بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين في أصول الدين وسيرة المعصومين
صحيفة التوحيد الإلهي / الثانية / للكاملين

التحكم بالصفحة + = -

تكبير النص وتصغيره


لون النص

أحمر أزرق أخضر أصفر
أسود أبيض برتقالي رمادي

لون الخلفية


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

الباب الرابع
نعرف الله ب الأسماء الحسنى و الصفات العليا الإلهية ولا رؤية لعظمته تعالى إلا بتجلي نورها



 

إشراق يتقدم :

 لابد من معرفة الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية:

يا طيب : بعد أن آمنا بالله تعالى عن إيمان راسخ ، ووحدناه بجميع أنواع التوحيد ومراتبه باعتقاد كامل ، وتيقنا أنه يجب أن نوحد الله في ذاته وصفاته وأفعاله وتدبيره وهدايته وعبادته وولايته وحكومته وتشريعه ، وعرفنا إن الإيمان بالله تعالى وحده لا شريك له ، لا يتم إلا بها جميعها ، وبهذا تشرفنا إن شاء الله بمعنى أشهد أن لا إله إلا الله توحيدا صادقا بكل معانيه وبأهم حقائقه الكريمة .

ولما عرفت أنه : لا يحاط به علما ، ولا يمكن معرفةه تعالى إلا بما عرفنا من جلال عظمته ، بتجليه وظهوره في الكون وعلى قلوبنا ، وفي القرآن المجيد وفي شرح نبينا الكريم وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليم وسلم أجمعين لمعارف عظمته ، وكيفية وحقائق ذكر الله بالأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية سواء الذاتية أو الفعلية ، وكما عرفت في الباب السابق معارف شريفة في كيفية وصف الذات المقدسة بالأسماء الحسنى ، سواء كانت ذاتية : متحدة مع الذات مصداقا وإن تعدد مفهومها ، أو أسماء لصفات فعلية : زائدة على الذات منتزع مفهومها المتكثر مصداقا أيضا من خلال نسبته تعالى إلى شؤون عظمته وتجليه في خلقه حسب وجودهم وأحوالهم وهداهم وربوبيته لهم وقيومته عليهم ، وحتى يأتي في الجزء الآتي من صحيفة توحيد الكاملين المختص بشرحها تفصيل بعض معارفها ، وكذلك بعض التوسعة في معرفة شؤون العظمة في صحيفة التوحيد الثالثة للعارفين إن شاء الله .

فنتعرف يا طيب : في هذا الجزء من صحيفة التوحيد للكاملين : على شيء مختصرا من أهمية ذكر الله تعالى بها ، وطلب فيضه بالتوسل بها وعددها ، وبعض المعارف العامة المختصة بها .

ثم نشرح في ذكر أخر : أمهات الأسماء الحسنى المحيطة والواسعة منها، فنذكر في هذا الباب المهم منها ، ونشرح مما لا يسع المؤمن الموحد والعابد والشاكر والداعي والذاكر والعارف ترك معرف تها .

 ثم يأتي ذكرا ثالثا في هذا الباب : نعرف به بأن الله يُرى بحقائق الإيمان وبما تجلى علينا بعظمته تعالى من خلال الأسماء الحسنى والصفات العليا علما وكونا وقلبا وإيمانا وتعليما ، وإنه لا يمكن رؤيته تعالى أبدا لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا من خلال تجليه وظهور حقائق خلق لعظمته كونيا ، ثم يأتي بابا آخرا في هذا الجزء في معرفة تجليها وبعض ظهور عظمته تعالى وحقائق نوره في مراتب الكون وغايته ، وبعض المعارف المهمة الأخرى في معارف التوحيد الإلهي .

وعليه يا طيب : يكون في هذا الباب من بحوث معارف الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية أنوار لذكرين يتمهم ثالث ، بها أسأل الله أن ينفع المؤمنين الطيبين وأن يرزقنا نور حقائقها إيمانا وعملا ، فيكون :

الذكر الأول : في معارف عامة للأسماء الحسنى .

والذكر الثاني : في شرح أمهات الأسماء الحسنى .

