الله ، و الأخذ في الله ، و العطاء في الله سبحانه .

إن الدين لشجرة : أصلها : اليقين بالله ، و ثمرها : الموالاة في الله و المعاداة في الله سبحانه [25].

 

فضائل أهل بيت الدين :

هم : دعائم الإسلام ، و ولائج الاعتصام ، بهم عاد الحق في نصابه ، و انزاح الباطل عن مقامه ، و انقطع لسانه من منبته ، عقلوا الدين عقل وعاية و رعاية ، لا عقل سماع و رواية.

 هم : أساس الدين ، وعماد اليقين ، إليهم يفي‏ء الغالي ، و بهم يلحق التالي [26].

وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من دان بديــني ، و سلك منهاجي ، و اتبع سنتي ، فليــدن بتفضيل الأئمة من أهل بيتي على جميع أمتي ، فإن مثلهم في هذه الأمة ، مثل باب حطة في بني إسرائيل[27] .

وعَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قال : قال أَبُو عَبْدِ الله عليه السلام :

 مَنْ دَانَ الله بِغَيْرِ سَمَاعٍ عَنْ صَادِقٍ أَلْزَمَهُ الله الْبَتَّةَ إِلَى الْعَنَاءِ .

 وَ مَنِ ادَّعَى سَمَاعاً مِنْ غَيْرِ الْبَابِ الَّذِي فَتَحَهُ الله ، فَهُوَ مُشْرِكٌ .

وَ ذَلِكَ الْبَابُ الْمَأْمُونُ عَلَى سِرِّ الله الْمَكْنُونِ [28].

 

الإشراق الخامس :

الدين بعد معرفة الحق آداب وأسنن وأحكام وفضل التدين :

يا طيب : بعد أن عرفنا إن العاقل هو الذي يتبع دين الله الدين حقا من أئمة الدين ، والذين اصطفاهم الله تعالى وأختارهم لكي لا تقع فتن بين الناس ، ولكي لا يدعي كل إنسان دين الله وهو محب للدنيا ويحب التسلط كما عرفت وستعرف ، فإن الله الديان الخبير هو الذي أختار وعرفنا بكتابه وبآيات كثيرة وبكلام وسيرة رسوله ، أئمة دينه ، وقد عرفت كثير من البراهين التي تعرفنا وجودهم حقا ، فضلا عن العقل الطالب للكمال الحق فيطلب من ظهر علمه في تعريف دين الله ، وهذا كلام من أئمة الدين يعرفونا فضل الدين وبه تعرف  بلاغتهم وفصاحتهم وصدق قولهم الحكيم ، والذي يعرفنا بأنهم حقا علماء بدين الله حكماء أبرار أتقياء مطهرون ، قد أختارهم الله الديان لدينه أئمة وولاة للمؤمنين المتدينين حقا ، فيعرفوهم دينه وشأنه العظيم ، وهذا أحاديث في فضل الدين والتدين وأهم أركانه نذكرها في هذا الإشراق فتدبر أشعة نوره ، وأسال الله الدين أن يؤجرنا دينه والإخلاص له به حقا حتى يشكر سعينا ويعظم ملكنا يوم الدين وهو الله الديان الشكور العظيم سبحانه وتعالى آمين .

 

الإشعاع الأول :

فضيلة التدين بدين الديان الحق والظهور بنوره :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 مجالسة أهل الدين شرف الدنيا و الآخرة [29].

وهذا مجلس لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يعرفنا به دين الله وأهمية ، فقال عليه السلام في غرر الحكم :

إذا فقهت فتفقه في ديــن الله . من تفقه في الدين كثر[30] .

الدين : نور ، اليقين حبور . الدين : أفضل مطلوب .

الدين : أقوى عماد . الدين : ذخر و العلم دليل .

 الدين : أشرف النسبين[31] .

الدين : و الأدب نتيجة العقل . التيقظ في الدين : نعمة على من رزقه . أفضل السعادة : استقامة الدين . حفظ الدين : ثمرة المعرفة و رأس الحكمة .

صير الدين : جنة حياتك و التقوى عدة وفاتك .

 من رزق الدين : فقد رزق خير الدنيا و الآخرة . نعم القرين : الدين . يسير الدين : خير من كثير الدنيا [32].

ألا و إن شرائع الدين واحدة ، و سبله قاصدة ، فمن أخذ بها لحق و غنم ، و من وقف عنها ضل و ندم .

إن الله سبحانه يعطي الدنيا من يحب و من لا يحب ، و لا يعطي الدين إلا من يحب . إن الله تعالى لا يعطي الدين إلا لخاصته و صفوته من خلقه .

حصنوا الدين بالدنيا ، و لا تحصنوا الدنيا بالدين .

 عليكم بلزوم الدين و التقوى و اليقين ، فهن أحسن الحسنات ، و بهن يُنال رفيع الدرجات [33].

 

 

الإشعاع الثاني :

قواعد الدين وأصوله وغايته :

يا طيب : بعد إن عرفنا أهمية التدين بدين الديان الحق حقا ، نتعرف على أهم أصول العلم والعمل به وأركانها ونتائج التدين الذي عرفت فضله ، وقد قال مولى الموحدين وأمير المؤمنين عليه السلام في غرر الحكم :

الإخلاص غاية الدين  .

 ست من قواعد الدين : إخلاص اليقين ، و نصح المسلمين ، و إقامة الصلاة ، و إيتاء الزكاة ، و حج البيت ، و الزهد في الدنيا .

 ستة يختبر بها ديــن الرجل : قوة الدين ، و صدق اليقين ، و شدة التقوى ، و مغالبة الهوى ، و قلة الرغب ، و الإجمال في الطلب .

جماع الدين : في الإخلاص بالعمل ، و تقصير الأمل ، و بذل الإحسان ، و الكف عن القبيح .

 ثلاث هن جماع الدين : العفة ، و الورع ، و الحياء .

ثلاث هن كمال الدين : الإخلاص ، و اليقين ، و التقنع [34].

شيئان هما ملاك الدين : الصدق ، و اليقين .

اعلم : أن أول الدين التسليم ، و آخره الإخلاص .

أفضل الدين : قصر الأمل ، و أفضل العبادة إخلاص العمل .

أصل الدين : أداء الأمانة ، و الوفاء بالعهود .

رأس الدين : اكتساب الحسنات[35] .

 

الإشعاع الثالث :

أحاديث في ثمرات التدين بالدين حقا حتى اليقين والتقوى :

يا طيب : ذكرنا في أول صحيفة التوحيد أهمية معرفة الدين بالدليل والبرهان ، وكان ملاك البحث إن المعرفة المحكمة تُرسخ الإيمان وتجعلنا نعرف أهمة تعاليمه ، أي يكون موجب لمعرفة الدين بفرعية أصول الدين وفروعه ، وما أحلى المعرفة حين تكون عن يقين فتكون ثابتة لا تتغير ويكون بها كمال الفرد والتحلي بنور الأسماء الحسنى ، لأنها بعد خلق الإنسان تفيض كماله ، وكمال نورها الدائم يأتي للمتدين ، ومن لا دين له لا نور له دائم من الأسماء الحسنى ، ولذا كان اليقين أس وثمرة للدين وأوله وأصله وبه يتوجه لله ويخلص الإنسان دينه لله .

وذلك لأنه المعرفة علم : واليقين هو تصديق به حقا ، وهذا حقيقة الإيمان ، وهو عين الدين الواقعي للمؤمن المتدين بحق حين الإيمان وبعد معرفة أصوله وفروعه ، وحين تطبيق شرائعه في كل الأحول يجب أن يكون المتدين متيقن بحق لإيمانه ، ولكل ما يوجبه ويشرفه به ، وحين الظهور بنوره ، فنتعرف هنا على أهم ثمرات التدين وهو اليقين وأهم ما يصلح معارف الدين والتدين ، وبعض أهم آدابه الكريمة وأخلاقه العظيمة ، وثمرات الدين الطيبة ، ولذا قال الإمام علي عليه السلام :

ثمرة الدين : قوة اليقين . حسن الدين : من قوة اليقين .

 صلاح الدين : بحسن اليقين .

على قدر الدين تكون قوة اليقين . أفضل الدين اليقين [36].

غاية الدين الإيمان . على قدر قوة الدين يكون خلوص النية .

هدي من تجلبب جلباب الدين . غاية الدين الرضا .

طوبى لمن عمل بسنة الدين و اقتفى آثار النبيين [37].

كما إن الجسم و الظل لا يفترقان كذلك الدين و التوفيق لا يفترقان [38].

الصدق لباس الدين . من أحسن الدين النصح [39].

 كفى بالمرء سعادة أن يوثق به في أمور الدين و الدنيا[40] .

اجعل الدين كهفك ، و العدل سيفك ، تنج من كل سوء ، و تظفر على كل عدو .  ثمرة الدين الأمانة [41].

من دق في الدين نظره جل يوم القيامة خطره .

 ملاك الدين مخالفة الهوى . نظام الدين مخالفة الهوى و التنزه عن الدنيا [42].

أمنع حصون الدين التقوى . التقوى ثمرة الدين و أمارة اليقين [43].

الدين : يعصم . من دان : تحصن . لا يُسلم الدين من تحصن به .

الدين : يصد عن المحارم . خير أمور الدين الورع . سبب الورع صحة الدين [44].

الورع يصلح الدين و يصون النفس و يزين المروءة .  بصدق الورع يحصن الدين . ثمرة الورع صلاح النفس و الدين . جمال الدين الورع . دليل دين العبد ورعه . سب صلاح الدين الورع . عليك بالورع فإنه عون الدين و شيمة المخلصين .

 إذا اتقيت المحرمات ، و تورعت عن الشبهات ، و أديت المفروضات ، و تنفلت بالنوافل ، فقد أكملت في الدين الفضائل .

إن تقوى الله : عمارة الدين ، و عماد اليقين .

 و إنها لمفتاح صلاح ، و مصباح نجاح [45].

عليك بالزهد فإنه عون الدين . الزهد ثمرة الدين . الزهد أصل الدين . الزهد أساس اليقين [الدين ] [46].

أحسنوا جوار نعم الدين : و الدنيا بالشكر لمن دلكم‏ عليها . زين الدين الصبر و الرضا [47].

يا طيب : بعد إن عرفنا إن الدين الحق حتى اليقين يرسخ الإيمان ويوجب الظهور بآثاره ، وإن الدين واليقين والصلاح والثبات ويوجب التقوى والتقوي على الدين ، وإتيان كل ما شرفنا الله الدين به من دينه مخلصين له الدين ، كذالك يوجب الإيمان بالدين الورع عن محارم الله ويزهد بكل محرم من الدنيا وزينتها التي حرم منها ، فنجتنب الحرام دون الطيب الحلال الطاهر .

وهذا التوجه لعبودية الله باليقين بالدين : وبكل صراطه المستقيم ، يوجب الظهور بالصلاح وبكل علم وعمل للؤمن حقا ، ولذا على المتدين أن يصاحب الطيبين والمؤمنين المتدينين حقا ، ويظهر بالأخلاق الحسنة الطيبة كما في الإشعاع الآتي ، وهذا يسير من معارف الله الدين بتعريفة أئمة الدين حقا فتدبر :

 

 

الإشعاع الرابع :

الدين هو الأخلاق الطيبة الظاهرة من المؤمنين المتدينين حقا :

يا طيب : التولي لله ولرسوله ولأئمة المؤمنين والمؤمنين والتخلق معهم بأخلاق الدين، وتعريفهم حدوده بالسيرة والسلوك ، هو عين الدين وأول مظاهر الإيمان عن يقين ، ولذا نذكر بعض الأحاديث في هذا الإشعاع ، ثم نذكر بعض آداب الدين المهمة ، وإن كان كل ما شرع الله والظهور به هو من أخلاق الدين ، ولكن هنا نختصر البحث بذكر معارف لابد منها للمتدين الذي يحب دين الديان حقا ، فيتدين به خُلقا وعبادتا له توجب له ملك الدين العظيم الأبدي بأوسع نور :

فعن سعيد بن يسار قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام :

 هل الدين إلا الحب ، إن الله عز و جل يقول :

 قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله[48].

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 حسن الخلق نصف الدين [49].

وقال الإمام علي عليه السلام في غرر الحكم :

لكل ديــن خُلق ، و خلق الإيمان الرفق .

جاز بالحسنة ، و تجاوز عن السيئة ما لم يكن ثلما في الدين ، أو وهنا في سلطان الإسلام . من الدين التجاوز عن الجرم .

ثلاثة يوجبن المحبة : الدين و التواضع و السخاء [50].

  وعن ابن لهيعة عن أبي مالك قال قلت لعلي بن الحسين عليه السلام :

 أخبرني بجميع شرائـــع الدين ؟

 قال : قول الحق ، و الحكم بالعدل ، و الوفاء بالعهد[51] .

قال علي بن الحسين عليه السلام : إن المعرفة بكمال دين المسلم : تركه الكلام فيما لا يعنيه ، و قلة المراء ، و حلمه ، و صبره ، و حسن خلقه[52] .

وقال الإمام علي عليه السلام في غرر الحكم :

الوفاء عنوان وفور الدين و قوة الأمانة .  حسن الظن راحة القلب و سلامة الدين .  حسن الخلق أفضل الدين . أحسن ملابس الدين [الدنيا] الحياء .

من أفضل الدين المروءة و لا خير في دين ليس له مروة [53].

إن الله سبحانه يحب كل سمح اليدين حريز الدين .

نظام الدين : خصلتان إنصافك من نفسك و مواساة إخوانك .

نظام المروءة حسن الأخوة و نظام الدين حسن اليقين .

 أحبب في الله : من يجاهدك على صلاح ديـن و يكسبك حسن يقين [54].

اصحب أخا التقى و الدين تسلم ، و استرشده تغنم .

لا يغتبط بمودة من لا ديـن له . إخوان الدين أبقى مودة .

 مودة ذوي الدين بطيئة الانقطاع دائمة الثبات و البقاء [55].

عليك بمقارنة ذي العقل والدين فإنه خير الأصحاب .

سلامة الدين والدنيا في مداراة الناس [56].

إني استحكمت في الرجل خصلة من خصال الخير احتملته لها ، و اغتفرت له فقد ما سواها ، و لا أغتفر له فقد عقل و لا عدم دين . لأن مفارقة الدين مفارقة الأمن ، و لا تهنأ حياة مع مخافة ، و عدم العقل عدم الحياة و لا تعاشر الأموات [57].

 قلة الخلطة تصون الدين و تريح من مقاربة الأشرار .

أفضل النجوى ما كان على الدين و التقى ، و أسفر عن إتباع الهدى و مخالفة الهوى . إن العافية في الدين و الدنيا لنعمة جليلة و موهبة جزيلة [58].

يا طيب : قد كتبنا بحثا جميلا في بعض سنن النبي وأقواله في الأخلاق الكريمة والآداب الشريفة في صحيفة النبوة ، وهذه بعض آداب الدين ودعوته للأخلاق الحسنة وإلى النبل في التصرف والشرف في الذات والصفات والأفعال ، وإن أحببت المزيد فراجع الكتب المختصة في آداب الدين وآداب المعاشرة في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أبواب الفقه وكتب الأخلاق ، وما نذكره هو للتذكرة بأهم معارف الدين وأحكامه ولنتيقن إن الدين له شرع وتكاليف يوجبها على من يتدين به ويؤمن به ، وهي التي تسعده في الدنيا في نفسه وفي أهله وبيته وعشيرته ومجتمعه ، بل بالدين الحق تدار الدولة ويقام العدل والإحسان بأفضل سبيل يوصل للنعيم الحق والصادق الأمن ، وهذه بعض آداب الدين وأحكامه بالإضافة لما عرفت ، وإن أردت المزيد فراجع الرسائل العملية للمراجع وسنذكر في بحث الإشراق الأخير لهذا النور أهم ما يوجب التدين به ولتخلق به والتورع عنه فتدبر .

 

 

 

الإشعاع الخامس :

بعض آداب الدين وأحكامه :

يا طيب : للدين أصول وهي خمسة التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد ولها مسائل ، ومن مسائل التوحيد هو معرفة الأسماء الحسنى الإلهية  ، وكيف يتحقق نورها في الوجود هدى ودين فضلا عن التكوين ، والله الرب الهادي الديان كل شرعه يجب معرفته في فروعه وبعد معارف أصول الدين ولو بمعرفة إيمانية مختصرة ، وإنه حتى الأخلاق تبحث في فروعه كبحثها في آداب المعاشرة في مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو في السفر للحج والزيارة وغيرها .

وهنا في هذا الإشعاع : نذكر بعض ما يُذكرنا تجلي الديان في تشريع الأحكام بعد أن عرفنا شيء عن آداب الأخلاق الكريمة في الإسلام ، وإن أهم فروع الدين في قسمين : هي العبادات ، والمعاملات : بكل أنواعها حتى الديات تدخل فيها فضلا عن الزواج وما يتعلق به أو التجارة والقرض والدين وغيره .

 والعبادات : تحصر في عشرة : الصلاة ، والصوم ، والحج ، والزكاة ، والخمس ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والجهاد ، والتولي ، والتبري .

 ولكل من أصول الدين وفروعه : آداب كثيرة ومعارف شريفة عظيمة ، وعرفت إنه هنا نُذكر بما يُعرفنا حقائق عظيمة عن الدين ، وأهميته معرفته عن يقين ، وضرورة التدين به كله ، فضلا عن المهم من مسائله التي نذكر كلياتها هنا ، فتدبر يا طيب : هنا أهمية بعض أحكام الدين حتى يأتي إشراق يذكرنا بما يجب أن نجتنبه ، وإشراق بعده يعرفنا جملة عظمية من أحكامه ، وهذه أهمية الصلاة أولا :

 عن الإمام علي عليه السلام أنه قال : أوصيكم بالصلاة ، هي التي عمود الدين ، و قوام الإسلام ، فلا تغفلوا عنه [59].

و عن علي عليه السلام أنه قال : الصلاة عمود الدين ، و هي أول ما ينظر الله فيه من عمل ابن آدم ، فإن صحت نظر في باقي عمله ، و إن لم تصح لم ينظر له في عمل ، و لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة [60].

وعن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : دخل رجل مسجدا فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فخفف سجوده دون ما ينبغي ، و دون ما يكون من السجود . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : نقر كنقر الغراب لو مات مات على غير ديــن محمد  ، صلى الله عليه وآله وسلم [61].

وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول :

من مضت له جمعة لم يقرأ فيها قل هو الله أحد ثم مات مات على دين أبي لهب[62].

وقال الإمام علي عليه السلام في غرر الحكم :

غاية الدين الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة الحدود .

الجهاد عماد الدين و منهاج السعداء . الجنود عز الدين و حصون الولاة .  لا تحارب من يعتصم بالدين فإن مغالب الدين محروب .

 لا دين لمن لا تقية له . الملوك حماة الدين[63] .

ذد عن شرائع الدين : و حط ثغور المسلمين ، و أحرز دينك و أمانتك بإنصافك من نفسك ، و العمل بالعدل في رعيتك .

صير الدين : حصن دولتك ، و الشكر حرز نعمتك ، فكل دولة يحوطها الدين لا تُغلب ، و كل نعمة يحرزها الشكر لا تُسلب [64].

ويا طيب : في المعاملات الديَن ، أي منذ الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له ، والله هو الذي مَلك العباد ، ولكن يقترض منهم ليضاعف لهم ، وهو لا يأخذ شيء ، بل يحب العبد المؤمن الذي قدر عليه رزقه ، فيحث المؤمنين الذين يسر الله لهم أن يساعدوه حتى يفتح الله عليه إن سعى لرزقه ويطلب سد قرضه ، وهذا فيه آداب كثير سواء كتابة القرض أو وفائه أو إمهال المعسر ، ولكن للقرض مساوئ وقدر الإمكان على الإنسان أن لا يوقع نفسه فيه ، ولكن إذا كان لابد فليسعى لأن يقترض من مؤمن ويقصد النية في قضائه ويسأل الله أن ييسر له سد قرضه ، وهذه بعض الأحاديث في نفس الدَين ويراجع الوسائل وكتب الأحكام لمعرفة المزيد عنه .

الدين رق ، القضاء عتق . الفقر مع الدين الموت الأحمر .كثرة الدين تصير الصادق كاذبا و المنجز مخلف [65].وقود النار يوم القيامة كل غني بخل بماله على الفقراء و كل عالم باع الدين بالدنيا [66].

وعَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قال : سَلَامَةُ الدين وَ صِحَّةُ الْبَدَنِ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ ، وَ الْمَالُ زِينَةٌ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ [67].

وبعد إن عرفن مختصر ما شرفنا الديان من الدين نذكر بعض ما نهانا عنه.

 

 

 

الإشراق السادس :

أمور تفسد التدين بدين الديان يجب أن نحذرها  :

يا طيب : عرفت إن الله يختبر العباد ويداول الأيام بين الناس لكي يعرف من يتبع ملوك الدنيا ممن يتبع ملوك الدين ، ومن يطغى فيحارب ويقاتل النبيين والأوصياء وأولاد النبيين والطيبين الطاهرين ويعادي من يتبعهم من الأشراف والصالحين ، وعرفنا يا أخي جملة من معارف شأن النبي وبعض حروبه مع الكفار والرافضين للدين ، وعرفنا الثابت معه ممن فر عنه والصادقين المصدقين ، كما عرفنا أئمة الدين وكيف كانت أهميتهم بالدين وتعاليمه ، وضرورة التحلي بآدابه من معارفهم ليكون الإنسان معرضا لنور الديان ، فيكون معهم المؤمن بهم في مجد الله وشرفه وبملكه العظيم من الدين في الدنيا ، وفي الآخرة بأتم النعيم الذي لا ينغصه ولا يمكن للمرتدين والمنقلبين عن الدين أن يحاربوه أو يمنعوا من نوره العظيم .

وبعد إن عرفنا يا متدين : أئمة الدين وبعض معارف دينهم ، ومن حاربهم في الإسلام ومن فر وأنقلب عن سيد المرسلين ، نذكر أحاديث تعرفنا بأن أئمة الكفر لم ينثنوا عن محاربة وقتال أئمة الدين وأتباعهم ، وإن أئمة الكفر والنفاق توارثوا عدائهم للإسلام ولشرع دين الله ، فعلموا كل ما يبعد عن الدين ونصبوا لهم وعاظ سلاطين فعلموا دينهم من القياس وجعل المنكر معروفا والمعروف منكرا ، ويكفي أن تراجع الغدير في الأجزاء الأخير لتعرف تصرفهم المشين وحرفهم للمسلمين عن أئمة الدين وعن تعاليم الديان حقا .

وهذه أحاديث : تحكي تمادي من تسلط على رقاب المسلمين في حرفهم عن الدين ، وإذا كان بسبب ملك دنيا يقتلون المسلمين وأئمتهم ، فأعرف أنه لتثبيت سلطانهم جعلوا كثير من التعاليم ليثبتوا قياسهم وفكرهم وهواهم ورأيهم فعرفوه دين، فهذه أحاديث محاربة الدين ثم أحاديث ما يبعد عنه وما نُهي عنه.

 

الإشعاع الأول :

محاربة أئمة الكفر وأتباعهم لأئمة الدين وقتالهم لهم :

عرفت يا طيب : إن الدين عند أئمة الدين ومن حاربهم حارب دين الديأن بل حارب الديان ، ولذا قال النبي للإمام علي وآله أنا سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم ، وإنه يحب من يحبهم لحب الله لهم ، وإنه يبغض من يبغضهم ويعتدي عليهم ويؤذيهم ، وقد ذكرنا أحاديث كثيرة في صحيفة الإمام علي عليه السلام فراجع موسوعة صحف الطيبين لتعرف كثير من معاني ضرورة حب المؤمنين وأئمتهم ودينهم كما عرفت في كثير من نور الأسماء الحسنى هنا ، لأنهم معهم نور الله وتأييده ونصرهم الأبدي حتى في أصعب الظروف لهم .

وهذا أحاديث تعرفنا نهج الصالحين ونصرهم لأئمة الدين ولدين الله حتى الشهادة ، وبه تعرف ظلم المنحرفين عن الدين ومن قاتلهم ودينهم :

فعن عبد الرحمن بن عوف قال : حدثني شيخ من أسلم شهد صفين مع القوم قال : و الله إن الناس على سكناتهم فما راعنا إلا صوت عمار بن ياسر حين اعتدلت الشمس أو كادت أن تعتدل ، و هو يقول :

أيها الناس من رائح إلى الجنة كالظمآن يروى الماء ، ما الجنة إلا تحت أطراف العوالي ، اليوم ألقى الأحبة محمدا و حزبه .

يا معشر المسلمين : اصدقوا الله فيهم ، فإنهم و الله أبناء الأحزاب ، دخلوا في هذا الدين كارهين حين أذلتهم حد السيوف ، و خرجوا منه طائعين حتى أمكنتهم الفرصة ، و كان يومئذ ابن تسعين سنة ، قال : فو الله ما كان إلا الإلجام و الإسراج ، و قال عمار : حين نظر إلى راية عمرو بن العاص إن هذه الراية قد قاتلتنا ثلاث عركات ، و ما هي بأشدهن ، ثم حمل و هو يقول :

نحن ضربناكم على تنزيله     فاليوم نضربكم على تأويله‏

ضربا يزيل الهام عن مقيله    و يذهـل الخليل عن خليله‏

أو يرجع الحـق إلى سبيله     يا رب إني مؤمـن بقيـله‏

ثم استسقى عمار : و اشتد ظماؤه فأتته امرأة طويلة اليدين ما أدري أ عسل معها أم إداوة فيها ضياح من لبن ، و قال :

الجنة تحت الأسنة اليوم    ألقى الأحبة محمدا و حزبه

و الله : لو هزمونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر ، لعلمنا أنا على الحق ، و أنهم على الباطل .  ثم حمل و حمل عليه ابن جوين السكسكي و أبو العادية الفزاري ، فأما أبو العادية فطعنه و أما ابن جوين اجتز رأسه لعنهم الله  [68].

وهذا سبيل أئمة الدين : وأصحابهم في الدفاع عنهم ، رحم الله عمار بن ياسر وحشرنا الله معه ومع أمه وأبيه نحف بالنبي وآله صلى الله عليهم وآله ، بل أئمة الضلال والكفر والنفاق خدعوا الناس حتى قُتل الإمام علي في محراب عبادته وهو يصلي باسم دينهم الذي حرفوه للناس ، فقتل أئمة الكفر وأتباعهم أئمة الحق ، وهذا حديث كيف يقتلون أبناء الأنبياء من قاتل الإسلام طول عمره وربى أحفاده عليه ومن تبعه فيمنع من الدين الحق وهدى أئمة إلى اليوم :

فعن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده :

أن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام : دخل يوما إلى الحسن عليه السلام فلما نظر إليه بكى ، فقال له : ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟

 قال : أبكي لما يصنع بك .

فقال له الحسن عليه السلام : إن الذي يؤتى إلي سم يدس إلي فأقتل به .

و لكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله ، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدعون أنهم من أمة جدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

 و ينتحلون ديـــن الإســلام : فيجتمعون على قتلك ، و سفك دمك ، و انتهاك حرمتك ، و سبي ذراريك و نسائك ، و أنتهاب ثقلك ، فعندها تحل ببني أمية اللعنة ، و تمطر السماء رمادا و دما ، و يبكي عليك كل شي‏ء حتى الوحوش في الفلوات و الحيتان في البحار [69].

وهذا قتال أئمة الكفر والنفاق : لدين الحق ولأئمته ولمن يتبعهم وينصرهم على طول التأريخ فتابعهم في هدى الله الدين الهادي حقا بصراط مستقيم ، ومن يتبع أئمة الكفر ومن كان في بلاطهم يروي ما يسمى بالدين ويخلط الحق بالباطل ، والأيام سجال ، فمن يتبع الحق ينجى ويكون ملكه الدين في الدنيا وملكه عظيم من العظيم الشكور في الآخرة وله النعيم من الديان ، ومن يتبع من داس على الدين وضل عنه وحاربه فهو معهم يدينه لله الدين ويجعله في نار تحترق ، وعن ابن عباس قال :

إن بني أمية وطئوا على صماخ الدين ، و ذبحو كتاب الله بشفرة [70].

وقال الإمام علي بن الحسين عليهم السلام قال :

 ما يأخذ المظلوم من ديـن الظالم ، أكثر مما يأخذ الظالم من دنيا المظلوم [71].

وقد عرفت إنه : وقود النار يوم القيامة كل غني بخل بماله على الفقراء ، و كل عالم باع الدين بالدنيا [72].

وإن من تبع بني أمية : ومن منع أئمة الحق عن تعريف دين الله الدين للمؤمنين والمسلمين يكون شريك طاغية ، ومع أئمة الضلال والكفر الطغاة على أئمة الحق وصحبهم ، والمتدين لا يغتر بكثرة روايات أئمة الضلال وأتباعهم ، فإنه كانت بيدهم الجوامع ومساجد الله ، وكانت لهم خطب الجمعة وكان لابد لعلمائهم من الكلام باسم الدين ونصر الظالمين وتعرفيهم بأئمة المسلمين زورا وبهتانا ، ولذا ترى من تبعهم يوعظ لهم ولو بقياسه وفكره وبكلام يبتدعه ويخترعه باسم الدين ، وهذا ما يفسره الحديث التالي :

فعن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام : قوام الدين بأربعة : بعالم ناطق مستعمل له ، و بغني لا يبخل بفضله على أهل دين الله ، و بفقير لا يبيع آخرته بدنياه ، و بجاهل لا يتكبر عن طلب العلم .

 فإذا كتم العالم علمه ، و بخل الغني بماله ، و باع الفقير آخرته بدنياه ، و استكبر الجاهل عن طلب العلم ، رجعت الدنيا إلى ورائها القهقرى ، فلا تغرنكم كثرة المساجد ن و أجساد قوم مختلفة .

 قيل يا أمير المؤمنين : كيف العيش في ذلك الزمان ؟

 فقال : خالطوهم بالبرانية يعني في الظاهر و خالفوهم في الباطن ، للمرء ما اكتسب و هو مع من أحب ، و انتظروا مع ذلك الفرج من الله عز و جل[73] .

فإن أئمة الكفر : كانوا لا يعطون إلا لمن تبعهم وقد اخذوا مال الله لهم وأعطوا من نصرهم وحارب أئمة الحق ومن أبعد الناس عنهم وكتم دينهم ، ولمال الدنيا تبعوا أئمة الضلال ولخداعهم ومكرهم ، ولا ينفع دين الظالم والكافر أبد ، فإنه بعد أن وضح التأريخ وعُرف كيف خُدع الناس لا يحق لأحد الأخذ بدين أئمة الكفر وأتباعهم والمنحرفين عن أئمة الحق ودينهم الصادق من الدين ، فإنه من ينحرف عن دين الديان عند المصطفين الأخيار لا دين له ولذا جاء :

وعَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام أَنَّهُ قال :

 إِنَّ الله عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ الدين دَوْلَتَيْنِ :

دَوْلَةَ آدَمَ : وَ هِيَ دَوْلَةُ الله . وَ دَوْلَةَ إِبْلِيسَ .

فَإِذَا أَرَادَ الله أَنْ يُعْبَدَ عَلانِيَةً كَانَتْ دَوْلَةُ آدَمَ ، وَ إِذَا أَرَادَ الله أَنْ يُعْبَدَ فِي السِّرِّ كَانَتْ دَوْلَةُ إِبْلِيسَ وَ الْمُذِيعُ لِمَا أَرَادَ الله سَتْرَهُ مَارِقٌ مِنَ الدين[74] .

وعَنْ محمد بْنِ مُسْلِمٍ قال قال أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام :

 لَا دِيـــنَ لِمَنْ دَانَ بِطَاعَةِ مَنْ عَصَى الله ، وَ لَا دِيــنَ لِمَنْ دَانَ بِفِرْيَةِ بَاطِلٍ عَلَى الله ، وَ لَا دِينَ لِمَنْ دَانَ بِجُحُودِ شَيْ‏ءٍ مِنْ آيَاتِ الله[75] .

وقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 مَنْ أَرْضَى سُلْطَاناً بِسَخَطِ الله خَرَجَ مِنْ دِينِ الله [76].

عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :

كل من دان الله عز وجل : بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول ، وهو ضال متحير والله شانئ لأعماله ، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها ، فهجمت ذاهبة وجائية يومها ، فلما جنها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها ، فحنت إليها واغترت بها ، فباتت معها في مربضها فلما أن ساق الراعى قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها ، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها ، فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها  فصاح بها الراعي : الحقي براعيك ، وقطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك ، فهجمت ذعرة ، متحيرة ، تائهة ، لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها ، فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها ، فأكلها .

وكذلك والله يا محمد : من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله عز وجل ظاهر عادل ، أصبح ضالا تائها ، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق .

و اعلم يا محمد : أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله ، قد ضلوا وأضلوا ، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، لا يقدرون مما كسبوا على شيء ، ذلك هو الضلال البعيد [77].

وعَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام أَنَّهُ قال :

 لَا تَصْحَبُوا أَهْلَ الْبِدَعِ وَ لَا تُجَالِسُوهُمْ ، فَتَصِيرُوا عِنْدَ النَّاسِ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ ، قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم : الْمَرْءُ عَلَى دِيــنِ خَلِيلِهِ وَ قَرِينِهِ [78].

ولذا كان المؤمن العاصي : قد تشمله الرحمة لأنه يخلط عملا صالح أمر الله به بأخر قد يكون طالح ، ولكنه يتوب فتدركه الشفاعة وينال فضل الله ، ولكن عرفت من يطيع أئمة الكفر لا دين له ولا شفاعة ولا توبة إلا أن يرجع عن مذهب الكفر ، ويطيع أئمة الحق ولذا جاء :

وعَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدِيِّ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قال قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله عليه السلام : إِنِّي أُخَالِطُ النَّاسَ فَيَكْثُرُ عَجَبِي مِنْ أَقْوَامٍ لَا يَتَوَلَّوْنَكُمْ وَ يَتَوَلَّوْنَ فُلَاناً وَ فُلَاناً لَهُمْ أَمَانَةٌ وَ صِدْقٌ وَ وَفَاءٌ ، وَ أَقْوَامٌ يَتَوَلَّوْنَكُمْ لَيْسَ لَهُمْ تِلْكَ الْأَمَانَةُ وَ لَا الْوَفَاءُ وَ الصِّدْقُ .

قال : فَاسْتَوَى أَبُو عَبْدِ الله عليه السلام جَالِساً ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ كَالْغَضْبَانِ، ثُمَّ قال :

لَا دِيــنَ لِمَنْ دَانَ الله بِوَلَايَةِ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ الله ، وَ لَا عَتْبَ عَلَى مَنْ دَانَ بِوَلَايَةِ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ الله .

 قُلْتُ : لَا دِينَ لِأُولَئِكَ وَ لَا عَتْبَ عَلَى هَؤُلَاءِ ؟!!!

 قال : نَعَمْ لَا دِينَ لِأُولَئِكَ وَ لَا عَتْبَ عَلَى هَؤُلَاءِ .

 ثُمَّ قال : أَ لَا تَسْمَعُ لِقَوْلِ الله عَزَّ وَ جَلَّ :

{ الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النور } يَعْنِي : مِنْ ظُلُمَاتِ الذُّنُوبِ إِلَى نور التَّوْبَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ لِوَلَايَتِهِمْ كُلَّ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ الله .

 وَ قال : { وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النور إِلَى الظُّلُماتِ } إِنَّمَا عَنَى بِهَذَا : أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى نور الْإِسْلَامِ ، فَلَمَّا أَنْ تَوَلَّوْا كُلَّ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ الله عَزَّ وَ جَلَّ خَرَجُوا بِوَلَايَتِهِمْ إِيَّاهُ مِنْ نور الْإِسْلَامِ إِلَى ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ فَأَوْجَبَ الله لَهُمُ النَّارَ مَعَ الْكُفَّارِ ، { فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ‏ } [79].

ويا طيب : ليس من شأن المؤمن حقا أن يعصي الله الديان فيدينه ، ويقف مع المغضوب عليهم في البرزخ ويوم القيامة حتى تناله الشفاعة ويأتيه أمر الله لأنه خلط عمل صالح بآخر سيء ، فضلا من أن يتبع أئمة الكفر والشرك والنفاق ، وهذا الكلام في الحديث أعلاه لمن تناله العناية فيتوب ، ولكن من يموت وهو فرحان بالمعصية وبالخصوص إذا كانت كبيرة فيصعب موقفه عند الدين ، وإن القيامة قد تكون ملايين السنين وهكذا البرزخ ، فمن يتكل على الشفاعة وهو في موقف صعب ويتألم لذنب بسيط أو كبير مع إيمانه ، فهذا لم يكن عنده ذلك الإيمان الصادق عن يقين حقا ، ولا العقل المتدين بمعارف الله وشؤون عظمته ولا في جديته بأخذه .

 نعم الإيمان الحق بالله وبأئمة الحق : ينجي ولكن لمن يتبعهم بحق ويسير على هداهم ويتعبد لله الدين بدينهم الحق حتى يكون منهم في كل كرامة ومجد ، وإلا فموقفه صعب وقد يخرج من الأيمان لأحد شعب الكفر والنفاق والتي نذكرها في الإشعاع التالي ، فإنه فرق بين يبقى مؤمنا بين ممن يدعي الإيمان وهو في أحد شعب الكفر أو الشرك أو النفاق فيحارب عباد الله ويمكر بدين الله ، وبدل أن ينشر دين الله يمنع منه ، وهو يكون عون لأئمة الكفر والطغاة ومن يحب الدنيا ويفتخر بالجاه وعنده العجب بنفسه قبل دينه الحق .

 وقبل : أن نذكر ما يُبعد عن الله نذكر إشعاع نور يحذرنا أنواع الكفر والنفاق وشعبه لكي لا نبتلى بها حين المعصية وعدم التوبة ، ثم نذكر المعاصي التي لا تكون من شأن المؤمن الذي قد يبتلي بها وليس من الكفار والمنافقين ولا من المشركين أو يخرج بها فيكون منهم ، وبهذا نتعرف على أهم هدى الدين ودينه الحق وما يجب أن يكون عليه المؤمن ، وما يجب أن ينتهي عنه فتدبر يا متدين .

 

الإشعاع الثاني :

يجب أن نحذر أوجه وشعب الكفر والشرك والنفاق :

يا طيب : المؤمن يحذر المعاصي فضلا عما يوجب الكفر والنفاق لأنها ليست من دين الله ، ولكن فرق بين من يبقى على الإيمان ويعصي ويتوب ، وبين من يخرج رأسا من الإسلام كله ، ولذا قبل أن نذكر بعض أهم المعاصي وما نهى الله عنه من دينه ، نذكر ما يخرج من دينـه رأسا ، ولا يعد به الإنسان مسلما ولا مؤمنا أصلا وهو الكفر والشرك والنفاق ، وهذه أهم وجوه الكفر :

فعَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قال :

وَ الله : إِنَّ الْكُفْرَ لَأَقْدَمُ مِنَ الشِّرْكِ وَ أَخْبَثُ وَ أَعْظَمُ .

 قال : ثُمَّ ذَكَرَ كُفْرَ إِبْلِيسَ حِينَ قال الله لَهُ اسْجُدْ لآِدَمَ فَأَبَى أَنْ يَسْجُدَ ، فَالْكُفْرُ أَعْظَمُ مِنَ الشِّرْكِ .

فَمَنِ اخْتَارَ عَلَى الله عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَبَى الطَّاعَةَ ، وَ أَقَامَ عَلَى الْكَبَائِرِ فَهُوَ كَافِرٌ ، وَ مَنْ نَصَبَ دِيـنـاً غَيْرَ دِيــنِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَهُوَ مُشْرِكٌ [80].

 

وعن القاسم بن يزيد ، عن أبي عمر والزبيري ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز وجل قال :

الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه :

 فمنها كفر الجحود ، والجحود على وجهين ; والكفر بترك ما أمر الله ; وكفر البراءة ; وكفر النعم . 

فأما كفر الجحود : فهو الجحود بالربوبية وهو قول من يقول : لا رب ولا جنة ولا نار ، وهو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم : الدهرية ، وهم الذين يقولون :

( وما يهلكنا إلا الدهر )( 1 ) وهو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان على غير تثبت منهم ولا تحقيق لشيء مما يقولون ، قال الله عز وجل : ( إن هم إلا يطنون ) ( 1 )  أن ذلك كما يقولون ، وقال : ( إن الذين كفروا سواء عليهم ء أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) ( 2 )  يعني بتوحيد الله تعالى فهذا أحد وجوه الكفر . 

وأما الوجه الآخر من الجحود على معرفة : وهو أن يجحد الجاحد وهو يعلم أنه حق ، قد استقر عنده وقد قال الله عز وجل : ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ) ( 3 ) وقال الله عز وجل : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاء هم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) (4) فهذا تفسير وجهي الجحود .

والوجه الثالث من الكفر كفر النعم : وذلك قوله تعالى يحكي قول سليمان عليه السلام : ( هذا من فضل ربي ليبلوني أ أشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم ) ( 5 ) وقال : ( لئن شكر تم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ) ( 6 ) وقال : ( فاذكروني أذكر كم وأشكروا لي ولا تكفرون ) ( 7 )

والوجه الرابع من الكفر ترك ما أمر الله عز وجل به : وهو قول الله عز وجل : ( وإذا أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون * ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالأثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم) ( 8 ) ، فكفرهم بترك ما أمر الله عز وجل به ونسبهم إلى الإيمان ولم يقبله منهم ولم ينفعهم عنده فقال : ( فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون) ( 9 ) .  

والوجه الخامس من الكفر كفر البراءة : وذلك قوله عز وجل يحكي قول إبراهيم عليه السلام : ( كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده )( 10) ، يعني تبرأنا منكم ،وقال يذكر إبليس وتبرئته من أوليائه من الأنس يوم القيامة : ( إني كفرت بما أشركتموني من قبل )( 11 ) ، وقال : ( إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعض )( 12 ) ،يعني يتبرأ بعضكم من بعض[81].

 

و عن سليم بن قيس الهلالي ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال :

 بني الكفر على أربع دعائم :

 الفسق  ،  والغلو   ،  والشك  ،  والشبهة . 

والفسق على أربع شعب : على الجفاء والعمى ، والغفلة ، والعتو .

 فمن جف : احتقر الحق ، ومقت الفقهاء ، وأصر على الحنث العظيم .

ومن عمي : نسي الذكر ، واتبع الظن ، وبارز خالقه ، وألح عليه الشيطان ، وطلب المغفرة بلا توبة ولا استكانة ولا غفلة .

 ومن غفل : جنى على نفس ه; وانقلب على ظهره وحسب غيه رشدا ; وغرته الأماني ; وأخذته الحسرة والندامة إذا قضي الأمر وانكشف عنه الغطاء وبداله ما لم يكن يحتسب .

ومن عتا : عن أمر الله شك ، ومن شك تعالى الله عليه ، فأذله بسلطانه ، وصغره بجلاله ، كما اغتر بربه الكريم ، وفرط في أمره .

 

والغلو على أربع شعب :

 على التعمق بالرأي ، والتنازع فيه ، والزيغ ، و الشقاق .

 فمن تعمق : لم ينب إلى الحق ولم يزدد إلا غرقا في الغمرات ، ولم تنحسر عنه فتنة إلا غشيته أخرى ، وأنخرق دينه فهو يهوى في أمر مريج .

 ومن نازع : في الرأي وخاصم ، شهر بالعثل من طول اللجاج .

 ومن زاغ : قبحت عنده الحسنة ، وحسنت عند السيئة .

ومن شاق : أعورت عليه طرقه واعترض عليه أمره ، فضاق عليه مخرجه إذا لم يتبع سبيل المؤمنين . 

والشك على أربع شعب :

 على المرية ، والهوى ، والتردد ، والاستسلام.

وهو قول الله عز وجل : فبأي آلاء ربك تتمارى  . وفي رواية أخرى : على المرية ، والهول من الحق ، والتردد ، والاستسلام للجهل وأهله .

فمن هاله : ما بين يديه نكص على عقبيه .

 ومن امترى في الدين : تردد في الريب  ، وسبقه الأولون من المؤمنين ، وأدركه الآخرون ، ووطئته سنابك الشيطان .

 ومن استسلم : لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيما بينهم ، ومن نجا من ذلك فمن فضل اليقين ، ولم يخلق الله خلقا أقل من اليقين .

والشبهة على أربع شعب :

 إعجاب بالزينة ، وتسويل النفس ، وتأول العوج ، ولبس الحق بالباطل ، وذلك بأن الزينة تصدف عن البينة .

وأن تسويل النفس : تفحم على الشهوة .

 وأن العوج : يميل بصاحبه ميلا عظيما .

 وأن اللبس ظلمات بعضها فوق بعض فذلك الكفر ودعائمه وشعبه . 

باب صفة النفاق والمنافق : 

قال : والنفاق على أربع دعائم :

 على الهوى ، والهوينا ، والخفيظة ، والطمع .

فالهوى على أربع شعب : على البغي، والعدوان ، والشهوة، والطغيان.

 فمن بغى : كثرت غوائله وتخلى منه وقصر عليه ، ومن اعتدى :لم يؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه ، ولم يملك نفسه عن الشهوات ، ومن لم يعدل نفسه في الشهوات : خاض في الخبيثات ، ومن طغى : ضل على عمد بلا حجة .

 

والهوينا على أربع شعب : على الغرة ، والأمل ، والهيبة ، والمماطلة .

 وذلك بأن الهيبة : ترد عن الحق ، والمطاطلة : تفرط في العمل حتى يقدم عليه الأجل ، ولولا الأمل : علم الإنسان حسب ما هو فيه ، ولو علم حسب ما هو فيه مات خفاتا من الهول والوجل ، والغرة : تقصر بالمرء عن العمل . 

والحفيظة على أربع شعب : على الكبر والفخر والحمية والعصبية .

 فمن استكبر : أدبر عن الحق ، ومن فخر : فجر ، ومن حمى : أصر على الذنوب ، ومن أخذته العصبية : جار ، فبئس الأمر : أمر بين إدبار وفجور وإصرار وجور على الصراط  .

والطمع على أربع شعب : الفرح ، والمرح ، واللجاجة ، والتكاثر .

 فالفرح : مكروه عند الله ، والمرح : خيلاء ، وللجاجة : بلاء لمن اضطرته إلى حمل الآثام ، والتكاثر : لهو ولعب وشغل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير .

فذلك النفاق ودعائمه وشعبه .

 والله قاهر فوق عباده : تعالى ذكره وجل وجهه ، وأحسن كل شيء خلقه ، وانبسطت يداه ، ووسعت كل شيء رحمته ، وظهر أمره ، وأشرق نوره ، وفاضت بركته ، واستضاءت حكمته ، وهيمن كتابه ، وفلجت حجته .

 وخلص ديـنـــه : واستظهر سلطانه ، وحقت كلمته ، وأقسطت موازينه ، وبلغت رسله .

 فجعل : السيئة ذنبا ، والذنب فتنة ، والفتنة دنسا .

 وجعل الحسنى عتبى ، والعتبى توبة ، والتوبة طهورا .

 فمن تاب اهتدى ، ومن افتتن غوى ، ما لم يتب إلى الله ويعترف بذنبه ، ولا يهلك على الله إلا هالك . 

الله الله: فما أوسع ما لديه من التوبة والرحمة والبشرى والحلم العظيم .

وما أنكل ما عنده من الانكال والجحيم والبطش الشديد .

 فمن ظفر بطاعته اجتنب كرامته .

ومن دخل في معصيته ذاق وبال نقمته وعما قليل ليصبحن نادمين [82].

 

هذا وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يُعرف أحوال المنافقين وأحوال الناس في الدين في غرر الحكم :

هو بالقول مدل : و من العمل مقل ، و على الناس طاعن ، و لنفسه مداهن ، هو في مهلة من الله ، يهوي مع الغافلين ، و يغدو مع المذنبين ، بلا سبيل قاصد ، و لا إمام قائد ، و لا علم مبين ، و لا دين متين ، هو يخشى الموت و لا يخاف الفوت ، قد صار دين أحدكم لعقة على لسانه ، صنيع من فرغ من عمله ، و أحرز رضى سيده .  قد تواخى الناس : على الفجور ، و تهاجروا على الدين ، و تحاببوا على الكذب ، و تباغضوا على الصدق .

إن الدنيا لمفسدة الدين : مسلبة اليقين ، و إنها لرأس الفتن و أصل المحن [83].

ويا طيب : بعد أن عرفنا أهم شعب الكفر والنفاق ، نذكر أهم شعب العصيان التي تخرج المسلم من إسلامه ، فيكون لا ديــن له ، أو بعض المعاصي التي يبقى معها مسلما ولم يخرج بعد لأحد الشعب التي عرفتها .

 

الإشعاع الثالث :

الحذر ممن لا دين له وعن أسباب تدعوا للبعد عن دين الديان:

يا طيب : إن معرفة صفة الكفار والمنافقين والعاصين وكل ما يبعد عن النور المشرق من الأسماء الحسنى لرب العالمين ، والتي يجب على المؤمن أن يخرج منها ليكون محل لتجلي نور الأسماء الحسنى ، ليس مورد ذكرها كلها هنا ، وإنما نذكر بعض المهم منها، لنعرف ديننا وما يبعدنا عنه بجوامع الكلم ، لنكون بحق على بينة للتحقق بدين الديان ، وبكوننا مورد لعنايته بهداه ونعيم ملكه في الدنيا والآخرة ، ولكي نستعد لنوره فنحصل على ملكه العظيم في يوم الدين وهنا .

فبعد إن تعرفنا : على شعب الكفر والنفاق والشرك وما يبعد عن الدين ، يجب أن نحذر ممن لا دين له ، وبالخصوص ما عرفنا من أئمة الضلال والكفر والنفاق والشرك وأتباعهم والذين يدعون لمذهبهم ، ولنحذر من الأمور و الأسباب الأخرى التي تكوّن المعاصي وأسسها ، كما وإنه بالإصرار عليها وحبها على كل حال يُخرج من الإسلام فضلا عن الإيمان ، وإلا يمكن معالجتها بالتوبة ، فلذا نذكر هنا بعض ما يحذرنا من أهل المعاصي ممن لا دين لهم ، والأسباب الداعية للمعاصي ، وعن أحوال العاصين بعد إن عرفنا أسباب وشعب الكفر والنفاق :

 قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 أول ما ينزع من العبد : الحياء : فيصير ماقتا ممقتا ، ثم ينزع الله منه الأمانة فيصير خائنا مخونا ، ثم ينزع الله منه الرحمة فيصير فظا غليظا ، و يخلع ديــن الإسلام من عنقه ، فيصير شيطانا لعينا ملعون[84] .

علاء بن رزين عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :

 لا ديـــن لمن دان بطاعة من يعص الله ، و لا ديــن لمن دان بفرية باطل ، و لا ديـــن لمن دان بجحود شي‏ء من آيات الله [85].

وقال الإمام علي عليه السلام في غرر الحكم يعرفنا من لا دين له ، ومن يجب أن نحذره ، وأهم ما يبعد عن الدين ويخرج من عناية رب العالمين كلاما جامعا، وحكما قصيرة يجب أن نتدبر في كل واحد منها ونحذرها وهذه بعضها :

احذر كل قول و فعل يؤدي إلى فساد الآخرة و الدين [86].

فاقد الدين مترد : في الكفر و الضلال .

كل عز لا يؤيده ديـن مذلة .

 من لا ديـن له لا مروة له . من لا ديـن له لا نجاة له .

من اتخذ ديــن الله : لهوا و لعب أدخله الله سبحانه النار مخلدا فيها .

 لا تثقن بعهد من لا ديــن له[87] .

غلبة الهوى تفسد الدين و العقل . الجدل في الدين يفسد اليقين . الشك يفسد اليقين و يبطل الدين .  الشك يفسد الدين .

المرتاب لا دين له ، إياك و الشك : فإنه يفسد الدين و يبطل اليقين . لا دين لمرتاب و لا مروة لمغتاب[88]  .

كثرة الكذب تفسد الدين و يعظم الوزر[89].

ثلاث هن شين الدين : الفجور ، و الغدر ، و الخيانة [90].

ما أوهن الدين كترك إقامة دين الله و تضييع الفرائض .

 لا أمانة لمن لا دين له .

 نكد الدين الطمع و صلاحه الورع .

آفة الدين سوء الظن . لا دين لمسي‏ء الظن [91].

لا دين لخداع . إياك و الحرص فإنه شين الدين و بئس القرين . شدة الحرص من قوة الشره و ضعف الدين . الشره يشين النفس و يفسد الدين و يزري بالفتوة .

 نكد الدين الطمع و صلاحه الورع . بئس قرين الدين الطمع . لا يفسد الدين كالطمع . لا يسلم الدين مع الطمع [92].

الدين يجل ، الدنيا تذل . صن الدين بالدنيا ينجك ، و لا تصن الدنيا بالدين فترديك .

 عامل الدين للدنيا جزاؤه عند الله النار .

من لم يستغن بالله عن الدنيا فلا دين له ، [من لم يؤثر الآخرة على الدنيا فلا عقل له‏] . ما أفسد الدين كالدنيا .

يسير الدنيا يفسد الدين[93] .

لا تفتننكم الدنيا ، و لا يغلبنكم الهوى ، و لا يطولن عليكم الأمد ، و لا يغرنكم الأمل ، فإن الأمل ليس من الدين في شي‏ء .

خلطة أبناء الدنيا تشين الدين و تضعف اليقين [94].

حب المال يوهن الدين و يفسد اليقين [95].

دع الحسد و الكذب و الحقد فإنهن ثلاثة تشين الدين و تهلك الرجل .

طاعة الشهوة تفسد الدين .

 سبب فساد الدين الهوى . ما أهلك الدين كالهوى . لا دين مع هوى [96].

 

وعَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا فَقال :

 إِنَّهُ يُحِبُّ الرِّئَاسَةَ . فَقال : مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ فِي غَنَمٍ قَدْ تَفَرَّقَ رِعَاؤُهَا .

بِأَضَرَّ فِي دِيـــنِ الْمُسْلِمِ مِنَ الرِّئَاسَـــةِ [97].

وعَنْ حَمَّادِ بْنِ بَشِيرٍ قال سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله عليه السلام يَقُولُ :

 مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ فِي غَنَمٍ قَدْ فَارَقَهَا رِعَاؤُهَا أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِهَا وَ الْآخَرُ فِي آخِرِهَا ، بِأَفْسَدَ فِيهَا مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَ الشَّرَفِ فِي دِيـــنِ الْمُسْلِمِ [98].

وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قال قال أَبُو عَبْدِ الله عليه السلام :

آفَةُ الدين : الْحَسَدُ وَ الْعُجْبُ وَ الْفَخْرُ  [99].

وعَنْ مِسْمَعِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قال : قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم فِي حَدِيثٍ :

 أَلَا إِنَّ فِي التَّبَاغُضِ الْحَالِقَةَ لَا أَعْنِي حَالِقَةَ الشَّعْرِ وَ لَكِنْ حَالِقَةَ الدين[100].

وعَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ الله عليهما السلام قالا :

 أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ أَنْ يُوَاخِيَ الرَّجُلَ عَلَى الدين ، فَيُحْصِيَ عَلَيْهِ عَثَرَاتِهِ وَ زَلَّاتِهِ لِيُعَنِّفَهُ بِهَا يَوْماً ماَ[101] .

وقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم :

لْغِيبَةُ أَسْرَعُ فِي دِينِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْأَكِلَةِ فِي جَوْفِهِ.

قال وَ قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ عِبَادَةٌ مَا لَمْ يُحْدِثْ .

قِيلَ يَا رَسُولَ الله : وَ مَا يُحْدِثُ ؟ قال : الِاغْتِيَابَ[102] .

يا طيب : من لا دين له لا عقل ولا وفاء ولا حياء ولا أمان ولا يوثق به ، وله الخسران المبين عند الديان في يوم الدين ، وإن الأمور التي توقع في هجر الدين وتخرج منه هي الطمع بالدنيا وزينتها الناتج من هوى النفس وشهواتها التي تعتقد بأن تحصيلها بالحرام فيه كمال يريح النفس ، ولكن لا يعلم العبد إن هذه الأمور تفقد الأمن في الدنيا وتوجب الخوف في التعامل وتفسد الدنيا والدين وسلب الراحة للكل .

وإن بالخروج من الدين بالمعاصي : موجبة ليكون الفكر مظلم يحب الضلال والطغيان والعدوان والحيلة والمكر والخداع والنفاق ، وينفذه من لا دين له عملا بأقل فرصة ، لأنه لا وازع عنده يخافه في ذاته ، وكل همه الدنيا وشهوات النفس وحب الفخر والعجب والحصول على زينة الحياة الدنيا ولو بالحرام ، فيسلب الأمن من الإنسان في نفسه وفي مجتمعه ، وموجب للحسد والغيبة والنميمة والفتنة ، وكل ما يوجب التباغض في المجتمع ، ويكون الإنسان لا يهمه إلا نفسه في الدنيا ، بل الحق نفسه لا تهمة بل تكبر وتفاخر ولو بما يوجب العذاب للنفس ، بل حتى لو يوجب العذاب الأبدي الشديد ويجب الخروج من الدين كله .

ولذا يا طيب : نذكر في هذا الإشعاع التالي عبرة بمصير قوم في يوم الدين وفيه أهم أسس الخروج من الدين والعصيان وهو في حب الدنيا وإطاعة الطواغيت حكام أو أفراد يخدعون ، وبالتفكر بحالهم يجعلنا إن كنا مؤمنين ومتدينين حقا وطيبين ، أن نرجع للدين ونتوب من كل شين من المعاصي التي تعد بالسبعمائة قبل السبعة ، وهي هجر كل واجب وإتيان الحرام وعرفت أسسها .

ثم نذكر بعده : وجوب التوبة بعد إن عرفنا كلاما كثيرا عنها في اسم الله التواب وعرفنا ضرورتها ، ولكن هنا نُذكر بأمر هو ما يوجب للشفاعة أو يخرج منها في يوم الدين ، وبه نعرف حالنا هل نحصل على الشفاعة مع المعاصي وعدم التدين أم لا ، فتدبر يا طيب حالك وأعرف هل لك دين وشفاعة في يوم الدين ، أم في غفلة ومغرور بالدنيا ومسوف للتوبة حتى تأتي الغرة وأنت تضحك من السيئات ولا تهمك ولا تتألم منها ولم تتب بعد ، فإنه عرفت عند أئمة الحق من لا دين له لا شيء من الكرامة والمجد له ، مهما كان له من اسم مادام لم يقتدي بأئمة الحق ويكون متدين مثلهم لا فقط مدعي للدين وهو مخادع فتدبر :

 

 

الإشعاع الرابع :

عبرة توجب على المتدين التوبة والرجوع لدين الديان فورا :

عن سعيد الحلواني عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

بينما عيسى ابن مريم عليه السلام : في سياحته إذ مر بقرية فوجد أهلها موتى في الطريق و الدور . فقال : إن هؤلاء ماتوا بسخط و لو ماتوا بغيرها تدافنوا . قال فقال أصحابه : وددنا تعرفنا قصتهم ، فقيل له : نادهم يا روح الله ؟ فقال : يا أهل القرية ؟ فأجابه مجيب منهم : لبيك يا روح الله .

قال : ما حالكم و ما قصتكم ؟ قال : أصبحنا في عافية و بتنا في الهاوية .

فقال : ما الهاوية ؟ فقال : بحار من نار فيها جبال من النار .

قال : و ما بلغ بكم ما أرى ؟ قال : حب الدنيا ، و عبادة الطاغوت .

قال : و ما بلغ بكم من حب الدنيا ؟

قال : كحب الصبي لأمه ، إذا أقبلت فرح ، و إذا أدبرت حزن .

قال : وما بلغ من عبادتكم الطاغوت ؟ قال : كانوا إذا أمرونا أطعناهم .

قال : فكيف أجبتني من دونهم ؟  قال : لأنهم ملجمون بلجم من نار عليهم ملائكة غلاظ شداد ، و أنني كنت فيهم و لم أكن منهم ، فلما أصابهم العذاب أصابني معهم ، فأنا معلق بشعرة أخاف أن أنكب في النار .

 قال فقال عيسى عليه السلام لأصحابه :

النوم على دبر المزابل ، و أكل خبز الشعير ، يسير مع سلامـة الدين[103] .

يا طيب : حب الدنيا ولو بالحرام موجب لأخذها بغير حق ، وكل محرم لا تصح معه الصلاة والصوم والزكاة ولا عبادة معه ، وهو الخروج من الدين لأنه لا عمل مقبول معه ، وإذا أضاف له الظلم على العباد ، فتذهب الحسنات وتعطى للمظلوم ، أو تؤخذ سيئات من المظلوم فتضاف للظالم ، ثم حتى لو تظاهر بالدين وأظهر النسك فهو لا دين له ، وقد يسوف التوبة بالأمل فيفقد دينه ولا يخرج من حق ، هذا إذا كان يظهر التدين ، إما من يطيع طاغية وأئمة كفر فحاله صعب كما عرفت في الحديث السابق بعض الوصف لعذابهم .

ولذا يا أخي هذه أحاديث : تنبهنا من الغفلة وتعرفنا حال الشفاعة وضرورة التوبة فتدبر بها ، فإنه مهم جدا الاعتبار بها والرجوع لدين الدين ، وهي من غرر الحكم عن الإمام علي وآله عليهم السلام إذ قالوا :

رب متنسك و لا دين له [104].  لا يطولن عليكم الأمد ، و لا يغرنكم الأمل ، فإن الأمل ليس من الدين في شي‏ء[105].   لا دين لمسوف بتوبته[106] ‏.

وعن محمد بن أبي عمير قال سمعت موسى بن جعفر عليه السلام يقول : لا يخلد الله في النار إلا أهل الكفر والجحود و أهل الضلال و الشرك ، و من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر ، قال الله تبارك و تعالى : إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً .

قال فقلت له : يا ابن رسول الله فالشفاعة لمن تجب من المذنبين ؟

 قال حدثني أبي عن آبائه عن علي عليه السلام قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل . قال ابن أبي عمير فقلت له : يا ابن رسول الله فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر ، و الله تعالى ذكره يقول :

وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى‏ وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ، و من يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى ؟ فقال : يا أبا أحمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلا ساءه ذلك و ندم عليه ، و قد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : كفى بالندم توبة ، و قال : و من سرته حسنته و ساءته سيئته فهو مؤمن ، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، و لم تجب له الشفاعة و كان ظالما ، و الله تعالى ذكره يقول : ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ .

 فقلت له : يا ابن رسول الله و كيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه ؟ فقال : يا أبا أحمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي و هو يعلم أنه سيعاقب عليها إلا ندم على ما ارتكب ، و متى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة ، و متى لم يندم عليها كان مصرا ، و المصر لا يغفر له لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب و لو كان مؤمنا بالعقوبة لندم ، و قد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

 لا كبيرة مع الاستغفار ، و لا صغيرة مع الإصرار ، و أما قول الله عز و جل : وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى‏ ، فإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينـه ، و الدين الإقرار بالجزاء على الحسنات و السيئات ، فمن ارتضى الله دينــه ، ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة[107] .

وقال الإمام علي عليه السلام خلاصة فيما يوجب التدين : أ يسرك أن تلقى الله غدا في القيامة و هو عليك راض غير غضبان ، كن في الدنيا زاهدا و في الآخرة راغبا ، وعليك بالتقوى والصدق فهما جماع الدين ، وألزم أهل الحق و اعمل عملهم تكن منهم [108]. وراجع يا طيب اسم الله التواب وتندم من الحرام.

وهذا يا طيب : حديث جامع فيه كثير من شراع دين الدين فتدبره.

 

 

الإشراق السابع :

حديث جامع لأهم خصال شرائع دين الديان بالإجمال :

عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليه السلام قال :

هذه شرائع الدين : لمن أراد أن يتمسك بها ، و أراد الله هداه .

 إسباغ الوضوء : كما أمر الله عز وجل في كتابه الناطق ، غسل الوجه ، و اليدين إلى المرفقين ، و مسح الرأس ، و القدمين إلى الكعبين ، مرة مرة ، و مرتان جائز . و لا ينقض الوضوء : إلا البول ، و الريح ، و النوم ، و الغائط ، و الجنابة ، و من مسح على الخفين فقد خالف الله و رسوله و كتابه ، و وضوؤه لم يتم و صلاته غير مجزية .

و الأغسال : منها غسل الجنابة و الحيض و غسل الميت و غسل من مس الميت بعد ما يبرد و غسل من غسل الميت ، وغسل يوم الجمعة  وغسل العيدين  و غسل دخول مكة  وغسل دخول المدينة  وغسل الزيارة  وغسل الإحرام  وغسل يوم عرفة وغسل ليلة سبع عشرة من شهر رمضان  وغسل ليلة تسع عشرة من شهر رمضان وغسل ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث و عشرين منه.

 أما الفرض : فغسل الجنابة  و غسل الجنابة  و الحيض واحد .

و صلاة الفريضة : الظهر أربع ركعات ، و العصر أربع ركعات ، و المغرب ثلاث ركعات ، و العشاء الآخرة أربع ركعات ، و الفجر ركعتان ، فجملة الصلاة المفروضة سبع عشرة ركعة ، و السنة أربع و ثلاثون ركعة : منها أربع ركعات بعد المغرب لا تقصير فيها في السفر و الحضر ، و ركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة تعدان بركعة ، و ثمان ركعات في السحر و هي صلاة الليل ، و الشفع ركعتان و الوتر ركعة و ركعتا الفجر بعد الوتر ، و ثمان ركعات قبل الظهر ، و ثمان ركعات قبل العصر .

و الصلاة : يستحب في أول الأوقات ، و فضل الجماعة على الفرد بأربعة و عشرين ، و لا صلاة خلف الفاجر ، و لا يقتدى إلا بأهل الولاية ، و لا يصلى في جلود الميتة و إن دبغت سبعين مرة ، و لا في جلود السباع ، و لا يسجد : إلا على الأرض أو ما أنبتت الأرض إلا المأكول و القطن و الكتان ، و يقال في افتتاح الصلاة : تعالى عرشك ، و لا يقال : تعالى جدك ، و لا يقال في التشهد الأول : السلام علينا و على عباد الله الصالحين ، لأن تحليل الصلاة هو التسليم ، و إذا قلت هذا فقد سلمت .

 و التقصير : في ثمانية فراسخ و هو بريدان ، و إذا قصرت أفطرت ، و من لم يقصر في السفر لم تجزأ صلاته لأنه قد زاد في فرض الله عز و جل .

و القنوت : في جميع الصلوات سنة واجبة في الركعة الثانية قبل الركوع و بعد القراءة .

و الصلاة على الميت : خمس تكبيرات فمن نقص منها فقد خالف السنة . و الميت : يسل من قبل رجليه سلا ، و المرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد . و القبور تربع و لا تسنم .

و الإجهار : ب بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في الصلاة واجب ، و فرائض الصلاة سبع : الوقت ، والطهور ، والتوجه ، والقبلة ، والركوع ، والسجود ، والدعاء .

و الزكاة : فريضة واجبة على كل مائتي درهم خمسة دراهم ، و لا تجب فيما دون ذلك من الفضة ، و لا تجب على مال زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم ملكه صاحبه ، و لا يحل أن تدفع الزكاة إلا إلى أهل الولاية و المعرفة ، و يجب على الذهب الزكاة : إذا بلغ عشرين مثقالا فيكون فيه نصف دينار . و تجب على الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب إذا بلغ خمسة أوساق العشر إن كان سقي سيحا وإن سقي بالدوالي فعليه نصف العشر ، والوسق ستون صاعا ، و الصاع أربعة أمداد . و تجب على الغنم الزكاة : إذا بلغت أربعين شاة و تزيد واحدة ، فتكون فيها شاة إلى عشرين ومائة ، فإن زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين ، فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة ، وبعد ذلك يكون في كل مائة شاة شاة . و تجب على البقر الزكاة : إذا بلغت ثلاثين بقرة تبيعة حولية ، فيكون فيها تبيع حولي إلى أن تبلغ أربعين بقرة ، ثم يكون فيها مسنة إلى ستين ، فإذا بلغت ستين ففيها تبيعتان إلى سبعين ، ثم فيها تبيعة و مسنة إلى ثمانين ، و إذا بلغت ثمانين فتكون فيها مسنتان إلى تسعين ، ثم يكون فيها ثلاث تبائع ، ثم بعد ذلك يكون في كل ثلاثين بقرة تبيع ، و في كل أربعين مسنة . و تجب على الإبل الزكاة : إذا بلغت خمسا ، فيكون فيها شاة ، فإذا بلغت عشرة فشاتان ، فإذا بلغت خمس عشرة فثلاث شياه ، فإذا بلغت عشرين فأربع شياه ، فإذا بلغت خمسا و عشرين فخمس شياه ، فإذا زادت واحدة ففيها بنت مخاض ، فإذا بلغت خمسا و ثلاثين و زادت واحدة ففيها ابنة لبون ، فإذا بلغت خمسا و أربعين و زادت واحدة ففيها حقة ، فإذا بلغت ستين و زادت واحدة ففيها جذعة إلى ثمانين ، فإن زادت واحدة ففيها ثني إلى تسعين ، فإذا بلغت تسعين ففيها ابنتا لبون ، فإن زادت واحدة إلى عشرين و مائة ففيها حقتان طروقتا الفحل ، فإذا كثرت الإبل ففي كل أربعين بنت لبون ، و في كل خمسين حقة ، و يسقط الغنم بعد ذلك ، و يرجع إلى أسنان الإبل .

و زكاة الفطرة : واجبة على كل رأس صغير أو كبير  حر أو عبد   ذكر أو أنثى‏ ، أربعة أمداد من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب ، و هو صاع تام و لا يجوز دفع ذلك أجمع إلا إلى أهل الولاية و المعرفة .

و أكثر أيام الحيض : عشرة أيام ، و أقلها ثلاثة أيام ، و المستحاضة تغتسل و تحتشي و تصلي ، و الحائض تترك الصلاة و لا تقضيها ، و تترك الصوم و تقضيه ، و صيام شهر رمضان فريضة يصام لرؤيته و يفطر لرؤيته .

 و لا يصلى التطوع في جماعة : لأن ذلك بدعة و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار .

و صوم ثلاثة أيام : في كل شهر سنة ، و هو صوم خميسين بينهما أربعاء ، الخميس الأول في العشر الأول ، و الأربعاء من العشر الأوسط ، و الخميس من العشر الأخير ، و صوم شعبان حسن لمن صامه لأن الصالحين قد صاموه ، أو رغبوا فيه ، و كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصل شعبان بشهر رمضان ، و الفائت من شهر رمضان إن قضي متفرقا جاز ، و إن قضي متتابعا فهو أفضل .

و حج البيت : واجب لمن استطاع إليه سبيلا ، و هو الزاد و الراحلة مع صحة البدن ، و أن يكون للإنسان ما يخلفه على عياله ، و ما يرجع إليه بعد حجه ، و لا يجوز الحج إلا تمتعا ، و لا يجوز القران و الإفراد إلا لمن كان أهله حاضري المسجد الحرام ، و لا يجوز الإحرام قبل بلوغ الميقات ، و لا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لمرض أو تقية ، و قد قال الله عز و جل : وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ ، وتمامها اجتناب الرفث والفسوق و الجدال في الحج ، و لا يجزئ في النسك الخصي لأنه ناقص ، و يجوز الموجوء إذا لم يوجد غيره .

 و فرائض الحج الإحرام و التلبية الأربع : و هي لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد و النعمة لك و الملك ، لا شريك لك .

و الطواف بالبيت للعمرة فريضة ، و ركعتاه عند مقام إبراهيم عليه السلام فريضة ، و السعي بين الصفا و المروة فريضة ، و طواف الحج فريضة ، و ركعتاه عند المقام فريضة ، و بعده السعي بين الصفا و المروة فريضة ، و طواف النساء فريضة ، و ركعتاه عند المقام فريضة ، و لا يسعى بعده بين الصفا و المروة ، و الوقوف بالمشعر فريضة ، و الهدي للمتمتع فريضة ، فأما الوقوف بعرفة فهو واجب ، و الحلق سنة ، و رمي الجمار سنة .

و الجهاد : واجب مع إمام عادل ، و من قتل دون ماله فهو شهيد ، و لا يحل قتل أحد من الكفار و النصاب في دار التقية إلا قاتل أو ساعي في فساد ، و ذلك إذا لم تخف على نفسك و لا على أصحابك ، و استعمال التقية في دار التقية واجب ، و لا حنث و لا كفارة على من حلف تقية ، يدفع بذلك ظلما عن نفسه .

و الطلاق للسنة : على ما ذكره الله عز و جل في كتابه و سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ،  و لا يجوز طلاق لغير السنة ، و كل طلاق يخالف الكتاب فليس بطلاق .

 كما أن كل نكاح : يخالف الكتاب فليس بنكاح ، و لا يجمع بين أكثر من أربع حرائر ، و إذا طلقت المرأة للعدة ثلاث مرات لم تحل للزوج حتى تنكح زوجا غيره ، و قد قال عليه السلام : اتقوا تزويج المطلقات ثلاثا في موضع واحد ، فإنهن ذوات أزواج .

و الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله : واجبة في كل المواطن ، و عند العطاس و الرياح و غير ذلك .

و حب : أولياء الله و الولاية لهم واجبة .

و البراءة : من أعدائهم واجبة ، و من الذين ظلموا آل محمد عليهم السلام و هتكوا حجابه ، فأخذوا من فاطمة عليها السلام فدك و منعوها ميراثها و غصبوها و زوجها حقوقهما ، و هموا بإحراق بيتها ، و أسسوا الظلم ، و غيروا سنة رسول الله ، و البراءة من الناكثين ، و القاسطين ، و المارقين ، واجبة ، و البراءة : من الأنصاب و الأزلام أئمة الضلال ، و قادة الجور كلهم أولهم و آخرهم واجبة ، و البراءة من أشقى الأولين و الآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود قاتل أمير المؤمنين عليه السلام واجبة ، و البراءة : من جميع قتلة أهل البيت عليهم السلام واجبة .

 و الولاية للمؤمنين : الذين لم يغيروا و لم يبدلوا بعد نبيهم صلى الله عليهم وسلم واجبة ، مثل : سلمان الفارسي ، و أبي ذر الغفاري ، و المقداد بن الأسود الكندي ، و عمار بن ياسر ، و جابر بن عبد الله الأنصاري ، و حذيفة بن اليمان ، و أبي الهيثم بن التيهان ، و سهل بن حنيف ، و أبي أيوب الأنصاري ، و عبد الله بن الصامت ، و عبادة بن الصامت ، و خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، و أبي سعيد الخدري ، و من نحا نحوهم و فعل مثل فعلهم ، و الولاية لأتباعهم و المقتدين بهم و بهداهم واجبة ، و بر الوالدين واجب ، فإن كانا مشركين فلا تطعهما و لا غيرهما في المعصية ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، و الأنبياء و الأوصياء لا ذنوب لهم لأنهم معصومون مطهرون .

و تحليل المتعتين واجب كما أنزلهما الله عز و جل في كتابه ، و سنهما رسول الله صلى الله عليه وآله متعة الحج و متعة النساء .

 و الفرائض : على ما أنزل الله تبارك و تعالى .

و العقيقة : للولد الذكر و الأنثى يوم السابع ، و يسمى الولد يوم السابع ، و يحلق رأسه و يصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة .

و الله عز و جل : لا يكلف نفسا إلا وسعها ، و لا يكلفها فوق طاقتها ، و أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين ، و الله خالق كل شي‏ء ، و لا يقول بالجبر و لا بالتفويض ، و لا يأخذ الله عز و جل البري‏ء بالسقيم ، و لا يعذب الله عز و جل الأطفال بذنوب الآباء ، فإنه قال في محكم كتابه : وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى‏ ، و قال عز و جل : وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى‏ وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى‏ ، و لله عز و جل أن يعفو و يتفضل و ليس له عز و جل أن يظلم .

و لا يفرض الله عز و جل على عباده : طاعة من يعلم أنه يغويهم و يضلهم ، و لا يختار لرسالته ، و لا يصطفي من عباده من يعلم أنه يكفر به و يعبد الشيطان دونه ، و لا يتخذ على خلقه حجة إلا معصوما .

و الإسلام : غير الإيمان ، و كل مؤمن مسلم ، و ليس كل مسلم مؤمن .

و لا يسرق السارق : حين يسرق و هو مؤمن ، و لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن ، و أصحاب الحدود مسلمون لا مؤمنون و لا كافرون ، فإن الله تبارك و تعالى لا يدخل النار مؤمنا و قد وعده الجنة ، و لا يخرج من النار كافرا و قد أوعده النار  و الخلود فيها ، و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، و أصحاب الحدود فساق لا مؤمنون و لا كافرون ، و لا يخلدون في‏ النار و يخرجون منها يوما ( أقول إذا لم يتوبوا هنا ، وإما إذا تابوا حقا فهم لا يدخلون النار ويغفر لهم ) .

 و الشفاعة : جائزة لهم ، و للمستضعفين إذا ارتضى الله عز و جل دينهم .

 و القرآن : كلام الله ليس بخالق و لا مخلوق (قول تقية وهو مخلوق  ) ، و الدار اليوم دار تقية ، و هي دار إسلام ، لا دار كفر ، و لا دار إيمان ، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، واجبان على من أمكنه و لم يخف على نفسه ، و لا على أصحابه .

و الإيمان : هو أداء الفرائض و اجتناب الكبائر .

و الإيمان : هو معرفة بالقلب ، و إقرار باللسان ، و عمل بالأركان .

 و الإقرار : بعذاب القبر  و منكر و نكير   و البعث بعد الموت   و الحساب  و الصراط    و الميزان  ، و لا إيمان بالله إلا بالبراءة من أعداء الله عز و جل .

 و التكبير في العيدين : واجب ، أما في الفطر ففي خمس صلوات يبتدأ به من صلاة المغرب ليلة الفطر إلى صلاة العصر من يوم الفطر ، و هو أن يقال :

 الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله و الله أكبر و لله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، و الحمد لله على ما أبلانا .

لقوله عز و جل : وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا الله عَلى‏ ما هَداكُمْ ، و في الأضحى بالأمصار في دبر عشر صلوات ، يبتدأ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الثالث ، و بمنى في دبر خمس عشرة صلاة : يبتدأ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الرابع ، و يزاد في هذا التكبير و الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام .

و النفساء : لا تقعد أكثر من عشرين يوما إلا أن تطهر قبل ذلك ، و إن لم تطهر بعد العشرين اغتسلت و احتشت و عملت عمل المستحاضة .

 و الشراب : فكل ما أسكر كثيره فقليله و كثيره حرام .

و كل : ذي ناب من السباع و ذي مخلب من الطير فأكله حرام ، و الطحال حرام لأنه دم ، و الجري و المارماهي و الطافي و الزمير حرام ، و كل سمك لا يكون له فلوس فأكله حرام ، و يؤكل من البيض ما اختلف طرفاه ، و لا يؤكل ما استوى طرفاه ، و يؤكل من الجراد ما استقل بالطيران و لا يؤكل منه الدبى لأنه لا يستقل بالطيران ، و ذكاة السمك و الجراد أخذه .

و الكبائر محرمة : و هي الشرك بالله عز و جل ، و قتل النفس التي حرم الله ، و عقوق الوالدين ، و الفرار من الزحف ، و أكل مال اليتيم ظلما ، و أكل الربا بعد البينة ، و قذف المحصنات ، و بعد ذلك الزنا ، و اللواط ، و السرقة ، و أكل الميتة ، و الدم ، و لحم الخنزير ، و ما أهل لغير الله به من غير ضرورة ، و أكل السحت ، و البخس من المكيال و الميزان ، و الميسر ، و شهادة الزور ، و اليأس من روح الله ، و الأمن من مكر الله ، و القنوط من رحمة الله ، و ترك معاونة المظلومين ، و الركون إلى الظالمين ، و اليمين الغموس ، و حبس الحقوق من غير عسر ، و استعمال الكبر ، و التجبر ، و الكذب ، و الإسراف ، و التبذير ، و الخيانة ، و الاستخفاف بالحج ، و المحاربة لأولياء الله عز و جل ، و الملاهي التي تصد عن ذكر الله تبارك و تعالى مكروهة ، كالغناء ، و ضرب الأوتار ، و الإصرار على صغائر الذنوب .

 ثم قال عليه السلام : إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين .

قال مصنف : كتاب الخصال رضي الله عنه ، الكبائر سبعة و بعدها فكل ذنب كبير بالإضافة إلى ما هو أصغر منه ، و صغير بالإضافة إلى ما هو أكبر منه ، و هذا معنى ما ذكره الصادق عليه السلام في هذا الحديث من ذكر الكبائر الزائدة على السبع و لا قوة إلا بالله [109].

ويا طيب : قد علم أمير المؤمنين : عليه السلام أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه و دنياه وهو مذكور في الخصال في حديث رقم عشرة بعد هذا الحديث ، وأحكام الإسلام كلها واجبة ومحرماته محرمة ، وما ذكره الحديث فهو بعضها والمهم منها الكثير الابتلاء ، وتراجع كل الواجبات العملية من تعاليم الدين في الرسائل العملية لمراجع التقليد ، وذكرنا هذا بطوله هنا لنعرف أهم موارد تجلي الأسماء الحسنى حقا ، والتي تكون من امتثال أوامر الدين والانتهاء عما نهى عنه ، وليس فقط ترديد الأسماء الحسنى موجب لنورها ، بل التدين بكل دين الله الديان الشكور العظيم يوجب نوره فيشكر سعي المؤمن ويغفر ذنوبه ، وإلا عرفت والعياذ بالله من لا دين له لا كرامة له من الدين ، بل يحاسبه حسابا شديدا ثم له أسوء مصير وعذاب شديد لا يبيد لأنه لم يكن له كرامة ولا نور لا هنا من دين الدين وملكه ونعيم هداه ولا في الآخرة .

ويا طيب : من يرتدع عما حرم الله عليه وتدين بدين الله تعالى حقا كما علمه أئمة الدين ، فظهر بوجوده نور علمه وعمله ، كان له ملك الديان ، وكل نور كرامة يشرق من الأسماء الحسنى الإلهية، فيرفعه لأعلى عليين في ملك عظيم لطيف لا نقص فيه ولا حاجة ، وكان له مقعد صدق عند مليك مقتدر بألطف ملك ملكوتي بل جبروتي عند عرش الرحمان مع النبي وآله وكل الطيبين المتدينين حقا ، جعلنا الله وإياكم منهم ، ورحم الله من قال آمين يا الله يا الدين يا الشكور يا العظيم يا لطيف يا شافي سبحانك .

 



[1] الخصال ج1ص102ح 59 . والكافي ج1ص10ح2 .

[2] ثواب‏ الأعمال ص14. الكافي ج1ص11ح6 .

[3] غرر الحكم ص47ح 214 . ص50 ح315 . ص51ح343.  ص55ح511  . 

[4] الكافي ج1ص30ح4 .

[5] الكافي ج1ص31 ح6ح7 .

[6] الكافي ج1ص32ح3.

[7] الكافي ج1ص32ح4.

[8] الكافي ج1ص188ح14 .

[9] بصائر الدرجات ص7 ب4ح5 .

[10] بصائر الدرجات ص 8 ب4ح10.

[11] غرر الحكم ص49ح264.ص62ح724،و725،و726 ، و727 ، و728 ، 732.

[12] الكافي ج1ص56ح7 .

[13] الكافي ج1ص57ح17 .

[14] إرشاد القلوب ج1ص14ب1 .

[15] الاختصاص ص282 .

[16] بصائر الدرجات ص 13 ح1

[17] بصائر الدرجات ص30ب13ح8 .

[18] بصائر الدرجات ص61ب3ح3 .

[19] بصائر الدرجات ص332ب10ح6.

[20] الاختصاص ص 233 .

[21] الألفين ص410 الثالث عشر .

[22] الألفين ص417 الدليل الحادي و الأربعون .

[23] الألفين ص436 الدليل الثامن .

[24] الأمالي ‏للصدوق ص125م26ح8 .

[25] غرر الحكم : ص85 ح1399 . وح1400 . وح1401 .

[26] غررالحكم  ص116 ح2012 . وح2016 . ص118 ح 2057 .

[27] الأمالي‏ للصدوق ص74م17ح6.

[28] الكافي ج1ص377ح4.

[29] الأمالي‏ للصدوق ص60م4ح10. الكافي ج1ص39ح4.

[30] غرر الحكم  ص48 ح 241 .  و265 . و267 ..

[31] غرر الحكم ص84ح1372 ف5 . وح1373 . وح1374 . وح1375 . وح1376 . 

[32]غرر الحكم ص84 ح1377 .وح1378 . ص85 ح1379 . وح1382 . وح1383 . وح1384 . وح1386 . وح1387 .

[33] غرر الحكم ص85 ح1388 .وح1389 . وح1390 . وح1392 . وح1393 .

[34] غرر الحكم  ص83 ح1340 . ص85 ح1394 . وح1395 . وح1396 . وح 1397 . وح1398 .

[35] غرر الحكم  ص 85ح1402 . ص85 ح1403 . وح1404 .  ص86 ح1407 . وح1408

[36]غرر الحكم ص86 ح1417 . وح1418 . وح1420 . وح1421 .

[37] غرر الحكم ص87 ح1461 .  ص 91ح 1619. ص 94ح 1645. ص103 ح1829 . ص110 ح1959 ..

[38] غرر الحكم  ص203 ح4006 .

[39] غرر الحكم  ص218 ح4307 .ص225 ح4553 .

[40] غرر الحكم ص167ح3282 .

[41] ص86 ح1422 .  ص86 ح 1423 .

[42]غرر الحكم ص86 ح1425 . ص241 ح4894 .وح4895.

[43]غرر الحكم : ص270 ح5888 . ص271 ح5902 .

[44] غرر الحكم ص86 ح1409 . وح1411 . وح1412 . وح1413 . وح1414 . وح1415 .

[45]غرر الحكم ص271 ح5903 . ص ح 5906 . ص271 وح5907 . وح5908 . وح5909 . وح5910 . وح5915 . ح5905 . ص274 ح6013 .

[46] غرر الحكم ص275 ح6042 . وح6045 . وح6046 . وح6048. وح6069 .

[47] غرر الحكم ص277 ح6113 . ص281 ح6243 .

[48] الخصال ج1ص21ح74 .

[49] الخصال ج1ص30ح 106 .

[50] غرر الحكم ص244 ح4968 . ص245 ح5014 . و ح5021 . ص250 ح5181 .

[51] الخصال ج1ص113ح 90 .

[52] الخصال ج1ص290ح50 .

[53] غرر الحكم ص251 ح5248. ص253ح5322. ص 254ح5354 .  ص257 ح5441 . ص258 ح5479 .

[54] غرر الحكم ص376 ح8464 . ص394 ح9112 . ص414 ح9442 . ص415 ح9478 .

[55] غرر الحكم ص416  ح9513 . ص417 ح9525 .. ص423 ح9710 . ص423 ح9711 .

[56] غرر الحكم  ص429 ح9772 . ص445 ح10178 .

[57] غرر الحكم ص86 ح1426 .

[58]غرر الحكم : ص319 ح7366 . ص 324 ح7522 . وح7523 .

[59] دعائم ‏الإسلام ج1ص133 .

[60] دعائم ‏الإسلام ج1ص133 .

[61] ثواب ‏الأعمال ص229 .

[62] ثواب ‏الأعمال ص237.

[63]غرر الحكم : ص332 ح7638 . ص333 ح7658 . وح7671 . ص334 ح7699 . ص335 ح7724 . ص339 ح7730 .

[64] غرر الحكم ص341 ح7802 ف3. ص343 ح7863 .

[65]غرر الحكم : ص 362ح8209 ف7. وح8210 . وح8214 .

[66]غرر الحكم : ص372 ح8422 .

[67] الكافي ج2ص216ح3.

[68] الاختصاص  ص13 .

[69] الأمالي‏ للصدوق  ص115م24ح3 .

[70] الاختصاص  ص128 .  ثواب‏ الأعمال ص132.

[71] ثواب ‏الأعمال ص272 .

[72] غرر الحكم  ص47 ح 216 .

[73] الخصال ج1ص197ح5 .

[74] الكافي ج2ص372ح11 .

[75] الكافي ج2ص373ح4 .

[76] الكافي ج2ص373ح14-5 .

[77] الكافي ج1ص374ح2.

[78] الكافي ج2ص375ح3 .

[79] الكافي ج1ص375ح3.

[80] الكافي ج2ص383ح2 .

[81] الكافي ج2ص389ح1. ( 1 ) الجاثية : 23 . ( 2 ) البقرة : 6 . ( 3 ) النمل : 14 . ( 4 ) البقرة : 89 . ( 5 ) النمل : 40 . ( 6 ) إبراهيم : 7 . ( 7 ) البقرة : 2 15 . ( 8 ) البقرة : 84 . وقوله : " ثم أقررتم " أى بالميثاق . وقوله : " تظاهرون " أى تعاونون .  ( 9 ) البقرة : 85 . ( 10) الممتحنة : 4 . ( 11 )  ( 12 ) .

[82] الكافي ج2 ص391 ح1 باب دعائم الكفر وشعبه .

[83] غرر الحكم ص122ح2123 . ص123 ح2142 . وح 2146 .

[84] الاختصاص ص 248.

[85] الاختصاص ص258 .

[86] غرر الحكم  ص158 ح2992 .

[87] غرر الحكم ص86 ح1429 . وح1430 . وح1433 . وح1435 . ص87 ح1438 . وح1440 .

[88] غرر الحكم ص64ح 817 . ص65ح851 . ص 71 ح1046 . ص71ح1050، وح1052، وح1053 . ص72ح1057.

[89] غرر الحكم ص221 ح4421.

[90] غرر الحكم  ص462   ح 10597.

[91]غرر الحكم : ص86 ح1406 . ص251 ح5236 . ص272 ح5958 . ص263 ح5669 . ص264 ح5688 .

[92] غرر الحكم ص291 ح6497 . ص295 ح6617 . ص296 ح6652 .ص ح6672 . ص297 ح6701 . ص297 ح6704  . ص299 ح6759 . و ح6760 .

[93] غرر الحكم ص130ح2217 . وح2223 . وح2225 . وح2229 . وح2231 . وح2233 . وح2237 .

[94] غرر الحكم ص136ح 2380 . ص137ح2402 .

[95]غرر الحكم : ص368  ح8316 .

[96]غرر الحكم : ص299 ح6780 . ص304 ح6957 . ص306 ح7022 . وح7023 .وح7025 .

[97] الكافي ج2 ص297ح1.

[98] الكافي ح2ص315ح2.

[99] الكافي ج2ص307ح5.

[100] الكافي ج2ص346ح1 .

[101] الكافي ج2ص354ح1.

[102] الكافي ج2ص356ح1 .

[103] ثواب ‏الأعمال ص254.

[104] غرر الحكم ص ح . ص199 ح 3944.

[105] غرر الحكم ص312 ح7228.

[106] غرر الحكم ص ح . ص194 ح3793.

[107] التوحيد ص407 ب63ح6.

[108]غرر الحكم : ص138 ح2432.

[109]الخصال ج2 ص 603ح9 .

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها