بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد
وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة
الله
على
أعدائهم
إلى يوم الدين
الصحيفة السجّاديّة
إملاء الإمام السجاد عَلِيِّ بْن الْحُسَين عليه السلام
الدعاء السادس والثلاثون
وكان من دُعائِهِ عليه السلام
إذا نظر إلى السحاب والبرق ، وسمع صوت الرّعد
اللَّهُمَّ : إنَّ هذَيْن آيَتَانِ مِنْ آياتِكَ ، وَهذَين عَوْنَانِ مِنْ أَعْوَانِكَ ، يَبْتَدِرَانِ طَاعَتَكَ ، بِرَحْمَة نَافِعَة ، أَوْ نَقِمَة ضَارَّة ، فَلاَ تُمْطِرْنَا بِهِمَا مَطَرَ السَّوْءِ ، وَلا تُلْبِسْنَـا بِهِمَا لِبَاسَ الْبَلاَءِ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا نَفْعَ هَذِهِ السَّحَائِبِ وَبَرَكَتَهَا ، وَاصْرِفْ عَنَّا أَذَاهَا وَمَضَرَّتَهَا ، وَلا تُصِبْنَا فِيْهَا بآفَة ، وَلا تُرْسِلْ عَلَى مَعَايِشِنَا عَاهَةً .
اللَّهُمَّ : وَإنْ كُنْتَ بَعَثْتَهَا نَقِمَةً ، وَأَرْسَلْتَهَا سَخْطَةً ، فَإنَّا نَسْتَجِيْرُكَ مِنْ غَضَبِكَ ، وَنَبْتَهِلُ إلَيْكَ فِي سُؤَالِ عَفْوِكَ ، فَمِلْ بِالْغَضَبِ إلَى الْمُشْـركِينَ ، وَأَدِرْ رَحَى نَقِمَتِـكَ عَلَى الْمُلْحِـدينَ .
اللَّهُمَّ : أَذْهِبْ مَحْلَ بِلاَدِنَا بِسُقْيَاكَ ، وَأَخْرِجْ وَحَرَ صُدُورِنَا بِرِزْقِكَ ، وَلاَ تَشْغَلْنَا عَنْكَ بِغَيْرِكَ ، وَلاَ تَقْطَعْ عَنْ كَافَّتِنَا مَادَّةَ بِرِّكَ .
فَإنَّ الغَنِيَّ : مَنْ أَغْنَيْتَ ، وَإنَّ السَّالِمَ مَنْ وَقَيْتَ ، مَا عِنْدَ أَحَد دُونَكَ دِفَـاعٌ ، وَلاَ بِأَحَد عَنْ سَطْوَتِكَ امْتِنَاعٌ ، تَحْكُمُ بِمَا شِئْتَ عَلَى مَنْ شِئْتَ ، وَتَقْضِي بِمَـا أَرَدْتَ فِيمَنْ أَرَدْتَ .
فَلَكَ الْحَمْدُ : عَلَى مَا وَقَيْتَنَا مِنَ الْبَلاءِ ، وَلَكَ الشُّكْرُ عَلَى مَا خَوَّلْتَنَا مِنَ النّعْمَاءِ ، حَمْداً يُخَلِّفُ حَمْدَ الْحَامِدِينَ وَرَاءَهُ ، حَمْداً يَمْلاُ أَرْضَهُ وَسَمَاءَهُ .
إنَّـكَ الْمَنَّانُ : بِجَسِيمِ الْمِنَنِ ، الْوَهَّابُ لِعَظِيمِ النِّعَمِ ، القَابِلُ يَسِيْرَ الْحَمْدِ ، الشَّاكِرُ قَلِيْلَ الشُّكْرِ ، الْمُحْسِنُ الْمُجْمِلُ ذُو الطَّوْلِ ، لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، إلَيْكَ الْمَصِيرُ .
ـــ
ــــ
ـــــ
الدعاء السابع والثلاثون
وكان من دُعائِهِ عليه السلام
إذا اعترف بالتقصير عن تأدية الشكر
اللَّهُمَّ : إنَّ أَحَداً لاَ يَبْلُغُ مِنْ شُكْرِكَ غَايَةً ، إلاّ حَصَلَ عَلَيْهِ مِنْ إحْسَانِكَ مَا يُلْزِمُهُ شُكْرَاً ، وَلا يَبْلُغُ مَبْلَغاً مِنْ طَاعَتِكَ وَإن اجْتَهَدَ ، إلاَّ كَانَ مُقَصِّراً دُونَ اسْتِحْقَاقِكَ بِفَضْلِكَ .
فَأَشْكَرُ عِبَادِكَ : عَاجِزٌ عَنْ شُكْرِكَ ، وَأَعْبَدُهُمْ مُقَصِّرٌ عَنْ طَاعَتِكَ ، لا يَجبُ لاِحَد أَنْ تَغْفِرَ لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ ، وَلا أَنْ تَرْضَى عَنْهُ بِاسْتِيجَابِهِ .
فَمَنْ غَفَرْتَ لَهُ : فَبِطَولِكَ ، وَمَنْ رَضِيْتَ عَنْهُ فَبِفَضْلِكَ .
تَشْكُرُ : يَسِيرَ مَا شُكِرْتَهُ ، وَتُثِيبُ عَلَى قَلِيلِ مَاتُطَاعُ فِيهِ .
حَتَّى كَأَنَّ : شُكْـرَ عِبَادِكَ الَّذِيْ أَوْجَبْتَ عَلَيْهِ ثَوَابَهُمْ ، وَأَعْظَمْتَ عَنْهُ جَزَاءَهُمْ ، أَمْرٌ مَلَكُوا اسْتِطَاعَةَ الامْتِنَاعِ مِنْهُ دُونَكَ ؛ فَكَافَيْتَهُمْ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ بِيَدِكَ ؛ فَجَازَيْتَهُمْ .
بَـلْ مَلَكْتَ يَا إلهِي : أَمْرَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكُوا عِبَادَتَكَ ، وَأَعْدَدْتَ ثَوَابَهُمْ قَبْلَ أَنْ يُفِيضُوا فِي طَاعَتِكَ ، وَذَلِكَ أَنَّ سُنَّتَكَ الاِفْضَالُ ، وَعَادَتَكَ الاحْسَانُ ، وَسَبِيلَكَ الْعَفْوُ .
فَكُلُّ الْبَرِيِّةِ : مًعْتَرِفَةٌ بِأَنَّكَ غَيْرُ ظَالِم لِمَنْ عَاقَبْتَ ، وَشَاهِدَةٌ بِأَنَّكَ مُتَفَضِّلٌ عَلَى مَنْ عَافَيْتَ ، وَكُلٌّ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّقْصِيْرِ عَمَّا اسْتَوْجَبْتَ .
فَلَوْلا أَنَّ : الشَّيْطَانَ يَخْتَدِعُهُمْ عَنْ طَاعَتِكَ ؛ مَا عَصَاكَ عَاص ، وَلَوْلا أَنَّهُ صَوَّرَ لَهُمُ البَاطِلَ فِي مِثَالِ الْحَقِّ ؛ مَا ضَلَّ عَنْ طَرِيْقِكَ ضَالٌّ .
فَسُبْحَانَكَ : مَا أَبْيَنَ كَرَمَكَ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ أَطَاعَكَ أَوْ عَصَاكَ ، تَشْكُرُ للْمُطِيْعِ مَا أَنْتَ تَوَلَّيْتَهُ لَهُ ، وَتُمْلِي لِلْعَاصِي فِيْمَا تَمْلِكُ مُعَاجَلَتَهُ فِيْهِ ، أَعْطَيْتَ كُلاًّ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَجِبْ لَهُ ، وَتَفَضَّلْتَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا يَقْصُرُ عَمَلُهُ عَنْهُ .
وَلَوْ كَافَأْتَ الْمُطِيعَ : عَلَى مَا أَنْتَ تَوَلَّيْتَهُ ، لأوْشَكَ أَنْ يَفْقِدَ ثَوَابَكَ ، وَأَنْ تَزُولَ عَنْهُ نِعْمَتُكَ ، وَلكِنَّكَ بِكَرَمِكَ جَازَيْتَهُ عَلَى الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ الفَانِيَةِ ، بِالْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ الْخَالِدَةِ ، وَعَلَى الْغَايَةِ الْقَرِيبَةِ الزَّائِلَة ِ، بِالْغايَةِ الْمَدِيدَةِ الْبَاقِيَةِ .
ثُمَّ لَمْ تَسُمْهُ الْقِصَاصَ : فِيمَا أَكَلَ مِنْ رِزْقِكَ الَّذِي يَقْوَى بِهِ عَلَى طَاعَتِكَ ، وَلَمْ تَحْمِلْهُ عَلَى الْمُنَاقَشَاتِ فِي الالاتِ الَّتِي تَسَبَّبَ بِاسْتِعْمَالِهَا إلَى مَغْفِرَتِكَ ، وَلَوْ فَعَلْتَ ذلِكَ بِهِ لَذَهَبَ بِجَمِيْعِ مَا كَدَحَ لَهُ وَجُمْلَةِ مَا سَعَى فِيهِ ، جَزَآءً لِلصُّغْرى مِنْ أَيادِيْكَ وَمِنَنِكَ ، وَلَبقِيَ رَهيناً بَيْنَ يَدَيْكَ بِسَائِرِ نِعَمِكَ ، فَمَتَى كَانَ يَسْتَحِقُّ شَيْئاً مِنْ ثَوَابِكَ ، لا مَتَى ؟
هَذَا يا إلهِي : حَالُ مَنْ أَطَاعَكَ ، وَسَبِيلُ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ .
فَأَمَّا الْعَاصِيْ أَمْرَكَ : وَالْمُوَاقِـعُ نَهْيَكَ ، فَلَمْ تُعَاجِلْهُ بِنَقِمَتِكَ ؛ لِكَيْ يَسْتَبْدِلَ بِحَالِهِ فِي مَعْصِيَتِكَ حَالَ الاِنَابَـةِ إلَى طَـاعَتِـكَ ، وَلَقَـدْ كَـانَ يَسْتَحِقُّ فِي أَوَّلِ مَـا هَمَّ بِعِصْيَانِكَ كُلَّ مَا أَعْدَدْتَ لِجَمِيعِ خَلْقِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ.
فَجَمِيعُ مَا أَخَّرْتَ عَنْهُ : مِنْ وَقْتِ الْعَذَابِ ، وَأَبْطَأتَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ سَطَوَاتِ النَّقِمَةِ وَالْعِقَابِ ؛ تَرْكٌ مِنْ حَقِّكَ ، وَرِضىً بِدُونِ وَاجِبِكَ ، فَمَنْ أكْرَمُ مِنْكَ يَا إلهِي ، وَمَنْ أَشْقَى مِمَّنْ هَلَكَ عَلَيْـكَ ، لا مَنْ ؟
فَتَبَارَكْتَ : أَنْ تُوصَفَ إلاّ بِالاحْسَانِ ، وَكَـرُمْتَ أَنْ يُخَافَ مِنْكَ إلاّ الْعَدْلُ ، لا يُخْشَى جَوْرُكَ عَلَى مَنْ عَصَاكَ ، وَلاَ يُخَافُ إغْفَالُكَ ثَوَابَ مَنْ أَرْضَاكَ .
فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَهَبْ لِىْ أَمَلِي ، وَزِدْنِي مِنْ هُدَاكَ مَا أَصِلُ بِهِ إلَى التَّوْفِيقِ فِي عَمَلِي ، إنَّكَ مَنَّانٌ كَرِيمٌ .
ـــ
ــــ
ـــــ
الدعاء الثامن والثلاثون
وكان من دُعائِهِ عليه السلام
في الاعتذار من تبعاتِ العباد ، ومن التقصيرِ في حقوقهم
وفكاك رقبته من النّار
للَّهُمَّ : إنِّي أَعْتَـذِرُ إلَيْـكَ مِنْ مَـظْلُوم ظُلِمَ بِحَضْرَتِي ، فَلَمْ أَنْصُرْهُ .
وَمِنْ مَعْرُوف : اُسْدِيَ إلَيَّ ، فَلَمْ أَشْكُرْهُ .
وَمِنْ مُسِيء : أعْتَذَرَ إلَيَّ ، فَلَمْ أَعْذِرْهُ .
وَمِنْ ذِيْ فَاقَة : سَأَلَنِي ، فَلَمْ اُوثِرْهُ .
وَمِنْ حَقِّ ذي حَقٍّ : لَزِمَنِي لِمُؤْمِن ، فَلَمْ أوَفِّـرْهُ .
وَمِنْ عَيْبِ مُؤْمِن : ظَهَر لِي فَلَمْ أَسْتُرْهُ .
وَمِنْ كُلِّ إثْم : عَرَضَ لِيْ ، فَلَمْ أَهْجُرْهُ .
عْتَذِرُ إلَيْكَ يَا إلهِي : مِنْهُنَّ ، وَمِنْ نَظَائِرِهِنَّ ، اعْتِذَارَ نَدَامَة يَكُونُ وَاعِظاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ أَشْبَاهِهِنَّ .
فَصَلِّ : عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاجْعَلْ نَدَامَتِي عَلَى مَا وَقَعْتُ فِيهِ مِنَ الـزَّلاّتِ ، وَعَزْمِي عَلَى تَـرْكِ مَا يَعْـرِضُ لِيْ مِنَ السَّيِّئـاتِ ، تَوبَةً تُوجِبُ لِيْ مَحَبَّتَـكَ ، يا مُحِبَّ التَّوَّابِيْنَ .
ـــ
ــــ
ـــــ
الدعاء التاسع والثلاثون
وكان من دُعائِهِ عليه السلام
في طلب العفو والرحمة
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاكْسِرْ شَهْوَتِي عَنْ كُـلِّ مَحْرَم ، وَازْوِ حِـرْصِي عَنْ كُلِّ مَـأثَم ، وَامْنَعْنِي عَنْ أَذَى كُـلِّ مُؤْمِن وَمُؤْمِنَـة وَمُسْلِم وَمُسْلِمَة .
اللَّهُمَّ : وَأَيُّمَا عَبْد نالَ مِنِّي مَا حَظَرْتَ عَلَيْهِ ، وَانْتَهَكَ مِنِّي مَا حَجَرْتَ عَلَيْهِ ، فَمَضَى بِظُلاَمَتِي مَيِّتاً ، أَوْ حَصَلْتَ لِيْ قِبَلَهُ حَيّاً ، فَاغْفِرْ لَهُ مَا أَلَمَّ بِهِ مِنِّي ، وَاعْفُ لَهُ عَمَّا أَدْبَرَ بِهِ عَنِّي ، وَلاَ تَقِفْـهُ عَلَى مَا ارْتَكَبَ فِيَّ ، وَلاَ تَكْشِفْهُ عَمَّا اكْتَسَبَ بِيْ ، وَاجْعَلْ مَا سَمَحْتُ بِـهِ مِنَ الْعَفْـوِ عَنْهُمْ ، وَتَبَـرَّعْتُ بِـهِ مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ ، أَزْكَى صَدَقَاتِ الْمُتَصَدِّقِينَ ، وَأَعْلَى صِلاَتِ الْمُتَقَرِّبِينَ ، وَعَوِّضْنِي مِنْ عَفْوِي عَنْهُمْ عَفْوَكَ ، وَمِنْ دُعَائِي لَهُمْ رَحْمَتَكَ ، حَتَّى يَسْعَدَ كُلُّ وَاحِد مِنَّا بِفَضْلِكَ ، وَيَنْجُوَ كُلٌّ مِنَّا بِمَنِّكَ .
اللَّهُمَّ : وَأَيُّما عَبْد مِنْ عَبِيْدِكَ أَدْرَكَهُ مِنِّي دَرَكٌ ، أَوْ مَسَّهُ مِنْ نَاحِيَتِي أَذَىً ، أَوْ لَحِقَـهُ بِي أَوْ بِسَبَبي ظُلْمٌ ، فَفُتُّهُ بِحَقِّـهِ ، أَوْ سَبَقْتُـهُ بِمَظْلَمَتِهِ .
فَصَلِّ : عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَأَرْضِهِ عَنِّي مِنْ وُجْدِكَ ، وَأَوْفِهِ حَقَّهُ مِنْ عِنْدِكَ ، ثُمَّ قِنيْ مَا يُوجِبُ لَهُ حُكْمُكَ ، وَخَلِّصْنِي مِمَّا يَحْكُمُ بِهِ عَدْلُكَ .
فَإنَّ قُوَّتِي : لا تَسْتَقِلُّ بِنَقِمَتِكَ ، وَإنَّ طَاقتِي لا تَنْهَضُ بِسُخْطِكَ ، فَإنَّكَ إنْ تُكَـافِنِي بِالْحَقِّ تُهْلِكْنِي ، وَإلاّ تَغَمَّـدْنِي بِرَحْمَتِكَ تُوبِقْنِي .
اللَّهُمَّ : إنِّي أَسْتَوْهِبُكَ يَا إلهِي مَا لا يَنْقُصُكَ بَذْلُهُ ، وَأَسْتَحْمِلُكَ مَا لا يَبْهَظُكَ حَمْلُهُ ، أَسْتَوْهِبُكَ يَا إلهِي نَفْسِيَ الَّتِيْ لَمْ تَخْلُقْهَا لِتَمْتَنِعَ بِهَا مِنْ سُوء ، أَوْ لِتَطَرَّقَ بِهَا إلى نَفْع ، وَلكِنْ أَنْشَأتَهَا إثْبَاتاً لِقُدْرَتِكَ عَلَى مِثْلِهَا ، وَاحْتِجَاجاً بِهَا عَلَى شَكْلِهَا ، وأَسْتَحْمِلُكَ مِنْ ذُنُوبِي مَا قَدْ بَهَظَنِي حَمْلُهُ ، وَأَسْتَعِينُ بِكَ عَلَى مَا قَدْ فَدَحَنِي ثِقْلُهُ .
فَصَلِّ : عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَهَبْ لِنَفْسِي عَلَى ظُلْمِهَا نَفْسِيْ ، وَوَكِّلْ رَحْمَتَكَ بِاحْتِمَالِ إصْرِي ، فَكَمْ قَدْ لَحِقَتْ رَحْمَتُكَ بِالْمُسِيئِينَ ، وَكَمْ قَدْ شَمِلَ عَفْوُكَ الظَّالِمِينَ .
فَصَلِّ : عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاجْعَلْنِي أُسْوَةَ مَنْ قَدْ أَنْهَضْتَهُ بِتَجَاوُزِكَ عَنْ مَصَارِعِ الْخَاطِئِينَ ، وَخَلَّصْتَهُ بِتَوْفِيقِكَ مِنْ وَرَطَاتِ الْمُجْرِمِينَ ، فَأَصْبَحَ طَلِيقَ عَفْوِكَ مِنْ إسَارِ سُخْطِكَ ، وَعَتِيقَ صُنْعِكَ مِنْ وَثَاقِ عَدْلِكَ .
إنَّكَ إنْ تَفْعَلْ ذَلِكَ يَا إلهِي : تَفْعَلْهُ بِمَنْ لاَ يَجْحَدُ اسْتِحْقَاقَ عُقُوبَتِكَ ، وَلاَ يُبَرِّئُ نَفْسَهُ مِنِ اسْتِيجَابِ نَقِمَتِكَ ، تَفْعَلُ ذلِكَ يَا إلهِي بِمَنْ خَوْفُهُ مِنْكَ أَكْثَرُ مِنْ طَمَعِهِ فِيكَ ، وَبِمَنْ يَأْسُهُ مِنَ النَّجَاةِ أَوْكَدُ مِنْ رَجَآئِهِ لِلْخَلاَصِ ، لاَ أَنْ يَكُونَ يَأْسُهُ قُنُوطَاً أَوْ أَنْ يَكُونَ طَمَعُهُ اغْتِرَاراً ، بَلْ لِقِلَّةِ حَسَنَاتِهِ بَيْنَ سَيِّئاتِهِ ، وَضَعْفِ حُجَجِهِ فِي جَمِيعِ تَبِعَاتِهِ .
فَأَمَّا أَنْتَ يَا إلهِي : فَأَهْلٌ أَنْ لاَ يَغْتَرَّ بِكَ الصِّدِّيقُونَ ، وَلاَ يَيْأَسَ مِنْكَ الْمُجْرِمُونَ ، لاَِنَّكَ ألرَّبُّ الْعَظِيمُ الَّذِيْ لاَ يَمْنَعُ أَحَـداً فَضْلَهُ ، وَلاَ يَسْتَقْصِي مِنْ أَحَد حَقَّـهُ .
تَعَالى ذِكْرُكَ : عَنِ الْمَذْكُورِينَ ، وَتَقَدَّست أَسْمَـآؤُكَ عَنِ الْمَنْسُوبِينَ ، وَفَشَتْ نِعْمَتُكَ فِيْ جَمِيْعِ الْمَخْلُوقِينَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
ـــ
ــــ
ـــــ
الدعاء الأربعون
وكان من دُعائِهِ عليه السلام
إذا نُعِيَ إليهِ ميِّتٌ أو ذَكَرَ الموت
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاكْفِنَا طُـولَ الامَـلِ ، وَقَصِّرْهُ عَنَّا بِصِدْقِ الْعَمَلِ ، حَتَّى لا نُأَمِّلَ اسْتِتْمَامَ سَاعَة بَعْدَ سَاعَة ، وَلاَ اسْتِيفَاءَ يَوْم بَعْدَ يَوْم ، وَلاَ اتِّصَالَ نَفَس بِنَفَس ، وَلا لُحُـوقَ قَدَم بِقَـدَم .
وَسَلِّمْنَا : مِنْ غُرُورِهِ ، وَآمِنَّـا مِنْ شُـرُوْرِهِ ، وَانْصِبِ المَوْتَ بَيْنَ أَيْدِينَا نَصْباً ، وَلاَ تَجْعَلْ ذِكْرَنَا لَهُ غِبّاً .
وَاجْعَلْ لَنَا : مِنْ صَالِحِ الاعْمَالِ ، عَمَلاً نَسْتَبْطِئُ مَعَهُ الْمَصِيرَ إلَيْكَ ، وَنحْـرِصُ لَهُ عَلَى وَشْكِ اللِّحَاقِ بِكَ .
حَتَّى يَكُونَ الْمَوْتُ : مَأنَسَنَا الَّذِي نَأنَسُ بِهِ ، وَمَألَفَنَا الَّذِي نَشْتَاقُ إلَيْهِ ، وَحَامَّتَنَا الَّتِي نُحِبُّ الدُّنُوَّ مِنْهَا
فَإذَا أَوْرَدْتَهُ : عَلَيْنَا ، وَأَنْزَلْتَهُ بِنَا ؛ فَأسْعِدْنَا بِهِ زَائِراً ، وَآنِسْنَا بِهِ قَادِماً ، وَلاَ تُشْقِنَا بِضِيافَتِهِ ، وَلا تُخْزِنَا بِزِيارَتِهِ ، وَاجْعَلْهُ بَاباً مِنْ أَبْوَابِ مَغْفِرَتِكَ ، وَمِفْتَاحاً مِنْ مَفَاتِيحِ رَحْمَتِكَ .
أَمِتْنَا مُهْتَدِينَ : غَيْرَ ضَالِّينَ ، طائِعِينَ غَيْرَ مُسْتَكْرِهِينَ ، تَائِبينَ غَيْرَ عاصِينَ وَلا مُصِرِّينَ ، يَا ضَامِنَ جَزَاءِ الْمُحْسِنِينَ ، وَمُسْتَصْلِحَ عَمَلِ الْمُفْسِدِينَ .
أعدها
للعرض على الانترنيت والمبايل
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.114.ir