هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية : الجزء الثالث
الْعَظِيمُ
النور السابع والتسعون

الإشراق السابع :

آيات وأحاديث عظيمة لظهور نور العظيم في الكون بكل مراتبه :

بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم :

يا طيب هذه خلاصة آيات العظمة وظهور العلي العظيم في خلقه :

{ الله لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ العظيم } البقرة 255 .

{ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَـرْشِ العظيم } المؤمنون86 .

{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُـرْآنَ العظيم } الحجر 87 .

{ وَإِنَّـكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيـمٍ } القلم 4 .

{ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّــاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ الله مِنْ فَضْلِــهِ

 فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيم } النساء54.

{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِي السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ

وَذَلِكَ هُوَ الْفَـوْزُ العظيم (9) } غافر.

{ كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ الله الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ العظيم (4) } الشورى .

{ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّـكَ العظيم } الحاقة52.

يا طيب : كل شيء يسبح بحمد الله العظيم ويقدس له ولكن لا نفقه تسبيحهم ، والله تعالى بيّن عظمته بكتابه العظيم وشرح لنا أمورا عظيمة ، والإنسان المؤمن فضلا عن العادي لا يقنع بمعرفة كلية عظيمة ، ويطلب التفضيل والكمال في شرح معانيها ليعرف حقائق كريمة عظيمة بأوسع ما يمكن أن يتحمله مخلوق باحث عن الحقيقة والكمال بكل عظمة .

بل الله العظيم تعالى : أمرنا بإطاعة أولي أمره وأئمة هداه الذين عظمهم ليتحملوا أعظم تعليم في التكوين يناسب شؤون معرفة العظيم عز وجل ، وبأعلى درجة يتجلى بها العظيم سبحانه وتعالى كما عرفت ، فجعل رسالته والنبوة والإمامة عند من خصهم بوحيه وأمره العظيم ، وعلمهم بما شاء وأمرهم أن يعلموا معارف عظمته بإذنه .

 والله العظيم : مثلا لم يعرفنا في كتابه العظيم كيفية الحج ولا الصوم ولا الزكاة ولا البيع والشراء بل ولا كيفية الصلاة ولا عددها ولا كيفيتها ومقدارها وما يقرأ فيها ولا عرف بالتفصيل غيرها من آلاف المعارف والأحكام التي شرعها ، وإن كان ذكرها في كتابه العظيم وعرف بعض أهمتها وعظمتها في صلاحنا ولينزل بركة إتيانها للمتعبد بها مخلصا له الدين ، لكنه من غير شرح وتفصيل لكل الحدود المختصة بدينه القيم لا بالعبادات ولا بالمعاملات ، ولكنه أمر بها ونهى عن محرمات لم يعرف تفصيلها أيضا وأوعد عليها النار والعذاب الخالد ليردعنا ولنتوجه لمعارف شؤون عظمته بكل طهارة وشأن كريم ، وإلا إن الله غني عن العالمين ولا تضره معصيتنا ولا تنفعه طاعتنا ، وهو قد خلق ملائكة عظماء يسبحون ويقدسوه ويحمده ويهللوه ويكبروه ولا يدرون الله خلق خلقا غيرهم ولم يتوجوه لشيء غيره ، وخص أعظم خلقه بتبليغ هداه وشرحه بأعظم ظهور تحلوا وتجلوا به وتخلوا عن كل ما يمنع منه وبهذا يعظم من يطيعهم بفضل العظيم .

فيا طيب : قد شاء الله العظيم سبحانه أن يخلق موجودا في أدنى المراتب الدنيا ، وفي طرف الكون الواسع ومادي ، ثم ينزل به روح تكبر بكل عمل من أمر هداه العظيم ، وتعظم حتى تفوز بأعظم كرامة تجلت من أسماءه الحسنى ، ولله بعلمه العظيم عرف إن الأنبياء والمرسلين وبالخصوص نبينا وآله هم أكرم من يخلص له التوجه ، فيصلحوا أنفسهم ويطيعوا أمر هداه ويظهروا به علما وعملا وصفاتا وسيرتا وبكل وجودهم ، ولذا خصهم بتبليغ أعظم هداه وتحملوه فعلا بأعلى وأعظم تحمل وأدوه بأعلى وأعظم تأدية .

 ولذا كان وما زال : مسخر لهم الوجود التكويني بكل عظمته وما فيه من أعلاه لأدناه حتى يظهروا بأعلى عظمة متجلية من العظيم ، ويملكهم كل ملكه العظيم المخلوق فيجعلهم خلفاءه فيه ، لأنه ليس من شأن العظيم سبحانه وتعالى أن يسكن خلقه أو يحتاج له فيعظم به ، بل ملك عظيم مخلوق خص تمليكه بأعظم منه تجليا وخلقا فجعله خليفته فيه ، ويتصرف به بإذنه بكل عظمة ظهرت من نور الأسماء الحسنى ، فلذا كانوا مخصوصين بأعلى وأعظم مراتب العظمة الظاهرة من الله العظيم سواء علمهم باسمه العظيم ، أو الظهور بشؤون العظمة في خلقه العظيم حقا ، وكانوا بحق أعلى نور ظاهر من شؤون عظمة العظيم سبحانه وتعالى ، والله من ورائهم محيط وقيوم عليهم لا تأخذه سنة ولا نوم .

وإذا عرفت هذا يا طيب : فأعلم إن الله نزل كثير من الأحكام ، وحتى معنى وحقيقة سبح باسم ربك العظيم لم يبين كيفية التسبيح بها وزمانه ، ولكن نبي الرحمة العظيم قال أجعلوا هذا التسبيح في ركوعكم ، وهكذا التسبيح باسم الرب الأعلى وبحمده جعله في السجود ، وهكذا علمنا عدد الركعات وكيفيتها وما يقال فيها وكل حدودها وما يخرج منها ، والله العظيم فقط ذكر أقيموا الصلاة ، ولم يعرف شيء من حدودها مع عظمة أمرها وهي أعلى أمر وأعظم عبادة يتوجه له بها ، وهكذا غيرها من العبادات ومثلا جاء يا أيها الذين :

{ إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمً }الأحزاب56 .

ولم يعلمنا كيف نصلي على النبي الكريم : وترك التعليم والكيفية للنبي يعلمها بأذنه وبما علمه فعلمنا أن نقول : اللهم صلي على محمد وآل محمد ، وغيرها من العبارات المؤكدة لهذا المعنى والتي تقرن آله به ، وقد ذكر هذا المعنى كل من ذكر كيفية الصلاة على النبي ، ولكن بعض الحاسدين حذف آله معه ، وآمن ببعض وترك بعض ولم يقرن آل النبي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم به ، ولكن بعض آمن علما كالمقتدين به وبآله حقا أو الشافعي الذي قال :

يا أهل بيت رسول الله حبكم   فرض من الله في القـرآن أنزله

كفاكم من عظيم الشأن إنكم   من لم يصل عليكم لا صلاة له

وقال آخر

أهل بيت طهروا من دنس   ولهم في الحشر أعلى درجات

       و إذا ما ذكـروا في مجلس   فارفعوا أصواتكم بالصلوات

وغير الصلاة من المعارف : التي تبين شأن آل النبي المقرون بالنبي العظيم في الصلاة عليه وآله وودهم ، وفي كل مراتب العظمة التي خصه الله العظيم بهم حتى كان لهم أعلى مراتب العظمة في كل أمر الوجود هداية وتبليغ وشرح أو ملك الآخرة .

والغرض يا طيب : لنعرف بهذا إن الله العظيم لم يفصل كل العبادات التي نتوجه بها له ، ولا المعاملات التي تُصلح العباد ، ولا ما حرم مما يطهره العباد ويجعلهم مستعدين لنيل نور كرامته العظمى ، وكان الله العظيم في كلامه العظيم القرآن العظيم يعرفنا بما يجب ويترك التفصيل للنبي العظيم .

فالنبي العظيم : هو الذي يُفصل أمر الله العظيم الذي تشفق منه السماء والأرض والجبال وأبت أن تتحمله ، وتحمله النبي العظيم وعرفه بأحسن وجه وظهر به بأكمل وأعظم ظهور حتى قال الله العظيم له : إنك لعلى خلق عظيم ، وهكذا كان عظيم أمر آله وأهل بيته معه ، وكما في آيات النور والبيوت المرفوعة المطهرة المختصة بآله وذريته وأهل بيته الكرام ، وكما كان كل الأنبياء من قبل ذرية بعضها من بعض ، وهم قد شرحوا وبينوا ما عرفهم من دينه العظيم ومن كل هداه وما يجب أن يتطهر منه لأنه محرم ، وهكذا عرف آل النبي بعده تفاصيل كل هداه العظيم ودينه القيم بحق كما أمر الله العظيم ، والذي يُكرم الإنسان ويبين فضله فيعظمه بتحمل الأمانة كما عرفها المفضلون على كل الخلق والذين لهم الملك العظيم من الكتاب والحكمة فيكون معهم ومنهم ، ويخرج من كونه ظلوم جهول إلى فضل الله العظيم فيفوز .

وإنهم آل نبينا العظيم صلى الله عليه وآله وسلم : ظهروا بما تحملوا من أمر الله وهداه بعد النبي العظيم بأحسن وجه ممكن لمخلوق عظيم عظمه الله ، وعرفت تصديق الله لنبيه العظيم ولهم في كثير من الآيات ، وبسيرة النبي الكريم وأقواله الكريمة ، وبشرحه لمناقبهم ولشأنهم العظيم ، وهكذا أيدت عظمتهم بالظهور بهدى الله سيرتهم وسلوكهم وعلمهم ومعارفهم ، وعرفت قسم من كلامهم في بيان شؤون العظمة بما يحب ويناسب شأن العلي العظيم سبحانه وتعالى .

وإن الله العظيم : لم يترك من حسدهم ولم يقبل أن يصلي عليهم بل منع من ذكر العظماء وحرم قرنهم بالنبي في الصلاة على النبي عملا ، أن يكون بيدهم بيان شؤون عظمته ودينه العظيم ، ولا هم ظهروا بحقائق تعرف شؤون عظمته بكل عظمة من أمر الله وهداه لأنهم لا معرفة حقيقة لهم به ، ولذا إن كثير منهم حين يشرح هذه الآية يذكر ضرورة القرن بين النبي وآله في الصلاة ، ولكنه حين يصلي على النبي عملا وقولا يترك آله أو يضيف صحب النبي معهم ، ولا يرضى أن يخص النبي وآله بالصلاة عليهم كما علم رسول الله ، إما حسدا أو عنادا للحق أو لغرض باطل ، وهو لكي لا يفرح أتباع وأنصار آل محمد صلى الله عليهم وسلم ومن تشيع لهم حين سماع الصلاة على النبي وآله ، فيفرح من يخالفه بالمذهب ، فترك أمر الله ورسوله وما عرف من كيفية الصلاة ، وهذا له كثير من الموارد العبادية والمعاملات وغيرها من الأحكام التي خالفوهم بها ، فضلا عن معارف شئون عظمة الرب سبحانه وتعالى .

وبالخصوص يا طيب : إن من حسد عظمة النبي وآله بأمر الله ، كان قد خالف أمره وبكل جد معنى وهدى وقولا وعملا ، وهجر أمر معرفة شؤون الله العظيم في تعظيمه لخَلق وخُلق النبي العظيم وآله ، ومالهم من الفوز العظيم لهم ولم تبعهم ، ولكي يشبهوا أمر الناس أنزلوا الله لمرتبة النبي وحرموا النبي منزلة المخلوق العظيم لله العظيم بكل عظمة تجلى بها تعالى ، فكان ربهم أشبه بالمخلوق من الخالق في كل المواصفات التي وصفوه بها حتى شرح أسمائه الحسنى وظهور نور العظمة منها بكل مراتبها ، ولذا ترى أنهم جعلوا الله ينزل للسماء ويدبرها بيد لا يعرفون كيفيتها ، أو إنه تعالى يسكن على عرشه ويزيد أربعة أصابع عرشه عنه وكأنه ليرتاح في جلسته فيه ، أو يرونه في الجنة بشكله أو شبح ، أو يضع رجله في النار وغيرها من الخزعبلات ، والعياذ بالله من الضلال في وصف عظيم لا يوصف سبحانه إلا بما هو أهله من عباده المخلصين .

ولذا ذكرنا إن معرفته سبحانه بالعظمة : هي معرفة شؤون تجليه وظهور في خلقه العظيم ، فيشير بنحو ما لعظمته التي لا توصف إلا بالإيمان بأنه لا يحد ولا يحاط به علما ، وإن العرش العظيم وكل ملك عظيم وكل مرتبة من الخلق العظيم لله هو خلق عظيم ، وليس محل سكن الله العظيم ولا يقاس به أبدا ، ولا من شأنه أن يكون محلا لله العظيم سبحانه وتعالى ، بل خلق عظيم يختص سكنا ووجودا لخدمة ومحل لخليفة عظيم ، وهو أعظم خلق الله العلي العظيم ، فيسكنه ويتصرف بأمره في أعلى مراتب العظمة ، وإن أعلى شأن في خلق الله العظيم هو نبينا العظيم محمد وآله صلى الله عليه وآله ومن يخلص لله بدينه الذي عرفه لهم وظهور به وحملوه ، فيحف بهم في المقام المحمود يوم القيامة بكل عظمة وجلال بفضل الله العظيم .

والله العظيم : عرفنا في الآيات في أول كلامه العظيم في القرآن العظيم ، بعض مراتب عظمته ولم يفصل أمر الكرسي والعرش ولا السماوات ولا الوحي ونزول أمره العظيم التي تشفق منه السماوات وتكاد تتفطر ، وإن أشار لعظمته ولكن ترك البيان لعظيم يعرفه كالعبادات وكل ما جاء بالقرآن العظيم وأعطاه وآله ملكه ، فتبعهم المخلصون وحسدهم الضالون ، وهذا تعريفه العظيم فتدبر شرحه .

 

الإشعاع الأول  :

ظهور الاسم الأعظم في المراتب الإلهية للأسماء الحسنى والعلم به  :

سبحان ربي العظيم وبحمده  سبحان ربي الأعلى وبحمده :

يا طيب : إن الله عظيم لا كلام في عظمته بعد إن عرفنا أنه لا يحاط به علما ، إلا الإيمان بأنه ليس كمثله شيء ، وهو خالق كل الشيء ، وهو الواحد القهار ، ونَصفه بما وصف نفسه من غير كثرة في أسمائه الحسنى الذاتية وجودا ، بل هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ، وهو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ، وحده لا شريك له ، واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وله الأسماء الحسنى فندعوه بها وهو العلي العظيم سبحانه .

وإنما الكلام يا مؤمن : بعد ما عرفنا الكثير من شؤون العظمة ، هو في ظهور نور الله العظيم في الخلق في أعظم مراتبه ، ولمن لهذه المراتب ، وعرفت إن الكون بكل ما فيه حتى في أعلى مراتبه الذي ينزل منه أمر الله هو مسخر للإنسان لكي يعظم ، ولكن هناك خلق عظيم ومفضل من بين الإنسان المفضل على كثير من الخلق العظيم ، وهو المفضل على كل مفضل من بني الإنسان لأنه عرفت حتى بين الأنبياء مراتب وظهور وتفاضل ، حتى كان أفضلهم نبينا الكريم وبعده آله الطيبين الطاهرين حتى كانوا أعظم من فضلهم الله بالظهور بنور أسمائه الحسنى ، ولمعرفة هذه العظمة والتفضيل لنبينا وآله ولمن عرفهم نذكر أولا ظهور الأسماء الحسنى ببعض المعرفة ، ونترك التفصيل لصحيفة العارفين الثالثة من صحف التوحيد من موسوعة صحف الطيبين ، ونذكر هنا أو الأسماء الحسنى ظهورا ، وما خفي من معارف الاسم الأعظم وظهور العظيم .

ثم نذكر بعد ذلك : العالمون بهذا الاسم الأعظم العظيم المخلوق ومن تحقق بنوره أولا ، ثم نأتي على مراتب الكون وظهوره فيها بكل نور الأسماء الحسنى ، وبهذا نتدبر معارف العظمة في ظهور وتجلي الأسماء الحسنى العظيمة .

فعن ابن سنان قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام :

هل كان الله عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق ؟

قال : نعم . قلت : يراها و يسمعها ؟

قال : ما كان الله محتاجا إلى ذلك لأنه لم يكن يسألها ، و لا يطلب منها ، هو نفسه و نفسه هو ، قدرته نافذة ، و ليس يحتاج أن يسمي نفسه ، و لكن اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها ، لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف .

 فأول ما اختار لنفسه : العلي العظيم ، لأنه أعلى الأشياء كلها .

 فمعناه : الله ، و اسمه العلي العظيم ، هو أول أسمائه لأنه علي علا كل شي‏ء[12] .

عرفت يا طيب : في أول شرح الأسماء الحسنى إن اسم الله هو أعظم الأسماء في تساويه في الظهور والبطون والإحاطة ، وهو ظاهر اسم العلي العظيم الباطن ، ثم تأتي رتب معارف الأسماء الحسنى في الظهور ، ولا يعني كثرة الأسماء الحسنى كثرة مفهومية يعني هناك كثرة وجودية ، بل لها وحدة وجودية بسيطة ، ويكون للأسماء ظهور وبطون وإحاطة لبعضها ومحاطة متفرعة كما يأتي في الحديث الآتي فتفرع عليها ، ومرتبة ظهور بعد مرتبة ظهور في عالم الوجود المخلوق ، وكله  بعد مرتبة وجود عظيم للأسماء الحسنى من غير كثرة لأول ظهور لوحدتها من الاسم الأعظم ، وهذه المرتبة من ظهور الأسماء الحسنى التي عرفت هي مرتبة الواحدية ، ومرتبة ظهور الأسماء الحسنى وتجلي نور حقائقها هي بعد مرتبة الأحدية التي لا كثرة فيها حتى أسماءية وهي مرتبة الاسم الأعظم ، والتي ظهرت بالفيض الأقدس في مرتبة الواحدية باسم الله ثم باقي الأسماء الحسنى ، وقد عرفت ومنها ظهرت مرتبة خلق الأسماء الحسنى في مرتبة الواحدية ، ثم ظهر اسم واحد مركب العلي العظيم ، وهذا دلالة علو أسم الله وعظمته وعدم الإحاطة به إلا الإيمان به والتوله له وحبه لأنه أعظم الأسماء وأعلاه ويتصف بكل الأسماء ولا يقع صفة لها كما عرفت .

ثم بعد مرتبة ظهور اسم الله بمرتبته العالية العظيمة : فأخذ بالظهور بأسماء حسنى تحكي مراتب ظهوره وتجليه من غير تكثر بعد ، أي ليس في ظهور الكون الخلقي التكويني بل مرتبة أعلى هي مرتبة ظهور الأسماء الحسنى وحقائقها ويأتي تفصيل الكلام فيها في صحيفة العارفين إن شاء الله ، ولكن نذكر ظهور الله العلي العظيم في مرتبة الظهور بالأسماء الحسنى وتكثرها كلها في مرتبة قبل العرش في مرتبة للأسماء الذاتية ، ثم في العرش وما بعده من الكرسي والسماوات وما بينها بأسماء فعلية .

ولذا بدأت المعرفة في المرتبة العالية بظهور اسم : الله العلي العظيم الذي عرفته في الحديث السابق .

 بمرتبة باسم الله تبارك وتعالى في الحديث الآتي.

 يعني كان عاليا و عظيما واسع الوجود غير متناهي ، وهذا العظيم ظهر نوره بالبركة لكنه بعده عالي متعالي مقدس لم يتكثر ولم تتكثر وحدته بالظهور للأسماء ببركة الله تعالى ، وبكل عظمة لمراتب الأسماء الحسنى مع وحدتها الذاتية ، ولكن لها نور يوصف بكل الأسماء الحسنى حتى يظهر في الخلق الأول حسب شأن الظهور في مراتبه العالية ثم الدانية .

 وإذا عرفنا هذه المعرفة لظهور الأسماء الحسنى العالية : وفي الخلق في كل مجموعة من الأسماء ذاتية ثم فعليه ، ذاتية ثم فعليه ، كما كان في شرح الأسماء الحسنى للحديث مورد الشرح ، وإنه الذاتية بما هي غير متكثرة وإن تكثر الفعل بل بين الذاتية ظهور وبطون حسب مرتبة الخلق ، وفي الفعلية ظهور وكثرة خلقية محاطة ومقهورة بقيومية الحي القيوم الواحد الأحد ، وباقية بما يشرق من النور التام للأسماء الحسنىنذكر حديث يعرفنا بعض الظهور لمراتب من الأسماء الحسنى ذاتية وفعلية وهكذا ، وبعد إن كان الحديث أعلاه مرتبة عالية ، وهنا ظهور لأسماء ذاتية بمرتبة فعلية لظهور الأسماء الحسنى كلها ذاتية وفعلية ، فإنه فيه معارف عظيمة من ناحية الظهور في كل مرتبة من مراتب الوجود ، تعرفنا علوه في نفس الأسماء الحسنى ، وفي نفس الظهور في الخلق ، فنتدبر هذا الحديث الشريف لظهور الأسماء الحسنى العظيمة :

 

فعن إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

 إن الله تبارك و تعالى : خلق اسما بالحروف .

 و هو عز و جل : بالحروف غير منعوت ، و باللفظ غير منطق ، و بالشخص غير مجسد ، و بالتشبيه غير موصوف ، و باللون غير مصبوغ ، منفي عنه الأقطار ، مبعد عنه الحدود ، محجوب عنه حس كل متوهم ، مستتر غير مستور ، فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا .

 ليس منها واحد قبل الآخر ، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها .

و حجب واحدا منها : و هو الاسم المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة التي أظهرت .

فالظاهر : هو  الله  تبارك  و تعالى .

و سخر سبحانه لكل اسم من هذه : أربعة أركان ، فذلك اثنا عشر ركنا ، ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليه .

 فهو : الرحمن الرحيم الملك القدوس ، الخالق البارئ المصور ، الحي القيوم لا تأخذه سنة و لا نوم ، العليم الخبير السميع البصير الحكيم ، العزيز الجبار المتكبر العلي العظيم المقتدر القادر ، السلام المؤمن المهيمن ، البارئ المنشئ البديع ، الرفيع الجليل الكريم ، الرزاق المحيي المميت الباعث الوارث .

فهذه الأسماء و ما كان من الأسماء الحسنى : حتى تتم ثلاثمائة و ستين اسما ، فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة ، و هذه الأسماء الثلاثة أركان ، و حجب للاسم الواحد المكنون المحزون بهذه الأسماء الثلاثة ، و ذلك قوله عز و جل : قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الأسماء الحسنى [13].

يا طيب : تأخر اسم العظيم أو العلي أو كون الأسماء الذاتية بعد الفعلية ، هو ليس لتعريف رتبة الظهور ، فإن الأسماء الذاتية متحدة الوجود وكلها عظيمة لا توصف بنفسها ، ولكن لظهورها بالخلق فعلا نعرف علم ظهور وجودي مخلوق حقيقي في التكوين ، وإن لها فعلا عظيما أو عاليا أو مجيدا أو غيره من الظهور في الخلق ، لا في نفسها بما هي في مرتبة الذات هي فعلية ، بل لها كمال مطلق لا يحد أبدا وهي متحدة وجودا وإن تعدد بالظهور مفهومها ، ولذا قال إنها أركان موصوفة بالفعلية ، وحتى الأسماء الذاتية لها أولية لها باطن الاسم الأعظم أو ظاهرة بالأسماء التي بعدها في سعة التجلي والمعنى والظهور .

 وإن الحديث : إن لله تسعة وتسعين أسماء من أحصها دخل الجنة ، يكاد يكون ترتيب الاسم العظيم أخر الأسماء ، ولكنه يبين إن كل شيء خلقه الله عظيم وعظمته لطيفة شافية لا نقص فيها بما هو منه ، ولكن للخلق مراتب وتحقق بنور الأسماء الحسنى كلها بحسب وجود تجليها وظهورها ، وفي أعلى عظمة في المراتب العالية وعظيمة في مراتب التكوين الدانية مع إحاطة العلية له ، وأن لكون الخلق يتحدد بعضه بالبعض ، وهو بوجود مقدر بهيئة معينة ويتحدد بالظهور بأحسن وجه ممكن يناسبه ، وفي كل مرتبة بأدق وأتقن شأن للمخلوق ، فمنه يكون نور وجوده وملكه عظيم رزقنا الله تعالى من بركاته ، ومنه يكون ملكا عظيما لمن وجوده عظيم ، وبعضه مجرد عن الهيئة والمادة وبعضه له هيئة عير مادي وبعضه مادي ، و منه يتعصى فيفقد بعض سعة نور الفطرة ووجوده الأولي ، ومنه يفقد كل نور وجوده إلا ما يحس به العذاب ويكون في اشد الحرمان والنقص العظيم والعياذ بالله من حرمانه .

ويا طيب : وقد ذكرنا عن إحاطة الأسماء فيما بينها معارف قيمة في أول الجزء الأول من الشرح ، وفي أول الجزء الثاني ، وبحوث شرح الأسماء الحسنى في صحيفة التوحيد ، ويأتي بحث أوسع في صحيفة التوحيد الثالثة للعارفين لمعارف الإحاطة والرتب والترتب للظهور في الأسماء الحسنى ، وبها نذكر الأسماء المحيطة الواسعة والمتفرعة عليها كما في الحديث أعلاه في الحي والعليم وغيرها ، وإذا عرفنا هذا الظهور للأسماء ، نتعرف على العارفين بالاسم الأعظم ، ثم يأتي مراتب التكوين برتبه .

 

الإشعاع الثاني :

لعظماء التكوين علما ما بالاسم الأعظم :

ويا طيب : بعد إن عرفنا شيء عن ظهور الأسماء الحسنى في مرتبة التوحيد العالية ، وإن كان كلها أسماء حسنى عظيمة لأنها وصف لله العلي العظيم بما يناسب شأنه مفهوما متكثر يعبر عن الظهور ، ومتحد في الوجود الأحدي في البطون ، ثم عرفنا إن الله خلق الأسماء وظهرت لها حقائق من الكمال المطلق الظاهر بنفسه والمظهر نوره في تجليه في مرتبة الأسماء الحسنى ، فعرفنا إنه كان أول الظهور بحقيقة نور اسم الله وهو نفسه العلي العظيم كصفة أولى في الحديث الأول ، ثم كان ظهور له فكان لله تبارك وتعالى في مرتبة عظيمة لتفرع الأسماء ، وهي ثلاثة أسماء ظاهرة تعبر عن ثلاثة أركان من أربعة أركان لاسم أعلى منها مرتبة ، ولم يظهر كله لأحد بالأركان الأربعة بما هو بجملته التامة ، وبكل جملته التامة يتكون معرفة هذا الاسم الأعظم بأركانه الأربعة العظيمة للاسم الأعظم .

وهذه أحاديث كريمة تعرفنا بأن لله اسما أعظم : هو الذي يتم به أمر التدبير الخاص الذي كادت السماوات والأرض أن تتفطر له كما عرفت ، وليس له ظهور لكل أحد ، بل هو كله مستور ويظهر منه شيء ما ، فيطلع عليه الخاصة من العظماء الذين عظمهم الله تعالى بأعلى مراتب التعظيم ، وعرفت في معنى اسم الله الأعظم بعض الشرح له ، وإن شاء الله يأتي تفصيل الأقوال فيه صحيفة العارفين .

وهنا يا طيب : نؤكد بأن الاسم الأعظم ليس فقط لفظ وحروف بل يعبر عن حقيقة عظيمة لم تظهر لا بالأسماء الحسنى ولا بالخلق بكل ما لها من باطن ، ولكن يظهر لها أمر في كل الخلق بأعلى وأعظم الأسماء الحسنى التي عرف الحديث أنها ثلاثمائة و ستين اسما ثم لها تفرعات أخرى كما في حديث الجوشن وغيره .

ولكن الله العلي العظيم : عرّف عامة الخلق الأركان الثلاثة وما يتفرع عليها لحاجتهم إليها في ظهورها بنور وجودها فيهم، وفي نفس أسمائها الخاصة اللفظية ، فمن السهل يمكن التصديق ومعرفة إن أعظم الخلق خصوا بالاسم الرابع أو بشيء منه ، لأنه كل الخلق وعامتهم عرفوا ثلاثة ، والرابع أو الجملة التامة المكونة للاسم الأعظم فلابد أن تكون معرفتها لأعظم خلق الله وجودا وتعظيما من الله العلي العظيم سبحانه .

والمعرفة بالاسم الأعظم : مع ذلك ليس معرفته مستوجبة للمعرفة بحقيقة الله وبعظمته بما هو سبحانه وتعالى عن الإحاطة به وبمعرفته ، بل بإذنه شاء أن يعرف أعظم معرفة لأعظم خلقه فخصهم به كما خصهم بهداه العظيم ، فمعرفة الاسم الأعظم هي معرفة بعظمة الله بأعلى ظهور تحقق في الكون الوجودي في أعظم خلق ، ولمعرفة هذه الحقيقة تمت لهم معرفتهم ببعض الجملة التامة لهذا الاسم العظيم حسب شأن كل عظيم ، وهنا نذكر بعض الأحاديث التي تشير للاسم الأعظم وللعالمين به من أكرم خلق الله العظيم سبحانه وتعالى فتدبر :

فعن أبي عبد الله البرقي يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال :

 إن الله عز و جل : جعل اسمه الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا ، فأعطى آدم منها خمسة و عشرين حرفا ، و أعطى نوح منها خمسة عشر حرفا ، و أعطى منها إبراهيم ثمانية أحرف ، و أعطى موسى منها أربعة أحرف ، و أعطى عيسى منها حرفين ، و كان يحيي بهما الموتى و يبرئ بهما الأكمه و الأبرص ، وأعطى محمدا اثنين و سبعين حرفا ، و احتجب حرفا لئلا يعلم ما في نفسه و يعلم ما نفس العباد[14] .

وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له جعلت فداك قول العالم :

( أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) .

قال فقال : يا جابر إن الله جعل اسمه الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا ، فكان عند العالم منها حرف واحد فانخسفت الأرض ما بينه و بين السرير حتى التقت القطعتان ، و حول من هذه على هذه ، و عندنا من اسم الله الأعظم اثنان و سبعون حرفا ، و حرف في علم الغيب المكنون عنده [15].

وعن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كنت عنده :

فذكروا سليمان و ما أعطي من العلم و ما أوتي من الملك .

 فقال لي : و ما أعطي سليمان بن داود إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم ، و صاحبكم الذي قال الله : قُلْ كَفى‏ بِالله شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ ، وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ، و كان و الله عند علي عليه السلام علم الكتاب .

 فقلت : صدقت و الله جعلت فداك[16] .

وعن أبي بصير عن أبي المقدام عن جويرية بن مسهر قال :

أقبلنا مع أمير المؤمنين عليه السلام من قتل الخوارج ، حتى إذا قطعنا في أرض بابل حضرت صلاة العصر ، قال : فنزل أمير المؤمنين و نزل الناس .

فقال أمير المؤمنين : يا أيها الناس إن هذه الأرض ملعونة و قد عذبت من الدهر ثلاث مرات ، و هي إحدى المؤتفكات ، و هي أول أرض عبد فيها وثن ، إنه لا يحل لنبي و لوصي نبي أن يصلي فيها ، فأمر الناس فمالوا عن جنبي الطريق يصلون ، و ركب بغلة رسول الله فمضى عليها .

قال جويرية فقلت : و الله لأتبعن أمير المؤمنين و لأقلدنه صلاة اليوم .

 قال : فمضيت خلفه فو الله ما صرنا جسر سورا حتى غابت الشمس ، قال : فسببته أو هممت أن أسبه .

قال فقال : يا جويرية أذن . قال فقلت : نعم يا أمير المؤمنين . قال : فنزل ناحية فتوضأ ، ثم قام فنطق بكلام لا أحسبه إلا بالعبرانية ، ثم نادى بالصلاة ، فنظرت و الله إلى الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير فصلى العصر و صليت معه .

قال : فلما فرغنا من صلاته عاد الليل كما كان ، فالتفت إلي ، فقال : يا جويرية بن مسهر ، إن الله يقول :

فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العظيم .

 فإني سألت الله : باسمه العظيم ، فرد علي الشمس [17].

يا طيب : إن معرفة الاسم الأعظم هي معرفة عظيمة بأعلى شؤون التدبير ، والله محيط بكل شيء وبإذنه يعلم من يشاء ما يشاء ، والآيات المعجزة كانت للأنبياء السابقين كلا حسب شأنه ، حتى كانت لموسى عليه السلام تجلي نور عظيم على الجبل فجعله دك ، وخر موسى عليه السلام صعقا هو من معه لعدم تحمل نوره الله العظيم مع عظمة موسى عليه السلام ، لأنه طلب أمر أعلى من شأنه نتيجة للضغط عليه ، وقد فلق له البحر ورفع فوقهم الطور وغيرها من الآيات له ، كما كان لداود عليه السلام تسبح الجبال معه ، أو سليمان عليه السلام كانت مسخرة له الريح والجن والإنس وعرش بلقيس ، ولعيسى عليه السلام إحياء الموتى ، وغيرها من المعجزات التي تحققت لهم ، وكلا حسب شأنه العظيم خص بكرامة مناسبة له .

 ولنبينا صلى الله عليه وآله وسلم كانت كثير من المعجزات ، والتي كان منها انشقاق القمر في قوله تعالى :

{ اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5)}القمر.

وهذه آيات عظيمة : تحدثنا عن انشقاق القمر لنبينا الكريم في تحدي وقع بينه وبين الكفار ، فأراهم عظمة كرامته عند الله تعالى فأنشق القمر وعاد ملتحما ، وحتى الآن ترى آثاره في القمر حسب ما ذكروا في بعض بحوث الفلك والنجوم ، ومن يعرف قدرة الله الذي بيده كل الكون جمعه ونشره بكلمة واحده ، وبيده مقاليد السماوات والأرض فضلا عن نجومها وكواكبها ، يعرف إنه يمكن أن يمكن وليه من آية معجزة تبين عظمته وهي عليه هينة ، وإن الله تعالى بيده أمر كل شيء وقد قال :

{ وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سبحانه وَتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنور رَبِّهَ وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (69) }الزمر.

{ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12) شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّين وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ

الله يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)

وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) } الشورى .

فالله العظيم : يختص برحمته من يشاء ويجتبي وبيده مقاليد السماوات والأرض وليس يعجزه شيء ، سواء أن يتصرف به أو يوكل ملك فيقلب الأرض على أهلها كما في قوم لوط أو يسخر الرياح ، أو يخلق ما يشاء لمن يشاء أو يظهر معجزة أو يعطل الفلك أو يغيره مسيره أو يجمعه ، فهو الواحد القهار وبيده مقاليد كل شيء ويُمكن من يشاء ما يشاء كيف يشاء ، وذكر تسخير الشمس للإمام علي وهو أعظم موجود بعد رسول الله ، لم يكن أصعب على الله من شق القمر ولا من خلق الشمس والقمر وكل الكون ، هو هين ويمكنه كيف شاء ومتى ما يشاء ، ومن يعرف عظمة الله وكرامته لأوليائه في الدنيا والآخرة لا يستصعب شيء من آياته العظيمة التي تعرفنا عظمة وكرامته لولية ليعرف بعض قدره الناس ، وهو بعد إن اختلفوا عليه كما تشير له سنته التي حكاها عن الأمم ، وتحقق الاختلاف عملا مع الإمام علي عليه السلام ، وذكر الأنبياء وكرامتهم عليه وأنه اجتباهم ، وليس الإمام علي عليه السلام في أعظم دين بأقل شأنا منهم ، وستعرف إنه بعد رسول الله في المقام في يوم القيامة ومعه يحف به وله منصب عظيم .

والإيمان بالمقام العظيم : الرفيع للإمام علي ولرسول الله في يوم القيامة من ضروريات الدين ، وإن رد الشمس لا يساوي شيء أمام عظمة ملكه العظيم يوم القيامة وسيأتي بعض ملكه وملكنا العظيم في أخر البحث الاسم العظيم عند الموت واللطيف في القيامة والشافي في الجنة ، حتى لتقول رد الشمس على مؤمن عادي لا يساوي شيء من ملكه العظيم يوم القيامة وكرامته على الله ولا يستصعب أن يكرمه الله العظيم برد الشمس أو قلع باب خيبر أو غيرها ، والله له حكمة عظيمة لا يجري كل شيء لكل أحد إلا وفق ضوابط وسنن ، والآن خاصة بمن يكون عظيما حقا وله منصب الخلافة العظمى في الكون الأدنى أو مرتفع في الأعلى حقا .

ويا طيب : إن الكون الواسع بالنسبة مثلا ولله العظيم تعالى : الأمثال العليا ، والتمثيل مثل معمل السيارات مثلا الذي يمكن لصاحب المعمل ومكتشف السيارة التصرف بها حين صنعها ، ولكن الله تعالى لا يخرج من ملكه شيء وله التصرف به أين كان ومهما كانت مرتبته في الوجود ، وليس مثل صاحب معمل السيارات بعد صنعها وبيعها لا يمكنه التصرف بها لكونها خرجت من ملكه .

 ولكن يمكن أن يقال : للترقي في قدرة صاحب المعمل يمكن الآن لتطور العلم وصنع السيارات المتطورة أن يضع جهاز الكتروني في السيارة ، ويمكن أن يتصرف بها من بعيد حتى لو في بلد آخر ومتى شاء ، وبالخصوص التي يوضع بها أجهزة كومبيوترية متطورة ، ويمكن لمكتشفها حتى لو خرجت من ملكه أو أعارها أن يتصرف بها بإذن صاحبها الفعلي أو المعارة له أو بدون إذنه ، كما يمكنه أن يخول صاحب المعمل والمكتشف للسيارة وصانعها أن يخول شخص ثالث صديق أو عامل عنده أن يتصرف بالسيارة بإذنه أو بإذن من باعها له .

 وهذا مثل والله العظيم تعالى : الكون له ليس مثل السيارة ومعمل السيارات والمنتشرة في البلاد ، الكون بكل الكواكب والنجوم هو قيوم عليها محيط به وتحت ملكه ولا يخرج شيء من ملكه أبدا ، فهو المالك الحق له بالتدبير والربوبية والهداية ، بل لم يبقى لحظة إذا لم يمده بما يناسب شأنه من تجلي نور الأسماء الحسنى ، والإيمان الحق إن كل شيء في الوجود محتاج لنور وجوده من الله النور ، ونور السماوات والأرض بكل لحظة ليبقى وليستمر بوجوده محتاج لمدده منه .

 والقول : بأن الله تعالى فرغ من الخلق هو قول اليهود غلت أيدهم يقولون : يد الله مغلولة أي فرغ من الخلق ومثل البناء بنى البناء وتركه والبناء ليس بحاجة للباني ، أو مثل مصنع السيارات والطيارات القديمة ، ليس فيها أجهزة متطورة صنعها وترك شأنها للطيار يسيرها أو بنفسها تسير لا تحتاج لأحد مثلا ، وهذا في الكون وكائناته يقال له تفويض باطل .

بل الله العظيم قيوم ومالك حقا : لا شيء يتصرف إلا بإذنه كما في آية الكرسي وغيرها ، وليس لأحد مع الله شيء ومقام إلا بإذنه فمن خوله وأقدره ، عظم قدره وتصرف تصرف قوي يمكنه أن يزيل الجبال ، ويتصرف في الكائنات العلوية والسفلية ، وهذا مقام المؤمن في الجنة كما ترى بعض شأنه في اسم الله اللطيف والشافي .

ومن لم يؤمن بأن الله العظيم : يمكن أن يخول من يشاء ويأذن له أن يتصرف بالكائنات إن أحب ، لم يؤمن بعظمة الله وقدرته ، ولا بتجلي الأسماء الحسنى ولا بالاسم الأعظم ، ولا سبح باسم ربك العظيم بأعلى مقام وشأن ، فإن اسم الله العظيم عظيم في تجليه ويتجلى على العظماء المكرمون بإذنه فيقدرهم على ما لا يقدر العباد ، وهو مثل المؤمن الذي عنده علم من الكتاب كما كان مع سليمان فجاء بكرسي بلقيس بأقل من لمح البصر ، أو نفس نبي الله سليمان عليه السلام وتسخير الرياح والجن والإنس له ، بل جميع الأنبياء لهم معجزات من إحياء الموتى وشفاء المرضى والأعمى ، بل جبل يظلهم كما في بني إسرائيل ومعجزات نبي الله موسى الكثيرة ولنبينا أكثر راجع صحيفة النبوة باب المعجزات الكونية للنبي صلى الله عليه وآله .

بل من لم يؤمن بقدرة الله وتخويله وإذنه : لم يؤمن بريح عاد وثمود أو بما قلب الأرض على قوم لوط ، ولا بقدرة جبرائيل ولا غيره من الملائكة ، بل لا إيمان له بعظمة الله وقدرته في تمكين عباده وتجليه عليهم بالنور التام العظيم من الأسماء الحسنى ، حتى يكونوا أعظم متحقق بها له ظهور ومظهر لتجليه بأعظم مظهر ، وله كل كرامة منها حتى التصرف العظيم ببعض الكائنات إن أقدره بعض خلقه وأذن له .

وإن نبينا الكريم أعظم الأنبياء : وآله أشرف آل الأنبياء والمرسلين ولهم أعلى كرامة ، وإن لنبينا معجزات أعلى من كل معجزات الأنبياء ، فله أنشق القمر ، والله تعالى السماوات وكل الكواكب والمجرات والنجوم تحت السماء ، بل في الجبروت والملكوت تحت قدرته سخرها للإنسان العادي ليعبد فيكف بعظيم خلقه ، وهو يجمع السماء والأرض ويبدلها ، ويجمع كل خلقه في موقف حساب وتكريم ، وإن السماوات والأرض مطويات بيمينه يوم القيامة بيمين القدرة ، بل الآن مطوي كل شيء تحت تجلي نوره وبما يمكنه يبقى ، وإذا كان صاحب معمل سيارات أو طيارات متطورة بأجهزة الكترونية دقيقة له أن يخول شخص يتصرف بسيارة وطيارة من بعيد كيف يشاء وهي تسير أو واقفة .

فالله أقرب إلينا من حبل الوريد : وله القدرة المطلقة والإحاطة النافذة القيومية على كل شيء ، وكما مكن جبرائيل بقلب البلاد ، واسرافيل الذي ينفخ بالصور فيهلك كل شيء أو ينشره بإذن الله ، أو ملك الموت وغيره ، فهو قادر على تمكين الأنبياء وآل الأنبياء وأي عبد من عباده في التصرف بالكائنات إذا شاء ومتى شاء ، ولا نستبعد شق القمر للنبي ولا إرجاع الشمس لعلي أو غيرها من المعجزات لآلهم صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنهم لهم تجلي أعظم نور من نور الأسماء الحسنى ، وقد عرفت شيء من فضلهم وعظمتهم في كل مشارق هذا النور والنور السابقة لشرح الأسماء.

وإنه من لم يستطيع أن يصدق هذا : ويقول إن نظام الكون متقن ويسير بشكل دقيق ويتعطل بوقوف الشمس ورجوعها ، أو يؤلها بغيم وغيره ، أو تعطيل الخبر في عصر العلم أحسن ، وإن معجزات النبي وآله غير مناسب ذكرها ، فهو بعد لم يعرف عظمة الله وقدرته ، ولا يعرف إنه كل شيء تدبيره وربوبيته لله العلي العظيم ، ولا يعرف قيومية الله وإحاطة بالوجود وقدرته العظيمة ، ولم يفهم بعد إن الله يمكنه أن يخول ويأذن لعباده ممن يشاء ما يشاء من القدرة وبكل عظمة .

وإن بقى مؤمن : ويصدق بمعجزات الأنبياء السابقين وجبرائيل ، ويستبعد معجزات نبينا وآله ، فهو بعده لم يعرف دين الله العظيم وأعظم تجلي له بعد وما خص به أئمة الإسلام وولاة المؤمنين ، ولم يعلم إن العرش الذي يحيط بالسماوات والأرض إن الملائكة الحافين به وهم أعظم خلق الله ، وأجلهم شأنا وأقدرهم ، وأعلاهم قدرا ومقاما ، هم في أكرم حال لهم يدعون للمؤمنين ويستغفرون لهم كمال قال تعالى : يستغفرون للذين آمنوا .

فهذا العرش الذي يحيط بالسماوات والأرض : والذي عرفت عظمته بل ستعرف تفصيلا أوسع ، ومن يحمله هم أئمة أهل الدنيا ولهم أعلى مقام بفضل الله ، فإما الإيمان بكتاب الله وعظمة العظيم فيما يشاء من تخوليه لمن أختص ، وإن لا يستصغر الإنسان الكامل في طاعة الله والذي له أحسن نوره بأنه يكون من حملة العرش ، أو حملت العرش بأعظم عناية لهم هو الدعاء له ولمن تولاه ، وهذا بنص كتاب الله وعليه الإيمان به إن كان مؤمنا وعرفت آياته ، وإن عدم معرفة هذه المعارف خروج عن الكمال بالدين أو عن الإيمان به ، ومن لم يؤمن بها فليذر ما يأتي من علم الكتاب في عالم الإمكان ، ولا يتعمق ، ويبقى بمعارف اليافعين ومعارف بسطاء الناس المؤمنين ، فيؤمن بالمجمل ولا يحق له أن ينكر عظمة الله وعلوه وما أقدر خلقه من التصرف في الكائنات وما خولهم من هداه .

 فإن الله العظيم : إذا كرم عبدا كرمه بأي شيء يحب ويصلحه ويصلح له كل شيء ، ويعطيه عناية طي الأرض أو التصرف بها أو بالكائنات ، وهذا المقام الشامخ العظيم للعظماء حقا ، فمن تضعف نفسه ولا تتحمله عليه أن يؤمن به بأن الله قادر وعظيم ويهب الملك العظيم بما يشاء لمن يشاء متى يشاء كيف يشاء ، وإن نبينا وآله هم أعظم خلق الله ولهم أعلى مقام وشأن جليل عنده ، وهم عظماء الكون وأجلاء خلقه وأمجدهم ، وليكن مسلّما لهذا ، وإلا مشكل عدم تصديق عظمة الله وما يحب من التخويل والإذن ، ويصعب عليه حتى الإيمان بأخبار الملكوت والجنة الآتية ، أو لعلها بالإنس بها تسهل عليه هذه المعارف ، فتابع البحوث كلها يا مؤمن .

ويا طيب : أن معارف شؤون العظمة عظيمة ، وهي أعلى معارف الدين ، وإذا عرفت أحاديث أسم الله الأعظم وتجليه ومن علم به ، وراجع ما ذكرنا في شرح أسم الله لتكتمل المعرفة ، ونسأل الله رحمته وأعظم تجلي من نور كرمه حتى يجعلنا نحف بالنبي وآله وأئمة الحق وفي ملكهم العظيم دنيا وآخرة ، إنه ولي التوفيق وهو أرحم الراحمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .

و عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : رأيت الخضر عليه السلام في المنام قبل بدر بليلة ، فقلت له : علمني شيئا أنصر به على الأعداء . فقال : قل : يا هو يا من لا هو إلا هو ، فلما أصبحت قصصتها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فقال لي : يا علي علمت الاسم الأعظم ، فكان على لساني يوم بدر .

و إن أمير المؤمنين عليه السلام : قرأ قل هو الله أحد ، فلما فرغ قال : يا هو يا من لا هو إلا هو اغفر لي و انصرني على القوم الكافرين [18].

 

ويا طيب : ذكروا إن الاسم الأعظم قريب من بسم الله الرحمان الرحيم ، وأقرب من سواد العين إلى بياضها ، أو إنه مقطع في الفاتحة ، أو هو يؤلفه الإمام من الحروف المقطعة في القرآن وغيرها من أقوال ، وعرفت إن معرفته خاصة وإن معرفة الاسم الأعظم بمجرد المعرفة به لعله لا يحقق شيء لمن يدعوا به وهو غير مؤمن به ، أو غير عارف بحقائقه وليس له شأن التجلي عليه ، وإلا ما أكثر من يحفظها ويحفظ غيرها باللفظ ولكنه لا يعرف معناها أو لا يؤمن بعظمتها ، وعرفت إن الأسماء الحسنى كلها عظيمة ومن يتوجه لله بها حقا ويدعوا بها ، يأتيه نور عظيم منها إن كان مستحق ويصلح له ما يحتاج من نفسه وأموره .

ولو كان مجرد حفظها كافي : لما كان موجب لهذا الشرح ولا غيره ممن شرح معاني الأسماء الحسنى لنعرف شيء يسير من عظمتها ، فنؤمن بمعرفة عظيمة بنور الأسماء الحسنى ، فنحاول أن نتوجه لله تعالى بها بعد أن نخلص النية معه ونصلح حالنا معه سبحانه وتعالى ، فيتفضل علينا من نور عظمته بما يشاء .

وإذا عرفنا يا أخي : بعض معرفة شئون وعظمة الأسماء الحسنى بصورة عامة ، وشيء عن معرفة الاسم الأعظم للعظماء ، نذكر تجليها في الكون الواسع العظيم ، فنتعرف على بعض تفاصيل التكوين التي تكون الأرقام العظيمة في أول البحث أصفارا وأياما أمام سعتها وعظمتها في المراتب العالية فتدبر عظمة العظيم .


[12] التوحيد ص191ب29ح4 . الكافي ج1ص113ح2.

[13] التوحيد ص190ب29ح3.الكافي ج1ص112 باب حدوث الأسماء حديث 1.

[14] بصائر الدرجات ص 208 ب 13ح3.

[15] بصائر الدرجات ص 209 ب 13ح6.

[16] بصائر الدرجات ص 212 ب1ح1.

[17] بصائر الدرجات ص217ب2ح1 .

[18] التوحيد ص89 ب4ح2. بحار الأنوار ج3 ص222ب 6 .عدة الداعي ص278.

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها