بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
 والصلاة والسلام على نبينا الأكرم محمد وآله الطيبين الطاهرين

صحيفة

 نور سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام

الجزء الثامن

سفينة نجاة

الإمام الحسين عليه السلام

بمسير آله الكرام إلى الكوفة ونص وشرح خطبة الشقيقة
عقيلة بن هاشم زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام    

الذكر الثاني

نص وشرح خطبة الشقيقة العقيلة زينب عليها السلام حين دخولهم الكوفة

 

يا موالي : هذا الذكر يشرح نفسه ، وبكلمات كريمة فيه ، وبعبارات بليغة يتضمنها ، وجمل فصيحة يحتويها ، وأسلوب صريح يعرفنا شأن آل محمد وكرامتهم عند الله ورسوله والمؤمنين ، وهو كلام شقيقة الحسين وأخته الكريمة عقيلة بني هاشم وآل محمد ، وتعرفنا ما فعل الظالمون وأتباعهم الطغاة المجرمون ، ويتقدمها كلام للإمام زين العابدين ، ويختمها بعبارات خالدة يعرف بها فضل عمته كريمة آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، فتدبر أنواره المشرقة :

 


الإشراق الأول :

يتقدم خطبة العقيلة وصف حال آل محمد و أهل الكوفة والإمام السجاد :

 

يا موالي: بعد ما عرفت في أخر الذكر السابق ؛ أنه أشرفت امرأة من الكوفيات.

فقالت : من أي الأسارى أنتن ؟

فقلن : نحن أسارى آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

فبعد هذا ذكروا :

الشيخ المفيد في الأمالي ، والشيخ الطوسي في الأمالي ، وأبن طيفور في بلاغات النساء ، والخوارزمي في مقتل الإمام الحسين ، والسيد ابن طاووس في اللهوف وفي الأحتجاج ، وأبن نما في مثير الأحزان وغيرهم ، واللفظ للشيخ المفيد ، وقد جمعنا بينهم وسنشير لمن أخذنا منه في الشرح  :

 قال الشيخ المفيد رحمه : أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال : حدثني‏ أحمد بن محمد الجوهري قال : حدثنا محمد بن مهران قال : حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي : عن عمر بن عبد الواحد : عن إسماعيل بن راشد :

 عن حذلم بن ستير قال  :

قدمت الكوفة : في المحرم سنة إحدى و ستين .

عند منصرف : علي بن الحسين عليه السلام بالنسوة من كربلاء .

و معهم : الأجناد محيطون بهم .

و قد خرج الناس : للنظر إليهم .

فلما أقبل بهم : على الجمال بغير وطاء .

 جعل : نساء أهل الكوفة :

يبكين وينتدبن .

 ويتلدمن .

 مهتكات الجيوب .

 

فسمعت : علي بن الحسين عليه السلام ، و هو يقول :

 بصوت ضئيل : و قد نهكته العلة ، و قد نحل من المرض .

 و في عنقه : الجامعة ، و يده مغلولة إلى عنقه :

يا أهل الكوفة :

 إنكم تبكون علينا .

ألا إن هؤلاء : النسوة يبكين ، فمن قتلنا غيركم ؟

يا موالي : تكملة الحديث في الإشراق الآتي ، فنرى العقيلة ، كيف تستنصتهم ، وتنبهم لفعلهم الشنيع بآل محمد ، و وتعرفهم غفلتهم التي باعوا فيها الدين بالدنيا ، وتريهم فضائل آل محمد ومناقبهم ، وخبث فعل أهل الكوفة بهم مع مالهم من الشأن العظيم والمقام الكريم عند الله ورسوله والمؤمنون ، فتابع نص الخطبة ثم الشرح :


الإشراق الثاني :

نص خطبة الشقيقة العقيلة زينب تشرح أعظم واقعة حلت بالدين :

يا موالي : قال الراوي حذلم في تتمة الحديث السابق :

و رأيت : زينب بنت علي عليه السلام :

 و لم أر خفرة قط : أنطق منها ؟

 كأنها تفرغ : عن لسان أمير المؤمنين عليه السلام قال :

و قد أومأت : إلى الناس ، أن اسكتوا .

فارتدت : الأنفاس ، و سكتت الأصوات .

 

فقالت : الحمد لله .

و الصلاة : على أبي رسول الله ، وعلى آله الطيبين الأخيار آل الله .

 

أما بعد :

يا أهل الكوفة : و يا أهل الختل ، والغدر ، و الخذل ، والحدل .

أتبكون ، فلا رقأت العبرة : و لا هدأت الرنة .

فما مثلكم : إلا كالتي نقضت غزلها ، من بعد قوة أنكاثا .

تتخذون : أيمانكم دخلا بينكم .

ألا و هل فيكم : إلا الصلف النطف ، و الصدر الشنف .

و ملق : الإماء ، و غمز الأعداء .

و هل أنتم : إلا كمرعى على دمنة ، و كفضة على ملحودة .

خوارون : في اللقاء ، عاجزون عن الأعداء .

ناكثون : للبيعة ، مضيعون للذمة .

فبئس : ما قدمت لكم أنفسكم :

 أن سخط الله : عليكم ، و في العذاب أنتم خالدون .

أ تبكون وتنتحبون : إي و الله ، فابكوا .

و إنكم و الله : أحرياء بالبكاء ، فابكوا كثيرا ، و اضحكوا قليلا .

فلقد فزتم : بعارها ، ومنيتم شنارها ، و لن تغسلوا دنسها عنكم أبدا .

و لن ترحضوه : بغسل بعدها أبدا .

و أنى ترحضون :

فسليل : خاتم الرسالة ، و سيد شباب أهل الجنة .

وملاذ حربكم ، ومعاذ حزبكم ، و مفزع نازلتكم ، ومقر سلمكم .

 ومنار محجتكم ، و مدرجة حجتكم ، ومدرة ألسنتكم .

خذلتم : و له قتلتم .

ألا ساء : ما تزرون ، فتعسا و نكسا ، و بعدا لكم  ، و سحقا .

فلقد خاب : السعي ، و وتبت الأيدي ، و خسرت الصفقة .

و بؤتم : بغضب من الله ، و ضربت عليكم الذلة و المسكنة .

 

ويلكم يا أهل الكوفة :

 أ تدرون أي كبد لمحمد فريتم ، و أي دم له سفكتم

 و أي كريمة له أبرزتم ، وأي حريم له أصبتم ، وأي حرمة له هتكتم .

لقد جئتم : شيئا إدا ، تكاد السموات يتفطرن منه ، و تنشق الأرض ، و تخر الجبال هدا .

و لقد أتيتم به : صلعاء عنقاء ، سوآء فقماء ، خرقاء شوهاء .

 شره : طلاع الأرض و السماء .

أ فعجبتم : أن قطرت السماء دما .

 و لعذاب الآخرة أخزى ، و هم لا ينصرون .

فلا يستخفنكم : المهل :

فإنه : لا يحفزه البدار ، و لا يخاف عليه فوت الثار .

 كلا : إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد .

فترقبوا : أول النحل ، وآخر صاد .

 

ثم أنشأت تقول : 

ماذا   تقولون   إذ   قال النبي  لكم     ماذا   صنعتم و أنتم آخر الأمم

بأهل   بيتي  و  أولادي  و  مكرمتي     منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم

ما كان ذاك جزائي إذ نصحت لكم      أن تخلفوني  بسوء في ذوي رحمي

 إني لأخشى عليكم : أن يحل بكم مثل العذاب الذي أودى على إرم .

 

فقال علي بن الحسين :

يا عمة : اسكتي ففي الباقي من الماضي اعتبار .

وأنت : بحمد الله :

عالمة غير معلمة .

فهمة عير مفهمة .

إن البكاء والحنين : لا يردان من قد أباده الدهر .

 

قال الراوي حذلم :

ثم سكتت ، ثم ولت عنهم .

فولله لقد رأيت الناس : حيارى ، كأنهم سكارى .

يبكون : ويحزنون ، ويتفجعون ، ويتأسفون، وقد ردوا أيديهم في أفواههم .

و قال : قد رأيت شيخ إلى جانبي يبكي ، من بني جعفي : قد بكى ، حتى أخضلت لحيته من دموع عينه ، ويده مرفوعة إلى السماء ، و هو يقول‏ :

صدقت : بأبي وأمي :

 كهولكم خير الكهول : وشبانكم خير الشبان ، ونسائكم خير النسوان ، ونسلهم نسل كريم ، وفضلهم فضل عظيم ، لا يخزي ولا يبزي .

كهولهم خير الكهول و نسلهم      إذا عد نسل لا يخيب و لا يخزي‏ [9] .

 


 

الإشراق الثالث :

شرح حال الراوي حذلم وما وصف به آل محمد وأهل الكوفة :

يا طيب : عرفنا سند الشيخ المفيد ، وأما سند رواية ابن طيفور في بلاغات النساء فهو : عن سعيد بن محمد الحميري : أبو معاذ عن عبد الله بن عبد الرحمن رجل من أهل الشام ، عن شعبة ، عن حذام الأسدي ، و قال مرة أخرى : حذيم ، قال : قدمت الكوفة: سنة إحدى و ستين ، و هي السنة التي قتل فيها الحسين عليه السلام .

ثم ذكر الحديث : و هو على لفظ هارون بن مسلم .

فقال : أخبر هارون بن مسلم بن سعدان قال : أخبرنا يحيى بن حماد البصري ، عن يحيى بن الحجاج ،  عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال : ثم ذكر الحديث : بما يقارب الشيخ المفيد وغيره ممن نقل خطبة العقيلة عليه السلام .

ويا موالي : سنذكر بعض اختلاف العبارات عند الشرح ، وترادفها وتقاربها في المعنى ، ونذكر حال الراوي ، وكيفية وصفه لآل محمد ، وأهل الكوفة ، وأسلوبه في نقل الخطبة ومقدماتها .

 

 


الإشعاع الأول :

حذلم بن ستير ينقل أهم كلام يعرف واقعة كربلاء بأسلوب حسن :

عن حذلم بن ستير قال  :

يا طيب : في رواية ابن طيفور في بلاغات النساء مرة عن حذيم ، وأخرى عن حذام ، والشيخ المفيد والشيخ الطوسي رواها عن حذلم بن ستير ، والظاهر أن الراوي هو حذلم ، ويصغر أو لتسهيل اللفظ يقال حذيم وحذام .

والظاهر : أن أبيه ستير له صحبة مع أمير المؤمنين ، وشهد معه صفين في حربه مع معاوية ، وهو وأخوته حملوا راية للإمام على قسم من جيشه ، وحاربوا ببسالة ، واستشهدوا واحد بعد واحد ، فكان كلما يستشهد أحدهم يأخذ الراية الآخر ، أنظر ترجمته في رجال بن داود في مادة شرحبيل وأخوته .

 وسيأتي : أن حذلم رافق أهل البيت عليهم السلام سرا ، أو كان يترقب أخبارهم عن قرب ، و كأنه لم يترك أهل البيت ، وكان يتحين الفرصة ليكون معهم ويواسيهم ، وأنه أرسل ابنه بشير معهم حتى وصلوا إلى المدينة ، وكما سيأتي في إرسال الإمام زين العابدين لبشير بن حذيم يخبر أهل المدينة بقدومهم ، فالظاهر وحدة الاسم وقدمنا السند في أول الإشراق هذا ـ

 

قال حذلم رحمه الله :

قدمت الكوفة : في المحرم سنة إحدى و ستين .

عند منصرف : علي بن الحسين عليه السلام بالنسوة من كربلاء .

حذلم يقول : قدمت الكوفة ، كأنه وصل حين وصول سبايا آل محمد عليهم السلام ، في المحرم سنة أحدى وستين ، ويكون اليوم الثاني عشر من المحرم ، لأنه كان مسيرهم من كربلاء هو اليوم الحادي عشر  ، كما عرفت من قول السيد بن طاووس وغيره ، حيث قال :

 وأقام :  عمر بن سعد  بقية يومه  العاشر من المحرم  .

واليوم الثاني : إلى زوال الشمس .

ثم رحل : بمن تخلف من عيال الحسين عليه السلام .

وإن اليوم الثاني من العاشر هو : يوم الحادي عشر ، ولا يعني الثاني عشر ، لأن اليوم العاشر هو اليوم الأول، وإن المسافة من كربلاء إلى الكوفة ستين كيلومترا ، وتقطع في مرحلة ونصف تقريبا ، أي يوم ونصف تقريبا ، ولما كان عمر بن سعد وجيشه مستعجلون ليصلوا لأهلهم ولأسيادهم ، وهم فرحين بما أتوا من الظلم والفجور ، وأن مسيرهم وهم فرسان ويحيطون بأل محمد عليهم السلام كأعداء ، فيكون وصولهم على أكثر تقدير ، هو يوم الثاني عشر من المحرم عصرا إن لم نقل ظهرا ، لأنه من يسير بهذه السرعة يمكنه أن يقطع هذه المسافة في يوم وليلة .

 وأما كلام حذلم : فإنه كلام إنسان شريف ، وأسلوبه لنقل الواقعة ولكلمات العقيلة وآلها كان أسلوب عالم فاضل وبليغ فاهم مؤدب ، فإنه وإن كان الإمام علي بن الحسين عليه السلام أسير بيد الظلمة ومسبي هو وآله بيد الطغاة ، فبدل من أن يقول أن عمر بن سعد وجلاوزته جاءوا بعلي بن الحسين وسبي آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، قال حذلم :

 قدمت الكوفة ..

 عند منصرف

 علي بن الحسين بالنسوة من كربلاء .

فعبر رحمه الله : بتعبير كريم عن قدوم آل محمد إلى الكوفة ، وكأنه جلالة الإمام زين العابدين علي بن الحسين وآله عليهم السلام ، قد أخذته فأنسته ذكر الطغاة ، وأن هيبة الإمام مع ما في من الحال الذي يفجع القلوب ، ويحزن الأنفس ، ويحير اللب ، ويوجب الأسى والأسف لما حل بأئمة الدين بهرته ، فأسرع في وصفهم والحالة التي تحيط بهم ، فلم يذكر اسم أعداء آل محمد وحالهم ، وإنما شغله الهدى والمعرفة بذكر أفضل خلق الله ومن يأسى لهم ، فذكر حالهم وقصتهم بما سترى من النقل الكريم ، والبيان والوصف الفاضل لإنسان فاهم بما يقول وعالم بما يتكلم .

 وأما معنى الكلمات : لكي نفسر العبارات الواردة في خطبة العقيلة ، فسنأخذ لغتها : من كتاب العين للخليل ، ولسان العرب لأبن منظور ، ومجمع البحرين للطريحي ، وحسب ما هو موجود في القرص المضغوط لمؤسسة النور ، أو التفاسير وغيرها مما موجود في المكتبة الشاملة ، فيكون معنى الكلام والحال :

 


 

الإشعاع الثاني :

حذلم يصف أوضاع وحال آل محمد عليهم السلام وأهل الكوفة :

قال الراوي حذلم : بعد ذكره لقدوم الإمام بآله الكرام :

و معهم : الأجناد محيطون بهم ، و قد خرج الناس للنظر إليهم .

فلما أقبل بهم : على الجمال بغير وطاء .

جعل : نساء أهل الكوفة ، يبكين وينتدبن ، ويتلدمن ، مهتكات الجيوب .

وأما المعنى والشرح :

ومعهم : أي مع علي بن الحسين وحرم رسول الله وآله وعترته وأهل بيته الطيبين الطاهرين صلى الله عليهم وسلم ولعن الله أعدائهم من الأولين والآخرين :

الأجناد : الجند والحرس المرافق لهم ، و الجُنْد كان هم الأَعوان و الأَنصار لبني أمية وعسكرهم وجيشهم الذي حارب الإمام ، وفي الحديث : 

الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف .

 وهؤلاء : أتلفوا وتوافقوا على ظلم آل محمد ومعاونة الطغاة والظالمين وأئمة الكفرة ، على قتل الطيبين الطاهرين الصادقين وأئمة الحق وآل دين الله الكرام من آل محمد .

محيطون بهم : حاطه حيطة إذا تعاهده ، و كل من أحرز شيئا كله  و بلغ علمه أقصاه  فقد أحاط به ، و سمي الحائط : لأنه يحوط ما فيه‏ .

 ويا طيب : فهذا جند الظالمين الضالين يحيط بالهداة آل الصراط المستقيم ، وهم في مسيرهم من كربلاء إلى الكوفة ثم إلى الشام ثم إلى كربلاء ، فالمدينة ، وكما سيأتي .

 

قد خرج الناس للنظر إليهم :

فإن خبر : قتل الإمام الحسين عليه السلام وآله الكرام وصحبه الطيبين ، أنتشر في الكوفة قبل يوم ، لأنه من قتل آل محمد ، هم من هل الكوفة وإن جيش الكفر والظالمين مكون منهم ، وقد تجاوز العشرون ألف مقاتل ، وقد قدموا الكوفة قبل الأسرى أغلبهم ، وأخبروهم بقدومهم بعدهم ، لأن الكثير منهم فرسان وعلى خيول ، وكان بعضهم سرحه عمر بن سعد في نفس اليوم العاشر ومع رأس سيد الشهداء ، وقبل يوم من مسيره من كربلاء مع المتبقين من أطفال ونساء آل محمد ومعهم الإمام علي بن الحسين .

 فخرج من أهل الكوفة : ممن كان يترقب أخبار ووصول آل محمد عليهم السلام إلى الكوفة لأن الطاغية وكيل الطاغية الأكبر فيها ، وكان خروجهم إما حبا لهم وتأسف لما حصل لهم مع خذلانهم لهم ، وهم ممن بايع مسلم بن عقيل وقد وصل عددهم إلى ثلاثون ألف ، ولكنه نكثوا وتهاونوا وخذلوا بل شاركوا في القتل ، وجاءوا يظهرون الحزن والتفجع والندم ، وقسم كثير أيضا جاء ممن يطلب بثار بدر وحنين وخيبر والجمل وصفين والنهروان وهم فرحون شامتون أخزاهم الله .

 

فلما أقبل بهم : على الجمال بغير وطاء :

فأقبل بهم : علي بن الحسين عليه السلام ، مجبورا أسيرا بيد أعداء الله .

على الجمال : الجَمَل : الذَّكَر من الإِبل ، قيل : إِنما يكون جَمَلًا إِذا بلغ أَرْبَعَ سنوات ، و قيل إِذا أَجذع أو إِذا بزَل بثلاث سنوات ، و قيل إِذا أَثْنى ، والجَمَل : يستحق هذا الاسم إِذا بَزَل ، ويقال : البَكْر و البَكْرة : بمنزلة الغلام و الجارية ، و الجَمَل و الناقة : بمنزلة الرجل و المرأَة ، الجَمَل هو زوج الناقة .

و أيام الجمل : زمان مقاتلة علي عليه السلام و عائشة بالبصرة ، و سميت بها لأنها كانت على جمل حينذاك ، و أصحاب الجمل يعني عسكر عائشة ، وكانت مع الناكثين لبيعتهم ، وبسببهم قتل آلف المسلمين ، وهم جاءوا يطلبون بثأرهم من نبي الرحمة وسيد المرسلين محمد وعترته ومن ضرت عائشة ، خديجة بن خويلد أم المؤمنين ، والإمام علي حين أرجع صاحبة الجمل إلى المدينة أرجعها مكرمة يحيطها النساء ، حفظا لحرمة رسول الله مع عدم رعايتها لها وهتكها لستره بنفسها ، وأرجعها على هودج مجلل ، وآل الرسول آل محمد صلى الله عليهم وآله وعترته يسيروهم حتى بغير وطاء :

 بغير وطاء : أي بغير حلس ولا قتب كما مر في الإشراق الثالث من الذكر السابق ، والحلس : ما ولي البعير تحت الرحل وهو كلُّ شي‏ء وَليَ ظَهْرَ البعير و الدابة تحت الرحل والقَتَبِ و السِّرْج، و هي بمنزلة المِرشَحة تكون تحت اللِّبْدِ ، وأما الرحل : رحل البعير سرج وفراش صغير على قدر السنام ، حتى هذا لمقدار لم يضعوا تحتهم بل قيدوهم بالجامعة لما فيهم من الغل والحقد على آل سيد المرسلين وعترة خاتم النبيين .

 

 جعل : نساء أهل الكوفة ، يبكين وينتدبن ، ويتلدمن ، مهتكات الجيوب .

يا موالي : كأن قسم من الخارجون من أهل الكوفة كان فيه رقة ، وإن الغالب عليهم من نساء أهل الكوفة ، لأنه قال : وجعل نساء أهل الكوفة  ، وقد يكون قلت حضور رجالهم ، إما خجلا من فعلهم الشنيع والقبيح المخزي ، أو لحضورهم عند طاغيتهم بن زياد في قصر الإمارة يترقبون حضورهم .

فجعل : أي أخذن بأنفسهن ، لما رأين من الموقف المحزن لآل محمد .

يبكين : البكاء خروج الدمع وهو علامة لإظهار الحزن ، ولذا قال بعدها :

وينتدبن : و النادبة : تندب الميت بحسن الثناء وتبكي عليه وتعدد محاسنه ، و أَن تَدْعُوَ  في قولها : وا فُلاناهْ وا هَناه ، و اسم ذلك الفعل : النُّدْبةُ ، و هو من أَبواب النحو ؛ كلُّ شي‏ءٍ في نِدائه وا فهو من باب النُّدْبة . و النَّدْبُ : أَن يَنْدُبَ إِنسانٌ قوماً إِلى أَمر ، أَو حَرْبٍ ، أَو مَعُونةٍ أَي يَدْعُوهم إِليه ، فيَنْتَدِبُون له أَي يُجِيبونَ و يُسارِعُون .

وعندنا دعاء الندبة المشهور : ننادي به سبط الإمام الحسين التاسع والإمام الثاني عشر الحجة بن الحسن عليه السلام ، وهو دعاء يعرف تأريخ الولاية والهداية والإمامة وتشريع الدين من أول الخلق إلى يوم القيامة ، ويحكي قصته وشأن سادة التأريخ الكرام من الأنبياء وأوصياءهم وبالخصوص آل محمد عليهم السلام ، وفيه ندبة لذكر الإمام الحسين عليه السلام فيقال في قسم منه  ... : فعلى الأطايب : من أهل بيت محمد و علي صلى الله عليهما و آلهما ، فليبك الباكون ، و إياهم فليندب النادبون ، و لمثلهم فلتذرف الدموع ، و ليصرخ الصارخون ، و يضج الضاجون ، و يعج العاجون .

 أين الحسن أين الحسين : أين أبناء الحسين ، صالح بعد صالح ، و صادق بعد صادق ، أين السبيل بعد السبيل  ..

 وفيه : أين الطالب بدم المقتول بكربلاء ...

ويلتدمن : لم يذكرها المفيد ، وذكرها الطوسي وابن طيفور وغيره، ومعنى لدم .

 اللدم : ضرب المرأة صدرها و عضديها في النياحة ، والتَدَمَ : النساءُ إِذا ضربْنَ وُجوهَهنّ  في المآتم ، واللدم : هو نفس اللطم على الصدور في مجالس عزاء الإمام الآن ، وهو بعد أن يقرأ القارئ مصيبة الإمام ، ويردد الرادود رثاءه ويعدد مصائبه ، يتفجعون و يبكون ويلطمون صدورهم ، فيظهرون حزنهم على آل محمد ورفضهم لأعدائهم.

يا موالي : كأنه هذا أول مجلس عزاء على الإمام الحسين وآله وصحبه ، يعقد من غير أهل البيت بعد شهادته ، وبصورة جماعية وعلنية ، والنادبة  أي الملة : و زينب ، وفاطمة بنت علي أو الحسين كما سيأتي ، وقد عرفت مجالس لأهل البيت وحدهم بين أعداء الله في كربلاء وحين مسيرهم ، بل هم في مجلس دائم في كل عمرهم الكريم فضلا عن أيام مسيرهم وقدومهم حتى المدينة المنورة ، فإن نساء الكوفة جئن باكيات وبوضع:

مهتكات الجيوب :

الهتك : أن تجذب سترا فتشق منه طائفة ، أو تقطعه ، فيبدو ما وراءه منه .

والجيب : ما يضاف على اللباس من نفس نوعه في أعلاه أو وسطه ليوضع فيه ما يحتاج لابسه من لوازم ، كالمال و غيره ، وغالبا ما يشقه المفجوع ، وبالخصوص المتحسف على الميت ، لأنه سهل القبض عليه وسهل سرده وشقه أي هتكه .

ومهتكات الجيوب من بلاغات النساء لأبن طيفور ، وقال مشققات الجيوب ، وعنه أيضا : يا أهل الكوفة : إنكم تبكون علينا ، فمن قتلنا  غيركم .

 

 

 


الإشراق الرابع :

الإمام علي بن الحسين يلوم أهل الكوفة بصوت خافت لعلته :

وقال الراوي حذلم :  فسمعت : علي بن الحسين عليه السلام ، و هو يقول :

 بصوت ضئيل : و قد نهكته العلة .

 و قد نحل : من المرض .

 و في عنقه الجامعة ، و يده مغلولة إلى عنقه :

يا أهل الكوفة : إنكم تبكون علينا .

ألا إن هؤلاء : النسوة يبكين ، فمن قتلنا غيركم ؟

والمعنى يا موالي :

 فسمعت :  السمع : حس الأذن ، و السمع : ما وقر في الأذن من شي‏ء تسمعه ، و سمعه الصوت و أسمعه : استمع له ، و مسامعه : هي جمع مسمع و هو آلة السمع ، و سمعت كلامه : أي فهمت معنى لفظه ، و سمع الله قولك : علمه ، و سمع الله لمن حمده : أجاب الله حمد من حمده و تقبله ، لأن غرض السماع الإجابة، و منه الدعاء : أعوذ بك من دعاء لا يسمع‏، أي لا يستجاب و لا يعتد به.

ويا طيب : هاهو كلام الحق سمعه من سمعه من المؤمنين على طول التأريخ ، وصم عنه من أحب أهل الباطل من أتباع بني أمية ومن هم على أمثالهم ، وقد وقال الله تعالى { إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا  مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (81) } النمل ، أي غير مجاب إلى ما تدعو إلي ، ولا تقدر أن توفق الكفار لقبول الحق .

وقال سبحانه : { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36) } الأنعام .

 أي يستجيب وسمع الذين يصغون إليك إصغاء الطاعة ، والموتى الله يجازيهم بما يستحقون ، هاهو الإمام علي بن الحسين وعمته زينب يُسمعون كل من يطلب الهدى ومعارف التأريخ الحق ، فيروه محل دين الله ومستقره إلى يوم القيامة ، فتسمع منهم كلاما لم تسمع قط قولا أسمع منه ، ولا أبلغ و أنجع في القلب غيره ، إلا أن يكون من آبائهم الكرام صلى الله عليهم وسلم ، وأما قول حذلم : فسمعت :

 

 

 علي بن الحسين عليه السلام[10] وهو يقول : فعلي بن الحسين هو :

كما قال الشيخ المفيد في الإرشاد وغيره وكل من كتب عنه :

 الإمام : بعد الحسين بن علي ، ابنه :

 أبو محمد : علي بن الحسين ، زين العابدين عليه السلام .

و كان يكنى أيضا أبا الحسن .

 و أمه : شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى .

و كان مولد : علي بن الحسين عليه السلام ، بالمدينة .

وولد : سنة : 38 ثمان و ثلاثين من الهجرة ، فبقي مع جده : أمير المؤمنين عليه السلام 2 سنتين ، و مع عمه الحسن 10 عشر سنين ، و مع أبيه الحسين 11 إحدى عشرة سنة ، و بعد أبيه 34 أربعا و ثلاثين سنة ، و توفي بالمدينة سنة 95 خمس و تسعين للهجرة ، و له يومئذ 57 سبع و خمسون سنة ، و كانت إمامته : 34 أربعا و ثلاثين سنة ، و دفن بالبقيع مع عمه الحسن بن علي عليهم السلام .

ويا طيب : كان عمره في واقعة كربلاء الفجيعة : 23 ثلاثة وعشرين سنة .

وقال بن داود في رجاله : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام : زين العابدين ، الإمام السجاد ، ذو الثفنات، تقصير العبارة وتضيق الأوراق عن مناقبه .

وقال في المناقب :  قال الصادق عليه السلام : بكى علي بن الحسين عشرين سنة ، و ما وضع بين يديه طعام إلا بكى ، حتى قال مولى له : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، إني‏ أخاف أن تكون من الهالكين ، قال : إنما أشكو بثي و حزني إلى الله ، و أعلم من الله ما لا تعلمون ، إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة .

و في رواية أخرى : أ ما آن لحزنك أن ينقضي ؟ فقال له : ويحك ، إن يعقوب النبي كان له اثنا عشر ابنا ، فغيب الله واحدا منهم فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه ، و احدودب ظهره من الغم ، و كان ابنه حيا في الدنيا ، و أنا نظرت إلى أبي و أخي و عمي و سبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي،  فكيف ينقضي حزني .

  قال الزهري : كان علي بن الحسين عليه السلام ، ما عرفت له صديقا في السر ، و لا عدوا في العلانية ، لأنه لا أحد يعرفه بفضائله الباهرة إلا و لا يجد بدا من تعظيمه من شدة مداراته و حسن معاشرته إياه ، و أخذه من التقية بأحسنها و أجملها .

 و لا أحد : و إن كان يريه المودة في الظاهر ، إلا و هو يحسده في الباطن لتضاعف فضائله على فضائل الخلق .

في تاريخ الطبري : قال الواقدي : كان هشام بن إسماعيل يؤذي علي بن الحسين في إمارته ، فلما عزل : أمر به الوليد ، أن يوقف للناس . فقال : ما أخاف إلا من علي بن الحسين ، و قد وقف عند دار مروان ، و كان علي قد تقدم إلى خاصته : ألا يعرض له أحد منكم بكلمة ، فلما مر ناداه هشام الله أعلم حيث يجعل رسالاته .

و زاد ابن فياض في الرواية في كتابه : أن زين العابدين أنفذ إليه ، و قال : أنظر إلى ما أعجزك من مال تؤخذ به ، فعندنا ما يسعك ، فطب نفسا منا و من كل من يطيعنا ، فنادى هشام : الله أعلم حيث يجعل رسالاته .

وعن ميسرة بن حبيب عن علي بن الحسين عليه السلام قال :

إنا يوم القيامة آخذون بحجزة نبينا و إن شيعتنا آخذون بحجزتنا .

جعلنا الله منهم : نأخذ بنور هداهم وندخل نعيم الله المعد لهم ولمن يتولاهم ، وإن الإمام علي بن الحسين عليه السلام عمره 23 سنة وكان متزوج منذ أربع سنوات وكان قد ولد له أبنه الإمام محمد الباقر عليه السلام ، ولكنه لنحول وضعفه كان يتصور غلام حتى يقال شكوا في أنه هل هو بالغ أو لا وقد مر حين هجومهم عليه في الخيمة بعد مقتل الإمام الحسين ، وهكذا كان تصور الباقون مثل عبيد الله بن زياد وغيره ، فكانوا يستصغرون عمره لضعفه ونحوله ، وهذه حكمة الله في تعريف أولياءه وحفظ دينه بهم ولكي لا يقتلوا كلهم ، وأنه لابد من إمام حجة يحفظ بها تعاليمه الحق ، ولذا قال :

بصوت ضئيل :

الصوت : في العرب جرس الكلام ، و هو مذكر ، والصائت : الصائح ، و قد صات الشيء يصوت صوتا ، و كذلك صوت تصويتا ، والصِّيتُ : الذِّكْر الجميلُ الحَسَنُ الذي يَنْتَشِرُ في الناس دون القبيح، و في الحديث: كان العباس عم النبي الأكرم رجلًا صَيِّتاً أَي شديدَ الصوت‏، وهذا أبن أخوهم عليه السلام نهكته العلة فصار صوته ضئيل .

ضئيل : نعت للشيء في صغره و ضعفه‏ ونحافته ، و تَضاءَلَ الشيءُ إِذا تَقَبَّضَ و انضمَّ بعضُه إِلى بعض .

 يا موالي : بالإضافة لمرضه ونحوله فإنه كانت يده مغلولة إلى عنقه في الجامعة ، فكان يصعب عليه حتى الكلام ، وأن حذيم لوده لآل محمد قرب منه وسمع صوته مع ضئال صوته ، وإنه عليه السلام ضؤل صوته لأنه قد :

نهكته العلة :

نهك : إذا رئي أثر الهزال فيه من المرض ، فهو منهوك ، و بدا فيه أثر الهزال و جَهده المرض ، ونحله وحله الضعف ، و قولهم : ما بقيت لله حرمة إلا انتهكت منذ قبض أمير المؤمنين ، أي استحلت ،  وهو من قولهم انتهك الرجل الحرمة : إذا تناولها بما لا يحل من ظلم أو استضعاف وأغصب حق  .

والعلة : بالكسر معنى يحل بالمحل فيتغير به حال المحل ، ومنه سمي المرض علة ؛ لأن بحلوله يتغير الحال من القوة إلى الضعف ، والعلة الحدث يشغل صاحبه عن حاجته ، كأن تلك العلة صارت شغلا ثانيا منعه عن شغله ، و رجل عل : مسن نحيف ضعيف صغير الجثة ، واعتل ، أي مرض ، فهو عليل ، واعتل عليه بعلة واعتله :إذا إعتاقه عن أمر ، واعتله : تجنى عليه ، وقولهم : على علاته أي على كل حال .

فالإمام عليه السلام : منهوك بسبب علته فبدت عليه أثارها من الضعف والهزل و الجهد الذي يمنعه من الحركة وحتى الكلام العالي وذلك لما عرفت من حاله ، فهو :

قد نحل : من المرض :

ونحل : ضعف ورق ودق وهزل ، و نَحِل جسمُه و نَحَل يَنْحَل و يَنْحُل نُحولًا، فهو ناحِل : ذهَب من مرض أَو سفَر ، و أنحله الهم : أي هزله ، والإمام كان مريض قبل السفر ولم يشارك بحرب ، فكيف وهو في سفر وبدون عناية ولا رعاية بل منع حتى الحركة والاستراحة ، وفي هم وغم وحزن وفاجعة يصعب على المؤمن سماعها، فلذا قال نحل من:

المرض : السُّقْمُ نَقِيضُ الصِّحَّة ، و التمريض: حسن القيام على المريض‏ ، و تَمْرِيضُ الأُمور: تَوْهِينُها و أَن لا تُحْكِمَها ، و ريح مَريضةٌ: ضعيفةُ الهُبُوب ، و كلُّ ما ضَعُفَ فقد مَرِضَ ، وهم بدل تمريضه كان يهدد بالقتل ووضعوا في يده الغل والقيد ، وفي عنقه جامعة لكي لا يمكنه التحرك ولا حتى ليرتاح في مجلسه ، فلعنة الله على الظالمين .

وفي عنقه الجامعة ، و يده مغلولة إلى عنقه :

عنق: العُنْقُ و العُنُقُ: وُصْلة ما بين الرأس و الجسد، يذكر و يؤنث .

الجامِعةُ : الغُلُّ من حديد ، وجامعة لأَنها تَجْمَعُ اليدين إِلى العنق .

و الغل : جامعة تشد في العنق و اليد ، وهي تمنع من الحركة والتصرف وهي شاقة مكلفة مجهدة معذبة ، وقد فسر الراوي الجامعة فقال ، ويده مغلولة إلى عنقه عليه السلام مع ضعفه ومرضه ودقة حالة ، لا أعلم أكانوا يخافون فراره أم يطلبون نبي الرحمة بثأر فيأسرون حفيده ، ويسيره بهذه الحالة بعد قتل أبيه سيد شباب أهل الجنة ، ما أقساهم أبعدهم الله ، وأخزاهم في ناره وعذابه الأبدي .

والإمام يخاطب أهل الكوفة : ويستفسر عن بكائهم ، وهم مع قتلهم لهم يبكون عليهم ، وهذا أمرا عجيب وبيان واقعي غريب من خوف السلطان والطغاة وحب الدنيا وزخرفها ، وإعانة الظلمة وأهل الفجور ، فلذا يسألهم إنكم تبكون علينا .

 فمن قتلنا غيركم : وهو كأنه سؤال من مستفسر مع تعجب ، والنسون الباكية هن ممن خذلنا أزواجهن وخوفن أبنائهن الأمير العاتي والطاغية الجائر ، ومر في الجزء السابق في قصة شهادة مسلم بن عقيل قصة الفرار والخذلان له .

 

 



[9] الأمالي‏ للمفيد ص320 المجلس 38ح8 . الأمالي ‏للطوسي ص91م3ح142-51 . بلاغات ‏النساء لابن طيفور المتوفى سنة 280 هـ ص37 . اللهوف ص146المسلك 3 . الاحتجاج ج2ص 303 .  مثير الأحزان ص86 . بحار الأنوار ج45ص108ب39 ,ح1-8 .

[10] الإرشاد ج2ص137 . رجال ابن داود ج1ص131ح 1033 . المناقب ج4ص166 . تفسير الإمام ‏العسكري ص355ح245 . المناقب ج4 ص164 ، بشارة المصطفى ص43 .

 

 

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موسوعة صحف الطيبين

http://www.msn313.com