بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد
وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة
الله
على
أعدائهم
إلى يوم الدين
الصحيفة السجّاديّة
إملاء الإمام السجاد عَلِيِّ بْن الْحُسَين عليه السلام
الدعاء الحادي والأربعون
وكان من دُعائِهِ عليه السلام
في طَلَب السِّتْرِ والوِقايَةِ
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَأَفْرِشْنِي مِهَادَ كَـرَامَتِـكَ ، وَأَوْرِدْنِي مَشَارِعَ رَحْمَتِـكَ ، وَأَحْلِلْنِي بُحْبُوحَةَ جَنَّتِكَ .
وَلاَ تَسُمْنِي : بِالرَّدِّ عَنْكَ ، وَلا تَحْرِمْنِي بِـالْخَيْبَةِ مِنْـكَ ، وَلاَ تُقَاصَّنِي بِمَـا اجْتَرَحْتُ ، وَلاَ تُنَاقِشْنِي بِمَا اكْتَسَبْتُ .
وَلا تُـبْرِزْ : مَكْتُوْمِي ، وَلاَ تَكْشِفْ مَسْتُورِي ، وَلاَ تَحْمِلْ عَلَى مِيزانِ الانْصَافِ عَمَلِي .
وَلاَ تُعْلِنْ : عَلَى عُيُونِ الْمَلاَ خَبَـرِي ، أَخْفِ عَنْهُمْ مَا يَكُونُ نَشْرُهُ عَلَيَّ عَاراً ، وَاطْوِ عَنْهُمْ مَا يُلْحِقُنِي عِنْدَكَ شَنَاراً .
شَرِّفْ : دَرَجَتِي بِرِضْوَانِكَ ، وَأكْمِلْ كَرَامَتِي بِغُفْرَانِكَ ، وَانْظِمْنِي فِي أَصْحَابِ الْيَمِينِ ، وَوَجِّهْنِي فِي مَسَالِكِ الامِنِينَ ، وَاجْعَلْنِي فِي فَوْجِ الْفَائِزِينَ ، وَاعْمُرْ بِي مَجَالِسَ الصَّالِحِينَ ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ .
ـــ
ــــ
ـــــ
الدعاء الثاني والأربعون
وكان من دُعائِهِ عليه السلام
عند ختمِ القرآنِ
اللَّهُمَّ : إنَّكَ أَعَنْتَنِي عَلَى خَتْمِ كِتَابِكَ ، الَّذِي أَنْزَلْتَهُ نُوراً ، وَجَعَلْتَهُ مُهَيْمِناً عَلَى كُلِّ كِتَاب أَنْزَلْتَهُ ، وَفَضَّلْتَهُ عَلَى كُلِّ حَدِيث قَصَصْتَهُ .
وَفُرْقان : فَرَقْتَ بِهِ بَيْنَ حَلالِكَ وَحَرَامِكَ .
وَقُرْآناً : أَعْرَبْتَ بِهِ عَنْ شَرَائِعِ أَحْكَامِكَ .
وَكِتَاباً : فَصَّلْتَهُ لِعِبَادِكَ تَفْصِيلاً .
وَوَحْياً : أَنْزَلْتَهُ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّد صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ تَنْزِيلاً .
وجَعَلْتَهُ : نُوراً نَهْتَدِي مِنْ ظُلَمِ الضَّلاَلَةِ وَالْجَهَـالَةِ بِـاتِّبَاعِـهِ .
وَشِفَـآءً : لِمَنْ أَنْصَتَ بِفَهْم التَّصْدِيقِ إلَى اسْتِمَاعِهِ .
وَمِيزَانَ قِسْط : لاَ يَحِيْفُ عَنِ الْحَقِّ لِسَانُهُ .
وَنُورَ هُدىً : لاَ يُطْفَأُ عَنِ الشَّاهِدِينَ بُرْهَانُهُ .
وَعَلَمَ نَجَاة : لاَ يَضِلُّ مَنْ أَمَّ قَصْدَ سُنَّتِهِ .
وَلاَ تَنَالُ : أَيْدِي الْهَلَكَاتِ ، مَنْ تَعَلَّقَ بِعُرْوَةِ عِصْمَتِهِ .
اللَّهُمَّ : فَإذْ أَفَدْتَنَا الْمعُونَةَ عَلَى تِلاَوَتِهِ ، وَسَهَّلْتَ جَوَاسِيَ أَلْسِنَتِنَا بِحُسْنِ عِبَارَتِهِ ، فَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَرْعَاهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ ، وَيَدِينُ لَكَ بِاعْتِقَادِ التَّسْلِيْمِ لِمُحْكَمِ آياتِهِ ، وَيَفْزَعُ إلى الاِقْرَارِ بِمُتَشَابِهِهِ وَمُوضَحَاتِ بَيِّناتِهِ .
اللَّهُمَّ : إنَّكَ أَنْزَلْتَهُ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مُجْمَلاً ، وَأَلْهَمْتَهُ عِلْمَ عَجَائِبِهِ مُكَمَّلاً ، وَوَرَّثْتَنَا عِلْمَهُ مُفَسَّراً ، وَفَضَّلْتَنَا عَلَى مَنْ جَهِلَ عِلْمَهُ ، وَقَوَّيْتَنَا عَلَيْهِ لِتَرْفَعَنَا فَوْقَ مَنْ لَمْ يُطِقْ حَمْلَهُ .
اللَّهُمَّ : فَكَمَا جَعَلْتَ قُلُوبَنَا لَهُ حَمَلَةً ، وَعَرَّفْتَنَا بِرَحْمَتِكَ شَرَفَهُ وَفَضْلَهُ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد الْخَطِيْبِ بِهِ ، وَعَلَى آلِهِ الْخُزّانِ لَهُ ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَعْتَرِفُ بِأَنـَّهُ مِنْ عِنْدِكَ حَتَّى لاَ يُعَارِضَنَا الشَّكُّ فِي تَصْدِيقِهِ ، وَلاَ يَخْتَلِجَنَا الزَّيْغُ عَنْ قَصْدِ طَرِيقِهِ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـهِ ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَعْتَصِمُ بِحَبْلِهِ ، وَيَـأْوِي مِنَ الْمُتَشَـابِهَاتِ إلَى حِـرْزِ مَعْقِلِهِ ، وَيَسْكُنُ فِي ظِـلِّ جَنَاحِهِ ، وَيَهْتَدِي بِضَوْءِ صَاحِبِهِ ، وَيَقْتَدِي بِتَبَلُّج إسْفَارِهِ ، وَيَسْتَصْبحُ بِمِصْباحِهِ ، وَلا يَلْتَمِسُ ألْهُدَى فِي غَيْرِهِ .
اللَّهُمَّ : وَكَمَا نَصَبْتَ بِهِ مُحَمَّداً عَلَماً لِلدَّلالَةِ عَلَيْكَ ، وَأَنْهَجْتَ بِآلِهِ سُبُلَ الرِّضَا إلَيْكَ ؛ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاجْعَلِ القُرْآنَ وَسِيلَةً لَنَا إلَى أَشْرَفِ مَنَازِلِ الْكَرَامَةِ ، وَسُلَّماً نَعْرُجُ فِيهِ إلَى مَحَلِّ السَّلامَةِ ، وَسَبَباً نُجْزَى بِهِ النَّجاةَ فِي عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ ، وَذَرِيعَةً نُقْدِمُ بِهَا عَلَى نَعِيْمِ دَارِ الْمُقَامَةِ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاحْطُطْ بالْقُرْآنِ عَنَّا ثِقْلَ الاوْزَارِ ، وَهَبْ لَنَا حُسْنَ شَمَائِلِ الاَبْرَارِ ، وَاقْفُ بِنَا آثَارَ الَّذِينَ قَامُوا لَكَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ ، حَتَّى تُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ دَنَس بِتَطْهِيرِهِ ، وَتَقْفُوَ بِنَا آثَارَ الَّذِينَ اسْتَضَـآءُوْا بِنُورِهِ ، وَلَمْ يُلْهِهِمُ الاَمَـلُ عَنِ الْعَمَـل فَيَقْطَعَهُمْ بِخُدَعِ غُرُورِهِ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، واجْعَلِ القُرْآنَ لنا فِي ظُلَمِ اللَّيالِي مُونِساً ، وَمِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ وَخَطَرَاتِ الْوَسَاوِسِ حَارِساً ، وَلاقْدَامِنَا عَنْ نَقْلِهَا إلَى الْمَعَاصِيْ حَابِساً ، وَلاِلْسِنَتِنَا عَنِ الْخَوْضِ فِي الباطِلِ مِنْ غَيْرِ مَا آفَة مُخْرِساً ، وَلِجَوَارِحِنَا عَنِ اقْتِرَافِ الاثامِ زَاجِراً ، وَلِمَا طَوَتِ الغَفْلَةُ عَنَّا مِنْ تَصَفُّحِ الاعْتِبَارِ نَاشِراً ؛ حَتَّى تُوصِلَ إلَى قُلُوبِنَا : فَهْمَ عَجَائِبِهِ ، وَزَوَاجِرَ أَمْثَـالِهِ الَّتِي ضَعُفَتِ الْجِبَالُ الرَّوَاسِي عَلَى صَلاَبَتِهَا عَنِ احْتِمَالِهِ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَأَدِمْ بِالْقُرْانِ صَلاَحَ ظاهِرِنا ، وَاحْجُبْ بِهِ خَطَراتِ الْوَسَاوِسِ عَنْ صِحَّةِ ضَمَائِرِنَا ، وَاغْسِلْ بِهِ دَرَنَ قُلُوبِنَا وَعَلاَئِقَ أَوْزَارِنَا ، وَاجْمَعْ بِهِ مُنْتَشَرَ أُمُورِنَا ، وَأَرْوِ بِهِ فِي مَـوْقِفِ الْعَرْضِ عَلَيْكَ ظَمَأ هَوَاجِرِنَا ، وَاكْسُنَا بِهِ حُلَلَ الاَمَانِ يَوْمَ الْفَزَعِ الاكْبَرِ فِي نشُورِنَا .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاجْبُرْ بِالْقُرْآنِ خَلَّتَنَا مِنْ عَدَمِ الامْلاَقِ ، وَسُقْ إلَيْنَا بِهِ رَغَدَ الْعَيْشِ ، وَخِصْبَ سَعَةِ الارْزَاقِ ، وَجَنِّبْنَا بِهِ الضَّرَائِبَ الْمَذْمُومَةَ ، وَمَدَانِيَ الاخْلاَقِ ، وَاعْصِمْنَا بِهِ مِنْ هُوَّةِ الكُفْرِ وَدَوَاعِـي النِّفَاقِ ، حَتَّى يَكُوْنَ لَنَا فِي الْقِيَامَةِ إلَى رِضْوَانِكَ وَجِنَانِكَ قَائِداً ، وَلَنَا فِي الدُّنْيا عَنْ سَخَطِكَ وَتَعَدِّي حُدُودِكَ ذَائِداً ، وَلِمَا عِنْدَكَ بِتَحْلِيلِ حَلاَلِهِ وَتَحْرِيم حَرَامِهِ شَاهِداً .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَهَوِّنْ بِالْقُرْآنِ عِنْدَ الْمَوْتِ عَلَى أَنْفُسِنَا كَرْبَ السِّيَاقِ ، وَجَهْدَ الانِينِ ، وَتَرادُفَ الْحَشَارِجِ إذَا بَلَغَتِ ألنُّفُوسُ التَّراقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاق ، وَتَجَلَّى مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِهَا مِنْ حُجُبِ الْغُيُوبِ ، وَرَمَاهَا عَنْ قَوْسِ الْمَنَايَا بِأَسْهُمِ وَحْشَةِ الْفِرَاقِ ، وَدَافَ لَهَا مِنْ ذُعَافِ الْمَوْتِ كَأْساً مَسْمُومَةَ الْمَذَاقِ ، وَدَنا مِنَّا إلَى الآخِرَةِ رَحِيلٌ وَانْطِلاَقٌ ، وَصَارَتِ الاعْمَالُ قَلاَئِـدَ فِي الاَعْنَاقِ ، وَكَانَتِ الْقُبُورُ هِيَ الْمَأوَى إلَى مِيقَاتِ يَوْمِ التَّلاَقِ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَبَارِكْ لَنَا فِي حُلُولِ دَارِ البِلَى وَطُولِ الْمُقَامَـةِ بَيْنَ أَطْبَـاقِ الثَّـرى ، وَاجْعَلِ القبُورَ بَعْدَ فِرَاقِ الدُّنْيَا خَيْرَ مَنَازِلِنَا ، وَافْسَحْ لَنَا بِرَحْمَتِكَ فِي ضِيقِ مَلاَحِدِنَا ، وَلا تَفْضَحْنَا فِي حَاضِرِي الْقِيَامَةِ بِمُوبِقَاتِ آثامِنَا ، وَارْحَمْ بِالْقُرْانِ فِيْ مَوْقِفِ الْعَرْضِ عَلَيْكَ ذُلَّ مَقَامِنَا ، وَثَبِّتْ بِهِ عِنْدَ اضْطِرَابِ جِسْرِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْمَجَازِ عَلَيْهَـا زَلَلَ أَقْدَامِنَا ، وَنَوِّرْ بِهِ قَبْلَ الْبَعْثِ سُدَفَ قُبُورنا ، وَنَجِّنَا بِهِ مِنْ كُلِّ كَرْب يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشَدَائِدِ أَهْوَالِ يَوْمِ الطَّامَّةِ ، وَبَيِّضْ وُجُوهَنَا يَوْمَ تَسْوَدُّ وُجُوهُ الظَّلَمَةِ فِي يَوْمِ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ ، وَاجْعَلْ لَنَا فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ وُدّاً ، وَلاَ تَجْعَلِ الْحَيَاةَ عَلَيْنَا نَكَداً.
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ كَمَا بَلَّغَ رِسَالَتَكَ ، وَصَدَعَ بِأَمْرِكَ ، وَنَصَحَ لِعِبَادِكَ .
اللَّهُمَّ : اجْعَلْ نَبِيَّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَقْرَبَ النِّبِيِّينَ مِنْكَ مَجْلِساً ، وَأَمْكَنَهُمْ مِنْكَ شَفَاعَةً ، وَأَجَلَّهُمْ عِنْدَكَ قَدْراً ، وَأَوْجَهَهُمْ عِنْدَكَ جَاهَاً .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَشَرِّفْ بُنْيَانَهُ ، وَعَظِّمْ بُرْهَانَهُ ، وَثَقِّلْ مِيزَانَهُ ، وَتَقَبَّلْ شَفَاعَتَهُ وَقَرِّبْ وَسِيلَتَهُ ، وَبَيِّضْ وَجْهَهُ ، وَأَتِمَّ نُورَهُ ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ ، وَأَحْيِنَا عَلَى سُنَّتِهِ ، وَتَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ ، وَخُذْ بِنَـا مِنْهَاجَـهُ ، وَاسْلُكْ بِنَا سَبِيلَهُ ، وَاجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ ، وَأَوْرِدْنَا حَوْضَهُ ، وَاسْقِنَا بِكَأسِهِ .
اللَّهُمَّ : وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، صَلاةً تُبَلِّغُهُ بِهَا أَفْضَلَ مَا يَأْمُلُ مِنْ خَيْرِكَ وَفَضْلِكَ وَكَرَامَتِكَ ، إنَّكَ ذُوْ رَحْمَة وَاسِعَة وَفَضْل كَرِيم .
اللَّهُمَّ : اجْزِهِ بِمَا بَلَّغَ مِنْ رِسَالاتِكَ ، وَأَدَّى مِنْ آيَاتِكَ ، وَنَصَحَ لِعِبَادِكَ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِكَ ، أَفْضَلَ مَا جَزَيْتَ أَحَداً مِنْ مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ الْمُصْطَفَيْنَ .
وَالسَّلاَمُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ .
ـــ
ــــ
ـــــ
الدعاء الثالث والأربعون
وكان من دُعائِهِ عليه السلام
إذا نظر إلى الهلال
أيُّهَا الْخَلْقُ الْمُطِيعُ : الدَّائِبُ السَّرِيعُ ، الْمُتَرَدِّدُ فِي مَنَازِلِ التَّقْدِيْرِ ، الْمُتَصَرِّفُ فِي فَلَكِ التَّدْبِيرِ ، آمَنْتُ بِمَنْ نَوَّرَ بِكَ الظُّلَمَ ، وَأَوْضَحَ بِـكَ الْبُهَمَ ، وَجَعَلَكَ آيَةً مِنْ آياتِ مُلْكِهِ ، وَعَلاَمَةً مِنْ عَلاَمَاتِ سُلْطَانِهِ ، وَامْتَهَنَكَ بِالزِّيادَةِ وَالنُّقْصَانِ ، وَالطُّلُوعِ وَالاُفُولِ ، وَالاِنارَةِ وَالْكُسُوفِ ، فِي كُلِّ ذلِكَ أَنْتَ لَهُ مُطِيعٌ ، وَإلى إرَادَتِهِ سَرِيعٌ .
سُبْحَانَهُ : مَا أَعْجَبَ مَا دَبَّرَ فِيْ أَمْرِكَ ، وَأَلْطَفَ مَا صَنعَ فِي شَأْنِكَ ، جَعَلَكَ مِفْتَاحَ شَهْر حَادِث لاِمْر حادِث .
فَأَسْأَلُ اللهَ : رَبِّي وَرَبَّكَ ، وَخَالِقِي وَخَالِقَكَ ، وَمُقَدِّرِي وَمُقَدِّرَكَ ، وَمُصَوِّرِي وَمُصَوِّرَكَ ، أَنْ يُصَلِّي عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَأَنْ يَجْعَلَكَ هِلاَلَ بَرَكَة لاَ تَمْحَقُهَا الايَّامُ ، وَطَهَارَة لاَ تُدَنِّسُهَا الاثامُ .
هِلاَلَ : أَمْن مِنَ الافاتِ ، وَسَلاَمَة مِنَ السَّيِّئاتِ .
هِلاَلَ : سَعْد لاَ نَحْسَ فِيْهِ ، وَيُمْن لاَ نَكَدَ مَعَهُ ، وَيُسْر لاَ يُمَازِجُهُ عُسْرٌ ، وَخَيْر لاَ يَشُوبُهُ شَرٌّ .
هِلاَلَ : أَمْن وَإيمَان ، وَنِعْمَة وَإحْسَان ، وَسَلاَمَة وَإسْلاَم .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاجْعَلْنَا مِنْ أَرْضَى مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ ، وَأَزْكَى مَنْ نَظَرَ إليْهِ ، وَأَسْعَدَ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهِ ، وَوَفِّقْنَا فِيهِ لِلتَّوْبَةِ ، وَأعْصِمْنَـا فِيْهِ مِنَ الْحَـوْبَةِ ، وَاحْفَظْنَا فِيهِ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَعْصِيَتِكَ ، وَأَوْزِعْنَا فِيهِ شُكْرَ نِعْمَتِكَ ، وَأَلْبِسْنَا فِيهِ جُنَنَ الْعَافِيَةِ ، وَأَتْمِمْ عَلَيْنَا بِاسْتِكْمَالِ طَاعَتِكَ فِيهِ الْمِنَّةَ ، إنَّكَ الْمَنَّانُ الْحَمِيدُ ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ .
ـــ
ــــ
ـــــ
الدعاء الرابع والأربعون
وكان من دُعائِهِ عليه السلام
إذا دخل شهر رمضان
الْحَمْدُ للهِ : الَّذِي هَدَانَا لِحَمْدِهِ ، وَجَعَلَنَا مِنْ أَهْلِهِ ، لِنَكُونَ لاحْسَانِهِ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، وَلِيَجْزِيَنَا عَلَى ذلِكَ جَزَآءَ الْمُحْسِنِينَ .
وَالْحَمْدُ للهِ : الَّذِي حَبَانَا بِدِينِهِ ، وَاخْتَصَّنَا بِمِلَّتِهِ ، وَسَبَّلَنَا فِي سُبُلِ إحْسَانِهِ ، لِنَسْلُكَهَا بِمَنِّهِ إلَى رِضْوَانِهِ ، حَمْدَاً يَتَقَبَّلُهُ مِنَّا ، وَيَرْضَى بِهِ عَنَّا.
وَالْحَمْدُ لِلّه : الَّذِي جَعَلَ مِنْ تِلْكَ السُّبُلِ شَهْرَهُ .
شَهْرَ رَمَضَانَ : شَهْرَ الصِّيَامِ ، وَشَهْرَ الاِسْلاَم ، وَشَهْرَ الطَّهُورِ ، وَشَهْرَ التَّمْحِيْصِ ، وَشَهْرَ الْقِيَامِ ، الَّذِي أُنْزِلَ فِيْهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ ، وَبَيِّنَات مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقَانِ .
فَأَبَانَ فَضِيْلَتَهُ : عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ ، بِمَا جَعَلَ لَهُ مِنَ الْحُرُمَاتِ الْمَوْفُورَةِ ، وَالْفَضَائِلِ الْمَشْهُورَةِ ، فَحَرَّمَ فِيْهِ ما أَحَلَّ فِي غَيْرِهِ إعْظَاماً ، وَحَجَرَ فِيْهِ الْمَطَاعِمَ وَالْمَشَارِبَ إكْرَاماً ، وَجَعَلَ لَهُ وَقْتاً بَيِّناً لاَ يُجِيزُ جَلَّ وَعَزَّ أَنْ يُقَدَّمَ قَبْلَهُ ، وَلا يَقْبَـلُ أَنْ يُؤَخَّرَ عَنْهُ .
ثُمَّ فَضَّلَ لَيْلَةً وَاحِدَةً : مِنْ لَيَالِيهِ ، عَلَى لَيَالِي أَلْفِ شَهْر ، وَسَمَّاهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر ، سَلاَمٌ دَائِمُ الْبَرَكَةِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ، عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ بِمَا أَحْكَمَ مِنْ قَضَائِهِ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَأَلْهِمْنَا مَعْرِفَةَ فَضْلِهِ ، وَإِجْلاَلَ حُرْمَتِهِ ، وَالتَّحَفُّظَ مِمَّا حَظَرْتَ فِيهِ ، وَأَعِنَّـا عَلَى صِيَـامِـهِ بِكَفِّ الْجَـوَارِحِ عَنْ مَعَاصِيْكَ ، وَاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ بِمَا يُرْضِيْكَ ، حَتَّى لاَ نُصْغِي بِأَسْمَاعِنَا إلَى لَغْو ، وَلا نُسْرِعُ بِأَبْصَارِنَا إلَى لَهْو ، وَحَتَّى لاَ نَبْسُطَ أَيْدِيَنَا إلَى مَحْظُور ، وَلاَ نَخْطُوَ بِأَقْدَامِنَا إلَى مَحْجُور ، وَحَتَّى لاَ تَعِيَ بُطُونُنَا إلاَّ مَا أَحْلَلْتَ ، وَلا تَنْطِقَ أَلْسِنَتُنَا إلاَّ بِمَا مَثَّلْتَ ، وَلا نَتَكَلَّفَ إلاَّ ما يُدْنِي مِنْ ثَوَابِكَ ، وَلاَ نَتَعَاطَى إلاّ الَّذِي يَقِيْ مِنْ عِقَابِكَ .
ثُمَّ خَلِّصْ ذَلِكَ كُلَّهُ : مِنْ رِئآءِ الْمُرَائِينَ ، وَسُمْعَةِ الْمُسْمِعِينَ ، لاَ نَشْرِكُ فِيهِ أَحَداً دُونَكَ ، وَلا نَبْتَغِيْ فِيهِ مُرَاداً سِوَاكَ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَقِفْنَـا فِيْـهِ عَلَى مَـوَاقِيْتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْس بِحُدُودِهَا الَّتِي حَدَّدْتَ ، وَفُرُوضِهَا الَّتِي فَرَضْتَ ، وَوَظَائِفِهَا الَّتِي وَظَّفْتَ ، وَأَوْقَاتِهَا الَّتِي وَقَّتَّ ، وَأَنْزِلْنَا فِيهَا مَنْزِلَةَ الْمُصِيْبينَ لِمَنَازِلِهَا ، الْحَافِظِينَ لاِرْكَانِهَا ، الْمُؤَدِّينَ لَهَـا فِي أَوْقَاتِهَـا ، عَلَى مَا سَنَّـهُ عَبْدُكَ وَرَسُـولُكَ صَلَوَاتُـكَ عَلَيْهِ وَآلِـهِ ، فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا ، وَجَمِيْعِ فَوَاضِلِهَا عَلَى أَتَمِّ الطَّهُورِ وَأَسْبَغِهِ ، وَأَبْيَنِ الْخُشُوعِ وَأَبْلَغِهِ .
وَوَفِّقْنَا فِيهِ : لاِنْ نَصِلَ أَرْحَامَنَا بِالبِرِّ وَالصِّلَةِ ، وَأَنْ نَتَعَاهَدَ جِيرَانَنَا بِالاِفْضَالِ وَالْعَطِيَّةِ ، وَأَنْ نُخَلِّصَ أَمْوَالَنَا مِنَ التَّبِعَاتِ ، وَأَنْ نُطَهِّرَهَا بِإخْرَاجِ الزَّكَوَاتِ ، وَأَنْ نُرَاجِعَ مَنْ هَاجَرَنَـا ، وَأَنْ نُنْصِفَ مَنْ ظَلَمَنَا ، وَأَنْ نُسَـالِمَ مَنْ عَادَانَا حَاشَا مَنْ عُودِيَ فِيْكَ وَلَكَ ، فَإنَّهُ الْعَدُوُّ الَّذِي لاَ نُوالِيهِ ، وَالحِزْبُ الَّذِي لاَ نُصَافِيهِ .
وَأَنْ نَتَقَرَّبَ إلَيْكَ فِيْهِ : مِنَ الاَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ بِمَا تُطَهِّرُنا بِهِ مِنَ الذُّنُوبِ ، وَتَعْصِمُنَا فِيهِ مِمَّا نَسْتَأنِفُ مِنَ الْعُيُوبِ ، حَتَّى لا يُورِدَ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ مَلاَئِكَتِكَ إلاّ دُونَ مَا نُورِدُ مِنْ أَبْوابِ الطَّاعَةِ لَكَ ، وَأَنْوَاعِ القُرْبَةِ إلَيْكَ .
اللَّهُمَّ : إنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذَا الشَّهْرِ ، وَبِحَقِّ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهِ ، مِنِ ابْتِدَائِهِ إلَى وَقْتِ فَنَائِهِ ، مِنْ مَلَك قَرَّبْتَهُ ، أَوْ نَبِيٍّ أَرْسَلْتَهُ ، أَوْ عَبْد صَالِح اخْتَصَصْتَهُ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَأَهِّلْنَا فِيهِ لِمَا وَعَدْتَ أَوْلِياءَكَ مِنْ كَرَامَتِكَ ، وَأَوْجِبْ لَنَا فِيهِ مَا أَوْجَبْتَ لاِهْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي طَاعَتِكَ ، وَاجْعَلْنَا فِي نَظْمِ مَنِ اسْتَحَقَّ الرَّفِيْعَ الاعْلَى بِرَحْمَتِكَ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَجَنِّبْنَا الالْحَادَ فِي تَوْحِيدِكَ ، وَالتَّقْصِيرَ فِي تَمْجِيدِكَ ، وَالشَّكَّ فِي دِينِـكَ ، وَالْعَمَى عَنْ سَبِيْلِكَ ، وَالاغْفَالَ لِحُرْمَتِكَ ، وَالانْخِدَاعَ لِعَدُوِّكَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَإذَا كَانَ لَكَ فِيْ كُلِّ لَيْلَة مِنْ لَيَالِيْ شَهْرِنَا هَذَا رِقَابٌ يُعْتِقُهَا عَفْوُكَ ، أَوْ يَهَبُهَا صَفْحُكَ ، فَاجْعَلْ رِقَابَنَا مِنْ تِلْكَ الرِّقَابِ ، وَاجْعَلْنَا لِشَهْرِنَا مِنْ خَيْرِ أَهْل وَأَصْحَاب .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَامْحَقْ ذُنُوبَنَا مَعَ امِّحاقِ هِلاَلِهِ ، وَاسْلَخْ عَنَّا تَبِعَاتِنَا مَعَ انْسِلاَخِ أَيَّامِهِ ، حَتَّى يَنْقَضِي عَنَّا وَقَدْ صَفَّيْتَنَا فِيهِ مِنَ الْخَطِيئاتِ ، وَأَخْلَصْتَنَا فِيهِ مِنَ السَّيِّئاتِ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَإنْ مِلْنَا فِيهِ فَعَدِّلْنا ، وَإنْ زِغْنَا فِيهِ فَقَوِّمْنَا ، وَإنِ اشْتَمَلَ عَلَيْنَا عَدُوُّكَ الشَّيْطَانُ فَاسْتَنْقِذْنَا مِنْهُ .
اللَهُمَّ : اشْحَنْهُ بِعِبَادَتِنَا إيَّاكَ ، وَزَيِّنْ أَوْقَاتَهُ بِطَاعَتِنَا لَكَ ، وَأَعِنَّا فِي نَهَـارِهِ عَلَى صِيَـامِـهِ ، وَفِي لَيْلِهِ عَلَى الصَّـلاَةِ وَالتَّضَرُّعِ إلَيْكَ وَالخُشُوعِ لَكَ ، وَالذِّلَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ ، حَتَّى لا يَشْهَدَ نَهَارُهُ عَلَيْنَا بِغَفْلَة ، وَلا لَيْلُهُ بِتَفْرِيط.
اللَّهُمَّ : وَاجْعَلْنَا فِي سَائِرِ الشُّهُورِ وَالاَيَّامِ كَذَلِكَ مَا عَمَّرْتَنَا ، وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ ، هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ، وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُـونَ ، وَمِنَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، فِي كُلِّ وَقْت ، وَكُلِّ أَوَان ، وَعَلَى كُـلِّ حَال ، عَـدَدَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى مَنْ صَلَّيْتَ عَلَيْهِ ، وَأَضْعَافَ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالاضْعافِ الَّتِي لا يُحْصِيهَا غَيْرُكَ ، إنَّكَ فَعَّالٌ لِمَا تُرِيدُ .
ـــ
ــــ
ـــــ
الدعاء الخامس والأربعون
وكان من دُعائِهِ عليه السلام
في وداع شهر رمضان
اللَّهُمَّ : يَا مَنْ لا يَرْغَبُ فِي الْجَزَاءِ ، وَلاَ يَنْدَمُ عَلَى الْعَطَآءِ ، وَيَا مَنْ لاَ يُكَافِئُ عَبْدَهُ عَلَى السَّوآءِ ، مِنَّتُكَ ابْتِدَاءٌ ، وَعَفْوُكَ تَفَضُّلٌ ، وَعُقُوبَتُكَ عَـدْلٌ ، وَقَضَاؤُكَ خِيَرَةٌ .
إنْ أَعْطَيْتَ : لَمْ تَشُبْ عَطَآءَكَ بِمَنٍّ ، وَإنْ مَنَعْتَ لَمْ يَكُنْ مَنْعُكَ تَعَدِّيا ، تَشْكُرُ مَنْ شَكَرَكَ وَأَنْتَ أَلْهَمْتَهُ شُكْرَكَ ، وَتُكَافِئُ مَنْ حَمِدَكَ وَأَنْتَ عَلَّمْتَهُ حَمْدَكَ ، تَسْتُرُ عَلَى مَنْ لَوْ شِئْتَ فَضَحْتَـهُ ، وَتَجُودُ عَلَى مَنْ لَوْ شِئْتَ مَنَعْتَهُ ، وَكِلاَهُمَا أَهْلٌ مِنْكَ لِلْفَضِيحَةِ وَالْمَنْعِ .
غَيْرَ أَنَّكَ : بَنَيْتَ أَفْعَالَكَ عَلَى التَّفَضُّلِ ، وَأَجْرَيْتَ قُدْرَتَكَ عَلَى التَّجَاوُزِ ، وَتَلَقَّيْتَ مَنْ عَصَاكَ بِالحِلْمِ ، وَأمْهَلْتَ مَنْ قَصَدَ لِنَفْسِهِ بِالظُّلْمِ ، تَسْتَنْظِرُهُمْ بِأناتِكَ إلى الانَابَةِ ، وَتَتْرُكُ مُعَاجَلَتَهُمْ إلَى التَّوْبَةِ ، لِكَيْلاَ يَهْلِكَ عَلَيْكَ هَالِكُهُمْ ، وَلا يَشْقَى بِنِعْمَتِكَ شَقِيُّهُمْ ، إلاَّ عَنْ طُولِ الاِعْذَارِ إلَيْهِ ، وَبَعْدَ تَرَادُفِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ ، كَرَماً مِنْ عَفْوِكَ يَا كَرِيْمُ ، وَعَائِدَةً مِنْ عَطْفِكَ يَا حَلِيمُ .
أَنْتَ الَّذِيْ : فَتَحْتَ لِعِبَادِكَ بَاباً إلَى عَفْوِكَ ، وَسَمَّيْتَهُ التَّوْبَـةَ ، وَجَعَلْتَ عَلَى ذلِكَ البَابِ دَلِيلاً مِنْ وَحْيِكَ ، لِئَلاَّ يَضِلُّوا عَنْهُ ، فَقُلْتَ تَبَارَكَ اسْمُكَ :
( تُوبُوا إلَى الله تَوْبَةً نَصُوحـاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّـرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الانْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ ) .
فَمَا عُذْرُ : مَنْ أَغْفَلَ دُخُولَ ذلِكَ الْمَنْزِلِ ، بَعْدَ فَتْحِ الْبَابِ ، وَإقَامَةِ الدَّلِيْلِ ، وَأَنْتَ الَّذِي زِدْتَ فِي السَّوْمِ عَلَى نَفْسِكَ لِعِبَادِكَ ، تُرِيدُ رِبْحَهُمْ فِي مُتَاجَرَتِهِمْ لَكَ ، وَفَوْزَهُمْ بِالْوِفَادَةِ عَلَيْكَ ، وَالزِّيادَةِ مِنْكَ .
فَقُلْتَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَيْتَ : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزى إلاّ مِثْلَهَا ) .
وَقُلْتَ : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّة أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَة مَائَةُ حَبَّة وَالله يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ) .
وَقُلْتَ: (مَنْ ذَا الَّذِيْ يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَنَاً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أضْعَافاً كَثِيرَةً).
وَمَا أَنْزَلْتَ : مِنْ نَظَائِرِهِنَّ فِي الْقُرْآنِ ، مِنْ تَضَاعِيفِ الْحَسَنَاتِ ، وَأَنْتَ الَّذِي دَلَلْتَهُمْ بِقَوْلِكَ مِنْ غَيْبِكَ ، وَتَرْغِيْبِكَ الَّذِي فِيهِ حَظُّهُمْ ، عَلَى مَا لَوْ سَتَرْتَهُ عَنْهُمْ لَمْ تُدْرِكْهُ أَبْصَارُهُمْ، وَلَمْ تَعِـهِ أَسْمَاعُهُمْ ، وَلَمْ تَلْحَقْـهُ أَوْهَامُهُمْ ، فَقُلْتَ :
( اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِيْ وَلا تَكْفُرُونِ ) .
وَقُلْتَ : ( لَئِنْ شَكَـرْتُمْ لازِيدَنَّكمْ وَلَئِنْ كَفَـرْتُمْ إنَّ عَذابِيْ لَشَدِيدٌ ) .
وَقُلْتَ : ( ادْعُونِيْ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) .
فَسَمَّيْتَ دُعَاءَكَ : عِبَادَةً ، وَتَرْكَهُ اسْتِكْبَاراً ، وَتَوَعَّدْتَ عَلَى تَرْكِهِ دُخُولَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ، فَذَكَرُوكَ بِمَنِّكَ ، وَشَكَرُوكَ بِفَضْلِكَ ، وَدَعَوْكَ بِأَمْرِكَ ، وَتَصَدَّقُوا لَكَ طَلَباً لِمَزِيدِكَ ، وَفِيهَا كَانَتْ نَجَاتُهُمْ مِنْ غَضَبِكَ ، وَفَوْزُهُمْ بِرِضَاكَ ، وَلَوْ دَلَّ مَخْلُوقٌ مَخْلُوقاً مِنْ نَفْسِهِ عَلَى مِثْلِ الَّذِيْ دَلَلْتَ عَلَيْهِ عِبَادَكَ مِنْكَ ، كَانَ مَوْصُوْفَاً بالاحْسَان ، وَمَنْعُوتاً بِالامْتِثَال ، ومحمُوداً بكلِّ لِسَان .
فَلَكَ الْحَمْدُ : مَا وُجِدَ فِي حَمْدِكَ مَذْهَبٌ ، وَمَا بَقِيَ لِلْحَمْدِ لَفْظ تُحْمَدُ بِهِ ، وَمَعْنىً يَنْصَرفُ إلَيْهِ .
يَـا مَنْ : تَحَمَّدَ إلَى عِبَـادِهِ بِالاِحْسَـانِ وَالْفَضْل ، وَغَمَرَهُمْ بِالْمَنِّ وَالطَّوْلِ ، مَا أَفْشَى فِيْنَا نِعْمَتَكَ ، وَأَسْبَغَ عَلَيْنَا مِنَّتَكَ ، وَأَخَصَّنَا بِبِرِّكَ ، هَدْيَتَنَا لِدِيْنِكَ الَّـذِي اصْطَفَيْتَ ، وَمِلَّتِـكَ الَّتِي ارْتَضَيْتَ ، وَسَبِيلِكَ الَّذِي سَهَّلْتَ ، وَبَصَّرْتَنَا الزُّلْفَةَ لَدَيْكَ وَالوُصُولَ إلَى كَـرَامَتِكَ .
اللَّهُمَّ : وَأَنْتَ جَعَلْتَ مِنْ صَفَـايَـا تِلْكَ الْوَظَائِفِ ، وَخَصَائِصِ تِلْكَ الْفُرُوضِ شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِي اخْتَصَصْتَهُ مِنْ سَائِرِ الشُّهُورِ ، وَتَخَيَّرْتَهُ مِن جَمِيعِ الازْمِنَةِ وَالدُّهُورِ ، وَآثَرْتَهُ عَلَى كُلِّ أَوْقَاتِ السَّنَةِ بِمَا أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالنُّورِ ، وَضَاعَفْتَ فِيهِ مِنَ الايْمَانِ ، وَفَرَضْتَ فِيْهِ مِنَ الصِّيَامِ ، وَرَغَّبْتَ فِيهِ مِنَ القِيَامِ ، وَأَجْلَلْتَ فِيهِ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر ، ثُمَّ آثَرْتَنَا بِهِ عَلَى سَائِرِ الاُمَمِ ، وَاصْطَفَيْتَنَا بِفَضْلِهِ دُوْنَ أَهْلِ الْمِلَلِ.
فَصُمْنَا : بِأَمْرِكَ نَهَارَهُ ، وَقُمْنَا بِعَوْنِكَ لَيْلَهُ ، مُتَعَرِّضِينَ بِصِيَامِهِ وَقِيَامِهِ لِمَا عَرَّضْتَنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِـكَ ، وَتَسَبَّبْنَا إلَيْـهِ مِنْ مَثُوبَتِكَ .
وَأَنْتَ الْمَليءُ : بِمَا رُغِبَ فِيهِ إلَيْكَ ، الْجَوَادُ بِمـا سُئِلْتَ مِنْ فَضْلِكَ ، الْقَـرِيبُ إلَى مَنْ حَـاوَلَ قُرْبَكَ ، وَقَدْ أَقَامَ فِينَا هَذَا الشَّهْرُ مَقَامَ حَمْد ، وَصَحِبَنَا صُحْبَةَ مَبْرُور ، وَأَرْبَحَنَا أَفْضَلَ أَرْبَاحِ الْعَالَمِينَ .
ثُمَّ قَدْ فَارَقَنَ : عِنْدَ تَمَامِ وَقْتِهِ ، وَانْقِطَاعِ مُدَّتِهِ ، وَوَفَاءِ عَدَدِهِ ، فَنَحْنُ مُوَدِّعُوهُ وِدَاعَ مَنْ عَزَّ فِرَاقُهُ عَلَيْنَا ، وَغَمَّنَا وَأَوْحَشَنَا انْصِرَافُهُ عَنَّا ، وَلَزِمَنَا لَهُ الذِّمَامُ الْمَحْفُوظُ ، وَالْحُرْمَةُ الْمَرْعِيَّةُ ، وَالْحَقُّ الْمَقْضِيُّ .
فَنَحْنُ قَائِلُونَ : السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا شَهْرَ اللهِ الاكْبَرَ ، وَيَا عِيْدَ أَوْلِيَائِهِ.
السَّلاَمُ عَلَيْكَ : يَـا أكْرَمَ مَصْحُـوب مِنَ الاوْقَاتِ ، وَيَا خَيْرَ شَهْر فِي الايَّامِ وَالسَّاعَاتِ . السَّلاَمُ عَلَيْكَ : مِنْ شَهْر قَرُبَتْ فِيهِ الامالُ ، وَنُشِرَتْ فِيهِ الاَعْمَالُ . السَّلاَمُ عَلَيْكَ : مِنْ قَرِين جَلَّ قَدْرُهُ مَوْجُوداً ، وَأَفْجَعَ فَقْدُهُ مَفْقُوداً ، وَمَرْجُوٍّ آلَمَ فِرَاقُهُ .
السَّلاَمُ عَلَيْكَ : مِنْ أَلِيف آنَسَ مُقْبِلاً فَسَرَّ ، وَأَوْحَشَ مُنْقَضِياً فَمَضَّ .
السَّلاَمُ عَلَيْكَ : مِنْ مُجَاوِر رَقَّتْ فِيهِ الْقُلُوبُ ، وَقَلَّتْ فِيهِ الذُّنُوبُ. السَّلاَمُ عَلَيْكَ : مِنْ نَاصِر أَعَانَ عَلَى الشَّيْطَانِ ، وَصَاحِب سَهَّلَ سُبُلَ الاحْسَانِ . السَّلاَمُ عَلَيْكَ : مَا أكْثَرَ عُتَقَاءَ اللهِ فِيكَ ، وَمَا أَسْعَدَ مَنْ رَعَى حُرْمَتَكَ بكَ . السَّلاَمُ عَلَيْكَ : مَا كَانَ أَمْحَاكَ لِلذُّنُوبِ ، وَأَسْتَرَكَ لاَِنْوَاعِ الْعُيُوبِ . السَّلاَمُ عَلَيْكَ : مَا كَانَ أَطْوَلَكَ عَلَى الْمُجْرِمِينَ ، وَأَهْيَبَكَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ .
السَّلاَمُ عَلَيْكَ : مِنْ شَهْر لا تُنَافِسُهُ الايَّامُ . السَّلاَمُ عَلَيْكَ : مِنْ شَهْر هُوَ مِنْ كُلِّ أَمْر سَلاَمٌ .
السَّلاَمُ عَلَيْكَ : غَيْرَ كَرِيهِ الْمُصَاحَبَةِ ، وَلاَ ذَمِيمِ الْمُلاَبَسَةِ . السَّلاَمُ عَلَيْكَ : كَمَا وَفَدْتَ عَلَيْنَا بِالْبَرَكَاتِ ، وَغَسَلْتَ عَنَّا دَنَسَ الْخَطِيئاتِ .
السَّلاَمُ عَلَيْكَ : غَيْرَ مُوَدَّع بَرَماً وَلاَ مَتْرُوك صِيَامُهُ سَأَماً . السَّلاَمُ عَلَيْكَ : مِنْ مَطْلُوبِ قَبْلَ وَقْتِهِ وَمَحْزُون عَلَيْهِ قَبْلَ فَوْتِهِ . السَّلاَمُ عَلَيْكَ : كَمْ مِنْ سُوء صُرِفَ بِكَ عَنَّا وَكَمْ مِنْ خَيْر اُفِيضَ بِكَ عَلَيْنَا .
السَّلاَمُ عَلَيْكَ : وَعَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر.
السَّلاَمُ عَلَيْكَ : ما كَانَ أَحْرَصَنَا بِالامْسِ عَلَيْكَ وَأَشَدَّ شَوْقَنَا غَدَاً إلَيْكَ . السَّلاَمُ عَلَيْكَ : وَعَلَى فَضْلِكَ الَّذِي حُرِمْنَاهُ ، وَعَلَى مَاض مِنْ بَرَكَاتِكَ سُلِبْنَاهُ .
اللَّهُمَّ : إنَّا أَهْلُ هَذَا الشَّهْرِ الِّذِي شَرَّفْتَنَا بِهِ ، وَوَفّقتَنَا بِمَنِّكَ لَهُ حِينَ جَهِلَ الاَشْقِيَاءُ وَقْتَهُ ، وَحُرِمُوا لِشَقَائِهِم فَضْلَهُ ، أَنْتَ وَلِيُّ مَا اثَرْتَنَا بِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ ، وَهَدَيْتَنَا مِنْ سُنَّتِهِ ، وَقَدْ تَوَلَّيْنَا بِتَوْفِيقِكَ صِيَامَهُ وَقِيَامَهُ عَلى تَقْصِير ، وَأَدَّيْنَا فِيهِ قَلِيلاً مِنْ كَثِيـر .
اللَّهُمَّ : فَلَكَ الْحمدُ ، إقْـرَاراً بِـالاسَاءَةَ ، وَاعْتِرَافاً بِالاضَاعَةِ ، وَلَك مِنْ قُلُوبِنَا عَقْدُ النَّدَمِ ، وَمِنْ أَلْسِنَتِنَا صِدْقُ الاعْتِذَارِ ، فَأَجِرْنَا عَلَى مَا أَصَابَنَا فِيهِ مِنَ التَّفْرِيطِ أَجْرَاً نَسْتَدْركُ بِهِ الْفَضْلَ الْمَرْغُوبَ فِيهِ ، وَنَعْتَاضُ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الذُّخْرِ الْمَحْرُوصِ عَلَيْهِ ، وَأَوْجِبْ لَنَا عُذْرَكَ عَلَى مَا قَصَّرْنَا فِيهِ مِنْ حَقِّكَ .
وَابْلُغْ بِأَعْمَارِنَ : مَا بَيْنَ أَيْديْنَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُقْبِلِ ، فَإذَا بَلَّغْتَنَاهُ فَأَعِنَّا عَلَى تَنَاوُلِ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ مِنَ الْعِبَادَةِ ، وَأَدِّنَا إلَى الْقِيَامِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الطَّاعَةِ ، وَأجْرِ لنا مِنْ صَالِحِ العَمَلِ مَا يَكون دَرَكاً لِحَقِّكَ فِي الشَّهْرَيْنِ مِنْ شُهُورِ الدَّهْرِ .
اللَّهُمَّ : وَمَا أَلْمَمْنَا بِهِ فِي شَهْرِنَا هَذَا مِنْ لَمَم أَوْ إثْم ، أَوْ وَاقَعْنَا فِيهِ مِنْ ذَنْبِ ، وَاكْتَسَبْنَا فِيهِ مِنْ خَطِيئَة ، عَلَى تَعَمُّد مِنَّا ، أَوِ انْتَهَكْنَا بِهِ حُرْمَةً مِنْ غَيْرِنَا ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاسْتُرْنَا بِسِتْرِكَ ، وَاعْفُ عَنَّا بِعَفْوِكَ ، وَلاَ تَنْصِبْنَا فِيهِ لاِعْيُنِ الشَّامِتِينَ ، وَلاَ تَبْسُطْ عَلَيْنَا فِيهِ أَلْسُنَ الطَّاغِينَ ، وَاسْتَعْمِلْنَا بِمَا يَكُونُ حِطَّةً ، وَكَفَّارَةً لِمَا أَنْكَرْتَ مِنَّا فِيهِ ، بِرَأْفَتِكَ الَّتِي لاَ تَنْفَدُ ، وَفَضْلِكَ الَّذِي لا يَنْقُصُ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاجْبُرْ مُصِيبَتنَا بِشَهْرِنَا ، وَبَارِكْ فِي يَوْمِ عِيْدِنَا وَفِطْرِنَا ، وَاجْعَلْهُ مِنْ خَيْرِ يَوْم مَرَّ عَلَيْنَا ، أَجْلَبِهِ لِعَفْو ، وَأَمْحَاهُ لِذَنْبِ ، وَاغْفِرْ لَنا ما خَفِيَ مِنْ ذُنُوبِنَا وَمَا عَلَنَ .
اللَّهُمَّ : اسلَخْنَا بِانْسِلاَخِ هَذَا الشَّهْرِ مِنْ خَطَايَانَا ، وَأَخْرِجْنَا بُخُرُوجِهِ مِنْ سَيِّئاتِنَا ، وَاجْعَلْنَا مِنْ أَسْعَدِ أَهْلِهِ بِهِ ، وَأَجْزَلِهِمْ قِسَمَاً فِيـهِ ، وَأَوْفَـرِهِمْ حَظّاً مِنْـهُ .
اللّهُمَّ : وَمَنْ رَعَى حَقّ هَذَا الشَّهْرِ حَقَّ رِعَايَتِهِ ، وَحَفِظَ حُرْمَتَهُ حَقَّ حِفْظِهَا ، وَقَامَ بِحُدُودِهِ حَقَّ قِيَامِهَا ، وَأتَّقَى ذُنُوبَهُ حَقَّ تُقَاتِهَا ، أَوْ تَقَرَّبَ إلَيْكَ بِقُرْبَة ، أَوْجَبَتْ رِضَاكَ لَهُ ، وَعَطَفَتْ رَحْمَتَكَ عَلَيْهِ ، فَهَبْ لَنَا مِثْلَهُ مِنْ وُجْدِكَ ، وَأَعْطِنَا أَضْعَافَهُ مِنْ فَضْلِكَ، فَإنَّ فَضْلَكَ لا يَغِيْضُ ، وَإنَّ خَـزَائِنَكَ لا تَنْقُصُ ، بَـلْ تَفِيضُ ، وَإنَّ مَعَـادِنَ إحْسَانِكَ لا تَفْنَى ، وَإنَّ عَطَاءَكَ لَلْعَطَآءُ الْمُهَنَّا .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَاكْتُبْ لَنَا مِثْلَ أجُورِ مَنْ صَامَهُ ، أَوْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيْهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
اللَّهُمَّ : إنَّا نَتُوبُ إلَيْكَ فِي يَوْمِ فِطْرِنَا ، الّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ عِيداً وَسُـرُوراً ، وَلاِهْلِ مِلَّتِكَ مَجْمَعاً وَمُحْتشداً مِنْ كُلِّ ذَنْب أَذْنَبْنَاهُ ، أَوْ سُوْء أَسْلَفْنَاهُ ، أَوْ خَاطِرِ شَرٍّ أَضْمَرْنَاهُ ، تَوْبَةَ مَنْ لاَ يَنْطَوِيْ عَلَى رُجُوع إلَى ذَنْب ، وَلا يَعُودُ بَعْدَهَا فِي خَطِيئَة ، تَوْبَةً نَصوحاً خَلَصَتْ مِنَ الشَّكِّ وَالارْتِيَابِ ، فَتَقَبَّلْهَا مِنَّا وَارْضَ عَنَّا وَثَبِّتنَا عَلَيْهَا .
اللَّهُمَّ : ارْزُقْنَا خَوْفَ عِقَابِ الْوَعِيدِ ، وَشَوْقَ ثَوَابِ الْمَوْعُودِ حَتّى نَجِدَ لَذَّةَ مَا نَدْعُوكَ بِهِ ، وكَأْبَةَ مَا نَسْتَجِيْرُكَ مِنْهُ ، وَاجْعَلْنَا عِنْدَكَ مِنَ التَّوَّابِيْنَ الَّذِينَ أَوْجَبْتَ لَهُمْ مَحَبَّتَكَ ، وَقَبِلْتَ مِنْهُمْ مُرَاجَعَةَ طَاعَتِكَ ، يَا أَعْدَلَ الْعَادِلِينَ .
اللَّهُمَّ : تَجَاوَزْ عَنْ آبآئِنَا وَأُمَّهَاتِنَا ، وَأَهْلِ دِيْنِنَا جَمِيعاً مَنْ سَلَفَ مِنْهُمْ ، وَمَنْ غَبَرَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
اللَّهُمَّ : صَلِّ عَلَى مُحَمَّد نَبِيِّنَا وَآلِهِ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ . وَصَلِّ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى أَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ ، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ، وَأَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ، صَلاَةً تَبْلُغُنَا بَرَكَتُهَا ، وَيَنَالُنَا نَفْعُهَا ، وَيُسْتَجَابُ لَنَا دُعَاؤُنَا ، إنَّكَ أكْرَمُ مَنْ رُغِبَ إلَيْهِ ، وَأكْفَى مَنْ تُوُكِّلَ عَلَيْهِ ، وَأَعْطَى مَنْ سُئِلَ مِنْ فَضْلِهِ ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ .
أعدها
للعرض على الانترنيت والمبايل
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن الأنباري
موسوعة صحف الطيبين
http://www.114.ir