هداك الله بنور الإسلام حتى تصل لأعلى مقام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين
موسوعة صحف الطيبين  في  أصول الدين وسيرة المعصومين
صحف الظهور والتجلي  /  صحيفة  سادة الوجود / الجزء الأول
 معنى السيادة وملاكها وتأريخها وظهورها بنور واهب السيادة
في مراتب التدوين
في سيد الكتب وآياته وعلومه والتكوين سيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين سادة المتقين
الباب
الأول / سفينة نجاة

المجلس الثاني
السيد الحق هو الله عز وجل وأشرق نوره متجليا
في سادة الكون
صلى الله عليهم وسلم

الذكر الأول

السيد الحق المطلق هو الله سبحانه وتعالى

 

السيد المطلق العظيم الأعلى هو الله : سبحانه وتعالى ، ومن وهبه الله السيد السيادة فهو السيد حقا ، ومَن تجلى فيه نوره الأول والتام واقعا يكون سيدا بأعلى معاني السيادة ، وإن نبينا الأكرم هو سيد المرسلين وآله سادة الأوصياء بفضل الله ، ولهم الحقيقة التامة في الشرف والمجد من الله السيد ، وكل من كان أقرب لهم في النسب والتقى فهو له أعلى معنى لكلمة سيد بعدهم بفضل الله السيد سبحانه ، لكونه ممن يقتدي بهداهم ويقتبس نورهم فيقيم عبودية الله بما علموه له وبه يخلص الدين له، فيهبه الله نورا يكون به سيدا ويكون له به السيادة والسؤدد في ذاته وصفاته وأفعاله ، وبمقدار تحليه وتجليه بنور الله السيد الذي اقتبسه من أفضل خلقه وسادتهم في الوجود تحقق بالمجد الواقعي والكرامة الصادقة ، فتتم له السيادة في الجنة مع سادات الوجود.

وهذا ما نتدبر به : في هذا الذكر الذي ينفع المؤمنين ، وما يأتي بعده من تجلي اسم الله السيد في أكرم خلقه ، وبالخصوص بعد أن عرفنا معناه الكلي وتحققنا جماله المجمل الجميل في اللغة والعرف والتأريخ وأسسه الظاهرة والباطنة .

ويا طيب : إن اسم الله الحسن السيد قد شرحناه في صحيفة الأسماء الحسنى في الجزء الأول ، وهو الاسم الثاني والأربعون في تسلسل الأسماء الحسنى التسعة والتسعين الواردة : أن لله تسعة وتسعون أسما من أحصاها دخل الجنة ، ولمعرفة معاني تجلي نور الله بكل أسمائه الحسنى بصورة تامة تدبر ما ذكرنا هناك من معاني الأسماء الحسنى سواء في صحيفة التوحيد الأولى للكاملين ، أو مقدمة صحيفة شرح الأسماء الحسنى .

 وهنا نتوسع بشرح اسم الله الحسن السيد : وفق معنى أعلى وأكرم ، وما مر كان شرحا لمعناه وتأريخه ، وما يأتي يكون بيانا لتحقق تجليه في كل الكائنات ، وبالخصوص في أكرم خلقه وأجملهم وأعظمهم سؤددا وفضلا وكرامة ، وبعد ما عرفنا معناه اللغوي والاجتماعي ، فلنتدبر مجالي تحققه في الكون بأعلى تحقق ، أي في سادة الوجود الحق في كل مراتبه ، سواء في النور الأول أو الملكوت ، أو هنا في عالم الشهادة ، وفي عالم الآخرة في يوم البرزخ والقيامة والجنة .

ويا طيب : حقيقة الأمر أنه كما قال سبحانه ، كما بدأكم تعودون ولا خارج لشيء عن حيطة الله ولا عن ربوبيته وقيوميته على الأشياء ، وكلها وجودها وبقائها بما يمدها من نوره ، وحسب تقدير مسبق لكل ممكن حسب سعته وقدرته على تحمل نور الأسماء الحسنى ، وحسب ظرفه ينال الكرامة من مجد نور أسماء الله الحسنى ، وأعلاها تحملا هو أول الكائنات وسيدها ، وبعده تأتي مراتب في التكوين والأنواع ، وهذا ما عرفناه بأن لكل شيء سيد ، وإن الإنسان سيدا في الكائنات وسيده سيد الكائنات ، والله السيد فضل الإنسان وفضل المرسلين والأنبياء والأوصياء عليه ثم فضل نبينا وآله الكرام سادة الوجود على الكل ، فكان لهم أعلى نسبة من تحمل نور الأسماء الحسنى ، فكانوا متصفين باسم الله السيد بأعلى معاني تحققه في التكوين .

وترى عطرا شذيا لهذا المعنى :  حين التدبر بما مر وبما يأتي في سيادة نبينا وآله في الكائنات ، وكما عرفت أن دينهم أكمل الأديان وسيدها ، وكتابهم أكمل الكتب وسيدها ، وأن لهم ليلة القدر أكرم الليالي وسيدها وسيد العلم فيها لهم، وأن لهم أعلى شيم الأخلاق والبذل للمعروف من دين الله تعليما وتضحية ، وكانوا يقدمون كل شيء في سبيل نشر نور معرفة الله وهداه بأعلى تحقق، فكانوا متحققين فعلا واقعا بنور واهب السيادة وتجليه بأعلى كرامه وأعظمها ، ولذا كانوا أخلص عباد الله لله سبحانه.

وإذا عرفنا : بأن الله هو نور النور ومنه كل نور فهو السيد الحق والمشرق بنوره على الموجود الأول الأنور ومن يليه في الرتبة في كل مراتب الوجود ، ولمعرفة سعت هذا المعنى فلنتدبر ببعض معاني إشراق نور الله السيد والتوسل به وظهوره في التكوين كله.

 

 

الإشراق الأول :

 السيد اسم من الأسماء الحسنى ويشرق نوره في سادة الكون  :

السَّيِّدُ : هو الشريف في نفسه والمالك الغني المتفضل الذي يفوق ببره وخيره .

والله تعالى هو السيد الحق : لأنه له وحده الغنى الذاتي والكمال الحقيقي ولا حاجة ولا نقص في ساحة قدسه ، ولأنه مالك الملك وملكه حقيقي لكل شيء وتحت هيمنته علم وقدرة وهدى ، ويمده بما يحتاج من رحمته وبره وخيره فهو السيد الحق .

 وإن تجلي السيد بالتجلي الخاص في الوجود : هو لمن جعله الله تعالى سَّيِّدا ، فكرمه في نفس ذاته وصفاته وأفعاله ، وكان له حقيقة الغنى في طاعته وله واقع الخير والبركات من نور تجلي أسماءه الحسنى ، وإن أكرم من تجلى له السيد فجعله سيدا مطاعا بحق من البشر هم الأنبياء والأوصياء ، وبالخصوص سادت أهل الدنيا والآخرة نبينا وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم ، فجعل الله لهم السيادة والولاية والهداية لصراطه المستقيم ، ولهم ملك الله العظيم من الكتاب والحكمة ، حتى صار كل من ينتسب لهم بالنسب سيدا، وهم الذرية الطيبة من نسل النبي وأخيه الوصي علي بن أبي طالب ، بل من ينتسب لهم بالسبب الديني يسود بخلقه ودينه عند الله واقعا، وإما من يسود بالمادة والحكومة وبالظلم وبغير حق شرعي من الله له فهو بظاهر زائل باطل.

والمؤمن : عبدا مطيعا لسيده الله ولكل من وهبه السيادة حقا ، فيطيعهم لأن طاعتهم من طاعة الله ، ويتبعهم لأنهم سادة وأئمة وولاة أمره الله ومعلمي تعاليمه بكل وجودهم ، وحينها إن اقتدى بهم يكون قد تبع الله تعالى لأنه هو السيد المطلق ومالكه الحقيقي ومنه كل فضيلة وخير ، وإن مَن أعطاهم الله تعالى السيادة الحقيقية وجعلهم كوثر الخير عرفتهم وستعرفهم بالتفصيل هم نبينا وآله الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم .

ولا يتبع المؤمن : في دينه من بيده سيادة وحكومة وضعية مخالفة لدين الله ، وإن مَلّكهم الله بلاد الأرض لفترة أو بعض زينتها ، وتمليك غير المؤمنين ليبين المخلص المطيع المقيم لدين الله ممن يتبع سادة الوجود الحق من غيرهم ، فإن نعم الله المادية في الدنيا للمؤمن والكافر وكلا حسب سعيه، ولكن دينه سبحانه وعبوديته فقط للمؤمنين ، ولهم يستمر نور الأسماء الحسنى يشرق بأعلى كرامة خالصا لا يشاركهم فيه عاصي معاند لهم ، ولا تنغيص فيها حتى القيامة والجنة ، وينقطع عن الكافرين نور النعم ويبقى عليهم التبعات من عصيان الله بنعمه ، فيتجلى عليهم الله القابض لنعمه ، والجبار المتكبر المنتقم شديد العقاب ، فيوردهم ناره وعذابه الأليم الشديد .

 ولذا يجب أن يسود المؤمن : بأخلاقه وبإطاعته لربه فيكون عبدا صالحا واقعا، و يطيع سادة الوجود الحق بكل ما علموه ويقتدي بسيرتهم وبكل ما ينتسب لهم، ويحترم السادة الذرية الطيبة لقربهم من النبي وكما جاءت الآثار بضرورة حبهم وودهم .

ويا طيب : قبل أن نتعرف على حقائق تجلي نور الله السيد وظهوره في الكائنات ، و الذي يهب السؤدد والرئاسة والخلافة والولاية والإمامة والنبوة لأشرف خلقه وأكرمهم وأفضلهم حتى يجعل في التكوين سيد المرسلين ، ولآله آل البيت صلى الله عليهم وسلم بعده يجعلهم سادة الوصيين والمتقين وأهل الجنة أجمعين عليهم السلام .

نذكر أولا : ما يتبادر من معنى العظمة في اسم الله السيد و التوسل والدعاء بالله السيد : لكونه أحد الأسماء الحسنى ، وبذكر فقرات مختصرة من بعض الأدعية لنعرف كثرة استخدامه ، وكثرة طلب نوره من المؤمنين ، وحب التحقق بآثاره الكريمة من الطالبين ، وهو طلب أعلى نور بأعلى كمال ليسود من يتحقق بنوره ، فيتنور بالفضائل والمكارم لا فقط رفع نقص وسد حاجة ، بل طلب أعلى تجلي لنور الأسماء الحسنى كلها بما يجعل العبد كريما ماجدا فاضلا في نفسه ، بل يفيض الخير والمعروف ويبذل البر والإحسان ، وهذا ما عرفنا من معنى السيد وملاكه .

فنطلب من الله السيد : أن ينورنا بأعلى نور وأكرمه حتى نفيض نوره سبحانه ويتجلى منا بعد أن يحلينا به ، ولذا كثر المناداة لله تعالى في الأدعية بـ يا سيدي .

 

 

الإشراق الثاني :

 السيد الله بهذا الاسم بأعلى نور العظمة يُعرف ويتجلى ويقصد :

يا طيب : إن من أهمية اسم الله الحسِن السيد وكرامته يتم نداء الله به بتجليل فيرينا علو شأنه وعظمته وهيبته ، وهو فيه معنى الكمال والجلال والتنزيه في آن واحد ، ويكون له حيطة عظيمة في شموله لمعاني الأسماء الحسنى بنفس نورها وبتجليها بأعلى مراتب الظهور ، فيكون اسم ذاتي وصفاتي في واقع الذات المقدسة ، وفعلي في حقيقته وظهوره وتجليه ، فإنه في حين نرى معنى الكمال والجمال والإحسان فيه نرى فيه معنى الجلال والقدرة والجبروت أيضا ، فنعرف عظمته ومجده وعزه الأبدي ، ولذا يراد به أعلى المعاني حين إطلاقه على الله سبحانه وتعالى ، فنذكر بعض الأحاديث ونتدبرها :

عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام أَسْأَلُهُ :

كَيْفَ يَعْبُدُ الْعَبْدُ رَبَّهُ وَ هُوَ لَا يَرَاهُ ؟  فَوَقَّعَ عليه السلام : يَا أَبَا يُوسُفَ :

جَلَّ سـيـدي وَ مَوْلَايَ وَ الْمُنْعِمُ عَلَيَّ وَ عَلَى آبَائِي  أَنْ يُرَى .

قَالَ وَ سَأَلْتُهُ : هَلْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم رَبَّهُ ؟

فَوَقَّعَ عليه السلام :

 إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ، أَرَى رَسُولَهُ بِقَلْبِهِ ، مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ مَا أَحَبَّ [1].

يا طيب : فإنه لما أراد الإمام تعظيم الله وتبيين تنزيه وعلوه وعظمته ومجده ، ذكر جلال الله السيد فبين هيبته وكبرياءه في أول كلمتين وهما : جل سيدي ، وفيهما كان المعنى بأنه لا يرى سبحانه , وإن ما بعده هو شرح وتفصيل للسؤال حتى يفهمه كل من سمعه ، أي أن الله السيد الجليل هو ولي نعمتي والمنعم على آبائي كلهم فلا يرى بما له من العظمة والكبرياء والمجد العالي بل ترى نعمه المتحققة بكل عظمة .

وبهذا نعرف إن الله السيد : وصف ذاتي لبيان أن له أعظم نور وأعلى من أن يعرف بنفسه ، وأجل من التصور والفكر به بنفسه ، بل نتفكر ونعرف من نور ظهور الأسماء الحسنى وتجليها وكرمها في التكوين وحقائقه ومعرفة سادته وأهل الكرامة فيه ، فلذا يوصف به سبحانه لبيان كبرياءه وكرمه في آن واحد ، أي يعرف بالسيد صفات الجمال والجلال ، لأنه عرفت إن السيد : هو السيد الرئيس الباذل للمعروف والخير والبركة ، وهذا تراه في معنى الصمد حين يفسر بالسيد واس ملاكه ، فإنه :

قال الإمام الباقر حدثني أبي زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي عليه السلام :

 الصـمـد : الذي بـه انتهى ســــؤدده ...

وقال عليه السلام : الصمد السيـد المطاع الذي ليس فوقه آمر و لا ناه [2]...

وإذا عرفنا أن الله سبحانه وتعالى : أكبر من الوصف وأعظم من أن يرى ، بل يتجلى نوره فيرى برهان كبريائه ومجده ونعمه في كل شيء تفضلا وأحسانا ، فيقر له العباد بالقدرة والقوة والعلم والحكمة ، وأنه خالق كل شيء ومهيمن وقيوم عليه ، ورب كريم رحمان رحيم ، فيقصد ليطلب منه الخير والبركة ، لأنهم يعلمون أن كل شيء بيده وأن لا شيء يمتنع عليه ، ولا غيره سيد آمر ولا ناه ، بل هو العزيز الجبار المتكبر والرحمن الرحيم البر الكريم ، فيصمد له ويقصد ويتوجه له وحده لا شريك له.

فهو الله السيد الحق : الباذل للمعروف والخير والنعم التي لا تحصى ، وكل بركة يستوعبها موجود من تجلي نور أسماءه الحسنى ، ولذا كان معنى السيد روح معنى الصمد الذي هو من أسس معارف التوحيد ، وكما جاء في سورة نسبة الرب والتي تسمى سورة الإخلاص أو سورة التوحيد ، فنعرف أنه هو السيد : المتعالي في المجد والعظمة في نفسه وصفاته وأفعاله ، فنطلب نوره ومجده وكرمه وفضله منه وحده لا شريك له وفي كل ما يهمنا ، ويأتي تفصيل شرح سورة التوحيد ، وهذا مختصر :

عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه السلام :

جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الصَّمَـدُ ؟

قَالَ عليه السلام : السَّـيِّـدُ الْمَصْمُـودُ إِلَيْهِ فِي الْقَلِيلِ وَ الْكَثِيرِ[3].

وقالوا : الله انه رب عني أنه ســيد ، فهو من صفات ذاتـه .

و إذا قيل : بمعنى انه مدبـر مصلح فهو من صفات الأفعال ، و العالمين جمع عالم و عالم لا واحد له من لفظه كالرهط و الجيش و غير ذلك[4].  ويريدون بالرب : المالك والمربي للكائنات فهو السيد المطاع والباذل للخير بدون منازع .

وإذا عرفنا يا طيب : إن الله السيد هو الرب المصمود له من كل شيء في كل شيء يحتاجه، وإن كل شيء من نوره أسمائه الحسنى الظاهرة في الوجود تكون وخُلق .

 نعرف أنه لابد : أن يكون هناك من مخلوق له السيادة في كل شيء ، وإن في كل نوع سيد ، وسيد سادة الأنواع كلها بل سيد الوجود المخلوق كله ، وبعده تأتي السيادة لمن هو قريب له ومنه أنشق نوره وتحقق وجوده وتجلى في الكائنات ، وذلك بفضل تجلي نور الله السيد بأعلى مظهر له في التكوين ، وهذا المعنى عرفناه كملاك وأساس لسادة الوجود في النور الثالث من مصباح الهدى بذكر مناطه بل ومصاديق له ، وعرفنا أن ليس في الموجودات الأرضية من النبات والحيوان إلا ولها سادة ، بل في الملائكة والملكوت لهم سادة ، وإن الأنبياء والأوصياء لهم سادة كما عرفت وستعرف ، بل عرفنا وبهذا المعنى نعرف أن سادة الوجود هم نبينا الأكرم وآله الطيبين الطاهرين.

 وبهذا نعرف أن توحيد الله بحق : لا يتم إلا بمعرفة عظمته وتجلي نور الرب السيد الصمد الواحد الأحد في الوجود في سادة التكوين ، وإذا عرفناهم فيجب أن نأخذ منهم هدى ومعارف تقربنا لنيل العظمة والمجد والكرامة والسيادة بحق منه تعالى ، فنتعرف على حقائق تنزل وظهور سيد الأديان من الله سيد السادات على سيد المرسلين وبشرح سيد الوصيين وآله السادة الميامين ، فنعبده بدين يحبه ويرضاه ، فيهبنا أعلى نور فنسود به في العبودية له والبر وبذل الخير والمعروف وكله بفضله وبره وإحسانه سبحانه ، فنتحقق بنور مكارم المعرفة والأخلاق والسيرة والسلوك بأحسن عبودية لله سيد السادات وحده لا شريك له بحق ، وإلا من لم يعرف سادة الوجود المتجلي نور الله السيد فيهم لم يعرف تعاليم سيد الأديان وخاتمها وسيد العلم الحق ولا معلميه وهداته بحق ، فيموت وهو ضال أو تابعا لسيد الباطل والعياذ بالله .

وذلك لأنهم : أول من عرف عظمة الله وعرفها لعباده في كل مراتب التكوين ، ولمعرفة هذه العظمة راجع شرح الأسماء الحسنى من موسوعة صحف الطيبين  وبالخصوص اسم الله العظيم سبحانه وتعالى لترى عظمة خلق الله في التكوين وكيفية ظهور نوره ، وعرفت في كلام الإمام زين العابدين أنهم ضربوا خراطيم الخلق حتى قالوا لا إلا إله إلا الله وحده لا شريك له سبحانه ، ومن بقي وثبت عرف حقهم وسيأتي تمام المعنى في هذه المعرفة في تجلي نور الله السيد في التكوين في الذكر الآتي ، وهذا حديث يعرفنا هذا المعنى لسيد سيد سيد الكلام لا إله إلا الله وحقيقة في الظهور باسم الله السيد : فعن الإمام الرضا عليه السلام قال عز وجل :

إني أنا الله، لا إله إلا أنا وحـدي . عبـادي فاعبـــدوني .

 و ليعلم من لقيني منكم بشهادة : أن لا إله إلا الله , مخلصا به ، أنه قد دخل حصني ، و من دخل حصني أمن عذابي . قالوا : يا ابن رسول الله و م إخلاص الشهادة لله . قال : طاعة الله و رسوله ، و ولاية أهل بيته[5].

 وقبل : أن ندخل في معارف بـذل الله لا إله إلا هو السيد سبحانه لنعمه بأعلى نورها لنا وبالخصوص لسـادة الوجود ، فلنقصد الله السيد سبحانه بأدعية ، تعرفنا ضرورة طلب الله وقصده والتوجه له بكل أسماءه الحسنى وبالخصوص باسمه الحسن السيد وسيد السادات ، ونناديه يا سيدي مكررا ، ليهبنا الكمال التام حتى يتجلى منا نور البركة والخيرات والمعروف ، فضلا عن رفع الحاجة وسد النقص فينا وفي كل محيطنا ، ويجعله نورا واسع في الكرامة والمجد والتوفيق والإخلاص له .

 

 

 

الإشراق الثالث :

التوسل بالسيد الأعلى الله سبحانه وبمن وهبهم السيادة لنسود :

السيد الحق المطلق : وسيد السادات والذي له رئاسة الوجود وتدبيره بإشراق نوره الحق هو الله سبحانه وتعالى ، ولا سيادة لكائن مهما كان إلا بما أشرق الله سبحانه وتعالى بنوره السيد عليه ، وقد قال الله سبحانه وتعالى أدعوني استجب لكم .

 وعرفنا إن الدعاء : هو التوجه لله بخضوع نطلب به تجلي نور أسماءه الحسنى علينا ليرفع نقصنا وليهب لنا الكمال التام بما يراه صالح لنا ، ويكون دائما بأعلى مجد وشرف في الدنيا والآخرة، فنكون متقين وسادة بما تعلمنا من سادة الوجود وأخلصنا به لله السيد.

 

 

الإشعاع الأول :

السيد اسم من الأسماء الحسنى ومعنى الدعاء والتوسل به :

واسم الله الحسن السيد : يتقدم كثير من الأدعية وفقراتها ، وبه نتوسل وندعو الله ليهب لنا نوره ، وهذا ما أدبنا به الله حين عرفه لأوليائه وعرفوه لنا ، سواء ما جاء في الحديث الكريم عَنْ الإمام الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليهم السلام قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم :

إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى : تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ اسْماً .

مِائَةً إِلا وَاحِداً مَنْ أَحْصَــاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ .

وعد منها اسم الله : الســيـد[6].

برقم يتسلسل حتى يكون الثاني والأربعين .

وفي رواية أخرى : ذكرها الصدوق في كتاب التوحيد بإسناده عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي : عن الإمام علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى عن أبيه عن جعفر عن أبيه محمد عن أبيه علي عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

لله عز و جل : تسـعة و تسـعون اسـما .

مـن دعــــا الله بـهـــا اسـتـجـاب لـه .

و مـن أحـصـاهـا دخـل الـجـنـة[7] .

وحتما يكون نور اسم الله السيد : مؤثرا في الوجود بنور الكمال التام الرافع للنقص ، بل يجعل نوره يتجلى بأعلى مراتبه وأكملها على من يشاء من عباده .

وفي فقه الإمام الرضا عليه السلام قال : أن أيوب عليه السلام لما جهده البلاء قال : لأقعدن مقعد الخصم ، فأوحى الله إليه : تكلم .

 فجثى على الرماد وقال : يا رب إنك تعلم أنه ما عرض لي أمران قط ، كلاهما لك فيه رضى ، إلا اخترت أشدهما على بدني ، فنودي من غمامة بيضاء بستة آلاف لغة : فلمن الـمـن ؟ فوضع الرماد على رأسه وخر ساجدا ينادي :

 لك المن سـيـدي ومولاي ، فكشف الله ضره[8] .

نعم لله المن والإحسان والتوفيق : وكان متفضل عليه إذ وفقه للطاعة والصبر والشكر ، ولكن قال سيدي ومولاي :

 أي يا سيد تولني ، يا أيها السيد الذي له العزة والكمال وكل نعم الوجود منه فأنا أقصدك وأتوسل بك فتولني وأنزل عليَّ رحمتك ، فرفع نقصه وكشف الله ضره ، بل وآتاه أهله ومثلهم معهم أي تجلى عليه بأعلى نور .

ولذا جاء السيد في الأدعية التي ننادي بها الله سبحانه وتعالى بكثرة كقولنا :

 

 

 

الإشعاع الثاني :

السيد في الأدعية المهمة ركن الطلب من الله فيض الكمال ورفع النقص:

يا سَـيِّدَ السَّـاداتِ أو يا رَبَّنا وَسَـيِّدَنا وَمَوْلانا ، وغيرها مثل ما جاء :

ففي دعاء الجوشن الكبير: الذي فيه ألف اسم من الأسماء الحسنى بمائة فقرة جاء:

 (1) اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِإِسْمِكَ، يا أللهُ ، يا رَحْمنُ ، يا رَحِيمُ ، يا كَرِيمُ ، يا مُقِيمُ ، يا عَظِيمُ ، يا قَدِيمُ ، يا عَلِيمُ ، يا حَلِيمُ ، يا حَكِيمُ ، سُبْحانَكَ ، يا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، الغَوْثَ الغَوْثَ الغَوْثَ ، خَلِّصْنا مِنَ النّارِ، يا رَبِّ .

(2) يا سَــيِّـدَ السّـاداتِ ، يا مُجِيبَ الدَّعَواتِ ، يا رافِعَ الدَّرَجاتِ ، يا وَلِيَّ الحَسَناتِ ، ياغافِرَ الخَطِيئاتِ ، يا مُعْطِيَ المَسْأَلاتِ ، يا قابِلَ التَّوْباتِ ، يا سامِعَ الاَصْواتِ ، يا عالِمَ الخَفِيّاتِ ، يا دافِعَ البَلِيّاتِ .

ـ يا طيب : فإنه لما عرفنا في أول الأسماء الحسنى أن الله سبحانه له صفات ذاتية قديمة وحسب علمه يفيض الوجود بحلم وحكمة ، ويختبر عباده في دنيا كثيرة النعم والزينة ، ومن يتوجه له يتم نوره فيهم ، كانت المجموعة الثانية من الأسماء الحسنى التي هي ألف اسم ، تدعوه وتطلب منه أن ينورنا بكل ما نحتاجه سواء رفع نقص أو زيادة كمال فيرفع درجاتنا ويتم إحسانه الذي خصه بنا في أول الخلق فيجعله تاما عاليا مرتفع في الحُسن ، وأن يتجاوز عن غفلتنا وخطايانا ويعطينا ما نسأل ويتوب علينا بالعفو عن تقصيرنا ولا يكون ما عملنا في الخفاء فضلا عن العلن مانع من أن يسمع أصوات دعواتنا ، فنحن نتوب ونطلب الكمال فضلا عن دفع البلايا ، وهكذا بعد أن ندعوه بأسماء كثيرة حدود الخمسمائة أسم ، نرجع ونؤكد هذا المعنى في ندائه سبحانه بيا سيدنا تولانا وانصرنا , .. ونجنا .. وبإصرار الباكين والمتوسلين به .. ـ

(53) اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ، يا رَبَّنا، يا إِلهَنا، يا سَــيِّـدِنا ، يا مَوْلانا ، يا ناصِرَنا ، يا حافِظَنا ، يا دَلِيلَنا ، يا مُعِينَنا ، يا حَبِيبَنا ، يا طَبِيبَنا .

(87) يا حَبِيبَ الباكِينَ ، يا سَـيِّـدَ المُتَوَكِّلِينَ ، يا هادِيَ المُضِلِّينَ ، يا وَلِيَّ المُؤْمِنِينَ، يا أَنِيسَ الذَّاكِرِينَ، يا مَفْزَعَ المَلْهُوفِينَ، يا مُنْجِيَ الصَّادِقِينَ، يا أَقْدَرَ القادِرِينَ، يا أَعْلَمَ العالِمِينَ، يا إِلهَ الخَلْقِ أَجْمَعِينَ.

 

وفي دعاء الجوشن الصغير : وأغلب مقاطعه تبدأ باسم الله الحسن السيد :

 فَهَبْ لِي يا إِلهِي وَسيدي : مِنْ فَضْلِكَ ما اُرِيدُهُ إِلى رَحْمَتِكَ ، وَأَتَّخِذُهُ سُلَّماً أَعْرُجُ فِيهِ إِلى مَرْضاتِكَ ، وَآمَنُ بِهِ مِنْ سَخَطِكَ، بِعِزَّتِكَ وَطَوْلِكَ وَبِحَقِّ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَلَكَ الحَمْدُ يارَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لايُغْلَبُ، وَذِي أَناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنِي لِنَعْمائِكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ، وَلالائِكَ مِنَ الذَّاكِرِينَ .

إِلهِي وَسيدي وَكَم مِنْ عَبْدٍ أَمْسى وَأَصْبَحَ : مَغْلُولاً مُكَبَّلاً فِي الحَدِيدِ بَأَيْدِي العُداةِ لا يَرْحَمُونَهُ، فَقِيداً مِنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ مُنْقَطِعاً عَنْ اخْوانِهِ وَبَلَدِهِ يَتَوَقَّعُ كُلَّ ساعَةٍ بِأَيِّ قَتْلَةٍ يُقْتَلُ وَبِأَيِّ مُثْلَةٍ يُمَثَّلُ بِهِ، وَأَنا فِي عافِيَةٍ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ، فَلَكَ الحَمْدُ يارَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ، وَذِي أَناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنِي لِنَعْمائِكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ، وَلآلآئِكَ مِنَ الذَّاكِرِينَ .

إِلهِي وَكَم مِنْ عَبْدٍ أَمْسى وَأَصْبَحَ ..

وكثير من الفقرات تبدأ بهذه الفقرة أو تقاربها . كما أنه ختم بذكر المنعم عليهم بأعلى النعم ، وبهذا نقر بأنه نوره سبحانه نزل على عباد مكرمين بأعلى تجلي فليجعلنا منهم وعلى صراطهم المستقيم واسلك بنا لنفس النعيم الذي خصصتهم به ولا تجعلنا من المغضوب عليهم  ولا الضالين الذين عاقبتهم أو ابتليتهم في الدنيا قبل الآخرة .

 

وهذه فقرات أدعية فيها اسم الله السيد سبحانه وتعالى ندعو ونتبرك بها:

يا سيد السادات : مولى الموالى ، إليك مصير كل شيء ، فانظر ألي بعين عفوك .

يا سيد : أنت سيدي وعمادي ومعتمدي، وذخري وذخيرتي وكهفي، فلا تخذلني[9].

اللهم : من تهيأ أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده ونوافله وجائزته وفواضله .

 فإليك يا سيدي : تهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك ونوافلك وجائزتك ، فلا تخيب اليوم رجائي[10] ..

اللهم : إليك نصبت يدي ، وفيما عندك عظمت رغبتي .

فاقبل يا سيدي : توبتي ، وارحم ضعفي ، واغفر لي ، وارحمني ، واجعل لي في كل خير نصيبا ، وإلى كل خير سبيلا [11]...

وفي دعاء الصباح :

وَتَبَّا لَها لِجُرأَتِها عَلى سَـيِّـدِه وَمَوْلاها ....

فإِنَّكَ سيدي وَمَوْلاي وَمُعْتَمَدِي وَرَجائِي، وَأَنْتَ غايَةُ مَطْلُوبِي وَمُنايَ ..

 

وفي دُعاء كميل بن زياد رحمه الله وَهُوَ من الأدعية المعروفة ومنه :

يا سيدي فَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ لا يَحْجُبَ عَنْكَ دُعائِي سُوءُ عَمَلِي وَفِعالي .

يا إِلهِي وَسيدي وَرَبِّي، أَتُراكَ مُعَذِّبِي بِنارِكَ بَعْدَ تَوْحِيدِكَ وَبَعْدَما انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبِي مِنْ مَعْرِفَتِكَ ، وَلَهِجَ بِهِ لِسانِي مِنْ ذِكْرِكَ ، وَاعْتَقَدَهُ ضَمِيرِي مِنْ حُبِّكَ .

 يا سيدي وَإِلهِي وَمَوْلايَ ! أَتُسَلِّطُ النّارَ عَلى وُجُوهٍ خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ ساجِدَةً .

يا سيدي فَكَيْفَ لِي وَأَنا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ الحقيرُ المِسْكِينُ المُسْتَكِينُ ..

يا إِلهِي وَرَبِّي وَسيدي وَمَوْلايَ لايِّ الاُمُورِ إِلَيْكَ أَشْكُو، وَلِما مِنها أَضِجُّ وَأَبْكِي.

فَهَبْنِي ياإِلهِي وَسيدي وَمَوْلايَ وَرَبِّي ، صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلى فِراقِكَ ؟ وَهَبْنِي صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إِلى كَرامَتِكَ ؟  أَمْ كَيْفَ أَسْكُنُ فِي النّارِ وَرَجائِي عَفْوُكَ  ؟!.

 فَبِعِزَّتِكَ يا سيدي وَمَوْلايَ اُقْسِمُ صادِق ، لَئِنْ تَرَكْتَنِي ناطِقاً لاَضِجَّنَّ إِلَيْكَ بَيْنَ أَهْلِها ضَجِيجَ الامِلِينَ ، وَلاَصْرُخَنَّ إِلَيْكَ صُراخَ المُسْتَصْرِخِينَ ...

إِلهِي وَسيدي  فَأَسأَلُكَ بِالقُدْرَةِ الَّتِي قَدَّرْتَها، وَبِالقَضِيَّةِ الَّتِي حَتَمْتَها وَحَكَمْتَها، وَغَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ أَجْرَيْتَها، أَنْ تَهَبَ لِي فِي هذِهِ اللّيْلَةِ وَفِي هذِهِ السَّاعَةِ، كُلَّ جُرْمٍ أَجْرَمْتُهُ، وَكُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ قَبِيحٍ أَسْرَرْتُهُ، وَكُلَّ جَهْلٍ عَمِلْتُهُ، كَتَمْتُهُ أَوْ أَعَلَنْتُهُ.

 يا إِلهِي وَسيدي وَمَوْلايَ وَمالِكَ رِقِّي، يا مَنْ بِيَدِهِ ناصِيَتِي ..

يا سيدي يا مَنْ عَلَيْهِ مُعَوَّلِي ، يا مَنْ إِلَيْهِ شَكَوْتُ أَحْوالِي ، يارَبِّ يارَبِّ يارَبِّ ، قَوِّ عَلى خَدْمَتِكَ جَوارِحِي وَاشْدُدْ عَلى العَزِيمَةِ جَوانِحِي ، وَهَبْ لِيَ الجِدَّ فِي خَشْيَتِكَ ، و الدوام في الاتصال بخدمتك .

حتى أسرح إليك : في ميادين السابقين ، و أسرع إليك في المبادرين‏ ، و أشتاق إلى قربك في المشتاقين ، و أدنو منك دنو المخلصين ، و أخافك مخافة المؤمنين الموقنين‏ ، و اجتمع في جوارك مع المؤمنين ، اللهم و من أرادني بسوء فأرده ، و من كادني فكده ، و اجعلني من أحسن عبادك نصيبا عندك ، و أقربهم منزلة منك ، و أخصهم زلفة لديك ، فإنه لا ينال ذلك إلا بفضلك ...

يا ســابغ النعم ، يا دافع النقم ، يا نور المستوحشين في الظلم ، يا عالما لا يعلم ، صل على محمد و آل محمد ، و افعل بي ما أنت أهله ، و صلى الله على محمد و الأئمة الميامين من آله و سلم تسليما .
أي إنهم سادة الوجود فاجعلني منهم بكل نعمه وأدفع عني كل نقمة .

فترى يا طيب : في أغلبها نطلب رفع الحاجة والنصر والكمال ، مقدمين كلمة يا سيدي ، وتكون مرافقه لـ يا الهي أو مولاي ، وهي أنه نتوجه لك متولهين عارفين بعظمتك ومجدك وكرمك ، وأن نور الوجود يفيض من جودك فتولنا وهب لنا أوسعه وأتمه ، وهو منك وحدك لأنك السيد المقصود ، ولا سيد غيرك نقصده ونطلب منه .

 

 

 

الإشعاع الثالث :

نطلب ونقر لله السيد بالأدعية تجليه لسادة الوجود ليجعلنا مثلهم :

ويا طيب : كما أن أغلب الأدعية إن لم نقل كلها تختم أو تكثر من فقرة وصل على سيدنا محمد وآله ، وبعبارات متنوعة لتعرف أن أفضل كمال تجلى من كل الأسماء الحسنى التي يدعى بها الله تحقق في نبينا وآله وبأعلاه حتى جعلهم سادة الوجود وسيدنا وسادتنا ، فنذكرهم مقرين بفضلهم وسائرين على منهجهم فارزقنا مثلهم من أعلى الكمال وأتمه وأفضله وأحسنه ومنك وحدك .

 وهذا التعليم : هو نفسه تعاليم كتاب الله في سورة الفاتحة وشارحا لها ، حيث نمجد الله بالأسماء الحسنى ، ثم نطلب منه أن يسلك بنا الصراط المستقيم للمنعم عليهم بهداه والإخلاص له بما يحب ويرضى ، وهم نبينا الأكرم وآله الطيبين الطاهرين لا غيرهم المبعدين والضالين عن هداهم ، والمتحققين بغضب الله والعياذ بالله منهم .

 ولذا الأدعية في الغالب كما تقدم اسم الله السيد : تراها تقدم أو تختم بالصلاة على نبينا وآله وتطلب من الله أن يصلي عليهم ويوصلهم برحمته ، وينزل علينا مثلها لأنا مقرين بفضلهم ونريد منه مثل كرامتهم ، فإن في دعاء المجير بعد أن ندعو الله بكثير من الأسماء الحسنى نختم بالصلاة على النبي وآله كما في قولنا فيه :

 سُبْحانَكَ يا سيدي ، تَعالَيْتَ يا مَوْلايَ ، أَجِرْنا مِنَ النّارِ يا مُجِيرُ .

 سُبْحانَكَ يا سَــيِّدُ ، تَعالَيْتَ يا صَمَدُ ، أَجِرْنا مِنَ النّارِ يا مُجِيرُ .

وَصَلّى الله عَلى سَــيِّدِنا محمد وآله أَجْمَعِينَ ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ، وَحَسْبُنا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ .

وكذلك في أخر دعاء المشلول :

وَأَنا أَسْأَلُكَ يا إِلهِي ، وَأَدْعُوكَ يا رَبِّ ، وَأَرْجُوكَ يا ســيـدي ، وَأَطْمَعُ فِي إِجابَتِي يا مَوْلايَ كَما وَعَدْتَنِي ، وَقَدْ دَعَوْتُكَ كَما أَمَرْتَنِي ، فَافْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ يا كَرِيمُ ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ وَصَلّى الله عَلى محمد وآله أَجْمَعِينَ .

وإن دعاء أبو حمزة الثمالي : يكثر به النداء لله بالاسم الحسن سيد ونسبته لنا لنكون متحققين به ، فنقول : سيدي أو يا سيد على نحو النداء والطلب ، هو دعاء في ليالي شهر رمضان عند السحر والخلوة مع الرب المحبوب ، والشعور بالأنس والقرب من السيد والمولى العلي العظيم الرحيم الكريم ، وبحقيقة العبودية والمسكنة والفقر والحاجة ، فنطلب منه أن يرفع عنا نقص الذنوب والجهل والحاجة لكل شيء ، ويجملنا بالكمال والغنى بالعلم والمال والعبودية ، حتى نكون سادة بفضل نوره الكريم الذي جعله في أكرم خلقه ، وهذه فقرات منه :

أَدْعُوكَ يا سيدي : بِلِسانٍ قَدْ أَخْرَسَهُ ذَنْبُهُ ، رَبِّ أُناجِيكَ بِقَلْبٍ قَدْ أَوْبَقَهُ جُرْمُهُ ، أَدْعُوكَ يا رَبِّ راهِباً راغِباً راجِياً خائِفاً ، إِذا رَأَيْتُ مَوْلايَ ذُنُوبِي فَزِعْتُ ، وَإِذا رَأَيْتُ كَرَمَكَ طَمَعْتُ ، فَإِنْ عَفَوْتَ فَخَيْرُ راحِمٍ ، وَإِنْ عَذَّبْتَ فَغَيْرُ ظالِمٍ ، حُجَّتِي يا الله فِي جُرْأَتِي عَلى مُسأَلَتِكَ مَعَ إِتْيانِي ما تَكْرَهُ جُودِكَ وَكَرَمُكَ ، وعُدَّتِي فِي شِدَّتِي مَعَ قِلَّةِ حَيائِي رَأَفَتُكَ وَرَحْمَتُكَ ، وَقَدْ رَجَوْتُ أَنْ لا تَخِيبَ بَيْنَ ذَيْنِ وذَيْنِ مُنْيَتِي ، فَحَقِّقْ رَجائِي وَاسْمَعْ دُعائِي يا خَيْرَ مَنْ دَعاهُ داعٍ وَأَفْضَلَ مَنْ رَجاهُ راجٍ ....

عَظُمَ يا سيدي أَمَلِي وَساءَ عَمَلِي ، فَأَعْطِنِي مِنْ عَفْوِكَ بِمِقْدارِ أَمَلِي ، وَلا تُؤاَخِذَْنِي بِأَسْوَءِ عَمَلِي ، فَإِنَّ كَرَمَكَ يَجِلُّ عَنْ مُجازاةِ المُذْنِبِينَ وَحِلْمَكَ يَكْبُرُ عَنْ مُكافأَةِ المُقَصِّرِينَ .

 وَأَنا يا سيدي عَائِذٌ بِفَضْلِكَ هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ ، مُتَنَجِّزٌ ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ بِكَ ظَنّا وَما أَنا يارَبِّ وَما خَطَرِي ، هَبْنِي بَفَضْلِكَ وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ.

وَما أَنا يا سيدي وَما خَطَرِي ؟

هَبْنِي بِفَضْلِكَ سيدي : وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ ، وَجَلِّلْنِي بِسَتْرِكَ ، وَاعْفُ عَنْ تَوْبِيخِي بِكَرَمِ وَجْهِكَ .

سيدي : أَنا الصَّغِيرُ الَّذِي رَبَيْتَهُ ، وَأَنا الجاهِلُ الَّذِي عَلَّمْتُهُ ، وَأَنا الضَّالُّ الَّذِي هَدَيْتَهُ ، وَأَنا الوَضِيعُ الَّذِي رَفَعْتَهُ ، وَأَنا الخائِفُ الَّذِي آمَنْتُهُ ، وَالجائِعُ الَّذِي أَشْبَعْتَهُ ، وَالعَطْشانُ الَّذِي أَرْوَيْتَهُ ، وَالعارِي الَّذِي كَسَوْتَهُ ، وَالفَقِيرُ الَّذِي أَغنَيْتَهُ ، وَالضَّعِيفُ الَّذِي قَوَّيْتَهُ ، وَالذَّلِيلُ الَّذِي أَعْزَزْتَهُ ، وَالسَّقِيمُ الَّذِي شَفَيْتَهُ ، وَالسَّائِلُ الَّذِي أَعْطّيْتَهُ ، وَالمُذْنِبُ الَّذِي سَتَرْتَهُ .

سيدي مَنْ لِي : وَمَنْ يَرْحَمُنِي إِنْ لَمْ تَرْحَمْنِي ، وَفَضْلَ مَنْ اُؤَمِّلُ إِنْ عَدِمْتُ فَضْلَكَ يَوْمَ فاقَتِي ، وَإِلى مَنْ الفِرارُ مِنَ الذُّنُوبِ إِذا انْقَضى أَجَلِي .

سيدي : لا تُعَذِّبْنِي وَأَنا أَرْجُوكَ ، إِلهِي حَقِّقْ رَجائِي ، وَآمِنْ خَوْفِي ، فَإِنَّ كَثْرَةَ ذُنُوبِي لا أَرْجُو فِيها إِلاً عَفْوَكَ .

سيدي: أَنا أَسْأَلُكَ ما لا اسْتَحِقُّ وَأَنْتَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ .

وَصَلَّى الله عَلى سَــيِّدِنا مُحَمَّدٍ خاتِمِ النَّبِيِّينَ وَعِتْرَتِهِ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِير .

فإن معرفة تجلي نور الله : بحقائق الكمال في الوجود على الموجودات بما يهبها من الكمال والمجد والشرف والسؤدد ، يكون بسيد الأسماء بل تجلي الله السيد الظاهر بأعلى نوره ، وهو الحقيقة التي تجعل الشيء وبالخصوص الإنسان الكامل سيدا لبني نوعه بل لكل شيء مخلوق بفضل الله السيد سبحانه وتعالى، ولذا كان من جملة الأدعية دعاء التوسل بالله من خلال تقديم سادة الوجود والإقرار لهم بالإمامة والولاية والسيادة والسؤدد والمجد والشرف والكمال التام ، فنطلب منه أن نلتحق بهم ونكون منهم في كل ما فضلهم الله به من نعمه وإحسانه وهداه والقوة على إقامة عبوديته والإخلاص له .

اللّهُمَّ إنِّي أسْأَلُكَ وَأتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ ، يا أبا القاسِم يا رَسُولَ الله يا إمامَ الرَّحْمَةِ يا سَــيِّـدَنا وَمَوْلانا إنَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ إِلى اللهِ ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَيْ حاجاتِنا، يا وَجِيهاً عِنْدَ الله إشْفَعْ لَنا عِنْدَ اللهِ .

 يا أَبا الحَسَنِ يا أَميرَ المُؤْمِنِينَ يا عَليّ بْنَ أَبِي طالِبٍ يا حُجَّةَ الله عَلى خَلْقِهِ
يا سَــيِّـدَنا وَمَوْلاَنا إنَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ إِلى اللهِ ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَيْ حاجاتِنا، يا وَجِيهاً عِنْدَ الله إشْفَعْ لَنا عِنْدَ اللهِ . .. وهكذا نعد كل الأئمة ثم نرفق كلمة بـ يا سيدنا ومولانا إنا ..... إلى أخر الفقرات الذاكرة لكل المعصومين .

وهكذا في كثير من الأدعية : ندعو الله ونتوسل إليه باسمه السيد كما في دعاء العديلة ودعاء يستشير ودعاء مشلول ودعاء أبو حمزة الثمالي الذي يكثر فيه النداء لله والطلب منه بالاسم الحسن سيدي ويا سيد، والذي يشعر العبد أنه أمام مولاه وسيده الذي بيده كل شيء وأنه حقا هو أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد .

 

 

الإشعاع الرابع :

ندعو الله السيد بأغلب أدعية تعقيب الصلاة وبالصلاة على سادة خلقه :

ويا طيب : كذلك في أدعية الصلاة وتعقيبها ، نطلب من الله سبحانه ونناديه باسمه الحسن السيد وغيره ليتفضل علينا ، وبعد أن نقر له بالعبودية ، وإنا مطيعون لمن وهبه هداه ونقتدي بهم ونتصل بهم فنصلي عليهم ، حتى يجعلنا في كل خير جعلهم فيه ونعيم حقيقي حققهم به كما جاء في الحديث :

عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

 أقرب ما يكون العبد من ربه إذا دعا ربه وهو ساجد .

فأي شيء تقول إذا سجدت ؟

  قلت : علمني جعلت فداك ما أقول ؟

قال قل : يا رب الأرباب ، ويا ملك الملوك .

 ويا ســيـد السـادات ، ويا جبار الجبابرة ، ويا إله الآلهة .

 صل على محمد وآل محمد ، وافعل بي كذا وكذا . ثم قل فإني عبدك ناصيتي بيدك  ثم ادع بما شئت وسله فإنه جاد ولا يتعاظمه شيء [12].

وعن على بن عيسى ، عن عمه عليه السلام ، قال :

قلت له : علمني دعاء أدعو به لوجع أصابني ؟ قال : قل وأنت ساجد :

 يا الله يا رحمن يا رب الأرباب ، وإله الآلهة ، ويا مالك الملك .

 ويا ســيـد السـادات ، اشفني بشفائك من كل داء وسقم .

 فإني عبدك انقلب في قبضتك [13].

 

وجاء في دعاء طويل بعد صلاة جعفر الطيار رحمه الله منه :

 أشهد يا سيدي ! أنك لم تأنس بإبداعهم لأجل وحشة لتفردك ، ولم تستعن بغيرك على شيء من أمرك ، أسألك بغناك عن خلقك وبحاجتهم إليك وفقرهم وفاقتهم إليك ، أن تصلي على خيرتك من خلقك محمد وأهل بيته الطيبين الأئمة الراشدين ، وأن تجعل لعبدك الذليل بين يديك من أمره فرجا ومخرجا .

يا سيدي : صل على محمد وآله ، وارزقني الخوف منك والخشية أيام حياتي .

 سيدي : ارحم عبدك الأسير بين يديك .

يا سيدي : ارحم عبدك المرتهن بعمله .

يا سيدي : أنقذ عبدك الغريق في بحر الخطايا .

يا سيدي : ارحم عبدك المقر بذنبه وجرأته عليك .

يا سيدي : الويل قد حل بي إن لم ترحمني .

يا سيدي: هذا مقام المستجير بعفوك من عقوبتك هذا مقام المسكين المستكين، هذا مقام الفقير البائس الحقير المحتاج إلى ملك كريم، يا ويلتي ما أغفلني عن ما يراد بي.

يا سيدي : هذا مقام المذنب المستجير بعفوك من عقوبتك، هذا مقام من انقطعت حيلته وخاب رجاؤه إلا منك ، هذا مقام العاني الأسير، هذا مقام الطريد الشريد .

يا سيدي : أقلني عثرتي يا مقيل العثرات .

يا سيدي : أعطني سؤلي .

يا سيدي: ارحم بدني الضعيف وجلدي الرقيق الذي لا قوة له على حر النار.

يا سيدي : ارحمني فإني عبدك ابن عبدك ابن أمتك بين يديك وفي قبضتك لا طاقة لي بالخروج من سلطانك .

سيدي : وكيف لي بالنجاة ولا تصاب إلا لديك وكيف لي بالرحمة ولا تصاب إلا من عندك ، يا إله الأنبياء وولي الأتقياء ، وبديع مزيد الكرامة ، إليك قصدت وبك أنزلت حاجتي ، وإليك شكوت إسرافي على نفسي وبك استغثت ، فأغثني وأنقذني برحمتك مما اجترأت عليك .

يا سيدي: يا ويلتي أين أهرب ممن الخلائق كلهم في قبضته والنواصي كلها بيده.

يا سيدي: منك هربت إليك ووقفت بين يديك متضرعا إليك راجيا لما لديك.

يا إلهي وسيدي : حاجتي حاجتي التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني ، وإن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني ، أسألك فكاك رقبتي من النار .

سيدي : قد علمت وأيقنت أنك إله الخلق والملك الحق الذي لا سمي له ولا شريك له .

 يا سيدي أنا عبدك مقر لك بوحدانيتك وبوجود ربوبيتك ، أنت الذي خلقت خلقك بلا مثال ولا تعب ولا نصب ، أنت المعبود وباطل كل معبود غيرك .

 أسألك باسمك الذي تحشر به الموتى إلى المحشر ، يا من لا يقدر على ذلك أحد غيره .

 أسألك باسمك الذي تحيي به العظام وهي رميم ، أن تغفر لي وترحمني وتعافيني وتعطيني وتكفيني ما أهمني ، أشهد أنه لا يقدر على ذلك أحد غيرك .

 يا من : إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون .

يا من : أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا .

أسألك : أن تصلي على محمد عبدك ورسولك ونبيك وخاصتك وخالصتك وصفيك ، وخيرتك من خلقك ، وأمينك على وحيك ، وموضع سرك ، ورسولك الذي أرسلته إلى عبادك وجعلته رحمة للعالمين .

ونورا استضاء به المؤمنون ، فبشر بالجزيل من ثوابك وأنذر بالأليم من عقابك .

 اللهم : فصل عليه بكل فضيلة من فضائله ، وبكل منقبة من مناقبه ، وبكل حال من حالاته ، وبكل موقف من مواقفه .

 صلاة تكرم بها وجهه وتعطيه بها الدرجة والوسيلة والرفعة والفضيلة [14].

ندعوه : ونناديه يا سيدي ونختم بالصلاة على خير خلقه وسادتهم ، لأنه تحقق أعلى تجلي لنور الأسماء الحسنى فيهم ، فنقر له بنزول نور رحمته وأعلى كمال منه على خير خلقه ، فنطلب منه أن يصلح حالنا معه ، ويجعلنا مستعدين لنيل رحمته والكمال منه ، بل ليحلينا ويجعله يتجلى منا كما تجلى منهم صلى الله عليهم وسلم .

و كان الإمام الكاظم عليه السلام : يدعو عقيب الفريضة فيقول :

ثم قل : رضيت بالله ربا ، و بالإسلام دينا ، و بمحمد صلى الله عليه و آله نبيا .

و بعلي إماما ، و بالحسن و الحسين ، و علي و محمد ، و جعفر و موسى ، و علي و محمد ، و علي و الحسن ، و محمد الخلف الصالح عليهم السلام .

 أئمة ، و ســـادة ، و قادة ، بهم أتولى ، و من أعدائهم أتبرأ [15].

ويا طيب : إذ عرفنا إن تجلي نور الله السيد في التكوين يكون بأعلى نعم نور الأسماء الحسنى لكل شيء ، وبه يتم رفع الحوائج بل ويحصل الكمال التام لنا ، بل يفيض منا خير وبركة وصلاح ، ولذا دعوناه وندعوه باسمه الكريم السيد .

 وعرفنا : أن حقيقة اسم الله السيد سبحانه ، قد تجلى بأعلى نور السيادة لنبينا وآله الكرام، حتى كان لهم السؤدد والمجد والسيادة بأعظم معاني كلمة سيد الواسع نور شرفها والشامل كرم مجدها ، فكان معناها الإمامة والولاية والقيادة .

نعرف في الحقيقة : أن من يسير على هدى سادة الوجود ينال السيادة من الله السيد سبحانه حسب شأنه وطلبه بحاله ومقاله ، وبمقدار توجهه لله السيد سبحانه بعد أن يتعلم من سادة التكوين عبوديته والإخلاص له ، يكون قد تحقق بنور الكرامة والمجد معهم في الدنيا بدينه وهداه والإخلاص له ، ويكون مع سادة الوجود وسادة المتقين والأوصياء في الجنة ، وحتى لتخاطبه الحور العين سيدنا وهو لقب المؤمن في الجنة .

ويا طيب : بعد أن عرفنا حقيقة اسم الله السيد الذي له أعلى نور فوق حد التصور والرؤية ، وأنه عين حقيقة معنى الرب والمالك والصمد ، بل فيض نور الأسماء الحسنى بأعلى كمال في الوجود ، وأنه يفيض أعلى الكمال للعبد المتوجه له وطالب الخيرات والبركات منه فضلا عن رفع النقص والحاجة ،  فيجعلها تفيض منه بأعلى نور الأعمال الصالحة ، بعد أن تتنور ذاته وتحسن أخلاقه وصفاته وتعلى أعماله في بذل المكارم فضلا عن تحصيلها .

حان الآن : أن نتعرف بآيات وروايات حقائق تجلي نعم الله السيد على العباد كلهم ونعرف بره وبذله لهدى وصلاح وحُسن كل شيء خلقه بل جعل لنا نعم لا تحصى ، وأهم نعمه لنا هدايتنا بسادة الوجود المنعم عليهم بهداه لأنهم أول من قال لا إله إلا الله فأخلصوا له الدين بكل يقين ، وفي كل مراتب الوجود كان لهم أعلى نعيم.



[1]الكافي ج1ص95باب في إبطال الرؤية ح1 .

[2]معاني ‏الأخبار ص6باب معنى الصمد .

[3]الكافي ج1ص123باب تأويل الصمد ح1 .

[4]التبيان في تفسير القرآن ج‏1ص32 .

[5]الأمالي ‏للطوسي ص588م25ح 1220-9 . أعلام ‏الدين ص214 .

[6]  بحار الأنوار ج4ص186ح1 ، ومستدرك ‏الوسائل ج5ص264ب57ح5834ـ1 . الخصال ب90ص593ح4 ، التوحيد 195ب29ح9 .

[7]التوحيد ص : 195 ح9 . وعنه في بحار الأنوار ج : 4 ص : 187خ2 .

[8]فقه الرضا لعلي بن بابويه  ص 372 .

[9]إقبال الأعمال ج 2ص 367 .

[10]الهداية ص 253 .

[11]المقنعة ص 181 .

[12] وسائل الشيعة ج6ص340ح8126 ـ3 . الكافي ج3ص323ح7.   

[13]مستدرك الوسائل الميرزا النوري ج4ص464 ح5171 / 6 . الكافي ج2ص566ح11.

[14]مصباح المتهجد الشيخ الطوسي  ص 307 .

[15]البلد الأمين ص13 .

 

 

   

أخوكم في الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.alanbare.com

يا طيب إلى أعلى مقام كرمنا بنوره رب الإسلام بحق نبينا وآله عليهم الصلاة والسلام


يا طيب إلى فهرس صحيفة سادة الوجود رزقنا واهب السيادة نعيم هداه بأحسن جود