هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية : الجزء الثالث
الْعَظِيمُ
النور السابع والتسعون

الإشراق الثالث عشر :

الأجر العظيم على الطاعات والعذاب العظيم على المعاصي :

سبحان ربي العظيم وبحمده سبحان ربي الأعلى وبحمده :

يا طيب : نور الأسماء الحسنى لله يظهر بأعلى عظمة في الوجود في كل مرتبه ، وحسب شأن كل مرتبة منه وشأن المخلوق فيها ، والله سبحانه له الأسماء الحسنى وما ذكرنا من ظهورها بكل عظمة في أولياء الله تعالى ، فإنها تظهر كذلك في بكل عظمة بالحرمان على أعداء الله ، وقد عرفنا إن لله تعالى أسماء جمال لأوليائه ، وأسماء جلال وقهر على أعدائه ، وكلها تظهر بالوجود بالعدل والإحسان والله ليس ظلام للعبيد .

فيا طيب : الأسماء الحسنى تظهر بنور الجمال والبهاء بكل كمال عظيم لمن يتوجه لله تعالى بدينه العظيم ويتحمل أمر هداه العظيم ، وإن الإنسان لما تحمل أمانة الله وسره سخر له الوجود كل بل له أعظم فضل الله في الوجود ، فضلا عن تسخير ولاة أمره وعظماء خلقه لكي يهدوه بصراط مستقيم ، بعد أن أنعم عليهم بفضله وعظمهم بالتوفيق للظهور بهداه بأعلى إخلاص علمي وعملي وسيرة وسلوكا ، ويعملون ما أمرهم ولا يعصون أبدا ، وبهذا الهدى العظيم يعظم الإنسان ويتحقق بأعظم نور متجلي بالكرامة والمجد والفضل والعزة والبهاء والسناء وبكل ما يجعله عظيما حتى يرضى الله عنه ويرضى عن الله فيغرق في فضل لله العظيم بكل عظمة يمكن أن يتحملها مخلوق ممكن ، وقد عرفت درجاته في آخر الإشراق السابق وتفاضل الصبر فيه .

وكذلك يا أخي : والعياذ بالله من عذابه ، فإن عذاب الله عظيم ، وانتقامه شديد أليم فوق حد التصور لمن يطغى ويتكبر على أمر الله الحق ، ويجب أن نتيقن إن من يعصي الله فضلا من الكفر والشرك والنفاق له عذاب عظيم .

ولكن لنعرف بعض فضل الله العظيم : وعظمته بالأرقام والحقائق التي يطاع بها أو يعصى نذكر أشعة نور تهدينا إن شاء لله لعظيم فضل الله فتدبر .

 

الإشعاع الأول :

ثواب عظيم لمن رضا بالقضاء والقدر وصبر على البلاء :

سبحان ربي العظيم وبحمده سبحان ربي الأعلى وبحمده :

يا طيب : أهم الأمور التي يجب أن يتحقق بها الإنسان بعد الإيمان هو العلم بالدين الحق ، والرضا عن الله سبحانه وتعالى بكل حال ، فإن رضا عن الله وأطاعه فله أجر عظيم ، وإن سخط على الله لبلاء مسه يحبط عمله ، ولمعرفة عدة مقدمات من ضروريات العلم والعمل بأمر هدى الله والسير على صراطه المستقيم مع الصبر على المكاره والبلاء ، وعلى قضاء الله وقدره ، والذي يختبر الله به عباده كما عرفت ليعظم أجرهم حتى كان له سعته تتجاوز ما بين السماء والأرض ، وهو كما عرفت في حديث ذكرناه في أخر الإشراق السابق وهو :

فَمَنْ صَبَرَ عَلَى الْمُصِيبَةِ : حَتَّى يَرُدَّهَا بِحُسْنِ عَزَائِهَا ، كَتَبَ الله لَهُ ثَلَاثَمِائَةِ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ الدَّرَجَةِ إِلَى الدَّرَجَةِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ .

وكان في نفس الحديث : أجر الصبر على الطاعة يصل العرش والصبر عن المعصية يتعالى عليه ، والآن نذكر أحاديث ترغبنا بالصبر على القضاء والقدر ، وتشرح لنا الأجر العظيم الذي له لنعرف ما له من الشأن والأهمية لنتحقق به ، وأسأل الله لي ولكم ولكل طيب أن لا يبتلينا بما لا طاقة لنا به ، ويعفو عنا ويدفع عنا كل بلاء بكرمه وفضله ، فإنه هو العظيم اللطيف الشافي ، وهذه أحاديث الصبر على البلاء يتقدمها ضرورة العلم بهدى الله حتى تتم طاعته بما يحب ، فتدبر بها يا مؤمن :

عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام في حديث طويل في العقل قال :

يَا هِشَامُ : نَصْبُ الْحَقِّ لِطَاعَةِ الله .

 وَ لَا نَجَاةَ إِلَّا بِالطَّاعَةِ ، وَ الطَّاعَةُ بِالْعِلْمِ ، وَ الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ .

 وَالتَّعَلُّمُ بِالْعَقْلِ يُعْتَقَدُ ، وَلَا عِلْمَ إِلَّا مِنْ عَالِمٍ رَبَّانِيٍّ ، وَمَعْرِفَةُ الْعِلْمِ بِالْعَقْلِ .

يَا هِشَامُ : قَلِيـلُ الْعَمَـلِ : مِنَ الْعَالِــمِ مَقْبُــولٌ مُضَاعَفٌ .

 وَ كَثِيرُ الْعَمَلِ : مِنْ أَهْلِ الْهَوَى وَ الْجَهْلِ مَرْدُودٌ [1].

وإذا عرفنا أهمية العلم فلنتعرف على أهمية الرضا بقضاء الله وقدره :

وعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ :

 أَحَقُّ خَلْقِ الله أَنْ يُسَلِّمَ لِمَا قَضَى الله عَزَّ وَ جَلَّ :

 مَنْ عَرَفَ الله عَزَّ وَ جَلَّ .

 وَ مَنْ رَضِيَ بِالْقَضَاءِ أَتَى عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَ عَظَّــمَ الله أَجْرَهُ .

 وَ مَنْ سَخِطَ الْقَضَاءَ مَضَى عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَ أَحْبَطَ الله أَجْرَهُ [2].

وقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ : الْإِيمَانُ لَهُ أَرْكَانٌ أَرْبَعَةٌ :

التَّوَكُّلُ عَلَى الله ، وَ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إِلَى الله .

وَ الرِّضَا بِقَضَاءِ الله ، وَ التَّسْلِيمُ لِأَمْرِ الله عَزَّ وَ جَلَّ [3].

عَنْ الإمام البقر أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ الله ص فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ إِذْ لَقِيَهُ رَكْبٌ ، فَقَالُوا : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ الله . فَقَالَ : مَا أَنْتُمْ ؟ فَقَالُوا : نَحْنُ مُؤْمِنُونَ يَا رَسُولَ الله .

قَالَ : فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكُمْ ؟قَالُوا : الرِّضَا بِقَضَاءِ الله ، وَ التَّفْوِيضُ إِلَى الله ، وَ التَّسْلِيمُ لِأَمْرِ الله . فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم : عُلَمَاءُ حُكَمَاءُ ، كَادُوا أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْحِكْمَةِ أَنْبِيَاءَ ، فَإِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَلَا تَبْنُوا مَا لَا تَسْكُنُونَ ، وَ لَا تَجْمَعُوا مَا لَا تَأْكُلُونَ ، وَ اتَّقُوا الله الَّذِي إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[4] .

ويا طيب : إذا عرفنا إنه بعد الإيمان يجب العلم بالدين والرضا بقضاء الله وقدره ، وأن نطيعه بأي حال نكون فيه ، نذكر بعض الوصايا والأحاديث لأئمة الحق التي تدعونا للجد في طاعة الله ، والصبر على البلاء ، والخروج من ذل معصية الله إلى عز طاعته :

عن جنادة بن أبي أميد قال : دخلت على الحسن بن علي عليه السلام في مرضه الذي توفي فيه ، و بين يديه طشت يقذف فيه الدم ، و يخرج كبده قطعة قطعة من السم الذي أسقاه معاوية .

 فقلت : يا مولاي ما لك لا تعالج نفسك .

فقال : يا عبد الله بما ذا أعالج الموت ؟ قلت : إنا لله و إنا إليه راجعون .

ثم التفت إلي و قال : و الله إنه لعهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما من ولد علي و فاطمة عليهم السلام ، ما منا إلا مسموم أو مقتول ، ثم رفعت الطشت و اتكأ عليه السلام .

فقلت : عظني يا ابن رسول اللهقال : نعم استعد لسفرك ، و حصل زادك قبل حلول أجلك ، و اعلم أنه تطلب الدنيا و الموت يطلبك ، و لا كمل يومك الذي له باب على لومك الذي أنت فيه .

و اعلم : أنك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك إلا كنت فيه خازنا لغيرك .

 و اعلم : أن في حلالها حسابا ، و حرامها عقابا ، و في الشبهات عتاب ، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة ، خذ منها ما يكفيك ، فإن كان ذلك حلالا كنت قد زهدت فيها ، و إن كان حراما لم تكن قد أخذت من الميتة ، و إن كان العتاب فإن العقاب يسير .

و اعمل لدنياك : كأنك تعيش أبدا ، و اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ، و إذا أردت عزا بلا عشيرة و هيبة بلا سلطان ، فاخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله عز و جل‏ [5].

وقال الإمام علي عليه السلام :

إنكم إنما خلقتم للآخرة لا للدنيا ، و للبقاء لا للفناء [6].

يا طيب : إذا كانت الدنيا مزرعة الآخرة ، وفي حلالها حساب فضلا عن المشتبه والمحرم الذي فيه عقاب ، لأنه من حوسب حتى يعفى عنه فقد عوقب ، وإنما الإنسان مخلوق للآخرة لينال العظمة في نفسه بالطاعات وتجنب المعصية ، والصبر على البلاء ، فتدبر بعض المواعظ لأئمة الحق التي تحثنا للإخلاص لله .

عن الإمام الحسين عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام :

 كم من غافل : ينسج ثوبا ليلبسه و إنما هو كفنه ، و يبني بيتا ليسكنه و إنما هو موضع قبره .

و قيل لأمير المؤمنين عليه السلام : ما الاستعداد للموت ؟

قال : أداء الفرائض ، و اجتناب المحارم ، و الاشتمال على المكارم ، ثم لا يبالي أ وقع على الموت ، أم وقع الموت عليه ، و الله ما يبالي ابن أبي طالب ، أ وقع على الموت ، أم وقع الموت عليه .

و قال أمير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه :

أيها الناس : إن الدنيا دار فناء ، و الآخرة دار بقاء ، فخذوا من ممركم لمقركم ، و لا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم ، و أخرجوا من الدنيا قلوبكم من قبل أن تخرج منها أبدانكم ، ففي الدنيا حييتم ، و للآخرة خلقتم ، إنما الدنيا كالسم يأكله من لا يعرفه .

إن العبد إذا مات : قالت الملائكة : ما قدم ؟ و قال الناس : ما أخر ؟ فقدموا فضلا يكن لكم ، و لا تؤخروا كلا يكن عليكم .

فإن المحروم : من حرم خير ماله ، و المغبوط : من ثقل بالصدقات و الخيرات موازينه ، و أحسن في الجنة بها مهاده ، و طــيـــب على الصراط بها مسلكه [7].

يا طيب : بعد أن عرفنا ضرورة العلم بالهدى الحق من ولاة أمر الله في أرضه ، وضرورة الرضا بقضاء الله وقدره ، يجب أن نعمل للآخرة لأنها دار الثواب العظيم ، وقبل أن نذكر عقاب المعاصية العظيمة وغيرها وعقابها العظيم والثواب العظيم للطاعات من لله العظيم ، نذكر هنا حكمة البلاء والتي عرفت قسما كبيرا منها في الإشراق السابق ، لنستعد لتحمل ثواب البلاء بالصبر عليه لكي لا يحبط علمنا ، ولنؤجر أجرا عظيما كما عرفت ، وهذه بعض أحاديثه الشريفة فتدبر بها يا طيب .

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ  قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله ع الْبَلَاءُ وَ مَا يَخُصُّ الله عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ الْمُؤْمِنَ ، فَقَالَ سُئِلَ رَسُولُ الله:  مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً فِي الدُّنْيَا ؟

فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلم : النَّبِيُّونَ ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ ، وَ يُبْتَلَى الْمُؤْمِنُ بَعْدُ عَلَى قَدْرِ إِيمَانِهِ وَ حُسْنِ أَعْمَالِهِ ، فَمَنْ صَحَّ إِيمَانُهُ وَ حَسُنَ عَمَلُهُ ، اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ . وَ مَنْ سَخُفَ إِيمَانُهُ وَ ضَعُفَ عَمَلُهُ ، قَلَّ بَلَاؤُهُ [8].

 

وعَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ :

 إِنَّمَا يُبْتَلَى الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا عَلَى قَدْرِ دِينِهِ ، أَوْ قَالَ : عَلَى حَسَبِ دِينِهِ [9].

وقد عرفت : إن الله لما أنزل أمره لهداية خلقه المفضل بالأرض يمتحنهم ليظهر صدقهم في التوجه له بعد أن دلهم على عظمته في كل شيء ، وطالبهم أن يخلصوا له الدين على كل حال ، ولا يغتروا بمن ملك الدنيا ، فأن ملكها مهما ملك الإنسان منها فهو لا يساوي جناح بعوضه في الملك الواسع العظيم ، والذي عرفته سعته حتى العرش ، وإنه الله يداول الأيام بين الناس ليعرف المخلصين ممن يرفض الله وقدره وقضاءه ولذا جاء في الحديث :

عن سعيد بن المسيب قال : سألت علي بن الحسين عليه السلام عن قول الله تعالى : لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ، قال : عنى بذلك أمة محمد ، إن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم ، لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ ، و لو فعل ذلك بأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم لحزن المؤمنون و غمهم ذلك ، و لم يناكحوهم و لم يوارثوهم [10].

يا طيب : قد ذكرنا حكمة تمليك بعض الظلمة ومداولة الأيام لأن الدنيا لا تساوي شيء عند الله وفي ملكه العظيم ، وقد عرفت أسباب الاختبار والابتلاء لرفع الدرجة أئمة الحق والمؤمنين المخلصين وليس كله عقاب ، وقد عرفت اعتداء القوم بعد رسول الله ومحاربة أبي الإمام الحسن علي بن أبي طالب في الجمل وصفين والنهروان حتى قتل في محراب عبادته ، وكيف سم الإمام الحسن عليه السلام ليولي طاغية زمانه يزيد أبنه الظالم ، والذي أمر بقتل الإمام الحسين عليه السلام ، ولمعرفة الاعتداء العظيم على الإمام الحسين راجع صحيفته في موسوعة صحف الطيبين .

 وهنا نذكر بعد إن عرفنا : الاعتداء العظيم على إمام الحق وولي أمر الله كما قتل يحيى وغيره من الأنبياء ، نذكر اعتداء عظيم على آل الحسن عليه السلام في زمن بني العباس حين أخذوهم بأشد الأحوال وضيقوا عليه ثم قتلوهم ، وهي رسالة كريمة تعرفنا فضل الصبر على البلاء للإمام الحق بعد أبائه ، وولي أمر الله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام والتي يعزي بها ولد الإمام الحسن عليه السلام .

وذكر السيد بن طاووس رويناها بإسنادنا الذي ذكرنا من عدة طرق إلى جدي أبي جعفر الطوسي بسند ذكره عن عطية بن نجيح بن المطهر الرازي و إسحاق بن عمار الصيرفي ، قالا معا :

 إن أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام كتب إلى عبد الله بن الحسن رضي الله عنه حين حمل هو و أهل بيته ، يعزيه عما صار إليه :

بسم الله الرحمن الرحيم : إلى الخلف الصالح و الذرية الطيبة من ولد أخيه و ابن عمه ، أما بعد فلئن كنت تفردت أنت و أهل بيتك ممن حمل معك بما أصابكم ، ما انفردت بالحزن و الغبطة و الكآبة و أليم وجع القلب دوني ، فلقد نالني من ذلك من الجزع و القلق و حر المصيبة مثل ما نالك .

 و لكن رجعت إلى ما أمر الله جل جلاله به المتقين من الصبر ، و حسن العزاء حين يقول لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم : وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا ، و حين يقول : فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ ، و حين يقول لنبيه صلى الله عليه وآله حين مثل بحمزة : وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ، و صبر صلى الله عليه وآله و لم يعاقب .

و حين يقول : وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى‏ ، و حين يقول : الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ، و حين يقول : إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ .

 و حين يقول لقمان لابنه : وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ، و حين يقول عن موسى و قال : لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِالله وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ .

و حين يقول : الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بالصَّبْرِ ، و حين يقول : ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ .

 و حين يقول : وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ .

 و حين يقول : وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ الله وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ الله يُحِبُّ الصَّابِرِينَ .

 و حين يقول : وَ الصَّابِرِينَ وَ الصَّابِراتِ ، و حين يقول : وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ الله وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ ، و أمثال ذلك من القرآن كثير .

و اعلم أي عم و ابن عم : أن الله جل جلاله لم يبال بضر الدنيا لوليه ساعة قط ، و لا شي‏ء أحب إليه من الضر و الجهد و الأذى مع الصبر .

 و أنه تبارك و تعالى : لم يبال بنعيم الدنيا لعدوه ساعة قط ، و لو لا ذلك ما كان أعداؤه يقتلون أولياءه و يخيفونهم و يمنعونهم ، و أعداؤه آمنون مطمئنون عالون ظاهرون ، و لو لا ذلك ما قتل زكري ، و احتجب يحيى ظلما و عدوانا في بغي من البغايا ، و لو لا ذلك ما قتل جدك علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله ، لما قام بأمر الله جل و عز ظلما ، و عمك الحسين بن فاطمة اضطهادا و عدوانا .

و لو لا ذلك ما قال الله عز و جل في كتابه : وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ .

و لو لا ذلك لما قال في كتابه : يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ .

و لو لا ذلك لما جاء في الحديث : لو لا أن يحزن المؤمن لجعلت للكافر عصابة من حديد لا يصدع رأسه أبدا .

و لو لا ذلك لما جاء في الحديث : أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة ، و لو لا ذلك ما سقى كافرا منها شربة من ماء .

و لو لا ذلك لما جاء في الحديث : لو أن مؤمنا على قلة جبل لانبعث الله له كافرا أو منافقا يؤذيه .

و لو لا ذلك لما جاء في الحديث : أنه إذا أحب الله قوما أو أحب عبدا صب عليه البلاء صبا ، فلا يخرج من غم إلا وقع في غم .

و لو لا ذلك لما جاء في الحديث : ما من جرعتين أحب إلى الله عز و جل أن يجرعهما عبده المؤمن في الدنيا ، من جرعة غيظ كظم عليها ، و جرعة حزن عند مصيبة صبر عليها بحسن عزاء و احتساب .

و لو لا ذلك : لما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعون على من ظلمهم بطول العمر و صحة البدن و كثرة المال و الولد .

و لو لا ذلك : ما بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا خص رجلا بالترحم عليه و الاستغفار ، استشهد .

فعليكم يا عم و ابن عم و بني عمومتي و إخوتي : بالصبر ، و الرضا ، و التسليم ، و التفويض إلى الله جل و عز ، و الرضا و الصبر على قضائه ، و التمسك بطاعته ، والنزول عند أمره ، أفرغ الله علينا و عليكم الصبر ، وختم لنا و لكم بالأجر و السعادة ، و أنقذكم و إيانا من كل هلكة بحوله و قوته إنه سميع قريب ، وصلى الله على صفوته من خلقه محمد النبي وأهل بيته[11].

يا طيب : حببت أن أدخل في موضوع عظمة المعاصي وعقابها العظيم ، وعظمة الطاعات وثوابها العظيم بعد الإشراق السابق ولا أذكر هذه الأحاديث في هذا الإشعاع ، والذي يرغبنا بأفضل السبل للجد في التوجه له بكل حال لنا وعن علم واقعي بهدى الله ، ولا نتوانى عن التوجه لله ببعض المشاكل الدنيوية ونعترض على قضاء الله وقدره ، فإن الدنيا زائلة وأيامها مهما طالت منقضية قصيرة ، والصبر فيها واحتساب النفس عنائها عند الله له أجرا عظيم ، وبه الدرجات العلى , وبالخصوص قرن الصبر على المصيبة بالصبر على الطاعة وعن المعاصي .

وأعلم : إنه كما أجر عظيم للطاعات ، فإن لعظمة الأمر في المعصية تكاد السماوات تتفطر والجبال تهيل وغيرها من الأمور التي تعرفنا عظمة المعصية للعظيم في أرضه وملكوته ، وكذلك عظمة الطاعة له وثوابها العظيم ، ولكن ذكرت هذا الإشعاع كمقدمة لنعرف حكمة الله في خلقه وكيف يختبرهم ويبتليهم ليصفى المخلصون له بكل حال ، وقد عرفت أن أعلاهم منزلة كانوا أئمة فضلا عن أجرهم الأخروي، وإن أتباعهم كانوا مع أئمة الحق في أعظم منزلة أعدت لأولياء الله العظيم .

وإن في الآخرة : هي العزة والملك الخالد والكرامة العظيمة ، وليس ملك الدنيا فإن الدنيا لا تساوي شيء عند الله ، ولذا ملّكها للمؤمن والكافر وداول الأيام فيها كما عرفت في الحديث أعلاه ، وإنه تعالى رغب بالصبر على البلاء بما عرفت من الآيات والأحاديث العظيمة ، وطالبنا بالتوجه له بأعلى إخلاص في دينه القويم ذو الصراط المستقيم لهداه ولنعيمه ولملكه العظيم ، ولذا ولو طال الأمر نذكر هذا الحديث في ضرورة التوجه لله بكل إخلاص وعدم الرغبة في الدنيا مع هجر الآخرة وعمل الحرام فإنه له عقاب عظيم ، والحلال يجب أن يخرج من حقوقه وما يجعله في طاعة الله بكل أعطاء للبدن والروح والملك الخارجي ، فتدبر الحديث الشريف الآتي :

عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ :

خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَقَالَ :

الْحَمْدُ لِلَّهِ : الْخَافِضِ الرَّافِعِ ، الضَّارِّ النَّافِعِ ، الْجَوَادِ الْوَاسِعِ ، الْجَلِيلِ ثَنَاؤُهُ ، الصَّادِقَةِ أَسْمَاؤُهُ ، الْمُحِيطِ بِالْغُيُوبِ ، وَ مَا يَخْطُرُ عَلَى الْقُلُوبِ ، الَّذِي جَعَلَ الْمَوْتَ بَيْنَ خَلْقِهِ عَدْلً ، وَ أَنْعَمَ بِالْحَيَاةِ عَلَيْهِمْ فَضْلًا ، فَأَحْيَا وَ أَمَاتَ ، وَ قَدَّرَ الْأَقْوَاتَ ، أَحْكَمَهَا بِعِلْمِهِ تَقْدِيراً ، وَ أَتْقَنَهَا بِحِكْمَتِهِ تَدْبِيراً ، إِنَّهُ كَانَ خَبِيراً بَصِير .

هُوَ الدَّائِمُ : بِلَا فَنَاءٍ ، وَ الْبَاقِي إِلَى غَيْرِ مُنْتَهًى ، يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْضِ وَ مَا فِي السَّمَاءِ ، وَ مَا بَيْنَهُمَا وَ مَا تَحْتَ الثَّرَى .

أَحْمَدُهُ بِخَالِصِ حَمْدِهِ الْمَخْزُونِ : بِمَا حَمِدَهُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَ النَّبِيُّونَ ، حَمْداً لا يُحْصَى لَهُ عَدَدٌ ، وَ لَا يَتَقَدَّمُهُ أَمَدٌ ، وَ لَا يَأْتِي بِمِثْلِهِ أَحَدٌ ، أُومِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ ، وَ أَسْتَهْدِيهِ ، وَ أَسْتَكْفِيهِ ، وَ أَسْتَقْضِيهِ بِخَيْرٍ ، وَ أَسْتَرْضِيهِ ، وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ بِالْهدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَ آلِهِ .

أَيُّهَا النَّاسُ : إِنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَكُمْ بِدَارٍ وَ لَا قَرَارٍ ، إِنَّمَا أَنْتُمْ فِيهَا كَرَكْبٍ عَرَّسُوا فَأَنَاخُوا ، ثُمَّ اسْتَقَلُّوا فَغَدَوْا وَ رَاحُوا ، دَخَلُوا خِفَافاً ، وَ رَاحُوا خِفَافاً ،  لَمْ يَجِدُوا عَنْ مُضِيٍّ نُزُوعاً ، وَ لَا إِلَى مَا تَرَكُوا رُجُوعاً .

 جُدَّ بِهِمْ فَجَدُّوا : وَ رَكَنُوا إِلَى الدُّنْيَا فَمَا اسْتَعَدُّوا ، حَتَّى إِذَا أُخِذَ بِكَظَمِهِمْ ، وَ خَلَصُوا إِلَى دَارِ قَوْمٍ جَفَّتْ أَقْلَامُهُمْ ، لَمْ يَبْقَ مِنْ أَكْثَرِهِمْ خَبَرٌ وَ لَا أَثَرٌ ، قَلَّ فِي الدُّنْيَا لَبْثُهُمْ ، وَ عُجِّلَ إِلَى الْآخِرَةِ بَعْثُهُمْ ، فَأَصْبَحْتُمْ حُلُولًا فِي دِيَارِهِمْ ظَاعِنِينَ عَلَى آثَارِهِمْ ، و الْمَطَايَا بِكُمْ تَسِيرُ سَيْراً ، مَا فِيهِ أَيْنٌ وَ لَا تَفْتِيرٌ ، نَهَارُكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ دَءُوبٌ ، وَ لَيْلُكُمْ بِأَرْوَاحِكُمْ ذَهُوبٌ ، فَأَصْبَحْتُمْ تَحْكُونَ مِنْ حَالِهِمْ حَالًا ، وَ تَحْتَذُونَ مِنْ مَسْلَكِهِمْ مِثَالًا .

فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا : فَإِنَّمَا أَنْتُمْ فِيهَا سَفْرٌ حُلُولٌ الْمَوْتُ بِكُمْ ، نُزُولٌ تَنْتَضِلُ فِيكُمْ مَنَايَاهُ ، وَ تَمْضِي بِأَخْبَارِكُمْ مَطَايَاهُ ، إِلَى دَارِ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ ، وَ الْجَزَاءِ وَ الْحِسَابِ .

فَرَحِمَ الله :

 امْرَأً رَاقَبَ رَبَّهُ : وَ تَنَكَّبَ ذَنْبَهُ ، وَ كَابَرَ هَوَاهُ ، وَ كَذَّبَ مُنَاهُ ، امْرَأً زَمَّ نَفْسَهُ مِنَ التَّقْوَى بِزِمَامٍ ، وَ أَلْجَمَهَا مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهَا بِلِجَامٍ ، فَقَادَهَا إِلَى الطَّاعَةِ بِزِمَامِهَ ، وَ قَدَعَهَا عَنِ لْمَعْصِيَةِ بِلِجَامِهَا .

رَافِعاً إِلَى الْمَعَادِ طَرْفَهُ :  مُتَوَقِّعاً فِي كُلِّ أَوَانٍ حَتْفَهُ ، دَائِمَ الْفِكْرِ ، طَوِيلَ السَّهَرِ ، عَزُوفاً عَنِ الدُّنْيَا ، سَأَماً كَدُوحاً لآِخِرَتِهِ .

 مُتَحَافِظاً امْرَأً جَعَلَ : الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ ، وَ التَّقْوَى عُدَّةَ وَفَاتِهِ ، وَ دَوَاءَ أَجْوَائِهِ ، فَاعْتَبَرَ وَ قَاسَ ، وَ تَرَكَ الدُّنْيَا وَ النَّاسَ ، يَتَعَلَّمُ لِلتَّفَقُّهِ وَ السَّدَادِ .

 وَ قَدْ وَقَّرَ قَلْبَهُ ذِكْرُ الْمَعَادِ ، وَ طَوَى مِهَادَهُ ، وَ هَجَرَ وِسَادَهُ.

 مُنْتَصِباً عَلَى أَطْرَافِهِ : دَاخِلًا فِي أَعْطَافِهِ ، خَاشِعاً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، يُرَاوِحُ بَيْنَ الْوَجْهِ وَ الْكَفَّيْنِ ، خَشُوعٌ فِي السِّرِّ لِرَبِّهِ ، لَدَمْعُهُ صَبِيبٌ ، وَ لَقَلْبُهُ وَجِيبٌ ، شَدِيدَةٌ أَسْبَالُهُ ، تَرْتَعِدُ مِنْ خَوْفِ الله عَزَّ وَ جَلَّ أَوْصَالُهُ .

 قَدْ عَظُمَتْ فِيمَا عِنْدَ الله رَغْبَتُهُ : وَ اشْتَدَّتْ مِنْهُ رَهْبَتُهُ ، رَاضِياً بِالْكَفَافِ مِنْ أَمْرِهِ ، يُظْهِرُ دُونَ مَا يَكْتُمُ ، وَ يَكْتَفِي بِأَقَلَّ مِمَّا يَعْلَمُ .

أُولَئِكَ وَدَائِعُ الله فِي بِلَادِهِ : الْمَدْفُوعُ بِهِمْ عَنْ عِبَادِهِ .

 لَوْ أَقْسَمَ أَحَدُهُمْ : عَلَى الله جَلَّ ذِكْرُهُ لَأَبَرَّهُ ، أَوْ دَعَا عَلَى أَحَدٍ نَصَرَهُ الله ، يَسْمَعُ إِذَا نَاجَاهُ ، وَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِذَا دَعَاهُ ، جَعَلَ الله الْعَاقِبَةَ لِلتَّقْوَى ، وَ الجنة لِأَهْلِهَا مَأْوًى ، دُعَاؤُهُمْ فِيهَا أَحْسَنُ الدُّعَاءِ ، سُبْحَانَكَ اللهمَّ .

  دَعَاهُمُ الْمَوْلَى : عَلَى مَا آتَاهُمْ ، وَ آخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[12] .

يا طيب : عرفت ضرورة الجد والاجتهاد في طاعة الله والصبر على بلائه وثوابه العظيم وأهميته في الدين ، وعرفنا موعظة تذكرنا الصبر وما يرغب بالآخرة والطاعات لنرغب بما عند الله من الثواب العظيم ، وقد عرفت بعضه ، والآن نذكر بعض آيات وأحاديث العقاب والعياذ بالله لمن يعصي الله ، لنعرف عظمة الذنب وحرمته الكبيرة التي يجب التحرز منه لأنه معصية للعظيم ، وكذا ثواب الله العظيم على الطاعة عظيم ، وقد عرفنا ثواب الصبر على البلاء وأسه من العلم والعمل بما يرض الله تعالى ، وبكل إخلاص يمكن أن يظهر به مخلوق يحب أن يكون عظيما بفضل الله العظيم ، ولمعرفة هذا الأمر تدبر الأشعة الآتية حتى يأتي إشراق يعرفنا عروج الروح المؤمنة حقا من البدن لتنال أعلى كرامة لها وعظمة تصيبيها في أول حالها حين هجر الدنيا والارتحال عن بلائها والاختبار الذي جعله العظيم فتنة ، وبه يخلص بها عباده المخلصون ويبين صدقهم في الكون معه في كل حال ، فيثيبهم على طاعته بأعلى كرامة ومجد ونور وبهاء عظيم .

 

الإشعاع الثاني :

عظمة المعصية العظيمة فضلا عن الكفر والشرك والنفاق :

سبحان ربي العظيم وبحمده سبحان ربي الأعلى وبحمده :

يا طيب : كل غفلة عن الله وإن كانت مباحة فهي تفوت فضلا عظيما ، وكذا كل معصية وإن صغرت تعد كبيرة وعظيمة ، هذا للعارف والمتيقن بعظمة الله العظيم وأخذه الشديد ، وتوجد مسألة أصولية يبحثها طلاب الحوزة العلمية ، بأنه هل الأصل عقلا عند الشك في الحكم ، البراءة أو الأصل الاحتياط ؟ ومتى تجرى البراءة وما مقدار الفحص الذي يجب على الإنسان حتى يجريها وغيرها من الأمور ، وقد أخذ السيد الصدر رحمه الله أصل الاحتياط عقلا عند الشك بحكم شيء ، وعلى العبد الاحتياط حتى يتيقن عدم الأمر به أو النهي عنه ، وهكذا كل من يعرف عظمة الله عقلا لا يقدم على أمر يخالف أمر الله سواء يخالف أمر طاعته أو يخالف أمر نهيه وتحذيره حتى في حالة الشك في الأمر والنهي ، وإن كان شرعا الله رخص لنا بإجراء البراءة في كثير من المواد حتى ذكروا أن حكم العقل الاحتياط وحكم الشرع البراءة ، وذاك للطف الله بعباده وتسهيله لأحكامه وإنه يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر ، ولا يكف الله نفسا إلا سعتها لا فوق طاقتها ، وكل عسر سهله الله علينا ، حتى كانت بحق شريعتنا يسيرة المنال لمن يطلبها حقا ، وسهلة التطبيق لمن يكون له أقل جد يطلب به الكمال الواقعي الأبدي ، بل والدنيوي وراحة البال والاطمئنان وصفاء النفس التي لا تعرف الاضطراب لتوكلها على الله وتفويض الأمر إليه ورضاها بقضائه وقدره .

وحقا يا طيب : من يتصور ما يجب على الإنسان من العبادات يراها يسيرة ولها ثواب عظيم ، وإن المعاصي ليس أفعال بل ترك الفعل وكف النفس ، ولذا كان على الإنسان العاقل أن يطيع عبادة يسيرة يسرها الله ليعظم بوجوده ولا يفكر بالمعصية أبدا ، وقد ذكرنا بعض الحقوق وما يجب مجملا وإن كان واسعا في صحيفة الطيبين بدل الأبرار والمقربين ، بل عقدا بحث واسعا في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام بينا فيه عظمة ظلمة الذنوب ، وعظمة نور الطاعات ، وهنا ليس بحث في الذنوب والكبائر العظيمة بالتفصيل ، بل هو ترغيب وتحذير حتى نعرف أجرنا العظيم ونستعد لتقبله .

فإنه من يعرف عظمة الله : يعتقد إنه يجب عليه أن لا يفكر بالمعصية أبدا ، وإن صدرت منه غفلة ونسيانا يبادر للتوبة فورا ، وقد ذكرنا بعض الكلام في نور أسم التواب والغفور والعفو وضرورة التحقق بنور هذه الأسماء ولو حتى من غير ذنب ، فنستغفر الله ونتوب إليه ، ونطلب منه أن يعفوا عنه ، وأن نراعي حقوق الناس وربنا وأحوال نفسنا والآخرين وما لنا وما علينا من الحقوق ، وكل ما يوصله للعظمة من مكارم الأخلاق فنتعلمها ، ونتوجه لله بإخلاص وصفاء لننال العظمة منه .

ويا طيب : قد وضعت كتب في تعريف المعاصي وما نهي عنه في الإسلام وما يبعد عن الله وثوابه العظيم ، وهنا ليس مورد بحثها فراجع تفاصيلها في مواردها ،، وسيأتي في اسم الله الشافي بيان لحديث في مناهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وفيه بيّن عظمتها وكبرها وشدة العذاب لبعضها ونسأل الله اللطيف الشافي أن يشفينا منها ، ولا يؤاخذنا بسبب ارتكابها لغفلة بعذابه العظيم ، كما أنه يذكر عرضا ثواب عظيم لبعض الطاعات والحقوق إن حببت فراجعه هناك .

ويا طيب : وإن كان أغلب الذنوب تسمى كبيرة لوجود المقايسة بين بعضها العض ، وإن الإصرار على الذنب الصغير وعدم التوبة يصير الذنب ذنب كبير ، ولكن العقاب المترتب عليها عظيم من الله العظيم ، ولذا نذكر أهم الذنوب العظيمة بعد الظهور بالإسلام ، وبعد إن عرفنا وسنعرف إن الشرك والكفر والنفاق ظلم عظيم وله عذاب عظيم وهي أس الكبائر وذنوب لا تغفر أبدا .

 ولكن الغفران والعفو والتوبة : هي لمؤمن يأتي بذنب عظيم ، وثم يندم ويصدق النية في التوبة لله ، ولا يصر على المعصية ولا يأنس بها حين ذكرها وتذكرها ، بل يكون صادق التوبة ، فيخاف الله ويلوم نفسه كلما تذكره ، فهذا قد يتجاوز عنه الله ، بل الله غفور عفو تواب رحيم لطيف شافي ، يذهب بكل تبعة للمعصية إذا توجه العبد لله وسيأتي هنا وفي اسم الله الشافي بعض الأدعية التي تخلصنا وتشافينا منها ، ولذا هنا لا نذكر ذنوب الكفار والمنافقين والمشركين لأنها مسلمة عظيمة ولهم عذاب عظيم ، ولكن نذكر طرف مما يكون أسس الضلال العظيم المبعد عن الدين العظيم ، والذي لا يرضى الله به حتى لو أظهر العبد التعبد له به ، فنذكر بعض الآيات والأحاديث التي تبين عظمة بعض الذنوب والعياذ بالله منها فتدبر وأحذر وأبتعد عنها :

قال الله العظيم : { تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّ (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَانِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَانِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَانِ عَبْدً (93) } مريم .

يا طيب : إن ما يوصل للكفر والشرك والنفاق وكل ما يبعد عن شؤون معرفة عظمة الله ذنب عظيم ومعصية كبيرة ، ولذا ترى لمجرد دعوا له تعالى ولد وليس شريك تكاد السماوات أن تتفطر من هذا القول ، وتنشق الأرض والجبال تهد وتنهار لعظيم الفرية والقول الباطل الظالم ، والذي ينزل الله عن شأن عظمته وكبرياءه ومجده ويحده بخلق من خلقه .

وإذا عرفنا عظمة : الكفر والشرك والنفاق وما ينزل الله عن عظمته وكبرياءه ، نعرف إنه من يشرك بالله لا يستحق الإمامة والولاية الإلهية في تدبير خلقه بهداه العظيم ، وكما عرفت في قوله تعالى حين جعل الإمامة لنبي الله إبراهيم عليه السلام ، وفي ذريته ، فقال لا ينال عهدي الظالمين ، وذلك لأنهم أشركوا فترة من الزمن حتى لو على فرض أسلموا وتابوا ، ولكن لا يصلون لحد الإمامة والولاية ، فأتلو قول العظيم:

{ وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) } البقرة .

وقد جاء في الخصال بسنده عن المفضل‏ بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عليهم السلام قال سألته عن قول الله عز وجل :

{ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) } البقرة .

 عنى به أن الإمامة : لا تصلح لمن قد عبد صنما أو وثنا أو أشرك بالله طرفة عين ، و إن أسلم بعد ذلك ، و الظلم وضع الشيء في غير موضعه ، و أعظم الظلم الشرك ، قال الله عز و جل : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) } لقمان .

 و كذلك لا تصلح الإمامة : لمن قد ارتكب من المحارم شيئا صغيرا كان أو كبيرا ، و إن تاب منه بعد ذلك ، و كذلك لا يقيم الحد من في جنبه حد ، فإذا لا يكون الإمام إلا معصوم ، و لا تعلم عصمته إلا بنص الله عز و جل عليه على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، لأن العصمة ليست في ظاهر الخلقة فترى كالسواد و البياض وما أشبه ذلك ، وهي مغيبة لا تعرف إلا بتعريف علام الغيوب عز وجل [13].

وقد عرفت يا طيب : إن من لم يتبع إمام الحق أو لم يكن من يعلمه دينه متعلم منه ، فيكون مخالفه له ، يكون قد عبد الله بدين لم يرضاه ، ويكون إمامه إما كاتم لدين الله أو غير عالم به وعلى كل حال يكون ملعون وله عذاب عظيم .

 ولذا كانت أهم مسألة : بعد الإيمان بالله ورسوله نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، أن نعرف خليفة بالحق وإمام الهدى وولي أمر الله المنعم عليه بدين الله تعالى ، وإن من يهجر إمام الحق يكون كاتم لدين الله ومعلم لغيره وهذا ما قال الله العظيم في حق من يعبده بغير دينه الحق إنه يصدق عليه :

{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهدى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ الله وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ (162)

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ الله مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النار وَلاَ يُكَلِّمُهُمْ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلاَلَةَ بِالْهدى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النار (175) ذَلِكَ بِأَنَّ الله نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176) } البقرة .

يا طيب : لا يعبد الله بدين لم ينزله ، وفي شقاق بعيد من يدعي دين الله عنده وهو خليفة رسول الله والقائم بأمر الله في عباده وليس له شهادة من الله ورسوله ، لأنه عرفت إن أمر هدى الله عظيم وليس لكل أحد أن يتحمل الإمامة للمسلمين من دون اختيار الله واصطفائه له ، ولذا يكون بكل تعليم مخالف للإمام الحق ، ويكون ليس في دين الله وهو في معصية عظيمة بنسبته خلافته أو ضلال مخالف للإمام الحق المختار لأمر لله العظيم والأنباء عنه ،  وفي ذنب كبير بتعليمه للناس على أنه دين الله وهو من فكره وقياسه ويجعل الناس في مخالفة إمام الحق والبعد عن طاعته ووده كما أمر الله .

 ولذا يا طيب : إنه بعد أن يخلص الإنسان على فرض من الكفر والشرك والنفاق ، لكنه قد لا يكون له دين مرضي يعبد به الله لأنه تبع من لم يكن إمام حق ، وبسب تساهله وعدم طلبه للدين الحق من الإمام الحق ، ويكون إما مقصر فيكون له ذنب عظيم ، أو مستضعف وقاصر لم يتمكن أن يصل للحق لأنه ليس أهل بحث وتحقيق في الدين ، وهذا لا يكون إلا لأبله ، وإلا كل الناس عقلاء ويطلبون الأصلح في كل شيء ، فكيف لما يصل الأمر لأعظم أمر وهو التوجه للعظيم يقصر ولا يطلب ما يصلحه مع الله حقا ، وليقيم دينه واقعا فيعظم عنده عند العلم والعمل به ، وبالخصوص من عرف إن المسلمين اختلفوا بعد رسول الله وتحاربوا الصحابة بعده ، وكان فيهم إمام حق وأتباع ، وإمام ضال عنه وأتباع ، ومن يجرأ على قتل المسلمين على المنصب والحكومة والمال فهو أكثر جرأه على التقول على الله والتعبد بدون علم والتظاهر بالمعرفة ليدعم مقولته وليرسخ حكومته وليبين أنه عالم ليتبع فيخترع من عنده كل ما يثبت سلطانه ، بل يغري وعاظ ومتكلمين يفتون له ويصححون فعله ويحرمون مخالفته ، بالخصوص حين نعرف أن من كان أبوه إمام كفر وهو وزيره كما كان بني أمية ، أو من نصبهم كيف تعاضدوا على غصب خلافة رسول الله من الإمام الحق وأبعدوه ، وإن النبي كان وزيره الإمام علي وهو قائد كل معركة مهمة كما عرفت في تأريخ الإسلام كبدر وأحد والأحزاب وخيبر وغيرهن ، ولم يجعل رسول الله عليه أمير أبدا في كل غزوه ومهمة بعثه بها بل هو الأمير عليهم بعده .

والله العظيم : بما يقارب الثلاثمائة آية في الكتاب العظيم لكلامه المجيد حكى بها عن المنافقين في الإسلام ، وأنهم يكيدون الدين وينقلبون ويحرفون ويتربصون بالإسلام الدوائر وقد ذكرنا قسم كبير منها في صحيفة الثقلين ، وإليك قسم ما يحكيه الله العظيم عن المنافقين في قوله العظيم :

 { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ

وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) } التوبة .

فهي آية عظيمة : تعرفنا أن في المدينة والأعراب منافقون بل مردوا على النفاق أي لا يتوبون ومصرين على النفاق ، ولهم عذاب عظيم ، وفي آية أخرى يعرفنا أنهم ينكثون أيمانهم ويكونوا أئمة كفر يحاربون إمام الحق كما في قوله العظيم سبحانه :

{ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مــِنْ بَعـــْدِ عَهْدِهِــــمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ
 فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12)
أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَالله أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ
(13) } التوبة .

يعرفنا الله العظيم : إن الناكثين والمارقين على الدين والقاسطين في تحريف الدين والظهور به نفاقا كثيرون ، وإنه لولا أهميتهم وعظيم خطرهم لم ينبه الله عنهم بهذا الكم الكبير من الآيات في كتابه المجيد لو راجعته ، وإنه الله حذرهم وحذرنا من إتباع أئمة الكفر أو من يجعلوه يوعظ عنهم كما عرفت في الآيات أعلاه وفي قوله تعالى :

{ وَلاَ تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ الله وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94) } النحل .

فإنه يا طيب : البعض باسم الدين والتظاهر به يحرف الناس عن الحق وهدى الله العظيم ، والذي يحب أن يعبد به فيعظم من يطيع الله به ، ويكون بصده سواء بمتابعته لإمام ضال وتعريفه لدينه له عذاب عظيم ويكون من المنافقين ، ويمنع حتى في حين العبادة وبكثرة الأتباع المصلين خلفه عن دين الله الحق ، ويعبد وبخشوع وخضوع ظاهر وهو بأعظم بُعد عن الله العظيم ، لأنه إمام منحرف عن إمام الحق وأتباع متبعي إمام الضلال ، وهذا عظيم أمره في الإسلام أن يكون في مسجد محتشدين به كثير من المصلين ولكنهم يصدون عن سبيل الله كما قال تعالى :

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ الله أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا  أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يدخلوها إلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) } البقرة .

فإنه يا طيب : إمام الضلال حتى لو كان بعده ومعه ناس كثيرون يحضرون المسجد على دينه وليس على دين إمام الحق فهو وهم في ضلال وهم منعوا مساجد الله من ذكره حتى حين ذكره ، وإنه كم من تالي للقرآن والقرآن يلعنه لأنه يدعوا للضلال عن الهدى الحق بتصرفه أو بمتابعته لضال ، والله يحب أن يعبد بما علمه أئمة الحق المصطفين الأخيار الذين لهم أجر عظيم ، وإذا عرفنا أمرا خطيرا في الإسلام ، وهو بعد الخلاص من الكفر والشرك والنفاق ، فإنه  قد يتبع الإنسان إمام ضال فيرجع واقعا لأحد طوائف الكفر والشرك والنفاق يدري بنفسه ، أو لا يدري لأنه مقصر في معرفة الحق ، فيكون له ذنبا عظيما لعدم جده في طلب دين الله الواقعي وصراطه المستقيم الموصل لأعظم نعيم، فيكون كإمامه الضال المضل في عذاب عظيم .

فإن خراب المساجد : ليس خراب منظرها فقد تكون عامرة بالبناء والمنظر العالي الجذاب ، ولكن من فيها لا يتبعون الإمام الحق ولا على دينه ، فيعبدون ظاهرا الله ولله لم يرضاهم لأنه على دين أئمة الضلال ، ويكونوا معهم لهم عذاب عظيم .

وبعد أن عرفنا يا طيب : أمر الشرك والنفاق والكفر والضلال ، وإن ذنبه عظيم وعرفنا أمرا أخر خطيرا ، وهو أنه إتباع أئمة الكفر والضلال وبه يكون صاحبهم منهم وأنه يوصل للعذاب العظيم ، وهذا بنص كتاب الله وإليك هذا الحديث لإمام حق .

فعن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الكبائر سبع ، فينا أنزلت ، و منا استحلت .

 فأولها : الشرك بالله العظيم ، وقتل النفس التي حرم الله قتلها ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين ، وقذف المحصنة ، والفرار من الزحف ، وإنكار حقنا .

فأما الشرك بالله : فقد أنزل الله فينا ما أنزل ، و قال رسول الله صلى الله عليه وآله فينا ما قال ، فكذبوا الله و رسوله و أشركوا بالله [14].

و أما قتل النفس : التي حرم الله قتلها ، فقد قتلوا الحسين بن علي و أصحابه .

وأما أكل مال اليتيم : فقد ذهبوا بفيئنا الذي جعله الله لنا وأعطوه غيرنا .

وأما عقوق الوالدين : فقد أنزل الله ذلك في كتابه ، فقال : النَّبِيُّ أَوْلى‏ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ، فعقوا رسول الله  في ذريته و عقوا أمهم خديجة في ذريتها .

و أما قذف المحصنة : فقد قذفوا فاطمة عليه السلام على منابرهم .

و أما الفرار من الزحف : فقد أعطوا أمير المؤمنين بيعتهم طائعين غير مكرهين ، ففروا عنه و خذلوه .

و أما إنكار حقنا : فهذا ما لا ينازعون فيه[15] .

وإذا عرفنا : عظمة ذنب الكفر والشرك والنفاق وما يوقع فيهما من الضلال .

نذكر الآن : شيء عن حال المؤمن العاصي وذنبه العظيم ، فإنه قد يعرف الإنسان دينه من إمام الحق ، ويعرف أحكامه وهذا حقا وواقعا حلال وحرام ، وهو على مذهب الحق لنبينا وآله الطيبين الطاهرين ، ولكنه مع ذلك يعصي ويذنب ، إما بهجر طاعة وعدم صلاة أو زكاة أو غيرها أو يأتي بمحرم من المحرمات ، وهذا أيضا له ذنب عظيم ومعصية كبيرة ، وقد يكون له عذاب عظيم ، لأنه ليس مجرد الإيمان ومعرفة الدين يكفي ، بل يجب التحقق بنور طاعته حقا مخلصا لله تعالى من غير رياء ولا عجب ولا فخر ولا غيره مما يخرجه عن الإخلاص ، وهذا لإتيان الواجب فضلا عن وجوب عدم التحقق بالمعصية وظُلماتها وعدم ارتكاب محرم فيذنب ذنب عظيم .

والمؤمن : حقا يجب أن لا يفكر بذنب ويجب أن يتوب من ذنوبه رأسا ودائم التوبة وطلب العفو من الله ولا يصر على معصية ، بل يجب أن لا يفكر بها لأنه أمرا خبيثا سيئا ، بل يحب الطيبات والحلال المباح وكل ما يوصله لطاعة الله ، فإنه في دين عظيم لم يحرم به إلا الخبائث ، وحلل به الطيبات وما يصلح للإنسان في وجوده بنفسه وفي مجتمعه ومع الله فينال الأجر العظيم ، ولذا قال الله العظيم :

{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ

يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ

وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ

وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ

فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النور الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (157) } الأعراف .

فالمؤمن : حقا لا يوسخ نفسه بالمحرمات والخبائث الغير مباحة ولا طيبة ، ولا يصر على المعصية فيقيد نفسه بذنب عظيم يعذب عليه ، لأنه ذو أمر عظيم :

فعن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام قال :

 إذا عظمت الذنب ، فقد عظمت الله .

و إذا صغرته فقد صغرت الله ، لأن حقه في الصغير و الكبير .

و ما من ذنب عظيم عظمته إلا صغر عند الله تعالى .

و لا من صغير صغرته إلا عظم عند الله عز و جل[16] .

وعَنْ عَنْبَسَةَ الْعَابِدِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ :

 إِنَّ الله يُحِبُّ الْعَبْدَ أَنْ يَطْلُبَ إِلَيْهِ فِي الْجُرْمِ العظيم .

 وَ يُبْغِضُ الْعَبْدَ أَنْ يَسْتَخِفَّ بِالْجُرْمِ الْيَسِيرِ[17] .

يا طيب : إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ، وإن الذنوب بعد الإيمان ومعرفة الحق عظيمة إذا أستخف بها الإنسان ولم يعالجها بالتوبة الصادقة والإنابة والرجوع إلى الله حقا ، فإنه لا كرامة إلا بالتقوى وحب الله والتوجه له بدينه الحق من غير حرام ، وذلك لكي يعظم العبد في نفسه وفي أجره بفضل الله ، ومن تكون نيته خالصة مع الله يحب أن يرجوا الله ويخافه ويخشاه ، وأن يبين عليه أثار الصلاح والتوبة والخوف من الذنوب ، وكما قال الإمام علي عليه السلام بما يحكي عن أحد معاصريه :

يَدَّعِي بِزُعْمِهِ أَنَّهُ يَرْجُو الله ، كَذَبَ وَالعظيم !

مَا بَالُهُ لاَ يَتَبَيَّنُ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلَهِ ؟ فَكُلُّ مَنْ رَجَا عُرِفَ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ .

... يَرْجُو الله فِي الْكَبِيرِ ، وَيَرْجُو الْعِبَادَ فِي الصَّغِيرِ ، فَيُعْطِي العَبْدَ مَا لاَ يُعْطِي الرَّبَّ ! فَمَا بَالُ الله جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَصَّرُ بِهِ عَمَّا يُصْنَعُ بِهِ بِعِبَادِهِ ؟  أَتَخَافُ أَنْ تَكُونَ فِي رَجَائِكَ لَهُ كَاذِباً ؟ أَوْ تَكُونَ لاَ تَرَاهُ لِلرَّجَاءِ مَوْضِعاً ؟

 وَكَذلِكَ إِنْ هُوَ خَافَ عَبْداً مِنْ عَبِيدِهِ ، أَعْطَاهُ مِنْ خَوْفِهِ مَا لاَ يُعْطِي رَبَّهُ ، فَجَعَلَ خَوْفَهُ مِنَ الْعِبَادِ نَقْداً ، وَخَوْفَهُ مِنْ خَالِقِهِ ضِماراً وَوَعْداً .

وَكَذلِكَ مَنْ عَظُمَتِ الدُّنْيَا في عَيْنِهِ : وَكَبُرَ مَوْقِعُهَا مِنْ قَلْبِهِ ، آثَرَهَا عَلَى الله ، فَانْقَطَعَ إِلَيْهَا ، وَصَارَ عَبْداً لَهَا .

وَلَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله : كَافٍ لَكَ فِي الاَُْسْوَةِ ، وَدَلِيلٌ لَكَ عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا وَعَيْبِهَا ، وَكَثْرَةِ مَخَازِيهَا وَمَسَاوِيهَا ، إِذْ قُبِضَتْ عَنْهُ أَطْرَافُهَا ، وَوُطِّئَتْ لِغَيْرِهِ أَكْنَافُهَا وَفُطِمَ مِنْ رَضَاعِهَا ، وَزُوِيَ عَنْ زَخَارِفِهَا .

يا طيب : عرفت إن المؤمن مبتلى وليس البلاء فقط المرض وتسلط ظالم ، بل قد يلهى بمال ودنيا ، ويجب أن يراقب نفسه ، فإنه ليس حرام أن يملك من حلال أدى حقه ، ولكنه العيب والذنب أن يشغله الحلال عن ربه ، فإن رسول الله في أخر سني عمره ملك الجزية وكانت تأتيه الصدقات والخمس من كل مكان ، ولكنه كان عزف عن زخارف الدنيا ولم تلهيه ، فالمؤمن يتجمل بالحلال ولا يلهى عن الله وشكره ولا يجمع لغيره بما يذم عليه ، كما أنه لا يتعبد مرائيا طالبا لغير الله ولا الفخر والعجب ، فإنه جاء عن الإمام علي عليه السلام :

وفي تفسير الإمام العسكري : سئل أمير المؤمنين عليه السلام :

عن العظيم الشقاء ؟

قال : رجل ترك الدنيا للدنيا ، ففاتته الدنيا و خسر الآخرة .

و رجل تعبد و اجتهد و صام : رئاء الناس فذاك الذي حرم لذات الدنيا ، و لحقه التعب الذي لو كان به مخلصا لاستحق ثوابه ، فورد الآخرة و هو يظن أنه قد عمل ما يثقل به ميزانه ، فيجده هباء منثورا .

 قيل : فمن أعظم الناس حسرة ؟

قال : من رأى ماله في ميزان غيره ، و أدخله الله به النار ، و أدخل وارثه به الجنة . قيل : فكيف يكون هذا ؟

 قال : كما حدثني بعض إخواننا عن رجل دخل إليه و هو يسوق ، فقال له : يا أبا فلان ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق ما أديت منها زكاة قط ، و لا وصلت منها رحما قط ؟ قال فقلت : فعلام جمعتها ؟ قال : لجفوة السلطان ، و مكاثرة العشيرة ، و تخوف الفقر على العيال ، و لروعة الزمان .

 قال : ثم لم يخرج من عنده حتى فاضت نفسه .

 ثم قال علي عليه السلام : الحمد لله الذي أخرجه منها ملوما بباطل جمعها ، و من حق منعها ، جمعها فأوعاها ، و شدها فأوكاها ، قطع فيها المفاوز القفار ، و لجج البحار ، أيها الواقف لا تخدع كما خدع صويحبك بالأمس .

 إن من‏ أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى ماله في ميزان غيره ، أدخل الله عز و جل هذا به الجنة و أدخل هذا به النار[18].

يا طيب : بعد إن عرفنا ضرورة معرفة الحق من دين الله ويجب الطاعة مخلصين لله الدين ، فإنه جاءت أحاديث كثيرة تعظم بعض الذنوب وتحذر من خطرها كالعجب والرياء والتكبر والحسد والغيبة والنميمة والزنا واللواط والكذب والافتراء والقول بغير علم والغش والسرقة وكتم العلم وتحريف الحق وشهادة الزور وأذية المؤمن والفخر وغيرها الكثير حتى عدو منها سبعمائة ، وإن الصغيرة تعد كبيرة ما لم يحذر منها الإنسان ويتوب ، وراجع ما ذكرنا في حكم النبي صلى الله عليه وآله في صحيفة النبوة أو ما ذكرنا من الحقوق في صحيفة الطيبين ويأتي بحث واسع في صحيفة الإمام الحسين عليه السلام ، وسيأتي حديث يفصل هذا المعنى أعلاه وفي مناهي رسول الله في اسم الله الشافي منها .

 وقد جاء مثالا في الغيبة عن الإمام علي عليه السلام في غرر الحكم قال :

لا تعود نفسك الغيبة فإن معتادها عظيم الجرم[19] .

هيهات أن ينجو الظالم من أليم عذاب الله و عظيم سطواته[20] .

وهنا ذكرنا بعض الذنوب العظام : وبشكل كلي وأهمها ، ولمعرفة المزيد راجع الكتب المتخصص في تعداد المحرمات الإلهية وقد ذكرنا طائفة منها في اسم الله التواب، بل حتى الطاعات يجب أن نخلص بها لله تعالى ، ولا نريد بها فخرا ولا رياء يبعد عن الله ، فإنها ترد ويكون العبد عاصي وذو ذنب يؤخذ عليها ، وإن كان مصرا فله عذاب عظيم ، ونكتفي بهذا الحديث مع طوله ، فإنه يعرفنا عظمة بعض الذنوب التي تحجب الطاعات ، و يعرفنا شدة الحساب وضرورة الإخلاص لله :

عن عبد الواحد عن رجل عن معاذ بن جبل قال قلت : حدثني بحديث سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حفظته و ذكرته كل يوم من دقة ما حدثك به . قال : نعم و بكى معاذ ، فقال : اسكت فسكت ، ثم قال : بأبي و أمي حدثني و أنا رديفه ، قال : فبينا نسير إذ رفع بصره إلى السماء .

فقال : الحمد لله يقضي في خلقه ما أحب .

قال : يا معاذ ، قلت : لبيك يا رسول الله إمام الخير و نبي الرحمة .

فقال : أحدثك ما حدث نبي أمته ، إن حفظته نفعك عيشك ، و إن سمعته و لم تحفظه انقطعت حجتك عند الله .

 ثم قال : إن الله خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السماوات ، فجعل في كل سماء ملكا قد جللها بعظمته ، و جعل على كل باب منها ملكا بوابا .

 فتكتب الحفظة : عمل العبد من حين يصبح إلى حين يمسي ، ثم ترتفع الحفظة بعمله له نور كنور الشمس ، حتى إذا بلغ سماء الدنيا ، فيزكيه و يكثره ، فيقول له : قف فاضرب بهذا العمل على وجه صاحبه ، أنا ملك الغيبة فمن اغتاب لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ، أمرني بذلك ربي .

ثم يجيء من الغد : و معه عمل صالح ، فيمر به و يزكيه و يكثره ، حتى يبلغ السماء الثانية ، فيقول الملك الذي في السماء الثانية :  قف فاضرب بهذا العمل على وجه صاحبه ، إنما أراد بهذا العمل عرض الدنيا ، أنا صاحب الدنيا لا أدع عمله يتجاوز إلى غيري .

قال : ثم يصعد بعمل العبد مبتهجا بصدقة و صلاة ، فتعجب الحفظة و تجاوزه إلى السماء الثالثة ، فيقول الملك : قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه و ظهره ، أنا ملك صاحب الكبر ، فيقول : إنه عمل تكبر فيه على الناس في مجالسهم ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري .

قال : و تصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كالكوكب الذي في السماء له دوي بالتسبيح و الصوم و الحج ، فيمر به إلى ملك السماء الرابعة ، فيقول له : قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه و بطنه ، أنا ملك العجب : فإنه كان يعجب بنفسه ، و أنه عمل و أدخل نفسه العجب ، أمرني ربي ألا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري ، فاضرب به وجه صاحبه .

قال : و تصعد الحفظة بعمل العبد كالعروس المرفوعة إلى أهلها ، فيمر به إلى ملك السماء الخامسة ، بالجهاد و الصلاة ما بين الصلاتين ، و لذلك رنين كرنين الإبل ، عليه ضوء كضوء الشمس ، فيقول الملك : قف أنا ملك الحسد ، فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه ، و يحمله على عاتقه ، إنه كان يحسد من يتعلم و يعمل لله بطاعته ، فإذا رأى لأحد فضلا في العمل و العبادة حسده ، و وقع فيه فيحمله على عاتقه ، و يلعنه عمله .

قال : و يصعد الحفظة فيمر به إلى السماء السادسة ، فيقول الملك : قف أنا صاحب الرحمة ، اضرب بهذا العمل وجه صاحبه ، و اطمس عينيه ، لأن صاحبه لم يرحم شيئا ، إذا أصاب عبدا من عباد الله ذنب للآخرة ، أو ضر في الدنيا ، شمت به ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري .

قال : و تصعد الحفظة بعمل العبد أعمالا بفقه و اجتهاد و ورع ، له صوت كالرعد ، و ضوء كضوء البرق ، و معه ثلاثة ألف ملك ، فيمر به إلى ملك السماء السابعة ، فيقول قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه ، أنا ملك الحجاب : أحجب كل عمل ليس لله ، أنه أراد رفعه عند القواد ، وذكرا في المجالس ، وصوتا في المدائن ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ما لم يكن خالصا.

قال : و تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من حسن خلق و صمت و ذكر كثير ، تشيعه ملائكة السماوات و الملائكة السبعة بجماعتهم ، فيطئون الحجب كلها حتى يقوموا بين يديه ، فيشهدوا له بعمل صالح و دعاء ، فيقول الله : أنتم حفظة عمل عبدي ، و أنا رقيب على ما في نفسه ، و لم يردني بهذا العمل ، عليه لعنتي ، فيقول الملائكة : عليه لعنتك و لعنتنا .

قال : ثم بكى معاذ ، قال : قلت يا رسول الله ما أعمل ؟ قال : اقتد بنبيك يا معاذ في اليقين . قال : قلت : أنت رسول الله و أنا معاذ بن جبل .

قال : و إن كان في عملك تقصير يا معاذ ، فاقطع لسانك عن إخوانك ، و عن حملة القرآن . و لتكن ذنوبك عليك : لا تحملها على إخوانك ، و لا تزك نفسك بتذميم إخوانك ، و لا ترفع نفسك بوضع إخوانك ، و لا تراء بعملك ، و لا تدخل من الدنيا في الآخرة ، و لا تفحش في مجلسك لكيلا يحذروك بسوء خلقك ، و لا تناج مع رجل و عندك آخر ، و لا تتعظم على الناس فيقطع عنك خيرات الدنيا ، و لا تمزق الناس فيمزقك كلاب أهل النار ، قال الله : وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً ، أ تدري ما الناشطات ، كلاب أهل النار تنشط اللحم و العظم . قلت : من يطيق هذه الخصال ؟ قال : يا معاذ أما إنه يسير على من يسر الله عليه ، قال : و ما رأيت معاذا يكثر تلاوة القرآن كما يكثر تلاوة هذا الحديث [21].

يا طيب : التفكر بعظمة ملك الله يوجب الخشية من الله العظيم ، ومراقبة النفس واجبه وإذا هجم فكر ضال أو يدعو لمعصية ، فتذكر المؤمن الله ويتوب ويستغفر ، والله يخلصه ويفقه لعمل الخير ، ولا تجعل لنفسك الأمارة بالسوء والشيطان وحزبه عليك سبيل، وراجع ما ذكرنا في باب التوبة ، واتلوا ما يرغب بالطاعات والله الموفق.

 

 

الإشعاع الثالث :

الأجر العظيم والفضل العظيم لمن يخلص الطاعة للعظيم :

سبحان ربي العظيم وبحمده سبحان ربي الأعلى وبحمده :

يا يطب : لقد عرفت عظمة الإنسان وأهميته في الوجود بصورة عامة لكل فرد مهما كان حيث سخر له الكون الواسع جدا ، والذي عرفت له أرقام لا يتصور ما تعبر عنه من سعته بل النطق بها يصعب على الخبير حتى حولها إلى سنة ضوئية وفرسخ فلكي وغيرها من الأسماء ، وفوقها عوالم أضعاف مضاعفة في السعة بل يكون كل عالم الشهادة ونجوم الكون المادي كحلقة في صحراء لسماء فوقها وهكذا تتكرر النسبة آلاف المرات حتى الكرسي ، وهكذا تتكرر حتى العرش وفوق العرش مراتب ، ومن العرش يأتي تدبير المؤمن بهدى عظيم من رب عظيم أنزله على عظماء خلقه ، وذلك ليعظم العبد الإنساني ويصلح في كل مراتب وجوده ويسعد براحة واطمئنان واقعي بكل أحواله ، ويكون له ملك يسع الكون كله ، وقد مر حديث شريف يعرفنا إن أجر المؤمن من عباد الله تعالى عند البلاء كما عرفت في حديث ذكرناه في أخر الإشراق السابق بأنه أكبر من ما بين السماء والأرض ، وهذا بعض نصه :

مَنْ صَبَرَ عَلَى الْمُصِيبَةِ : حَتَّى يَرُدَّهَا بِحُسْنِ عَزَائِهَا ، كَتَبَ الله لَهُ :

ثَلَاثَمِائَةِ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ الدَّرَجَةِ إِلَى الدَّرَجَةِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ .

وَ مَنْ صَبَرَ عَلَى الطَّاعَةِ : كَتَبَ الله لَهُ سِتَّمِائَةِ دَرَجَةٍ :

مَا بَيْنَ الدَّرَجَةِ إِلَى الدَّرَجَةِ كَمَا بَيْنَ تُخُومِ الْأَرْضِ إِلَى الْعَرْشِ .

وَ مَنْ صَبَرَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ : كَتَبَ الله لَهُ تِسْعَمِائَةِ دَرَجَةٍ :

مَا بَيْنَ الدَّرَجَةِ إِلَى الدَّرَجَةِ كَمَا بَيْنَ تُخُومِ الْأَرْضِ إِلَى مُنْتَهَى الْعَرْشِ  .

يا طيب : هذا ملك المؤمن حقا ، وعرفت آداب وثواب الصبر ، وعرفت عظمة المعاصي والكف عنها بالصبر وعدم ارتكابها ، وقد حف الأمران بالطاعات بما لهما من الثواب وقدمنا الشرح لأنه في الأمرين هو صبر بكف النفس عن اللجوء للحرام ، وعدم التوجه لظالم أو غش أو خداع لحل المشاكل ، بل التوجه لله لكي يخصنا من مشاكلنا ، وطلب الحلال حتى يتفضل الله علينا ، وبكلها الصبر هو التوجه لله وللصراط المستقيم للكون في طاعته ، وهذا هو الطريق الصحيح لحل الإنسان مشاكل تصيبه ، وهكذا عندما تعترضه معصية ، فإن كانت فكرية يتعوذ بالله من الشيطان وما يمسه فيتذكر الله فيطمئن ، كما يكف نفسه عن التقدم لها وعملها ، وكف النفس عنها ليس عمل ، بل عدم عملها له هذا الأجر حتى يكون فوق العرش تسعمائة مرة ملك له لكف نفسه وعدم الإقدام ، وهكذا كان مجرد الصبر وعدم الجزع ببلاء الله هو له ثلاثمائة مرة من المساحة ما بين الأرض والسماء ، وهذا ثواب عظيم من العظيم لعبد مؤمن لكي يعظم عند الله في كل وجوده وملكه ، وبعد أن خلق من نطفة ثم رباه العظيم بنعمه لكي يكون صاحب أحسن ملك عظيم واسع في خلقه كلهم .

وبعد الذي عرفت يا طيب : من أهمية وجود الإنسان العادي إن آمن وما يكون له من مجد عظيم ذو نور عظيم واسع بكل شيء ينتسب له حتى يرتفع على العرش ، فلا نعجب بعد هذا مما ذكرنا من فضل عظماء الوجود الذين خصهم الله بأكرم نوره ، لكي يهدون العبد والإنسان العادي لما يعظم به حتى يكون معهم ، وما ذكرنا من المنزلة هي لنا ، فكيف بأئمتنا وشأنهم العظيم عند الله العظيم سبحانه وتعالى  .

كما أنه بعدما ما عرفنا : من أهمية المؤمن وما سخر له من ملك الكون سواء لكي يرتاح حتى يطلب الكمال الدائم العظيم من الله العظيم ، وبطلب هداه من عظماء خلقه المنعم عليهم بالملك العظيم من الكتاب والحكمة ، كما عرفت آياتها .

 فكانوا بما يمكن أن يقال : حتى أعظم خلق الله وكتاب الله العظيم مسخر نوره للعبد العادي لكي يؤمن ، ولكي يعلمه عظماء الخلق معاني العظمة فيعظم ، وبعد هذا لا نستبعد ملك المؤمن في الآخرة وعلى أعماله الحسنه وما يعطى به من الثواب العظيم على كل طاعة من الطاعات .

فإن الأرقام : التي تذكر لثواب وفضل كل عباده يعملها المؤمن ، ولو كانت نية أو علما أو قولا فضلا عن حركة وسيرة وسلوك وخلقا ، ليست بشيء بالنسبة لعظمة ملك الله العظيم ومهما كانت عظمتها ، وبعد أن عرفنا إن الكون كله وعظماء الخلق وكلام الله العظيم مسخر له لكي يصل لأعظم مكان مخلوق أعده الله لعباده المؤمنين .

وإذا عرفنا يا طيب : بعض شأن المؤمن وكرامته عند الله في الصبر على البلاء والاختبار بما يضيق عليه من أمور الدنيا من الأمراض أو تسلط ظالم أو ضيق مادي وغيرها ، وما له من الثواب العظيم على مجرد الصبر واحتساب نفسه عند الله ويرضى بقدره وقضاءه ويتوسل به ليحل مشاكله ، وبعد أن عرفنا أهمية الصبر عن المعصية وعدم الوقوع بها وما له من الأجر العظيم والثواب الجزيل ، والذي يفوق كل ثواب ويتجاوز العرش مع أنه ليس عمل بل مجرد كف النفس وعدم الوقوع بالحرام .

نأتي الآن يا أخي المؤمن : لمعرفة بعض الأرقام والأعداد لثواب المؤمن على بعض الطاعات المهمة ، وإن كان كل ما هدانا الله به مهما وله ثواب جزيل وعظيم ، ولكن نختار بعض الأعمال العبادية ونذكر ثوابها العظيم ، لنرغب بالطاعة وتكوين الملك العظيم وسكنه وما يحف بنا من نعيم الأبد من كل حور وقصور وولدان مخلدين وأنهار وآلاف الحل والحلل والخير والبركات ، وفوق حد التصور ، فنذكر بالأرقام التي تعد بآلاف الآلاف وملايين لعمل معين ، وقد يصعب على من لم يطلع على ملك الله العظيم وما ذكرنا من الأرقام للكون الواسع وما يتكرر من نسبه وحجمه بالنسبة لعالم أعلى منه كحلقة في فلاة أي محبس في صحراء تكون الأرقام المذهلة للكون المشهود وما يخمن له بالنسبة لعالم أعلى منه .

ولذا يا طيب : حين نذكر الآن ما لنا ولكم إن شاء الله على ثواب كل طاعة من الحسنات المضاعفة العظيمة ، لا نستغرب بعد أن عرفنا شيء يسيرا وقليل جدا عن ملك الله العظيم ، وإن لم أذكر كثير من الأحاديث التي تبين سعة ملك الله أو خلق الله في ملكه من الملائكة العظام ، وعرفت أن حتى حملت العرش قد سخروا ليستغفروا للإنسان لكي يقيم عبودية الله سبحانه وتعالى ، وبأحسن وجه بعد أن يخلص من المعاصي وما يشغل محل روحه من الذنوب المانعة من نزول نور الأسماء الحسنى عليه بكل عظمة ، وقد مرت قسم من الآيات وهذه بعض الآيات التي تبين بأن ثواب الله عظيم للمؤمن ، وقولنا عظيم يعني حقيقي عظيم يسع السماء والأرض بل قد يجاوز الكرسي والعرش كما عرفت ، ولا نعجب من العظمة التي تصيب المؤمن حقا .

ولذا يا أخي : نذكر بعض الآيات في بيان أهمية المؤمن وما سخر له ، ثم نذكر أحاديث لبعض الأعمال العبادية المختارة وثوابها العظيم ، وأسأل الله أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى من بيان وقراءه نور عظمته المتجلي بالكون على عظماء خلقه ، ومن كان معهم ومنهم بكل كرامة يحف بهم ، وهو برا مع الأبرار وصادقا مع الصديقين وصالحا مع الصالحين بل عظيما مع ومن عظماء خلق العظيم بكل شيء ينتسب له .

 

آيات عظيمة تبين فضل المؤمن وعظمة أمره وملكه وفضله :

يا طيب : قد عرفت آيات تسخير الكون للإنسان وكثير من آيات عظمته وثوابه العظيم في ما مر ، ونذكر قسما من الآيات بدون شرح معتمدين على فطنتك وخبرتك بما مر من معارف العظيم ، وبها تعرف إن شاء الله عظمة وجودك وأهميتك بفضل الله العظيم ، حتى تكون مع أعظم العظماء عبودية للعظيم وخُلقا وملكا حقيقا واقعا من الآن إلى أخر الأبد ، وبفضل الله العظيم حيث قال سبحانه :

{ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَـلِيُّ العظيم (4)

تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ أَلاَ إِنَّ الله هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5) } الشورى .

{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7)

رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِي السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَــوْزُ العظيم (9) } غافر .

{ قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ (31) الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ (32) وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)

وَآتَاكُــم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُــوهُ

 وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَ إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) } إبراهيم .

{ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ

أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ

وَالله يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَالله ذُو الْفَضْـلِ العظيم (105) } البقرة .

{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)  فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِي الله لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ

وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ العظيم (129) } التوبة .

{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ العظيم (87) } الحجر .

{ إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء

وَمَن يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيما (48)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ الله يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلا (49) انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء هدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلا (51)  أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ الله وَمَن يَلْعَنِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53)

 أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَــابَ وَالْحِكْمَــةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًــا عَظِيــــمــًا (54)

 فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ الله كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)

 إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ الله نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ الله كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59) } النساء . {تِلْكَ حُدُودُ الله وَمَنْ يُطِعْ الله وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ العظيم (13) } النساء .

 { وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمً (67) } النساء .

{ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نورهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ

بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَ

 ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ العظيم (12) } الحديد .

يا طيب : إن مجرد التدبر في الآيات أعلاه يكفي لترى ما سخر العظيم للإنسان لكي يعظم ، فإن ملائكة العرش يستغفرون له ويطلبون من الله أن يهيئه لكي يكون من أصحاب الجنة وملكها العظيم ، له ولزوجته وذريته ، والعظيم يقول لقد سخرت له كل شيء من النعم بما لا تحصى ، من ملائكة تستغفر له ونعم الكون المادية ونعمة الهداية بنبي عظيم وآله العظماء أولوا أمري لهم ملك عظيم من الكتاب والحكمة ، فإن أطاع هداي العظيم فله ملكا عظيما وأجرا عظيما وفوزا عظيما، رزقنا العظيم وإياكم.

 

الثواب العظيم للعلم وللتعليم والتعلم :

يا طيب : العظيم ثوابه عظيم ، ومن عرف عظمة خلقه العظيم في التكوين ، وما أعده له من الكرامة على كل علم وعمل ، لا يتعجب ولا يهوله ما يرى من الثواب على أعمال بسيطة ، ويقنع بجزء ضئيل منها أكبر جشع إن كان عنده ذرة من الإيمان ، فكيف بهذا الكم الهائل من الحسنات والدرجات والمقامات والكرامات على أعمال بسيطة ، تعليم حكمة أو حكم أو قول كلمة طيبة ، أو ذكر دعاء بسيط ، أو زيارة مريض ، أو صبر لابد منه ، أو نفقة قليلة على مستحق النفقة أو فقير يرق له .

وإنه يا مؤمن : كل هذا الثواب العظيم يكون لعبادة مرضية ، ولكن تعليم العلم ونشره وتذكير المؤمنين من الأصدقاء والأهل به  يحوي عمل ألف عابد أو سبعين ألف ، وله ثواب من عمل به ، وإن من سنة سنة حسنه له أجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، وقد ذكرنا في صحيفة نشر علوم آل محمد في موسوعة صحف الطيبين وكذا في صحيفة الإمام الحسين والنبوة كثير من فضائل العلم وأهميته في الإسلام ، والآن نذكر جزء يسير من الأحاديث التي تعرفنا بأهمية العلم ، ومن التي ترينا بالأرقام فضل طلبه وتعليمه ومن علم به وثوابه العظيم ، وأسأل الله أن يرزقنا وإياكم العمل به :

فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 من أعان طالب العلم : فقد أحب الأنبياء و كان معهم . ـ فيعظم ـ

و من أبغض طالب العلم فقد أبغض الأنبياء فجزاؤه جهنم .

و إن لطالب العلم : شفاعة كشفاعة الأنبياء ، و له في جنة الفردوس ألف قصر من ذهب ، و في جنة الخلد مائة ألف مدينة من نور ، و في جنة المأوى ثمانون درجة من ياقوتة حمراء ، و له بكل درهم أنفقه في طلب العلم حورا بعدد النجوم و عدد الملائكة . ـ طالب العلم مع الأنبياء العظام فأي شيء بقي لمن يستخف بدينه ـ

و من صافح طالب العلم : حرم الله جسده على النار ، و إن طالب العلم إذا مات غفر الله له و لمن حضر جنازته [22]. ـ فهنيئا لمحب العلماء ـ

وعَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع قَوْلُ الله عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ :

( وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيع ) قَالَ : مِنْ حَرَقٍ أَوْ غَرَقٍ ؟

قُلْتُ : فَمَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ ضَلَالٍ إِلَى هدى ؟ قَالَ : ذَاكَ تَأْوِيلُهَا الْأَعْظَمُ [23].

عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليهم السلام : ... و العالم بمنزلة الصائم القائم المجاهد في سبيل الله ، و إذا مات العالم أنثلم في الإسلام ثلمة لا تسد إلى يوم القيامة .

 و إن طالب العلم ليشيعه سبعون ألف ملك من مقربي السماء [24].

و قال الحسين بن علي عليه السلام :

 من كفل لنا يتيما قطعته عنا محنتنا باستتارنا ، فواساه من علومنا التي سقطت إليه ، حتى أرشده وهداه ، قال الله عز و جل له : يا أيها العبد الكريم المواسي ، إني أولى بالكرم ، اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان ، بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر ، و ضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم [25].

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : عالم أفضل من ألف عابد و ألف زاهد .

و العالم ينتفع بعلمه ، خير و أفضل من عبـادة سبعين ألـف عابـد [26].

عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال :

 فقيه واحـد أشـد على إبليس من ألـف عابـد [27].

 

 

الثواب العظيم للتسليم لله العظيم ولعظماء خلقه :

يا طيب : إن الإسلام دين العلم ويدعو له بشده وقوة يعبر بها عن يقين هداه ، وما فيه من البراهين القاطعة على توحيد العظيم والإيمان به ، ودلالة كل شيء على علو وعظمة خالق الكون ومنزل هداه على أعظم خلقه ، ولذا ترى فيه كثير من الآيات جدا تعرفنا ضرورة التفكر في السماوات والكون كله لكي نسلم لله تعالى ونتوجه له بأفضل توجه يوجب لنا العظمة في عبوديته وغشيته وشكره تعالى بكل إخلاص ، وهدا ما لا تجده في أي تعليم من تعاليم الدنيا وما تروجه له، وقد ذكرنا عدة آيات في الباب الأول من صحيفة التوحيد وفي شرح الأسماء الحسنى ، تعرفنا أهمية العلم والتفكر لكي نسلم لله ونرضى بقدره وقضاءه عن إيمان بما يكون لنا من فضل الله وطلبه بكل جد مخلصين له الدين ، وهذه بعض الآيات والأحاديث الداعية للإيمان والتسليم لله وتعرفنا فضل العلم والإخلاص لله بكل وجودنا وبيان فضله العظيم إذ قال : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)} فصلت

{ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالله عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النار (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النار فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (192)

رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) } آل عمران

ودعوة الله العظيم : لدينه والتسليم له وما له من الفضل العظيم ليس فقط دعوة للنظر في الكون بما هو من غير غرض ، بل هي دعوة علمية للوصول للإيمان به و لهدى به يعظم الإنسان ويملك بتطبيقه ما يسع الكون المشهود لعمل واحد كما عرفت ، وإنه بهداه كل صلاح للعبد المؤمن بما يجعله عظيما في الدنيا والآخرة وكما قال :

{ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ الله وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }

{ يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }

{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }

{ إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء }

وبالتفكر والعلم بهدى الله نسلم لعظمة الله ونطلبها من عظماء خلقه ولدا جاء :

{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (65) } النساء . { إِنَّ الله وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)}الأحزاب .

وعن المفضل بن عمر قال قال أبو عبد الله عليه السلام :

 إن الله تبارك و تعالى ضمن للمؤمن ضمان . قال قلت : و ما هو ؟  قال :

 ضمن له إن هو أقر له بالربوبية ، و لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة ، و لعلي عليه السلام بالإمامة ، و أدى ما افترض الله عليه ، أن يسكنه في جواره ، و لم يحتجب عنه . قال قلت : فهذه و الله الكرامة التي لا يشبهها كرامة ، و هي كرامة الآدميين . قال : ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : اعملوا قليلا تنعموا كثير [28].

وعن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : من قال في يومه : أشهد : أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، إلها واحدا أحدا صمدا ، لم يتخذ صاحبة و لا ولد ، كتب الله له خمسا و أربعين ألف ألف حسنة ، و محا عنه خمسا و أربعين ألف ألف سيئة ، و رفع له خمسا و أربعين ألف ألف درجة ، و كان كمن قرأ القرآن في يوم اثنتا عشره مرة و بنى له بيتا في الجنة[29] .

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أربع من كن فيه كان في نور الله الأعظــم ، من كان في عصمة أمره : شهادة أن لا إله إلا الله و أني رسول الله ، و من إذا أصابته مصيبة قال : إنا لله و إنا إليه راجعون ، و من إذا أصاب خيرا قال : الحمد لله ، و من إذا أصاب خطيئة قال : أستغفر الله و أتوب إليه [30].

عن الحسن البصري قال كنت مع أبي جعفر عليه السلام بمنى ، و قد مات رجل من قريش ، فقال : يا با سعيد قم بنا إلى جنازته ، فلما دخلنا المقابر قال :

أ لا أخبركم بخمس خصال هي من البر ، و البر يدعوا إلى الجنة ؟ قلت : بلى .

قال : إخفاء المصيبة و كتمانه ، و الصدقة تعطيها بيمينك لا تعلم بها شمالك ، و بر الوالدين فإن برهما لله رضى ، و الإكثار من قول : لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فإنه من كنوز الجنة ، والحب لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وعليهم وسلم أجمعين [31].

قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : أوصاني خليلي بسبعة خصال ، لا أدعهن على كل حال : أوصاني أن أنظر إلى من هو دوني و لا أنظر إلى من هو فوقي ، و أن أحب الفقراء و أدنو منهم ، و أن أقول الحق و إن كان مرا ، و أن أصل رحمي و إن كانت مدبرة ، و لا أسأل الناس شيئ ، و أوصاني أن أكثر من قول : لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فإنها كنز من كنوز الجنة [32].

 

الثواب العظيم للصبر على البلاء وأدعية لدفعه أو رفعه :

يا طيب : بعد أن عرفنا أهمية التسليم لله العظيم ولعظماء خلقه عن يقين بفضله وهداه عندهم ، وأنه بما علمونا بما خصهم من الكتاب والحكمة وما ظهروا به نعظم ، نذكر فضائل لأعمال قد تعد يسيرة بسيطة ، ولكنها عظيمة بها يعظم العبد في ما يهبه الله من الكمال في نفسه أو في محيطه ، فيكون عظيما بفضل الله بكل ما ينتسب له ، فنذكر أولا الصبر على البلاء وما يذكر من الأدعية العظيمة الدافعة له قبل حصوله أو الرافعة له بعد حصوله ، وما للصبر أو للأدعية المرافقة له من الأجر العظيم ، ونسأل الله أن يهبنا الصبر والكمال بكل عظمة تجعلنا عظماء عنده :

عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الله عليه السلام :

مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِبَلَاءٍ فَصَبَرَ عَلَيْهِ ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ أَلْـفِ شَهِيدٍ [33].

عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ : نِعْمَ الْجُرْعَةُ الْغَيْظُ لِمَنْ صَبَرَ عَلَيْهَا ، فَإِنَّ عَظِيمَ الْأَجْرِ لَمِنْ عَظِيمِ الْبَلَاءِ ، وَ مَا أَحَبَّ الله قَوْماً إِلَّا ابْتَلَاهُمْ[34].

قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله :

إِنَّ عَظِيـمَ الْبَلَاءِ يُكَافَأُ بِهِ عَظِيمُ الْجَزَاءِ ، فَإِذَا أَحَبَّ الله عَبْداً ابْتَلَاهُ بِعَظِيـمِ الْبَلَاءِ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ عِنْدَ الله الرِّضَا ، وَ مَنْ سَخِطَ الْبَلَاءَ فَلَهُ عِنْدَ الله السَّخَطُ[35] .

وقال أمير المؤمنين عليه السلام في غرر الحكم :

إن عظيـم الأجر مقارن عظيم البلاء ، فإذا أحب الله سبحانه قوما ابتلاهم [36].

الرضـــا بقضاء الله يهون عظيــم الرزايا [37].

من ألح عليه الفقر فليكثر من قول : لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم [38].

وإذا عرفنا فضل التسليم لقضاء الله وقدره : على ما يحصل في هذه الدنيا من المكاره وما يوجب رفعه والأجر العظيم من التسليم لله وقول : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، نذكر أدعية دافعة للبلاء ورافعة له وبها أجر عظيم :

فعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ثلاث مرات ، كفاه الله تعالى تسعة و تسعين نوعا من أنواع البلاء أيسرها الخنق[39] .

  و عن ابن فضال عن الحسن بن الجهم عن أبي الحسن عليه السلام قال : من قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
 ثلاث مرات حين يصبح ، و ثلاث مرات حين يمسي ، لم يخف شيطانا و لا سلطانا و لا جذاما و لا برصا ، قال أبو الحسن عليه السلام و أنا أقولها مائة مرة [40].

وعن هشام بن سالم قال سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام كان يقول من قال :

لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .

دفع الله عز و جل بها عنه سبعين نوع من البلاء أيسرها الخنق [41].

وعَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله عليه السلام يَقُولُ : مَنْ قَالَ :

مَا شَاءَ الله كَانَ ، لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله الْعَلِيِّ العظيم .

 مِائَةَ مَرَّةٍ حِينَ يُصَلِّي الْفَجْرَ لَمْ يَرَ يَوْمَهُ ذَلِكَ شَيْئاً يَكْرَهُهُ [42].

وعَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَوْنٍ قَالَ أَمِرَّ يَدَكَ عَلَى مَوْضِعِ الْوَجَعِ ثُمَّ قُلْ :

بِسْمِ الله وَ بِالله ، وَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله ،
 وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله الْعَلِـيِّ العظيم .اللهمَّ امْسَحْ عَنِّي مَا أَجِــدُ .

 ثُمَّ تُمِرُّ يَدَكَ الْيُمْنَى وَ تَمْسَحُ مَوْضِعَ الْوَجَعِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .[43]

وعَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا عليه السلام قَالَ : إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مَرِيضٍ فَقُلْ :

أُعِيذُكَ بِالله العظيم رَبِّ الْعَـرْشِ العظيم .

 مِنْ شَرِّ كُلِّ عِرْقٍ نَفّـَارٍ ، وَ مِنْ شَرِّ حَرِّ النار .   سَبْعَ مَرَّاتٍ [44].

وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله عليه السلام ابْتِدَاءً مِنْهُ : يَا مُعَاوِيَةُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صلى الله عليه وآله وسلم : فَشَكَا الْإِبْطَاءَ عَلَيْهِ فِي الْجَوَابِ فِي دُعَائِهِ ، فَقَالَ لَهُ : أَيْنَ أَنْتَ عَنِ الدُّعَاءِ السَّرِيعِ الْإِجَابَةِ ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : مَا هُوَ ؟ قَالَ قُلِ :

اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ العظيم الْأَعْظَمِ : الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ ، الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ ، النور الْحَقِّ الْبُرْهَانِ الْمُبِينِ ، الَّذِي هُوَ نور مَعَ نور ، وَ نور مِنْ نور ، وَ نور فِي نور ، وَ نور عَلَى نور ، وَ نور فَوْقَ كُلِّ نور ، وَ نور يُضِي‏ءُ بِهِ كُلُّ ظُلْمَةٍ ، وَ يُكْسَرُ بِهِ كُلُّ شِدَّةٍ ، وَ كُلُّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ، وَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، لَا تَقِرُّ بِهِ أَرْضٌ ، وَ لَا تَقُومُ بِهِ سَمَاءٌ ، وَ يَأْمَنُ بِهِ كُلُّ خَائِفٍ ، وَ يَبْطُلُ بِهِ سِحْرُ كُلِّ سَاحِرٍ ، وَ بَغْيُ كُلِّ بَاغٍ ، وَ حَسَدُ كُلِّ حَاسِدٍ ، وَ يَتَصَدَّعُ لِعَظَمَتِهِ الْبَرُّ وَ الْبَحْرُ ، وَ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْفُلْكُ حِينَ يَتَكَلَّمُ بِهِ الْمَلَكُ ، فَلَا يَكُونُ لِلْمَوْجِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ .

وَ هُوَ اسْمُكَ الْأَعْظَمُ الْأَعْظَمُ الْأَجَلُّ الْأَجَلُّ النور الْأَكْبَرُ : الَّذِي سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، وَ اسْتَوَيْتَ بِهِ عَلَى عَرْشِكَ ، وَ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ، أَسْأَلُكَ بِكَ وَ بِهِمْ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .

وَ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَ كَذَا [45]. أي تذكر حاجتك أي : أفعل بي ما أنت أهله من الكرامة وقني الفقر والحاجة لشرار خلقك ومن يمكر بي ويحسدني ، وأرزقني العافية وكل خير من رزق الواسع الحلال الطيب حتى تكفيني كل ما يهمني . أو أي شيء تحتاجه من علم ومال وعافية وزواج وبرنامج وغيرها ويمكن تسميته بالخصوص .

ويا طيب : ما ذكرنا من الأدعية هي أذكار وأدعية مختصرة فيها اسم الله العظيم ، لنعرف أهمية ذكره وبعض آثاره العظيمة الكريمة من دفع ورفع البلاء وجلب الخير والغنى والمكرمات في الدنيا والآخرة ، وإن الله العظيم يبتلي كل الناس بالسراء والضراء لعلهم يرجعون ، والمؤمن يبتلى ليثاب بصبره وبالتوجه لله وتذكر فضله ، وليعظم مقامه عنده ، والعظيم لا يرضى بأهانة المؤمن بل جعل له أعلى حرمه وكما عرفت في اسم الله الجليل بل بكل تجلي نور الأسماء الحسنى بالكرامة له ، ولكن قد يضيق عليه ليصلح وجوده بأتم استعداد يوصل له كل خيره العظيم ولذا جاء :

 عن أبي عبد الله عليه السلام قال : نزل جبرائيل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا محمد : إن ربك يقول :

من أهان عبدي المؤمن : فقد استقبلني بالمحاربة ، و ما تقرب إلى عبدي المؤمن بمثل أداء الفرائض ، و إنه ليتنفل لي حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، و بصره الذي يبصر به ، و يده التي يبطش بها ، و رجله التي يمشي بها ، و ما ترددت في شي‏ء أنا فاعله كترددي في موت عبدي المؤمن ، يكره الموت و أنا أكره مساءته ، و إن من المؤمنين من لا يسعه إلا الفقر ، و لو حولته إلى الغنى كان شرا له ، و منهم من لا يسعه إلا الغنى و لو حولته إلى الفقر لكان شرا له ،
و إن عبدي ليسألني قضاء الحاجة فأمنعه إياها لما هو خير له
[46].
    وقال الإمام عليه السلام : قل عند كل شدة :

 لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، تكفها[47] .

 

الثواب العظيم لبعض الأدعية والأذكار والتسبيح باسم الله العظيم:

وإذا عرفنا يا طيب : ضرورة التسليم لله والتوسل به باسمه العظيم وآثاره الكريمة ، نذكر بعض الأرقام والأعداد لثواب عظيم يحصل لنا بالتوسل به إلى الله تعالى :

فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم وبحمده .كتب الله له : ثلاثة آلاف حسنة ، و محا عنه ثلاثة آلاف سيئة ، ورفع له ثلاثة آلاف درجة ، و يخلق منها طائرا في الجنة يسبح و يكون تسبيحه له[48].

ولذا جاء في ركن الركوع في الصلاة : أهمية تسبيح الله وبالخصوص باسمه العظيم ، وليتكرر مع كل ركوع ، وإن كان يكفي غيره من ذكر الله ، ولكن كان لأول اسمين ظهر بهما بركة الوجود من العلي العظيم تبارك وتعالى كما عرفت في إشراق ظهور الأسماء الحسنى في الكون ، أهمية عظيمة مباركة كريمة ، تعرفنا كرامة العبد بذكر الله بالذكر المخصوص بالركوع والسجود ، بل يستحب تكراره ثلاث مرات بل سبعين ، كما تلحق به بعض الأذكار ، ولمعرفة ذكري الركوع والسجود والتسبيح لله باسم العظيم والأعلى تبارك وتعالى أتلو الأحاديث الكريمة التالية :

عن عقبة بن عامر الجهني إنه قال لما نزلت : فسبح باسم ربك العظيم ، قال لنا رسول الله  اجعلوها في ركوعكم . و لما نزلت : سبح اسم ربك الأعلى ، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اجعلوها في سجودكم[49] .

عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ : قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام :

 تَدْرِي أَيُّ شَيْ‏ءٍ حَدُّ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ ؟  قُلْتُ : لا .

 قَالَ : تُسَبِّحُ فِي الرُّكُوعِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ :  سُبْحَانَ رَبِّيَ العظيم وَ بِحَمْدِهِ .

 وَ فِي السُّجُودِ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَ بِحَمْدِهِ ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

 فَمَنْ نَقَصَ وَاحِدَةً نَقَصَ ثُلُثَ صَلَاتِهِ .

 وَ مَنْ نَقَصَ ثِنْتَيْنِ نَقَصَ ثُلُثَيْ صَلَاتِهِ ، وَ مَنْ لَمْ يُسَبِّحْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ [50].

وإن كان : توجد أحاديث أخرى بأن الواجب ذكر واحد أو سبحان الله ثلاثة ، ولكن قول سبحان ربي العظيم وبحمده هو للعبد الكامل وتكراره للعارف بعظمة الله سبحانه ولمن يحب العظمة من العظيم بكل تجليل وكرامة ومجد واسع ، وقد ذكرنا تفصيل له في صحيفة الطيبين وتسبيح الكائنات فراجع ثواب تكراره وآثار التسبيح بصورة عامة ، وقد عرفت فضل هذا الاسم الكريم وآثاره وشأنه العظيم في التكوين وما يهب للعبد من البركة ، وإن كان الذكر مرة واحدة يكفي لكن تكراره ثلاثة فيه كمال لمن أحب الخير والفضل ، وأكمل من الذكر المفرد أن يقول العبد في الركوع :

ما عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ :

 إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَرْكَعَ ، فَقُلْ وَ أَنْتَ مُنْتَصِبٌ : الله أَكْبَرُ .

ثُمَّ ارْكَعْ وَ قُلِ : اللهمَّ لَكَ رَكَعْتُ ، وَ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَ بِكَ آمَنْتُ ، وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَ أَنْتَ رَبِّي ، خَشَعَ لَكَ قَلْبِي وَ سَمْعِي وَ بَصَرِي ، وَ شَعْرِي وَ بَشَرِي ، وَ لَحْمِي وَ دَمِي ، وَ مُخِّي وَ عِظَامِي وَ عَصَبِي ، وَ مَا أَقَلَّتْهُ قَدَمَايَ ، غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَ لَا مُسْتَكْبِرٍ وَ لَا مُسْتَحْسِرٍ .

 سُبْحَانَ رَبِّيَ العظيم وَ بِحَمْدِهِ .

 ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي تَرْتِيلٍ ، وَ تَصُفُّ فِي رُكُوعِكَ بَيْنَ قَدَمَيْكَ ، تَجْعَلُ بَيْنَهُمَا قَدْرَ شِبْرٍ ، وَ تُمَكِّنُ رَاحَتَيْكَ مِنْ رُكْبَتَيْكَ ، وَ تَضَعُ يَدَكَ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِكَ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى ، وَ بَلِّعْ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِكَ عَيْنَ الرُّكْبَةِ ، وَ فَرِّجْ أَصَابِعَكَ إِذَا وَضَعْتَهَا عَلَى رُكْبَتَيْكَ ، وَ أَقِمْ صُلْبَكَ ، وَ مُدَّ عُنُقَكَ ، وَ لْيَكُنْ نَظَرُكَ بَيْنَ قَدَمَيْكَ .

ثُمَّ قُلْ : سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ ، وَ أَنْتَ مُنْتَصِبٌ قَائِمٌ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، أَهْلَ الْجَبَرُوتِ وَ الْكِبْرِيَاءِ ، وَ الْعظمة لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، تَجْهَرُ بِهَا صَوْتَكَ ثُمَّ تَرْفَعُ يَدَيْكَ بِالتَّكْبِيرِ وَ تَخِرُّ سَاجِداً[51] .

وإذا عرفنا يا طيب : أهمية التسبيح باسم الله العظيم في رفع ودفع البلاء وفي تعظيم الله العظيم والإقرار له بالتسليم به بكل عظمة ليهب لنا نوره ، نذكر بعض الأدعية والأذكار الأخرى التي فيها اسم الله العظيم وما تبين له من الفضل العظيم :

عن سلام المكي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقال له : شيبة الهذلي ، فقال : يا رسول الله إني شيخ قد كبرت سني و ضعفت قوتي عن عمل كنت عودته نفسي من صلاة و صيام و حج و جهاد ، فعلمني يا رسول الله كلاما ينفعني الله به ، و خفف علي يا رسول الله .

فقال : أعدها ، فأعادها ثلاث مرات .

 فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما حولك شجرة و لا مدرة إلا و قد بكت من رحمتك ، فإذا صليت الصبح ، فقل عشر مرات :

سبحان الله العظيم و بحمده
و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
 
فإن الله عز و جل : يعافيك بذلك من العمى ، و الجنون ، و الجذام ، و الفقر ، و الهرم .  فقال يا رسول الله : هذا للدنيا ، فما للآخرة ؟

فقال تقول في دبر كل صلاة :  اللهم أهدني من عندك ، و أفض علي من فضلك ، و انشر علي من رحمتك ، و أنزل علي من بركاتك .

قال : فقبض عليهن بيده ثم مضى .

فقال رجل لابن عباس : ما أشد ما قبض عليها خالك ؟

فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أما إنه إن وافى بها يوم القيامة لم يدعها متعمدا ، فتحت له ثمانيــة أبواب الجنة يدخلها من أيها شاء .[52]

وعن محمد بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 من تظاهرت عليه النعم ، فليقل : الحمد لله رب العالمين .

و من ألح عليه الفقر ، فليكثر من قول : لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فإنه كنز من كنوز الجنة ، و فيه الشفاء من اثنين و سبعين داء أدناها الهم [53].

يا طيب : بعد أن عرفنا أثر التسبيح باسم الله العظيم وفضل ذكره ، هذا مختصر في معناه في بعض الأذكار ، وبعده نذكر أهمية الأعمال في طاعة الله وعظمتها وما لها من العظمة وإن كانت يسيرة وحتى النية في الخير وعدمه ، لأن الإنسان المفضل وجد ليكون عظيما بفضل الله العظيم حتى بأقل أعماله ، ومن يتعصى يخسر ، وأنظر ما :

عن الإمام الحسين عليه السلام عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ،  أنه سئل عن تفسير : لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم . فقال : لا حول عن المعصية إلا بعصمة الله تعالى ، و لا قوة لي على الخير إلا بعون الله عز و جل [54].

وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : أَخْبَرْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام : أَنِّي أُصِبْتُ بِابْنَيْنِ وَ بَقِيَ لِي بُنَيٌّ صَغِيرٌ ، فَقَالَ : تَصَدَّقْ عَنْهُ ، ثُمَّ قَالَ : حِينَ حَضَرَ قِيَامِي ، مُرِ الصَّبِيَّ فَلْيَتَصَدَّقْ بِيَدِهِ بِالْكِسْرَةِ وَ الْقَبْضَةِ وَ الشَّيْ‏ءِ ، وَ إِنْ قَلَّ .

فَإِنَّ كُـلَّ شَيْ‏ءٍ يُرَادُ بِهِ الله وَ إِنْ قَلَّ بَعْدَ أَنْ تَصْـدُقَ النِّيّـَةُ فِيـهِ عَظِيـمٌ .

إِنَّ الله عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ : فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ، وَ قَالَ : فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ ، فَكُّ رَقَبَةٍ ، أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ، يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ، عَلِمَ الله عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى فَكِّ رَقَبَةٍ ، فَجَعَلَ إِطْعَامَ الْيَتِيمِ وَ الْمِسْكِينِ ، مِثْلَ ذَلِكَ تَصَدَّقْ عَنْهُ [55].

 

الفضل العظيم للصلاة على محمد وآل محمد :

يا طيب : بعد ما عرفنا أهمية اسم الله العظيم سواء تجلي وظهوره بكل نور الأسماء الحسنى في التكوين الأعلى أو عالم الشهادة وبكل عظمة ، وفي الهدى عند العظماء وأمرهم العظيم بفضل الله العظيم ، وإنه كل عمل يقرب من العظيم فهو عظيما عنده وله أجرا عظيما ، نذكر بعد التسبيح باسم الله العظيم ، الفضل العظيم للصلاة والتسليم على أفضل خلق العظيم في كل مراتب الوجود ، والثواب العظيم لذكر فضائلهم وتعريف فضل الله عليهم ، وقد كتبنا عدة بحوث كريمة في صحيفة الإمام علي عليه السلام بعنوان ذكر علي عبادة لله تعالى ، وعرفنا أهمية ذكرهم وتعريفهم بفضل الله العظيم حتى تعرف عظمته بواقع العظمة وهدى الله العظيم حقا ، ولأن نذكر هنا مختصرا في أهمية الصلاة على النبي وآله وأهمية ذكر فضل الله عليهم فتدبر به يا طيب :

عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ : إِنَّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ لَيَطَّلِعُونَ إِلَى الْوَاحِدِ وَ الِاثْنَيْنِ وَ الثَّلَاثَةِ ، وَ هُمْ يَذْكُرُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ .

 قَالَ فَتَقُولُ : أَ مَا تَرَوْنَ إِلَى هَؤُلَاءِ فِي قِلَّتِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ يَصِفُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله . قَالَ فَتَقُولُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ :

 ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَ الله ذُو الْفَضْـلِ العظيم [56].

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

إذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله ، فأكثروا الصلاة عليه .

 فإنه من صلى على النبي ص صلاة واحدة ، صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة ، و لم يبق شي‏ء مما خلق الله إلا صلى على ذلك العبد ، لصلاة الله عليه ، و صلاة ملائكته .

 و لا يرغب عن هذا إلا جاهل مغرور ، و قد برئ الله منه و رسوله [57].

عن عبد الرحمن بن سيابة عن ناجية قال : قال أبو جعفر الباقر عليه السلام :

 إذا صليت العصر يوم الجمعة ، فقل : اللهم صل على محمد و آل محمد ، الأوصياء المرضيين ، بأفضل صلواتك ، و بارك عليهم بأفضل بركاتك ، و السلام عليهم و على أرواحهم و أجسادهم و رحمة الله و بركاته .

فإن من قاله : بعد العصر كتب الله عز و جل له مائة ألف حسنة ، و محا عنه مائة ألف سيئة ، و قضى له بها مائة ألف حاجة و رفع له بها مائة ألف درجة[58] .

يا طيب : ما نذكره هنا مختصر من الأحاديث ولمعرفة المزيد في فضل الصلاة على النبي وآله راجع صحيفة الطيبين من موسوعة صحف الطيبين وراجع صحيفة الإمام علي والإمام الحسين عليه السلام ، وفي الموضع الآتي مختصر لفضل زيارتهم .

 

 

الفضل العظيم للمساجد و لزيارة أئمة المؤمنين والمؤمن :

يا طيب : لمعرفة الفضل العظيم لزيارة بيت الله والمساجد المكرمة ومراقد الأئمة أعظم خلق الله والإقرار لهم بما عند الله من الفضل العظيم وحب عظمة الله المتجلية منهم ، راجع الكتب المختصة وما كتبنا في صحيفة الزيارة من موسوعة صحف الطيبين وصحف الأئمة عليهم السلام ، ولكن هنا نذكر مختصر من الأحاديث لنعرف الثواب العظيم من الله العظيم لبعض الأعمال الكريمة التي يحبها وحببها لنا :

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

صلاة في مسجدي تعدل عند الله عشرة آلاف صلاة في غيره من المساجد ، إلا المسجد الحرام فإن الصلاة فيه تعدل مائة ألف صلاة .

وعن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

 صلاة في مسجد الكوفة ، تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد [59].

و عن السكوني عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي عليهم السلام قال :

 صلاة في البيت المقدس تعدل ألف صلاة ، و صلاة في مسجد الأعظم مائة صلاة ، و صلاة في مسجد القبيلة خمس و عشرون صلاة ، و صلاة في مسجد السوق اثنتي عشرة صلاة ، و صلاة الرجل في بيته وحده صلاة واحدة [60].

وعن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة ، و أنه لينزل كل يوم و ليلة سبعون ألف ملك ، فيأتون البيت المعمور فيطوفون به ، فإذا هم طافوا به نزلوا فطافوا بالكعبة ، فإذا طافوا بها أتوا قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فسلموا عليه ، ثم أتوا إلى قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فسلموا عليه ، ثم أتوا قبر الحسين عليه السلام فسلموا عليه ، ثم عرجوا و ينزل مثلهم أبدا ، هكذا إلى يوم القيامة .

و قال عليه السلام :

من زار قبر أمير المؤمنين عليه السلام ، عارفا بحقه ، غير متجبر و لا متكبر .

 كتب الله له أجر مائة ألف شهيد ، و غفر الله ما تقدم من ذنبه و ما تأخر ، و بعث من الآمنين و هون عليه الحساب ، و استقبلته الملائكة ، فإذا انصرف شيعوه إلى منزله ، فإذا مرض عادوه ، وإن مات تبعوه بالاستغفار إلى قبره .

وقال : و من زار قبر الحسين عليه السلام ، عارفا بحقه ، كتب الله له ثواب ألف حجة مقبولة ، و ألف عمرة مقبولة ، و غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر [61].

وعَنْ أَبِي غُرَّةَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله عليه السلام يَقُولُ :

مَنْ زَارَ أَخَــاهُ فِي الله فِي مَرَضٍ أَوْ صِحَّةٍ .

 لَا يَأْتِيهِ خِدَاعاً وَ لَا اسْتِبْدَالًا ، وَكَّلَ الله بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ
يُنَادُونَ فِي قَفَاهُ ، أَنْ
طِبْتَ وَ طَابَتْ لَكَ الجنة ،
 فَأَنْتُمْ زُوَّارُ الله ، وَ أَنْتُمْ وَ
فْدُ الرَّحْمَنِ ، حَتَّى يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ
.
فَقَالَ لَهُ : يُسَيْرٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ ، وَ إِنْ كَانَ الْمَكَانُ بَعِيد ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا يُسَيْرُ ،
 وَ إِنْ كَانَ الْمَكَانُ مَسِيرَةَ سَنَةٍ ، فَإِنَّ الله جَوَادٌ وَ الْمَلَائِكَةُ كَثِيرَةٌ ، يُشَيِّعُونَهُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ [62].

وسيأتي يا طيب : فضل المؤمن وعظمته عند الله ، وما له من الشأن الكريم حين يتبع هدى الله العظيم المنزل على العظماء ، فيعظم ببركة الله العظيم أبدا ، وهذا ذكر حقوق أفضل بني الإنسان المفضل عليه وهم أبواه وأبوا دينه :

 

الثواب العظيم لرعاية حق لأقرباء :

  قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من رعى حق قرابات أبويه ، أعطي في الجنة ألف درجة ، بعد ما بين كل درجتين حضر الفرس الجواد المحضير مائة سنة ، إحدى الدرجات من فضة ، و الأخرى من ذهب ، و الأخرى من لؤلؤ ، و الأخرى من زمرد ، و الأخرى من زبرجد ، و الأخرى من مسك ، و الأخرى من عنبر و الأخرى من كافور ، فتلك الدرجات من هذه الأصناف .

ومن رعى حق قربى محمد وعلي صلى الله عليهم وسلم ، أوتي من فضائل الدرجات ، وزيادة المثوبات على قدر زيادة ، فضل محمد وعلي على أبوي نفسه[63].

و قالت فاطمة عليها السلام : لبعض النساء :

 أرضي أبوي دينك محمدا و عليا : بسخط أبوي نسبك ، و لا ترضي أبوي نسبك بسخط أبوي دينك ، فإن أبوي نسبك إن سخطا أرضاهما محمد و علي  بثواب جزء من ألف ألف جزء من ساعة من طاعاتهما .

و إن أبوي دينك محمدا و عليا ، إن سخطا لم يقدر أبوا نسبك أن يرضياهما ، لأن ثواب طاعات أهل الدنيا كلهم لا يفي بسخطهما [64].

وقد قال الله العظيم :

{ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى (4)
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)}الضحى.
{ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفً 

وَاتَّبِــعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَـابَ إِلَـيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) } لقمان .

يا طيب : قد ذكرنا في صحيفة الطيبين من موسوعة صحف الطيبين حقوق المؤمن وماله وما عليه ، ومر كلام في اسم الله التواب والجليل والديان والشكور ما يعرفنا بعض ما على المؤمن من وجوب الطاعة لأولي أمره وما له من الثواب ، سواء كان هو بنفسه أب أو أبن أو معلم فضلا عن كونه إمام معظم بفضل الله تعالى ، وفي اسم الله الجليل عرفنا بعض شأن المؤمن وحرمته ، وهذا بعض شأنه الكريم عند الله تعالى وعظمة الثواب في إيصال الخير له أو حبه ، وقد عرفت فضل تعليمه وتعلمه وطلبه للعلم ، والآن نذكر ما له من الفضل العظيم في نفسه وعمله وشأنه العظيم عند الله العظيم , وما يكتسب بسببه من الفضل العظيم من الله العظيم ، رزقنا الله وإياكم .

 

 

الثواب العظيم في أداء حقوق المؤمن وعظمة حرمته :

يا طيب : لتعرف عظمتك وأهميتك عند الله العظيم ، والفضل العظيم لك وللمؤمنين من إخوانك عند الله العظيم ، لأعمال يسيرة تؤدى لك أو تؤديها لبعض المؤمن ، وما لها من الأرقام العظيمة من الفضل والثواب والحسنات والمكرمات وملك الله العظيم الذي يهبه لكم ، وما لكم من الحرمة والأهمية لديه ، تدبر هذه الأحاديث فضلا عما عرفت في فضل زيارتك وزيارة أئمة المؤمنين عليهم السلام :

عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ : { وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِين } . قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله عليه السلام :

فَمَا ثَوَابُ مَنْ أَدْخَلَ عَلَيْهِ السُّرُورَ ؟

 فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ عَشْرُ حَسَنَاتٍ . فَقَالَ : إِي وَ الله وَ أَلْفُ أَلْفِ حَسَنَةٍ [65].

وعَنْ صَدَقَةَ الْأَحْدَبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ : قَضَاءُ حَاجَةِ الْمُؤْمِنِ ، خَيْرٌ مِنْ عِتْقِ أَلْـفِ رَقَبَةٍ ، وَ خَيْرٌ مِنْ حُمْلَانِ أَلْـفِ فَرَسٍ فِي سَبِيلِ الله [66].

وعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام :

 مَنْ مَشَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ، أَظَلَّهُ الله بِخَمْسَةٍ وَ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ .

 وَ لَمْ يَرْفَعْ قَدَم : إِلَّا كَتَبَ الله لَهُ حَسَنَةً ، وَ حَطَّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً ، وَ يَرْفَعُ لَهُ بِهَا دَرَجَةً ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ ، كَتَبَ الله عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بِهَا أَجْرَ حَاجٍّ وَ مُعْتَمِرٍ [67].

و عن أبي عبد الله عليه السلام : من مشى في حاجة أخيه المؤمن ، كان أحب إلى الله من عتق ألف نسمة ، و حمل ألف فرس في سبيل الله مسرجة ملجمة .

 و قال : من سعى في حاجة أخيه المسلم طلب وجه الله .

 كتب الله له ألف ألف حسنة ، يغفر فيها لأقاربه و جيرانه و إخوانه و معارفه [68].

وعن الحسين بن أبي العلاء قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
أحب العباد إلى الله عز و جل رجل صدوق في حديثه ، محافظ على صلاته ، و ما افترض الله عليه مع أداء الأمانة ،
ثم قال : من اؤتمن على أمانة فأداها ، فقد حل ألف عقدة من عنقه من عقد النار ، فبادروا بأداء الأمانة ، فإنه من اؤتمن على أمانة وكل إبليس به مائة شيطان من مردة أعوانه ليضلوه و يوسوسوا إليه حتى يهلكوه ، إلا من عصمه الله [69].

عن أبي الأعز النحاس قال سمعت الصادق جعفر بن محمد عليه السلام يقول :

قضاء حاجة المؤمن ، أفضل من ألف حجة متقبلة بمناسكها ، و عتق ألف رقبة لوجه الله ، و حملان ألف فرس في سبيل الله بسرجها و لجمها [70].

وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ :

 منْ سَعَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ طَلَبَ وَجْهِ الله ، كَتَبَ الله عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ ، يَغْفِرُ فِيهَا لِأَقَارِبِهِ وَ جِيرَانِهِ وَ إِخْوَانِهِ وَ مَعَارِفِهِ ، وَ مَنْ صَنَعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفاً فِي الدُّنْيَا .

فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، قِيلَ لَهُ : ادْخُلِ النار فَمَنْ وَجَدْتَهُ فِيهَا صَنَعَ إِلَيْكَ مَعْرُوفاً فِي الدُّنْيَا ، فَأَخْرِجْهُ بِإِذْنِ الله عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاصِب [71].

عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم : مَنْ سَقَى مُؤْمِناً شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ ، مِنْ حَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ ، أَعْطَاهُ الله بِكُلِّ شَرْبَةٍ سَبْعِينَ أَلْفَ حَسَنَةٍ ، وَ إِنْ سَقَاهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ عَشْرَ رِقَابٍ مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ [72].

وعَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ :

 أَيُّمَا مُؤْمِنٍ عَـادَ مُؤْمِناً ، خَاضَ فِي الرَّحْمَةِ خَوْضاً ، فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ ، فَإِذَا انْصَرَفَ : وَكَّلَ الله بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ ، مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ ، وَ يَسْتَرْحِمُونَ عَلَيْهِ ، وَ يَقُولُونَ : طِبْتَ وَ طَابَتْ لَكَ الجنة إِلَى تِلْكَ السَّاعَةِ مِنْ غَدٍ .

 وَ كَانَ لَهُ يَا أَبَا حَمْزَةَ : خَرِيفٌ فِي الجنة . قُلْتُ : وَ مَا الْخَرِيفُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ؟ قَالَ : زَاوِيَةٌ فِي الجنة يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِيهَا أَرْبَعِينَ عَام [73].

وعن حماد بن ربعي عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

من أطعم أخا في الله ، كان له من الأجر مثل من أطعم فياما من الناس .

 قلت : و ما الفيام ؟ قال : مائة ألف من الناس [74].

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

من أكرم الضيف ، فقد أكرم سبعين نبيا .

ومن أنفق على الضيف درهما ، فكأنما أنفق ألف ألف دينار في سبيل الله تعالى [75].

و عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : من كسا مؤمن .

 كساه الله ألف حلة ، و قضى له ألف حاجة ، و كتب الله له عبادة سنة ، و غفر له ذنوبه كلها ، و إن كانت أكثر من نجوم السماء .

 و أعطاه الله يوم القيامة ثواب ألف شهيد ، و زوجه الله تعالى ألف حوراء ، و كتب الله له براءة من النار ، و جواز على الصراط .

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 من شهد نكاح امرأة مسلمة : كان خائضا في رحمة الله تعالى ،
و له ثواب ألف شهيد ، و كان له بكل خطوة يخطوها ثواب نبي ،
 و كتب الله تعالى له بكل كلمة يتكلمها عبادة سنة ، و لا يرجع إلا مغفورا له .

و من سعى فيما بينهما : و كان دليلا ، أعطاه الله بكل شعرة على بدنه مدينة في الجنة ، و زوجه ألف حوراء ، و كأنما اشترى أسراء أمة محمد و أعتقهم ، و إن مات ذاهبا أو جائيا مات شهيد [76].

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : المرأة الصالحة خير من ألف رجل غير صالح ، و أيما امرأة خدمت زوجها سبعة أيام ، غلق الله عنها سبعة أبواب النار ، و فتح لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من أينما شاءت [77].

وعن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : صلى على سعد بن معاذ ، فقال : لقد وافى من الملائكة للصلاة عليه تسعون ألف ملك ، و فيهم جبرائيل يصلون عليه , فقلت يا جبرائيل : بما استحق صلاتكم عليه . قال : بقراءة قل هو الله أحد ، قائما و قاعدا أو راكبا و ماشيا و ذاهبا و جائيا [78].

يا طيب : ثواب المؤمن عظيم وهو عظيم عند الله لما تبع من الهدى العظيم من الله وأقام عبودية الله ، وإلا سترى أنه لا حرمة لكافر ومنافق بل لهم عذاب عظيم ، وله أعظم عقاب ، ولذا قبل أن نذكر الثواب العظيم لطاعات المؤمن ، نذكر بعض عقاب العاصين وأعداء المؤمنين وأئمتهم ، لنتوجه للحق ولا نغتر بما فضلنا الله من نعمه وبما عظمنا به من طاعته ، فإن التواضع لله وحب أولياء الله مهم وعظيم في الثواب عند العظيم وقد عرفته ، وكذلك إقامة العداء لهم أو نصر أعدائهم ، أو نصر دين باطل أو عصيان الله ، فإنه عظيم عند الله العظيم وله عذاب عظيم فتدبر الموضوع الآتي .

 

 

العقاب العظيم لبعض الأعمال :

عن أبي حمزة قال : قال لنا علي بن الحسين عليه السلام :

 أي البقاع أفضل ؟ قلت : الله و رسوله و ابن رسوله أعلم .

 قال : إن أفضل البقاع ما بين الركن و المقام ، و لو أن رجلا عمر ما عمر نوح عليه السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، يصوم نهارا  و يقوم ليلا في ذلك المقام ، ثم لقي الله عز و جل بغير ولايتنا لم ينتفع بذلك شيئا [79].

يا طيب : لأنه لم يعرف دين العظيم حقا ، فيعبد ويغر الناس ليقتدوا به بدين أعداء أئمة الحق ، وهذا لا ينفع بل له عقاب عظيم وقد عرفته في البحوث السابقة ، وإذا عرفت أهمية معرف دين الله العظيم من عظماء خلقه ، فلنعرف من عظم بهم وشأنه العظيم ، وكما جاء عن المفضل بن عمر قال قال أبو عبد الله عليه السلام :

 أيما مؤمن كان بينه و بين مؤمن حجاب ، ضرب الله بينه و بين الجنة ، سبعين ألف سور ، مسيرة ألف عام ما بين السور إلى السور [80].

و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

من آذى مؤمنا فقيـرا بغير حق ، فكأنما هدم مكة عشر مرات .

 و البيت المعمور ، و كأنما قتل ألف ملك من المقربين[81] .

وعن سليمان بن خالد قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

 أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران ، أن يا موسى قل للملإ من بني إسرائيل .

 إياكم و قتل النفس الحرام بغير حق .

 فإن من قتل منكم نفسا في الدنيا .

 قتلته في النار مائــة ألف قتلـة مثل قتل صاحبه [82].

وعن أبي جبير عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يمثل لفاطمة رأس الحسين متشحطا بدمه ، فتصيح وا ولداه وا ثمرة فؤاداه ، فتصيح الملائكة لصيحة فاطمة عليه السلام .

 و ينادون أهل القيامة : قتــل الله قاتـــل ولدك يا فاطمة ، قال فيقول الله عز و جل : أفعــل بـه و لشيعتـه و أحبائـه و أتباعـه .

 و إن فاطمة في ذلك اليوم : على ناقة من نوق الجنة ، مدبجة الجبينين ، واضحة الخدين ، شهلاء العينين ، رأسها من الذهب المصفى ، و أعناقها من المسك و العنبر ، خطامها من الزبرجد الأخضر ، رحائلها مفضضة بالجوهر ، على الناقة هودج غشاوته من نور الله ، و حشوها من رحمة الله ، خطامها فرسخ من فراسخ الدنيا ، يحف بهودجها سبعون ألف ملك بالتسبيح و التمجيد و التهليل و التكبير و الثناء على رب العالمين .

ثم ينادي مناد من بطنان العرش : يا أهل القيامة غضوا أبصاركم ، فهذه فاطمة بنت محمد رسول الله تمر على الصراط ، فتمر فاطمة عليه السلام و شيعتها على الصراط كالبرق الخاطف .

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ويلقى أعداؤها وأعداء ذريتها في جهنم[83].

و عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

أن في جهنم واديا يستغيث منه أهل النار كل يوم سبعين ألف مرة ، و في ذلك الوادي بيت من النار ، و في ذلك البيت جب من النار و في ذلك الجب تابوت من النار ، و في ذلك التابوت حية لها ألف ناب كل ناب ألف ذراع .

 قال أنس : قلت يا رسول الله : لمن يكون هذا العذاب ؟

قال : لشارب الخمر من أهل القرآن ، و تارك الصلاة [84].

و قال صلى الله عليه وآله وسلم :

 من زوج كريمته بفاسق ، نزل عليه كل يوم ألف لعنة ، و لا يصعد له عمل إلى السماء ، و لا يستجاب له دعاؤه ، و لا يقبل منه صرف و لا عدل [85].

و قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم فِي كَلَامٍ لَهُ :

إِيَّاكُمْ وَ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ ، فَإِنَّ رِيحَ الجنة تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ ، وَ لَا يَجِدُهَا عَاقٌّ ، وَ لَا قَاطِعُ رَحِمٍ ، وَ لَا شَيْخٌ زَانٍ ، وَ لَا جَارُّ إِزَارِهِ خُيَلَاءَ ، إِنَّمَا الْكِبْرِيَاءُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[86] .

 و روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال :

 من قبل غلاما بشهوة عذبه الله ألف عام في النار ، و من جامعه لم يجد ريح الجنة ، و ريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام ، إلا أن يتوب [87].

يا طيب : كان هذا ذكر لبعض العقاب العظيم لبعض المعاصي العظيمة ، وبها يخسأ العبد العاصي ويذل بأشد العذاب الأبدي إن لم يتب ، وقد عرفت كثير من المعاصي العظيمة في اسم الله التواب ، والواجب أن يتوب منها الإنسان ، وسيأتي بعض ذكر لها في اسم الله الشافي لنتركها ونحذرها لكي لا نقع بما لا تحمد عاقبته ، وتكون فينا جروح روحيه وقروح نفسيه تبعدنا عن التحقق بنور الله العظيم اللطيف الشافي ، ولذا كان يجب أن نعالجها بالتوبة كما عرفت والرجوع لاسم الله العظيم اللطيف الشافي ، لا العظيم المنتقم شديد العقاب ،  ولذا نستعجل هنا ذكر بعض الدواء لها والرجوع لفضل الله العظيم، وبذكر بعض الأدعية الموجبة لرفع آثار المعاصي فتدبر.

 

 

أدعية وأعمال تهدم الذنوب العظيمة :

يا طيب : عرفت بعض الآثار العظيمة والفضائل الكريمة  لقول :

لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ، سواء في رفع البلاء ، أو الاعتصام به من شر الشيطان وحزبه من الجن والإنس وكل مكروه ، والآن نذكر ما نُكفر به الذنوب العظام سواء عملا كان أو دعاء فيه أسم الله العظيم ، وراجع اسم الله العفو والغفور والتواب والشافي ، وراجع ما ذكرنا أعلاه بما للاسم العظيم من الآثار .

قَالَ الإمام علي عليه السلام :

مِنْ كَفَّارَاتِ الذُّنُوبِ الْعِظَـامِ ، إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ ، وَالتَّنْفِيسُ عَنِ الْمَكْرُوبِ[88].

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : من قال في آخر سجدة من النافلة بعد المغرب ليلة الجمعة ، و إن قاله كل ليلة فهو أفضل :

 اللهم إني أسألك بوجهك الكريم ، و اسمك العظيم أن تصلي على محمد و آل محمد ، و أن تغفر لي ذنبي العظيم ، سبع مرات انصرف و قد غفر له[89] .

وعَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام :

سَجَدَ وَجْهِي لَكَ تَعَبُّداً وَ رِقّاً ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ حَقّاً حَقّاً ، الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ ، وَ الْآخِرُ بَعْدَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ ، هَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، فَاغْفِرْ لِي
إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ
الذُّنُـوبَ الْعِظَـامَ غَيْرُكَ ،
فَاغْفِرْ لِي فَإِنِّي مُقِرٌّ بِذُنُوبِي عَلَى نَفْسِي ، وَ لَا يَدْفَعُ الذَّنْـبَ العظيم غَيْرُكَ
[90].

وكان الصادق عليه السلام يدعو بهذا الدعاء : إلهي كيف أدعوك و قد عصيتك ، و كيف لا أدعوك و قد عرفت حبك في قلبي ، و إن كنت عاصيا مددت إليك يدا بالذنوب مملوءة ، و عينا بالرجاء ممدودة .

مولاي أنت عظيـم العظمــاء : و أنا أسير الأسراء ،
 أنا أسير بذنبي مرتهن بجرمي ، إلهي لئن طالبتني بذنبي لأطالبنك بكرمك ، و لئن طالبتني بجريرتي لأطالبنك بعفوك ، و لئن أمرت بي إلى النار لأخبرن أهلها أني كنت أقول : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، اللهم إن الطاعة تسرك ، و المعصية لا تضرك ، فهب لي ما يسرك ، و اغفر لي ما لا يضرك ، يا أرحم الراحمين
[91] .

وعن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال :

 من استغفر الله بعد صلاة الفجر سبعين مرة ، غفر الله له و لو عمل ذلك اليوم أكثر من سبعين ألف ذنب ، و من عمل أكثر من سبعين ألف ذنب فلا خير فيه[92] .

يا طيب : من يعرف عظمة الله وما له من الشأن العظيم في ثوابه وعقابه ، ويدعي أنه مؤمن لابد أن لا يتعرض لعظيم عقابه ، فإنه قد يكون مشكل التخلص من التبعات ، وإن بعض الذنوب لها من العظمة بحيث يكون الخروج منها مشكل جدا وبالخصوص حقوق الغير ، وبعضها يوجب قضائها وهي حقوق الله ، وبعض لا يقبل معها عمل أربعون يوم أو أكثر ، كما وإن قسم منها يكفي لها التوبة ، وعلى كل الأحوال يجب التوبة والسعي للخروج من تبعاتها ، والتوسل بالله للخلاص منها سواء بذكر ما عرفت من الأدعية أو ما مر في اسم الله التواب أو الآتية في اسم الله الشافي ، وندع الذنوب ، وأسأل الله العلي العظيم أن يخلصنا منها ومن الوقوع بها دفعا قبل حصولها ورفعا بعد التورط بها ، وأن يحققنا بكل طاعة يحبها ، ويهبنا ما أعده لأوليائه من الأجر العظيم ، فتابع أمر الطاعات وثوابها العظيم بفضل الله العظيم .

 

 

 بعض الأعمال العبادية العظيمة وثوابها العظيم :

سبحان الله العظيم وبحمده سبحان ربي الأعلى وبحمده .

العظيم سبحانه : ثوابه عظيم وفضله عظيم وكل ما يهبه عظيم ، وكل شيء عظيم بما يستحقه من العظمة حسب شأنه وطلبه ، وعرفت أن الإنسان خلق لكي يكون له شأن عظيم بعد أن سخر له الكون العظيم كما عرفت ، بل وجعل كرام وعظماء خلقه يهدوه وبكتاب عظيم شرحوه بما يكون بالعلم به وتطبيقه عظيما حقا بفضل العظيم .

وإن الكتاب هذا : ليس هو شرح لثواب الأعمال وعقابها ، وتوجد كتب كثيرة مختصة بهذا ، وبالخصوص الجزء الثاني من الكافي أو ثواب الأعمال أو غيرها ، ولكن هنا نختار منها ما يعرفنا بعض عظمة الأعمال التي لها أرقام تعرفنا عظمة ثوابها لتكون مناسبة لما عرفت من ذكر الأرقام في أول البحث ، ولكي نتحقق بمعنى جميل حين نسمع من عظمة الثواب على الأعمال وبالأرقام الكبير العظيمة ، ولا نستبعده بعد ما عرفنا شيء من شؤون تجلي فضل الله العظيم في الكون وظهور نور الأسماء الحسنى كلها في الكون وبكل عظمة ، وبالخصوص على أعظم خلقه ومن تحقق بهداه العظيم المنزل عليهم والذي يعظم به كل من يحب العظمة من المؤمنين .

وهذه يا طيب : أحاديث كريمة فيها بعض الثواب العظيم لبعض الأعمال لنأنس ونحب عظمة الله بكل عمل عبادة تعظمنا عنده ، وقد عرفت إن كل عمل وإن قل ، فهو عظيما عند الله بعدما تصدق به النية والإخلاص في إرادة طاعة الله وقصد وجهه الكريم العظيم .

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ :

مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ مَرَّةً ؛ بُورِكَ عَلَيْهِ . وَ مَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ ؛ بُورِكَ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَهْلِهِ ، وَ مَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ؛ بُورِكَ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَهْلِهِ وَ عَلَى جِيرَانِهِ ، وَ مَنْ قَرَأَهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً ؛ بَنَى الله لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ قَصْراً فِي الجنة . فَيَقُولُ الْحَفَظَةُ : اذْهَبُوا بِنَا إِلَى قُصُورِ أَخِينَا فُلَانٍ ، فَنَنْظُرَ إِلَيْهَا .

 وَ مَنْ قَرَأَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ : غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً مَا خَلَا الدِّمَاءَ وَ الْأَمْوَالَ ، وَ مَنْ قَرَأَهَا أَرْبَعَمِائَةِ مَرَّةٍ ؛ كَانَ لَهُ أَجْرُ أَرْبَعِمِائَةِ شَهِيدٍ ، كُلُّهُمْ قَدْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَ أُرِيقَ دَمُهُ ، وَ مَنْ قَرَأَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ فِي يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ ؛ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ فِي الجنة أَوْ يُرَى لَهُ [93].

وعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ : مَنْ قَرَأَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، يَجْهَرُ بِهَا صَوْتَهُ كَانَ كَالشَّاهِرِ سَيْفَهُ فِي سَبِيلِ الله ، وَ مَنْ قَرَأَهَا سِرّاً كَانَ كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ الله ، وَ مَنْ قَرَأَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ غُفِرَتْ لَهُ عَلَى نَحْوِ أَلْفِ ذَنْبٍ مِنْ ذُنُوبِهِ [94].

عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

من قرأ مائة آية يصلي بها في ليلة ، كتب الله له بها قنوت ليلة ، و من قرأ مائتي آية في ليلة من غير صلاة الليل ، كتب الله له في اللوح قنطارا من الحسنات ، و القنطار ألف و مائتا أوقية ، و الأوقية أعظم من جبل أحد [95].

وعن محمد بن مسلم قال : قال أبو جعفر عليه السلام :

 من سبح تسبيح الزهراء عليه السلام ، ثم استغفر غفر له ، و هي مائة باللسان ، و ألف في الميزان ، و تطرد الشيطان ، و ترضي الرحمن[96] .

عن إسحاق بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام ، يا إسحاق :

من طاف بهذا البيت طوافا واحدا ، كتب الله له ألف حسنة ، و محا عنه ألف سيئة ، و رفع له ألف درجة ، و غرس له ألف شجرة في الجنة ، و كتب له ثواب عتق ألف نسمة ، حتى إذا وصل إلى الملتزم ، فتح الله له ثمانية أبواب الجنة ، يقال له : ادخل من أيها شئت ؟ قال : فقلت جعلت فداك هذا كله لمن طاف ؟

قال : نعم ، أ فلا أخبرك بما هو أفضل من هذا ؟ قلت : بلى .

قال : من قضى لأخيه المؤمن حاجة ، كتب الله له طوافا حتى بلغ عشر [97].

عن يونس بن ظبيان قال قال أبو عبد الله عليه السلام :

من صام يوما في الحر فأصابه ظمأ ، وكل الله عز و جل به ألف ملك يمسحون وجهه و يبشرونه ، حتى إذا أفطر ، قال الله عز و جل : ما أطيب ريحك و روحك ، ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له[98] .

يا طيب : عرفت أنه توجد كتب معدة لثواب الأعمال وعقابها وقد اخترنا منها اليسر ، ونجد فيها لعمل واحد ما يقارب الصفحة من الثواب العظيم ، حتى ليأنس المؤمن بقراءته ويحب أن يتحقق به فورا ، ويسعى للكون في ملكه العظيم أبدا ، وذلك لما تشوقه من حقائق ثوابه العظيم ، فإن أحبب المزيد فراجعها ، وهذا ثواب الإنفاق في سبيل الله العظيم تعالى وما له من الثواب العظيم .

 

الثواب العظيم للصدقة والإنفاق :

وعن معلى بن خنيس قال : خرج أبو عبد الله عليه السلام في ليلة قد رشت السماء ، و هو يريد ظلة بني ساعدة فاتبعته ، فإذا هو قد سقط منه شي‏ء ، فقال : بسم الله اللهم رد علينا ، قال : فأتيته فسلمت عليه ، فقال : أنت معلى ؟ قلت : نعم جعلت فداك . فقال لي : التمس بيدك فما وجدت من شي‏ء فادفعه إلي .

 قال : فإذا بخبز منتشر ، فجعلت أدفع إليه ما وجدت ، فإذا أنا بجراب من خبز ، فقلت : جعلت فداك أحمله عنك ؟ فقال : لا أنا أولى به منك ، و لكن امض معي .

قال : فأتينا ظلة بني ساعدة ، فإذا نحن بقوم نيام ، فجعل يدس الرغيف و الرغيفين تحت ثوب كل واحد منهم حتى أتى على آخره ، ثم انصرفنا .

فقلت : جعلت فداك يعرف هؤلاء الحق ؟

فقال : لو عُرفوا لواسيناهم بالدقة و الدقة هي الملح ، إن الله لم يخلق شيئا إلا و له خازن يخزنه إلا الصدقة ، فإن الرب تبارك و تعالى يليهما بنفسه .

و كان أبي : إذا تصدق بشي‏ء وضعه في يد السائل ، ثم ارتده منه و قبله و شمه ، ثم رده في يد السائل ، و ذلك أنها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل ، فأحببت أن أناول ما ولاها الله تعالى .

 إن صدقة : الليل تطفئ غضب الرب ، و تمحق الذنب العظيم ، و تهون الحساب ، و صدقة النهار تثمر المال ، و تزيد في العمر .

إن عيسى ابن مريم عليه السلام : لما مر على البحر ألقى بقرص من قوته في الماء . فقال له بعض الحواريين : يا روح الله و كلمته لم فعلت هذا ، هو من قوتك ؟ قال : فعلت هذا لتأكله دابة من دواب الماء ، و ثوابه عند الله العظيم[99] .

وقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 مَنْ كَسَ أَحَداً مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ثَوْباً مِنْ عُرْيٍ ، أَوْ أَعَانَهُ بِشَيْ‏ءٍ مِمَّا يَقُوتُهُ مِنْ مَعِيشَتِهِ ، وَكَّلَ الله عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، يَسْتَغْفِرُونَ لِكُلِّ ذَنْبٍ عَمِلَهُ إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِي الصُّورِ [100].

ويا طيب : تجد آيات كثيرة وأحاديث كثيرة تبين فضل الإنفاق في سبيل الله وعرفت الإنفاق في طلب العلم ، والسعي في حوائج المؤمنين ، والآن إليك أحاديث كريمة في مكارم الأخلاق ، فتنور بنورها العظيم بفضل الله متحققا .

 

الثواب العظيم لمكارم الأخلاق :

يا طيب : إن ثواب الله العظيم لكل عمل وإن دق فهو عظيم ، وقد عرفت بعضها ، وهذا ثواب مكارم الأخلاق والتي هي أس الدين ومن أصول الطاعات وهي عبادات وإن لم تكن بذكر ودعاء ، بل هي حسن سمت وجمال تصرف وكريم عمل ، وقد قال الله لنبينا العظيم :

{ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) } القلم .

وقال أمير المؤمنين عليه السلام :

 تبادروا المكارم : و سارعوا إلى تحمل المغارم ، و اسعوا في حاجة من هو نائم ، يحسن لكم في الدارين الجزاء ، و تنالوا من الله عظيم الحباء[101] .

وعن الإمام الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال :

 من آوى اليتيم ، و رحم الضعيف ، و ارتفق على والده ، و رفق على ولده ، و رفق بمملوكه ، أدخله الله تعالى في رضوانه و يسر عليه رحمته .

 و من كف غضبه ، و بسط رضاه ، و بذل معروفه ، و وصل رحمه ، و أدى أمانته ، جعله الله تعالى في نوره الأعـظـم يوم القيامة[102] .

وعن الإمام الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : صنع المعروف يدفع ميتة السوء ، و الصدقة في السر تطفي غضب الرب ، و صلة الرحم تزيد في العمر و تنفي الفقر ، و قول لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم كنز من كنوز الجنة ، و هي شفاء من تسعة و تسعين داء أدناه الهم[103] . وكتبنا بحوث كريمة في صحيفة الإمام الحسين والإمام الرضا والنبوة فراجعها يا طيب وبعد ما عرفنا ما لنا من الفضل العظيم ندخل به متحققين واقعا !!


[1] الكافي ج1ص17كتاب العقل و الجهل .

[2] الكافي ج2ص62ح9 .

[3] الكافي ج2ص47ح2.

[4] الكافي ج2ص52ح1.

[5] كفاية الأثر ض226 .

[6] غرر الحكم ص140ح 2478.

[7] الأمالي‏ للصدوق ص110م23 ح8 .

[8] الكافي ج2ص252ح2 .

[9] الكافي ج2ص253ح9.

[10] علل‏ الشرائع ج2ص589ب385ح33 . والكافي ج2ص265ح23.

[11] إقبال ‏الأعمال ص579.

[12] الكافي ج8ص170خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام حديث 193 .

[13] الخصال ج1ص310 .

[14] علل ‏الشرائع ج2ص474ب223ح1 .

[15]علل ‏الشرائع ج2 ص333ب30ح6 .

[16] الجعفريات ص237 .

[17] الكافي ج2ص427ح6 .

[18] تفسير الإمام ‏العسكري ص39 ح16.

[19] غرر الحكم ص221ح 4436.

[20] غرر الحكم ص 457ح 10442.

[21] فلاح‏ السائل ص122.

[22] إرشاد القلوب ص164ج1ب49.

[23] الكافي ج2ص210 باب في إحياء المؤمن حديث 2 .

[24] الخصال ص504ج2ح1.

[25] تفسير الإمام ‏العسكري ص341ح218.

[26] ثواب ‏الأعمال ص131 ثواب معلم الخير .

[27] الأمالي ‏للطوسي ص 366م13ح25-774 .

[28] تفسير القمي ج2ص82.

[29] ثواب ‏الأعمال ص8 .

[30] ثواب‏ الأعمال ص165. والخصال ج1ص222ح49 .

[31] المحاسن ج1ص9ب3ح 27 .

[32] المحاسن ج1ص11ب5ح 34.

[33] الكافي ض92ج2باب الصبر ح17 .

[34] الكافي ج2ص109باب كظم الغيظ حديث 2 .

[35] الكافي ج2ص253باب شدة ابتلاء المؤمن حديث 8 .

[36] غرر الحكم ص100ح 1736 .

[37] غرر الحكم ص103ح 1835 .

[38] غرر الحكم ص366ح 8268 .

[39] المحاسن ج1ص41ب38ح 50 .

[40] المحاسن ج1ص41ب38ح 51 .

[41] ثواب‏ الأعمال ص162.

[42] الكافي ج2ص530ح24.

[43] الكافي ج2ص566ح9

[44] الكافي ج2ص566 ح12.

[45] الكافي ج2ص582باب دعوات موجزات لجميع الحوائج للدن حديث 17.

[46] المؤمن ص32 ح 61 .

[47] بشارة المصطفى ص : 27 .

[48] أعلام‏ الدين ص360 باب عدد أسماء الله تعالى و هي تسعة .

[49]علل ‏الشرائع ج2 ص333ب30ح6 .

[50] الكافي ج3ص329باب أدنى ما يجزئ من التسبيح في الركوع حديث 1 .

[51] الكافي ج3ص319باب الركوع و ما يقال فيه من التسبيح‏ حديث 1 .

[52] الأمالي ‏للصدوق ص55 م13ح 5 .

[53] الأمالي ‏للصدوق ص556 م82ح13 .

[54] الجعفريات ص238 .

[55] الكافي ج4ص4باب فضل الصدقة حديث 10 .

[56] الكافي ج2ص187باب تذاكر الإخوان حديث 4 .

[57] ثواب ‏الأعمال ص154 . تأويل‏ الآيات ‏الظاهرة ص 452 سورة الأحزاب .

[58] الأمالي ‏للصدوق ص399م62ح16 . ثواب‏ الأعمال ص158.

[59] ثواب‏ الأعمال ص30  .

[60] ثواب ‏الأعمال ص30 .

[61] بشارة المصطفى ص108.

[62] الكافي ص177ج2باب زيارة الإخوان ح 7 .

[63] تفسير الإمام ‏العسكري ص333 ح 202 .

[64] تفسير الإمام‏ العسكري ص334ح 203 .

[65] الكافي ص192ج2باب إدخال السرور على المؤمنين ج13 .

[66] الكافي ص193ج2باب قضاء حاجة المؤمن ح3 .

[67] الكافي ص197ج2ح3.

[68] إرشاد القلوب ص146ب64 .

[69] الاختصاص  ص  242 . الأمالي ‏للصدوق ص295م49ح8.

[70] الأمالي ‏للصدوق ص236م42ح1.

[71] الكافي ص197ج2 باب السعي في حاجة المؤمن ح6 .

[72] الكافي ص201ج2باب إطعام المؤمن ح7 .

[73] الكافي ص120ج3ح3 .

[74] ثواب‏ الأعمال ص136 .

[75] إرشاد القلوب ص138ح1ب43 .

[76] إرشاد القلوب ص174ج1ب51.

[77] إرشاد القلوب ص175ج1ص51.

[78] الأمالي ‏للصدوق ص396م62ح5 . إرشاد القلوب ص84 ج1ب21.

[79] ثواب ‏الأعمال ص204  .

[80] ثواب‏ا لأعمال ض 239  .

[81] إرشاد القلوب ص194ج1ب52.

[82] ثواب‏ الأعمال ص278 .

[83] ثواب ‏الأعمال ص219  عقاب من قتل الحسين عليه السلام .

[84] إرشاد القلوب ض173ج1ب51.

[85] إرشاد القلوب ص174ج1ب51.

[86] الكافي ص349ج2 باب العقوق ح6 .

[87] إرشاد القلوب ص190ج 1ب52.

[88] نهج ‏البلاغة 472ح24 .

[89] الخصال ج2ص393ح95 .

[90] تهذيب ‏الأحكام ج3ص94ح6 .

[91] الأمالي ‏للصدوق ص 357م57ح2.

[92] ثواب ‏الأعمال ص165 .

[93] الكافي ص619ج2 باب فضل القرآن ح1 .

[94] الكافي ص621ج2باب فضل القرآن ح6 .

[95] ثواب‏ الأعمال ص101.

[96] ثواب الأعمال ص163.

[97] ثواب‏ الأعمال ص49 .

[98] ثواب ‏الأعمال ص 52 .

[99] ثواب‏ الأعمال ص144ب ثواب صدقة النهار . وتفسير العياشي ج2ص107ح 114 .

[100] الكافي ص205ج2ح3 .

[101] غرر الحكم ص 449 ح 10303 .

[102] الجعفريات ص166.

[103] الجعفريات ص188 .

 

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها