هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين / شرح الأسماء الحسنى الإلهية : الجزء الثالث

اللَّطِيفُ
النور الثامن والتسعون

الإشراق الثاني :

ظهور اللطيف في لطائف الكائنات ودقائق وجودها وحسنها المتقن :

يا لطيف ألطف بنا ووفقنا لما تحب وترضى :

يا طيب : إن الله لعظمته لم تدركه الأبصار بجلالة شأنه فهو اللطيف الحق ، ولكنه سبحانه هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ، فظهر علمه الباطن بكل خبرة في كل شيء من خلقه فبان لطفه فيه ، فعرفنا لطفه العظيم الفعلي المتجلي في التكوين ، ولهذا المعنى الكريم لظهور نور الأسماء الحسنى في كل شيء ألفت كتب كثيرة تعرف لطف الله الظاهر بكل شيء ، فسموا بحوثهم بمعاني الإعجاز الظاهر في الكون أو المبين أو المشار إليه في كتاب الله العظيم وسنة نبيه العظيم وآله ذو الملك العظيم من الكتاب والحكمة ووارثيه بحق ، ولهذا ترى كثير من علماء المسلمين توجهوا للطف الله في التكوين وكتابه فجمعوا شواهد برهانية عظيمة ودلائل إيمانية كريمة تربط بين كتاب الله وسنة نبيه ومظاهر الكون ، أو فقط مختص بإعجاز القرآن بكلامه وحده أو ما ظهر من سنة نبيه ويعرفنا شيء من خبرته وآله بفضل الله فظهر لطفه بهم في تعريف حقائق كونية وإيمانيه لم تكن تعرف لولا توجيههم وإرشادهم ، وترينا أنهم سبقوا العلم الحديث وفي زمان الجهل المطلق لأهل العالم فأخبروا عنها.

وهذه الكتب المتكلمة : في الإعجاز الكوني والقرآني كثيرة جدا ، سواء ما تخص نفس الكون العظيم كله ، وكما عرفت بما تكلمنا به في بحث اسم الله العظيم ، أو تبحث عن الأرض ومياهها وجوها وتألفها مع الكون ، أو تبحث في كائن معين مجهري صغير ودقائق صنعه كما في عالم الذرة والعناصر وتألفها والأمواج وتأثيرها ، أو موجود حي دقيق ذو خلية واحدة أو أكثر لا يرى إلا بالمجهر ، أو أوسع ممن تبحث شؤون الإنسان والطب والتشريح للأعضاء ، أو شؤون الحيوانات والحشرات ودقة صنعها ولطافة وجودها وأحوالها .

 وكل هذه البحوث : ترينا بحق لطف خالق ما تبحثه ، ودلالتها على عظمته وعلمه وخبرته بكل شيء وظهوره برحمة وبركة وكرم بما لا يوصف من البرهان ، وحتى توجب اليقين بلطفه فضلا عن الإيمان بعظمته وقدرته وعلمه وخبرته ، وكما ستعرف هنا فيما سنبحثه ، ولو تراجع مواقع البحث في الانترنيت أو المكتبات العامة الكبيرة أو في الجامعات والكليات العليمة ، لوجدت كثير من الكتب في الإعجاز العلمي في الكون أو في القرآن المجيد ، وهذه أسماء بعضها لمن يحب مزيد المعرفة :

الله يتجلى في عصر العلم ، الإعجاز الغيبي والتاريخي ، الإعجاز في جسم الإنسان  ، الإعجاز الطبي والدوائي ، الإعجاز العددي ، الإعجاز في الحشرات ، الإعجاز في الحيوانات ، الإعجاز في النبات ، الإعجاز التشريعي ، الإعجاز اللغوي والبياني ، الإعجاز في علوم الأرض ، الإعجاز في المياه ، الإعجاز في الكون ، آيات الله العظمى ، لم أسلم هؤلاء ، الهدي العلمي النبوي ، طب الأئمة ، طب الإمام الصادق .

البنـَـاء الــرّقمي لآيات القرآن الكريم، خواطر وتأملات من الأدب والعلم والقرآن ،  الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، علم الطب القرآني ، علم الجنة في ضوء القرآن والسنة ، وراجع تمهيد القرآن في أجزاءه الاثني عشر ، أو كتاب التبيان ، أو تفسير الأمثل ، بل راجع تفسير الميزان في القرآن في أجزاءه العشرين لترى كثير من الحقائق القرآنية والمشيرة للإعجاز الكوني بما لم يسبق له مثيل فيما عقد له فيه ولغيره من البحوث الممتعة في بيان حقائق كثير من شؤون الإعجاز القرآني ، وفي التوحيد والبحوث الاجتماعية والاقتصادية وغيرها ، مما يُعرف لطف الله الظاهر في كتابه وفي التكوين كله وهداه الواسع العظيم اللطيف بكل شيء يخص الكون والإنسان وغيره.

ويا طيب : بعد إن عرفنا عظمة لطف الله الظاهر في كتابه والكون وسنة نبيه وآله في أحاديثهم الشريفة ، نذكر هنا آيات كتاب الله التي ورد فيها اسم الله اللطيف ، وسترى لطف بيانه سبحانه في عظمته وفي الهدى والمعاد مع قلة عددها ، وهكذا كما تدبرنا فيما عرفت من الأسماء الحسنى السابقة ، بل لو تبحث بكل مفردة لكلماته .

 

الإشعاع الأول :

لطف الله الظاهر في كتابه المجيد باسمه اللطيف :

يا لطيف : ألطف بنا وتب علينا وارحمنا ووفقنا لما تحب وترضى .

يا طيب بلطف الله : إن اسم الله اللطيف جاء في عدة آيات في كتاب الله في أغلبها قرن اسم اللطيف باسمه الخبير ، وذلك ليعرفنا إنه لعلمه بكل شيء ظهر لطفه بكل رحمة وفي جميع مجالات الكون وهداه ، وبالخصوص على الإنسان الذي هو خلاصة الكون وألطف كائن ظهر به لطف الله بكل عظمة وبركة وفضل وهدى .

نتدبر في كتاب الله : بحسب ورود اسم اللطيف في آياته الكريمة وحسب تسلسل السورة فيه فنرى بيان عظيم ومعجز في ترتيب معارفه ، حيث تبين الآية الأولى معرفة عظمة الله وأنه لا يحاط به علما ولا يدرك ببصر ومع ذلك هو اللطيف الخبير .

{ لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللطيف الْخَبِيرُ (103)}الأنعام.

ويا طيب : قد عرفت في الأحاديث السابق التي رويناها عمن لطف الله بهم ، وكيف تبين لطف الله وبما ترينا أنه لا يحاط به علما لعلو لعظمته ، ولكن عرفنا لطفه فيما ظهر في الكون عن خبرة بكل شيء فأتقن صنعه ولطفه ، سواء في خلق صغير أو كبير ، وكيف هداه لكل مصالحه وإن خالق النملة بهذه اللطافة هو خالق الشجر والسماء وكل شيء في التكوين ، حتى كانت تراه القلوب بحقائق الإيمان .

ولو تدبرنا يا أخي في الإيمان : في بيان الله العظيم اللطيف الخبير ، لتعريف لطفه الظاهر في التكوين في كتابه المجيد ، لرأيت أنه يعلل خلق الكون وكائناته بكل هذه الدقة والتناسق المتقن والهدى الشامل لكل شيء ولجميع جوانبه ، وبكل حُسن حتى لا يتصور أحسن منه ، وما أنعم به على الإنسان من البركات والخيرات بكل شيء ليقيم له عبوديته وشكره فيزيده من خيره ونعمه ، حين يقيم هداه الحق ، وكلها يعللها باسمه اللطيف الخبير ، أي لعظمته لا يحاط به علما ولكنه ظهر لطفه بكل خبرة وبركة .

فتدبر قول الله اللطيف الخبير تعالى :

{ إِنَّ الله فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ الله فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99) وَجَعَلُو لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سبحانه وَتعالى عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)  ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)

لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَـارَ وَهُوَ اللطيف الْخَبِيرُ (103)

قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106)}الأنعام .

وإذا عرفنا : عظمة الله الظاهر بركتها بلطف خبير عليم قدير قد أنعم علينا بكل شيء في التكوين والهدى ، وما يجب علينا من إقامة دينه لنزداد لطف بكل عظمه، نذكر آيات أخرى تعرفنا سنن تجلي نور أسمه اللطيف سبحانه ، وظهور لطفه في بيان حقائق كل شيء وبالخصوص الإنسان ، و ما أخفى للمؤمنين وغيرهم من الثواب ، وإنه بلطفه رحم عباده سواء بلطف خاص فخصهم بوحيه ، أو ملكهم من ملك الدنيا بالإضافة لملك الآخرة ، أو الإيمان بعد الغواية أو الضلال ، فتدبر الآيات الآتية :

قال الله اللطيف في قصة يوسف عليه السلام وأخوته :

{ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي

إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) } يوسف .

فإن لطف الله : الظاهر بحكمة وعن عالم خبير هو الذي آتى ليوسف عليه السلام الملك من حيث لم يحتسب ولم يأمل ، وعلّمه تأويل الأحاديث ، وقد أحسن به وجمعه مع أخوته ، وهذا لطف الله الحكيم العليم الخبير بكل رحمة ، ظهر له مورد خالص في عباده وفي مورد يوسف وأخوته وعرفنا لطفه بهم ، وهو ما عرفت في الحديث الأول .

وهذه آيات كريمة فيها اسم الله اللطيف: تعرفنا كيف أنعم علينا مع أنه غني عنا ، وأخرج لنا بركات الأرض لكي ندعوه بما يحب من أسماءه الحسنى أو غيرها من إقامة عبودية وشكره على ما خصنا به من النعم المادية أو الهدى، وقد قال اللطيف سبحانه:

{ ذَلِكَ بِأَنَّ الله هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ الله هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً
إِن الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
وَإِنَّ الله لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64) } الحج .

يا طيب : جمعت هذه الآيات الثلاثة من الأسماء الحسنى ما ترينا خلاصة ما عرفنا من الأحاديث السابقة المبينة لعظمة الله في نفسه حتى لطف عن المعرفة وعرف بما أظهر من لطيف صنعه وخلقه ، وعللت بأسماء عظيمة كريمة ، تعرفنا بأنه هو الله الحق وهو العلي الكبير وهو اللطيف الخبير وأنه هو الغني الحميد .

أي أنه تعلى هو : لعلوه الكبير أي العظيم كان هو الحق فلطف ، وللطفه وخبرته ظهرت بركاته في الكون ، فظهر كماله المطلق بلطف الخبير المشرق من كل نور أسماءه الحسنى فعرفنا سبحانه غناه في كل شيء ظهر به ومده بنعمه ، وأنه يجب أن يحمد عليه ويشكر ويدعى فيطلب منه لزيد من يتوجه له ، لا يدعون الباطل ويشركون .

وبنفس الأسلوب البديع يعرفنا الله اللطيف الخبير : أنه عالم بكل شيء وعن خبرة ظهر لطفه بكل ما في السماوات والأرض ، وأنه من يقيم هداه يكون له البركة والخيرات ، وقد حكى هذا المعنى في وصية لقمان لأبنه إذ قال اللطيف الخبير :

{ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ
 فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا الله
إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ (لقمان16)
يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (لقمان17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ الله لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)

أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
 وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً
 وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي الله بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هدى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (20) } لقمان .

فإنها آيات كريمة : بينت لطف الله الخبير الذي سخر لنا كل شيء في التكوين ،  والهدى بالكتاب المنير الذي خصه بمن لطفه بهم في خلقه ، فهداهم له أو جعلهم أئمة يهدون بأمره كما عرفت .

وبعد أن عرفنا : لطف الله في الكون كذلك يستمر الله اللطيف يبين لطفه في ثوابه لمن يتبع لطفه ويقيم هداه بنعمه ، فيصرف وجوده وما رزقه في طاعته ، فيهب له ما يريد من ملك الدنيا أو مع الآخرة خالصة له ، وإن لطف الله ظاهر بخبرة وبركة لا لكل أحد بل لمن يريد نور الأسماء الحسنى المتجلي أبدا ، وهو لمن توجه لهداه الحق واقعا ويتقيه فيأتيه نورها أبدا، وإلا يخسر لطف الله وبركات نوره، فتدبر قول اللطيف:

{الله الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)  يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18)

 الله لَطِيــفٌ بِعِبَــادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ (19)

 مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ

 وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ (20) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ الله وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ (22) 

ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ الله عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا
الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى
وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً
 نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ الله غَفُورٌ شَكُورٌ (23) } الشورى .

يا طيب : من يريد لطف الله الخبير بمن يعمل صالحا فيحصل على فضله الكبير ، عليه أن يطيع من أمر الله بوده ومن عندهم كتاب الله بعد رسوله ويخلص بما ألطفهم من دينه ورسالته ، وعن حب ومودة ، فيزداد حسنا والله يغفر تقصيره ويشكر سعيه ، وهذا هو الدين الحق وأهله وأتباعهم الذين لطف الله بهم جعلنا الله اللطيف بلطفه منهم ، فإنه لا يؤخذ ما عنده غلابا فإنه عزيز قوي لا يعطي لطفه أبدا إلا من علم صدقه في أطاعته بما يحب ويرضى من دينه الذي أنزله على خاتم رسله وحافظ عليه بآله الكرام ، فأمر بمودتهم ليتبعوا فيؤخذ دينهم منهم ، لا كل قربى حتى ولو ضال أو لم يبين الله كرامة لطفه الخاص به ، بل دين الله لطيف يبين لكل من يتلطف له ويحب التحقق به.

ويا طيب : من عرف لطف الله في التكوين وفي الهدى ومن ألطف بهم الله فأخذ دينه منهم ، يكون الله لطيف به ، فليقيم دين الله ويخشاه بما علمه ، وليمشي في أرضه ويأكل من رزقه مطمئنا بفضله ، فإن الله بعد موته ينشره فيهبه لطفه العظيم يوم القيامة وكما سيأتي شرح أحواله في أخر اسم الله العظيم ، وهذا ما بينه اللطيف :

{ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13)
 أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطيف الْخَبِيرُ (14)
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ
وَإِلَيْــهِ الـنُّـشُـــورُ (15) } الملك .

نعم يا طيب : لطف الله ظاهر في كتابه وبحقيقة معجز ، تدبر تسلسل الآيات من اسمه العظيم الذي لطف عنا ، وظهر بكل بركة عن علم خبير فبان لطفه في كل شيء في التكوين دقة صنع وهدى متقن محافظ عليه بعد نبي الرحمة بآله صلى الله عليهم وسلم ، حتى يقيم له العباد عبوديته بما يحب ويرضى من غير خلاف ولا اختلاف ولا ضلال عن هداه الحق ، فيهبهم حسنات مضاعفه ويغفر ذنوبهم بعد أن يقيموا دينه الحق ، وهو اللطيف الخبير العليم بهم ينشرهم ويبعثهم ليهبهم لطفه الدائم بكل عظمة.

وإذا عرفنا شيء : عن لطف الله في عظمته وظهور بخلقه إلى يوم النشور ، فنتدبر في لطف الله وظهور في الكون والهدى بأسلوب آخر من كتاب الله وأحاديث رسوله الكريم لنعرف شيئا كريما من لطف الله اللطيف وظهور في التكوين والهدى ، فنتعرف على عظمة الله الظاهرة بكرمها في الوجود في كل ما يصلح للإنسان حتى يوم القيامة والنشور ، فتدبر مشارق يقين تنورنا لطف الله في الكون والكائنات والهدى لنا بمن لطف بهم ، وما يهب لنا من لطفه في يوم القيامة ، فتلطف المشارق الآتية وأشعة نورها وأسأل الله لطفه الدائمة بكل بركة لكم ولنا وهو ولي التوفيق اللطيف الحق ، آمين .

 

 

الإشعاع الثاني :

ظهور لطف الله في الكون المسخر لنا :

يا لطيف ألطف بنا ووفقنا لما تحب وترضى :

يا طيب : إن التدبر في الكون كله وفي أي مجال منه وفي أي كائن فيه ، يرينا حقا لطف الله به وبنا حيث سخره لنا بصورة مباشرة أو غير مباشرة ولكن يأتي خيره في توازن الكون بصورة عامة ، وبالخصوص ظهور جماله في الأرض المسخرة لنا لكي نقيم هدى الله الحق كما عرفت ، وحتى ننشر ونحشر بعد البعث لنرى لطف الله الأعظم بالمؤمنين ، جعلنا الله اللطيف من أكرمهم بلطفه العظيم الشافي .

وإني يا طيب : منذ فترة طويلة كنت أتصفح الإنترنيت ، فرأيت صورة فلاشية متحركة تأتي مع أحد البرامج ، وكان واضعها صاحب البرنامج ليُري من يحب سحب برنامجه مجانا أو شراءه كاملا بعض إمكاناته اللطيفة وقدرته على إنتاج الصور المتحركة، ولكني يا طيب رأيت صورة متحركة فيه قد أوقفني التأمل بها بعظمة الله ولطفه الظاهر في الكون لكونها كانت جبال تسير مع غيوم بلطف عجيب ، فتذكرت قوله تعالى :

{ وَتَرَى الْجِبَـالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِـيَ تَمُـرُّ مَــرَّ السَّحَابِ

 صُنْعَ الله الَّذِي أَتْـقَـنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } النمل 88 .

وهي من الآيات : التي تعرف ظهور خبرة الله في خلقه وإتقانه لصنعه ، وهي من الآيات التي تؤيد آيات المعاد قبلها وبعدها ، حيث كانت الآيات التي تحفها هي :

{ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء الله وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87)

 وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ الله الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)

مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (89) وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النار هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (90) } النمل .

وهي تعرفنا : إنه من أتقن صنع الكون بهذه الدقة لقادر على الإعادة والجزاء وإعطاء من تبع هداه الحق حسناته ويظهر لطفه العظيم الشافي عليه ، وغيره أيضا له جزءا عمله ، وأما المقال الذي كتبته والذي يعرفنا دقة صنع التكوين المعبر عن ظهور نور اللطيف الخبير بأحلى تجلي مبارك لنا ، فهو ما نشرته على موقع موسوعة صحف الطيبين بعد أن وضعت الصورة معه ، وهي إن لم تظهر في كتاب على ورق ولكن تجدها إن شاء الله في الموقع ، وأما المقال فهو :

صانع هذا الفلاش المناسب للآية الكريمة : وترى الجبال تحسبها جامدة وهي يتمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء ، هل كان مسلم ؟ !

قال الله تعالى : { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ الله الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } النمل 88 .

يا طيب : هذه الصورة التي تراها هي من صنع شركة أجنبية وضعت شعارها مع الصورة ، ولكن تراها أشد مناسبة مع هذه الآية الكريمة ، وكأنه صاحب برنامج الفلاش هذا ، كان مطلع عليها وعارف بمعناها وبحركتها الجوهرية أو العرضية للمسير مع الأرض فنظر لها من علو ، فعمل هذه الحركة للجبال مع السحب كما في الصورة المتحركة أعلاه ، فتمعن بها يا طيب لنعرج لمعنى جميل في حقيقة الحركة في الوجود .

فيا أخي الكريم : إن الله تعالى قد ذكر كثير من الآيات الكريمة في بيان الحركة لكل شيء في الوجود سواء حركة الشمس والقمر ،  أو حركة الأرض وتكويرها وتكوين الليل والنهار ، بل توسع سبحانه فذكر الحركة للكون كله ككل ، أو أخص كالحركة للمجموعة الشمسية أو للمجرات وما فيها ، وقد كتبنا موضوعاً في الحركة الكونية باعتبارها سنة كونية إن شاء الله تجده في موسوعة صحف الطيبين بعد تمامه .

ثم إن الآية أعلاه : هي أحد الآيات الذاكرة للحركة ، فتدبرها وأنظر للصورة المتحركة ، لتعتبر بما أودع الله في الكون وفي عقول البشر للنظر في ملكوت السماوات والأرض ، وإن ما خفي من أمور الحركة في الكون أكثر ، ويكشف قسم من مكنونها التدبر في آيات الحركة في القول الطيب للقرآن المجيد والذي هو كلام رب العالمين ، الخالق للكون والمدبر لأموره ولكل ما فيه ، وبأحسن صورة ممكنة لا يمكن تصور أحسن منها ولا أتقن .

فإن الحركة في الكون : بالإضافة لكونها حركة المسير والتنقل للكائنات ، ولكن كل شيء له حركة في نفسه أو مع المجموع المحيط به ، وتتطور وتتوسع سواء حركة في الانتقال ضمن الوجود الأرضي أو بالنسبة للمجموعة الشمسية أو للمجرة كلها بل للكون كله ، كما وإنه للشيء حركة جوهرية له في ذاته ، أو له حركة في أعراضه من الكم في الطول والعرض والنمو والذبول والتحول ، كما أنه له حركة في الوضع بالنسبة والقياس لنفسه وفيما بين أعضائه أو قياسه لشيء أخر ، كما وله حركة في الكيف من اللون في  الشدة والضعف ، أو له حركة في النفس والذات واشتدادها سواء في الإيمان والهداية والعمل الصالح والعدل والإحسان ، أو بالعكس والعياذ بالله حركة في شدة الضلال والمكر والحيلة والخداع فيظلم وجوده الواقعي و يذبل وينكمش ويضيق .

وبعد إن عرفنا هذا نذكر بعض المعاني للحركة : فنذكر أولاً الحركة الكونية المناسبة للصورة مع حركة الكون كله وتكون بما يلاءم وجودنا ، وبه نشير للحركة في أنفسنا وما يؤول له مصيرنا ، وما أعد لها خالقها في تكاملها مع الكون وتسخيره لخدمتها ، ثم نعرف أنه بهذا تُظهر الكائنات كمال خالقها وعظمته وهي حامدة مسبحة له في وجودها الكوني ، أو مع وجودها التشريفي الذي به تتوجه له وتطلب كمالها منه تعالى فتكون حامده مسبحة ، أو يكون لها نوع من الكفران الإرادي فتحرم نعيم وجودها وكمال ذاتها وتُبطل الأهم من حقائق وجودها فضلا عن كمالها وإن كان يبقى لها شيء من التسبيح والإقرار بالحمد له ، وهو بيان مختصر ، وتمام الموضوع في السنن الكونية وفي شرح الأسماء الحسنى الإلهية من الموسوعة.

 

أولاً : الحركة المتقنة للكون وكائناته بيان لعظمة الخالق وحسن تدبيره :

قال الله تعالى : { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ الله الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (89) وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النار هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } النمل90 .

فإنه سبحانه وتعالى : مع ذكره لهذه الحركة للجبال في الأرض إلا أنه سبحانه ذكر أنها تمر مرّ الســـــحاب : بالســــرعة واللطـــافة والخفـــــة والحُسـن والجمال ، وذلك لأن الأشياء الكبيرة التي تمر بجهة واحدة معك لا تبين حركتها وسرعتها وبالخصوص إذا كنت راكب عليها ، وذلك مثل حركة الأرض بما فيها حتى الجبال وكل شيء عليها ونحن مستقرون عليها ، بل ننام ونسكن فيها وهي متحركة ، ومع ذلك لا نحس بحركة الأرض سواء دورانها حول نفسها ، أو حول الشمس ، أو في حركتها مع المجموع الشمسية في الكون ، بل قد لا نحس بحركة الطائرة والقطار والسيارة وما شابهها حين ركوبها أو السير قربها وبسرعتها ، وبالخصوص إذا كانت الحركة لطيفة ومنتظمة ، فضلاً عن الإحساس بحركة الأرض والجبال وما فيها ونحن مستقرون عليها ونسير معها وبسرعتها .

وإنه تعالى : في هذه الآية الكريمة عرفنا الحركة للجبال ، وإنها موجودة ، وهي تمر مرّ السحاب ، وذلك ليعرفنا أمر أنه يكون تبعها حركة كل ما موجد عليها ومحيط بها ، أو فقل أراد أن يعرفنا حركة كل الأرض ومن عليها .

ثم إنه سبحانه : في هذه الحركة الكلية لأكبر موجودات الأرض ، لا تكون للتخريب والفناء ، ولا للتدمير ، ولا لتفكيك الخلق وتشتيته ، بل للتعمير ولتكامل الخلق ولهدايته لأحسن حاله ، أي لإتقان الصنع كما نصت عليه الآية الكريمة أعلاه فتدبرها ، وليعرفنا سبحانه الحركة في الكون بصورة عامة وفي الأرض التي ركنها ووتدها الجبال ، وبهذه الحركة للأرض المتحركة معها الجبال فضلاً عن حركتها الجوهرية ، يتكون الليل والنهار والفصول وتتنوع الأثمار ، فتعمر الأرض وتستفيد منها كائناتها فتتمكن من العيش بأحسن صورة ممكنة ، وبالخصوص نحن بني الإنسان الذي يشكل وجودنا عصارة الكون وخلاصته .

ولذا ذكر سبحانه في الآيات بعده : بعد أن بين إتقانه لخلقه بنص الآية ، عرفنا بيان لفعله الشريف العظيم الحكيم المتقن الحسِن ، ولذا طلب منا أن نعمل صالحا وحسنا شريفا متقنا ، لأنه مكننا من كل شيء في التكوين وبما يحيطنا ، وبما فينا من عقل مبدع وفطرة تميل للتكامل الحق الدائم ولنعيم الأبد ، ولذا يرنوا  للتوجه لفيض الكريم المطلق ولتجلي أسماءه الحسنى وصفاته العليا كل ذو فطرة صافية لم يدنسها النظر المادي فقط ، بل بقي لها شيء تتطلع له وتقر به من وجود عالم الروح والمعنى والحقيقة الذاتية المحتاجة للكمال وللتكامل الواقعي ، وبه تتحقق راحتها ويحصل اطمئنانها ، وإنها تتمكن منه وتحصل عليه حين التوجه للقادر المطلق ، وواهب الكمال الحق والجمال الواقعي ونعيمه ، وهو الذي خلق كل شيء فأتقن صنعه وأحكم تدبيره ، سواء بتكوين الصنع وهداه ، أو في التشريع بدين قيم لا أمتا فيه ولا عوجا .

 ولذا سبحانه وعز شأنه : في الآيات بعد تلك الآية أعلاه ، أوجب علينا أن نطيع تعاليمه الكريمة ودينه القيم ونأتي بالحسنة ليحسن وجودنا ونكون في جنة ونعيم تام أبدي لا فناء له حتى بعد الموت ، كما ونهانا أن نعمل باطلا أو نضل ونأتي بالسيئة فنُخرب وجودنا وما يحيط بنا فنجعله نار ودمار في الدنيا والآخرة .

ولمعرفة هذا المعنى : في تلاءم موجودات الكون بأحسن صورة وأجمل منظر وأتقن صنع حتى في حركتها المفردة الذاتية ، أو مع مجموع الأرض وما فيها بل مع الشمس والقمر والكون كله ، وإن بهذا التسخير الرباني للكائنات يتمكن الإنسان من قمة رفاهية العيش الكريم ، ولكي يستفاد الإنسان من وجوده لطلب الكمال الحق ، نتدبر هذه الآيات الكريمة التي تشير للحركة الحسنة المتقنة التي أودعها في كل شيء خالق الكون ، والتي بها أتم تدبيره ، فحسُنَ وأتقن صنع كل ما فيه حتى الإنسان وهداه في الكون ، بل نرى إن حُسن الحركة وإتقان الصنع والهدى في الوجود وفي كل شيء في الكائنات ، تطالب الإنسان حين التدبر في ذاته أو في التدبر في الكون بل في كل شيء فيه ، لأن يكون موجوداً حسناً في أشرف صورة ممكنة ، وبهذا يتحقق بجنة تامة ويحصل على الكمال الواقعية والنعيم الحقيقي أبدا .

قال الله تعالى : { خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ

يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ

وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ

كُلٌّ يَجْرِي ِلأَجَلٍ مُسَمًّى أَلاَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّار ُ} الزمر5 .

 تدبر يا طيب : الآية ، فإنها آية كريمة تشير لتكوير الليل والنهار وتعاقبهما ، ليتكون لنا مجال للراحة والسكن ، ووقت للعمل وطلب المعاش ، ومع ذلك سخر لنا ما يكون لهما من نور وجاذبية الشمس والقمر وحركتهما ، ثم عرفنا سبحانه إن كل شيء متحرك في هذا الكون يجري ويسير لأجل مسمى له دنيوي محدود زمانه ، ووجود مُقدر قد أحسن صُنعه العزيز النافذ الإرادة ، والقادر على كل شيء والغافر للسيئات فيرفع ما تحقق نقصها في وجود بعض الكائنات المتعصية عليه ، وذلك عندما يؤب ويتوجه له كل طيب تائب ، وبهذا عرفنا سبحانه أن للسماء والأرض رابطة معنا ، فهو الخالق لها والمدبر لها حيث يشاء ، وبأحسن ما يمكن من رب عالم حكيم لا باطل في فعله بل حسن متقن تكوينا وتشريعا ، ولذا قال سبحانه في آيات كريمة أخرى :

{ الله الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي ِلأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُـرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ الْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6)

  وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ

 إِنَّمَا أَنْـتَ مُنــذِرٌ وَلِكُلِّ قَــوْمٍ هَــادٍ } الرعد7 .

فإنه سبحانه وتعالى في هذه الآيات الكريمة : كما يبين خلقه لكل شيء ، يبين تدبيره للكون وهدايته لما فيه ، فيبين من آياته الكونية وفي تدبير الخلق ما يعجز عن التعبير عنه كتاب كامل تتعدد أجزاءه ، وفي آيات قليلة تبين جمال الصنع والتدبير وإتقانه وحكمته وعلمه الحق في الوجود الحسن صنعة وهداية ، والذي لم يخلي وجود بني الإنسان من منذر وهو نبي الرحمة نبينا محمد صلى الله عليه وآله ، وبعده يوجد هاد من أهله إلى يوم الدين وهو الإمام الحق يرجع له الناس ليتقنوا العبودية له بحق ، ومن غير ضلال ولا خراب لدينهم بالمخادعين والمدعين بكون تعاليم الله عندهم ، راجع ما كتبنا في الإمامة والإمام وضرورة وجود الهادي في التدبير التشريعي في صحيفة الإمامة أو صحيفة الثقلين من موسوعة صحف الطيبين ، وهذا هو الحق في الهداية الكونية والتشريعية المتكاملة المتقنة ، وإنه حقا عمل صالح حسن لأنه متقن الصنع والتقدير والتدبير والهدى ، وحق لا باطل فيه كما عرفت وكما قال تعالى :

{ أَلَمْ تَرَى أَنَّ الله يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ الله هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ الله هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } لقمان30 .

فهذه حركة أخرى في تكوين الليل والنهار : وتعاقبهما مع بيان لقصر أحدهما وطول الآخر ، ومع وحدة زمان الليل والنهار مجتمع ، لأنها أيلاج أحدهم في الآخر ، أي ما ينقص من أحدهم فيقصر لأنه ولج ، ويطول الآخر لما أخذ من الوالج فيه ، وعرفت أنها تابعة لحركة الأرض حول نفسها ، وهنا عرفنا لكونها تابعة لمَيدان الأرض بين الشمس والقمر فذكر سبحانه تسخير الشمس والقمر ، فكان هذا شرح لحركة الأرض التي عرفنا في الآيات السابقة حركتها ، فإنه فيها مَيدان عن خط الاستواء والوسط لها ، وبه يتكون الليل والنهار في الفصول المختلفة التي فيها تختلف نسب الليل والنهار في الطول والقصر ،  وبهذا عرفنا سبحانه الإيلاج والقصر والطول يكون في الفصول وبهذا تتم حركة الليل والنهار في السنة كلها ، فيتنوع حالنا وثمارنا وكل شيء صار في خدمتنا ومسخر لنا .

فهذا كان بيان لحركة كونية أخرى : متمة لكمالنا ، مع انحرافها عن خط الاستواء ، وبها يحسن الصنع ويسخر لخدمتنا بأتقن تكوين ممكن في هداه .

 فحقا عليم سبحانه ولطيف خبير : بكل شيء ، وقد أحكم تدبيره بألطف صورة ممكنة ، وهو الحق الذي لا باطل في إيجاده ، وهو العلي الكبير الذي هيئ لنا كل شيء من ليل لنسكن فيه ، ونهار لنطلب المعاش فيه ، والفصول ليتنوع لنا كل شيء من الجو والأيام والنباتات والأثمار المختلفة في الطعم والحجم والشكل ، مع أنها تسقى بماء واحد وتعيش في بساتين أو بستان واحدة وعلى تراب واحد .

 وبهذا عرفنا سبحانه : بأنه كل شيء مسخر لنا وقد هيئ بأحسن صورة قد أتقن صنعه وتدبيره ، وذلك لكي نكبر ولنتكامل ولنرقى في عالم الرفاهية الحقة ، ولنكون بأحسن صورة ممكنة من النعيم النفسي المطمئن ، والمادي المتقن الذي يوفر لنا سبب النعيم وما يساعد على الكمال ، وبه يحصل لنا التكامل في الوجود وفي الهدف السامي للحياة وفي غرض الخلقة كلها ، فإنه في الآية عرفنا بأنه عالم بما نفعل ، وقد عرفت أنه تعالى قد طلب منا أن نعمل صالح متقن حسن ، ولذا لا يحق لنا أن نخرب وجودنا الذاتي أو ما يحيطه فنبطله عن التحقق بكل قيم الرقي الحقيقي والتقدم الواقعي الروحي والمادي أو بعضه .

 فإنه تعالى رحمان رحيم بنا : قد وفر وسخر لنا كل ما سألناه بحالنا ومقالنا لنحصل على ما يساعدنا للرقي والتكامل في الروح والبدن ، بل في الهدف الصالح والغاية الحسنة والخير المطلق ، كما عرفت في الآيات الكريمة أعلاه ، بل قال تعالى في آيات أخرى :

{ قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ (31)

الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمْ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمْ الأَنهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمْ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَار (33)

وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ

وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَ إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } إبراهيم34 .

ولذا بهذا نعرف حتى اليقين : بأنه حق علينا شكره وعبوديته ، وتنفيذ ما شرفنا به من التعاليم التي تُصلح وجودنا وتجعله في جنة دائمة ، فنتعاون فيما بيننا وننفق سرا وعلانية متوجهين له بكل أنواع التشريف العبودي لنتحقق بالكمال المتجلي منه حتى نعيم الأبد ، وذلك لمن يسلك الصراط المستقيم للحركة الإلهية التي شرفنا باختيارها في الهدى الديني القيم، والذي عرفه لنا بتوسط أولياء دينه ، ولا يحق لنا بعد هذا أن نطغى ونضل عنها ونسير في خراب وجودنا الذاتي أو ما يحيطه بالعمل الفاسد والنية الشريرة فضلا عن عمل الظلم وما يخالف طلب الكمال الحق فنكفر بأنعم الله إلى الأبد .

فإنه يا طيب السير لمستقر : فإن في نهاية المسير كل شيء يسير لحقيقته وينكشف له كل وجوده من غير مادة بل بمجرد الروح أو مع بدن وجسد يناسبها في عالم آخر لها ، فيكون الإنسان المؤمن في تمام النعيم وأشد كمالاً في الذات ومسخر له ملكوت الأشياء وحقيقته بمجرد الأمنية ، ومن غير كد ولا تعب وبأحسن جو ومكان وثمار ومع قاصرات الطرف ، أو والعياذ بالله قد يضل ويطغى ويكفر فيواصل المسير والمستقر لأشد ضيق على الروح المتمردة الكافرة بأنعم الله ، و لا شيء يسخر في ذلك العالم لخدمتها ولا ماء ولا ثمار طيبة والعياذ بالله ، بل يكون في نار تكوي وجوده وقرين شيطان قبيح الشكل ، فهذا سبيل الحركة المتقنة الحقة والمسير الصالح الحسن لكل شيء في الوجود ولنا بالذات ، والتي بها يتم هدانا وتحصل لنا سعادتنا ونعيمنا التام .

ثم يا طيب الوجود : بعد الذي عرفت من الحركة الجميلة المتقنة في التكوين ، أعلم يا أخي إنه تعالى عرفنا ما ذكرنا من المستقر بكل آيات الجنة والنار وآيات المعاد في كتابه القرآن المجيد ، وإن هذا التدبير الذي له مُستقر مع ما فيه من التحول في التدبير ، فهو يسير لمراحل في التكوين مع مسيره ويتكامل ما فيه فيكون فيه رقي لعالم أوسع ، وذلك لمن يستأنس بسننه في طلب الكمال ، أو تنزل لمن يضل بكفران أنعم الله وعدم قبول تجليها بحق له لعدم طلبها المخلص أو رفضها بحقيقة وجوده المتعصي على فيض النعيم لها ، إما بنية كافرة وحقيقة غير مؤمنة ، أو بعمل يخالف مسير وصوله للكمال الحق ، فيتعذب في نهاية المسير بالحرمان والنقص كما عرفت .

ثم يا أخي الكريم : هذا معنى آخر للحركة الإلهية المودعة في الكائنات يحكي عن المستقر بالنص ، نتعرف عليه حين نتدبر آيات أخرى من الذكر الحكيم .

قال الله تعالى : { وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } يس40 .

فكل شيء في حركة : والشمس التي يسير معها كل فلك تابع لها وفي مجموعتها أرض وقمر وغيرهن ، كلها تسير معها لمستقرها ، لأنه إن خالفها كوكب تابع لها في المسير للمستقر يفنى وجوده وتدمر هيئته ، فتفلت متشتت متفككة في مسيرها وقد تتلاطم فيما بينها فتدمر ، وبالخصوص الأرض التي عليها الإنسان المفضل على الخلق فيها ، و الذي يستكمل نشاطه بنور الشمس فضلا عن نعيم خيرات الأرض التي تنموا بنورها وبها مع القمر يتم الليل والنهار لنا فنرتاح ونعمل .

فبهذا عرّفنا سبحانه : بأنه كل شيء يسير سابح في فلك السماء وفضائها المترامي بأحسن خلق وصنع وهدى ، وإنه كل شيء حسب حاله وشأنه يسير ويسبح متكاملا ، فشملت الحركة المترقية في الهدف والغرض التكويني كل ما موجود في الكون من كواكب ونجوم ومجرات وشمس وقمر وأرض وجبال وما عليها ، وهذا هو  تقدير العزيز الحكيم .

وهذا معنى لحقيقة وواقع يشير : بأن  كل شيء في الوجود يظهر كماله بوجوده وبهداه لمستقره ، وينفي نقص تكوينه وهداه حسب حاله ، فيدل على خالقه حامد له بما له من الكمال ، ويكون مظهر لوجود مسبح لخالقه ومقدس له ، وذلك لعدم نقصه بالنسبة لحاله المناسب له ، وبحسب شأن وجوده في موقعه بالتكوين والهدى ، ولنعرف بعض هذا المعنى وبالخصوص لما يخص الإنسان الذي هو مكلف بصرف نعم التكوين والهدى بما يبقيها أبدا تلطف به وتدوم له بكل كرامة ، نتدبر معا الموضوع التالي مختصرا .

 

 

 

ثانيا : كل الكائنات تسبيح الله وتحمده وتطلب الكمال منه :

هذا البحث : تفصيله في موسوعة صحف الطيبين في صحيفة التوحيد وبالخصوص في صحيفة شرح الأسماء الحسنى ـ وهو ما عرفته في كل الأسماء الحسنى ـ أو راجع صحيفة الثقلين من الموسوعة ، وهذه شمة لمعرفة طلب الكمال من واهبه الحق ، والظهور بحمده وتسبيحه سبحانه وبما أتقن كل شيء خلقه ، وأحسن صنعه وتدبيره في الهدى التكويني والتشريعي فكان له حامدا مسبحا شاكرا بوجوده وهداه.

قال الله تعالى :

{ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ  (19)  يُسَبـــــــــِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ (20)   أَمْ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنْ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ (21)

لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا
فَسُبْحَـانَ الله رَبِّ الْعَـرْشِ عَمَّا يَصِفُـونَ
} الأنبياء22 . 

حقا لو كان في الوجود : إله آخر ـ مع ما عرفت من الحركة الدائمة في كل كائن وفي كل مجموعة من الكون ـ  لذهب كل إله بما خلق ، ولبان النقص في تدبير الوجود وعدم تكامل بعضه ببعض الكائنات الأخرى ولما أنسجم ، ولفسد كل شيء ولظهر النقص في الكون ففسد بالتدبير المتناقض بعد الخلق كل الكون وما فيه .

هذا فضلا من عدم وجود الإنسان : أو يكون وجوده من العدم أو ليس له مدبر تكويني ، ولا هادي تشريعي بأمره تعالى وقد عرفه بوجوده الكريم أو بالوحي بما يصلحه ويهديه لأحسن كمال حق لائق به ، فيحسن وجوده ووجود كل من تبعه متكاملا معه بالهدى الحق لأفضل ما يمكن عليه من الحال ، وذلك حين يسلك سبيله وصراطه المستقيم ، ولذا يكون من يتعصى على الهدى التشريعي يفسد وجوده ، ومن يطغى على التعاليم الدينية يحرق بعدم الطمأنينة في الدنيا ومع النار في الآخرة .

 ولذا كان بإتقان الصنع وتدبيره في الهدى التكويني والتشريعي المحكم : قد تجلى لنا سبحانه في الوجود بمطلق الكمال ، وهبته لمن يتوجه له كل خير ونعيم ، ولذا يرى كل طيب ومنصف حُسن الخلقة في كل شيء وجمال الوجود في كل موجود بحسبه ، فيراه في مطلق الكمال بالنسبة لحاله ، ويعبر ويحكي عن قدرة وعلم وحكمة خالقه ، فيراه بحق يظهر حمد خالقه بما منحه من الكمال المتقن الحسِن في التكوين والهدف والغاية ، كما ويظهر تسبيحه بوجوده أي عدم نقصه في موقعه وشأنه وحسب حاله ، فيكون بوجوده ينزه خالقه عن النقص في العلم والقدرة والخلق والتدبير ويرى فيه كماله ، فيكون مسبح حامد وهذا معنا ما مرّ ، ومعنى ما قال عز وجل سبحانه وتعالى في مقام آخر :

{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورً (41)

قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَبْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (42) سبحانه وَتعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43)

تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ

وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ

وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورً } الإسراء 44 .

فالتسبيح والتقديس الوجودي : أو التشريفي بالرغبة والحب من كل شيء حسب حاله وشأنه في الوجود ، وهو تسبيح لرب رحيم عالم بكل شيء ، ويمنح كل متوجه له كماله ، وهذا التسبيح هو هدف الخلقة وبه يتكامل الموجود ويعرف شأنه وحركته في الرقي بذاته وبما يحيطه ، وهذه الحقيقة تراها بشكل جلي في تعاليم الدين ونصت عليها كثير من آيات الذكر الحكيم .

 فإن التسبيح والحمد الوجودي التكويني : عرفت شيء من معناه أعلاه ، وتجد في صحيفة الأصوات الحسنة معاني في تسبيح الموجودات إن شاء الله ، وهكذا تجد في شرح الأسماء الحسنى المقدسة : السبوح والقدوس والسبحان والحميد وغيرها مما ينفع في هذا الباب ، أو راجع تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي رحمه الله في سورة الحمد .

 وأما التسبيح والحمد التشريفي لنا : نكتفي به بالتدبر البسيط في سورة الحمد ( الفاتحة ) بعد أن تتلوها في نفسك .

 فإنه سبحانه وتعالى : رب رحمان رحيم ، من يستعين به يهديه لصراط مستقيم يسير به ويحركه للكمال الحق ، وهذا سبيل كل من يرغب بإظهار حمده وتسبيحه ، أي بالإيمان به وبتطبيق ما شرفه من تعاليم العبودية الحقة وكل هدى يصلح شأنه ، وبهذا لا يضل عن الكمال والنعيم الواقعي ، ولا غضب على وجوده ولا يدمر ولا يحرق فلا نقص له ، ولذا يكون في مطلق الكمال حامد ولا نقص له ، فيكون مسبح منزه لخالقة بمقاله فضلا عن وجوده ، وبهذا يكون مسيرة وغايته في حركته في خلقته متكاملا وفي رقي لأحسن غرض ولأجمل غاية له ، حتى يستقر بكونه مع المنعم عليهم نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ويحيط بهم كل الصديقين السابقين لهم بالدين من الأنبياء والمرسلين وكل صحبهم وأتباعهم الطيبين ، على الحوض وتحت لواء الحمد يحف بأهل المقام المحمود ومن حولهم من المحبين الحقيقيين ، فيسلك معهم الصراط مثل البرق إلى جنة النعيم الأبدي ، وعندها له الحور العين ويخدمه الولدان المخلدين على الأراك متكأين لهم ما يشتهون وبالحل والحلل يرفلون .

رزقنا الله ما يرزقهم وجعلنا الله معهم في الدنيا والآخرة حامدين مسبحين .

فحقا ما قال سبحانه :

{ إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ الله فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآياتٍ لِقَـوْمٍ يَتَّقُـونَ  (6)

 إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النار بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)

 إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)

دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهمَّ

وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } يونس10 .

هذا وأسأل الله : أن يوفقنا للإيمان الخالص به وللعمل الحسن الصالح ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

يا طيب : هذا الموضع أعلاه قد كتبناه من زمن بعيد كمقال مفرد ، لما فيه من بيان لطف الخبير سبحانه وإن لم نركز على اسم الله اللطيف ، ولكن لطف الله في إتقان الخلق عن خبره وظهوره بأحسن وجه هو معنى اسم الله اللطيف ، وهو الظاهر بدقة صنعه للكون لا مجرد بيان للعظمة بما هي أو للخبير والقدير والصانع والمدبر والقيوم أو غيرها من الأسماء الحسنى ، لذا قد وضعنا هذا المقال هنا لنتدبر عظمة الله ولطفه في آن واحد ، فيجمع لنا معنى العظيم اللطيف والشافي .

فإن الله بلطفه : أتقن كل شيء خلقه وهداه لأحسن غايته بنفسه ، وجعله نعمة لإنسان مفضل قد كرمه على خلقه كله ، ثم هداه بأكمل خلق لطف بهم بتعاليم دينه فأنزله عليهم أو جعلهم أئمة يهدون بأمره ، وقد أوجب علينا حبهم والاقتراب منهم بمودة ومتابعه لكي نكون بأحسن وجود وغرض وكمال دائم لطيف شافي .

وبعد أن عرفنا يا طيب : شيء من التدبر بالكون ولطفه ، نذكر مشارق نور تعرفنا دقة الصنع بلطف آخر دقيق ، ومتقن التكوين لهذا الخلق الكبير العظيم ، فإن العالم الأدنى كله مخلوق من دقائق لا ترى تسمى ذرة ثم عنصر وجسم ومكوناته ، ولنعرف دقائق صنع اللطيف ، تدبر إشعاع النور الآتي الذي يعرفنا لطائف في خلق الله اللطيف سبحانه وتعالى ودقة التكوين وإتقانه وحسنه .

 

 

 

 

الإشعاع الثالث :

ظهور اللطيف في دقائق وجود كل ذرة وعنصر وحسن صنعه المتقن :

يا لطيف ألطف بنا :

يا طيب بلطف الله اللطيف : بعد إن عرفنا في اسم الله العظيم وفي الأشعة أعلاه ، سعة الكون وعظمته بالأرقام ، سواء ما تحت السماء والبعد الهائل بني نجومها حتى اخترعوا لها أرقام لها أسماء تعبر عن كم هائل لها من السعة والمسافة ، وحتى هذه الأرقام بأسماء تعبر عن مضاعفة جذرية واسيه حتى كانت كلماتهم تشعر بالعجز عن معرفة شيء عن الكون الواسع ، ولم نذكر إلا القليل بل مقال من كتب واسعة مؤلفة في الفلك والكون وسعته وعجائب عظمته وكبره ، وعرفنا شيء عن الكرسي وملكوت الرب وسعته والعرش في جبروت العظيم ، والذي يصير معشار لمعشار لكل خلقه ، وهو كل ما في هذا الكون بأرقامه وما نعرفه وما لم نعرفه لا يقاس به سبحانه ، وبهذا كانت لنا شيء لمعرفة عظمة شيء من خلق الله تعالى لا نفس العلم به تعالى فإنه لا يحاط به علما، ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير الظاهر بلطفه المبارك الكريم الجميل بكل شيء خلقه فأحسن صنعه ودقائق تكوينه.

 وبعد إن عرفنا هذه العظمة ولطفها : في مراتب من التوحيد الأعلى والخلق ، نتكلم عن اللطافة الكونية ودقة الصنع بأرقام أخرى لم تكن مثل السابقة التي كانت عن الكون كله ولا عن هداه بما دبره بشكل كلي مجموع ، بل أرقام تعبر عن صغر كائنات يتكون منها الكون الأدنى وهي أيضا من عجائب تدبيره فضلا عن تكوينه ، وهي تعبر عن روائع لطافة الخلقة في شيء صغير من أهم مكونات الكون وهي :

الذرة والجزء والعناصر : التي يتركب منها هذا الكون كله ، وبها نتعرف على معنى آخر عن لطف العظيم الشافي :

ذكر في كتاب عالم الأرقام[8] :

أبعاد الذرّة وكتلتها :

نصف قطر الإلكترون أو (الكهيرب) 2,8 × 10- 13 سم .

كتلة الإلكترون 9,11 × 10- 13 كلغ .

كتلة ذرّة الهيدروجين أو البروتون 1,663 × 10- 24 غرام .

نسبة البروتون والإلكترون 1836,12 .

الإلكترون الواحد : لا يزيد وزنه على واحد مقسوم على واحد وأمامه 29 صفراً من الغرام . ويقع على مسافة تبلغ 50 ألف ضعف قطر نواة الذرّة . فإذا ما شبّهنا النواة بكرة المضرب فبعد الإلكترون سوف يقع على مسافة 3,5 كلم منها .

نسبة حجم نواة الذرّة : إلى حجم الذرّة كلها ، مثل النسبة بين بيضة دجاجة في وسط ملعب كرة قدم وبين الملعب .

 والذرّة : مثل المجموعة الشمسية في حقيقتها فراغ أجوف .

أنواع بعض الموجات الكهرومغناطيسية :

طول موجي بالسنتمتر

نوع الموجة

7,6 ×10 -  5

الطرف الأحمر الأقصى للطيف المرئي

7,5 ×10 - 6

أطول الأشعة السينية أو المجهولة

3,1 ×10- 8

أطول أشعة غامّا (جاما)

7,1 ×10- 10

أقصر أشعة غامّا

4 ×10 -  5

الطرف البنفسجي الأقصى للطيف المرئي

1,3×10- 6

أقصر الأشعة فوق البنفسجية

1,7×10- 9

أقصر الأشعة السينية أو المجهولة

3,2 × 10- 12

الأشعة الكونية

معلومات فلكية منوعة :

التيرا : بادئة بمعنى مليون مليون (ألف مليار) .

1210 تيرا سيكل : مليون مليون دورة .

أعلى تردّد: جرى قياسه وصل إلى260 تيراهرتز وذلك ببثّ ليزر من الهليوم والنيون.

الشمس  :  هي المصدر الأصلي والوحيد لمعظم الطاقة الموجودة على الأرض . يرسل هذا النجم الوهّاج نحو 120 ألف تيراواط من الطاقة إلى الأرض سنوياً ، أي ما يعادل 12 ألف مرة حاجة العالم كله من الطاقة في العام . وينعكس نحو 30% من هذه الطاقة إلى العالم الخارجي ، ويتحول نصف الباقي إلى حرارة في صورة أشعة تحت الحمراء . من هذه الطاقة الهائلة يتحول نحو 300 تيراواط 0,25% من جمالي ما يصل الأرض من طاقة الشمس إلى طاقة حركة تنتج عنها حركة الرياح والأمواج .

 الجيغا أو الجيج : بادئة بمعنى ألف مليون (مليار 910) .

 أعلى نوتة (علامة موسيقية) وصلت إلى 60 جيغا هرتز

( أي 60 ألف مليون اهتزازة في الثانية ) .

ميغا أو ميج  :  بادئة بمعنى مليون (ألف ألف) 610 .

ميغا سيكل  :  مليون دور أو دورة .

ميغا فاراد  :  وحدة سعة كهربائية تساوي مليون فاراد .

ميغا جول  :  وحدة طاقة ، مليون جول .

ميغا طن  :  مليون طن .

ميغا فلط  :  مليون فلط (الفلط وحدة جهد كهربائي) .

ميغا واط  :  مليون واط (الواط وحدة قدرة أو القوة الكهربائية) . (وهي بالاسم الفيزيائي واط : أما الواط ساعي ، فهو وحدة العمل والطاقة ، وهي تساوي عمل آلة قوتها واط واحد في ساعة واحدة) .

ميغا أوم  :  مليون أوم (الأوم وحدة المقاومة الكهربائية) .

تقدّر طاقة الشمس بين 1710  و  1810  ميغا واط .

 

أبعاد الذرّة :

يوجد فراغ كبير في الذرّة : فإذا أردنا تمثيلها بنواة في حجم كرة البليارد ، علينا وضع الإلكترونات عندئذ على مسافة تفوق الكيلومتر الواحد ، وإذا لم يكن الفراغ موجوداً فإن رأس الدبوس يزن عندئذ مائة ألف طن .

الكتلة بالغرام  :

الإلكترون 9,1 × 10- 28  .

ذرّة الهيدروجين 1,67 ×  10- 24 وحدة الكتلة الذرّية  1,66 × 10- 24([9])

ذرّة الأكسجين 26 ×  10- 24  وحدة .

القطر بالملمترات  :

الجزيء  0,0000001 ملمتر (أورانيوم) .

الذرّة الثقيلة  0,0000004  ملمتر .

نواة الأورانيوم  0,000000000016038  ملمتر .

الذرّة الخفيفة (هيدروجين)  0,0000001  ملمتر

البروتون  0,000000000002  ملمتر .

الإلكترون نقطة أصغر من < 10- 14 ملمتر.

يا طيب : أنت وأنا والكون الأدنى من الكواكب والأرض وكل ما فيهما مركب من هذه الأجزاء الدقيقة اللطيفة ، يا ترى أترى أنها خلقت نفسها وكونت لنا الروح والشعور والعقل والفكر والعلم ، وهي غير عالمة أم الخالق عظيم لطيف قدير ، تفكر .

 

 

الإشعاع الرابع :

ظهور لطف الله اللطيف العظيم في لطافت الإنسان وبعض الكائنات :

يا لطيف ألطف بنا ووفقنا لما تحب وترضى :

يا طيب بلطف الله : بعد أن عرفنا شيئا عن عظمة الله ولطفه الظاهر في الكون كله ،وعرفنا لطف التدبير فيه ودقة الصنع وحسن التكوين وإتقان الإبداع بما لا يمكن أن يتصور متصور مهما فكر المتعمق بفكره أحسن منه ، وفي كل شيء ترى لطف الله وصنعه الخفي الذي يدل على اللطيف الخبير العليم القدير العظيم الشافي حقا .

فبعد إن عرفنا : عظمة الله اللطيفة في مرتبة الأسماء الحسنى بأحاديث لطيفة ممن لطف الله بهم ، وعرفنا بالتدبر لطف الله في كتابه وفي الكون وتدبيره بأجزاء صغيرة الحجم لطيفة التكوين ، تعبر عن خبرة العليم الحق ولطفه الظاهر بكل بركة متقنة الصنع والهدى في التكوين ، فلنتدبر تركيب هذه الذرات وعناصرها لتكون مخلوقا سويا لطيفا عجيبا في تكوينه وتحركه مع ما تركب به بدنه من هذه الموجودات الصغيرة التي عرفت أرقامها الضئيلة جدا ، والتي لا يتصور أحد لولا لطف الله وتمكينه من معرفتها أن يتركب منها شيء حي ينموا ويذبل ، ولكن بها عرفنا شيئا كريما عن عظمة الحالق ولطفه وخبرته بكل ما كون وركب ، وإلا هي تعجز عن تكوين نفسها فضلا عن كون موجودات رائعة جميلة لطيفة كريمة فاضلة ، لها حركة كبيرة تستقر بها في الكمال المطلق ، وإنها لم تخلق نفسها بصغرها فكيف تخلق غيرها وتهبه الكمال والشعور العقل والتفكر والخيال والوهم والحب والعاطفة والجمال والبهاء والحسن في تركيبة وهداه وتُنزل عليه كتابا كريما فيه كل ما يصلحه في كل أحواله فرد وأسرة ومجتمع وسياسة واقتصاد ، وتطالبه بالأخلاق الكريمة والآداب العظيمة الشريفة التي يصلح بها الإنسان حقا ، بل بها وما تكون منها عرفنا عظمة خالقها ولطفه العظيم .

وإذا عرفنا هذا فلنتدبر أحاديث تعرفنا لطف الله في خلقه بصورة عامة وخاصة .

عن محمد بن عبد الله الخراساني خادم الرضا عليه السلام قال : دخل رجل من الزنادقة على الرضا عليه السلام و عنده جماعة ، فقال له أبو الحسن : أيها الرجل أ رأيت إن كان القول قولكم ، و ليس هو كما تقولون ، أ لسنا و إياكم شرعا سواء ، و لا يضرنا ما صلينا و صمنا و زكينا و أقررنا ؟ فسكت .

فقال أبو الحسن عليه السلام : و إن يكن القول قولنا ، و هو كما نقول ، أ لستم قد هلكتم و نجونا ؟

فقال : رحمك الله فأوجدني كيف هو و أين هو ؟

قال عليه السلام : ويلك إن الذي ذهبت إليه غلط ، هو أين الأين ، و كان و لا أين ، و هو كيف الكيف ، و كان و لا كيف ، و لا يعرف بكيفوفية ، و لا بأينونية ، و لا يدرك بحاسة ، و لا يقاس بشي‏ء .

قال الرجل : فإذا إنه لا شي‏ء إذ لم يدرك بحاسة من الحواس .

فقال أبو الحسن عليه السلام : ويلك لما عجزت حواسك عن إدراكه ، أنكرت ربوبيته ، و نحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا أنه ربنا ، خلاف الأشياء .

قال الرجل : فأخبرني متى كان ؟

فقال أبو الحسن عليه السلام : أخبرني متى لم يكن فأخبرك متى كان ؟

قال الرجل : فما الدليل عليه ؟

قال أبو الحسن عليه السلام : إني لما نظرت إلى جسدي ، فلم يمكني فيه زيادة و لا نقصان في العرض و الطول ، و دفع المكاره عنه ، و جر المنفعة إليه .

 علمت : أن لهذا البنيان باني ، فأقررت به .

 مع ما أرى : من دوران الفلك بقدرته ، و إنشاء السحاب ، و تصريف الرياح ، و مجرى الشمس و القمر و النجوم ، و غير ذلك من الآيات العجيبات المتقنات .

 علمت : أن لهذا مُقدرا و مُنشئا .

قال الرجل : فلم احتجب ؟

فقال أبو الحسن عليه السلام : إن الاحتجاب عن الخلق لكثرة ذنوبهم ، فأما هو فلا يخفى عليه خافية في آناء الليل و النهار .

 قال : فلم لا تدركه حاسة البصر ؟

قال : للفرق بينه و بين خلقه ، الذين تدركهم حاسة الأبصار منهم و من غيرهم ، ثم هو أجل من أن يدركه بصر ، أو يحيط به وهم ، أو يضبطه عقل .

قال : فحده لي ؟ قال عليه السلام : لا حد له . قال : و لم ؟

قال عليه السلام : لأن كل محدود متناه إلى حد ، و إذا احتمل التحديد احتمل الزيادة ، و إذا احتمل الزيادة احتمل النقصان ، فهو غير محدود ، و لا متزايد ، و لا متناقص ، و لا متجزئ ، و لا متوهم .

قال الرجل : فأخبرني عن قولكم إنه لطيف ، سميع بصير ، عليم حكيم ، أ يكون السميع إلا بالأذن ، والبصير إلا بالعين ؟

 واللطيف : إلا بعمل اليدين ؟ و الحكيم : إلا بالصنعة ؟

فقال أبو الحسن عليه السلام :

 إن اللطيف من : على حد اتخاذ الصنعة ، أ و ما رأيت الرجل منا يتخذ شيئا ، يلطف في اتخاذه ، فيقال : ما ألطف فلانا .

 فكيف لا يقال للخالق الجليل لطيف ؟! إذ خلق خلقا لطيفا و جليلا ، و ركب في الحيوان أرواحا ، و خلق كل جنس متباينا عن جنسه في الصورة ، لا يشبه بعضه بعضا ، فكل له لطف من الخالق اللطيف الخبير في تركيب صورته .

ثم نظرنا : إلى الأشجار و حملها أطايبها المأكولة منها ، و غير المأكولة .

فقلنا : عند ذلك إن خالقنا لطيف ، لا كلطف خلقه في صنعتهم .

و قلن : إنه سميع لا يخفى عليه أصوات خلقه ، ما بين العرش إلى الثرى من الذرة إلى أكبر منها ، في برها و بحرها ، و لا تشتبه عليه لغاتها ، فقلنا عند ذلك : إنه سميع لا بأذن .

و قلن : إنه بصير لا ببصر ، لأنه يرى أثر الذرة السحماء ، في الليلة الظلماء ، على الصخرة السوداء ، و يرى دبيب النمل ، في الليلة الدجية ، و يرى مضارها و منافعها ، و أثر سفادها و فراخها و نسلها .

فقلنا عند ذلك : إنه بصير لا كبصر خلقه . قال : فما برح حتى أسلم [10].

حقا يا طيب : إن الله لطيف في عظمته ، وقد ظهرت بركته من نور الأسماء الحسنى كلها ، وفي كل كائن ، فدلنا على خالقه الخبير به ، والذي ركبه من أجزاء حتى صار مع كل ما فيه من ذرات وتركبها والمجودات الكثيرة جدا وكواكبها وسماءها ، عالما واسعا عظيما لطيفا ، يدل على الواحد الأحد العظيم اللطيف الشافي حقا ، فتدبر قول ولي الله اللطيف في بيان لطف الله بعظمته :

  ذكر في جامع الأخبار : سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عَنْ إِثْبَاتِ الصَّانِعِ ؟

فَقَالَ : الْبَعْرَةُ تَدُلُّ عَلَى الْبَعِيرِ ، وَ الرَّوْثَةُ تَدُلُّ عَلَى الْحَمِيرِ ، وَ آثَارُ الْقَدَمِ تَدُلُّ عَلَى الْمَسِيرِ .

 فَهَيْكَلٌ عُلْوِيٌّ بِهَذِهِ اللَّطَافَةِ ، وَ مَرْكَزٌ سُفْلِيٌّ بِهَذِهِ الْكَثَافَةِ .

 كَيْفَ لَا يَدُلَّانِ عَلَى اللطيف الْخَبِيرِ [11]؟!!! .

وإذا عرفنا لطف الله اللطيف : بكلام من ألطف الله بهم فعرفونا حقائق ظهور اسم الله اللطيف ومعانية ، سواء بمعارف العلم وظهوره به ، أو إن لعظمته وبطونه لطف علينا ، أو ما خلق من الخلق اللطيف الخفي معرفته وظهوره إلا بالتدبر بأحواله ودقائق تكوينه الدال على العظيم اللطيف الخبير ، ندخل ببحث علمي يهدي له ويدل عليه العلم الحديث وما أكتشف من دقائق الصنع ولطافت التكوين في كل شيء ، وبعد أن عرفنا عظمة التكوين كله في اسم الله العظيم واللطيف في مشارق النور أعلاه.

 

يا طيب : إن في توحيد المفضل كثير من المعاني اللطيفة التي يعرفها الإمام الصادق عليه السلام للمفضل الذي طلب من أن يعرفه عظمة الخالق ولطفه في صنعه للكون وكائناته ، فشرح له الإمام لطف خلق الله الظاهر بدقة الصنع وإتقان التكوين وحسن الوجود بما يصلح كل شيء في وجوده وتدبيره ، والدال على ظهور الخبير بكل لطف وعظمة شافية في خلقه ، نذكر قسما منها المختص بتكويننا المتركب من ذرات ما عرفت والمسخر له الكون كله بألطف تدبير عرفته ، وإن أحببت المزيد فراجع كتاب توحيد المفضل ، والذي من لطائفه قوله عليه السلام للمفضل :

خلق الإنسان و تدبير الجنين في الرحم :

قال الإمام الصادق عليه السلام : نبدأ يا مفضل بذكر خلق الإنسان ، فاعتبر به ، فأول ذلك ما يدبر به الجنين في الرحم ، و هو محجوب في ظلمات ثلاث ، ظلمة البطن ، و ظلمة الرحم ، و ظلمة المشيمة ، حيث لا حيلة عنده في طلب غذاء ، و لا دفع أذى ، و لا استجلاب منفعة ، و لا دفع مضرة ، فإنه يجرى إليه من دم الحيض ما يغذوه الماء و النبات ، فلا يزال ذلك غذاؤه .

كيفية ولادة الجنين و غذائه و طلوع أسنانه و بلوغه :

 حتى إذا كمل خلقه : و استحكم بدنه ، و قوى أديمه على مباشرة الهواء ، و بصره على ملاقاة الضياء ، هاج الطلق بأمه ، فأزعجه أشد إزعاج، وأعنفه حتى يولد .

 فإذا ولد : صرف ذلك الدم الذي كان يغذوه من دم أمه إلى ثديها ، و انقلب الطعم و اللون إلى ضرب آخر من الغذاء ، و هو أشد موافقة للمولود من الدم ، فيوافيه في وقت حاجته إليه ، فحين يولد قد تلمظ ، و حرك شفتيه طلبا للرضاع ، فهو يجد ثدي أمه كالإداوتين المعلقتين لحاجته ، فلا يزال يتغذى باللبن ما دام رطب البدن ، رقيق الأمعاء ، لين الأعضاء .

حتى إذا يُحرك : و احتاج إلى غذاء فيه صلابة ليشتد و يقوى بدنه ، طلعت له الطواحن من الأسنان ، و الأضراس ، ليمضغ بها الطعام ، فيلين عليه ، و يسهل له إساغته ، فلا يزال كذلك حتى يدرك ، فإذا أدرك و كان ذكرا طلع الشعر في وجهه ، فكان ذلك علامة الذكر ، و عز الرجل الذي يخرج به من جد الصبا و شبه النساء ، و إن كانت أنثى يبقى وجهها نقيا من الشعر لتبقى لها البهجة ، و النضارة التي تحرك الرجل لما فيه دوام النسل و بقاؤه .

اعتبر يا مفضل : فيما يدبر به الإنسان في هذه الأحوال المختلفة ، هل ترى مثله يمكن أن يكون بالإهمال ؟  أ فرأيت لو لم يجر إليه ذلك الدم و هو في الرحم ، أ لم يكن سيذوي ، و يجف كما يجف النبات إذا فقد الماء ؟

و لو لم يزعجه المخاض عند استحكامه ، أ لم يكن سيبقى في الرحم ، كالموءود في الأرض ؟  و لو لم يوافقه اللبن مع ولادته ، أ لم يكن سيموت جوعا ، أو يغتذي بغذاء لا يلائمه ، و لا يصلح عليه بدنه ؟

 و لو لم تطلع له الأسنان في وقتها ، أ لم يكن سيمتنع عليه مضغ الطعام و إساغته ، أو يقيمه على الرضاع فلا يشتد بدنه ، و لا يصلح لعمل ، ثم كان يشغل أمه بنفسه عن تربية غيره من الأولاد ؟ [12].

زعم الطبيعيين و جوابه :

 قال المفضل : فقلت يا مولاي ، إن قوما يزعمون أن هذا من فعل الطبيعة ؟

فقال عليه السلام : سلهم عن هذه الطبيعة ، أ هي شي‏ء له علم و قدرة على مثل هذه الأفعال ، أم ليست كذلك ؟

فإن أوجبوا : لها العلم و القدرة ، فما يمنعهم من إثبات الخالق، فإن هذه صنعته .

و إن زعموا : أنها تفعل هذه الأفعال بغير علم ، و لا عمد ، و كان في أفعالها ما قد تراه من الصواب و الحكمة ، علم أن هذا الفعل للخالق الحكيم ، فإن الذي سموه طبيعة هو سنته في خلقه الجارية على ما أجراها عليه ؟

عملية الهضم و تكون الدم و جريانه في الشرايين و الأوردة :

 فكر يا مفضل : في وصول الغذاء إلى البدن و ما فيه من التدبير ، فإن الطعام يصير إلى المعدة فتطبخه ، و تبعث بصفوه إلى الكبد في عروق دقاق ، واشجة بينهما ، قد جعلت كالمصفى للغذاء ، لكيلا يصل إلى الكبد منه شي‏ء فينكاها ، و ذلك أن الكبد رقيقة لا تحتمل العنف ، ثم إن الكبد تقبله فيستحيل بلطف التدبير دما ، و ينفذه إلى البدن كله في مجاري مهيئة لذلك ، بمنزلة المجاري التي تهيأ للماء ، ليطرد في الأرض كلها ، و ينفذ ما يخرج منه من الخبث و الفضول إلى مفايض قد أعدت لذلك .

فما كان منه : من جنس المرة الصفراء جرى إلى المرارة ، و ما كان من جنس السوداء جرى إلى الطحال ، و ما كان من البلة و الرطوبة جرى إلى المثانة .

فتأمل حكمة التدبير : في تركيب البدن ، و وضع هذه الأعضاء منه مواضعها ، و أعداد هذه الأوعية فيه لتحمل تلك الفضول ، لئلا تنتشر في البدن فتسقمه و تنهكه ، فتبارك من أحسن التقدير ، وأحكم التدبير ، وله الحمد كما هو أهله و مستحقه [13].

 

الصوت و الكلام و تهيئة آلاته في الإنسان و عمل كل منها :

 أطل الفكر : يا مفضل في الصوت و الكلام ، و تهيئة آلاته في الإنسان .

فالحنجرة : كالأنبوبة لخروج الصوت ، و اللسان و الشفتان و الأسنان لصياغة الحروف و النغم ، أ لا ترى أن من سقطت أسنانه لم يقم السين ، و من سقطت شفته لم يصحح الفاء ، و من ثقل لسانه لم يفصح الراء .

 و أشبه‏ شي‏ء بذلك : المزمار الأعظم ، فالحنجرة تشبه قصبة المزمار ، و الرئة تشبه الزق الذي ينفخ فيه لتدخل الريح ، و العضلات التي تقبض على الرئة ليخرج الصوت ، كالأصابع التي تقبض على الزق حتى تجري الريح في المزامير ، و الشفتان و الأسنان التي تصوغ الصوت حروفا و نغما ، كالأصابع التي تختلف في فم المزمار فتصوغ صفيره ألحانا ، غير أنه و إن كان مخرج الصوت يشبه المزمار بالآلة ، و التعريف ، فإن المزمار في الحقيقة هو المشبه بمخرج الصوت .

ما في الأعضاء من المآرب الأخرى :

 قد أنبأتك : بما في الأعضاء من الغناء في صنعة الكلام ، و إقامة الحروف ، و فيها مع الذي ذكرت لك مآرب أخرى ، فالحنجرة : ليسلك فيها هذا النسيم إلى الرئة ، فتروح على الفؤاد بالنفس الدائم المتتابع ، الذي لو حبس شيئا يسيرا لهلك الإنسان . و باللسان : تذاق الطعوم فيميز بينها و يعرف كل واحد منها حلوها من مرها ، و حامضها من مرها ، و مالحها من عذبها ، و طيبها من خبيثها ، و فيه مع ذلك معونة على إساغة الطعام و الشراب . و الأسنان : لمضغ الطعام حتى يلين و تسهل إساغته ، و هي مع ذلك كالسند للشفتين تمسكهما و تدعمهما من داخل الفم ، و اعتبر ذلك ، فإنك ترى من سقطت أسنانه مسترخي الشفة ، و مضطربها ، و بالشفتين يترشف الشراب حتى‏ يكون الذي يصل إلى الجوف منه بقصد و قدر ، لا يثج ثجا فيغص به الشارب ، أو ينكي في الجوف ، ثم هما بعد ذلك : كالباب المطبق على الفم ، يفتحها الإنسان إذا شاء ، و يطبقها إذا شاء .

 و فيما وصفن : من هذا بيان ، أن كل واحد من هذه الأعضاء يتصرف ، و ينقسم إلى وجوه من المنافع ، كما تتصرف الأداة الواحدة في أعمال شتى ، و ذلك كالفأس تستعمل في النجارة و الحفر و غيرهما من الأعمال .

الدماغ و أغشيته و الجمجمة و فائدتها :

 و لو رأيت الدماغ : إذا كشف عنه لرأيته قد لف بحجب ، بعضها فوق بعض ، لتصونه من الأعراض ، و تمسكه فلا يضطرب ، و لرأيت عليه الجمجمة بمنزلة البيضة ، كيما تقيه هد الصدمة ، و الصكة التي ربما وقعت في الرأس ، ثم قد جللت الجمجمة بالشعر حتى صارت بمنزلة الفرو للرأس ، يستره من شدة الحر و البرد ، فمن حصن الدماغ هذا التحصين ، إلا الذي خلقه ، و جعله ينبوع الحس ، و المستحق للحيطة و الصيانة ، بعلو منزلته من البدن ، و ارتفاع درجته ، و خطير مرتبته .

الجفن و أشفاره : تأمل يا مفضل : الجفن على العين ، كيف جعل كالغشاء ، والأشفار كالأشراح ، وأولجها في هذا الغار ، وأظلها بالحجاب، وما عليه من الشعر.

الفؤاد و مدرعته : يا مفضل : من غيب الفؤاد في جوف الصدر ، و كساه المدرعة التي غشاؤه ، و حصنه بالجوانح ، و ما عليها من اللحم و العصب ، لئلا يصل إليه ما ينكيه .

الحلق و المري‏ء : من جعل في الحلق منفذين : أحدهم : لمخرج الصوت ، و هو الحلقوم‏ المتصل بالرئة . و الآخر : منفذا للغذاء ، و هو المريء المتصل بالمعدة الموصل الغذاء إليها ، وجعل على الحلقوم طبقا يمنع الطعام ، أن يصل إلى الرئة فيقتل.

الرئة و عملها وأشراج منافذ البول و الغائط :

 من جعل الرئة : مروحة الفؤاد ، لا تفتر و لا تختل ، لكيلا تتحير الحرارة في الفؤاد ، فتؤدي إلى التلف . من جعل لمنافذ : البول و الغائط أشراجا ، تضبطهما لئلا يجريا جريانا دائما ، فيفسد على الإنسان عيشه ، فكم عسى أن يحصي المحصي من هذا ، بل الذي لا يحصى منه و لا يعلمه الناس أكثر .

المعدة و الكبد :

 من جعل المعدة : عصبانية شديدة ، و قدرها لهضم الطعام الغليظ ، و من جعل الكبد رقيقة ناعمة لقبول الصفو اللطيف من الغذاء ، و لتهضم‏ و تعمل ما هو ألطف من عمل المعدة ، إلا الله القادر ، أ ترى الإهمال يأتي بشي‏ء من ذلك ؟!

 كلا ، بل هو تدبير مدبر حكيم ، قادر عليم
 بالأشياء ، قبل خلقه إياها ، لا يعجزه شي‏ء ،
 و هـو اللطيف الـخـبـيـر [14].

 

 

الإشعاع الخامس :

لطف الله الساري في كل شيء في التكوين وكائناته على طول الزمان :

يا لطيف ألطف بنا ووفقنا لما تحب وترضى :

يا طيب بلطف الله : كل شيء تتدبر به يدلك على لطف الله وخبرته بكل عظمة متجلية فيه وفي الكون كله ، وقد عرفت بحوث كريمة في الكون كله وتدبيره وعظمته ولطفه وهداه ، وعرفت أجزاءه وتكوين العالم الأدنى وأحوال الإنسان المفكر في الكون والمسخر له كل شيء لكي يقيم هدى الله الحق ، فينال لطفه أبدا بكل كرامة ومجد وعظمه ، وإن عجائب خلق الله اللطيف الدال عليه لا ينحصر فيما ذكرنا ، فقد عرفت أنه قد كتبت كتب كثيرة جدا في إعجاز القرآن الكريم وفي إعجاز سنة النبي وآله ، وما ذكرنا إلا اليسير اليسير والقليل القليل مما عرفنا الله من لطفه الظاهر عن خبر عليم قدير عزيز حكيم له الأسماء الحسنى بما لا يحد ولا يوصف .

وبعد أن عرفنا بعض التدبر في لطف الله تعالى : في الكون وتدبيره حتى الإنسان وتكوينه من ذرات ، فإنه له لطائف في خلقته وهداه عجيبة تدل على عظمة خالقه سبحانه ، سواء في تشريحه أو في خواصه ومواصفاته ، وقد عرفت شيء منها ، وهذه مقالات مختارة من ساحات الحوار في الإنترنيت لم أكتبها بنفسي ، ولكن عجبني لطفها فنقلتها وكتب اسم كاتبها ومؤلفها وساحة الحوار التي نشرت به، ولو راجعت يا طيب ساحات الحوار المختص في الإعجاز في القرآن والسنة والكون والتشريح والطيب والكائنات ، لرأيت عجبا ، وأمرا عظيما من كثرة البحوث الدالة على عظمة الله ولطفه بخلقه ودقة التكوين والصنع ، وبكل أسلوب وبكثير من المواضيع التي قد يحتاج فقط حصر مواضيعها وفهرستها لكتاب كبير قد تتعدد أجزاءه .

وهذه يا طيب : لطائف ما استطرفت لك منها ، وبها ترى إعجاز رباني ولطف إلهي عظيم تعبر عنه وترشد إليه على أنه خلق كل شيء هو الله الواحد اللطيف الشافي.

 

في يديك تسع وتسعين رقما يعبر عن لطف الله لنبيه ووليه :

في منتديات بنفسج ذكرت زهور الرحمة المقال التالي فتدبر :

سر الخطوط التي بيدك وبيدي ...؟ تريد أن تعرف سر الخطوط التي في الكـف  ألم تلاحظ الخطوط الغريبة التي بيدك ؟ ألم تستغرب منها ما معناها وما فائدتها ؟ ألم تسأل نفسك يوما ما هي ؟

انظر ليــدك اليمنى ماذا ترى ؟ ترى خطوطاً تشكل الرقم   18 .

وأنظر ليدك اليسرى ما ترى ؟ أيضا خطوطاً تشكل رقم وهو  81 .

و الآن اجمـع الرقمين  : 18 + 81 = 99 .

وتسعة وتسعون : وهي عدد أسماء الله الحسنى  !!!

والآن أطرح الرقمـين  : 81 -18 = 63 .

 وثلاثة وستون : هو عمر نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ( وكذلك عمر الإمام علي عليه السلام، ثلاثة وستون سنة راجع ملخص عمره الشريف في صحيفته من موسوعة صحف الطيبين أو أي كتاب أخر ألف في حياته الكريمة ) .

المعنى : إن هذهِ الأرقام المكتوبة على يديك تعني عدد أسماء الله الحسنى ، ( والظاهرة بأكمل خلق الله بكل نور تجليها في نبي الرحمة وولي الهدى بعده ، وعليك بأن تودهم حقا وتأخذ دينك من ذريتهم المطهرة الذين لطف الله بهم فخصهم بالكتاب والحكمة علما وتعليما وعبودية حقه خالصة لله تعالى ) .

إذاً ما فـائدته : يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في حديثه الشريف" أنـــه يُستحب أن يلعق الإنسان يديهِ بعد انتهائهِ من الأكل " وقد أكتشف العلماء انه بعد الأكل يقوم الجسم بفرز مادة ، إذا لعقها الإنسان ، فإنها تقوم بتسهيل عمليه الهضم ومنع حالة الخمول أتود أن تعلم من أين تأتي هذه المادة ؟ إنها من تلك الخطوط التي بيدك سبـحان الله [15].

 

 

لطف الله الخبير في قصة إسلام الطبيب الفرنسي موريس :

 عندما تسلم : الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران زمام الحكم في فرنسا عام 1981 ، طلبت فرنسا من مصر في نهاية الثمانينات استضافة مومياء فرعون لإجراء اختبارات وفحوصات أثرية .. فتم نقل جثمان أشهر طاغوت عرفته الأرض .. وهناك عند سلم الطائرة اصطف الرئيس الفرنسي منحنياً هو ووزراؤه وكبار المسئولين الفرنسيين ليستقبلوا فرعون .

وعندما انتهت : مراسم الاستقبال الملكي لفرعون على أرض فرنسا ، حُملت مومياء الطاغوت بموكب لا يقل حفاوة عن استقباله ، وتم نقله إلى جناح خاص في مركز الآثار الفرنسي ، ليبدأ بعدها أكبر علماء الآثار في فرنسا وأطباء الجراحة والتشريح ، دراسة تلك المومياء واكتشاف أسرارها ، وكان رئيس الجراحين والمسئول الأول عن دراسة هذه المومياء ، هو البروفيسور موريس بوكاي ، كان المعالجون مهتمين بترميم المومياء ، بينما كان اهتمام موريس هو محاولة أن يكتشف كيف مات هذا الملك الفرعوني ، وفي ساعة متأخرة من الليل ظهرت النتائج النهائية ، لقد كانت بقايا الملح العالق في جسده أكبر دليل على أنه مات غريق ، وأن جثته استخرجت من البحر بعد غرقه فورا ، ثم أسرعوا بتحنيط جثته لينجو بدنه .

لكن أمراً غريباً مازال يحيره : وهو كيف بقيت هذه الجثة أكثر سلامة من غيرها رغم أنها استُخرجت من البحر ! كان موريس بوكاي يعد تقريراً نهائيا عما كان يعتقده اكتشافاً جديداً في انتشال جثة فرعون من البحر وتحنيطها بعد غرقه مباشرة .

حتى همس أحدهم في أذنه قائلا : لا تتعجل .. فإن المسلمين يتحدثون عن غرق هذه المومياء ، ولكنه استنكر بشدة هذا الخبر واستغربه ، فمثل هذا الاكتشاف لا يمكن معرفته إلا بتطور العلم الحديث وعبر أجهزة حاسوبية حديثة بالغة الدقة .

 فقال له أحدهم : إن قرآنهم الذي يؤمنون به يروي قصة عن غرقه ، وعن سلامة جثته بعد الغرق ، فازداد ذهولا وأخذ يتساءل .. كيف هذا وهذه المومياء لم تُكتشف إلا في عام 1898 ؟ أي قبل مائتي عام تقريبا بينما قرآنهم موجود قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام ؟

وكيف : يستقيم في العقل هذا ، والبشرية جمعاء وليس العرب فقط ، لم يكونوا يعلمون شيئا عن قيام قدماء المصريين بتحنيط جثث الفراعنة ، إلا قبل عقود قليلة من الزمان فقط ؟

جلس موريس بوكاي ليلته : محدقا بجثمان فرعون يفكر بإمعان عما همس به صاحبه له ، من أن قرآن المسلمين يتحدث عن نجاة هذه الجثة بعد الغرق ، بينما كتابهم المقدس يتحدث عن غرق فرعون أثناء مطاردته لسيدنا موسى عليه السلام ، دون أن يتعرض لمصير جثمانه .

 وأخذ يقول في نفسه : هل يُعقل أن يكون هذا المحنط أمامي ، هو فرعون الذي كان يطارد موسى ؟ وهل يعقل أن يعرف محمدهم هذا قبل أكثر من ألف عام ؟

لم يستطع موريس : أن ينام ، وطلب أن يأتوا له بالتوراة ، فأخذ يقرأ في التوراة قوله : فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر لم يبق منهم ولا واحد . وبقي موريس بوكاي حائراً .. فحتى الإنجيل لم يتحدث عن نجاة هذه الجثة وبقائها سليمة .

وبعد أن تمت معالجة جثمان فرعون : وترميمه أعادت فرنسا لمصر المومياء ، ولكن موريس لم يهنأ له قرار ، ولم يهدأ له بال منذ أن هزه الخبر ، والذي يتناقله المسلمون عن سلامة هذه الجثة .

فحزم أمتعته : وقرر السفر لبلاد المسلمين لمقابلة عدد من علماء التشريح المسلمين . وهناك كان أول حديث تحدثه معهم عما اكتشفه من نجاة جثة فرعون بعد الغرق .. فقام أحدهم وفتح له المصحف وأخذ يقرأ له قوله تعالى :

{ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ  

لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)}يونس .

 لقد كان وقع الآية : عليه شديدا ، ورجت له نفسه رجة جعلته يقف أمام الحضور ويصرخ بأعلى صوته : لقد دخلت الإسلام وآمنت بهذا القرآن .

رجع موريس بوكاي إلى فرنس : بغير الوجه الذى ذهب به ، وهناك مكث عشر سنوات ليس لديه شغل يشغله ، سوى دراسة مدى تطابق الحقائق العلمية والمكتشفة حديثا مع القرآن الكريم ، والبحث عن تناقض علمي واحد مما يتحدث به القرآن ، ليخرج بعدها بنتيجة قوله تعالى :

{ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} فصلت .

كان من ثمرة هذه السنوات : التي قضاها الفرنسي موريس ، أن خرج بتأليف كتاب عن القرآن الكريم ، هز الدول الغربية قاطبة ، ورج علماءها رجا ، لقد كان عنوان الكتاب : القرآن والتوراة والإنجيل والعلم . دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ، فماذا فعل هذا الكتاب ؟

من أول طبعة له : نفد من جميع المكتبات ثم أعيدت طباعته بمئات الآلاف بعد أن ترجم من لغته الأصلية ، إلى العربية والإنجليزية والأندونيسية والفارسية والصربكرواتية والتركية والأردية والكجوراتية والألمانية ، لينتشر بعدها في كل مكتبات الشرق والغرب ، ولقد حاول ممن طمس الله على قلوبهم وأبصارهم من علماء اليهود والنصارى ، أن يردُّوا على هذا الكتاب ، فلم يكتبوا سوى تهريج جدلي ، ومحاولات يائسة يمليها عليهم وساوس الشيطان . وآخرهم الدكتور وليم كامبل في كتابه المسمى : القرآن والكتاب المقدس في نور التاريخ والعلم ، فلقد شرّق وغرّب ولم يستطع في النهاية أن يحرز شيئاً

بل الأعجب من هذا : أن بعض العلماء في الغرب بدأ يجهز رداً على الكتاب ، فلما انغمس بقراءته أكثر وتمعن فيه زيادة ، أسلم ونطق بالشهادتين على الملأ [16].

 

 

حقائق في الإعجاز العددي والرقمي في كتاب الله وأئمة الحق :

يا طيب : إن لطائف الإعجاز الكوني والفلك وهداه وأحوال الموجودات الصغيرة والكبيرة والذرة والعناصر، والتشريح وعلم الطب والوراثة والنفس ، والكائنات وتدبيرها وفي الأمم والتأريخ، كثير جدا ولا يسعه البحث هنا ، ولها شواهد في كتاب الله اللطيف ، كما وألف في الأعجاز الرقمي فيه فضلا عن غيره كتب كثيرة ، ووفق ضوابط وقوانين محددة التزموا بها في كتابة السور والآيات وعددها ورسم حروفه ، حتى حصلوا على نتائج لطيفة عجيبة تعبر عن تجلي اللطيف الخبير في كتابه العزيز .

والأرقام المختارة : جاءت في كتاب الله تعبر عن شأن معين ، وكان تكرارها يعبر بشكل عجيب عن مضاعفات أو القسمة على 7  للسبع المثاني ، أو 19 لعدد ملائكة النار ، أو 114  عدد سور القرآن ، أو 11 المعبر عن التوحيد وأحد أحد ، وهي بحوث حقا عليمة ودقيقة فراجعها إن أحببت كتبهم فمنها : موسـوعـة الإعـجـاز الـرقمي ، الإعجاز العددي ، إعجاز الرقم 19.

وحببت أن أشير لحقيقة قرآنية كريمة : وهي أن حروف ، بسم الله الرحمن الرحيم = 19 ، وإن مجموع حروف ، محمد علي فاطمة حسن حسين = 19 .

كما إن أسماء المعصومين أربعة عشر وهم : محمد ، علي ، فاطمة ، الحسن ، الحسين ، علي ، محمد ، جعفر ، موسى ، علي ، محمد ، علي ، محمد = 14 .

ولو حذفت المكرر لصار العدد من أسمائهم عليهم السلام سبعة : محمد علي فاطمة حسن حسين جعفر موسى =   7  .   وهم 7   سبع مثاني 77 .

كما وإن عدد سور القرآن114أي من الله الواحد 1 لنبيه وآله وهم المعصومون 14.

و14 و 1 = 114 هكذا الجمع عندهم بطريقة صف الأرقام لا جمع مفرد .

وإنه لو جمعت الحروف المقطعة : أو ما يقال الحروف المميزة ، التي هي في أول بعض سور القرآن المجيد ، وأسقط المتشابه لبقيت حروف غير مكررة   14  حرفا , وتتكون منها فقط الجملتين الآتين في حق مولى الموحدين الإمام علي عليه السلام :

صراط علي حق نمسكه . أو . علي صراط حق نمسكه .

ولا يمكن : تشكيل جمل أخرى مفيدة المعنى من هذه الحروف القرآنية الغير مكررة من الحروف المقطعة والمميزة في القرآن المجيد ، فبعد حذف المكرر منها لا معنى  إلا ما عرفت من الجملتين أعلاه ، وهذا لطف الخبير ليعرفنا وكل منصف مَن يحافظ عليه ووارثه حقا . كما أن مجموع حروف: محمد علي حسن حسين =  14 .

و حروف : محمد علي = 7 . وحروف : حسن حسين = 7  .

 وهم  7+7   مثاني صف 77 قابل القسمة على 7 ، وهم 14 معصوم .

كما إن مجموع حروف كلمة : علي فاطمة = 8 . عدد أبواب الجنة .

من عرفهم بالحق والولاية دخل الجنة ، ومن أنكرهم أنكر الحسن والحسين ، و

حسن حسين = 7 ، ومحمد وعلي = 7 ، فتحت أبوب النار له وهي 7 فيدخلها وتولت عليه ملائكة غلاظ بعدد   19  ، وهي عدد حروف المنكر لـ :

بسم الله الرحمن الرحيم = 19

محمد علي فاطمة حسن حسين = 19

 ولكن لو أحب : الحسن والحسين وهم سيدا شباب أهل الجنة فلابد له من حب أمهم وأبوهم وجدهم ، فتغلق عنه أبواب النار الـ 7 ، ولم يرى ملكتها الـ 19 ، فتفتح له أبواب الجنة الـ 8  فيكون معهم ، لأنه من أحبهم أحب الله ، و يتولى الله وآمن حقا بما يبدأ به تعاليم دينه بعدد حروف : بسم الله الرحمن الرحيم = 19 وحروف : محمد علي فاطمة حسن حسين = 19 ، أي تولى القرآن وعدد سورة = 114 ، أي تولى 14 معصوم، صراط علي حقه نمسكه = 14 المؤيد بالله الواحد 1.

وبهذا نرى : أن الأرقام المتبعة للمضاعفات والقسمة في أكبر معاني الإعجاز الرقمي والعددي في القرآن ، والذي حققوا به أعظم معجزة للقرآن المجيد في هذا العصر وفي جانب كريم من جوانبه ، نرى هذه الأرقام المهمة موجودة مع المعصومين وأئمة الحق وبأسمائهم أو عدد حروفهم ، وبهم حافظ المعنى كما حفظ اللفظ وعدده.

 فما ينطبق في الأرقام القرآنية : المهمة تراه جليا منطبق على نبينا وآله ، فكان لطف الله ظاهر فيهم ، فجعلهم بعدد الأرقام المهمة في كتابه المجيد والتي لها لطف كريم عظيم في بيان الأعجاز العددي والرقمي ، وذكر لها أهمية في زمان لم تكن حاسب ولا حاسبات تحسب تناسق الآيات في كتابه المجيد ووفق أعداد مهمة ذكرها.

وإن لطائف كتاب الله : بعلم الأرقام حقيقة واقعه متطابقة لها شواهد كثيرة جدا وألفت بها كتب علمية تزيد صفحات بعضها على السبعمائة ، وهي تعتمد على ما عرفت من الأرقام  ، 7 ، 19 ، 114 . ورأيت الأرقام هذه جلية في أسماء المعصومين من آل محمد الطيبين صلى الله عليهم وسلم ، وهم ورثة كتاب الله ، وهم من لطف بهم الله فملكهم كتابه والحكمة ، وأمر بودهم وأخذ دينه وتعاليمه منهم ، فطهرهم ككتابه بنص آية التطهير ولا شك لهم في معارفهم ، ولا اختلاف ولا خلاف لما أحب الله اللطيف من الظهور بدينه وتعاليمه ، ولدا كان لهم أعلى تحقق بنور لطفه المتجلي من كل أسمائه الحسنى الظاهر في الخلق وبأعظم تجلي ومعهم يكون من تبعهم .

ويا طيب : ما ذكرنا من الإعجاز الرقيم في كتاب الله والأرقام التي يطبقون عليها كلمات القرآن المجيد ، هي حديث اليوم الذي لا ينكر لطفه والإعجاز والخبرة فيه ، ويذعن لمن يتدبر أسسه بجمال التطبيق العلمي الظاهر جليا في كتاب الله اللطيف ، ولولا التطويل لذكرت شواهد منه ، ولكن في هذا الموضوع مقالات وكتب نشرت في المكتبات والانترنيت بكثرة ، وتنشر عجائب في كل يوم يصلون إليها بالتطبيق .

وبهذا نعرف حقائق عن كون القرآن المجيد وأل محمد : وأهل بيته هما ثقلي رسول الله صلى الله عليه وآله النفيس المخلف في المسلمين ، وهم خلفائه فيهم ، وأنهم لن يفترقوا أبدا حتى نرد الحوض ، فنرى لطف الله بما يرزقنا من ملكه العظيم لجمعنا بينهم ، فيجمعنا معهم في محل الكرامة والمجد بلطفه . وقبل دخول حريم الحوض معهم يوم القيامة إن شاء الله، نذكر كلام وأحاديث لطيفة تعرفنا لطف الله الخبير الذي جمع بين كتابه وآل نبيه في حديث الثقلين فندخل في علم الهداية بعد التكوين .


[8]المصدر : كتاب عالم الأرقام لمؤلفه د. محمد زكي الأيُّوبي عن موقع الأرقام .

[9]بين خطين متوازيين متباعدين مليمتراً ، يمكن رصف ما بين 2 إلى 5 ملايين ذرّة بالتتابع . يعمل مجهر المسح النفقي بتحريك رأس مجسّ لمسافة جزء من مليار من المتر من السطح المنوي دراسته ، عندما يمر تيار كهربائي في رأس المجسّ تشكل الإلكترونات نفقاً عبر الفسحة بين رأس المجسّ والسطح .

[10]التوحيد ص250ح36 باب الرد على الثنوية و الزنادقة حديث 3 .

[11]بحار الأنوار ج3 ص55ب3 إثبات الصانع ح 27 .

[12] توحيد المفضل ص48 .

[13] توحيد المفضل ص55 .

[14] توحيد المفضل ص63 .

[15]منتديات بنفسج ، زهور الرحمة  مشرفة على العام والقصص .

[16]قصة إسلام الطبيب الفرنسي موريس بوكاوي    بقلم الدكتور يحيى الغوثاني مدير منتدى البحوث القرآنية .

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.msn313.com

يا طيب إلى أعلى مقام صفح عنا رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم السلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة شرح الأسماء الحسنى رزقنا الله نورها