هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية : الجزء الثالث
الْعَظِيمُ
النور السابع والتسعون

الإشراق العشر :

أمانة عظيمة ونبأ عظيم لمن أراد العظمة من العظيم :

سبحان ربي العظيم وبحمده  سبحان ربي الأعلى وبمحمده :

يا طيب : بعد إن عرفنا عظمة أمر الله في التكوين والهدى ، وعظمة ولاة الأمر في أعلى مراتب الوجود ، وتنزلهم في كل مراتب الوجود حتى الأرض ، وإنه لغرض ظهور عظمة الله في كل مراتب الوجود بأعظم خلقه ؛ خص هداه بأفضلهم عنده وأكرمهم عظمة في الوجود وتحمل لأمره وتبليغه والظهور به حقا ، وكما يحب ويرضى ، فأختارهم الله العظيم واصطفاهم لهذا الأمر العظيم .

ثم لما كان : كما بدأ الوجود يعود ، وإن لله وإنا إليه راجعون ، وإن الرجوع لله بالنسبة للإنسان المكلف : إما بالفوز العظيم إن قبل أمانة الله وعهده ، والذي جعله في فطرة الإنسان ، وأخذ عليه ميثاقه بنفس وجوده ليطلب الكمال الحق العظيم الدائم من الله العظيم الدائم ، وكان كل شيء يدله على وجود الخالق العظيم المُعتني بخلقه فجعله تام التكوين والهدى ، وإنه تعالى له بكل شيء آية تعرف عظمته  ، وبالخصوص آيته وظهور عظمته بأعظم خلقه من رسله وأوصياءهم على طول التأريخ وتوجههم لعظمته وكماله بأعظم عظمة ظهر بها وتجلى منهم . أو لا والعياذ بالله منهم .

حان الآن يا مؤمن : أن نعرف دورنا في الظهور بأمانة الله العظيمة والتي عرفت أهميتها حتى أشفق منها كل شيء ، وخصها بالإنسان فتحملها ، فسخر له كل شيء بسبب تحمله طلب الكمال الحق الدائم العظيم منه بصراط مستقيم من المنعم عليهم بهداه العظيم ، فجعلهم ولاة أمره فيخرج من ظلمات النقص للمك العظيم الدائم في النعيم في يوم القيامة العظيم وما بعده ، وطبعا إن أطاعهم فكان من حزب الله وقبل أمانة الله التي جعلها في وجوده ، وإلا فهو يخسر خسراننا عظيما أن رفض أمانة الله ورفض الكمال منه ، ولمعرفة هذه الأمانة ونبأها العظيم نتدبر أشعت نورها .

 

الإشعاع الأول :

تقبل أمر الله العظيم من ولاة أمر هداه أمانة يجب أن نتحملها :

ولمعرفة أمانة الله العظيمة: عند ولاة أمره ، نتدبر ما جاء عن فاطمة الزهراء بنت محمد عليه السلام ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 لما عرج بي إلى السماء : صرت إلى سدرة المنتهى فَكُنت : قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏ ، فأبصرته بقلبي ولم أره بعيني ، فسمعت أذانا مثنى مثنى وإقامة وترا وترا .

 فسمعت مناديا ينادي : يا ملائكتي و سكان سماواتي و أرضي و حملة عرشي ، اشهدوا أني لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي ، قالوا : شهدنا وأقررنا .

قال : اشهدوا يا ملائكتي و سكان سماواتي و أرضي و حملة عرشي ، أن‏ محمدا عبدي و رسولي ، قالوا : شهدنا و أقررنا .

قال : اشهدوا يا ملائكتي و سكان سماواتي و أرضي و حملة عرشي أن‏ عليا وليي و ولي رسولي و ولي المؤمنين بعد رسولي ، قالوا : شهدنا و أقررنا .

وقال عباد بن صهيب : قال جعفر بن محمد قال أبو جعفر عليه السلام : و كان ابن عباس رضي الله عنه إذا ذكر هذا الحديث‏ قال :

إني لأجده في كتاب الله تعالى :

{ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُول } الأحزاب72 .

قال فقال ابن عباس : و الله ما استودعهم دينارا و لا درهما ، و لا كنزا من كنوز الأرض ، و لكنه أوحى إلى السماوات و الأرض و الجبال من قبل أن يخلق آدم عليه السلام  أني مخلف فيك الذرية ، ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم فما أنتِ فاعله بهم ، إذا دعوك فأجيبيهم ، و إذا آووك فآويهم ، و أوحى إلى الجبال إذا دعوك فأجيبيهم و أطيعي على عدوهم ، فأشفقن منها السماوات و الأرض و الجبال عما سأله الله من الطاعة ، فحملها بني آدم ، فحملوها .
 قال عباد قال جعفر : و الله ما وفوا بما حملوا من طاعتهم[34] .

يا طيب : هذه الآية الكريمة في تحمل الأمانة مذكورة في سورة الأحزاب وهي بعد تحريم أذية نبينا وآله وتعظيم الله العظيم لهم ، وحكايته لغزوة الأحزاب وكيف ثبت بفضل الله ولي الله العظيم علي بن أبي طالب في يوم الخندق وقتل عمر بن ود ، وذكر الله العظيم كيف كفى المؤمنين به شر القتال ، حيث بقتل إمام الكفر وبطلهم خار عزم الأحزاب وتركوا أرض المعركة بعد أن ظهر نفاق المنافقين وكيف كانوا يؤذون النبي وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذلك بيّن الله فضل النبي وآله بطهارتهم وصلى عليهم فيها وأمرنا بالصلاة عليهم .

وفي هذه الآية عرفنا الله العظيم : وجوب الصبر مع النبي وطاعته وحرم أذية النبي وآله تحريما عظيما ، وثم ذكر الآية أعلاه والتي تعرفنا حُرمة النبي العظيمة ، وعظيم الذنب بأذيته وهجره أو عدم تعلم معارف شؤون عظمة الله وهداه العظيم منه ومن آله ، فعرفنا إن طاعته وآله أمانة مأخوذ ميثاقه فراجع سورة الأحزاب تعرف عظيم حرمة النبي وآله وأهمية دينه الذي تكاد تتفطر السماوات ولم تتحمل لا هداه ولا معصيته ، فأشفقت السماوات والأرض والجبال من هذه الأمانة ، كما إنه توجد أدعية تعرفنا إن الأرض والسماء والجبال لم تعلم بذنوب بني آدم وإلا لساخت به أو لهدته ، ولكن حين الوفاة تُخبر بإيمانه فتتوسع عليه أو تُخبر بنفاقه فتضيق عليه ، وإن الآية أعلاه تعرفنا أهمية وعظمة طاعة النبي العظيم وآله وكذا حرمة أذيته وآله .

 وهذه الآية فيها نفس معنى الأمانة التي أمرنا أن نردها لولي أمر الله بعد الله ورسوله لنخرج من الظلمات إلى النور بإذن الله الولي الحق ، ومن أذن له فهو وليه في الأرض كما في قوله تعالى :

{ إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُـؤَدُّوا الأَمَـانَـاتِ إِلَى أَهْلِهَا
وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَـدْلِ
إِنَّ الله نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ الله كَانَ سَمِيعًا بَصِيرً
(58)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ

 فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59) } النساء .

وعرفت : ولي الأمر هو الإمام علي بعد رسول الله بنص الآيات التي تعرفنا تحقق الإمام علي بعبادة عرفها الله بالعظمة والقبول ، ولا يمكن أن يأتي بها غيره بإخلاص عظيم يعظمه الله ويعرفه بالولاية للمؤمنين ويكون ولي أمره في الأرض ، فيُخرج من الظلمات إلى النور بفضل الله تعالى ، أي آية أنه أعطى الزكاة في الصلاة وهو راكع ، وهذا أمر حكاه الله العظيم محققا بقوله العظيم يبين ولي أمره :

{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ الله وَرَسُولُهُ

وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ الله وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ الله هُمْ الْغَالِبُونَ (56) } المائدة .

وبهذا نعرف يا طيب : إن ولاية أمر الله تعالى وتحمل هداه بالاختيار لعظيم ، وهو أمانة عظيمة تشفق منها السماوات والأرض ، وتحملها الإنسان باعتباره عاقل وبنور الفطرة يطلب الكمال من الله العظيم سبحانه وتعالى ، ولما يعرف أن الله لا يوحي لكل أحد وإنما يختار أفضل البشر وأعظمهم فيخصه بهداه العظيم ، فلابد له أن يبحث عن المنعم عليه بفضل الله العظيم ، وكان ولي أمر الله بعد رسوله فيكون من حزبه ، ولا يتفرق في الأحزاب المنافقة والضالة فيكون منكر لأمانة الفطرة وطلب الحق من العظيم من كل منصف يحب أن يعظم بهدى الله الحق ، والذي يُعلمه من عظمهم الله وآتاهم الكتاب والحكمة ، فجعلهم أئمة وولاة لأمره العظيم وملكه العظيم ، وإنه حقا لنبأ عظيم ويعظم به كل عظيم ، فتدبر يا طيب الإشعاع الآتي.

 

الإشعاع الثاني :

نبأ عظيم من الله العظيم فيه فوزا عظيما للمخلصين :

سبحان ربي العظيم وبحمده سبحان ربي الأعلى وبحمده :

يا طيب : إن أمر الهدى عظيم ونبأه عظيم ، وكل إنسان يسأل عنه بوجوده ففضلا عن محاولات ولاة أمر الله بجدال وموعظة من عاندهم أو حاربهم ، فإن كل إنسان في نفس وجوده وفي كثير من الحالات يسأل نفسه عن هدفه في الوجود وما يجب أن يكون عليه ، فإنه يرى لنفسه شأنا كريما ويصعب على كل عاقل أن يرى نفسه جاء ليفنى ، أو جاء لكي يقضي يومه بأسبوعه وشهره بسنته ثم عمره كله يكدح ويجمع ثم يفنى ، ومن أجل الدنيا بما هي دنيا ، ولذا عرفت حتى فرعون قال ما بال القرون الأولى فقال موسى علمها عند ربي في كتاب ...

فلذا ترى كل إنسان : يرى إن أمرا عظيما يحيطه ، ويسأل عنه بكل وجوده ، وإن العاقل من بني البشر يطلب الكمال الدائم لنفسه من أعظم خلق الله لكي يُعرفوه شأن عظمة الله وخبره العظيم في الوجود ، وما يجب أن يكون عليه أمره لكي يفوز فوزا عظيما ، ويبحث لمن يتحزب ولمن ينتصر حتى ينصره الله العظيم ، ولمن يخذل ويعادي حتى لا يضل عن هدى الله العظيم .

وبهذا التفكر الذي لابد منه للإنسان المتعقل : يعرف إن في وجوده أمانة يجب أن يتحملها ويظهر بها ، فيبحث عن حقيقتها ويطلب الكمال الدائم بها ، فيرى بكل شيء في الوجود آية تدله على ضرورة إطاعة الله ، فيطلب أمر الله العظيم وولاة أمره فيتبعهم إن كان حقا عاقلا لم تُندس فطرته ، وإلا يضل السبيل بسبب زينة الحياة الدنيا ، فيتصور الكمال فيها أو عند أهل الضلال ومن أغواهم الشيطان وهوى النفس ، فيخلص للمادة بكل فكره وبدنه فيجعلها تحيطه بكل وجوده ، ويهجر ما تدعوه له نفسه من الكمال الدائم العظيم من العظيم ، والذي فطر الله العظيم كل إنسان عليه ليطلب العظمة من أعظم خلقه فيواليهم ، لأن الله العظيم خصهم بهداه وتعليم ما يعظم به الإنسان الذي يرى بنفسه بحق مفضلا على كثير من خلق الله العظيم ، وهو يتصرف به ليعظم لا ليكون محاصرا به ، ولمعرفة هذا النبأ العظيم في نفس كل إنسان وما يطلب نتدبر آيات وأحاديث .

فيا مؤمن : للتدبر بطلب الإنسان العاقل للكمال بهدى الله الحق العظيم ، نذكر بعض الآيات التي تذكرنا بضرورة التوجه لله ، وإن الإنسان بما عرف بسمعه وببصره من نعم الكون وبيان الهدى بعد إن لم يكن مخلوقا ، فيرى إن من خلقه ورباه بنعمه وهداه ، ولذا عليه أن يشكره ويطلب منه المزيد بحاله ومقاله ليزيده من نعيمه أبدا ، ولا يتنكر له ويكفر بنعمه فيتعصى على فضله ، فيخسر نور كماله ، فقال العظيم :

{ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورً (1)

إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرً (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورً (3) } الإنسان .

فيا طيب : عرفت إن الله من يشكره بما أحب من هداه العظيم الحق ويتولاه ويتولى ولاة أمره ، يخرجه من الظلمات إلى النور كما عرفت في الإشعاع أعلاه وفي آية الكرسي ، لأنه الله لم يكره أحد على الإيمان به ، وعرفه أنه ولاة المؤمنين بصراط مستقيم هو من أذن لهم بعلمه كما في آية الكرسي ، فأحاطهم بعلم كرسي عظمته وشؤون هداه وأمره العظيم حتى مرتبة عرشه ومنتهى العلم ولذا قال بعد آية الكرسي:

{ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِالله فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النور وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النور إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) } البقرة .

ويا طيب : الإنسان العاقل السميع البصير يطلب هدى الله ويتولى الله ، ولا يتبع الطاغوت ولا أتباع الطواغيت أبد ، لأنه بطاعتهم الظلمات ونار الله الخالدة ، ولذا يعرف أن عليه أن يأتي لولاة أمر الله العظيم والمفضلون بفضل الله العظيم حقا، ويبحث عن أمر هدى الله العظيم ونبأه العظيم عنده ، وبالخصوص حين يعرف أن الله عرّف إن هناك منقلبون ويطغون على هداه وكفور ، وهناك شاكرين حق كما قال الله تعالى :

{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ

أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ الله شَيْئًا    وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ }آل عمران144 .

ويا طيب : كل إنسان بعد إيمانه بل قبل إيمانه يطلب الكمال ، وإن كان حقا عاقل يرى أن أمره عظيم مسخر له كل شيء ليتكامل ولينموا لا لكي يسجن نفسه وفكره ومحيطه وهمه بالمادة ، بل الدنيا لها أمرا آخرا لكي يتوجه به لطلب العظمة حقا من العظيم ، فإذا أمن بالله العظيم ، فلابد أن يطلب هداه العظيم ، وإذا طلب هداه العظيم لابد أن يعرف أنه عند من آتاهم الله العلم ، ويعرف أن نبأهم عظيم يجب أن يؤمن به ويتولاهم فيدخل في حزبهم ليكون من حزب الله العظيم ، فيتولى الله العلي العظيم حقا بما يحب من طاعته والتوجه له لينال نور الكمال الفائض من كل أسماءه الحسنى ، ولمعرفة توضيح ما عرفت من الآيات تدبر هذه الأحاديث فإنها تعرفنا إن الأمانة المفطورون عليها لطلب العظمة من العظيم هي عند أعظم خلق الله وولاة أمره في عباده ، وهم أئمة الحق الذين يهدون بأمره كما عرفت :

فعَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ : إِنَّ اسْمَ الله الْأَعْظَمَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَ سَبْعِينَ حَرْفاً ، وَ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ آصَفَ مِنْهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَخُسِفَ بِالْأَرْضِ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ سَرِيرِ بِلْقِيسَ حَتَّى تَنَاوَلَ السَّرِيرَ بِيَدِهِ ، ثُمَّ عَادَتِ الْأَرْضُ كَمَا كَانَتْ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ . وَ نَحْنُ عِنْدَنَا مِنَ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ : اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ حَرْفاً ، وَ حَرْفٌ وَاحِدٌ عِنْدَ الله تعالى اسْتَأْثَرَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَهُ . وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله الْعَلِيِّ العظيم[35] .

وقد عرفت يا طيب : إن اسم الله الأعظم هو الكون بفضله بأعظم تجلي والتحقق بأعظم نور له مشرق في جميع الأسماء الحسنى لإحاطته بها مع علوه ، ومنه تتجلى بركة تامة ، وهو ليس أمرا ماديا تكوينيا فقط ، بل أمرا عظيم وملكه عظيم وهو العلم كما عرفت في قوله تعالى : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ الله مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) } النساء .

و عن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له قول الله تبارك و تعالى : { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ } العنكبوت49  قال : هم الأئمة . و قوله تعالى : { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } ص68 . قال : الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ : الأئمة ، و النبأ : الإمامة [36].

{ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71)

وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72)  } الإسراء .

يا طيب : لو تدبر بما ذكرنا في هذه الآيات والأحاديث ، لعرفت إن الله عظّم أمرا وجعل نبأه عظيم ، وجعل ملكه عظيم ، وعند ناس من المسلمين ، وهم ولاة أمره الله وحزبهم هم الغالبون ولهم ولاية أمر الله ، وهم أئمة الحق ، وكل إنسان حقا آمن بالله ويطلب الله العظيم بكل عظمة حقا ليتحقق بفضله العظيم ويفوز فوزا عظيما ، لابد أن يعرف النبأ العظيم لله تعالى في هداه وولي أمره بعد رسول الله ، لأن الله عرفنا هناك طواغيت ينقلبون عن الهدى وهناك أئمة كفر يجب أن يهجروا ، وإلا أقل خطأ للإنسان في تشخيص الإمام الحق وولي أمر الله العظيم في عباده يخسر خسرانا عظيما ، وفي كلها الله يبتلي الإنسان ويختبره ليرى هل حقا طلب الله بكل هداه علما حقيقا ، أم أنه بقي على التقليد والعادة ، فيرى أبواه على مذهب كذا أو دين كذا ويبقى على ذلك الحال يأتي بفرائض علموها له على العادة والتقليد بدون معرفة من علمها هل كان عظيما بأمر الله العظيم وهو وآبائه تعلموا من أتباعه ، أم الذي علمها كان إمام كفر خاسر أو تابع له معادي ومحارب وداعية لسلطان منحرف عن الحق .

فإن مجرد نسبة التعاليم للدين : ولله العظيم ، وكان المعلم لها منافقا أو إمام كفر أو طاغية وولي شيطان ، فإنه الإنسان لو تعبد بها آلاف السنين ولم يعصي لها أمرا واحدا ملايين السنين لا يكون قد عبد الله ولا نال عظمة بل الخسران .

فإن الله أمره عظيم : وعلم الإنسان ما لم يعلم وهداه بكتاب عظيم عرفه به عظماء خلقه ، وهكذا نبي الرحمة علمنا العظيم بعده في كل المواقف .

فمن لمن يتحقق : معرفة العبد العظيم بفضل الله العظيم ، بعد نبينا العظيم بأمر الله والشاكر الحقيقي الذي يجزيه الله بفضله العظيم ، فيفوز فوزا عظيما هو ومن تبعه فأخذ أمر هدى الله العظيم منه ، يكون قد خسر خسراننا عظيما، ولا يكفي التقليد.

والله عرفنا في الكتاب : تلويحا وتصريحا ولي أمره وعرفنا مواقف ثباته في كل سيرته وسلوكه ، وعلمنا علمه بشؤون العظمة الإلهية وكيفية تحققه بها علما وعملا وتعريفا وتبليغا بعد رسول الله ، بل بلغ سورة براءة من المشركين ومنع غيره من التبليغ ليعرفنا إن الإمام الحق العظيم واحد بعد رسول الله ، وإن غيره لم يثبت في معركة وكان يفر من الله ورسوله بأقل ضغط عليه ، وإن النصر على يد إمام الحق كان دائما ، فهذه السيرة العلمية والعملية لولي أمر الله الذي يتحقق بأمره في ليلة القدر هو لناس لهم ملك عظيم وهم ولاة أمره الله وأئمة الحق ولهم أعظم تجلي من كل الأنوار الحسنى وبأعظم تحقق فيهم ، وهكذا يكون من تبعهم حقا ، وغيرهم طاغي عليهم وعلى أمر الله تعالى ولم يعرف النبأ العظيم الذي كان عنده أمانه يطلبها بنفسه الباحثة عن الكمال الحق العظيم الأبدي . و لله العظيم يعرف إن الأيام يداولها بين الناس : كما قال العظيم تعالى :

 { وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَالله لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ الله الَّذِينَ آمَنُو وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ  (141) }  آل عمران .

فالله تعالى : حكى عن اختلاف الناس ، وإنه لم يكره أحد على دينه ، ولكنه علمه الإنسان وهداه وجعله فهما عاقلا سميعا بصيرا ، وعرفه عظمة نفسه بالفطرة الطالبة للكمال الحق العظيم الأبدي ، وعرفه عظمته في الوجود وإن هداه عند أعظم خلقه ، وطالبه بكل شيء أن يسأل عن هذه الأمانة والنبأ العظيم لكي يتحقق بهدى الله العظيم من أعظم خلقه حين يعرفه ، فيتعلم منه ويشكره بما عرفه من دينه ، والآيات والأحاديث السابقة تصرح لمن يعرف شأن عظمة الله بأنه إمام الحق أقرب الناس من النبي العظيم ، وهو عظيم الوجود بعده ، وهو الذي يكون ولي أمر الله وإمام الحق يهدي بأمر الله كما عرفت ، ولا يمكن أن يكون غيره يهدي بأمر الله تعالى وليس له شأن عظيم ظهر له في زمان النبي العظيم ولا النبي العظيم عرفه حقا بالعظمة ، ولا أنه ظهر منه علما عظيما حقا ولا موقفا عظيما في زمن رسول الله .

فإنه قد تسلط بعد النبي العظيم : على حكومة المسلمين ناس فسقه وكفرة حقا لم يعرفوا لهم شأنا عظيما في الإسلام ، وقد مهد لهم من كان مع النبي العظيم ، وتسلط على الحكم بفلته والناس في أول أمرهم في الدين ، وأخذ من أتى بعده يخترع له أحاديث ويعظمه لكي تكون له شرعية في الحكومة على المسلمين ، ولكي يمكنه أن يحارب ولي أمر المسلمين الحق وإمام الهدى الواقعي ، وهكذا كان الخلاف دائر بين حزبين بعد النبي ، ولابد أن يكون أحدهم طاغية وإمام كفر أو مساعد له ، والأخر إمام حق عظيما حقا عنده هدى الله العظيم ، وهو ولي أمر الله العظيم الذي عظمه الله بملكه العظيم وعنده الكتاب والحكمة وله الإمامة .

والله في كتابه عرفنا هذا الأمر العظيم : في كثير من الموارد التي عرفتها ، وهذه إشعاع نتدبر بنبئه العظيم لنعرف كيف يعرفنا ولي أمره ، بالإشارة الصريحة لمن ألقى السمع وهو شهيد ، وحقا مجتبى ومصطفى لله العظيم فعظمه بأمره في هدى الإنسان المفضل في التكوين ، ويعظم حقا من يبتعه كما عرفت في الآيات أعلاه وأحاديثها وما يأتي من بيان النبأ العظيم .

 

الإشعاع الثالث :

أبو تراب نبأ الله العظيم في أرضه وولي أمره :

يا طيب إن الله أمره عظيم حق : وفي كتابه تراه في أغلب سور القرآن يبدأ يعرفنا عظمته فيذكر هداه العظيم ، ويطالبهم لكي يصدقوا به أن يتدبروا بآياته في كتابه أو في التكوين أو في النفس ، وإنه بعد ذلك يحكي عن فوز عظيم لمن تبع الحق من هداه العظيم ، الذي يكون بأمر الروح ، وعرفت إن الروح ينزل في ليلة القدر بأمر الله تعالى ، وإن الأئمة يهدون بأمر الله ، وهذه الآيات تعرفنا إن النبأ العظيم هو ما ينزل به الروح من هدى الله العظيم على عظيم الأرض في زمانه ، سواء زمن النبي أو بعده أو قبله ، فكل من تبعه فاز ، وإلا من خالفه يتمنى أن يكون كان معه ، ويذعن بمخالفته له ، أنه كان له الخسران ، فيتمنى أن يكون ترابا لأبي تراب .

وهذه سورة النبأ تعرفنا : عظمة أمر الله وإنه بعد رسول الله عند أبو تراب الذي عاداه الناس ، وتسمية النبي للإمام علي بأبي تراب حتى كان لقب له يُعرف به ، لم يكن مصادفة ولا جهلا بحكمته ، بل هو بأمر الله وحيا يوحى وما ينطق عن الهوى ، ويشير له بالعظمة في النبأ العظيم والذي تعرفه سورة النبأ والتي تعرفنا اختلاف الناس فيه في زمن النبي وبعده ، فإنه من يكون بعد النبي يُعرف الناس حين يختلفون أمر الله العظيم وهداه الذي يعظم به الناس حقا ، لابد أن يكون عظيما حقا ، لا إنسانا عاديا به يعظم الناس وهو ليس له عظمة من الله .

وإن أمر التراب والتربة : في معارف الإسلام له شأنا كريما به يكون الإنسان أقرب الناس لله العظيم حين يسجد على التراب خاشعا لعظمة الله .

وكل المسلمين عرفوا : إن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم قال : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وإن إصرار الشيعة ، والمولين للإمام الحق للسجود على الأرض ، وبالخصوص على تراب كربلاء ، هو لتعريف حق أبو تراب وعظمته ، فيدورون بالتربة كل بقاع الأرض ، ويحملوها ليصلوا عليها ويسجدوا لله ليعظموا بأمر الله وهداه حقا ، فيكونوا حين سجودهم متقربون لله بأعظم تواضع يحبه الله العظيم ، وبهدى خالص عرفه أبو تراب ، وإن الحسين الذي قدس تراب كربلاء بموقفه العظيم لكي يعظم من يسير على نهجه العظيم لطاعة الله ومعرفة هداه الحق ، قد جعل تراب كربلاء منارا دوار يعرف الحق وأهله والطواغيت وقتلة أئمة الحق وولاة أمره الله وأتباعهم وما حل بالإسلام من مكر ، حيث تسلط أعداء أعداء الإسلام على حكومة الدين فعرفوا أفكارهم دين وليس الدين العظيم عند الحسين وآله وأبيه أبي تراب صاحب النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ، وكيف يعرفوه ويعرفوا هداه وهم قتلوه وتابعهم الأبناء ووعاظ السلاطين يسبون أمير المؤمنين وآله سبعين سنة على منابرهم وقد شاخ صغيرهم على هذه المعارف وكانت دين تتبع في أغلب البلاد التي حكموها إلا من عصمهم الله ونشروا الحق وعرفوه ، وقد كتبنا قصة باسم تراب كربلاء ومقالات تجدها في موسوعة صحف الطيبين ، فراجعها لتعرف عظيم أمر الله وحكمته في تعريف دينه والتواضع الحق له حين السجود تعظيما له على تراب الأرض .

وبعد إن عرفت : إن للنبأ العظيم شأنا مع التراب سواء بلقب أبو تراب أو بالإصرار بالسجود عليه تواضعا لله العظيم ، ويكون به للإنسان المسبح والمقدس لله وهو ساجدا عليه بأقرب حال يتكامل به بفضل الله العظيم ، ويكون في أتم فضل لله والإخلاص له في طاعة ، ولهذه العبودية والتواضع يُكرمه الله بالفوز العظيم عنده حتى يكون مع أعظم خلقه .

فهذه أحاديث شريفة : تعرفنا عظمة سورة النبأ ونذكر نفس السورة فأتلوها فإنها تعرفنا حقائق كريمة من أمر الاختلاف في النبأ العظيم والكون معه حقا ، أو بالتفرق عن أبو تراب صاحب الروح وأمر الله وولي الله المعظم عنده بعد نبيه ، حتى يتمنى كل الناس أن يكون معه حقا يوم لا يتكلم إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، فيكون معه في عظمة الله أبدا وبفضله الدائم العظيم .

فعن أبي حمزة الثمالي : عن أبي جعفر عليه السلام قال  قلت : جعلت فداك إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ العظيم ؟

 قال فقال : ذلك إلي إن شئت أخبرتهم ، و إن شئت لم أخبرهم .

 قال فقال : لكني أخبرك بتفسيرها . قال فقلت : عم يتساءلون ؟

 قال فقال : هي في أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : كان أمير المؤمنين يقول :

ما لله آية أكبر مني ، و لا لله من نبأ عظيم أعظــم منــي .
 و لقد عرضت ولايتي على الأمم الماضية فأبت أن تقبلها .

قال قلت له : قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون ؟

 قال : هو و الله أمير المؤمنين عليه السلام [37].

وقوله تعالى : عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ العظيم الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ .

عَنْ عَبْدِ الله بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله ع فِي قَوْلِهِ تعالى :

 عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ العظيم .

 قَالَ : النَّبَأُ العظيم الْوَلَايَةُ .

وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ : ( هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ) .

 قَالَ : وَلَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام [38].

وقد عرفت يا طيب : إن الأمانة هي أمانة ولاية أمر الله تعالى ، وهي التي نبأها عظيم ، وقد اختلف بأبي تراب وأمير المؤمنين صاحب النبأ العظيم الناس في زمن رسول الله وبعده ، وقد أعرض عنه أغلبهم إلا من هداه الله العظيم للعظيم بأمره ولتبليغه، فعظم  حين تعقل الحق في وجوده وما يطلب من العظمة في أمر الله والكون في عظيم ثوابه ليعظم بفضل الله العظيم .

وعن عباية بن ربعي قال : قلت لعبد الله بن عباس :

لم كنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام، أبـا تـراب ؟

قال : لأنه صاحب الأرض ، و حجة الله على أهلها بعده ، و به بقاؤها ، و إليه سكونها . و لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

 إنه إذا كان يوم القيامة ، و رأى الكافر ما أعد الله تبارك و تعالى لشيعة علي من الثواب و الزلفى و الكرامة ، قال : يا ليتني كنت تـرابـا ، يعني من شيعة علي ، و ذلك قول الله عز و جل : وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً [39].

وإذا عرفت يا طيب : بعض هذه الأحاديث تدبر آيات سورة النبأ العظيم ، سواء يوم القيامة أو اليوم ، فإنه حكمة الله في تسخير الكون لنا لنعظم بعظيم هداه ، وبعد أن نتولى عظيم خلقه في زماننا ونقر لولايته وإمامته وما آتاه من الملك العظيم ، فنتبعه في معارف شؤون العظمة سواء في التوحيد أو في معارف الهدى الإلهي العظيم ، والذي يعظم به من يخضع له ويتولاه ويطيعه ويسجد بمعارفه خشعا لله العظيم بما يحب من السجود على تراب الأرض ، والذي كان صاحبه وأبوه هو المتكلم المأذون له يوم القيامة مع رسول الله صلى الله عليهم وسلم ، ويشهد لهم الله والروح والملائكة ، وهم يشهدون لمن تولاهم فأخذ نور الله منهم ، كما ستعرف هذا في آخر السورة ، وقد قال الله العظيم :

بسم الله الرحمن الرحيم : { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)  عَنْ النَّبَإِ العظيم (2)

الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (5)

أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)

 إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتً (17) يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) نَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلْطَّاغِينَ مَآبًا (22) لاَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلاَ شَرَابًا (24) إِلاَّ حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ حِسَابًا (27) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابً (28)

وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابً (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَابًا (30)

إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلاَ كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَانِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37)

يَوْمَ يَقُومُ الـرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَــةُ صَفًّ

 لاَ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَقَالَ صَوَابً (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبً (39) إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنتُ تُرَابً (40) } النبأ .

يا طيب : عرفت أن الروح : هو من عالم أمر الله العظيم ، وينزل بهدى الله وهو مرافق للأئمة مادامت ليلة القدر التي ينزل بها أمر الهدى العظيم ، وهو ينزل بنبأ وأخبار الله لتدبير عباده بهداه لولي أمره وعظيم خلقه ، ولا يتكلم أحد إلا من كان مع صاحب الروح الذي عنده هدى الله وأمره الذي اختلف به الناس ، وقد عرفنا الله نبأه العظيم في السورة ، بأنه خلق الإنسان وسخر له كل شيء ليتقي الله ويفوز بعظيم فضله إن أطاعه بهداه الحق الذي ينزل به الروح بأمر الله على عظيم الأرض ، نعم وهو أبو تراب ، ولذا يتمنى كافر أن يكون ترابيا .

وهذه أحاديث متممة لما عرفت من كون : أبو تراب هو أمير المؤمنين ، ويدور مواليه بتراب كربلاء يعرفون صاحب التراب ، ومن أختلف عنه فقتل ذرية الأنبياء وأبتعد عن شؤون النبأ العظيم والأمانة العظيمة التي أشفقت منها السماوات والأرض والجبال ولكن حملها الإنسان الظلوم الجهول ،  وهي أحاديث تعرف نبأ الروح العظيم الذي خص بالعظماء نبينا وآله صلى الله عليهم وسلم ، وإن من تبعهم فأتقى الله بهداه الحق العظيم فاز معهم فوزا عظيما .

 قال علي بن إبراهيم في قوله : كَأْساً دِهاقاً ، أي ممتلية .

 يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ .

 قال  : الروح ملك أعظم من جبرائيل و ميكائيل ، و كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، و هو مع الأئمة عليهم السلام .

قوله : إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً ؟ قال : في النار .

وقال : يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً ؟

 قال : ترابيا أي علوي [40].

فيا طيب : إن النبأ العظيم المختلف به في أول الآية ، هو من يكون مؤيد بالروح العظيم وصاحبه صحاب أمر هدى الله المأذون له بالتكلم في دينه ، والذي ينزل عليه في لليلة القدر الدائمة في الزمان إلى يوم القيامة ، وهذا لهو شاهد على أن ولي أمر الله هو أبو تراب ثم الأئمة المعصومون من آله بعده وهم سادت أهل الموقف والجنة ، ويتمنى الكافر الذي عصى الله بنعمه ورفض هداه أن يكون ترابا لم يخلق ، أو مع أبو تراب ، فحتى لو لم تقبل التفسير والأحاديث ، فيكفيك الله العظيم خبر أمره العظيم بأنه الروح أمره عظيم ينزل على عظيم الأرض أبدا مادامت ليلة القدر وأمر الله ، كما أن الملائكة تؤيد المؤمنين من أتباعه ، ولا يكون أحد إلى علي وآله آل النبي صلى الله عليهم وسلم إلى يوم القيامة وهم وحزبهم الفائزون بعظيم تعاليم الله وفضله لأتباعهم .

فإنه يا أخي : لا أحد من المسلمين لا من السابقين ممن رأوا النبي العظيم فسموا صحابه ولو قسم لم يحبوه وكانوا منافقين ، ولا من اللاحقين والأتباع ولا من أئمة المذاهب الأربعة أو غيرهم ، يدعي أن الروح في ليلة القدر ينزل عليه ، ولا إنه مطهر ومصطفى بأمر الله ، ولا أنه ممن يأذن له يوم القيامة فيتكلم ، بل كلهم يرون أنفسهم يخطئون ويصيبون وإنهم لهم رأي وقياس واستحسان ، وهذا رأيهم ولو خالف إمام الحق أبو تراب وآله آل رسول الله من بعده فاخطأ عظمة العظيم وما يعظم به العباد وأختلف عنه ، وهذا دينهم بخلافهم لنبأ الله العظيم في كثير من المواد فكيف يعبد به.

فإنه أئمة الحق : الإمام علي وآله أل رسول الله وذريتهم صلى الله عليهم وسلم ، وحدهم الذين بحق يدعون إنهم لهم أمر الروح وهدى الله وتعاليمه ، وإنهم أئمة مصطفون مطهرون حقا ، وهم آل البيت المرفوع بذكر الله وأصاحب نور الله وولاة أمر الله وأئمة الحق ذو الملك العظيم وحكمة الكتاب وهم وحدهم شهداء يوم القيامة والمأذون لهم حق ، ولمعرفة دعواهم الصادقة أنظر ما روي من كلام الإمام علي عليه السلام لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم عثمان :

أَ وَ لَمْ يَنْهَ بَنِي أُمَيَّةَ عِلْمُهَا بِي عَنْ قَرْفِي : أَ وَ مَا وَزَعَ الْجُهَّالَ سَابِقَتِي عَنْ تُهَمَتِي ، وَ لَمَا وَعَظَهُمُ الله بِهِ أَبْلَغُ مِنْ لِسَانِي ، أَنَا حَجِيجُ الْمَارِقِينَ ، وَ خَصِيمُ النَّاكِثِينَ الْمُرْتَابِينَ ، وَ عَلَى كِتَابِ الله تُعْرَضُ الْأَمْثَالُ ، وَ بِمَا فِي الصُّدُورِ تُجَازَى الْعِبَادُ [41].

ومن كلام الإمام علي عليه السلام في الحث على العمل : الْعَمَلَ الْعَمَلَ : ثُمَّ النِّهَايَةَ النِّهَايَةَ ، وَ الِاسْتِقَامَةَ الِاسْتِقَامَةَ ، ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ ، وَ الْوَرَعَ الْوَرَعَ ، إِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ ، وَ إِنَّ لَكُمْ عَلَماً فَاهْتَدُوا بِعَلَمِكُمْ ، وَ إِنَّ لِلْإِسْلَامِ غَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى غَايَتِهِ ، وَ اخْرُجُوا إِلَى الله بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّهِ ، وَ بَيَّنَ لَكُمْ مِنْ وَظَائِفِهِ ، أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ وَ حَجِيجٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْكُمْ [42].

يا طيب : هذا أبو تراب شاهد لنا يوم القيامة إن أخلصنا لله العظيم بهداه العظيم الذي علمه الله العظيم الذي عظمه ، وهذا نبأه له لا لأحد غيره ، ولمعرفة إن النبأ أعظيم مختص بالهدى والإنذار والتبليغ من أهل هدى الله العظيم تدبر سورة ص .

 

الإشعاع الرابع :

أمر الله العظيم لأل النبي العظيم ويجب أن لا نعرض عنه :

سبحان ربي العظيم وبحمده   سبحان ربي الأعلى وبحمده :

يا طيب : لكي نعرف أمانة الله العظيمة ونبأها العظيم حقا عند نبينا وآله آل أبو تراب ، والذين هم أشد الناس خشية لله وتوضعا حتى كان ذكرهم مرفوع وكان لهم نور الأسماء الحسنى كلها بأعلى عظمة كما في آيات النور والبيوت المرفوعة ، وإن نور الله المخرج من الظلمات إلى النور هو لمن يتولاه ويطيع ولي أمر الله تعالى ، نتدبر أمر الله العظيم في كتابه العظيم .

فيا طيب : إن في سورة ص معارف عظيمة تعرفنا مداولة الأيام ، وإن الله مرة يخص هداه بداود وسلميان مع الملك ومرة بيعقوب مع الشدة والضرر ، ولا يهم ولي أمر الله كيف يكون حاله ، فهو متوجه لله وفي كرامة الله وله الفوز العظيم ، وإنما الدنيا هي للاختبار وقد فاز من قبل أمر الله وظهر به بما يحب .

وإن السورة تبدأ بتعريف : إن القرآن ذكر يعرفنا إن نبينا هو المنذر ونبأه عظيم ، وتعرفنا سنة الله في التكوين بهداه المتقن ، وفي التشريع بهدى عظيم وفي كل الأمم ، ثم تختم بتعريف من لم يغويهم الشيطان و المخلصين الذين يطيعون الرسول حقا ، وتعرفنا إن نبينا لم يسأل أجر على الرسالة والتبليغ لنفسه فهو عظيم بأمر الله وتعظيمه له ولا ينفعه من يطيع الله بهداه وليس عليه إلا التبليغ.

ولكن الله عرفنا : إن الأجر هو لنا لكي نهتدي ، وعرفت إن أجر التبليغ هو مودة القربى الذين يشكر سعيه من يقتدي بهم ، وهذه سورة ص تدبر بها فتعلم منهم المخلصون حقا ، وإن نبأ الله وأمر هداه عظيم يجب أن لا نعرض عنه لمجرد تسلط حاكم ، بل يجب أن نعرف إن لله عظيم حتى ولو كان معزولا عن السلطة أو مبتلى كما في أيوب وإسماعيل وغيره كما في هذه السورة .

فتدبر يا طيب : أمر الإنذار ونبأه العظيم وأجره لنا . في سورة ص :

{ بسم الله الرحمن الرحيم : ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)

بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2)

 كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ (3)

وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ

وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الإلهة إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ (7)

أ َؤُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا

بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي

بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)

 أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ (10)

جُندٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنْ الأَحْزَابِ (11)

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ (12) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ (13) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14) وَمَا يَنظُرُ هَؤُلاَءِ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (15) وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16)

 اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ :

 عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20) وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (25)

يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقّ وَلاَ تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله إِنَّ لَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ النار (27)

أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ

أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)

كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (29)

وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31)  فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ (33) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)

 قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي ِلأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَ فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (40)

وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّـــوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ :

أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى ِلأَوْلِي الأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)

وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنْ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ (47) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنْ الأَخْيَارِ (48)

هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ  (54)

هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لاَ مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النار (59) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لاَ مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (60) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النار (61) وَقَالُوا مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنْ الأَشْرَار (62) أَاتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمْ الأَبْصَارُ (63) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النار (64)

قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ الله الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65)

 رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66)

 قُلْ هُوَ نَــبَــأٌ عَـظِــيــــمٌ (67)

 أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68)

مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69)

إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70)

إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73)

إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَاسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82)

إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)

قُلْ مَا أَسْـأَلُكُـم عَلَيْهِ مِنْ أَجْــرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ (86)

إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)} سورة ص.

يا طيب : نبينا نبأه عظيم ، ولم يسأل أجر له بل هو لنا لكي نخلص لله حين نعتبر بأن هدى الله واحد عند أعظم خلقه دائما ، ولذا قال الله العظيم تعالى:

{ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الله وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) } سبأ .  

أي إن سألتكم أجرا فالأجر نفعه لكم به تهتدون وإن أجري من فضل الله العظيم لا منكم ، وأطلبكم بأجر هو يعرفكم سبيل هداي العظيم الذي أنزله العظيم علي وهو صراط الله المستقيم عند المنعم عليهم تدبر قول العظيم تعالى :

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (56)  قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْــــرٍ

إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيل (57) } الفرقان .

{ ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ الله عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْـــرًا  إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُــرْبَى

وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ الله غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } الشورى .

فإن شكر الله : وغفران الذنوب هو بمودة القربى للنبي وآله وهو خلاصة النبأ العظيم، وأجر الله للنبي في مودة القربى نتيجته لنا مسخر لنعرف شؤون أمر الله العظيم.


[34] تفسير فرات ‏الكوفي ص342ح342-468 .

[35] الكافي ج1ص230ح1.

[36] بصائر الدرجات ص 207ح1 .

[37] بصائر الدرجات ص76ح3. الكافي ج1ض207 ح3.  تفسير فرات‏ الكوفي ص533 و من سورة عم حديث  533-685 .686و الحديث .

[38] الكافي ج1ص418ح34.

[39] علل‏ الشرائع ج1ص156ب125 . معاني‏ الأخبار ص120ح1 باب معنى أبي تراب .

[40] تفسير القمي ج2 ص402سورة 78ة النبأ .

[41] نهج البلاغة رقم 75 .

[42] نهج‏ البلاغة ص252 .

 

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها