هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية : الجزء الثالث
الْعَظِيمُ
النور السابع والتسعون

الإشراق الرابع عشر

الدخول في ملك الله العظيم عيانا وواقعا وحقيقة :

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون :

يا طيب : قد عرفت أنه قد قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم :

إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تعالى تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ اسْماً ، مِائَةً إِلَّا وَاحِداً مَنْ أَحْصَاهَا

دَخَـلَ الجنة .

وها نحن الآن : نقترب من الانتهاء من شرح الأسماء الحسنى وإن من أحصاها دخل الجنة ، بما في ذلك مما يرى من كرامتها في الدنيا من الاطمئنان بذكر الله والراحة الواقعية بما قسم له الله ، أو بالتسليم المطلق لما قضى وقدر له الله العظيم من تسخير الكون كله ليطيعه بنعمه التي لا تحصى ، فيعظم ويكون له أعظم منازل الكرامة بإقامة دينهم القيم العظيم ، والمُنزل بكتاب عظيم على نبي عظيم وشرحه وحافظ عليه بعظماء خلقه الذين مكنهم من الكتاب والحكمة .

وها نحن : بعد ما عرفنا عظيم الثواب لنا على كل علم وعمل ، حان لنا أن دخل في ملكنا من فضل الله العظيم علميا ، وبعد عمر قصير أو طويل وأسأل الله أن يجعله في طاعته ، وأن يرينا ملكنا العظيم اللطيف الشافي بكل كرامة تجلت من نور أسماءه الحسنى كلها عيانا واقعيا أبديا ، وإن الموت لكل مخلوق يوم لابد منه ، لأنه :

{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)}الرحمن.

وعَنْ جَارُودِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله عليه السلام يَقُولُ :

إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُ أَحَدِكُمْ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ قَرَّتْ عَيْنُهُ ،

وعَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله عليه السلام ، قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ :

 فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُوم .. إِلَى قَوْلِهِ .. إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ؟

فَقَالَ : إِنَّهَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ، ثُمَّ أُرِيَ مَنْزِلَهُ مِنَ الجنة ، فَيَقُولُ : رُدُّونِي إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى أُخْبِرَ أَهْلِي بِمَا أَرَى فَيُقَالُ لَهُ لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ[104] .

وقد قال الله تعالى : وقد قال الله تعالى : { قِيلَ ادْخُلِ الجنة قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ (28) } يس .

وقال سبحانه : { .. قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77) أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ .. (78)}النساء.

و قال النبي صلى لله عليه وآله وسلم : .. فإن أحدكم إذا مات فقد قامت قيامته ، يرى ما له من خير أو شر ، إن الليالي قاطعات الآجال ، و الأيام مدنية الآجال ، و إن المرء عند خروج نفسه و حلول رمسه يرى جزاء ما أسلف[105] .

فبعد أن عرفنا شؤون تجلي أسم الله العظيم : في الكون الواسع الأدنى وبالأرقام المذهلة العجيبة الواسعة والمعبرة عن ترامي أطراف الكون الدنيوي المشهود بما لا يسع أكبر مراصد العالم مع تطوره أن ترى واحد من مليون بل من تريليون من سعته ، وما كانت نستبه الضئيلة بالنسبة لعالم أعلى منه ملكوتي، وما تكررت له من النسبة بعوالم أوسع منه حتى سبع سماوات وكرسي وعرش وما بينهما بتكرار النسبة مئات المرات بل آلاف المرات ، وما عرفنا من الثواب العظيم الذي لنا بفضل الله الذي هدانا لدينه الحق ، والذي أسأله أن يمكنا منه حتى نطيعه بما يحب ويرضى ، وها نحن نقترب من شرح الأسماء الحسنى التي من أحصها دخل الجنة .

فلندخل يا طيب : بالعلم بملك الله العظيم بمراحل ثلاثة، أول : للراحل لجنته وراحته والكافر من عذابه وأحوالهم في البرزخ بكل عظمة بما نعرف هنا ، وثاني : ملك المؤمن العظيم في القيامة وما يشرفه الله في اسمه اللطيف ، وثالثا : ملكه في الجنة وعظمتهما في اسم الله الشافي ، وبها نرى إن شاء الله تجلي عظمة الله ولطفه الشافي .

 

الإشعاع الأول :

آيات تعرف عظمة وقدرة الله وفضله على المؤمنين وعذابه لغيره :

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون :

هذه آيات : كريمة وعظيمة في بيان ما لابد من وقوعه لنا ولكل شيء مخلوق ، وهو الموت عن الحياة الدنيا والذهاب للحياة العليا الكريمة العظيمة في المجد واللطيفة الشافية بالنسبة للمؤمن ، وللحياة المظلمة التعسة الخاسئة المؤلمة لغير المؤمن ، وبها نعرف بعض الظهور العظيم لقدرة الله على كل شيء ، والدخول في ملك العظمة بأعلى تجلي لله العظيم عيانا وحقيقة وواقعا بنوعيها للمؤمن ولغيره ، وقد قال العظيم:

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)

 مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)

وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَــوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) } ق .

{ كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (ا28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (القيامة29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (ا30) } لقيامة .

{ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (84)

وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ (85)

 فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (87)

 فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89)

وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91)

وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ

(94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْـمِ رَبِّكَ العظيم } الواقعة .

 

وأما ما للمؤمنين : من الثواب العظيم بالإضافة لما عرفت فهو في قوله تعالى :

{ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَواْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي الله الْمُتَّقِينَ (31)

الَّذِيـنَ تَتَوَفَّاهُـمُ الْمَلآئِكَـةُ

طَـيـِّبِـيـنَ

يَقُولُونَ سَـلامٌ عَلَيْكُـمُ ادْخُلُـواْ الجنة بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُـونَ (32)}النحل.

{ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء الله

لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (63)

 لَهُمُ الْبُشْـرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله

ذَلِكَ هُــوَ الْفَــوْزُ العظيم (64) } يونس .

{ هُـوَ الَّذِي يُصَلّـِي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُـهُ

لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النور وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)

 تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَــوْنَهُ سَـلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْـرًا كَرِيمًا (44) } الأحزاب .

{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُـوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقَامُوا

 تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا

وَأَبْشِرُوا بِالجنة الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30)

 نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) } فصلت .

{ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِـعِـي إِلَى رَبِّـكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) } الفجر .

جعلنا الله منهم : ورزقنا من فضله العظيم معهم .

 

 وأما حال غيرهم : فهو ما قال الله تعالى يصف خسرانهم وما أعد من العذاب الأليم لهم :

{ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27)
 ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ الله وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)
 أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ الله أَضْغَانَهُمْ (29)
} محمد .

{ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ
 وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50)
} الأنفال .

{ حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99)
 لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ

كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) } المؤمنون .

{ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ
فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ
بَلَى
إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ
خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ
(29)
} النحل .

أعوذ بالله العظيم : من الكبر والعجب والفخر والحسد والكذب والغش وكل ما يبعد عن فضله العظيم ، وأن يغفر لنا ولكم ، و يوفقنا لما يحب ويرضى .

يا طيب : قد عرفت أنه هنا لم نستقصي كل الآيات والروايات في كل موضوع ، وإنما نختار المناسب للبحث وما يرينا عظمة الله في تجليه بكل نور أسماءه الحسنى ، سواء كان الحي والمحيي والخالق والهادي والرازق والكريم ، أو المميت الذي يظهر بكل عظمة وقدرة على كل خلقه بعدما قدر لهم من العمر الذي سخر لهم به كل ما يحتاجونه من نعمه .

وإنه قد عرفت يا طيب : أنه البحث في اسم الله العظيم نختمه في بيان ملك المؤمن وغيره حين الموت وبعده في البرزخ حتى يوم القيامة ، فتدبر .

 

 

الإشعاع الثاني :

بعض ما يعاين الإنسان عند الذهاب لملكه العظيم :

لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ،
سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما بينهن وما تحتهن ، ورب العرش  العظيم والحمد لله رب العالمين [106].
إنا لله وإنا إليه راجعون :

إذا حضر الموت : وأحتضر الإنسان يلقن كلمات الفرج أعلاه ، ويلقن الشهادة بالله وبالرسول وبالولاية لأئمة الحق وما أوجبه تعال وقد ذكر في مصباح المتهجد :

 قد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : من لم يحسن الوصية عند موته كان ذلك نقصا في عقله و مروءته . قالوا : يا رسول الله و كيف الوصية ؟ قال : إذا حضرته الوفاة و اجتمع الناس إليه ، قال :

اللهم : فاطر السماوات و الأرض ، عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم ، إني أعهد إليك أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، و أن محمدا صلى الله عليه و آله عبدك و رسولك ، و أن الساعة آتية لا ريب فيها ، و أنك تبعث من في القبور ، و أن الحساب حق ، و أن الجنة حق ، و ما وعدت فيها من النعيم من المأكل و المشرب و النكاح حق ، و أن النار حق ، و أن الإيمان حق ، و أن الدين كما وصفت ، و أن الإسلام كما شرعت ، و أن القول كما قلت ، و أن القرآن كما أنزلت ، و أنك أنت الله الحق المبين .

 و أني أعهد إليك : في دار الدنيا أني رضيت بك ربا ، و بالإسلام دينا ، و بمحمد صلى الله عليه و آله نبيا ، و بعلي وليا ، و بالقرآن كتابا ، و أن أهل بيت نبيك عليه و عليهم السلام أئمتي .

اللهم : أنت ثقتي عند شدتي و رجائي عند كربتي ، و عدتي عند الأمور التي تنزل بي ، فأنت وليي في نعمتي ، و إلهي و إله آبائي ، صل على محمد و آله ، و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا ، و آنس في قبري وحشتي ، و اجعل لي عندك عهدا يوم ألقاك منشورا . فهذا عهد الميت يوم يوصي بحاجته و الوصية حق على كل مسلم[107] .

 ويوجه للقبلة عند التلقين ، ويقرأ عنده ياسين والصفات ، ويقرأ عنده القرآن ، والأدعية المذكورة في مفاتيح الجنان قسم تلقين الميت .

وأما أحوال العباد عند الموت :

عن أبو اليقظان عمار الأسدي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لو أن مؤمن أقسم على ربه أن لا يميته ما أماته أبدا ، ولكن إذا كان ذلك أو إذا حضر أجله بعث الله عز وجل إليه ريحين :

ريحا يقال لها : المنسية . وريحا يقال لها : المسخية ، فأما المنسية فإنها تنسيه أهله وماله . وأما المسخية فإنها تسخى نفسه عن الدنيا حتى يختار ما عند الله [108]

وعن سدير الصيرفي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام :

جعلت فداك يا ابن رسول الله هل يكره المؤمن على قبض روحه ؟

قال : لا والله إنه أذا أتاه ملك الموت لقبض روحه ، جزع عند ذلك ، فيقول له ملك الموت : يا ولي الله لا تجزع ، فو الذي بعث محمدا لانا أبر بك وأشفق عليك من والد رحيم لو حضرك ، افتح عينك فانظر ، قال : ويمثل له رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم .

فيقال له : هذا رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة رفقاؤك ، قال : فيفتح عينه فينظر فينادي روحه  مناد من قبل رب العزة ، فيقول : { يا أيتها النفس المطمئنة  }  إلى محمد وأهل بيته ، { أرجعى إلى ربك راضية } بالولاية ، { مرضية } بالثواب ، { فادخلي في عبادي } يعني محمدا وأهل بيته ، { وادخلي جنتي } ، فما شيء أحب إليه من استلال روحه واللحوق بالمنادي[109] .

وعن عمار بن مروان قال :  حدثني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول :

منكم والله يقبل ولكم والله يغفر : إنه ليس بين أحدكم، وبين أن يغتبط ، ويرى السرور ، وقرة العين ، إلا أن تبلغ نفسه هاهنا - و أومأ بيده إلى حلقه - ثم قال :

إنه إذا كان ذلك واحتضر : حضره رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي ، وجبرائيل وملك الموت ، فيدنو منه علي ، فيقول : يا رسول الله إن هذا كان يحبنا أهل البيت فأحبه ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله : يا جبرائيل إن هذا كان يحب الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبه ، ويقول جبرائيل لملك الموت : إن هذا كان يحب الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبه وأرفق به ، فيدنو منه ملك الموت ، فيقول : يا عبد الله أخذت فكاك رقبتك ، أخذت أمان براءتك ، تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا ؟

قال : فيوفقه الله عز وجل ، فيقول : نعم .

فيقول : وما ذلك ؟ فيقول : ولاية علي بن أبي طالب ، فيقول :  صدقت .

أما الذي كنت تحذره : فقد آمنك الله منه ، وأما الذي كنت ترجوه فقد أدركته ، أبشر بالسلف الصالح ، مرافقة رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة ،  ثم يسل نفسه سلا رفيقا . 

ثم ينزل بكفنه من الجنة : وحنوطه من الجنة بمسك أذفر ، فيكفن بذلك الكفن ، ويحنط بذلك الحنوط ، ثم يكسى حلة صفراء من حلل الجنة .

 فإذا وضع في قبره : فتح له باب من أبواب الجنة ، يدخل عليه من روحها  وريحانها ، ثم يفسح له عن أمامه مسيرة شهر وعن يمينه وعن يساره .ثم يقال له : نم نومة العروس على فراشها ، أبشر بروح وريحان وجنة نعيم ، ورب غير غضبان .

 ثم يزور آل محمد في جنان رضوى ، فيأكل معهم من طعامهم ، ويشرب من شرابهم ، ويتحدث معهم في مجالسهم ، حتى يقوم قائمنا أهل البيت .

فإذا قام قائمنا : بعثهم الله فأقبلوا معه يلبون زمرا زمرا ، فعند ذلك يرتاب المبطلون ، ويضمحل المحلون ، وقليل ما يكونون ، هلكت المحاضير ونجى المقربون ، من أجل ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي :

 أنت أخـي : وميعـاد ما بيني وبينك وادي الســــلام .

 قال و إذا احتضر الكافر : حضره رسول الله صلى الله عليه وآله و علي  وجبرائيل وملك الموت ، فيدنو منه علي ، فيقول : يا رسول الله إن هذا كان يبغضنا أهل البيت فأبغضه ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله : يا جبرائيل  إن هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأبغضه ، فيقول جبرائيل : يا ملك الموت إن هذا كان يبغض الله و رسوله وأهل بيت رسوله فأبغضه واعنف عليه .

 فيدنو منه ملك الموت فيقول : يا عبد الله أخذت فكاك رهانك ، أخذت أمان براءتك ، تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا ؟ فيقول : لا .

 فيقول : أبشر يا عدو الله بسخط الله عز وجل وعذابه والنار ، أما الذي كنت تحذره فقد نزل بك ، ثم يسل نفسه سلا عنيفا ، ثم يوكل بروحه ثلاثمائة شيطان ، كلهم يبزق في وجهه ،ويتأذي بروحه ، فإذا وضع في قبره فتح له باب من أبواب النار فيدخل عليه من قيحها ولهبه [110].

يا طيب : إن تمثل ملك الموت وحضور الأئمة بالتعظيم والتكريم والحفاوة والبشارة يكون حسب شأن المؤمن وماله من حقائق العبودية والإخلاص لله ، وحبه لما أحبه من تعظيم أئمة الحق الذين عظمهم الله وجعل لهم حق عليه ، وقد وردت أحاديث كثيرة بأنه من يزور النبي وآله ويزوره عند موته ويكونون عنده في أصعب المواقف ومع ملائكة يبشروه بالكرامة وما له من الأجر العظيم والنعيم التام المقيم .

وقد عرفت : أنه عند الموت يظهر تجلي الله العظيم على العبد بأعلى مراتب يستحقها من القدرة على أخذ روحه بما يقدر به ملك الموت ، أو ظهور النعيم على العبد المؤمن بكل تعظيم وحفاوة ، فيريه من كان يتولى ويحب ويحشر معهم ، فإن ورد من أحب حجرا فهو يحشر معه ويكون قرينه ، فضلا عن شيطان أو مال لم يخرج من حقه فيكوى به ويعلق في رقبته ، وكذلك من يكون مؤمنا يرى أولياءه ويبشروه بالكرامة ويرى الحفاوة والتكريم والتعظيم له من أئمة الدين المعظمين .

وهذه نعمة أخرى : من النعم التي لا تحصى مسخرة للمؤمن ـ وإن شاء الله أنا وإياكم منهم ـ وبأعظم مظهر من مظاهر الكرامة للعبد المؤمن ، وفي اشد المواقف يأتي أعظم خلق الله يبشره بما يفرح به ويسر وتطيب به نفسه وتقر به عينه وترتاح له روحه وتأنس به من نور الكرامة وبأعظم تجلي ، رزقنا الله العظيم بلطفه الشافي .

 وإذ عرفت حال المؤمن وغيره : في الحديث أعلاه ، فهذه بعض التفاصيل الأخرى لأحوال أخرى للعباد ، وما لهم من الكرامة التي تحكيها هذه الأحاديث ، وإن شاء الله نحن منهم ونراها بأعلى مظهر بفضل الله العظيم ، ورزقنا الله وإياكم منها وتكون لنا الراحة عند الموت ، وكفانا ما أعد من الخسة والصغار عند الله العظيم لمن ينصب العداوة والبغضاء للمؤمنين وأئمتهم .

ويا مؤمن : إن الإيمان حسب الشدة والضعف ولدا يكون التبشير والتهويل حسب حال العباد ، ولذا ذكرت عدت أحاديث تعرف أحوالهم عند الرحيل وموت البدن وفوت الروح لله العظيم ، وهذه بعضها لتقر عينك فتدمع دمعة فرح للطفه بنا:

جاء في تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لكفار قريش و اليهود ، كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِالله الذي دلكم على طرق الهدى ، و جنبكم إن أطعتموه سبل الردى . وَ كُنْتُمْ أَمْوات في أصلاب آبائكم و أرحام أمهاتكم ، فَأَحْياكُمْ أخرجكم أحياء ، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ في هذه الدنيا و يقبركم . ثُمَّ يُحْيِيكُمْ في القبور ، و ينعم فيها المؤمنين بنبوة محمد و ولاية علي  ، و يعذب فيها الكافرين بهما . ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ في الآخرة بأن تموتوا في القبور بعد ، ثم تحيوا للبعث يوم القيامة فترجعون إلى ما وعدكم من الثواب على الطاعات إن كنتم فاعليها ، و من العقاب على المعاصي إن كنتم مقارفيها .

فقيل له : يا ابن رسول الله ففي القبر نعيم و عذاب ؟

قال عليه السلام : إي و الذي بعث محمدا بالحق نبيا ، و جعله زكيا هاديا مهديا . و جعل أخاه عليا بالعهد وفيا ، و بالحق مليا ، و لدى الله مرضيا ، و إلى الجهاد سابقا ، و لله في أحواله موافقا ، و للمكارم حائزا ، و بنصر الله على أعدائه فائزا ، و للعلوم حاويا ، و لأولياء الله مواليا ، و لأعدائه مناويا ، و بالخيرات ناهضا ، و للقبائح رافضا ، و للشيطان مخزيا ، و للفسقة المردة مقصيا ، و لمحمد نفسا ، و بين يديه لدى المكاره ترسا و جُنة . آمنت به أنا ، و أبي علي بن أبي طالب ، عبد رب الأرباب المفضل على أولي الألباب ، الحاوي لعلوم الكتاب ، زين من يوافي يوم القيامة في عرصات الحساب ، بعد محمد صفي الكريم العزيز الوهاب .

إن في القبر : نعيما يوفر الله به حظوظ أوليائه .

و إن في القبر : عذابا يشدد الله به على أعدائه .

إن المؤمن : الموالي لمحمد و آله الطيبين ، المتخذ لعلي بعد محمد إمامه الذي يحتذي مثاله ، و سيده الذي يصدق أقواله ، و يصوب أفعاله ، و يطيعه بطاعة من يندبه من أطائب ذريته لأمور الدين و سياسته .

 إذا حضره من أمر الله تعالى ما لا يرد : و نزل به من قضائه ما لا يصد ، و حضره ملك الموت و أعوانه ، وجد عند رأسه محمدا رسول الله سيد النبيين من جانب ، و من جانب آخر عليا سيد الوصيين ، و عند رجليه من جانب الحسن سبط سيد النبيين ، و من جانب آخر الحسين سيد الشهداء أجمعين ، و حواليه بعدهم خيار خواصهم و محبيهم الذين هم سادة هذه الأمة بعد ساداتهم من آل محمد ، فينظر إليهم العليل المؤمن ، فيخاطبهم بحيث يحجب الله صوته عن آذان حاضريه ، كما يحجب رؤيتنا أهل البيت و رؤية خواصنا عن عيونهم ، ليكون إيمانهم بذلك أعظم ثوابا لشدة المحنة عليهم فيه .

 فيقول المؤمن : بأبي أنت و أمي يا رسول رب العزة ، بأبي أنت و أمي يا وصي رسول رب الرحمة ، بأبي أنتما و أمي يا شبلي محمد و ضرغاميه ، و يا ولديه و سبطيه ، و يا سيدي شباب أهل الجنة المقربين من الرحمة و الرضوان . مرحبا بكم يا معاشر خيار أصحاب محمد و علي و ولديهما ، ما كان أعظم شوقي إليكم ، و ما أشد سروري الآن بلقائكم .

يا رسول الله : هذا ملك الموت قد حضرني ، و لا أشك في جلالتي في صدره ، لمكانك و مكان أخيك مني .

 فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : كذلك هو.

 ثم يقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : على ملك الموت ، فيقول : يا ملك الموت استوص بوصية الله في الإحسان إلى مولانا و خادمنا و محبنا و مؤثرنا . فيقول له ملك الموت : يا رسول الله ، مره أن ينظر إلى ما قد أعد الله له في الجنان .

 فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله : انظر إلى العلو ، فينظر إلى ما لا تحيط به الألباب ، و لا يأتي عليه العدد و الحساب .

 فيقول ملك الموت : كيف لا أرفق بمن ذلك ثوابه ، و هذا محمد و عترته زواره ، يا رسول الله لو لا أن الله جعل الموت عقبة لا يصل إلى تلك الجنان إلا من قطعها ، لما تناولت روحه ، و لكن لخادمك و محبك هذا أسوة بك و بسائر أنبياء الله و رسله و أوليائه الذين أذيقوا الموت بحكم الله تعالى .

 ثم يقول محمد صلى الله عليه وآله وسلم : يا ملك الموت هاك أخانا قد سلمناه إليك فاستوص به خيرا . ثم يرتفع هو و من معه إلى ربض الجنان ، و قد كشف عن الغطاء و الحجاب لعين ذلك المؤمن العليل ، فيراهم المؤمن هناك بعد ما كانوا حول فراشه .

فيقول : يا ملك الموت الوحا الوحا ( أي عجل ) ، تناول روحي و لا تلبثني هاهنا ، فلا صبر لي عن محمد و عترته و ألحقني بهم .

 فعند ذلك يتناول ملك الموت روحه : فيسلها ، كما يسل الشعرة من الدقيق ، و إن كنتم ترون أنه في شدة فليس في شدة ، بل هو في رخاء و لذة .

 فإذا أدخل قبره : وجد جماعتنا هناك ، فإذا جاء منكر و نكير،  قال أحدهما للآخر : هذا محمد ، و هذا علي و الحسن و الحسين و خيار صحابتهم بحضرة صاحبنا فلنتضع لهم . فيأتيان و يسلمان على محمد سلاما تاما منفردا ، ثم يسلمان على علي سلاما تاما منفردا ، ثم يسلمان على الحسن و الحسين سلاما يجمعانهما فيه ، ثم يسلمان على سائر من معنا من أصحابنا .

ثم يقولان : قد علمنا يا رسول الله زيارتك في خاصتك لخادمك و مولاك ، و لو لا أن الله يريد إظهار فضله ، لمن بهذه الحضرة من أملاكه ، و من يسمعنا من ملائكته بعدهم ،  لما سألناه ، و لكن أمر الله لا بد من امتثاله .

 ثم يسألانه فيقولان : من ربك ، و ما دينك ، و من نبيك ، و من إمامك ، و ما قبلتك ، و من إخوانك .

فيقول : الله ربي ، و محمد نبيي ، و علي وصي محمد إمامي ، و الكعبة قبلتي ، و المؤمنون الموالون لمحمد و علي و آلهما و أوليائهما و المعادون لأعدائهما إخواني ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ، و أن أخاه عليا ولي الله ، و أن من نصبهم للإمامة من أطائب عترته و خيار ذريته خلفاء الأمة و ولاة الحق ، و القوامون بالعدل .

 فيقولون : على هذا حييت ، و على هذا مت ، و على هذا تبعث إن شاء الله تعالى ، و تكون مع من تتولاه في دار كرامة الله و مستقر رحمته .

 قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : و إن كان لأوليائن معاديا ، و لأعدائنا مواليا ، و لأضدادنا بألقابنا ملقبا ، فإذا جاءه ملك الموت لنزع روحه ، مثل الله عز و جل : لذلك الفاجر سادته الذين اتخذهم أربابا من دون الله ، عليهم من أنواع العذاب ما يكاد نظره إليهم يهلكه ، و لا يزال يصل إليه من حر عذابهم ما لا طاقة له به .

فيقول له ملك الموت : يا أيها الفاجر الكافر ، تركت أولياء الله إلى أعدائه ، فاليوم لا يغنون عنك شيئا ، و لا تجد إلى مناص سبيلا . فيرد عليه من العذاب ما لو قسم أدناه على أهل الدنيا لأهلكهم .

ثم إذا أدلي في قبره : رأى بابا من الجنة مفتوحا إلى قبره يرى منه خيراتها .

فيقول له منكر و نكير : انظر إلى ما حرمته من تلك الخيرات .

ثم يفتح له في قبره : باب من النار ، يدخل عليه منه من عذابها . فيقول : يا رب لا تقم الساعة ، يا رب لا تقم الساعة[111] .

وهذا حديثا آخرا للموت وما بعده :

قال علي بن الحسين عليه السلام قال : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن هؤلاء الكاتمين لصفة محمد رسول الله ، و الجاحدين لحلية علي ولي الله ، إذا أتاهم ملك الموت ليقبض أرواحهم ، أتاهم بأفظع المناظر ، و أقبح الوجوه ، فيحيط بهم عند نزع أرواحهم مردة شياطينهم الذين كانوا يعرفونهم ، ثم يقول ملك الموت أبشري أيتها النفس الخبيثة الكافرة بربها وبجحد نبوة نبيه و إمامة علي وصيه بلعنة من الله و غضبه .

 ثم يقول : ارفع رأسك و طرفك و انظر ، فينظر فيرى دون العرش محمدا صلى الله عليه وآله وسلم على سرير بين يدي عرش الرحمن ، و يرى عليا على كرسي بين يديه ، و سائر الأئمة على مراتبهم الشريفة بحضرته ، ثم يرى الجنان قد فتحت أبوابها ، و يرى القصور و الدرجات و المنازل التي تقصر عنها أماني المتمنين .

 فيقول له : لو كنت لأولئك مواليا ، كانت روحك يعرج بها إلى حضرتهم ، و كان يكون مأواك في تلك الجنان ، و كانت تكون منازلك فيها .

 و إن كنت على مخالفتهم : فقد حرمت على حضرتهم ، و منعت مجاورتهم ، و تلك منازلك ، و أولئك مجاوروك و مقاربوك ، فانظر . فيرفع له عن حجب الهاوية ، فيراها بما فيها من بلاياها و دواهيها و عقاربها و حياتها و أفاعيها و ضروب عذابها و أنكالها .

فيقال له : فتلك إذن منازلك . ثم تمثل له شياطينه هؤلاء الذين كانوا يغوونه ، و يقبل منهم مقرنين معه هناك في تلك الأصفاد و الأغلال ، فيكون موته بأشد حسرة و أعظم أسف [112].

سبحان الله العظيم و بحمده ، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .

 اللهم أهدني من عندك :  و أفض علي من فضلك ، و انشر علي من رحمتك ، و أنزل علي من بركاتك . اللهم أرحم ضعفي بين يديك : واجعلني من الآن إلى الأبد مولاي لأوليائك ومخلصا لك بما عبدوك به حتى الرضا ، ومعادي لأعدائك بأشد العداء حتى ترضى ، فإنك ولي التوفيق وأنت أرحم الراحمين العظيم ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين العظيم اللطيف الشافي .

 

 

الإشعاع الثالث

أحوال المؤمنين العظيمة وغيرهم الأليمة في القبر و البرزخ :

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون :

يا طيب : بعد أن عرفنا سل الروح من البدن وعروجها لحقها بفضل الله العظيم ، وعرفنا حقائق كريمة لأحوالنا عند الموت وفي القبر وما بعده من سؤال منكر ونكير فيه ، واللذان يسمان مبشر وبشير أيضا إذا نزلا على المؤمن بأحسن صورة ، ولكن للكفار  لسؤالهم منكر ونكير وبأبشع صورة وبأقبح منظر، وقد عرفت تفصيل سؤالهم ، ولكن غلب عليهم اسم منكر ونكير لكثرة المنكرين وقد قال الله تعالى :

{ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) } سبأ .

ولكن في هذا الإشعاع : نؤكد ما نرى في القبر والبرزخ وأحوال أرواحنا فيها ومالنا من الملك العظيم اللطيف الشافي إن شاء الله بفضله سبحانه وإلى يوم القيامة .

 فهنا نتعرف : على حالنا الذي يكون أطول من حياتنا الدنيا ، وقد يطول ملايين السنين في البرزخ بحال إما منعمين إن شاء الله ، وبحال معذبين لأعداء آل محمد ومبغضي أولياءهم ممن عبد الله بدين أئمة الضلال ، فنتعرف على أحاديث أخرى تفصل بعض أحوال العباد حين الموت وفي البرزخ إلى يوم القيامة ، وبالخصوص سؤال مبشر وبشير لنا إن شاء الله وما يكرمونا به من التعظيم والتجليل والبشارة بكل نعيم كما عرفت وما ستعرف ، بل يرونا النعيم ونتحقق به عينانا وبكل عظمة بفضل الله العظيم ، ومنكر ونكير لغيرنا وما لهم من العذاب العظيم والخزي في النار وعذابها الأليم ، لأنهم أنكروا عظمة الله المتجلي بالكون والهدى وبأعظم خلقه فلم يكونوا منهم ولم يتكرموا بالعظمة فلم يعظموا .

فيا طيب : هذه أحوال العباد حين الموت و في القبر والبرزخ ونسأل الله أن يجعلنا من خيرهم وبأفضل عظمة تجلى بها من كرامته على أعظم خلقه :

فعن الإمام موسى بن جعفر عن أبيه قال: قيل للصادق : صف لنا الموت ؟ قال :

للمؤمن : كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه ، و ينقطع التعب و الألم كله عنه .

و للكافر : كلسع الأفاعي ، و لذع العقارب ، أو أشد .

قيل : فإن قوما يقولون ، إنه أصعب من نشر بالمناشير ، و قرض بالمقاريض ، و رضخ بالأحجار ، و تدوير قطب الأرحية في الأحداق .

قال : كذلك هو على بعض الكافرين ، و الفاجرين بالله عز وجل ، أ لا ترون منهم من يعاني تلك الشدائد ، فذلكم الذي هو أشد من هذا الأمر عذاب الآخرة ، فإنه أشد من عذاب الدنيا .

قيل : فما بالنا نرى كافرا يسهل عليه النزع فينطفي ، و هو يحدث و يضحك و يتكلم . وفي المؤمنين أيضا من يكون كذلك ، وفي المؤمنين و الكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد ؟

فقال : ما كان من راحة للمؤمن هناك ، فهو عاجل ثوابه ، و ما كان من شديدة فتمحيصه من ذنوبه ليرد الآخرة نقيا نظيفا ، مستحقا لثواب الأبد ، لا مانع له دونه . و ما كان من سهولة هناك ، على الكافر فليوف أجر حسناته في الدنيا ليرد الآخرة ، و ليس له إلا ما يوجب عليه العذاب ، و ما كان من شدة على الكافر هناك ، فهو ابتداء عذاب الله له بعد حسناته ، ذلكم بأن الله عدل لا يجور[113] .

وعن الإمام الحسين عليه السلام قال : قيل لأمير المؤمنين عليه السلام :

 صف لنا الموت ؟

 فقال : على الخبير سقطتم ، هو أحد ثلاثة أمور يرد عليه :

إما بشارة : بنعيم الأبد . و إما بشارة : بعذاب الأبد . و إما تحزين و تهويل : و أمره مبهم لا يدري من أي الفرق هو . فأما ولينا : المطيع لأمرنا ، فهو المبشر بنعيم الأبد . و أما عدونا : المخالف علينا فهو المبشر بعذاب الأبد . و أما المبهم أمره : الذي لا يدري ما حاله ، فهو المؤمن المسرف على نفسه ، لا يدري ما يئول إليه حاله  ، يأتيه الخبر مبهما مخوفا ، ثم لن يسويه الله عز و جل بأعدائنا ، لكن يخرجه من النار بشفاعتنا ، فاعملوا و أطيعوا لا تتكلوا و لا تستصغروا عقوبة الله عز و جل ، فإن من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلا بعد عذاب ثلاثمائــة ألــف سـنـة [114].

 

وعن محمد بن علي عن أبيه عليه السلام قال : دخل موسى بن جعفر عليه السلام  على رجل قد غرق في سكرات الموت و هو لا يجيب داعيا .

 فقالوا له : يا ابن رسول الله وددنا لو عرفنا كيف الموت وكيف حال صاحبنا؟

فقال عليه السلام : الموت هو المصفاة .

 يصفي المؤمنين : من ذنوبهم ، فيكون آخر ألم يصيبهم كفارة ، آخر وزر بقي عليهم .

و يصفي الكافرين : من حسناتهم ، فيكون آخر لذة أو راحة تلحقهم ، و هو آخر ثواب حسنة تكون لهم .

 و أما صاحبكم هذا : فقد نخل من الذنوب نخلا ، و صفي من الآثام تصفية ، و خلص حتى نقي كما ينقى الثوب من الوسخ ، و صلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد [115].

وعَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ ضُرَيْسٍ الْكُنَاسِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام :

أَنَّ النَّاسَ يَذْكُرُونَ أَنَّ فُرَاتَنَا يَخْرُجُ مِنَ الجنة ، فَكَيْفَ هُوَ وَ هُوَ يُقْبِلُ مِنَ الْمَغْرِبِ ، وَ تُصَبُّ فِيهِ الْعُيُونُ وَ الْأَوْدِيَةُ ؟

قَالَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : وَ أَنَا أَسْمَعُ ، إِنَّ لِلَّهِ جَنَّةً خَلَقَهَا الله فِي الْمَغْرِبِ وَ مَاءَ فُرَاتِكُمْ يَخْرُجُ مِنْهَا ، وَ إِلَيْهَا تَخْرُجُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حُفَرِهِمْ عِنْدَ كُلِّ مَسَاءٍ ، فَتَسْقُطُ عَلَى ثِمَارِهَا ، وَ تَأْكُلُ مِنْهَا ، وَ تَتَنَعَّمُ فِيهَا ، وَ تَتَلَاقَى وَ تَتَعَارَفُ ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ هَاجَتْ مِنَ الجنة ، فَكَانَتْ فِي الْهَوَاءِ ، فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ،  تَطِيرُ ذَاهِبَةً وَ جَائِيَةً ، وَ تَعْهَدُ حُفَرَهَا إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، وَ تَتَلَاقَى فِي الْهَوَاءِ ، وَ تَتَعَارَفُ .

قَالَ : وَ إِنَّ لِلَّهِ نَاراً فِي الْمَشْرِقِ ، خَلَقَهَا لِيُسْكِنَهَا أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ ، وَ يَأْكُلُونَ مِنْ زَقُّومِهَا وَ يَشْرَبُونَ مِنْ حَمِيمِهَا ، لَيْلَهُمْ ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ هَاجَتْ إِلَى وَادٍ بِالْيَمَنِ ، يُقَالُ لَهُ بَرَهُوتُ : أَشَدُّ حَرّاً مِنْ نِيرَانِ الدُّنْيَا ، كَانُوا فِيهَا يَتَلَاقَوْنَ وَ يَتَعَارَفُونَ ، فَإِذَا كَانَ الْمَسَاءُ عَادُوا إِلَى النار ، فَهُمْ كَذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .

قَالَ قُلْتُ : أَصْلَحَكَ الله فَمَا حَالُ الْمُوَحِّدِينَ الْمُقِرِّينَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْمُذْنِبِينَ ، الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ لَيْسَ لَهُمْ إِمَامٌ وَ لَا يَعْرِفُونَ وَلَايَتَكُمْ ؟

فَقَالَ : أَمَّا هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ فِي حُفْرَتِهِمْ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ ، وَ لَمْ يُظْهِرْ مِنْهُ عَدَاوَةً ، فَإِنَّهُ يُخَدُّ لَهُ خَدٌّ إِلَى الجنة الَّتِي خَلَقَهَا الله فِي الْمَغْرِبِ ، فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْهَا الرُّوحُ فِي حُفْرَتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَيَلْقَى الله فَيُحَاسِبُهُ بِحَسَنَاتِهِ وَ سَيِّئَاتِهِ ، فَإِمَّا إِلَى الجنة وَ إِمَّا إِلَى النار ، فَهَؤُلَاءِ مَوْقُوفُونَ لِأَمْرِ الله .

 قَالَ : وَ كَذَلِكَ يَفْعَلُ الله بِالْمُسْتَضْعَفِينَ ، وَ الْبُلْهِ ، وَ الْأَطْفَالِ وَ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ ، الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ .

 فَأَمَّا النُّصَّابُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ : فَإِنَّهُمْ يُخَدُّ لَهُمْ خَدٌّ إِلَى النار الَّتِي خَلَقَهَا الله فِي الْمَشْرِقِ، فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا اللهبُ وَالشَّرَرُ وَالدُّخَانُ، وَفَوْرَةُ الْحَمِيمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ مَصِيرُهُمْ إِلَى الْحَمِيمِ ، ثُمَّ فِي النار يُسْجَرُونَ ، ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله ، أَيْنَ إِمَامُكُمُ الَّذِي اتَّخَذْتُمُوهُ دُونَ الْإِمَامِ الَّذِي جَعَلَهُ الله لِلنَّاسِ إِمَاماً[116] .

وعن يونس بن ظبيان قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال : ما يقول الناس في أرواح المؤمنين بعد موتهم ؟ قلت يقولون : في حواصل طيور خضر .

فقال : سبحان الله ، المؤمن أكرم على الله من ذلك ، إذا كان ذلك أتاه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ، و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام ، و معهم ملائكة من ملائكة الله عز و جل المقربين ، فإن أنطق الله لسانه بالشهادة له بالتوحيد ، و للنبي صلى الله عليه و آله بالنبوة ، و الولاية لأهل البيت عليهم السلام .

شهد على ذلك : رسول الله صلى الله عليه و آله ، و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام ، و الملائكة المقربون معهم . و إن اعتقل لسانه : فإن نبيه عليه السلام يعلم ما في قلبه من ذلك ، فشهد به ، و شهد على شهادة النبي وعلي و فاطمة و الحسن و الحسين على جماعتهم ، و من حضر معهم من الملائكة .

 فإذا قبض الله روحه إليه : صير تلك الروح إلى الجنة ، في صورة كصورته في الدنيا ، فيأكلون و يشربون ، ، فإذا قدم عليهم القادم ، عرفهم بتلك الصورة التي كانت في الدنيا [117].

توصية لمن ينزل مؤمنا في قبره وتذكرة أمير المؤمنين لنا :

عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ :

 إِذَا وَضَعْتَ الْمَيِّتَ فِي الْقَبْرِ ، قُلْتَ :

اللهمَّ هَذَا عَبْدُكَ وَ ابْنُ عَبْدِكَ وَ ابْنُ أَمَتِكَ ، نَزَلَ بِكَ وَ أَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ .

فَإِذَا سَلَلْتَهُ : مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَيْنِ وَ دَلَّيْتَهُ قُلْتَ : بِسْمِ الله وَ بِالله ، وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله ، اللهمَّ إِلَى رَحْمَتِكَ لَا إِلَى عَذَابِكَ ، اللهمَّ افْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ ، وَ لَقِّنْهُ حُجَّتَهُ ، وَ ثَبِّتْهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ، وَ قِنَا وَ إِيَّاهُ عَذَابَ الْقَبْرِ .

وَ إِذَا سَوَّيْتَ عَلَيْهِ التُّرَابَ قُلِ : اللهمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ ، وَ أَصْعِدْ رُوحَهُ إِلَى أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ فِي عِلِّيِّينَ ، وَ أَلْحِقْهُ بِالصَّالِحِينَ [118].

و فيما كتب أمير المؤمنين عليه السلام لمحمد بن أبي بكر : يا عباد الله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت ، القبر : فاحذروا ضيقه ، و ضنكه و ظلمته و غربته ، إن القبر يقول كل يوم : أنا بيت الغربة ، أنا بيت التراب ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود و الهوام ، و القبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار .

إن العبد المؤمن : إذا دفن ، قالت له الأرض : مرحبا و أهلا ، قد كنت ممن أحب أن تمشي على ظهري ، فإذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك ، فيتسع له مد البصر .

و إن الكافر : إذا دفن ، قالت له الأرض : لا مرحبا بك و لا أهلا ، لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري ، فإذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك ، فتضمه حتى تلتقي أضلاعه ، و إن المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه ، عذاب القبر ، إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة و تسعين تنينا ، فينهشن لحمه ، و يكسرن عظمه ، يترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث ، لو أن تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا .

يا عباد الله : إن أنفسكم الضعيفة ، و أجسادكم الناعمة الرقيقة ، التي يكفيها اليسير ، تضعف عن هذا ، فإن استطعتم ، أن تجزعوا لأجسادكم و أنفسكم ، بما لا طاقة لكم به ، و لا صبر لكم عليه ، فاعملوا بما أحب الله و اتركوا ما كره الله .

 بيان قوله عليه السلام : تسعة و تسعين تنينا . قال الشيخ البهائي رحمه الله : قال بعض أصحاب الحال : و لا ينبغي أن يتعجب من التخصيص بهذا العدد ، فلعل عدد هذه الحيات بقدر عدد الصفات المذمومة من الكبر و الريا و الحسد و الحقد و سائر الأخلاق و الملكات الردية ، فإنها تنشعب و تتنوع أنواعا كثيرة ، و هي بعينها تنقلب حيات في تلك النشأة انتهى كلامه .

و لبعض أصحاب الحديث : في نكتة التخصيص بهذا العدد وجه ظاهري إقناعي ، محصله : أنه قد ورد في الحديث أن لله تسعة و تسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ، و معنى إحصائها الإذعان باتصافه عز و علا بكل منها . و روى الصادق عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن و الإنس و البهائم ، و أخر تسعا و تسعين رحمة يرحم بها عباده .

فتبين : من الحديث الأول : أنه سبحانه بين لعباده معالم معرفته بهذه الأسماء التسعة و التسعين .

 و من الحديث الثاني : أن لهم عنده في النشأة الأخروية تسعا و تسعين رحمة .

و حيث إن الكافر : لم يعرف الله سبحانه بشي‏ء من تلك الأسماء ، جعل له في مقابل كل اسم رحمة ، تنين ينهشه في قبره ، هذا حاصل كلامه ، وهو كما ترى [119].

 

يا طيب : قدس الله أسرارنا وطهر إعلاننا وعظم شأننا بكرمه وبأجل جود يشرق نوره من نور أسماءه الحسنى بكل عظمة على عباده المؤمنين وأولياءه الصادقين المخلصين في حب عظمته ، وعبوديته بنعمه كلها : سواء أرواحهم وعلمهم وفكرهم وتوهمهم وخيالهم ونياتهم وبكل خطرات قلوبهم ، أو عملهم وسيرتهم وسلوكهم وكل تصرف لهم بأفعالهم ، وبكل ما يملكون من حطام الدنيا وزينتها المحللة الطيبة , وبالخصوص نعمة الهداية العظيمة من الكتاب والحكمة التي أنزلها على أعظم خلقه وحافظ عليها بأعظم خلقه حتى يحشرنا معهم إنه ولي التوفيق وهم أرحم الراحمين .

ويا طيب : ما عرفت من أحوال الموت والقبر والسؤال ، وما يقسم الله للمؤمنين في جنة البرزخ وأبدا، هي حسب أحوال العباد وما لهم من الكرامة، أو لا والعياذ بالله.

 ولكن بصورة عامة المؤمن : يُكرم حين الموت بالراحمة والاطمئنان وله البشارة سواء من نبي الرحمة وأئمة الحق الذين كان يتولاهم ومن صحبهم وأوليائهم المقربون ، والذين يأتون معهم في محفلهم الكريم ليستقبلوه ويهنئونه بالخلاص من المحن ويباركون له إيمانه ، أو من الملائكة حتى جبرائيل وملك الموت ، بل حتى الأرض تحبه وتتوسع له ، ويحفوه بالكرامة والرياحين ويروه ملكه قبل موته ، ولعله المؤمن قد يمرض قبل موت أو يصيبه ضنك وشده ليصفى قبله بسنوات أو بأيام أو لحظات حسب أحواله ، ولكن حين الموت تبدأ كرامته وتأتيه البشارة ليخلص بعد أن صفى حسابه من أحوال الغفلة والتقصير ، وإن سمي حالت الموت واحتضار ، ولكن حين الموت الخلاص للمؤمن .

 وأما السؤال في القبر من قبل مبشر وبشير : فهو تكريم آخر لتعرف كرامته لكل من يرى أحواله من الملائكة وأهل البرزخ من مواليه ، وتكرار السؤال هو لكي يكرم مثل ما يرد في الأناشيد الإسلامية ذكر الله والولاية لأوليائه بذكر أسمائهم وترديدها عن حب وحفاوة وأنس ، فهناك يرددون لهم فضله ويظهرون إخلاصه ليرتفع لجنته وملكه الأبدي بكل مجد وبهاء وأنس وحفاوة وتكريم .

وأما حال المؤمن : بعد القبر فهو يسرح ويمرح في الجنة الملكوتية بقالب مثالي لروحه ليس مادي ، ويسير ما بين المغرب الملكوتي للفرات الذي هو محل مطعمهم وأكلهم وشربهم ، حتى وادي السلام الذي هو منتجع المؤمن ومقر حفلهم وملاقاتهم وأنسهم ومعارفهم ، فتزيدهم بالتعلم للقرآن أو لمعارف عليا تؤنسهم ، وهم جلوس مع أئمتهم وأصحابهم ويأنسون بهم كما عرفت في كلام النبي لإمام علي عليه السلام :

 أنت أخـي : وميعـاد ما بيني وبينك وادي الســــلام .

فإن مجالس الأنس : مع أعظم وأكرم خلق الله وصحبهم المعظمون بأعظم فضل الله في عالم الملكوت ، والذي قد يكون علوهم في وادي السلام حين ورودهم لها للأنس ، يكون ارتفاع مكانهم ومحل شرف تكريمهم إلى عند العرش ، وهو بعد موتهم ودخولهم القبر وصدق النية بسؤال مبشر وبشير ، ووجودهم فيه أكثر و أطول من مجالس الأكل والذهاب والإياب في عالم الملكوت عند منبع فرات الماء العذب الملكوتي ، وذكرت روايات إن شاء الله نستقصي الكلام فيها في المعاد تعرفنا أن المؤمنين يجلسون حلقا ويرتلون القرآن ويأنسون به ويحفظه من لم يحفظه في الدنيا ، ليكون له أعلى مقام في الجنة التي درجاتها بعد آي القرآن ويقال له أقرء وأرقى .

كما إنه يوجد : مؤمنون لم يتجاوز مقامهم قبورهم ويفتح لهم باب للجنة فيرون نعيمهم بها مأنوسين ومنها يأتيهم رزقهم ، وإن أطلق لهم العنان فهم لم يتجاوزا أنزل مراتب الملكوت ولو مع الكرامة، وقد يكون بمنزلتهم مستضعفين غير معاندين.

كما يوجد مؤمنين : لكن لهم معاصي ولهم التهويل والتخويف مع ما لهم النعيم والراحة التي قد تصيبهم ، ولم يصفوا بعد لا عند الموت ولا في القبر ولا بعده ، بل قد لم يصفوا من التهويل حتى في يوم القيامة ، ويدخلوا النار لمدة ثلاثمائة سنة لبعض الذنوب التي لم يتوبوا منها مع معرفتهم للحق وكما عرفنا في بعض الأحاديث أعلاه .

ولذا يجب أن نسارع بالتوبة : والطاعة لكي يكون لنا الملك العظيم حتى حين الاحتضار بل قبله ، فضلا عن حين الموت وما بعده ، فإن الله يغفر الذنوب جميعا إلا أن يشرك به ، وهذه كرامة وتعظيم للمؤمن ، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون والعياذ بالله منهم ، ونسأل الله التوفيق للطاعة بكل ما يحب ، والتفضل علينا بغفران ذنوبنا كلها ، وشكر سعينا بعد أن يجعله كله فيما يحب ويرضى .

كما وقد عرفت إن للكفار : أحوال قد يمتع بعضهم بالدنيا بحسنات وأمور قد تسمى صالحه يعملها وإن لم يطلب بها وجه الله ، ولكنه العظيم يقبل حسن سيرته في الدنيا فيوسع عليه فيها حتى قبل موته ، ولكن حين الموت له كل ظنك ، وقد يبدأ عذابه بأمراض ومشاكل قبل الموت لخبثه، ثم في قبض الروح بالضرب على الوجه والأدبار ، والأرض تضيق عليه وكل شيء ، ومن بعد فله النار والعذاب الأليم الأبدي ، ويبدأ ملكه العظيم بالعذاب من أول لحظات الموت أو قبله والعياذ بالله منهم .

 

 

 

الإشعاع الرابع :

خاتمة للأعمال العظيمة وملكها العظيم من الجنة والنار :

يا طيب : إن الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره ، وكل إنسان عارف بحاله لو يتفكر به ، فإن العاصي الذي يحب ذنبه لم يتب منه بعد حتى ولو كان مؤمنا أو يدعي الإيمان ، بل من ساءته سيئته حين تذكرها وسرته حسنته ويسعى بجد لمعرفة الهدى الحق العظيم ويعبد به العظيم ، هو الذي يكون مؤمنا واقعا ومع العظماء حقا .

وقد عرفت ملك الله العظيم : ما بين السماء والأرض بل حتى العرش وكيف ينزل نعيم الله المسخر للإنسان ليعظم بأعلى حُسن وجمال ونعيم قد مكنه منه ، وما عليه إلا أن يطيع به ، ليتحقق بنور الأسماء الحسنى كلها أبدا وبكل نور مجد وبهاء وبأعظم كرامة ، وفقنا الله لها .

وإن الدنيا : متاعها قليل بكل ما فيها من الزينة حتى لو كانت حلال وطيبة ، فضلا عما يذهب العقل لكسبه أو شربه أو في صرفه ، فيظهر غرور الإنسان الكاذب لأنه خازن له وتارك مهما ملك ، وإن الدنيا لا تساوي في ملك الله وعنده جناح بعوضه ، وإنما يملي لهم يزدادوا أثما ولتقام عليهم الحجة .

ويا طيب : لكي نلخص البحث نذكر عظمة التكوين الأدنى وما لنا في الثواب على الطاعة فيه ، بأحاديث كريمة تختصر ما ذكرنا في كل مشارق النور السابقة وأشعة نورها ، فنذكر سعة التكوين الأدنى بأحاديث شريفة يسيرة ، ثم نذكر فضل الطاعة والعبادة وعظمة ثواب شهر رمضان فنجعله مثال لعظمة كل ما يعبد به الله وما لها من الثواب مثله أو تزيد عليه ، ثم نذكر شيء عن سعة العالم الأعلى بحديث نختصره من حديث المعراج الواسع يبين عظمة ملكوت الله في السماوات والعرش وأعلى منه ، ثم نذكر عظمة الجنة والنار ، ثم نختمه بكلام طيب عن أمير المؤمن يختصر لنا كل ما قلنا من عظمة ملك الله ، وبها تعرف حكمة ولي الله وعظمة علمه لنطلب العظيم به .

 

 عظمة الكون الأدنى وسعته وحال المؤمن فيه :

يا طيب : عرفت سعة العالم المشهود الأدنى بالأرقام الكبيرة وأنه بكل نعمه مسخر للإنسان ليعبد الله ، فأعلم إن عالمنا الأرض سكنه قبلنا ألف ألف آدم وذرية له وكان لكل منهم عالم أي ألف ألف عالم، ونحن في أخره عالم ، وأنه فاز فيه المتقون :

فإنه ورد : عن جابر بن يزيد قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله عز و جل :{ أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) } ق .

قال يا جابر : تأويل ذلك أن الله عز و جل ، إذا أفنى هذا الخلق و هذا العالم ، و سكن أهل الجنة الجنة ، و أهل النار النار .

جدد الله عالما غير هذا العالم ، و جدد خلقا من غير فحولة و لا إناث ، يعبدونه و يوحدونه ، و خلق لهم أرضا غير هذه الأرض تحملهم ، و سماء غير هذه السماء تظلهم .

لعلك ترى : أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد ، و ترى أن الله لم يخلق بشرا غيركم ، بلى و الله لقد خلق الله ألـف ألـف عـالـم ، و ألـف ألـف آدم ، أنت في آخر تلك العـوالم و أولئــك الآدميـيـن [120].

وقال الإمام علي عليه السلام : .. اعلموا يا عباد الله :

 إن المتقين : حازوا عاجل الخير و آجله شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ، و لم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم ، أباحهم الله من الدنيا ما كفاهم ، و به أغناهم .

 قال الله عز اسمه : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ
وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
خَالِصَـةً يَـوْمَ الْقِيَامَـةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) } الأعراف .
 سكنوا الدنيا : بأفضل ما سكنت ، و أكلوها بأفضل ما أكلت .

 شاركوا أهل الدنيا : في دنياهم ، فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون ، و شربوا من طيبات ما يشربون ، و لبسو من أفضل ما يلبسون ، و سكنوا من أفضل ما يسكنون ، و تزوجوا من أفضل ما يتزوجون ، و ركبوا من أفضل ما يركبون ، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا .

 و هم غدا جيران الله : يتمنون عليه فيعطيهم ما تمنوه ، و لا يرد لهم دعوة ، و لا ينقص لهم نصيبا من اللذة ، فإلى هذا يا عباد الله يشتاق إليه من كان له عقل و يعمل له بتقوى الله و لا حول و لا قوة [121].

 

ثواب المؤمنين على أعمالهم والملك العظيم لصوم شهر رمضان :

يا طيب : عرفت ثواب الطاعات وفضائل ما نتشرف به من إقامة العبودية لله ، سواء كانت عبادات صرفة أو خُلق أو معاملات ، وهذا قسم من حديث ثواب شهر رمضان ، نذكر قسم منه ونجعله ممثلا لها ، وإنه كل مؤمن قد صامه حتى لو قصر بغيره من الطاعات ، وبه يحصل للعبد الصفاء مع الله العظيم بكثير من أحوال الخشوع والخضوع بالإضافة للأدعية والأعمال الخاصة ، ويرجع العبد لله منيبا تائبا فتغفر ذنوبه ، فنختار منه ثواب أيام يسيرة ، ولمعرفة كل ثوابه راجع ما نذكر له من المصادر :

قال أبن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :

لو علمتم ما لكم في رمضان : لزدتم لله تبارك و تعالى شكرا .

 إذا كان أول ليلة : غفر الله عز و جل لأمتي الذنوب كلها سرها و علانيتها ، و رفع لكم ألفي ألف درجة ، و بني لكم خمسين مدينة .

و كتب الله عز و جل لكم يوم الثاني : بكل خطوة تخطونها في ذلك اليوم ، عبادة سنة ، و ثواب نبي ، و كتب لكم صوم سنة .

و أعطاكم الله عز و جل يوم الثالث : بكل شعرة على أبدانكم قبة في الفردوس من درة بيضاء ، في أعلاها اثنا عشر ألف بيت من النور ، و في أسفلها اثنا عشر ألف بيت ، في كل بيت ألف سرير ، على كل سرير حوراء ، يدخل عليكم كل يوم ألف ملك ، مع كل ملك هدية .

ـ وذكر للأيام كلها فضلا عظيما لمن أحب المزيد فليراجع المصدر ثم قال : ـ

وإذا كان يوم ستة وعشرين : ينظر الله إليكم بالرحمة فيغفر الله لكم الذنوب كلها ، إلا الدماء والأموال، وقدس بينكم كل يوم سبعين مرة من الغيبة والكذب والبهتان .

فإذا كان يوم تسعة و عشرين : أعطاكم الله عز و جل ألف ألف محلة ، في جوف كل محلة قبة بيضاء ، في كل قبة سرير من كافور أبيض على ذلك السرير ألف فراش من السندس الأخضر ، فوق كل فراش حوراء عليها سبعون ألف حلة ، و على رأسها ثمانون ألف ذوابة ، كل ذوابة مكللة بالدر و الياقوت .

فإذا تم ثلاثون يوما : كتب الله عز و جل لكم بكل يوم مر عليكم ثواب ألف شهيد ، و ألف صديق ، وكتب الله عز و جل لكم عبادة خمسين سنة ، و كتب الله عز و جل لكم بكل يوم صوم ألفي يوم ، و رفع لكم بعدد ما أنبت النيل درجات ، و كتب عز و جل لكم براءة من النار ، و جوازا على الصراط ، و أمانا من العذاب ، و للجنة باب يقال له الريان ، لا يفتح ذلك إلى يوم القيامة ، ثم يفتح للصائمين و الصائمات من أمة محمد صلى الله عليه وآله ،  ثم ينادي رضوان خازن الجنة ، يا أمة محمد هلموا إلى الريان ، فيدخل أمتي في ذلك الباب إلى الجنة ، فمن لم يغفر له في رمضان ففي أي شهر يغفر له [122].

 

الملك العظيم لبعض أهل جنة البرزخ وعذاب غيرهم من حديث المعراج :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

.....

 ثم مررت : بملك من الملائكة و هو جالس ، و إذا جميع الدنيا بين ركبتيه ، و إذا بيده لوح من نور فيه كتاب ينظر فيه ، و لا يلتفت يمينا و لا شمالا ، مقبلا عليه كهيئة الحزين ، فقلت : من هذا يا جبرائيل ؟ فقال : هذا ملك الموت ، دائب في قبض الأرواح . فقلت : يا جبرائيل أدنني منه حتى أكلمه ، فأدناني منه فسلمت عليه .

 و قال له جبرائيل : هذا محمد نبي الرحمة ، الذي أرسله الله إلى العباد ، فرحب بي و حياني بالسلام ، و قال : أبشر يا محمد ، فإني أرى الخير كله في أمتك .

 فقلت : الحمد لله المنان ذي النعم على عباده ، ذلك من فضل ربي و رحمته علي ، فقال جبرائيل : هو أشد الملائكة عملا . فقلت : أ كل من مات أو هو ميت فيما بعد هذا تقبض روحه ؟ قال : نعم . قلت : تراهم حيث كانوا ، و تشهدهم بنفسك . فقال : نعم . فقال ملك الموت  : ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي ، و مكنني منها ، إلا كالدرهم في كف الرجل ، يقلبه كيف يشاء ، و ما من دار إلا و أنا أتصفحها كل يوم خمس مرات .

و أقول : إذا بكى أهل الميت على ميتهم ، لا تبكوا عليه ، فإن لي فيكم عودة ، و عودة ، حتى لا يبقى منكم أحد، فقال رسول الله : كفى بالموت طامة يا جبرائيل . فقال جبرائيل : إن ما بعد الموت أطم و أطم من الموت .

قال صلى الله عليه وآله وسلم : ثم مضيت .

فإذا أنا بقوم : بين أيديهم موائد ، من لحم طيب ، و لحم خبيث ، يأكلون الخبيث ، و يدعون الطيب ، فقلت : من هؤلاء يا جبرائيل ؟

فقال : هؤلاء الذين يأكلون الحرام و يدعون الحلال ، و هم من أمتك يا محمد .

 فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ثم رأيت ملكا من الملائكة جعل الله أمره عجبا ، نصف جسده نار و النصف الآخر ثلج ، فلا النار تذيب الثلج و لا الثلج يطفئ النار ، و هو ينادي بصوت رفيع ، يقول : سبحان الذي كف حر هذه النار فلا تذيب الثلج ، و كف برد هذا الثلج فلا يطفئ حر هذه النار ، اللهم يا مؤلف بين الثلج و النار، ألف بين قلوب عبادك المؤمنين، فقلت : من هذا يا جبرائيل ؟ فقال : هذا ملك وكله الله بأكناف السماوات و أطراف الأرضين ، و هو أنصح ملائكة الله تعالى لأهل الأرض من عباده المؤمنين ، يدعو لهم بما تسمع منذ خلق .

 و ملكان : يناديان في السماء ، أحدهما يقول : اللهم أعط كل منفق خلفا ، و الآخر يقول : اللهم أعط كل ممسك تلفا .

 ثم مضيت : فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر الإبل ، يقرض اللحم من جنوبهم ، و يلقى في أفواههم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرائيل ، فقال : هؤلاء الهمازون اللمازون .

ثم مضيت : فإذا أنا بأقوام ترضخ رءوسهم بالصخر ، فقلت : من هؤلاء يا جبرائيل ؟ فقال : هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء .

 ثم مضيت : فإذا أنا بأقوام تقذف النار في أفواههم ، و تخرج من أدبارهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرائيل ؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ، إنما يأكلون في بطونهم نارا ، و سيصلون سعيرا .

 ثم مضيت : فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه ، فقلت : من هؤلاء يا جبرائيل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ، فإذا هم مثل آل فرعون يعرضون على النار غدوا و عشيا ، يقولون ك ربنا متى تقوم الساعة ؟

قال : ثم مضيت ، فإذا أنا بنسوان معلقات بثديهن ، فقلت : من هؤلاء يا جبرائيل ؟ فقال : هؤلاء اللواتي يورثن أموال أزواجهن أولاد غيرهم .

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم ، فاطلع على عوراتهم ، و أكل خزائنهم .

 قال صلى الله عليه وآله وسلم : ثم مررنا بملائكة من ملائكة الله عز و جل خلقهم الله كيف شاء ، و وضع وجوههم كيف شاء ، ليس شي‏ء من أطباق أجسادهم ، إلا و هو يسبح الله و يحمده ، من كل ناحية ، بأصوات مختلفة ، أصواتهم مرتفعة بالتحميد ، و البكاء من خشية الله ، فسألت جبرائيل : عنهم ؟

فقال : كما ترى خلقوا ، إن الملك منهم إلى جنب صاحبه ، ما كلمه قط ، و لا رفعوا رءوسهم إلى ما فوقها ، و لا خفضوها إلى ما تحتهم خوفا من الله خشوعا .

 فسلمت عليهم : فردوا علي إيماء برءوسهم ، لا ينظرون إلي من الخشوع .

فقال لهم جبرائيل : هذا محمد نبي الرحمة ، أرسله الله إلى العباد رسولا و نبيا ، و هو خاتم النبيين ، و سيدهم ، أ فلا تكلمونه . قال : فلما سمعوا ذلك من جبرائيل ، أقبلوا علي بالسلام ، و أكرموني و بشروني بالخير لي و لأمتي .

قال ثم صعد بي إلى السماء الثانية : فإذا فيها رجلان متشابهان ، فقلت : من هذان يا جبرائيل ؟ فقال لي : أبناء الخالة يحيى و عيسى ابن مريم ، فسلمت عليهما و سلما عليَّ، واستغفرت لهما واستغفرا لي ، وقالا : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح ، و إذا فيها من الملائكة مثل ما في السماء الأولى ، و عليهم الخشوع ، قد وضع الله وجوههم كيف شاء ، ليس منهم ملك إلا يسبح لله و يحمده بأصوات مختلفة .

.... ـ ثم ذكر ما رأى في السماوات ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم ـ ....

ثم صعدنا إلى السماء السابعة : فما مررت بملك من الملائكة ، إلا قالوا : يا محمد احتجم ، و أمر أمتك بالحجامة ، و إذا فيها رجل أشمط الرأس و اللحية جالس على كرسي ، فقلت : يا جبرائيل من هذا الذي في السماء السابعة على باب البيت المعمور في جوار الله ؟ فقال : هذا أبوك إبراهيم ، و هذا محلك ، و محل من اتقى من أمتك ، ثم قرأ رسول الله { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَالله وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) } آل عمران .

قال صلى الله عليه وآله وسلم : فسلمت عليه و سلم علي ، و قال : مرحبا بالنبي الصالح ، و الابن الصالح ، و المبعوث في الزمن الصالح ، و إذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات ، فبشروني بالخير لي و لأمتي .

 قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : و رأيت في السماء السابعة بحارا من نور ، يتلألأ يكاد تلألؤها يخطف بالأبصار ، و فيها بحار مظلمة ، و بحار ثلج و رعد ، فلما فزعت ، و رأيت هؤلاء ، سألت جبرائيل ؟

 فقال : أبشر يا محمد ، و اشكر كرامة ربك ، و اشكر الله بما صنع إليك .

 قال : فثبتني الله بقوته و عونه حتى كثر قولي لجبرائيل و تعجبي .

فقال جبرائيل : يا محمد أ تعظم ما ترى ، إنما هذا خلق من ربك ، فكيف بالخالق الذي خلق ما ترى ، و ما لا ترى أعظم من هذا من خلق ربك .

 إن بين الله و بين خلقه : سبعون ألف حجاب ، و أقرب الخلق إلى الله أنا و إسرافيل ، و بيننا و بينه أربعة حجب ، حجاب من نور ، و حجاب من ظلمة ، و حجاب من الغمام ، و حجاب من الماء .

.....

 ثم قال مضيت مع جبرائيل : فدخلت البيت المعمور ، فصليت فيه ركعتين ، و معي أناس من أصحابي عليهم ثياب جدد ، و آخرون عليهم ثياب خلقان ، فدخل أصحاب الجدد ، و حبس أصحاب الخلقان ، ثم خرجت فانقاد لي نهران ، نهر يسمى الكوثر ، و نهر يسمى الرحمة ، فشربت من الكوثر ، و اغتسلت من الرحمة .

ثم انقادا لي جميع : حتى دخلت الجنة ، فإذا على حافتيها بيوتي ، و بيوت أزواجي رو إذا ترابها كالمسك ، فإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة . فقلت : لمن أنت يا جارية ؟ فقالت : لزيد بن حارثة ، فبشرته بها حين أصبحت .

و إذا بطيرها كالبخت ، و إذا رمانها مثل الدلاء العظام .

و إذا شجرة : لو أرسل طائر في أصلها ما دارها تسع مائة سنة ، و ليس في الجنة منزل إلا و فيها فرع منها ، فقلت : ما هذه يا جبرائيل ؟ فقال : هذه شجرة طوبى ، قال الله : { طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29) } الرعد .

 قال رسول الله : فلما دخلت الجنة ، رجعت إلى نفسي ، فسألت جبرائيل : عن تلك البحار و هولها و أعاجيبها ؟

 قال : هي سرادقات الحجب ، التي احتجب الله بها ، و لو لا تلك الحجب ، لهتك نور العرش كل شي‏ء فيه ، و انتهيت إلى سدرة المنتهى ، فإذا الورقة منها تظل به أمة من الأمم ، فكنت منها كما قال الله تبارك وتعالى : { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) } النجم ، فناداني : { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ (286) } البقرة . و قد كتبنا ذلك في سورة البقرة ، فقال رسول الله : يا رب أعطيت أنبياءك فضائل فأعطني ، فقال الله : قد أعطيتك فيما أعطيتك كلمتين من تحت عرشي  :

 لا حول و لا قوة إلا بالله ، و لا منجى منك إلا إليك .

 قال : و علمتني الملائكة قولا ، أقوله إذا أصبحت و أمسيت :

اللهم : إن ظلمي أصبح مستجيرا بعفوك ، و ذنبي أصبح مستجيرا بمغفرتك ، و ذلي أصبح مستجيرا بعزك ، و فقري أصبح مستجيرا بغناك ، و وجهي الفاني البالي أصبح مستجيرا بوجهك الدائم الباقي الذي لا يفنى[123] .....

 

ويا طيب : إدا عرفنا ملك الدنيا قد يشارك المؤمن الكافر به ،  لكن النعيم والملك العظيم خالص للمؤمن في الآخرة ، وعرفنا شيئا عن سعة عالم الدنيا والملكوت وعظمة ملك الله في الجبروت المعد لعظماء خلقه وأنا وإياك منهم إن شاء الله ، فلنأتي لذكر عظيم ملك الجنة والنار كمقدمة حتى يأتي تفصيلها في اسم الله الشافي ، وبه وبكلام الإمام علي عليه السلام نختم معارف عظمة ملك الله والذي لم نذكر منه شيء يذكر .

 

عظمة ملك الجنة للمؤمن وعظمة ملك النار للكافر :

جاء في تفسير قول الله العظيم : { كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ

 أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) } الحج .

عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

قلت له : يا ابن رسول الله خوفني ، فإن قلبي قد قسا ؟

 فقال : يا أبا محمد استعد للحياة الطويلة ، فإن جبرائيل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و هو قاطب ، و قد كان قبل ذلك يجيء ، و هو مبتسم .

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا جبرائيل جئتني اليوم قاطبا ؟

فقال : يا محمد قد وضعت منافخ النار ، فقال : و ما منافخ النار يا جبرائيل ؟

فقال : يا محمد إن الله عز و جل أمر بالنار ، فنفخ عليها ألف عام حتى ابيضت ، و نفخ عليها ألف عام حتى احمرت ، ثم نفخ عليها ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة ، لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها ، و لو أن حلقة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها ، و لو أن سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء و الأرض لمات أهل الأرض من ريحه و وهجه .

 فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :  و بكى جبرائيل ، فبعث الله إليهما ملكا ، فقال لهم : إن ربكما يقرئكما السلام ، و يقول : قد آمنتكما أن تذنبا ذنبا أعذبكما عليه ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : فما رأى رسول الله جبرائيل مبتسما بعد ذلك .

ثم قال : إن أهل النار يعـظمـون النار .

و إن أهل الجنة يعـظمـون الجنة و النعيم .

و إن أهل جهنم : إذا دخلوها هوو فيها مسيرة سبعين عاما ، فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد ، و أعيدوا في دركها ، هذه حالهم ، و هو قول الله عز و جل : { كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْه.... } ثم تبدل جلودهم جلودا غير الجلود التي كانت عليهم  ، فقال أبو عبد الله : حسبك يا أبا محمد ؟ قلت : حسبي حسبي .

 

ثم ذكر الله ما أعده للمؤمنين فقال : { إِنَّ الله يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) } الحج .

و قال أبي بصير : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك يا ابن رسول الله شوقني .

 فقال : يا أبا محمد إن من أدنى نعيم الجنة يوجد ريحها من مسيرة ألف عام من مسافة الدنيا ، و إن أدنى أهل الجنة منزلا لو نزل به أهل الثقلين الجن و الإنس لوسعهم طعاما و شراب ، و لا ينقص مما عنده شي‏ء ، و إن أيسر أهل الجنة منزلة من يدخل الجنة ، فيرفع له ثلاث حدائق ، فإذا دخل أدناهن رأى فيها من الأزواج و الخدم و الأنهار و الأثمار ما شاء الله مما يملأ عينه قرة و قلبه مسرة .

 فإذا شكر الله و حمده ، قيل له : ارفع رأسك إلى الحديقة الثانية ففيها ما ليس في الأخرى ، فيقول : يا رب أعطني هذه ؟ فيقول الله تعالى : إن أعطيتك إياها سألتني غيرها ، فيقول : رب هذه هذه ، فإذا هو دخلها شكر الله و حمده ، قال فيقال : افتحوا له باب الجنة ، و يقال له : ارفع رأسك ، فإذا قد فتح له باب من الخلد ، و يرى أضعاف ما كان فيما قبل ، فيقول : عند تضاعف مسراته ، ربِ لك الحمد الذي لا يحصى ، إذ مننت علي بالجنان و نجيتني من النيران .

قال أبو بصير : فبكيت . قلت له : جعلت فداك زدني .

قال : يا أبا محمد إن في الجنة نهرا في حافته جوار نابتات ، إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها و أنبت الله مكانها أخرى . قلت : جعلت فداك زدني .

قال : المؤمن يزوج ثمانمائة عذراء ، و أربعة آلاف ثيب ، و زوجتين من الحور العين . قلت : جعلت فداك ثمانمائة عذراء ؟ قال : نعم ما يفرش فيهن شيئا إلا وجدها كذلك . قلت : جعلت فداك من أي شي‏ء خلقن الحور العين ؟ قال : من تربة الجنة النورانية ، و يرى مخ ساقيها من وراء سبعين حلة كبدها مرآته و كبده مرآتها .

قلت : جعلت فداك أ لهن كلام يكلمن به أهل الجنة ؟

قال : نعم كلام يتكلمن به لم يسمع الخلائق بمثله . قلت : ما هو ؟

قال يقلن : نحن الخالدات فلا نموت ، ونحن الناعمات فلا نبؤس ، ونحن المقيمات فلا نظعن ، و نحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن خلق لنا ، و طوبى لمن خلقنا له ، نحن اللواتي لو أن قرن إحدانا علق في جو السماء ، لأغشى نوره الأبصار [124].

 

الإمام الحق يعرفنا إنه لم نعرف عظمة ملك الله بعد وهو لنا :

وقال الإمام علي عليه السلام :

 اللهمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا تَأْخُذُ وَتُعْطِي : وَعَلَى مَا تُعَافي وَتَبْتَلي ، حَمْداً يَكُونُ أَرْضَى الْحَمْدِ لَكَ ، وَأَحَبَّ الْحَمْدِ إِلَيْكَ ، وَأَفْضَلَ الْحَمْدِ عِنْدَكَ ، حَمْد يَمْلاََُ مَا خَلَقْتَ ، وَيَبْلُغُ مَا أَرَدْتَ ، حَمْد لاَ يُحْجَبُ عَنْكَ ، وَلاَ يُقْصَرُ دُونَكَ ، حَمْداً لاَ يَنْقَطِعُ عَدَدُهُ ، وَلاَ يَفْنَى مَدَدُهُ .

 فَلَسْنَا نَعْلَمُ كُنْهَ عَظَمَتِكَ إِلاَّ أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ :

 حَيٌّ قَيُّومٌ ، لاَ تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ، لَمْ يَنْتَهِ إِلَيْكَ نَظَرٌ ، وَلَمْ يُدْرِكْكَ بَصَرٌ ، أَدْرَكْتَ الاََْبْصَارَ ، وَأَحْصَيْتَ الاََْعْمَالَ ، وَأَخَذْتَ بِالنَّواصِي وَالاََْقْدَامِ .

 وَمَا الَّذِي نَرَى مِنْ خَلْقِكَ : وَنَعْجَبُ لَهُ مِنْ قُدْرَتِكَ ،
 
وَنَصِفُهُ مِنْ عَظِيمِ سُلْطَانِكَ ،
وَ
مَا تَغَيَّبَ عَنَّا مِنْهُ ، وَقَصُرَتْ أَبْصَارُنَا عَنْهُ ، وَانْتَهَتْ عُقُولُنَا دُونَهُ ، وَحَالَـتْ سَوَاتِـرُ الْغُيُــوبِ بَيْنَنـَا وَبَيْنَـهُ ، أَعْــظَــمُ .

 فَمَنْ فَرَّغَ قَلْبَهُ : وَأَعْمَلَ فِكْرَهُ ، لِيَعْلَمَ كَيْفَ أَقَمْتَ عَرْشَكَ ، وَكَيْفَ ذَرَأْت خَلْقَكَ ، وَكَيْفَ عَلَّقْتَ فِي الْهَوَاءِ سمَـاوَاتِكَ ، وَكَيْفَ مَدَدْتَ عَلى مَوْرِ الْمَاءِ أَرْضَكَ ، رَجَعَ طَرْفُهُ حَسِيراً ، وَعَقْلُهُ مَبْهُوراً ، وَسَمْعُهُ وَالَهِاً ، وَفِكْرُهُ حَائِراً [125].

{ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) }السجدة . { لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) }ق . و قد جاء في الدعاء : سبحان من خلق الدنيا والآخرة ، و ما سكن في الليل و النهار ، لمحمد وآل محمد[126].

وعَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام فَقَالَ رَجُلٌ : اللهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ . فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ الله عليه السلام : يَا هَذَا لَقَدْ ضَيَّقْتَ عَلَيْنَا ، أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ خَمْسَةٌ أَصْحَابُ الْكِسَاءِ ؟

فَقَالَ الرَّجُلُ : كَيْفَ أَقُولُ ؟ قَالَ قُلِ : اللهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، فَسَنَكُونُ نَحْنُ وَ شِيعَتُنَا قَدْ دَخَلْنَا فِيهِ [127].

وعَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَال : لَيْسَ النَّاصِبُ مَنْ نَصَبَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ، لِأَنَّكَ لَا تَجِدُ أَحَداً يَقُولُ : أَنَا أُبْغِضُ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ ، وَ لَكِنَّ النَّاصِبَ : مَنْ نَصَبَ لَكُمْ ، وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَتَوَلَّوْنَّا وَ أَنَّكُمْ مِنْ شِيعَتِنَا [128].

وذا عرفت يا موالي : ملكك العظيم مع عظماء خلق الله ، فأكتب على كفنك :

 

دعاء عظيم الثواب وعالي المضامين يكتب على الكفن :

يا طيب : إن المشهور كتابة دعاء الجوشن على الأكفان وهو ألف اسم من أسماء الله الحسنى وثوابه عظيم جدا، وهذا الدعاء أيضا له ثواب عظيم وعالي المعنى وبه نختم البحث في اسم الله العظيم ، واسأل الله أن يحققنا بثوابه ويوفقنا لكتابته على أنفسنا! :

دَكَر الْكَفْعَمِيُّ رَحِمَهُ الله فِي الْبَلَدِ الْأَمِينِ : عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ : مَنْ جَعَلَ هَذَا الدُّعَاءَ فِي كَفَنِهِ ، شَهِدَ لَهُ عِنْدَ الله أَنَّهُ وَفَى بِعَهْدِهِ ، وَ يُكْفَى مُنْكَرٌ وَ نَكِيرٌ ، وَ تَحُفُّهُ الْمَلَائِكَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَ شِمَالِهِ ، وَ يُبَشِّرُونَهُ بِالْوِلْدَانِ وَ الْحُورِ ، وَ يُجْعَلُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ ، وَ يُبْنَى لَهُ بَيْتٌ فِي الجنة مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ ، يُرَى بَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا ، وَ ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا ، لَهَا مِائَةُ أَلْفِ بَابٍ ، وَ يُعْطِيهِ الله مِائَةَ أَلْفِ مَدِينَةٍ ، فِي كُلِّ مَدِينَةٍ مِائَةُ أَلْفِ دَارٍ ، وَ فِي كُلِّ دَارٍ مِائَةُ أَلْفِ حُجْرَةٍ ، عَلَى كُلِّ حُجْرَةٍ مِائَةُ أَلْفِ غُرْفَةٍ ، وَ فِي كُلِّ غُرْفَةٍ مِائَةُ أَلْفِ سَرِيرٍ ، وَ عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ مِائَةُ أَلْفِ فِرَاشٍ ، وَ عَلَى كُلِّ فِرَاشٍ حُورِيَّةٌ ، عَلَيْهَا مِائَةُ أَلْفِ حُلَّةٍ ، فِي كُلِّ حُلَّةٍ مِائَةُ أَلْفِ لَوْنٍ ، مَعَ كُلِّ حُورِيَّةٍ كَأْسٌ مِنْ شَرَابِ الجنة ، وَ يَقُودُهُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الجنة .

 وَ يَنْظُرُ الله تعالى إِلَيْهِ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ ، وَ يَقُولُ : يَا عَبْدِي أَنَا عَنْكَ رَاضٍ ، وَ يَكُونُ مَعَ النَّبِيِّ ، وَ فِي جِوَارِهِ  ... الْخَبَرَ  . الدُّعَاءُ :

 بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

اللهمَّ : إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَدُودٌ شَكُورٌ كَرِيمٌ وَفِيٌّ مَلِيٌ‏ .

اللهمَّ : إِنَّكَ تَوَّابٌ وَهَّابٌ ، سَرِيعُ الْحِسَابِ ، جَلِيلٌ عَزِيزٌ مُتَكَبِّرٌ ، خَالِقٌ بَارِئٌ مُصَوِّرٌ ، وَاحِدٌ أَحَدٌ ، قَادِرٌ قَاهِرٌ .

اللهمَّ : لَا يَنْفَدُ مَا وَهَبْتَ وَ لَا يُرَدُّ مَا مَنَعْتَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ : كَمَا خَلَقْتَ وَ صَوَّرْتَ وَ قَضَيْتَ ، وَ أَضْلَلْتَ وَ هَدَيْتَ ، وَ أَضْحَكْتَ وَ أَبْكَيْتَ ، وَ أَمَتَّ وَ أَحْيَيْتَ ، وَ أَفْقَرْتَ وَ أَغْنَيْتَ ، وَ أَمْرَضْتَ وَ شَفَيْتَ ، وَ أَطْعَمْتَ وَ سَقَيْتَ ، وَ لَكَ الْحَمْدُ : فِي كُلِّ مَا قَضَيْتَ ، وَ لَا مَلْجَأَ مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، يَا وَاسِعَ النَّعْمَاءِ ، يَا كَرِيمَ الْآلَاءِ ، يَا جَزِيلَ الْعَطَاءِ ، يَا قَاضِيَ الْقُضَاةِ ، يَا بَاسِطَ الْخَيْرَاتِ ، يَا كَاشِفَ الْكُرُبَاتِ ، يَا مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ ، يَا وَلِيَّ الْحَسَنَاتِ ، يَا رَافِعَ الدَّرَجَاتِ ، يَا مُنْزِلَ الْبَرَكَاتِ وَ الْآيَاتِ .

اللهمَّ : إِنَّكَ تَرَى وَ لَا تُرَى ، وَ أَنْتَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى ، يَا فَالِقَ الْحَبِّ وَ النَّوَى ، وَ لَكَ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى .

اللهمَّ : إِنَّكَ غَافِرُ الذَّنْبِ وَ قَابِلُ التَّوْبِ ، شَدِيدُ الْعِقَابِ ذُو الطَّوْلِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ ، وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَتُكَ ، وَ لَا رَادَّ لِأَمْرِكَ ، وَ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِكَ ، بَلَغَتْ حُجَّتُكَ ، وَ نَفَذَ أَمْرُكَ ، وَ بَقِيتَ أَنْتَ وَحْدَكَ ، لَا شَرِيكَ لَكَ فِي أَمْرِكَ ، وَ لَا يَخِيبُ سَائِلُكَ إِذَا سَأَلَكَ .

أَسْأَلُكَ : بِحَقِّ السَّائِلِينَ إِلَيْكَ ، الطَّالِبِينَ مَا عِنْدَكَ .

أَسْأَلُكَ : يَا رَبِّ ، بِأَحَبِّ السَّائِلِينَ إِلَيْكَ ، وَ بِأَسْمَائِكَ الَّتِي إِذَا دُعِيتَ بِهَا أَجَبْتَ ، وَ إِذَا سُئِلْتَ بِهَا أَعْطَيْتَ ، أَسْأَلُكَ : أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .

وَ أَسْأَلُكَ : بِاسْمِكَ العظيم الْأَعْظَمِ ، الَّذِي إِذَا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ ، وَ إِذَا أُقْسِمَ عَلَيْكَ بِهِ‏ كَفَيْتَ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ أَنْ تَكْفِيَنَا مَا أَهَمَّنَا ، وَ مَا لَمْ يُهِمَّنَا ، مِنْ أَمْرِ دِينِنَا وَ دُنْيَانَا وَ آخِرَتِنَا ، وَ تَعْفُوَ عَنَّا وَ تَغْفِرَ لَنَا ، وَ تَقْضِيَ حَوَائِجَنَا .

اللهمَّ : اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ إِذَا حَدَّثُوا صَدَقُوا ، وَ إِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا ، وَ إِذَا سُلِبُوا صَبَرُوا ، وَ إِذَا عَاهَدُوا وَافَوْا ، وَ إِذَا غَضِبُوا غَفَرُوا ، وَ إِذَا جَهِلُوا رَجَعُوا ، وَ إِذَا ظُلِمُوا لَمْ يَظْلِمُوا ، وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ، وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا.

اللهمَّ : اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ، قَالُوا : إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .

 اللهمَّ: إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عِلْمِكَ لِجَهْلِنَا، وَ مِنْ قُوَّتِكَ لِضَعْفِنَا، وَ مِنْ غِنَاكَ لِفَقْرِنَا.

 اللهمَّ : لَا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ ، وَ لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ، وَ لَا تَرُدَّنَا إِلَى أَعْقَابِنَا ، وَ لَا تُزِلَّ أَقْدَامَنَا ، وَ لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا ، وَ لَا تُدْحِضْ حُجَّتَنَا ، وَ لَا تَمْحُ مَعْذِرَتَنَا ، وَ لَا تُعَسِّرْ عَلَيْنَا سَعْيَنَا ، وَ لَا تُشْمِتْ بِنَا أَعْدَاءَنَا ، وَ لَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا سُلْطَاناً مُخِيفاً ، وَ هَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَ ذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ، وَ اجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً .

 اللهمَّ : لَا تُؤْمِنَّا مَكْرَكَ ، وَ لَا تَكْشِفْ عَنَّا سِتْرَكَ ، وَ لَا تَصْرِفْ عَنَّا وَجْهَكَ ، وَ لَا تُحْلِلْ عَلَيْنَا غَضَبَكَ ، وَ لَا تُنَحِّ عَنَّا كَرَمَكَ .

وَ اجْعَلْنَا اللهمَّ : مِنَ الصَّالِحِينَ الْأَخْيَارِ ، وَ ارْزُقْنَا ثَوَابَ دَارِ الْقَرَارِ ، وَ اجْعَلْنَا مِنَ الْأَتْقِيَاءِ الْأَبْرَارِ ، وَ وَفِّقْنَا فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ ، وَ اجْعَلْ لَنَا مَوَدَّةً فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ .

اللهمَّ : كَمَا اجْتَبَيْتَ آدَمَ وَ تُبْتَ عَلَيْهِ ، تُبْ عَلَيْنَا ، وَ كَمَا رَضِيتَ عَنْ إِسْحَاقَ فَارْضَ عَنَّا ، وَ كَمَا صَبَّرْتَ إِسْمَاعِيلَ عَلَى الْبَلَاءِ فَصَبِّرْنَا ، وَ كَمَا كَشَفْتَ الضُّرَّ عَنْ أَيُّوبَ فَاكْشِفْ ضُرَّنَا ، وَ كَمَا جَعَلْتَ لِسُلَيْمَانَ زُلْفَى وَ حُسْنَ مَآبٍ فَاجْعَلْ لَنَا ، وَ كَمَا أَعْطَيْتَ مُوسَى وَ هَارُونَ سُؤْلَهُمَ فَأَعْطِنَا ، وَ كَمَا رَفَعْتَ إِدْرِيسَ مَكَاناً عَلِيّاً فَارْفَعْنَا ، وَ كَمَا أَدْخَلْتَ إِلْيَاسَ وَ الْيَسَعَ وَ ذَا الْكِفْلِ وَ ذَا الْقَرْنَيْنِ فِي الصَّالِحِينَ فَأَدْخِلْنَا ، وَ كَمَا رَبَطْتَ عَلَى قُلُوبِ أَهْلِ الْكَهْفِ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطاً ، وَ نَحْنُ نَقُولُ كَذَلِكَ ، فَارْبِطْ عَلَى قُلُوبِنَا ، وَ كَمَا دَعَاكَ زَكَرِيَّا فَاسْتَجَبْتَ لَهُ فَاسْتَجِبْ لَنَا ، وَ كَمَا أَيَّدْتَ عِيسَى بِرُوحِ الْقُدُسِ فَأَيِّدْنَا بِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى .

وَ كَمَا غَفَرْتَ لِمُحَمَّدٍ : فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ، وَ كَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا ، مَا قَدَّمْنَا وَ مَا أَخَّرْنَا ، وَ مَا أَسْرَرْنَا وَ مَا أَعْلَنَّا ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ .

 وَ اجْعَلْنَا اللهمَّ : وَ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عِبَادِكَ الْعَالِمِينَ الْعَامِلِينَ ، الْخَاشِعِينَ الْمُتَّقِينَ الْمُخْلِصِينَ ، الَّذِينَ لَا خَوْفَ عَلَيْهِمْ وَ لَا هُمْ يَحْزَنُونَ ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَ صَلَّى الله عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِير [129].



[104] الكافي ج3ص135ح14 ، 15.

[105] إرشاد القلوب ج1ص18 .

[106] عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام : أن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : قل : " لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الارضين السبع وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين " فقالها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : الحمد لله الذي استنقذه من النار .   الكافي ج3 ص 124باب تلقين الميت ح 4312 -9 . ويا طيب أحفظها وضعها في قنوتك فإنها كلمات كريمة .

[107] مصباح ‏المتهجد ص15 .

[108] الكافي ج3 ص 127ح4322 -1.

[109] الكافي ج3 ص 127ح4323 - 2 .

[110] الكافي ج3 ص 131باب تلقين الميت ح 4327 -4 .

[111] تفسير الإمام‏ العسكري ص210ح97، 98 .

[112] تفسير الإمام‏ العسكري ص572ح335.

[113] معاني ‏الأخبار ص288باب معنى الموت ح2 .

[114] علل ‏الشرائع ص235 ـ 298 ب1علة سهولة النزع و صعوبته حديث 2 .

[115] معاني ‏الأخبار ص289ح6 .

[116] الكافي ص246ج3ح1 .

[117] الأمالي‏ للطوسي م14ص418ح90-942 .

[118] الكافي ص197ج3ح11.

[119]بحار الأنوار ج6ص219ح13.

[120] التوحيد  ص38ب277ح2 . الخصال ص652ب2ح54 .

[121] الأمالي‏ للمفيد ص263 م31 .

[122]الأمالي ‏للصدوق  ص 48 م12ح2 .ثواب‏ الأعمال ص68.

[123]تفسير القمي ج2 ص3ح 17.سورة بني إسرائيل ( الإسراء ) .

[124] تفسير القمي ج2ص82.

[125] نهج البلاغة ص 275 خطبة رقم 160.

[126] تأويل ‏الآيات ‏الظاهرة ص 837 .

[127] وسائل‏ الشيعة  ج7ص205ب42ح9121 .

[128] وسائل‏ الشيعة ج9ص486ب2ح12548.

[129] مستدرك‏ الوسائل ج2ص236ح1877-2 .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها