بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
نرحب بكم يا طيب في

موسوعة صحف الطيبين
في أصول الدين وسيرة المعصومين



التحكم بالصفحة + = -
❀✺✸☼❋❉❈❊

تكبير النص وتصغيره


النص المفضل

لون النص والصفحة
حجم النص

____ لون النص ____

أحمر | أزرق | أخضر | أصفر |
أسود | أبيض | برتقالي | رمادي |

____ لون الخلفية ____




صحيفة بيعة الغدير ( عيد الغدير ) الأغر

من صحيفة أمير المؤمنين عليه السلام

عناوين صحف الإمام علي عليه السلام ومحاضرات بيعة الغدير :

صحيفة ذكر علي عليه السلام عبادة

http://www.alanbare.com/1

وفيها محاورة وكتاب ومقالات حوله عليه السلام

http://www.alanbare.com/1/d


صحيفة بيعة الغدير

http://alanbare.com/1/g

صحيفة بيعة الغدير كتاب الكتروني بي دي أف

http://alanbare.com/1/g.pdf


صحيفة الرباعيات الصلوات الغديرية

http://alanbare.com/1/g/r

صحيفة رباعيات الصلوات الغديرية كتاب الكتروني

http://alanbare.com/1/g/r.pdf



المحاضرات الإسلامية : للشيخ حسن الأنباري صاحب موسوعة صحف الطيبين في شهر رمضان سنة آخر السنة 1428 هجري / أي أيلول 2007 حول معنى السيادة لسيد الأوصياء وهي رديف معنى الإمامة والولاية ، بشرح مفصل في عدة محاضرات كريمة :

http://alanbare.com/mp


المحاضرة الأولى : في بعض آداب العيد الأكبر عيد الغدير الأغر : وأهم مستحبات عيد الولاية والإيمان ، ورضا الرب تمام النعمة وكمال الدين ، وبيان اهتمام النبي الأكرم والإمام علي والأئمة صلى الله عليهم وسلم به ، وبيان 250 فضيلة ومنقبة مختصر وسريعة مستخلصة من مئات الأحاديث في فضائل الإمام علي عليه السلام ، وضرورة حبه وآثاره في الدنيا والآخرة

http://alanbare.com/1/g/a

نص المحاضرة : كتاب الكتروني بي دي أف

http://alanbare.com/1/g/a.pdf

الاستماع للمحاضرة

http://alanbare.com/1/g/a.mp3


المحاضرة الثانية : فضل زيارة الأمير في يوم الغدير وقصة العدل الـمُذهب : ومحاضرة في ذكر أهمية الغدير وبعض أدعيته وأعماله ، وبيان زهد الإمام علي عليه السلام وعدله ، وأنه يزار مرقده الطاهر وتنصب له قبة وأبواب الذهب ، هو لتكريم لذلك العدل الشامخ ولمعرف صرح الإسلام ورجاله الصادقين ، مع شـــعــر لبيان مقايسة بمن ظلمه وأن قبورهم لا يعتنى بها ولا يكرمون

http://alanbare.com/1/g/b

نص المحاضرة : كتاب الكتروني بي دي أف

http://alanbare.com/1/g/b.pdf

الاستماع للمحاضرة

http://alanbare.com/1/g/b.mp3


لحضرتكم المحاضرة الثالثة في رواة الغدير من الصحابة وهم 110 ونصها : مع بيان حقيقة تواتر واقعة الغدير واهتمام الصحابة وأهل البيت بروايتها واستشهادهم بها لحقهم في عدة مواطن ، وكذا ذكر الرواية التابعين والمؤلفين في واقعة الغدير ثم بيان ملخص ما موجود في كتاب الغدير للأميني رحمه الله بمحاضرة مختصرة وسريعة

http://alanbare.com/1/g/c

نص المحاضرة : كتاب الكتروني بي دي أف

http://alanbare.com/1/g/c.pdf

الاستماع للمحاضرة

http://alanbare.com/1/g/c.mp3


لحضرتكم المحاضرة الرابعة في أهمية الغدير وبيان ولاية أمير المؤمنين في السموات والأرض : واهتمام النبي الأكرم ببيان ولاية الإمام علي عليه السلام ، بعدت مناسبات بعد واقعة الغدير ، وبيان اختلاف الناس وعدم قبول الولاية إلا من عصم الله وهداه ، والتكملة في المحاضرة الآتية

http://alanbare.com/1/g/d

نص المحاضرة : كتاب الكتروني بي دي أف

http://alanbare.com/1/g/d.pdf

الاستماع للمحاضرة

http://alanbare.com/1/g/d.mp3

ولمعرفة تفاصيل العقد لحضرتكم صحفة الأخوة الإيمانية للنسخ والنشر في المواقع

http://alanbare.com/1/g/aket.pdf


المحاضرة الخامسة : قصة بيعة الغدير واسماء الغدير وفهرس كتاب الغدير : تفاصيل معرفة القصة : والمسير والحج والبيعة وكيفيتها لكم ما ذكره الأميني رحمه الله تعالى ، مع ذكر فهرس لأهم ما يحتويه كتاب الغدير للعلامة محمد حسين الأميني رحمه الله في أجزاءه الأحد عشر في محاضرة قصيرة وسريعة .... ولا يفوتكم سماعها ، أو قراءة النص كاملا ولو مرة بالعمر ، فلا يصح تنادي بالبيعة للغدير ولا تعرف شيء عنه وكيف صارت وحدثت

http://alanbare.com/1/g/e

نص المحاضرة : كتاب الكتروني بي دي أف

http://alanbare.com/1/g/e.pdf

الاستماع للمحاضرة

http://alanbare.com/1/g/e.mp3


تأليف
خادم علوم آل محمد عليهم السلام
الشيخ حسن جليل الأنباري
موسوعة صحف الطيبين


صحيفة الغدير الأغر وأهميته

صحيفة الغدر الأغر وأهميته

معنى الغدير الأغر

صحيفة الغدير وأهميته



شرح معنى الغدير

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

بأمر الله علي ولي لنا يوم الغدير

فعرفنا ماء الإسلام المعين الغدير

و تمت نعمة الهداية لكن الغدير

و عصابته خانوا الخلافة العلوية

 

صحيفة مكتبة الغدير

 





بأمر الله نصب النبي علي ولي لنا يوم الغدير

 

معنى غدير خم :

الغَدِيرُ : القطعةُ من الماءِ يغادرُها السيل وهو مُسْتَنْقَع ماءِ السماء صغيراً كانَ أَو كَبِيراً ، والجمع غُدُرٌ وغُدْرَانٌ واسْتَغْدَرَ المكانُ صارت فيه غُدران كمَاءُ النَّهْرِ ، وسمي مكان البيعة للأمير غدير خم لأنه كان في فيه شجرات فأزيل وخم ما تحتها ليخطب فيه النبي الأكرم ، وهو مكان في منطقة الجحفة في مسير الحاج على بعد أربعة أيام من مكة المكرمة وستة أيام من المدينة المنورة ، وبعد الرجوع من حجة الوداع لما وصل الجحفة في محل الغدير ، بأمر الله الواحد الأحد والولي الهادي عز وجل ، أقام فيه سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد بين عبد الله صلى الله عليه وآله ، أخيه ووصية وحجة الله وأمير المؤمنين ومولى الموحدين علي بن أبي طالب عليه السلام ، بعده خليقة له على المسلمين ، ومن بعده آله وخطب فيه خطبة الولاية والثقلين ، فقرنه وبولاية الله وولايته ، فصار هذا اليوم أفضل أيام الله وأكبر أعياد الله وسمي باسم عيد الغدير ، وفيه تمت نعمة الدين بكمال تعاليمه وحصل رضا لمن رضيه ولي له ووفى له بعد رسوله ولم ينقلب عليه ، و عيد غدير خم هو في اليوم 18 الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 10 عشرة من الهجرة وبعده ب 70 يوما أستشهد النبي ، والتفصيل يأتي ..

 

معنى خم :

خم : قال في لسان العرب خَمَ‏ البيتَ و البئرَ يَخُمُّهما خَمّاً ، و اخْتَمَّهما كنسهما ، و الاخْتِمامُ‏ مثله . و المِخَمَّةُ : المِكنسَةُ .

 و قلب‏ مَخْمومٌ‏ : أَي نَقِيٌّ من الغِلِّ و الحسد .

و رجل‏ مَخمُومُ‏ القلب : نَقِيٌّ من الغش و الدَّغَلِ ، و قيل: نَقِيُّهُ من الدنس .

 

 وفي الحديث عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله سلم ‏:

 خير الناس‏ : المَخْمومُ‏ القلب .

قيل: يا رسول الله ، وما المَخْمُومُ‏ القلب؟

قال : الذي لا غش فيه و لا حسد .

 

و في رواية : سُئِلَ أَيُّ الناسِ أَفضلُ ؟

قال : الصادقُ اللسانِ‏، المَخْمومُ‏ القلب .

و في رواية : ذو القلب‏ المَخْمومِ‏ ، و اللسان الصادق.

و هو : من‏ خَمَمْتُ‏ البيت إِذا كنسته .

 و مثله قول مالك : و على السَّاقي‏ خَمُ‏ العين ، أَي كنسها و تنظيفه .

و هو السُّمُّ : لا يَخِمُ‏ ، و ذلك إِذا كان خالصاً ؛ و مَثَلٌ يُضْرَبُ للرجل إِذا ذُكِرَ بخير و أُثْنِيَ عليه ، هو السَّمْنُ لا يَخِمُ‏ .

 و الخَمُ‏ : الثناء الطيب ، و فلان‏ يَخُمُ‏ ثياب فلان إِذا كان يُثْنِي عليه خيراً .

و في النوادر : يقال‏ خَمَّه‏ بِثَناءٍ حسَنٍ‏ يَخُمُّه ‏، و طَرَّهُ يَطُرُّه طَرّاً ، و بَلَّه بثناء حسن و رَشَّه ، كلُّ هذا إِذا أَتبعه بقول حسن.

 و خُمَ‏ : إِذا نُظِّفَ.

و الخَمِيمُ‏ : الممدوح . و الخَمِيمُ‏ : الثقيل الروح. و الخَمُ‏: البُكاء الشديد، بفتح الخاء .

و خَمَّانُ‏ الناس : خُشارَتُهُمْ، و قيل: جماعتهم.

 و ورد ذكره في الحديث قال ابن الأَثير : هو موضع بين مكة و المدينة تَصُبُّ فيه عين هناك ، و بينهما مسجد سيدنا رسول الله .

 قال : و في الحديث ذكر خُمّى، بضم الخاء و تشديد الميم المفتوحة ، و هي بئر قديمة كانت بمكة .

 و الخِمْخِمُ‏ : نبات تُعْلَفُ حَبَّه الإِبلُ،, و الخَمْخَمَةُ: مثل الخَنْخَنَةِ ، و هو أَن يتكلم الرجل كأَنه مَخْنُونٌ من التِّيه و الكِبْر.

و ضَرْعٌ‏ خِمْخِمٌ ‏: كثير اللبن غَزيرُه .

لسان العرب ج‏12 ؛ ص189 . بتصرف بأخذ ما يناسب الكنس والتنقية .

 

وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وآله : عند ماء غدير خم كانت شجرات كبيرة أي دوحات عظام خمسة ، فأمر بكنس ما تحتهن ، فسم غدير خم أي محل خطبته بالولاية لأمير المؤمنين عليه السلام عند ماء الغدير وشجر نقي ما تحته .

أو من باب : خم القلوب فنقاها بالولاية ، وكنس ما فيها فاخرج الأضغان والحسد من المسلمين ، وبقي المنافقين ومن يغدر بأمير المؤمنين قلبه منتن عفن يحقد على النبي وآله .

 

وفي تاج العروس :

خَمَ‏ البَيْتَ و البئْرَ :  اخْتَمَّهُما  ، كَنَسَهُما . و في الصِّحاحِ: خَمَ‏ البئْرَ يَخُمُّها، بالضمِّ: أَي كَسَحَها و نقاها؛ و كَذلِكَ البَيْت إذ كَنَسْته ، و الاخْتِمامُ‏ مِثْلُه. و المِخَمَّةُ، بالكسْرِ: المِكْنَسَةُ.

و الخُمامَةُ بالضمِّ : الكُنَاسَةُ مِثْلُ القُمامَةِ ، و أَيْضاً م يُخَمُ‏ مِن تُرابِ البِئْرِ.

و قالَ اللّحْيانيُّ : خُمامَةُ البَيْتِ و البِئْرِ : ما كُسِحَ عنه مِن التُّرابِ فأُلْقِيَ بعضُه على بعضٍ.

و خُمامَةُ المائِدَةِ : ما يَنْتَثِرُ، بالمُثَلَّثَة ِ، مِن الطَّعامِ فيُؤْكَلُ و يُرْجَى‏ عليه‏ الثَّوابُ .

وفي الحدِيْث ‏: خَيْرُ النَّاسِ‏ المَخْمومُ‏ القَلْبِ‏.

 قيلَ: يا رَسُول اللَّهِ و ما المَخْمُومُ‏ القَلْبِ؟

قالَ : الذي لا غشّ فيه و لا حَسَد .

 و في رِوايَةٍ : سُئِلَ أَيُّ الناسِ أَفْضلُ ؟

قالَ : الصادِقُ اللِّسانِ‏ المَخْمومُ‏ القَلْبِ .

و في رِوايَةٍ : ذو القَلْبِ‏ المَخْمومِ‏ و اللّسان الصَّادِق .

و يقالُ : هو النَّقِيُّهُ من الغِلِّ و الحَسَدِ .

 و قيلَ : مِن الغشِ و الدَّغَلِ؛ مِن الدَّنَسِ ، و كلُّ ذلِكَ مجازٌ، مَأْخوذٌ مِن‏ خَمَمْتُ‏ البئْرَ إذا نَظَّفْتها ..

و مِن المجاز : هو يَخُمُ‏ ثيابَهُ‏ إذا كان‏ يُثْنِي عليه‏ خَبيراً .

و في النوادِرِ : يقالُ: خَمَّه‏ بِثَناءٍ حَسَنٍ‏ يَخُمُّه‏ خَمّاً، و طَرَّهُ يَطُرُّه طَرّاً، و بَلَّهُ بثَناءٍ حَسَنٍ و رَشَّه، كلُّ ذلِكَ إذ أَتْبَعَه بقَوْلٍ حَسَنٍ.

 

و خُمٌ‏: وادٍ، و يُفْتَحُ.

و غَديرُ خُمٍ‏ : على ثلاثةِ أَمْيالٍ‏ هو بالجُحْفةِ .

 و قالَ نَصْر : دونَ الجُحْفَةِ على ميلٍ، بينَ الحَرَمَيْنِ‏ الشَّريفَيْنِ؛ و أَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ لمَعْن بنِ أَوْسٍ:

عَفا و خَلا ممَّنْ عَهِدْتَ به‏ خُمُ‏

و شاقَك بالمَسْحاءِ من سَرِفٍ رَسْمُ‏

 و جاءَ ذِكْرُه في الحدِيْثِ.

قالَ ابنُ الأثير ِ: هو مَوْضِعٌ بينَ مكَّةَ و المَدينَةِ تَصُبُّ فيه عينٌ هناك ، و بَيْنهما مسجدُ سَيِّدنا رَسُول اللَّهِ صلّى اللّه عليه و سلّم.

 و الخَمُ‏ : الثَّناءُ الطَّيِّبُ .

يقالُ : خَمَّهُ‏ بثَناءٍ حَسَنٍ‏ يخمه‏ خَماً إذا أتْبَعَه به، و قد تقدَّمَ قَرِيباً.

و الخَمُ‏: البُكاءُ الشَّديدُ.

و الخَمِيمُ كأَميرٍ: المَمْدوحُ.

و أَيْضاً : الثَّقيلُ الرُّوحِ. فالأَوَّلُ مِن‏ الخمِ‏ و هو حُسْنُ الثناءِ، و القَوْلِ.

 و الثاني : مِن‏ الخُمامَةِ و هي الكُناسَةُ.

و الخَمِيمُ ‏: اللَّبَنُ ساعَةَ يُحْلَبُ.

و يقالُ : هو السُّمُّ لا يَخِمُ‏  مَثَلٌ يُضْرَبُ للرجُلِ إذا ذُكِرَ بخيرٍ و أُثْنِيَ عليه : هو السّمْنُ لا يَخِمُ‏، أَي لا يَتَغَيَّرُ.

و يقالُ: هو لا يَخِمُ‏ أَي لا يَتَغَيَّرُ عن جودِهِ و كَرمِهِ.

تاج العروس من جواهر القاموس ج‏16؛ ص225 . بتصرف بأخذ ما يناسب الكنس والتنقية والتصفية .

 

معنى جحف :

جاء في لسان العرب وتاج العروس :

جَحَفَ‏ :  الشي‏ءَ يَجْحَفُه‏ جَحْفاً: قَشَرَه . و الجَحْفُ‏ و المُجاحَفَةُ  أَخْذُ الشي‏ء و اجْتِرافُه . و الجَحْفُ‏ : شِدَّةُ الجَرْفِ إلَّا أَن الجَرْفَ للشي‏ء الكثير ، و الجَحْفَ‏ للماء و الكُرَةِ و نحوهما.

تقول: اجْتَحَفْنا ماء البئرِ إِلا جَحْفَةً واحدةً بالكَفِّ.

يقال : جَحَفْتُ‏ الكُرةَ من وجْهِ الأَرض واجْتَحَفْتُها .

و سَيْلٌ جُرافٌ و جُحافٌ ‏: يَجْرُفُ كلَّ شيء و يَذْهَبُ به .

و الجُحْفَةُ : موضع بالحجاز بين مكة و المدينة، جُحْفَةُ بغير أَلف و لام ، و هي مِيقاتُ أَهلِ الشامِ ؛ و قيل : الجُحْفَةُ قرية  أَجْحَفَ السيلُ بأَهْلِها فسميت‏ جُحْفَة . و كانَتْ قَرْيَةً جَامِعَةً، على اثْنَيْنِ و ثَمَانِينَ مِيلَا مِن مَكّةَ .

و المُجْحِفَةُ: الدَّاهِيَةُ؛ لأَنَّهَا تُجْحِفُ‏ بالقَوْمِ، أي: تَسْتَأْصِلُهم. و اجْتَحَفَهُ‏ اجْتِحَافاً: اسْتَلَبَهُ، و تَجَاحَفُوا في القتالِ: تَنَاوَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِالْعِصِيِّ، وَ وَقَعَ في العُبابِ: بِالْقِسِيِّ، و السُّيُوفِ‏ و منه‏

المُجَاحَفَةُ: أَخْذُ الشَّيْ‏ءِ و اجْتِرَافُهُ، و اجْتَحَفَ‏ السَّيْلُ الوَادِيَ: قَشَرَهُ.

 

يا طيب : الغدير محل تجمع ماء المطر صغيرا أو كبيرا ، وهو في منطقة الجحفة وهي منطقة واسعة تأتي فيها السيول من ماء المطر الغزير من الجبال المحيط بها ، وسميت جحفه لأن يأخذ السيل كل ما يجد في طريقه فيها فيجرفه معه ، وفي الأماكن المنخفضة يتجمع ماء المطر فتسمى غدير وغدران ، وقرب أحد الغدران منطقة الجحفة موقع منخفض مائها كثير من تجمع لماء مطر السماء فيه ، وقربه أشجار و في فسحة منه خمسة أشجار كبار عظيمة تسمى دوحة أي دائحة في السماء لكبرها ، فأمر النبي أن يكنس ما تحته ويقم أن يخم ما تحتها وتزال الأوراق التي تحت الشجر وينظف المكان ليحل فيه ، فسمي المكان في الجحفة قرب الغدير الذي أجتمع النبي والمسلمين فيها بغدير خم وبني فيه مسجدا وكان يأتيه الناس ويصلون فيه ويحيون ذكرى تجمعهم مع النبي ، وتحت أحد الأشجار أمر النبي الأكرم أن تجمع له أقتاب الأبل أي ما يجلس عليه راكب الأبل حتى صارت مرتفعا .

 فصعد عليه : النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله ،  ومعه علي بن أبي طالب عليه السلام ، حتى عرفهم الناس ، و خطب خطبة الغدير المعروفة كما أمره الله تعالى بتنصيب أخيه ووصيه علي بن أبي طالب خليفة له وولي للمسلمين ، ورفع النبي يد لوصي لما قال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه ، وأنصر من نصره وأخذل من خذله ، وأوجب ولايته وخلافته له على جميع المسلمين معه ، وكان عددهم مائة ألف أو يزيدون ، وأيدوه وبايعوه بأجمعهم وأولهم الشيخين والمقربين ، وكلا منهم يصافح أمير المؤمنين عليه السلام ويقول له : بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنه ، ويهنئوه بالخلافة .

 وكان حجة النبي الأكرم : في سنة 10 للهجرة وتسمى حجة الوداع وهي الحجة الوحيدة التي حجها ، والتي كانت في طريق الرجوع من مكة المكرمة للمدينة المنور وبعد أربعة أيام وصل غدير الجحفة فكانت بيعة الغدير في 18 ثمانية عشر ذي الحجة ، وبعدها  ب 70 يوما رحل إلى الرفيق صلى الله عليه وآله وسلم ، أي بعد البيعة للإمام علي عليه السلام بالخلافة والولاية له بعده ، وفي يوم وفاته انقلبوا ونقضوا العهد والوعد قسم من المقربين من النبي وكانوا يحفون به ويتملقون له بحياته ، فغدرو وجحفوا واستولوا وأخذوا منصب خلافته وسموا أنفسهم أمير المؤمنين وخليفة رسول الله كذبا وظلما وعدوانا ، لأنهم نقضوا العهد الذي عاهدوا الله ورسوله عليه ، وفسخو العقد الذي عقدوه على نصر علي بن ابي طالب عليه السلام ، وحكموا الناس بما تهوى أنفسهم ، وولوا من ولوه يفتي برأيه ورأيهم وهم لا علم يذكر لهم ولا سابقة في دين وحرب ، وأخذ من يحكم منهم ينصب الولاة ممن يشاء ومن الأحكام والقضاة وأئمة المساجد حسب قياسه وفكره ، فتبعهم من تبعهم والناس على دين ملوكها ، وثبت من ثبت مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وأقر له بالولاية والإمامة والخلافة لرسول الله ، فأخذ دينه منه وعبد الله بما يحب ويرضا، وترك من نقض و نافق وغدر وخان العهد مع الله ورسوله ووليه.

 

 

موقع الجُحفة :

الجحفة : بجيم مضمومة وحاء ساكنة وفاء ثم هاء : كانت الجحفة مدينة عامرة ومحطة من محطات الحاج بين الحرمين ، ثم تقهقرت في زمن لم نستطع تحديده ، إلا أنه قبل القرن السادس ، وتوجد اليوم آثارها شرق مدينة رابغ بحوالي 22 كيلومترا ، إذ خرجت من رابغ تؤم مكة كانت إلى يسارك حوز السهل من الجبل ، وقد بني فيه مسجدا هناك يزوره بعض الحجاج .

ويا طيب : لكي نتصور محل غدير خم وهو في منطقة الجحفة وهو بين المدينة المنورة على بعد 6 ستة أيام وعلى بعد من مكة المكرمة على بعد 4 أربعة أيام ،  نذكر كلام في مقدار المراحل والمنازل بين مكة المكرمة والمدينة المنورة على الطريق العام ، وتقطع كل مرحلة في يوم ، فيكون السفر للقافلة بين مكة والمدينة المنورة في عشرة أيام ، وهذا مقتبس من صحيفة الإمام الحسين عليه السلام من موسوعة صحف الطيبين ، مع تصرف بما يناسب المقام ، يا طيب إن :

 الفرسخ = 3 ثلاثة أميال .

والميل = 4000 أربعة آلاف ذراع .

الميل = 1.82  متر أي ألف وثمانمائة وعشرون مترا .

فالفرسخ = 5.5 كيلو مترا .

وعلى القول الأصح متوسط المرحلة : 8 فراسخ في 3 أميال تساوي 24 ميلا. وعلى التقدير المتوسط الأصح 44 كيلومترا وعليه نعتمد لمقاربته المسافة الآن ، ولتحقيق البحث نذكر المسافة والمراحل حسب ما ذكرت في الكتب القديمة والحديثة ، فتابع البحث.

وهذا نص كلام اليعقوبي في البلدان[1] : المنازل بين مكة :

ومن المدينة إلى مكة عشر مراحل عامرة آهلة : فأولها :

ذو الحليفة : ومنها يحرم الحاج إذا خرجوا من المدينة، وهي على أربعة أميال من المدينة.

ومنها إلى الحفيرة : وهي منازل بني فهر من قريش .

وإلى ملل : وهي في هذا الوقت منازل قوم من ولد جعفر بن أبي طالب .

وإلى السيالة : وبها قوم من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب عم وكان به قوم من قريش وغيرهم .

وإلى الروحاء :  وهي منازل مزينة .

وإلى الرويثة  : وبها قوم من ولد عثمان بن عفان وغيرهم من العرب .

وإلى العرج : وهي أيضاً منازل مزينة .

وإلى سقيا بني غفار : وهي منازل بني كنانة .

وإلى الأبواء : وهي منازل أسلم .

وإلى الجحفة : وبها قوم من بني سليم وغدير خم من الجحفة على ميلين عادل عن الطريق.

وإلى قديد : وبها منازل خزاعة .

وإلى عسفان .

وإلى مر الظهران : وهي منازل كنانة .

وإلى مكة .

ومن المدينة إلى مكة مائتان وخمسة وعشرون ميلاً .

 والحاج : ينزلون هذه المنازل وغيرها من المناهل ، ويطول قوم ويقصر آخرون على ما يذهبون إليه في المسير من السرعة والإبطاء ، فيدخل الناس إلى مكة من ذي طوى :  وهي أسفل مكة ، ومن عقبة المدنيين : وهي أعلى مكة ،  ومنها دخول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

ويا طيب : على قوله من المدينة إلى مكة = 225 ميلا ، وعلى القول الأصح أن الميل يساوي 1820 مترا ، تكون المسافة : 225× 1820 = 409500 مترا .

وقال في المسالك والممالك [2]: طريق الجادّ من المدينة إلى مكّة :

من المدينة : إلى الشجرة وهي ميقات أهل المدينة ، 6 ستة أميال .

يا طيب : تكون المسافة :10920 مترا ، أي 10 عشرة كيلومترات ، و920 تسعمائة وعشرون مترا ، أي ما يقارب 11 الأحد عشر كيلو متر ، فيكون هنا محل لصلاة الظهر وللإحرام بالنسبة للحاج والقاصد لمكة المكرمة .

ثم إلى ملَل : فيها آبار ، 12 اثنا عشر ميلاً .

يا طيب : تكون المسافة : 21840 مترا ، أي 21 واحد وعشرون كيلومترا ، و840 ثمانمائة وأربعون مترا .

ثم إلى السّيالَة : فيها آبار ، 19 تسعة عشر ميلاً .

يا طيب : تكون المسافة :34580 مترا ، أي 34 أربعة وثلاثون كيلومترا ، 580 ونصف تقريبا أي وخمسمائة وثمانون مترا .

ثم إلى الرُّويثة : فيها برك 34 أربعة وثلاثون ميلاً .

يا طيب : تكون المسافة : 51880 مترا ، أي 51 واحد وخمسون كيلو مترا ، و 880 ثمانمائة وثمانون مترا .

ثم إلى السُّقيا : فيها نهر جار وبستان ، ستة وثلاثون ميلاً .

يا طيب : تكون المسافة : 65520 مترا ، أي 65 خمسة وستون كيلومتر و 520 خمسمائة وعشرون مترا .

ثم إلى الأبواء : فيها آبار ، سبعة وعشرون ميلاً .

يا طيب : تكون المسافة : 49140 مترا ، أي ما يقارب الخمسون كيلومتر ، 49 كيلومتر ، و 140 مترا .

ثم إلى الجُحفة : وهي من تهامة ، وفيها آبار ، سبعة وعشرون ميلاً .

يا طيب : تكون المسافة : 49140 مترا ، أي ما يقارب الخمسون كيلومتر ، 49 كيلومتر ، و 140 مترا .

ثم إلى قُديد : فيها آبار ، سبعة وعشرون ميلاً .

يا طيب : تكون المسافة : 49140 مترا ، أي ما يقارب الخمسون كيلومتر ، 49 كيلومتر ، و 140 مترا .

ثم إلى عسفان : فيها آبار ، أربعة وعشرون ميلاً .

يا طيب : تكون المسافة : 43680 مترا ، أي 43 ثلاثة وأربعون كيلومتر و 680 مترا . وعسفان : على بعد مرحلتين من مكة .

ثم إلى بطن مر : فيها عين وبركة ، ثلاثة وثلاثون ميلاً .

يا طيب : تكون المسافة : 60060 مترا ، أي 60 ستون كيلومترا ، و 60  متر .

ثم إلى مكة : ستة عشر ميلاً[3] .

يا طيب : تكون المسافة : 29120 مترا ، أي 29 كيلومترا و 120 مترا .

 

ويا طيب : عرفت بأن الميل كان 1820 مترا ،  ولو جمعنا المراحل وهي :

10920 متر من المدينة إلى الشجر .

21840 متر من الشجرة إلى ملل . هذه المرحلتين تعدان مرحلة واحدة .

34580 متر من ملل إلى السيالة . يساوي 67340

51880 متر من السيالة إلى الرويثة . يساوي 119220

65520 متر من الرويثة إلى السقيا . 184740

49140 متر من السقيا إلى الأبواء . 233880

49140 متر من الأبواء إلى الجحفة . 283020 من المدينة للجحفة

49140 متر من الجحفة إلى قديد . 332160

43680 متر من قديد إلى عسفان . 375840

60060 من عسفان إلى بطن مر . 435900

29120 من بطن مر إلى مكة المكرمة . 465020

......

465020 متر المجموع أي 465 كيلومترا و20 عشرون مترا .

وهذا القول أوسط الأقوال :

بين قول اليعقوبي الذي كان 409500 مترا أي 409 كيلومتر .

وقول صاحب نزهة المشتاق : 491400 مترا أي 491 كيلو متر :

 

ويا طيب : إن المسافة المقدرة الآن على الطرق الحديثة المعبدة المبلطة والتي عدلت فيها الطرق واستوت ولا يجبر المسافر على الصعود والنزول أو على الالتفاف حول الجبال والهضاب ، تبعد المدينة المنورة عن مكة المكرمة 430 كم شمالاً .

والمدينة المنورة : المدينة وترتفع عن سطح البحر 625 متراً تقريباً .

وأمام مكة المكرمة :يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر ما بين 250مترًا إلى 350متر ، وأما أعلى قمة جبالها فيبلغ 800 متر فوق سطح البحر .

 

ويا طيب : عرفت أن المراحل 10 عشرة بين مدينة المنورة ومكة الكرمة ،  ولغدير خم من المدينة 6 ستة مراحل سير ، ومن مكة المكرمة لغدير خم في الجحفة 4 أربع مراحل سيرا على الأقدام أي أربعة أيام .

لأنه من المدينة المنورة للجحفة : 283020

ومن مكة المكرمة إلى الجحفة : 182000

والمجموع : 465020

ويا طيب : ذكر العلامة الأميني رحمه الله في كتاب الغدير[4] ، حجة الوداع للنبي الأكرم ، وهو مسيرة من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة بالترتيب الآتي فيكون عشرة أيام ، إلا أن يحسب مسيرة من المدينة المنورة لملل يوم فيكون أحد عشر يوما ، لأن المرحلة الأولى قطعها في يومين ليلتحق به من تأخر، فقال:

ملل  : الأحد 1  صبح فيه ، ثم سار .

شرف السيالة :  تعشى . عرق الظبية : الاثنين 2  صلاة الصبح .

الروحاء :  صلى العصر بالمنصرف ، والمغرب والعشى بالمتعشى .

الإثابة : صلاة صبح 3 الثلاثاء . العرج : الثلاثاء 3  يومه .

لحى جمل : عقبة الجحفة  أحتجم .

السقياء :  4 الأربعاء يومها .

الأبواء : 5 الخميس صبحه .

الجحفة :  6  الجمعة يومها .

قديد :  7  السبت سبت فيه .

عسفان : 8 الأحد يومه وفي الغميم  كان مشيهم سريع .

مر الظهران :  9 يوم الاثنين .

الثنيتين :  10  ليلة الثلاثاء . قرب مكة المكرمة

مكة المكرمة :  يوم الثلاثاء .

 فهذه مراحل قطعها النبي الأكرم .

 

 

نص قصة الغدير :

يا طيب : حضر يوم الغدير أكثر من مائة ألف مسلم ممن حج مع النبي الأكرم من كل البلدان ، والجحفة مفترق الطرق ، وقبل تفرق الحاج ، خطب النبي خطبة الغدير ، ونقلها كثير من المؤمنين لأنه حضر الواقعة أكثر من مائة ألف مسلم ، وكلا يرويه حسب قدرته على البيان وما واجهه من أحوال المكان وما حفظ من الخطبة ، وحسب محل روايته ومكانها ، فينقل بعضهم الخطبة مفصلة وبعضهم يختصر ، وعد من الرواة من الصحابة لخطبة الغدير مائة وعشرة ، وكلا له أسلوبه ، فننقل قسم من الروايات بما يسعه هذ المختصر :

 

رواية حذيفة الغفاري :

ذكر الصدوق بإسناده عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال :

 لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع ونحن معه أقبل حتى انتهى إلى الجحفة ، فأمر أصحابه بالنزول فنزل القوم منازلهم ، ثم نودي بالصلاة فصلى بأصحابه ركعتين .

 ثم أقبل بوجهه إليهم فقال لهم : إنه قد نبأني اللطيف الخبير أني ميت وأنكم ميتون ، وكأني قد دعيت فأجبت وأني مسؤول عما أرسلت به إليكم ، وعما خلفت فيكم من كتاب الله وحجته وأنكم مسؤولون ، فما أنتم قائلون لربكم ؟

 قالوا : نقول : قد بلغت ونصحت وجاهدت، فجزاك الله عنا أفضل الجزاء.

 ثم قال لهم : ألستم تشهدون : أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله إليكم ، وأن الجنة حق ؟ وأن النار حق ؟ وأن البعث بعد الموت حق ؟

فقالوا : نشهد بذلك .

 

 قال : اللهم اشهد على ما يقولون ، ألا وإني أشهدكم أني أشهد أن الله مولاي ، وأنا مولى كل مسلم ، وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فهل تقرون لي بذلك ، وتشهدون لي به ؟

فقالوا : نعم نشهد لك بذلك .

 

 فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ألا من كنت مولاه فإن عليا مولاه وهو هذ ، ثم أخذ بيد علي عليه السلام فرفعها مع يده حتى بدت آباطهما .

 ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله .

 

 ألا وإني : فرطكم ، وأنتم واردون عليَّ الحوض ، حوضي غداً ، وهو حوض عرضه ما بين بصرى وصنعاء ، فيه أقداح من فضة عدد نجوم السماء ، ألا وإني سائلكم غدا ماذا صنعتم فيما أشهدت الله به عليكم في يومكم هذا إذا وردتم علي حوضي ، وماذ صنعتم بالثقلين من بعدي فانظروا كيف تكونون خلفتموني فيهما حين تلقوني ؟

 

قالوا : وما هذان الثقلان يا رسول الله ؟ 

قال : أما الثقل الأكبر : فكتاب الله عزّ وجلّ ، سبب ممدود من الله ومني في أيديكم ، طرفه بيد الله والطرف الآخر بأيديكم ، فيه علم ما مضى وما بقي إلى أن تقوم الساعة .

وأما الثقل الأصغر : فهو حليف القرآن وهو علي بن أبي طالب و عترته عليهم السلام ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .

قال معروف بن خربوذ : فعرضت هذا الكلام على أبي جعفر عليه السلام فقال : صدق أبو الطفيل هذا الكلام وجدناه في كتاب علي عليه السلام وعرفناه.

 

الخصال ب2ص64ح98. بيان : فرطت القوم : سبقتهم إلى الماء ، بصرى - بالضم والقصر - في موضعين أحدهما بالشام وأخرى من قرى بغداد . الثقل - محركة - : متاع المسافر وحشمه وكل شيء نفيس مصون ، على وعترته عليهم السلام حلفاء القرآن يعنى لم يفارقوه .

قال الصدوق رحمه الله : الأخبار في هذا المعنى كثيرة ، وقد أخرجتها في كتاب المعرفة في الفضائل ، ويا طيب : كل من يطلب الحق أو يبحث عنه وهو صادق : ويحب المزيد حول معرفة واقعة الغدير ، فعليه بكتاب الغدير للعلامة الأميني ، فإنه قد فصل الكلام في رواته ومصادر من ذكر الواقعة الشريف التي كرمنا الله به بكمال الدين وتمام النعمة ورضاه في ذلك اليوم المبارك ، و الذي كان في حجة الوداع ، وقد مر بعض الذكر له بصورة مباشرة بالنص أو بالإشارة له بألفاظ أخرى في جميع أبواب الكتاب ، وهو فيه بيان جلي لدين الله ونعيمه لعباده كلهم علي والنبي وآلهم ، وكل مؤمن عرفهم بحق المعرفة فعبد الله بدينهم وأخلص له بهداهم ، جعلنا الله منهم .

 

 

تفاصيل واقعة الغدير :

يا طيب : أفضل وأحسن كتاب فصل يوم الغدير وخطبة النبي ، وذكر كل الرواة والكتب التي روت حديث الغدير ، بل وذكر الشعراء على مر التأريخ ممن ذكر الغدير في شعره ، وفصل كل صغيرة وكبيرة متعلق بواقعة الغدير من الآيات والأحاديث ، و في كتاب الغدير للعلامة الأميني رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه ، وبفضل الله علي كنت أول من عمل في مؤسسة الغدير والمسؤول عن تحقيقه ، فعملنا به مع أخوة أفاضل على ما قدرنا الله عليه ، حتى خرجت لأستقل بالكتابة والتأليف ، والآن مؤسسة عامرة تهتم بأمور الغدير ، ولذا ننقل لكم تفاصيل الواقع بما رواه العلامة الأميني رحمه الله ، نذكر منه قوله :

 آية إكمال الدين وتمام النعمة ورضا الرب :

قال الله تعالى :

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ

لَكُمْ دِينَكُمْ

وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي

وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا } المائدة 3

هذه الآية : نزلت في يوم الغدير - 18 - من ذي الحجة سنة - 10 - من الهجرة .

بعد أن خطب النبي : أصحابه ، ونصب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خليفة من بعده ، وألف العلامة الأميني رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه كتاب يتكون من أحد عشر جزأ ، قد استقصى البحث حول الآية ، وشأن نزولها في ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وفرض إمامته في يوم الغدير .

فذكر رحمه الله : أهمية واقعة الغدير في التأريخ ، وعد من تعرض لها من المؤرخون وأئمة الحديث والمفسرون والمتكلمون واللغويون ـ ثم ذكر واقعة الغدير.

 فقال رحمه الله :

أجمع رسول الله صلى الله عليه وآله : الخروج إلى الحج في سنة 10 عشر من مهاجره ، وأذن في الناس بذلك ، فقدم المدينة خلق كثير يأتمون به في حجته تلك ، التي يقال عليها :

حجة الوداع : وحجة الإسلام .

 وحجة البلاغ : وحجة الكمال .

وحجة التمام .

ولم يحج غيرها : منذ هاجر إلى أن توفاه الله .

 فخرج صلى الله عليه وآله : من المدينة مغتسلا ، متدهنا ، مترجلا ، متجردا

 في ثوبين صحاريين إزار ورداء .

وذلك يوم السبت : لخمس ليال أو ست بقين من ذي القعدة .

وأخرج معه : نسائه كلهن في الهوادج ، وسار معه أهل بيته .

وعامة : المهاجرين والأنصار ، ومن شاء الله من قبائل العرب وأفناء الناس .

وعند خروجه : صلى الله عليه وآله ، أصاب الناس بالمدينة جُدري  ( بضم الجيم وفتح الدال وبفتحهما ) ، أو حصبة منعت كثيرا من الناس من الحج معه صلى الله عليه وآله .

ومع ذلك  :كان معه جموع لا يعلمها إلا الله تعالى .

 وقد يقالوا : خرج معه : تسعون ألف .

 ويقال : مائة ألف و أربعة عشر ألفا .

 وقيل : مائة ألف وعشرون ألفا .

 وقيل : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا .

و يقال : اكثر من ذلك ، وهذه عدة من خرج معه .

 وأما الذين حجوا معه : فأكثر من ذلك كالمقيمين بمكة .

 والذين أتوا من اليمن:  مع علي ( أمير المؤمنين ) وأبي موسى .

 

أصبح : صلى الله عليه وآله يوم الأحد بيلملم .

 ثم راح : فتعشى بشرف السيالة وصلى هناك المغرب والعشاء .

 ثم صلى الصبح : بعرق الظبية .

 ثم نزل الروحاء : ثم سار من الروحاء فصلى العصر بالمنصرف .

 وصلى: المغرب والعشاء بالمتعشى وتعشى به ، وصلى الصبح بالإثابة .

 وأصبح : يوم الثلاثاء بالعرج .

 وأحتجم : بلحى جمل " وهو عقبة الجحفة " ونزل السقياء يوم الأربعاء .

 وأصبح : بالأبواء ، وصلى هناك .

 ثم راح من الأبواء:  ونزل يوم الجمعة الجحفة .

ومنها إلى قديد : وسبت فيه .

 وكان : يوم الأحد بعسفان .

 ثم سار : فلما كان بالغميم ، إعترض المشاة (الحر) ، فصفوا صفوفا ، فشكو إليه المشي .

 فقال : استعينوا باليسلان " مشي سريع دون العدو " ، ففعلو فوجدوا لذلك راحة .

وكان: يوم الاثنين بمر الظهران ، فلم يبرح حتى أمسى .

وغربت له الشمس بسرف : فلم يصل المغرب حتى دخل مكة .

ولما انتهى إلى الثنيتين : بات بينهما ، فدخل مكة نهار الثلاثاء.

 

فلما قضى مناسكه :

وانصرف راجعا إلى المدينة : ومعه من كان من الجموع المذكورات ،

 ووصل إلى غدير خُمّ من الجُحفة :

التي تتشعب : فيها طرق المدنيين والمصريين والعراقيين .

 و ذلك : يوم الخميس 18 الثامن عشر من ذي الحجة .

نزل إليه جبرائيل الأمين عن الله بقوله تعالى :

{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ

وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ

وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}المائدة67.

وأمره أن يقيم عليا علما للناس :

ويبلغهم : ما نزل فيه من الولاية ، وفرض الطاعة على كل أحد .

 وكان أوائل القوم : قريبا من الجُحفة .

 فأمر رسول الله : أن يرد من تقدم منهم ، ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان .

 ونهى : عن سَمرات ـ شجرات ـ خمس ، متقاربات ، دوحات ( الشجر الكبير ) عظام أن لا ينزل تحتهن أحد .

حتى إذا أخذ القوم : منازلهم فقُم (خم) ـ كنسوا ـ ما تحتهن .

حتى إذا نودي : بالصلاة صلاة الظهر عمد إليهن فصلى بالناس تحتهن .

وكان يوما : هاجرا (حارا ) يضع الرجل بعض ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء .

وظلل لرسول الله : بثوب على شجرة سمرة من الشمس .

فلما انصرف:  صلى الله عليه وآله من صلاته .

 قام خطيبا وسط القوم :

 على أقتاب الإبل وأسمع الجميع ، رافعا صوته فقال :

الحمد لله ونستعينه : ونؤمن به ، ونتوكل عليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا الذي لا هادي لمن ضل ، ولا مضل لمن هدى.

 وأشهد أن لا إله إلا الله : وأن محمدا عبده ورسوله :

أمّا بعدُ :

 أيها الناس : قد نبأني اللطيف الخبير ، أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي  قبله ، وإني أوشك أن ادعى فأجيب .

 وإني مسؤول : وأنتم مسؤولون ، فماذا أنتم قائلون ؟

قالوا : نشهد أنك قد بلغت ، ونصحت وجهدت ، فجزاك الله خيرا .

 قال : ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله ، و أن محمدا عبده ورسوله .

 وأن جنته حق : وناره حق ، وأن الموت حق ،  وأن الساعة آتية لا ريب فيه ، وأن الله يبعث من في القبور ؟

 قالوا : بلى ، نشهد بذلك .

 قال : اللهم اشهد .

 ثم قال : أيها الناس ألا تسمعون ؟ قالوا : نعم .

قال : فإني فرط على الحوض ، وأنتم واردون عليّ الحوض ، وإن عرضه ما بين صنعاء وبصرى فيه أقداح عدد النجوم من فضة ، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين.

 فنادى مناد : وما الثقلان يا رسول الله ؟

قال : الثقل الأكبر كتاب الله ، طرف بيد الله عز وجل و طرف بأيديكم

فتمسكوا به لا تضلوا .

والآخر الأصغر : عترتي .

 وإن اللطيف الخبير : نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يراد علي الحوض ، فسألت ذلك لهما ربي ، فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا .

 

 ثم أخذ بيد علي فرفعها : حتى رؤى بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون .

 فقال :

  أيها الناس : من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ؟

 قالوا : الله ورسوله أعلم .

 قال : إن الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم .

 فمن كنت مولاه : فعلي مولاه .

 يقولها : ثلث مرات .

 وفي لفظ : احمد إمام الحنابلة ، أربع مرات .

ثم قال :

 اللهم : وال من والاه ، وعاد من عاداه .

 وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه .

 وانصر من نصره ، واخذل من خذله .

 وأدر الحق معه حيث دار .

 ألا فليبلغ الشاهد الغائب .

 ثم لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي الله بقوله :

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ

وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي

وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا (3)} المائدة .

 

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله :

 الله اكبر : على إكمال الدين ، وإتمام النعمة ، ورضى الرب برسالتي

، والولاية لعلي من بعدي .

 

 ثمُ طفق القوم : يهنئون أمير المؤمنين صلوات الله عليه .

 وممن هنأه : في مقدم الصحابة :

 الشيخان : أبو بكر وعمر كل يقول :

 بخ بخ : لك يا بن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة .

 وقال ابن عباس : وجبت والله في أعناق القوم .

 فقال حسان : ائذن لي يا رسول الله  أن أقول في علي أبياتا تسمعهن.

 فقال صلى الله عليه وآله : قل على بركة الله .

 فقام حسان فقال :

 يا معشر : مشيخة قريش ، أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية ، ثم قال :

يُناديهم يوم الغديـر نبيهم ــ بخُمٍّ فاسـمِع بالرسـولِ مُناديا

فقال فمن مولاكـم ونبيكم ــ فقالـوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانـا وأنـت نبينا ــ ولم تلق منا في الولاية عاصيا

فقال له : قم يا علي فإننى ــ رضيتك من بعدي إماما وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليه ــ فكونـوا له أتباع صدق مواليا

هناك دعا اللهم والِ وليه ــ وكـن للذي عـادا عليا معاديا

ثم قال الأميني رحمه الله وأسكنه فسيج جنانه :

هذا مجمل القول : في واقعة الغدير ، وسيوافيك تفصيل ألفاظها ، وقد أصفقت الأمة على هذا ، وليست في العالم كله وعلى مستوى البسيط ، واقعة إسلامية غديرية غيرها ، ولو أطلق يومه فلا ينصرف إلا إليه ، وإن قيل محله فهو هذا المحل المعروف على أمَمٍ من الجُحفة ، ولم يعرف أحد من البحاثة والمنقبين سواه .

 

فهرس مختصر لكتاب الغدير :

يا طيب : ثم ذكر الأميني رحمه الله مقالا في العناية بحديث الغدير :

فذكر فيه : اشتهار حديث الغدير واهتمام المؤمنين به ، وتناقله بين الرواة والمؤلفين على طول الزمان في مقال حق ، يذعن له كل منصف بأن ذلك اليوم الحاشد ، كان لتنصيب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

 وجعله ولي : وإمام علي المؤمنين بعده النبي الأكرم ، وهادي لهم للصراط المستقيم .

فلذا رحمه الله : أخذ يستقصي كل ما يناسب هذا البحث لبيان الحق في ولاية

وإمامة أمير المؤمنين ، حتى كان كتاب الغدير أحد عشر جزء .

 

 

 وفي  الجزء الأول :

 من كتابه الغدير الموقر بعد ما سمعت :

ذكر رحمه الله : من رواة حديث الغدير من الصحابة :

 110 مائة وعشرة صحابي : ذاكراً لهم وللمصادر الذاكرة لأسمائهم .

ثم ذكر رحمه الله : من رواة حديث الغدير من التابعين : 84 أربعة وثمانون تابعي .

ثم ذكر رحمه الله : من طبقات الرواة من العلماء والحفاظ ، على ترتيب الوفيات من القرن الثاني حتى القرن الرابع عشر :

 360 ثلاثمائة وستون راوي .

 

ثم ذكر رحمه الله  : المؤلفون في حديث الغدير :

26 ستة وعشرون كتاب مؤلف في ذاكراً لأسماء مؤلفيها .

 

ثم ذكر  المناشدة والاحتجاج بحديث الغدير الشريف : 

فذكر : مناشدة الإمام علي عليه السلام :

في يوم الشورى  وأيام عثمان

 ويوم الرحبة ويوم الجمل ويوم الركبان

ويوم صفين ومن شهد له عليه السلام .

 

كما ذكر رحمه الله : مناشدة الصديقة فاطمة الزهراء :

والحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وغيرهم.

ذاكر من شهد لهم : وصدقهم من الصحابة والتابعين والحفاظ .

مع ذكر : الكتب والمصادر لرواة هذه المناشدات والاحتجاجات .

 

ثم تعرض رحمه الله : للآيات القرآنية المتعلقة بيوم الغدير وبيان إمامة أمير المؤمنين ،  فذكر :

آية البلاغ ، وآية إكمال الدين ، وآية سأل سائل ودلالتها .

 

ثم ذكر رحمه الله : تأريخ عيد الغدير في الإسلام ، ومفاد حيث الغدير ،  ودلالته لإمامة الإمام علي والقرآن الحافة به .

وهذا وغيره كله في الجزء الأول من كتاب الغدير .

 

الجزء الثاني من كتاب الغدير :

 ثم أخذ رحمه الله : يستقصي كل ما يؤيد ويبرهن على الإمام والولاية لوصي الرسول الأكرم وخليفته بالحق ، ويبين بطلان خلافة غيره .

 فذكر الشعراء الذين ذكروا حديث الغدير :

 وتعرض : لذكر فضائل الإمام علي عليه السلام .

 فشرح الشعر : الذي يرد فيه مناقبه وفضائله فيستقصي ،  مع ذكر مصادره وموارده ، ويدفع كل شبه حوله بأحسن بيان وأفضل أسلوب ، يمتع المنصف ويرتاح له المؤمنين ويطلب المزيد منه الباحث المدقق .

فكان يغلب على الجزء الثاني :

 إثبات : فضائل ومناقب الإمام علي بالإضافة لما ذكر من الشعر والشعراء .

 

وكان يغلب على الجزء الثالث :

 رد الشبهات : والافتراء على المذهب الحق ، فرد أباطيل كثير من الكتب .

 فمن أراد إثبات : بحوث إثبات إمامة الإمام علي عليه السلام فعليه بالجزء الأول والثاني .  ومن أراد : رد الأباطيل التي افتريت على المذهب فعليه بالجزء الثالث .

 وإما من أراد : بيان عدم استحقاق من غصب خلافة رسول الله مثل أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية ، ويريد أن يعرف حقيقة أخبارهم وأتباعهم ، فعليه بالجزء السادس فما بعده . وإن كانت : هذه البحوث لا تنفك عن بعضها

والباحث المتتبع : يود المعرفة لجميع أقسامها فإن بعض بحوثها متداخلة وتنفع في دعم البحوث الأخرى إلا أن الغالب هذا .

ويا طيب : هذا مختصر جدا للفهرس ، ومن يحب الشعر ويعجبه أن ينقله فيه فضل أهل البيت ، وبالخصوص ذكر واقعة الغدير ، فعليه بالكتاب وموجود على الانترنيت ، ويمكن الأقتباس منه والنشر ، فضائل ومناقب وأحاديث كريمة ، أو مقال حسن جميل في حقائق المذهب أو شعر أو ما يحب ، وأسأل الله أن نشاركه بالأجر بالنقل منه وتعريف الهدى الحق وأهله .

 

 

مختصر لعشر أجزاء الغدير :

يا طيب : بعد أن عرفنا فهرس الجزء الأول ومختصر عن كتاب الغدير :

 الغدير : في الكتاب والسنة والادب .

 تأليف: العلامة الشيخ عبد الحسين بن الشيخ احمد بن الشيخ نجف علي الملقب بأمين الشرع ومنه لقب الاميني .

فهذا موجز لبحوث أجزاء كتاب الغدير :

 

وأما الجزء الثاني :

وما بعده تعرض للشعر المروي في الغدير ، وأسماء الشعراء وترجمتهم وحياتهم ومصادر الشعر  .

فبدأ بأمير المؤمنين عليه السلام .

ثم حسان بن ثابت ، وقيس بن سعد بن عباد الأنصاري .

وعمر بن العاص فذكر حياته بشيء من التفصيل ، ومحمد الحميري .

 وأبو المستهل الكميت ، والسيد الحميري .

وذكر في شرح شعره : حديث بدأ الدعوة وانذر عشيرتك الأقربين .

 ثم ذكر الشاعر العبدي الكوفي ، وأبو تمام الطائي ، ودعبل الخزاعي .

وذكر في هذا الجزء : بعض الآيات النازلة في شأن الإمام علي عليه السلام

 ضمن شرحه لشعر حسان بن ثابت .

 

وأما الجزء الثالث :

فقد ذكر فيه : من شعراء الغدير :

أبو إسماعيل العلوي ، والوامق النصراني وذكر معه من مدح الإمام علي من النصارى .

ونقد فيه :كتاب حياة محمد صلاة الله وسلامه عليه ،.

ثم ذكر الشاعر : بن الرومي ، ثم الحماني الأفوه ، ثم زيد الشهيد

وضمن شرح شعره .

وأبطل : كل ما سطره بعض الكتب عن الشيعة يذمهم .

 ككتاب : العقد الفريد ففند ما ذكره من افتراءه على الرافضة من التهم

، كمحنة الرافضة واليهود وتحريف القرآن وغيرها ، وكذا أبطل ما افترى صاحب كتاب الفرق بين الفِرَق ، والفصل في الملل والنحل ، وأبطل ما فيه من الإشادة بعلم الشيخين .

 وذكر أربعين حديثاً : في علم الإمام علي عليه السلام .

 

وذكر : وبين نزول سورة الدهر في أهل البيت عليهم السلام.

وتعرض لحديث المؤاخاة : بين النبي والإمام علي فذكر خمسون حديث ، وحديث رد الشمس .

 

 ثم تعرض : لما ذكر ابن تيمية في كتابه منهاج السنة من الأباطيل ومن الافتراء ، وبين أصول الدين عند الإمامية ، وبين معنى الولاية ، وبين قذائفه على الشيعة وأبطلها .

وذكر مصادر حديث المؤاخاة  : وعدة أحاديث حول الإمام علي عليه السلام ، منها حديث سد الأبواب.

 وكذا تعرض : لأباطيل كتاب البداية والنهاية ، فذكر حديث الطير والحوض وأول من أسلم .

 وأبطل افتراء : كتاب محضرات تاريخ الأمم الإسلامية ، ومساواته لآل محمد صلاة الله عليه وآله بآل أبي سفيان .

 وأبطل : ما ذكره كتاب السنة والشيعة من فرية أبن سبأ وعزوه للتشيع إليه وفريته على كتب الشيعة .

 ثم تعرض لكتاب : الصراع بين الإسلام والوثنية وبين فساده ما نسبه للشيعة من الأباطيل  الكثيرة ، كتعبدهم بالرقاع وتحريف القرآن والمتعة وافتراءهم على الشيعة  ،كما ذكر كتب أخرى وزيف ما فيها من الفرية والتحريف .

 

ثم ذكر في هذا الجزء من شعراء القرن الرابع :

 ابن طباطبا الأصفهاني : وبن علوية الأصفهاني ، والمفجع ، وأبو القاسم الصنوبري ، والقاضي التنوخي ، وأبو القاسم الزاهي ، وأبو فراس الحمداني .

 

 

وأما الجزء الرابع :

من كتاب الغدير بدأ بالشاعر :

 أبو الفتح كشاجم : ثم الناشئ الصغير ، والبشنوي الكردي ، والصاحب بن عباد ، والجوهري الجرجاني ، وابن الحجاج البغدادي ، وأبو العباس الضبي،  وأبو الرقعمق الأنطاكي ، وأبو محمد العوني ، وأبن حماد العبدي ، وأبو الفرج الرازي ، وجعفر بن حسين .

 ومن شعراء القرن الخامس :

 أبو النجيب الطائي : والشريف الرضي ، وأبو محمد الصوري ، ومهيار الديلمي ، والشريف الرضي ، وأبو علي الصير ، وأبو العلاء المعري ، والمؤيد في الدين والجبري المصري .

 ومن شعراء القرن السادس :

أبو الحسن الفنجكردي وأبن منير الطرابلسي ، والقاضي ابن قادوس ، والملك الصالح ، وابن العودي النيلي ، والقاضي الجليس ، وابن مكي النيلي ، والخطيب الخوارزمي ، والفقيه عمارة .

 

 

وأما الجزء الخامس :

 فبدأ بالشاعر : السيد محمد الأقساسي

 وتعرض : ضمن شرح شعره لحديث رد الشمس ، وصلاة ألف ركعة ، وعلم الأئمة ، وزيارة القبور عند السنة والشيعة ، والقبور التي يزورها الناس .

كما تعرض : لسلسة الوضاعين والأحاديث الموضوعة .

 وبعدها ذكر : الشاعر قطب الدين الراوندي ، وسبط ابن التعاويذي .

و ذكر شعراء القرن السابع :

 فذكر منهم : مجد الدين بن جميل ،والشواء الكوفي الحلبي ، وكمال الدين الشافعي ، وأبو محمد المنصور بالله ، وأبو الحسين الجزار ، والقاضي نظام الدين ، وشمس الدين محفوظ ، وبهاء الدين الإربلي .

 

 

وأما الجزء السادس :

فذكر فيه شعراء الغدير في القرن الثامن :

 فبدأ بالشاعر : أبو محمد بن داود الحلي ، وجمال الدين الخلعي ، والسريجي الأوالي ، وصفي الدين الحلي ، والإمام الشيباني الشافعي ، وشمس الدين المالكي وضمن شرحه لشعره .

 تعرض لحديث : تزويج الله لفاطمة من علي عليهم الصلاة والسلام ، وحديث أنا مدينة العلم وعلي باباها .

ثم ذكر نــوادر الأثــر : في علم عمر،  فذكر له مائة رأي وحكم واجتهاد مخالف لحكم الله وابسط تعاليم الدين .

ثم تعرض لحديث الولاية والمنزلة : وسبق إسلام علي عليه السلام وتكنيته بأبي تراب ، وختم الكتاب في شعر علاء الدين الحلي .

 

وأما الجزء السابع  :

فذكر فيه من الشعراء : بن العرندس الحلي ، وبن داغر الحلي .

والحافظ البرسي الحلي : وتعرض ضمن شرحه لشعره لموضـوع الغـلـو وحقيقته

، ونزهه ، ثم ذكر الغلو في أبي بكر وذكر طرف في علمه ، فعد قسم منها وبين مظاهر علمه وفهمه ومخالفته للحق ، وبين حقيقة شجاعته وعبادته وأخلاقه ، وثم ذكر أحاديث الغلو فيه ، وذكر منها ثمانية وعشرون حديث وأبطلها وبين فسادها .

 كما تعرض لإيمان أبـو طالب وفضله : ودفاعه عن الإسلام وما روي من الكلم الطيب عنه وفيه .

 

 

وأما الجزء الثامن :

فكان أوله : استمرار لما ذكر من مناقب شريف الإسلام أبو طالب .

فتعرض أولاً : لأبي طالب في الذكر الحكيم ، وتعرض لإحن القوم للوقيعة فيه وتزييفها .

 ثم أعاد البحث : في أحاديث الغلو في أبو بكر فأوصلها لسبعين حديث مـوضوع في شأنه وبين فسادها ، ومنها في ما ذكر في قصة الغار وزيف فضل أبو بكر فيها وغيره .

 ثم تعرض للغلو : في فضائل عمر بن الخطاب ، وكرامات حكيت عـد ، منه أحد عشر ، فيبين بطلانها وفساد أصلها .

وهكذا ثم يتعرض للغـلـو : في عثمان بن عفان وفساد رأيه واجتهاده والأحاديث الموضوعة فيه ، وعد منها اثنان وأربعون ، منها قطائعه وأستأثر بني أمية ومروان بأموال المسلمين وكنزهم لها .

وتسييره : لأبي ذر إلى الربذه ، ويختم هذا الجزء بمسك الكلام فيتحدث عن فضائل أبي ذر وسيرته رحمه الله ورأيه وما جني عليه .

 

 

وأما الجزء التاسع :

 في هذا الجزء : يستمر في ذكر الغلو في فضائل عثمان بن عفان ، فيذكر الفضيلة الثانية والأربعون ، فيذكر اعتداءه على بن مسعود ،  وأهنته له ولعمار بين ياسر ، وكعب بن عبيده ، وغيرهم من كبار الصحابة من أجل إرضاء بني أمية . فتحصل له من هذا النوع أكثر من خمسين فضيلة رذيلة .

ثم يذكر الأحاديث : الموضوعة في حق عثمان بن عفان فيتعدى الأربعين وذكر منها الحصار الأول والثاني لبيت عثمان وقتله فيه ، ويختم الكتاب فيتعرض لبعض الكتب وبيان ما فيها من الأباطيل والمناقضات ويلفت النضر للغلو في الأحاديث الموضوعة في الخلفاء الثلاثة وبالخصوص مناقب عثمان والمغالاة فيها .

 

 

 

 

وأما الجزء العاشر :

يستمر رحمه الله : في بيان الغلو في مناقب الخلفاء الثلاثة ، ثم يذكر أخبار عبد الله بن عمر وآرائه ونوادره وإحياءه لأمر أبيه .

 ثم يبدأ بذكر المغالاة : في فضائل معاوية بن أبي سفيان ، ويضعه في ميـزان القضـاء ويذكر المغالاة فيـه ، وقسم كبير من مخازيه في ترك المسنون وارتكاب المحارم ، وبيعة يزيد واستلحاقه ابن زياد ، وكثير غيرها التي يبين فيها جنايته على الإسلام ، وحربه مع علي عليه السلام ومكره وحيلته وخداعه للمسلمين ، وبين بطلان اجتهاده ويبين معنى الإجماع والقياس والاجتهاد وشروطه ويختم هذا الجزء بها .

 

 

وأما الجزء الحادي عشر :

فيستمر رحمه الله : في ذكر بحث معاوية في ميزان القضاء فيذكر صرفه المخزي مع سبطي الرسول الأكرم وصحبهم الكرام

وتتبعه لقتل شيعة علي  عليه السلام : ويذكر قسم من مناقب معاوية الموضوعة بالنقد والتحليل فيزيفها .

ثم يتعرض رحمه الله : لقصص الخرافة والغلو الفاحش في فضائل الأولياء ، فيعد منها مائة منقبة وكرامة مخترعة وعجائب وغرائب موضوعة .

 

 ثم يبدأ رحمه الله في عد بقية الشعراء في القرن التاسع فيبدأ :

بضياء الدين الهادي : ثم الحسن آل أبي كريم ، ويذكر من شعراء القرن العاشر : الشيخ الكفعمي ، وعز الدين العاملي . ومن شعراء القرن الحادي عشر : ابن أبي شافين البحراني ، وزين الدين الحميدي ، وبهاء الملة والدين ، والحرفوشي العاملي ، وابن أبي الحسن العاملي ، والشيخ حسين الكركي ، والقاضي شرف الدين ، والسيد أبو علي الأنسي اليمني ، والسيد شهاب أبو معتوق الموسوي ، والسيد علي خان العشعشي ، والسيد ضياء اليمني ، والمولى محمد طاهر القمي ، والقاضي جمال الدين المكي ، وأبو محمد ابن الشيخ الصنعاني .

 

ويذكر من شعراء القرن الثاني عشر : الشيخ محمد حر العاملي ، والشيخ أحمد البلادي ، وشمس الأدب اليمني ، والسيد علي خان المدني ، والشيخ عبد الرضا المقري الكاظمي ، وعلم الهدى محمد ، والشيخ علي العاملي ، والسيد مسيحا الفسوي ، وابن بشارة الغروي ، والشيخ إبراهيم البلادي ، والشيخ أبو محمد الشويكي ، والسيد حسين الرضوي ، والسيد بدر الدين اليمني .

ويا طيب : كتاب الغدير كنز من كنوز الشيعة ، ومفخرة في كتب الولاء ، وعلم حق في بيان الهداة لدين الله ، ونور بيان الهدى لمن يطلبه ، وفيه حقائق الإنصاف في الحكم على من عرفهم ، والعدل في تنزيل الأوائل منازلهم وشأنهم ، وبأحسن أسلوب رائع ، وبحقيقة كلام بليغ يحكي الواقع ، حكيم في أقواله  جزيل في الفاظه ، سلس البيان يدعم الحجة بالبرهان ، ويؤيد الواقعة بالدليل الصادق ، وبكل حقيقة يتكلم عن الواقع ، فرحمه الله وأسكنه فسيج جنانه .

 

 

أعمال يوم الغدير :

يا طيب : ذكرت فضائل ليوم الغدير وأهميته بالدين ، وثوا جزيل لأعمال فيه ، وقد جوز بل استحسن كثير من العلماء صلاة العيد فيه جماعة ، وإن هجرت في زمانن لسيطرة الطغاة على الحكم في البلاد واستمر النسيان ، وكما له أعمال مستحبة كثيرة ، مثل الغسل والصوم والصلاة والدعاء ، والثواب الجزيل لإكرام المؤمنين وإطعامهم ، والتوسعة على الأهل وإظهار المحبة لهم واتحافهم والمؤمنين حسب الوسع والطاعة ، ولبس الجديد أو النظيف وأحسن الملابس عند المؤمن ، والاحتفال في هذا اليوم الكريم وإقامة مجالس الفرح والسرور ، والمداح وذكر فضائل ومناقب أهل البيت عليهم السلام ، وكل ما يبين قبول الولاية ، ومنها هناك أذكار ودعاء للتصافح بين المؤمنين وعقد أخوة سيأتي ذكرها ، ومن الأعمال :

 

في تهذيب الأحكام : عن علي بن الحسين العبدي قال :

سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول :

 صِيَامُ يَوْمِ غَدِيرِ خُمٍّ : يَعْدِلُ صِيَامَ عُمُرِ الدُّنْيَ ، لو عاش إنسان ثم صام ما عمرت الدنيا لكان له ثواب ذلك .

وَ صِيَامُهُ : يَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، في كل عام مائة حجة ،  و مائة عمرة مبرورات متقبلات ، و هو عيد الله الأكبر .

 

وَ مَا بَعَثَ : اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِيّاً قَطُّ ، إِلَّا وَ تَعَيَّدَ فِي هَذَا الْيَوْمِ ، وَ عَرَفَ حُرْمَتَهُ .

 

وَ اسْمُهُ فِي السَّمَاءِ : يَوْمُ الْعَهْدِ الْمَعْهُودِ ، وَ فِي الْأَرْضِ يَوْمُ الْمِيثَاقِ الْمَأْخُوذِ ، وَ الْجَمْعِ الْمَشْهُودِ.

 

 مَنْ صَلَّى فِيهِ : رَكْعَتَيْنِ .

يغتسل عند زوال الشمس:  من قبل أن تزول ، مقدار نصف ساعة .

يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ : يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ،  سُورَةَ الْحَمْدِ مَرَّةً ، وَ عَشْرَ مَرَّاتٍ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وَ عَشْرَ مَرَّاتٍ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ، وَ عَشْرَ مَرَّاتٍ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ .

عَدَلَتْ : عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، مِائَةَ أَلْفِ حَجَّةٍ ، وَ مِائَةَ أَلْفِ عُمْرَةٍ .

وَ مَا سَأَلَ اللَّهَ : عَزَّ وَ جَلَّ حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَ ، وَ حَوَائِجِ الْآخِرَةِ ، إِلَّا قُضِيَتْ ، كَائِنَةً مَا كَانَتِ الْحَاجَةُ .

وَ إِنْ فَاتَتْكَ الرَّكْعَتَانِ : وَ الدُّعَاءُ ، قَضَيْتَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ .

 

وَ مَنْ فَطَّرَ فِيهِ مُؤْمِناً : كان كمن أطعم فئاما و فئاما و فئام ، فلم يزل يعد إلى أن عقد بيده عشرا .

ثم قال : أ تدري كم الفئام ؟ قلت : لا ؟ قال : مائة ألف كل فئام .

كان له : ثواب من أطعم بعددها من النبيين ، و الصديقين و الشهداء ، في حرم الله عز وجل ، وسقاهم في يوم ذي مسغبة.

 

وَ الدِّرْهَمُ فِيهِ : بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ .

 

قَالَ : لَعَلَّكَ تَرَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ، خَلَقَ يَوْماً أَعْظَمَ حُرْمَةً مِنْهُ .

 لَا وَ اللَّهِ : لَا وَ اللَّهِ ، لَا  وَ اللَّهِ .

 

ثم قال : و ليكن من قولكم إذا التقيتم : أن تقولوا :

الْحَمْدُ لِلَّهِ : الَّذِي أَكْرَمَنَا بِهَذَا الْيَوْمِ ، وَ جَعَلَنَ مِنَ الْمُوفِينَ بِعَهْدِهِ إِلَيْنَا ، وَ مِيثَاقِهِ الَّذِي وَاثَقَنَا بِهِ ، مِنْ وَلَايَةِ وُلَاةِ أَمْرِهِ ، وَ الْقُوَّامِ بِقِسْطِهِ ، وَ لَمْ يَجْعَلْنَ مِنَ الْجَاحِدِينَ ، وَ الْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ  .

تهذيب ‏الأحكام ج3ص143ب7ح1 . وتتمة كلامه في الدعاء الآتي بعد الصلاة .

 

 

صلاة عيد الغدير والدعاء بعدها :

 

قال الشيخ المفيد رحمه الله في المزار : باب الصلاة يوم الغدير و دعائه‏

و إن حضرت مشهد أمير المؤمنين علي عليه السلام في يوم الغدير ، أو مسجد الكوفة ، أو حيث حللت من البلاد ، فاغتسل في صدر النهار منه ، فإذا بقي للزوال نصف ساعة . فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ : تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُمَا ، فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، وَ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَشْرَ مَرَّاتٍ ، وَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ عَشْرَ مَرَّاتٍ .

و يجزيك من ذلك : فاتحة الكتاب و سورة الإخلاص مرة واحدة ، فإذا سلمت دعوت.

 فقلت‏ :

وكذا الشيخ الطوسي قال: فإذا سلمت عقبت بعدهما بما ورد من تسبيح الزهراء ، و ليكن من دعائك في دبر هاتين الركعتين.

أن تقول :

 

 { رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ كَفِّرْ عَنَّ سَيِّئاتِنا وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى‏ رُسُلِكَ وَ لا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ }

 

 اللَّهُمَّ : إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ كَفَى بِكَ شَهِيداً ، وَ أُشْهِدُ مَلَائِكَتَكَ وَ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَ سُكَّانَ سَمَاوَاتِكَ وَ أَرْضِكَ ، بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي :

 لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ : الْمَعْبُودُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ لَدُنْ عَرْشِكَ إِلَى قَرَارِ أَرْضِكَ مَعْبُودٌ يُعْبَدُ سِوَاكَ ، إِلَّا بَاطِلٌ مُضْمَحِلٌّ ، غَيْرُ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ .

 لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ : الْمَعْبُودُ فَلَا مَعْبُودَ سِوَاكَ تَعَالَيْتَ ، عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً .

وَ أَشْهَدُ : أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ وَلِيُّهُمْ وَ مَوْلَاهُمْ .

رَبَّنَا : إِنَّنَا سَمِعْنَا بِالنِّدَاءِ ، وَ صَدَّقْنَا الْمُنَادِيَ رَسُولَ اللَّه، ، إِذَا نَادَى بِنِدَاءٍ عَنْكَ ، بِالَّذِي أَمَرْتَهُ بِهِ ، أَنْ يُبَلِّغَ مَا أَنْزَلْتَ إِلَيْهِ مِنْ وَلَايَةِ وَلِيِّ أَمْرِكَ ، فَحَذَّرْتَهُ وَ أَنْذَرْتَهُ ، إِنْ لَمْ يُبَلِّغْ أَنْ تَسْخَطَ عَلَيْهِ ، وَ أَنَّهُ إِنْ بَلَّغَ رِسَالاتِكَ عَصَمْتَهُ مِنَ النَّاسِ ، فَنَادَى مُبَلِّغاً وَحْيَكَ وَ رِسَالاتِكَ :

 

أَلَا مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ : فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ، وَ مَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ فَعَلِيٌّ وَلِيُّهُ ، وَ مَنْ كُنْتُ نَبِيَّهُ فَعَلِيٌّ أَمِيرُهُ .

 

 رَبَّنَا فَقَدْ أَجَبْنَا دَاعِيَكَ :‏ النَّذِيرَ الْمُنْذِرَ مُحَمَّداً عَبْدَكَ وَ رَسُولَكَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، الَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ، وَ جَعَلْتَهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ، إِنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَوْلَاهُمْ وَ وَلِيُّهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَوْمِ الدِّينِ .

فَإِنَّكَ قُلْتَ‏ : إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ ، وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ‏ .

 رَبَّنَا آمَنَّا وَ اتَّبَعْنَا : مَوْلَانَا وَ وَلِيَّنَا ، وَ هَادِيَنَ وَ دَاعِيَنَا وَ دَاعِيَ الْأَنَامِ ، وَ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ السَّوِيَّ ، وَ حُجَّتَكَ وَ سَبِيلَكَ الدَّاعِيَ إِلَيْكَ عَلَى بَصِيرَةٍ هُوَ وَ مَنِ اتَّبَعَهُ ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ بِوَلَايَتِهِ ، وَ بِمَ يُلْحِدُونَ بِاتِّخَاذِ الْوَلَائِجِ دُونَهُ .

فَأَشْهَدُ يَا إِلَهِي : أَنَّهُ الْإِمَامُ الْهَادِي الْمُرْشِدُ الرَّشِيدُ ، عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، الَّذِي ذَكَرْتَهُ فِي كِتَابِكَ فَقُلْتَ  : { وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ‏ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ‏ }.

 لَا أُشْرِكُ مَعَهُ إِمَاماً : وَ لَا أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِيجَةً .

اللَّهُمَّ : فَإِنَّا نَشْهَدُ ، أَنَّهُ عَبْدُكَ الْهَادِي مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ النَّذِيرُ الْمُنْذِرُ ، وَ صِرَاطُكَ الْمُسْتَقِيمُ ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ ، وَ حُجَّتُكَ الْبَالِغَةُ ، وَ لِسَانُكَ الْمُعَبِّرُ عَنْكَ فِي خَلْقِكَ ، وَ الْقَائِمُ بِالْقِسْطِ مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ ، وَ دَيَّانُ دِينِكَ ، وَ خَازِنُ عِلْمِكَ ، وَ مَوْضِعُ سِرِّكَ ، وَ عَيْبَةُ عِلْمِكَ ، وَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ ، الْمَأْخُوذُ مِيثَاقُهُ مَعَ مِيثَاقِ رَسُولِكَ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ وَ بَرِيَّتِكَ .

شَهَادَةً بِالْإِخْلَاصِ : لَكَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ ، بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ ، وَ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِوَلَايَتِهِ تَمَامُ تَوْحِيدِكَ ، وَ الْإِخْلَاصُ بِوَحْدَانِيَّتِكَ ، وَ كَمَالُ دِينِكَ ، وَ تَمَامُ نِعْمَتِكَ ، وَ فَضْلِكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ وَ بَرِيَّتِكَ .

فَإِنَّكَ قُلْتَ : وَ قَوْلُكَ الْحَقُّ : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً } .

اللَّهُمَّ : فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى ، مَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَيْنَا مِنَ الْإِخْلَاصِ لَكَ بِوَحْدَانِيَّتِكَ ، إِذْ هَدَيْتَنَا لِمُوَالاةِ وَلِيِّكَ الْهَادِي مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ الْمُنْذِرِ ، وَ رَضِيتَ لَنَا الْإِسْلَامَ دِيناً بِمُوَالاتِهِ ، وَ أَتْمَمْتَ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ الَّتِي جَدَّدْتَ لَنَا عَهْدَكَ وَ مِيثَاقَكَ ، وَ ذَكَّرْتَنَا ذَلِكَ.

 وَ جَعَلْتَنَا : مِنْ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ ، وَ التَّصْدِيقِ بِعَهْدِكَ وَ مِيثَاقِكَ ، وَ مِنْ أَهْلِ الْوَفَاءِ بِذَلِكَ ، وَ لَمْ تَجْعَلْنَا مِنَ النَّاكِثِينَ وَ الْجَاحِدِينَ وَ الْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ .

وَ لَمْ تَجْعَلْنَا : مِنْ أَتْبَاعِ الْمُغَيِّرِينَ ، وَ الْمُبَدِّلِينَ وَ الْمُنْحَرِفِينَ ، وَ الْمُبَتِّكِينَ آذَانَ الْأَنْعَامِ‏ ، وَ الْمُغَيِّرِينَ خَلْقَ اللَّهِ ، وَ مِنَ الَّذِينَ‏ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ‏ ، وَ صَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ، وَ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ .

 

و أكثر من قولك في يومك و ليلتك أن تقول :

اللَّهُمَّ الْعَنِ : الْجَاحِدِينَ وَ النَّاكِثِينَ وَ الْمُغَيِّرِينَ ، وَ الْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ .

اللَّهُمَّ : فَلَكَ الْحَمْدُ ، عَلَى إِنْعَامِكَ عَلَيْنَا ، بِالَّذِي هَدَيْتَنَا إِلَى وَلَايَةِ وُلَاةِ أَمْرِكَ ، مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ ، الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ الرَّاشِدِينَ ، الَّذِينَ جَعَلْتَهُمْ أَرْكَاناً لِتَوْحِيدِكَ ، وَ أَعْلَامَ الْهُدَى ، وَ مَنَارَ التَّقْوَى ، وَ الْعُرْوَةَ الْوُثْقَى ، وَ كَمَالَ دِينِكَ ، وَ تَمَامَ نِعْمَتِكَ .

فَلَكَ الْحَمْدُ : آمَنَّا بِكَ وَ صَدَّقْنَا بِنَبِيِّكَ ، وَ اتَّبَعْنَ مِنْ بَعْدِهِ النَّذِيرَ الْمُنْذِرَ ، وَ وَالَيْنَا وَلِيَّهُمْ ، وَ عَادَيْنَ عَدُوَّهُمْ ، وَ بَرِئْنَا مِنَ الْجَاحِدِينَ وَ النَّاكِثِينَ وَ الْمُكَذِّبِينَ ، إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .

اللَّهُمَّ : فَكَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِكَ ، يَا صَادِقَ الْوَعْدِ ، يَ مَنْ‏ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ ،  يَا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ ، أَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْنَا بِمُوَالاةِ أَوْلِيَائِكَ ، الْمَسْئُولِ عَنْهَا عِبَادُكَ .

فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ قَوْلُكَ الْحَقُّ : { ثُمَّ لَتُسْئَلُنَ‏ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ‏ } .

وَ قُلْتَ‏ : { وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ‏ } .

وَ مَنَنْتَ عَلَيْنَا : بِشَهَادَةِ الْإِخْلَاصِ لَكَ ، بِمُوَالاةِ أَوْلِيَائِكَ الْهُدَاةِ ، مِنْ بَعْدِ النَّذِيرِ الْمُنْذِرِ ، وَ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ ، وَ أَكْمَلْتَ الدِّينَ بِمُوَالاتِهِمْ ، وَ الْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوِّهِمْ ، وَ أَتْمَمْتَ عَلَيْنَا النِّعْمَةَ ، الَّتِي جَدَّدْتَ لَنَا عَهْدَكَ ، وَ ذَكَّرْتَنَا مِيثَاقَكَ الْمَأْخُوذَ مِنَّا ، فِي مُبْتَدَإِ خَلْقِكَ إِيَّانَ ، وَ جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ الْإِجَابَةِ ، وَ ذَكَّرْتَنَا الْعَهْدَ وَ الْمِيثَاقَ ، وَ لَمْ تُنْسِنَا ذِكْرَكَ .

فَإِنَّكَ قُلْتَ‏ : { وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ  أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُو بَلى‏ } .

اللَّهُمَّ : بَلَى شَهِدْنَا ، بِمَنِّكَ وَ لُطْفِكَ ، بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبُّنَا ، وَ مُحَمَّدٌ عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ نَبِيُّنَا ، وَ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحُجَّةُ الْعُظْمَى ، وَ آيَتُكَ الْكُبْرَى ، وَ النَّبَأُ الْعَظِيمُ‏ ، الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ‏ .

اللَّهُمَّ : فَكَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِكَ ، أَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْنَا بِالْهِدَايَةِ إِلَى مَعْرِفَتِهِمْ ، فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَ أَنْ تُبَارِكَ لَنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا ، الَّذِي ذَكَّرْتَنَ فِيهِ عَهْدَكَ وَ مِيثَاقَكَ ، وَ أَكْمَلْتَ دِينَنَا ، وَ أَتْمَمْتَ عَلَيْنَ نِعْمَتَكَ ، وَ جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ الْإِجَابَةِ ، وَ الْإِخْلَاصِ بِوَحْدَانِيَّتِكَ ، وَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ ، وَ التَّصْدِيقِ بِوَلَايَةِ أَوْلِيَائِكَ .

وَ الْبَرَاءَةِ : مِنْ أَعْدَائِكَ وَ أَعْدَاءِ أَوْلِيَائِكَ‏ ، الْجَاحِدِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ ، وَ أَنْ لَا تَجْعَلَنَا مِنَ الْغَاوِينَ ، وَ لَا تُلْحِقَنَا بِالْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ .

وَ اجْعَلْ لَنَا : قَدَمَ صِدْقٍ مَعَ النَّبِيِّينَ ، وَ تَجْعَلُ لَنَ مَعَ الْمُتَّقِينَ إِمَاماً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، يَوْمَ يُدْعَى كُلُ‏ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ‏ ، وَ احْشُرْنَا فِي زُمْرَةِ الْهُدَاةِ الْمَهْدِيِّينَ ، وَ أَحْيِنَ مَا أَحْيَيْتَنَا عَلَى الْوَفَاءِ بِعَهْدِكَ ، وَ مِيثَاقِكَ الْمَأْخُوذِ مِنَّ وَ عَلَيْنَا لَكَ ، وَ اجْعَلْ لَنَا مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ، وَ ثَبِّتْ لَنَ قَدَمَ صِدْقٍ فِي الْهِجْرَةِ .

اللَّهُمَّ : وَ اجْعَلْ مَحْيَانَا خَيْرَ الْمَحْيَا ، وَ مَمَاتَنَا خَيْرَ الْمَمَاتِ ، وَ مُنْقَلَبَنَا خَيْرَ الْمُنْقَلَبِ ، حَتَّى تَوَفَّانَا وَ أَنْتَ عَنَّا رَاضٍ ، قَدْ أَوْجَبْتَ لَنَا حُلُولَ جَنَّتِكَ بِرَحْمَتِكَ ، وَ الْمَثْوَى فِي دَارِكَ وَ الْإِنَابَةَ إِلَى دَارِ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِكَ‏ ، لا يَمَسُّن فِيها نَصَبٌ ، وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ .

‏ رَبَّنَا إِنَّكَ أَمَرْتَنَا : بِطَاعَةِ وُلَاةِ أَمْرِكَ ، وَ أَمَرْتَنَ أَنْ نَكُونَ مَعَ الصَّادِقِينَ .

 فَقُلْتَ :‏ { أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ‏ } .

وَ قُلْتَ‏ : { اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ‏ } .

فَسَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا رَبَّنَا : فَثَبِّتْ أَقْدامَنا ، وَ تَوَفَّن مُسْلِمِينَ‏ ، مُصَدِّقِينَ لِأَوْلِيَائِكَ ، وَ لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا ، وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.

‏ اللَّهُمَّ : إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْحَقِّ الَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ ، وَ بِالَّذِي فَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ جَمِيعاً ، أَنْ تُبَارِكَ لَنَ فِي يَوْمِنَا هَذَا الَّذِي أَكْرَمْتَنَا فِيهِ ، وَ أَنْ تُتِمَّ عَلَيْنَ نِعْمَتَكَ ، وَ تَجْعَلَهُ عِنْدَنَا مُسْتَقَرّاً ، وَ لَا تَسْلُبَنَاهُ أَبَداً ، وَ لَا تَجْعَلَهُ مُسْتَوْدَعاً .

 فَإِنَّكَ قُلْتَ‏ : { فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ‏ } ، فَاجْعَلْهُ مُسْتَقَرّاً ، وَ لَا تَجْعَلْهُ مُسْتَوْدَعاً ، وَ ارْزُقْنَا نَصْرَ دِينِكَ ، مَعَ وَلِيٍّ هَادٍ مَنْصُورٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ ، وَ اجْعَلْنَ مَعَهُ وَ تَحْتَ رَايَتِهِ ، شُهَدَاءَ صِدِّيقِينَ فِي سَبِيلِكَ ، وَ عَلَى نُصْرَةِ دِينِكَ .

ثم تسأل بعدها : حاجتك للدنيا و الآخرة فإنها و الله مقضية في هذا اليوم.

تهذيب ‏الأحكام ج3ص143ب7ح1 . كتاب المزار للمفيد ص90ب47

 

 

فضائل يوم الغدير :

يا طيب : فضائل يوم الغير كثيرة جدا ، وهو أعظم أيام الله في الدني والآخرة بل قبل الخلق ، ونذكر هنا حديث وتابعه في الموضوع الآتي فإنه فيه كثير من الفضائل والمناقب ليوم الغدير ولأمير المؤمنين عليه السلام بل لآله الطيبين الطاهرين وشيعتهم لأنه صدقوا بالحق وقبل دين الله المخلص ، فتدبر ما سبق وما يأتي تفلح وتطمئن وتفوز :

الأمالي للصدوق‏ : عن عبد الله بن الفضل ، عن الصادق عن آبائه عليه السلام قال :

 قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

 يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ : أَفْضَلُ أَعْيَادِ أُمَّتِي ، وَ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَمَرَنِيَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِيهِ .

بِنَصْبِ أَخِي : عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَماً لِأُمَّتِي ، يَهْتَدُونَ بِهِ مِنْ بَعْدِي .

وَ هُوَ الْيَوْمُ : الَّذِي أَكْمَلَ اللَّهُ فِيهِ الدِّينَ ، وَ أَتَمَّ عَلَى أُمَّتِي فِيهِ النِّعْمَةَ ، وَ رَضِيَ لَهُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً ، كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ .

بحار الأنوار ج94ص110ح2ب60 .

 

 

 





فضل زيارة أمير المؤمنين

فضل الزيارة في أي وقت :

ذكر المفيد في المزار : بسنده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال : بينا الحسين بن علي عليه السلام في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله  إذ رفع رأسه فقال :

يَا أَبَتِ : مَا لِمَنْ زَارَكَ بَعْدَ مَوْتِكَ ؟

قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم : يَا بُنَيَّ مَنْ أَتَانِي زَائِراً بَعْدَ مَوْتِي فَلَهُ الْجَنَّةُ ، وَ مَنْ أَتَى أَبَاكَ زَائِراً بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ الْجَنَّةُ ، وَ مَنْ أَتَى أَخَاكَ زَائِراً بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ الْجَنَّةُ ، وَ مَنْ أَتَاكَ زَائِراً بَعْدَ مَوْتِكَ فَلَهُ الْجَنَّةُ .

كتاب المزار للمفيدص19ب7ح1 .

 

وذكر المفيد في المزار : بسنده عن  أبي وهب القصري‏ قال : دخلت المدينة ،  فأتيت أبا عبد الله الصادق عليه السلام ، فقلت : جعلت فداك : أتيتك و لم أزر قبر أمير المؤمنين عليه السلام .

 قَالَ عليه السلام : بِئْسَ مَا صَنَعْتَ ، لَوْ لَا أَنَّكَ مِنْ شِيعَتِنَ مَا نَظَرْتُ إِلَيْكَ .

أَ لَا تَزُورُ : مَنْ يَزُورُهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ الْمَلَائِكَةِ ، وَ تَزُورُهُ الْأَنْبِيَاءُ وَيَزُورُهُ الْمُؤْمِنُونَ.

قلت : جعلت فداك ، ما علمت ذلك .

 قَالَ : فَاعْلَمْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ، أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ كُلِّهِمْ ، وَ لَهُ ثَوَابُ أَعْمَالِهِمْ ، وَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فُضِّلُوا .

كتاب المزار للمفيدص19ب7ح2 .

 

وقال الشيخ المفيد رحمه الله : بسنده عن المفضل بن عمر الجعفي قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له : إني أشتاق إلى الغري ؟

قال عليه السلام : و ما شوقك‏ إليه‏ ، فقلت : إني أحب أمير المؤمنين ،، و أحب أن أزوره‏ .

فقال لي : هل تعرف فضل زيارته ؟

فقلت : لا يا ابن رسول الله ، فعرفني ذلك .

قال عليه السلام : إذا زرت أمير المؤمنين ، فاعلم أنك زائر عظام آدم ، و بدن نوح ، و جسم علي بن أبي طالب .

فقلت : إن آدم هبط بسرنديب في مطلع الشمس ، و زعموا أن عظامه في بيت الله الحرام ، فكيف صارت عظامه بالكوفة ؟

قال عليه السلام : إن الله عز و جل أوحى إلى نوح ، و هو في السفينة ، أن يطوف بالبيت أسبوعا ، فطاف بالبيت كما أوحي إليه ، ثم نزل في الماء إلى ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم ، فحمله في جوف السفينة حتى طاف بالبيت‏ ما شاء الله أن يطوف ، ثم ورد إلى باب الكوفة في وسط مسجدها .

  ففيها قال الله عز و جل للأرض‏ : { ابلعي ماءك‏ (44) } هود ، فبلعت ماءها من مسجد الكوفة ، كما بدأ الماء منه ، و تفرق الجمع الذي كان مع نوح في السفينة ، فأخذ نوح التابوت فدفنه في الغري‏ ، و هو قطعة من الجبل الذي‏ كلم الله‏ عليه موسى‏ تكليما ، و قدس عليه عيسى تقديسا ـ و اتخذ عليه‏ إبراهيم خليلا ، و اتخذ عليه محمدا حبيبا ، و جعله للنبيين مسكنا .

و الله : ما سكن فيه أحد بعد آبائه‏ الطيبين آدم و نوح أكرم من أمير المؤمنين .

 فإذا زرت‏ : جانب النجف ، فزر عظام آدم ، و بدن نوح ، و جسم علي بن أبي طالب ،  فإنك زائر الآباء الأولين ، و محمدا خاتم النبيين ، و عليا سيد الوصيين ، و إن‏ زائره تفتح له أبواب السماء عند دعوته ، فلا تكن عن الخير نواما .

كتاب المزار للمفيدص20ب7ح3 .

 

 

 

نص زيارات الغدير :

 

 

زيارة أمين الله :

يا طيب : ذكر الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد زيارة أمين الله في يوم الغدير ، وهي زيارة كريمة يزار بها جميع الأئمة وفي أي وقت وبالخصوص بالأوقات الشريفة ، وأفضلها يوم الغدير ، ولذا خصت به أيضا :

قال الشيخ الطوسي رحمه الله :  زيارة أمير المؤمنين عليه السلام يوم الغدير:

روى جابر الجعفي قال : قال أبو جعفر عليه السلام‏ مضى أبي علي بن الحسين عليه السلام إلى مشهد أمير المؤمنين علي عليه السلام ،  فوقف عليه ثم بكى ، و قال :

 

 السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا أَمِينَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ ، وَ حُجَّتَهُ عَلَى عِبَادِهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ جَاهَدْتَ‏ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ‏ ، وَ عَمِلْتَ بِكِتَابِهِ ، وَ اتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، حَتَّى دَعَاكَ اللَّهُ إِلَى جِوَارِهِ ، فَقَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ ، وَ أَلْزَمَ أَعْدَاءَكَ الْحُجَّةَ مَعَ مَا لَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبَالِغَةِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ .

اللَّهُمَّ : فَاجْعَلْ نَفْسِي مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ ، رَاضِيَةً بِقَضَائِكَ ، مُولَعَةً بِذِكْرِكَ وَ دُعَائِكَ ، مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ أَوْلِيَائِكَ‏ ،  مَحْبُوبَةً فِي أَرْضِكَ وَ سَمَائِكَ ، صَابِرَةً عَلَى نُزُولِ بَلَائِكَ ، مُشْتَاقَةً إِلَى فَرْحَةِ لِقَائِكَ ، مُتَزَوِّدَةً التَّقْوَى لِيَوْمِ جَزَائِكَ ، مُسْتَنَّةً بِسُنَنِ أَوْلِيَائِكَ ، مُفَارِقَةً لِأَخْلَاقِ أَعْدَائِكَ ، مَشْغُولَةً عَنِ الدُّنْيَا بِحَمْدِكَ وَ ثَنَائِكَ .

ثم وضع خده على قبره و قال :

اللَّهُمَّ : إِنَّ قُلُوبَ الْمُخْبِتِينَ‏ إِلَيْكَ وَالِهَةٌ ، وَ سُبُلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْكَ شَارِعَةٌ ، وَ أَعْلَامَ‏ الْقَاصِدِينَ إِلَيْكَ وَاضِحَةٌ ،  وَ أَفْئِدَةَ الْعَارِفِينَ مِنْكَ فَازِعَةٌ ، وَ أَصْوَاتَ الدَّاعِينَ إِلَيْكَ صَاعِدَةٌ ، وَ أَبْوَابَ الْإِجَابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ ، وَ دَعْوَةَ مَنْ نَاجَاكَ مُسْتَجَابَةٌ ، وَ تَوْبَةَ مَنْ أَنَابَ إِلَيْكَ مَقْبُولَةٌ ، وَ عَبْرَةَ مَنْ بَكَى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ ، وَ الْإِغَاثَةَ لِمَنِ اسْتَغَاثَ بِكَ مَوْجُودَةٌ ، وَ الْإِعَانَةَ لِمَنِ اسْتَعَانَ بِكَ مَبْذُولَةٌ ، وَ عِدَاتِكَ لِعِبَادِكَ مُنْجَزَةٌ ، وَ زَلَلَ مَنِ اسْتَقَالَكَ مُقَالَةٌ ، وَ أَعْمَالَ الْعَامِلِينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ ، وَ أَرْزَاقَكَ إِلَى الْخَلَائِقِ مِنْ لَدُنْكَ نَازِلَةٌ ، وَ عَوَائِدَ الْمَزِيدِ إِلَيْهِمْ وَاصِلَةٌ ، وَ ذُنُوبَ الْمُسْتَغْفِرِينَ مَغْفُورَةٌ ، وَ حَوَائِجَ خَلْقِكَ عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ ، وَ جَوَائِزَ السَّائِلِينَ عِنْدَكَ مُوَفَّرَةٌ ، وَ عَوَائِدَ الْمَزِيدِ مُتَوَاتِرَةٌ ، وَ مَوَائِدَ الْمُسْتَطْعِمِينَ مُعَدَّةٌ ، وَ مَنَاهِلَ الظِّمَاءِ مُتْرَعَةٌ  .

اللَّهُمَّ : فَاسْتَجِبْ دُعَائِي ، وَ اقْبَلْ ثَنَائِي ، وَ اجْمَعْ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَوْلِيَائِي ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ، إِنَّكَ وَلِيُّ نَعْمَائِي ، وَ مُنْتَهَى مُنَايَ ، وَ غَايَةُ رَجَائِي ، فِي مُنْقَلَبِي وَ مَثْوَايَ .

 

قال الإمام الباقر عليه السلام : ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين ، أو عند قبر أحد من الأئمة ،  إلا وقع‏ في درج من نور ، و طبع عليه بطابع محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى يسلم إلى القائم عليه السلام ،  فيلقى صاحبه بالبشرى ، و التحية و الكرامة ، إن شاء الله تعالى.

مصباح المتهجد و سلاح المتعبد ج‏2ص739 .

 

 

 

 

الزيارة الخاصة بالغدير :

 

قال محمد بن جعفر في المزار الكبير :  زيارة اخرى لمولانا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه مختصة بيوم الغدير .

أخبرني بهذه الزيارة : الشريف الأجل العالم أبو جعفر محمد المعروف بابن الحمد النحوي ، رفع الحديث عن الفقيه العسكري صلوات الله عليه في شهور سنة إحدى و سبعين و خمسمائة .

و أخبرني الفقيه الأجل : أبو الفضل شاذان بن جبرئيل القمي رضي الله عنه ، عن الفقيه العماد محمد بن أبي القاسم الطبري ، عن أبي علي ، عن والده ، عن محمد بن محمد بن النعمان ، عن أبي القاسم جعفر بن قولويه ، عن محمد بن يعقوب الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي القاسم بن روح و عثمان بن سعيد العمري :

 عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري ، عن أبيه صلوات الله عليهم ، و ذكر أنه عليه السلام زار بها في يوم الغدير في السنة التي أشخصه المعتصم .

تقف عليه صلوات الله عليه و تقول :

 

السَّلَامُ : عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ، خَاتَمِ النَّبِيِّينَ ، وَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، وَ صَفْوَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، أَمِينِ اللَّهِ عَلَى وَحْيِهِ ، وَ عَزَائِمِ أَمْرِهِ ، الْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ ، وَ الْفَاتِحِ لِمَا اسْتَقْبَلَ ، وَ الْمُهَيْمِنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ ، وَ صَلَوَاتُهُ وَ تَحِيَّاتُهُ .

السَّلَامُ : عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ ، وَ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ  : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ ، وَ وَارِثَ عِلْمِ النَّبِيِّينَ ، وَ وَلِيَّ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَ مَوْلَايَ وَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ‏ ، يَا أَمِينَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ ، وَ سَفِيرَهُ فِي خَلْقِهِ ، وَ حُجَّتَهُ الْبَالِغَةَ عَلَى عِبَادِهِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا دِينَ اللَّهِ الْقَوِيمَ ، وَ صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : أَيُّهَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ ، الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ‏ ، وَ عَنْهُ يُسْأَلُونَ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .

آمَنْتَ بِاللَّهِ : وَ هُمْ مُشْرِكُونَ ، وَ صَدَّقْتَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ مُكَذِّبُونَ ، وَ جَاهَدْتَ وَ هُمْ مُحْجِمُونَ‏ ، وَ عَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ ، صَابِراً مُحْتَسِباً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ ، أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ‏ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ : يَا سَيِّدَ الْمُسْلِمِينَ ، وَ يَعْسُوبَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ إِمَامَ الْمُتَّقِينَ ، وَ قَائِدَ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .

أَشْهَدُ أَنَّكَ : أَخُو الرَّسُولِ وَ وَصِيُّهُ ، وَ وَارِثُ عِلْمِهِ ، وَ أَمِينُهُ عَلَى شَرْعِهِ ، وَ خَلِيفَتُهُ فِي أُمَّتِهِ ، وَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ، وَ صَدَّقَ بِمَا أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ عَنِ اللَّهِ مَا أَنْزَلَهُ فِيكَ ، وَ صَدَعَ بِأَمْرِهِ ، وَ أَوْجَبَ عَلَى أُمَّتِهِ فَرْضَ وَلَايَتِكَ ، وَ عَقَدَ عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ لَكَ ، وَ جَعَلَكَ‏ أَوْلى‏ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ‏ كَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ كَذَلِكَ .

ثُمَّ أَشْهَدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ : أَ لَسْتُ قَدْ بَلَّغْتُ؟ فَقَالُو : اللَّهُمَّ بَلَى ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اشْهَدْ وَ كَفَى بِكَ شَهِيد ، وَ حَاكِماً بَيْنَ الْعِبَادِ ، فَلَعَنَ اللَّهُ جَاحِدَ وَلَايَتِكَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ ، وَ نَاكِثَ عَهْدِكَ بَعْدَ الْمِيثَاقِ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَوْفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُوفٍ بِعَهْدِهِ لَكَ ، « وَ مَنْ أَوْفى‏ بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيم»  « 1»  وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْحَقُّ ، الَّذِي نَطَقَ بِوَلَايَتِكَ التَّنْزِيلُ ، وَ أَخَذَ لَكَ الْعَهْدَ عَلَى الْأُمَّةِ بِذَلِكَ الرَّسُولُ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَ عَمَّكَ وَ أَخَاكَ ، الَّذِينَ تَاجَرْتُمُ اللَّهَ بِنُفُوسِكُمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيكُمْ :

« إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفى‏ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ‏»  « 1»  أَشْهَدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ الشَّاكَّ فِيكَ مَا آمَنَ بِالرَّسُولِ الْأَمِينِ ، وَ أَنَّ الْعَادِلَ بِكَ غَيْرَكَ عَادِلٌ عَنِ الدِّينِ الْقَوِيمِ ، الَّذِي ارْتَضَاهُ لَنَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ، فَأَكْمَلَهُ بِوَلَايَتِكَ يَوْمَ الْغَدِيرِ .

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ : « وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ‏»  « 2»  ، ضَلَّ وَ اللَّهِ وَ أَضَلَّ مَنِ اتَّبَعَ سِوَاكَ ، وَ عَنَدَ عَنِ الْحَقِ‏ « 3»  مَنْ عَادَاكَ .

اللَّهُمَّ سَمِعْنَا لِأَمْرِكَ ، وَ أَطَعْنَا وَ اتَّبَعْنَا صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ، فَاهْدِنَا رَبَّنَ ، وَ لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ الْهُدَى عَنْ طَاعَتِكَ ، وَ اجْعَلْنَا مِنَ الشَّاكِرِينَ لِأَنْعُمِكَ .

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تَزَلْ لِلْهَوَى مُخَالِف ، وَ لِلتُّقَى مُحَالِفاً « 4»  ، وَ عَلَى كَظْمِ الْغَيْظِ قَادِر ، وَ عَنِ النَّاسِ عَافِي ، وَ إِذَ عُصِيَ اللَّهُ سَاخِط ، وَ إِذَا أُطِيعَ اللَّهُ‏

______________________________

(1) التّوبة : 111- 112 .

(2) الأنعام : 153 .

(3) عند عن الطّريق : مال .

(4) المحالفة : المؤاخاة .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 267

رَاضِي ، وَ بِمَا عَهِدَ اللَّهُ إِلَيْكَ عَامِلًا « 1»  ، رَاعِياً مَا اسْتُحْفِظْتَ ، حَافِظاً مَا اسْتُودِعْتَ ، مُبَلِّغاً مَا حُمِّلْتَ ، مُنْتَظِراً مَا وُعِدْتَ .

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مَا اتَّقَيْتَ ضَارِعاً « 2»  ، وَ لَا أَمْسَكْتَ عَنْ حَقِّكَ جَازِع ، وَ لَا أَحْجَمْتَ عَنْ مُجَاهَدَةِ عَاصِيكَ نَاكِلًا « 3»  ، وَ لَا أَظْهَرْتَ الرِّضَا بِخِلَافِ مَا يَرْضَى اللَّهُ مُدَاهِن ، وَ لَ وَهَنْتَ لِمَا أَصَابَكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَ لَا ضَعُفْتَ وَ لَا اسْتَكَنْتَ عَنْ طَلَبِ حَقِّكَ مُرَاقِب .

مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ ، بَلْ إِذْ ظُلِمْتَ فَاحْتَسَبْتَ رَبَّكَ ، وَ فَوَّضْتَ إِلَيْهِ أَمْرَكَ ، وَ ذَكَّرْتَ فَمَا ذَكَرُو ، وَ وَعَظْتَ فَمَا اتَّعَظُو ، وَ خَوَّفْتَهُمُ اللَّهَ فَمَا يَخَافُو .

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَاهَدْتَ‏ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ‏ ، حَتَّى دَعَاكَ اللَّهُ إِلَى جِوَارِهِ ، وَ قَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ ، وَ أَلْزَمَ أَعْدَاءَكَ الْحُجَّةَ ، بِقَتْلِهِمْ إِيَّاكَ ، لِتَكُونَ لَكَ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ ، مَعَ مَا لَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبَالِغَةِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ .

السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِص ، وَ جَاهَدْتَ فِي اللَّهِ صَابِر ، وَ جُدْتَ بِنَفْسِكَ صَابِراً مُحْتَسِب ، وَ عَمِلْتَ بِكِتَابِهِ ، وَ اتَّبَعْتَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ ، وَ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ ، وَ آتَيْتَ الزَّكَاةَ ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ نَهَيْتَ عَنِ‏

______________________________

(1) حاملا (خ ل) .

(2) ما اتّقيت ضارع : أي متذلّلا متضعّف .

(3) النّاكل : الضّعيف و الجبان .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 268

الْمُنْكَرِ مَا اسْتَطَعْتَ ، مُبْتَغِياً مَرْضَاةَ مَا عِنْدَ اللَّهِ ، رَاغِباً فِيمَا وَعَدَ اللَّهُ .

لَا تَحْفِلُ‏ « 1»  بِالنَّوَائِبِ ، وَ لَا تَهِنُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ ، وَ لَا تُحْجَمُ عَنْ مُحَارِبٍ ، أَفِكَ‏ « 2»  مَنْ نَسَبَ غَيْرَ ذَلِكَ وَ افْتَرَى بَاطِلًا عَلَيْكَ ، وَ أَوْلَى لِمَنْ‏ « 3»  عَنَدَ عَنْكَ .

لَقَدْ جَاهَدْتَ فِي اللَّهِ حَقَّ الْجِهَادِ ، وَ صَبَرْتَ عَلَى الْأَذَى صَبْرَ احْتِسَابٍ ، وَ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ، وَ صَلَّى لَهُ ، وَ جَاهَدَ ، وَ أَبْدَى صَفْحَتَهُ فِي دَارِ الشِّرْكِ ، وَ الْأَرْضُ مَشْحُونَةٌ ضَلَالَةً ، وَ الشَّيْطَانُ يُعْبَدُ جَهْرَةً .

وَ أَنْتَ الْقَائِلُ : لَا تَزِيدُنِي كَثْرَةُ النَّاسِ حَوْلِي عِزَّةً ، وَ لَا تَفَرُّقُهُمْ عَنِّي وَحْشَةً ، وَ لَوْ أَسْلَمَنِي النَّاسُ جَمِيعاً لَمْ أَكُنْ مُتَضَرِّع ، اعْتَصَمْتَ بِاللَّهِ فَعَزَزْتَ ، وَ آثَرْتَ الْآخِرَةَ عَلَى الْأُولَى فَزَهِدْتَ ، وَ أَيَّدَكَ اللَّهُ وَ هَدَاكَ ، وَ أَخْلَصَكَ وَ اجْتَبَاكَ .

فَمَا تَنَاقَضَتْ أَفْعَالُكَ ، وَ لَا اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُكَ ، وَ لَا تَقَلَّبَتْ أَحْوَالُكَ ، وَ لَا ادَّعَيْتَ وَ لَا افْتَرَيْتَ عَلَى اللَّهِ كَذِب ، وَ لَا شَرِهْتَ‏ « 4»  إِلَى الْحُطَامِ‏ « 5»  ، وَ لَا دَنَّسَكَ الْآثَامُ ، وَ لَمْ تَزَلْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَ يَقِينٍ مِنْ أَمْرِكَ ، تَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .

أَشْهَدُ شَهَادَةَ حَقٍّ ، وَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَمَ صِدْقٍ أَنَّ مُحَمَّداً وَ آلَهُ‏

______________________________

(1) لا يحفل بكذ : لا يبالي به .

(2) أفك : كذب .

(3) أولى له ، كلمة تهديد و وعيد .

(4) شره : غلب حرصه .

(5) الحطام : ما تكسر به اليبس ، شبّه به أموال الدّنيا و زخارفه .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 269

صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ سَادَاتُ الْخَلْقِ ، وَ أَنَّكَ مَوْلَايَ وَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَ أَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَ وَلِيُّهُ وَ أَخُو الرَّسُولِ ، وَ وَصِيُّهُ وَ وَارِثُهُ ، وَ أَنَّهُ الْقَائِلُ لَكَ :

وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا آمَنَ بِي مَنْ كَفَرَ بِكَ ، وَ لَا أَقَرَّ بِاللَّهِ مَنْ جَحَدَكَ .

وَ قَدْ ضَلَّ مَنْ صَدَّ عَنْكَ ، وَ لَمْ يَهْتَدِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَ لَا إِلَي مَنْ لَا يُهْدَى بِكَ ، وَ هُوَ قَوْلُ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ : « وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏»  « 1»  إِلَى وَلَايَتِكَ .

مَوْلَايَ فَضْلُكَ لَا يَخْفَى ، وَ نُورُكَ لَا يُطْفَى ، وَ إِنَّ مَنْ جَحَدَكَ الظَّلُومُ الْأَشْقَى ، مَوْلَايَ أَنْتَ الْحُجَّةُ عَلَى الْعِبَادِ ، وَ الْهَادِي إِلَى الرَّشَادِ ، وَ الْعُدَّةُ لِلْمَعَادِ .

مَوْلَايَ لَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ فِي الْأُولَى مَنْزِلَتَكَ ، وَ أَعْلَى فِي الْآخِرَةِ دَرَجَتَكَ ، وَ بَصَّرَكَ مَا عَمِيَ عَلَى مَنْ خَالَفَكَ‏ « 2»  ، وَ حَالَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مَوَاهِبِ اللَّهِ لَكَ .

فَلَعَنَ اللَّهُ مُسْتَحِلِّي الْحُرْمَةِ مِنْكَ وَ ذَائِدَ الْحَقِ‏ « 3»  عَنْكَ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّهُمُ الْأَخْسَرُونَ ، الَّذِينَ‏ تَلْفَحُ‏ « 4»  وُجُوهَهُمُ النَّارُ ، وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ‏ « 5»

______________________________

(1) طه : 82 .

(2) عن الجزريّ : في حديث الصّوم : فإن عمي عليكم ، قيل : هو من العمى السّحاب الرّقيق ، أي حال دونه ما أعمى الأبصار عن رؤيته .

(3) ذائد الحقّ : دافعه .

(4) لفحت النّار : أحرقت .

(5) الكالح : العابس ، أو الّذي قصرت شفتاه عن أسنانه .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 270

وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مَا أَقْدَمْتَ ، وَ لَا أَحْجَمْتَ ، وَ لَا نَطَقْتَ ، وَ لَا أَمْسَكْتَ إِلَّا بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ، قُلْتَ : وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَنَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، أَضْرِبُ قُدَّامَهُ بِسَيْفِي فَقَالَ : يَا عَلِيُّ أَنْتَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي ، وَ أُعْلِمُكَ أَنَّ مَوْتَكَ وَ حَيَاتَكَ مَعِي وَ عَلَى سُنَّتِي ، فَوَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ ، وَ لَا ضَلَلْتُ وَ لَا ضُلَّ بِي ، وَ لَا نَسِيتُ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي ، وَ إِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ، بَيَّنَهَا لِنَبِيِّهِ ، وَ بَيَّنَهَا النَّبِيُّ لِي ، وَ إِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ ، أَلْفِظُهُ لَفْظاً « 1»  ، صَدَقْتَ وَ اللَّهِ وَ قُلْتَ الْحَقَّ .

فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَاوَاكَ بِمَنْ نَاوَاكَ ، وَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ يَقُولُ : « هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ‏»  « 2»  ، وَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَدَلَ بِكَ مَنْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَايَتَكَ .

وَ أَنْتَ وَلِيُّ اللَّهِ وَ أَخُو رَسُولِهِ ، وَ الذَّابُّ عَنْ دِينِهِ ، وَ الَّذِي نَطَقَ الْقُرْآنُ بِتَفْضِيلِهِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : « وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيم»  « 3»  وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :

______________________________

(1) ألفظه لفظ : أقول ذلك حقّا لا أبالي به أحد .

(2) الزّمر : 9 .

(3) النّساء : 95 .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 271

« أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُو وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ رِضْوانٍ وَ جَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ‏»  « 1»  أَشْهَدُ أَنَّكَ الْمَخْصُوصُ بِمِدْحَةِ اللَّهِ ، الْمُخْلِصُ لِطَاعَةِ اللَّهِ ، لَمْ تَبْغِ بِالْهُدَى بَدَلًا وَ لَمْ تُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ أَحَد ، وَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَجَابَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِيكَ دَعْوَتَهُ .

ثُمَّ أَمَرَهُ بِإِظْهَارِ مَا أَوْلَاكَ لِأُمَّتِهِ ، إِعْلَاءً لِشَأْنِكَ ، وَ إِعْلَاناً لِبُرْهَانِكَ ، وَ دَحْضاً لِلْأَبَاطِيلِ ، وَ قَطْعاً لِلْمَعَاذِيرِ ، فَلَمَّا أَشْفَقَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَاسِقِينَ ، وَ اتَّقَى فِيكَ الْمُنَافِقِينَ ، أَوْحَى اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ : « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ م أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ‏»  « 2»  فَوَضَعَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْزَارَ الْمَسِيرِ « 3»  ، وَ نَهَضَ فِي رَمْضَاءِ الْهَجِيرِ « 4»  ، فَخَطَبَ فَأَسْمَعَ ، وَ نَادَى فَأَبْلَغَ ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ أَجْمَعَ ، فَقَالَ : هَلْ بَلَّغْتُ؟ فَقَالُو :

اللَّهُمَّ بَلَى ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اشْهَدْ ، ثُمَّ قَالَ أَ لَسْتُ‏ أَوْلى‏ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ‏؟

______________________________

(1) التّوبة : 19- 22 .

(2) المائدة : 67 .

(3) أوزار المسير : أثقال المسير .

(4) الرّمضاء : شدّة الحرّ ، الأرض الحامية من شدّة حرّ الشّمس ، الهجّير : شدّة الحرّ ، و نصف النّهار عند زوال الشّمس مع الظّهر أو عند زوالها إلى العصر .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 272

فَقَالُو : بَلَى ، فَأَخَذَ بِيَدِكَ ، وَ قَالَ : مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَ عَلِيٌّ مَوْلَاهُ ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ ، وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ ، وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ .

فَمَا آمَنَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ عَلَى نَبِيِّهِ إِلَّا قَلِيلٌ ، وَ لَا زَادَ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا تَخْسِير ، وَ لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيكَ مِنْ قَبْلُ وَ هُمْ كَارِهُونَ :

« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ‏ « 1»  إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُو الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ ، وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ»  « 2»  رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَ اتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ‏ ، رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَن وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ .

اللَّهُمَّ إِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ ، فَالْعَنْ مَنْ عَارَضَهُ وَ اسْتَكْبَرَ وَ كَذَّبَ بِهِ وَ كَفَرَ ، وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ‏ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ ، وَ أَوَّلَ الْعَابِدِينَ ، وَ أَزْهَدَ الزَّاهِدِينَ ، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ صَلَوَاتُهُ وَ تَحِيَّاتُهُ .

______________________________

(1) المائدة : 54 .

(2) المائدة : 55 .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 273

أَنْتَ مُطْعِمُ الطَّعَامِ‏ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً لِوَجْهِ اللَّهِ ، لَا تُرِيدُ مِنْهُمْ‏ جَزاءً وَ لا شُكُور ، وَ فِيكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : « وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏»  « 1»  وَ أَنْتَ الْكَاظِمُ لِلْغَيْظِ ، وَ الْعَافِي عَنِ النَّاسِ ، وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ* ، وَ أَنْتَ الصَّابِرُ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ‏ ، وَ أَنْتَ الْقَاسِمُ بِالسَّوِيَّةِ ، وَ الْعَادِلُ فِي الرَّعِيَّةِ ، وَ الْعَالِمُ بِحُدُودِ اللَّهِ مِنْ جَمِيعِ الْبَرِيَّةِ .

وَ اللَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَمَّا أَوْلَاكَ مِنْ فَضْلِهِ بِقَوْلِهِ : « أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى‏ نُزُلًا بِما كانُو يَعْمَلُونَ‏»  « 2»  وَ أَنْتَ الْمَخْصُوصُ بِعِلْمِ التَّنْزِيلِ وَ حُكْمِ التَّأْوِيلِ ، وَ نَصْرِ الرَّسُولِ ، وَ لَكَ الْمَوَاقِفُ الْمَشْهُورَةُ ، وَ الْمَقَامَاتُ الْمَشْهُورَةُ وَ الْأَيَّامُ الْمَذْكُورَةُ ، يَوْمَ بَدْرٍ وَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ :

« إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَ زُلْزِلُوا زِلْزالً شَدِيداً وَ إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً

______________________________

(1) الحشر : 9 .

(2) السّجدة 18- 19 .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 274

وَ إِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُو وَ يَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَ ما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً « 1»  وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَ لَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَ تَسْلِيماً « 2»  فَقَتَلْتَ عَمْرَوهُمْ وَ هَزَمْتَ جَمْعَهُمْ ، وَ رَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَ كانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً « 3»  وَ يَوْمَ أُحُدٍ : إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى‏ أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ‏»  « 4»  ، وَ أَنْتَ تَذُودُ بِهِمُ الْمُشْرِكِينَ‏ « 5»  عَنِ النَّبِيِّ ذَاتَ الْيَمِينِ وَ ذَاتَ الشِّمَالِ ، حَتَّى صَرَفَهُمَا عَنْكُمُ الْخَائِفِينَ ، وَ نَصَرَ بِكَ الْخَاذِلِينَ .

وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ التَّنْزِيلُ : « إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِم رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ‏»  « 6»  وَ الْمُؤْمِنُونَ أَنْتَ وَ مَنْ يَلِيكَ ، وَ عَمُّكَ الْعَبَّاسُ يُنَادِي الْمُنْهَزِمِينَ : يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، يَا أَهْلَ بَيْعَةِ الشَّجَرَةِ ، حَتَّى اسْتَجَابَ لَهُ قَوْمٌ قَدْ

______________________________

(1) الأحزاب : 10- 13 .

(2) الأحزاب : 22 .

(3) الأحزاب : 25 .

(4) آل عمران : 153 .

(5) كذا في النّسخ ، و لعلّ الباء للبدليّة ، أي عوضا عنهم ، أو بمعنى عن ، و يمكن أن يكون :

« بهم»  جمع البهيم و هو المجهول الّذي لا يعرف ، و الأظهر أنّه تصحيف : « الدّهم»  بفتح الدّال و سكون الهاء و هو العدد الكثير أو المصدر من قولك دهمه- كسمع و منع- إذا غشيه- البحار .

(6) التّوبة : 25- 26 .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 275

كَفَيْتَهُمُ الْمَؤُونَةَ ، وَ تَكَفَّلْتَ دُونَهُمُ الْمَعُونَةَ .

فَعَادُوا آيِسِينَ مِنَ الْمَثُوبَةِ ، رَاجِينَ وَعْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ : « ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى‏ مَنْ يَشاءُ»  « 1»  ، وَ أَنْتَ حَائِزٌ دَرَجَةَ الصَّبْرِ ، فَائِزٌ بِعَظِيمِ الْأَجْرِ .

وَ يَوْمَ خَيْبَرَ إِذْ أَظْهَرَ اللَّهُ خَوَرَ « 2»  الْمُنَافِقِينَ ، وَ قَطَعَ دَابِرَ « 3»  الْكَافِرِينَ ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* : « وَ لَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ ، وَ كانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلً»  « 4»  مَوْلَايَ أَنْتَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ، وَ الْمَحَجَّةُ « 5»  الْوَاضِحَةُ ، وَ النِّعْمَةُ السَّابِغَةُ ، وَ الْبُرْهَانُ الْمُنِيرُ ، فَهَنِيئاً لَكَ مَا آتَاكَ اللَّهُ مِنْ فَضْلٍ ، وَ تَبّاً لِشَانِئِكَ‏ « 6»  ذِي الْجَهْلِ .

شَهِدْتَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ جَمِيعَ حُرُوبِهِ وَ مَغَازِيهِ ، تَحْمِلُ الرَّايَةَ أَمَامَهُ ، وَ تَضْرِبُ بِالسَّيْفِ قُدَّامَهُ ، ثُمَّ لِحَزْمِكَ الْمَشْهُورِ ، وَ بَصِيرَتِكَ بِمَا فِي الْأُمُورِ ، أَمَّرَكَ فِي الْمَوَاطِنِ ، وَ لَمْ يَكُ عَلَيْكَ أَمِيرٌ ، وَ كَمْ مِنْ أَمْرٍ صَدَّكَ عَنْ إِمْضَاءِ عَزْمِكَ فِيهِ الْتُّقَى ، وَ اتَّبَعَ غَيْرُكَ فِي نَيْلِهِ الْهَوَى ،

______________________________

(1) التّوبة : 27 .

(2) الخور : الضّعف و الفتور .

(3) الدّابر : الآخر ، أي أهلك آخر من بقي منهم ، كناية عن استيصالهم .

(4) الأحزاب : 15 .

(5) المحجّة : الطّريق .

(6) التّبّ : الهلاك ، الشّاني : المبغض .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 276

فَظَنَّ الْجَاهِلُونَ أَنَّكَ عَجَزْتَ عَمَّا إِلَيْهِ انْتَهَى ، ضَلَّ وَ اللَّهِ الظَّانُّ لِذَلِكَ وَ مَا اهْتَدَى .

وَ لَقَدْ أَوْضَحْتَ مَا أَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ تَوَهَّمَ وَ امْتَرَى‏ « 1»  بِقَوْلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ : قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ وَجْهَ الْحِيلَةِ « 2»  ، وَ دُونَهَا حَاجِزٌ مِنْ تَقْوَى اللَّهِ ، فَيَدَعُهَ رَأْيَ الْعَيْنِ ، وَ يَنْتَهِزُ فُرْصَتَهَا مَنْ لَا جَرِيحَةَ « 3»  لَهُ فِي الدِّينِ ، صَدَقْتَ وَ خَسِرَ الْمُبْطِلُونَ .

وَ إِذْ مَاكَرَكَ النَّاكِثَانِ‏ « 4»  فَقَال : نُرِيدُ الْعُمْرَةَ ، فَقُلْتَ لَهُمَ : لَعَمْرِي لَمَا تُرِيدَانِ الْعُمْرَةَ لَكِنِ الْغَدْرَةَ ، وَ أَخَذْتَ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمَ ، وَ جَدَّدْتَ الْمِيثَاقَ فَجَدَّا فِي النِّفَاقِ ، فَلَمَّا نَبَّهْتَهُمَا عَلَى فِعْلِهِمَا أَغْفَلَا « 5»  وَ عَادَ ، وَ مَ انْتَفَعَ ، وَ كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمَا خُسْر .

ثُمَّ تَلَاهُمَا أَهْلُ الشَّامِ فَسِرْتَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الْإِعْذَارِ ، وَ هُمْ لَا يَدِينُونَ دِينَ‏

______________________________

(1) المرية : الجدل .

(2) عن الجزريّ : الحوّل : ذو التّصرّف و الاحتيال في الأمور ، و القلّب الرّجل العارف بالأمور الّذي قد ركب الصّعب و الذّلول و قلبها ظهرا و بطن ، و كان محتال في أموره حسن التّقلّب .

(3) كذا في النّسخ بتقديم الجيم على الحاء ، و يمكن أن يكون تصغير الجرح ، أي لا يرى أمرا من الأمور جارحا في دينه ، أو معناه الضّيق ، و الظّاهر أنّ الصّواب ما في نهج البلاغة : « ينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدّين»  بتقديم الحاء على الجيم ، و معناه أي ليس بذي حرج و التّحرّج التّأثّم ، و الحريجة : التّقوى .

(4) المعنيّ بهما الطّلحة و الزّبير .

(5) غفل عنه غفول : تركه و سها عنه ، أغفله : وصل غفلته إليه .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 277

الْحَقِّ وَ لَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ، هَمَجٌ‏ « 1»  رَعَاعٌ ضَالُّونَ ، وَ بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ فِيكَ كَافِرُونَ ، وَ لِأَهْلِ الْخِلَافِ عَلَيْكَ نَاصِرُونَ .

وَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِاتِّبَاعِكَ وَ نَدَبَ إِلَى نَصْرِكَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ‏»  « 2»  مَوْلَايَ بِكَ ظَهَرَ الْحَقُّ ، وَ قَدْ نَبَذَهُ‏ « 3»  الْخَلْقُ ، وَ أَوْضَحَتِ السُّنَنُ بَعْدَ الدُّرُوسِ‏ « 4»  وَ الطَّمْسِ‏ « 5»  ، وَ لَكَ سَابِقَةُ الْجِهَادِ عَلَى تَصْدِيقِ التَّنْزِيلِ ، وَ لَكَ فَضِيلَةُ الْجِهَادِ عَلَى تَحْقِيقِ التَّأْوِيلِ ، وَ عَدُوُّكَ عَدُوُّ اللَّهِ ، جَاحِدٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ، يَدْعُو بَاطِلً ، وَ يَحْكُمُ جَائِر ، وَ يَتَأَمَّرُ غَاصِب ، وَ يَدْعُو حِزْبَهُ إِلَى النَّارِ .

وَ عَمَّارٌ يُجَاهِدُ وَ يُنَادِي بَيْنَ الصَّفَّيْنِ : الرَّوَاحَ الرَّوَاحَ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَ لَمَّا اسْتَسْقَى ، فَسُقِيَ اللَّبَنَ كَبَّرَ وَ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ إِلَهَ : آخِرُ شَرَابِكَ مِنَ الدُّنْيَا ضَيَاحٌ‏ « 6»  مِنْ لَبَنٍ وَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ، فَاعْتَرَضَهُ أَبُو الْعَادِيَةِ الْفَزَارِيُّ فَقَتَلَهُ .

فَعَلَى أَبِي الْعَادِيَةِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ لَعْنَةُ مَلَائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ أَجْمَعِينَ ، وَ عَلَى‏

______________________________

(1) الهمج : رذالة النّاس و الهمج ذباب صغير يسقط على وجوه الغنم و الحمير ، و قيل هو البعوض ، فشبّه به رعاع النّاس ، و رعاع النّاس غوغاؤهم و سقاطهم و أخلاطهم .

(2) التّوبة : 119 .

(3) نبذ الشّي‏ء : طرحه و رمى به لقلّة الاعتداد به .

(4) درس : انمحى .

(5) طمس : درس و انمحى .

(6) الضّياح و الضّيح- بالفتح- اللّبن الخاثر يصبّ فيه الماء ثمّ يخلط .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 278

مَنْ سَلَّ سَيْفَهُ عَلَيْكَ وَ سَلَلْتَ عَلَيْهِ سَيْفَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُنَافِقِينَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَ عَلَى مَنْ رَضِيَ بِمَا سَاءَكَ وَ لَمْ يَكْرَهْهُ ، وَ أَغْمَضَ عَيْنَهُ وَ لَمْ يُنْكِرْهُ ، أَوْ أَعَانَ عَلَيْكَ بِيَدٍ أَوْ لِسَانٍ ، أَوْ قَعَدَ عَنْ نَصْرِكَ ، أَوْ خَذَلَ عَنِ الْجِهَادِ مَعَكَ ، أَوْ غَمَطَ « 1»  فَضْلَكَ ، أَوْ جَحَدَ حَقَّكَ ، أَوْ عَدَلَ بِكَ مَنْ جَعَلَكَ اللَّهُ أَوْلَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ ، وَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ سَلَامُهُ وَ تَحِيَّاتُهُ ، وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ آلِكَ الطَّاهِرِينَ ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

وَ الْأَمْرُ الْأَعْجَبُ وَ الْخَطْبُ الْأَفْظَعُ بَعْدَ جَحْدِكَ حَقَّكَ ، غَصْبُ الصِّدِّيقَةِ الزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ فَدَك ، وَ رَدُّ شَهَادَتِكَ وَ شَهَادَةِ السَّيِّدَيْنِ سُلَالَتِكَ وَ عِتْرَةِ أَخِيكَ الْمُصْطَفَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ، وَ قَدْ أَعْلَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْأُمَّةِ دَرَجَتَكُمْ ، وَ رَفَعَ مَنْزِلَتَكُمْ ، وَ أَبَانَ فَضْلَكُمْ ، وَ شَرَّفَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ، فَأَذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَكُمْ تَطْهِير ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ : « إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا و إذا مسه الخير منوعا إل المصلين‏»  « 2»  فَاسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ الْمُصْطَفَى وَ أَنْتَ يَا سَيِّدَ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ ، فَمَا أَعْمَهَ مَنْ ظَلَمَكَ عَنِ الْحَقِّ ، ثُمَّ أَفْرَضُوكَ سَهْمَ ذَوِي‏

______________________________

(1) غمطه : احتقره و ازدرى به .

(2) المعارج : 19- 21 .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 279

الْقُرْبَى مَكْراً « 1»  ، أَوْ حَادُوهُ‏ « 2»  عَنْ أَهْلِهِ جَوْر .

فَلَمَّا آلَ الْأَمْرُ إِلَيْكَ أَجْرَيْتَهُمْ عَلَى مَا أَجْرَيَا رَغْبَةً عَنْهُمَا « 3»  بِمَا عِنْدَ اللَّهِ لَكَ ، فَأَشْبَهَتْ مِحْنَتُكَ بِهِمَ مِحَنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عِنْدَ الْوَحْدَةِ وَ عَدَمِ الْأَنْصَارِ ، وَ أَشْبَهْتَ فِي الْبَيَاتِ عَلَى الْفِرَاشِ الذَّبِيحَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، إِذْ أَجَبْتَ كَمَا أَجَابَ ، وَ أَطَعْتَ كَمَا أَطَاعَ إِسْمَاعِيلُ صَابِراً مُحْتَسِب ، إِذْ قَالَ لَهُ :

« يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين‏»  « 4»  وَ كَذَلِكَ أَنْتَ لَمَّا أَبَاتَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكُمَ ، وَ أَمَرَكَ أَنْ تَضْطَجِعَ فِي مَرْقَدِهِ ، وَاقِياً لَهُ بِنَفْسِكَ ، أَسْرَعْتَ إِلَى إِجَابَتِهِ مُطِيع ، وَ لِنَفْسِكَ عَلَى الْقَتْلِ مُوَطِّن ، فَشَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى طَاعَتَكَ ، وَ أَبَانَ عَنْ جَمِيلِ فِعْلِكَ بِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ : « و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله‏»  « 5»  ثُمَّ مِحْنَتُكَ يَوْمَ صِفِّينَ ، وَ قَدْ رُفِعَتِ الْمَصَاحِفُ حِيلَةً وَ مَكْر ،

______________________________

(1) أفرضوك سهم ذوي القربى مكر : أعطوك منه سهما و نصيبا للتلبيس على النّاس .

(2) حادوه : مالوه و صرفوه .

(3) رغبة عنهم ، أيّ عن فدك و ذوي القربى ، أو عن الملعونين و مكافأتهما فيم فعلا و نقض ما صنع .

(4) الصّافّات : 102 .

(5) البقرة : 207 .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 280

فَأَعْرَضَ الشَّكُ‏ « 1»  ، وَ عُرِفَ الْحَقُّ وَ اتُّبِعَ الظَّنُّ ، أَشْبَهَتْ مِحْنَةَ هَارُونَ إِذْ أَمَّرَهُ مُوسَى عَلَى قَوْمِهِ‏ « 2»  فَتَفَرَّقُو عَنْهُ ، وَ هَارُونُ يُنَادِيهِمْ :

« يا قوم إنما فتنتم به و إن ربكم الرحمن فاتبعوني و أطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى‏»  « 3»  وَ كَذَلِكَ أَنْتَ لَمَّا رُفِعَتِ الْمَصَاحِفُ قُلْتَ : يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهَا وَ خُدِعْتُمْ ، فَعَصَوْكَ وَ خَالَفُوا عَلَيْكَ ، وَ اسْتَدْعَوْا نَصْبَ الْحَكَمَيْنِ ، فَأَبَيْتَ عَلَيْهِمْ ، وَ تَبَرَّأْتَ إِلَى اللَّهِ مِنْ فِعْلِهِمْ وَ فَوَّضْتَهُ إِلَيْهِمْ .

فَلَمَّا أَسْفَرَ « 4»  الْحَقُّ وَ سَفِهَ‏ « 5»  الْمُنْكَرُ ، وَ اعْتَرَفُو بِالزَّلَلِ وَ الْجَوْرِ عَنِ الْقَصْدِ « 6»  وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِهِ ، وَ أَلْزَمُوكَ عَلَى سَفَهِ‏ « 7»  التَّحْكِيمِ الَّذِي أَبَيْتَهُ ، وَ أَحَبُّوهُ وَ حَظَرْتَهُ ، وَ أَبَاحُوا ذَنْبَهُمُ الَّذِي اقْتَرَفُوهُ‏ « 8»  وَ أَنْتَ عَلَى نَهْجِ بَصِيرَةٍ وَ هُدًى ، وَ هُمْ عَلَى سُنَنِ ضَلَالَةٍ وَ عَمًى ، فَمَا زَالُوا عَلَى النِّفَاقِ مُصِرِّينَ ، وَ فِي الْغَيِّ مُتَرَدِّدِينَ ، حَتَّى أَذَاقَهُمُ اللَّهُ وَبَالَ‏

______________________________

(1) أعرض الشّكّ : تحرّك و سعى في إضلال النّاس أو ظهر ، عن الجوهريّ : أعرض فلان أيّ ذهب عرضا و طولا و عرضت الشّي‏ء فاعرض اي أظهرته فظهر .

(2) في الأصل : إذ أمره السّامريّ على قومه بالعجل ، ما أثبتناه من سائر المصادر .

(3) طه : 90- 91 .

(4) أسفر الصّبح : أضاء و أشرق .

(5) سفه المنكر- كعلم- أيّ ظهر سفهه و بطلانه .

(6) القصد : استقامة الطّريق ، و الجور : الميل عن القصد .

(7) السّفه : الجهل .

(8) اقترف : اكتسب .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 281

أَمْرِهِمْ ، فَأَمَاتَ بِسَيْفِكَ مَنْ عَانَدَكَ ، فَشَقِيَ وَ هَوَى ، وَ أَحْيَا بِحُجَّتِكَ مَنْ سَعِدَ فَهَدَى ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ غَادِيَةً وَ رَائِحَةً ، وَ عَاكِفَةً وَ ذَاهِبَةً ، فَمَا يُحِيطُ الْمَادِحُ وَصْفَكَ ، وَ لَا يُحْبِطُ الطَّاعِنُ فَضْلَكَ .

أَنْتَ أَحْسَنُ الْخَلْقِ عِبَادَةً ، وَ أَخْلَصُهُمْ زَهَادَةً ، وَ أَذَبُّهُمْ عَنِ الدِّينِ ، أَقَمْتَ حُدُودَ اللَّهِ بِجُهْدِكَ ، وَ فَلَلْتَ عَسَاكِرَ الْمَارِقِينَ بِسَيْفِكَ ، تُخْمِدُ « 1»  لَهَبَ الْحُرُوبِ بِبَنَانِكَ‏ « 2»  ، وَ تَهْتِكُ سُتُورَ الشُّبَهِ بِبَيَانِكَ ، وَ تَكْشِفُ لُبْسَ الْبَاطِلِ عَنْ صَرِيحِ الْحَقِّ ، لَا تَأْخُذُكَ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ .

وَ فِي مَدْحِ اللَّهِ تَعَالَى لَكَ غِنًى عَنْ مَدْحِ الْمَادِحِينَ وَ تَقْرِيظِ الْوَاصِفِينَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : « من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدو الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديل»  « 3»  وَ لَمَّ رَأَيْتَ قَدْ قَتَلَتْ النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ وَ الْمَارِقِينَ ، وَ صَدَّقَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَعْدَهُ ، فَأَوْفَيْتَ بِعَهْدِهِ ، قُلْتَ : أَمَا آنَ أَنْ تُخْضَبَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ ، أَمْ مَتَى يُبْعَثُ أَشْقَاهَ ، وَاثِقاً بِأَنَّكَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَ بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِكَ ، قَادِماً عَلَى اللَّهِ ، مُسْتَبْشِراً بِبَيْعِكَ الَّذِي بَايَعْتَهُ بِهِ ، و ذلك هو الفوز العظيم‏ .

اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَنْبِيَائِكَ وَ أَوْصِيَاءِ أَنْبِيَائِكَ بِجَمِيعِ لَعَنَاتِكَ ،

______________________________

(1) خمدت النّار : سكن لهبه .

(2) البنان : الإصبع .

(3) الأحزاب : 23 .

المزار الكبير (لابن المشهدي) ، ص : 282

وَ أَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ ، وَ الْعَنْ مَنْ غَصَبَ وَلِيَّكَ حَقَّهُ ، وَ أَنْكَرَ عَهْدَهُ ، وَ جَحَدَهُ بَعْدَ الْيَقِينِ ، وَ الْإِقْرَارِ بِالْوَلَايَةِ لَهُ يَوْمَ أَكْمَلْتَ لَهُ الدِّينَ .

اللَّهُمَّ الْعَنْ قَتَلَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ قَتَلْتَهُ ، وَ أَشْيَاعَهُمْ وَ أَنْصَارَهُمْ ، اللَّهُمَّ الْعَنْ ظَالِمِي الْحُسَيْنِ وَ قَاتِلِيهِ وَ الْمُتَابِعِينَ عَدُوَّهُ وَ نَاصِرِيهِ ، وَ الرَّاضِينَ بِقَتْلِهِ وَ خَاذِلِيهِ ، لَعْناً وَبِيلً .

اللَّهُمَّ الْعَنْ أَوَّلَ ظَالِمٍ ظَلَمَ آلَ مُحَمَّدٍ وَ مَانِعِيهِمْ حُقُوقَهُمْ ، اللَّهُمَّ خُصَّ أَوَّلَ ظَالِمٍ وَ غَاصِبٍ لِآلِ مُحَمَّدٍ بِاللَّعْنِ وَ كُلَّ مُسْتَنٍّ بِمَا سَنَّ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ‏ « 1»  وَ آلِهِ الطَّاهِرِينَ ، وَ اجْعَلْنَا بِهِمْ مُتَمَسِّكِينَ ، وَ بِمُوَالاتِهِمْ مِنَ الْفَائِزِينَ الْآمِنِينَ ، الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لَا يَحْزَنُونَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ . .

المزار الكبير لابن المشهدي ص263ح12 .

أحجم عن الأمر : كفّ أو نكص هيبة .

 

خطبة الأمير يوم الغدير وفضائله:

قال السيد بن طاوس في كتاب مصباح الزائر: أن الفياض بن محمد الطوسي حدث :  أنه شهد : أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام في يوم الغدير ، و بحضرته  جماعة من خاصته :

 قد احتبسهم للإفطار ،  و قد قدم إلى منازلهم الطعام ، و البر و الصلات ، و الكسوة ،حتى الخواتيم و النعال ، و قد غير من أحوالهم ، و أحوال حاشيته .

 و جددت : له آلة ، غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه ، و هو يذكر فضل اليوم ، و قديمه .

 فكان من قوله عليه السلام :

 حدثني : الهادي أبي ، قال :

 حدثني جدي الصادق عليه السلام ، قال : حدثني الباقر ، قال : حدثني سيد العابدين ،  قال : إن الحسين قال :

اتفق : في بعض سنين أمير المؤمنين عليه السلام الجمعة و الغدير .

 فصعد المنبر على خمس ساعات ، من نهار ذلك اليوم :

فَحَمِدَ اللَّهَ : وَ أَثْنَى عَلَيْهِ حَمْداً لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ ، وَ أَثْنَى عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَيْهِ غَيْرُهُ.

 

فكان مما حفظ من ذلك :

الْحَمْدُ لِلَّهِ : الَّذِي جَعَلَ الْحَمْدَ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَى حَامِدِيهِ .

وَ طَرِيقاً : مِنْ طُرُقِ الِاعْتِرَافِ بِلَاهُوتِيَّتِهِ ، وَ صَمَدَانِيَّتِهِ وَ رَبَّانِيَّتِهِ وَ فَرْدَانِيَّتِهِ .

وَ سَبَباً : إِلَى الْمَزِيدِ مِنْ رَحْمَتِهِ ، وَ مَحَجَّةً لِلطَّالِبِ مِنْ فَضْلِهِ .

وَ كَمَّنَ فِي إِبْطَانِ اللَّفْظِ حَقِيقَةَ الِاعْتِرَافِ لَهُ

 بِأَنَّهُ الْمُنْعِمُ عَلَى كُلِّ حَمْدٍ بِاللَّفْظِ وَ إِنْ عَظُمَ .

وَ أَشْهَدُ : أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ .

 شَهَادَةً نُزِعَتْ عَنْ إِخْلَاصِ الْمَطْوِيِّ .

وَ نُطْقُ اللِّسَانِ بِهَا عِبَارَةٌ عَنْ صِدْقٍ خَفِيٍّ.

أَنَّهُ الْخَالِقُ : الْبَدِي‏ءُ ، الْمُصَوِّرُ ، لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ .

لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ ، إِذَا كَانَ الشَّيْ‏ءُ مِنْ مَشِيَّتِهِ ، وَ كَانَ لَا يُشْبِهُهُ مُكَوَّنُهُ .

 

وَ أَشْهَدُ : أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ،

اسْتَخْلَصَهُ فِي الْقِدَمِ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِهِ ،

 انْفَرَدَ  : عَنِ التَّشَاكُلِ وَ التَّمَاثُلِ مِنْ أَبْنَاءِ الْجِنْسِ .

وَ أْتَمَنَهُ : آمِراً وَ نَاهِياً عَنْهُ .

أَقَامَهُ : فِي سَائِرِ عَالَمِهِ فِي الْأَدَاءِ ، و مَقَامَهُ إِذْ كَانَ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ، وَ لَا تَحْوِيهِ خَوَاطِرُ الْأَفْكَارِ ، وَ لَ تُمَثِّلُهُ غَوَامِضُ الظِّنَنِ فِي الْأَسْرَارِ .

لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ : الْمَلِكُ الْجَبَّارُ .

 

 قَرَنَ : الِاعْتِرَافَ بِنُبُوَّتِهِ ، بِالِاعْتِرَافِ بِلَاهُوتِيَّتِهِ .

وَ اخْتَصَّهُ : مِنْ تَكْرِمَتِهِ بِمَا لَمْ يَلْحَقْهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ بَرِيَّتِهِ .

 

فَهَلْهَلَ : ذَلِكَ بِخَاصَّتِهِ وَ خَلَّتِهِ .

 إِذْ لَا يَخْتَصُّ مَنْ يَشُوبُهُ التَّغْيِيرُ ، وَ لَا يُخَالِلُ مَنْ يَلْحَقُهُ التَّظْنِينُ .

 وَ أَمَرَ : بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَزِيداً فِي تَكْرِمَتِهِ .

وَ تَطْرِيقاً لِلدَّاعِي إِلَى إِجَابَتِهِ .

 فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ كَرَّمَ ، وَ شَرَّفَ وَ عَظَّمَ .

مَزِيداً لَا يَلْحَقُهُ التَّنْفِيدُ ، وَ لَا يَنْقَطِعُ عَلَى التَّأْبِيدِ .

 

وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى : اخْتَصَّ لِنَفْسِهِ بَعْدَ نَبِيِّهِ مِنْ بَرِيَّتِهِ خَاصَّةً ، عَلَّاهُمْ بِتَعْلِيَتِهِ ، وَ سَمَا بِهِمْ إِلَى رُتْبَتِهِ . وَ جَعَلَهُمُ : الدُّعَاةَ بِالْحَقِّ إِلَيْهِ ، وَ الْأَدِلَّاءَ بِالْإِرْشَادِ عَلَيْهِ ، لِقَرْنٍ قَرْنٍ ، وَ زَمَنٍ زَمَنٍ .

أَنْشَأَهُمْ : فِي الْقِدَمِ قَبْلَ كُلِّ مَذْرُوءٍ وَ مَبْرُوءٍ .

 أَنْوَاراً أَنْطَقَهَا بِتَحْمِيدِهِ ، وَ أَلْهَمَهَا بِشُكْرِهِ وَ تَمْجِيدِهِ .

وَ جَعَلَهَا الْحُجَجَ لَهُ عَلَى كُلِّ مُعْتَرِفٍ لَهُ ، بِمَلَكَةِ الرُّبُوبِيَّةِ ، وَ سُلْطَانِ الْعُبُودِيَّةِ .

وَ اسْتَنْطَقَ بِهَا الْخُرْسَانَ ، بِأَنْوَاعِ اللُّغَاتِ بُخُوعاً لَهُ .

 بِأَنَّهُ فَاطِرُ الْأَرَضِينَ وَ السَّمَاوَاتِ .

وَ أَشْهَدَهُمْ : خَلْقَهُ ، وَ وَلَّاهُمْ مَا شَاءَ مِنْ أَمْرِهِ .

جَعَلَهُمْ : تَرَاجِمَةَ مَشِيَّتِهِ ، وَ أَلْسُنَ إِرَادَتِهِ ، عَبِيداً لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ ، وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ .

يَعْلَمُ : ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ ، وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى‏ ، وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ.

يَحْكُمُونَ : بِأَحْكَامِهِ ، وَ يَسُنُّونَ سُنَّتَهُ ، وَ يَعْتَمِدُونَ حُدُودَهُ ، وَ يُؤَدُّونَ فُرُوضَهُ .

 

وَ لَمْ يَدَعِ الْخَلْقَ : فِي بُهَمٍ صَمَّاءَ ، وَ لَا فِي عَمًى بَكْمَاءَ .

بَلْ جَعَلَ : لَهُمْ عَقُولًا مَازَجَتْ شَوَاهِدَهُمْ ، وَ تَفَرَّقَتْ فِي هَيَاكِلِهِمْ .

حَقَّقَهَا فِي نُفُوسِهِمْ ، وَ اسْتَعْبَدَ لَهَا حَوَاسَّهُمْ .

فَقَرَّتْ بِهَا :

عَلَى أَسْمَاعٍ وَ نَوَاظِرَ ، وَ أَفْكَارٍ وَ خَوَاطِرَ.

 أَلْزَمَهُمْ بِهَا حُجَّتَهُ ، وَ أَرَاهُمْ بِهَا مَحَجَّتَهُ .

وَ أَنْطَقَهُمْ عَمَّا تَشْهَدُ بِهِ بِأَلْسِنَةٍ .

ذَرِبَةٍ بِمَا قَامَ فِيهَا مِنْ قُدْرَتِهِ وَ حِكْمَتِهِ ، وَ بَيَّنَ بِهَا عِنْدَهُمْ بِهَا .

لِيَهْلِكَ : مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ .

 وَ يَحْيى‏ : مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ، وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ بَصِيرٌ ، شَاهِدٌ خَبِيرٌ.

 

وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى : جَمَعَ لَكُمْ مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذَا الْيَوْمِ ، عِيدَيْنِ عَظِيمَيْنِ ، كَبِيرَيْنِ لَا يَقُومُ أَحَدُهُمَ إِلَّا بِصَاحِبِهِ .

لِيُكْمِلَ أَحَدُكُمْ صُنْعَهُ .

وَ يَقِفَكُمْ عَلَى طَرِيقِ رُشْدِهِ .

وَ يَقْفُوَ بِكُمْ آثَارَ الْمُسْتَضِيئِينَ بِنُورِ هِدَايَتِهِ .

وَ يُشْمِلَكُمْ صَوْلَهُ ، وَ يَسْلُكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ قَصْدِهِ ، وَ يُوَفِّرَ عَلَيْكُمْ هَنِي‏ءَ رِفْدِهِ .

 

 فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ :

 مَجْمَعاً نَدَبَ إِلَيْهِ ، لِتَطْهِيرِ مَا كَانَ قَبْلَهُ .

 وَ غَسْلِ مَا أَوْقَعَتْهُ مَكَاسِبُ السَّوْءِ مِنْ مِثْلِهِ إِلَى مِثْلِهِ .

 وَ ذِكْرى‏ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَ تِبْيَانَ خَشْيَةِ الْمُتَّقِينَ .

 وَ وَهَبَ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ فِي الْأَيَّامِ قَبْلَهُ .

وَ جَعَلَهُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالِايْتِمَارِ لِمَا أَمَرَ بِهِ .

وَ الِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ .

وَ الْبُخُوعِ بِطَاعَتِهِ فِيمَا حَثَّ عَلَيْهِ ، وَ نَدَبَ إِلَيْهِ .

وَ لَا يَقْبَلُ : تَوْحِيدَهُ ، إِلَّا بِالِاعْتِرَافِ لِنَبِيِّهِ بِنُبُوَّتِهِ .

 وَ لَا يَقْبَلُ دِيناً إِلَّا بِوَلَايَةِ مَنْ أَمَرَ بِوَلَايَتِهِ .

وَ لَا يَنْتَظِمُ أَسْبَابُ طَاعَتِهِ إِلَّا بِالتَّمَسُّكِ بِعِصَمِهِ ، وَ عِصَمِ أَهْلِ وَلَايَتِهِ‏ .

 

فَأَنْزَلَ اللَّهُ : عَلَى نَبِيِّهِ فِي يَوْمِ الدَّوْحِ .

مَا بَيَّنَ بِهِ عَنْ إِرَادَاتِهِ فِي خُلَصَائِهِ ، وَ ذَوِي اجْتِبَائِهِ .

وَ أَمَرَهُ بِالْبَلَاغِ : وَ تَرْكِ الْحَفْلِ بِأَهْلِ الزَّيْغِ وَ النِّفَاقِ .

وَ ضَمِنَ لَهُ عِصْمَتَهُ مِنْهُمْ .

 

{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) } المائدة .

 

 وَ كَشَفَ مِنْ خَبَايَا أَهْلِ الرَّيْبِ ، وَ ضَمَائِرِ أَهْلِ الِارْتِدَادِ ، مَا رَمَزَ فِيهِ ، فَعَقَلَهُ الْمُؤْمِنُ ، وَ الْمُنَافِقُ .

فَأَعَنَّ مُعِنٌّ : وَ ثَبَتَ عَلَى الْحَقِّ ثَابِتٌ ـ وَ ازْدَادَتْ : جَهَالَةُ الْمُنَافِقِ ، وَ حَمِيَّةُ الْمَارِقِ .

وَ وَقَعَ الْعَضُّ : عَلَى النَّوَاجِدِ ، وَ الْغَمْرُ عَلَى السَّوَاعِدِ .، وَ نَطَقَ نَاطِقٌ ، وَ نَعَقَ نَاعِقٌ ، وَ نَشِقَ نَاشِقٌ ، وَ اسْتَمَرَّ عَلَى مَارِقِيَّتِهِ مَارِقٌ .

 

 وَ وَقَعَ الْإِذْعَانُ : مِنْ طَائِفَةٍ بِاللِّسَانِ ، دُونَ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ.

 وَ مِنْ طَائِفَةٍ بِاللِّسَانِ ، وَ صِدْقِ الْإِيمَانِ .

فَكَمَّلَ : اللَّهُ دِينَهُ ، وَ أَقَرَّ عَيْنَ نَبِيِّهِ ، وَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ الْمُتَابِعِينَ .

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا  (3) } المائدة.

وَ كَانَ مَا قَدْ : شَهِدَهُ بَعْضُكُمْ ، وَ بَلَغَ بَعْضَكُمْ .

وَ تَمَّتْ : كَلِمَةُ اللَّهِ الْحُسْنَى عَلَى الصَّابِرِينَ ، وَ دَمَّرَ اللَّهُ مَا صَنَعَ فِرْعَوْنُ وَ هَامَانُ وَ قَارُونُ وَ جُنُودُهُ ، وَ مَ كَانُوا يَعْرِشُونَ .

 

وَ بَقِيَتْ : حُثَالَةٌ مِنَ الضُّلَّالِ ، لَا يَأْلُونَ النَّاسَ خَبَالً .

 يَقْصِدُهُمُ اللَّهُ فِي دِيَارِهِمْ ، وَ يَمْحُو آثَارَهُمْ ، وَ يَبِيدُ مَعَالِمَهُمْ .

وَ يُعَقِّبُهُمْ عَنْ قُرْبِ الْحَسَرَاتِ .

وَ يُلْحِقُهُمْ بِمَنْ بَسَطَ أَكُفَّهُمْ ، وَ مَدَّ أَعْنَاقَهُمْ ، وَ مَكَّنَهُمْ مِنْ دِينِ اللَّهِ حَتَّى بَدَّلُوهُ ، وَ مِنْ حُكْمِهِ حَتَّى غَيَّرُوهُ .

 

وَ سَيَأْتِي : نَصْرُ اللَّهِ عَلَى عَدُوِّهِ لِحِينِهِ ، وَ اللَّهُ لَطِيفٌ خَبِيرٌ .

وَ فِي دُونِ مَا سَمِعْتُمْ : كِفَايَةٌ ، وَ بَلَاغٌ .

 

فَتَأَمَّلُوا : رَحِمَكُمُ اللَّهُ مَا نَدَبَكُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ ، وَ حَثَّكُمْ عَلَيْهِ .

وَ اقْصِدُوا شَرْعَهُ ، وَ اسْلُكُوا نَهْجَهُ .

وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ‏ .

إِنَّ هَذَا : يَوْمٌ عَظِيمُ الشَّأْنِ ، فِيهِ وَقَعَ الْفَرَجُ ، وَ رُفِعَتِ الدَّرَجُ ، وَ وَضَحَتِ الْحُجَجُ .

وَ هُوَ :

 يَوْمُ : الْإِيضَاحِ ، وَ الْإِفْصَاحِ عَنِ‏ الْمَقَامِ الصُّرَاحِ .

وَ يَوْمُ : كَمَالِ الدِّينِ .

وَ يَوْمُ : الْعَهْدِ الْمَعْهُودِ .

وَ يَوْمُ : الشَّاهِدِ وَ الْمَشْهُودِ .

وَ يَوْمُ : تِبْيَانِ الْعُقُودِ عَنِ النِّفَاقِ وَ الْجُحُودِ .

وَ يَوْمُ : الْبَيَانِ عَنْ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ .

وَ يَوْمُ : دَحْرِ الشَّيْطَانِ .

وَ يَوْمُ : الْبُرْهَانِ .

هذا : يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ .

هَذَا : يَوْمُ الْمَلَإِ الْأَعْلَى الَّذِي أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ .

هَذَا : يَوْمُ : الْإِرْشَادِ . وَ يَوْمُ : مِحْنَةِ الْعِبَادِ . وَ يَوْمُ : الدَّلِيلِ عَلَى الْرُوَّادِ .

هَذَا : يَوْمُ : إِبْدَاءِ خَفَايَا الصُّدُورِ ، وَ مُضْمَرَاتِ الْأُمُورِ .

هَذَا : يَوْمُ النُّصُوصِ عَلَى أَهْلِ الْخُصُوصِ .

هَذَا : يَوْمُ شَيْثٍ .

هَذَا : يَوْمُ إِدْرِيسَ .

هَذَا : يَوْمُ يُوشَعَ .

هَذَا يَوْمُ شَمْعُونَ .

هَذَا : يَوْمُ الْأَمْنِ وَ الْمَأْمُونِ .

هَذَا : يَوْمُ إِظْهَارِ الْمَصُونِ مِنَ الْمَكْنُونِ .

هَذَا : يَوْمُ بَلْوَى السَّرَائِرِ ، فَلَمْ يَزَلْ عليه السلام ، يَقُولُ : هَذَا يَوْمٌ ، هَذَا يَوْمٌ ...

 

فَرَاقِبُوا : اللَّهَ ، وَ اتَّقُوهُ .

 وَ اسْمَعُوا لَهُ ، وَ أَطِيعُوهُ .

 وَ احْذَرُوا الْمَكْرَ  وَ لَا تُخَادِعُوهُ .

وَ فَتِّشُوا ضَمَائِرَكُمْ وَ لَا تُوَارِبُوهُ .

 

وَ تَقَرَّبُوا : إِلَى اللَّهِ بِتَوْحِيدِهِ ، وَ طَاعَةِ مَنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُطِيعُوهُ .

لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ .

وَ لَا يَجْنَحْ بِكُمُ الْغَيُّ فَتَضِلُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ، بِاتِّبَاعِ أُولَئِكَ الَّذِينَ ضَلُّوا ، وَ أَضَلُّوا .

 

قَالَ : اللَّهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ ، فِي طَائِفَةٍ ذَكَرَهُمْ بِالذَّمِّ فِي كِتَابِهِ :

{ إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا  رَبَّن آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ  وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } .

وَ قَالَ تَعَالَى :

{ وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُو إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً

 فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ 

قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ } .

أَ فَتَدْرُونَ الِاسْتِكْبَارَ مَا هُوَ :

هُوَ : تَرْكُ الطَّاعَةِ لِمَنْ أُمِرُوا بِطَاعَتِهِ ، وَ التَّرَفُّعُ عَلَى مَنْ نُدِبُوا إِلَى مُتَابَعَتِهِ .

وَ الْقُرْآنُ : يَنْطِقُ مِنْ هَذَا عَنْ كَثِيرٍ ، إِنْ تَدَبَّرَهُ مُتَدَبِّرٌ زَجَرَهُ وَ وَعَظَهُ‏ .

وَ اعْلَمُوا : أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ، قَالَ :

{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ } .

 

أَ تَدْرُونَ : مَا سَبِيلُ اللَّهِ ، وَ مَنْ سَبِيلُهُ ، وَ مَنْ صِرَاطُ اللَّهِ ، وَ مَنْ طَرِيقُهُ .

 

أَنَا : صِرَاطُ اللَّهِ الَّذِي مَنْ لَمْ يَسْلُكْهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ فِيهِ هُوِيَ بِهِ إِلَى النَّارِ .

وَ أَنَا : سَبِيلُهُ الَّذِي نَصَبَنِي لِلِاتِّبَاعِ بَعْدَ نَبِيِّهِ .

أَنَا : قَسِيمُ النَّارِ .

أَنَا : حُجَّتُهُ عَلَى الْفُجَّارِ .

أَنَا : نُورُ الْأَنْوَارِ .

فَانْتَبِهُوا : مِنْ رَقْدَةِ الْغَفْلَةِ ، وَ بَادِرُوا بِالْعَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ .

وَ سابِقُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ .

 قَبْلَ : أَنْ يُضْرَبَ بِالسُّورِ بِبَاطِنِ الرَّحْمَةِ وَ ظَاهِرِ الْعَذَابِ .

 فَتُنَادُونَ فَلَا يُسْمَعُ نِدَاؤُكُمْ ، وَ تَضِجُّونَ فَلَا يُحْفَلُ بِضَجِيجِكُمْ .

وَ قَبْلَ : أَنْ تَسْتَغِيثُوا فَلَا تُغَاثُوا ، سَارِعُوا إِلَى الطَّاعَاتِ قَبْلَ فَوْتِ الْأَوْقَاتِ .

فَكَأَنْ : قَدْ جَاءَكُمْ هَادِمُ اللَّذَّاتِ ، فَلَا مَنَاصَ نَجَاءٍ ، وَ لَا مَحِيصَ تَخْلِيصٍ .

 

 

عُودُوا : رَحِمَكُمُ اللَّهُ :

بَعْدَ انْقِضَاءِ مَجْمَعِكُمْ ، بِالتَّوْسِعَةِ عَلَى عِيَالِكُمْ .

 وَ الْبِرِّ بِإِخْوَانِكُمْ ، وَ الشُّكْرِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى مَا مَنَحَكُمْ .

وَ اجْتَمِعُوا : يَجْمَعِ اللَّهُ شَمْلَكُمْ .

وَ تَبَارُّوا : يَصِلِ اللَّهُ أُلْفَتَكُمْ ، وَ تَهَانَئُوا نِعْمَةَ اللَّهِ .

 كَمَا هَنَأَكُمُ اللَّهُ بِالثَّوَابِ فِيهِ .

عَلَى أَضْعَافِ الْأَعْيَادِ قَبْلَهُ وَ بَعْدَهُ إِلَّا فِي مِثْلِهِ .

 

وَ الْبِرُّ فِيهِ : يُثْمِرُ الْمَالَ ، وَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ .

وَ التَّعَاطُفُ فِيهِ : يَقْتَضِي رَحْمَةَ اللَّهِ وَ عَطْفَهُ .

وَ هَبُوا : لِإِخْوَانِكُمْ وَ عِيَالِكُمْ مِنْ فَضْلِهِ بِالْجَهْدِ مِنْ جُودِكُمْ ، وَ بِمَا تَنَالُهُ الْقُدْرَةُ مِنِ اسْتِطَاعَتِكُمْ .

 وَ أَظْهِرُوا الْبِشْرَ فِيمَا بَيْنَكُمْ ، وَ السُّرُورَ فِي مُلَاقَاتِكُمْ .

 

وَ الْحَمْدَ لِلَّهِ : عَلَى مَا مَنَحَكُمْ وَ عُودُوا بِالْمَزِيدِ مِنَ الْخَيْرِ عَلَى أَهْلِ التَّأْمِيلِ لَكُمْ .

 وَ سَاوُوا بِكُمْ ضُعَفَاءَكُمْ فِي مَآكِلِكُمْ .

وَ مَا تَنَالُهُ الْقُدْرَةُ مِنِ اسْتِطَاعَتِكُمْ ، عَلَى حَسَبِ إِمْكَانِكُمْ .

 

فَالدِّرْهَمُ فِيهِ : بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَ الْمَزِيدُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ .

وَ صَوْمُ : هَذَا الْيَوْمِ ، مِمَّا نَدَبَ اللَّهُ إِلَيْهِ .

 

وَ جَعَلَ : الْجَزَاءَ الْعَظِيمَ كَفَالَةً عَنْهُ ، حَتَّى لَوْ تَعَبَّدَ لَهُ عَبْدٌ مِنَ الْعَبِيدِ فِي الشَّيْبَةِ [الشَّبِيبَةِ] مِنِ ابْتِدَاءِ الدُّنْيَ إِلَى انْقِضَائِهَا ، صَائِماً نَهَارُهَا ، قَائِماً لَيْلُهَا .

 

إِذَا أَخْلَصَ الْمُخْلِصُ : فِي صَوْمِهِ ، لَقَصُرَتْ إِلَيْهِ أَيَّامُ الدُّنْيَا عَنْ كِفَايَتِهِ .

وَ مَنْ أَسْعَفَ أَخَاهُ : مُبْتَدِئاً ، وَ بَرَّهُ رَاغِباً ، فَلَهُ كَأَجْرِ مَنْ صَامَ هَذَا الْيَوْمَ ، وَ قَامَ لَيْلَتَهُ .

وَ مَنْ فَطَّرَ : مُؤْمِناً فِي لَيْلَتِهِ ، فَكَأَنَّمَا فَطَّرَ فِئَاماً وَ فِئَاماً بَعْدَهَا [يَعُدُّهَا] عَشَرَةً .

فَنَهَضَ نَاهِضٌ : فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا الْفِئَامُ ؟

قَالَ : مِائَةُ أَلْفِ نَبِيٍّ وَ صِدِّيقٍ وَ شَهِيدٍ .

فَكَيْفَ : بِمَنْ تَكَفَّلَ عَدَداً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ ، فَأَنَا ضَمِينُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، الْأَمَانَ مِنَ الْكُفْرِ وَ الْفَقْرِ ، وَ مَنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ أَوْ بَعْدَهُ إِلَى مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ .

وَ مَنِ اسْتَدَانَ : لِإِخْوَانِهِ وَ أَعَانَهُمْ ، فَأَنَا الضَّامِنُ عَلَى اللَّهِ إِنْ بَقَّاهُ قَضَاهُ ، وَ إِنْ قَبَضَهُ حَمَلَهُ عَنْهُ .

 

 وَ إِذَا تَلَاقَيْتُمْ : فَتَصَافَحُوا بِالتَّسْلِيمِ ، وَ تَهَانَئُو النِّعْمَةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ .

 

وَ لْيُبَلِّغِ : الْحَاضِرُ الْغَائِبَ ، وَ الشَّاهِدُ الْبَائِنَ .

وَ لْيَعُدِ الْغَنِيُّ عَلَى الْفَقِيرِ ، وَ الْقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ .

 

أَمَرَنِي : رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِذَلِكَ .

ثم أخذ صلوات الله عليه : في خطبة الجمعة ، و جعل صلاته جمعة صلاة عيده .

و انصرف : بولده ، و شيعته إلى منزل أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام بما أعد له من طعامه ، و انصرف غنيهم و فقيرهم برفده إلى عياله .

 

 

فهنئنا لكم يا طيبين : على الولاية ، وشكرا لكم على المتابعة ، وبارك الله فيكم وجعل كل أيامكم أعيادا ، والعيد ليس من لبس الجديد ، بل من أمن الوعيد ، ولا يأمن الوعيد أحد إلا بمعرفة الله بصراط المنعم عليهم وأهل ولاية الله في ارضه ، فهنئ لكم معرف الحق في غرفة الحق وشكر الله سعيكم وبارك الله فيكم ، وأسأل الله أن يوفقن وإياكم لثبات على دينه

وأسألكم الدعاء والزيارة .

 

 

 

 

الشعر في الغدير :

يا طيب : يوم كريم من أيام الله يوم الغدير ، وهو يوم الميثاق المأخوذ والعهد المعهود ، ويوم بان فيه حفظ الله لدينه بأئمة حق وإلى يوم القيامة ، وعرف حقه المؤمنون ، وصدح بفضل الرواة والمؤرخون ، وقال به أفضل القول الحكماء والمبلغون ، وبالخصوص الشعراء الموالون لأهل البيت عليهم السلام ، وفي كتاب الغدير ذكر كل شعراء الذين ذكروا الغدير وبيعته ويومه ، وكما عرفتهم في الفهرس ، ومنهم هذه القصائد الجميلة لشعراء أهل البيت رحمهم الله وحفظ الباقين منهم :

 

قصيدة جميلة في الغدير :

يا طيب : هذه قصيدة جميلة ورائع في مدح الإمم علي عليه السلام :

للشيخ : تقى الدين : ابراهيم بن علي العاملي الكفعمي المتوفى840 هجري ، في قرية  كفرعيما من منطقه جبل عامل ، نذكر فيها من فضائله قليلا من كثير ، مع الإشارة فيها إلى يسير من أسماء يوم الغدير :

هنيئا هنيئا ليوم الغدير _ و يوم النصوص و يوم السرور

و يوم الكمال لدين الإله _ و إتمام نعمة رب غفور

 

و يوم الدليل على المرتضى _ و يوم البيان لكشف الضمير

و يوم الرشاد و إبداء ما _ تجن به مضمرات الصدور

 

و يوم الأمان و يوم النجاة _ و يوم التعاطف و يوم الحبور

و يوم الصلاة و يوم الزكاة _ و يوم الصيام و يوم الفطور

 

و يوم العقود و يوم الشهود _ و يوم العهود لصنو البشر

و يوم الطعام و يوم الشراب _ و يوم اللباس و يوم النحور

 

و يوم تواصل أرحامكم _ و يوم العطاء و بر الفقير

و يوم تفرج كرب الوصي _ بموت ابن عفان أهل الفجور

 

و يوم لشيث و يوم لهود _ و يوم لإدريس ما من نكير

و يوم نجاة النبي الخليل _ من النار ذات الوقود السعير

 

و يوم الظهور على الساحرين _ و إغراق فرعون ماء البحور

و يوم لموسى و عيسى معا _ و يوم سليمان من غير ضير

 

و يوم الوصية للأنبياء _ على الأوصياء بكل الدهور

و يوم انكشاف المقام الصراح _ و إيضاح برهان سر الأمور

 

و يوم الجزاء و حط الآثام _ و يوم الميارة للمستمير

و يوم البشارة يوم الدعاء _ و عيد الإله العلي الكبير

 

و يوم البياض و نزع السواد _ و موقف عز خلا من نظير

و يوم السباق و نفي الهموم _ و صفح الإله عن المستجير

 

و يوم اشتمام أريج المسوك _ و عنبرها و أريج العبير

و يوم مصافحة المؤمنين _ و يوم التخلص من كل ضير

 

و يوم الدليل على الرائدين _ و محنة عبد و يوم الطهور

و يوم انعتاق رقاب جنت _ من النار يا صاح ذات السعير

 

و يوم الشروط و نشر النزاع _ و ترك الكبائر بعد الغرور

و يوم النبي و يوم الوصي _ و يوم الأئمة من غير زور

 

و يوم الخطابة من جبرئيل _ بمنبر عز على السرير

و يوم الفلاح و يوم النجاح _ و يوم الصلاح لكل الأمور

 

و يوم يكف يراع الإله _ من المؤمنين بنسخ الشرور

و يوم التهاني و يوم الرضا _ و يوم استزادة رب شكور

 

و يوم استراحة أهل الولاء _ و يوم تجارة أهل الأجور

و يوم الزيارة للمؤمنين _ و يوم ابتسام ثنايا الثغور

 

و يوم التودد للأولياء _ و إلباس إبليس ثوب الدحور

و يوم انشراح أهيل الصلاح _ و حزن قلوب أهيل الفجور

 

و يوم ارتغام أنوف العداء _ و يوم القبول و جبر الكسير

و يوم العبادة يوم الوصول _ إلى رحمات العلي القدير

 

و يوم السلام على المصطفى _ و عترته الأطهرين البدور

و يوم الإمارة للمرتضى _ أبي الحسنين الإمام الأمير

 

و يوم اشتراط ولاء الوصي _ على المؤمنين بيوم الغدير

و يوم الولاية في عرضها _ على كل خلق السميع البصير

 

و يوم الزيادة ما ينفقون _ بمائة ألف خلت من نظير

و يوم المعارج في رفعها _ و أنباء فضل عظيم كبير

 

فهذا الإمام عديم النظير _ و أنى يكون له من نظير

و أين الصباب و أين السحاب    و ليس الكواكب مثل البدور

_

 

فهنيئا لكم أعياد آل محمد عليهم السلام .

 

 





فكمل الدين  و عرفنا ماء الهدى  المعين الغدير

 

معن ماء الهدي المعين في الغدير:

الغَدِيرُ : يا طيب عرفنا أن الغدير هو القطعةُ الباقية من ماءِ مطر السماء غادرُه السيل بعد انتهاء المطر ، وهو محل تجمع ماءِ المطرِ صغيراً كانَ أَو كَبِيراً ، و اسْتَغْدَرَ المَكَانُ صارَتْ فيه‏ غُدْرَانٌ‏. والمعين ماء ظاهر للعيان صافي رقراق خالص من الشوائب ، وبالخصوص ماء الغدير الصافي الذي يكون ماءه من السماء ولم يخالطه شيء ، فهو معين الغدير وغدير معين ، ومعين الهدى الغدير هو علم الإمام والإمام نفسه ، لأنه علمه خالص صافي من معارف الله تعالى التي خصهم بها وألهمهم لها ، وبهذا المعنى جاء تأويل الآيات في قوله تعالى :

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء  مَّعِينٍ (30) } الملك .

 

فيا طيب : ما الغدير ماء مطر السماء الصافي الرقراق والذي فيه شفاء ورحمة ويطهر من يكون تحته وبركة عليه ، وعرفت قصة واقعة يوم الغدير ، وفي الحقيقة الماء هو طعم الحياة كما في الروايات ، وبالخصوص حين يؤول الماء الصافي الخالص من الشواء بالعلم ، ولا يوجد علم أصفى وأحق وأهدى وأخلص وأرق في الحق وأشف في الشفاء والهدى من علم الثقلين القرآن الكريم والنبي وآله صلى الله عليهم وسلم ، وهم عندهم علم الله وصراطه المستقيم ونعيمه ومعينه ، ولذا جاء تأويل الآيات في قوله تعالى :

فعن علي بن جعفر : عن أخيه الإمام موسى بن جعفر عليه السلام قال : قلت له : ما تأويل هذه الآية :

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء  مَّعِينٍ } .

قال عليه السلام : إذا فقدتم إمامكم ، فمن يأتيكم بإمام جديد.

الغيبة للنعماني ص176ح17 .

 

و عن فضالة بن أيوب قال‏ : سُئل الرضا عليه السلام عن قول الله عز و جل : {  قُلْ أَرَأَيْتُمْ  إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا   فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء  مَّعِينٍ } .

فقال عليه السلام : { مَاؤُكُمْ } أَبْوَابُكُمْ أَيِ الْأَئِمَّةُ عليه السلام ، وَ الْأَئِمَّةُ أَبْوَابُ اللَّهِ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ‏ .

{ فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء  مَّعِينٍ ‏} يَعْنِي بِعِلْمٍ الْإِمَامِ .

تفسير القمي ج‏2ص378 تفسير سورة الملك .

 

عن علي بن جعفر : عن أخيه الإمام موسى بن جعفر عليه السلام‏ في قول الله عز و جل :

{‏ قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ‏ } .

 قَالَ عليه السلام : إِذَا غَابَ عَنْكُمْ إِمَامُكُمْ ، فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِإِمَامٍ جَدِيدٍ.

مسائل علي بن جعفر ص327ح815 .

 

وقال الشيخ الطوسي : عن الحسن بن محبوب عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث له طويل اختصرنا منه موضع الحاجة ، أنه قال :

  لا بد من فتنة : صماء صيلم‏ ، يسقط فيها كل بطانة و وليجة ، و ذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي ، يبكي عليه أهل السماء و أهل الأرض ، و كم من مؤمن متأسف حران‏ حزين .

عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ الْمَعِينِ‏ .

 كأني بهم : أسر ما يكونون ، و قد نودوا نداء يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب ، يكون رحمة للمؤمنين ، و عذابا للكافرين‏ .

فقلت : و أي نداء هو ؟

قال عليه السلام : ينادون في رجب ثلاثة أصوات من السماء :

صوتا منها : أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ‏ .

 و الصوت الثاني‏ : أَزِفَتِ الْآزِفَةُ يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ .

و الصوت الثالث : يَرَوْنَ بَدَناً بَارِزاً نَحْوَ عَيْنِ الشَّمْسِ ، هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ كَرَّ فِي هَلَاكِ الظَّالِمِينَ .

كتاب الغيبة للحجة للطوسي ص439 .

 

وعن أبي بصير : عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام :‏ في قول الله عز و جل‏ : { قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ‏ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ‏ } .

 فقال عليه السلام : هذه نزلت في القائم‏.

 يقول : إن أصبح إمامكم غائبا عنكم ، لا تدرون أين هو .

{ فَمَنْ يَأْتِيكُمْ } بإمام ظاهر ، يأتيكم بأخبار السماء و الأرض ، و حلال الله جل و عز و حرامه .

 ثم قال عليه السلام : و الله ما جاء تأويل هذه الآية ، و لا بد أن يجي‏ء تأويلها.

كمال الدين و تمام النعمة ج‏1ص325ح 3 .

يا طيب : الإمام هو الماء المعين في كل وجوده ، وعلمه هو الماء المعين ، والنبي الأكرم عرف الماء المعين وأظهره لكل من يحب أن يطلب علم الله ومعارف هداه الحقة الصافية في يوم الغدير ، ومحل ماءه الخالص في الدين والصافي من الشرك والشك الطاهر المطهر كما طهرهم الله تعالى ، ولكن القوم تركوا الماء المعين وهداه وغدران ماء السماء ، وأخذوا هواهم هدى ودنياهم دين ، فابتعدوا عن الله ورسوله سيد المرسلين ووصيه سيد الوصيين وآله الطيبين الطاهرين فخسروا حق الهدى وصفاء الماء المعين في الدنيا والآخرة .

وأسأل الله : أن يجعلنا وإياكم من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين وآله الطيبين الطاهرين المعصومين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 

 

أحاديث في العلم :

يا طيب : كل المسلمين والمفسرين ذكروا أن أول ما نزل من كتاب الله هو الأمر بالقراءة والعلم :

{ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)

اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي  عَلَّمَ بِالْقَلَمِ  (4)  عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) .. } العلق .

ولأهمية العلم ذكر سبحانه أنه علم القرآن قبل خلق الإنسان ثم علمه بيانه :

{ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : الرَّحْمَنُ (1)  عَلَّمَ الْقُرْآنَ  (2) خَلَقَ الْإِنسَانَ 

(3)  عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) ... } الرحمن .

ولم يساوي سبحانه من يطلب العلم وعالم بمن لم يكن عالم وخص العلم بمن أختار سبحانه وأصطفى ورفعهم درجات فقال :

{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي  الَّذِينَ يَعْلَمُونَ  وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ

إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ  (9) } الزمر .

وإن أعلى علم الله المنزل : هو الكتاب والحكمة وخصه بسيد المرسلين وآله سادة الوجود ، ولم يعر أهمية سبحانه لملك الدنيا وداوله بين الناس كما عرفت ، ولكن ملك الكتاب والحكمة وتزكية النفس وهداه فهو عند المنعم عليهم أبد ، وبه يتفاضل الناس حقا ويعرف من يملك نعيم الله بأعلى منزلة خالدا كما قال سبحانه يعرفنا هذ :

{ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا 

وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (32)

وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33)

 وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ (34) وَزُخْرُفً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا 

وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ  (35) } الزخرف .

فملك الدنيا : لكي يختبر الله عباده به ، فمن يطيعه بنعمه يسعد ، ومن يعصي بنعمه يشقى ، ولا أهمية له عنده تملك كل زينة الدنيا لظالم سعى لها ، وإن العاقبة والآخرة ونعيمها الأبدي هو للمتقين ، وبالإيمان والعلم بمعارف عظمة الله وهداه يرتفعون في درجاتهم ويعظم شأنهم عند الله سبحانه ، ولذا قال :

{ يَرْفَعِ اللَّهُ  الَّذِينَ آمَنُـوا مِنكُمْ  وَالَّذِينَ أُوتُـوا الْعِلْـمَ

دَرَجَــاتٍ   وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) } المجادلة .

وإن أعلى الدرجات : هي لسيد المرسلين وبعده لمن يكون شاهد منه وآله سادة الوصيين ، وقد قال الله سبحانه :

{ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)

هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ

يَتْلُـو عَلَيْهِمْ آيَاتِـهِ وَيُزَكِّيهِـمْ وَيُعَلِّمُهُـمُ الْكِتَـابَ وَالْحِكْمَـةَ

 وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (2)}  الجمعة .

{ يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء  وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا

وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (269) } البقرة .

فخير الله الكثير : هو المختص بنبي الرحمة وآله الذين أمر بودهم بآية المودة ، وجعله كأجر للرسالة ، وصدقهم في آية المباهلة بما يعلمون ولعن من يكذبهم ولا يعتني بهداهم ، وطهرهم كما كتاب الله مطهر ، وجعلهم أهل الذكر والعلم فيه ، فلذا حسد من تنزل عن الإنسانية بظلمه وطغيانه ، الناس لعلمهم أن الخير الكثير والملك العظيم هو معارف الله وقد جعلها عند ناس هم سادة الوجود ، وهم ليس إلا نبينا وآله وهم آل إبراهيم الذين وهبهم  الإمامة والولاية والسيادة والملك العظم ، وكما يجب أن نصدق أن ملك الله العظيم هو الكتاب والحكمة ، يجب أن نصدق بأنها لآل النبي الذين هم كامتداد لآل إبراهيم صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، ولا يجوز أن نحسدهم أو نعاديهم ونعمل بغير علمهم ، وقد قال الله سبحانه :

{ أَمْ يَحْسُدُونَ  النَّاسَ  عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ

 فَقَدْ آتَيْنَآ   آلَ إِبْرَاهِيمَ

 الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ 

وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا   (54) } النساء .

ويا طيب : كتاب الله كتاب علم يأمر بالتفكر في آياته والتدبر بها ، وخص علوم كتابه سيد الكتب بمن وهبهم ملكه العظيم وخيره الكثير فجعلهم كوثر البركة والمطهرون الواجب ودهم لنتعلم منهم نعيمه الحق التام الذي يهدي لصراطه المستقيم .

وإن كتاب الله : كما قال سبحانه فيه المحكم والمتشابه ولا يعرفه إل أهل العلم ، والذين خصهم الله بعلومه وهم سادة الوجود ، ولنعرف هذا نتدبر الأحاديث الآتية :

عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول :

إن القرآن : زاجر و آمر ، يأمر بالجنة ، و يزجر عن النار ،  و فيه  محكم و متشابه .

فأما المحكم : فيؤمن به ، و يُعمل به ، و يُدبر به‏ .

 و أما  المتشابه : فيؤمن به ، و لا يعمل به ، و هو قول الله :

{ هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْـهُ

آيَـاتٌ  مُّحْكَمَـاتٌ هُـنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ

فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ

وَمَا يَعْـلَـمُ تَـأْوِيلَــهُ  إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِـخُونَ فِي الْعِـلْـمِ .

يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ (7) } آل عمران .

و آل محمد الراسخون في العلم‏ صلى الله عليهم وسلم .

تفسير علي بن إبراهيم القمي ج‏2ص451.

فالعلم به معنى : وإرجاع متشابهه لمحكمه وتفسيره بحقه كما يرضى الله به سبحانه سيد السادة ، فضلا عن جمعه لفظا هو لسيد الوصيين ، وكما قال وشهد له كل من عرف سيرته وعلمه بكتاب الله سيد الكتب بعد رسول الله  سيد المرسلين :

وكل من كتب في العلم : وأعلم الناس ، في زمن رسول الله وبعده ، ذكر أنه سيد الأوصياء كان أعلمهم ، راجع كتاب الغدير وإحقاق الحق وكتب التفسير وسيرته، ويكفي لأن نعرف أن أعلم الناس سيد الأوصياء هو ما شهد له رسول الله بالعلم :

قوله صلى الله عليه وآله وسلم :

علي : عيبة علمي .

وقوله : علي أعلمكم علما وأقدمكم سلما  ، وقوله : اعلم أمتي من بعدي  علي بن أبي طالب ، رواه علي بن هاشم وابن شيرويه الديلمي باسنادهما إلى سلمان .

 

وقال النبي صلى الله عليه وآله : أعطى الله  عليا من الفضل جزءا لو قسم على أهل الأرض لوسعهم .

وفي حلية الأولياء سئل النبي عن علي بن أبي طالب فقال :

قسمت الحكمة عشرة أجزاء، فأعطي علي تسعة أجزاء، والناس جزء واحد.

عن سيد الأوصياء علي بن أبي طالب عليه السلام  ، قال :

 سلوني  عن كتاب الله عز وجل    .

فوالله ما نزلت آية منه في ليل أو نهار ، ولا مسير ولا مقام .

 إلا وقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله ،  وعلمني تأويلها .

 فقال ابن الكواء : يا أمير المؤمنين ، فما كان ينزل عليه وأنت غائب عنه ؟

قال عليه السلام : كان يحفظ على رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان ينزل عليه من القرآن وأنا عنه غائب.

 حتى أقدم عليه فيقرئنيه ، ويقول لي :

 يا علي : أنزل الله علي بعدك كذا وكذا ، وتأويله كذا وكذا .

فيعلمني : تـنـزيـلــه وتـأويـلــه .

الأمالي للشيخ الطوسي  ص 523ح1158 / 65 .

 

وعن الأصبغ بن نباته قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام :

لو كسرت لي وسادة : فقعدت عليها ، لقضيت بين أهل التورية بتوريتهم ، وأهل الإنجيل بإنجيلهم ، وأهل الزبور بزبورهم .

وأهل الفرقان بفرقانهم .

 بقضاء يصعد إلى  الله يزهر .

والله ما نزلت آية : في كتاب الله ، في ليل أو نهار .

 إلا وقد علمت فيمن أنزلت .

 ولا ممن مر على رأسه المواسى من قريش ، إلا وقد نزلت فيه آية من كتاب الله تسوقه إلى الجنة أو إلى النار .

فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما الآية التي نزلت فيك ؟

 قال له عليه السلام : أما سمعت الله يقول :

{ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَـةٍ مِّن رَّبِّهِ   وَيَتْلُـوهُ شَاهِـدٌ مِّنْــهُ (17) }هود.

رسول  الله صلى  الله عليه وآله : على بينة من ربه .

وأنـا : شـاهـد لـه فيـه ، واتلـوه معـ.

بصائر الدرجات محمد بن الحسن الصفار  ص 152 ب9ح2

يا طيب :  الآيات والروايات كثيرة في معرفة أن علم الله ومعارفه هو هداه عن المنعم عليهم من آل محمد صلى الله عليهم وسلم ، والذي بسيدهم تم الدين وكملت النعمة ورضا الرب تعالى ، ومن يتمسك بهم يسير لله تعالى بمعارفهم لعبوديته ، وبيهم نصل لماء معين الدينا والآخرة ، وغدير معينها وعيونها من معارف الكتاب والحكمة والملك العظيم النفيس الثقيل الذي خلفه رسول الله فيها وهم آل محمد وسيدهم سيد الوصيين صلى الله عليهم وسلم .

وجعلنا الله من المتمسكين بهم في الدنيا والآخرة إنه أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .

 

 





وتمت النعمة ورضى الرب بالإسلام لكن الغدير
وعصابته خانوا الثقلين وتقمصوا الخلافة العلوية

 

معنى الغدير الكثير الغدر :

الغَدِّيرُ :كَثِيرُ الغَدْرِ وَالْمَكْرِ وَالْخَدِيعَة مبالغة من الغَدْرُ غدَرَ بـ يَغدِر ، غَدْرًا ، فهو غادر والجمع : غَدَرَةٌ وهو غَدَّارٌ ، وغَدورٌ ، وهي غادرة والجمع : غوادر وهي غَدورٌ ، وغدَّارة ، والمفعول مَغْدور ، وهو ضِدُّ الوَفاءِ بالعَهْدِ ؛ و الغَدْر تَرْك الوَفَاءِ ، هو نَقْضُ العَهْدِ . و الغَدْرُ: الإِخْلالُ بالشَّيْ‏ءِ و تَرْكُه . و الوَفاءُ : مُرَاعَاةُ العَهْد ، و الغَدْرُ: تَضْيِيعُ ه، كما أَنَّ الإِنْجَازَ مراعَاةُ الوَعْد ، و الخُلْفُ تَضْيِيعُه، فالوَفَاءُ و الإِنْجازُ في الفِعْل كالصِّدْقِ في القَوْل ، والغَدْرُ والخُلْفُ كالكَذِب فيه .

غَدرَهُ‏ : و غَدرَ بِهِ‏،و لَسْتُ منه على ثِقَةٍ يَغْدِرُ غَدْراً هو غادِرٌ و غَدّارٌ،  غِدِّير و غَدُورٌ ، و غُدَرٌ ، في الشَّتْمِ، يُقَالُ: يا غُدَرُ .

قال عروة بن مسعود للمغيرة : يا غُدَرُ، و هَلْ غَسَلْتُ‏ غَدْرَتَكَ‏ إِلّا بالأَمْسِ .

و اجْلِسْ‏ غُدَرُ : أَي يا غُدَر، و يا غُدَرُ ، رجل‏ غُدَرٌ، أَي‏ غادِرٌ ,

غُدَر : معدولٌ عن‏ غادِرٍ للمُبَالَغَة، و يُقَال للذَّكَرِ: يا غُدَرُ، و لها: يا غَدَارِ، و أَغْدَرَهُ : أَلقاه في الغدير وهو كل موضع صعب كثير الحجارة .

أغدر الليل : أظلم . أَغْدَرَهُ الشيءَ خلَّفه وجاوزه .

 ويا طيب : قد جاوزا وغادروا وتركوا ونقضوا عهد النبي الأكرم في يوم الغدير ، ولم يفوا ولم يتمسكوا بوصية الله ورسوله بأمير المؤمنين عليه السلام  ، فتدبر .

 

حديث الغدر وغصب الخلافة :

يا طيب : عرفت أنه توفى رسول الله بعد 70 يوما من واقعة الغدير ، أي توفى في 28 صفر الشهر 2 سنة 11 للهجرة ، وبيعة الغدير كانت في سنة 10 شهر 12 ذي الحجة يوم 18 منه .

فبقي لينتهي ذي الحجة من السنة العاشرة 12 يوما ، وعلى فرض 30 يوم شهر محرم من سنة 11 للهجرة ، وبعد 28 يوما من شهر صفر وفاة النبي الأكرم ، وفي يومها سرقة الخلافة وغدر بالحق ونقض العهد ، أي بعد 70 يوما من يوم بيعة الغدير وقعة الخيانة بالولاية والغدر بالخلافة ونقض عهد الله ورسوله ووليه ، فتدبر .

وفي الحديث الآتي : بيان لأحوال المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه ، وكيف أوصى النبي الأكرم الإمام علي عليه السلام بغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ، وكيف خاصموا قريش الأنصار بحق أمير المؤمنين وما ينطبق عليه من الأحاديث فجعلوه لهم ، وسلبوا الخلافة وغصبوا أمير المؤمنين حقه في الولاية ، ثم كيف أخذوا البيعة من المسلمين ، وكيف تأمورا على الإمام الحق حتى أجبروه على البيعة ولا ناصر له ولا معين ، وكيف أجتمع المخلصون مع أمير المؤمنين وخاصموا القوم الغاصبين بالحجة القوية ، ولكنهم لم يسمعوا ولم يراعوا الحق ، فتقمصوا الخلافة ولبسوها كالقميص ، كما عرفت في أبوذية آخى ، ثم غصبوا حق فاطمة الزهراء عليها السلام حتى هجمو على الدار وغصبوها حقها في فدك حتى استشهدت بسبب الاعتداء عليها ، والحديث طويلة ولكنه يستحق تلاوته ولو لمرة واحدة حتى تعرف تأريخ الخلافة وكيف دافع الإمام عن حقه لكنه غصب منه وأخووه من الخلافة وسرقوا شأن الإمامة ظاهرا فأبعدوا الناس عن الهدى الحق والدين الواقعي عند أهل البيت عليهم السلام المنعم عليهم بدين الله تعالى .

 

 عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال : سمعت سلمان الفارسي قال‏ :

لما أن قبض النبي صلى الله عليه وآله : و صنع الناس ما صنعوا ( من أمر السقيفة ) جاءهم أبو بكر و عمر و أبو عبيدة بن الجراح‏ ، فخاصموا الأنصار فخصموهم بحجة علي عليه السلام .

 فقالوا : يا معاشر الأنصار ، قريش أحق بالأمر منكم ، لأن رسول الله من قريش ، و المهاجرون خير منكم لأن الله بدأ بهم في كتابه و فضلهم ، و قد قال رسول الله ، الأئمة من قريش .

قال سلمان : فأتيت عليا عليه السلام ، وهو يغسل رسول الله صلى الله عليه وآله ،  و قد كان رسول الله ص أوصى عليا عليه السلام أن لا يلي غسله غيره.

 فقال يا رسول الله : فمن يعينني على ذلك ؟ فقال جبرائيل : فكان‏ علي عليه السلام لا يريد عضوا إلا قلب له .

فلما غسله : و حنطه و كفنه ، أدخلني و أدخل أبا ذر و المقداد و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام ، فتقدم علي عليه السلام و صففنا خلفه و صلى عليه ، و عائشة في الحجرة لا تعلم قد أخذ الله ببصرها ، ثم أدخل عشرة من المهاجرين و عشرة من الأنصار ، فكانوا يدخلون و يدعون و يخرجون حتى لم يبق أحد شهد من المهاجرين و الأنصار إلا صلى عليه .

 

قال سلمان الفارسي : فأخبرت عليا عليه السلام ، و هو يغسل رسول الله صلى الله عليه وآله بما صنع القوم‏، و قلت : إن أبا بكر الساعة لعلى‏ منبر رسول الله ما يرضون يبايعونه بيد واحدة ، و إنهم ليبايعونه بيديه جميعا بيمينه وشماله .

فقال علي عليه السلام : يا سلمان و هل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله ؟ قلت : لا .

إلا أني رأيته : في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار ، و كان أول من بايعه المغيرة بن شعبة ، ثم بشير بن سعيد ، ثم أبو عبيدة الجراح ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم سالم مولى أبي حذيفة ، و معاذ بن جبل .

قال عليه السلام : لست أسألك عن هؤلاء ، و لكن هل تدري من أول من‏ بايعه حين صعد المنبر ( منبر رسول الله ) .

قلت : لا ، و لكن رأيت شيخا كبيرا يتوكأ على عصاه ، بين عينيه سجادة شديدة التشمير ، صعد المنبر أول من صعد ، و خر و هو يبكي ، و يقول : الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك في هذا المكان ، أبسط يدك ، فبسط يده ، فبايعه ، ثم قال : يوم كيوم آدم‏ ثم نزل ، فخرج من المسجد .

فقال علي عليه السلام : يا سلمان ، أ تدري من هو ؟

قلت : لا ، و لقد ساءتني مقالته ، كأنه شامت بموت رسول الله .

 قال علي عليه السلام : فإن ذلك إبليس لعنه الله‏ .

أخبرني رسول الله : أن إبليس و رؤساء أصحابه ، شهدوا نصب رسول الله ص إياي يوم غدير خم بأمر الله ، و أخبرهم‏ بأني أولى بهم من أنفسهم ، و أمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب .

فأقبل : إلى إبليس أبالسته و مردة أصحابه ، فقالوا : إن هذه الأمة أمة مرحومة معصومة ، فما لك و لا لنا عليهم سبيل ، و قد أعلموا مفزعهم و إمامهم بعد نبيهم ، فانطلق إبليس كئيبا حزينا .

قال أمير المؤمنين عليه السلام : أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ذلك‏ ، و قال : يبايع الناس أبا بكر في ظلة بني ساعدة ، بعد تخاصمهم بحقن و حجتنا ، ثم يأتون المسجد ، فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس في صورة شيخ كبير مشمر ، يقول  : كذا و كذا ، ثم يخرج فيجمع أصحابه و شياطينه و أبالسته ، فيخرون‏ سجدا ، فيقولون : يا سيدنا يا كبيرنا ، أنت الذي أخرجت آدم من الجنة .

فيقول : أي أمة لن تضل بعد نبيها ، كلاً زعمتم ، أن ليس لي عليهم سلطان و لا سبيل ، فكيف رأيتموني صنعت بهم حين‏ تركوا ما أمرهم الله به من طاعته‏ و أمرهم به رسول الله .

ذلك قوله تعالى‏ : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ‏ (20) } سبأ .

 

 قال سلمان : فلما أن كان الليل ، حمل علي عليه السلام فاطمة عليها السلام على حمار ، و أخذ بيدي ابنيه الحسن و الحسين عليهم السلام ، فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين ، و لا من الأنصار ، إلا أتاه في منزله فذكرهم حقه ، و دعاهم إلى نصرته ، فما استجاب له منهم إلا أربعة و أربعون رجلا ، فأمرهم أن يصبحو بكرة محلقين رءوسهم ، معهم سلاحهم ليبايعوا على الموت ، فأصبحوا فلم يواف منهم أحد ، إلا أربعة .

فقلت لسلمان : من الأربعة ؟

فقال : أنا ، و أبو ذر ، و المقداد ، و الزبير بن العوام .

ثم أتاهم علي عليه السلام : من الليلة المقبلة فناشدهم‏ .

فقالوا : نصبحك‏ بكرة ، فما منهم أحد أتاه غيرنا .

ثم أتاهم الليلة الثالثة : فما أتاه غيرنا .

 

فلما رأى غدرهم : و قلة وفائهم‏ له ، لزم بيته ، و أقبل على القرآن يؤلفه و يجمعه ، فلم يخرج من بيته حتى جمعه ، و كان في الصحف و الشظاظ و الأسيار و الرقاع‏ ، فلما جمعه كله و كتبه بيده‏ على تنزيله و تأويله و الناسخ منه والمنسوخ.

 بعث إليه : أبو بكر أن أخرج فبايع ، فبعث إليه علي عليه السلام إني لمشغول و قد آليت على نفسي يمينا ، أن لا أرتدي رداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن و أجمعه ، فسكتوا عنه أياما فجمعه في ثوب واحد و ختمه .

ثم خرج إلى الناس : و هم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله ، فنادى علي عليه السلام  بأعلى صوته ، يا أيها الناس إني لم أزل منذ قبض رسول الله ص مشغولا بغسله ، ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب الواحد ، فلم ينزل الله على‏ رسول الله صلى الله عليه وآله آية إلا و قد جمعتها ، و ليست منه آية إلا و قد جمعتها ، وليست منه آية إلا و قد أقرأنيها رسول الله ، وعلمني تأويلها.

ثم قال لهم علي عليه السلام : لئلا تقولوا غدا  إنا كنا عن هذا غافلين‏ .

ثم قال لهم علي عليه السلام : لئلا تقولوا يوم القيامة ، إني لم أدعكم إلى نصرتي ، و لم أذكركم حقي ، و لم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته .

فقال عمر : ما أغنانا ما معنا من القرآن عما تدعونا إليه‏ .

ثم دخل علي عليه السلام : ‏بيته .

 

و قال عمر لأبي بكر : أرسل إلى علي فليبايع ، فإنا لسنا في شيء حتى يبايع ، و لو قد بايع أمناه .

فأرسل إليه : أبو بكر أجب خليفة رسول الله ، فأتاه الرسول فقال له ذلك .

فقال له علي عليه السلام : سبحان الله ما أسرع ما كذبتم على رسول الله ، إنه ليعلم و يعلم الذين حوله ، أن الله و رسوله لم يستخلفا غيري .

و ذهب الرسول : فأخبره بما قال له .

قال : اذهب ، فقل له : أجب أمير المؤمنين أبا بكر ، فأتاه فأخبره بم قال .

فقال له علي عليه السلام : سبحان الله ما و الله طال العهد فينسى ، فو الله إنه ليعلم أن هذا الاسم لا يصلح إلا لي ، و لقد أمره رسول الله و هو سابع سبعة ، فسلموا علي بإمرة المؤمنين ، فاستفهم هو و صاحبه عمر من بين السبعة فقالا : أ حق‏  من الله و رسوله ؟

فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله : نعم حقا حقا من الله و رسوله .

إنه أمير المؤمنين : و سيد المسلمين ، و صاحب لواء الغر المحجلين ، يقعده الله عز و جل يوم القيامة على الصراط ، فيدخل أولياءه الجنة و أعداءه النار .

 فانطلق الرسول : فأخبره بما قال .

قال : فسكتوا عنه يومهم ، ذلك فلما كان الليل حمل علي عليه السلام فاطمة عليها السلام على حمار ، و أخذ بيدي ابنيه الحسن و الحسين ع فلم يدع أحدا من أصحاب رسول الله إلا أتاه في منزله ، فناشدهم الله حقه ، و دعاهم إلى نصرته ، فما استجاب منهم رجل‏ ، غيرنا الأربعة ، فإنا حلقنا رؤوسنا و بذلنا له نصرتنا ، و كان‏ الزبير أشدنا بصيرة في نصرته .

فلما رأى علي عليه السلام : خذلان الناس إياه و تركهم نصرته ، و اجتماع كلمتهم مع أبي بكر ، و طاعتهم له و تعظيمهم إياه ، لزم بيته .

فقال عمر لأبي بكر : ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع ، فإنه لم يبق أحد إلا و قد بايع ، غيره و غير هؤلاء الأربعة ، و كان أبو بكر أرق الرجلين و أرفقهم و أدهاهما و أبعدهما غورا ، و الآخر أفظهما و أغلظهما و أجفاهما .

فقال أبو بكر : من نرسل إليه .

فقال عمر : نرسل إليه قنفذا ، و هو رجل فظ غليظ ، جاف من الطلقاء ، أحد بني عدي بن كعب ، فأرسله و أرسل معه أعوانا ، و انطلق فاستأذن على علي عليه السلام ، فأبى أن يأذن لهم ، فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر و عمر و هما جالسان‏ في المسجد و الناس حولهما .

فقالوا : لم يؤذن‏ لنا .

فقال عمر : اذهبوا ، فإن أذن لكم ، و إلا فادخلوا عليه بغير إذن .

فانطلقوا : فاستأذنوا .

فقالت فاطمة عليها السلام : أحرج عليكم‏ أن تدخلوا على بيتي بغير إذن‏ ، فرجعوا و ثبت قنفذ الملعون .

فقالوا : إن فاطمة قالت كذا و كذا ، فتحرجنا أن ندخل بيتها بغير إذن .

 

 فغضب عمر و قال : ما لنا و للنساء ، ثم أمر أناسا حوله أن يحملوا الحطب ، فحملوا الحطب ، و حمل معهم عمر ، فجعلوه حول منزل علي و فاطمة و ابنيهما .

ثم نادى عمر : حتى أسمع عليا و فاطمة ، و الله لتخرجن يا علي و لتبايعن‏ خليفة رسول الله ، و إلا أضرمت على بيتك النار .

 فقالت فاطمة عليها السلام : يا عمر ما لنا و لك ؟

فقال : افتحي الباب ، و إلا أحرقنا عليكم بيتكم .

فقالت يا عمر : أ ما تتقي الله ، تدخل على بيتي ؟

 فأبى : أن ينصرف .

و دعا عمر : بالنار .

فأضرمها : في الباب .

ثم دفعه : فدخل .

فاستقبلته فاطمة عليها السلام : و صاحت يا أبتاه ، يا رسول الله.

 فرفع عمر : السيف و هو في غمده .

 فوجأ به : جنبها .

فصرخت : يا أبتاه .

فرفع السوط : فضرب به ذراعها .

فنادت : يا رسول الله ، لبئس ما خلفك أبو بكر و عمر .

فوثب علي عليه السلام : فأخذ بتلابيبه ، ثم نتره‏ فصرعه ، و وجأ أنفه و رقبته و هم بقتله ، فذكر قول رسول الله و ما أوصاه به .

فقال عليه السلام : و الذي كرم محمدا بالنبوة يا ابن صهاك‏ ، لو لا كتاب من الله سبق‏ ، و عهد عهده إلي رسول الله‏ ، لعلمت أنك لا تدخل بيتي .

فأرسل عمر : يستغيث ، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار .

و ثار علي عليه السلام : إلى سيفه .

فرجع قنفذ إلى أبي بكر : و هو يتخوف أن يخرج علي عليه السلام إليه بسيفه ، لما قد عرف من بأسه و شدته .

فقال أبو بكر لقنفذ : ارجع فإن خرج ، و إلا فاقتحم‏ عليه بيته .

فإن امتنع : فأضرم عليهم بيتهم النار .

فانطلق قنفذ الملعون : فاقتحم هو و أصحابه بغير إذن .

و ثار علي عليه السلام : إلى سيفه ، فسبقوه إليه ، و كاثروه‏ .

 و هم كثيرون : فتناول بعضهم سيوفهم ، فكاثروه و ضبطوه‏ ، فألقوا في عنقه حبلا .

و حالت : بينهم و بينه فاطمة عليها السلام عند باب البيت .

فضربها قنفذ الملعون : بالسوط .

 فماتت : حين ماتت ، و إن في عضدها كمثل الدملج من ضربته لعنه الله ، و لعن من بعث به‏ .

ثم انطلق بعلي عليه السلام : يعتل عتلا ، حتى انتهي به إلى أبي بكر ، و عمر قائم بالسيف على رأسه‏ ، و خالد بن الوليد ، و أبو عبيدة بن الجراح ، و سالم مولى أبي حذيفة ، و معاذ بن جبل ، و المغيرة بن شعبة ، و أسيد بن حصين ، و بشير بن سعد ، و سائر الناس جلوس ‏حول أبي بكر عليهم السلاح .

 

قال‏ سليم : قلت لسلمان : أ دخلوا على فاطمة عليها السلام بغير إذن ؟

قال : إي و الله ، و ما عليها من خمار .

فنادت : وا أبتاه ، وا رسول الله ، يا أبتاه ، فلبئس ما خلفك أبو بكر و عمر ، و عيناك لم تتفقأ في قبرك .

تنادي : بأعلى صوتها .

فلقد رأيت‏ : أبا بكر و من حوله يبكون و ينتحبون‏ ، ما فيهم إلا باك غير عمر و خالد بن الوليد و المغيرة بن شعبة .

و عمر يقول : إنا لسنا من النساء و رأيهن في شيء .

قال : فانتهوا بعلي عليه السلام إلى أبي بكر .

و هو يقول : أما و الله لو وقع سيفي في يدي ، لعلمتم أنكم لم تصلوا إلى هذا أبدا ، أما و الله ما ألوم نفسي في جهادكم‏ ، و لو كنت استمكنت من الأربعين رجلا ، لفرقت جماعتكم ، و لكن لعن الله أقواما بايعوني ثم خذلوني .

و لما أن بصر به : أبو بكر ، صاح خلوا سبيله .

فقال علي عليه السلام : يا أبا بكر ، ما أسرع ما توثبتم على رسول الله .

بأي حق : و بأي منزلة دعوت الناس إلى بيعتك .

أ لم تبايعني بالأمس : بأمر الله و أمر رسول الله .

 

و قد كان قنفذ لعنه الله : ضرب فاطمة عليها السلام بالسوط حين حالت بينه و بين زوجها .

و أرسل إليه عمر : إن حالت بينك و بينه فاطمة فاضربها .

ألجأها قنفذ لعنه الله : إلى عضادة باب بيتها ، و دفعها فكسر ضلعها من جنبها .

فألقت جنينا : من بطنها ، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت صلى الله عليه من ذلك شهيدة .

قال : و لما انتهي بعلي عليه السلام إلى أبي بكر .

أنتهره عمر و قال له : بايع ، و دع عنك هذه الأباطيل‏ .

فقال له عليه السلام : فإن لم أفعل فما أنتم صانعون ؟

قالوا : نقتلك ذلا و صغارا .

 

فقال عليه السلام : إذا تقتلون .

عبد الله : و أخا رسوله .

 

فقال أبو بكر : أما عبد الله فنعم .

و أما أخو رسول الله : فما نقر بهذا .

 

قال عليه السلام : أ تجحدون أن رسول الله صلى الله عليه وآله :

 

 آخى : بيني و بينه .

 

قال : نعم .

فأعاد ذلك عليهم : ثلاث مرات .

ثم أقبل عليهم علي عليه السلام فقال :

يا معشر : المسلمين و المهاجرين‏ و الأنصار .

أنشدكم الله : أ سمعتم رسول الله صلى الله عليه آله يقول :

 

يوم غدير خم : كذا و كذا  ، و في غزوة تبوك كذا و كذا ، فلم يدع عليه السلام شيئا قاله فيه رسول الله صلى الله عليه وآله علانية للعامة ، إلا ذكرهم إياه .

قالوا : اللهم نعم .

فلما تخوف : أبو بكر أن ينصره الناس ، و أن يمنعوه .

بادرهم فقال له‏ : كل ما قلت حق قد سمعناه بآذاننا و عرفناه ، و وعته قلوبنا ، و لكن قد سمعت رسول الله يقول : بعد هذا ، إنا أهل بيت اصطفانا الله و أكرمنا ، و اختار لنا الآخرة على الدنيا ، و إن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة و الخلافة .

فقال علي عليه السلام : هل أحد من أصحاب رسول الله شهد هذا معك؟

فقال عمر : صدق خليفة رسول الله ، قد سمعته منه كما قال .

و قال أبو عبيدة و سالم مولى أبي حذيفة و معاذ بن جبل : صدق‏ ، قد سمعنا ذلك من رسول الله .

 

فقال لهم علي عليه السلام : لقد وفيتم بصحيفتكم الملعونة التي تعاقدتم‏ عليها في الكعبة ، إن قتل الله محمدا أو مات ، لتزون‏ هذا الأمر عنا أهل البيت‏ .

فقال أبو بكر : فما علمك بذلك ، ما أطلعناك عليها .

فقال عليه السلام : أنت يا زبير ، و أنت يا سلمان ، و أنت يا أبا ذر ، و أنت يا مقداد ، أسألكم بالله و بالإسلام ، أ ما سمعتم رسول الله .

 يقول ذلك : و أنتم تسمعون ، إن فلانا و فلانا ، حتى عد هؤلاء الخمسة ، قد كتبوا بينهم كتابا ، و تعاهدوا فيه و تعاقدوا أيمانا على ما صنعوا ، إن قتلت أو مت .

 فقالوا : اللهم نعم قد سمعنا رسول الله ، يقول ذلك لك ، إنهم قد تعاهدو و تعاقدوا على ما صنعوا ، و كتبوا بينهم كتابا ، إن قتلت أو مت أن يتظاهروا عليك ، و أن يزووا عنك هذا يا علي .

قلت : بأبي أنت و أمي يا رسول الله ، فما تأمرني إذا كان ذلك أن أفعل ؟

فقال لك : إن وجدت عليهم أعوانا ، فجاهدهم و نابذهم ، و إن أنت لم تجد أعوان فبايع و احقن دمك .

فقال علي عليه السلام : أما و الله لو أن أولئك الأربعين رجلا الذين بايعوني ، وفوا لي ، لجاهدتكم في الله ، و لكن أما و الله لا ينالها أحد من عقبكم إلى يوم القيامة ، و فيما يكذب‏ قولكم على رسول الله .

قوله تعالى : { َأمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ  وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكً عَظِيمًا (54) } النساء.

فالكتاب : النبوة ، و الحكمة السنة ، و الملك الخلافة ، و نحن آل‏ إبراهيم.

 فقام المقداد فقال : يا علي بما تأمرني ، و الله إن أمرتني لأضربن بسيفي ، و إن أمرتني كففت .

فقال علي عليه السلام : كف يا مقداد ، و اذكر عهد رسول الله ، و ما أوصاك به .

فقمت‏ و قلت : و الذي نفسي بيده ، لو أني أعلم أني أدفع ضيما ، و أعز لله دين ، لوضعت سيفي على عنقي ، ثم ضربت به قدما قدما .

أ تثبون على : أخي رسول الله ؟

و وصيه و خليفته : في أمته : و أبي ولده ؟

فأبشروا : بالبلاء ، و اقنطوا من الرخاء .

و قام أبو ذر فقال : أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها ، المخذولة بعصيانها ، إن الله يقول : { إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)‏ } آل عمران.

 و آل محمد ا: لأخلاف من نوح و آل إبراهيم من إبراهيم ، و الصفوة و السلالة من إسماعيل ، و عترة النبي محمد ، أهل بيت النبوة ، و موضع الرسالة ، و مختلف الملائكة ، و هم كالسماء المرفوعة ، و الجبال المنصوبة ، و الكعبة المستورة ، و العين الصافية ، و النجوم الهادية ، و الشجرة المباركة ، أضاء نورها ، و بورك زيتها.

 محمد خاتم الأنبياء : و سيد ولد آدم ، و علي وصي الأوصياء ، و إمام المتقين ، و قائد الغر المحجلين ، و هو الصديق الأكبر ، و الفاروق الأعظم ، و وصي محمد ، و وارث علمه .

و أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم كما قال الله : { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ  أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ (6) } الأحزاب .

  فقدموا : من قدم الله ، و أخروا من أخر الله ، و اجعلوا الولاية و الوراثة  لمن جعل الله .

فقام عمر فقال : لأبي بكر ، و هو جالس فوق المنبر ، ما يجلسك فوق المنبر ، و هذا جالس محارب ، لا يقوم فيبايعك ، أ و تأمر به فنضرب عنقه .

و الحسن و الحسين عليهما السلام : قائمان .

فلما سمعا : مقالة عمر ، بكيا ، فضمهما عليه السلام إلى صدره .

فقال عليه السلام : لا تبكيا ، فو الله‏ ما يقدران على قتل أبيكما .

 

و أقبلت : أم أيمن حاضنة رسول الله .

 فقالت : يا أبا بكر ما أسرع ما أبديتم حسدكم و نفاقكم .

فأمر بها عمر : فأخرجت من المسجد .

و قال : ما لنا و للنساء .

 

و قام بريدة الأسلمي و قال : أ تثب يا عمر .

على أخي رسول الله : و أبي ولده ، و أنت الذي نعرفك في قريش بما نعرفك ، أ لستم قال لكما رسول الله : انطلقا إلى علي و سلما عليه بإمرة المؤمنين .

فقلتما : أ عن أمر الله و أمر رسوله ؟

قال : نعم .

فقال أبو بكر : قد كان ذلك .

و لكن رسول الله قال : بعد ذلك ، لا يجتمع لأهل بيتي النبوة و الخلافة .

فقال : و الله ، ما قال هذا رسول الله .

 و الله : لا سكنت في بلدة أنت فيها أمير ، فأمر به عمر فضرب و طرد .

 

ثم قال : قم يا ابن أبي طالب فبايع .

فقال عليه السلام : فإن لم أفعل ؟

قال : إذا و الله نضرب عنقك ، فاحتج عليهم ثلاث مرات .

ثم مد يده : من غير أن يفتح كفه ، فضرب عليها أبو بكر و رضي بذلك منه.

 فنادى علي عليه السلام : قبل أن يبايع و الحبل في عنقه ، يا ابن أم إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني‏ .

و قيل للزبير : بايع ، فأبى ، فوثب إليه عمر و خالد بن الوليد و المغيرة بن شعبة في أناس معهم ، فانتزعوا سيفه من يده ، فضربوا به الأرض حتى كسروه ، ثم لببوه .

فقال الزبير : و عمر على صدره‏ ، يا ابن صهاك ، أما و الله لو أن سيفي في يدي لحدت عني ، ثم بايع .

قال سلمان : ثم أخذوني ، فوجئوا عنقي حتى تركوها كالسلعة ، ثم أخذو يدي‏ و فتلوها ، فبايعت مكرها .

ثم بايع : أبو ذر و المقداد مكرهين .

و ما بايع أحد : من الأمة مكرها غير علي عليه السلام ، و أربعتنا و لم يكن منا أحد أشد قولا من الزبير ، فإنه لما بايع قال يا ابن صهاك أما و الله لو لا هؤلاء الطغاة  الذين أعانوك لما كنت تقدم علي و معي سيفي ، لما أعرف من جبنك‏ و لؤمك ، و لكن وجدت طغاة» تقوى بهم و تصول .

فغضب عمر و قال : أ تذكر صهاك ؟ فقال : من صهاك‏ و ما يمنعني من ذكرها ، و قد كانت صهاك زانية ، أ و تنكر ذلك ، أ و ليس كانت أمة حبشية لجدي عبد المطلب ، فزنى بها جدك نفيل فولدت أباك الخطاب ، فوهبها عبد المطلب لجدك بعد ما زنى بها فولدته ، و إنه لعبد لجدي ، ولد زنى‏ ، فأصلح بينهما أبو بكر ، و كف كل واحد منهما عن صاحبه .

 

قال سليم بن قيس : فقلت لسلمان : أ فبايعت أبا بكر يا سلمان و لم تقل شيئا ؟

قال قد قلت : بعد ما بايعت ، تبا لكم سائر الدهر ، أ و تدرون ما صنعتم بأنفسكم ، أصبتم و أخطأتم ، أصبتم سنة من كان قبلكم من الفرقة و الاختلاف ، و أخطأتم سنة نبيكم حتى أخرجتموها من معدنها و أهلها .

فقال عمر : يا سلمان أما إذ بايع صاحبك‏ و بايعت ، فقل ما شئت و افعل ما بدا لك ، و ليقل صاحبك ما بدا له .

قال سلمان فقلت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :

إن عليك : و على صاحبك الذي بايعته ، مثل ذنوب جميع أمته إلى يوم القيامة ، و مثل عذابهم جميعا .

فقال : قل ما شئت ، أ ليس قد بايعت ، و لم يقر الله عينيك بأن يليه صاحبك ؟

فقلت : أشهد أني قد قرأت في بعض كتب الله المنزلة ، أنك باسمك و نسبك و صفتك باب من أبواب جهنم .

فقال لي : قل ما شئت ، أ ليس قد أزالها الله عن أهل هذا البيت الذين اتخذتموهم‏ أربابا من دون الله‏ ؟

فقلت له : أشهد أني سمعت رسول الله يقول : و سألته عن هذه الآية : { فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) } الفجر .

 فأخبرني : بأنك أنت هو .

فقال عمر : اسكت أسكت الله نأمتك ، أيها العبد يا ابن اللخناء .

فقال علي عليه السلام :  أقسمت عليك يا سلمان لما سكت .

فقال سلمان : و الله لو لم يأمرني علي بالسكوت ، لخبرته بكل شيء نزل فيه ، و كل شيء سمعته من رسول الله فيه و في صاحبه .

فلما رآني عمر : قد سكت ، قال لي : إنك له لمطيع مسلم .

فلما أن بايع : أبو ذر و المقداد و لم يقولا شيئا ؟

قال عمر : يا سلمان أ لا تكف كما كف صاحباك ، و الله ما أنت بأشد حب لأهل هذا البيت منهما ، و لا أشد تعظيما لحقهم منهما ، و قد كفا كما ترى و بايع .

فقال أبو ذر : يا عمر ، أ فتعيرنا بحب آل محمد و تعظيمهم ، لعن الله و قد فعل من أبغضهم و افترى عليهم و ظلمهم حقهم و حمل الناس على رقابهم ، و رد هذه الأمة القهقرى على أدبارها .

فقال عمر : آمين ، لعن الله من ظلمهم حقهم ، لا و الله ما لهم فيها من حق ، و ما هم فيها و عرض الناس إلا سواء .

قال أبو ذر : فلم خاصمتم الأنصار بحقهم و حجتهم ؟

فقال علي عليه السلام : لعمر يا ابن صهاك ، فليس لنا فيها حق ، و هي لك و لابن آكلة الذبان‏.

 فقال عمر : كف الآن يا أبا الحسن إذ بايعت ، فإن العامة رضوا بصاحبي ، و لم يرضوا بك ، فما ذنبي .

فقال علي عليه السلام : و لكن الله عز و جل و رسوله لم يرضيا إلا بي .

 فأبشر : أنت و صاحبك و من اتبعكما و وازركما ، بسخط من الله و عذابه و خزيه ، ويلك يا ابن الخطاب ، لو ترى ما ذا جنيت على نفسك‏ ، لو تدري ما منه خرجت و فيما دخلت ، و ما ذا جنيت على نفسك و على صاحبك .

فقال أبو بكر : يا عمر أما إذ قد بايعنا و أمنا شره و فتكه و غائلته ، فدعه يقول ما شاء.

فقال علي عليه السلام : لست بقائل غير شيء واحد ، أذكركم بالله أيه الأربعة ، يعنيني و أبا ذر و الزبير و المقداد ، سمعت رسول الله يقول :

إن تابوتا من نار : فيه اثنا عشر رجلا ، ستة من الأولين ، و ستة من الآخرين ، في جب في قعر جهنم ، في تابوت مقفل‏ على ذلك الجب صخرة ، فإذا أراد الله أن يسعر جهنم ، كشف تلك الصخرة عن ذلك الجب ، فاستعرت جهنم من وهج ذلك الجب ، و من حره ، .

قال علي عليه السلام : فسألت رسول الله ، و أنتم شهود به عن الأولين ؟

فقال صلى الله عليه وآله :

أما الأولون : فابن آدم الذي قتل أخاه ، و فرعون الفراعنة ، و الذي حاج إبراهيم في ربه‏ ، و رجلان من بني إسرائيل بدلا كتابهم و غيرا سنتهم ، أما أحدهم فهود اليهود ، و الآخر نصر النصارى‏ ، و إبليس سادسهم .

و في الآخرين : الدجال ، و هؤلاء الخمسة أصحاب الصحيفة و الكتاب  و جبتهم ، و طاغوتهم الذي تعاهدوا عليه .

و تعاقدوا على عداوتك يا أخي : و تظاهروا عليك بعدي ، هذا و هذا حتى سماهم و عدهم لنا .

قال سلمان : فقلنا صدقت ، نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله .

فقال عثمان : يا أبا الحسن ، أ ما عندك وعند أصحابك هؤلاء حديث في.

فقال علي عليه السلام : بلى‏ ، سمعت رسول الله يلعنك مرتين ، ثم لم يستغفر الله‏  لك بعد ما لعنك ، فغضب عثمان .

 ثم قال : ما لي و ما لك ، و لا تدعني على حال عهد النبي و لا بعده .

فقال علي‏ عليه السلام : نعم‏ ، فأرغم الله أنفك ؟

فقال عثمان : فو الله لقد سمعت من رسول الله ، يقول :

إن الزبير : يقتل مرتدا عن الإسلام .

قال سلمان : فقال علي عليه السلام لي : فيما بيني و بينه ، صدق عثمان ، و ذلك أنه يبايعني بعد قتل عثمان و ينكث بيعتي فيقتل مرتدا .

قال سلمان : فقال علي عليه السلام : إن الناس كلهم ارتدوا بعد رسول الله ، غير أربعة ، إن الناس صاروا بعد رسول الله بمنزلة هارون و من تبعه ، و منزلة العجل و من تبعه .

فعلي عليه السلام : في شبه‏  هارون ، و عتيق‏ في شبه العجل ، و عمر في شبه السامري .

و سمعت رسول الله يقول : ليجيئن قوم من أصحابي من أهل العلية و المكانة مني ، ليمروا على الصراط ، فإذا رأيتهم و رأوني و عرفتهم و عرفوني ، اختلجوا دوني ؟

 فأقول : أي رب أصحابي أصحابي .

فيقال : ما تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم‏ ارتدوا على‏ أدبارهم‏ حيث فارقتهم ، فأقول بعدا و سحقا .

و سمعت رسول الله يقول : لتركبن أمتي سنة بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، و حذو القذة بالقذة ، شبرا بشبر ، و ذراعا بذراع ، و باعا بباع ، حتى لو دخلو جحرا لدخلوا فيه معهم .

إن التوراة و القرآن : كتبه ملك واحد ، في رق واحد ، بقلم واحد ، و جرت الأمثال و السنن سواء .

 

كتاب سليم بن قيس الهلالي ج2ص577ح4 . رواه الحسين بن سعيد في كتاب البهار ، الكليني في روضة الكافي ، و الطبرسي في الاحتجاج ، و الشيخ حسن بن سليمان في المحتضر عن سليم .

 

 

 

 

الخطبة الشقشقية والغدر بالخلافة :

ويا طيب : إليك الخطبة الشقشقية التي هدر بها على منبر الكوفة :

عن ابن عباس قال : ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام فقال :

 أما والله : لقد تقمصها ابن أبي قحافة أخو تيم .

 وانه ليعلم : أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ول يرقى إلي الطير .

 فسدلت : دونها ثوب ، وطويت عنها كشحها ، وطفقت ارتأى بين أن أصول بيد جذاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يشيب فيها الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه .

 فرأيت : أن الصبر على هاتا أحجى ،   فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجى ،  أرى تراثي نهبا .

حتى إذا مضى لسبيله : فأدلى بها لأخي عدي بعده

 فيا عجبا : بينا هو يستقيلها في حياته ، إذ عقدها لآخر بعد وفاته .

 

 فصيرها : في حوزة خشناء ، يخشن مسها ، ويغلظ كلمها ، ويكثر العثار فيه والاعتذار منها .

فصاحبها : كراكب الصعبة ، إن عنف بها حرن ، وإن أسلس بها غسق  .

 فمنى الناس :  بتلون ، واعتراض وبلوا ، وهو مع هن وهن .

فصبرت : على طول المدة ، وشدة المحنة .

 

حتى إذا مضى لسبيله :

جعلها في جماعة : زعم إني منهم ، فيا لله  وللشورى .

متى اعترض : الريب في مع الأول منهم ، حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر .

 فمال رجل :  لضغنه ، وأصغى آخر : لصهره .

وقام ثالث القوم : نافج حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبت الربيع ، حتى أجهز عليه عمله ، وكبت به مطيته .

فما راعني : إلا والناس إلي كعرف الضبع ، قد أنثالوا عليَّ من كل جانب ، حتى لقد وطئ الحسنان ، وشق عطفاي .

 

حتى إذا نهضت بالأمر :

نكثت  طائفة :  وفسقت  أخرى ،  ومرق  آخرون .

كأنهم لم يسمعوا الله تبارك وتعالى يقول :

{ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ   نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّ فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا  وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ  (83)}القصص.

بلى والله : لقد سمعوها ووعوها .

 لكنهم : احلولت الدنيا في أعينهم ، وراقهم زبرجها .

أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة : لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء ألا يقروا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم .

 لألقيت : حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أولها .

ولألفيتم : دنياكم هذه  عندي ، أزهد من عفطـة عنـز .

 قال : وناوله رجل من أهل السواد كتابا ، فقطع كلامه وتناول الكتاب .

 فقلت : يا أمير المؤمنين لو أطردت مقالتك إلى حيث بلغت .

 فقال : هيهات هيهات يا بن عباس ، تلك شقشقة هدرت ثم قرت .

قال ابن عباس : فما أسفت على كلام قط كأسفي على كلام أمير المؤمنين عليه السلام إذ لم يبلغ به حيث أراد .

علل الشرائع للشيخ الصدوق ج1ص150ح12 .

 قال الصدوق مصنف كتبا العلل : سألت الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري عن تفسير هذا الخبر ففسره لي ، قال تفسير الخبر قوله عليه السلام : لقد تقصمه : أي لبسها مثل القميص ، يقال تقمص الرجل وتدرع وتردى وتمندل ، وقوله : محل القطب من الرحى ، أي تدور علي كما تدور الرحى على قطبها . وقوله : ينحدر عنه السيل ولا يرتقى إليه الطير ، يريد أنها ممتنعة على غيري ولا يتمكن منه ولا يصلح لها . وقوله : فسدلت دونها ثوب ، أي أعرضت عنها ولم اكشف وجوبه لي ، والشكح : الجنب والخاصرة بمعنى .

وقوله طويت عنها كشحه ، أي أعرضت عنها ، والكاشح الذي يوليك كشحه ، أي جنبه . وقوله : طفقت أي أقبلت وأخذت أرتأي أي أفكر ، واستعمل الرأي وانظر في أن أصول بيد جذاء وهي المقطوعة وأراد قلة الناصر . وقوله : أو اصبر على طخية فللطخية موضعان ، فاحدهما الظلمة ، والآخر الغم والحزن . يقال أجد على قلبي طنخي إي حزنا وغما وهو هاهنا يجمع الظلمة والغم والحزن .

 وقوله : يكدح مؤمن أي يدأب ويكسب لنفسه ولا يعطي حقه . وقوله : أحجى : إي أولى ، يقال هذا أحجى من هذا واخلق وأحرى واوجب كله قريب المعنى . وقوله : في حوزة أي في ناحية يقال حزت الشيء أحوزه إذا جمعته ، والحوزة ناحية الدار وغيرها وقوله : كراكب الصعبة يعني الناقة التي لم ترض أن عنف به ، والعنف ضد الرفق وقوله : حرن : أي وقف ولم يمشي وإنما يستعمل الحران في الدواب ، فأما في الإبل فيقال خلت الناقة وبها خلا وهو مثل حران الدواب ، إلا أن العرب إنما تستعيره في الإبل . وقوله : أسلس بها غسق أي ادخله في الظلمة . وقوله : مع هن وهن ، يعني الأدنياء من الناس ، تقول العرب فلان هني وهو تصغير هن ، أي دون من الناس ويريدون بذلك تصغير أموره .

 وقوله : فمال رجل لضغنه ، ويروي لضلعه وهما قريب ، وهو أن يميل بهواه ونفسه إلى رجل بعينه . وقوله : وأصغى آخر لصهره ، فالصغو : الميل ، يقال صغوك مع فلان أي ميلك معه . وقوله: نافجا حضينه، فيقال في الطعام والشراب ما أشبههما قد انتفج بطنه بالجيم ، ويقال في كل داء يعتري الإنسان قد انتفخ بطنه بالخاء والحضنان جانبا الصدر ، وقوله : بين نثيله و معتلفه ، فالنثيل قضيب الجمل، وإنما استعاره للرجل هاهنا، والمعتلف ، الموضع الذي يعتلف فيه أي يأكل ، و معنى الكلام : أي بين مطعمه ومنكحه . وقوله : يهضمون أي يكسرون وينقضون ، ومنه قوله : هضمني الطعام أي نقض . و قوله : أجهز أي أتى عليه وقتله ، يقال أجهزت على الجريح إذا كانت به جراحة فقتلته .

 و قوله : كعرف الضبع ، شبههم به لكثرته ، والعرف الشعر الذي يكون على عنق الفرس فاستعاره للضبع . وقوله : قد انثالوا ، إي انصبوا علي وكثرو ، ويقال أنثلت ما في كنانتي من السهام إذا صببته . وقوله : وشق عطافي يعني رداءه والعرب تسمي الرداء العطاف وقوله : وراقهم زبرجه ، أي أعجبهم حسنها ، واصل الزبرج النقش و هو هاهنا زهرة الدنيا وحسنها . وقوله : ألا يقروا على كظة ظالم ، فالكظة الامتلاء ، يعني أنهم لا يصبرون على امتلاء الظالم من المال الحرام ول يقاروه على ظلمه . وقوله : ولا سغب مظلوم ، فالسغب الجوع ومعناه منعه من الحق الواجب له .

وقوله : لألقيت حبلها على غاربه ، هذا مثل تقول العرب ألقيت حبل البعير على غاربه ليرعى كيف شاء . ومعنى قوله: ولسقيت آخرها بكأس أوله أي لتركتهم في ضلالتهم وعماهم. وقوله: ازهد عندي فالزهيد القليل. وقوله : من حبقة عنز فالحبقة ما يخرج من دبر العنز من الريح . والعفطة : ما تخرج من انفها ، وقوله تلك شقشقة هدرت ، فالشقشقة ما يخرجه البعير من جانب فيه إذا هاج وسكر ، ويعبر عليه السلام عن صعوبة الأمور التي صارت ، ومرت عليه وعلى المسلمين وانحراف الناس عن الحق ، وكانت كامنة في نفسه صابرا عليها لا يتكلم بها والآن بيّنها فهدرت هدير الماء من الشلال فشقت مجاري أسماع المنصفين ودخلت قلوبهم وعرفوا تأريخ دينهم وحقه.

 

 

 

 

 

الأبوذية المختصرة والمشروحة :

 

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال

بأمر الله علي ولي لنا يوم الغدير

فعرفنا ماء الإسلام المعين الغدير

و تمت نعمة الهداية لكن الغدير

و عصابته خانوا الخلافة الإلهية

 

رحم الله الشيخ حسن الأنباري إذ قال :

بأمر الله  نصب النبي  علي ولي  لنا يوم الغدير

فكمل الدين  و عرفنا ماء الهدى  المعين الغدير

وتمت النعمة ورضى الرب بالإسلام لكن الغدير

وعصابته خانوا الثقلين وتقمصوا الخلافة العلوية

 

روابط مفيدة :     

صحيفة الإمام علي عليه السلام

وشرح أبوذية الغدير

تأليف وتحقيق وإعداد

خادم علوم آل محمد عليهم السلام

الشيخ حسن حردان الأنباري

موقع موسوعة صحف الطيبين

 

لتصفح صحيفة الإمام علي عليه السلام على الانترنيت صفحة ويب يمكن الاقتباس منها وللنسخ ثم اللصق في المواقع الاجتماعية

www.alanbare.com/1

ملف بي دي أف جيد للمطالعة والقراءة

www.alanbare.com/1/1.pdf

 

ولحضرتكم يا طيب شرح معنى الغدير صفحة ويب يمكن الاقتباس منها والنسخ واللصق

www.alanbare.com/1/g

كتاب جيد للمطالعة والقراءة

www.alanbare.com/1/g.pdf

 

 

 


[1] البلدان لليعقوبي ج1ص34 .

[2] المسالك والممالك  ابن خرداذبه  الصفحة 30 

[3] المسالك والممالك  ابن خرداذبه  الصفحة 30  .

[4]  الغدير للشيخ الأميني ج1ص9 عن الإمتاع للمقريزي ص 513 - 517 .

  ف

       

ت