بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
 والصلاة والسلام على نبينا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين

الجزء الثامن

نور الإمام الحسين عليه السلام

مصباح هدى
 ذكر الإمام الحسين عليه السلام
 في اليوم العاشر من المحرم في كربلاء

النور الخامس

نور سيد الشهداء أبا عبد الله الحسين عليه السلام

إنا لله وإنا إليه راجعون لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم :

 

{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)

إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ

لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينً (57) } الأحزاب .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ ، يَا خِيَرَةَ اللَّهِ وَ ابْنَ خِيَرَتِهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ فاطمة سَيِّدَةِ النِّسَاءِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اللَّهِ وَ ابْنَ ثَارِهِ وَ الْوِتْرُ الْمَوْتُورُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى الْأَرْوَاحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ ، عَلَيْكُمْ مِنِّي جَمِيعاً سَلَامُ اللَّهِ أَبَداً مَا بَقِيتُ وَ بَقِيَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ .

يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ : لَقَدْ عَظُمَتِ الْمُصِيبَةُ بِكَ عَلَيْنَا ، وَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ .

فَلَعَنَ اللَّهُ : أُمَّةً أَسَّسَتْ أَسَاسَ الظُّلْمِ وَ الْجَوْرِ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقَامِكُمْ ، وَ أَزَالَتْكُمْ عَنْ مَرَاتِبِكُمُ الَّتِي رَتَّبَكُمُ اللَّهُ فِيهَا ، وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ ، وَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُمَهِّدِينَ لَهُمْ بِالتَّمْكِينِ مِنْ قِتَالِكُمْ

 يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ وَ حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .

عَظَّمَ اللَّهُ أُجُورَنَا بِمُصَابِنَا بِالحسين عليه السلام :

 وَ جَعَلَنَا وَ إِيَّاكُمْ : مِنَ الطَّالِبِينَ بِثَأْرِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الإمام الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ُ،  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ،  اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّد :

قَالَ الإمام علي بن موسى الرِّضَا عليه السلام :

 إِنَّ الْمُحَرَّمَ : شَهْرٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ فِيهِ الْقِتَالَ ، فَاسْتُحِلَّتْ فِيهِ دِمَاؤُنَا ، وَ هُتِكَتْ فِيهِ حُرْمَتُنَا ، وَ سُبِيَ فِيهِ ذَرَارِيُّنَا وَ نِسَاؤُنَا ، وَ أُضْرِمَتِ النِّيرَانُ فِي مَضَارِبِنَا ، وَ انْتُهِبَ مَا فِيهَا مِنْ ثِقْلِنَا ، وَ لَمْ تُرْعَ لِرَسُولِ اللَّهِ حُرْمَةٌ فِي أَمْرِنَا .

إِنَّ يَوْمَ الحسين : أَقْرَحَ جُفُونَنَا ، وَ أَسْبَلَ دُمُوعَنَا .

وَ أَذَلَّ عَزِيزَنَا : بِأَرْضِ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ ، أَوْرَثَتْنَا الْكَرْبَ وَ الْبَلَاءَ إِلَى يَوْمِ الِانْقِضَاءِ .

فَعَلَى : مِثْلِ الحسين فَلْيَبْكِ الْبَاكُونَ.

 فَإِنَّ الْبُكَاءَ عَلَيْهِ يَحُطُّ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ .

وعَنْ الإمام عَلِيُّ بْنُ الحسين عليه السلام قَالَ :

أَيُّمَا مُؤْمِنٍ : دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الحسين بْنِ عَلِيٍّ دَمْعَةً حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ ، بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً يَسْكُنُهَا أَحْقَاباً .

وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ : دَمَعَتْ عَيْنَاهُ دَمْعاً حَتَّى يَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ لِأَذًى مَسَّنَا مِنْ عَدُوِّنَا فِي الدُّنْيَا  بَوَّأَهُ اللَّهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ فِي الْجَنَّةِ .

وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ : مَسَّهُ أَذًى فِينَا فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى يَسِيلَ دَمْعُهُ عَلَى خَدَّيْهِ مِنْ مَضَاضَةِ مَا أُوذِيَ فِينَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ الْأَذَى وَآمَنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَخَطِهِ وَالنَّارِ.

وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ:

كُلُّ الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ مَكْرُوهٌ سِوَى الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ عَلَى الحسين عليه السلام .

وعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ :

نَفَسُ الْمَهْمُومِ : لِظُلْمِنَا تَسْبِيحٌ ، وَ هَمُّهُ لَنَا عِبَادَةٌ .

وَ كِتْمَانُ سِرِّنَا جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [116].

لا عذر للشيعي  يرقأ   دمعه           و  دم   الحسين   بكربلاء   أريقا

يا يوم عاشوراء  لقد  خلفتني           ما عشت  في  بحر  الهموم  غريقا

فيك استبيح حريم  آل محمد           و    تمزقت      أسبابهم     تمزيقا

*****

إذا جاء عاشوراء تضاعف حسرتي            لآل رسول  الله و  انهل   عبرتي‏

هو اليوم فيه اغبرت الأرض  كلها            وجوما عليها و السماء اقشعرت‏

أريقت  دماء   الفاطميين  بالملإ            فلو  عقلت  شمس  النهار لخرت‏

*****

تأوه    قلبي    و   الفؤاد   كئيب       و  أرق  نومي  فالسهاد  عجيب‏

فمن  مبلغ   عني  الحسين  رسالة       و إن  كرهتها   أنفس  و   قلوب‏

ذبيح    بلا   جرم  كأن   قميصه       صبيغ   بماء  الأرجوان   خضيب‏

فللسيف   إعوال   و  للرمح   رنة       و للخيل من بعد الصهيل نحيب‏

تزلزلت      الدنيا     لآل   محمد       و كادت  لهم صم الجبال تذوب‏

و غارت نجوم و اقشعرت   كواكب       و هتك  أستار  و شق  جيوب‏

يصلى على المبعوث من  آل هاشم       و يغزي  بنوه   إن  ذا  لعجيب‏

لئن  كان  ذنبي  حب   آل  محمد       فذلك ذنب لست  عنه   أتوب‏

هم شفعائي  يوم حشري و موقفي       إذا ما بدت  للناظرين   خطوب‏

يَا سَيِّدِي : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِهِ وَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِلَى فاطمة وَ إِلَى الْحَسَنِ وَ إِلَيْكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ سَلَّمَ بِمُوَالَاتِكَ .

وَ الْبَرَاءَةِ : مِمَّنْ قَاتَلَكَ وَ نَصَبَ لَكَ الْحَرْبَ وَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكُمْ ، وَ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّنْ أَسَّسَ الْجَوْرَ وَ بَنَى عَلَيْهِ بُنْيَانَهُ ، وَ أَجْرَى ظُلْمَهُ وَ جَوْرَهُ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى أَشْيَاعِكُمْ .

إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ : يَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ ، مَا أَعْظَمَهَا وَ أَعْظَمَ رَزِيَّتَهَا فِي الْإِسْلَامِ ، وَ فِي جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ .

 


 

الإشراق الأول :

سيد الشهداء يودع عياله ليفدي دينه ولا ناصر ومعين :

في المنتخب قال :

أن الحسين : لما نظر إلى اثنين وسبعين رجلا من أهل بيته صرعى ، التفت إلى الخيمة ونادى : يا سكينة ! يا فاطمة ! يا زينب ! يا أم كلثوم ! عليكن مني السلام .

فنادته سكينة : يا أبه استسلمت للموت ؟

فقال : كيف لا يستسلم من لا ناصر له ولامعين ؟

فقالت : يا أبه ردنا إلى حرم جدنا .

فقال : هيهات لوترك القطا لنام .

فتصارخن النساء : فسكتهن الحسين ، وحمل على القوم [117].

 

وقال الخوارزمي في المقتل :

ولما فجع الحسين بأهل بيته وولده ، ولم يبق غيره وغير النساء والذراري .

نادى :

هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله ؟

هل من موحد يخاف الله فينا ؟

هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا ؟

وارتفعت : أصوات النساء بالعويل [118].

 

 


الإشراق الثاني :

الإمام يقدم عبد الله الرضيع ليعرفهم أنه لم أيبقى موحد يخاف الله :

قال الخوارزمي في المقتل :

فتقدم عليه السلام إلى باب الخيمة فقال :

 ناولوني علي : ابني الطفل ، حتى أودعه ، فناولوه الصبي .

وقال المفيد : دعا ابنه عبد الله .

قالوا : فجعل يقبله ، وهو يقول :

ويل : لهؤلاء القوم ، إذا كان جدك محمد المصطفى خصمهم .

 والصبي في حجره : إذ رماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم ، فذبحه في حجر الحسين ، فتلقى الحسين دمه حتى امتلأت كفه ، ثم رمى به إلى السماء .

وقال : اللهم إن حبست عنا النصر ، فأجعل ذلك لما هو خير لنا .

ثم نزل عن فرسه ، وحفر للصبي بجفن سيفه ، وزمله بدمه وصل عليه [119].

 

وقال السيد : ثم قال : هون علي ما نزل بي أنه بعين الله .

 قال الباقر عليه السلام : فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض.

قالوا : ثم قال : اللهم : لا يكون أهون عليك من فصيل  ناقة صالح .

 اللهم : إن كنت حبست عنا النصر ، فاجعل ذلك لما هو خير لنا[120] .

 

وفي مقاتل الطالبيين :

عبد الله : بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام

وأمه : الرباب بنت امرئ القيس بن عدي .

وقال أبو الفرج : وعبد الله بن الحسين :

وأمه : الرباب بنت امرئ القيس ، وهي التي يقول فيها أبو عبد الله الحسين :

لعمرك إنني لأحب داراً    تكون بها  سكينة و الرباب

أحبهما وأبذل جل مالي   وليس لعاتب عندي عتاب

وسكينة : التي ذكرها ابنته من الرباب .

 واسم سكينة : أمينة ، وإنما غلب عليها سكينة ، وليس باسمها .

كان عبد الله : يوم قتل صغيرا ، جاءه نشابة ، وهو في حجر أبيه فذبحته .

 

وعن حميد بن مسلم قال :

 دعا الحسين : بغلام ، فأقعده في حجره ، فرماه عقبة بن بشر فذبحه .

وحدثني : محمد بن الحسين الأشناني بإسناده ، عمن شهد الحسين قال :

 كان معه : ابن له صغير ، فجاء سهم فوقع في نحره ، قال :

فجعل الحسين : يمسح الدم من نحر لبته ، فيرمي به إلى السماء .

فما رجع منه  شيء .

 ويقول : اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح [121]

قال في كشف الغمة :

من كلامه المنثور قطعة نقلها صاحب كتاب الفتوح .

وأنه عليه السلام :  لما أحاط به جموع ابن زياد ، وقتلوا من قتلوا من أصحابه ، ومنعوهم الماء ، كان له ولد صغير ، فجاءه سهم منهم فقتله .

 فرمله : الحسين عليه السلام ، وحفر له بسيفه ، وصلى عليه ودفنه .

وقال : ثم ذكر الأشعار  الآتية في الموضوع التالي [122].

 وذكرها ابن شهر أشوب وفيه زيادة[123] .

روي في الاحتجاج :

أنه لما بقي فرد : ليس معه إلا أبنه علي بن الحسين عليهما السلام ، وابن آخر في الرضاع ، اسمه : عبد الله ، أخذ الطفل ليودعه ، فإذا بسهم قد أقبل حتى وقع في لبة الصبي فقتله ، فنزل عن فرسه وحفر للصبي بجفن سيفه ، ورمله بدمه ودفنه ، ثم وثب قائما وهو يقول إلى آخر الأبيات الآتية[124] .

 وفي تأريخ الطبري :  قال أبو مخنف : قال عقبة بن بشير الأسدي : قال لي أبو جعفر محمد بن على بن الحسين : إن لنا فيكم : يا بني أسد دما .

قال قلت : فما ذنبي أنا في ذلك رحمك الله يا أبا جعفر  ، وما ذلك ؟

قال : أتى الحسين بصبي له ، فهو في حجره ، إذ رماه أحدكم يا بني أسد بسهم فذبحه ، فتلقى الحسين دمه ، فلما ملا كفيه صبه في الأرض ، ثم قال :

رب : إن تك حبست عنا النصر من السماء .

فاجعل : ذلك لما هو خير .

وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين .

 قال : ورمى عبد الله بن عقبة الغنوي ، أبا بكر بن الحسن ابن على بسهم فقتله ، فلذلك يقول الشاعر ، وهو ابن أبى عقب :

وعند غنى قطرة من دمائنا     وفى أسد أخرى تعد وتذكر [125].

 


 

الإشراق الثالث :

سيد الشهداء يقدم روحه لينتصر مخلدا للدفاع عن التوحيد وتعاليمه :

قال في المناقب : بعد ذكره لمقتل الرضيع :

ثم قال عليه السلام : ائتوني بثوب ، لا يرغب فيه ألبسه ، غير ثيابي ، لا أجرد ، فإني مقتول مسلوب .

 فأتوه : بتبان ، فأبى أن يلبسه ، و قال هذا لباس أهل الذمة .

ثم أتوه : بشي‏ء أوسع منه ، دون السراويل و فوق التبان ، فلبسه .

وفي رواية اللهوف : وقال الحسين عليه السلام :

 ابعثوا إلي : ثوبا لا يرغب فيه ، أجعله تحت ثيابي ، لئلا اجرد ، فأُتي بتبان .

فقال : لا ذاك لباس من ضربت عليه بالذلة .

فأخذ : ثوبا خلقا ، فخرقه ، وجعله تحت ثيابه ، فلما قتل جردوه منه  .

ثم استدعى الحسين عليه السلام : بسراويل من حبرة .

ففزرها : ولبسه ، وإنما فزرها لئلا يسلبها .

فلما قتل : سلبها أبجر بن كعب وتركه عليه السلام مجردا .

 فكانت : يد أبجر بعد ذلك ييبسان في الصيف ، كأنهما عودان ، ويترطبان في الشتاء فينضحان دما وقيحا إلى أن أهلكه الله تعالى.

 

ثم ودع النساء ، و كانت سكينة تصيح ، فضمها إلى صدره ، و قال :

سيطول بعدي يا  سكينة  فاعلمي        منك  البكاء إذا الحمام دهاني‏

لا  تحرقي  قلبي  بدمعك  حسرة        ما دام  مني  الروح في جثماني‏

و إذا قتلت  فأنت  أولى   بالذي        تأتينه     يا   خيرة    النسوان‏

   ثم برز عليه السلام  .

فقال : يا أهل الكوفة : قبحا لكم و ترحا و بؤسا لكم و تعسا  ، حين استصرختمونا ولهين ، فأتيناكم موجفين ، فشحذتم علينا سيفا كان في أيماننا ، و حششتم لأعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم ، و لا ذنب كان منا إليكم .

فهلا لكم الويلات : إذ كرهتمونا تركتمونا ، و السيف مشيم ، و الجأش طامن ، و الرأي لما يستحصد.

 لكنكم أسرعتم إلى بيعتنا : كسرع الدبا ، و تهافتم إليها كتهافت الفراش .

ثم نقضتموه:  سفها و ضلة ، و فتكا لطواغيت الأمة ، و بقية الأحزاب و نبذة الكتاب ، ثم أنتم تتخاذلون عنا و تقتلوننا ، ألا لعنة الله على الظالمين .

قال ثم أنشئ [126].

 يا موالي : لمعرفة شرح ما قال الإمام في الكلام أعلاه أنظر الحاشية أو الشعر الآتي:

ثم قام الإمام الحسين عليه السلام :

وركب فرسه :

 وتقدم إلى القتال :

وهو يقول : 

كفر  القوم  و  قدما  رغبوا    عن  ثواب  الله   رب  الثقلين

قتلوا    القوم   عليا  و  ابنه    حسن   الخير  كريم   الأبوين

حنقا   منهم و قالوا  أجمعوا    الناس   إلى   حرب   الحسين

يا   لقوم  من   أناس   رذل    جمع  الجمع   لأهل   الحرمين

ثم  ساروا  و  تواصوا   كلهم    باجتياحي  لرضاء    الملحدين

لم يخافوا الله في سفك  دمي    لعبيد الله    نسل    الكافرين

و ابن سعد قد  رماني  عنوة    بجنود     كوكوف     الهاطلين

لا لشيء كان  مني  قبل  ذا    غير  فخري   بضياء   النيرين

بعلي  الخير  من  بعد  النبي    و    النبي   القرشي   الوالدين

خيرة   الله  من  الخلق   أبي    ثم   أمي   فأنا   ابن  الخيرين

فضة قد خلصت من ذهب    فأنا  الفضة  و  ابن  الذهبين

من له جد كجدي في الورى    أو كشيخي  فأنا ابن العلمين

فاطم   الزهراء  أمي  و  أبي    قاصم الكفر  ببدر  و  حنين

عبد   الله  غلا ما   يافعا    و  قريش    يعبدون    الوثنين

يعبدون اللات والعزى  معا    و علي  كان  صلى   القبلتين

فأبي  شمس  و  أمي   قمر    فأنا الكوكب  و ابن   القمرين

و له في  يوم  أحد  وقعات    شفت  الغل بفض  العسكرين

ثم في الأحزاب والفتح  معا    كان فيها  حتف أهل الفيلقين

في سبيل الله  ماذا  صنعت    أمة  السوء    معا     بالعترتين

عترة  البر  النبي  المصطفى    و علي  الورد   يوم   الجحفلين

 

وقال محمد بن أبي طالب والزمخشري : وذكر أبو علي السلامي في تاريخه :

أن هذه الأبيات للحسين عليه السلام : من إنشائه .

وقال : ليس لأحد مثلها : 

فإن  تكن  الدنيا    تعد    نفيسة    فإن   ثواب    الله  أعلى   و  أنبل

و إن يكن الأبدان للموت أنشأت    فقتل  امرؤ   بالسيف في الله أفضل

و إن يكن الأرزاق   قسما  مقدرا    فقلة سعي المرء في الكسب  أجمل

و إن تكن   الأموال للترك جمعها    فما  بال  متروك   به   المرء  يبخل

 

ثم إنه دعا الناس إلى البراز :

فلم يزل يقتل : كل من دنا منه من عيون الرجال ، حتى قتل منهم مقتلة عظيمة.

 ثم حمل عليه السلام على الميمنة : وهو في ذلك يقول: 

الموت خير من ركوب العار            و العار أولى من دخول النار

ثم على الميسرة وهو يقول : 

أنا الحسين بن علي   آليت   أن  لا   أتثني

أحمي  عيالات  أبي   أمضي على دين النبي

 

قال السيد بن طاووس ومقتل الخوازمي :

قال بعض الرواة :

 فوالله ما رأيت مكثوراً قط .

 قد قتل : ولده وأهل بيته وصحبه ، أربط جأشا منه .

وإن كانت : الرجال لتشد عليه.

 فيشد عليها : بسيفه ، فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب .

ولقد كان : يحمل فيهم ، وقد تكملوا ألفا ، فينهزمون بين يديه ، كأنهم الجراد المنتشر .

ثم يرجع إلى مركزه وهو يقول : 

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم [127].

 

 


 

الإشراق الرابع :

يحيلون بين الحسين وخيام أهله فيخاطبهم فيتركوها :

 

قال في المناقب : ثم وقف عليه السلام قبالة القوم :

 وسيفه مصلت في يده .

 آيسا من الحياة .

 عازما على الموت .

 

 وهو يقول : 

أنا ابن علي الطهر من آل هاشم    كفاني  بهذا  مفخراً  حين  أفخر

وجدي رسول الله أكرم من  مضى    و نحن  سراج الله في الخلق نزهر

و فاطم  أمي  من  سلالة   أحمد    و عمي يدعى ذا الجناحين جعفر

و فينا  كتاب  الله   أنزل  صادقا    و فينا الهدى والوحي بالخير يذكر

و نحن  أمان  الله   للناس   كلهم    نسر   بهذا  في  الأنام   و  نجهر

و نحن ولاة  الحوض نسقي ولاتنا    بكأس  رسول الله ما  ليس   ينكر

وشيعتنا  في  الناس  أكرم   شيعة    و  مبغضنا  يوم   القيامة    يخسر

 

فقال عمر بن سعد لقومه :الويل لكم أتدرون لمن تقاتلون ؟

هذا : ابن الأنزع البطين ، هذا ابن قتال العرب.

 فاحملوا عليه : من كل جانب ، وكانت الرماة أربعة آلاف .

 فرموه بالسهام : فحالوا بينه وبين رحله [128].

 

وقال ابن أبي طالب وصاحب المناقب والسيد :

 فصاح بهم : ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان !

إن لم يكن لكم : دين ، وكنتم لا تخافون المعاد .

فكونوا : أحرارا في دنياكم .

وارجعوا إلى أحسابكم إذا كنتم أعرابا .

 

فناداه شمر فقال : ما تقول يا ابن فاطمة ؟

قال : أقول : أنا الذي أقاتلكم ، وتقاتلوني ، والنساء ليس عليهن جناح .

فامنعوا عتاتكم عن التعرض لحرمي مادمت حيا .

 

فقال شمر : لك هذا .

 ثم صاح شمر : إليكم عن حرم الرجل .

 فاقصدوه : في نفسه ، فلعمري لهو كفو كريم .

 قال : فقصده القوم ، وهو في ذلك يطلب شربة من ماء ، فكلما حمل بفرسه على الفرات ، حملوا عليه بأجمعهم ، حتى أحلوه عنه[129].

 

 


 

الإشراق الخامس :

الإمام يدخل المشرعة فينادى هتكت الخيمة فلم يشرب :

 

وقال ابن شهر آشوب : وروى أبو مخنف عن الجلودي :

أن الحسين عليه السلام : حمل على الأعور السلمي ، وعمر وبن الحجاج الزبيدي ، وكانا في أربعة آلاف رجل على الشريعة .

وأقحم الفرس : على الفرات ، فلما أولغ الفرس برأسه ليشرب .

قال عليه السلام

أنت عطشان : وأنا عطشان ، والله لا ذقت الماء حتى تشرب .

فلما سمع الفرس : كلام الحسين عليه السلام شال رأسه ، ولم يشرب ، كأنه فهم الكلام .

فقال الحسين عليه السلام : فأنا أشرب .

 فمد : الحسين عليه السلام يده ، فغرف من الماء .

 فقال فارس : يا أبا عبد الله ، تتلذذ بشرب الماء ، وقد هتكت حرمك ؟

فنفض الماء من يده .

 وحمل على القوم : فكشفهم ، فإذا الخيمة سالمة [130].

 

 


 

الإشراق السادس :

الإمام الحسين يطلب الماء والشمر يمنعه ويصاب بسهام :

 

قال أبو الفرج : قال: وجعل الحسين عليه السلام يطلب الماء .

وشمر يقول له : والله لا ترده أو ترد النار .

فقال له رجل : ألا ترى إلى الفرات يا حسين ، كأنه بطون الحيتان ، والله لا تذوقه ، أو تموت عطشا .

 

فقال الحسين عليه السلام : اللهم أمته عطشا .

قال : والله لقد كان هذا الرجل يقول :

اسقوني ماء : فيؤتى بماء فيشرب حتى يخرج من فيه .

ثم يقول : اسقوني قتلني العطش ، فلم يزل كذلك حتى مات[131].

 

وقال الطبري في تأريخه :

قال هشام : عن أبيه محمد بن السائب عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة قال :

حدثني من شهد الحسين في عسكره :

 أن حسين : حين غلب على عسكره .

 ركب : المسناة يريد الفرات .

 قال فقال : رجل من بني أبان بن دارم :

ويلكم : حولوا بينه وبين الماء لا تتام إليه شيعته .

قال : وضرب فرسه وأتبعه الناس ، حتى حالوا بينه وبين الفرات .

فقال : الحسين اللهم أظمه .

 

قال : وينتزع الأباني سهم .

فأثبته : في حنك الحسين .

قال : فانتزع الحسين السهم .

ثم بسط كفيه : فامتلأتا دما .

ثم قال الحسين : اللهم إني أشكو إليك ، ما يفعل بابن بنت نبيك .

قال : فوالله إن مكث الرجل إلا يسيرا .

حتى : صب الله عليه الظمأ ، فجعل لا يروى.

 

قال القاسم بن الاصبغ : لقد رأيتني فيمن يروح عنه ، والماء يبرد له فيه السكر ، وعساس فيها اللبن ، وقلال فيها الماء .

وإنه ليقول : ويلكم اسقوني قتلني الظمأ .

فيعطى : القلة أو العس ، فيشربه .

 فإذا نزعه من فيه : اضطجع الهنيهة .

ثم يقول : ويلكم اسقوني قتلني الظمأ .

قال : فوالله ما لبث إلا يسيرا ، حتى انقد بطنه ، أنقداد بطن البعير[132] .

 


 

الإشراق السابع :

أمة السوء ترمي الحسين بالسهام فيتخضب بدمه ويفرقهم ويدعو عليهم :

في تأريخ الطبري : روى الرواية السابقة عن هشام قال : حدثني عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، قال : عطش الحسين : حتى اشتد عليه العطش .

 فدنا : ليشرب من الماء ، فرماه حصين بن تميم بسهم . فوقع : في فمه .

فجعل يتلقى الدم من فمه ، ويرمى به إلى السماء .

ثم حمد الله : وأثنى عليه ، ثم جمع يديه .

فقال: اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تذر على الأرض منهم أحدا .

وقالوا في مقتل الخوارزمي :

ثم رماه رجل من القوم يكنى أبا الحتوف الجعفي بسهم .

فوقع السهم :  في جبهته .

فنزعه : من جبهته ، فسالت الدماء على وجهه ولحيته .

فقال عليه السلام : اللهم : إنك ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة .

اللهم : أحصهم عددا ، واقتلهم بددا .

 ولا تذر : على وجه الأرض منهم أحدا .  ولا تغفر لهم : أبدا .

ثم حمل عليهم : كالليث المغضب .

فجعل : لا يلحق منهم أحدا إلا بعجه بسيفه  فقتله .

والسهام : تأخذه من كل ناحية .

وهو : يتقيها بنحره وصدره . ويقول :

يا أمة السوء ، بئس ما خلفتم محمدا في عترته .

أما إنكم : لن تقتلوا بعدي عبدا من عباد الله ، فتهابوا قتله .

بل يهون عليكم : عند قتلكم إياي .

وأيم الله : إني لأرجو أن يكرمني ربي بالشهادة بهوانكم .

ثم ينتقم لي منكم ، من حيث لا تشعرون .

قال : فصاح به الحصين بن مالك السكوني فقال :

 يا ابن فاطمة : وبماذا ينتقم لك منا ؟

قال : يلقى بأسكم بينكم .

 ويسفك دماءكم .

 ثم يصب عليكم العذاب الأليم [133].

 

 

 


 

الإشراق الثامن :

الإمام تجهده الجراح فيقف ليسترح فيرما بسهم له شعب :

قالوا في المناقب ومقتل الخوارزمي وغيره  :

 فوقف عليه السلام : يستريح ساعة ، وقد ضعف عن القتال .

 فبينما هو واقف : إذ أتاه حجر ، فوقع في جبهته .

فأخذ الثوب : ليمسح الدم عن وجهه .

فأتاه سهم : محدد مسموم له ثلاث شعب .

فوقع السهم : في صدره ، وفي بعض الروايات : على قلبه  .

فقال الحسين عليه السلام :

بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله .

ورفع رأسه إلى السماء وقال :

إلهي : إنك تعلم ، أنهم يقتلون رجلا .

ليس على وجه الأرض ابن نبي غيره .

 ثم أخذ السهم  : فأخرجه من قفاه ، فانبعث الدم كالميزاب .

 فوضع يده : على الجرح ، فلما امتلأت .

رمى به : إلى السماء ، فما رجع من ذلك الدم قطرة .

 وما عرفت الحمرة: في السماء، حتى رمى الحسين عليه السلام بدمه إلى السماء.

ثم وضع يده ثانيا : فلما امتلأت لطخ بها رأسه ولحيته.

وقال : هكذا أكون حتى ألقى جدي رسول الله .

وأنا مخضوب بدمي .

وأقول : يا رسول الله قتلني فلان وفلان ، ثم ضعف عن القتال فوقف [134].

 


 

الإشراق التاسع :

الإمام لما أثخن بالجراح طعن وضرب بالسيوف حتى سقط عن فرسه :

قال الطبري : قال أبو مخنف في حديثه :

 وأقدم عليه الرجالة : منهم أبو الجنوب ، واسمه عبد الرحمن الجعفي ، والقشعم ابن عمرو بن يزيد الجعفي ، وصالح بن وهب اليزنى ، وسنان بن أنس النخعي ، وخولي ابن يزيد الأصبحي . فجعل شمر بن ذى الجوشن : يحرضهم .

فمر بأبي الجنوب ، وهو شاك في السلاح ، فقال له : أقدم عليه .

قال : وما يمنعك أن تقدم عليه أنت .

فقال له شمر : ألي تقول ذا .  قال : وأنت لي تقول ذا ، فاستبا .

فقال له : أبو الجنوب ، وكان شجاعا ، والله لهممت أن أخضخض السنان في عينك ، قال : فانصرف عنه شمر ، وقال : والله لئن قدرت على أن أضرك لأضرنك .

قال : ثم إن شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجالة نحو الحسين .

فأخذ الحسين : يشد عليهم فينكشفون عنه . ثم إنهم أحاطوا به إحاطة .

قال أبو مخنف : حدثني سليمان بن أبى راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال :

سمعت الحسين : يومئذ ، وهو يقول :

اللهم : أمسك عنهم قطر السماء وامنعهم[135] .

قال الشيخ المفيد في الإرشاد : فلما رأى ذلك : شمر بن ذي الجوشن ، استدعى الفرسان ، فصاروا في ظهور الرجالة ، و أمر الرماة أن يرموه فرشقوه بالسهام ، حتى صار كالقنفذ ، فأحجم عنهم ، فوقفوا بإزائه‏ .

قال : ولما أثخن بالجراح وبقي كالقنفذ .

 طعنه : صالح بن وهب المزني على خاصرته .

طعنة : فسقط عليه السلام عن فرسه إلى الأرض على خده الأيمن .

ثم قام : صلوات الله عليه .

و عن حميد بن مسلم قال : كانت عليه جبة من خز ، وكان معتما ، و كان مخضوبا بالوسمة ، قال : وسمعته يقول : قبل أن يقتل ، وهو يقاتل على رجليه .

قتال : الفارس الشجاع يتقى الرمية ، ويفترص العورة ، ويشد على الخيل .

وهو يقول : أعلى قتلى تحاثون .

قال : وخرجت زينب من الفسطاط وهي تنادي :

وا أخاه : وا سيداه ، وا أهل بيتاه .

 ليت : السماء أطبقت على الأرض ، وليت الجبال تدكدكت على السهل .

وقال : وصاح الشمر : ما تنتظرون بالرجل ؟

فحملوا عليه : من كل جانب ، فضربه زرعة بن شريك على كتفه .

وضرب الحسين : زرعة فصرعه .

وضربه آخر: على عاتقه المقدس بالسيف، ضربة : كبا عليه السلام بها لوجهه .

وكان : قد أعيا .  وجعل عليه السلام : ينوء ، ويكبو .

فطعنه : سنان ابن أنس النخعي في ترقوته .

ثم انتزع الرمح : فطعنه في بواني صدره .

ثم رماه : سنان أيضا بسهم فوقع السهم في نحره .

فسقط عليه السلام . وجلس قاعد . فنزع السهم : من نحره .

وقرن  : كفيه جميعا ، وكلما امتلأتا من دمائه ، خضب بهما رأسه ولحيته .

وهو يقول :   هكذا حتى ألقى الله مخضبا بدمي ، مغصوبا على حقي [136].

 

 

 


 

الإشراق العاشر :

لعين يضرب الحسين بالسيف على البرنس فيمتلأ دما :

قال الطبري عن أبي مخنف :

ومكث الحسين : طويلا من النهار . كلما : انتهى إليه رجل من الناس ، انصرف عنه ، وكره أن يتولى قتله ، وعظيم إثمه عليه .

 قال : وإن رجلا من كندة ، يقال له : مالك بن النسير من بني بداء .

أتاه : فضربه على رأسه بالسيف ، وعليه برنس له .

فقطع البرنس : وأصاب السيف رأسه ، فأدمى رأسه ،  فامتلأ البرنس دما .

فقال له الحسين :

 لا أكلت بها ولا شربت ، وحشرك الله مع الظالمين .

قال : فألقى ذلك البرنس .

 ثم دعا : بقلنسوة فلبسها ، واعتم .  وقد : أعيا وبلد .

وجاء الكندي : حتى أخذ البرنس ، وكان من خز .  فلما قدم به : بعد ذلك ، على امرأته ،  أم عبد الله ابنة الحر ، أخت حسين بن الحر البدى ، أقبل يغسل البرنس من الدم . فقالت له امرأته : أسلب ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تدخل بيتي ، أخرجه عني . فذكر أصحابه : أنه لم يزل فقيرا بشر حتى مات .

 قال الخوارزمي في المقتل وغيره : فقالت له امرأته : أتدخل بيتي بسلب ابن رسول الله ؟  اخرج عني : حشى الله قبرك نارا .  فلم يزل : بعد ذلك فقيرا ، بأسوأ حال . ويبست يداه : وكانتا في الشتاء ، ينضحان دما . وفي الصيف : تصيران يابستين ، كأنهما عودان [137].

 

 

 

 


 

الإشراق الحادي عشر :

الحسين يضم عبد الله بن الحسن ليلتحق بآبائه الصالحين :

وقال المفيد والسيد :

 فلبثوا هنيئة : ثم عادوا إليه ، وأحاطوا به .

فخرج : عبد الله بن الحسن بن علي عليهم السلام .

وهو غلام : لم يراهق ، من عند النساء ، يشتد .

حتى وقف : إلى جنب الحسين عليه السلام .

فلحقته : زينب بنت علي عليه السلام ، لتحبسه .

فقال الحسين عليه السلام : احبسيه يا أختي !

فأبى : وامتنع امتناعا شديدا . وقال : لا والله لا أفارق عمي .

وأهوى : أبجر ابن كعب ، وقيل : حرملة بن كاهل .

إلى الحسين عليه السلام : بالسيف .

فقال له الغلام : ويلك يا ابن الخبيثة أتقتل عمي ؟

فضربه بالسيف : فاتقاه الغلام بيده ، فأطنها إلى الجلد ، فإذا هي معلقة .

فنادى الغلام : يا أماه .

فأخذه الحسين عليه السلام : فضمه إليه .

وقال : يا أبن أخي ، أصبر على ما نزل بك .

 واحتسب في ذلك الخير ، فان الله يلحقك بآبائك الصالحين ، علي بن أبى طالب وحمزة وجعفر والحسن بن على صلى الله عليهم أجمعين[138] .

قال السيد : فرماه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه .

وهو في حجر عمه الحسين عليه السلام[139] .

 


 

الإشراق الثاني عشر :

الإمام الحسين عليه السلام يستشهد على يد أعداء الله ورسوله :

يا موالي : يعز عليك ، موقف سيد الشهداء ، فبعد أن سقط عليه السلام :

قال الطبري : قال حميد :

 وخرجت: زينب بنت علي عليه السلام ، وقرطاها يجولان بين إذنيها وهي تقول:

ليت السماء انطبقت على الأرض .

 يا عمر بن سعد : أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه ؟

ودموع : عمر تسيل على خديه ولحيته ، وهو يصرف وجهه عنها .

والحسين عليه السلام : جالس ، وعليه جبة خز ، وقد تحاماه الناس.

وقال في الإرشاد :  فلم يجبها عمر بشي‏ء .

فنادت ويحكم أ ما فيكم مسلم فلم يجبها أحد بشي‏ء [140].

وقال صاحب المناقب ومحمد بن أبي طالب :

فنادى شمر : ويلكم ما تنتظرون به ؟

 اقتلوه : ثكلتكم أمهاتكم .

فضربه : زرعة بن شريك .

فأبان كفه اليسرى .

ثم ضربه : على عاتقه ثم انصرفوا عنه ، وهو يكبو مرة ويقوم أخرى .

فحمل عليه : سنان في تلك الحال فطعنه بالرمح فصرعه .

 وقال لخولي بن يزيد : اجتز رأسه !

فضعف: و ارتعدت يده .

 فقال له سنان : فت الله عضدك ، وأبان يدك .

 فنزل إليه : شمر لعنه الله ، وكان اللعين أبرص.

 فضربه برجله : فألقاه على قفاه ، ثم أخذ بلحيته .

فقال الحسين عليه السلام : أنت الأبقع الذي رأيتك في منامي ؟

فقال : أتشبهني بالكلاب ؟

 ثم جعل : يضرب بسيفه مذبح الحسين عليه السلام .

وهو يقول :

أقتلك اليوم ونفسي تعلم    علما يقينا ليس فيه مزعم

و لا  مجال لا و لا تكتم    إن أ باك  خير  من تكلم

وروى في المناقب ومقتل الخوازمي : بإسناده عن محمد بن عمرو بن الحسن قال :

كنا مع الحسين بنهر كربلا ، ونظر إلى شمر بن ذي الجوشن وكان أبرص .

فقال : الله أكبر الله أكبر ، صدق الله ورسوله .

قال رسول الله : كأني أنظر إلى كلب أبقع يلغ في دم أهل بيتي .

ثم قال : فغضب عمر بن سعد لعنه الله ثم قال لرجل عن يمينه : انزل ويحك إلى الحسين فأرحه ، فنزل إليه خولي بن يزيد الأصبحي لعنه الله فاجتز رأسه .

وقيل : بل جاء إليه شمر ، وسنان بن أنس .

والحسين عليه السلام : بآخر رمق : يلوك لسانه من العطش ، ويطلب الماء .

فرفسه : شمر لعنه الله برجله.

وقال : يا ابن أبي تراب ألست تزعم أن أباك على حوض النبي يسقي من أحبه ، فاصبر حتى تأخذ الماء من يده .

ثم قال لسنان : اجتز رأسه قفاء .

فقال سنان : والله لا أفعل ، فيكون جده محمد صلى الله عليه وآله خصمي .

 فغضب شمر لعنه الله وجلس على صدر الحسين وقبض على لحيته وهم بقتله .

فضحك الحسين عليه السلام فقال له :

 أتقتلني ولا تعلم من أنا ؟

فقال : أعرفك حق المعرفة :  أمك فاطمة الزهراء: وأبوك علي المرتضى ، وجدك محمد المصطفى ، وخصمك العلي الأعلى .  أقتلك : ولا أبالي .

 فضربه بسيفه : اثنتا عشرة ضربة ، ثم جز رأسه صلوات الله وسلامه عليه .

ولعن الله قاتله ومقاتله والسائرين إليه بجموعهم ، آمين ورحم الله من قال آمين[141] .

قال السيد ابن طاووس : وروى هلال بن نافع قال :

 إني لواقف : مع أصحاب عمر بن سعد ، إذ صرخ  صارخ :

 أبشر أيها الأمير : فهذا شمر قد قتل الحسين .

قال : فخرجت بين الصفين ، فوقفت عليه وإنه ليجود بنفسه .

فوالله : ما رأيت قط قتيلا مضمخا بدمه ، أحسن منه ، ولا أنور وجها ، ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيبته عن الفكرة في قتله ، فاستسقى في تلك الحالة ماء ، فسمعت رجلا يقول : لا تذوق الماء حتى ترد الحامية ، فتشرب من حميمها .

فسمعته يقول : أنا أرد الحامية فأشرب من حميمها ؟

بل أرد : على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر .

 وأشرب : من ماء غير آسن ، وأشكو إليه ما ركبتم مني وفعلتم بي .

قال : فغضبوا بأجمعهم ، حتى كأن الله لم يجعل في قلب أحد منهم من الرحمة شيئا ، فأجتزوا رأسه ، وإنه ليكلمهم ، فتعجبت من قلة رحمتهم .

وقلت : والله لا أجامعكم على أمر أبدا [142].

 

 

 

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم  وإنا لله وإنا إليه راجعون :

 والله : لا أجامعهم ، وعلى كل مسلم ومنصف أن لا يجامعهم ، ولا يسمع حرف واحد علموه أتباعهم ، ولا كلمة تفوه بها أصحابهم ، ولا تكون في قلبه ذرة من حبهم ، ولا يسير خطوة في طلب آثارهم ، إلا ليعنهم وليرفضهم وليبتعد عنهم .

 وحق على كل مسلم : يطلب الحق بصدق ، أن يتبع الحسين وصحبه وكل من يستقي من معارفهم ، وهذه أمانة الله سلمها الإمام الحسين إلى كل منصف يحب الله ، ومؤمن يعبد الله ويطيعه ، فأوجب عليه أن يقتدي به ويسير على خطاه في صراط مستقيم لكل هدى ونعيم ، فيعرف فضله ومناقبه ودينه وكرامته عند الله ورسوله والمؤمنين، ويرفض كل كفر وظلم ونفاق وجور وعصيان ، ولا يخضع لظالم وضال أبدا .

فسلام الله وملائكته وصلاته على الحسين : وعلى أولاد الحسين ، وعلى أنصار الحسين ، وعلى كل من يقتدي بالحسين إلى يوم القيامة .

يعزي عليّ  يا مولاي : يا أبا عبد الله ، أن أذكر ما حل بكم من بلاء الله ومصاب الدنيا ، ولكن الله جعل معرفتك ومعرفة ما حل بك دين ، وبلاء أوجب على كل المؤمنين أن يعرفوه ليعرفوا ما حل بالدين ، وما يستحق أن يضحى من أجل إصلاحه بأكرم البشر أجمعين ، وكيف استنار بنورك اليقين ، وعرف محل الهدى إلى يوم الدين .

اللهم : صل على محمد وآل محمد ، وسلم على محمد وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، وترحم على محمد وآل محمد ، وتحنن على محمد وآل محمد ، كما صليت وسلمت وباركت وترحمت وتحننت على إبراهيم وآله إبراهيم ، إنك حميد مجيد .

اللهم : العن أعداء محمد آل محمد ، وصب عذابك على أعداء محمد وآل محمد ، و أجعل الآن محبي ومن تولى ورضي بأعداء محمد وآل محمد في غضب وانتقامك ، وأنزلهم الجحيم و أحشرهم مسودة وجوههم ولا ترضى عليهم أبدا .

ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 


 

 الإشراق الثالث عشر :

الإمام يصاب بجراح كثيرة كلها كانت في مقدمه :

قال في البحار :  ثم لم يزل يقاتل :

حتى أصابته جراحات عظيمة .

وقال صاحب المناقب والسيد والخوارزمي :

 حتى أصابته : اثنتان وسبعون جراحة .

وفي المناقب :  قال الطبري : قال أبو مخنف :

 عن جعفر بن محمد بن علي عليه السلام قال :

وجدنا بالحسين عليه السلام : ثلاثا و ثلاثين طعنة ، و أربعا و ثلاثين ضربة .

 و قال الباقر عليه السلام : أصيب عليه السلام ، و وجد به ثلاثمائة و بضعا ،  و عشرين : طعنة برمح ، أو ضربة بسيف ، أو رمية بسهم .

و روي : ثلاثمائة و ستون جراحة .

 و قيل : ثلاثا و ثلاثين ضربة سوى السهام .

و قيل : ألف و تسعمائة جراحة .

 و كانت : السهام في درعه ، كالشوك في جلد القنفذ .

 

و روي : أنها كانت كلها في مقدمه .

قال العوني :

يا سهاما بدم ابن   المصطفى منقسمات

و رماحا في ضلوع   ابن النبي متصلات‏[143].

 


 

الإشراق الرابع عشر :

أحداث ووقائع بعد شهادة الإمام الحسين :

 

الإشعاع الأول :

فرس الإمام الحسين يتمرغ بدمه ويقتل الكفار ويأتي الخيام :

وقال ابن شهر آشوب : روى أبو مخنف عن الجلودي :

أنه كان صرع الحسين عليه السلام : فجعل فرسه ، يحامي عنه ، ويثب على الفارس فيخبطه عن سرجه ، ويدوسه حتى قتل الفرس أربعين رجلاً .

 ثم تمرغ في دم الحسين عليه السلام :

 وقصد : نحو الخيمة ، وله صهيل عال ، ويضرب بيديه الأرض [144].

 

وقال صاحب المناقب ومحمد بن أبي طالب والخوازمي :

قتل الحسين عليه السلام : باتفاق الروايات يوم  عاشورا عاشر المحرم سنة إحدى وستين ، وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة أشهر ونصف .

قالا : وأقبل فرس الحسين عليه السلام ، وقد عدا من بين أيديهم أن لا يؤخذ .

 فوضع ناصيته : في دم الحسين عليه السلام .

 ثم أقبل : يركض نحو خيمة النساء .

وهو يصهل : ويضرب برأسه الأرض عند الخيمة ، حتى مات .

 فلما نظر : أخوات الحسين وبناته وأهله إلى الفرس ليس عليه أحد ، رفعن أصواتهن بالبكاء والعويل .

وقال صاحب المناقب ومحمد بن أبي طالب :

 ووضعت أم كلثوم : يدها على أم رأسها ، ونادت :

وا محمداه : وا جداه ، وا نبياه ، وا أبا القاسماه ، وا علياه ، وا جعفراه ، وا حمزتاه ، وا حسناه .

 هذا حسين : بالعراء ، صريع بكربلا .

 مجزوز : الرأس من القفا ، مسلوب العمامة والرداء .

 ثم غشي عليها [145].

 

وقال الصدوق في الأمالي :

وأقبل فرس الحسين :

حتى لطخ : عرفه وناصيته ، بدم الحسين ، وجعل يركض ويصهل .

فسمعت : بنات النبي ، صهيله ، فخرجن .

فإذا الفرس : بلا راكب .

 فعرفن : أن حسينا قد قتل .

وخرجت : أم كلثوم بنت الحسين ، واضعة يدها على رأسها ، تندب وتقول :

 وا محمداه .

 هذا الحسين بالعراء .

قد سلب العمامة والرداء [146].

 

 

 


 

 

الإشعاع الثاني :

الكفار يسلبون الإمام سلاحه ولباسه وغبرة حمراء شديدة تهب :

 

ثم قال السيد بن طاووس  :

 ثم أقبلوا على سلب الحسين عليه السلام :

فأخذ قميصه : إسحاق بن حوية الحضرمي فلبسه فصار أبرص ، وأمتعط شعره .

 وروي أنه وجد في قميصه مائة وبضع عشرة : ما بين رمية وطعنة وضربة .

وقال الصادق عليه السلام : وجد بالحسين عليه السلام ثلاث وثلاثون طعنة وأربعة وثلاثون ضربة .

 وأخذ سراويله : أبجر بن كعب التيمي ، وروي : أنه صار زمنا مقعدا من رجليه .

 وأخذ عمامته : أخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي ، وقيل : جابر بن يزيد الأودي ، فأعتم بها فصار معتوها ، وفي رواية الخوارزمي : فصار مجذوما .

 وأخذ درعه : مالك بن بشير الكندي ، فصار معتوها .

فقال السيد : وأخذ نعليه : الأسود بن خالد .

وأخذ خاتمه : بجدل بن سليم الكلبي فقطع أصبغه عليه السلام مع الخاتم ، وهذا أخذه المختار فقطع يديه ورجليه ، وتركه يتشحط في دمه حتى هلك .

وأخذ قطيفة له عليه السلام كانت من خز : قيس بن الأشعث ، قال الخوارزمي في المقتل : كان يجلس عليها ، فسمي لذلك قيس قطيفة ..

 وأخذ درعه : البتراء عمر بن سعد ، فلما قتل عمر بن سعد ، وهبها المختار لأبي عمرة قاتله .

 وأخذ سيفه : جميع بن الخلق الأزدي ويقال : رجل من بني تميم ، يقال له : الأسود بن حنظلة .

 وفي رواية ابن سعد : أنه أخذ سيفه ، القلافس النهشلي ، وزاد محمد بن زكريا : أنه وقع بعد ذلك إلى بنت حبيب بن بديل .

وهذا السيف المنهوب ليس بذي الفقار ، وإن ذلك كان مذخوراً ومصونا مع أمثاله من ذخائر النبوة والإمامة .

 وقد نقل الرواة تصديق ما قلناه وصورة ما حكيناه [147].

 

وفي مثير الأحزان : و أخذ درعه البتراء عمر بن سعد .

و أخذ خاتمه : بجدل بن سليم الكلبي ، و قطع إصبعه ..

 

وقال الخوارزمي والسيد رضي الله عنه :

 فلما قتل صلوات الله عليه :

 ارتفعت : في السماء في ذلك الوقت ، غبرة شديدة سوداء مظلمة .

 فيها ريح حمراء : لا ترى فيها عين ولا أثر .

حتى ظن القوم : أن العذاب قد جاءهم .

فلبثوا كذلك ساعة : ثم انجلت عنهم [148].

 

 

 


 

الإشعاع الثالث :

عدو الله ينتدب أنصاره ليطئوا صدر الحسين بحوافر الخيل :

قال السيد بن طاووس :

ثم نادى عمر ابن سعد في أصحابه : من ينتدب للحسين فيوطئ الخيل ظهره .

 فانتدب منهم عشرة وهم : إسحاق بن حوية الذي سلب الحسين عليه السلام قميصه ، وأخنس بن مرثد ، وحكيم بن الطفيل السنبسي ، وعمرو بن صبيح الصيداي ، ورجاء بن منقذ العبدي ، وسالم بن خيثمة الجعفي ، وواحظ بن ناعم ، وصالح بن وهب الجعفي ، وهانئ بن ثبيت الحضرمي ، وأسيد بن مالك .

 فداسوا الحسين عليه السلام : بحوافر خيلهم ، حتى رضوا ظهره وصدره [149].

وقال الخوارزمي :

منهم : الأخنس بن مرثد الحضرمي ، القائل في ذلك ونسبه في اللهوف لأسيد:

نحن رضضنا الظهر بعد الصدر   بكل يعبوب شديد الأسر

حتى  عصينا  الله  رب   الأمر   يصنعنا مع الحسين الطهر

فداسوا حسينا بخيولهم ، حتى رضوا صدره وظهره .

فسئل عن ذلك : فقال : هذا أمر الأمير عبيد الله بن زياد[150] .

قال أبو عمرو الزاهد : فنظرنا في هؤلاء العشرة فوجدنا هم جميعا أولاد زناء  .

 وهؤلاء : أخذهم المختار ، فشد أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد ، وأوطأ الخيل ظهورهم حتى هلكوا [151].

 

 


 

الإشعاع الرابع :

فاطمة الصغرى تحكي حالها وما جرى عليهم بعد الحسين :

قال المجلسي رحمه الله أقول : رأيت في بعض الكتب :

 أن فاطمة الصغرى قالت : كنت واقفة بباب الخيمة ، وأنا أنظر إلى أبي وأصحابه مجزرين كالأضاحي على الرمال ، والخيول على أجسادهم تجول ، وأنا أفكر فيما يقع علينا بعد أبي من بني أمية ، أيقتلوننا أو يأسروننا ؟

فإذا برجل : على ظهر جواده يسوق النساء بكعب رمحه ، وهن يلذن بعضهن ببعض ، وقد اخذ ما عليهن من أخمرة وأسورة .

وهن  يصحن : وا جداه ، وا أبتاه ، وا علياه ، وا قلة ناصراه ، وا حسناه ، أما من مجير يجيرنا ؟ أما من ذائد يذود عنا ؟

قالت : فطار فؤادي ، وارتعدت فرائصي .

فجعلت أجيل : بطرفي يمينا وشمالا على عمتي أم كلثوم ، خشية منه أن يأتيني  ، فبينا أنا على هذه الحالة ، وإذا به قد قصدني ، ففررت منهزمة ، وأنا أظن أني أسلم منه ، وإذا به قد تبعني ، فذهلت خشية منه .

 وإذا بكعب الرمح : بين كتفي ، فسقطت على وجهي ، فخرم إذني وأخذ قرطي ومقنعتي ، وترك الدماء تسيل على خدي ، ورأسي تصهره الشمس ، وولى راجعا إلى الخيم ، وأنا مغشي عليّ .

 وإذا أنا بعمتي عندي تبكي وهي تقول : قومي نمضي ، ما أعلم ما جرى على البنات ، وأخيك العليل .

فقمت وقلت : يا عمتاه هل من خرقة ، أستر بها رأسي عن أعين النظار ؟

فقالت يا بنتاه وعمتك مثلك .

فرأيت : رأسها مكشوفة ، ومتنها قد اسود من الضرب .

فما رجعنا إلى الخيمة : إلا وهي قد نهبت وما فيها .

وأخي علي بن الحسين : مكبوب على وجهه ، لا يطيق الجلوس من كثرة الجوع والعطش والأسقام ، فجعلنا نبكي عليه ، ويبكي علينا[152] .

 

وعن محمد بن سنان : عن أبي الجارود زياد بن المنذر ، عن عبد الله بن الحسين ، عن أمه فاطمة بنت الحسين عليه السلام قال :

دخلت الغانمة : علينا الفسطاط ، و أنا جارية صغيرة ، و في رجلي خلخالان من ذهب ، فجعل رجل يفض الخلخالين من رجلي ، و هو يبكي‏ .

فقلت : ما يبكيك يا عدو الله ؟

فقال : كيف لا أبكي ، و أنا أسلب ابنة رسول الله .

فقلت : لا تسلبني .

قال : أخاف أن يجيء غيري فيأخذه .

قالت : و انتهبوا ما في الأبنية ، حتى كانوا ينزعون الملاحف عن ظهورنا [153].

 


 

الإشعاع الخامس :

أعداء الله ورسوله يتسابقون لنهب خيام رسول الله وحرق الخيمة :

 

وقال صاحب المناقب ومحمد بن أبي طالب والخوارزمي :

 فأقبل أعداء الله : لعنهم الله ، حتى أحدقوا بالخيمة .

ومعهم شمر ، فقال : ادخلوا  فاسلبوا بزتهن .

فدخل القوم : لعنهم الله ، فأخذوا ما كان في الخيمة .

حتى أفضوا : إلى قرط كان في أذن أم كلثوم ، أخت الحسين عليه السلام ، فأخذوه وخرموا إذنها .

حتى كانت  المرأة لتنازع ثوبها على ظهرها حتى تغلب عليه .

ثم مال الناس على الورس والحلي والحلل والإبل فأنتهبوها [154].

 

قال السيد بن طاووس: وجاءت جارية من ناحية خيم الحسين عليه السلام ,

فقال لها رجل : يا أمة الله إن سيدك قتل .

قالت الجارية : فأسرعت إلى سيدتي وأنا أصيح ، فقمن في وجهي وصحن .

قال : وتسابق القوم ، على نهب بيوت آل الرسول وقرة عين الزهراء البتول ، حتى جعلوا ينزعون ملحفة المرأة عن ظهرها .

 وخرجن بنات الرسول وحرمه : يتساعدن على البكاء ، ويندبن لفراق الحماة والأحباء .

وروى حميد بن مسلم قال :

رأيت امرأة : من بكر بن وائل ، كانت مع زوجها في أصحاب عمر بن سعد .

 فلما رأت القوم ، قد اقتحموا على نساء الحسين عليه السلام فسطاطهن .

 وهم  يسلبونهن : أخذت سيفا ، وأقبلت نحو الفسطاط ، فقالت :

يا آل بكر بن وائل : أتسلب بنات رسول الله لا حكم إلا لله .

يا ثارات : رسول الله ، فأخذها زوجها وردها إلى رحله.

وقال السيد بن طاووس :

 ثم أخرجوا النساء : من الخيمة ، وأشعلوا فيها النار [155] .

 

وفي رواية أبن نمى الحلي قال :

و اشتغلوا بنهب : عيال الحسين و نسائه ، حتى تسلب المرأة مقنعتها من رأسها ، أو خاتمها من إصبعها ، أو قرطها من أذنها ، وحجلها من رجلها .

 و جاء رجل من سنبس : إلى ابنة الحسين عليه السلام و انتزع ملحفتها من رأسها ، و بقين عرايا تراوجهن رياح النوائب ، و تعبث بهن أكف  قد غشيهن القدر النازل ، و ساورهن الخطب الهائل .

و لما بلين : بكل كفور سفاك ، و ظلوم فتاك ، و غشوم أفاك ، حسن الاستشهاد بشعر الحسن بن الضحاك‏ :

و مما شجا قلبي و كفكف عبرتي            محارم  من  آل  النبي   استحلت‏

و مهتوكة بالطف عنها سجوفها            كعاب كقرن  الشمس  لما  تبدت‏

إذا حفزتها   وزعة  من    منازع            لها المرط غارت بالخضوع  و رنت‏

و سرب ظباء  من ذؤابة هاشم            هتفن  بدعوى  خير  حي و ميت‏

أرد   يدا   مني  إذا  ما  ذكرته            على كبد حرى  و   قلب  مفتت‏

فلا  بات  ليلا شامتين  بغبطة            و لا  بلغت   آمالها   ما   تمنت‏

 

 و لما رأت : امرأة من بني بكر بن وائل ، و قد توزعوا سلب النساء .

قالت : يا آل بكر ، أ تسلب بنات رسول الله ، لأحكم إلى الله ، يا لثارات المصطفى ، فردها زوجها .

 و خرجن : بنات سيد الأنبياء ، و قرة عين الزهراء ، حاسرات ، مبديات للنياحة و العويل ، يندبن على الشباب و الكهول .

 

و أضرمت النار : في الفسطاط .

 فخرجن هاربات .

 و هن كما قال الشاعر :

فترى  اليتامى صارخين  بعولة            تحثو التراب  لفقد  خير إمام‏

و تقمن ربات الخدور حواسرا            يمسحن عرض ذوائب الأيتام‏

و ترى النساء أراملا و ثواكلا            تبكين  كل  مهذب  و همام[156]

 

 

 


 

الإشعاع السادس :

أعداء الله يجمعون آل البيت في فسطاط ويأسروهم :

وقال الطبري والمفيد والخوارزمي وغيرهم :

قال أبو مخنف : حدثني سليمان بن أبى راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال :

انتهيت : إلى علي بن الحسين على الأصغر .

وهو : منبسط على فراش له ، وهو مريض .

وإذا : شمر بن ذى الجوشن في رجالة معه ، يقولون : ألا نقتل هذا .

قال فقلت : سبحان الله أنقتل الصبيان ، إنما هذا صبي .

قال : فما زال ذلك دأبي ، أدفع عنه كل من جاء .

حتى جاء : عمر بن سعد ، فقال : ألا لا يدخلن : بيت هؤلاء النسوة أحد .

 ولا يعرضن : لهذا الغلام المريض ، ومن أخذ من متاعهم شيئا ، فليرده عليهم .

قال : فوالله ما رد أحد شيئا .

قال : فقال علي بن الحسين : جزيت من رجل خيرا .

 فوالله : لقد دفع الله عنى بمقالتك شرا .

وقال الخوازمي في المقتل: وجاء عمر بن سعد : فصاحت النساء في وجهه وبكين.

 فقال لأصحابه  : لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النساء ، ولا تعرضوا لهذا الغلام المريض . فسألته النسوة : أن يسترجع ما اخذ منهن ، ليستترن به .

فقال : من أخذ من متاعهم شيئا فليرده .

فوالله : ما رد أحد منهم شيئ ، غير أنهم كفوا .

فوكل: بالفسطاط ، وبيوت النساء، وعلي بن الحسين، جماعة ممن كان معه.

 وقال : أحفظوهم لئلا يخرج منهم أحد ، ولا يساء إليهم [157] .

 

 

 

 


 

 

الإشعاع السابع :

مشارك في قتل الإمام يطلب جائزته من ابن سعد :

قال أبو مخنف : حدثني سليمان بن أبى راشد عن حميد بن مسلم قال :

 فقال الناس : لسنان بن أنس .

قتلت : حسين بن علي وابن فاطمة ابنة رسول الله .

 قتلت : أعظم العرب خطرا ، جاء إلى هؤلاء يريد أن يزيلهم عن ملكهم ، فأت أمراءك : فاطلب ثوابهم ، وإنهم لو أعطوك بيوت أموالهم في قتل الحسين  كان قليلا  .

فأقبل على فرسه : وكان شجاعا شاعرا ، وكانت به لوثة ، فأقبل حتى وقف على باب فسطاط عمر بن سعد ، ثم نادى بأعلى صوته :

أوقر  ركابي فضة و ذهبا    أنا  قتلت  الملك  المحجبا

قتلت خير الناس أما وأبا    و خيرهم إذ ينسبون نسبا

فقال عمر بن سعد : أشهد أنك لمجنون ما صحوت قط .

أدخلوه علي : فلما أدخل حذفه بالقضيب ، ثم قال :

يا مجنون : أتتكلم بهذا الكلام ، أما والله لو سمعك ابن زياد ، لضرب عنقك [158].

يا موالي : الظاهر أن الناس تصوروا دخول سنان على ابن سعد نال به جائزة ، فذكر هذا الشعر من حمل الرأس المطهر إلى ابن زياد ، ومن حمله ليزيد .

وقال محمد بن أبي طالب : ثم إن عمر بن سعد سرح برأس الحسين عليه السلام يوم عاشورا مع خولي بن يزيد الأصبحي ، وحميد بن مسلم إلى ابن زياد.

فقال ابن زياد : من أنتم ؟ فقالوا :

نحن الذين : وطئنا بخيولنا ظهر الحسين ، حتى طحنا جناجن صدره .

 فأمر لهم بجائزة يسيرة [159].

 

 

 

 

 


 

الإشعاع الثامن :

بعد الرحيل بني أسد يصلون على القتلى ويدفنوهم :

وقال محمد بن أبي طالب :

 وأقام : ابن سعد يومه ذلك ، وغده إلى الزوال .

 فجمع قتلاه : فصلى عليهم ودفنهم .

وترك : الحسين وأصحابه منبوذين بالعراء.

فلما ارتحلوا إلى الكوفة :

عمد أهل الغاضرية : من بني أسد ، فصلوا عليهم ودفنوهم .

وقال ابن شهر آشوب : وكانوا يجدون لأكثرهم قبورا ويرون طيورا بيضاً[160] .

 

وقال في مروج الذهب :

وأمر عمرو بن سعد أصحابه : أن يُوطِئوا خيلَهم الحسين ، فانتدب لذلك إسحاق بن حيوة الحضرمي في نفر معه ، فوطئوه بخيلهم .

ودَفَنَ : أهل الغاضرية ، وهم قوم من بني عاضر من بني أسد .

الحسين وأصحابه : بعد قتلهم بيوم [161].

 

إنا لله وإنا إليه راجعون

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

لا يوم كيومك يا أبا عبد الله .

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين

وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام .

وفي تاريخ دمشق : عن فاطمة بنت الحسين ، أنها سمعت أباها الحسين  يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :

ما من مسلم ولا مسلمة : تصيبه مصيبة وإن قدم عهدها ، فيحدث لها استرجاعا ، إلا أحدث الله له عند ذلك ، وأعطاه ثواب ما وعده عليها يوم أصيب به[162] .

مصيبة لا أعظم منها : وفجيعة تهون عندها رزايا الدنيا ، وخطب جليل ، ونداء عالي ، وهم لا يزول ، وغم لا ينجلي ، وحزن دائم ، أودعه أبا عبد الله أمانة في ذمة الوجود ومن يحل به إلى يوم القيامة ، ولا يقوم بحقه إلا من تتبع آثاره وأقتدى به وتأسى بحاله ، وتعلم وعلم هداه وسار على منهاجه الكريم ، وعمل بمعارف دينه القويم ، وعبد الله سبحانه مخلصا له بكل ما علمه الحسين عليه السلام في سيره ومسيره ، وقوله وفعله ، وعلمه وعمله ، فذكره في مجالسه مخلصا لله الدين ، واستنار بمصباح هداه عبودية لله رب العالمين ، وركب سفينة نجاته فيتقرب بها لحبه ورضاه إلى يوم الدين .

اللهم أحشرنا : ومن قرء ونشر وعرف هذه الصحيفة وتعلم علوم آل محمد صلى الله عليهم على منهج الحسين ، معه ومع آله الكرام في كل شيء محبين لهم ومتيقنين حقهم ، وعرف بيننا وبينهم في الدنيا والآخرة يا رب بحق خير الأنام ، واسلك بنا صراطهم المستقيم لكل نعيم ، واجعلنا معهم في كل هدى ودين فإنك الرحمن الرحيم ، ووفقنا وإياهم لطاعتهم والأقتدى والتأسي بهم يا أرحم الرحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

خادم علوم آل محمد عليهم السلام الشيخ حسن الأنباري

يوم 8 /3 /1431 يوم شهادة الإمام الحسن العسكري عليه السلام

موسوعة صحف الطيبين

 

 



[116] بحار الأنوار ج44ص 277ب33 ح17،  13 ، 14 .

[117]منتخب الطريحي ص440 ، مقاتل الطالبيين ص 63 و 64 ، بحار الأنوار ج45ب37ص47ح2.

[118]مقتل الخوارزمي ج2ص36 .

[119]مقتل الخوارزمي ج2ص37 . جفن السيف : غمده ، زمله : لفه .

[120]  الملهوف ص 103 .الإرشاد ج2ص108 . قال ثم جلس الحسين أمام الفسطاط ، فأتى بابنه عبد الله وهو طفل ....  ، مثير الأحزان ص70 .

[121] مقاتل الطالبيين ص 63 - 64 . المناقب ج4ص110 . وذكر من فصيل ولم يذكر ناقة ...

[122] كشف الغمة ج 2 ص 200. الظاهر زمله أي لفه ، وأما رمله : أي لطخه بدمه .

[123]المناقب ج 4 ص 79.

[124] الاحتجاج ص 154 و 155  ، بحار الأنوار ج45ب37ص46و47،48،49ح2.

[125] تاريخ الطبري ج4ص342 .

[126]المناقب ج4ص110. اللهوف ص124. التبان: سروال قصير الأكمام . بحار الأنوار ج45ب37 ص54ح2.أفرزه: إذا عزله من غيره وميزه، أي مزقه وشققه . قبح : القبح و القباحة : نقيض الحسن، عام في كل شي‏ء. الترح : ضد الفرح‏ ـ و هو الهلاك و الانقطاع . البأس: الحرب، و الشدة والجوع و الضراء في الأَموال والأَنفس.  التَّعْسُ : الانحطاط والعُثُورُ والهلاك‏.المستصرخ : المستغيث . و المصُرخ : المغيث . الوله : هو ذهاب العقل و التحير من شدّة الوجد أَو الحزن أَو الخوف . الوجف : سرعة السير ، أي أتيناكم مسرعين . شحذت : حددته . و حَشَشْت الحشيش: قطعْتُه، و احْتَشَشْتُه طلَبْتُه و جَمَعْته . و في المثل : أَحُشُّكَ و تَرُوثُني، يَعْني فرسَه، يُضْرَبُ مثَلًا ، لكلّ من اصطُنِع عنده معروفُ فكافَأَه بضِدِّه أَوْ لَمْ يَشْكُرْه و لا نَفَعه . و يُضْرب مثَلًا لمن يُسِي‏ء إِليك و أَنت تُحْسن إِليه . هل : ألا الآن، أما الآن، الويل: حلول الشر والفضيحة والبلية ، ألا لو كرهتونا تركتونا ، مادام السيف مشيم : مُغْمدٌ لم يسل  . جَأْش النفس رُواع القلب إِذا اضطرب عند الفزَع . طمن : اطمأن الرجل ، و اطمأن قلبه ، و اطمأنت نفسه إذا سكن و استأنس. والرأي لما يستحصد أي هناك مندوحة بدل قتلنا بتركنا نذهب ونرجع ، الحصد : جز البر وقطعه ،و قتل الناس أيضا حصد . دبب: دَبَّ النَّمْلُ و غيره من الحَيَوانِ على الأَرض ، الدَّبَا ـ مقصور ـ : الجراد قبل أن يطير . وقيل : هو نوع يُشبه الجَراد ، و دب الجيش دبيبا : سار سيرا لينا، و منه دبيب النمل. تهافت: تساقط الشيء قطعة بعد قطعة، و هَفَتَ الشيءُ هَفْتاً و هُفَاتاً أَي تَطايرَ لخفته . ثم نقضتم البيعة ، سفه : نقيض الحِلْم ، و أَصله الخفة والحركة ، و قيل : الجهل و هو قريب بعضه من بعض .  السفيه الجاهل و الضعيف الأَحمق .ضل : ضل يضل إذا ضاع‏ ، مضلل أي لا يوفق لخير، صاحب غوايات و بطالات. الفاتك: الذي يرتكب ما تدعوه إليه نفسه من الجنايات‏ ، والفُتْكُ الرجل يَفْتِك بالرجل يقتله مجاهرة .وطاغ‏ : أي متجاوز للحد بطغيانه. و الطاغية: الجبار العنيد.ومثل يزيد وابن زياد وجيشهم وكل من نصرهم ، بقية الأحزاب: أي بقية حرب الخندق ، وقد جمعت العرب كلها على قتال المسلمين ونبي الرحمة وبان فيها النفاق من بعض المسلمين وكفى الله المؤمنين القتال بعلي عليه السلام ، ونبذة الكتاب : طرحوا القرآن ولم يعمل به ولم يهتم بأمره ، وما فيه من وجوب ود وحب والصلاة والتسليم لآل محمد وولاة أمر الله فيهم وأئمة الحق وخذلوهم بل قتلوهم فبعدا لهم .

[127]المناقب ج4ص79.  بحار الأنوار ج45ب37ص47ـ50ح2. بيان : ذكر الأبيات في الاحتجاج بعد بيان مقتل الرضيع ص154ـ155. الملهوف ص 103 ، مقتل الخوارزمي ج2ص37 ، وذكر من القصيدة الأولى ثلاث أبيات فقط وذكر فاطمة أمي ابنة المطهر أحمد ، وبدل ولينا محبنا ، وبدل ما ليس ينكر الحوض المسقى كوثر، وأما المعاني :  لمكثور : المغلوب وهو الذي تكاثر عليه الناس فقهروه ، قال في التاج وفي حديث مثل الحسين : ما رأينا مكثوراً أجرأ مقدما منه   . ومثله في الطبري ج 6 ص 259 عن عبد الله بن عمار ابن عبد يغوث  . الوكوف : القطرات ، والهطل : تتابع المطر ، والفيلق : بفتح الفاء واللام الجيش ، والورد : بالفتح الأسد ، والجحفل : الجيش ، ونفحه بالسيف : تناوله .

[128] مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 110  . مقتل الخوارزمي ج2ص37 .

 الأنزع : من الشرك ، البطين : بالعلم . قاتل العرب الكافرين المشركين والمنافقين : في بدر وحنين وخيبر والأحزاب ، والناكثين في حرب الجمل ، والقاسطين في حرب صفين ، والمارقين في حرب الخوارج ، والمالئ لقلوبهم أحقادا على محمد وآله ، وإن تسموا مسلمين .

[129] الملهوف ص 106  ، بحار الأنوار ج45ب37ص50ح2. أحلوه : أي منعوه ، وأجلوه .

[130] مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 58 ، بحار الأنوار ج45ب37ص51ح2. وفي كشف‏ الغمة ج2ص51. : الشمر لعنه الله في قبيلة عظيمة يقاتله ثم حال بينه عليه السلام و بين رحله و حرمه.

فصاح الحسين عليه السلام : ويحكم يا شيعة الشيطان ، إن لم يكن لكم دين و لا تخافون المعاد ، فكونوا أحرارا ، و ارجعوا إلى أنسابكم إن كنتم أعرابا كما تزعمون ، أنا الذي أقاتلكم ، فكفوا سفهائكم و جهالكم‏ عن التعرض لحرمي ، فإن النساء لم يقاتلنكم . فقال الشمر لأصحابه : كفوا عن النساء و حرم الرجل و اقصدوه في نفسه . تاريخ الطبري ج4ص344 .

[131] مقاتل الطالبيين ص 86 ، القائل حميد بن مسلم برواية أبى مخنف  بحار الأنوار ج45ب37ص51ح2.تاريخ الطبري ج4ص344 .

[132] تاريخ الطبري ج4ص343 . المسناة : هي سدود تمنع الماء من السيل ، وسمى قصد الإمام الحسين عليه السلام للمشرعة على الفرات بالمسناة ، أي لأنها محمية بالجيش الذي يمنع قاصدها. والعس: القدح الضخم، والقُلَّة: الحُبُّ والجَرَّة العظيمة، وأنقد بطنه، القد: قطع الجلد وشق الثوب ونحوه. وتقدد البعير: سمن بعد الهزال وصار القوم قدداً: تفرَّقت حالاتهم وأَهواؤهم.  والقدِيدُ: اللحم المُقَدَّدُ ، والبعير يشرب ما يكفيه لسبعة أيام فتسمن بطنه حتى يرى آثار التوسعة والخطوط عليها .

[133]مقتل الخوارزمي ج2ص39 ، بحار الأنوار ج45ب37ص52ح2.تاريخ الطبري ج4ص343 . وقال أبو الحتوف : اسمه زياد بن عبد الرحمن قيل والصحيح : أبا الجنوب كنى باسم ولده جنوب .

واقتلهم بدد : يروى بكسر الباء جمع بدة وهي الحصة والنصيب أي اقتلهم حصصا مقسمة لكل واحد حصته ونصيبه ، ويروى بالفتح أي متفرقين في القتل واحدا بعد واحد من التبديد انتهى.

ولا تذر : لا تبقي من منتشرهم وجمعهم المحصى عند عندك يا رب أحد .

بعج : فلان بطن فلان بالسكين، أي: شقه.

أيْمُ الله : يمين قسم ، وهو من ألفاظ القَسَم كقولك : لَعَمْرُ الله وعَهدُ الله ، وفيها لغات كثيرة ، وتُفتَح همزتها وتكسر . وهمزتها وصْل ، وقد تُقطَع . وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أ نّها جمع يَمين ، وغيرهم يقول : هي اسم موضوع للقَسَم ، وذكر مثل هذا القسم في عدة موارد مرت في الجزء السابق منها : وأيم الله لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم، والله ليعتدن علي كما اعتدت اليهود في السبت ، تاريخ الطبري 3: 295، الكامل في التاريخ 2: 546.

وأيم الله يا أبا هرة لتقتلني الفئة الباغية ! وليلبسهم الله ذلا شاملا وسيفا قاطعا، وليسلطن الله عليهم من يذلهم حتى يكونا أذل من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة منهم فحكمت في أموالهم وفي دمائهم  الفتوح 5: 79، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي 1: 226، مثير الأحزان: 46.

ولقد انتقم الله سبحانه : من أهل الكوفة ، فظهر منهم التوابون ، والمختار الذي أخذ بالثار ، وبحروب كثيرة مع أبن الزبير والحجاج وابن الأشعث وغيرها ، وحتى مات يزيد شر موته بعد فترة قصيرة ، وابن زياد قتل ، والشمر قتل ، وعمر بن سعد قتل ، ولكل من شارك كانت له مصيبة ، ويكفي أنهم الآن في عذاب الله مقيمين وبناره مشويين ، وهكذا كل من ينصر أعدائه في أي زمان ومكان .

[134]مثير الأحزان ص74 . مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 110 و 111 ، كتاب الملهوف ص 106 و 114 ، بحار الأنوار ج45ب37ص52ـ53ح2. مقتل الخوازمي ج2ص39 .

[135] تاريخ الطبري ج4ص344 .

[136]الإرشاد ج2ص111 .تاريخ الطبري ج4ص345 . والكلام مجموع منهما ، و اللهوف ص121م2 .بحار الأنوار ج45ص54ب37ح2.

[137]تاريخ الطبري ج4ص342 . المناقب ج 4 ص 110 و 111 ، مقتل الخوازمي ج2ص39 ،  كتاب الملهوف ص 114 ، بحار الأنوار ج45ب37ص53ح2. القلنسوة : من ملابس الرُّؤوس معروف، البُرْنُسُ قَلَنْسُوَة طويلة، و كان النُّسَّاكُ يلبسونها في صدر الإِسلام‏ . عي : تعب ، ولبد : ضعف .

[138]الإرشاد ج2 ص110 .الملهوف ص 107 و  10 ، 8تاريخ الطبري ج4ص344 .

[139]المناقب ج4ص111 . بحار الأنوار ج45ب37ص53ـ54ح2. قوله : فأطنها أي قطعها .

[140]تاريخ الطبري ج4ص345 . الإرشاد ج2ص112 . بحار الأنوار ج45ب37ص54ـ55ح2.

[141]مناقب آل أبى طالب : ج 4 ص 58  ، كتاب الملهوف ص 108 الإرشاد ج2ص112 .  تاريخ الطبري ج4ص346 . مقتل الخوارزمي ج2ص41 ،  بحار الأنوار ج44ب37ص56ح2. ج45ب37ص55ـ56ح2.البقع: لون يخالف بعضه بعضا كالبَلَقُ: بقع سواد وبياض في الدواب.

[142] الملهوف ص 115 بحار الأنوار ج45ب37ص57ح2. مضمخ : ملطخ .

[143]المناقب ج4ص111 . مقتل الخوازمي ج2ص39 ,الأمالي‏ للصدوق ص164ب31ح1. بحار الأنوار ج45ب37ص52ح2 .

[144] مناقب آل أبى طالب : ج 4 ص 58  ، كتاب الملهوف ص 108 - 112 ، مقتل الخوارزمي ج2ص42 ،   بحار الأنوار ج44ب37ص56ح2.

[145]مقتل الخوارزمي ج2ص41 ، الأمالي‏ للصدوق ص163م30ح1. روضة الواعظين ج1ص188 .    بحار الأنوار ج45ب37ص60ح2.

[146] أمالي الصدوق المجلس 30 ح 1. بحار الأنوار ج44ب37ص322ح1.

[147]اللهوف ص157 . مثير الأحزان ص76 ، تاريخ الطبري ج4ص 346 ، بحار الأنوار ج45ب37ص57ـ58ح2 ، وهكذا تذكرة الخواص ص 144 .

 ومقتل الخوارزمي ج2ص42 باختصار .

[148] الملهوف ص 115 ، مقتل الخوارزمي ج2ص41 ،  بحار الأنوار ج45ب37ص57ح2.

[149] كتاب الملهوف ص 112 - 121 ، بحار الأنوار ج45ب37ص59ح2.

[150]مقتل الخوارزمي ج2ص44 .

[151] كتاب الملهوف ص 112 - 121 . قال المجلسي أقول : المعتمد عندي ما سيأتي في رواية الكافي أنه لم يتيسر لهم ذلك . بحار الأنوار ج45ب37ص59-60ح2. واليعبوب الفرس الكثير الجري ، وشددنا أسره أي خلقه ، والجناجن عظام الصدر ، بحار الأنوار ج45ب80ص4ح2.

[152] بحار الأنوار ج45ب37ص60ـ61ح2.

[153] الأمالي‏ للصدوق ص164ب31ح2.

[154]مقتل الخوارزمي ج2ص43 ، بحار الأنوار ج45ب37ص60ح2. الوَرْس: شي‏ء أَصفر مثل اللطخ يخرج على الرِّمْثِ بين آخر الصيف و أَوَّل الشتاء إِذا أَصاب الثوبَ لَوَّنَه .ويقال : الورس شي‏ء أحمر قان يشبه سحيق الزعفران وهو صبغ يتخذ منه الحمرة للوجه و هو نبات كالسمسم ليس إلا باليمن .

[155]اللهوف ص130م2 . ، بحار الأنوار ج45ب37ص58ح2 . الملحف : لحف : اللِّحاف و المِلْحَفُ و المِلْحفة : اللِّباس الذي فوق سائر اللباس من دِثار البرد و نحوه ؛ و كل شي‏ء تغطَّيت به فقد التَحَفْت به .

[156] مثيرا لأحزان ص77 .

[157] كتاب الإرشاد ص 226 و 227.تاريخ الطبري ج4ص347 . مقتل الخوارزمي ج2ص43 ، بحار الأنوار ج45ب37ص61ح2.

[158] تاريخ الطبري ج4ص347 .

[159] بحار الأنوار ج45ب37ص61ح2.

[160] مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 112 . بحار الأنوار ج45ب37ص62ح2.

[161] مروج الذهب - ج1ص375 .

[162] تاريخ دمشق ج14ص111ح 1566 .مسند أحمد ج4ص166ح16 .مسند أبي يعلى ج12ص148ح 6777  . مسند الصحابة في الكتب التسعة ج 43 ص 418 .

 

 

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

http://www.msn313.com