والذكر الثالث : بأنه لا يمكن معرفة الله تعالى إلا بالأسماء الحسنى وتجليها وإنه لا يمكن رؤيته سبحانه لا في الدنيا ولا في الآخرة ، إلا من خلال إشراق نور حقائقها في الكون تكوينا فعليا يدل على ما هناك من العظمة والمجد والبهاء .

فيكون هذا الباب : إن شاء الله فيه أذكار لأنوار تشرق ويشع علينا نورها إيمانا ، وأسأل الله متوكلا عليه أن يهبنا حقائقها علما وعملا حتى اليقين ، إنه أرحم الراحمين ، وصلى الله على نبينا وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

الذكر الأول

معارف عامة حول الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية

 


الإشراق الأول :

الأسماء الحسنى كلها لله وبنور تجليها نشكره ونطلب فيضه :

يا أخي في الإيمان : بعد ما عرفنا شيء يسير عن معرفة الأسماء الحسنى سواء كانت أسماء صفات ذاتية ، أو أسماء صفات فعليه وكيفية وصف الذات المقدسة الإلهية بها ، فلا فرق في الدعاء والتوسل إلى الله تعالى بها ، فإنها كلها تؤدي المطلوب ، وتوصل للغرض المرغوب من ذكر الله تعالى والتحبب إليه ، ويفي للإنسان حسب حاله ذكر اسما من أسماء المحبوب ليطمئن قلبه بذكره ، وإن كان للذات قرب الوصل بذكر أسمائها المعبرة عن جمالها أحسن مثل : يا أحد يا فرد يا صمد يا أول يا أخر ، يا عليم ويا عالم ، ويا قدير ويا قادر ، ويا حي يا غني ، وفي الفعلية دليل احتياج العبد بالتخصيص يا معلم يا مقدر يا محيي يا مغني يا شافي يا معافي يا غفور يا عفو وغيرها و ستأتي معارف أوسع في هذا المعنى .

وعرفت يا طيب : إن الله تعالى : يوصف بكل الأسماء الحسنى سواء ذاتية أو فعلية بكل تجلي لها في جميع مراتب الوجود ، ولذا نعرف بأن الأسماء الحسنى الإلهية لا حصر لها ولا حد ، بل كل الكون هو ظهور لها وينتسب له تعالى خلقا وهدى ، فضلا عما للذات المقدسة من الأسماء والصفات الخاصة بها ، ولذا كان كل اسم حَسِن في الوجود فهو لله تعالى بالأصالة ولغيره بالتبع ، ومنه وجوده وفيضه .  وبهذا نعرف : إن معنى وصفه تعالى بها كل اسم حسب وجوده للذات المقدسة أو كونه اسم صفة لفعل معين ، وحسب حيثية النظر لنسبته لله وللعبد نقول : علم أو قدرة ، فيكون الله تعالى هو العالم والعليم والمعلم ، والقادر والقدير ، أو فعلا يكون منه تعالى عطاء أو رزق أو نعمه ، فيكون تعالى المنعم والرازق والمعطي ، مع أنه قد يكون خلق أبن لعبد أو علم أو مال ، فأنظر الجزء الآتي وما بعده .

إذاً يجب علينا يا أخي : بعد الإيمان بتوحيد الله تعالى بكل أنواعه ، أن نعرف بأن الكمال المطلق لله تعالى وحده ، ونتعرف على عظمته من خلال معرفة الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية بأي نوعا كانت ، والتي بها نذكره ونشكره ونعبده ، وهي المبينة لحقيقة الكمال الإلهي ووصف الذات المقدسة بها ، وهي مُعرفة لعلوه تعالى وكبريائه وعظمته بقدر المستطاع للفهم الإنساني ، وبما يراه من آثارها في الكون وفي القلب المتجلي علينا بها تكوينا وعلما وعملا ، وحقا واقعا في الوجود الآفاقي والأنفسي لعظيم نوره وسعت تجليه وكبرياء مجده وعلوه وشأنه الكبير .

وبقدر : معرفة الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية ، والقرب منها وتحصيل الاستعداد للتحلي بها وأخذ فيضها ، يصل الإنسان لكمال نعيمه الحقيقي بالهدى الرباني ونعيمه ، وبها نحصل على مراتب الإيمان والمقام الرفيع عند الله ، ويكون بها الإنسان من المقربين .

أو بالابتعاد عنها علما وعملا : يكون من المحرومين وأن من حُرم معرفة الأسماء الإلهية : فقد حرم من اشرف معرفة ، وغاب عنه أعلى علم ، ونسي أفضل كلام في الوجود  ، كيف لا ولا شيء أجمل من أسماء الله تعالى في عالم الحقيقة والمعنى  ، ولا أحلى منها في حالات التذوق للألفاظ والنطق بها ، ولا أطرى وألطف للنفس من معرفتها وتعلمها ، ولا اطمئنان للروح بدون ذكرها والترنم بتلاوتها في القلب والجنان واللسان ، والتحلي بها خُلقا وصفة وسيرة وسلوكا  ، ولذا ندعو الله تعالى بالمناسب لنا منها لكي تجلى علينا نورها .

 

الإشراق الثاني :

الأسماء الحسنى لا حد لعددها ونتوقف فنذكره وندعوه بحسب حالنا :

يا طيب : قد عرفت إن الأسماء الحسنى كلها لله تعالى ، ولذا نعرف إن الله سبحانه وتعالى أسماءه الحسنى وصفاته العليا لا تحصر بعدد معين ، فقد ورد في القرآن الكريم الكثير منها ، سواء من الصفات والأسماء الحسنى الفعلية الإضافية لكل ما خلق أو بخلق خاص ، أو ما ذكر سبحانه من الأسماء الواسعة المحيطة وأمهات الأسماء والتي تقارب مائة وثمانية وعشرون اسما كما سيأتي نورها عدا من غير شرح في إشراق يأتي ، كما أن حديث دعاء المجير جاء فيه مائه وثمانون اسم لله تعالى ، ودعاء الجوشن الكبير جاء فيه ألف اسم من أسماء الله الحسنى سواء من أمهات الأسماء المحيطة أو بالإضافة لها من خلقه سبحانه .

وإن كثير من الأدعية : تبدأ بذكر كثير من الأسماء الحسنى الإلهية والصفات العليا الربانية ، ثم تذكر الطلب حسب الحال المناسب للداعي أو الزمان والمكان والمخصص لها الأدعية والأذكار والأحراز والعوذات ، وغيرها من المختصة بالتمجيد والحمد والشكر والتسبيح والتهليل والتكبير والمدح والثناء ، والحفظ والمغفرة والعفو والتوسل ، والطلب للمعافاة وللرزق وللعلم ، أو لدفع العتاة والمردة والظلمة وغيرها.

ولما كان ذكر الله : ودعاءه بالأسماء الحسنى والصفات العليا معارف عالية دقيقة وكلمات شريفة لا بد من رعاية الأدب فيها واستخدام المناسب منها ، فالأفضل حتى على العالم والعارف أن لا يتجاوز ما موجود في القرآن الكريم والأدعية المأثورة عن سيد الأنبياء وخاتم الرسل وحبيب رب العالمين نبينا محمد  وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليه وعلى آله أجمعين ، وإن لم نقل إن أسماء الله توقيفية ، وإنه يجوز أن نذكره بكل اسم حسِن .

فإن الأدعية المأثورة : وما موجود في الروايات الذاكرة للأسماء الحسنى التي جاءت عنهم لم تبقي اسم حسن لله تعالى لم تذكره ، بل أحاديث المعصومين وخطبهم والأدعية التي جاءت منهم ، علمتنا أن نستخدم ذكر الأسماء الحسنى الإلهية في الصورة المناسبة للدعاء وللذكر ، كما بينت فضل الذكر وصورته ووقته وكيفيته وأثره ، وهذه المعارف العالية هي في الحقيقية من تعاليم رب العالمين لنبينا الكريم ومنه نقل آله الطيبين الطاهرين عنه لنا ، ولكل محب للدخول تحت ولاية الله التشريعية التي فيها الكرامة الأبدية .

وبهذه الصورة يا طيب : تكون الأسماء الحسنى الإلهية ونداءه سبحانه بها ، مؤثرة وغنية في الوصول للمطلوب بأحسن صورة ، ولا يمكن الإنسان مهما أوتي من العلم أن يحسن الذكر بأحسن منها  ، وفيما عرفونا من أوقاتها وما حدد لها من المكان وصياغتها .

فيا طيب : عليك بكل ما تحتاجه من الأدعية والأذكار لحالك مهما كان طلبك وحب ذكر لله تعالى ، أن تراجعه في كتب الدعاء المفصلة للمذهب الحق ، لتحصل على الذكر والدعاء المناسب لحالك ، والذي يوصلك لهدفك بأحسن أسلوب وبأفضل بيان مؤثر إن شاء الله ، وإلا بدون هذا قد يخطأ الإنسان وبالخصوص من لم يتمرس معارفها ولا سبر غور علوها وكيف نداءه تعالى بها حسب الحال والمكان أو حسب شأنه العظيم تعالى وما يطب منه سبحانه .

وكما إن مجرد : ذكر الأسماء الحسنى حسن على كل حال ، ولكن معرفة معناه وحقائق تجليه بها سبحانه حُسنا آخرا ، وله عظمة في المعرفة هي غاية الكمال الإنسان في العلم ، ومن تحقق بها حقا علما وعملا يكون أشرف خلق الله في خلقه ، وأعظمهم نور وكرامة ومجد في الكائنات ، وإن أس تجليها وأشرف ظهورها في الكون هو لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم آله الكرام ثم الأنبياء والأوصياء والشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، والمؤمنون حولهم كلا حسب معرفته بها وتحققه بها في وقتها المناسب ، وستأتي في الباب الآتي بعض المعرفة ، والمعرفة الموسعة في الجزء الآتي وما بعده للعارفين.

وبهذا جاءت الآثار : أي ضرورة المعرفة العلمية والتحقق العملي بنور الأسماء الحسنى الإلهية ، وبها تتم معارف الطاعة وتحسن العبودية والأعمال الفرعية لإتيان الأحكام العملية ، وقي أرقى معرفة نسأل الله نور ذكره ودعاءه بما يحب ويرضى حتى يعبأ بنا ويقربنا لديه كما قال في مفهوم قوله تعالى .

وقال سبحانه : { وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } الأعراف180.

{ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ }الفرقان77 .

ولكي نعرف يا طيب : ما نقول من أسماء الله التي ارتضاها لنفسه ، والتي أمر الناس لكي يدعوه بها ، يجب حفظ قسم منها ، وليكن لا أقل من الموجودة في سورة الفاتحة والتوحيد ( الإخلاص ) وأول سورة الحديد وآخر الحشر كما سيأتي ذكرها ، وكما يجب أيضا تعلم معانيها ودلالاتها ، وبعض خواص قسم منها وثوابها ، وبعض التعبير بجملها لنرغب بالعبادة والذكر لله تعالى عن معرفة .

 وما ذكرنا من الوجوب : هو لكمال المعرفة وقدر المستطاع والحال ، وإلا يكفي ما يؤدى به الواجب من الصلاة والدعاء .

ولذا سنذكر هنا في الإشراق الآتي : بعض الآيات الذاكرة للأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية ، ثم يأتي ذكر الأسماء الحسنى في القرآن المجيد ، ثم في حديث لله تسعة وتسعين أسما وذكر بعض المعارف العامة الأخرى عنها فتدبرها يا طيب ، وأسألك الدعاء وأسأل الله التوفيق لك ولنا ، إنه أرحم الراحمين وصلى الله على نبينا وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

الإشراق الثالث :

الأسماء الحسنى الإلهية في القرآن المجيد :

 

الإشعاع الأول : آيات الكريمة ذاكرة لبعض الأسماء الحسنى :

ذكر الله تعالى : في القرآن المجيد كثير من الأسماء الحسنى ، وبها تعلل في الآيات الحوادث الكونية والاجتماعية والتاريخية ، وكل شيء يختص بالأفعال الإلهية وكل ما يبين عظمة الله تعالى ، وبها طلب منا سبحانه ذكره ودعاءه ، وهذه بعض الآيات الشريفة التي تعلمنا كيفية التوجه لله تعالى بعد معرفته :

قال الله تعالى : { قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ

أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى } الإسراء 110.

 وقال عز وجل : {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الأسماء الحسنى } طه 8 .

وقال تعالى : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ

أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد 28 ،

 وقال عز وجل : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ

وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } البقرة 152 .

فكما أراد الله تعالى ذكره وشكره : نذكر بعض الآيات والأحاديث الذاكرة للأسماء الإلهية في هذا الإشراق وما بعده مع البناء على الاختصار ، لأنه لا غنى لنا عنها بعد أن عرفنا وآمنا بتوحيد الله تعالى بكل مراتبه ، وهي أحب شيء في الوجود بالنسبة للإنسان المؤمن ، وهي غاية العارفين علما وعملا وتجليا ، فهذه هنا بعض الآيات القرآنية الذاكرة لبعض الأسماء الحسنى والصفات العليا :

من سورة الفاتحة : { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ ، ..

. . رَبِّ الْعَالَمِينَ ، الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ  ، مَـالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }.

سورة الإخلاص ( التوحيد ) : { بسم الله الرحمن الرحيم

 قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ

لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ } .

ومن سورة الحديد قوله تعالى : { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ

وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }الحديد3.

ومن سورة الحشر قوله تعالى : { هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ

هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ  سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ

هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسماء الحسنى

يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }الحشر22-24.

وقد ذكر سبحانه : في القرآن المجيد بعد كل واقعة أو حدث أو ذكر لعظمة وشأن له تعالى ، أو معرفة لهدى ولدينه بعض الأسماء الحسنى ويجمع عددها ما نذكره في نور الإشعاع الثاني لذكرها :

 

الإشعاع الثاني : عدد الأسماء الحسنى المذكورة في القرآن المجيد :

يا طيب : توجد أسماء حسنى إلهية في القرآن المجيد ، منها مضافة لمخلوق معين أو جنس معين أو نوع معين ، كما إن منها مذكورة كصفة واسم حسن مطلق وهي من أمهات الأسماء التي تكون واسعة ومحيط بغيرها من ناحية المعنى والظهور والتجلي في كل شيء يناسبها ويتحقق في الكون من نورها ، ولهذا القسم الأخير نذكر ما ذكره السيد الطباطبائي رحمه الله في الميزان في تفسير القرآن إذ قال : والذي ورد منها ـ من الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية ـ في لفظ الكتاب الإلهي مئة و بضعة و عشرون اسماً هي :

أ – الإله ، الأحد ، الأول ، الآخر ، الأعلى ، الأكرم ، الأعلم ، أرحم الراحمين ، أحكم الحاكمين ، أحسن الخالقين ، أهل التقوى ، أهل المغفرة ، الأقرب ، الأبقى ، ( أسرع الحاسبين )  .

ب ـ البارئ ، الباطن ، البديع ، البر ، البصير .

ت ـ التواب .

ج ـ الجبار ، الجامع .

ح ـ الحكيم ، الحليم ، الحي ، الحق ، الحميد ، الحسيب ، الحفيظ ، الحفي .

خ ـ الخبير ، الخالق ، الخلاق ، الخير ، خير الماكرين ، خير الرازقين ، خير الفاصلين ، خير الحاكمين ، خير الفاتحين ، خير الغافرين ، خير الوارثين ، خير الراحمين ، خير المنزلين ( خير الناصرين ، خير حافظاً ) .

ذ ـ ذو العرش ، ذو الطول ، ذو الانتقام ، ذو الفضل العظيم ، ذو الرحمة ، ذو القوة ، ذو الجلال و الإكرام ، ذو المعارج ، ( ذو مغفرة ، ذو عقاب).

ر ـ الرحمن ، الرحيم ، الرءوف ، الرب ، رفيع الدرجات ، الرزاق ، الرقيب .

س ـ السميع ، السلام ، سريع الحساب ، سريع العقاب .

ش ـ الشهيد ، الشاكر ، الشكور ، شديد العقاب ، شديد المحال .

ص ـ الصمد .

ظ ـ الظاهر .

ع ـ العليم ، العزيز ، العفو ، العلي ، العظيم ، علام الغيوب ، عالم الغيب و الشهادة .

غ ـ الغني ، الغفور ، الغالب ، غافر الذنب ، الغفار .

ف ـ فالق الإصباح ، فالق الحب و النوى ، الفاطر ، الفتاح .

ق ـ القوي ، القدوس ، القيوم ، القاهر ، القهار ، القريب ، القادر ، القدير ، قابل التوب ، القائم على كل نفس بما كسبت .

ك ـ الكبير ، الكريم ، الكافي .

ل ـ اللطيف .

م ـ الملك ، المؤمن ، المهيمن ، المتكبر ، المصور ، المجيد ، المجيب ، المبين ، المولى ، المحيط ، المقيت ، المتعال ، المحيي ، المتين ، المقتدر ، المستعان ، مالك الملك ،  ( مالك يوم الدين ) .

ن ـ النصير ، النور .

و ـ الوهاب ، الواحد ، الولي ، الوالي ، الواسع ، الوكيل ، الودود .

ه ـ الهادي .

وراجع الموضوع في تفسير الميزان سورة الأعراف [1] ، فإن فيه بحوث شريفة في معرفة الأسماء الحسنى لا يستغني عنها مؤمن . وما بين القوسين ( ) كان من الأسماء الحسنى التي ذكرها الأستاذ السبحاني في الجزء السادس من مفاهيم القرآن المختص بشرح الأسماء الحسنى ، وهو قد شرح كل الأسماء أعلاه فيه ، وفيه معارف قيمة تغني البصير ، وتمتع الخبير ، وتعلم المؤمن معنى ما يناجي به ربه ويدعوه به من الأسماء الحسنى بأحسن بيان واخصر برهان ، فعليك به يا طيب لتعرف معنى ما لا يسعك تركه لا في دنياك ولا في أخرتك إن كنت تطلب الكمال والمنزلة العالية الرفيعة ، أو راجع الجزء الآتي من صحيفة الكاملين الشارح للحديث الشريف الآتي إن راق لك بيان خادم علوم آل محمد عليهم السلام.

 

 

الإشراق الرابع :

حديث لله تسعة وتسعين اسماً من أحصها دخل الجنة :

يا طيب القلب ويا مؤمن ويا حبيب الرب : اعلم أنه قد تواتر عن العامة والخاصة أن لله تعالى تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ، والمراد من هذا الحديث هو ليس فقط لقلقة لسان دون اعتقاد وعمل بها ، ولا انه من دون الاتصاف بها بقدر الوسع والطاقة والعمل بمرادها ومعناها فيدخل العبد الجنة ويحصل على الكمال والسعادة الخالدة الدائمة في كل الأحوال .

وإلا يا أخي : لو كان يكفي فقط لقلقة اللسان والذكر فقط لكفى المنافقين تلفظ الشهادتين دون إيمان بها ، ولكفى أيضاً لمن يقول أعبد ربك حتى يأتيك اليقين أنه موقن فلا يحتاج بعد لعبادة لله تعالى ، بل لابد أن يتبع العلم والمعرفة العمل وإلا فلا ، وكما عرفت في الأبواب السابقة ، فتدبر .

وأما الحديث الشريف : فهو ما رواه الصدوق رحمه الله في كتاب الخصال : بالإسناد عن الصادق جعفر بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن لله عز وجل تسعة وتسعين اسما - مائة إلا واحدة - من أحصاها دخل الجنة وهي[2] : الله :

الإله . الواحد . الأحد . الصمد . الأول . الآخر . السميع . البصير . القدير . القاهر .

العلي . الأعلى . الباقي . البديع . البارئ . الأكرم . الظاهر . الباطن . الحي . الحكيم .

العليم . الحليم . الحفيظ . الحق . الحسيب . الحميد . الحفي . الرب . الرحمن . الرحيم .

الذارئ . الرزاق . الرقيب . الرؤوف . الرائي . السلام . المؤمن . المهيمن . العزيز . الجبار .

المتكبر . السيد . السبوح . الشهيد . الصادق . الصانع . الطاهر . العدل . العفو . الغفور .

الغني . الغياث . الفاطر . الفرد . الفتاح . الفالق . القديم . الملك . القدوس . القوي .

 القريب .القيوم . القابض . الباسط . قاضي الحاجات . المجيد . المولى . المنان . المحيط . المبين .

المقيت . المصور . الكريم . الكبير . الكافي . كاشف الضر . الوتر . النور . الوهاب . الناصر .

 الواسع . الودود . الهادي . الوفي . الوكيل . الوارث . البر . الباعث . التواب . الجليل .

الجواد . الخبير . الخالق . خير الناصرين . الديان . الشكور . العظيم . اللطيف . الشافي .

وقال الصدوق رحمه الله : قد أخرجت تفسير هذه الأسماء في كتاب التوحيد وقد رويت هذا الخبر من طرق مختلفة وألفاظ مختلفة [3].

وقد شرح الصدوق رحمه الله الأسماء الحسنى شرحا مختصرا في كتاب التوحيد ، كما سيأتي شرح لقسم منها في الذكر الآتي، والتفصيل موكول للجزء الثاني من صحيفة التوحيد للكاملين( صحيفة الأسماء الحسنى والصفات العليا )  .

 

 

الإشراق الخامس :

معارف عامة لشرح الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية :

يا طيب : بعد أن عرفنا ضرورة الإيمان بالله وتوحيده ومراتبه ، وعرفنا كيف نصفه تعالى ونوحده بالأسماء الحسنى الذاتية والفعلية ، وعرفنا إنها لا تعد ولا تحصى لأن الكون وكل شيء تعبير عنها وظهورا لها ، ثم عرجنا على معرفة جميلة في شأن الأسماء والصفات الإلهية من حيث ضرورة التوسل بها لله وشكره بها ودعاءه والطلب منه وتمجيده بها ، وعرفنا المهم منها في كتاب الله وفي الحديث الشريف الذاكر لأهمها ، وقبل الدخول في الذكر الآتي لشرح المهم منها.

نذكر يا طيب : معارف عامة فيها للتذكرة ، ولنعرف بعض شأنها العظيم وتقسيمها وكيفية صدقها على الذات المقدسة حسب شأنها وعلو مجدها ، أو كيفية ظهورها في الكون وتحققها فينا وفي أولياء الأمر وهداة البشر وفيمن تبعهم بحق فصار مظهرا لها .

 

 


الإشعاع الأول : أسماء صفات الذات المقدسة والأفعال :

أسماء الذات المقدسة : هي أمهات الأسماء وهي عين الذات حقيقة ومصداقا , وإن تكثر مفهومها ، وهي مثل : القادر العليم الحي ، الأول الآخر ، الظاهر الباطن ، وغيرها .

أسماء الأفعال : هي منتزعة من فعله تعالى ونسبة خلقه له وهي زائدة على الذات المقدسة منتسبة لها معبرة عن فعله خلقا وربوبية وهبة كمال لهم ، وهي : مثل الخالق المصور ، أو الرب الهادي القيوم ، أو المنعم الرازق المعافي المشافي .

 

 


 

الإشعاع الثاني : الأسماء الواسعة المحيطة والمحاطة والإضافية:

 أسماء الله بعضها واسعة ومحيطة وهي أمهات الأسماء : مثل العليم الحي القدير ، وبعضها ومحاطة للأسماء الواسعة وتحت ظهوره : مثل السميع ، والبصير ، وعالم الغيب والشهادة تحت حيطة اسم الله : العليم .

ولذا تكون بعض الأسماء الحسنى مضافة ومحاطة مثل : الفالق : يضاف له فالق الحب والنوى ، فالق الإصباح .

 

 


الإشعاع الثالث: أسماء الصفات الكمالية والسلبية :

كما إنه بعض أسماء الله الحسنى :

أسماء صفات كمالية : وهي التي تعبر عن كمال وجمال الذات المقدسة ، وهي أغلب أسماء الله الحسنى بل كلها ، مثل : الحي العليم القدير  الرحمن الرحيم البر الغفور العلي العظيم الرازق المعطي وغيرها .

وأسماء صفات سلبية : أي بذكرها نسلب كل نقص وحاجة عنه تعالى ، وهي مثل : سبحان قدوس ، تعالى عن كذا أي لا يناسب شأنه ، أو أنه أعلى من هذا الوصف ، وغيرها كالمضافة كليس بجاهل ولا محتاج ولا شريك له ، ولا ند ولا صاحبة ولا وزير ولا مشاور ، وليس كمثله شيء وغيرها .

 

 


الإشعاع الرابع : أسماء صفات الجمال والجلال :

يا طيب : إن الأسماء الحسنى والصفات العليا الإلهية كلها حسنى : وهي كلها صفات جمال وجلال حتى لو كانت صفات قهر كما ستعرف .

وإن صفات الجمال : هي المعبرة عن الحُسن والبهاء والسناء والرحمة والفيض والتجلي بالبركة والخيرات والبر والإحسان وهي مثل : الرحمن الرحيم البر الغفور العفو العليم القادر الصادق العدل وغيرها .

وصفات الجلال : هي المعبرة عن القهر والغضب الإلهي والشدة على المعاندين لهداه وعبودية : وهي مثل : المنتقم ، شديد العذاب ، القهار ، والمتكبر  والجبار على بعض معانيها .

 

 


الإشعاع الخامس : الصفات ظهورها وبطونها :

أعلم يا طيب : صفات الله سبحانه فيها ظهور وبطون ، أي يبطن في صفات الجمال جلال ، وفي صفات الجلال جمال ، وهي في الذات المقدسة مصداق واحد للظهور بالعدل والإحسان وكلها نور وبهاء ، ولكن قد تكون في ظهورها وتجليها في الخلق وعلى الكائنات وبالخصوص الإنسان :

في ظاهرها نقمة وعذاب ولكن هي في حقيقتها رحمة ونعمة ، وهي حين تكون على المؤمن ، قد تراه شدة أو خفض منزلة ، مثل مرض أو تسليط كافر عليه ، وهو لاختبار المؤمن ولعلم صدقه وإنه يطيع الله على كل حال أو لا ، فإن صبر فقد فاز ونجح ، أو لرفع عجب التكبر منه وتوفيقه للتوبة والإنابة وغيرها من ظهور شؤون العظمة الإلهية الربانية لهداية عباده الطيبين ، فتبطن الرحمة والجمال في النقمة والجلال الظاهر على العبد لزمن معين فيتبدل حاله بعد حين .

 فقد ننظر لرحمة ورزق ، ولكنه قد يكون استدراج ولإتمام الحجة ولقهر الطرف المتعصي بعد حين ، وإذلاله وإنزاله من ظهور بعض نعم الله عليه لأسفل سافلين ، فيبطن الجلال في الجمال الظاهر على المتعصي لزمن معين فيتبدل حاله ، وسيأتي في الباب الآتي وما بعده معاني كريمة لها ، وهكذا في وشرحها في الجزء الآتي وفي صحيفة التوحيد للعارفين . وإذا عرفنا يا طيب : بعض المعارف العامة عن الأسماء الحسنى الإلهية ، ندخل يا طيب ، في معارف شرح لبعض منها ، ولأمهات الأسماء الحسنى ، وأسأل الله لك ولي : نورها في كل جمال يحبه لعباده الطيبين علما وعملا إنه أرحم الراحمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .


 


[1] تفسير الميزان ج8 تفسير الآية 180 من سورة الأعراف.

[2]( هو الاسم الأعظم الجامع لكل هذه الأسماء المقسمة لكل فقره بعشرة أسماء )

[3] الخصال ب90ص593ح4 ، التوحيد 195ب29ح9.

تم الكتاب

15 شعبان 1423 يوم مولود إمام زماننا الحجة بن الحسن العسكر عجل الله تعالى فرجه الشريف
أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وآله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com