بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
موسوعة صحف الطيبين  في      أصول الدين وسيرة المعصومين
صحف الظهور والتجلي  /  صحيفة  سادة الوجود / الجزء الثاني / القسم الأول

تجلي نور الله السيد في سيد الآيات

آية الكرسي

بيان فضائلها وملاك سيادتها وعظمتها وشأنها الكريم
وظهور آثارها وفوائدها في أدوار حياتنا
مصباح الهدى / النور الثالث :

فضل قراءة آية الكرسي في أيام الله والمناسبات المهمة

تذكرة : في معارف آية الكرسي والمناسبات الإسلامية :

يا طيب : آية الكرسي سيد آي كتاب الله ، وفي كل تدبر في المستحبات لأعمال الأيام والأشهر ، سواء من صلوات النوافل أو في الأدعية العامة أو الخاصة لحالات معينة كما سيأتي أو في آداب النوم وغيرها ، ترى آية الكرسي تتصدر الأعمال وتدخل في أغلبها سواء نصا أو قسم من فقراتها وفي كلماتها، وبعد أن عرفنا دخولها في الصلاة اليومية ، الآن ندخل في معرفة ثواب تلاوة آية الكرسي في الصلاة التي تكرر في كل شهر مرة أو تعمل في كل شهر ، أو كما يقال تعمل في السنة مرة حتى لو كان دعاء.

وبهذا التفصيل : نتعرف أكثر على الشأن العظيم لآية الكرسي ولفضل تلاوتها وجزيل ثوابها فنتيقن سيادتها ونصر على المواظبة على تلاوتها لكل أمر مهم في حياتنا ، ونسأل الله بعدها أن يهب لنا ما نرجوه منه ، بل لمجرد الطاعة والعبادة وحب القرب من الله تعالى يستحب تلاوتها بل يحسن تكرار تلاوتها .

ويا طيب : سنرى هنا في تلاوتها للأشهر أمرا كريما آخرا ، هو أنها تقرأ في أكرم الأشهر وفي الأعياد ، وفي أيام الله المهمة التي خُص بها عبادة معينة نتقرب بها لله، سواء أيام الصيام ، أو أيام الحج ، أو الأيام المهمة التي حدث فيها حوادث إسلامية مهمة كيوم الغدير ويوم المباهلة والتصدق بالخاتم ، أو في سبعة وعشرين من رجب يوم المبعث ، أو في يوم النصف من شعبان ، والأيام المهمة في تأريخ الدنيا ، والتي حب الله تعالى أن يتقرب له بها ، وخصها بمكارم نزول الرحمة فيها ، فنرى آية الكرسي تتصدر أعمالها ويستحب تكرارها وتلاوتها في نوافلها وما يتقرب له به فيها ، وبهذه المعرفة يا طيب تتضح بكل يقين سيادتها وأهميتها وعظمتها بالنسبة لتشريع الله و معارفه .

ويا طيب : إن من له أنس بمعارف الدين وسعة كرامة الله سبحانه وتعالى لأوليائه ، يرى إن إقامة أعمال بسيطة من تشريع الله سبحانه ، وإتيان آداب من الدين قليلة ، والعمل بأخلاق فاضلة يسيرة ، بل تعلم شيء من هدى الله ولو في المستحبات والإيمان به ، له أجر عظيم وثواب جزيل ، يفوق حد التصور ، ويسمو على الأجر الدنيوي وآثاره فيها ، فيصعد لمقام العرش ويخزن في خزائن الرحمة والبركة وينمو حتى يوافيه .

وإن ما تراه من الثواب الجزيل : لما عرفت من النوافل وما سترى ، وبالخصوص لأيام الله الآتية ، لهو أعلى الثواب وأكثره وأفضله لأهم الأعمال الدينية ، وإن آية الكرسي ركن فيه ، مما يعرفنا شرفها وآثارها العظيمة في جلب رحمة لله لنا دنيا وآخرة .

 وذلك لأن المؤمن : يتوجه لرب عظيم يهب لمن يشاء ما يشاء بدون أن ينقص في ملكه ، بل له الملك والأمر في الأول والآخر ، وإن مقام الكرسي يسع السماوات والأرض ، وسترى عظمته ، بل سترى أن العرش يفوقه بالسعة فوق حد التصور ، فيهب للعامل بالنوافل من الأجر والثواب من المدن والقباب والبساتين والأنهار لمن بعمل عمل يتم في دقائق ، لهو هين عند الله ، وليس يحسب شيء أمام عظمة الله سبحانه ، وهو بيان عظمة الله وسعة ملكه ، ولكرامة المؤمن المعتقد بهدى الله عند الله العلي العظيم .

وإن العبد المخلص لله الدين : قد يتلفظ بكلمات التوبة والاستغفار صادقا ، فيخرج من جحيم النار إلى رضا الرب الرحمان الرحيم الغفار ، ويدخل جنته ، لأنه عرفت في أول النور السابق من شروط الإيمان وقبول الأعمال هو التخلي المادي والمعنوي الروحي من كل الخبائث حتى يحصل محل لتحلي النفس بالفضائل وثواب الله ، ويحصل له استعداد تام لتقبل نور الله سبحانه .

فإنه يا طيب : شرط التوبة هو الإيمان والعمل الصالح والتحقق بكل هدى الله سبحانه مخلصين له الدين ، وهو التحقق بولاية الله والدخول بها بعد التوبة وكما جاء في قوله سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82) }طه.

فإنه من تاب أي تخلى عن كل عمل خبيث ، وظلم وطغيان وغي ، وأرجع الحقوق إلى أهلها وأصلح ما كان سبب بفساده ، كما عرفت في آيتين بعد آية السخرة :{ إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ  الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ

أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55)  وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} الأعراف .

فإن من يكون معتدي لا يحبه الله : وليس له محل لتحقق فضائل الله وتجلي نوره فيه ما دام لم يخرج من الاعتداء للعمل الصالح وفق هدى الله ، ويكون محسن فتكون رحمة الله قريبة منهم ، بل يتحقق بها حين الشروع بالعمل الصالح وفق هدى الله ، وإن آية السخرة هي حكاية أخرى بأسلوب آخر لآية الكرسي كما عرفت نصها وهو :

{ اللّهُ لا إله إلا هو الحي القيوم لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌلَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ  مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ  يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء  وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)  لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ  الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ  عَلِيمٌ (256) الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ   وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ  إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)} البقرة .

 ثم يؤمن بكل تعاليم الله ويعمل الصالحات وفق سبيل الهدى .

وإن إقامة هذه الأعمال : الكريمة وفيها تلاوة أعلى معارف هدى الله والإقرار له بالعظمة ، ومعرفة أن يجب التحقق بالرشد وحب أولياء النعيم والاقتداء بهم والسير على صراطهم المستقيم  ، واجتناب الغي والظلم والطغيان  ورفض وعدم حب أولياء الطاغوت ، لهو توبة لمن يصدق في تلاوتها وطلب التحقق بنورها ، وبهذا نتحقق بهذه الأعمال الكريمة التي تراها في هذه الإشراقات وما مر من جزيل ثواب الله للمخلص بها .

 


 

 

الإشراق الأول :

استحباب قراءة آية الكرسي في كل أيام رجب وشعبان وشهر رمضان :

 

يا طيب : عرفت أنه يستحب بصورة عامة قراءة آية الكرسي في صلاة نوافل كل يوم ، ولم تخصص بشهر معين ، وهنا تأكيد خاص في رواية تعم كل أيام الأشهر الثلاثة المباركة رجب وشعبان وشهر رمضان ، وهذا حديث ذكر أنه يستحب تلاوة آية الكرسي في كل يوم من الأشهر الثلاثة ، وهذا يبين أهميتها وفضلها ويعرف إشراق نور من ملاك سيادتها وعظمة ما فيها من الآثار التي خصه الله بها ، فتنور من يقرئها في هذه الأيام المباركة للأشهر الشريفة ، شهر أمير المؤمنين رجب ، وشهر النبي الأكرم شعبان ، وشهر الله رمضان ، وهو تحقق من يتلوها بنورها علمي وعملي وداخل في عمق الزمان .

فتعرف ما تهدي له : تلاوة آية الكرسي في النوافل في أشهر خصها الله بأهل ولايته ، وما خصهم بها واستحباب تلاوة آية الكرسي فيها ، إلا لتقارنهم في السيادة وتعريف الهدى والولاية لدين الله ، و تجلي نورهم في الوجود لمن يؤمن بفضلهم المقترن :

في أَعْلَامُ الدِّينِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم

: مَنْ قَرَأَ فِي رَجَبٍ وَ شَعْبَانَ وَ شَهْرِ رَمَضَانَ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ :

فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ، وَ آية الكرسي ، وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ، وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

وَ يَقُولُ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَ الله أَكْبَرُ ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ؛ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ وَ آلِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَ يَقُولُ:  اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَلَى كُلِّ مَلَكٍ وَ نَبِيٍّ ؛ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِين‏ وَ الْمُؤْمِنَاتِ ؛ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

ثُمَّ يَقُولُ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ ؛ أَرْبَعَمِائَةِ مَرَّةٍ .

ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم :

وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّوَرَ وَ فَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي الشُّهُورِ الثَّلَاثَةِ وَ لَيَالِيهَا ، لَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ لَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُ عَدَدَ قَطْرِ الْمَطَرِ وَ وَرَقِ الشَّجَرِ وَ زَبَدِ الْبَحْرِ ، غَفَرَهَا اللَّهُ لَهُ .

وَ إِنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ : يَوْمَ الْفِطْرِ ، يَقُولُ : يَا عَبْدِي أَنْتَ وَلِيِّي حَقّاً حَقّاً ، وَ لَكَ عِنْدِي بِكُلِّ حَرْفٍ قَرَأْتَهُ شَفَاعَةٌ فِي الْإِخْوَانِ وَ الْأَخَوَاتِ بِكَرَامَتِكَ عَلَيَّ .

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم : وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً ، إِنَّ مَنْ قَرَأَ هَذِهِ السُّوَرَ ، وَ فَعَلَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الشُّهُورِ الثَّلَاثَةِ وَ لَيَالِيهَا ، وَ لَوْ فِي عُمُرِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، أَعْطَاهُ الله بِكُلِّ حَرْفٍ سَبْعِينَ أَلْفَ حَسَنَةٍ ، كُلُّ حَسَنَةٍ أَثْقَلُ عِنْدَ الله مِنْ جِبَالِ الدُّنْيَا ، وَ يَقْضِي اللَّهُ لَهُ سَبْعَمِائَةِ حَاجَةٍ عِنْدَ نَزْعِهِ ، وَ سَبْعَمِائَةِ حَاجَةٍ فِي الْقَبْرِ ، وَ سَبْعَمِائَةٍ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ قَبْرِهِ ، وَ مِثْلَ ذَلِكَ عِنْدَ تَطَايُرِ الصُّحُفِ ، وَ مِثْلَهُ عِنْدَ الْمِيزَانِ ، وَ مِثْلَهُ عِنْدَ الصِّرَاطِ ، وَ يُظِلُّهُ الله تعالى تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ ، وَ يُحَاسِبُهُ حِسَاباً يَسِيراً ، وَ يُشَيِّعُهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِلَى الْجَنَّةِ .

 وَ يَقُولُ الله تعالى : خُذْهَا لَكَ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ ، وَ يَذْهَبُ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَ قَدْ أَعَدَّ لَهُ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَ لَا أُذُنٌ سَمِعْتُ[162].

ويا طيب : جاءت نفس الرواية بأسلوب آخر عن أنس بن مالك :

عَنْ مُحَمَّدٍ الْقِطَعِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : مَنْ قَرَأَ فِي رَجَبٍ وَ شَعْبَانَ وَ رَمَضَانَ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ .

فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ، وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ، وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وَ قُلْ هُوَ الله ، وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ، كُلَّ هَذِهِ السُّوَرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ... ثم ذكر مثل الثواب أعلاه بأسلوب فيه بعض الاختلاف مع بيان تفاصيل دخول الجنة‏ [163].

 


 

الإشراق الثاني :

 استحباب قراءة آية الكرسي في أيام شهر رجب :

يا طيب : إن شهر رجب الأصب الذي تصب في الرحمة وهو من الأشهر الحرم ، وهو شهر أمير المؤمنين عليه السلام ، وفيه كانت ولادته وحلول نوره في الأرض ، وإن في شهر رجب تستحب أعمال كثيرة نختار منها ما هو مستحب أن تقرأ فيه آية الكرسي المباركة ، لنتعرف على شأنها الكريم وعلى فضلها العظيم ، والذي جعلها تشارك أعلى سور القرآن المجيد في كل مستحب ، وأن تدخل في الصلاة المستحبة سواء في كل يوم أو في كل شهر ، وبالخصوص في صلاة أيام الله الكريمة المباركة ، والتي حدثت فيها حوادث كريمة وخصها الله بفضله ، فنعرف أن آية الكرسي تشارك في فضلها أغلب الأعمال المستحبة للأيام الشريفة ، وتزيد بنورها نور عبادات هذا الشهر  ولحسنه حسنا.

 فتعرفنا سيادتها : من بين آي القرآن المجيد ، وعظمتها الواسعة وفضل ثوابها الجزيل المبارك ، حتى نتيقن علو معارفها وكرامة علومها وما تهبه لنا من الهدى ، فتوجب أن نؤمن بها ونتيقن عظمة ملك الله وإشراق نوره لكل من يدخل ولايته ، ويتحقق بنوره من الشفيع الذي يأذن له بعلمه ويجعله ولي للمؤمنين وشاء أن يحيطه به ، وهو يجب أن يكون من المؤمنين وبينهم كما تحكيه آيات الولاية ، التي منها في قول الله سبحانه وتعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ  (59) } النساء  ، وإن ولي الأمر في الأرض المظهر لقيومية الله الدائمة لعباده في حسن التدبير لهم ، والهداية لهم بمن يحيطه بعلمه ويأذن له بمعارفه ، وبكل أمر يحتاجوه في ليلة القدر المستمرة لآخر الدهر ، ليس إلا حفيد النبي الأكرم محمد ووصيه علي بن أبي طالب وهو الحجة محمد بن الحسن العسكري صلوات الله وسلامه عليهم.

وهذا شهر رجب : شهر أمير المؤمنين وشهر الولاية والإمامة ، ترى فيه آية الكرسي يستحب قراءتها في أغلب الصلاة المستحبة الواردة فيه ، لتؤكد تقارن سيادتهما .

 


 

الإشعاع الأول

استحباب قراءة آية الكرسي في أيام رجب ويوم الجمعة وآخره :

عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم :

 أَنَّهُ مَنْ صَلَّى فِي لَيْلَةِ الْأُولَى مِنْ رَجَبٍ ثَلَاثِينَ :...

وَ فِي - الركعة - السَّادِسَةِ : رَكْعَتَيْنِ بِالْحَمْدِ وَ آية الكرسي سَبْعاً ، نُودِيَ أَنْتَ وَلِيُّ الله حَقّاً حَقّاً .... الْخَبَرَ ...

وَ فِي الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : اثْنَتَيْ عَشْرَةَ بِالْحَمْدِ ، وَ آية الكرسي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ، كَانَ كَمَنْ قَرَأَ كُلَّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ الله وَ نُودِيَ اسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ فَقَدْ غُفِرَ لَكَ ...

وَ فِي التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ : أَرْبَعاً بِالْحَمْدِ ، وَ آية الكرسي خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً ، وَ كَذَلِكَ التَّوْحِيدُ أُعْطِيَ كَثَوَابِ مُوسَى عليه السلام ........ [164].

 

وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم :

 مَنْ صَامَ يَوْماً مِنْ رَجَبٍ ، وَ صَلَّى فِيهِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ :

 يَقْرَأُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ : آية الكرسي .

وَ يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ : قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ، مِائَتَيْ مَرَّةٍ .

لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ يُرَى لَهُ [165].

 

و عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ : تُصَلِّي أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ : بِتَسْلِيمَةٍ .

 الْأَوَّلَةَ : بِالْحَمْدِ مَرَّةً ، وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ .

 وَ الثَّانِيَةَ : بِالْحَمْدِ مَرَّةً وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

وَفِي الثَّالِثَةِ: الْحَمْدِ مَرَّةً ، وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَ أَلْهَيكُمُ التَّكَاثُرُ مَرَّةً.

وَفِي الرَّابِعَةِ : الْحَمْدِ مَرَّةً ، وَ الْإِخْلَاصِ خَمْساً وَ عِشْرِينَ مَرَّةً .

 وَ آية الكرسي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ [166].

 

 وَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ :

مَنْ صَلَّى : يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي شَهْرِ رَجَبٍ مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ، أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ :

يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ : الْحَمْدَ مَرَّةً .

 وَ آية الكرسي سَبْعَ مَرَّاتٍ ، وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ خَمْسَ مَرَّاتٍ .

ثُمَّ قَالَ : أَسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إله إلا هو وَ أَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ ، عَشْرَ مَرَّاتٍ .
 كَتَبَ الله لَهُ : مِنْ يَوْمِ يُصَلِّيهَا إِلَى يَوْمِ يَمُوتُ ، كُلَّ يَوْمٍ ، أَلْفَ حَسَنَةٍ ، ...[167].

قال في إقبال الأعمال : وجدنا ذلك فيما وقفنا عليه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : و من صلى في الليلة السادسة من رجب .

ركعتين ، بالحمد مرة ، و آية الكرسي سبع مرات .

ينادي مناد من السماء : يا عبد الله أنت ولي الله حقا حقا ، و لك بكل حرف قرأت في هذه الصلاة شفاعة من المسلمين ، و لك سبعون ألف حسنة لكل حسنة عند الله أفضل من الجبال التي في الدنيا [168].

وقال في إقبال الأعمال : وجدنا مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :

 و من صلى في الليلة الحادية عشر من رجب ، اثنتي عشرة ركعة :

بالحمد مرة ، و اثنتي عشرة مرة آية الكرسي .

أعطاه الله : ثواب من قرأ التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان ، و كل كتاب أنزله الله تعالى على أنبيائه ، و نادى مناد من العرش استأنف العمل فقد غفر الله لك[169].

 


 

الإشعاع الثاني :

استحباب قراءة آية الكرسي في أعمال أم داود وفي النصف من رجب :

في حديث طويل ... عَنْ أُمِّ دَاوُدَ : دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَوْماً أَعُودُهُ فِي عَلَّةٍ وَجَدَهَا : فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ وَ دَعَوْتُ لَهُ ، فَقَالَ لِي : يَا أُمَّ دَاوُدَ مَا فَعَلَ دَاوُدُ ؟ وَ كُنْتُ قَدْ أَرْضَعْتُهُ بِلَبَنِهِ .

 فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي : أَيْنَ دَاوُدُ وَ قَدْ فَارَقَنِي مُنْذُ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ ، وَ هو مَحْبُوسٌ بِالْعِرَاقِ.

فَقَالَ : وَ أَيْنَ أَنْتِ عَنْ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ ، وَ هو الدُّعَاءُ الَّذِي تُفَتَّحُ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَ يُلْقَى صَاحِبُهُ الْإِجَابَةَ مِنْ سَاعَتِهِ ، وَ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ عِنْدَ الله تعالى جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ . فَقُلْتُ لَهُ : كَيْفَ ذَلِكَ يَا ابْنَ الصَّادِقِينَ ؟

فَقَالَ لِي : يَا أُمَّ دَاوُدَ ، قَدْ دَنَا الشَّهْرُ الْحَرَامُ الْعَظِيمُ ، شَهْرُ رَجَبٍ ، وَ هو شَهْرٌ مَسْمُوعٌ فِيهِ الدُّعَاءُ ، شَهْرُ الله الْأَصَمُّ .

صُومِي : الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ الْبِيضِ ، وَ هو يَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ ، وَ الرَّابِعَ عَشَرَ ، وَ الْخَامِسَ عَشَرَ ، وَ اغْتَسِلِي فِي يَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَقْتَ الزَّوَالِ ، وَ صَلِّي الزَّوَالَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ ، وَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ : وَ تُحَسِّنِينَ قُنُوتَهُنَّ وَ رُكُوعَهُنَّ وَ سُجُودَهُنَّ .

ثُمَّ تُصَلِّينَ : الظُّهْرَ ، وَ تَرْكَعِينَ بَعْدَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ ، وَ تَقُولِينَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ :

يَا قَاضِيَ حَوَائِجِ الطَّالِبِينَ مِائَةَ مَرَّةٍ .

 ثُمَّ تُصَلِّينَ بَعْدَ ذَلِكِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ .

وَ فِي رِوَايَةٍ تَقْرَئِينَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يَعْنِي مِنْ نَوَافِلِ الْعَصْرِ بَعْدَ : الْفَاتِحَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ وَ سُورَةَ الْكَوْثَرِ مَرَّةً ، ثُمَّ صَلِّي الْعَصْرَ .

وَلْتَكُنْ صَلَاتُكِ : فِي ثَوْبٍ نَظِيفٍ، وَاجْتَهِدِي أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْكِ أَحَدٌ يُكَلِّمُكِ .

وَ فِي رِوَايَةٍ : وَإِذَا فَرَغْتِ مِنَ الْعَصْرِ فَالْبَسِي ثِيَابَكِ ، وَ اجْلِسِي فِي بَيْتٍ نَظِيفٍ ، عَلَى حَصِيرٍ نَظِيفٍ ، وَ اجْتَهِدِي أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْكَ أَحَدٌ يَشْغَلُكَ ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ.

وَ اقْرَئِي : الْحَمْدَ مِائَةَ مَرَّةٍ ، وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ مِائَةَ مَرَّةٍ ,

وَ آية الكرسي عَشْرَ مَرَّاتٍ .

 ثُمَّ اقْرَئِي : الْأَنْعَامَ ، وَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَ سُورَةَ الْكَهْفِ ، وَ لُقْمَانَ ، وَ يس ، وَ الصَّافَّاتِ ، وَ حم السَّجْدَةِ، وَ حم عسق، وَ حم الدُّخَانِ، وَ الْفَتْحَ وَ الْوَاقِعَةَ ، وَ سُورَةَ الْمُلْكِ ، وَ ن وَ الْقَلَمِ ، وَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ، وَ مَا بَعْدَهَا إِلَى آخِرِ القرآن ، وَ إِنْ لَمْ تُحْسِنِي ذَلِكِ وَ لَمْ تُحْسِنِي قِرَاءَتَهُ مِنَ الْمُصْحَفِ ، كَرَّرْتِ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ أَلْفَ مَرَّةٍ .

قال شيخنا المفيد : إذا لم تحسن قراءة السور المخصوصة في يوم النصف من رجب ، أو لم تطق قراءة ذلك , فلتقرأ :

الحمد مائة مرّة ، و آية الكرسي عشر مرّات ، ثمّ تقرأ الإخلاص ألف مرّة.

و المجلسي قال : أقول و رأيت في بعض الروايات ، و يحتمل أن يكون ذلك لأهل الضرورات ، أو من يكون على سفر ، أو في شيء من المهمات ، فيجزيه قراءة ، قل هو الله أحد مائة مرة [170] .

يا طيب : هذه الصلاة والأدعية كلها يقرأ فيها سور من القرآن المجيد ، والآية الوحيدة فيها هي آية الكرسي يستحب قراءتها .

 

وقال في إقبال الأعمال : وجدنا عن حريز بن عبد الله قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام :

صل ليلة النصف من رجب : اثنتي عشرة ركعة ، تسلم بين كل ركعتين ، تقرأ في كل ركعة : أم الكتاب أربع مرات ، و سورة الإخلاص أربعا ، و سورة الفلق أربع مرات ، و سورة الناس أربع مرات ، و آية الكرسي أربع مرات ، و إنا أنزلناه في ليلة القدر أربع مرات . ثم تشهد و تسلم .

و تقول : بعد الفراغ بعقب التسليم ، أربع مرات :

 الله الله ربي لا أشرك به شيئا و لا أتخذ من دونه وليا . ثم ادع بما أحببت [171].

 

وعَنْ دَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ : تُصَلِّي لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ : اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً ، تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ : الْحَمْدَ ، وَ سُورَةً .

 فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الصَّلَاةِ ، قَرَأْتَ بَعْدَ ذَلِكَ : الْحَمْدَ ، وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ، وَ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ ، وَ آية الكرسي ، أَرْبَعَ مَرَّاتٍ .

وَ تَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ : سُبْحَانَ الله وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّ الله وَ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ تَقُولُ: الله اللَّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً مَا شَاءَ الله لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

وَ تَقُولُ فِي لَيْلَةِ سَبْعٍ وَ عِشْرِينَ مِثْلَهُ [172].

 

وقال في إقبال الأعمال : عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : و من صلى في الليلة التاسعة عشر من رجب ، أربع ركعات : بالحمد مرة .

و آية الكرسي خمس عشرة مرة ، و قل هو الله أحد خمس عشرة مرة .

أعطاه الله : من الثواب مثل ما أعطي موسى عليه السلام ، و كان له بكل حرف ثواب شهيد ، و يبعث الله سبحانه إليه مع الملائكة ثلاث بشارات ، الأولى : لا يفضحه في الموقف ، الثاني : لا يحاسبه ، و الثالثة : أدخل الجنة بغير حساب ، و إذا وقف بين يدي الله تعالى يسلم الله تعالى عليه ، و يقول له : يا عبدي لا تخف ، و لا تحزن ، فإني عنك راض ، و الجنة لك مباحة [173].

 

 


 

الإشعاع الثالث :

استحباب قراءة آية الكرسي في ليلة المبعث في رجب :

عن السيد علي بن طاووس في الإقبال: بالإسناد عن محمد بن عفير الضبي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه السلام قَالَ :

 إِنَّ فِي رَجَبٍ لَيْلَةً هِيَ خَيْرٌ لِلنَّاسِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ :

وَ هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَ عِشْرِينَ مِنْهُ : نُبِّئَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم فِي صَبِيحَتِهَا ، وَ إِنَّ لِلْعَامِلِ فِيهَا مِنْ شِيعَتِنَا ، مِثْلَ أَجْرِ عَمَلِ سِتِّينَ سَنَةً .

قِيلَ : وَ مَا الْعَمَلُ فِيهَا ، أَصْلَحَكَ الله ؟

قَالَ : إِذَا صَلَّيْتَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَ أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ ، ثُمَّ اسْتَيْقَظْتَ أَيَّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ كَانَتْ ، قَبْلَ زَوَالِهِ أَوْ بَعْدَهُ .

صَلَّيْتَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً : بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سُورَةً مِنْ خِفَافِ الْمُفَصَّلِ مِنْ بَعْدِ يس إِلَى الْجَحْدِ :

فَإِذَا فَرَغْتَ فِي كُلِّ شَفْعٍ ، جَلَسْتَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ :

وَ قَرَأْتَ : الْحَمْدَ سَبْعا ، وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ سَبْعاً ، وَ قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ سَبْعاً ، وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ سَبْعاً .

 وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ سَبْعاً ، وَ آيَةَ كُرْسِيِّ سَبْعاً .

وَ قُلْتَ : بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الدُّعَاءِ :

 الْحَمْدُ لِلَّهِ : الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعَاقِدِ عِزِّكَ عَلَى أَرْكَانِ عَرْشِكَ وَ مُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ ، وَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ ، وَ بِذِكْرِكَ الْأَجَلِّ الْأَعْلَى الْأَعْلَى الْأَعْلَى ، وَ بِكَلِمَاتِكَ التَّامَّاتِ الَّتِي تَمَّتْ صِدْقاً وَ عَدْلًا ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ أَنْ تَفْعَلَ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ .

وَ ادْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ : فَإِنَّكَ لَا تَدْعُو بِشَيْءٍ إِلَّا أُجِبْتَ ، مَا لَمْ تَدْعُ بِمَأْثَمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ هَلَاكِ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ، وَ تُصْبِحُ صَائِماً ، وَ إِنَّهُ يُحْتَسَبُ لَكَ صَوْمُهُ صَوْمَ سَنَةٍ [174].

 

وعن السيد عَلِيُّ بْنُ طَاوُوسٍ فِي الْإِقْبَالِ ، بالإسناد مِنْ جِهَةِ أَبِي الْقَاسِمِ الْحُسَيْنِ بْنِ رُوحٍ قَدَّسَ الله رُوحَهُ :

إِنَّ الصَّلَاةَ يَوْمَ سَبْعَةٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ : اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً :

يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ : فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ، وَ مَا تَيَسَّرَ مِنَ السُّوَرِ ، وَ يُسَلِّمُ وَ يَجْلِسُ .

وَ يَقُولُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ :

الْحَمْدُ لِلَّهِ : الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ـ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً ، يَا عُدَّتِي فِي مُدَّتِي ، وَ يَا صَاحِبِي فِي شِدَّتِي ، وَ يَا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي ، يَا غِيَاثِي فِي رَغْبَتِي ، يَا مُجِيبِي فِي حَاجَتِي ، يَا حَافِظِي فِي غَيْبَتِي ، يَا كَالِئِي فِي وَحْدَتِي ، يَا أُنْسِي فِي وَحْشَتِي ، أَنْتَ السَّاتِرُ عَوْرَتِي فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَ أَنْتَ الْمُقِيلُ عَثْرَتِي فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَ أَنْتَ الْمُنَفِّسُ صَرْعَتِي فَلَكَ الْحَمْدُ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ، وَ اسْتُرْ عَوْرَتِي ، وَ آمِنْ رَوْعَتِي ، وَ أَقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَ اصْفَحْ عَنْ جُرْمِي ، وَ تَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِي ، فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ .

فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الصَّلَاةِ وَ الدُّعَاءِ :

قَرَأْتَ:  الْحَمْدَ ، وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ، وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ، وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَ آية الكرسي سَبْعاً سَبْعاً ، ثُمَّ تَقُولُ :

اللَّهُمَّ اللَّهُ الله رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً سَبْعَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ ادْعُ بِمَا أَحْبَبْتَ [175] .

 


 

 

الإشراق الثالث :

 استحباب قراءة آية الكرسي في الأعمال المستحبة لشهر شعبان :

يا طيب : شهر شعبان ينسب إلى النبي أكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، كما كان رجب ينسب لأمير المؤمنين عليه السلام ، وشهر رمضان ينسب لله سبحانه وتعالى ، وشهر شعبان هو من الأشهر الكريمة التي خصت بأعمال عبادية كثيرة لكل أيامه وسواء صوم أو صلاة أو أدعية ومناجاة أو زيارة ، وبالخصوص لأول أيامه أو وسطه أو آخره ، فيوم ثالث شعبان ولادة الإمام الحسين عليه السلام ثم أخية أبو الفضل العباس عليه السلام ، ثم أبنه الإمام زين العابدين عليه السلام .

ثم في خمسة عشر شعبان : ولادة صاحب الأمر والولاية الإلهية الحجة بن الحسن والمهدي المنتظر عليه السلام وعجل الله تعالى فرجه الشريف ، وهو المختص بأمر الله وإذنه وشفاعته في هذا الزمان حتى يوم القيامة ، وهو سيد أهل الوجود الأرضي الآن بعد آبائه الكرام سادة أهل التكوين في كل مراتبه ، وعليه ينزل الروح من كل أمر في ليلة القدر ، فهو صاحب ليلة القدر سيد الليالي ، وفي سيد الشهور ، وله سيدة علوم القرآن سورة إنا أنزلنا في ليلة القدر وما ينزل فيها من أمر الله بإذنه بتوسط الروح الذي هو من أمر الله سبحانه ، فهو صاحب الشفاعة العظمى لعلم الله الذي قال الله تعالى في آية سيد آية القرآن الكرسي من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ، وهو الذي شاء الله أن يحيطه بعلمه في هذه الليلة المبارك سيد الليالي بالعلم .

ولذا كان هذا الشهر مبارك : بما فيه نسبته للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، ولآل البيت أحفاده عليهم السلام ، وبالخصوص لولي الأمر الله والمشرق بنور الله سبحانه ، وسيد أهل التكوين في زمانه في الأرض ، وحق لأن تكون سورة إنا أنزلنا سيد علوم القرآن العملي بنزوله بإذن الله عليه بتوسط الروح فيكون شافع ومحيط بعلم الله بإذنه كما في آية الكرسي سيد آي القرآن ، فتتقارن وتتحد السيادة في التدوين والتكوين .

ويا طيب : إما الأحاديث المعرفة لاستحباب تلاوة آية الكرسي في هذا الشهر الشريف فهي إما في الصلاة المخصوصة لأيامه أو أعمال عبادية أخرى ليوم الخامس عشر من شعبان ليلة مولد صاحب أمر الله وولي دينه عليه السلام ، وهي  :

عن إِبْرَاهِيم بْنُ عَلِيٍّ الْكَفْعَمِيُّ فِي الْمِصْبَاحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم  قَالَ :

مَنْ صَلَّى فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْ شَعْبَانَ :  مِائَةَ رَكْعَةٍ ..منها.. :

وَ فِي السَّابِعَةِ : رَكْعَتَيْنِ بِالْحَمْدِ ، وَ التَّوْحِيدِ مِائَةً فِي الْأُولَى ، وَ فِي الثَّانِيَةِ بِالْحَمْدِ ، وَ آية الكرسي ، مَرَّةً أَجَابَ الله دُعَاءَهُ ...

وَ فِي الْعَاشِرَةِ : أَرْبَعاً بِالْحَمْدِ.

 وَ آية الكرسي ثَلَاث،  وَ الْكَوْثَرِ ثَلَاثاً ، كَتَبَ الله لَهُ مِائَةَ أَلْفِ حَسَنَةٍ الْخَبَرَ ....

وَ فِي السَّادِسَةَ عَشْرَةَ : رَكْعَتَيْنِ بِالْحَمْدِ ، وَ آية الكرسي مَرَّةً ، وَ التَّوْحِيدِ خَمْسَ عَشْرَةَ .

 أُعْطِيَ : كَالنَّبِيِّ عَلَى نُبُوَّتِهِ ، وَ بُنِيَ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِائَةُ قَصْرٍ [176].

يا طيب في إقبال الأعمال : أحاديث تحكي عن أعمال أخرى بالإضافة لما في الوسائل ، و بالقراءة والدعاء أيضا ، ومنها ما فيه آية الكرسي ، وهي كما قال :

قال : ووجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله  قال : و من صلى في الليلة السابعة من شعبان ركعتين : بفاتحة الكتاب مرة ، و مائة مرة قل هو الله أحد . و في الركعة الثانية : الحمد مرة ، و آية الكرسي مائة مرة .

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما من مؤمن و لا مؤمنة صلى هذه الصلاة إلا استجاب الله تعالى منه دعائه ، و قضى حوائجه و كتب له كل يوم ثواب شهيد ، و لا يكون عليه خطيئة [177].

وقال رحمه الله وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال : و من صلى في الليلة العاشرة من شعبان ، أربع ركعات :  يقرأ في كل ركعة : فاتحة الكتاب مرة ، و آية الكرسي مرة ، و إنا أعطيناك الكوثر ثلاث مرات . فمن صلى هذه الصلاة :

يقول الله لملائكته : اكتبوا له مائة ألف حسنة ، و ارفعوا له مائة ألف درجة ، و افتحوا له مائة ألف باب ، و لا تغلقوا عنه أبد الأبد ، و غفر له و لأبويه و لجيرانه [178].

قال في إقبال الأعمال : وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال :

و من صلى في الليلة السادسة عشر من شعبان : ركعتين : يقرأ في كل ركعة :

فاتحة الكتاب و آية الكرسي مرة ، و خمس عشرة مرة قل هو الله أحد .

فإن الله تعالى قال لي : من صلى هاتين الركعتين ،  أعطيته مثل ما أعطيتك على نبوتك ، و بني له في الجنة ألف قصر [179].

 

أعمال ليلة النصف من شعبان :

وهي الليلة المختصة : بولادة صاحب الأمر الإلهي والزمان الرباني الحجة بن الحسن المهدي المنتظر عجل الله فرجه ، قال في بحار الأنوار عن إقبال الأعمال :

فَصْلٌ : فِيمَا نَذْكُرُهُ مِنْ فَضْلِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ أَمْرٍ عَظِيمٍ ، وَ صَلَاةِ مِائَةِ رَكْعَةٍ ، وَ ذِكْرٍ كَرِيمٍ وَجَدْنَا ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْعِبَادَاتِ ، وَ ضَمَانِ فَاتِحِ أَبْوَابِ الرَّحَمَاتِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم :

 كُنْتُ نَائِماً لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ : فَأَتَانِي جَبْراَئِيلُ عليه السلام فَقَالَ :

يَا مُحَمَّدُ صلى الله عليه وآله وسلم : أَ تَنَامُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ؟

فَقُلْتُ : يَا جَبْراَئِيلُ وَ مَا هَذِهِ اللَّيْلَةُ ؟

قَالَ : هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ، قُمْ يَا مُحَمَّدُ ، فَأَقَامَنِي ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى الْبَقِيعِ ، ثُمَّ قَالَ لِيَ : ارْفَعْ رَأْسَكَ ، فَإِنَّ هَذِهِ لَيْلَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، فَيُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ ، وَ بَابُ الرِّضْوَانِ ، وَ بَابُ الْمَغْفِرَةِ ، وَ بَابُ الْفَضْلِ ، وَ بَابُ التَّوْبَةِ ، وَ بَابُ النِّعْمَةِ ، وَ بَابُ الْجُودِ ، وَ بَابُ الْإِحْسَانِ .

يُعْتِقُ الله فِيهَا : بِعَدَدِ شُعُورِ النَّعَمِ وَ أَصْوَافِهَا ، وَ يُثَبِّتُ الله فِيهَا الْآجَالَ ، وَ يُقَسِّمُ فِيهَا الْأَرْزَاقَ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ ، وَ يُنْزِلُ مَا يَحْدُثُ فِي السَّنَةِ كُلَّهَا .

يَا مُحَمَّدُ : مَنْ أَحْيَاهَا بِتَكْبِيرٍ وَ تَسْبِيحٍ وَ تَهْلِيلٍ وَ دُعَاءٍ وَ صَلَاةٍ وَ قِرَاءَةٍ وَ تَطَوُّعٍ وَ اسْتِغْفَارٍ ، كَانَتِ الْجَنَّةُ لَهُ مَنْزِلًا وَ مَقِيلًا ، وَ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ .

يَا مُحَمَّدُ : مَنْ صَلَّى فِيهَا مِائَةَ رَكْعَةٍ :

يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ : فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مِائَةَ مَرَّةٍ ، وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ .

فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ :

قَرَأَ آية الكرسي : عَشْرَ مَرَّاتٍ .

وَفَاتِحَةَ الْكِتَابِ عَشْراً ، وَ سَبَّحَ الله مِائَةَ مَرَّةٍ .

غَفَرَ الله لَهُ : مِائَةَ كَبِيرَةٍ مُوبِقَةٍ مُوجِبَةٍ لِلنَّارِ ، وَ أُعْطِيَ بِكُلِّ سُورَةٍ وَ تَسْبِيحَةٍ قَصْراً فِي الْجَنَّةِ ، وَ شَفَّعَهُ الله فِي مِائَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَ شَرَكَهُ فِي ثَوَابِ الشُّهَدَاءِ ، وَ أَعْطَاهُ مَا يُعْطِي صَائِمِي هَذَا الشَّهْرِ ، وَ قَائِمِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً .

فَأَحْيِهَا يَا مُحَمَّدُ : وَ أْمُرْ أُمَّتَكَ بِإِحْيَائِهَا ، وَ التَّقَرُّبِ إِلَى الله تعالى بِالْعَمَلِ فِيهَا ، فَإِنَّهَا لَيْلَةٌ شَرِيفَةٌ .

وَ لَقَدْ أَتَيْتُكَ يَا مُحَمَّدُ : وَ مَا فِي السَّمَاءِ مَلَكٌ إِلَّا ، وَ قَدْ صَفَّ قَدَمَيْهِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ بَيْنَ يَدَيِ الله تعالى .

 قَالَ : فَهُمْ بَيْنَ رَاكِعٍ وَ قَائِمٍ وَ سَاجِدٍ ، وَ دَاعٍ وَ مُكَبِّرٍ وَ مُسْتَغْفِرٍ وَ مُسَبِّحٍ .

يَا مُحَمَّدُ : إِنَّ الله تعالى يَطَّلِعُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ .

فَيَغْفِرُ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ : قَائِمٍ يُصَلِّي ، وَ قَاعِدٍ يُسَبِّحُ ، وَ رَاكِعٍ ، وَ سَاجِدٍ ، وَ ذَاكِرٍ .

وَ هِيَ لَيْلَةٌ : لَا يَدْعُو فِيهَا دَاعٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ ، وَ لَا سَائِلٌ إِلَّا أُعْطِيَ ، وَ لَا مُسْتَغْفِرٌ إِلَّا غُفِرَ لَهُ ، وَ لَا تَائِبٌ إِلَّا تِيبَ عَلَيْهِ ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا يَا مُحَمَّدُ فَقَدْ حُرِمَ .

وَ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله : يَدْعُو فِيهَا فَيَقُولُ :

اللَّهُمَّ : اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ مَعْصِيَتِكَ ، وَ مِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ رِضْوَانَكَ ، وَ مِنَ الْيَقِينِ مَا يُهَوِّنُ عَلَيْنَا بِهِ مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا .

اللَّهُمَّ : أَمْتِعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَ أَبْصَارِنَا وَ قُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا ، وَ اجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا ، وَ اجْعَلْ ثَارَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَ لَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا ، وَ لَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَ لَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَ لَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ [180].

وَ عَنِ التَّلَّعُكْبَرِيِّ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم : مَنْ تَطَهَّرَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ، فَأَحْسَنَ الطُّهْرَ ، وَ لَبِسَ ثَوْبَيْنِ نَظِيفَيْنِ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مُصَلَّاهُ ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ .

ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ :

 يَقْرَأُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ : الْحَمْدَ ، وَ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ .

وَ آية الكرسي ، وَ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِهَا .

ثُمَّ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ : الْحَمْدَ ، وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، وَ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ يُسَلِّمُ .

وَ يُصَلِّي بَعْدَهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ : يَقْرَأُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ : يس . وَ فِي الثَّانِيَةِ : حم الدُّخَانَ . وَ فِي الثَّالِثَةِ : الم السَّجْدَةَ . وَ فِي الرَّابِعَةِ : تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ .

ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَهَا مِائَةَ رَكْعَةٍ : يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ، بِقُلْ هُوَ الله أَحَدٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، وَ الْحَمْدِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، قَضَى الله لَهُ ثَلَاثَ حَوَائِجَ ، إِمَّا فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا ، أَوْ فِي آجِلِ الْآخِرَةِ ، ثُمَّ إِنْ سَأَلَ أَنْ يَرَانِي مِنْ لَيْلَتِهِ يَرَانِي[181] .

وعن سَالِم بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ :

مَنْ بَاتَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ :

 بِأَرْضِ كَرْبَلَاءَ .

فَقَرَأَ : أَلْفَ مَرَّةٍ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ، وَ يَسْتَغْفِرُ الله أَلْفَ مَرَّةٍ ، وَ يَحْمَدُ الله أَلْفَ مَرَّةٍ .

ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي : أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ :

يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ :

أَلْفَ مَرَّةٍ آية الكرسي .

وَكَّلَ الله بِهِ : مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ ، وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْطَانٍ وَ سُلْطَانٍ .

وَ يَكْتُبَانِ لَهُ حَسَنَاتِهِ ، وَ لَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ .

وَ يَسْتَغْفِرَانِ لَهُ مَا دَامَا مَعَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ [182].

 

 


 

الإشراق الرابع :

 استحباب تلاوة آية الكرسي في شهر رمضان وعيد الفطر :

عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام أَنَّهُ سَأَلَهُ :

عَنْ فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ عَنْ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهِ ؟ فَقَالَ عليه السلام : ....

وَ مَنْ صَلَّى فِي اللَّيْلَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ : قَبْلَ الْعِشَاءَيْنِ سِتَّ رَكَعَاتٍ .

يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ : الْحَمْدَ ،وَ آية الكرسي سَبْعَ مَرَّاتٍ ، وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ خَمْسِينَ مَرَّةً ، صَعِدَتِ الْمَلَائِكَةُ بِعَمَلِهِ كَعَمَلِ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالحينَ .....

وَ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ ثَمَانٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ : سِتَّ رَكَعَاتٍ :

بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَ عَشْرَ مَرَّاتٍ آية الكرسي .

 وَ عَشْرَ مَرَّاتٍ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ، وَ عَشْرَ مَرَّاتٍ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ، وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ، غَفَرَ الله لَهُ  [183]...

يا طيب : مر في الإشراق الأول : أنه يستحب قراءة آية الكرسي في كل صلاة  كما عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من قرأ في رجب و شعبان و شهر رمضان ، كل يوم و ليلة : فاتحة الكتاب .

و آية الكرسي ، و قل يا أيها الكافرون ، و قل هو الله أحد ، و قل أعوذ برب الناس ، و قل أعوذ برب الفلق ثلاث مرات ، و يقول : [184]....

وإنه في شهر رمضان : خصت خلاصة آية الكرسي ، سورة القدر باستحباب تلاوتها بكثرة ، وإن لها فضل كثير ، واستحباب تلاوتها ألف مرة .

عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى يَسْأَلُهُ عَنْ صَلَاةِ نَوَافِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَ عَنِ الزِّيَادَةِ فِيهَا ؟ فَكَتَبَ عليه السلام إِلَيْهِ كِتَاباً : وأمره بصلاة خاصة , وقال عليه السلام :  وَ أَكْثِرْ مِنْ قِرَاءَةِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [185].

وَ عَنْ أَبِي يَحْيَى الصَّنْعَانِيِّ : عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام أَنَّهُ قَالَ :

لَوْ قَرَأَ رَجُلٌ : لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ :

إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَلْفَ مَرَّةٍ ، لَأَصْبَحَ وَ هو شَدِيدُ الْيَقِينِ بِالِاعْتِرَافِ بِمَا يَخُصُّ بِهِ فِينَا ، وَ مَا ذَاكَ إِلَّا لِشَيْءٍ عَايَنَهُ فِي نَوْمِهِ [186].

 عن الأمالي للصدوق‏ : عَنِ الإمام الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ :

إِذَا أَتَى شَهْرُ رَمَضَانَ : فَاقْرَأْ كُلَّ لَيْلَةٍ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ ، أَلْفَ مَرَّةٍ .

 فَإِذَا أَتَتْ لَيْلَةُ ثَلَاثَةٍ وَ عِشْرِينَ .

فَأشْدُدْ قَلْبَكَ وَ افْتَحْ أُذُنَيْكَ لِسَمَاعِ الْعَجَائِبِ مِمَّا تَرَى [187].

ويا طيب : عرفت أن سورة القدر هو تحقق الشفاعة والإذن الإلهي المذكور في آية الكرسي في النزول لولي أمر الله وإمام الزمان بكل أمر ، فيحيطه بعلمه التام .

وكأنه : ما عمل في الأشهر الثلاثة من استحباب تلاوة آية الكرسي ، والبراءة من كل شر وطاغي وظالم ، وبكل إخلاص كما في تلاوة ، قل هو الله احد ، والمعوذتين والجحد ، كما عرفت ، وتوجهه لليقين بما يحصل في ليلة القدر وكثرة تلاوة سورة إنا أنزلناه في ليلة القدر ، فيكون على يقين بنزول أمر الله لإمام الزمان وولي العصر ، تتمم بهذا رابطة المؤمنين به عليه السلام ، وتحقق الصلة المعنوية التي تهب للمؤمن بها نور الله ، ويخرج من الظلمات ، ويخلص من كل ظلمة حقا بفضل عمله ، فيكون على هدى تام وتنفتح مسامع القلب لحقائق كرامة الله ونوره بشفاعة الحقيقة المتصلة بولية .

 

وأما قراءة آية الكرسي : في ليلة الفطر ، فهو رجوع للإقرار بالمعرفة التامة لما آمن به في شهر رمضان ، واستحباب تلاوة آية الكرسي في ليلتها مع سورة الإخلاص .

فعن عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ طَاوُوسٍ فِي كِتَابِ الْإِقْبَالِ : قَالَ رُوِيَ :

أَنَّ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الْفِطْرِ : أَرْبَعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ :

الْحَمْدَ ، وَ آية الكرسي ، وَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ .

أَعْطَاهُ الله بِكُلِّ رَكْعَةٍ : عِبَادَةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَ عِبَادَةَ كُلِّ مَنْ صَامَ وَ صَلَّى فِي هَذَا الشَّهْرِ ... قَالَ وَ ذَكَرَ فَضْلًا عَظِيماً [188].

 



[162] أعلام ‏الدين ص355 ح13 .  بحار الأنوار ج93ص 381 ب49ح7 .

[163] بحار الأنوار ج94ص53ب55ح43 .

[164] وسائل ‏الشيعة ج8ص91ب5ح10157 .

[165] وسائل ‏الشيعة ج8ص96ب5ح10165 . إقبال ‏الأعمال ص637.

[166] وسائل ‏الشيعة ج8ص96ب5ح10164 . إقبال ‏الأعمال ص 637 .

[167] إقبال ‏الأعمال ص637، وسائل ‏الشيعة ج8ص96ب5ح10166 ذكر قسم من الحديث.

[168] إقبال‏ الأعمال ص651 .

[169] إقبال‏ الأعمال ص653.

[170] بحار الأنوار ج95ص398ب26ح1 . إقبال ‏الأعمال ص659 . وأنظر فضائل‏ شهر رجب ص504ح15.

[171] إقبال ‏الأعمال ص655 .

[172] وسائل ‏الشيعة ج8ص97ب5ح10169 . مصباح ‏المتهجد ص806 .

[173] إقبال ‏الأعمال ص665.

[174] إقبال ‏الأعمال ص670 . مستدرك‏ الوسائل ج6ص 288ب7ح6856-1 . البلد الأمين ص171. مصباح ‏المتهجد ص813 وسائل ‏الشيعة ج8ص111ب9ح10195.

[175] إقبال ‏الأعمال ص675 . مستدرك‏ الوسائل ج6ص 291ب7ح6860-5 ، مصباح‏ المتهجد ص816  ليلة المبعث . 

[176] وسائل‏ الشيعة ج8ص100ب7ح10173 .

[177] إقبال ‏الأعمال ص691.

[178] إقبال ‏الأعمال ص692.

[179] إقبال ‏الأعمال ص719.

[180] بحار الأنوار ج95ص412ب30. مستدرك‏ الوسائل ج6ص285ب6.إقبال ‏الأعمال ص699.

[181] وسائل ‏الشيعة ج8ص108ب8ح10186 . مصباح ‏المتهجد ص838  . إقبال ‏الأعمال ص701 . بحار الأنوار ج95ص415ب30 .

[182] كامل ‏الزيارات ص181ح8. مصباح‏ المتهجد ص853. إقبال ‏الأعمال ص710 . بحار الأنوار ج94ص86ب 57ح7 . وسائل ‏الشيعة ج14ص471ب52ح19627.

[183] وسائل ‏الشيعة ج8 ص39ب8 ح10055 . ثواب‏ الأعمال ص70 . بحار الأنوار ج94ص381ح5 .

[184]خاصة مستحبة كل يوم ، أعلام ‏الدين ص355ح13 .

[185] تهذيب‏ الأحكام ج3ص67ب4-ح23 .

[186] تهذيب‏ الأحكام ج3ص100ح34.

[187] بحار الأنوار ج93ص379ب49ح3 .الأمالي ‏للصدوق ص654م93 .

[188] وسائل‏ الشيعة ج8ص87ب1ح10149 . إقبال ‏الأعمال ص273ب63.

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

http://www.alanbare.com